فصل: باب فسخ الإجارة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب فسخ الإجارة

تأخير هذا الباب ظاهر المناسبة؛ لأن الفسخ بعد الوجود معراج‏.‏ ‏(‏قوله تفسخ‏)‏ إنما قال‏:‏ تفسخ؛ لأنه اختار قول عامة المشايخ وهو عدم انفساخ العقد بالعذر وهو الصحيح نص عليه في الذخيرة، وإنما لم ينفسخ لا لإمكان الانتفاع بوجه آخر؛ لأنه غير لازم، بل؛ لأن المنافع فاتت على وجه يتصور عودها ذكره في الهداية ابن كمال‏.‏ وفي الفتاوى الصغرى والتتمة‏:‏ إذا سقط حائط أو انهدم بيت من الدار للمستأجر الفسخ ولا يملكه بغيبة المالك بالإجماع، وإن انهدمت الدار كلها فله الفسخ من غير حضرته، لكن لا تنفسخ ما لم يفسخ؛ لأن الانتفاع بالعرصة ممكن‏.‏ وفي إجارات شمس الأئمة‏:‏ إذا انهدمت كلها فالصحيح أنه لا تنفسخ لكن سقط الأجر فسخ أو لا إتقاني، وقدمناه قبيل الإجارات الفاسدة‏.‏ ‏(‏قوله بالقضاء أو الرضا‏)‏ ظاهره أنه شرط في خيار الشرط والرؤية والعيب والعذر؛ لأنه ربطه بالكل، وفيه كلام سيأتي قريبا‏.‏ ‏(‏قوله بخيار شرط إلخ‏)‏ أي قبل انقضاء الأيام الثلاثة، فلو استأجر دكانا شهرا على أنه بالخيار ثلاثة أيام يفسخ فيها، فلو فسخ في الثالث منها لم يجب أجر اليومين؛ لأن ابتداء المدة من وقت سقوط الخيار وفيه إشعار بأنه لا يشترط حضور صاحبه ولا علمه خلافا للطرفين والأول أصح، وقيل للمفتى الخيار في ذلك كما في المضمرات قهستاني، وهذا خلاف ما أشعر به كلام الشارح‏.‏ ‏(‏قوله ورؤية‏)‏ فلو استأجر قطعات من الأرض صفقة واحدة ثم رأى بعضها فله فسخ الإجارة في الكل، وفيه إشعار بأنه لا يشترط في هذا الفسخ القضاء ولا الرضا، وينبغي أن يكون فيه خلاف خيار الشرط قهستاني، وتقدم أول باب ضمان الأجير أن للأجير المشترك خيار الرؤية في كل عمل يختلف باختلاف المحل‏.‏ والحاصل أنه لا يشترط القضاء أو الرضا في خيار الشرط والرؤية‏.‏ وأما في خيار العيب ففي نحو انهدام الدار كلها يفسخ بغيبة صاحبه بخلاف انهدام الجدار ونحوه كما مر‏.‏ وأما في غيره من الأعذار فسيأتي أن الأصح أن العذر إن كان ظاهرا ينفرد وإن مشتبها لا ينفرد‏.‏ ثم إن خيار الشرط يثبت للعاقدين، أما خيار الرؤية فلا يكون للمؤجر كما في البيع‏.‏ قال الحموي ولم أره، وهكذا بحثه غيره وهو ظاهر استدلالهم هنا بالحديث‏:‏ «من اشترى شيئا ولم يره فله الخيار» وقولهم إنها بيع المنفعة وبه أفتى منلا علي التركماني‏.‏ ‏(‏قوله حاصل قبل العقد‏)‏ أي ولم يره قبله، فإن رآه فلا خيار لرضاه به كما في الاختيار، ولو استوفى المنفعة فيما له الخيار بحدوثه يلزمه الأجر كاملا كما سيذكره الشارح‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ خيار العيب في الإجارة يفارق البيع في أنه ينفرد بالرد بالعيب قبل القبض لا بعده، وفي الإجارة ينفرد المستأجر بالرد قبل القبض وبعده ا هـ‏.‏ ولا تنس ما مر‏.‏ ‏(‏قوله يفوت النفع به‏)‏ والأصل فيه أن العيب إذا حدث بالعين المستأجرة، فإن أثر في المنافع يثبت الخيار للمستأجر كالعبد إذا مرض والدار إذا انهدم بعضها؛ لأن كل جزء من المنفعة كالمعقود عليه، فحدوث عيب قبل القبض يوجب الخيار، وإن لم يؤثر في المنافع فلا كالعبد المستأجر للخدمة إذا ذهبت إحدى عينيه أو سقط شعره، وكالدار إذا سقط منها حائط لا ينتفع به في سكناها؛ لأن العقد ورد على المنفعة دون العين وهذا النقص حصل بالعين دون المنفعة والنقص بغير المعقود عليه لا يثبت الخيار إتقاني‏.‏ وفي الذخيرة‏:‏ إذا قلع الآجر شجرة من أشجار الضياع المستأجرة فللمستأجر حق الفسخ إن كانت الشجرة مقصودة ‏(‏قوله وانقطاع ماء الرحى‏)‏ فلو لم يفسخ حتى عاد الماء لزمت ويرفع عنه من الأجر بحسابه، قبل حساب أيام الانقطاع، وقيل بقدر حصة ما انقطع من الماء، والأول أصح؛ لأن ظاهر الرواية يشهد له فإنه قال في الأصل‏:‏ الماء إذا انقطع الشهر كله ولم يفسخها المستأجر حتى مضى الشهر فلا أجر عليه في ذلك، ولو كانت منفعة السكنى معقودا عليها مع منفعة الطحن وجب بقدر ما يخص منفعة السكنى كذا في التتارخانية، ومفاده أنه لا يجب أجر بيت الرحى صالحا لغير الطحن كالسكنى ما لم تكن معقودا عليها‏.‏ ونقل بعده عن القدوري‏:‏ إن كان البيت ينتفع به لغير الطحن فعليه من الأجر بحصته ا هـ‏.‏ ونحوه ما يأتي عن التبيين تأمل والانقطاع غير قيد، لما في التتارخانية أيضا‏:‏ وإذا انتقص الماء، فإن فاحشا فله حق الفسخ وإلا فلا‏.‏ قال القدوري‏:‏ إذا صار يطحن أقل من النصف فهو فاحش‏.‏ وفي واقعات الناطفي لو يطحن على النصف له الفسخ وهذه تخالف رواية القدوري، ولو لم يرده حتى طحن كان رضا منه وليس له الرد بعده ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي صريحا قبيل الإجارة الفاسدة حيث قال‏:‏ ولو خربت الدار سقط كل الأجر ولا تنفسخ به ما لم يفسخها المستأجر هو الأصح ا هـ‏.‏ ودلالة من قول المصنف تفسخ فإنه يفيد عدم الانفساخ، وقدمنا التصريح به عن التتارخانية والأتقاني

‏(‏قوله ودفع بحساب ما روى منها‏)‏ نظيره ما قدمه الشارح عن الوهبانية قبيل الإجارة الفاسدة لو انهدم بيت من الدار يسقط من الأجر بحسابه، لكن قدمنا هناك من ابن الشحنة وغيره أنه خلاف ظاهر الرواية فتأمل‏.‏

‏(‏قوله وفي الولوالجية إلخ‏)‏ ذكره في الفصل الثالث من كتاب المزارعة وفيها‏:‏ وإن استأجرها بشربها سقط عنه الأجر لفوات التمكن من الانتفاع ثم قال‏:‏ ولو لم ينقطع الماء لكن سال عليها حتى لا تتهيأ له الزراعة فلا أجر عليه؛ لأنه عجز عن الانتفاع به وصار كما إذا غصبه غاصب ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بغير شربها‏)‏ أقول‏:‏ تقدم في باب ما يجوز من الإجارة وما لا يجوز أن للمستأجر الشرب والطريق، وقدمنا هناك الفرق بينها وبين البيع فلعل ما هنا محمول على التصريح بعدم الشرب تأمل، وتقدم هناك فروع متعلقة بعدم التمكن من الزراعة فراجعها‏.‏

‏(‏قوله استأجر حماما إلخ‏)‏ في التتارخانية‏:‏ سئل شمس الأئمة الحلواني عمن استأجر حماما في قرية فنفر الناس ووقع الجلاء ومضت مدة الإجارة هل يجب الأجر‏؟‏ قال‏:‏ إن لم يستطع الرفق بالحمام فلا‏.‏ وأجاب ركن الإسلام السغدي بلا مطلقا ولو بقي بعض الناس وذهب البعض يجب الأجر ا هـ‏.‏ والظاهر أن المراد بالرفق به الارتفاق أي الانتفاع بنحو السكنى وفرض المسألة فيما إذا مضت المدة، فلو لم تمض فالظاهر أن له خيار الفسخ؛ لأنه مخل بالمنفعة كمسألة الجوهرة تأمل، وتقدم قبيل الإجارة الفاسدة أن الحمام لو غرق يجب بقدر ما كان منتفعا‏.‏ ‏(‏قوله ففزعوا ورحلوا‏)‏ عبارة لسان الحكام فوقع الجلاء ونفر الناس‏.‏ ‏(‏قوله في الجملة‏)‏ أي دون الانتفاع المعتاد

‏(‏قوله كمرض العبد‏)‏ في البزازية‏:‏ استأجر عبدا للخدمة فمرض العبد، إن كان يعمل دون العمل الأول له خيار الرد، فإن لم يرد وتمت المدة عليه الأجر، وإن كان لا يقدر على العمل أصلا لا يجب الأجر وعلى قياس مسألة الرحى يجب أن يقال إذا عمل أقل من نصف عمله له الرد ا هـ‏.‏ وفي الولوالجية‏:‏ وكذا لو أبق فهو عذر أو كان سارقا؛ لأنها توجب نقصانا في الخدمة ا هـ‏.‏ وقيد بمرض العبد، إذ لو مرض الحر المستأجر، وإن كان يعمل بأجرائه فليس بعذر، وإن بنفسه فعذر كما في البزازية‏.‏ ‏(‏قوله ودبر الدابة‏)‏ بالفتح‏:‏ جرح ظهر الدابة أو خفها قاله ابن الأثير ط‏.‏ ‏(‏قوله وبسقوط حائط دار‏)‏ أي إن كان يضر بالسكنى وإلا فليس له أن يفسخ كما قدمناه عن البزازية

‏(‏قوله وفي التبيين إلخ‏)‏ مثله في الهداية‏.‏ ‏(‏قوله والبيت‏)‏ أي بيت الرحى‏.‏ ‏(‏قوله لغير الطحن‏)‏ كالسكنى مثلا ‏(‏قوله بحصته‏)‏ أي بحصة ما ينتفع به من غير الطحن‏.‏ ‏(‏قوله لبقاء بعض المعقود عليه‏)‏ يشعر بأن منفعة غير الطحن معقود عليها، فلو لم تكن معقودا عليها فلا أجر، وقدمنا عن التتارخانية أنه الأصح وأن ظاهر الرواية يشهد لهذا، لكن قوله فإذا استوفاه إلخ يفيد أنه لو لم يستوفه بالفعل لا يجب، ولو كان معقودا عليه لوجب وإن لم يستوف فتأمل‏.‏ ويدل على الأول ما ذكره الزيلعي وغيره في الاستدلال على القول بعدم انفساخ الإجارة بانهدام الدار ما لم يفسخها؛ لأن أصل الموضع مسكن بعد انهدام البناء ويتأتى فيه السكنى بنصب الفسطاط فبقي العقد، لكن لا أجر على المستأجر لعدم التمكن من الانتفاع على الوجه الذي قصده بالاستئجار ا هـ‏.‏ وتقدم الكلام قبيل الإجارة الفاسدة فيما لو سكن في الساحة ‏(‏قوله فإن لم يخل العيب به‏)‏ أي بالنفع كما قدمناه عن عور العبد وسقوط شعره وسقوط حائط الدار الذي لا يخل ‏(‏قوله أو أزاله المؤجر‏)‏ أي أزال العيب كما لو بنى المنهدم، ومثله ما لو زال بنفسه كما لو برئ العبد المريض‏.‏ وفي التتارخانية وغيرها قال محمد - رحمه الله - في السفينة المستأجرة‏:‏ إذا نقضت وصارت ألواحا ثم ركبت وأعيدت سفينة لم يجبر على تسليمها إلى المستأجر ا هـ‏.‏ أي؛ لأنها بالنقض لم تبق سفينة ففات المحل كموت العبد بخلاف انهدام الدار تأمل‏.‏ ‏(‏قوله أو انتفع بالمخل‏)‏ بالخاء المعجمة والبناء للفاعل‏:‏ أي بالشيء المستأجر المشتمل على العيب المخل أو بالبناء للمفعول‏.‏ قال الزيلعي؛ لأنه قد رضي بالعيب فيلزمه جميع البدل كما في البيع ‏(‏قوله لزوال السبب‏)‏ علة لقوله أو أزاله المؤجر؛ لأن العقد يتجدد ساعة فساعة فلم يوجد العيب فيما يأتي بعده فسقط الخيار زيلعي

‏(‏قوله وتطيينها‏)‏ أي تطيين سطحها كما عبر به في الولوالجية؛ لأن عدمه مخل بالسكنى بخلاف تطيين جدرانها تأمل‏.‏

مطلب إصلاح بئر الماء والبالوعة

والمخرج على المالك وإخراج التراب والرماد على المستأجر ‏(‏قوله وإصلاح بئر الماء إلخ‏)‏ هذه المسألة مثل ما قبلها من كل وجه فلا معنى لفصلها بكلام على حدة ح وتفريغ البئر إذا امتلأت على المالك بلا جبر أيضا، قال في الولوالجية؛ لأن المعقود عليه منفعة السكنى وشغل باطن الأرض لا يمنع الانتفاع بظاهرها من حيث السكنى، ولهذا لو سكنه مشغولا لزمه كل الأجر، وإنما للمستأجر ولاية الفسخ؛ لأنه تعيب المعقود عليه‏.‏ ‏(‏قوله والبالوعة والمخرج‏)‏ عطف على الماء لقول البزازية وإصلاح بئر البالوعة والماء إلخ وكذا تفريغهما، ولو امتلأ من المستأجر على المالك كما في المنح، وأفتى به في الحامدية، وكذا في الخيرية ونقله عن عدة كتب، وقال في الولوالجية‏:‏ وأما البالوعة وأشباهها فليس على المستأجر تفريغها استحسانا‏.‏ والقياس أن يجب؛ لأن الشغل حصل من جهته‏.‏ وجه الاستحسان أن المشغول بهذه الأشياء باطن الأرض فلا يمنع التسليم بعد انقضاء العقد، ولو شرطه رب الدار على المستأجر حين آجره في الاستحسان لا يجوز ويفسد العقد؛ لأنه لا يقتضيه ولأحدهما فيه منفعة ا هـ‏.‏ وفي البزازية‏:‏ ولو امتلأ مسيل الحمام فعلى المستأجر تفريغه ظاهرا كان أو باطنا ا هـ‏.‏ وفيها وتسييل ماء الحمام وتفريغه على المستأجر وإن شرط نقل الرماد والسرقين رب الحمام على المستأجر لا يفسد العقد، وإن شرط على رب الحمام فسد ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ ولعله مفرع على القياس أو مبني على العرف ففي البزازية‏:‏ وفي استئجار الطاحونة في كرى نهرها يعتبر العرف، وفيها خرج المستأجر من البيت وفيه تراب أو رماد على المستأجر إخراجه بخلاف البالوعة، وإن اختلفا في التراب الطاهر فالقول للمستأجر أنه استأجرها وهو فيه‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأنه لا يجبر على إصلاح ملكه‏)‏ قال الحموي يفهم من هذا التعليل أن الدار لو كانت وقفا يجبر الناظر على ذلك ا هـ‏.‏ ط‏.‏ ‏(‏قوله فهو متبرع‏)‏ أي ولا يحسب له من الأجرة‏.‏ بقي هل له قلعه فيه تفصيل‏.‏ قال في جامع الفصولين‏:‏ بنى بلا أمر ثم انفسخت الإجارة أو انقضت مدتها، فلو كان البناء من لبن اتخذ من تراب الدار فللمستأجر رفع البناء ويغرم قيمة التراب لمالكه، وإن كان من طين لا ينقض إذ لو نقض يعود ترابا ا هـ‏.‏ وحاصله أنه إن عمر بما لو نقض يبقى مالا فله نقضه وإلا فلا ويتفرع عليه أمور كثيرة سائحاني

‏(‏قوله فله تركهما‏)‏ عبارة البزازية‏:‏ فله ترك الأخرى لتفرق الصفقة

‏(‏قوله وفي حاشية الأشباه إلخ‏)‏ قال أبو السعود في حاشيتها‏:‏ ثم الفسخ إنما يكون بالقضاء على رواية الزيادات، حتى لو باع المؤجر دكانه قبل القضاء لا يجوز، وعلى رواية الأصل يكون بدونه فيجوز بيعه، والأولى أصح؛ لأن الفسخ مختلف فيه فيتوقف على القضاء كالرجوع في الهبة‏.‏ قال الولوالجي‏:‏ وهذا في الدين خاصة أما في أعذار أخر ينفرد من له العذر بالفسخ بلا قضاء هو الصحيح من الرواية ومن المشايخ من وفق بينهما بأن العذر إن كان ظاهرا لم يحتج إلى القضاء وإلا كالدين الثابت بإقراره يحتاج إليه ليصير العذر بالقضاء ظاهرا‏.‏ وقال قاضي خان والمحبوبي‏:‏ القول بالتوفيق هو الأصح، وقواه الشيخ شرف الدين بأن فيه إعمال الروايتين مع مناسبة في التوزيع فينبغي اعتماده‏.‏ وفي تصحيح العلامة قاسم‏:‏ ما يصححه قاضي خان مقدم على ما يصححه غيره؛ لأنه فقيه النفس، وبه ظهر أن قول الشارح أول الباب تفسخ بالقضاء أو الرضا ليس على ما ينبغي مع إيهامه اشتراط ذلك في خيار الشرط والرؤية أيضا، وقد علمت ما فيه مما قدمناه عن القهستاني هناك فتنبه‏.‏ ‏(‏قوله إن العذر ظاهرا‏)‏ كمسألة سكون الضرس واختلاع المرأة‏.‏ ‏(‏قوله وبعذر إلخ‏)‏ فلا تفسخ بدونه إلا إذا وقعت على استهلاك عين كالاستكتاب فلصاحب الورق فسخها بلا عذر، وأصله في المزارعة لرب البذر الفسخ دون العامل أشباه، وفي حاشيتها لأبي السعود عن البيري‏:‏ والحاصل أن كل عذر لا يمكن معه استيفاء المعقود عليه إلا بضرر يلحقه في نفسه أو ماله يثبت له حق الفسخ‏.‏

مطلب في رجم الدار من الجن هل هو عذر في الفسخ

قال البيري‏:‏ يؤخذ منه أن الرجم الذي يقع كثيرا في البيوت ويقال إنه من الجان عذر في فسخ الإجارة لما يحصل من الضرر إلخ ما ذكره ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ يظهر هذا لو كان الرجم لذات الدار أما لو كان لشخص مخصوص فلا، وقد أخبرني بعض الرفقاء أن أهل زوجته سحروا أمه، فكلما دخلت داره يحصل الرجم وإذا خرجت ينقطع، والله - تعالى - أعلم‏.‏

مطلب فسق المستأجر ليس عذرا في الفسخ

‏[‏فرع كثير الوقوع‏]‏ قال في لسان الحكام‏:‏ لو أظهر المستأجر في الدار الشر كشرب الخمر وأكل الربا والزنا واللواطة يؤمر بالمعروف وليس للمؤجر ولا لجيرانه أن يخرجوه فذلك لا يصير عذرا في الفسخ ولا خلاف فيه للأئمة الأربعة‏.‏ وفي الجواهر‏:‏ إن رأى السلطان أن يخرجه فعل ا هـ‏.‏ وقدمنا عن الإسعاف‏:‏ لو تبين أن المستأجر يخاف منه على رقبة الوقف يفسخها القاضي ويخرجه من يده فليحفظ‏.‏ ‏(‏قوله كما في سكون ضرس إلخ‏)‏ التقييد بسكون الضرس وموت العرس أو اختلاعها يفهم منه أنه بدونه لا يكون له الفسخ‏.‏ قال الحموي‏:‏ وفي المبسوط إذا استأجره ليقطع يده للأكلة أو لهدم بناء له ثم بدا له في ذلك كان عذرا إذ في إبقاء العقد إتلاف شيء من بدنه أو ماله، وهذا صريح في أنه لو لم يسكن الوجع يكون له الفسخ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وفي جامع الفصولين كل فعل هو سبب نقص المال أو تلفه فهو عذر لفسخه كما لو استأجره ليخيط له ثوبه أو ليقصر أو ليقطع أو يبني بناء أو يزرع أرضه ثم ندم له فسخه ا هـ‏.‏ زاد في غاية البيان عن الكرخي‏:‏ أو ليفصد أو ليحجم أو يقلع ضرسا له ثم يبدو له أن لا يفعل فله في ذلك كله الفسخ؛ لأن فيه استهلاك مال أو غرما أو ضررا ا هـ‏.‏ ثم رأيت الشرنبلالي بحث كما قلناه وقال‏:‏ ثم رأيته في البدائع إلا مسألة الخلع لكنه يفيد ذلك ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وذكر شراح الجامع أنه يقال للشافعي - رحمه الله -‏:‏ ما تقول فيمن استؤجر لقلع سن أو اتخاذ وليمة ثم زال الوجع وماتت العرس فحينئذ يضطر إلى الرجوع عن قوله إلخ فظهر أن القيد ذكر لزيادة الإلزام فلا مفهوم له فتنبه

‏(‏قوله وبعذر لزوم دين‏)‏ أطلقه فشمل القليل والكثير كما في شرح البيري عن جوامع الفقه، وإذا فسخت يبدأ من الثمن بدين المستأجر وما فضل للغرماء، حتى لو لم يكن في الثمن فضل لا تفسخ كما في الزيادات‏.‏ وفي البزازية والدرهم دين قادح تفسخ به بخلاف الأقل، وفي الولوالجية‏:‏ أراد نقض الإجارة وبيع الدار لنفقته ونفقة أهله لكونه معسرا له ذلك‏:‏ وفي شرح الزيادات للسرخسي‏:‏ قيل يفسخها القاضي ثم يبيع والمختار أنها تنفسخ ضمن القضاء بنفاذ البيع أبو السعود على الأشباه، وحكى في الخلاصة قولين في فسخها للنفقة‏:‏ الأول عن أبي الليث، والثاني عدم الفسخ عن ظهير الدين‏.‏ ‏(‏قوله بعيان أو بيان إلخ‏)‏ الظاهر أن أحدهما مغن عن الآخر وأن المراد بالإقرار الإقرار السابق على الإجارة وإلا يلزم أن يكون حجة متعدية منلا مسكين، وفي كلام الشارح إشارة إلى دفع الأول؛ لأن المراد بالعيان مشاهدة الناس وبالبيان إقامة البينة، وينافي الثاني قولهم في الاستدلال للإمام جوابا عن قول الصاحبين إن هذا الإقرار يضر المستأجر فلم يجز في حقه، وللإمام أن الإقرار يلاقي في ذمة المقر ولا حق لأحد فيه فيصح ثم يتعدى ا هـ‏.‏ تأمل‏.‏ ثم رأيت في غاية البيان عن شرح الطحاوي صرح بكون الإقرار بالدين بعد عقد الإجارة فتأيد ما قلناه‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

أقر بداره لرجل بعد ما آجرها صح في حق نفسه لا في حق المستأجر فإذا مضت المدة يقضى للمقر له ولوالجية‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأنه يحبس به‏)‏ باعتبار أنه قد لا يصدق على عدم مال آخر ابن كمال ‏(‏قوله تستغرق قيمتها‏)‏ أي قيمة العين المستأجرة‏:‏ أي بأن لا يكون في قيمتها فضل على دين المستأجر من الأجرة المعجلة وبه صرح في الزيادات، فقول الحانوتي‏:‏ هذا قيد حسن في فسخها وهو غريب لم أقف عليه غير مسلم أفاده أبو السعود

‏(‏قوله وبعذر إفلاس مستأجر دكان‏)‏ وكذا إذا كسد سوقها حتى لا يمكنه التجارة هندية‏.‏ وفي المنية‏:‏ لا يكون الكساد عذرا ا هـ‏.‏ ويمكن حمله على نوع كساد سائحاني‏.‏ أما لو أراد التحول إلى حانوت آخر هو أوسع أو أرخص ويعمل ذلك العمل لم يكن عذرا، وإن ليعمل عملا آخر ففي الصغرى عذر، وفي فتاوى الأصل إن تهيأ له الثاني على ذلك الدكان فلا، وإلا فنعم تتارخانية، فالإفلاس غير قيد وسيأتي

‏(‏قوله لا بإبرته‏)‏؛ لأن رأس ماله حينئذ إبرة ومقراض فيعمل بالأجر فلا يتحقق في حقه العذر إلا بأن تظهر خيانته عند الناس فيمنعونه عن تسليم الثياب تتارخانية‏.‏ ‏(‏قوله استأجر عبدا إلخ‏)‏ صفة ثانية لخياط‏.‏

‏(‏قوله وبعذر بداء مكتري دابة‏)‏ البداء بالمد وفتحتين مصدر بدا له‏:‏ أي ظهر له رأي غير الأول منعه عنه منح، فالظاهر أن من في قوله من سفر بمعنى عن أو للبدلية تأمل‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ ولو اشترى المستأجر إبلا فهذا عذر ا هـ‏.‏ بخلاف ما لو اشترى منزلا فأراد التحول إليه، والفرق مكان إكراء الدار لا الدابة؛ لأن الركوب يختلف باختلاف المستعمل، بخلاف السكنى بزازية‏.‏ ‏(‏قوله وسهولة‏)‏ الواو بمعنى أو ط‏.‏ ‏(‏قوله بخلاف بداء المكاري‏)‏ أي بلا سبب ظاهر يصلح عذرا كما إذا وجد من يستأجر بأكثر وسيذكر الشارح ما لو مات المكاري في الطريق

‏(‏قوله قلت وبالأولى يفتى‏)‏ نقله في شرحه عن القهستاني، وقال‏:‏ إنه المختار عند المصنف‏:‏ أي؛ لأنه قدمه كما هو عادته ‏(‏قوله ثم قال‏)‏ أي في الملتقى‏.‏ ‏(‏قوله فعذر‏)‏ كذا أطلقه في البزازية، ثم نقل عن المحيط ما قدمنا آنفا من التفصيل، وسينقله عن الولوالجية‏.‏

مطلب ترك العمل أصلا عذر

بقي شيء‏:‏ وهو أن قولهم فتركه لعمل آخر مع هذا التفصيل يفيد أنه لو ترك العمل أصلا كان عذرا، ويدل عليه ما في الخانية‏:‏ استأجر أرضا ليزرعها ثم بدا له ترك الزراعة أصلا كان عذرا ا هـ‏.‏ وقد علمت أن الإفلاس في مسألة الدكان غير قيد وهكذا حرره الرملي في حاشيته، واستشهد له بما في جواهر الفتاوى استأجر حماما سنة وصار بحال لا يتحصل من الغلة قدر الأجرة وأراد أن يرد الحمام إن لم يعمل الحمامي فله أن يرده‏:‏ أي حيلته أن يترك العمل إلخ فراجعه ويظهر لي أنه يحلف كمسألة السفر الآتية تأمل‏.‏

مطلب إرادة السفر أو النقلة من المصر عذر في الفسخ

‏(‏قوله ثم أراد السفر‏)‏ وكذا الانتقال من المصر عذر في نقض إجارة العقار؛ لأنه لا يمكنه الانتفاع إلا بحبس نفسه وهو ضرر جامع الفتاوى وغيره، ومثله في القنية، ثم قال رامزا طب، وهذا يدل على أن القروي إذا استأجر دارا في الشتاء وأراد الخروج في الصيف إلى قريته أو المصري أراد الخروج إلى الرستاق صيفا فله نقض الإجارة ولا يشترط أن يكون بين المصرين مسيرة سفر ا هـ‏.‏ وفي البزازية‏:‏ استأجر أرضا في قرية وهو ساكن في أخرى، إن بينهما مسيرة سفر فعذر وإلا فلا ا هـ‏.‏ تأمل‏.‏ ‏(‏قوله ولو اختلفا‏)‏ بأن قال المستأجر‏:‏ أريد السفر وقال المؤجر‏:‏ إنه يتعلل‏.‏ ‏(‏قوله فيحلف إلخ‏)‏ هذا أحد أقوال، وإليه مال الكرخي والقدوري، وقيل يسأل رفقته، وقيل يحكم زيه وثيابه، وقيل القول لمنكر السفر‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ ولو خرج إلى السفر بعد الفسخ ثم رجع وقال‏:‏ بدا لي في ذلك وقال خصمه‏:‏ إنه كاذب يحلف بالله إنك صادق في خروجك بعد الفسخ

‏(‏قوله وفي الأشباه إلخ‏)‏ ذكره في الولوالجية عن خواهر زاده‏.‏ ثم قال‏:‏ وذكر محمد في الكتاب أنه يؤمر أن يرسل غلاما يتبع الدابة؛ لأن الواجب على الآجر التخلية بين الدابة والمستأجر وقد وجد فيجب الأجر ا هـ‏.‏ وهو تعليل للأول كما لا يخفى، وظاهره ترجيحه ولذا اقتصر عليه في الأشباه تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وبخلاف ترك خياطة إلخ‏)‏ تركيب ركيك المعنى مع تتابع الإضافة ولو قال وبخلاف خياط استأجر عبدا للخياطة فتركها ليعمل في الصرف لكان أوضح ط‏.‏ ‏(‏قوله ليخيط‏)‏ متعلق بمستأجر‏.‏ ‏(‏قوله لإمكان الجمع‏)‏ إذ يمكنه أن يعقد الغلام للخياطة في ناحية ويعمل في الصرف في ناحية منح‏.‏ ‏(‏قوله وبخلاف بيع ما آجره‏)‏ أي بدون إذن المستأجر‏.‏ قال في البزازية‏:‏ فلو أذن حتى انفسخت الإجارة ثم المشتري رد المبيع بطريق ليس بفسخ لا تعود الإجارة بلا إشكال، وإن بطريق هو فسخ تعود، وبه يفتى ا هـ‏.‏ وقيد بالبيع لما في التتارخانية عن المحيط، اشترى شيئا وآجره من غيره ثم اطلع على عيب فله رده بالعيب وتفسخ الإجارة‏.‏ ‏(‏قوله نفذ‏)‏؛ لأن عند الإمام الثاني يجوز البيع بزازية قلت‏:‏ هذا في غير قضاة زماننا فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله للمرتهن فسخه‏)‏ قال الشرنبلالي في شرح الوهبانية‏:‏ والمختار أنه موقوف فيفتى بأن بيع المستأجر والمرهون صحيح لكنه غير نافذ ولا يملكان فسخه في الصحيح وعليه الفتوى وإذا علم المشتري بكونه مرهونا أو مستأجرا عندهما يملك النقض، وعند أبي يوسف لا يملك مع علمه وبه أخذ المشايخ ا هـ‏.‏ رحمتي

‏(‏قوله بلا حاجة إلى الفسخ‏)‏ بخلاف ما مر ولذا عبر هناك بقوله تفسخ وهنا بقوله تنفسخ قوله لا بجنونه مطبقا‏)‏ قال في الدر المنتقى‏:‏ ولا بردته إلا أن يلحق بدارهم ويقضى به، فإن عاد مسلما في المدة عادت الإجارة كما في الباقاني عن الظهيرية‏.‏ ‏(‏قوله إلا لضرورة‏)‏ قال في الدر المنتقى، وقد تقرر استثناء الضروريات، فمن الظن أنه ينتقض بموت المزارع أو المكاري في طريق مكة فإنه لا ينفسخ حتى يبلغ مأمنا؛ لأن الإجارة كما تنتقض بالأعذار تبقى بالأعذار فليحفظ، نعم يشكل بموت المعقود عليه كدابة معينة فإنه ينفسخ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وتبطل بعجز المكاتب بعد ما استأجر شيئا كما في البدائع، وبملك المستأجر العين بميراث أو هبة أو نحو ذلك كما في التتارخانية‏.‏ ‏(‏قوله كموته‏)‏ أي موت المؤجر فلو مات المستأجر لزمه الأجر بحساب ما سار ولوالجية‏.‏ ‏(‏قوله في طريق مكة ولا حاكم‏)‏ قال في الولوالجية‏:‏ قالوا هذا إذا كان في موضع يخاف أن ينقطع به وليس ثمة قاض ولا سلطان يرفع الأمر إليه فكان المؤثر في بقاء عقد الإجارة كلا المعنيين ا هـ‏.‏ وذكر في التتارخانية أن المستأجر إذا أنفق عليها في الطريق أو استأجر من يقوم عليها لا يرجع على ورثة المكاري ‏(‏قوله فيؤجرها‏)‏ أي ممن هي في يده للإياب‏.‏ ‏(‏قوله بلا خصم‏)‏ أو ينصب القاضي وصيا عنه كما في الولوالجية‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأنه يريد إلخ‏)‏ وإنما يشترط الخصم لقبول البينة إذا أراد المدعي أن يأخذ منه شيئا من يده ولوالجية

‏(‏قوله إن معدا للاستغلال نعم‏)‏ قال الشارح في كتاب الغصب‏:‏ بأن بناه لذلك أو اشتراه لذلك قيل أو أجره ثلاث سنين على الولاء وبموت رب الدار وبيعه يبطل الإعداد، ولو بنى لنفسه ثم أراد أن يعده، فإن قال بلسانه ويخبر الناس صار ذكره المصنف ا هـ‏.‏ وقدمنا أنه غير مختص بالعقار وسيأتي في الغصب إن شاء الله - تعالى -

‏(‏قوله وإلا لا‏)‏ لكن لو دفع أجرة ما سكن لا يستردها منه هكذا ذكره في التتارخانية ولم يقيده بالمعد للاستغلال‏.‏ ‏(‏قوله قلت فكذا الوقف إلخ‏)‏ هذه الملحقات مصرح بها في شرح الوهبانية ح ‏(‏قوله وطالبه بالأجر‏)‏ عطف تفسير على تقاضاه‏:‏ أي طلب منه أجر الشهر الثاني ح‏.‏

‏(‏قوله قيل‏:‏ نعم‏)‏ في التتارخانية عن جامع الفتاوى‏:‏ عليه الفتوى؛ لأنه مضى على الإجارة وما غصب خصوصا في مواضع أعدت للعقد ‏(‏قوله وقيل هو كالمسألة الأولى‏)‏ أي مسألة ما إذا سكن شهرين ح، وهذا القول رجحه في البزازية حيث قال‏:‏ سكن المستأجر بعد موت المؤجر، قيل يجب الأجر بكل حال؛ لأنه ماض على الإجارة والمختار للفتوى جواب الكتاب وهو عدم الأجر قيل طلبه، أما إذا سكن بعد طلب الأجر يلزم، ولا فرق بين المعد للاستغلال وغيره، وإنما الفرق في ابتداء الطلب‏.‏ وفي المحيط‏:‏ والصحيح لزوم الأجر إن معدا بكل حال ا هـ‏.‏ والحاصل أن المرجح في سكناه بعد الموت كما في سكناه قبله، فإن معدا للاستغلال أو تقاضاه هو أو الوارث يلزم وإلا لا، ومثله لو تقاضاه ولي اليتيم، ولا يتأتى هنا الوقف؛ لأنه لا يكون ميراثا ولا تفسد إجارته بموت المؤجر وظاهره أن الإعداد لا يبطل بالموت فيخالف ما قدمناه عن الشارح فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله وينبغي إلخ‏)‏ مذكور في الخانية ونقله في المنح مصدرا بقوله وقال مولانا إلخ، والمراد به قاضي خان لا صاحب البحر شيخ المصنف فافهم، ثم إن قوله لا يظهر الانفساخ أي لا يظهر حكمه ومقتضاه أنه يجب الأجر المسمى في العقد السابق كما سيذكره عن المنية في مسألة الزرع‏.‏ ‏(‏قوله ما لم يطالب الوارث إلخ‏)‏ أي فيظهر حكم الانفساخ؛ لأن مطالبته بالتفريغ دليل عدم رضاه بالمضي على العقد السابق وبإنشاء عقد لاحق، ومطالبته بالتزام أجر آخر دليل رضاه بإنشاء عقد لاحق ونقض حكم العقد السابق، فيظهر حينئذ حكم الانفساخ وهو عدم وجوب المسمى في العقد السابق‏.‏ ‏(‏قوله ولو معدا للاستغلال‏)‏ لا يخفى أن قاعدة لو الوصلية أن يكون نقيض ما بعدها أولى بالحكم نحو أكرمك ولو أهنتني وهنا كذلك فإنه إذا ظهر الانفساخ في المعد بالمطالبة المذكورة مع أن الإعداد دليل بقاء الإجارة فغير المعد أولى فافهم‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأنه فصل‏)‏ علة لقوله لا يظهر إلخ‏.‏ ‏(‏قوله وهل يلزم إلخ‏)‏ هذا راجع إلى ما قبل قوله، وينبغي الذي بحثه في الخانية أما ذلك البحث فقد علمت أنه لو سكن قبل المطالبة يجب المسمى في العقد السابق‏.‏ وأما بعدها، فإن طالبه بالتفريغ وسكن بعده فينبغي وجوب أجر المثل لو معدا للاستغلال دون المسمى في العقد السابق لظهور انفساخه، وإن طالبه بأجر آخر وسكن بعده ينبغي لزوم ذلك الأجر الذي طالبه به كما سيظهر في المتفرقات عن الأشباه

‏(‏قوله وفي المنية إلخ‏)‏ حاصله التفرقة فيما إذا لم يدرك الزرع بين موت أحدهما في أثناء المدة وبين انقضائها، ففي الأول يترك إلى الحصاد بالمسمى، وفي الثاني بأجر المثل، وقد تقدمت المسألة متنا في باب ما يجوز من الإجارة، وحررنا هناك أن العقد انفسخ بالموت حقيقة واعتبر باقيا حكما للضرورة فلذا وجب المسمى، فقوله هنا بقي العقد أي حكما لا حقيقة فتنبه‏.‏ ‏(‏قوله أي لجوازها بالتعاطي‏)‏؛ لأن ظاهره أنه لم يصدر لفظ من كل منهما، ولذا قال في البدائع ويكون بمنزلة عقد مبتدأ ا هـ‏.‏ أما لو قال‏:‏ اتركها في يدي بالأجر السابق فقال رضيت أو نعم فهو إيجاب وقبول صريحان لا يحتاج التنبيه عليه‏.‏ وفي التتارخانية عن الملتقط‏:‏ استأجر أجيرا للحفظ كل شهر بكذا ثم مات فقال وصيه للأجير‏:‏ اعمل على ما كنت تعمل فإنا لا نحبس عنك الأجر ثم باع الوصي الضيعة فقال المشتري للأجير كذلك، فمقدار ما عمل في حياة الأول يجب المسمى في تركته وفيما عمل للوصي والمشتري أجر المثل‏.‏ قال الفقيه‏:‏ إذا لم يعلما مقدار المشروط من الميت، فإن علماه فالمسمى أيضا، وسيأتي قريبا في المتفرقات عن الأشباه السكوت في الإجارة رضا وقبول إلخ‏.‏

‏(‏قوله وفي حاشية الأشباه إلخ‏)‏ مخالف لما قدمه قبيل باب ما يجوز من الإجارة من أن المستأجر أحق لو العين في يده ولو بعقد فاسد وسيذكره أيضا في المتفرقات وقدمنا بيانه عن جامع الفصولين‏.‏ وفي الحموي عن العمادية والبزازية‏:‏ بين فاسد هذه العقود وصحيحها فرق مسألة واحدة، وهي ما إذا وقعت الإجارة أو البيع بدين كان للمستأجر أو المشتري على الآجر أو البائع ثم فسخا العقد وكان فاسدا لا يكون للمشتري ولا للمستأجر حق الحبس لاستيفاء الدين ولا يكون أولى بها في سائر الغرماء، بخلاف ما إذا كان العقد صحيحا والرهن الفاسد كالصحيح في الحياة والممات فالمرتهن أحق به لكن إذا لحق الدين الرهن الفاسد، أما لو سبق الدين ثم تفاسخا بعد قبضه فليس أحق به وليس له الحبس ا هـ‏.‏ ملخصا، فالظاهر أن المراد بما نقله عن حاشية الأشباه من الفرق بين الصحيح والفاسد هذه المسألة فلا يخالف ما مر فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله لاتفاقهم على عدم عتق قريب الوكيل‏)‏ أي لو اشتراه، وتمام عبارة شيخه الرملي‏:‏ وعدم فساد نكاحها لو اشتراها‏.‏ ‏(‏قوله والفساد‏)‏ أي فساد النكاح فيما إذا اشترى بالوكالة امرأته من سيدها‏.‏ ‏(‏قوله بموت المستأجر‏)‏ أي الوكيل المستأجر ح‏.‏ ‏(‏قوله والنقل به مستفيض‏)‏ قال السائحاني‏:‏ ففي البدائع أن الإجارة لا تبطل بموت الوكيل سواء كان من طرف المؤجر أو المستأجر ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومثله في القهستاني عن قاضي خان‏.‏ وفي التتارخانية‏:‏ كل من وقع له عقد الإجارة إذا مات تنفسخ الإجارة بموته، ومن لم يقع العقد له لا ينفسخ بموته وإن كان عاقدا يريد الوكيل والوصي، وكذا المتولي في الوقف ا هـ‏.‏

‏(‏قوله لبقاء المستحق له‏)‏ عبارة الدرر والمنح‏:‏ لبقاء المستحق عليه والمستحق ا هـ‏.‏ والمراد بالأول المستأجر؛ لأنه استحق عليه الأجرة، وبالثاني أهل الوقف ونحوهم تأمل‏.‏ ‏(‏قوله قلت وإطلاق المتون بخلافه‏)‏ ذكر هذه العبارة صاحب الأشباه‏.‏ وفي بعض النسخ قال بدل قلت وضميره لصاحب الأشباه‏.‏ قال العلامة عبد البر‏:‏ والذي في غالب كتب المذهب يقتضي عدم بطلان الإجارة في الوقف بموت المؤجر سواء الواقف وغيره من القيم والوصي والقاضي، وذلك مقتضى تعليلاتهم أن المستحق إذا كان ناظرا لا تبطل بموته وإن كان مستحقا لجميع الريع إذ لا ملك له في الرقبة وإنما حقه في الغلة، وذكره الشرنبلالي ط‏.‏ ‏(‏قوله أفتى قارئ الهداية‏)‏ حيث قال لا تنفسخ بموت الناظر المؤجر وإن كان هو المستحق بانفراده‏.‏ ‏(‏قوله إلا في مسألتين‏)‏ الاستثناء منقطع، أما في الأولى فلأنه بطل بالردة كما صرح به في التعليل وصارت ميراثا بالموت فتأمل‏.‏ وأما في الثانية فلما قال ابن الشحنة‏:‏ إن أصل المسألة وقف أوجر وهذا مؤجر ملك لا وقف‏.‏ ‏(‏قوله على معين‏)‏ الذي في معاياة الوهبانية وشرحها على غير معين‏.‏ ‏(‏قوله تنفسخ‏)‏؛ لأن ابتداء العقد كان لنفسه ح‏.‏ ‏(‏قوله لكنه مخالف إلخ‏)‏ أقول‏:‏ بل هو مخالف لسائر المتون ويمكن أن يجاب عن ابن نجيم بأن يكون المراد بالمؤجر والمستأجر في كلامه الناظر وأنه قصد الجواب عن مسألتين‏:‏ الأولى إذا آجر الناظر أرض الوقف، والثانية إذا استأجر الناظر أرضا من شخص من مال الوقف يستغلها للوقف ح‏.‏ ‏(‏قوله وفيها أيضا‏)‏ هذا أيضا مما يرد على ما نقله صاحب الأشباه فيما إذا كان المؤجر متولي وقف خاص وجميع غلته له، فالأولى ذكر ذلك قبل قوله وفي فتاوى ابن نجيم، وأشار بقوله فتنبه إلى الرد المذكور ط‏.‏

‏(‏قوله وبقيت في حصة الحي‏)‏ ولا يضره الشيوع؛ لأنه طارئ كما تقدم في محله

‏(‏قوله أو غيره‏)‏ كوكيله وليس موجودا في عبارة الأشباه‏.‏ ‏(‏قوله إحياء لمال الوقف‏)‏؛ لأنه بدون التسليم لا تلزم الأجرة، لكن لا يخفى أن التسليم ليس شرطا لصحة العقد، وقد تقدم أنه إذا كانت الإجارة صحيحة وتمكن من الانتفاع يجب الأجر، أما في الفاسدة فلا يجب إلا بحقيقة الانتفاع، وتقدم أيضا أن ظاهر الإسعاف إخراج الوقف فتجب أجرته في الفاسدة بالتمكن، فينبغي حمل كلامه هنا على ما إذا لم يتمكن منه فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله عن بيوع فتاوى قارئ الهداية‏)‏ ونصها‏:‏ سئل عن شخص اشترى من آخر دارا ببلدة وهما ببلدة أخرى وبين البلدتين مسافة يومين ولم يقبضها، بل خلى البائع بين المشترى والمبيع التخلية الشرعية ليتسلم، فهل يصح ذلك وتكون التخلية كالتسليم‏.‏ أجاب‏:‏ إذا لم تكن الدار بحضرتهما وقال البائع‏:‏ سلمتها لك، وقال المشتري تسلمت لا يكون ذلك قبضا ما لم تكن الدار قريبة منهما بحيث يقدر المشتري على الدخول فيها والإغلاق فحينئذ يصير قابضا، وفي مسألتنا ما لم تمض مدة يتمكن من الذهاب إليها والدخول فيها لم يكن قابضا ا هـ‏.‏

مطلب في تخلية البعيد

وفي حاشية الحموي قال بعض الفضلاء‏:‏ ما ذكره المصنف من أن تخلية البعيد باطلة مخالف لما في المحيط كما هو في شرح الكنز وفي ابن الهمام قبيل باب خيار الشرط، وقد أطنبنا فيه ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله والدخول فيها‏)‏ أقول‏:‏ فائدة ذكره حصول التمكن من الانتفاع، إذ لو لم يتمكن من الدخول فيها لوجود غاصب ونحوه لا يجب الأجر كما مر، وليس المراد أن الدخول نفسه شرط فافهم، والله - تعالى - أعلم‏.‏