فصل: كتاب المكاتب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


كتاب المكاتب

المكاتب اسم مفعول من كاتب مكاتبة والمولى مكاتب بالكسر، وكان الأنسب أن يقول كتاب الكتابة لأن علم الفقه يبحث فيه عن فعل المكلف وهو الكتابة لا المكاتب، لكن في القهستاني هو مصدر ميمي بمعنى الكتابة والعدول عنها للتباعد عن نوع تكرار ‏(‏قوله مناسبته للإجارة إلخ‏)‏ فيه إشارة للجواب عما يقال كان الأولى ذكره عقب العتاق لأن مآلهما الولاء كما فعل الحاكم الشهيد والجواب أن العتق إخراج الرقبة عن الملك بلا عوض والكتابة ليست كذلك بل فيها ملك الرقبة للسيد والمنفعة للعبد وهو أنسب للإجارة، لأن نسبية الذاتيات أولى من العرضيات كما حققه في العناية، وقدمت الإجارة لشبهها بالبيع في التمليك والشرائط وجريانها في غير المولى وعبده، وقيل لأن المنافع فيها يثبت لها حكم المال ضرورة بخلاف الكتابة، والكل مناسبات تقريبية لا تحتمل التدقيقات المنطقية ‏(‏قوله وهو جمع الحروف‏)‏ الأولى وهو الجمع مطلقا ومنه الكتابة لأنها جمع الحروف ‏(‏قوله سمي به إلخ‏)‏ قال في المستصفى‏:‏ الكتب الجمع لغة، ويستعمل في الإلزام، فالمولى يلزم العبد البدل، والعبد يلزم المولى العتق عند أداء البدل‏:‏ قال المطرزي‏:‏ قولهم إنه ضم حرية اليد إلى حرية الرقبة ضعيف، والصحيح أن كلا منهما كتب على نفسه أمرا‏:‏ هذا الوفاء وهذا الأداء؛ وسمي كتابة لأنه يخلو عن العوضين في الحال ولا يكون الموجود عند العقد إلا الكتابة وسائر العقود لا تخلو عن الأعواض غالبا ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ قوله غالبا قيد لهما فتدبر‏.‏ ولعل وجه الضعف ما قاله السائحاني‏:‏ إن حرية اليد لم تكن في العقد وإن حرية الرقبة بعد انتهائه ‏(‏قوله تحرير المملوك‏)‏ أي كلا أو بعضا كما سيذكره، وأطلقه فشمل القن والمدبر وأم الولد ‏(‏قوله يدا‏)‏ أي تصرفا في البيع والشراء ونحوهما جوهرة ‏(‏قوله أي من جهة اليد‏)‏ أشار إلى أنه منصوب على التمييز‏.‏ وفي شرح مسكين أنه بدل بعض‏.‏ واعترض بأنه لا بد له من رابط وبأن اليد هنا بمعنى التصرف لا الجارحة فكان الظاهر أن يقول بدل اشتمال والرابط محذوف، ومثله يقال في رقبة ‏(‏قوله حالا‏)‏ أي عقب التلفظ بالعقد حتى يكون العبد أحق بمنافعه ط عن الحموي ‏(‏قوله ورقبة مآلا‏)‏ أخرج العتق المنجز والمعلق، ثم هذا تعريف بالحكم، ولو أراد التعريف بالحقيقة لقال هي عقد يرد على تحرير اليد طوري ‏(‏قوله يعني عند أداء البدل‏)‏ أفاد أن تأخير الأداء غير شرط ‏(‏قوله حتى لو أداه حالا عتق حالا‏)‏ تفريع على التفسير، ولا تظن أن العتق معلق على الأداء بل إنما عتق عند الأداء، لأن موجب الكتابة العتق عند الأداء، وكان القياس أن يثبت العتق عند العقد لأن حكمه يثبت عقبه، لكن يتضرر المولى بخروج عبده عن ملكه بعوض في ذمة المفلس‏.‏ والفرق بين التعليق والكتابة في مسائل‏:‏ منها أنه في التعليق يجوز بيعه ونهيه عن التصرف ويملك أخذ كسبه بلا إذنه كما في التبيين‏.‏ وفي غاية البيان‏:‏ ولو مات قبل الأداء لا يؤدى عنه مما ترك، وكذا لو مات المولى يورث عنه العبد مع أكسابه، ولو ولدت ثم أدت لم يعتق ولدها، ولو حط عنه البعض فأدى الباقي أو أبرأه عن الكل لم يعتق، بخلاف الكتابة وبخلاف العتق على مال كأنت حر على ألف فقبل العبد فإنه يعتق من ساعته والبدل في ذمته ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله وركنها إلخ‏)‏ الحاجة إليه فيمن يثبت حكم العقد فيه مقصودا لا تبعا كالولد ونحوه مما يأتي بدائع ملخصا ‏(‏قوله أو ما يؤدي معناه‏)‏ كما يأتي قريبا متنا ‏(‏قوله وشرطها إلخ‏)‏ هذا الشرط راجع إلى البدل ومثله كونه مالا، وأن لا يكون البدل ملك المولى وهي شروط انعقاد، وكونه متقوما وهو شرط صحة‏.‏ وأما ما يرجع إلى المولى‏:‏ فالعقل والبلوغ والملك أو الولاية فلا تنفذ من فضولي بل من وكيل وكذا أب ووصي استحسانا للولاية، وهذه شروط انعقاد‏.‏ والرضا وهو شرط صحة احترازا عن الإكراه والهزل لا الحرية والإسلام لكن مكاتبة المرتد موقوفة عنده نافذة عندهما‏.‏ وأما ما يرجع إلى المكاتب فمنها العقل وهو شرط انعقاد‏.‏ وأما ما يرجع إلى نفس الركن فمنه خلو العقد عن شرط فاسد في صلبه مخالف لمقتضاه، فإن لم يخالف جاز الشرط أو لم يدخل في صلبه بطل وصح العقد‏.‏ بدائع ملخصا، لكن اشتراط كون البدل مالا خلاف ما سيأتي من صحتها على الخدمة إلا أن يراد المال وما في معناه تأمل ‏(‏قوله معلوما إلخ‏)‏ في الخانية‏:‏ كل ما يصلح مهرا في النكاح يصلح بدلا في الكتابة ‏(‏قوله منجما أو مؤجلا‏)‏ الفرق بينهما أن المؤجل ما جعل لجميعه أجل واحد، والمنجم كما سيأتي ما فرق على آجال متعددة لكل بعض منه أجل ط ‏(‏قوله لصحتها بالحال‏)‏ خلافا للشافعي رحمه الله ‏(‏قوله لا الرقبة‏)‏ ولهذا يقال‏:‏ المكاتب طار عن ذل العبودية ولم ينزل في ساحة الحرية فصار كالنعامة إن استطير تباعر وإن استحمل تطاير زيلعي ‏(‏قولا إلا بالأداء‏)‏ فإن أدى يعتق وإن لم يقل له المولى إذا أديته إلي فأنت حر خلافا للشافعي زيلعي ‏(‏قوله وعوده لملكه إلخ‏)‏ هذا من الأحكام المتعلقة بالعبد، وأما بالنظر إلى المولى فاسترداده إلى ملكه إذا عجز، وبه عبر في الدرر ط

‏(‏قوله يعقل‏)‏ أي يعقل البيع والشراء لأن الكتابة إذن له بالتجارة وهو صحيح عندنا، فلو كان لا يعقل أو مجنونا فأدى عنه رجل فقبل المولى لا يعتق واسترد ما أدى، ولو قبل عنه رجل الكتابة ورضي به المولى لم يجز أيضا وهل تتوقف على إجازة العبد بعد البلوغ‏؟‏ الصحيح لا تتوقف إذ لا مجيز له وقت التصرف والصغير ليس من أهل الإجازة، بخلاف الكبير الغائب لو قبل عنه فضولي توقف على إجازة العبد، فلو أدى القابل عن الصغير إلى المولى عتق استحسانا، وكذا إذا كان كبيرا غائبا ولا يسترد المؤدى، فإن أدى البعض استرده إلا إذا بلغ العبد فأجاز قبل أن يسترد، فليس للقابل الاسترداد وإن عجز العبد عن أداء الباقي؛ لأن المكاتبة لا تنفسخ بالرد إلى الرق بل تنتهي فكان العقد قائما فيما أدى‏.‏ بدائع ملخصا ‏(‏قوله بمال‏)‏ ليس قيدا احترازيا عن الخدمة لما سيأتي شرنبلالية ‏(‏قوله حال‏)‏ كقوله على ألف درهم فإنه يمكنه أن يحصل بالاستقراض أو الاستيهاب عقب العقد إتقاني‏.‏ قال في الهداية‏:‏ وفي الحال كما امتنع من الأداء يرد في الرق‏.‏ قال الأتقاني‏:‏ ولكن لا يرد إلا بالتراضي أو بقضاء القاضي، وإن قال أخرني وله مال حاضر أو غائب يرجى قدومه أخر يومين أو ثلاثة ‏(‏قوله أو مؤجل‏)‏ هو أفضل كما في السراج شرنبلالية ‏(‏قوله فإن أديته فأنت حر‏)‏ لا بد منه لأن ما قبله يحتمل الكتابة والعتق على مال، ولا تتعين جهة الكتابة إلا بهذا القيد‏.‏ وأما قوله‏:‏ وإن عجزت لا حاجة إليه، وإنما ذكره حثا للعبد على الأداء عند النجوم كذا في النهاية والكفاية والتبيين، وما زعمه الواني وغيره من لزوم الثاني أيضا رده في العزمية بحصول المراد بالأول، وما قدمناه عن الزيلعي من أنه يعتق وإن لم يقل إذا أديته فأنت حر فذاك في الكتابة الصريحة كما نبه عليه الأتقاني ‏(‏قوله لإطلاق قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فكاتبوهم‏}‏‏)‏ فإنه يتناول جميع ما ذكر الحال والمؤجل والصغير والكبير‏.‏ وقال الشافعي رحمه الله‏:‏ لا تجوز كتابة الصغير ولا الحالة‏.‏ زيلعي ‏(‏قوله والأمر للندب‏)‏ أي للوجوب بإجماع الفقهاء هداية، وخص الفقهاء لأنه عند الظاهرية للوجوب إذا طلبها العبد وعلم المولى فيه خيرا‏.‏ كفاية ‏(‏قوله على الصحيح‏)‏ احتراز عن قول بعض مشايخنا إنه للإباحة كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فاصطادوا‏}‏ وهو ضعيف لأن فيه إلغاء الشرط وهو الخيرية لأن الإباحة ثابتة بدونه، وفي الندب إعمال له ‏(‏قوله والمراد بالخيرية إلخ‏)‏ وقيل الوفاء وأداء الأمانة والصلاح، وقيل المال زيلعي ‏(‏قوله جاز‏)‏ فإن أدى الكتابة عتق نصفه وسعى في بقية قيمته كما سيذكره آخر الباب الآتي‏.‏

‏(‏قوله ثم فرع عليه‏)‏ أي على قوله خرج من يده لا على قوله دون ملكه كما لا يخفى وفيه إشارة إلى أنه كان ينبغي أن يأتي بالفاء بدل الواو كما فعل في المجمع وبهذا اعترض الطوري على الكنز حيث أتى بالواو فافهم ‏(‏قوله وغرم إلخ‏)‏ قال صاحب التسهيل‏:‏ ولو شرط وطأها في العقد لا يضمن العقر ا هـ‏.‏

وفي غاية البيان في أوائل باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله ما يخالفه فراجعه‏.‏ سعدية‏.‏ أقول‏:‏ الذي رأيته في غاية البيان فساد الكتابة بهذا الشرط فتأمل‏.‏ لكن في الطوري عن المحيط‏:‏ فإن وطئت ثم أدت غرم عقرها لأن العقد الفاسد ملحق بالصحيح ‏(‏قوله لحرمته عليه‏)‏ أقول‏:‏ الحرمة لا تستلزم العقر كما لا يخفى، فالمناسب ما في الهداية من قوله لأنها صارت أخص بأجزائها، ثم العقر كما في الشرنبلالية عن الجوهرة في الحرائر مهر المثل، وفي الإماء عشر القيمة لو بكرا، ونصف العشر لو ثيبا، ولو وطئ مرارا لا يلزمه إلا عقر واحد، وما تأخذه من العقر تستعين به على الكتابة لأنه بدل منفعة مملوكة كما في البدائع‏.‏ قال في الشرنبلالية وقد قال في البدائع قبل هذا‏:‏ ثم مال العبد ما يحصل به العقد بتجارة أو بقبول الهبة والصدقة لأن ذلك ينسب إلى العبد، ولا يدخل فيه الأرش والعقر وإن حصلا بعد العقد ويكون للمولى لأنه لا ينسب إلى العبد ا هـ‏.‏ فليتأمل، وكذا قال الحدادي‏.‏ وأما أرش الجراحة والعقر فذلك لا يدخل وهو للمولى ا هـ‏.‏ فلينظر فيه مع إلزام المولى العقر بوطئها والأرش بالجناية عليها ا هـ‏.‏ ووفق بينهما أبو السعود في حاشية مسكين بحمل هذا على ما إذا كاتبه عن نفسه فقط، وما تقدم على ما إذا كاتبه عن نفسه وعن المال الذي في يده ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ يؤيده ما في الشرنبلالية عن السراج‏:‏ الكتابة إما عن النفس خاصة أو عنها وعن المال الذي في يد العبد وكلاهما جائز، ولو كان ما في يده أكثر من بدلها فليس للمولى إلا بدل الكتابة ا هـ‏.‏ لكن يعكر عليه ما في الهندية عن المضمرات حيث ذكر مسألة الكتابة عن النفس والمال‏.‏ ثم قال‏:‏ وماله هو حصل له من تجارته أو وهب له أو تصدق عليه‏.‏ وأما أرش الجناية والعقر فللمولى ا هـ‏.‏ وهكذا ذكر في البدائع، وعليه فلم يظهر بين الكتابتين فرق فليتأمل ‏(‏قوله أو أتلف المولى مالها‏)‏ أي فإنه يغرم مثله أو قيمته أو أرشه أو عبدا مثلا ‏(‏قوله للشبهة‏)‏ أي شبهة ملك الرقبة‏.‏

‏(‏قوله مجانا‏)‏ أي لو كان المولى صحيحا، فلو مريضا اعتبر من الثلث قهستاني

‏(‏قوله وفسد إن كاتبه‏)‏ لا معنى لتقدير فسد كما لا يخفى أي للاستغناء عنه بقول المصنف بعد فهو فاسد، وسيأتي في باب موت المكاتب أن في الفاسدة للمولى الفسخ بلا رضاه، بخلاف الجائزة وأن المكاتب يستقل بالفسخ مطلقا ‏(‏قوله فلو كانا ذميين جاز‏)‏ أفاد أنه لو كان أحدهما مسلما لا يجوز للعلة المذكورة ‏(‏قوله أو على قيمته‏)‏ كان ينبغي ذكره قبل الخمر والخنزير لئلا يوهم عود الضمير على الخنزير وإن صح عوده على الخمر ‏(‏قوله لجهالة القدر‏)‏ أي باختلاف التقويم، لكن يعتق بأداء القيمة وتثبت بتصادقهما، وإلا فإن اتفق اثنان على شيء فهو القيمة وإلا فيعتق بأداء الأقصى قهستاني ‏(‏قوله معينة‏)‏ أي تتعين بالتعيين كالثوب والعبد ونحوهما من المكيل والموزون غير النقدين، حتى لو كاتب على دراهم أو دنانير بعينها وهي لغيره يجوز منح ‏(‏قوله لغيره‏)‏ فلو كاتبه على عين في يد العبد من جملة كسبه فيه روايتان‏.‏ وفي الأتقاني عن شرح الكافي‏:‏ والصحيح أنه يجوز وإذا أدى يعتق ‏(‏قوله وصيفا‏)‏ هو الغلام وجمعه وصفاء والجارية وصيفة وجمعها وصائف مغرب ‏(‏قوله غير معين‏)‏ هذا عندهما خلافا لأبي يوسف فلو معينا جازت بالاتفاق كما في غاية البيان ‏(‏قوله لما ذكرنا‏)‏ أي من العلل الأربع ح ‏(‏قوله فإن أدى الخمر عتق‏)‏ لم يبين حكم العتق في باقي الصور الفاسدة، وقدمنا أنه يعتق بأداء قيمته إذا كاتبه عليها لأنها معلومة من وجه، وتصير معلومة من كل وجه عند الأداء‏.‏ وإذا كاتبه على عين لغيره، ففي العناية لم ينعقد العقد في ظاهر الرواية إلا إذا قال إن أديت إلي فأنت حر فحينئذ يعتق بحكم الشرط ا هـ‏.‏ فهذا يفيد أنه باطل لا فاسد‏.‏ وأما مسألة الوصيف فظاهر كلام الزيلعي أنه باطل شرنبلالية ملخصا، فالمراد بالفاسد هنا ما يعم الباطل كما في العزمية ‏(‏قوله بالأداء‏)‏ أي أداء عين الخمر والخنزير، سواء قال إن أديت فأنت حر أو لا لأنهما مال في الجملة بخلاف الميتة والدم فلم ينعقد العقد أصلا، فاعتبر فيهما معنى الشرط لا غير وذلك بالتعليق صريحا، وتمامه في المنح ‏(‏قوله وسعى في قيمته‏)‏ أي قيمة نفسه ‏(‏قوله يعني قبل أن يترافعا‏)‏ تقييد لقوله فإن أدى لا لقوله عتق لانفهامه من قوله بالأداء‏.‏ قال في الكفاية وفي المبسوط‏:‏ فإن أداه قبل أن يترافعا إلى القاضي وقد قال له أنت حر إذا أديته أو لم يقل فإنه يعتق ا هـ‏.‏ فافهم ‏(‏قوله واعلم إلخ‏)‏ قال الزاهدي في شرحه‏:‏ فإن قلت‏:‏ قوله ولم ينقص من المسمى ويزاد عليه لا يتصور في الكتابة بالقيمة، ولا بالخمر والخنزير لأنه لا يجب المسمى فلا يتصور النقصان والزيادة عليه‏.‏ قلت‏:‏ قد تأملت في الجواب عنه زمانا وفتشت الشروح وباحثت الأصحاب فلم يغنني ذلك منه شيئا حتى ظفرت بما ظفر الإمام ركن الأئمة الصباغي في شرحه فقال‏:‏ وهذا إذا سمي مالا وفسدت الكتابة بوجه من الوجوه لا ينقص من المسمى ويزاد عليه‏.‏ والحاصل أن هذه الصورة مستأنفة غير متصلة بالأول وهذا كمن كاتب عبده على ألف رطل من خمر، فإذا أدى ذلك عتق عليه سواء قال إذا أديت إلي ألفا فأنت حر أو لم يقل، وتجب عليه الزيادة إن كانت القيمة أكثر وإن كانت قيمته أقل من الألف لا يسترد الفضل عندنا ا هـ‏.‏ فقد رمز الشارح إلى هذا ‏(‏قوله لم ينقص إلخ‏)‏ لأن المولى لم يرض أن يعتقه بأقل مما سمي فلا ينقص منه إن نقصت قيمته عنه والعبد يرضى بالزيادة حتى ينال شرف الحرية فيزاد عليه إذا زادت قيمته زيلعي‏.‏

‏(‏قوله إلا إذا علقه بالشرط صريحا فيعتق‏)‏ ولا شيء عليه لعدم المالية كذا في الاختيار‏.‏ ثم قال‏:‏ ولو علق عتقه بأداء ثوب أو دابة أو حيوان لا يعتق للجهالة الفاحشة ا هـ‏.‏ ويخالفه قول الزيلعي‏:‏ يعتق بأداء ثوب لأنه تعليق صريح فصار من باب الأيمان وهي تنعقد مع الجهالة فينصرف إلى ما يطلق عليه اسم الثوب ا هـ‏.‏ شرنبلالية‏.‏

‏(‏قوله بين جنسه فقط إلخ‏)‏ كذا قال في العناية، إذا كاتبه على حيوان وبين جنسه كالعبد والفرس ولم يبين النوع أنه تركي أو هندي ولا الوصف أنه جيد أو رديء جازت، وينصرف إلى الوسط لأن الجهالة يسيرة، ومثلها يتحمل في الكتابة لأن مبناها على المساهلة فيعتبر جهالة البدل بجهالة الأجل، حتى لو كاتبه إلى الحصاد صحت ا هـ‏.‏ ولكن في الاختيار‏:‏ الكتابة على الحيوان والثوب كالنكاح إن بين النوع صح، وإن أطلق لا يصح ا هـ‏.‏ ومثله في البدائع‏.‏ ثم قال‏:‏ وإن على عبد أو جارية صح لأنها جهالة الوصف فقد سمي النوع جنسا والوصف نوعا فلا مخالفة في الحكم ‏(‏قوله ويجبر على قبولها‏)‏ كما يجبر على قبول العين لأن كل واحد أصل فالعين أصل تسمية والقيمة أصل أيضا لأن الوسط لا يعلم إلا بها فاستويا زيلعي ‏(‏قوله فله قيمة الخمر‏)‏ لتعذر تسليم عينها بالإسلام ‏(‏قوله وعتق بقبضها‏)‏ يحتمل رجوع الضمير إلى القيمة وعليه مشى المصنف وهو مما لا خلاف فيه، ويحتمل رجوعه إلى الخمر وهو ما قرره الشارح وعليه مشى في الهداية والدرر وغيرهما وفيه روايتان كما في العناية ‏(‏قوله كما مر‏)‏ في مسألة كتابة المسلم على خمر أو خنزير ‏(‏قوله على خدمته شهرا‏)‏ هذا استحسان لأنها تصير معلومة بالعادة، وبحال المولى أنه في أي شيء يستخدمه، وبحال العبد أنه لأي شيء يصلح كما لو عينها نصا، ولم يذكر الوقت فسدت لأن البدل مجهول بدائع ‏(‏قوله والآجر‏)‏ بالمد والتشديد اللبن‏:‏ المحرق شرنبلالية ‏(‏قوله بما يرفع النزاع‏)‏ بأن سمى له طول البئر وعمقها ومكانها ويريه آجر الدار وجصها وما يبنى بها بدائع ‏(‏قوله لحصول الركن والشرط‏)‏ أي الإيجاب والقبول ومعلومية البدل

‏(‏قوله لا تفسد الكتابة بشرط‏)‏ أي شرط فاسد وهو المخالف لمقتضى العقد، كما إذا كاتبه على أن لا يخرج من المصر أو أن لا يتجر ونحوه مما لا يدخل في صلب الكتابة إتقاني ‏(‏قوله لأنها إلخ‏)‏ بيان لوجه الشبه، وقوله وهو التصرف‏:‏ أي غير المال هو التصرف‏:‏ أي فك الحجر إذ البدل مقابل به ‏(‏قوله لشبهها بالبيع انتهاء‏)‏ كذا في الدرر، وفيه كلام يعلم من الشرنبلالية ‏(‏قوله لأنه في البدل‏)‏ أي لأن الشرط في صلب العقد واقع في البدل كالكتابة على بدل مجهول أو حرام، أو على ألف على أن يطأها ما دامت مكاتبة أو تخدمه ولم يبين وقتا أو وهي حامل من غيره، واستثنى ما في بطنها إتقاني، والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله

‏(‏قوله للمكاتب البيع والشراء‏)‏ كذا الإجارة والإعارة والإبداع والإقرار بالدين واستيفائه وقبول الحوالة بدين عليه، لا إن لم يكن عليه، وأن يشارك عنانا لا مفاوضة لاستلزامها الكفالة، وله الشفعة فيما اشتراه المولى، وللمولى الشفعة فيما اشتراه المكاتب، وأن يتوكل بالشراء وإن أوجب عليه ضمان الثمن للبائع، وأن يأذن لعبده، وأن يحط شيئا بعد البيع بعيب ادعى عليه أو يزيد في الثمن، وأن يرد بالعيب ولو اشترى من مولاه إلا أنه لا يجوز له أن يرابح فيما اشتراه من مولاه إلا أن يبين، وكذلك المولى فيما اشتراه منه، ولا أن يبيع من مولاه درهما بدرهمين لأنه صار أحق بمكاسبه فصار كالأجنبي في المعاوضة المطلقة كذا في البدائع ملخصا‏.‏ ولا يرد ما مر أن له أن يكاتبه عن نفسه وماله الذي في يده ولو أكثر من البدل لورود العقد ثمة وهو قن، وإن أوصى بوصية ومات قبل الأداء لا تجوز وإن ترك وفاء، وإن مات بعد الأداء، فإن قال إذا عتقت فثلث مالي وصية صحت إجماعا، وإن أوصى بعين من ماله لا تجوز إجماعا لأنه ما أضافها إلى حالة الحرية فتعلقت بملكه في وقت لا يملك التبرع إلا إذا أجازها بعد العتق، وإن أوصى بثلث ماله فعنده لا تجوز إلا أن يجيزها بعد العتق‏.‏ وعندهما تجوز بدائع ملخصا ‏(‏قوله يسيرة‏)‏ تقييد لإطلاق المتن تبعا للشرنبلالية عن الخانية مع أنه هو قول الإمام‏.‏ قال في البدائع‏:‏ وله أن يبيع بقليل الثمن وكثيره وبأي جنس كان، وبالنقد والنسيئة في قول أبي حنيفة‏.‏ وعندهما لا يملك البيع إلا بما يتغابن الناس في مثله، وبالدراهم والدنانير، وبالنقد لا بالنسيئة كالوكيل بالبيع المطلق ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وإن شرط المولى عدمه‏)‏ أي عدم السفر لأن البيع والشراء ربما لا يتفق في الحضر ولا يبطل العقد لأن الشرط ليس في صلبه‏:‏ أي لم يدخل في أحد البدلين كما مر ‏(‏قوله وتزويج أمته‏)‏ وكذا مكاتبته لأنه من باب الاكتساب، بخلاف عبده بدائع، ولا يزوجها من عبده‏.‏ وعن أبي يوسف أنه يجوز قهستاني ‏(‏قوله وكتابة عبده‏)‏ إلا ولده ووالديه لأنهم يعتقون بعتقه فلا يجوز أن يسبق عتقهم عتقه ولأنهم دخلوا في كتابته فلا يكاتبون ثانيا بدائع ‏(‏قوله بعد عتقه‏)‏ أي عتق الأول لأنه صار أهلا للولاء ‏(‏قوله فلسيده‏)‏ ولا يرجع الولاء إلى الأول بعد عتقه لأنه متى ثبت لا يحتمل الانتقال بحال بدائع ‏(‏قوله لا التزوج‏)‏ فإن عتق قبل إجازته نفذ على المكاتب كما مر في النكاح، قيل وكذا التسري وسيجيء در منتقى ‏(‏قوله ولا الهبة إلخ‏)‏ قال في البدائع‏:‏ وإذا وهب هبة أو تصدق ثم عتق ردت حيث كانت لأنه عقد لا مجيز له حال وقوعه فلا يتوقف، وظاهره المنع منهما ولو بإذن المولى‏.‏ قال أبو السعود‏:‏ وهو مصرح به، ووجهه أن المولى لا ملك له في كسبه ‏(‏قوله إلا بيسير منهما‏)‏ قيد في الشرنبلالية التصدق باليسير من المأكول مستندا للبدائع‏.‏ أقول‏:‏ ونصها ولا يملك التصدق إلا بشيء يسير حتى لا يجوز له أن يعطي فقيرا درهما ولا أن يكسيه ثوبا، وكذا لا يجوز أن يهدي إلا شيئا قليلا من المأكول، وله أن يدعو إلى الطعام ا هـ‏.‏ وفي القهستاني عن الكرماني‏:‏ اليسير هو ما دون الدرهم لأنه يتوسع فيه الناس ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله ولا التكفل‏)‏ أي عن غير سيده فيجوز عنه، لأن بدل الكتابة واجب عليه فلم يكن متبرعا والأداء إليه وإلى غيره سواء بدائع ‏(‏قوله ولو بإذن بنفس‏)‏ تفسير للإطلاق‏:‏ أي سواء كانت بإذن المولى أو المكفول أو لا بنفس أو مال، فقوله بنفس داخل تحت المبالغة أي ولو بنفس‏.‏ وفي البدائع‏:‏ فإن أدى فعتق لزمته الكفالة لوقوعها صحيحة في حقه لأنه أهل بخلاف الصبي ‏(‏قوله لأنه تبرع‏)‏ فإنها التزام تسليم النفس أو المال بغير عوض والمولى لا يملك كسبه فلا يصح إذنه بالتبرع ‏(‏قوله ولا الإقراض‏)‏ لأنه تبرع بابتدائه بدائع، وينبغي جوازه باليسير كالهبة قهستاني بل هو أولى برجندي ‏(‏قوله ولو بمال‏)‏ كأنت حر على ألف فإذا قبل عتق، وكذا تعليقه بأدائه كإن أديت إلي ألفا فأنت حر، وكذا قوله وبيع نفسه أي نفس العبد منه لأن فيها إسقاط الملك وإثبات الدين على المفلس ‏(‏قوله وتزويج عبده‏)‏ ولو من أمته كما مر ‏(‏قوله في رقيق صغير‏)‏ تركيب إضافي لا توصيفي ‏(‏قوله فيما ذكر‏)‏ من التصرفات ثبوتا ونفيا، فيملكان كتابة قنه وإنكاح أمته لا إعتاق عبده ولو بمال إلخ‏.‏ وإذا أقر بقبض بدل الكتابة، فإن كانت ظاهرة بمحضر من الشهود صدقا وعتق وإن لم تكن معروفة لم يجز الإقرار بالعتق لأنه في الأول إقرار باستيفاء الدين فيصح، وفي الثاني بالعتق فلا يصح بدائع ‏(‏قوله ولو مفاوضة‏)‏ كذا في الكافي حيث جعله كالمأذون، وجعله في النهاية كالمكاتب ‏(‏قوله على الأشبه‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ وجعله كالمأذون أشبه بالفقه ‏(‏قوله لاختصاص تصرفهم بالتجارة‏)‏ فإن الأصل أن من كان تصرفه عاما في التجارة وغيرها يملك تزويج الأمة والكتابة كالأب ونحوه، ومن كان تصرفه خاصا بالتجارة لا يملكه‏.‏

‏(‏قوله تبعا له‏)‏ لأن المشرى لو كان مكاتبا أصالة لبقيت بعد عجز المكاتب الأصلي ‏(‏قوله والمراد قرابة الولاد‏)‏ وأقواهم دخولا الولد المولود في الكتابة، ثم الولد المشتري، ثم الأبوان، وعلى هذا يتفاوتون في الأحكام كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في باب موت المكاتب‏.‏

‏(‏قوله خلافا لهما‏)‏ حيث قالا يكاتب عليه، لأن وجوب الصلة يشمل القرابة المحرمة للنكاح ولهذا يعتق على الحر كل ذي رحم محرم منه، وله أن للمكاتب كسبا لا ملكا ولذا تحل له الصدقة وإن أصاب مالا، ولا يملك الهبة، ولا يفسد نكاح امرأته إذا اشتراها غير أن الكسب يكفي للصلة في الولاد، حتى أن القادر على الكسب يخاطب بنفقة الوالد والولد ولا يكفي لغيرها، حتى لا تجب نفقة الأخ إلا على الموسر، وتمامه في الهداية وشروحها‏.‏ وثمرة الخلاف أنه لو ملكه له بيعه عنده خلافا لهما كما في الدرر، وأنه إذا مات لا يقوم مقامه فلا يسعى على نجومه عنده كما يظهر من الشرنبلالية

‏(‏قوله أم ولده‏)‏ يعني المستولدة بالنكاح عزمية ‏(‏قوله وكذا لو شراها ثم شراه‏)‏ قال ابن الملك‏:‏ والأصح أنه إذا اشتراه أولا ثم اشتراها حرم بيعها؛ لأن الولد يكاتب عليه أولا وبواسطته تكاتبت أمه‏.‏ وإذا اشتراها أولا لا يحرم بيعها لانتفاء المقتضي وهو تكاتب الولد، ثم إذا اشترى الولد حرم بيعها عند شراء الولد لوجود المقتضي ا هـ‏.‏ فالمدار على اجتماعهما في ملكه أعم من أن يكون قد اشتراهما معا أو متعاقبا، فالتقييد بالمعية خلاف الأصح ‏(‏قوله لتبعيتها لولدها‏)‏ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «أعتقها ولدها» ‏(‏قوله لأنه لم يملكها‏)‏ أي حقيقة فهي كسبه لا ملكه كما مر، وهذا علة للمفرع والمفرع عليه ‏(‏قوله فجاز‏)‏ تفريع على قوله ولا ينفسخ نكاحه ‏(‏قوله فكذا المكاتبة إلخ‏)‏ أي فله أن يطأها بالنكاح لأنها لم تملك رقبته حقيقة هندية عن البناية العيني ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي سواء كان معه ولده منها أو لا رحمتي ‏(‏قوله لأن الحرية لم تثبت من جهتها‏)‏ يعني الحرية المنتظرة، والمعنى أنها إذا اشترت بعلها مع ابنها منه تبعها ابنها في الكتابة ولا يتبعه أبوه في تلك الكتابة المؤدية إلى الحرية لأن التبعية للولد خاصة بجهتها فهي التي تتبع ولدها كما يتبعها هو في الرقبة والحرية والتدبير، فشراء الولد يمنع بيع أصله لو كانت الحرية المنتظرة من جهة الأم بأن كان ذلك الأصل أما كما في المسألة السابقة، فلو كان أبا لا يمتنع بيعه هذا ما ظهر لي‏.‏ وعبارة الزيلعي‏:‏ لأن الجزئية بالجيم والزاي‏.‏ والمعنى أن البعضية التي تمنع بيع الأصل معتبرة من جهتها كما قدمناه ولم توجد هنا، ولم أر من أوضح هذه العبارة بعد المراجعة الكثيرة فتأمل‏.‏

‏(‏قوله وإن ولد له من أمته ولد‏)‏ اعترض بأن المكاتب لا يملك وطء أمته‏.‏ وأجيب بأن النسب لا يتوقف على الحل كما في وطء أمة ابنه أو أمة مشتركة فيثبت لشبهة ملك اليد كما في شروح الهداية‏.‏ قال في الجوهرة‏:‏ أو نقول‏:‏ صورته أن يتزوج أمة قبل الكتابة فإذا كوتب اشتراها فتلد له ولدا ا هـ‏.‏ وعلى هذا فلا يحتاج إلى قول الشارح فادعاه لبقاء النكاح بعد الشراء كما مر ‏(‏قوله لأنه كسب كسبه‏)‏ وهو الولد‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ فإنه في حكم مملوكه

‏(‏قوله زوج المكاتب‏)‏ كذا في غير ما كتاب‏.‏ واستشكله في الشرنبلالية بما تقدم من أن المكاتب لا يزوج عبده وليس تزويجه عبده يكون موقوفا كتزوجه إذ لا مجيز له حال صدوره فصار كهبته الكثير وتزوجه هو له مجيز وهو للولي الحر‏.‏ ثم أجاب‏:‏ بأنه لا يمنع ثبوت النسب لأنه يثبت للشبهة كالنكاح الفاسد كما مر ا هـ‏.‏ وأرجع ابن مالك الضمير للمولى وهو المتبادر من التبيين والهداية وشروحها، وظاهره أنه المولى الحر وعليه فلا إشكال أصلا‏.‏ ونقل أبو السعود‏:‏ عن الشلبي وغيره أنه ينبغي أن يقرأ المكاتب بكسر التاء وأنه لو ذكر المولى لكان أولى ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويحتاج إلى ادعاء مجاز الأول ‏(‏قوله فولدت‏)‏ أشار إلى أنهما لو قبلا الكتابة عن أنفسهما وعن ولد لهما صغير فقتل الولد تكون قيمته بينهما، ولا تكون الأم أحق به لأن دخوله في الكتابة هنا بالقبول عنه لا بمجرد التبعية والقبول وجد منهما فيتبعهما زيلعي ‏(‏قوله لأن تبعيتها أرجح‏)‏ من إضافة المصدر إلى مفعوله، وذلك لأنه انفصل من الأب وليس له قيمة وانفصل من الأم متقوما فكان تبعيتها أرجح، ولأنه يتبعها في الرق والحرية فلذا كانت أخص بكسبه إتقاني‏.‏

‏(‏قوله خلافا لمحمد‏)‏ حيث قال هو حر بالقيمة يعطيها للمستحق في الحال إن كان التزوج بإذن المولى وإلا فبعد العتق ثم يرجع هو بما ضمن من قيمة الولد على الأمة المستحقة بعد العتق إن كانت هي الغارة، وكذا إذا غره عبد مأذون أو غير مأذون له في التجارة أو مكاتب رجع عليه بعد العتق لأنه ليس من باب التجارة فلا ينفذ في حق مولى الغار، وإن غره حر رجع عليه في الحال، وكذا حكم المهر فإن المستحق يرجع عليه في الحال إذا كان التزويج بإذن مولاه وإلا فبعد الحرية، وليس له هو أن يرجع على أحد بالمهر على ما عرف في موضعه، وحكم الغرور يثبت بالتزويج دون الإخبار بأنها حرة زيلعي ‏(‏قوله لأنه ولد المغرور‏)‏ دليل قول محمد فهو علة لمحذوف‏:‏ أي فإنه قال هو حر بالقيمة لأنه ولد المغرور دفعا للضرر عنه كالحر ‏(‏قوله وخصا المغرور إلخ‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ ولهما أنه مولود بين رقيقين فيكون رقيقا إذ الولد يتبع الأم في الرق والحرية، وتركنا هذا في الحر بإجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم، والعبد ليس في معنى الحر لأن حق المولى وهو المستحق في الحر مجبور بقيمة واجبة في الحال، وفي العبد بقيمة متأخرة إلى ما بعد العتق فتعذر الإلحاق لعدم المساواة هكذا ذكروا هنا ا هـ‏.‏ وحاصله أن المغرور خاص بالحر، ولا يمكن قياس الرقيق عليه لأنه لا مساواة بينهما فإنه لا يطالب بالقيمة حالا كالحر فيلزم ضرر المستحق ‏(‏قوله واستشكله الزيلعي‏)‏ حيث قال‏:‏ وهذا مشكل جدا، فإن دين العبد إذا لزمه بسبب أذن فيه المولى يظهر في حق المولى ويطالب به للحال؛ والموضوع هنا مفروض فيما إذا كان بإذن المولى وإنما يستقيم هذا إذا كان التزوج بغير إذن المولى لأنه لا يظهر الدين فيه في حق المولى فلا يلزمه المهر ولا قيمة الولد في الحال، وتشهد المسألة التي تلي هذه المسألة بهذا المعنى‏.‏ وهو في الحقيقة استشكال لقوله في الاستدلال بتأخر المطالبة إلى ما بعد العتق مع إذن المولى بالنكاح لا لتخصيصهما المغرور بالحر كما يوهمه كلام الشارح‏.‏ وأجاب بعضهم بأن إذن المولى هنا ليس سببا لحرية الولد أو رقبته وإنما سببها حرية الأم أو شرط كون الولد حرا في الزوج الحر فلم يظهر في حقه فلم يطالب به في الحال‏.‏ ونقل ط عن الرازي نحوه، وعن الواني أن الإذن بالشيء إنما يكون إذنا بما يتعلق به إذا كان من لوازمه والوطء ليس كذلك ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ وأجاب الطوري بأن المكاتب والمأذون أعطيناهما حكم الأحرار ولم يتضمن ما أذن فيه المولى النكاح وتوقف صحته على الإذن للحل لا ليضمن ذلك المولى، بخلاف مسألة البيع الآتية لأن الإذن فيها تناول الفاسد فافترقا ا هـ‏.‏ ولا يخفى ضعف الكل فتأمل‏.‏ هذا والمصرح به في المعراج والكفاية أنه على قول محمد لو نكح بإذن المولى لزم قيمة الولد والمهر في الحال وإلا فبعد العتق، وقد مر أيضا‏.‏ فاستشكال الزيلعي على ما ذكر في الاستدلال موافق للمنقول عن محمد، فتأخر المطالبة المذكور في الاستدلال خاص بما إذا كان بلا إذن كما قيده به في الكفاية، وبه يندفع الإشكال، نعم يرد عليه أنه ليس فرض المسألة ولذا حذفه بعض الشراح واستغنى بالكلام الأول

‏(‏قوله فوطئها‏)‏ أي بغير إذن المولى هداية، أما بإذنه فبالأولى معراج ‏(‏قوله لشرائها‏)‏ الأولى حذفه كما في عبارة الدرر ‏(‏قوله أو شراها صحيحا‏)‏ اعترضه في الشرنبلالية بأن الاستحقاق يمنع صحة الشراء ا هـ‏.‏ فالأولى الاقتصار على عبارة المتن وإن أجيب عنه بأنه وصفه بالصحة باعتبار الظاهر ‏(‏قوله لدخوله في كتابته‏)‏ أي لدخول العقر‏.‏ قال في الهداية‏:‏ لأن التجارة وتوابعها داخلة تحت الكتابة وهذا العقر من توابعها، أو لدخول الشراء ولو فاسدا لأن الكتابة تنتظمه بنوعيه كالتوكيل كما في الهداية أيضا، أو لدخول المذكور من الشراء مطلقا والعقر وهو أولى ليشمل الصورتين ‏(‏قوله لأن الإذن بالشراء إذن بالوطء‏)‏ أخذه من الدرر حيث قال فيها‏:‏ قال صدر الشريعة‏:‏ ولقائل أن يقول إن العقر يثبت بالوطء لا بالشراء والإذن بالشراء ليس إذنا بالوطء والوطء ليس من التجارة في شيء فلا يكون ثابتا في حق المولى‏.‏ أقول‏:‏ جوابه أنا سلمنا أن العقر ثبت بالوطء لا بالشراء ابتداء لكن الوطء مستند إلى الشراء إذ لولاه لكان الوطء حراما بلا شبهة فلا يثبت به العقر ويجب الحد فيكون الإذن بالشراء إذنا بالوطء والوطء نفسه وإن لم يكن من التجارة لكن الشراء منها فيكون ثابتا في حق المولى ا هـ‏.‏ قال في الشرنبلالية‏:‏ قوله فيكون الإذن بالشراء إذنا بالوطء غير مسلم فكان ينبغي تركه والاقتصار على ما ذكره قبله وبعده يوضحه ما في العناية‏:‏ الكتابة أوجبت الشراء والشراء أوجب سقوط الحد وسقوط الحد أوجب العقر فالكتابة أوجبت العقر ولا كذلك النكاح‏:‏ أي في المسألة الآتية ‏(‏قوله بلا إذنه‏)‏ متعلق بنكاح قال ط‏:‏ أما بالإذن فيظهر في حق المولى ويطالب المكاتب به حالا شلبي ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أي بعد عتقه‏)‏ هذا إذا كانت المرأة ثيبا، فلو بكرا فافتضها يؤاخذ به في الحال أتقاني عن شرح الطحاوي ‏(‏قوله لعدم دخوله‏)‏ أي نكاح بلا إذن ح‏:‏ أي لأنه ليس من الاكتساب ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي أول الباب من أن المكاتب ليس له التزوج بلا إذن ‏(‏قوله في الفصلين‏)‏ بدل من قوله فيهما‏:‏ أي فصل الشراء بقسميه وفصل النكاح، والعلة واحدة، فإن الإذن رفع لحجر كالكتابة فيملك التجارة‏.‏ والنكاح ليس منها بخلاف الشراء‏.‏

‏(‏قوله فلها الخيار‏)‏ لأنه تلقاها جهتا حرية‏:‏ عاجلة ببدل، وآجلة بغير بدل فتتخير بينهما عيني ‏(‏قوله إن شاءت مضت على كتابتها‏)‏ فإن مات المولى عتقت بالاستيلاد وسقط عنها البدل زيلعي ‏(‏قوله وتأخذ العقر منه‏)‏ وتستعين به في أداء بدل الكتابة إذا كان العلوق في حال الكتابة لأن المولى كالأجنبي في منافعها ومكاسبها والعقر بدل بضعها أتقاني، ويعلم كون العلوق في حال الكتابة بإقراره أو بأن تلد لأكثر من ستة أشهر منذ كاتبها فإن جاءت به لأقل فلا عقر عليه ‏(‏قوله عجزت نفسها‏)‏ أي أقرت بالعجز عن أداء البدل ‏(‏قوله ويثبت نسبه بلا تصديقها‏)‏ وإن ولدت آخرا لم يثبت من غير دعوى حرمة وطئها عليه، وولد أم الولد إنما يثبت نسبه بلا دعوى إذا كان وطؤها حلالا، وما في الدرر من جواز استيلاد المكاتبة فالمراد به الصحة لا الحل كما نبه عليه الشرنبلالي ‏(‏قوله لأنها ملكه رقبة‏)‏ بخلاف ما إذا ادعى ولد جارية المكاتبة حيث لا يثبت النسب منه إلا بتصديق المكاتبة لأنه لا ملك له حقيقة في ملك المكاتبة وإنما له حق الملك منح

‏(‏قوله بموته بالاستيلاد‏)‏ الباء الأولى للمصاحبة والثانية للسببية أي عتقت بموته بلا شيء وسقط عنها البدل، لأنها عتقت بسبب أمومية الولد لبقاء حكم الاستيلاد بعد الكتابة لعدم التنافي بينهما وتسلم لها الأولاد والأكساب لأنها عتقت وهي مكاتبة، كما إذا أعتقها المولى حال حياته زيلعي ‏(‏قوله وسعى المدبر في ثلثي قيمته إلخ‏)‏ لأنه سلم له بالتدبير السابق على الكتابة الثلث فيكون البدل بمقابلة الثلثين، لأنه لما كان الإعتاق عند الإمام متجزئا بقي ما وراء الثلث عبدا وبقيت الكتابة فيه، فتوجه لعتقه جهتان‏:‏ كتابة مؤجلة وسعاية معجلة فيخير، لجواز أن يكون أكثر البدلين أيسر باعتبار الأجل وأقلهما أعسر أداء لكونه حالا، فكان فيه فائدة وإن كان جنس المال متحدا‏.‏ وعند أبي يوسف يسعى في الأقل منهما، وعند محمد في الأقل من ثلثي قيمته وثلثي البدل‏.‏ وتمامه في التبيين ‏(‏قوله لم يترك غيره‏)‏ فلو موسرا بحيث يخرج من الثلث عتق بالتدبير در منتقى‏.‏

‏(‏قوله ولو دبر مكاتبه‏)‏ هذه عكس ما قبلها لأن التدبير هنا بعد الكتابة ‏(‏قوله صح‏)‏ أي التدبير لأنه يملك تنجيز العتق فيه فيملك التعليق فيه بشرط الموت زيلعي ‏(‏قوله وإلا‏)‏ أي وإلا يعجز فإن أدى بدلها قبل موت السيد عتق وإلا سعى إلخ ‏(‏قوله في ثلثي قيمته إلخ‏)‏ هذا عنده‏.‏ وقالا‏:‏ يسعى في الأقل منهما، فالخلاف في الخيار مبني على تجزي الإعتاق وعدمه، أما المقدار فمتفق عليه لأن بدل الكتابة مقابل بكل الرقبة إذ لم يستحق شيئا من الحرية قبل ذلك فإذا عتق بعض الرقبة مجانا بعد ذلك سقط حصته من البدل، بخلاف ما إذا تقدم التدبير لأنه سلم له بالتدبير الثلث فيكون البدل مقابلا بما لم يسلم له وهو الثلثان زيلعي، وقولهما أظهر كما في المواهب أبو السعود عن الحموي ‏(‏قوله فإنه يعتق مجانا‏)‏ وسقط عنه بدل الكتابة لأنه التزمه لتحصيل العتق وقد حصل بدونه، وكذا المولى كان يستحقه مقبلا بالتحرير وقد فات ذلك بالإعتاق مجانا زيلعي‏.‏ هذا‏:‏ وقال في غاية البيان‏:‏ وقول صاحب الهداية مع سلامة الأكساب له يفهم منه أن الأكساب تسلم للمكاتب بعد الإعتاق، وفيه نظر لأن الرواية لم توجد في كتب محمد ومن بعده من المتقدمين كالطحاوي والكرخي وأبي الليث وغيرهم، فينبغي أن يكون الأكساب للمولى بعدما أعتقه كما بعد عجز المكاتب، ثم أطال في الاستدلال، ولم أر من تعرض لهذا من الشراح كالمعراج والعناية والكفاية، والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله صح استحسانا‏)‏ والقياس أن لا يصح لأنه اعتياض عن الأجل بالمال‏.‏ ووجه الاستحسان أن الأجل في حق المكاتب مال من وجه لأنه لا يقدر على الأداء إلا به، وبدل الكتابة ليس مالا من وجه حتى لا تصح الكفالة به فاعتدلا ابن كمال‏.‏

‏(‏قوله على ألفين‏)‏ قال في الحقائق‏:‏ التقدير ليس بلازم بل المراد أن بدل الكتابة أكثر من قيمته ابن كمال ولو استويا بأن كان البدل ألفا وجب تعجيل ثلثي الألف اتفاقا كما في حاشية أبي السعود عن المفتاح ‏(‏قوله التأجيل‏)‏ قيد به لأن المريض لم يتصرف في حق الورثة إلا في حق التأجيل فكان لهم أن يردوه، إذ تأجيل المال أخر حق الورثة وفيه ضرر عليهم فلا يصح بدون إجازتهم، كذا في المبسوط معراج ‏(‏قوله ولم يترك غيره‏)‏ أما إذا ترك مالا غيره يخرج هذا البدل من ثلثه صح التأجيل فيه، لأن الوصية تصح بعينه فلأن تصح بتأجيله أولى، كذا ظهر لي وحرره ط ‏(‏قوله ثلثي القيمة‏)‏ وهي الألف ‏(‏قوله والباقي إلى أجله‏)‏ أي الباقي من الألفين على القولين ح ‏(‏قوله لقيام البدل إلخ‏)‏ تعليل لقوله أدى ثلثي البدل ح ‏(‏قوله على ألف‏)‏ أي على نصف قيمته ‏(‏قوله اتفاقا‏)‏ والفرق لمحمد بين هذه وبين الأولى أن الزيادة على القيمة كانت حق المريض في الأولى حتى كان يملك إسقاطها بالكلية بأن يبيعه بقيمته فتأخيرها أولى لأنه أهون من الإسقاط، وهنا وقعت الكتابة على أقل من قيمته فلا يملك إسقاط ما زاد على ثلث قيمته ولا تأجيله لأن حق الورثة تعلق بجميعه بخلاف الأولى زيلعي

‏(‏قوله الغائب‏)‏ قيد به لأنه فرض المسألة في كلام المصنف كما يشهد به السباق واللحاق وإلا فالحاضر مثله ‏(‏قوله وقبل المولى‏)‏ صوابه الحر أو الرجل كما عبر به الزيلعي ومنلا مسكين‏.‏ قال محشيه أبو السعود نقلا عن الحموي‏:‏ وهذا صريح في أن الأمر لا يكون إيجابا في باب الكتابة كالبيع فليحرر ‏(‏قوله ثم أدى الحر ألفا‏)‏ يفهم منه بعد قوله وقبل الرجل أنه لو لم يقبل وأدى ألفا لا يعتق خلافا لما يظهر من الدرر حيث أطلق في أنه يعتق بالأداء ولم يقيده بقبول الرجل، ولهذا قيده في العزمية بقوله عتقه بالأداء مقيد بما إذا قبل الرجل ثم أدى ألفا كما ذكره الزيلعي ا هـ‏.‏ أبو السعود ‏(‏قوله عتق العبد‏)‏ ويقع العتق عن المأمور، وكذا لو قال كاتب عبدك عني بألف، بخلاف اعتق عبدك عني بألف فإنه يقع عن الآمر، والفرق بينهما مبسوط في المعراج ‏(‏قوله يعتق استحسانا‏)‏ أي لا قياسا، بخلاف الأولى فهي قياس واستحسان‏.‏ ووجه القياس هنا أن العقد موقوف والموقوف لا حكم له ولم يوجد التعليق ‏(‏قوله لنفوذ تصرف الفضولي إلخ‏)‏ قال في الكفاية‏:‏ وهذا لأن المولى ينفرد بإيجاب العتق والحاجة إلى قبول المكاتب لأجل البدل، فإذا تبرع الفضولي بأدائه عنه تنفذ الكتابة في حق هذا الحكم وتتوقف في حق لزوم الألف على العبد ‏(‏قوله ولا يرجع الحر على العبد‏)‏ وقيل يرجع على المولى ويسترد ما أداه إن أداه بضمان لأن ضمانه كان باطلا لأنه ضمن غير الواجب زيلعي ‏(‏قوله لأنه متبرع‏)‏ يعني وقد حصل مقصوده وهو عتق العبد، ولا بد من هذه الزيادة لأنه إذا أدى بعض البدل يرجع بما أداه على المولى لعدم حصول مقصوده وهو العتق، سواء أدى بضمان أو بغير ضمان شرنبلالية‏.‏ أقول‏:‏ كون هذه الزيادة لا بد منها محل نظر لأن الكلام في الرجوع على العبد تأمل ‏(‏قوله صار مكاتبا‏)‏ لأن الكتابة كانت موقوفة على إجازته وقبوله فصار إجازته انتهاء كقبوله ابتداء ولو قال العبد لا أقبله فأدى عنه الرجل الذي كاتب عنه لا تجوز لأن العقد ارتد برده، ولو ضمن الرجل لم يلزمه شيء لأن الكفالة ببدل الكتابة لا تجوز زيلعي ‏(‏قوله إنما يحتاج لقبوله إلخ‏)‏ أي توقف الكتابة في حق لزوم البدل عليه متوقف على قبوله كما قدمناه‏.‏

‏(‏قوله على نفسي‏)‏ كذا عبارة التبيين، والأولى ‏"‏ عن ‏"‏ بدل ‏"‏ على ‏"‏ كما في الهداية وغيرها ‏(‏قوله صح العقد استحسانا‏)‏ وفي القياس يصح عن نفسه لولايته عليها، ويتوقف في حق الغالب لعدم الولاية عليه هداية ‏(‏قوله في الحاضر أصالة إلخ‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ وجه الاستحسان أن المولى خاطب الحاضر قصدا وجعل الغائب تبعا له والكتابة على هذا الوجه مشروعة كالأمة إذا كوتبت دخل في كتابتها ولدها المولود في الكتابة والمشترى فيها والمضموم إليها في العقد تبعا لها حتى يعتقوا بأدائها وليس عليهم شيء من البدل، ولأن هذا تعليق العتق بأداء الحاضر والمولى ينفرد به في حق الغائب فيجوز من غير توقف ولا قبول من الغائب ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفي التعليل الثاني نظر لأنه يحصل العتق بأداء الغائب، وكذا بإبراء الحاضر كما يأتي تأمل ‏(‏قوله بلا رجوع‏)‏ أي من كل على صاحبه لأن الحاضر قضى دينا عليه والغائب متبرع به غير مضطر إليه هداية ‏(‏قوله من أحدهما‏)‏ أما الحاضر فلأن البدل عليه، وأما الغائب فلأنه ينال به شرف الحرية وإن لم يكن البدل عليه، وصار كمعير الرهن إذا أدى الدين هداية ‏(‏قوله لا يعتبر‏)‏ أي في كونه مطالبا‏.‏ قال في الدرر‏:‏ فلا يؤخذ بشيء لنفاذ العقد على الحاضر ا هـ‏.‏ أي بلا توقف ولا قبول من الغائب كما مر‏.‏ قلت‏:‏ وبه ظهر الفرق بين هذه وبين المسألة السابقة حيث قدم أنه إذا بلغ العبد فقبل صار مكاتبا، يعني نفذت الكتابة في حق لزوم البدل عليه كما قدمناه فتدبر‏.‏ وقد توقف فيه الواني وأقره نوح أفندي كما ذكره أبو السعود ‏(‏قوله ولو حرره‏)‏ أي أعتق الغائب ‏(‏قوله سقط عن الحاضر حصته‏)‏ أي من البدل، لأن الغائب دخل في العقد مقصودا فكان البدل منقسما وإن لم يكن مطالبا به، بخلاف الولد المولود في الكتابة، حيث لا يسقط عن الأم شيء من البدل بعتقه لأنه لم يدخل مقصودا ولم يكن يوم العقد موجودا وإنما دخل بعد ذلك تبعا لها زيلعي ‏(‏قوله أدى الغائب حصته حالا وإلا رد قنا‏)‏ لأنه دخل مقصودا بخلاف المولود في الكتابة حيث يبقى على نجوم والده إذا مات كذا في الدرر‏.‏ فإن قلت‏:‏ هذا ينافي ما تقدم من أنه داخل في العقد تبعا‏.‏ قلت‏:‏ هو أصيل باعتبار إضافة العقد إليه تبع باعتبار عدم مشافهته به، بخلاف المولود في الكتابة فإنه تبع من كل وجه لعدم وجوده وقت العقد، كذا يؤخذ من العناية ح‏.‏ قلت ويؤخذ مما قدمناه عن الزيلعي أيضا ‏(‏قوله ولو أبرأ الحاضر أو وهبه له عتقا‏)‏ أي وهبه البدل وقيد بالحاضر لأنه لو أبرأ الغائب أو وهبه لا يصح لعدم وجوبه عليه كما في التبيين‏.‏

‏(‏قوله وإن كاتب الأمة إلخ‏)‏ والحكم في العبد كذلك، وكذا في الكبيرين‏.‏ وفائدة التقييد بالأمة والصغيرين مبسوطة في المعراج ‏(‏قوله صح استحسانا‏)‏ وذهب بعض المشايخ إلى أنه هنا قياس واستحسان لأن الولد تابع لها، بخلاف الأجنبي فإنه استحسان لا قياس‏.‏ قال في العناية‏:‏ وأرى أنه الحق شرنبلالية ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي من التبعية فهي أصل وأولادها تبع بل هي أولى من الأجنبي كما في الهداية، وليس بطريق الولاية إذ لا ولاية للحرة على ولدها فكيف الأمة أتقاني ‏(‏قوله ممن ذكر‏)‏ أي من الأم أو الابنين إذا كبرا أتقاني ‏(‏قوله إلى آخر ما مر‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ وقبول الأولاد الكتابة وردهم لا يعتبر ولو أعتق المولى الأم بقي عليهم من بدل الكتابة بحصتهم يؤدونها في الحال، بخلاف الولد المولود في الكتابة والمشتري حيث يعتق بعتقها ويطالب المولى الأم بالبدل دونهم، ولو أعتقهم سقط عنها حصتهم وعليها الباقي على نجومها، ولو اكتسبوا شيئا ليس للمولى أن يأخذه ولا له أن يبيعهم، ولو أبرأهم عن الدين أو وهبهم لا يصح ولها يصح فتعتق ويعتقون معها لما ذكرنا في كتابة الحاضر مع الغائب‏.‏

‏(‏قوله فرع‏)‏ تقدم أول الكتاب مع زيادة في كل من الموضعين على الآخر ح ‏(‏قوله وسعى في بقية قيمته‏)‏ وما اكتسب قبل الأداء نصفه له ونصفه للمولى، لأن نصفه مكاتب ونصفه رقيق عند أبي حنيفة لتجزي الكتابة عنده بدائع‏.‏ وفي الهندية‏:‏ فإن اشترى المولى منه جاز في النصف، وإن اشترى هو من المولى جاز في الكل استحسانا، كما لو اشترى من غيره‏.‏

مطلب القياس مقدم هنا

وفي القياس لا يجوز إلا في النصف، وبالقياس أخذ‏.‏ كذا في المبسوط ا هـ‏.‏

باب كتابة العبد المشترك

أخره لأن الأصل عدم الاشتراك أتقاني‏.‏ وقال غيره‏:‏ لأن الاثنين بعد الواحد ‏(‏قوله‏:‏ لصاحبه‏)‏ أي شريكه الآخر قوله‏:‏ حظه‏)‏ أي حظ المأذون كفاية‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ويقبض‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ فائدة الإذن بالكتابة أن لا يكون له حق الفسخ كما إذا لم يأذن‏.‏ وفائدة إذنه بالقبض أن ينقطع حقه فيما قبض ا هـ‏.‏ وسيشير الشارح إلى ذلك‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ عند الإمام‏)‏ وعندهما غير متجزئة، فالإذن بكتابة نصيبه إذن بكتابة الكل، فهو أصيل في البعض وكيل في البعض والمقبوض مشترك بينهما، ويبقى كذلك بعد العجز كما في الهداية‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لإذنه‏)‏ أما إذا كاتبه بغير إذن شريكه صار نصيبه مكاتبا، وعندهما كله لما مر، وللساكت الفسخ اتفاقا قبل الأداء دفعا للضرر عنه، بخلاف ما لو باع حظه إذ لا ضرر، وبخلاف العتق وتعليقه بشرط إذ لا يقبل الفسخ، ولو أدى البدل عتق نصيبه خاصة عنده لما مر، وللساكت أن يأخذ من الذي كاتبه نصف ما أخذ من البدل، وتمامه في التبيين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بعض الألف‏)‏ بدل من قوله ‏"‏ بعضه ‏"‏‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لإذنه له بالقبض‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ لأن إذنه بالقبض إذن للعبد بالأداء إليه منه فيكون متبرعا بنصيبه على المكاتب فيصير المكاتب أخص به، فإذا قضى به دينه اختص به القابض، وسلم له كله ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فيكون متبرعا‏)‏ أي على العبد المكاتب كما سمعته من عبارة الزيلعي‏.‏ وفي الإصلاح والدرر على القابض‏.‏ وادعى في العزمية أنه غير صواب‏.‏ قلت‏:‏ ولا منافاة لما في الكفاية حيث قال‏:‏ فيصير الآذن متبرعا بنصيب نفسه من الكسب على العبد ثم على الشريك، فإذا تم تبرعه بقبض الشريك لم يرجع إلخ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ عتق حظ القابض‏)‏ ولا يضمن لشريكه لأنه برضاه، ولكن يسعى العبد في نصيب الساكت عزمية عن الكافي‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ خلافا لهما‏)‏ حيث لا تصح دعوة الأخير عندهما‏.‏ واعلم أنهم ذكروا في جميع الكتب خلافهما بعد تمام المسألة‏:‏ أي بعد قوله وهو ابنه والشارح قدمه، فيوهم أن لا اختلاف إلا في ثبوت النسب من الثاني وليس كذلك‏.‏ قال العيني وغيره‏:‏ وهذا كله عند أبي حنيفة‏.‏ وعندهما هي أم ولد الأول، وهي مكاتبة كلها، وعليه نصف قيمتها لشريكه عند أبي يوسف‏.‏ وعند محمد الأقل من نصف قيمتها ومن نصف ما بقي من بدل الكتابة، ولا يثبت نسب الولد الأخير من الآخر، ولا يكون الولد بالقيمة ويغرم العقر لها، وهذا الخلاف مبني على الاختلاف في تجزي استيلاد المكاتبة فعنده يتجزى لا عندهما، واستيلاد القنة لا يتجزى بالإجماع، واستيلاد المدبرة يتجزى بالإجماع‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بعد ذلك‏)‏ أي بعد الوطأين والدعوتين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لزوال المانع‏)‏ وهو الكتابة من الانتقال‏:‏ أي من انتقال الاستيلاد تماما إليه مع قيام المقتضي فيعمل المقتضي عمله من وقت وجوده كالبيع بشرط الخيار للبائع إذا أسقط الخيار يثبت الملك به من وقت وجوده زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ووطؤه سابق‏)‏ جواب عما عساه يقال‏:‏ إن كلا له ملك فيها وقد وطئ كل وادعى فما المرجح لاختصاص الأول بكونها أم ولد له‏؟‏ ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وضمن لشريكه نصف قيمتها‏)‏ يعني حال كونها مكاتبة لأنه تملك نصيبه لما استكمل الاستيلاد درر‏.‏ وفي الشرنبلالية عن الفتح‏:‏ وقيمة المكاتب نصف قيمته قنا لأنه حر يدا وبقيت الرقبة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ونصف عقرها‏)‏ لوطئه أمة مشتركة فوجب العقر كله عليه، ثم لما عجزت سقط عنه نصيبه وبقي نصيب صاحبه أتقاني‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لوطئه أم ولد الغير حقيقة‏)‏ بناء على ما مر من أنها لما عجزت استكمل الاستيلاد للأول لزوال المانع‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لأنه بمنزلة المغرور‏)‏ لأنه وطئها على ظن أنها على حكم ملكه وظهر بالعجز وبطلان الكتابة أنه لا ملك له فيها، وولد المغرور ثابت النسب منه حر بالقيمة زيلعي‏.‏ وادعى بعض الشراح أن ضمان الثاني القيمة قولهما، لأن ولد أم الولد كأمه في عدم التقوم عند أبي حنيفة‏.‏ قال الحموي‏:‏ وهو ممنوع، فقد أطبق الشراح على أنه قول أبي حنيفة، غاية ما فيه أنه يشكل على قوله وقد أجيب عنه بأن عنه روايتين في تقومها ا هـ‏.‏ والأحسن ما أجاب به في المبسوط كما نقله بعضهم، من أن عدم تقوم ولد أم الولد عنده بعد ثبوت أمية الولد ولم تثبت في الولد لأنه حر الأصل فلهذا كان مضمونا بالقيمة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ترده للمولى‏)‏ أي ترد العقر لأنه ظهر اختصاصه بها زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ والمسألة بحالها‏)‏ أي وقد كاتباها ووطئ الأول فولدت فادعاه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بطل التدبير‏)‏ لأنه لم يصادف الملك‏.‏ أما عندهما فظاهر لأن المستولد تملكها قبل العجز‏.‏ وأما عنده فلأنه بالعجز تبين أنه تملك نصيبه من وقت الوطء فتبين أنه مصادف ملك غيره، والتدبير يعتمد الملك، بخلاف النسب لأنه يعتمد الغرور على ما مر هداية‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ نصف قيمتها‏)‏ لأنه تملك نصفها بالاستيلاد على ما بينا، وقوله‏:‏ نصف عقرها‏:‏ أي لوطئه جارية مشتركة زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ والولد للأول‏)‏ لأن دعواه قد صحت على ما مر وهذا كله بالإجماع زيلعي‏.‏ واعترض قوله ‏"‏ والولد للأول ‏"‏ بأنه يوهم كون الثاني وطئ وادعى، والمفروض خلافه، فلو أبدله بقوله وتم الاستيلاد للأول لكان أولى‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فعجزت‏)‏ قيد به لأنه يظهر به أثر الإعتاق ويصير تعديا فيغرم، أما قبله فلا يضمن شيئا عند أبي حنيفة لأنها مكاتبة في نصيب شريكه كما كانت لتجزي الإعتاق عنده فلم يتلف نصيب صاحبه، لأن معتق النصف يسعى بمنزلة المكاتب وهنا ذلك النصف مكاتب قبل الإعتاق فلم يظهر الإعتاق فيه‏.‏ وعلى قولهما يغرم في الحال لعدم تجزي الإعتاق، وتمامه في غاية البيان‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فرع‏)‏ هو من مسائل المتون‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو ضمن شريكه في الأولى فقط‏)‏ أي ضمنه قيمته مدبرا وهي ثلثا قيمته قنا لأنه أتلفه وهو مدبر، بخلاف ما إذا تأخر التدبير حيث لا يضمنه لأنه بمباشرة التدبير يصير ميراثا للمعتق عن الضمان لمعنى‏.‏ وهو أن نصيبه كان قنا عند إعتاق المعتق فكان تضمينه إياه متعلقا بشرط تملك العين بالضمان وقد فوت ذلك التدبير كذا في العناية ح، والله تعالى أعلم‏.‏