فصل: كتاب الغصب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


كتاب الغصب

وجه المناسبة كما قال الأتقاني‏:‏ أن المأذون يتصرف في الشيء بالإذن الشرعي والغاصب بلا إذن شرعي، ولما كان الأول مشروعا قدمه وسيأتي أن الغصب نوعان ما فيه إثم وما لا إثم فيه وأن الضمان يتعلق بهما ‏(‏قوله هو لغة أخذ الشيء‏)‏ وقد يسمى المغصوب غصبا تسمية بالمصدر ‏(‏قوله إزالة يد محقة‏)‏ أي بفعل في العين كما ذكره ابن الكمال ليخرج الجلوس على البساط، فإن الإزالة موجودة فيه لكن لا بفعل في العين ح وفي كون الإزالة موجودة هنا نظر كما ستعرفه فتدبر‏.‏ ولا يضمن ما صار مع المغصوب بغير صنعه كما إذا غصب دابة فتبعتها أخرى أو ولدها لا يضمن التابع لعدم الصنع، وكذا لو حبس المالك عن مواشيه حتى ضاعت لا يضمن لما ذكرنا ولعدم إثبات اليد المبطلة زيلعي فإن قيل وجد الضمان في مواضع ولم تتحقق العلة المذكورة كغاصب الغاصب فإنه يضمن وإن لم يزل يد المالك بل أزال يد الغاصب والملتقط إذا لم يشهد مع القدرة على الإشهاد مع أنه لم يزل يدا وتضمن الأموال بالإتلاف تسببا كحفر البئر في غير الملك، وليس ثمة إزالة يد أحد ولا إثباتها‏؟‏ فالجواب‏:‏ أن الضمان في هذه المسائل لا من حيث تحقق الغصب بل من حيث وجود التعدي كما في العناية‏.‏ وقال الديري في التكملة‏.‏ وقد يدخل في حكم الغصب ما ليس بغصب إن ساواه في حكمه كجحود الوديعة؛ لأنه لم يوجد الأخذ ولا النقل ا هـ‏.‏ إذا علمت هذا ظهر سقوط ما أورده الشلبي معزيا للخانية، وجرى عليه بعضهم من أنه إذا قتل إنسانا في مفازة وترك ماله ولم يأخذه فإنه يكون غصبا مع عدم أخذ شيء وما إذا غصب عجلا فاستهلكه حتى يبس لبن أمه يضمن قيمة العجل ونقصان الأم وإن لم يفعل في الأم شيئا لما علمت من أن وجوب الضمان لا باعتبار تحقق الغصب بل من حيث وجود التعدي، وإن لم يتحقق الغصب أبو السعود‏.‏ أقول‏:‏ التزام هذا يوجب ضمان العقار والزوائد لوجود التعدي فليتأمل وزاد بعضهم بعد قوله إزالة يد محقة أو قصرها عن ملكه كما إذا استخدم عبدا ليس في يد مالكه‏.‏ قلت‏:‏ يرد عليه أنه يشمل العقار مع أن المراد إخراجه فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله ولو حكما‏)‏ مبالغة على قوله إزالة يد فإن يد المودع يد صاحب الوديعة قبل الجحود وبعده أزيلت يد صاحبها حكما، ولو أخره بعد قوله بإثبات يد مبطلة لكان أولى فإن ذلك إثبات يد مبطلة حكما فيكون راجعا إليهما ط‏.‏ وعلى ما مر لا حاجة إلى هذا التعميم فإنه تعد لا غصب، لكن في جامع الفصولين في ضمان المودع عن فتاوى رشيد الدين لو جحدها إنما يضمن إذا نقلها من مكان كانت فيه حال الجحود وإلا فلا، فلو قلنا بوجوب الضمان في الوجهين فله وجه ا هـ‏.‏ وعلى الأول الإزالة حقيقية تأمل‏.‏ نعم نقل في الخلاصة عن المنتقى الضمان مطلقا ‏(‏قوله بإثبات يد مبطلة‏)‏ الباء بمعنى مع كما أشار إليه مسكين والنسبة بين إزالة اليد وإثباتها بالعموم والخصوص الوجهي، فيجتمعان في أخذ شيء من يد مالكه بلا رضاه وينفرد الأول في تبعيد المالك، والثاني في زوائد المغصوب أفاده أبو السعود‏.‏ وفي القهستاني‏:‏ الأصل إزالة اليد المحقة لا إثبات المبطلة ولهذا لو كان في يد إنسان درة فضرب على يده فوقعت في البحر يضمن، وإن فقد إثبات اليد ولو تلف ثمن بستان مغصوب لم يضمن، وإن وجد الإثبات لعدم إزالة اليد ا هـ‏.‏ وهذا منطبق على قول محمد كما يأتي فإنه صريح في أن الغصب هو الإزالة فقط، وهو خلاف كلام غيره من أنه لا بد من الإزالة والإثبات معا لكن قال بعده‏:‏ وذكر الزاهدي أنه على ضربين ما هو موجب للضمان فيشترط له إزالة اليد وما هو موجب للرد فيشترط له إثبات اليد ا هـ‏.‏ أي كغصب العقار فإنه موجب للرد دون الضمان عندهما قال أبو السعود وبه يحصل التوفيق في كلامهم ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله واعتبر الشافعي إثبات اليد فقط‏)‏ واعتبر محمد إزالة اليد المحقة في غصب المنقول وفي غيره يقيم الاستيلاء مقام الإزالة كما حققه في النهاية ولذا ضمن العقار وإن لم تتحقق فيه الإزالة ‏(‏قوله والثمرة إلخ‏)‏ أي ثمرة الخلاف تظهر في زوائد المغصوب ‏(‏قوله لا تضمن عندنا‏)‏ أي بالهلاك متصلة أو منفصلة لعدم إزالة اليد ما لم يمنعها الطلب فتضمن بالإجماع غاية البيان‏.‏ قلت‏:‏ وسيأتي في الفصل متنا أنها تضمن بالتعدي أيضا وشرحا لو طلب المتصلة لا يضمن ‏(‏قوله فلا يتحقق في ميتة وحر‏)‏ وكذا في كف من تراب وقطرة ماء ومنفعة، فلو منع صاحب الماشية من نفعها فهلكت لم يضمن قهستاني عن النهاية‏.‏ قال الرحمتي‏:‏ والمراد بالميتة أي حتف أنفها من غير السمك والجراد أما المنخنقة وما في حكمها فهي من الثاني وهو غير المتقوم، وأما السمك والجراد فهو مال يتحقق فيه الغصب ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله متقوم‏)‏ هو بكسر الواو حيث ورد؛ لأنه اسم فاعل، ولا يصح الفتح على أن يكون اسم مفعول، فإنه مأخوذ من تقوم وهو قاصر واسم المفعول لا يبنى إلا من متعد رحمتي عن شرح المنهاج للدميري وفسره القهستاني بمباح الانتفاع شرعا قال‏:‏ وهو احتراز عن الخمر والخنزير والمعازف عندهما ا هـ‏.‏ وكأنه لم يفسره بما له قيمة لئلا يتكرر مع قوله مال لكن يخرج عنه خمر الذمي مع أن الغصب يجري في مال الكافر لا محالة كما في العزمية وإليه أشار الشارح تبعا لابن الكمال وصدر الشريعة بقوله خمر مسلم، فالأولى تفسيره بما له قيمة شرعا وهو أخص من قوله مال فيكون فصلا فلا يتكرر ‏(‏قوله فلا يتحقق في خمر مسلم‏)‏ قال في المجتبى‏:‏ غصب من مسلم خمرا فعليه ضمان الرد وإن لم يكن عليه ضمان القيمة ا هـ‏.‏ فقوله لا يتحقق أي غصب الضمان لا غصب الرد فتأمل‏.‏ ط ‏(‏قوله في مال حربي‏)‏ كذا في النهاية والتبيين لكن مع زيادة كونه في دار الحرب شرنبلالية ‏(‏قوله قابل للنقل‏)‏ مستدرك مع إزالة اليد بفعل في العين لكن المصنف لما لم يذكر القيد في الأول احتاج إلى هذا القيد ح‏.‏ قال ط قلت‏:‏ قد يوجد الفعل في غير القابل كما إذا هدم الدار وكرى الأرض ا هـ‏.‏ يعني أن العين يشمل غير القابل فتعبير المصنف أحسن تأمل ‏(‏قوله فلا يتحقق في العقار‏)‏ خلافا لمحمد لعدم إزالة اليد كما يأتي بيانه قال القهستاني والصحيح الأول في غير الوقف، والثاني في الوقف كما في العمادي ا هـ‏.‏ وسيذكره الشارح ‏(‏قوله بغير إذن مالكه‏)‏ لا حاجة إليه مع قوله بإثبات اليد المبطلة ح ‏(‏قوله عن الوديعة‏)‏ أي ونحوها كالعارية لصدق التعريف عليهما سوى قوله بإثبات يد مبطلة وقوله بغير إذن مالكه ‏(‏قوله لكان أولى‏)‏ أي وإن أمكن أن يراد بالمالك ولو للمنفعة كما قال بعضهم أو للتصرف، وكالوقف الموصى بمنفعته وما في يد وكيل أو أمين ‏(‏قوله وفيه لابن الكمال كلام‏)‏ حاصله‏:‏ أن السرقة داخلة باعتبار أصلها في الغصب إلا أن فيها خصوصية أدخلتها في الحدود، فلا ينافي دخولها باعتبار أصلها في الغصب كالشراء من الفضولي، فإنه غصب مع أنه مذكور في بابه من البيوع باعتبار ما فيه من خصوصية بها صار من مسائل البيوع ا هـ‏.‏ وأجاب السائحاني بأنه أراد بقوله‏:‏ لا بخفية ما يقطع به فإنه لو هلك لا يضمن مع أن المغصوب شأنه أن يضمن بعد الهلاك ا هـ‏.‏ وهو حسن ‏(‏قوله فاستخدام العبد‏)‏ أي ولو مشتركا كما في القهستاني وهذا لو استعمله لنفسه فلو لغيره أي في عمل غيره لا ضمان كما يأتي آخر الغصب، وسنذكر عن البزازية هناك أن هذا أيضا إذا خدمه عقب الاستخدام وإلا لا ضمان ‏(‏قوله وتحميل الدابة‏)‏ أي ولو مشتركة وكذا ركوبها، فيضمن نصيب صاحبها، ولو ركب فنزل وتركها في مكانها لم يضمن،؛ لأن الغصب لم يتحقق بدون النقل كما في المحيط‏.‏ وينبغي أن يكون الاستخدام كذلك قهستاني‏.‏ لكن إذا تلفت بنفس الحمل والركوب يضمن وإن لم يحولها لوجود الإتلاف بفعله كما يأتي، وكذا يضمن بيع حصته من الدابة المشتركة وتسليمها للمشتري بغير إذن شريكه كما في فتاوى قارئ الهداية أبو السعود وقدمه الشارح آخر الشركة عن المحبية ‏(‏قوله لإزالة يد المالك‏)‏ أي وإثبات اليد المبطلة فيهما منح ‏(‏قوله لعدم إزالتها‏)‏ أي يد المالك؛ لأن البسط فعل المالك فتبقى يد المالك ما بقي أثر فعله، لعدم ما يزيلها بالنقل والتحويل تبيين وغيره، ومثله لو ركب الدابة ولم يزل عن مكانه معراج، فقول ح صوابه لإزالتها لا بفعل في العين ا هـ‏.‏ فيه كلام وهو مبني على ما قدمه عن ابن الكمال ‏(‏قوله وكذا لو دخل إلخ‏)‏ التشبيه في الضمان المقدر بعد قوله ما لم يهلك بفعله فإن تقديره فيضمن ‏(‏قوله وإن لم يحوله‏)‏ أي يحول ما استعمله من العبد والدابة وهو إشارة إلى ما قدمناه وقوله‏:‏ ولم يجحد أي في مسألة أخذ المتاع وهو محترز قوله وجحد، ومثله الدابة لما في البزازية قعد في ظهرها ولم يحولها لا يضمن ما لم يجحدها وقوله ما لم يهلك بفعله أو يخرجه من الدار أي في مسألة المتاع أيضا فانظر ما أحسن هذه العبارة القليلة وما تضمنته من الفوائد الجليلة

‏(‏قوله ولغير من علم الأخيران‏)‏ أي وحكمه لغير من علم أنه مال الغير الرد أو الغرم فقط دون الإثم ‏(‏قوله بالحديث‏)‏ وهو قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» معناه رفع مأثم الخطأ أتقاني ‏(‏قوله المغصوب منه مخير إلخ‏)‏ وكذا له تضمين كل بعضا كما سيأتي متنا ويستثني أيضا ما في جامع الفصولين هشم إبريق فضة لأحد ثم هشمه الآخر برئ الأول من الضمان وضمن الثاني مثلها، وكذا لو صب ماء على بر ثم صب عليه الآخر ماء وزاد في نقصانه برئ الأول وضمن الثاني قيمته يوم صب الثاني إذ لا يمكن للمالك رد البر والإبريق إلى الحالة التي فعل الأول ليضمنه المثل أو القيمة ا هـ‏.‏ تأمل‏.‏ هذا وكالغصب منه ما إذا رهنه الغاصب أو آجره أو أعاره فهلك كما في شرح الطحاوي‏.‏ وقال في حاوي القدسي‏:‏ الغاصب إذا أودع المغصوب عند إنسان فهلك فلصاحبه أن يضمن أيهما شاء فإن ضمن المودع رجع به على الغاصب وإن ضمن الغاصب لم يرجع بشيء، وإن غصب من الغاصب فهلك في يد الثاني إن ضمن الثاني لم يرجع على الأول، وإن ضمن الأول رجع على الثاني بيري وسيأتي قبيل الفصل مسائل أخر ‏(‏قوله المغصوب‏)‏ نعت للوقف ‏(‏قوله بأن غصبه‏)‏ أي الغاصب الثاني ‏(‏قوله وقيمته أكثر‏)‏ جملة حالية قيد لقوله غصبه ‏(‏قوله كذا في وقف الخانية‏)‏ أي في آخر إجارة الأوقاف منها‏.‏ ونصها‏:‏ رجل غصب أرضا موقوفة قيمتها ألف ثم غصب من الغاصب رجل آخر بعد ما ازدادت قيمة الأرض وصارت تساوي ألفي درهم، فإن المتولي يتبع الغاصب الثاني إن كان مليا على قول من يرى جعل العقار مضمونة بالغصب،؛ لأن تضمين الثاني أنفع للفقير، وإن كان الأول أملأ من الثاني يتبع الأول،؛ لأن تضمين الأول يكون أنفع للوقف وإذا اتبع القيم أحدهما برئ الآخر عن الضمان كالمالك إذا اختار تضمين الغاصب الأول أو الثاني برئ الآخر ا هـ‏.‏ وهكذا نقلها البيري، ونقلها أيضا في شرح تنوير الأذهان‏.‏ لكن قال وإن كان الأول أملأ من الثاني يتبع القيم أحدهما وباتباع أحدهما يبرأ الآخر عن الضمان إلخ قال أبو السعود في حاشية الأشباه‏:‏ فالنقل عن الخانية قد اختلف، وعبارة المصنف يستفاد من مفهومها موافقة ما ذكره البيري ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ الذي وجدته في الخانية هو ما قدمته بحروفه والمستفاد من كلام المصنف هو الثاني‏.‏ وقد يقال‏:‏ لا مخالفة ولا اختلاف في النقل فإن قول الخانية وإن كان الأول أملأ يتبع الأول ليس على سبيل اللزوم، بل له أن يتبع الثاني بدليل ما بعده فمن قال يتبع أحدهما أتى بحاصل كلام الخانية، ويقر به أنه عبر بقوله أملأ فيفيد أن الثاني مليء أيضا؛ لأن أملأ أفعل تفضيل، فلذا كان القيم بالخيار، وهذا هو المفهوم من قول المصنف مخير إلا إذا كان إلخ فإن مفهومه أنه إذا لم يكن الثاني أملأ أي بأن كان الأول أملأ يبقى على خياره فقول ح في كلام المصنف اختصار محل مدفوع فافهم ‏(‏قوله وفي غصبها‏)‏ أي غصب الخانية ونقله في النهاية عنها وعن الذخيرة قائلا إن هذا الفرع مخالف للأصل الذي ذكروه حيث أوجب نقصان الأم، وإن لم يفعل الغاصب في الأم فعلا يزيل يد المالك ا هـ‏.‏ وقدمنا الكلام عليه أول الكتاب ‏(‏قوله من هدم حائط غيره ضمن نقصانه‏)‏ في شرح النقاية للعلامة قاسم إن شاء ضمنه قيمة الحائط والنقض للضامن، وإن شاء أخذ النقض وضمنه النقصان، وليس له أن يجبره على البناء كما كان؛ لأن الحائط ليس من ذوات الأمثال وطريق تضمين النقصان أن تقوم الدار مع حيطانها وتقوم بدون هذه الحائط فيضمن فضل ما بينهما ا هـ‏.‏ ومنه يظهر ما في كلام المصنف حموي‏.‏ وقيل‏:‏ إن كان الحائط جديدا أمر بإعادته وإلا لا‏.‏ وفي البزازية‏:‏ هدم جدار غيره من التراب وأعاده مثل ما كان برئ، وإن كان من الخشب فأعاده كما كان فكذلك، وإن بناه من خشب آخر لا يبرأ؛ لأنه متفاوت، حتى لو علم أن الثاني أجود يبرأ ا هـ‏.‏ وفيها لو فيه تصاوير مصبوغة يضمن قيمة الجدار والصبغ لا التصاوير،؛ لأنها حرام ا هـ‏.‏ يعني إذا كانت لذي روح وإلا فيضمن قيمتها أيضا أبو السعود وهذا في غير الوقف بيري، وأما الوقف فيأتي قريبا ‏(‏قوله إلا في حائط المسجد‏)‏ لم يذكره قاضي خان على سبيل الاستثناء كما ذكره المصنف، ولم يظهر لي الفرق بين حائط المسجد وحائط غيره، والعلة بأنه ليس من ذوات الأمثال جارية في حائط المسجد حموي وفي شرح البيري، أما الوقف فقد قال في الذخيرة‏:‏ وإذا غصب الدار الموقوتة فهدم بناء الدار وقطع الأشجار للقيم أن يضمنه قيمة الأشجار والنخيل والبناء إذا لم يقدر الغاصب على ردها ويضمن قيمة البناء مبنيا وقيمة النخيل نابتا في الأرض،؛ لأن الغصب ورد هكذا ا هـ‏.‏

مطلب فيما لو هدم حائط

أقول‏:‏ ومقتضاه أنه إذا أمكنه رد البناء كما كان وجب ولم يفصل فيه بين المسجد وغيره من الوقف ولهذا قال البيري فيما سبق وهذا في غير الوقف‏.‏ وفي إجارات فتاوى قارئ الهداية فيمن استأجر دارا وقفا فهدمها وجعلها طاحونا أو فرنا أجاب بأنه ينظر القاضي، إن كان ما غيرها إليه أنفع وأكثر ريعا أخذ منه الأجرة وأبقى ما عمره للوقف وهو متبرع، وإلا ألزم بهدمه وإعادته إلى الصفة الأولى بعد تعزيره بما يليق بحاله ا هـ‏.‏ فظهر أن لا فرق بين المسجد وغيره من الوقف، بخلاف الملك ويحتاج إلى وجه الفرق كما مر، ولعله قولهم يفتي بما هو أنفع للوقف، ولا شك أن تعميره كما كان أنفع من الضمان تأمل‏.‏ ثم رأيت في حاشية الرملي على الفصولين عن الحاوي‏:‏ ولو ألقى نجاسة في بئر خاصة يضمن النقصان دون النزح وفي بئر العامة يؤمر بنزحها كما مر في هدم حائط المسجد؛ لأن للهادم نصيبا في العامة ويتعذر تمييز نصيب غيره عن نصيبه في إيجاب الضمان بخلاف الخاصة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وفي القنية إلخ‏)‏ ونصها‏:‏ رجل كان يتصرف في غلات امرأته ويدفع ذهبها بالمرابحة ثم ماتت فادعى ورثتها أنك كنت تتصرف في مالها بغير إذنها فعليك الضمان فقال الزوج‏:‏ بل بإذنها فالقول قول الزوج،؛ لأن الظاهر شاهد له أي والظاهر يكفي للدفع حموي‏.‏ قلت‏:‏ وسيأتي في شتى الوصايا فيما لو عمر دار زوجته أنه لو اختلفا في الإذن وعدمه فالقول لمنكره تأمل‏.‏

مطلب في رد المغصوب وفيما لو أبى المالك قبوله

‏(‏قوله ويجب رد عين المغصوب‏)‏ لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «على اليد ما أخذت حتى ترد» ولقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «لا يحل لأحدكم أن يأخذ مال أخيه لاعبا ولا جادا، وإن أخذه فليرده عليه» زيلعي، وظاهره أن رد العين هو الواجب الأصلي، وهو الصحيح كما سيذكره الشارح وسنوضحه ‏(‏قوله ما لم يتغير تغيرا فاحشا‏)‏ سيأتي تفسيره بأنه ما فوت بعض العين وبعض نفعه، وإنه حينئذ يتسلم الغاصب العين ويدفع قيمتها، أو يدفعها ويضمن نقصانها والخيار في ذلك للمالك رحمتي ‏(‏قوله لتفاوت القيم إلخ‏)‏ فلو غصب دراهم أو دنانير فطالبه المالك في بلدة أخرى عليه تسليمها، وليس للمالك طلب القيمة وإن اختلف السعر، ولو غصب عينا فلو القيمة في هذا المكان مثلها في مكان الغصب أو أكثر فللمالك أخذ المغصوب لا القيمة، ولو القيمة أقل أخذ القيمة على سعر مكان الغصب أو انتظر حتى يأخذه في بلده، ولو وجده في بلد الغصب وانتقص السعر يأخذ العين لا القيمة يوم الغصب، وإن كان هلك وهو مثلي وسعر المكانين واحد يبرأ برد المثل، ولو سعر هذا المكان الذي التقيا فيه أقل أخذ المالك القيمة في مكان الغصب وقت الغصب أو انتظر، ولو القيمة في هذا المكان أكثر أعطاه الغاصب مثله في مكان الخصومة أو قيمته حيث غصب ما لم يرض المالك بالتأخير، ولو القيمة في المكانين سواء للمالك أن يطالبه بالمثل منح عن الخانية ملخصا ‏(‏قوله ويبرأ بردها‏)‏ أي رد العين المغصوبة إلى المغصوب منه أي العاقل لما في البزازية غصب من صبي ورده إليه إن كان من أهل الحفظ يصح الرد وإلا لا ا هـ‏.‏ وشمل الرد حكما لما في جامع الفصولين‏:‏ وضع المغصوب بين يدي مالكه برئ، وإن لم يوجد حقيقة القبض وكذا المودع، بخلاف ما لو أتلف غصبا أو وديعة فجاء بالقيمة لا يبرأ ما لم يوجد حقيقة القبض، وفيه أتى بقيمة المتلف فلم يقبلها المالك قال أبو نصر‏:‏ يرفع الأمر إلى القاضي حتى يأمره بالقبول فيبرأ، وفيه جاء بما غصبه فلم يقبله مالكه فحمله الغاصب إلى بيته برئ ولم يضمن، ولو وضعه بين يديه فلم يقبله فحمله إلى بيته ضمن، وهو الأصح؛ لأنه يتم الرد في الثانية بوضعه، وإن لم يقبله فإذا حمله بعده إلى بيته غصب ثانيا أما إذا لم يضعه بين يديه لم يتم الرد ا هـ‏.‏ والمراد بوضعه وضعه بحيث تناله يده كما في البزازية، وفيها أما إذا كان في يده ولم يضعه عند المالك فقال للمالك‏:‏ أخذه فلم يقبله صار أمانة في يده ‏(‏قوله غصب دراهم إنسان من كيسه‏)‏ أي أخذ جميع ما فيه لما في الثالث من البزازية أيضا، ولو في كيسه ألف أخذ رجل نصفها ثم رد النصف إلى الكيس بعد أيام يضمن النصف المأخوذ المردود لا غير وقيل يبرأ بردها إلى الكيس ا هـ‏.‏ تأمل‏.‏ وفيها ركب دابة غيره وتركها مكانها يضمن على قول الثاني، والصحيح أنه لا يضمن عند الإمام حتى يحولها من موضعها وإذا لبس ثوب غيره ثم نزعه ووضعه في مكانه فهو على الخلاف وهذا في لبسه على العادة، فإن كان قميصا فوضعه على عاتقه ثم أعاده إلى مكانه لا يضمن اتفاقا؛ لأنه حفظ لا استعمال ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله خلافا للشافعي‏)‏ أي في مسألة الأكل قال في جامع الفصولين‏:‏ وأجمعوا أنه لو كان برا فطحنه وخبزه وأطعمه مالكه أو تمرا فنبذه وسقاه إياه أو كرباسا فقطعه وخاطه وأكساه إياه لم يبرأ إذ ملكه زال بما فعل ‏(‏قوله وهو مثلي‏)‏ سنذكر بيان المثلي في آخر سوادة الشارح الآتية ‏(‏قوله ابن كمال‏)‏ ومثله في التبيين عن النهاية معزيا إلى البلخي ‏(‏قوله يوم الخصومة‏)‏ أي المعتبرة وهي ما تكون عند القاضي ولذا قال‏:‏ أي وقت القضاء ‏(‏قوله ورجحا‏)‏ أي قول أبي يوسف وقول محمد وكان الأولى أن يقول أيضا أي كما رجح قول الإمام ضمنا لمشي المتون عليه وصريحا‏.‏ قال القهستاني‏:‏ وهو الأصح كما في الخزانة وهو الصحيح كما في التحفة، وعند أبي يوسف يوم الغصب، وهو أعدل الأقوال كما قال المصنف وهو المختار على ما قال صاحب النهاية، وعند محمد يوم الانقطاع وعليه الفتوى كما في ذخيرة الفتاوى، وبه أفتى كثير من المشايخ ‏(‏قوله يوم غصبه إجماعا‏)‏ هذا في الهلاك كما هو فرض المسألة‏.‏ قال القهستاني‏:‏ أما إذا استهلكت فكذلك عنده وعندهما يوم الاستهلاك ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين‏:‏ غصب شاة فسمنت، ثم ذبحها ضمن قيمتها يوم غصب لا يوم ذبحه عنده وعندهما يوم ذبحه، ولو تلف بلا إهلاكه ضمن قيمتها يوم غصب ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وشيرج إلخ‏)‏ أفاد أنه لا فرق بين ما تعسر تمييزه أو تعذر ‏(‏قوله كدهن نجس‏)‏ فإنه قيمي ولعله أراد المتنجس كما عبر به فيما يأتي قريبا؛ لأنه المتقوم‏.‏ قال الشارح في باب البيع الفاسد‏:‏ ونجيز بيع الدهن المتنجس والانتفاع به في غير الأكل بخلاف الودك ا هـ‏.‏ أي؛ لأنه جزء الميتة‏:‏ نعم قدم في باب الأنجاس جواز الاستصباح بالودك في غير مسجد لكن لا يلزم منه تقومه، نعم قدمنا قبيل الشهادات عند قوله صب دهنا لإنسان وقال كانت نجسة عن الشيخ شرف الدين أنه يضمن القيمة لا المثل‏.‏ بقي ما لو كان طاهرا فنجسه ففي حاشية الأشباه عن البزازية نظر إلى دهن غيره وهو مائع حين أراد الشراء فوقع من أنفه دم وتنجس، إن بإذنه لا يضمن، وإلا فإن الدهن مأكولا ضمن مثل ذلك القدر والوزن وإن غير مأكول يضمن النقصان تأمل ‏(‏قوله كقمقم وقدر‏)‏ وكذا القلب بالضم وهو السوار المفتول من طاقين، لكن قال في الخلاصة‏:‏ إذا غصب قلب فضة إن شاء المالك أخذه مكسورا وإن شاء تركه وأخذ قيمته من الذهب، وإن كان القلب من الذهب يضمن من الدراهم قال في العناية‏:‏ إذ لو أوجبنا مثل القيمة من جنسه أدى إلى الربا أو مثل وزنه أبطلنا حق المالك في الجودة والصنعة ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله ورب وقطر‏)‏ في القاموس‏:‏ الرب بالضم سلافة خثارة كل ثمرة بعد اعتصارها والقطر ما قطر الواحدة قطرة وبالكسر النحاس الذائب وبالضم الناحية ا هـ‏.‏ وهو في عرف مصر والشام السكر المذاب على النار ‏(‏قوله يتفاوت بالصنعة‏)‏ قال في حاوي الزاهدي‏:‏ أتلف دبسه فعليه قيمته؛ لأن كل ما كان من صنيع العباد لا يمكنهم مراعاة المماثلة لتفاوتهم في الحذاقة، ولو جعل الدابس أجرة في الإجارات لا يجوز ثم رمز أنه يجوز استقراضه وقال فعليه هو مثلي قوله والجبن قيمي‏)‏؛ لأنه يتفاوت تفاوتا فاحشا جامع الفصولين وهو بالضم وبضمتين وكعتل قاموس ‏(‏قوله ولو نيئا‏)‏ هذا هو الصحيح والمطبوخ بالإجماع فصولين ‏(‏قوله والآجر‏)‏ بالمد وفيه روايتان عن الإمام هندية ‏(‏قوله وفيما يجلب التيسير‏)‏ عطف على هنا ح‏.‏

مطلب الصابون مثلي أو قيمي

‏(‏قوله وكذا الصابون‏)‏ نقل في الإسماعيلية من السلم عن الصيرفية قولين قال ولم نر ترجيحا لأحدهما إلا أن في كلام الصيرفية ما يؤذن بترجيح صحة السلم فيه، ثم قال فتلخص من كلامهم أنه يتسامح في السلم ما لا يتسامح في ضمان العدوان ا هـ‏.‏ وأفتى في الإسماعيلية من الغصب في موضع بأنه قيمي، وفي آخر بأنه مثلي‏.‏ وأقول‏:‏ المشاهد الآن تفاوته في الصنعة والرطوبة والجفاف وجودة الزيت المطبوخ منه وغير ذلك، ولذا قال في الفصولين حتى لو كانا سواء بأن اتخذا أعني الصابونين من دهن واحد يضمن مثله ا هـ‏.‏ فعلى هذا ينبغي أن يقال إن أمكنت المماثلة كأن أتلف مقدارا معلوما وعنده من طبخته المسماة في عرفنا فسخة يضمن مثله منها وإلا فقيمته ‏(‏قوله والورق‏)‏ أي ورق الأشجار أما الكاغد فمثلي كما في الهندية ط‏.‏ قلت‏:‏ وكذا في الفصولين، ومقتضى ما قدمناه عن الحاوي أنه قيمي والمشاهد تفاوته تأمل ‏(‏قوله والعصفر‏)‏ كذا قال في الفصولين وذكر قبله عن كتاب آخر أنه مثلي؛ لأنه يباع وزنا وما يباع وزنا يكون مثليا ‏(‏قوله والصرم‏)‏ بالفتح الجلد معرب وبالكسر الضرب والجماعة أفاده صاحب القاموس ولعله أراد الإهاب قبل دبغه وبالجلد ما دبغ ط ‏(‏قوله والدهن المتنجس‏)‏ مكرر بما مر على ما قدمناه ‏(‏قوله وكذا الحفنة‏)‏ يعني ما دون نصف سماع كما عبر به القهستاني، وفي جامع الفصولين الخبز قيمي في ظاهر الروايات والماء قيمي عندهما وعند محمد أنه مكيل والصحيح أن النحاس والصفر مثليان وثمار النخل كلها جنس واحد لا يجوز فيها التفاضل للحديث، وأما بقية الثمار فكل نوع من الشجر جنس يخالف ثمرة النوع الآخر والخل والعصير والدقيق والنخالة والجص والنورة والقطن والصوف وغزله والتبن بجميع أنواعه مثلي ا هـ‏.‏ وفي الحاوي في كون الغزل مثليا روايتان، ومن أراد الزيادة فعليه بالفتاوى الحامدية ‏(‏قوله وكل مكيل‏)‏ مبتدأ خبره مضمون ‏(‏قوله كسفينة موقورة‏)‏ المقصود من التمثيل المكيل والموزون المطروحان ط والوقر بالكسر الحمل الثقيل أو أعم ويقال دابة موقرة كما في القاموس تأمل ‏(‏قوله يضمن قيمتها ساعته‏)‏ أي ساعة الإلقاء أي قيمته مشرفا على الهلاك، فإن له قيمة وإن قلت لاحتمال النجاة، وأفاد أن المثلي يخرج عن المثلية لمعنى خارج، ثم هذا إذا ألقي بلا إذن واتفاق وإلا ففيه تفصيل سنذكره إن شاء الله تعالى آخر كتاب القسمة ‏(‏قوله وفي الصيرفية إلخ‏)‏ مثله في التتارخانية عن القدوري قال وكذا لو صب ماء في دهن أو زيت ‏(‏قوله هذا إذا لم ينقلها‏)‏ أي قبل الصب والإشارة إلى ضمان القيمة‏.‏ قال في التتارخانية‏:‏ ؛ لأنه لم يكن فيه غصب متقدم ‏(‏قوله فلو نقلها لمكان إلخ‏)‏ الظاهر أن المراد مجرد تحويلها عن مكانها ‏(‏قوله بخلاف ما لو صب إلخ‏)‏؛ لأن الغصب حصل بالإتلاف وليس سابقا عليه كما مر، وهو حين الإتلاف لم يبق مثليا فيضمن قيمته سابقا عليه تأمل ‏(‏قوله وسيجيء إلخ‏)‏ أي في وسطه الفصل الآتي ‏(‏قوله والحاصل إلخ‏)‏ قال في المنح عن الوقاية‏:‏ ويجب المثل في المثلي كالمكيل والموزون والعددي المتقارب‏.‏

قال صدر الشريعة‏:‏ اعلم أنه جعل هذه الأقسام الثلاثة مثليا مع أن كثيرا من الموزونات ليس بمثلي بل من ذوات القيم كالقمقمة والقدر ونحوهما‏.‏ فأقول‏:‏ ليس المراد بالوزني مثلا ما يوزن عند البيع بل ما يكون مقابلته بالثمن مبنيا على الكيل أو الوزن أو العدد ولا يختلف بالصنعة، فإنه إذا قيل هذا الشيء بدرهم إنما يقال إذا لم يكن فيه تفاوت، وحينئذ يكون مثليا، وإنما قلنا لا يختلف بالصنعة حتى لو اختلف كالقمقمة والقدر لا يكون مثليا، ثم ما لا يختلف بالصنعة إما غير مصنوع، وإما مصنوع لا يختلف كالدراهم والدنانير والفلوس وكل ذلك مثلي‏.‏ وإذا عرفت هذا عرفت حكم المذروعات وكلما يقال يباع من هذا الثوب ذراع بكذا فهذا إنما يقال فيما لا يكون فيه تفاوت‏.‏ وقد فصل الفقهاء المثليات وذوات القيم ولا احتياج إلى ذلك، فما يوجد له المثل في الأسواق بلا تفاوت يعتد به فهو مثلي وما ليس كذلك فمن ذوات القيم وما ذكر من الكيلي وأخواته فمبني على هذا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بلا تفاوت يعتد به‏)‏ الظاهر أنه ما لا يختلف بسببه الثمن تأمل ‏(‏قوله مرتبطة إلخ‏)‏ أي هذه العبارة وارتباطها من جهة التفريع على ما مر من وجوب رد العين في المثلي والقيمي ‏(‏قوله؛ لأنه الموجب الأصلي‏)‏؛ لأنه أعدل وأكمل في رد الصورة والمعنى، ولذا يطالب به قبل الهلاك، ولو أتى بالقيمة أو المثل لا يعتد به ولذا يبرأ برد العين بلا علم المالك بأن سلمه بجهة أخرى بهبة أو إطعام أو شراء أو إيداع، وقيل هو المثل أو القيمة ورد العين مخلص ولذا صح إبراؤه عن الضمان مع قيام العين، فلا يضمن بالهلاك‏.‏ وتصح الكفالة بالمغصوب ولا يصح الإبراء عن العين ولا الكفالة بها وتمامه تحقيقه في التبيين‏.‏ وأفاد القهستاني ضعف الأول وأن الجمهور ذهبوا إلى الثاني وعزاه إلى رهن الهداية والكافي ‏(‏قوله ورد المثلي‏)‏ الأصوب المثل بلا ياء ‏(‏قوله حبس حتى يعلم‏)‏ يعني القاضي لا يعجل بالقضاء، وليس لمدة التلوم مقدار بل ذلك موكول إلى رأي القاضي وهذا التلوم إذا لم يرض المغصوب منه بالقضاء بالقيمة له، وأما إذا رضي بذلك أو تلوم القاضي فإن اتفقا على قيمتها على شيء أو أقام المغصوب منه البينة على ما يدعي من قيمتها قضى بذلك شرنبلالية ‏(‏قوله وقيمة‏)‏ الواو بمعنى أو

‏(‏قوله وعكسه‏)‏ فعل ماض أو مصدر بالنصب عطفا على الهلاك والمراد عكس قوله عند صاحبه، وأما عكس قوله بعد الرد فهو صحيح ولكن لا يكون له مفهوم إلا إن كان الهلاك بهلاك البعض أو بالنقصان أي هلاك الوصف فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله أولى‏)‏ أي عند محمد؛ لأنه يثبت الرد وهو عارض والبينة لمن يدعي العوارض زيلعي ‏(‏قوله خلافا للثاني‏)‏ فعنده بينة المالك أولى؛ لأنها تثبت وجوب الضمان والآخر ينكر والبينة للإثبات زيلعي‏:‏ وظاهره اعتماد قول محمد وهو خلاف ما قدمه في القضاء ط ‏(‏قوله وسيجيء‏)‏ أي أول الفصل وسيجيء أيضا أن القول للغاصب بيمينه إن لم يبرهن المالك، وما لو قال‏:‏ لا أعرف قيمته لكن علمت أنها أقل مما يقوله المالك، ويأتي بيان ذلك ‏(‏قوله ولو في نفس المغصوب‏)‏ بأن قال الغاصب لثوب هذا هو الذي غصبته وقال المالك بل هو هذا ‏(‏قوله فالقول للغاصب‏)‏؛ لأن القول للقابض في تعيين ما قبض أمينا كان أو ضمينا

‏(‏قوله لم يضمن‏)‏ أي عندهما لما قدمناه من عدم إمكان إزالة اليد المحقة عنه ‏(‏قوله خلافا لمحمد‏)‏ فإنه كما قدمناه عن النهاية، وإن كان الغصب عنده بإزالة اليد المحقة لكنه في غير المنقول يقيم الاستيلاء مقام الإزالة ‏(‏قوله وبه يفتى في الوقف‏)‏ أي بأن هلك لا بفعل الغاصب كسكناه مثلا بل بآفة سماوية، فالمراد ضمان ذاته لا منافعه بقرينة ما يأتي عن ظهير الدين، ولأن الكلام فيه لا في المنافع‏.‏ وسيأتي في الفصل متنا أن منافع الغصب غير مضمونة إلا أن يكون وقفا أو مال يتيم أو معدا للاستغلال فصرح بضمان منافع الثلاثة، وهنا صرح بضمان ذات الوقف وهل مثله مال اليتيم والمستغل‏؟‏ لم أره صريحا فليراجع ثم رأيت في حاشية الأشباه قال الكمال الفتوى على ضمان العقار في ثلاثة أشياء إلخ ‏(‏قوله الموقوفة‏)‏ نعت للعقار والدور جميعا ح‏.‏

مطلب شرى دارا وسكنها فظهرت لوقف أو يتيم وجب الأجر وهو المعتمد

‏(‏قوله لزمه أجر المثل‏)‏ خلافا لما صححه في العمدة، ومشى عليه في القنية وإن أفتى به في الإسماعيلية فإنه ضعيف كما في وقف البحر‏.‏ وفي القنية من موضع آخر‏:‏ ادعى القيم منزلا وقفا في يد رجل فجحد، فأقام البينة عليه وحكم بالوقفية لا يجب عليه أجر ما مضى، وأما إذا أقر أو كان متعنتا في الإنكار وجبت الأجرة ا هـ‏.‏ وفي الاختيار‏:‏ باع المتولي منزل الوقف فسكنه المشتري فعلى المشتري أجر المثل ا هـ‏.‏ قال الحموي‏:‏ وهو مبني على تصحيح المحيط، وهو الذي ينبغي اعتماده وقال الشيخ شرف الدين، وهو المختار كما في التنجيس والمزيد‏.‏ قلت‏:‏ وهو ما اعتمده في وقف البحر ومشى عليه الشارح هناك في موضعين وهنا وأفتى به في الخيرية وغيرها فليحفظ ‏(‏قوله في الرد‏)‏ أي في وجوب رده على مالكه، فلو لم يتحقق الغصب عندهما أيضا فيما عدا الضمان لما تحقق وجوب الرد ‏(‏قوله فكذا في استحقاق الأجرة‏)‏ استشكله محشو هذا الكتاب بأن منافع الغصب إذا استوفاها الغاصب لا تضمن إلا في الثلاثة المستثناة كما سيذكره في الفصل‏.‏ وأقول‏:‏ كأنهم ظنوا وجوب الأجر عليه بسكناه وليس كذلك بل المراد أنه لو أجره الغاصب فالأجر المسمى يستحقه العاقد، وإن كان لا يطيب له بل يتصدق به أو يرده على المالك كما سنذكره قريبا، وكيف يصح حمله على ما ظنوا مع مناقضته لصدر العبارة فإن وجوب الأجر عليه ضمان، ووجه تحقق الغصب فيه أنه لو لم يتحقق لكان المستحق للأجرة المالك لا الغاصب فافهم ‏(‏قوله قيل إلخ‏)‏ هذه عبارة متن الدرر وتعبيره بقيل ربما يشعر بالضعف، وليس في كلام الفصول، ثم قوله الأصح إلخ يفيد الاختلاف فيه، وقول جامع الفصولين‏:‏ يضمن بالبيع والتسليم بالاتفاق والعقار يضمن بالإنكار عند أبي حنيفة رحمه الله حتى لو أودع رجلا وجحد الوديعة هل يضمن فيه روايتان أيضا عنه، والأصح أنه يضمن بالبيع والتسليم بالجحود أيضا ا هـ‏.‏ يفيد أوله أنه لا خلاف فيه وآخره أن فيه خلافا شرنبلالية‏.‏ أقول‏:‏ تعبيره بقيل مناسب؛ لأن المتون والفتوى على قول الإمام من أن الغصب لا يتحقق في العقار، وذكر هذه المسائل كالاستثناء من قوله لم يضمن، وقول جامع الفصولين والأصح إلخ أي على قول الإمام وأبي يوسف، فيكون موافقا لقول محمد فلا ينافي قوله قبله بالاتفاق‏:‏ أي بين أئمتنا الثلاث فتدبر‏.‏ نعم صحح في الهداية أن مسألة البيع والتسليم على الخلاف في الغصب‏.‏ قال الأتقاني احترازا عن قول بعضهم إنها بالاتفاق، وفي التبيين ومسألة الوديعة على الخلاف في الأصح، ولئن سلم أي أنها على الاتفاق فالضمان فيها بترك الحفظ الملتزم بالجحود والشهود إنما يضمنون العقار بالرجوع،؛ لأنه ضمان إتلاف لا ضمان غصب ا هـ‏.‏ وظاهره تسليم أن مسألة الشهود على الوفاق تأمل ‏(‏قوله بالبيع والتسليم‏)‏ يعني إذا باعه الغاصب وسلمه؛ لأنه استهلاك خانية ‏(‏قوله في العقار الوديعة‏)‏ الذي في أغلب النسخ الوديعة بالعطف ولا محل له؛ لأن المراد جحود العقار إذا كان وديعة ‏(‏قوله وبالرجوع عن الشهادة‏)‏ بأن شهدا على رجل بالدار ثم رجعا بعد القضاء ضمنا درر ‏(‏قوله وعد هذه الثلاثة‏)‏ الضمان فيها من حيث كونه إتلافا لا من حيث كونه غصبا كما أفاده تعليلهم ط وزاد في الدر المنتقى الوقف ومال اليتيم والمعد للاستغلال قال فهي ستة ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله ضمن النقصان بالإجماع‏)‏؛ لأنه إتلاف وقد يضمن بالإتلاف ما لا يضمن بالغصب أصله الحر أتقاني‏.‏ واختلفوا في تفسير النقصان قال نصير بن يحيى‏:‏ إنه ينظر بكم تستأجر هذه الأرض قبل الاستعمال وبعده، فيضمن ما تفاوت بينهما من النقصان، وقال محمد بن سلمة‏:‏ يعتبر ذلك بالشراء يعني أنه ينظر بكم تباع قبل الاستعمال وبكم تباع بعده فنقصانها ما تفاوت من ذلك فيضمنه وهو الأقيس‏.‏ قال الحلواني‏:‏ وهو الأقرب إلى الصواب وبه يفتى كما في الكبرى؛ لأن العبرة لقيمة العين لا المنفعة ثم يأخذ الغاصب رأس ماله وهو البذر وما غرم من النقصان، وما أنفق على الزرع ويتصدق بالفضل عند الإمام ومحمد فلو غصب أرضا فزرعها كرين فأخرجت ثمانية، ولحقه من المؤنة قدر كر ونقصها قدر كر فإنه يأخذ أربعة أكرار ويتصدق بالباقي، وقال أبو يوسف‏:‏ لا يتصدق بشيء وبيانه في التبيين قال في الدر المنتقى‏:‏ وأفاد أنه لا يصرفه لحاجته إلا إذا كان فقيرا كالغني لو تصرف تصدق بمثله ولو أدى لمالكه حل له التناول لزوال الخبث ولا يصير حلالا بتكرار العقود وتداول الألسنة ذكره القهستاني ‏(‏قوله فيعطي ما زاد البذر‏)‏ التفريع غير ظاهر‏.‏ قال في المنح عن المجتبى‏:‏ زرع أرض غيره ونبت، فللمالك أن يأمره بقلعه فإن أبى يقلعه بنفسه، وقبل النبات ترك الأرض حتى تنبت، فيأمره بقلعه أو أعطاه ما زاد البذر، فتقوم مبذورة ببذر غيره له حق القلع، وتقوم غير مبذورة فيعطي فضل ما بينهما وعن أبي يوسف أنه يعطيه مثل بذره والأول أصح ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وتمامه في المجتبى‏)‏ حيث قال بعد ما مر ولو زرعها أحد الشريكين بغير إذن صاحبه فدفع إليه صاحبه نصف البذر، ليكون الزرع بينهما قبل النبات لم يجز وبعده يجوز وإن أراد قلع الزرع من نصيبه يقاسمه الأرض فيقلعه من نصيبه ويضمن الزارع نقصان الأرض بالقلع‏.‏ قال أستاذنا الصواب نقصان الزرع كما ذكره القدوري في شرحه ا هـ‏.‏ قال الشيخ خير الدين‏:‏ الظاهر أن الصواب الأول كما هو المروي لنقصها بقلع الزرع منها قبل إدراكه لضعفها عن الغلة الكاملة في عامها ذلك كما هو مشاهد وأما الثاني فليس له وجه ‏(‏قوله بفعله‏)‏ عبارة الهداية بفعله أو بفعل غيره قال الأتقاني‏:‏؛ لأنه مضمون عليه بمجرد الغصب، فلم يتفاوت هلاكه بفعله أو بغير فعله، ولذا وجب عليه قيمته يوم الغصب ا هـ‏.‏ وقوله‏:‏ أو بغير فعله أعم من قول الهداية أو بفعل غيره لشموله نحو العور والشلل والصمم فإنه يضمن به أيضا كما صرح به في مسكين ‏(‏قوله ضمن هو لا الغاصب‏)‏ كذا في جامع الفصولين، وهو مناسب لتقييده أولا بفعله لكن علمت ما فيه، وقال السائحاني‏:‏ الذي في المقدسي إن كان النقص بفعل الغير خير المالك بين تضمين الغاصب، ويرجع على الجاني أو يضمن الجاني، ولا يرجع على أحد ا هـ‏.‏ ونقله ط عن الهندية‏.‏ وفي الجوهرة فإن كان بفعل غيره رجع عليه بما ضمن،؛ لأنه قرر عليه ضمانا كان يمكنه أن يتخلص منه برد العين ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ويمكن الجواب بأنه لما كان مدار الضمان على الجاني قال ضمن هو لا الغاصب فلا ينافي ما مر فتدبر‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

النقصان أنواع أربعة‏:‏ بتراجع السعر، وبفوات أجزاء العين، وبفوات وصف مرغوب فيه كالسمع والبصر واليد والأذن في العبد والصياغة في الذهب واليبس في الحنطة وبفوات معنى مرغوب فيه‏.‏ فالأول‏:‏ لا يوجب الضمان في جميع الأحوال إذا رد العين في مكان الغصب‏.‏ والثاني‏:‏ يوجب الضمان في جميع الأحوال‏.‏ والثالث‏:‏ يوجب الضمان في غير مال الربا نحو أن يغصب حنطة فعفنت عنده أو إناء فضة فهشم في يده فصاحبه بالخيار إن شاء أخذ ذلك نفسه ولا شيء له غيره، وإن شاء تركه وضمنه مثله تفاديا عن الربا‏.‏ والرابع‏:‏ هو فوات المعنى المرغوب فيه في العين كالعبد المحترف إذا نسي الحرفة في يد الغاصب، أو كان شابا فشاخ في يده يوجب الضمان أيضا هذا إذا كان النقصان قليلا أما إذا كان كثيرا فيخير المالك بين أخذه وتركه مع أخذ جميع قيمته وستعرف الحد الفاصل بينهما من مسألة الخرق اليسير والفاحش مسكين ‏(‏قوله في هذه الإجارة‏)‏ الذي في المنح في مدة الإجارة وهي أحسن ‏(‏قوله من نسخ الشرح‏)‏ أي من المتن الممزوج فيه ‏(‏قوله لدخوله إلخ‏)‏ إنما يظهر دخوله على ما في نسخ المنح من قوله وإن استغله ضمن ما نقص وتصدق بالغلة والشارح ذكر ضمان النقصان شرحا لا متنا على ما وجدناه من النسخ ‏(‏قوله ضمن النقصان‏)‏ أي من حيث فوات الجزء لا من حيث السعر ومراده غير الربوي إذ فيه لا يمكن ذلك مع استرداد الأصل؛ لأنه يؤدي إلى الربا جوهرة ‏(‏قوله وتصدق إلخ‏)‏ أصله أن الغلة للغاصب عندنا؛ لأن المنافع لا تتقوم إلا بالعقد والعاقد هو الغاصب فهو الذي جعل منافع العبد مالا بعقده، فكان هو أولى ببدلها، ويؤمر أن يتصدق بها لاستفادتها ببدل خبيث وهو التصرف في مال الغير درر ‏(‏قوله بما بقي‏)‏ أخرج به عبارة المتن كالكنز عن ظاهرها لما قال الزيلعي كان ينبغي أن يتصدق بما زاد على ما ضمن عندهما لا بالغلة كلها ا هـ‏.‏ وهو وإن كان ذكره بحثا لكن جزم به في متن الملتقى، فالظاهر أنه منقول والملتقى من المتون المعتبرة‏.‏ هذا وقال الزيلعي‏:‏ ولو هلك في يده بعد ما استغله له أن يستعين بالغلة في أداء الضمان،؛ لأن الخبث كان لأجل المالك فلا يظهر في حقه، بخلاف ما لو باعه الغاصب فهلك وضمن المالك المشتري قيمته فرجع على الغاصب بالثمن لا يستعين بها في أداء الثمن؛ لأن المشتري ليس بمالك إلا إذا كان الغاصب فقيرا ا هـ‏.‏ ملخصا فتلخص أنه لا فرق بين النقصان والهلاك في أنه يستعين ويتصدق بما بقي ‏(‏قوله لكن نقل المصنف إلخ‏)‏ استدراك على إطلاق قوله‏:‏ وتصدق بما بقي أي فإنه مقيد بالفقير لما في البزازية الغاصب إذا أجر المغصوب فالأجر له، فإن تلف المغصوب من هذا العمل أو تلف لا منه وضمنه الغاصب له الاستعانة بالأجر في أداء الضمان وتصدق بالباقي إذا كان فقيرا فإذا كان غنيا ليس له أن يستعين بالغلة في أداء الضمان في الصحيح ا هـ‏.‏ وهذه مساوية لعبارة الزيلعي وكلامنا في النقصان وهذه في الهلاك، والظاهر عدم الفرق فيصح الاستدراك فافهم ‏(‏قوله الوديعة‏)‏ أي بغير إذن المالك ‏(‏قوله إذا كان متعينا بالإشارة‏)‏ وذلك كالعروض فلا يحل له الربح أي ولو بعد ضمان القيمة قال الزيلعي‏:‏ فإن كان مما يتعين لا يحل له التناول منه قبل ضمان القيمة وبعده يحل إلا فيما زاد على قدر القيمة، وهو الربح فإنه لا يطيب له ويتصدق به وفي القهستاني، وله أن يؤديه إلى المالك، ويحل له التناول لزوال الخبث ‏(‏قوله أو بالشراء‏)‏ لا محل للعطف هنا ولذا قال ط الأخصر الأوضح أن يقول‏:‏ أو غير متعين ونقده ‏(‏قوله يعني يتصدق بربح‏)‏ تفسير للتشبيه في قوله كما لو تصرف وبيان لما بعده بعبارة أوضح ‏(‏قوله فعلى أربعة أوجه‏)‏ زاد في التتارخانية عن المحيط خامسا، وهو ما إذا دفعها إلى البائع ثم اشترى وحكمه كالأول ‏(‏قوله فكذلك يتصدق‏)‏؛ لأن الإشارة إليه لا تفيد التعيين، فيستوي وجودها وعدمها إلا إذا تأكد بالنقد منها زيلعي ‏(‏قوله أو أطلق‏)‏ بأن قال اشتريت بألف درهم ونقد من دراهم الغصب أو الوديعة عزمية، وفي التتارخانية عن الذخيرة أنه إذا أطلق ولم يشر، فإن نوى النقد منها فلا يخلو إن حقق نيته فنقد منها، فالأصح أنه لا يطيب، وإن لم يحقق نيته بطيب،؛ لأن مجرد العزم لا أثر له، وإن لم ينو ثم نقد منه طاب قال الحلواني‏:‏ إنما يطيب إذا نوى أن لا ينقد منها ثم بدا له فنقد أما إذا نوى النقد منها مع علمه أنه ينقد لا يطيب ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وفي البزازية وقول الكرخي عليه الفتوى ولا تعتبر النية في الفتوى ثم حمل ما مر على حكم الديانة ‏(‏قوله قيل وبه يفتى‏)‏ قاله في الذخيرة وغيرها كما في القهستاني، ومشى عليه في الغرر ومختصر الوقاية والإصلاح، ونقله في اليعقوبية عن المحيط، ومع هذا لم يرتضه الشارح فأتى بقيل لما في الهداية‏.‏ قال مشايخنا لا يطيب قبل أن يضمن وكذا بعد الضمان بكل حال وهو المختار لإطلاق الجواب في الجامعين والمضاربة‏:‏ أي كتاب المضاربة من المبسوط واني على الدرر‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ ووجهه أن بالنقد منه استفاد سلامة المشرى، وبالإشارة استفاد جواز العقد، لتعلق العقد به في حق القدر والوصف، فيثبت فيه شبهة الحرمة لملكه بسبب خبيث ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي في الأوجه الأربعة ‏(‏قوله واختار بعضهم إلخ‏)‏ هذا من كلام الزيلعي المعزو آخر العبارة وأتى به، وإن علم مما مر لإشعار هذا التعبير بعدم اعتماده نفيه تأييد لتعبيره بقيل مخالفا لما جزم به المصنف، ولكن لا يخفى أنهما قولان مصححان ‏(‏قوله كما لو اختلف الجنس‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ وهذا الاختلاف بينهم فيما إذا صار بالتقلب من جنس ما ضمن بأن ضمن دراهم مثلا وصار في يده من بدل المضمون دراهم‏:‏ ولو طعام أو عروض لا يجب عليه التصدق بالإجماع؛ لأن الربح إنما يتبين عند اتحاد الجنس، وما لم يصر بالتقلب من جنس ما ضمن لا يظهر الربح ا هـ‏.‏ ثم هل الدراهم والدنانير هنا جنس واحد نظرا للثمنية أو جنسان يراجع رحمتي‏.‏ أقول‏:‏ رأيت في الطوري عن المحيط ولو اشترى بالدراهم المغصوبة طعاما حل التناول، ولو اشترى بها دنانير لم يجز له أن يتصرف فيها، فوجب عليه ردها؛ لأن البيع في الطعام لا ينتقض باستحقاق الدراهم؛ لأنه يجب عليه رد مثلها لا عينها ا هـ‏.‏ فأفاد أنهما جنس واحد حيث أوجب ردها مع أن المغصوب دراهم، وهذه مما يزاد على قول العمادية الدنانير تجري مجرى الدراهم في سبعة كما مر في باب البيع الفاسد‏.‏ وفي الطوري أيضا‏:‏ ولو اشترى بالثوب المغصوب جارية يحرم عليه وطؤها حتى يدفع قيمة الثوب إلى صاحبه، ولو اشتراها بالدراهم يحل وطؤها لفساده باستحقاق الثوب لتعلق البيع بعينه دون الدراهم، ولو تزوج بالثوب امرأة له وطؤها؛ لأن النكاح لا ينتقض باستحقاق المهر ا هـ‏.‏ وفي الملتقى وشرحه‏:‏ ولو اشترى بألف الغصب أو الوديعة جارية تعدل ألفين، فوهبها أو طعاما فأكله، أو تزوج بأحدهما امرأة أو سرية أو ثوبا حل الانتفاع، ولا يتصدق بشيء اتفاقا؛ لأن الحرمة عند اتحاد الجنس ا هـ‏.‏ ونحوه في القهستاني ونقل ط عن الحموي عن صدر الإسلام‏:‏ أن الصحيح لا يحل له الأكل ولا الوطء؛ لأن في السبب نوع خبث ا هـ‏.‏ فليتأمل‏.‏

‏(‏قوله وغير المغصوب‏)‏ أي بالتصرف فيه احترازا عن صبي غصبه، فصار ملتحيا عنده فإنه يأخذه بلا ضمان قهستاني‏.‏ ومثله في التتارخانية، وفيها ولو غصب جارية ناهدة الثديين فانكسر ثديها عنده أو عبدا محترفا فنسي ذلك عنده ضمن النقصان ا هـ‏.‏ ومثله ما سيذكره آخرا عن الوهبانية تأمل‏.‏ وفي الدرر‏:‏ صار العنب زبيبا بنفسه أو الرطب تمرا أخذه المالك أو تركه وضمنه ‏(‏قوله فزال اسمه‏)‏ احتراز عن كاغد فكتب عليه أو قطن، فغزله أو لبن فصيره مخيضا أو عصيرا فخلله، فإنه لا ينقطع به حق المالك، وقيل ينقطع قهستاني عن المحيط، وعما إذا غصب شاة فذبحها فإن ملك مالكها لم يزل بالذبح المجرد حيث يقال شاة مذبوحة درر ‏(‏قوله فسبكها‏)‏ عطف على محذوف أي غصبها فسبكها ‏(‏قوله بلا ضرب‏)‏ كذا قيد به في السراج، فلو صاغ الدراهم بعد سبكها دراهم لا ينقطع بالأولى وسواء كانت مثل الدراهم الأولى أم لا وحرره ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله لكن يبقى أعظم منافعه‏)‏ من جعلها ثمنا والتزين بها ط ‏(‏قوله مغنيا عن أعظم منافعه‏)‏ أي عن هذا اللفظ ‏(‏قوله وغيره‏)‏ هو صاحب العناية، فإن هذا القيد جعله في الكفاية احترازا عن حنطة غصبها وطحنها، قال‏:‏ فإن المقاصد المتعلقة بعين الحنطة كجعلها هريسة ونحوها تزول بالطحن، قال في العناية‏:‏ وتبعه في الدرر والظاهر أنه تأكيد،؛ لأن قوله زال اسمه يتناوله فإنها إذا طحنت صارت دقيقا لا حنطة ا هـ‏.‏ وما ذكره الشارح من بيان المحترز والإيراد مأخوذ من القهستاني

‏(‏قوله بملك الغاصب‏)‏ وكذا بمغصوب آخر لما في التتارخانية عن الينابيع‏:‏ غصب من كل واحد منهما ألفا فخلطهما لم يسعه أن يشتري بهما شيئا مأكولا فيأكله ولا يحل له أكل ما اشترى حتى يؤدي عوضه ا هـ‏.‏ وفيها عن المنتقى معه سويق ومع آخر سمن فاصطدما فانصب السمن في سويقه يضمن مثل السمن،؛ لأنه استهلكه دون الآخر،؛ لأن هذا زيادة في السويق وفيها عن الخانية اختلطت نورته بدقيق آخر بلا صنع أحد يباع المختلط، ويضرب كل واحد منهما بقيمته إذ ليس أحدهما أولى بإيجاب النقصان عليه ‏(‏قوله كبره بشعيره‏)‏ أي بر الغاصب بشعير الغصب أو بالعكس ‏(‏قوله ضمنه وملكه‏)‏ أما الضمان فللتعدي، وأما الملك في التغير وزوال الاسم، فلأنه أحدث صنعة متقومة وفي الاختلاط لئلا يجتمع البدلان في ملك المغصوب منه‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

كل موضع ينقطع حق المالك فيه فالمغصوب منه أحق بذلك الشيء من سائر الغرماء حتى يستوفي حقه فإن ضاع ذلك ضاع من مال الغاصب ا هـ‏.‏ أبو السعود عن الحموي عن التتارخانية، وزاد في البزازية وليس بمنزلة الرهن ‏(‏قوله بلا حل انتفاع إلخ‏)‏ وفي المنتقى كل ما غاب صاحبه، ويخاف عليه الفساد فلا بأس بأن ينتفع به بعد ما يشهد على نفسه بضمانه، ولا يخرجه ذلك من إثم الغصب‏.‏ وفي جامع الجوامع‏:‏ اشترى الزوج طعاما أو كسوة من مال خبيث جاز للمرأة أكله ولبسها والإثم على الزوج تتارخانية ‏(‏قوله أي رضا مالكه إلخ‏)‏ أشار إلى أن المراد بالأداء رضا المالك وهو أعم ‏(‏قوله أو تضمين قاض‏)‏ فإن الرضا من المالك موجود فيه أيضا؛ لأنه لا يقضي إلا بطلبه كما أشير إليه في الهداية عزمية‏:‏ هذا وما أفاده كلامه من أن الملك في المغصوب ثابت قبل أداء الضمان، وإنما المتوقف على أداء الضمان الحل هو ما في عامة المتون، فما في النوازل من أنه بعد الملك لا يحل له الانتفاع لاستفادته بوجه خبيث كالمملوك بالبيع الفاسد عند القبض إلا إذا جعله صاحبه في حل ا هـ‏.‏ مخالف لعامة المتون نبه عليه في المنح‏.‏ وفي القهستاني وقال بعض المتأخرين‏:‏ إن سبب الملك الغصب عند أداء الضمان كما في المبسوط، فلو أبى المالك أخذ القيمة، وأراد أخذ المغير لم يكن له ذلك كما في النهاية ‏(‏قوله وهو رواية‏)‏ جعلها في الخلاصة وغيرها قول الإمام والاستحسان قولهما‏.‏ وفي البزازية وكان الإمام نجم الدين النسفي ينكر أن يكون هذا قول الإمام، ويقول‏:‏ أجمع المحققون من أصحابنا أنه لا يملكه إلا بأحد الأمور الثلاثة وقالوا جميعا الفتوى على قولهما ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ما قاله المحققون مخالف لعامة المتون كما مر فتدبر‏.‏ ثم رأيت بعضهم نقل أن العلامة قاسما تعقبه قوله كذبح شاة‏)‏ تمثيل لقوله فإن غصب وغير، أو تنظير لقوله ضمنه وملكه أي كما يضمنه في ذبح شاة إلخ ‏(‏قوله بالتنوين بدل الإضافة‏)‏ فيه أنهم قسموا تنوين العوض إلى ما يكون عوضا عن جملة أو عن حرف أو عن كلمة كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فضلنا بعضهم على بعض‏}‏ ‏{‏وكل في فلك‏}‏ ‏{‏أيا ما تدعوا‏}‏ والإضافة أمر معنوي، فالأنسب إبدالها بالمضاف إليه، على أن بعض المحققين أنكر القسم الثالث، وقال إنه من تنوين التمكين يزول مع الإضافة ويثبت مع عدمها ‏(‏قوله وطبخها أو شيها‏)‏ إنما ذكره؛ لأن بمجرد الذبح لا يتغير الاسم بل ولو مع التأريب أي التقطيع،؛ لأنه لا يفوت ما هو المقصود بالذبح بل يحققه سائحاني ‏(‏قوله والبناء على ساجة‏)‏ في الهداية قال الكرخي والفقيه أبو جعفر‏:‏ إنما لا ينقض إذا بنى في حوالي الساجة؛ لأنه غير متعد في البناء، أما إذا بنى على نفس الساجة ينقض؛ لأنه متعد وجواب الكتاب يرد ذلك وهو الأصح ‏(‏قوله بالجيم‏)‏ أما الساحة بالحاء فتأتي ‏(‏قوله خشبة عظيمة إلخ‏)‏ أي صلبة قوية تستعمل في أبواب الدور وبنائها وأساسها أتقاني ‏(‏قوله وقيمته أي البناء أكثر منها‏)‏ جملة حالية قال في المنح‏:‏ وأما إذا كان قيمة الساجة أكثر من قيمة البناء، فلم ينقطع حق المالك عنها، كما في النهاية عن الذخيرة وبه قيد الزيلعي كلام الكنز ا هـ‏.‏ وفيها عن المجتبى، فله أخذه وكذا في الساحة أي بالحاء ‏(‏قوله وكذا لو غصب أرضا إلخ‏)‏ هذه مسألة الساحة بالحاء وستأتي متنا‏:‏ أي فلو قيمة البناء أكثر يضمن الغاصب قيمة الأرض ولا يؤمر بالقلع وهذا قول الكرخي قال في النهاية وهو أوفق لمسائل الباب‏:‏ أي مسألة الدجاجة الآتية ونحوها، لكن في العمادية ونحن نفتي بجواب الكتاب اتباعا لمشايخنا فإنهم كانوا لا يتركونه أي من أنه يؤمر بالقلع والرد إلى المالك مطلقا وفي الحامدية عن الأنقروي‏:‏ أنه لا يفتى بقول الكرخي، صرح به المولى أبو السعود المفتي قال‏:‏ وبالأمر بالقلع أفتى شيخ الإسلام علي أفندي مفتي الروم أخذا من فتاوى أبي السعود والقهستاني ونعم هذا الجواب، فإن فيه سد باب الظلم، ويمكن أن يفرق بين هذه وبين مسألة اللؤلؤة ونحوها بأنه في تلك أمر اضطراري صدر بدون قصد معتبر، وأما الغصب فهو فعل اختياري مقصود ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وقد ظهر لك أن الشارح جرى هنا على قول الكرخي، وكذا فيما سيأتي حيث قيد قول المتن، يؤمر بالقلع بما إذا كانت قيمة الأرض أكثر فما اقتضاه التشبيه في قوله‏:‏ وكذا لو غصب أرضا من أنه لا يؤمر بالقلع صحيح،؛ لأن الكلام فيما إذا كانت قيمة البناء أكثر ولم يتعرض لكلام غير الكرخي، وإن كان المفتى به كما علمت فافهم ‏(‏قوله يضمن صاحب الأكثر قيمة الأقل‏)‏ فإن كانت قيمتهما على السواء يباع عليهما، ويقتسمان الثمن تتارخانية ‏(‏قوله فمات‏)‏ فلو بقي حيا يضمن قيمتها ولا ينظر إلى أن تخرج منه تتارخانية ‏(‏قوله وفي تنوير البصائر أنه الأصح‏)‏ وفي البزازية وعن محمد‏:‏ لا يشق بطنه لو درة، وعليه الفتوى؛ لأن الدرة تفسد فيه فلا يفيد الشق والدنانير لا تفسد‏.‏ وفي البيري عن تلخيص الكبرى‏:‏ لو بلع عشرة دراهم ومات يشق وأفاد البيري عدم الخلاف في الدراهم والدنانير لعدم فسادها، وقد علم اختلاف التصحيح في الدرة ولفظ الفتوى أقوى تأمل ‏(‏قوله يباع البناء عليهما‏)‏ هكذا العبارة في البزازية والشرنبلالية، وظاهر أن المراد يباع مع الساجة بقرينة ما بعده ‏(‏قوله إن قضى عليه بالقيمة لا يحل‏)‏ وإذا نقص لم يستطع رد الساجة شرنبلالية عن الذخيرة ‏(‏قوله لتضييع المال‏)‏ عبارة القهستاني قيل‏:‏ يحل وقيل لا يحل لتضييع المال

‏(‏قوله وهو لمالكه مجانا‏)‏ فلا يضمن للغاصب شيئا لأجل الصياغة؛ لأنه لم يوجد إلا مجرد العمل إلا إذا جعله من أوصاف ملكه، بحيث يكون في نزعه ضرر كما لو جعله عروة مزادة أو صفائح في سقف ونحو ذلك، فقد انقطع لصاحبه اليد عنه وقت غصبه تتارخانية ‏(‏قوله أو أخذها وضمنه نقصانها‏)‏؛ لأنه إتلاف من وجه لفوات بعض المنافع كالحمل والدر والنسل، وبقاء بعضها وهو اللحم درر ‏(‏قوله وكذا الحكم لو قطع يدها‏)‏؛ لأنه إتلاف من وجه أيضا وهذا في مثل البقر ونحوه ظاهر، وكذا في الشاة؛ لأنها تضعف عن الذهاب إلى المرعى فيقل درها ويضعف نسلها تأمل ‏(‏قوله أو قطع طرف دابة غير مأكولة‏)‏ لوجود الاستهلاك من كل وجه هداية، وقيد باليد والطرف؛ لأن في عين الحمار أو البغل أو الفرس ربع القيمة، وكذا في عين البقرة والجزور وفي عين الشاة ما نقصها، وسيجيء ذلك في كتاب الديات إن شاء الله تعالى أتقاني ‏(‏قوله غير سديد هنا‏)‏؛ لأن قوله أو أخذها وضمنه نقصانها خاص بالمأكولة وعلى إسقاط لفظة غير يكون من التعميم بعد التخصيص ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ جواب عن الملتقى‏.‏ وحاصله‏:‏ أن مراده بإلحاق غير المأكولة بالمأكولة في الحكم من حيث وجود التخيير فيهما بين طرحها على الغاصب، وبين إمساكها وإن كان بينهما فرق من حيث إنه إذا أمسك المأكولة له أن يضمن الغاصب النقصان، بخلاف غير المأكولة لما علمت من وجود الاستهلاك من كل وجه، وقد نبه الشارح على هذا الفرق بقوله‏:‏ لكن إذا اختار إلخ فافهم‏.‏ أقول‏:‏ وقد يجاب بأن المراد الرجوع بالنقصان أيضا كالمأكولة كما هو قضية التشبيه، ولكن يقيد بما إذا كان لما بقي قيمة، لعدم وجود الاستهلاك من كل وجه والقرينة على هذا التقييد لفظ النقصان، فإنه إذا لم يكن لما بقي قيمة لم يقل له نقصان، بل هلاك ودليل ذلك ما في النهاية وغيرها عن المنتقى بالنون قطع يد حمار أو رجله وكان لما بقي قيمة، فللمالك أن يمسكه ويأخذ النقصان وكذا لو ذبحه، وكان لجلده ثمن لا إن قتله؛ لأن الذبح بمنزلة الدباغ ا هـ‏.‏ ملخصا هذا وفي النهاية عن المبسوط ما يفيد أن المراد هنا بغير المأكولة ما يشمل الفرس ‏(‏قوله بخلاف طرف العبد‏)‏ مرتبط بقوله لكن إذا اختار ربها أخذها لا يضمنه شيئا ‏(‏قوله فإن فيه الأرش‏)‏ أي له أخذه مع الأرش؛ لأنه ينتفع به أقطع، ولا كذلك الدابة الغير المأكولة منح ‏(‏قوله خرق ثوبا إلخ‏)‏ معطوف على ما قبله‏:‏ أي للمالك أيضا أن يطرحه عليه ويضمنه القيمة أو يمسكه ويضمنه النقصان ‏(‏قوله وهو ما فوت إلخ‏)‏ اقتصر عليه؛ لأنه هو الصحيح في الفرق بين الفاحش واليسير من أقوال أربعة مذكورة في الشرنبلالية وغيرها ‏(‏قوله لا كله‏)‏ أي كل النفع ‏(‏قوله ضمن كلها‏)‏ أي كل العين ‏(‏قوله نقصه‏)‏ أي نقص العين وذكر الضمير باعتبار الثوب، ويصح إرجاعه للنفع وقوله بعده ولم يفوت شيئا من النفع أي لم يفوته بتمامه قال في الهداية واليسير ما لا يفوت به شيء من المنفعة، وإنما يدخل فيه النقصان؛ لأن محمدا جعل في الأصل قطع الثوب نقصانا فاحشا والفائت به بعض المنافع ا هـ‏.‏ والحاصل كما في النهاية وغيرها‏:‏ أنه ما تفوت به الجودة بسبب نقصان في المالية ‏(‏قوله ما لم يجدد فيه صنعة‏)‏ بأن خاطه قميصا فإنه ينقطع به حق المالك عنه عندنا زيلعي ‏(‏قوله أو يكون ربويا‏)‏ فيخير المالك بين أن يمسك العين، ولا يرجع على الغاصب بشيء وبين أن يسلمها، ويضمنه مثلها أو قيمتها؛ لأن تضمين النقصان متعذر،؛ لأنه يؤدي إلى الربا زيلعي، وقوله‏:‏ أو قيمتها أي في نحو مصوغ تأمل ‏(‏قوله ومنه يعلم‏)‏ أي من قوله أو يكون ربويا ‏(‏قوله حياصة‏)‏ الأصل حواصة وهي سير يشد به حزام السرج قاموس ‏(‏قوله بين تضمينها مموهة‏)‏ أي تضمين القيمة من غير الجنس على الظاهر ط ‏(‏قوله؛ لأنه تابع‏)‏ عبارة شيخه الرملي؛ لأن الذهب بالتمويه صار مستهلكا‏:‏ تبعا للفضة فتعتبر جميعها فضة غير أنها انتقصت بذهابه ‏(‏قوله شراء‏)‏ بالمد والتنوين أي بأن اشترتها بفضة مساوية لها وزنا وزال التمويه عندها يعني ووجدت بها عيبا قديما ‏(‏قوله فلا رد‏)‏ أي بالعيب القديم لتعيبها بزوال التمويه عندها وهو مانع من الرد ‏(‏قوله ولا رجوع بالنقصان‏)‏ أي نقصان العيب القديم ‏(‏قوله للزوم الربا‏)‏؛ لأنه يبقي أحد البدلين زائدا على الآخر بلا عوض يقابله وهذه مما يزاد على المسائل التي تمنع الرجوع بالنقصان المذكورة في باب خيار العيب ولهذا قال فاغتنمه إلخ ‏(‏قوله قاله شيخنا‏)‏ يعني الخير الرملي في حواشي المنح‏.‏

‏(‏قوله ومن بنى‏)‏ أي بغير تراب تلك الأرض وإلا فالبناء لرب الأرض،؛ لأنه لو أمر بنقضه يصير ترابا كما كان در منتقى في ‏(‏قوله بغير إذنه‏)‏ فلو بإذنه فالبناء لرب الدار، ويرجع عليه بما أنفق جامع الفصولين من أحكام العمارة في ملك الغير، وسيذكر الشارح في شتى الوصايا مسألة من بنى في دار زوجته مفصلة ‏(‏قوله لو قيمة الساحة أكثر‏)‏ بالحاء المهملة ولو قيمتها أقل، فللغاصب أن يضمن له قيمتها، ويأخذها درر عن النهاية، وهذا على قول الكرخي وقدمنا الكلام عليه آنفا ‏(‏قوله أي مستحق القلع إلخ‏)‏ وهي أقل من قيمته مقلوعا مقدار أجرة القلع فإن كانت قيمة الأرض مائة وقيمة الشجر المقلوع عشرة، وأجرة القلع درهم بقيت تسعة دراهم، فالأرض مع هذا الشجر تقوم بمائة وتسعة دراهم فيضمن المالك التسعة منح ‏(‏قوله إن نقصت الأرض به‏)‏ أي نقصانا فاحشا بحيث يفسدها أما لو نقصها قليلا فيأخذ أرضه، ويقلع الأشجار ويضمن النقصان سائحاني عن المقدسي‏.‏مطلب زرع في أرض الغير يعتبر عرف القرية

‏(‏قوله ولو زرعها يعتبر العرف إلخ‏)‏ قال في الذخيرة قالوا إن كانت الأرض معدة للزراعة، بأن كانت الأرض في قرية اعتاد أهلها زراعة أرض الغير، وكان صاحبها ممن لا يزرع بنفسه، ويدفع أرضه مزارعة، فذلك عن المزارعة، ولصاحب الأرض أن يطالب المزارع بحصة الدهقان على ما هو متعارف أهل القرية النصف أو الربع، أو ما أشبه ذلك‏.‏ وهكذا ذكر في فتاوى النسفي، وهو نظير الدار المعدة للإجارة إذا سكنها إنسان، فإنه يحمل على الإجارة وكذا هاهنا، وعلى هذا أدركت مشايخ زماني، والذي تقرر عندي وعرضته على من أثق به أن الأرض وإن كانت معدة للزراعة، تكون هذه مزارعة فاسدة إذ ليس فيها بيان المدة، فيجب أن يكون الخارج كله للمزارعة، وعلى المزارع أجر مثل الأرض ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ لكن سيذكر الشارح في كتاب المزارعة‏:‏ أن المفتى به صحتها بلا بيان المدة، وتقع على أول زرع واحد فالظاهر أن ما عليه المشايخ مبني على هذا، وفي مزارعة البزازية بعد نقله ما مر عن الذخيرة قال القاضي‏:‏ وعندي أنها إن معدة لها وحصة العامل معلومة عند أهل تلك الناحية جاز استحسانا وإن فقد أحدهما لا يجوز وينظر إلى العادة إذا لم يقر بأنه زرعها لنفسه قبل الزراعة أو بعدها أو كان ممن لا يأخذها مزارعة ويأنف من ذلك فحينئذ تكون غصبا، والخارج له وعليه نقصان الأرض، وكذا لو زرعها بتأويل بأن استأجر أرضا لغير المؤجر بلا إذن ربها، ولم يجزها ربها وزرعها المستأجر لا تكون مزارعة؛ لأنه زرعها بتأويل الإجارة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وإلا فالخارج للزارع إلخ‏)‏ أي إن لم يكن عرف في دفعها مزارعة، ولا في قسم حصة معلومة يكون الزارع غاصبا فيكون الخارج له وقوله‏:‏ وعليه أجر مثل الأرض مشكل، ولا تفيده النقول المارة؛ لأنها حينئذ ليست مما أعد للاستغلال، حتى يجب عليه الأجر، بل الواجب عليه نقصانها‏.‏ اللهم إلا أن يحمل على أنها مال يتيم، وهو بعيد جدا أو أعدها صاحبها للإجارة، فتكون مما أعد للاستغلال، وأما الوقف فيأتي قريبا، وليس في جامع الفصولين ما يفيد ما ذكره أصلا فإن الذي فيه من الفصل الحادي والثلاثين نحو ما قدمناه عن الذخيرة والبزازية ‏(‏قوله وأما في الوقف إلخ‏)‏ عبارة الفصولين إلا في الوقف، فيجب فيه الحصة أو الأجر بأي جهة زرعها أو سكنها أعدت للزراعة أو لا، وعلى هذا استقر فتوى عامة المتأخرين ا هـ‏.‏ ورأيت في هامشه عن مفتي دمشق العلامة عبد الرحمن أفندي العمادي أن قوله تجب الحصة أي في زرع الأرض وقوله‏:‏ أو الأجر أي في سكنى الدار فقوله‏:‏ زرعها أي الأرض أو سكنها أي الدار ففيه لف ونشر مرتب ا هـ‏.‏ ودخل في قوله بأي جهة زرعها ما لو زرعها على وجه الغصب صريحا أو دلالة أو على وجه المزارعة أو تأويل عقد، فإن ذلك مذكور في عبارة الفصولين قبل قوله إلا في الوقف، وذكر في الإسعاف أنه لو زرع أرض الوقف يلزم أجر مثلها عند المتأخرين ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ والظاهر حمله على ما إذا لم يكن عرف أو كان الأجر أنفع للوقف تأمل ويمكن تفسير قول الفصولين فتجب الحصة‏:‏ أي إن كان عرف، وقوله أو الأجر أي إن لم يكن عرف أو كان الأجر أنفع تأمل‏.‏

مطلب مهم والحاصل أنها إن كانت الأرض ملكا، فإن أعدها ربها للزراعة اعتبر العرف في الحصة

وإلا فإن أعدها للإيجار، فالخارج للزارع، وعليه أجر المثل وإلا فعليه النقصان إن انتقصت وإن كانت وقفا فإن ثمة عرف وكان أنفع اعتبر، وإلا فأجر المثل لقولهم يفتى بما هو أنفع للوقف فاغتنم هذا التحرير المفرد المأخوذ من كلامهم المبدد‏.‏ بقي هنا شيء يخفى على كثيرين وهو‏:‏ ما لو كانت الأرض سلطانية أو وقفا بيد زراعها الذين لهم مشد مسكنها كغالب الأراضي الدمشقية إذا زرعها غير من له المشد بغير إذنه ودفع ما عليها من الحصة للمتكلم عليها، هل لصاحب المشد أن يطالبه بحصة من الخارج، أو بأجرة زرعها دراهم أم لا‏؟‏ أجاب في الخيرية بقوله‏:‏ لا وإن قلنا لا نرفع يده عنها ما دام مزارعا يعطي ما هو المعتاد فيها على وجهه المطلوب ا هـ‏.‏ فعلم بهذا أن الحصة لا يستحقها صاحب المشد، بل صاحب الإقطاع أو المتولي فتنبه‏.‏ وفي الحامدية سئل في أرض وقف سليخة جارية في مشد مسكة رجل زرعها زيد بلا إذن من المتولي، ولا من ذي المشد ولم تكن في إجارته أجاب‏:‏ للناظر مطالبة زيد بأجرة مثلها والله أعلم فليحفظ ذلك فإنه مهم ‏(‏قوله بكل حال‏)‏ علمت معناه مما قدمناه

‏(‏قوله فصبغه‏)‏ فلو انصبغ بلا فعل أحد كإلقاء الريح، فلا خيار لرب الثوب بل يدفع قيمة الصبغ لصاحبه؛ لأنه لا جناية من صاحب الصبغ حتى يضمن الثوب زيلعي ‏(‏قوله لا عبرة للألوان إلخ‏)‏ بيان لنكتة عدم تعرض المصنف للون الصبغ، وأن ما روي عن الإمام أن السواد نقصان وعندهما زيادة كالحمرة والصفرة راجع إلى اختلاف عصر وزمان فمن الثياب ما يزداد بالسواد ومنها ما ينتقص كما في التبيين وغيره ‏(‏قوله بل لحقيقة الزيادة والنقصان‏)‏ فلو كان ثوبا ينقصه الصبغ بأن كانت قيمته ثلاثين درهما مثلا، فتراجعت الصبغ إلى عشرين فعن محمد ينظر إلى ثوب يزيد فيه ذلك الصبغ، فإن كانت الزيادة خمسة يأخذ رب الثوب ثوبه وخمسة دراهم؛ لأن صاحب الثوب وجب له على الغاصب ضمان نقصان قيمة ثوبه عشرة دراهم، ووجب عليه للغاصب قيمة صبغه خمسة الخمسة بالخمسة قصاص، ويرجع عليه بما بقي من النقصان وهو خمسة رواه هشام عن محمد‏.‏ واستشكله الزيلعي بما حاصله‏:‏ أن المالك لم يصل إليه كل حقه ولم ينتفع بالصبغ، بل ضره فكيف يغرم والإتلاف موجب لكل القيمة فكيف صار مسقطا، وأجاب الطوري بما لا يشفي فراجعه ‏(‏قوله فالمالك مخير‏)‏؛ لأنه صاحب أصل والآخر صاحب وصف يقال‏:‏ ثوب مصبوغ وسويق ملتوت فخير لتعذر التمييز قوله وسماه‏)‏ أي القيمة بمعنى البدل وهو جواب عن المتن حيث يفهم منه خلاف ما في المبسوط وقوله‏:‏ وقدمنا قولين‏:‏ أي أوائل الغصب جواب آخر فما في المتن مبني على القول الآخر، وهو ظاهر المتون وفي الدر المنتقى أنه مثلي، وقيل قيمي لتغيره بالقلي لكن تفاوته قليل، فلم يخرج عن كونه مثليا كما في شرح المجمع ا هـ‏.‏ وصحح الأتقاني أنه قيمي ‏(‏قوله وغرم ما زاد الصبغ‏)‏ برفع الصبغ فاعل زاد أي غرم من النقود بقدر الزيادة الحاصلة في الثوب بسبب الصبغ ‏(‏قوله وغرم السمن‏)‏ أشار إلى أن السمن منصوب عطفا على ما والمراد غرم مثل السمن، وبين فائدة إدراجه لفظة غرم المانعة من عطفه على الصبغ المرفوع بقوله‏:‏؛ لأنه مثلي أي فالواجب فيه ضمانه أي ضمان مثله لا قيمته‏.‏ وفي الدر المنتقى وقيل بالرفع والصواب النصب ذكره الزاهدي ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله قبل اتصاله‏)‏ لم يقل وقت اتصاله كما قاله في سابقه؛ لأن خروج الصبغ عن المثلية بامتزاجه بالماء كان قبل اتصاله بالثوب، بخلاف السمن، فإنه لم يخرج عنها إلا وقت اتصاله بالسويق فافهم‏.‏ وهذا وجه الفرق بين ضمان مثل السمن وبدل الصبغ‏.‏

مطلب في أبحاث غاصب الغاصب

‏(‏قوله إذا كان قبضه القيمة معروفا‏)‏ الظاهر أن الحكم في رد عين المغصوب كذلك، فلو أقر الغاصب بقبضه منه، وأنكره المالك لا يصدق في حق المالك،؛ لأنه بقبضه دخل في ضمانه وبدعوى الرد يدفع الضمان عنه، فلا يصدق في حق نفسه فتأمل‏.‏ وراجع المنقول رملي على الفصولين ونقله ط عن الحموي عن العمادي والله أعلم ‏(‏قوله أو بينة‏)‏ أي أقامها غاصب الغاصب ‏(‏قوله لا بإقرار الغاصب‏)‏ أي الأول فلا يصدق في حق المالك، فهو بالخيار في تضمين أيهما شاء بيري ‏(‏قوله إلا في حق نفسه وغاصبه‏)‏ أي فيما إذا اختار المالك تضمين الثاني يرجع على الأول بما أقر بقبضه، وكذا فيما إذا اختار تضمين الأول، وأراد الأول الرجوع على الثاني ليس له ذلك مؤاخذة له بإقراره، فإنه لولا إقراره لرجع كما يأتي

‏(‏قوله بعض الضمان‏)‏ أطلقه فشمل النصف أو الثلث أو الربع كما في الهندية ‏(‏قوله له ذلك سراجية‏)‏ اختلف النقل عن السراجية، فبعضهم نقل ليس له، وبعضهم نقل كما هنا، وهو المذكور في الفصولين عن فوائد صدر الإسلام وفي الهندية عن الذخيرة ‏(‏قوله والمالك بالخيار‏)‏ إلا في مسألة تقدمت متنا أول الغصب‏.‏ وفي الهندية إن ضمن الأول يرجع الأول على الثاني بما ضمن، وإن ضمن الثاني لا يرجع على الأول ا هـ‏.‏ وفي البزازية‏:‏ وهب الغاصب المغصوب أو تصدق أو أعار هلك في أيديهم وضمنوا للمالك لا يرجعون بما ضمنوا للمالك على الغاصب،؛ لأنهم كانوا عاملين في القبض لأنفسهم؛ بخلاف المرتهن، والمستأجر والمودع فإنهم يرجعون بما ضمنوا على الغاصب،؛ لأنهم عملوا له والمشتري إذا ضمن قيمته يرجع بالثمن على الغاصب البائع؛ لأن رد القيمة كرد العين ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وإذا اختار تضمين أحدهما‏)‏ أي ولم يقبض منه القيمة، ولم يقض عليه بها كما يأتي ‏(‏قوله لم يملك تركه‏)‏ أي وإن نوى المال عليه كما في الفصولين‏:‏ أي بأن وجده معدما أو مات مفلسا، وشمل تضمين أحدهما البعض، فليس له بعد أن ضمن أحدهما البعض أن يضمن ذلك البعض للآخر، بخلاف الباقي‏.‏ قال في البزازية‏:‏ تضمين الكل تمليك من الضامن، فلا يملك التمليك من الآخر وتضمين البعض تمليك ذلك البعض فيملك تمليك الباقي بعد ذلك من الآخر ‏(‏قوله وقيل يملك‏)‏ جزم في الفصولين بالأول ثم رمز وقال فيه روايتان‏:‏ وفي الهندية عن المحيط‏:‏ لو اختار تضمين أحدهما ليس له تضمين الآخر عندهما وقال أبو يوسف‏:‏ له ذلك ما لم يقبض الضمان منه ا هـ‏.‏ وظاهره أن بعد القبض لا يملك تضمين الثاني بلا خلاف ولذا عبر بالاختيار وكالقبض بالتراضي القضاء بالقيمة كما في الهندية أيضا‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

أخذه من الغاصب ليرده إلى المالك فلم يجده فهو غاصب الغاصب يخرج عن العهدة برده إلى الغاصب الأول هندية‏.‏

مطلب في لحوق الإجازة للإتلاف والأفعال

‏(‏قوله الإجازة لا تلحق الإتلاف‏)‏ يستثنى منه ما ذكره الحموي‏:‏ لو جاء رب اللقطة، وأجاز تصدق الملتقط بها؛ لأنه كالإذن ابتداء، والإذن حصل من الشارع، لا من المالك، ولذا لا تتوقف على قيامها في يد الفقير، بخلاف إجازة بيع الفضولي ‏(‏قوله معزيا للبزازية‏)‏ أي من كتاب الدعوى‏.‏ وفي البيري عنها اتخذ أحد الورثة ضيافة من التركة حال غيبة الآخرين، ثم قدموا وأجازوا ثم أرادوا تضمينه لهم ذلك؛ لأن الإتلاف لا يتوقف حتى تلحقه الإجازة ‏(‏قوله عن العمادية‏)‏ ذكره في الفصولين في آخر الفصل 24 في بحث ما ينفذ من التصرفات السابقة بإجازة لاحقة فراجعه ‏(‏قوله تلحق الأفعال‏)‏ قال في جامع الفصولين‏:‏ بعث دينه بيد رجل إلى الدائن، فجاء إليه الرجل وأخبره به فرضي وقال اشتر لي به شيئا ثم هلك قيل‏:‏ يهلك من مال المديون، وقيل‏:‏ من مال الدائن وهو الصحيح إذ الرضا بقبضه في الانتهاء كالإذن ابتداء وهذا التعليل إشارة إلى أن الصحيح أن الإجارة تلحق الأفعال وهو الصحيح ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله قال‏)‏ أي المصنف وقال ابنه الشيخ صالح إلا أن يقال المراد بالأفعال غير الإتلاف عملا بنقول المشايخ كلهم مع إمكان الحمل ا هـ‏.‏ قال الحموي‏:‏ يعني أن الأفعال منها ما يكون إعداما، ومنها ما يكون إيجادا فيحمل قول المشايخ على الفعل الذي لا يكون إعداما ا هـ‏.‏ أبو السعود على الأشباه‏.‏ أقول‏:‏ ذكر في البزازية، أفسد الخياط الثوب فأخذه صاحبه ولبسه عالما بالفساد، ليس له التضمين ا هـ‏.‏ قال في التتارخانية‏:‏ ويعلم من هذه المسألة كثير من المسائل ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏

‏(‏قوله لا بملكه‏)‏ قال في التتارخانية ولم يتعرض لما إذا زادت قيمته بالكسر، وينبغي أن لا يملكه أيضا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله تطيب له‏)‏ ولا فرق بين أن تكون الأجرة قدر أجرة المثل أم لا أبو السعود على الأشباه‏.‏

‏(‏قوله فوصله‏)‏ أي عند الحداد ‏(‏قوله انقطع حقه‏)‏؛ لأنه أحدث به صنعة ‏(‏قوله وعلى المستعير قيمته منكسرا‏)‏؛ لأنه انكسر حال استعماله فلم يكن مضمونا عليه ‏(‏قوله شرح وهبانية‏)‏ ذكره عند قول النظم‏:‏ ولو رفأ المخروق في الثوب خارق يغرم أرش النقص فيه فيقدر يقال‏:‏ رفيت الثوب ورفوته وبعض العرب يهمزه رفأت إذا أصلحته أي يقوم صحيحا ويقوم مرفوا فيضمن فضل ما بينهما شرنبلالي‏.‏

‏(‏قوله فانهدم شيء بركوبه‏)‏ قيد بالانهدام إذ لو هدم دار غيره بغير أمره وبغير أمر السلطان حتى ينقطع عن داره ضمن ولم يأثم بمنزلة جائع في مفازة ومع صاحبه طعام له أخذه كرها، ثم يضمنه، ولا إثم عليه تتارخانية‏.‏ وظاهره أنه بأمر السلطان لا يضمن قال الشيخ خير الدين ووجهه أن له ولاية عامة يصح أمره لرفع الضرر العام ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ والظاهر أنه يضمن ما هدمه مشرفا على الهلاك نظير ما قدمه الشارح من مسألة السفينة الموقرة تأمل

‏(‏قوله لا يجوز دخول بيت إنسان إلا بإذنه‏)‏ قيد بالبيت لما في التتارخانية أراد أن يمر بأرض إنسان أو ينزل بها إن كان لها حائط أو حائل ليس له ذلك؛ لأنه دليل عدم الرضا وإلا فلا بأس به، وفي الكبرى المعتبر في ذلك عادات الناس ا هـ‏.‏

مطلب فيما يجوز فيه دخول دار غيره بلا إذن منه

‏(‏قوله إلا في الغزو‏)‏ أي إذا كان ذلك البيت مشرفا على العدو فللغزاة دخوله ليقاتلوا العدو منه أو نحو ذلك تأمل ‏(‏قوله وخاف لو أعلمه أخذ‏)‏ وينبغي أن يعلم الصلحاء أنه إنما يدخل لذلك، ولو لم يخف أخذه لا يجوز من غير ضرورة ذخيرة‏.‏ وفيها مسائل أخر منها‏:‏ نهب منه ثوبا ودخل الناهب داره لا بأس بدخولها ليأخذ حقه؛ لأن مواضع الضرورة مستثناة، ومنها‏:‏ له مجرى في دار رجل أراد إصلاحه ولا يمكن أن يمر في بطنه يقال لرب الدار إما أن تدعه يصلحه وإما أن تصلحه، ومنها أجر دارا وسلمها له دخولها لينظر حالها فيرمها وإن لم يرض المستأجر عندهما وعنده إن رضي

‏(‏قوله فله نبشه‏)‏ أي نبشه لإخراج الميت ‏(‏قوله وله تسويته‏)‏ أي بالأرض والزراعة فوقه أشباه ‏(‏قوله وإن وقفا فكذلك‏)‏ أي فله قيمة حفره وهذا ذكره في الأشباه بحثا فقال‏:‏ وينبغي أن يكون الوقف من قبيل المباح، فيضمن قيمة الحفر ويحمل سكوته عن الضمان في صورة الوقف عليه ا هـ‏.‏ أي على الضمان في المباح، وفي حاشية أبي السعود عن حاشية المقدسي، وهذا لو وقفت للدفن فلو على مسجد للزرع والغلة فكالمملوكة تأمل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولا يكره لو الأرض متسعة‏)‏ أي لا يكره الدفن نظيره من بسط المصلي في المسجد أو نزل في الرباط فجاء آخر فلو في المكان سعة لا يزاحم الأول وإلا فله ولوالجية وأفاد كراهة الدفن لو لم تكن الأرض متسعة فلا يصح التعبير بقولنا ولو متسعة كما لا يخفى فافهم‏.‏

مطلب فيما يجوز من التصرف بمال الغير بدون إذن صريح

‏(‏قوله إلا في مسائل مذكورة في الأشباه‏)‏ الأولى‏:‏ يجوز للولد والوالد الشراء من مال المريض ما يحتاج إليه المريض بلا إذنه، ولا يجوز في المتاع وكذا أحد الرفقة في السفر،؛ لأنه بمنزلة أهله في السفر، الثانية‏:‏ أنفق المودع على أبوي المودع بلا إذنه، وكان في مكان لا يمكن استطلاع رأي القاضي لم يضمن استحسانا، وإطلاق الكنز الضمان محمول على الإمكان، الثالثة‏:‏ إذا مات بعض الرفقة في السفر فباعوا فراشه وعدته وجهزوه بثمنه وردوا البقية إلى الورثة أو أغمي عليه فأنفقوا عليه من ماله لم يضمنوا استحسانا‏.‏ وحكي عن محمد أنه مات بعض تلامذته فباع محمد كتبه لتجهيزه فقيل إنه لم يوص فتلا قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والله يعلم المفسد من المصلح‏}‏ فما كان على قياس هذا لا يضمن ديانة أما في الحكم فيضمن، وكذا المأذون في التجارة لو مات مولاه فأنفق في الطريق لم يضمن، وكذا لو أنفق بعض أهل المحلة على مسجد لا متولي له من غلته لحصير ونحوه أو أنفق الورثة الكبار على الصغار ولا وصي لهم، أو قضى الوصي دينا علمه على الميت بلا معرفة القاضي فلا ضمان في الكل ديانة ا هـ‏.‏ من الأشباه وحواشيها‏.‏ وفي التتارخانية‏:‏ وضع القدر على الكانون وتحتها الحطب فجاء آخر وأوقد النار فطبخ لا يضمن استحسانا، ومن هذا الجنس خمس مسائل إحداها‏:‏ هذه الثانية‏:‏ طحن حنطة غيره ضمن، ولو أن المالك جعل الحنطة في الزورق وربط الحمار وجاء آخر فساقه لا يضمن، الثالثة‏:‏ رفع جرة غيره فانكسرت ضمن ولو رفعها صاحبها وأمالها إلى نفسه فجاء آخر وأعانه فانكسرت لا الرابعة‏:‏ حمل على دابة غيره فهلكت ضمن ولو حملها المالك شيئا فسقط فحملها آخر فهلكت لا، الخامسة‏:‏ ذبح أضحية غيره في غير أيامها لا يجوز ويضمن ولو في أيامها يجوز ولا يضمن، ومن جنسها أحضر فعلة لهدم دار فجاء آخر وهدمها لا يضمن استحسانا‏.‏ ذبح شاة القصاب إن بعد ما شد القصاب رجلها لا يضمن وإلا ضمن، والأصل في جنس هذه المسائل كل عمل لا يتفاوت فيه الناس تثبت الاستعانة من كل أحد دلالة، وإلا فلا فلو علقها بعد الذبح للسلخ فسلخها آخر بلا إذنه ضمن ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وفي القنية‏:‏ أخذ أحد الشريكين حمار صاحبه الخاص، وطحن به فمات لم يضمن للإذن دلالة قال عرف بجوابه هذا أنه لا يضمن فيما يوجد الإذن دلالة، وإن لم يوجد صريحا كما لو فعل بحمار ولده أو بالعكس، أو أحد الزوجين أو أرسل جارية زوجته في حاجته فأبقت ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ضمنه‏)‏ مخالف لما في المعراج والبزازية وغيرهما من أنه إن لم يسقه، معها لا يضمنه، وقدمناه أول الغصب عن الزيلعي‏.‏ لكن نقل عن الشرنبلالي عن قاضي خان‏:‏ أنه ينبغي أن يضمنه أيضا؛ لأنه لا يساق إلا بسوقها كما قالوا إذا غصب عجلا فيبس لبن أمه ضمنه مع نقصان الأم ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ إن كانت المسألة من تخريجات المشايخ فما اختاره قاضي خان وجيه، ولذا مشى عليه ابن وهبان وإن كانت منقولة عن المجتهد فاتباعه أوجه فليراجع ‏(‏قوله بما يتغير‏)‏ الظاهر أن المراد به المضمون وهو الجحش هنا فإنه لما هلك تغير عن حاله وقد ضمنه مع أنه لم يباشر فيه فعلا تأمل ‏(‏قوله هل له منه شربه‏)‏ الجواب‏:‏ نعم إن حول النهر عن موضعه كره الشرب والتوضؤ منه لظهور أثر الغصب بالتحويل، وإلا لا لثبوت حق كل أحد فيهما ابن الشحنة ‏(‏قوله وهل ثم نهر طاهر لا مطهر‏)‏ الجواب أنه الفرس السريع، فإنه يسمى نهرا وبحرا لقول بعضهم في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وهذه الأنهار تجري من تحتي‏}‏ أي الخيل «ولقوله صلى الله عليه وسلم في فرس أبي طلحة‏:‏ إنا وجدناه لبحرا» ابن الشحنة والله تعالى أعلم‏.‏