فصل: كتاب الشفعة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


كتاب الشفعة

‏(‏قوله مناسبته إلخ‏)‏ أي مناسبته للغصب ولم يذكر وجه تقديمه عليها مع أنها مشروعة بخلافه، وهو كثرة وقوعه وأنه قد يدخل في العقار والمنقول، بخلافها لما قال في السعدية إن بيان وجه تأخيره عن المأذون يغني عنه ‏(‏قوله هي لغة الضم‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ مأخوذة من الشفع، وهو الضم ضد الوتر ومنه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم للمذنبين لأنه يضمهم بها إلى الفائزين يقال‏:‏ شفع الرجل شفعا إذا كان فردا فصار ثانيا، والشفيع يضم المأخوذ إلى ملكه فلذلك سمي شفعة ا هـ‏.‏ وفي القهستاني‏:‏ هي لغة فعلة بالضم بمعنى المفعول اسم للملك المشفوع بملك ا هـ‏.‏ وأفاد في المغرب استعمالها في المعنيين وأنه لم يسمع من الشفعة فعل، وأما قولهم‏:‏ الدار التي يشفع بها فمن استعمال الفقهاء ‏(‏قوله وشرعا تمليك البقعة‏)‏ الأولى ما وقع في الكنز وغيره تملك، لأنه من أوصاف الشفيع، وهو مالك لا مملك بل الأولى ما في غاية البيان أنها عبارة عن حق التملك، إذ لولا هذا المضاف كما قال قاضي زاده في تكملة الفتح لزم أن لا يكون لقوله وتستقر بالإشهاد صحة، لأن التملك لا يوجد بدون القضاء أو الرضا، وأيضا فإن حكمها جواز الطلب وحكم الشيء يعقبه أو يقارنه، فلو حصل التملك قبل الطلب لزم تحصيل الحاصل، والمراد البقعة أو بعضها ليشمل ما إذا اشتراها أحد شفعائها كما سيأتي ‏(‏قوله جبرا على المشتري‏)‏ ليس للاحتراز عما لو رضي بذلك، بل لأن الغالب عدم رضاه كما أشار إليه القهستاني أبو السعود، وأفاد ابن الكمال أن المراد به عدم اعتبار الاختيار، لا أنه يعتبر عدم الاختيار واحترز بقوله‏:‏ على مشتريه عما ملكه بلا عوض كما بالهبة والإرث والصدقة أو بعوض غير عين كالمهر‏.‏ والإجارة والخلع والصلح عن دم عمد، ودخل فيه ما وهب بعوض فإنه اشتراء انتهاء قهستاني‏.‏ وبه ظهر أنه ليس الأولى تركه بل زيادة البائع، لأنه قد يكون جبرا عليه إذا أقر بالبيع، وأنكر المشتري‏.‏ وفي الفتاوى الصغرى الشفعة‏:‏ تعتمد زوال الملك عن البائع لا على ثبوته للمشتري ولذا تثبت إذا باع بشرط الخيار للمشتري ا هـ‏.‏ فافهم ‏(‏قوله بما قام عليه‏)‏ يعني حقيقة أو حكما كما سيأتي في الخمر وغيره طوري‏.‏ والمراد ما لزم المشتري من المؤن بالشراء وبه يعلم ما في كلام العيني كصاحب الدرر من القصور حيث قال بما أي بالثمن الذي قام عليه، فلو أبقى المتن على عمومه لكان أولى أبو السعود ‏(‏قوله وسببها إلخ‏)‏ قال الطوري‏:‏ وسببها دفع الضرر الذي ينشأ من سوء المجاورة على الدوام من حيث إيقاد النار وإعلاء الجدار وإثارة الغبار ا هـ‏.‏ والظاهر أنه سبب المشروعية، وما ذكره المصنف سبب الأخذ تأمل لا يقال ما ذكر ضرر موهوم، والأخذ من المشتري ضرر محقق به لأنا نقول هو غالب فيرفع قبل وقوعه وإلا فربما لا يمكن رفعه وما أحسن ما قيل‏:‏ كم معشر سلموا لم يؤذهم سبع وما نرى أحدا لم يؤذه بشر ‏(‏قوله بالمشترى‏)‏ بفتح الراء ‏(‏قوله بشركة أو جوار‏)‏ متعلق باتصال وشمل الشركة في البقعة والشركة في الحقوق كما يأتي، وشمل قليل الشركة وكثيرها كالجوار نبه عليه الأتقاني ط

‏(‏قوله وشرطها إلخ‏)‏ المراد بالعقار هنا غير المنقول، فدخل الكرم والرحى والبئر والعلو وإن لم يكن طريقه في السفل، وخرج البناء والأشجار فلا شفعة فيهما إلا بتبعية العقار وإن بيع بحق القرار در منتقى، ويشترط كونه مملوكا كما علم مما قدمه ويأتي فخرج الوقف، وكذا الأراضي السلطانية لا العشرية والخراجية، إذ لا ينافي ذلك الملك كما سنذكره قبيل الباب الآتي، وكون العقد معاوضة، وزوال ملك البائع عن المبيع فلا شفعة في بيع بخيار، وزوال حق البائع فلا شفعة في شراء فاسد، وملك الشفيع لما يشفع به وقت الشراء، وعدم الرضا من الشفيع بالبيع ولو دلالة كما يعلم ذلك كله مما يأتي ‏(‏قوله وإن لم يكن طريقه في السفل‏)‏ أي طريق العلو المبيع‏.‏ قال في الذخيرة‏:‏ فإن كان طريقه في السفل فالشفعة بسبب الشركة في الطريق، وإن في السكة العظمى فبسبب الجوار، وإن لم يأخذ صاحب العلو السفل بها حتى انهدم العلو فعلى قول أبي يوسف بطلت لأن الجوار بالاتصال وقد زال، كما لو باع التي يشفع بها قبل الأخذ‏.‏ وعلى قول محمد تجب لأنها ليست بسبب البناء بل بالقرار وحتى القرار باق، وإن كانت ثلاثة أبيات بعضها فوق بعض وباب كل إلى السكة فبيع الأوسط تثبت للأعلى والأسفل وإن بيع الأسفل أو الأعلى فالأوسط أولى ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله بما له من حق القرار‏)‏ لأن حق التعلي يبقى على الدوام وهو غير منقول فتستحق به الشفعة كالعقار زيلعي، وظاهره ترجيح قول محمد المار ‏(‏قوله إذا بيع مع حق القرار‏)‏ كالبناء في الأرض السلطانية أو أرض الوقف المحتكرة ‏(‏قوله فرده شيخنا إلخ‏)‏ اقتصر في الرد على الاستناد إلى النقل، وكان ينبغي إبداء الفرق بينه وبين مسألة العلو للإيضاح، ولعله أن البناء فيما ذكر ليس له حق البقاء على الدوام بل هو على شرف الزوال، لما قالوا‏:‏ إن الأرض المحتكرة إذا امتنع المحتكر من دفع أجرة المثل يؤمر برفع بنائه وتؤجر لغيره، وكذا يقال في السلطانية إذا امتنع من دفع ما عينه السلطان، بخلاف حق التعلي فإنه يبقى على الدوام كما مر‏.‏ وبه اندفع ما ذكره ح من أن تعليلهم إلحاق العلو بالعقار بأن له حق القرار يؤيد ابن الكمال ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله تبعا للبزازية وغيرها‏)‏ ففي البزازية‏:‏ ولا شفعة في الكردار‏:‏ أي البناء ويسمى بخوارزم حق القرار لأنه نقلي كالأراضي السلطانية التي حازها السلطان لبيت المال ويدفعها مزارعة إلى الناس بالنصف فصار لهم فيها كردار كالبناء والأشجار والكبس بالتراب فبيعها باطل، وبيع الكردار إذا كان معلوما يجوز لكن لا شفعة فيه ا هـ‏.‏ ملخصا، ونحوه في النهاية والذخيرة‏.‏ وفي التتارخانية عن السراجية‏:‏ رجل له دار في أرض الوقف فلا شفعة له، ولو باع هو عمارته فلا شفعة لجاره ا هـ‏.‏

مطلب في الكلام على الشفعة في البناء

نحو الأرض المحتكرة هذا وقد انتصر أبو السعود في حاشية مسكين لابن الكمال وجزم بخطإ من أفتى بأنه لا شفعة في البناء في الأرض المحتكرة كالطوري إذ لا سند له في فتواه؛ ثم استدل بما في شرح المجمع الملكي لو بيع النخل وحده أو البناء وحده فلا شفعة لأنهما لا قرار لهما بدون العرصة‏.‏ قال‏:‏ فتعليله كالصريح في ثبوت الشفعة في البناء في المحتكرة لما له من حق القرار ا هـ‏.‏ واستدل قبل هذا أيضا بما هو دليل عليه لا له كما تعرفه‏.‏ وأما ما في شرح المجمع فلا دليل فيه أيضا لأن التعليل المذكور لبيان الفرق بين بيع البناء أو النخل وحده وبين بيعه مع محله القائم فيه فإنه تثبت فيه الشفعة لوجود حق القرار على الدوام، بخلاف بيع البناء أو الشجر وحده ولو في الأرض المحتكرة كما علمته مما قررناه سابقا‏.‏ ويمكن أن يكون مراد ابن الكمال بحق القرار المحل القائم فيه فلا يكون فيه مخالفة لغيره، وقوله إذ لا سند له في فتواه عجيب بعدما قدمناه من النقول، ومما يدل عليه قطعا ما في الجامع الصغير أن بيع أرض مكة لا يجوز وإنما يجوز بيع البناء فلا تجب الشفعة‏.‏ وروى الحسن عن أبي حنيفة أنها تجب وهو قولهما وعليه الفتوى لأنه باع المملوك ا هـ‏.‏ قال في شرح الوهبانية‏:‏ ولا يخفى أن مفاد هذا الكلام أن الشفعة فيها إنما تثبت بناء على القول بأن أرضها مملوكة لا أن مجرد البناء فيها يوجب الشفعة فيكون حكمه مخالفا لحكم غيره من الأبنية كما توهمه عبارة ابن وهبان ا هـ‏.‏ أي فإن عبارته توهم أن ثبوت الشفعة فيها لمجرد البناء فتجب، ولو قيل إن أرضها غير مملوكة فيخالف حكم غيره من الأبنية وليس كذلك، بل ثبوتها خاص بالقول بملكية أرضها ليكون البناء تابعا للأرض فلا يكون من بيع المنقول‏.‏ والعجب من أبي السعود حيث استدل بهذا الكلام وجعله صريحا فيما ادعاه مع أنه صريح بخلافه كما لا يخفى، فإنه على القول بأن أرضها غير مملوكة فالبناء فيها له حق القرار على الدوام ومع هذا لا شفعة فيه فكيف البناء في الأرض المحتكرة، لا يقال‏:‏ يلزم من هذا عدم ثبوتها في العلو لأنا نقول‏:‏ البناء من المنقول بخلاف العلو كما مر، وأشار إليه الزيلعي فيما يأتي، فاغتنم هذه الفوائد الفرائد

‏(‏قوله ولو بعد سنين‏)‏ مرتبط بقوله جواز الطلب‏:‏ أي إذا لم يعلم بها ط ‏(‏قوله لا عليه‏)‏ أي لا يجب عليه الطلب بها، فالمراد بالوجوب الثبوت كما قال الأتقاني ‏(‏قوله بعد البيع‏)‏ لم يقل بالبيع لأنه شرط ابن كمال ‏(‏قوله ولو فاسدا انقطع فيه حق المالك‏)‏ بالهبة أو البناء أو الغرس ‏(‏قوله كما يأتي‏)‏ أول الباب الثاني ‏(‏قوله أو بخيار للمشتري‏)‏ متعلق بمحذوف منصوب على الحالية عطفا على قوله ولو فاسدا المقرون بالواو الحالية لا على مدخول لو لفساد المعنى، لأنه لو كان الخيار للبائع أولهما فلا شفعة اتفاقا، لأن المبيع لم يخرج عن ملك بائعه، بخلاف ما إذا كان للمشتري، وسيأتي تمام الكلام على ذلك في الباب الثاني‏.‏ وفي القهستاني عن قاضي خان‏:‏ لا شفعة في بيع الوفاء لأن حق المالك لا ينقطع رأسا ‏(‏قوله وتستقر بالإشهاد‏)‏‏:‏ أي بالطلب الثاني وهو طلب التقرير‏.‏ والمعنى أنه إذا أشهد عليها لا تبطل بعد ذلك بالسكوت إلا أن يسقطها بلسانه أو يعجز عن إيفاء الثمن فيبطل القاضي شفعته، ولا بد من طلب المواثبة لأنها حق ضعيف يبطل بالإعراض فلا بد من الطلب والإشهاد جوهرة ‏(‏قوله في مجلسه أي طلب المواثبة‏)‏ هو أن يطلب كما سمع وهذا هو الطلب الأول من الثلاثة الآتية، وفيه مخالفة لما قدمناه عن الجوهرة ولقوله فلا تبطل بعده لأن تأخير طلب التقرير مبطل لها أيضا كما يأتي، وهو متابع لابن الكمال حيث قال أراد بالإشهاد طلب المواثبة، لأن حق الشفعة قبله متزلزل بحيث لو أخر تبطل، وإذا لم يؤخر استقر أي لا تبطل بعد ذلك ا هـ‏.‏ ويمكن أن يجاب عن عبارة الشارح بأن يقال‏:‏ المراد بالإشهاد هو الطلب الثاني إذا كان في مجلس طلب المواثبة لما سيأتي أنه حينئذ يقوم مقام الطلبين، لكن يبعده الضمير في مجلسه، فإنه لو رجع إلى طلب المواثبة لزم عوده على غير مذكور، والظاهر أنه راجع إلى الإشهاد، وقد فسره بقوله أي طلب المواثبة، فينافي حمله على الطلب الثاني‏.‏ والعبارة الصحيحة أن يقال‏:‏ ولو في مجلس طلب المواثبة بزيادة لو وإسقاط الضمير وأداة التفسير، ويكون المراد بالإشهاد الطلب الثاني كما قلنا فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله فلا تبطل بعده‏)‏ أي بتأخير الطلب الثالث، وهو طلب التملك إما مطلقا أو إلى شهر كما يأتي

‏(‏قوله ويملك‏)‏ بالياء المثناة التحتية‏.‏ قال في الدرر‏:‏ أي العقار وما في حكمه ا هـ‏.‏ ونحوه في المنح‏:‏ والذي رأيناه في النسخ تملك بالتاء الفوقية، وعليه فالضمير يعود على البقعة المذكورة أولا ‏(‏قوله بالأخذ إلخ‏)‏ لأن ملك المشتري تم فلا ينتقل عنه إلا بأحدهما كالرجوع في الهبة، فلو مات أو باع المستحق بها أو بيعت دار بجنبها قبل الأخذ أو الحكم بطلت، ولو أكل المشتري ثمرا حدث بعد قبضه لم يضمنه، وتمامه في الجوهرة ‏(‏قوله عطف على الأخذ‏)‏ فلو قدمه عليه كما في الغرر لسلم من الإيهام ط ‏(‏قوله كما حرره منلا خسرو‏)‏ أي تبعا لغيره من الشراح ‏(‏قوله بقدر رءوس الشفعاء‏)‏ لاستوائهم في استحقاق الكل لوجود علته فيجب الاستواء في الحكم، وشمل ما لو كان المشتري أحدهم وطلب معهم فيحسب واحدا منهم ويقسم المبيع بينهم كما في الوهبانية وشروحها، وسيأتي في الباب الثاني ‏(‏قوله إن لم يكن‏)‏ أي لم يوجد خليط في نفس المبيع مستحق، بأن لم يوجد أصلا، أو كان غائبا، أو كان حاضرا وسقطت شفعته بمسقط غير التسليم ‏(‏قوله له‏)‏ متعلق بتجب ولم يعده الشارح لظهوره بعدما نبه عليه فيما قبله، وقوله في حق المبيع متعلق بالضمير المجرور لعوده على الخليط وهو جائز عند بعضهم كقول الشاعر‏:‏

وما هو عنها بالحديث المترجم ***

أي وما الحديث عنها، والأولى إظهاره وإضمار ما بعده بأن يقول ثم للخليط في حقه، ولذا قال ابن الكمال‏:‏ من قال ثم له في حق المبيع أضمر فيما حقه الإظهار وأظهر فيما يكفي فيه الإضمار ‏(‏قوله وهو الذي قاسم إلخ‏)‏ كذا في العيني‏:‏ قال المرحوم الشيخ شاهين‏:‏ فيه نظر لأن الخليط في حق المبيع أعم ممن قاسم أولا بأن كان خليطا في حق المبيع من غير قسمة ويمكن أن يجاب بأنه غير احترازي، فالمتن على إطلاقه ا هـ‏.‏ وأقول‏:‏ بل هو احترازي لأنه قبل القسمة يستحقها من حيث كونه شريكا في نفس المبيع لا في حقه، إذ الشريك في المبيع مقدم على الخليط في حقه أبو السعود ‏(‏قوله كالشرب والطريق إلخ‏)‏ الشرب بكسر الشين‏:‏ النصيب من الماء، وعطف القهستاني الطريق بثم وقال‏:‏ فلو بيع عقار بلا شرب وطريق وقت البيع، فلا شفعة فيه من جهة حقوقه ولو شاركه أحد في الشرب وآخر في الطريق فصاحب الشرب أولى‏.‏ قال في الدر المنتقى‏:‏ ونقل البرجندي أن الطريق أقوى من المسيل فراجعه ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لا تجري فيه السفن‏)‏ قيل أراد به أصغر السفن، وعامة المشايخ على أن الشركاء على النهر إن كانوا يحصون فصغير وإلا فكبير‏.‏ ثم اختلفوا، فقيل ما لا يحصى خمسمائة، وقيل أربعون، وقيل الأصح تفويضه إلى رأي كل مجتهد في زمانه ا هـ‏.‏ كفاية ملخصا‏.‏ قال العيني‏:‏ وهو الأشبه‏.‏ وفي الدر المنتقى عن المحيط‏:‏ وهو الأصح‏.‏ وفيه عن النتف‏:‏ فلو باع حصته بشربها فالشفعة للخليط ثم لأهل الجدول ثم لأهل الساقية ثم لأهل النهر العظيم ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ أصل مياه دمشق من بردى، ويتشعب منه أنهار كقنوات بانياس وتورا، ويتشعب منها لشرب البيوت طوالع، وكل طالع قد يتشعب منه طوالع وهكذا، ومقتضى ما في النتف أن يعتبر أخص طالع ثم ما فوقه وهكذا إلى أن ينتهي إلى النهر العظيم وهو بردى الذي يسقي دمشق وقراها، ومسافة ذلك أكثر من ثمان ساعات فلكية وعليه فلو بيعت أرض شربها من أصل بردى ولا شركة فيها نفسها فلجميع أهل تلك المسافة حق أخذها بالشفعة وفيه توسيع للدائرة جدا، فلا جرم كان الأصح الأشبه تفويضه لرأي المجتهد في كل زمان‏.‏ والظاهر أن المراد بالمجتهد الحاكم ذو الرأي المصيب للعلم بانقطاع المجتهد المصطلح عليه، نعم على ما نذكره قريبا عن الهداية لا يلزم المحذور، والله تعالى أعلم‏.‏ ‏(‏قوله وطريق لا ينفذ‏)‏ فكل أهلها شفعاء ولو مقابلا، والمراد بعدم النفاذ أن يكون بحيث يمنع أهله من أن يستطرقه غيرهم كما في الدر المنتقى، فلو فيه مسجد فنافذ حكما إذا كان مسجد خطة لا محدثا وتمامه في البزازية، فإن كانت سكة غير نافذة يتشعب منها أخرى غير نافذة مستطيلة لا شفعة لأهل الأولى في دار من هذه بخلاف عكسه، ولو كان نهر صغير يأخذ منه نهر أصغر منه فهو على قياس الطريق فلا شفعة لأهل النهر الصغير في أرض متصلة بالأصغر كما في الهداية وشروحها، وخرج بالمستطيلة المستديرة ومر بيان ذلك وتوجيهه في متفرقات القضاء ‏(‏قوله شرب نهر‏)‏ أي صغير ‏(‏قوله فلكل أهل الشرب‏)‏ أي من ذلك النهر الخاص ومثله الطريق الخاص، فكل أهله شفعاء ولو مقابلا كما قدمناه، فالذي في أوله كالذي في آخره أتقاني ‏(‏قوله ثم لجار ملاصق‏)‏ ولو متعددا، والملاصق من جانب واحد ولو بشبر كالملاصق من ثلاثة جوانب فهما سواء أتقاني‏.‏ وفي القهستاني‏:‏ الملاصق المتصل بالبيع ولو حكما كما إذا بيع بيت من دار فإن الملاصق له ولأقصى الدار في الشفعة سواء ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بابه في سكة أخرى‏)‏ نافذة أو لا در منتقى ‏(‏قوله وظهر داره لظهرها‏)‏ أي لظهر الدار المشفوعة وعبارة الهداية وغيرها على ظهرها، وهذا القيد غير لازم، وما ذكره الأتقاني وغيره أنه للاحتراز عن المحاذي معناه ولو بينهما طريق نافذ، لما في الجوهرة‏:‏ ثم الجار هو الملاصق الذي إلى ظهر المشفوعة وبابه من سكة أخرى دون المحاذي وبينهما طريق نافذ فلا شفعة له وإن قربت الأبواب، لأن الطريق الفارقة تزيل الضرر ا هـ‏.‏ أبو السعود ملخصا أقول‏:‏ إذ لو كان محاذيا والطريق غير نافذ فهو خليط لا جار كما مر ويأتي ‏(‏قوله فلو بابه في تلك السكة‏)‏ أي وهي غير نافذة كما سبق ط ‏(‏قوله كما مر‏)‏ من قوله وطريق لا ينفذ‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

بينهما منزل في دار لقوم باع أحدهما نصيبه منه فشريكه فيه أحق، ثم الشركاء في الدار لأنهم أقرب ثم في السكة ثم للجار الملاصق نهاية وغيرها‏.‏ قال أبو السعود‏:‏ لأنها لدفع الضرر الدائم، فكلما كان أخص اتصالا كان أخص الضرر فكان أحق بها إلا إذا سلم ا هـ‏.‏

واعلم أن كل موضع سلم الشريك الشفعة فإنما تثبت للجار إن طلبها حين سمع البيع وإن لم يكن له حق الأخذ في الحال‏.‏ أما إذا لم يطلب حتى سلم الشريك فلا شفعة له شرح المجمع، ومثله في النهاية وغيرها ‏(‏قوله وواضع جذع على حائط‏)‏ أي حائط لا ملك له فيه وإلا فهو المسألة الآتية ‏(‏قوله ولو في نفس الجدار فشريك‏)‏ أي ولو كان شريكا في نفس الجدار فهو شريك في المبيع‏:‏ أي في بعضه ‏(‏قوله قلت لكن إلخ‏)‏ وفق الشارح في الدر المنتقى بحمل ما في الملتقى على ما إذا كان البناء والمكان الذي عليه البناء مشتركا ا هـ‏.‏ ح‏.‏ أقول‏:‏ وهو المصرح به في الكفاية عن المغني حيث قال‏:‏ الجار المؤجر عن الشريك في الطريق أن لا يكون شريكا في أرض الحائط المشترك، أما إذا كان شريكا فيقدم إلخ ‏(‏قوله لا يستحق بها الشفعة‏)‏ أي شفعة الشريك لا مطلقا لأنه جار ملاصق، أو المعنى لا يستحق الشفعة وحده دون بقية الجيران تأمل ‏(‏قوله وكذا للجار المقابل إلخ‏)‏ دفع به ما يتوهم من قوله وظهر داره لظهرها أنه قيد ط‏.‏ وفيه أنه لا ملاصقة هنا‏.‏ وأيضا فإن ما مر فيما إذا كان بابه في سكة أخرى وفيما نحن فيه السكة واحدة فيما يظهر، ولذا وجهه أبو السعود بأن استحقاقها فيه للشركة في حق المبيع فلا تعتبر الملاصقة فالظاهر أنه تعميم لقوله وطريق لا ينفذ أفاد به أنه يشمل المقابل وبهذه الإفادة لا يقال إنه مكرر فافهم، نعم كان ينبغي ذكره هناك ‏(‏قوله بخلاف النافذة‏)‏ قدمنا وجهه عن الجوهرة‏.‏

‏(‏قوله أسقط بعضهم حقه إلخ‏)‏ قد مر أن الشفيع يثبت له الملك بمجرد الحكم قبل الأخذ، وسيذكر المصنف آخر الباب الآتي أنه ليس له تركها بعد القضاء، فإن حمل الإسقاط هنا على أنه تمليك للبائع أو المشتري فلم لا يكون لمن بقي أخذها به فليتأمل ثم رأيت ط نقل عن العلامة المكي أن عدم أخذ الباقين نصيب التارك لعدم صحة الترك لتقرر ملكه بالقضاء لا لانقطاع حقهم به مع صحة الترك منه ا هـ‏.‏ وبه يزول الإشكال ‏(‏قوله لزوال المزاحمة‏)‏ أي مزاحمة المشارك لهم في الاستحقاق وزوالها بتركه قبل تقرر ملكه وفي النهاية إذا سلم أحدهما لم يكن للآخر إلا أن يأخذها كلها أو يدعها لأن مزاحمة من سلم قد زالت فكأنه لم يكن ‏(‏قوله في الجميع‏)‏ أي جميع المبيع ‏(‏قوله وكذا لو كان الشريك غائبا إلخ‏)‏ يغني عنه ما قبله تأمل ‏(‏قوله ثم إذا حضر وطلب‏)‏ أي الغائب في الصورتين ‏(‏قوله قضي له بها‏)‏ قال في الهداية‏:‏ وإن قضي لحاضر بالجميع ثم حضر آخر يقضى له بالنصف، ولو حضر ثالث فبثلث ما في يد كل واحد تحقيقا للتسوية ‏(‏قوله فلو مثل الأول‏)‏ أي لو كان الذي حضر مثل الأول كشريكين أو جارين ‏(‏قوله ولو فوقه‏)‏ كأن يكون الأول جارا والثاني شريكا فيقضى له بالكل ويبطل شفعة الأول ‏(‏قوله ولو دونه‏)‏ كعكس ما قلنا

‏(‏قوله لفقد شرطه وهو البيع‏)‏ أي وإن وجد السبب وهو اتصال ملك الشفيع بالمشرى لأنه لا يكون سببا إلا عند وجود الشرط كما في الطلاق المعلق منح ملخصا ‏(‏قوله لم يملك ذلك‏)‏ فيه إشارة إلى أن شفعته لم تبطل بذلك وفي المجمع ولا يجعل يعني أبا يوسف قوله أخذ نصفها تسليما، وخالفه محمد‏.‏ قال شارحه‏:‏ وفي المحيط الأصح قول محمد ا هـ‏.‏ ومثله في غرر الأفكار وشرحه‏.‏ وفي الخانية قال للمشتري‏:‏ سلم لي نصفها فأبى المشتري لا تبطل شفعته في الصحيح لأن طلب تسليم النصف لا يكون تسليما ا هـ‏.‏ يعني إسقاطا للباقي ‏(‏قوله ولو جعل إلخ‏)‏ أي قبل القضاء أما بعده فلا يسقط حقه كما يعلم مما مر ‏(‏قوله بناء أنه‏)‏ أي على أنه ‏(‏قوله إذ شرط صحتها أن يطلب الكل‏)‏ لأنه يستحق الكل والقسمة للمزاحمة، وكذا لو كانا حاضرين فطلب كل منهما النصف بطلت، ولو طلب أحدهما الكل والآخر النصف بطل حق من طلب النصف، وللآخر أن يأخذ الكل أو يترك وليس له أن يأخذ النصف زيلعي‏.‏ أقول‏:‏ والظاهر أن المراد بالطلب هنا طلب المواثبة والإشهاد، وما قدمناه آنفا عن المجمع محمول على ما إذا طلب أخذ النصف بعدهما فلا منافاة فتأمل‏.‏ وسيأتي بعيد الحيل ما يؤيده فتأمل‏.‏

‏(‏قوله فتجب الشفعة فيها‏)‏ أفاد أن وجوبها فرع عن جواز بيع أرضها على قولهما المفتى به، وإلا فمجرد البناء لا يوجب الشفعة، وقدمنا بيانه ‏(‏قوله وسنحققه في الحظر‏)‏ نقل فيه عن إجارة الوهبانية والتتارخانية‏.‏ قال أبو حنيفة‏:‏ أكره إجارة بيوت مكة أيام الموسم، وكان يفتي لهم أن ينزلوا عليهم في بيوتهم، ‏{‏سواء العاكف فيه والباد‏}‏ ورخص فيها في غير الموسم‏.‏ قلت‏:‏ وبه يظهر الفرق والتوفيق‏:‏ أي الفرق بين أيام الموسم وغيرها والتوفيق بين من عبر بكراهة الإجارة وبين من نفاها ط ‏(‏قوله ويصح الطلب إلخ‏)‏ قال في الولوالجية‏:‏ الوكيل بشراء الدار إذا اشترى وقبض فطلب الشفيع الشفعة منه إن لم يسلم الوكيل الدار إلى الموكل صح، وإن سلم لا يصح الطلب وتبطل شفعته هو المختار ا هـ‏.‏ ومثله في التتارخانية والقنية، ولعل وجه البطلان أن الوكيل بعد التسليم لم يبق خصما وإنما الخصم هو الموكل فصار مؤخرا للطلب بطلبه من غير خصم مع القدرة على الطلب من الخصم تأمل

‏(‏قوله ولا شفعة في الوقف‏)‏ أي إذا بيع‏.‏ قال في التجريد‏:‏ ما لا يجوز بيعه من العقار كالأوقاف لا شفعة في شيء من ذلك عند من يرى جواز بيع الوقف، ثم قال‏:‏ لا شفعة في الوقف ولا بجواره ا هـ‏.‏ نقله الرملي ‏(‏قوله ولا له‏)‏ يغني عنه قول المصنف بعده ولا بجواره، ولعله ذكره لأنه أعم من الجوار لشموله ما إذا كان خليطا مع الملك المبيع كما صور به الشارح فيما يأتي فليس تكرارا محضا فافهم ‏(‏قوله شرح مجمع‏)‏ عبارته ما في المتن ‏(‏قوله وخانية‏)‏ عبارتها كما في المنح‏:‏ ولا شفعة في الوقف لا للقيم ولا للموقوف عليه ‏(‏قوله خلافا للخلاصة والبزازية‏)‏ حيث قالا‏:‏ وكذا تثبت الشفعة بجوار دار الوقف ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وفي نسختي البزازية لا تثبت، نعم رأيت في نسختي الخلاصة كما قال ‏(‏قوله ولعل لا ساقطة‏)‏ يؤيده أنه ذكر في كل من الخلاصة والبزازية قبله بأقل من سطر ما لا يجوز بيعه من العقار لا شفعة فيه إلخ فالتشبيه‏.‏ يقتضيه فافهم ‏(‏قوله وحمل شيخنا الرملي‏)‏ أي في حاشية المنح‏.‏ وحاصله أن الوقف منه ما لا يملك بحال فلا شفعة فيه لعدم صحة بيعه، ولا له‏:‏ أي لا لقيمه ولا للموقوف عليه لعدم المالك‏.‏ ومنه ما قد يملك، كما إذا كان غير محكوم به فلا شفعة له لعدم المالك بل فيه الشفعة إذا بيع لجواز البيع‏.‏ فيحمل الأول وهو ما في النوازل وشرح المجمع من عدم الشفعة فيه أوله على ما إذا كان لا يملك بحال‏.‏ وما في الخلاصة والبزازية من ثبوتها بجواره على ما إذا كان قد يملك، والمراد من ثبوتها بجواره ثبوتها فيه إذا بيع نفسه بسبب جواره‏.‏ وأما التوفيق بين ما في الخانية من أنه لا شفعة فيه وبين ما في البزازية والخلاصة من ثبوتها بجواره، فهو بحمل الأول على الأخذ به‏:‏ أي أخذ دار بيعت في جواره، والثاني على أخذه نفسه إذا كان مما قد يملك، هكذا يفهم من كلام شيخه في الحاشية، وبه ظهر أنه اقتصر على التوفيق الثاني فقط، إذ ما في النوازل وشرح المجمع لا يمكن حمله على الأخذ به فقط كما لا يخفى، فاغتنم هذا التحرير ‏(‏قوله الأول‏)‏ هو ما في الخانية فقط لما علمته، فكان ينبغي له عبارتها ‏(‏قوله والثاني‏)‏ هو ما في الخلاصة والبزازية ‏(‏قوله وأما إذا بيع بجواره‏)‏ الباء زائدة والجوار بمعنى المجاور نائب فاعل، أو الباء بمعنى في الظرفية متعلقة بمحذوف صفة لموصوف محذوف‏:‏ أي بيع عقار كائن في جواره تأمل، وقد تبع شيخه في هذا التعبير ‏(‏قوله أو كان بعض المبيع ملكا إلخ‏)‏ حاصله أنه لا شفعة له لا بجوار ولا بشركة فهو صريح بالقسمين كما أشار إليه الشارح بنقل عبارة النوازل، ونبهنا عليه ‏(‏قوله فلا شفعة للوقف‏)‏ إذ لا مالك له‏.‏

مطلب مهم كون الأرض عشرية أو خراجية لا ينافي الملكية فتجب فيها الشفعة ما لم تكن سلطانية

‏[‏تتمة‏]‏

قدمنا أنه لا شفعة في الأراضي السلطانية، وذكر في الخيرية أن كون الأرض عشرية أو خراجية لا ينافي الملك، ففي كثير من الكتب‏:‏ أرض الخراج أو العشر مملوكة يجوز بيعها وإيقافها وتورث، فتثبت فيها الشفعة بخلاف السلطانية التي تدفع مزارعة لا تباع فلا شفعة فيها، فلو ادعى واضع اليد أن الأرض ملكه وأنه يؤدي خراجها فالقول له وعلى من نازعه في الملكية البرهان إن صحت دعواه عليه وإنما ذكرته لكثرة وقوعه في بلادنا ا هـ‏.‏ ملخصا، وقدمنا أيضا أنه لا شفعة في البناء في الأرض المحتكرة ولا لها كالوقف‏.‏

مطلب باع دارا بعضها محتكر هل تثبت للجار الشفعة

وسئلت من نائب قاضي دمشق عما إذا بيعت دار فيها قطعة محتكرة فهل للدار الشفعة‏؟‏ فأجبته‏:‏ بأني لم أرها صريحا ولكن الظاهر أن له أخذ الدار سوى تلك القطعة وما عليها من البناء بشرط أن لا يكون جواره للدار المبيعة بملاصقته لتلك القطعة، أخذا من قولهم‏:‏ باع أرضين صفقة ورجل شفيع لواحدة له أخذها فقط، ومما سيأتي في الحيل‏:‏ لو باع عقارا إلا ذراعا في جانب الشفيع فلا شفعة لعدم الاتصال تأمل، والله تعالى أعلم‏.‏

باب طلب الشفعة

‏(‏قوله من مشتر‏)‏ متعلق بعلمه ح ‏(‏قوله أو عدل أو عدد‏)‏ أي لو كان المخبر فضوليا، والمراد بالعدد عدد الشهادة رجلان أو رجل وامرأتان، وأفاد عدم اشتراط العدالة في العدد وكذا في المشتري لأنه خصم، ولا تشترط العدالة في الخصوم، ومثله رسوله كما في التتارخانية‏.‏ وفيها إن كان الفضولي واحدا غير عدل فإن صدقه ثبت الشراء، وإن كذبه لا وإن ظهر صدق الخبر عند أبي حنيفة ا هـ‏.‏ قال في الدرر‏:‏ وقالا يكفي واحد حرا كان أو عبدا صبيا أو امرأة إذا كان الخبر صدقا ‏(‏قوله بالبيع‏)‏ متعلق بعلمه ‏(‏قوله وإن امتد المجلس‏)‏ ما لم يشتغل بما يدل على الإعراض درر البحار ‏(‏قوله كالمخيرة‏)‏ أي كخيار المخيرة وهي التي قال لها زوجها أمرك بيدك ‏(‏قوله هو الأصح‏)‏ واختاره الكرخي ‏(‏قوله وعليه المتون‏)‏ أي ظاهرها ذلك لأنهم عبروا بالمجلس ‏(‏قوله خلافا لما في جواهر الفتاوى إلخ‏)‏ أشار إلى عدم اختياره لمخالفته لظاهر المتون، لكن هذا القول مناسب لتسميته طلب المواثبة ولظاهر الحديث الآتي، وظاهر الهداية اختياره ونسبه إلى عامة المشايخ قال في الشرنبلالية وهو ظاهر الرواية، حتى لو سكت هنية بغير عذر ولم يطلب أو تكلم بكلام لغو بطلت شفعته كما في الخانية والزيلعي وشرح المجمع ا هـ‏.‏ وقوله وعليه الفتوى من كلام الجوهري وهذا ترجيح صريح مع كونه ظاهر الرواية فيقدم على ترجيح المتون بمشيهم على خلافه لأنه ضمني‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

أخبر بكتاب والشفعة في أوله أو وسطه وقرأه إلى آخره بطلت هداية‏.‏ سمع وقت الخطبة فطلب بعد الصلاة إن بحيث يسمع الخطبة لا تبطل وإلا ففيه اختلاف المشايخ، ولو أخبر في التطوع فجعله أربعا أو ستا فالمختار أنها تبطل لا إن أتم ما بعد الظهر أربعا في الصحيح، ولو ستا تبطل ولا تبطل إن أتم القبلية أربعا، وسلامه على غير المشتري يبطلها ولو عليه لا كما لو سبح أو حمدل أو حوقل أو شمت عاطسا تتارخانية‏:‏ أي على رواية اعتبار المجلس كفاية وشرنبلالية‏.‏

مطلب لو سكت لا تبطل ما لم يعلم المشتري والثمن

وفي الخانية‏:‏ أخبر بها فسكت، قالوا لا تبطل ما لم يعلم المشتري والثمن، كالبكر إذا استؤمرت ثم علمت أن الأب زوجها من فلان صح ردها ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وبه أفتى المصنف التمرتاشي في فتاواه فليحفظ ‏(‏قوله بلفظ يفهم طلبها‏)‏ متعلق بقوله يطلبها، والمراد أي لفظ كان، حتى حكى ابن الفضل‏:‏ لو قال القروي شفعة شفعه كفى تتارخانية ‏(‏قوله طلب المواثبة‏)‏ سمي به تبركا بلفظه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «الشفعة لمن واثبها»، أي طلبها على وجه السرعة أتقاني ‏(‏قوله أي المبادرة‏)‏ مفاعلة من الوثوب على الاستعارة، لأن من يثب‏:‏ هو من يسرع في طي الأرض بمشيه أتقاني ‏(‏قوله والإشهاد فيه ليس بلازم‏)‏ كذا في الهداية وغيرها، لأن طلب المواثبة ليس لإثبات الحق بل ليعلم أنه غير معرض عن الشفعة نهاية ومعراج ‏(‏قوله بل لمخافة الجحود‏)‏ أي جحود المشتري الطلب‏.‏ كما قالوا‏:‏ إذا وهب الأب لطفله وأشهد على ذلك، وما ذكروا الإشهاد لكونه شرطا لصحة الهبة بل لإثباتها عند إنكار الأب معراج‏.‏ قال السائحاني‏:‏ وظاهره أنه لا يصدق بيمينه مع أنه يصدق إذا قال طلبت حين علمت، نعم لو قال علمت أمس وطلبت كلف إقامة البينة كما في الدرر ا هـ‏.‏ هذا وظاهر كلام الدرر أن الإشهاد فيه لا يلزم فيما إذا كان في مكان خال من الشهود لأنه صرح بأن مما يبطلها ترك الإشهاد عليه مع القدرة لأنه دليل الإعراض لكن قال الشرنبلالي‏:‏ إنه سهو، لأن الشرط الطلب فقط دون الإشهاد عليه ا هـ‏.‏ ويأتي تمام الكلام فيه في الباب الآتي‏.‏ وفي القهستاني‏:‏ يجب الطلب وإن لم يكن عنده أحد لئلا تسقط الشفعة ديانة وليتمكن من الحلف عند الحاجة كما في النهاية، ولا يشترط الإشهاد فيصح بدونه لو صدقه المشتري كما في الاختيار وغيره ا هـ‏.‏ فهذا دليل على أنه غير شرط مطلقا وكذا يدل عليه تصديقه بيمينه فيما مر فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله ثم يشهد إلخ‏)‏ أتى بثم إشارة إلى أن مدة هذا الطلب ليست على فور المجلس في الأكثر بل مقدرة بمدة التمكن من الإشهاد كما في النهاية وغيرها قهستاني ‏(‏قوله لو العقار في يده‏)‏ وإلا فلا يصح الإشهاد على ما ذكره القدوري وعصام والناطقي؛ واختاره الصدر الشهيد وذكر شيخ الإسلام وغيره أنه يصح استحسانا كما في المحيط قهستاني ‏(‏قوله وإن لم يكن ذا يد إلخ‏)‏ رد على المصنف في المنح لمخالفته لما في الجوهرة والدرر والنهاية والخانية وغيرها ‏(‏قوله أو عند العقار‏)‏ لتعلق الحق به اختيار ‏(‏قوله وهو طلب إشهاد‏)‏ أقول‏:‏ ظاهر عباراتهم لزوم الإشهاد فيه لكن رأيت في الخانية‏:‏ إنما سمي الثاني طلب الإشهاد لا لأن الإشهاد شرط بل لتمكنه من إثبات الطلب عند جحود الخصم ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله حتى لو تمكن إلخ‏)‏ أشار إلى أن مدته مقدرة بالتمكن منه كما مر، فلو افتتح التطوع بعد طلب المواثبة قبل طلب الإشهاد بطلت خانية‏.‏

مطلب طلب عند القاضي قبل طلب الإشهاد بطلت

وأفتى في الخيرية بسقوطها إذا طلب عند القاضي قبل طلب الإشهاد فليحفظ‏.‏ وفي الخانية‏:‏ إن كان المتبايعان والشفيع والدار في مصر والدار في يد البائع فإلى أيهم ذهب الشفيع وطلب صح، ولا يعتبر فيه الأقرب والأبعد لأن المصر مع تباعد الأطراف كمكان واحد إلا أن يجتاز على الأقرب ولم يطلب فتبطل، وإن كان الشفيع وحده في مصر آخر فإلى أيهم ذهب صح، وإن أحد المتبايعين في مصر الشفيع فطلب من الأبعد بطلت ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله لي‏)‏ أي مملوكة لي حال من دار ‏(‏قوله لشمل الشريك في نفس المبيع‏)‏ لأن قوله بدار كذا يفيد أنها غير الدار المشفوعة فيكون جارا أو شريكا في الحقوق فقط، بخلاف قوله بسبب كذا فإنه يشمل الثلاثة فافهم ‏(‏قوله هذا‏)‏ أي قول الشفيع للقاضي مره أي أمر المشتري مفروض فيما لو قبضها المشتري يعني أو وكيله ‏(‏قوله وطلب الخصومة لا يتوقف عليه‏)‏ أي على قبض المشتري، إذ لو كانت في يد البائع يصح الطلب أيضا ويأمره بتسليمها للشفيع، وإنما يتوقف على حضرة المشتري وحده مطلقا أو مع البائع لو قبل التسليم كما سيذكره قريبا‏.‏ وحاصل كلامه أن كون الأمر متوجها للمشتري ليس بقيد، لأن قبضه غير شرط لصحة الطلب فافهم ‏(‏قوله به يفتى‏)‏ كذا في الهداية والكافي درر‏.‏ قال في العزمية‏:‏ وقد رأيت فتوى المولى أبي السعود على هذا القول ‏(‏قوله وقيل يفتى بقول محمد‏)‏ قائله شيخ الإسلام وقاضي خان في فتاواه وشرحه على الجامع، ومشى عليه في الوقاية والنقاية والذخيرة والمغني‏.‏ وفي الشرنبلالية عن البرهان أنه أصح ما يفتى به‏.‏ قال‏:‏ يعني أنه أصح من تصحيح الهداية والكافي، وتمامه فيها، وعزاه القهستاني إلى المشاهير كالمحيط والخلاصة والمضمرات وغيرها‏.‏ ثم قال‏:‏ فقد أشكل ما في الهداية والكافي ‏(‏قوله بلا عذر‏)‏ فلو بعذر كمرض وسفر أو عدم قاض يرى الشفعة بالجوار في بلده لا تسقط اتفاقا شرح مجمع ‏(‏قوله يعني دفعا للضرر‏)‏ بيان لوجه الفتوى بقول محمد‏.‏ قال في شرح المجمع‏:‏ وفي جامع الخاني‏:‏ الفتوى اليوم على قول محمد لتغير أحوال الناس في قصد الإضرار ا هـ‏.‏ وبه ظهر أن إفتاءهم بخلاف ظاهر الرواية لتغير الزمان فلا يرجح ظاهر الرواية عليه وإن كان مصححا أيضا كما مر في الغصب في مسألة صبغ الثوب بالسواد وله نظائر كثيرة، بل قد أفتوا بما يخالف رواية أئمتنا الثلاثة كالمسائل المفتى فيها بقول زفر وكمسألة الاستئجار على التعليم ونحوه فافهم ‏(‏قوله قلنا إلخ‏)‏ أي في الجواب عن ذلك، وظاهر كلام الشارح أنه يميل إلى ظاهر الرواية كالمصنف، وهو خلاف ظاهر كلامه في شرحه على الملتقى‏.‏ والجواب عنه أنه ليس كل أحد يقدر على المرافعة، وقد لا يخطر بباله أن دفع الضرر بذلك خصوصا بعدما إذا بنى أو غرس فإن الضرر أشد، وقد شاهدت غير مرة من جاء يطلبها بعد عدة سنين قصدا للإضرار وطمعا في غلاء السعر، فلا جرم كان سد هذا الباب أسلم، والله أعلم ‏(‏قوله وإذا طلب الشفيع إلخ‏)‏ ذكر سؤال القاضي الخصم عقب طلب الشفيع، وليس كذلك بل القاضي يسأل أولا الشفيع عن موضع الدار وحدودها لدعواه فيها حقا فلا بد من العلم بها ثم هل قبض المشتري الدار إذ لو لم يقبض لم تصح دعواه عليه ما لم يحضر البائع، ثم عن سبب شفعته وحدودها ما يشفع به فلعل دعواه بسبب غير صالح أو هو محجوب بغيره ثم متى علم وكيف صنع، فلعله طال الزمان أو أعرض، ثم عن طلب التقرير كيف كان وعند من أشهد‏:‏ وهل كان أقرب أم لا‏؟‏ فإذا بين ولم يخل بشرط تم دعواه وأقبل على الخصم فسأله زيلعي ملخصا ‏(‏قوله الخصم‏)‏ وهو المشتري زيلعي، أي لأن المصنف فرضه كذلك ‏(‏قوله عن مالكية الشفيع‏)‏ لأنه بمجرد كونها في يده لا يستحق الشفعة ابن ملك ‏(‏قوله أو نكل‏)‏ قدمه هنا وفيما يأتي على قوله أو برهن مع أن المناسب تأخيره عنه، لأن النكول بعد العجز عن البرهان رعاية للاختصار، إذ لو أخره احتاج على إبراز الفاعل فافهم ‏(‏قوله على العلم‏)‏ بأن يقول بالله ما أعلم أنه مالك لما يشفع به لأنها يمين على فعل الغير، وهذا قول الثاني، وعند الثالث على البتات والفتوى على الأول كما في القهستاني‏.‏ قال ابن ملك‏:‏ وهذا إذا قال المشتري ما أعلم، ولو قال أعلم أنه غير مملوك يحلف على البتات ‏(‏قوله أو برهن إلخ‏)‏ بأن يقولا إنها ملك هذا الشفيع قبل أن يشتري هذا المشتري هذا العقار وهي له إلى الساعة ولم نعلم أنها خرجت عن ملكه، فلو قالا إنها لهذا الجار لا يكفي كما في المحيط‏.‏ وعن أبي يوسف لا حاجة إلى البرهان قهستاني ‏(‏قوله سأله عن الشراء‏)‏ ليثبت كونه خصما عنده ابن ملك ‏(‏قوله على الحاصل في شفعة الخليط‏)‏ لأن ثبوت الشفعة فيه متفق عليه، فيقول بالله ما استحق الشفيع في هذا العقار الشفعة من الوجه الذي ذكره قهستاني، لأن في الاستحلاف على السبب إضرارا للمدعى عليه لجواز أن يكون قد فسخ العقد ابن ملك ‏(‏قوله أو على السبب إلخ‏)‏ بأن يقول بالله ما اشتريت هذه الدار، لأنه لو حلف فيه على الحاصل يصدق في يمينه في اعتقاده فيفوت النظر في حق المدعي ‏(‏قوله هذا إذا لم ينكر المشتري إلخ‏)‏ ظاهره أنه إذا أنكر طلبه الشفعة وقد كان أنكر الشراء فأقام عليه البرهان به أو عجز عنه فطلب يمينه فنكل أن يكون القول قوله، ولا يعد متناقضا ويحرر ط ‏(‏قوله فالقول له بيمينه‏)‏ أي المشتري، فإن أنكر طلب المواثبة حلف على العلم أو طلب التقرير فعلى البتات لإحاطة العلم به كما في الكبرى قهستاني، لكن قدمنا عنه عن النهاية أن طلب المواثبة واجب لئلا تسقط شفعته وليتمكن من الحلف عند الحاجة، ومفاده أن القول للشفيع بيمينه في طلب المواثبة إلا أن يحمل ما هنا على ما إذا قال علمت أمس وطلبت أما إذا قال طلبت حين علمت فالقول له بيمينه كما قدمناه عن الدرر فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله وإن لم يحضر الثمن‏)‏ إن وصلية‏:‏ أي لم يحضره إلى مجلس القاضي، لأن الثمن لا يجب قبل القضاء‏.‏ قال في الهداية‏:‏ وهذا ظاهر رواية الأصل‏.‏ وعن محمد لا يقضى حتى يحضره وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة، لأن الشفيع عساه يكون مفلسا ‏(‏قوله فلو قيل للشفيع إلخ‏)‏ أي قيل له ذلك بعد القضاء بها فأخر‏:‏ أي قال ليس عندي الثمن أو أحضره غدا أو ما أشبه ذلك لا تبطل شفعته بالإجماع، وإن قال ذلك قبل القضاء تبطل عند محمد نص عليه الزيلعي رملي ‏(‏قوله والخصم للشفيع المشتري مطلقا إلخ‏)‏ المراد بالإطلاق قبل التسليم أو بعده وبالتسليم تسليم المبيع للمشتري وبالأول المشتري وبالثاني البائع والباء في بملكه وبيده للسببية أي إن الأول خصم بسبب ملكه والثاني بسبب كون العقار المبيع بيده، وفي ذكر الإطلاق هنا نظر يظهر من سوق كلام ابن الكمال، فإنه قال‏:‏ والخصم للشفيع البائع والمشتري إن لم يسلم أحدهما بيده والآخر بملكه فلا تسمع البينة على البائع حتى يحضر المشتري، وإن سلم إلى المشتري لا يشترط حضور البائع لزوال الملك واليد عنه ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وحاصله أن الخصم قبل التسليم هو البائع والمشتري وبعده المشتري وحده، فقول الشارح الخصم المشتري إن أراد وحده لا يصح قوله مطلقا، وإن أراد مع البائع لا يناسب قوله قبل التسليم، فكان عليه أن لا يذكر الإطلاق‏.‏ وأما كون الخصم بعد التسليم هو المشتري وحده فسينبه عليه بعده فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله ولكن لا تسمع‏)‏ الاستدراك في محله بالنظر إلى مجرد المتن، وأما بالنظر إلى عبارة الشارح حيث زاد أولا المشتري، فهو مستدرك والمقام مقام التفريع كما قدمناه في عبارة ابن الكمال تأمل ‏(‏قوله لأنه المالك‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ لأن الشفيع مقصوده أن يستحق الملك واليد فيقضي القاضي بهما لأن لأحدهما يدا وللآخر ملكا ا هـ‏.‏ أي فلذا كان لا بد من حضورهما كما في الهداية، وفي قوله ويفسخ بحضوره إشارة إلى علة أخرى لحضور المشتري وهي أن يصير مقضيا عليه بالفسخ كما نبه عليه في الهداية، لأن القضاء على الغائب لا يجوز ملكا أو فسخا كفاية ‏(‏قوله ويفسخ بحضوره‏)‏ أي حضور المشتري‏.‏ وصورة الفسخ أن يقول‏:‏ فسخت شراء المشتري ولا يقول فسخت البيع لئلا يبطل حق الشفعة لأنها بناء على البيع فتتحول الصفقة إلى الشفيع ويصير كأنه المشتري، أفاده صاحب الجوهرة فلم ينفسخ أصله وإنما انفسخت إضافته إلى المشتري ط وهذا في الحكم على البائع قبل التسليم، أما بعده فالحكم على المشتري لأن البائع صار أجنبيا كما مر ويكون الأخذ منه شراء من المشتري كما يأتي قريبا تأمل ‏(‏قوله لزوال الملك واليد عنه‏)‏ فصار أجنبيا هداية‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

اشترى دارا بألف وباعها لآخر بألفين ثم حضر الشفيع وأراد أخذها بالبيع الأول‏.‏ قال أبو يوسف‏:‏ يأخذها من ذي اليد بألف ويقال اطلب بائعك بألف أخرى‏.‏ وعندهما يشترط حضرة المشتري الأول، وإن طلب البيع الثاني لا يشترط حضرة الأول اتفاقا تتارخانية ‏(‏قوله والعهدة‏)‏ بالجر مع جواز الرفع قهستاني، فقوله على البائع متعلق بيقضي وعلى الرفع خبر ‏(‏قوله لضمان الثمن إلخ‏)‏ أي ضمان الثمن الذي تقلده الشفيع إذا استحق المبيع ‏(‏قوله وعلى المشتري لو بعده‏)‏ في التتارخانية عن الثاني إذا كان المشتري نقد الثمن ولم يقبض الدار حتى قضي للشفيع بالشفعة فنقد الشفيع الثمن للمشتري فالعهدة عليه وإن للبائع فالعهدة عليه ا هـ‏.‏ طوري ‏(‏قوله لما مر‏)‏ من قوله لزوال الملك واليد عنه

‏(‏قوله للشفيع خيار الرؤية والعيب‏)‏ لأن الأخذ بالشفعة شراء من المشتري إن كان الأخذ بعد القبض، وإن كان قبله فشراء من البائع لتحول الصفقة إليه، فيثبت له الخيار إن فيه كما إذا اشتراه منهما باختيارهما، ولا يسقط خياره برؤية المشتري ولا بشرط البراءة منه، لأن المشتري ليس بنائب عن الشفيع فلا يعمل شرطه ورؤيته في حقه زيلعي ‏(‏قوله دون خيار الشرط والأجل‏)‏ أي لعدم الشرط كما في القهستاني والأجل عطف على خيار الشرط لا على الشرط ا هـ‏.‏ ح، والمراد الأجل في الثمن ‏(‏قوله إلا في ضمان الغرور‏)‏ فلو استحق المبيع بعد ما بنى الشفيع لا يرجع بنقصان قيمة البناء على البائع أو المشتري، لأنه لم يصر مغرورا لتملكه جبرا والمسألة ستأتي في هذا الباب متنا، وقول المنح كالأشباه‏.‏ فلا رجوع للمشتري على الشفيع قاصر ومقلوب فتنبه‏.‏

‏(‏قوله في الثمن‏)‏ أي في جنسه كقول أحدهما هو دنانير والآخر دراهم، أو قدره كقول المشتري بمائتين والشفيع بمائة أو صفته كاشتريته بثمن معجل وقال الشفيع بل مؤجل درر البحار ‏(‏قوله والدار مقبوضة والثمن منقود‏)‏ أي مقبوضة للمشتري والثمن منقود منه للبائع، وقد راجعت كثيرا فلم أجد من ذكر هذين القيدين سوى بعض شراح الكنز لا أدري اسمه، ثم رأيته أيضا في هامش نسخة عتيقة من نسخ الكنز معزيا للكافي‏.‏ وفي تكملة الطوري ما نصه‏:‏ وأطلق المؤلف فشمل ما إذا وقع الاختلاف قبل قبض الدار ونقد الثمن أو بعدهما قبل التسليم إلى الشفيع أو بعده، لكن في التتارخانية‏:‏ اشترى دارا وقبضها ونقد الثمن ثم اختلف الشفيع والمشتري في الثمن فالقول للمشتري انتهى ما في التكملة، وزاد في الذخيرة على ما في التتارخانية، فالقول للمشتري مع يمينه، ولا يتحالفان لأن الشفيع مع المشتري بمنزلة البائع مع المشتري إلا أن البائع والمشتري يتحالفان إلخ فتأمل‏.‏ وقال ط‏.‏ وقد يقال‏:‏ إن الثمن إن كان غير منقود يرجع إلى البائع فيؤخذ بقوله إن كان أقل مما يدعيه المشتري ويكون حطا كما في المسألة الآتية، وعلى هذا فالمدار على كون الثمن منقودا فقط ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لأنه منكر‏)‏ فإن الشفيع يدعي استحقاق الدار عند نقد الأقل وهو ينكره هداية ‏(‏قوله ولا يتحالفان‏)‏ لأن المشتري لا يدعي على الشفيع شيئا لأن الشفيع مخير بين الأخذ والترك فلم يتحقق كونه مدعى عليه لأنه الذي إذا ترك الدعوى لا يترك فلم يكن في معنى النص، وهو إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة تحالفا وترادا لأنه فيما إذا وجد الإنكار والدعوى من الجانبين أتقاني ‏(‏قوله لأن بينته ملزمة‏)‏ أي للمشتري، بخلاف بينة المشتري لأن الشفيع مخير والبينات للإلزام فالأخذ ببينته أولى أتقاني‏.‏ قال القهستاني‏:‏ وفيه إشعار بأنه لو اختلف البائع والمشتري أو هما والشفيع فبينة البائع أحق لأنها تثبت الزيادة ‏(‏قوله بلا قبضه‏)‏ أي قبض البائع كل الثمن سواء قبض المشتري العقار أو لا قهستاني ‏(‏قوله فالقول له‏)‏ أي بلا يمين قهستاني فيأخذها الشفيع بما قال البائع، لأنه إن كان كما قال فظاهر وإلا فهو حط والحط يظهر في حق الشفيع ‏(‏قوله ومع قبضه للمشتري‏)‏ فيأخذ الشفيع بما قال المشتري إن شاء، ولا يلتفت إلى قول البائع لأنه لما استوفى الثمن انتهى حكم العقد وخرج هو من البين وصار كالأجنبي، فبقي الاختلاف بين المشتري والشفيع، وقد بيناه هداية أي بأن القول فيه للمشتري‏.‏ واعلم أن هذا إذا كان القبض ظاهرا بأن أثبته المشتري بالبينة أو اليمين كما في الدرر‏.‏ بقي ما إذا كان القبض غير ظاهر‏:‏ أي غير معلوم للشفيع، فإما أن يقر البائع بالقبض أو لا، فإن كان الثاني ولم يذكره في الكتاب فالظاهر أن حكمه حكم ما إذا كان غير مقبوض، وإن كان الأول والمشتري يدعي الأكثر والدار في يده، فإما أن يقر أو لا بمقدار الثمن ثم بالقبض أو بالعكس، فإن كان الأول كما لو قال بعت الدار منه بألف وقبضته أخذها الشفيع بألف، لأنه إذا بدأ بالإقرار بالبيع بمقدار تعلقت الشفعة به ثم بقوله قبضت يريد إسقاط حق الشفيع المتعلق بإقراره من الثمن، لأنه إذا تحقق ذلك يبقى أجنبيا من العقد، إذ لا ملك له فيجب الأخذ بما يدعيه المشتري لما مر آنفا أن الثمن إذا كان مقبوضا أخذ بما قال المشتري وليس له إسقاط حق الشفيع فيرد عليه قوله قبضت وإن كان الثاني، كما لو قال قبضت الثمن وهو ألف لم يلتفت إلى قوله ويأخذها بما قال المشتري لأنه بإقراره بالقبض صار أجنبيا وسقط اعتبار قوله في مقدار الثمن عناية ‏(‏قوله بما قال البائع‏)‏ لأن فسخ البيع لا يوجب بطلان حق الشفيع، وهل يحلف البائع‏؟‏ ينبغي أن لا يحلف لأنه حلف مرة أتقاني عن الإسبيجابي ‏(‏قوله وحط البعض‏)‏ أي حط البائع بعض الثمن عن المشتري، فلو حط وكيل البائع‏:‏ أي بالبيع لا يلتحق بأصل العقد فلا يظهر في حق الشفيع أشباه أي وإن صح حطه وبرئ المشتري، لأن الوكيل يضمن ما حطه فكأنه هبة مبتدأة كما أوضحه الحموي ‏(‏قوله فيأخذ بالباقي‏)‏ أو يرجع على المشتري بالزيادة إن كان أوفاه الثمن كما في العزمية ‏(‏قوله إلا إذا كانت بعد القبض‏)‏ أي قبض الثمن، لأنه صار عينا بالتسليم فلا يسترد الشفيع شيئا، أما قبله فيسترد لأنها هبة دين في الذمة شرح تنوير الأذهان‏.‏ قال الحموي‏:‏ بقي أن يقال يفهم من التقييد بهبة البعض أن هبة الكل لا تظهر في حق الشفيع مطلقا فهل يأخذ بالمسمى أو بالقيمة‏؟‏ لم أر نقلا صريحا‏.‏ وفي الظهيرية‏:‏ شرى دارا بألف ثم تصدق بها على المشتري يأخذها الشفيع بالقيمة إلا أن يكون بعد قبض الألف ا هـ‏.‏ فعلى قياسه يقال إن وهب كل الثمن قبل القبض يأخذ الشفيع بالقيمة وإلا فبالثمن ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ أقول‏:‏ ورأيت في التتارخانية عن المحيط ما ملخصه‏:‏ الحط والهبة والإبراء إذا كانت قبل القبض، فلو كانت في بعض الثمن تظهر في حق الشفيع ولو في كله فلا، وإذا كانت بعد القبض فالحط والهبة على هذا التفصيل، وأما الإبراء عن الكل أو البعض فلا يصح ا هـ‏.‏ وعليه جرى القهستاني فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله وحط الكل والزيادة لا‏)‏ أي لا يظهر إن في حق الشفيع، أما حط الكل فلأنه لا يلتحق بأصل العقد وإلا بقي العقد بلا ثمن وهو فاسد لا باطل خلافا لما في الدرر، ولا شفعة في الفاسد كما يأتي، لكنه‏:‏ أي حط الكل يظهر في حق المشتري قهستاني‏.‏ وأما الزيادة فلأنها وإن التحقت ففيها إبطال حق الشفيع لاستحقاقه الأخذ بالمسمى قبلها، والمراد الزيادة في الثمن‏.‏ أما في المبيع فتظهر كما يذكره الشارح قريبا عن القنية لأنها من قبيل الحط ‏(‏قوله ولو حط النصف إلخ‏)‏ النصف ليس بقيد‏.‏ قال في الجوهرة‏:‏ هذا أي عدم الالتحاق إذا حط الكل بكلمة واحدة، أما إذا كان بكلمات يأخذ بالأخيرة ا هـ‏.‏ ط‏.‏ قلت‏:‏ ووجهه أنه كلما حط شيئا يلتحق بالعقد ويصير الثمن ما بقي، فإذا حط جميع ما بقي يكون حطا لكل الثمن وهو ما بقي فيأخذه به ‏(‏قوله ولو علم إلخ‏)‏ أشار إلى أنه لا فرق بين ما إذا كان الحط قبل الأخذ بالشفعة أو بعده كما في التبيين ‏(‏قوله كما لو باع بألف إلخ‏)‏ أي له الشفعة أيضا لما قدمنا آنفا، وهل يأخذ الزيادة أيضا؛ توقف فيه بعضهم، ثم رأيت في النهاية قال‏:‏ يأخذ الدار بحصتها من الثمن ا هـ‏.‏ ولا يخالفه ما في شرح المجمع‏:‏ الملكي باع عقارا مع العبيد والدواب تثبت في الكل تبعا للعقار ا هـ‏.‏ لأن المراد به الأرض والحراثون وآلة الحراثة فتتحقق التبعية لوجود ما هو المقصود من الأرض ولذا صح فيها الوقف تبعا كما مر في موضعه، بخلاف الجارية أو المتاع مع الدار، هذا ما ظهر لي فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله ولو حكما كالخمر إلخ‏)‏ لو ذكره بعد قوله وفي القيمي لسلم مما اعترضه ح بأنه يقتضي أن الخمر مثلي حكما في حق المسلم وأنه يأخذ بمثل الخمر، وليس كذلك بل بقيمتها لأنها مثل حقيقة قيمي حكما في حقه‏.‏ وعبارة ابن الكمال لا غبار عليها حيث قال‏:‏ وبالمثل في الشراء بثمن مثلي حقيقة وحكما لأن من المثلي ما التحق بغير المثلي كالخمر في حق المسلم ا هـ‏.‏ ملخصا فقوله حقيقة وحكما للإخراج لا للإدخال ‏(‏قوله بالقيمة‏)‏ أي وقت الشراء لا وقت الأخذ بالشفعة كما في الذخيرة قهستاني ‏(‏قوله يأخذ الشفيع‏)‏ أي شفيع كل من العقارين ‏(‏قوله مؤجل‏)‏ أي بأجل معلوم وإلا يفسد البيع، ولا شفعة في البيع الفاسد معراج، وسيأتي من الشارح التنبيه على ذلك آخر هذا الباب ‏(‏قوله يأخذ بحال‏)‏ أي يأخذ في الحال بتخفيف اللام بثمن حال بتشديدها، لأن الأجل ثبت بالشرط ولا شرط بين الشفيع والبائع، ثم إن أخذ بثمن حال من البائع سقط الثمن عن المشتري، لما مر أن البيع انفسخ في حق المشتري، وإن أخذ من المشتري رجع البائع على المشتري بثمن مؤجل كما كان، لأن الشرط الذي جرى بينهما لم يبطل بأخذ الشفيع هداية ‏(‏قوله أو طلب‏)‏ عطف على يأخذ‏:‏ أي إنه مخير بين الأخذ في الحال بحال وبين الطلب في الحال والأخذ بعد الأجل ‏(‏قوله ولا يتعجل إلخ‏)‏ كذا في الملتقى، والمراد لو أخذ الشفيع بثمن حال من المشتري لا من البائع كما قدمناه آنفا ‏(‏قوله ولو سكت عنه إلخ‏)‏ فائدة قوله أو طلب في الحال ‏(‏قوله بطلت شفعته‏)‏ لأن حقه قد ثبت، ولذا كان له أن يأخذ بثمن حال، ولولا أن حقه ثابت لما كان له الأخذ في الحال، والسكوت عن الطلب بعد ثبوت حقه يبطلها زيلعي ودرر‏:‏ وفيه نظر لأن هذا طلب تملك، ولا تبطل الشفعة بتأخيره إلى حلول الأجل لا عند الإمام لأنه لم يقدر له مدة ولا عند محمد لتقديره بشهر شرنبلالية، وما قيل في الجواب المراد طلب المواثبة يأباه قوله لأن حقه قد ثبت فإنه يقتضي أن المراد طلب التملك أبو السعود‏.‏ أقول‏:‏ النظر معلول، والجواب مقبول لأن ثبوت الشفعة للشفيع بعد البيع واستقرارها بعد الطلبين كما مر متنا، فإذا صدر البيع وثبت حقه فيها ثم علم به ولم يطلب طلب مواثبة بطلت لأنه سكت بعد ثبوت حقه، ومنشأ ما مر اشتباه الثبوت بالاستقرار فتدبر‏.‏

‏(‏قوله بمثل الخمر وقيمة الخنزير‏)‏ فلو بيعت بميتة فلا شفعة إلا إن كانوا يتمولونها أتقاني ‏(‏قوله والشفيع ذميا‏)‏ ومثله المستأمن لا المرتد قتل أو مات أو لحق خلافا لهما، ولا تثبت لورثته أما لو شرى فقتل لم تبطل شفعة الشفيع لتعلقها بالخروج عن الملك، ولو شرى مسلم في دار الحرب دارا شفيعها مسلم لا شفعة له وإن أسلم أهلها، لأن أحكامنا لا تجري فيها أتقاني ‏(‏قوله لا بد أن يكون إلخ‏)‏ بيان لفائدة زيادة البائع والمشتري ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي في كتاب الغصب حيث قال‏:‏ إن الخمر في حقنا قيمي حكما، أو في قوله آنفا ولو حكما كالخمر في حق المسلم بناء على ما قدمنا من أن حقه أن يذكره بعد قوله وفي القيمي ‏(‏قوله لو كان الشفيع مسلما‏)‏ فلو مسلما وكافرا فالنصف لمسلم بنصف قيمة الخمر وللكافر بمثل نصفه أتقاني‏.‏ وفيه أسلم قبل الأخذ لم تبطل وصار كالمسلم الأصلي، وإن أسلم أحد المتبايعين والخمر غير مقبوضة انتقض البيع قبضت الدار أو لا ولم تبطل الشفعة لأن انفساخ البيع لا يبطلها ‏(‏قوله ثم قيمة الخنزير إلخ‏)‏ جواب سؤال مقدر وهو أنه مر في باب العاشر أنه يعشر الخمر‏:‏ أي يأخذ من قيمته لا الخنزير لأنه قيمي، وقيمة القيمي كعينه، وتقرير الجواب ظاهر، وقدم الشارح جوابا غيره في باب العاشر عن سعدي، وهو أنه لو لم يأخذ الشفيع بقيمة الخنزير يبطل حقه أصلا فيتضرر ومواضع الضرورة مستثناة ‏(‏قوله بخلاف المرور على العاشر‏)‏ فإنه يعشر الخمر لا الخنزير فافهم فغيره سبق قلم ‏(‏قوله بالرجوع‏)‏ الباء للتصوير ‏(‏قوله إلى ذمي أسلم إلخ‏)‏ وفي البحر من باب العاشر عن الكافي‏:‏ يعرف بالرجوع إلى أهل الذمة ‏(‏قوله ولو اختلفا فيه‏)‏ أي اختلف الشفيع والمشتري فيما ذكر من القيمة ط ‏(‏قوله فالقول للمشتري‏)‏ قال في العناية‏:‏ كما لو اختلفا في مقدار الثمن ‏(‏قوله كما مر في الغصب‏)‏ من أن قيمتهما مستحقي القلع أقل من قيمتهما مقلوعين بقدر أجرة القلع ط ‏(‏قوله قلت وأما لو دهنها إلخ‏)‏ بيان للفرق بين البناء والدهن، وكان ينبغي تأخيره عن قوله أو كلف المشتري قلعهما، فإن المخالفة بينهما من هذه الجهة تأمل ‏(‏قوله أو طلاها بجص كثير‏)‏ ليس من عبارة الزاهدي بل ذكره الرملي بعدها بقوله أقول وعلى هذا لو طلاها إلخ ‏(‏قوله لتعذر نقضه‏)‏ علة لمحذوف تقديره‏:‏ ولا يكلف المشتري النقض لتعذر نقضه أي على وجه يكون له قيمة ‏(‏قوله وسيجيء‏)‏ أي ما ذكره بقوله وأما لو دهنها آخر كتاب الشفعة في الفروع ‏(‏قوله أو كلف‏)‏ عطف على يأخذ ‏(‏قوله إلا إذا كان إلى قوله وعن الثاني‏)‏ موجود في بعض النسخ‏.‏ قال ط‏:‏ هو استثناء من محذوف تقديره ولا يجبر المشتري على البيع ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ يؤيده قول الأتقاني ويأمره القاضي بالقلع إلا إذا كان إلخ ‏(‏قوله أن يأخذها‏)‏ أي الأرض جبرا على المشتري ‏(‏قوله مع قيمة البناء والغرس‏)‏ الأوضح قول النهاية مع البناء والأغراس بقيمتها ‏(‏قوله مقلوعة‏)‏ أي مستحقة القلع، ويدل عليه قوله غير ثابتة ط ‏(‏قوله وعن الثاني إلخ‏)‏ أي في مسألة المتن، فلا يكلف المشتري القلع لأنه ليس بمعتد في البناء والغرس لثبوت ملكه فيه بالشراء فلا يعامل بأحكام العدوان الذي هو القلع ط ‏(‏قوله وقيمة البناء والغرس‏)‏ أي قائمين على الأرض غير مقلوعين نهاية عن شرح الطحاوي ‏(‏قوله ولذا‏)‏ أي لكون حق الغير وهو الشفيع أقوى ‏(‏قوله ويبقى بالأجر‏)‏ أي رعاية لجانب المشتري والشفيع كما أوضحه الزيلعي‏.‏ هذا وعبارة الأتقاني عن شرح الطحاوي لا يجبر المشتري على قلعه بالإجماع، بل ينظر إلى وقت الإدراك ثم يقضي للشفيع ا هـ‏.‏ ومقتضاه عدم الأجر إذ لم تخرج الأرض عن ملك المشتري لعدم القضاء تأمل‏.‏ وقال السائحاني‏:‏ الذي في المقدسي ثم الأرض تترك بغير أجر، وعن أبي يوسف بأجر ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومثله في التتارخانية ‏(‏قوله ولا يرجع بقيمة البناء والغرس‏)‏ يعني بنقصان قيمتهما، وعن أبي يوسف أنه يرجع ‏(‏قوله على أحد‏)‏ أي سواء تسلمها من البائع أو من المشتري ط ‏(‏قوله لأنه ليس بمغرور‏)‏ لأنه أخذها بالشفعة جبرا كما مر ‏(‏قوله بخلاف المشتري‏)‏ إذا استحق ما اشتراه بعد البناء لأن البائع غره بالعقد فيرجع عليه بما خسر ‏(‏قوله ويأخذ بكل الثمن إلخ‏)‏ أي إذا اشترى رجل دارا فخربت أو بستانا فجف الشجر فللشفيع الأخذ بكل الثمن لأنهما تابعان للأرض منح ‏(‏قوله بلا فعل أحد‏)‏ يأتي محترزه متنا ‏(‏قوله لا الوصف‏)‏ أي ما لم يقصد إتلاف فيقابل بحصته من الثمن كما يأتي رحمتي، والأولى أن يقول لا التبع لأن البناء والشجر ليسا وصفا للدار والبستان نعم الجفاف وصف‏.‏ قال في التبيين‏:‏ لأنهما تابعان للأرض حتى يدخلان في البيع من غير ذكر فلا يقابلهما شيء من الثمن ولهذا يبيعهما مرابحة في هذه الصورة من غير بيان ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله من نقض أو خشب‏)‏ لف ونشر مرتب ط ‏(‏قوله حيث لم يكن تبعا للأرض‏)‏ علة لقوله تسقط حصته من الثمن ط فهو عين مال قائم بقي محتبسا عند المشتري زيلعي قوله فقد هلك ما دخل تبعا‏)‏ أي لما كان من التوابع وتحولت الصفقة إلى الشفيع فقد هلك التبع بعد دخول الأصل في ملك الشفيع قبل القبض فافهم‏.‏ فإن قلت‏:‏ تقدم عن الزيلعي أن الأخذ بالشفعة شراء من المشتري إن كان الأخذ بعد القبض وإلا فمن البائع لتحول الصفقة إليه، ومقتضاه عدم السقوط فيما أخذه المشتري أيضا لأنه قبل شراء الشفيع وقبضه فلم يدخل تبعا‏.‏ قلت‏:‏ ‏(‏تقدم أيضا أن الشفعة تملك البقعة بما قام على المشتري‏)‏، فلو لم تسقط حصته من الثمن لم يكن كذلك تأمل، وكذا يقال فيما يأتي ‏(‏قوله لأن الفائت بعض الأصل‏)‏ في بعض النسخ لأن الغائب والكل صحيح، لأن المراد بالفائت الهالك، وبالغائب‏:‏ أي في الماء الهالك أيضا، ولكن الأول الذي في الزيلعي‏.‏ ثم هذا بيان وجه المخالفة بينه وبين المسألة السابقة ‏(‏قوله إن نقض المشتري البناء‏)‏ فلو لم ينقضه ولكن باعه من غيره بلا أرض فللشفيع نقض البيع، وكذا النبات والنخل طوري عن التتارخانية ‏(‏قوله لأنه قصد الإتلاف‏)‏ أي والتبع إذا صار مقصودا به يسقط ما يقابله من الثمن ط ‏(‏قوله ويقسم الثمن إلخ‏)‏ فتقوم الأرض وعليها البناء وتقوم بغيره، فبقدر التفاوت يسقط من الثمن ط‏.‏ قلت‏:‏ فلو اختلفا في قيمة البناء فالقول للمشتري والبينة للشفيع عنده، وعندهما للمشتري أيضا ولو في قيمة الأرض يوم وقع الشراء نظرا إلى قيمته اليوم، لأن الظاهر أنه كان كذلك، فمن شهد له كان القول له أتقاني ‏(‏قوله بخلاف انهدامه إلخ‏)‏ أي بخلاف ما إذا انهدم بنفسه وأخذ النقض حيث يعتبر قيمته يوم الأخذ كما مر لأنه صار مانعا بحبسه فيقوم عليه بالحبس في يومه تأمل وافهم ‏(‏قوله والنقض بالكسر‏)‏ قال المكي‏:‏ قلت وقد حصل في نقض البناء وهو منقوض لغتان ضم النون وكسرها فالأزهري وصاحب المحكم اقتصر على الضم، والجوهري وابن فارس على الكسر وهو القياس كالذبح والرعي والنكث بمعنى المذبوح والمرعى والمنكوث ط ‏(‏قوله بثمرها‏)‏ الباء بمعنى مع ط ‏(‏قوله لاتصاله‏)‏ هذا وجه الاستحسان، وفي القياس لا يكون له أخذ الثمرة لعدم التبعية كالمتاع الموضوع فيها منح‏.‏ وبيان وجه الاستحسان أنه باعتبار الاتصال صار تبعا للعقار كالبناء في الدار هداية

‏(‏قوله وثمرا‏)‏ بأن شرطه في البيع لأن الثمر لا يدخل في البيع إلا بالشرط لأنه ليس بتبع زيلعي ‏(‏قوله بعد الشراء في يده‏)‏ متعلقان بأثمر، وقيد بقوله في يده لأنه إذا أثمر في يد البائع قبل القبض ثم قبضه المشتري له حصة من الثمن، كما إذا كان موجودا وقت الشراء كفاية ‏(‏قوله وإن جذه‏)‏ بالذال المعجمة المشددة‏.‏ قال الزيلعي في باب البيع الفاسد‏:‏ الجذاذ بالذال عام في قطع الثمار، وبالمهملة خاص بالنخل ا هـ‏.‏ ط عن الحموي، وضبطه مسكين هنا بالمهملة‏.‏ قال أبو السعود لأنه أنسب بالمقام، وقوله المشتري ليس بقيد بل مثله البائع والأجنبي كما في غاية البيان ‏(‏قوله فليس للشفيع أخذه‏)‏ أي في الفصلين هداية‏:‏ أي إذا اشتراه بالثمر أو أثمر في يده وكان عليه أن يقول وليس بالواو ويذكره بعد جواب الشرط الآتي ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي آنفا من قوله لزوال التبعية بانفصاله، ولا يخفى أن الثمر في الأولى وإن دخل بالشرط كما مر ووقع الشراء عليه قصدا، لكن دخوله في الشفعة بالتبعية للعقار باعتبار الاتصال كما قدمناه، وبالانفصال تزول التبعية للعقار فتسقط الشفعة فافهم ‏(‏قوله وقد اشتراها بثمرها‏)‏ مزيدة على الدرر ولا معنى لها ح أي لمنافاته للتفصيل الآتي ‏(‏قوله سقط حصته من الثمن في الأول‏)‏ لأنه دخل في البيع قصدا فيقابله شيء من الثمن هداية ‏(‏قوله لحدوثه بعد القبض‏)‏ فلا يكون مبيعا إلا تبعا فلا يقابله شيء من الثمن هداية ‏(‏قوله لتحويل الصفقة إليه‏)‏ أي ولا يجوز له إبطالها منفردا من غير مقتض شرعا ط ‏(‏قوله بخلاف ما قبل القضاء‏)‏ قدم المصنف أنها تملك بالأخذ بالتراضي وبقضاء القاضي، فالقضاء هنا غير قيد تأمل ‏(‏قوله وقت انقطاع حق البائع‏)‏ كأن تصرف فيها المشتري ببناء ونحوه كما يأتي ‏(‏قوله وفي هبة بعوض مشروط‏)‏ أي في العقد‏.‏ وصورته أن يقول‏:‏ وهبت هذا لك على أن تعوضني كذا، وأجمعوا أنه لو قال وهبت هذا لك بكذا أنه بيع أتقاني‏.‏ وفي الخانية‏:‏ فلو كانت بغير شرط العوض ثم عوضه بعدها فلا شفعة ‏(‏قوله ولا شيوع فيهما‏)‏ أي في الهبة والعوض بأن كان العوض عقارا أيضا قال ط‏:‏ أما إذا كانت في شائع، فإن كانت مما يقسم فهي فاسدة وإلا فهي صحيحة وتجري فيها الشفعة وهذا قياس ما تقدم في الهبة ا هـ‏.‏ وفي غاية البيان‏:‏ قال أصحابنا‏:‏ إذا وهب نصف دار بعوض فلا شفعة فيه، لأن هبة المشاع فيما يقسم لا تجوز ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وقت التقابض‏)‏ أي من الجانبين، فلو قبض أحد العوضين فلا شفعة أتقاني، ولو سلمها قبل قبض الآخر فهو باطل كما سيذكره الشارح عن المبسوط، ومثله في الجوهرة عن المستصفى‏.‏ قال في النهاية‏:‏ ولا بد من القبض عندنا خلافا لزفر فلا شفعة ما لم يتقابضا‏.‏ وعلى قوله تجب قبل التقابض بناء على أن الهبة بشرط العوض عنده بيع ابتداء وانتهاء وعندنا بر ابتداء وبمنزلة البيع إذا اتصل به القبض من الجانبين كذا في المبسوط ا هـ‏.‏ وفي القهستاني عن المحيط‏:‏ يعتبر الطلب عند التقابض في ظاهر الرواية، فقول السائحاني عن المقدسي‏:‏ وفي رواية وقت العقد وهو الصحيح مشكل، فإنه مبني على قول زفر، ولم أر من صححه من شراح الهداية وغيرها فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله ووقت الإجازة عند الثالث‏)‏ هذا هو الصحيح كما سيذكره الشارح أول الباب الآتي وفيه كلام ستعرفه‏.‏

‏(‏قوله يقول له إلخ‏)‏ قال في البزازية‏:‏ ولم يذكر في الكتب أن من لا يرى الشفعة بالجوار إذا طلبها عند حاكم يراها قيل لا يقضي له لأنه يزعم بطلان دعواه، وقيل يقضي لأن الحاكم يراها، وقيل يقول له إلخ قال الحلواني‏:‏ وهذا أحسن الأقاويل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وإلا يقله‏)‏ عبارة البزازية وإن قال لا فلا تأمل ‏(‏قوله إيجاب الطلب‏)‏ أي إثباته عند القاضي فإن الطلب عنده وهو الثالث متضمن إثبات طلب المواثبة وطلب التقرير فلفظ إيجاب في محله فافهم، وهذا مبني على قول محمد المفتى به من أنه لو أخرها شهرا بلا عذر بطلت كما مر ‏(‏قوله فامتنع‏)‏ أي القاضي أو من وجبت عليه الشفعة أفاده أبو السعود ط ‏(‏قوله بخلاف سبت اليهودي‏)‏ فإن القاضي يحضره وإن كان يوم السبت، هذا إن كانت الشفعة واجبة عليه، وإن كانت واجبة له فالمعنى يطلب من القاضي وإن كان يوم السبت، وهذا يظهر إذا كان يوم السبت آخر الشهر إذ تأخير الطلب قبل الشهر لا يبطلها اتفاقا إلا أن يكون المراد طلب المواثبة أو التقرير تأمل، ومثل السبت الأحد للنصراني كما أفاده الحموي ‏(‏قوله كما يأتي‏)‏ أي في الفروع آخر كتاب الشفعة‏.‏

‏(‏قوله أخذها بخمسين‏)‏ عزاها في الخانية إلى ابن الفضل، ثم قال بعده‏:‏ وقال القاضي السعدي‏:‏ لا يطرح عن الشفيع نصف الثمن وإنما يطرح عنه حصة النقصان، وظاهر تقديم الخانية الأول اعتماده كما هو عادته ‏(‏قوله لأن ثمنها إلخ‏)‏ ظاهر التعليل أن قيمتهما سواء وقت العقد، فلو اختلفت لا يتعين أخذها بخمسين بل يقسم الثمن بحسبها تأمل ‏(‏قوله إذا قبض الكل‏)‏ مبني للمجهول أي كل من البدلين أو للمعلوم‏:‏ أي كل من المتبادلين ‏(‏قوله فهو‏)‏ أي التسليم ‏(‏قوله كان له أن يأخذ الدار بالشفعة‏)‏ لأنه وقت انعقاد المعاوضة ولذا عبر المصنف بالتقابض الدال على حصول القبض من الاثنين في قوله وفي هبة بعوض وقت التقابض ط والله تعالى أعلم‏.‏

باب ‏[‏ما تثبت الشفعة فيه‏]‏

‏(‏قوله لا تثبت قصدا إلخ‏)‏ قيد به لأنها تثبت في غير العقار تبعا له كالبناء والغرس والثمرة على ما مر وكذا في آلة الحراثة تبعا للأرض كما قدمناه عن شرح المجمع ‏(‏قوله ملك‏)‏ بالتشديد أو التخفيف صفة عقار، وسيأتي محترزه وهو ما بيع بخيار للبائع ونحوه ‏(‏قوله خرج الهبة‏)‏ أي التي لم يشترط فيها العوض، وهذه المحترزات أتى بها المصنف بعد فالأولى حذفها ط ‏(‏قوله وإن لم يكن يقسم‏)‏ أدرج لفظ يكن ليفيد أن المراد ليس مما اتصف بكونه يقسم‏:‏ أي يقبل القسمة، وليس المراد أن نفي القسمة أعم من كونه قابلا لها أو لا تأمل ‏(‏قوله خلافا للشافعي‏)‏ لأن من أصله أن الأخذ بالشفعة لدفع ضرر مؤنة القسمة وذا لا يتحقق فيما لا يحتملها‏.‏ وعندنا لدفع ضرر التأذي بسوء المجاورة على الدوام كفاية ‏(‏قوله وحمام‏)‏ فيأخذه الشفيع بقدره لأنه من البناء دون القصاع لأنها غير متصلة بالبناء نهاية، وفي الطوري عن المحيط‏:‏ ويدخل في الرحى الحجر الأسفل دون الأعلى، لأنه مبني بالأرض ‏(‏قوله بالسكون‏)‏ أي سكون الراء‏.‏ وفي المغرب‏:‏ العرض بفتحتين ويجمع على عروض حطام الدنيا ‏(‏قوله ما ليس بعقار‏)‏ تفسير مراد هنا قال في الصحاح‏:‏ والعرض بسكون الراء المتاع، وكل شيء فهو عرض سوى الدراهم والدنانير‏.‏ وقال أبو عبيدة‏:‏ العروض الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن، ولا تكون حيوانا ولا عقارا ‏(‏قوله إذا بيعا قصدا‏)‏ أي بيعا قصديا فتثبت الشفعة فيهما بتبعية العقار، فلو اشترى نخلة بأرضها ففيها الشفعة تبعا للأرض، بخلاف ما إذا اشترى ليقلعها حيث لا شفعة فيها لأنها نقلية كما في البناء والزرع كما في المحيط قهستاني ‏(‏قوله ولو مع حق القرار‏)‏ قدمنا الكلام فيه بما لا مزيد عليه ‏(‏قوله ولا في إرث‏)‏ أي موروث درر لأن الوارث يملك على حكم ملك الميت ولهذا يرد على بائعه بالعيب فكأن ملك الميت لم يزل أتقاني، فهو أيضا محترز قوله ملك تأمل ‏(‏قوله وصدقة وهبة إلخ‏)‏ لأنها ليست بمعاوضة مال بمال فصارت كالإرث منح ‏(‏قوله لا بعوض مشروط‏)‏ قدمنا فائدته ‏(‏قوله ودار قسمت‏)‏ أي بين الشركاء لأن القسمة فيها معنى الإفراز ولهذا يجري فيها الجبر والشفعة لم تجر إلا في المبادلة المطلقة منح ‏(‏قوله أو جعلت أجرة إلخ‏)‏ لأنها ثبتت، بخلاف القياس بالآثار في معاوضة مال بمال مطلق فيقتصر عليها منح ‏(‏قوله أو صلح عن دم عمد‏)‏ قيد به لما في المبسوط‏:‏ لو كان عن جناية خطأ تجب الشفعة، فلو عن جنايتين عمد وخطأ لا شفعة عنده‏.‏ وعندهما تجب فيما يخص الخطأ ا هـ‏.‏ طوري، وإن ادعى حقا على إنسان فصالحه على دار للشفيع أخذها سواء كان عن إقرار أو إنكار أو سكوت لزعم المدعي أنها عوض حقه فيؤاخذ بزعمه، ولو ادعى عليه دارا فصالحه على دراهم، فإن عن إقرار تجب لزعمه ملكها بعوض لا إن كان عن إنكار لزعمه أنها لم تزل عن ملكه أو سكوت لزعمه أن المعطى لافتداء يمينه كما في درر البحار ‏(‏قوله أو مهر‏)‏ صوابه أو مهرا بالنصب كما في الغرر عطفا على أجرة، إذ لو جعلت بدل مهر المثل أو المسمى عند العقد أو بعده تثبت فيه الشفعة لأنه مبادلة مال بمال لأنه بدل عما في ذمته من المهر كما في التبيين وغيره ‏(‏قوله وإن قوبل ببعضها مال‏)‏ بأن تزوج امرأة على دار على أن ترد عليه ألف درهم فلا شفعة في شيء منها منح ‏(‏قوله لأن معنى البيع تابع فيه‏)‏ أي في هذا العقد، لأنه وإن اشتمل على نكاح وبيع لكن المقصود منه النكاح بدليل أنه ينعقد بلفظ النكاح، ولا شفعة في الأصل فكذا التبع ‏(‏قوله بيعت بخيار البائع‏)‏ وكذا بخيارهما لأن المبيع لم يخرج عن ملكه بخلاف خيار المشتري وهذا في التي فيها الخيار، فلو بيعت دار بجنبها والخيار لأحدهما فله الشفعة، فلو للبائع سقط لإرادته الاستبقاء وكذا المشتري وتصير إجازة بخلاف ما إذا اشتراها ولم يرها فلا يبطل خياره بأخذ ما بيع بجنبها لأن خيار الرؤية لا يبطل بصريح الإبطال فكيف بدلالته‏؟‏ ثم إذا حضر شفيع الأولى له أخذها دون الثانية لانعدام ملكه في الأولى حين بيعت الثانية عناية ملخصا ‏(‏قوله في الصحيح‏)‏ كذا في الهداية معللا بأن البيع يصير سببا لزوال الملك عند ذلك، ومثله في الجوهرة والدرر والمنح، وأقره شراح الهداية‏.‏ وقال في العناية ومعراج الدراية‏:‏ وقوله في الصحيح احتراز عن قول بعض المشايخ إنه يشترط الطلب عند وجود البيع لأنه هو السبب ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ لكن في الظهيرية قال‏:‏ يشترط الطلب والإشهاد عند البيع، حتى لو لم يطلب ولم يشهد عند البيع ثم جاز البيع بالإجازة أو عند مضي مدة الخيار فلا شفعة له في ظاهر الرواية‏.‏ وقال بعض العلماء‏:‏ إنما يشترط عند جواز البيع، وهو رواية عن أبي يوسف، ونظيره الدار إذا بيعت ولها جار وشريك فالشفعة للشريك لا للجار، ولكن مع هذا يشترط الطلب من الجار عند البيع، بخلاف بيع الفضولي فإن الطلب عند إجازة المالك‏.‏ والفرق أن البيع بالخيار عقد تام ألا ترى أنه يعمل من غير إجازة أحد ولا كذلك عقد الفضولي ا هـ‏.‏ فليتأمل‏.‏ وفي القهستاني‏:‏ يطلب بعد سقوط الخيار، وقيل عند البيع، والأول أصح كما في الكافي والثاني الصحيح كما في الهداية ا هـ‏.‏ والظاهر أن العبارة مقلوبة لأن المصحح في الهداية هو الأول، فقد ظهر تصحيح كل من القولين، ولكن إن ثبت أن الثاني ظاهر الرواية لا يعدل عنه ‏(‏قوله أو بيعت الدار بيعا فاسدا‏)‏ أي لا شفعة فيها أيضا، أما قبل القبض فلعدم زوال ملك البائع، وأما بعده فلاحتمال الفسخ، وفي إثبات الشفعة تقرير للفساد فلا يجوز جوهرة‏.‏ وفي الكلام تلويح إلى أنه وقع فاسدا ابتداء لأن الفساد إذا كان بعد انعقاده صحيحا فحق الشفعة على حاله، فإن النصراني لو اشترى من نصراني دارا بخمر فلم يتقابضا حتى أسلما أو أسلم أحدهما أو قبض الدار ولم يقبض الخمر فإنه يفسد البيع وحق الشفعة باق لفساده بعد وقوعه صحيحا عناية ‏(‏قوله كأن بنى المشتري فيها‏)‏ أو أخرجها عن ملكه بالبيع أو غيره، فإن باعها فللشفيع أخذها بالبيع الثاني بالثمن أو بالبيع الأول بقيمتها لأنها الواجبة فيه، وتمامه في التبيين ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي قبيل الباب ‏(‏قوله خلافا لما زعمه المصنف إلخ‏)‏ حيث علقه برد‏.‏ قال في الشرنبلالية‏:‏ وهو خطأ في الرد بخيار رؤية أو شرط، على أن القضاء في الرد بعيب ليس شرطا لإبطال الأخذ بالشفعة مطلقا بل فيما بعد القبض لأنه قبل القبض فسخ من الأصل كما في الكافي وغيره، وفيما بعد القبض يكون إقالة لعدم القضاء به، وهي بيع جديد في حق ثالث وهو الشفيع فله الشفعة‏.‏ قال في الذخيرة‏:‏ إذا سلم الشفيع الشفعة ثم إن المشتري رد الدار على البائع، إن كان الرد بسبب هو فسخ من كل وجه نحو الرد بخيار الرؤية أو الشرط وبالعيب قبل القبض بقضاء أو بغير قضاء وبعد القبض بقضاء لا يتجدد للشفيع حق الشفعة، فإن كان الرد بسبب هو بيع جديد في حق ثالث، نحو الرد بالعيب بعد القبض بغير قضاء والرد بحكم الإقالة تتجدد للشفيع الشفعة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بعدما سلمت‏)‏ فلو قبله تبقى شفعته مع كل فسخ وبدون فسخ شرنبلالية ‏(‏قوله لأنه فسخ‏)‏ علة للثلاث ‏(‏قوله بعد القبض‏)‏ هذا التقييد لصاحب الهداية موافق لما قدمناه آنفا عن الذخيرة‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ إنما يستقيم على قول محمد لأن بيع العقار عنده قبل القبض لا يجوز كما في المنقول فلا يمكن حمله على البيع، وأما عندهما فيجوز بيعه قبل القبض فما المانع من حمله على البيع، أي بالنظر إلى الشفيع، وتمامه فيه‏.‏ قال أبو السعود‏:‏ وتعقبه الشلبي نقلا عن خط قارئ الهداية بأن الرد بالعيب قبل القبض فسخ في حق الكل، حتى كان له أن يرده على بائعه وإن كان بغير قضاء وصار بمنزلة خيار الشرط والرؤية فبطل بحثه ا هـ‏.‏ قوله والإقالة‏)‏ بالنصب عطفا على الرد والظرف بعده خبر إن، وكون الإقالة بمنزلة بيع مبتدإ إذا كانت بلفظ الإقالة فلو بلفظ مفاسخة أو متاركة أو تراد لم تجعل بيعا اتفاقا كما مر في بابها سائحاني‏.‏

‏(‏قوله المستغرق‏)‏ بصيغة اسم الفاعل‏:‏ أي الذي استغرق نفسه وماله بالدين وبصيغة اسم المفعول‏:‏ أي الذي استغرقه الدين ط ‏(‏قوله ليس بشرط‏)‏ بل الشرط كونه مديونا إذا كان البائع مولى العبد المأذون والعبد شفيعه أو بالعكس‏.‏ أما إذا كان غير المولى فلا يشترط وجود الدين أصلا كما أفاده في النهاية ‏(‏قوله وشراء أحدهما من الآخر يجوز‏)‏ أي إن كان العبد مديونا كما قدمناه وإلا فهو باطل، فلا شفعة للمولى لأن البيع وقع له لا للغرماء ‏(‏قوله أصالة أو وكالة‏)‏ لكن الوكيل يطلب الشفعة من الموكل، بخلاف الأصيل فإنه لا يحتاج إلى الطلب كما في الخانية وكذا تثبت للأب لو شرى لطفله على ما يأتي بيانه في الفروع ‏(‏قوله وفائدته أنه لو كان المشتري‏)‏ أي أصالة أو وكالة‏.‏ وبيان ذلك‏:‏ باع أحد شريكين في دار حصته منها للآخر فاشترى لنفسه أو لغيره بالوكالة أو باع أحدهما حصته لوكيل الشريك الآخر فجاء ثالث وطلب الشفعة، فإن كان شريكا قسمت بينه وبين المشتري في الأول، أو بينه وبين الموكل في الثاني، وإن كان جارا فلا شفعة له مع وجود المشتري أو موكله لأنه شريك ما لم يسلم‏.‏ وفي القنية‏:‏ اشترى الجار دارا ولها جار آخر فطلب الشفعة وكذا المشتري فهي بينهما نصفين لأنهما شفيعان‏.‏ قال ابن الشحنة‏:‏ فقوله وكذا المشتري‏:‏ أي إذا طلب ولم يسلم للشفيع الآخر، وعلى هذا لو جاء ثالث قسمت أثلاثا أو رابع فأرباعا؛ ثم نقل عن الظهيرية‏:‏ لو سلم الجار المشتري كلها للجار الآخر كان نصفها له بالشفعة والنصف بالشراء ا هـ‏.‏ قال الشرنبلالي‏:‏ وفيه تأمل‏.‏ أقول‏:‏ الظاهر أنه شراء بالتعاطي لأنه تملك النصف بالشفعة جبرا على المشتري فإذا سلم له النصف الثاني برضاه فقبله الآخر كان شراء تأمل‏.‏ هذا، وفي كلام ابن الشحنة إشارة إلى أن قول القنية فطلب الشفعة المراد به أنه لم يسلم الكل للآخر لا حقيقة الطلب، فلا ينافي ما قدمناه عن الخانية أن الأصيل لا يحتاج إلى الطلب تأمل ‏(‏قوله لا شفعة لمن باع أصالة‏)‏ كأن باع عقارا له مجاورا لعقار له آخر وللعقار المبيع جار طلب الشفعة لا يشاركه البائع فيها ‏(‏قوله أو وكالة‏)‏ كأن باع عقارا بالوكالة مجاورا لعقاره ‏(‏قوله أي وكل بالبيع‏)‏ تفسير لقوله أو بيع له، كأن وكل غيره ببيع عقار بجنب عقار الموكل ‏(‏قوله أو ضمن الدرك‏)‏ بفتحتين أو السكون‏:‏ أي الثمن عند الاستحقاق، فلا شفعة لضامنه في عقار البائع لأنه كالبائع قهستاني لأن ضمان الدرك تقرير للبيع كما في الدرر ‏(‏قوله والأصل إلخ‏)‏ ولأن أخذه بالشفعة يكون سببا في نقض ما تم من جهته وهو الملك واليد للمشتري، وسعي الإنسان في نقض ما تم من جهته مردود درر‏.‏ أي بخلاف الوكيل بالشراء أو المشتري نفسه لأنه محقق لما تم من جهته، والله تعالى أعلم‏.‏