فصل: كتاب القسمة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


كتاب القسمة

هي مشروعة بالكتاب‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏ونبئهم أن الماء قسمة بينهم‏}‏ أي لكل شرب محتضر‏:‏ وقال‏:‏ ‏{‏لها شرب ولكم شرب يوم معلوم‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏وإذا حضر القسمة أولوا القربى‏}‏ وبالسنة فإنه «عليه الصلاة والسلام باشرها في الغنائم والمواريث وقال أعط كل ذي حق حقه وكان يقسم بين نسائه» وهذا مشهور، وأجمعت الأمة على مشروعيتها معراج ‏(‏قوله مناسبته إلخ‏)‏ الأولى أن تكون المناسبة أن الشفيع يملك مال المشتري جبرا عليه، وفي القسمة يملك نصيب الشريك جبرا عليه إذ هي مشتملة على معنى المبادلة مطلقا في القيمي والمثلي، وإنما قدم الشفعة لأنها تملك كلي وهذا تملك البعض فكانت أقوى رحمتي ‏(‏قوله اسم للاقتسام‏)‏ كما في المغرب وغيره أو التقسيم كما في القاموس، لكن الأنسب بما يأتي من لفظ القاسم أن تكون مصدر قسم الشيء بالفتح‏:‏ أي جزأه كما في المقدمة وغيرها قهستاني ‏(‏قوله كالقدوة‏)‏ مثلثة الأول وكعدة ما تسننت به واقتديت به قاموس، فقوله للاقتداء المناسب فيه من الاقتداء لئلا يوهم أنه اسم مصدر له تأمل ‏(‏قوله في مكان‏)‏ متعلق بجمع ‏(‏قوله على وجه الخصوص‏)‏ لأن كل واحد من الشريكين قبل القسمة منتفع بنصيب صاحبه فالطالب للقسمة يسأل القاضي أن يخصه بالانتفاع بنصيبه ويمنع الغير عن الانتفاع بملكه فيجب على القاضي إجابته إلى ذلك نهاية

‏(‏قوله ككيل وذرع‏)‏ وكذا الوزن والعد نهاية‏.‏ وفيه بحث لأنهم اختلفوا في أن أجرة القسمة على الرءوس أو الأنصباء، واتفقوا على أن أجرة الكيل ونحوه على الأنصباء شرنبلالية عن المقدسي‏:‏ أي ومقتضى كونه ركنا أن يكون على الخلاف أيضا‏.‏ قال أبو السعود‏:‏ ويجاب بما سيأتي من أن الكيل والوزن إن كان للقسمة قيل هو محل الخلاف ا هـ‏.‏ فليتأمل ‏(‏قوله وشرطها إلخ‏)‏ أي شرط لزومها بطلب أحد الشركاء شرنبلالية ‏(‏قوله المنفعة‏)‏ أي المعهودة، وهي ما كانت قبل القسمة، إذ الحمام بعدها ينتفع به لنحو ربط الدواب، وسيذكره الشارح عن المجتبى ‏(‏قوله ولذا لا يقسم نحو حائط‏)‏ يعني عند عدم الرضا من الجميع، أما إذا رضي الجميع صحت كما سيأتي متنا ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله وحكمها‏)‏ وهو الأثر المترتب عليها منح ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي سواء كانت في المثليات أو القيميات منح ‏(‏قوله والإفراز هو الغالب في المثلي‏)‏ لأن ما يأخذه أحدهما نصفه ملكه حقيقة ونصفه الآخر بدل النصف الذي بيد الآخر، فباعتبار الأول إفراز وباعتبار الثاني مبادلة، إلا أن المثلي إذا أخذ بعضه بدل بعض كان المأخوذ عين المأخوذ عنه حكما لوجود المماثلة، بخلاف القيمي ‏(‏قوله وما في حكمه‏)‏ أي حكم المثلي‏.‏ أقول‏:‏ نقل في جامع الفصولين عن شرح الطحاوي كل كيلي ووزني غير مصوغ وعددي متقارب كفلوس وبيض وجوز ونحوها مثليات والحيوانات والذرعيات والعددي المتفاوت كرمان وسفرجل، والوزني الذي في تبعيضه ضرر وهو المصوغ قيميات ا هـ‏.‏ ثم نقل عن الجامع العددي المتقارب كله مثلي كيلا وعدا ووزنا‏.‏ وعند زفر قيمي، وما تتفاوت آحاده في القيمة فعددي متفاوت ليس بمثلي إلخ فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله في الخانية إلخ‏)‏ أراد به بيان فائدة هي أنه إذا قسم ذو اليد حصته بغيبة صاحبه كما قال في المتن لا تنفذ القسمة ما لم تسلم حصة الآخر ‏(‏قوله إن سلم حظ الآخرين‏)‏ أي الغائب والصغير، ومفهومه أن سلامة ما أخذه لا تشترط كما سيظهر ‏(‏قوله وإلا لا‏)‏ أي وإن لم يسلم بأن هلك قبل وصوله إليهما لا تنفذ القسمة بل تنتقض ويكون الهالك على الكل ويشاركه الآخران فيما أخذ لما في هذه القسمة من معنى المبادلة ‏(‏قوله بين دهقان‏)‏ هو من له عقار كثير كما في المغرب، والمراد به هنا رب الأرض ‏(‏قوله أمره الدهقان بقسمتها‏)‏ أي فقسمها والدهقان غائب منح ‏(‏قوله فهلاك الباقي عليهما‏)‏ أي إذا رجع فوجد ما أفرز لنفسه قد هلك فهو عليهما ويشارك الدهقان فيما سلمه إليه، وقوله وإن بحظ نفسه‏:‏ أي وإن ذهب بنصيب نفسه إلى بيته أولا فلما رجع وجد ما أفرزه للدهقان قد هلك فهو على الدهقان خاصة كما في المنح عن الخانية، ولعل وجهه أنه في الأولى لما ذهب بحصة الدهقان أولا قصد القبض للدهقان أولا والقبض لنفسه فيما بقي بعد رجوعه فلما رجع ورأى الباقي قد هلك كان الهلاك قبل القبض منهما فيكون عليهما كهلاك البعض قبل القسمة أصلا، بخلاف ما إذا حمل نصيب نفسه إلى بيته أولا فإنه بمجرد التحميل والذهاب صار قابضا فقد هلك الباقي بعد قبض نصيبه يقينا فيكون هلاكه على صاحبه، لكن لا يخفى مخالفته لقوله في المسألة الأولى نفذت القسمة إن سلم حظ الآخرين وإلا لا، فإنه هنا لما سلم حظ الغائب وهو الدهقان انتقضت القسمة فجعل الهلاك عليهما، ولما سلم حظ الحاضر وهو الزارع دون الغالب نفذت؛ وكون القسمة هنا مأمورا بها من الغائب بخلافها في المسألة الأولى لا يظهر به الفرق، ولئن سلم فالمراد عدم الفرق كما يقتضيه التشبيه في قوله كصبرة فليتأمل‏.‏ هذا، وقد نقل في البزازية بعد ما تقدم عن واقعات سمرقند ما نصه‏:‏ إذا تلف حصة الدهقان قبل قبضه نقضها ويرجع على الأكار بنصف المقبوض، وإن تلف حصة الأكار لا تنقض لأن تلفه بعد قبضه والغلة كلها في يده والأصل أن هلاك حصة الذي المكيل في يده قبل قبض الآخر نصيبه لا يوجب انتقاض القسمة، وبهلاك حصة من لم يكن المكيل في يده قبل قبض حصته يوجب انتقاضها ا هـ‏.‏ وهذا التقرير والأصل واضح وموافق للمسألة الأولى، وقد أطال صاحب الذخيرة في تقريره وعزاه إلى شيخ الإسلام وقال عليه يخرج جنس هذه المسائل‏.‏ ثم قال‏:‏ وقال الحاكم عبد الرحمن وساق ما ذكره الشارح هنا عن الخانية، ولعل قول الخانية كذا قاله بعض المشايخ أراد به الحاكم المذكور، وأشار بلفظ كذا إلى عدم اختياره، والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله وإن أجبر عليها إلخ‏)‏ إن وصلية، والمراد بذلك بيان عدم المنافاة بين كون المبادلة غالبة في القيمي وبين كونه يجبر على القسمة في متحد الجنس منه، وذكر وجهه الشارح بقوله لما فيها إلخ‏.‏ ‏[‏فائدة‏]‏ القسمة ثلاثه أنواع‏:‏ قسمة لا يجبر الآبي عليها كقسمة الأجناس المختلفة‏.‏ وقسمة يجبر في المثليات‏.‏ وقسمة يجبر في غير المثليات كالثياب من نوع واحد والبقر والغنم‏.‏ والخيارات ثلاثة‏:‏ شرط، وعيب، ورؤية، ففي قسمة الأجناس المختلفة نثبت الثلاثة، وفي المثليات يثبت خيار العيب فقط، وفي غيرها كالثياب من نوع واحد يثبت خيار العيب، وكذا خيار الرؤية والشرط على الصحيح المفتى به، وتمامه في الشرنبلالية ‏(‏قوله في متحد الجنس منه‏)‏ أي من غير المثلي، وقوله فقط قيد لمتحد الجنس، ويدخل متحد الجنس المثلي بالأولى كما أفاده ط‏.‏ وظن الشرنبلالي أنه قيد لغير المثلي فقال فيه تأمل لأنه يوهم أنه في متحد الجنس المثلي لا يجبر الآبي عليها وهو خلاف النص ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله سوى رقيق غير المغنم‏)‏ لأن رقيق المغنم يقسم بالاتفاق، ورقيق غير المغنم لا يقسم بطلب أحدهم ولو كان إماء خلصا أو عبيدا خلصا عند أبي حنيفة‏.‏ والفرق له بين الرقيق وغيره من متحد الجنس فحش تفاوت المعاني الباطنة كالذهن والكياسة، وبين الغانمين وغيرهم تعلق حق الغانمين بالمالية دون العين، حتى كان للإمام بيع الغنائم وقسم ثمنها زيلعي ‏(‏قوله على أن المبادلة إلخ‏)‏ ترق في الجواب‏:‏ أي وإن نظرنا إلى ما فيها من معنى المبادلة فلا منافاة أيضا لأن المبادلة إلخ، وهذه مبادلة تعلق فيها حق الغير لأن الطالب للقسمة يريد الاختصاص بملكه ومنع غيره عن الانتفاع به فيجري الجبر فيها أيضا ‏(‏قوله وينصب قاسم‏)‏ أي ندب للقاضي أو للإمام نصبه ملتقى وشرحه ‏(‏قوله يرزق من بيت المال‏)‏ أي المعد لمال الخراج وغيره مما أخذ من الكفار كالجزية وصدقة بنى تغلب فلا يرزق من بيوت الأموال الثلاثة الباقية كبيت مال الزكاة وغيره إلا بطريق القرض قهستاني ‏(‏قوله غلط‏)‏ لمناقضته لما بعده إن عاد ضمير هو إلى قوله بلا أجر، وإن عاد إلى النصب فلمخالفته لقول الملتقى وغيره ندب تأمل ‏(‏قوله لأنها ليست بقضاء حقيقة إلخ‏)‏ قال في العناية‏:‏ ويجوز للقاضي أن يقسم بنفسه بأجر، لكن الأولى أن لا يأخذ لأن القسمة ليست بقضاء على الحقيقة حتى لا يفترض على القاضي مباشرتها، وإنما الذي يفترض عليه جبر الآبي على القسمة إلا أن لها شبها بالقضاء من حيث إنها تستفاد بولاية القضاء، فإن الأجنبي لا يقدر على الجبر، فمن حيث إنها ليست بقضاء جاز أخذ الأجر عليها، ومن حيث إنها تشبه القضاء يستحب عدم الأخذ ا هـ‏.‏ ومثله في النهاية والكفاية والمعراج والتبيين‏:‏ وفي الدرر ما يخالفه، فإنه ذكر أن الأصح أن القسمة من جنس عمل القضاة‏.‏ ثم قال‏:‏ فإن باشرها القاضي بنفسه، فعلى رواية كونها من جنس عمل القضاة لا يجوز له الأخذ وعلى رواية عدم كونها منه جاز ا هـ‏.‏ ومقتضاه ترجيح عدم الجواز، ونقله في الدر المنتقى عن الخلاصة والوهبانية قال‏:‏ وأقره القهستاني وغيره ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن المتون على الأول تأمل‏.‏ هذا، وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين كون القاسم القاضي أو منصوبه فلذا قال الشارح فجاز له‏:‏ أي للقاضي كما في المنح مع أن الكلام في منصوبه تأمل ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي سواء تساووا في الأنصباء أم لا، وسواء طلبوا جميعا أو أحدهم‏.‏ قال في الهداية‏:‏ وعنه أنه على الطالب دون الممتنع لنفعه ومضرة الممتنع ‏(‏قوله خلافا لهما‏)‏ حيث قالا الأجر على قدر الأنصباء لأنه مؤنة الملك وله أن الأجر مقابل بالتمييز وهو قد يصعب في القليل وقد ينعكس فتعذر اعتباره فاعتبر أصل التمييز ابن كمال ‏(‏قوله قيد بالقاسم‏)‏ أي في قوله وينصب قاسم أو هو على تقدير مضاف‏:‏ أي بأجر القاسم الذي عاد عليه الضمير في قوله وهو على عدد الرءوس وهذا أنسب بما بعده تأمل ‏(‏قوله وغيرها‏)‏ كأجرة بناء الحائط المشترك أو تطيين السطح أو كري النهر أو إصلاح القناة لأنها مقابلة بنقل التراب أو الماء والطين وذلك يتفاوت بالقلة والكثرة، أما التمييز فيقع لهما بعمل واحد معراج ‏(‏قوله زاد في الملتقى‏)‏ أي بعد قوله إجماعا ‏(‏قوله إن لم يكن‏)‏ أي الكيل أو الوزن للقسمة بل كان للتقدير‏.‏ قال الشارح بأن اشتريا مكيلا أو موزونا وأمرا إنسانا بكيله ليعلما قدره، فالأجر بقدر السهام ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لكن ذكره في الهداية‏)‏ أي ذكر هذا التفصيل بلفظ قيل فأشعر بضعفه، بل صرح بعده بنفيه حيث قال ولا يفصل‏.‏ قال الأتقاني‏:‏ يعني لا تفصيل في أجرة الكيل والوزن بل هي بقدر الأنصباء ا هـ‏.‏ وفي المعراج عن المبسوط والأصح الإطلاق ‏(‏قوله وتمامه إلخ‏)‏ أي تمام هذا الكلام، وهو بيان الفرق لأبي حنيفة بينه وبين القسام بأن الأجر هنا على الأنصباء وإن كان الكيل للقسمة للتفاوت في العمل، لأن عمله لصاحب الكثير أكثر فكان أصعب والأجر بقدر العمل بخلاف القسام

‏(‏قوله يجب كونه عدلا إلخ‏)‏ لأن القسمة من جنس عمل القضاة هداية، وأفاد القهستاني أن هذا التعليل مشعر بأن ما ذكر غير واجب لعدم وجوبه في القضاء، فالمراد بالوجوب العرفي الذي مرجعه إلى الأولوية كما أشار إليه في الاختيار وخزانة المفتين ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ تقدم في القضاء أن الفاسق أهل له لكنه لا يقلد وجوبا ويأثم مقلده، فعلم أنه لا يجب في صحة القضاء العدالة بل يجب على الإمام أن يولي عدلا، وكذا يقال هنا يجب أن ينصب قاسما عدلا، ولا يجب في صحة نصبه العدالة والوجوب الأول على حقيقته والثاني بمعنى الاشتراط فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله أمينا‏)‏ ذكر الأمانة بعد العدالة وإن كانت من لوازمها لجواز أن يكون غير ظاهر الأمانة كفاية‏:‏ واعترضه في اليعقوبية بأن ظهور العدالة يستلزم ظهورها كما لا يخفى ا هـ‏.‏ وأجيب بأن المذكور العدالة لا ظهورها ‏(‏قوله ولا يتعين إلخ‏)‏ الأولى قول الملتقى كالهداية، ولا يجبر الناس على قاسم واحد ولا يترك القسام ليشتركوا ‏(‏قوله بالزيادة‏)‏ أي على أجر المثل ‏(‏قوله القسام‏)‏ بالضم والتشديد جمع قاسم ‏(‏قوله خوف تواطئهم‏)‏ أي على مغالاة الأجر وعند عدم الشركة يتبادر كل منهم إليه خيفة الفوت فيرخص الأجر هداية ‏(‏قوله وصحت إلخ‏)‏ ما مر في القسمة بالجبر، وهذا في القسمة بالتراضي ‏(‏قوله إلا إذا كان‏)‏ استثناء منقطع كما يفيده قوله بعد لعدم لزومها استثناء من محذوف أي ولزمت ا هـ‏.‏ ط، وأراد بالصحة اللزوم ‏(‏قوله إلا بإجازة القاضي‏)‏ الظاهر رجوعه للمستثنيات الثلاث ‏(‏قوله أو الغائب أو الصبي إذا بلغ‏)‏ ولو مات الغائب أو الصبي فأجازت ورثته نفذت عندهما خلافا لمحمد منية المفتي، والأول استحسان والثاني قياس، وكما تثبت الإجازة صريحا بالقول تثبت دلالة بالفعل كالبيع كما في التتارخانية‏.‏ وفي المنح عن الجواهر‏:‏ طفل وبالغ اقتسما شيئا ثم بلغ الطفل وتصرف في نصيبه وباع البعض يكون إجازة ‏(‏قوله هذا‏)‏ أي لزومها بإجازة القاضي ونحوه لو كانوا شركاء في الميراث فلو شركاء في غيره تبطل، ومقتضاه أنها لا تنفذ بالإجازة فليتأمل‏.‏ وعبارة المنية هكذا‏:‏ اقتسم الورثة لا بأمر القاضي وفيهم صغير أو غائب لا تنفذ إلا بإجازة الغائب أو ولي الصغير أو يجيز إذا بلغ اقتسم الشركاء فيما بينهم وفيهم صغير أو غائب لا تصح القسمة، فإن أمرهم القاضي بذلك صح ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ سيذكر المصنف تبعا لسائر المتون أن القاضي لا يقسم لو كانوا مشترين وغاب أحدهم فكيف تصح قسمة الشركاء بأمر القاضي‏؟‏ اللهم إلا أن يراد به الشركاء في الميراث، لكن يبقى قول الشارح‏:‏ ولو شركاء بطلت محتاجا إلى نقل‏.‏ ونقل الزاهدي في قنيته‏:‏ قسمت بين الشركاء وفيهم شريك غائب فلما وقف عليها قال لا أرضى لغبن فيها ثم أذن لحراثه في زراعة نصيبه لا يكون رضا بعد ما رد ا هـ‏.‏ فليحرر، ولا تنس ما قدمه من أن للشريك أخذ حصته من المثلي بغيبة صاحبه، وما نقله عن الخانية فإنه مخصص لما هنا

‏(‏قوله أو ملكه مطلقا‏)‏ أي من غير بيان سبب ط ‏(‏قوله أو شراءه‏)‏ الأولى أن يقول أو بسبب ليعم نحو الهبة ط ‏(‏قوله فلا فرق إلخ‏)‏ أي من حيث إنه يقسم بمجرد الإقرار اتفاقا، وإنما اقتصر المصنف على الإرث، لأن العقار الموروث يفتقر إلى البرهان ولأنه هو الذي فيه الخلاف، فما سكت عنه يفهم حكمه مما ذكره بالطريق الأولى كما نبه عليه في المنح ‏(‏قوله ومن النقلي البناء والأشجار‏)‏ يعني فتقسم؛ وقوله حيث لم تتبدل إلخ متعلق بهذا المقدر‏:‏ وعبارة شيخه في حاشية المنح في هذا المحل‏:‏ أقول دخل في النقلي البناء والأشجار لأنها من قسم المنقولات كما صرح به في البحر في كتاب الدعوى؛ فتجري فيه قسمة الجبر حيث لم تتبدل المنفعة بالقسمة وإن تبدلت بها لا تجوز كالبئر والحائط والحمام ونحوها تأمل ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وبعد التقييد بالحيثية المذكورة لا ينافيه ما في المبسوط حيث قال‏:‏ بناء بين رجلين في أرض رجل قد بنياه بإذنه ثم أرادا قسمته وصاحب الأرض غائب فلهما ذلك بالتراضي، وإن امتنع أحدهما لم يجبر عليه ا هـ‏.‏ ونظمه ابن وهبان تأمل ‏(‏قوله وقالا يقسم‏)‏ أي العقار المدعى إرثه باعترافهم كما يقسم في الصور الأخر، وهي النقلي مطلقا والعقار المدعى شراؤه أو ملكيته المطلقة، لهما أنه في أيديهم، وهو دليل الملك ولا منازع لهم‏.‏ وله أن التركة قبل القسمة مبقاة على ملك الميت بدليل ثبوت حقه في الزوائد كأولاد ملكه وأرباحه حتى تقضى منها ديونه وتنفذ وصاياه، وبالقسمة ينقطع حقه عنها فكانت قضاء عليه بإقرارهم، وهو حجة قاصرة فلا بد من البينة بخلاف المنقول لأنه يخشى عليه التلف والعقار محصن، وبخلاف العقار المشترى لأنه زال عن ملك البائع قبل القسمة فلم تكن القسمة على الغير، وبخلاف المدعى ملكيته المطلقة لأنهم لم يقروا بالملكية لغيرهم، هذا حاصل ما في الدرر وشرح المجمع ‏(‏قوله ولا إن برهنا‏)‏ عطف على قوله لا يقسم‏.‏ قال العيني تبعا للزيلعي‏:‏ وهذه المسألة بعينها هي المسألة السابقة وهي قوله أو ملكه مطلقا، لأن المراد فيها أن يدعوا الملك ولم يذكروا كيف انتقل إليهم ولم يشترط فيها إقامة البينة على أنه ملكهم وهو رواية القدوري وشرط ها هنا وهو رواية الجامع الصغير، فإن كان قصد الشيخ تعيين الروايتين فليس فيه ما يدل على ذلك وإلا فتقع المسألة مكررة ا هـ‏.‏‏:‏ وأجاب المقدسي بحمل ما في الجامع على ما إذا ذكرا أنه بأيديهما فقط وبرهنا عليه فلا يكون من اختلاف الروايتين لاختلاف الموضوع فلا تكرار ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وهو الظاهر من قول الهداية، وفي الجامع الصغير أرض ادعاها رجلان وأقاما البينة أنها في أيديهما لم تقسم حتى يبرهنا أنها لهما لاحتمال أن تكون لغيرهما‏:‏ أي بوديعة أو بإجارة أو إعارة كما قال الشارح، وهكذا قرره في العزمية فافهم ‏(‏قوله اتفاقا في الأصح‏)‏ قال في الهداية بعد ما نقلناه آنفا ثم قيل هو قول أبي حنيفة خاصة وقيل قول الكل وهو الأصح، لأن قسمة الحفظ في العقار غير محتاج إليها وقسمة الملك تفتقر إلى قيامه ولا ملك فامتنع الجواز ‏(‏قوله فتكون قسمة حفظ إلخ‏)‏ وهي ما تكون بحق اليد لأجل الحفظ والصيانة كقسمة المودعين الوديعة بينهما للحفظ، وقسمة الملك ما تكون بحق الملك لتكميل المنفعة كما في غاية البيان

‏(‏قوله ولو برهنا‏)‏ أي برهن بالغان حاضران فيكون الصغير أو الغائب ثالثهما فصار الورثة متعددين فلذا أتى بضمير الجمع في قوله فيهم وبينهم، وأتى به مثنى في قوله في معهما أي مع اللذين برهنا مخالفا لما في الهداية لما سيذكره أنه لو كان مع الصغير أو الغائب شيء منه لا يقسم وإن أجيب عن الهداية بأنه مبني على أن أقل الجمع اثنان ‏(‏قوله بالأولى‏)‏ إذ لا يشترط فيه البرهان على الموت وعدد الورثة عنده كما مر ‏(‏قوله وفيهم صغير‏)‏ أي حاضر كما يأتي ‏(‏قوله قسم بينهم‏)‏ أفاد أن القاضي فعل ذلك، قال في المحيط‏:‏ فلو قسم بغير قضاء لم تجز إلا أن يحضر أو يبلغ فيجيز طوري، وهذا ما قدمه الشارح ‏(‏قوله ونصب قابض لهما‏)‏ وهو وصي عن الطفل ووكيل عن الغائب درر ‏(‏قوله ولا بد من البينة على أصل الميراث‏)‏ كذا في الدرر، ولعل المراد به جهة الإرث كالأبوة ونحوها‏.‏ والذي في الهداية والتبيين‏:‏ ولا بد من إقامة البينة هنا أيضا عنده وليس فيهما ذكر أصل الميراث ولم يذكر في المسألة الأولى، فالمراد أن قوله ولو برهنا على الموت وعدد الورثة لا بد منه عنده أيضا كما في المسألة السابقة بل أولى لأن الورثة هناك كلهم كبار حضور واشترط البرهان وهنا فيه قضاء على الغائب أو الصغير كما أفاده في النهاية ‏(‏قوله خلافا لهما‏)‏ فعندهما يقسم بينهما بإقرارهما ‏(‏قوله لا يقسم إلخ‏)‏ أي وإن أقام البينة لأن الواحد لا يصلح مخاصما ومخاصما، وكذا مقاسما ومقاسما هداية والأول عند الإمام لقوله بالبينة، والثاني عندهما لقولهما بعدمها‏.‏ وعن أبي يوسف أن القاضي ينصب عن الغائب خصما، ويسمع البينة عليه ويقسم أفاده في الكفاية ‏(‏قوله ولو أحدهما صغيرا‏)‏ فينصب القاضي عنه وصيا كما مر‏.‏ واعلم أن هنا مسألة لا بد من معرفتها، هي أنه إنما ينصب القاضي وصيا عن الصغير إذا كان حاضرا فلو غائبا فلا لأن الخصم لا ينصب عن الغائب إلا لضرورة، ومتى كان المدعى عليه صبيا ووقع العجز عن جوابه لم يقع عن إحضاره، فلا ينصب خصما عنه في حق غير الحضرة فلم تصح الدعوى لأنها من غير مدعى عليه حاضر ولا كذلك إذا حضر، لأنه إنما عجز عن الجواب فينصب من يجيب عنه بخلاف الدعوى على الميت، لأن إحضاره وجوابه لا يتصور فينصب عنه واحدا في الأمرين جميعا كفاية، ونحوه في النهاية والمعراج وغيرهما‏.‏ قال في البزازية وهذا يدل على أن من ادعى على صغير بحضرة وصيه عند غيبة الصغير أنه لا يصح، وقد مر خلافه في الدعوى ا هـ‏.‏ ومثله في المنية‏.‏ قلت‏:‏ وفي أوائل دعوى البحر‏:‏ والصحيح أنه لا تشترط حضرة الأطفال الرضع عند الدعوى ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ ويرد على ما في الكفاية وغيرها أنه منقوض بالغائب البالغ كما في الشرنبلالية عن المقدسي، لكن ذكر أبو السعود أنه أجيب عنه بأن اشتراط حضوره للنصب خاص بما إذا كان الوارث الحاضر واحدا لأنه لتصحيح الدعوى، أما إذا كانا اثنين فالنصب للقبض، إذ صحة الدعوى والقسمة موجودة قبله يجعل أحدهما خصما ‏(‏قوله أو موصى له‏)‏ لأنه يصير شريكا بمنزلة الوارث فكأنه حضر وارثان معراج ‏(‏قوله مشترين‏)‏ بياء واحدة لا بياءين كما في بعض النسخ لأنه مثل مفتين وقاضين كما هو ظاهر ‏(‏قوله أي شركاء إلخ‏)‏ أفاد به أن المراد مطلق الشركة في الملك بغير الإرث، وهو مأخوذ من حاشية شيخه الرملي ‏(‏قوله بخلاف الإرث‏)‏ قال في الدرر‏:‏ فإن ملك الوارث ملك خلافه، حتى يرد بالعيب على بائع المورث ويرد عليه ويصير مغرورا بشراء المورث، حتى لو وطئ أمة اشتراها مورثه فولدت فاستحقت رجع الوارث على البائع بثمنها وقيمة الولد للغرور من جهته، فانتصب أحدهم خصما عن الميت فيما في يده والآخر عن نفسه، فصارت القسمة قضاء بحضرة المتقاسمين‏:‏ وأما الملك الثابت بالشراء فملك جديد بسبب باشره في نصيبه ولهذا لا يرد بالعيب على بائع بائعه فلا ينتصب الحاضر خصما عن الغائب، فتكون البينة في حق الغائب قائمة بلا خصم فلا تقبل ا هـ‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

الشركة إذا كان أصلها الميراث فجرى فيها الشراء بأن باع واحد منهم نصيبه أو كانت أصلها الشراء فجرى فيها الميراث بأن مات واحد منهم، ففي الوجه الأول يقسم القاضي إذا حضر البعض لا في الثاني لأنه في الأول قام المشتري مقام البائع في الشركة الأولى وكانت أصلها وراثة، وفي الثاني قام الوارث مقام المورث في الشركة الأولى وكان أصلها الشراء، فينظر في هذا الباب إلى الأول ولوالجية وغيرها ‏(‏قوله في صورة الإرث‏)‏ وهي قوله ولو برهنا إلخ، وهذه محترز قوله هناك وهو أي العقار معهما ‏(‏قوله أو بعضه‏)‏ مكرر مع قول المتن أو شيء منه ح ‏(‏قوله مع الوارث الطفل أو الغائب‏)‏ أو يد مودع الغائب أو يد أم الصغير والصغير غائب فلا يقسم وإن كان الحاضر أمينا بزازية وغيرها ‏(‏قوله للزوم القضاء‏)‏ أي لئلا يلزم القضاء عليهما بإخراج شيء مما في أيديهما بلا خصم حاضر منهما أي من جهتهما‏.‏ والذي في الهداية وغيرها عنهما‏.‏ هذا وذكر القهستاني أنه لا يقسم إلا أن ينصب عنه خصما ويقيم البينة فإنه يقسم على ما روي عن الثاني انتهى وأقره في العزمية قلت‏:‏ لكن في الهداية والتبيين ولا فرق في هذا بين إقامة البينة‏:‏ أي على الإرث وعدمها هو الصحيح كما أطلق في الكتاب‏:‏ أي في قوله لا يقسم، وهو احتراز عن رواية المبسوط أنه يقسم إذا قامت البينة كفاية فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله وقسم المال المشترك‏)‏ أي الذي تجري فيه القسمة جبرا بأن كان من جنس واحد كما مر ويأتي ‏(‏قوله وبطلب ذي الكثير‏)‏ أي إن انتفع بحصته وأطلقه لعلمه من المقام، ومفهومه أنه لا يقسم بطلب ذي القليل الذي لا ينتفع إذا أبى المنتفع‏.‏ ووجهه كما في الهداية أن الأول منتفع فاعتبر طلبه والثاني متعنت فلم يعتبر ا هـ‏.‏ ولذا لا يقسم القاضي بينهم إن تضرر الكل وإن طلبوا كما في النهاية، وحينئذ فيأمر القاضي بالمهايأة كما سيذكره الشارح ‏(‏قوله وفي الخانية‏)‏ وقيل بعكس ما تقدم ‏(‏قوله فعليها المعول‏)‏ وصرح في الهداية وشروحها بأنه الأصح، زاد في الدرر وعليه الفتوى ‏(‏قوله لم يقسم إلا برضاهم‏)‏ ظاهره كعبارة سائر المتون أن للقاضي مباشرتها وقال الزيلعي‏:‏ لكن القاضي لا يباشر ذلك وإن طلبوا منه لأنه لا يشتغل بما لا فائدة فيه ولا يمنعهم منه، لأن القاضي لا يمنع من أقدم على إتلاف ماله في الحكم ا هـ‏.‏ وعزاه ابن الكمال للمبسوط، وذكر الطوري أن فيه روايتين ‏(‏قوله لئلا يعود على موضوعه بالنقض‏)‏ يعني أن موضوع القسمة الانتفاع بملكه على وجه الخصوص وهو مفقود هنا حلبي

‏(‏قوله في المجتبى إلخ‏)‏ أراد به بيان المراد بالانتفاع المذكور في المتن؛ وإلا فنحو الحمام قد ينتفع به بعد القسمة لربط الدواب ونحوه كما قدمناه

‏(‏قوله وقسم عروض اتحد جنسها‏)‏ لأن القسمة تميز الحقوق وذلك ممكن في الصنف الواحد كالإبل أو البقر أو الغنم أو الثياب أو الدواب أو الحنطة أو الشعير يقسم كل صنف من ذلك على حدة جوهرة ‏(‏قوله بعضهما في بعض‏)‏ أي بإدخال بعض في بعض، بأن أعطي أحدهما بعيرا والآخر شاتين مثلا جاعلا بعض هذا في مقابلة ذاك درر ‏(‏قوله فتعتمد التراضي إلخ‏)‏ لأن ولاية الإجبار للقاضي تثبت بمعنى التمييز لا المعاوضة درر ‏(‏قوله ولا الرقيق‏)‏ لأن التفاوت في الآدمي فاحش فلا يمكن ضبط المساواة، لأن المعاني المقصودة منه‏:‏ العقل والفطنة والصبر على الخدمة والاحتمال والوقار والصدق والشجاعة والوفاق وذلك لا يمكن الوقوف عليه فصاروا كالأجناس المختلفة، وقد يكون الواحد منهم خيرا من ألف من جنسه قال الشاعر‏:‏

ولم أر أمثال الرجال تفاوتا *** إلى الفضل حتى عد ألف بواحد

بخلاف سائر الحيوانات لأن تفاوتها يقل عند اتحاد الجنس، ألا ترى أن الذكر والأنثى من بني آدم جنسان ومن الحيوانات جنس واحد جوهرة ‏(‏قوله وحده‏)‏ اعلم أنه إذا كان مع الرقيق دواب أو عروض أو شيء آخر قسم القاضي الكل في قولهم وإلا فإن ذكورا أو إناثا فكذلك عنده، وإن ذكورا وإناثا فلا إلا برضاهم‏.‏ والحاصل أن عند أبي حنيفة لا يجوز الجبر على قسمة الرقيق إلا أن يكون معه شيء آخر هو محل لقسمة الجمع كالغنم والثياب فيقسم الكل قسمة جمع‏.‏ وكان أبو بكر الرازي يقول‏:‏ تأويل هذه المسألة أنه يقسم برضا الشركاء فأما مع كراهة بعضهم فالقاضي لا يقسم‏.‏ والأظهر أن قسمة الجبر تجري عند أبي حنيفة باعتبار أن الجنس الآخر الذي مع الرقيق يجعل أصلا في القسمة، والقسمة جبرا تثبت فيه فتثبت في الرقيق أيضا تبعا‏.‏ وقد يثبت حكم العقد في الشيء تبعا وإن كان لا يجوز إثباته مقصودا كالشرب والطريق في البيع والمنقولات في الوقف، كذا في شروح الهداية والكنز والدرر، فما مشى عليه في المنح خلاف الأظهر ‏(‏قوله كما تقسم الإبل‏)‏ أي ونحوها كالبقر والغنم ‏(‏قوله ورقيق المغنم‏)‏ قدمنا عن الزيلعي وجه الفرق بينه وبين رقيق غيره ‏(‏قوله والحمام والبئر والرحى‏)‏ ينبغي تقييده بما إذا كان صغيرا لا يمكن لكل من الشريكين الانتفاع به كما كان، فلو كبيرا بأن كان الحمام ذا خزانتين والرحى ذات حجرين يقسم‏.‏ وقد أفتى في الحامدية بقسمة معصرة زيت لاثنين مناصفة وهي مشتملة على عودين ومطحنين وبئرين للزيت قابلة للقسمة بلا ضرر، مستدلا بما في خزانة الفتاوى‏:‏ لا يقسم الحمام والحائط والبيت الصغير إذا كان بحال لو قسم لا يبقى لكل موضع يعمل فيه ‏(‏قوله وكل ما في قسمه ضرر‏)‏ فلا يقسم ثوب واحد لاشتمال القسمة على الضرر إذ لا تتحقق إلا بالقطع هداية، لأن فيه إتلاف جزء عناية، ولا يقسم الطريق لو فيه ضرر بزازية ‏(‏قوله لما مر‏)‏ من قوله لئلا يعود على موضوعه بالنقض وهو علة لعدم القسمة ‏(‏قوله ولا تقسم بالأوراق ولو برضاهم‏)‏ الظاهر أن المراد لا يباشر القاضي قسمتها، لما مر أن القاضي لا يباشر ذلك ولا يمنعهم منه، وتأمل عبارة المنح‏.‏

مطلب لكل من الشركاء السكنى في بعض الدار بقدر حصته

‏(‏قوله أمر القاضي بالمهايأة‏)‏ أقول‏:‏ ذكر في العمادية في الفصل 34 لكل واحد من الشركاء أن يسكن في بعض الدار بقدر حصته ا هـ‏.‏ وبمثله أفتى في الحامدية‏.‏ وانظر إذا طلب أحدهما ذلك والآخر المهايأة أيهما يقدم‏؟‏ وهي تقع كثيرا، يقول لي خشبة أسكن تحتها فليحرر، وسيأتي بيان المهايأة وأحكامها آخر الباب وأن الأصح أن القاضي يجبر عليها بطلب أحدهما ومنه يظهر الجواب تأمل

‏(‏قوله دور مشتركة‏)‏ مثلها الأقرحة كما في الهداية وهي جمع قراح‏:‏ قطعة من الأرض على حيالها لا شجر فيها ولا بناء‏.‏ واحترز بالدور عن البيوت والمنازل جمع منزل أصغر من الدار وأكبر من البيت، لأنه دويرة صغيرة فيها بيتان أو ثلاثة والبيت مسقف واحد له دهليز ‏(‏قوله منفردة‏)‏ أي يقسم كل من الدور أو الدار والضيعة‏:‏ وهي عرصة غير مبنية أو الدار والحانوت‏:‏ وهو الدكان قسمة فرد، فتقسم العرصة بالذراع والبناء بالقيمة قهستاني لا قسمة جمع، بأن يجمع حصة بعضهم في الدار مثلا وحصة الآخر في غيرها لأنها أجناس مختلفة أو في حكمها كما يعلم من الهداية، ولذا قال القهستاني‏:‏ لو اكتفى بما سبق من قوله ولا الجنسان لكان أخصر ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ يفسره ما بعده ولم يذكر المنازل والبيوت المحترز عنها‏.‏ قال مسكين‏:‏ والبيوت تقسم قسمة واحدة متباينة أو متلازقة، والمنازل كالبيوت لو متلازقة وكالدور لو متباينة‏.‏ وقالا في الفصول كلها بنظر القاضي إلى أعدل الوجوه فيمضي القسمة على ذلك ا هـ‏.‏ قال الرملي‏:‏ ويستثنى منه ما إذا كانا في مصرين فقولهما كقوله ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ولعل هذا في زمانهم وإلا فالمنازل والبيوت ولو من دار واحدة تتفاوت تفاوتا فاحشا في زماننا، يدل عليه قولهم هنا لأن البيوت لا تتفاوت في معنى السكنى ولهذا تؤجر أجرة واحدة في كل محلة، وكذا ما ذكروه في خيار الرؤية، وإفتاؤهم هناك بقول زفر من أنه لا بد من رؤية داخل البيوت لتفاوتها تأمل ‏(‏قوله أو مصرين‏)‏ مكرر مع قول المتن أولا ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله إذا كانت كلها في مصر واحد أو لا‏)‏ لو قال ولو في مصر لكان أخصر وأظهر ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله فقولهما كقوله‏)‏ الأولى أن يقول فكقوله ‏(‏قوله ويصور القاسم إلخ‏)‏ أي ينبغي إذا شرع في القسمة أن يصور ما يقسمه بأن يكتب في كاغده أن فلانا نصيبه كذا وفلانا كذا ليمكنه حفظه إن أراد رفعه للقاضي ليتولى الإقراع بينهم بنفسه ويعدله أي يسويه، ويروى بعزله‏:‏ أي يقطعه بالقسمة عن غيره ليعرف قدره عناية ‏(‏قوله ويذرعه‏)‏ شامل للبناء، لما قال الزيلعي‏:‏ ويذرعه ويقوم البناء لأن قدر المساحة يعرف بالذرع والمالية بالتقويم، ولا بد من معرفتهما ليمكن التسوية في المالية، ولا بد من تقويم الأرض وذرع البناء ا هـ‏.‏ شرنبلالية ‏(‏قوله ويفرز إلخ‏)‏ بيان للأفضل، فإن لم يفعل أو لم يمكن جاز هداية وغيرها، والظاهر أن معناها إذا شرط القاسم ذلك فلا ينافي ما يأتي من أنه إذا لم يشترط فيها صرف إن أمكن وإلا فسخت القسمة فافهم ‏(‏قوله لتطيب القلوب‏)‏ أشار إلى أن القرعة غير واجبة حتى إن القاضي لو عين لكل واحد نصيبا من غير إقراع جاز لأنه في معنى القضاء فملك الإلزام هداية‏.‏

مطلب في الرجوع عن القرعة

‏[‏تنبيه‏]‏

إذا قسم القاضي أو نائبه بالقرعة فليس لبعضهم الإباء بعد خروج بعض السهام كما لا يلتفت إلى إبائه قبل خروج القرعة، ولو القسمة بالتراضي له الرجوع إلا إذا خرج جميع السهام إلا واحدا لتعين نصيب ذلك الواحد وإن لم يخرج، ولا رجوع بعد تمام القسمة نهاية ‏(‏قوله فمن خرج اسمه أولا إلخ‏)‏ بيانه‏:‏ أرض بين جماعة لأحدهم سدسها ولآخر نصفها ولآخر ثلثها يجعلها أسداسا اعتبارا بالأقل ثم يلقب السهام بالأول والثاني إلى السادس ويكتب أسامي الشركاء ويضعها في كمه، فمن خرج اسمه أولا أعطي السهم الأول، فإن كان صاحب السدس فله الأول، وإن صاحب الثلث فله الأول والذي يليه، وإن صاحب النصف فله الأول واللذان يليانه كما في العناية ‏(‏قوله واعلم أن الدراهم‏)‏ قيد الدراهم في الدرر بالتي ليست من التركة، وذكر في الشرنبلالية أنه غير احترازي فلا تدخل في القسمة ولو من التركة‏.‏ أقول‏:‏ وما في الدرر ذكره ابن الكمال والقهستاني وشراح الهداية كالمعراج والنهاية والكفاية‏.‏ وعلل المسألة الزيلعي بأنه لا شركة فيها، ويفوت به التعديل أيضا في القسمة، لأن بعضهم يصل إلى عين المال المشترك في الحال ودراهم الآخر في الذمة فيخشى عليها التوى، ولأن الجنسين المشتركين لا يقسمان فما ظنك عند عدم الاشتراك ا هـ‏.‏ فقد يقال‏:‏ التعليل الأخير يفيد ما ذكره الشرنبلالي تأمل ‏(‏قوله أو منقول‏)‏ صرح به القهستاني ‏(‏قوله إلا برضاهم‏)‏ فلو كان بعض العقار ملكا وبعضه وقفا، فإن كان المعطى هو الواقف جاز ويصير كأنه أخذ الوقف واشترى بعض ما ليس بوقف من شريكه، وإن العكس فلا لأنه يلزم منه نقض بعض الوقف، وحصة الوقف وقف وما اشتراه ملك له ولا يصير وقفا كذا في الإسعاف من فصل المشاع ‏(‏قوله ولا تمكن التسوية‏)‏ بأن لم تف العرصة بقيمة البناء زيلعي ‏(‏قوله واستحسنه في الاختيار‏)‏ وقال في الهداية‏:‏ إنه يوافق رواية الأصول ‏(‏قوله لم يشترط‏)‏ أما لو اشترط تركهما على حالهما فلا تفسخ، ويكون له ذلك على ما كان قبل القسمة جوهرة ‏(‏قوله واستؤنفت‏)‏ أي على وجه يتمكن كل منهما من أن يجعل لنفسه طريقا ومسيلا لقطع الشركة‏.‏ بقي ما إذا لم يمكن ذلك أصلا وإن استؤنفت فكيف الحكم، والظاهر أنها تستأنف أيضا لشرط فيها فليراجع ‏(‏قوله أبقيناه‏)‏ المناسب لما في الزيلعي نبقيه‏.‏ ونصه‏:‏ ولو اختلفوا في إدخال الطريق في القسمة بأن قال بعضهم‏:‏ لا يقسم الطريق بل يبقى مشتركا كما كان قبل القسمة نظر فيه الحاكم، فإن كان يستقيم أن يفتح كل في نصيبه قسم الحاكم من غير طريق لجماعتهم تكميلا للمنفعة وتحقيقا للإفراز من كل وجه، وإن كان لا يستقيم ذلك رفع طريقا بين جماعتهم لتحقق تكميل المنفعة فيما وراء الطريق ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله إن أمكن إفراز كل‏)‏ من إضافة المصدر إلى فاعله والمفعول محذوف‏:‏ أي إفراز كل منهم طريقا على حدة

‏(‏قوله اختلفوا في مقدار عرض الطريق‏)‏ أي في سعته وضيقه وطوله، فقال بعضهم‏:‏ يجعل سعته أكبر من عرض الباب الأعظم وطوله من الأعلى إلى السماء‏.‏ وقال بعضهم غير ذلك عناية، وبه ظهر أن الاختلاف في تقدير الطريق المشترك لا في طريق كل نصيب فافهم ‏(‏قوله أي ارتفاعه‏)‏ أفاد أن المراد هو الطول من حيث الأعلى لا من حيث المشي وهو ضد العرض، لأنه إنما يكون إلى حيث ينتهون بها إلى الطريق الأعظم، أفاده في الكفاية وغيرها من شروح الهداية، وأفادوا أنه يقسم بينهم ما فوق طول الباب من الأعلى ويبقى قدر طول الباب من الهواء مشتركا بينهم ‏(‏قوله إن فوق الباب‏)‏ أي له ذلك إن كان فيما فوق طول الباب لأنه مقسوم بينهم كما علمت، فصار بانيا على خالص حقه لا فيما دونه لبقائه مشتركا، وبما قررناه اندفع ما بحثه الحموي ‏(‏قوله مشترك‏)‏ لأن اختلاف الشركاء في تقدير طريق واحد مشترك بينهم كما أفاده ما قدمناه عن العناية لا في طريق لكل نصيب بانفراده حتى يرد أنه حق المقاسم فافهم ‏(‏قوله جاز‏)‏ لأن رقبة الطريق ملك لهم وهي محل للمعاوضة ولوالجية ‏(‏قوله بالأكرار‏)‏ جمع كر‏:‏ كيل معروف‏.‏ وفي الولوالجية‏:‏ تجوز بالأحمال لأن التفاوت فيه قليل ‏(‏قوله بالشريجة‏)‏ قال في القاموس في فصل الشين المعجمة من باب الجيم‏:‏ الشريجة شيء من سعف يحمل فيه البطيخ ونحوه ‏(‏قوله سفل‏)‏ بضم السين وكسرها ‏(‏قوله وعلو مجرد مشترك‏)‏ أي بين الشريكين في السفل الأول كما في شرح المجمع، وتظهر ثمرته على قولهما تدبر ‏(‏قوله وقسم بالقيمة‏)‏ لأن السفل يصلح لما لا يصلح له العلو من اتخاذه بئر ماء أو سردابا أو إصطبلا أو غير ذلك فلا يتحقق التعديل إلا بالقيمة هداية ‏(‏قوله عند محمد‏)‏ وعندهما يقسم بالذراع ثم اختلفا، فقال الإمام‏:‏ ذراع من سفل بذراعين من علو، وقال الثاني ذراع بذراع، وبيانه في الهداية وشروحها، ثم الاختلاف في الساحة‏.‏ وأما البناء فيقسم بالقيمة اتفاقا كما في الجوهرة والإيضاح

‏(‏قوله تقبل‏)‏ لأنهما شهدا بالاستيفاء وهو فعل غيرهما لا بالقسمة‏.‏ وفي الجوهرة‏:‏ هذا قولهما، وقسم القاضي وغيره سواء ‏(‏قوله وإن قسما بأجر في الأصح‏)‏ مثله في الجوهرة معزوا للمستصفى‏.‏ وذكر قبله أن عند محمد لا تقبل في الوجهين لأنهما يشهدان على فعل أنفسهما لأن فعلهما التمييز‏.‏ وأما إذا قسما بالأجر فلأن لهما منفعة إذا صحت القسمة إلخ ‏(‏قوله أو لم يقر به‏)‏ أقول‏:‏ هذا يفهم بالأولى من جهة أنه يصدق بالبرهان فإنه لم يتناقض أصلا، فإذا صدق به مع الإقرار فمع عدمه بالأولى، وإنما احتيج للبرهان هنا أيضا لما في الخانية من أن الظاهر وقوع القسمة على وجه المعادلة فلا تنقض إلا ببينة، وإن لا بينة فبالنكول ‏(‏قوله أو نكوله‏)‏ فلو كانوا جماعة ونكل واحد جمع نصيبه مع نصيب المدعي وقسم بينهما على قدر أنصبائهما كما في الهداية قوله فلو قال إلخ‏)‏ قال في القاموس‏:‏ البرهان الحجة، فلا فرق حينئذ، إذ كل منهما يعم البينة وإقرار الخصم أو نكوله رحمتي ‏(‏قوله ولا تناقض إلخ‏)‏ جواب عن قول صاحب الهداية‏:‏ ينبغي أن لا تقبل دعواه أصلا لتناقضه، وإليه أشار من بعد ا هـ‏.‏ أي أشار القدوري إليه بقوله بعده، وإن قال قبل إقراره بالاستيفاء أصابني من كذا إلى كذا إلخ فإنه يفيد أنه لو أقر فلا تحالف، وما ذاك إلا لعدم صحة الدعوى بسبب التناقض، وأقره الشراح على هذا البحث‏.‏ واستدلوا له بما يأتي متنا وشرحا عن الخانية، وبما في المبسوط‏:‏ اقتسما الدار وأشهدا على القسمة والقبض والوفاء ثم ادعى أحدهما بيتا في يد صاحبه لم يصدق إلا أن يقر به صاحبه لأنه متناقض، ووفق ابن الكمال بحمل الحجة على الإقرار، وزاد القهستاني أو يراد بالغلط الغصب ا هـ‏.‏ وقال صدر الشريعة‏:‏ وجه رواية المتن أنه اعتمد على فعل القاسم في إقراره، ثم لما تأمل حق التأمل ظهر الغلط في فعله فلا يؤاخذ بذلك الإقرار عند ظهور الحق ا هـ‏.‏ ومثله في الدرر، وهو الذي ذكره الشارح، وأخذ منه في الحامدية توفيقا حسنا بحمل ما في المتن على ما إذا باشر القسمة غيره، وما في الخانية والمبسوط على ما إذا باشر القسمة بنفسه بدليل قول المبسوط‏:‏ اقتسما فإن ظاهره أنه بأنفسهما تأمل، وظاهر كلام صدر الشريعة أنهما روايتان فلا حاجة إلى التوفيق، بل الأهم الترجيح، فنقول‏:‏ عامة المتون على ما مشى عليه المصنف، وهي الموضوعة لنقل المذهب، ولما عليه الفتوى‏.‏ وعبارة متن المواهب‏:‏ تقبل بينته، وقيل لا‏.‏ وفي الاختيار‏:‏ وقيل لا تقبل دعواه للتناقض، فأفادا عدم اعتماد الثانية، وفي البزازية‏:‏ وإن أقر وبرهن لا تصح الدعوى إلا على الرواية التي اختارها المتأخرون أن دعوى الهزل في الإقرار تصح ويحلف المقر له على أنه ما كان كاذبا في إقراره ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وقدم الشارح في كتاب الإقرار قبيل باب الاستثناء أنه بها يفتى لكن تبقى المنافاة بين هذا وبين مفهوم ما يأتي متنا كما أشار إليه في الهداية، وما ذكره صدر الشريعة لا يدفع المنافاة، لأن هذا الإقرار إن كان مانعا من صحة الدعوى لا تسمع البينة لابتناء سماعها على صحة الدعوى وإن لم يكن مانعا ينبغي أن يتحالفا كما في الحواشي السعدية‏.‏ وقد يجاب بأن قولهم هنا وقد أقر بالاستيفاء صريح، وقولهم الآتي قبل إقراره بالاستيفاء مفهوم، والمصرح به أن الصريح مقدم على المفهوم فليتأمل ‏(‏قوله لأنه منكر‏)‏ أي والآخر يدعي عليه الغصب ‏(‏قوله وإن قال قبل إقراره بالاستيفاء‏)‏ المراد أنه لم يحصل منه إقرار أصلا ط عن الشرنبلالية ‏(‏قوله أصابني من ذلك كذا إلى كذا‏)‏ الأولى حذف لفظ ذلك كما عبر في الغرر ‏(‏قوله تحالفا وتفسخ القسمة‏)‏ لأن الاختلاف في مقدار ما حصل له بها هداية

‏(‏قوله ولو اقتسما دارا إلخ‏)‏ هذه عين قوله فيما مر ولو ادعى إلخ إلا أنها أعيدت لبناء مسائل أخر عليها كفاية ‏(‏قوله لأنه خارج‏)‏ فترجح بينته على بينة ذي اليد كما مر في محله ‏(‏قوله وإن كان قبل الإشهاد‏)‏ مفهوم قوله وأصاب كلا طائفة، فإن المراد وأشهدوا على ذلك ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله وكذا لو اختلفا في الحدود‏)‏ بأن قال أحدهما هذا الحد لي قد دخل في نصيبه وقال الآخر كذلك وأقاما البينة يقضى لكل واحد بالجزء الذي في يد صاحبه لما مر، وإن قامت لأحدهما بينة قضي له، وإن لم تقم لواحد تحالفا كما في البيع هداية وكفاية ‏(‏قوله وإن استحق بعض معين إلخ‏)‏ قيد بالبعض لأنه لو استحق جميع ما في يده يرجع بنصف ما في يد شريكه كما في شرح المجمع ‏(‏قوله على الصحيح‏)‏ الأولى أن يقول على الصواب كما يظهر من كلام شراح الهداية ‏(‏قوله تفسخ اتفاقا‏)‏ لأنه لو بقيت لتضرر المستحق بتفرق نصيبه في النصيبين، بخلاف النصيب الواحد إذ لا ضرر أفاده في الهداية ‏(‏قوله لا تفسخ جبرا‏)‏ أي على المستحق منه لأن له الخيار ‏(‏قوله خلافا للثاني‏)‏ فعنده تفسخ لأجل المستحق، لأنه ظهر أنه شريك ثالث والقسمة بلا رضاه باطلة، وأشار إلى أن قول محمد كقول الإمام وهو الأصح كما في الهداية ‏(‏قوله بل المستحق منه يرجع إلخ‏)‏ يوهم أنه في الأولى ليس كذلك، فلو قال كابن الكمال وإن استحق بعض حصة أحدهما مشاع أولا لم تفسخ ورجع بقسطه في حصة شريكه أو نقضها وتفسخ في بعض مشاع في الكل لكان أخصر وأظهر ‏(‏قوله أو نقض القسمة‏)‏ هذا إذا لم يكن باع شيئا مما في يده قبل الاستحقاق وإلا فله الرجوع فقط كما أفاده في الهداية ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ هذه العبارة لابن الكمال ملخصة من كلام صدر الشريعة المذكور في المنح ‏(‏قوله فإن كان شائعا‏)‏ كالنصف مما في يد كل مشاعا أو نصف أحدهما وربع الآخر فهذا صادق على التساوي والتفاوت، بخلاف الشيوع في الكل في المسألة السابقة فإنه على التساوي فقط، كما لو اقتسما دارا مثالثة فاستحق نصفها مشاعا فله نصف ما في يد كل، لكن الحكم في كل الشيوعيين واحد وهو الفسخ لما قدمناه فافهم ‏(‏قوله فإن تساويا فظاهر‏)‏ أي أنه لا فسخ ولا رجوع كما لو استحق من نصيب كل خمسة أذرع ‏(‏قوله وإلا‏)‏ أي إن لم يتساويا كأربعة من أحدهما وستة من الثاني، فلا فسخ أيضا لعدم الضرر على المستحق كما قدمناه ويرجع الثاني على الأول بذراع لأنه زاد عليه به ‏(‏قوله فلذا إلخ‏)‏ تفريع على قوله كما مر‏:‏ أي لما شابهت هذه المسائل ما مر في الأحكام لم يفردوها بالذكر لفهمها من العلل السابقة، أما الفسخ في الشائع وعدمه في المعين فللضرر على المستحق وعدمه كما علمته، وأما الرجوع على الشريك عند عدم التساوي فإنه يعلم من قوله يرجع في نصيب شريكه أي ليصل كل إلى حقه بلا زيادة لأحدهما على الآخر، ومقتضاه أن له نقض القسمة أيضا دفعا لضرر التشقيص، وأما عدم الرجوع عند التساوي فظاهر لأنه لم يزد أحدهما على الآخر بشيء فافهم‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

إذا جرت القسمة في دارين أو أرضين وأخذ كل واحدة ثم استحقت إحداهما بعد ما بنى فيها صاحبها يرجع على صاحبه بنصف قيمة البناء، قيل هذا قول الإمام لأن عنده قسمة الجبر لا تجري في الدارين فكانت في معنى البيع، والأصح أنه قول الكل خانية، ولو في دار لم يرجع تتارخانية

‏(‏قوله ظهر دين إلخ‏)‏ ومثله لو ظهر موصى له بألف مرسلة فتفسخ إلا إذا قضوه لتعلق حق الدائن والموصى له مرسلا بالمالية، بخلاف ما إذا ظهر وارث آخر أو موصى له بالثلث أو الربع فقال الورثة نقضي حقه ولا تفسخ القسمة لتعلق حقهما بعين التركة فلا ينتقل إلى مال آخر إلا برضاهما كما في النهاية، لكن هذا إذا كانت القسمة بغير قاض، فلو به فظهر وارث وقد عزل القاضي نصيبه لا تنقض، وكذا لو ظهر الموصى له في الأصح كما في التتارخانية ‏(‏قوله ذمم الورثة‏)‏ كذا في الدرر‏.‏ قال ط‏:‏ فيه إن الدين تعلق بعين التركة بعد تعلقه بذمة الميت ا هـ‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

أجاز الغريم قسمة الورثة قبل قضاء الدين له نقضها وكذا إذا ضمن بعض الورثة دين الميت برضا الغريم إلا أن يكون بشرط براءة الميت لأنها تصير حوالة فينتقل الدين عليه وتخلو التركة عنه وهي الحيلة لقسمة تركة فيها دين كما بسطه في البزازية وغيرها ‏(‏قوله ولو ظهر غبن فاحش في القسمة‏)‏ أي في التقويم للقسمة، بأن قوم بألف فظهر أنه يساوي خمسمائة، قيد بالفاحش لأنه لو يسيرا يدخل تحت تقويم المقومين لا تسمع دعواه، ولا تقبل بينته كما في المنح ‏(‏قوله خلافا لتصحيح الخلاصة‏)‏ من أنه لا تسمع دعواه‏.‏ قال المصنف في المنح‏:‏ والصحيح المعتمد ما قدمناه عن الكافي وقاضي خان، وبه جزم أصحاب المتون وصححه أصحاب الشروح، وبه أفتيت مرارا ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ مأخوذ من حاشية الرملي حيث قال وقوله بطلت‏.‏ قال في الكنز‏:‏ ولو ظهر غبن فاحش في القسمة تفسخ، وفي متن الغرر تبطل فتبعه بقوله هنا بطلت فيفهم ظاهره أنها تحتاج إلى الفسخ مع أن الأمر بخلافه، فكان ينبغي له موافقته دون متن الغرر ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وفيه نظر يدل عليه قول الخانية تسمع دعواه في الغبن وله أن يبطل القسمة كما لو كانت بقضاء القاضي وهو الصحيح، فمقتضاه أنها تحتاج إلى الفسخ وأن معنى تبطل وبطلت له إبطالها، وبه يشعر قول الكنز تفسخ حيث لم يقل تنفسخ، والظاهر أن لفظة لا ساقطة من قلم الرملي قبل قوله تحتاج تأمل ‏(‏قوله لا تسمع دعوى الغلط‏)‏ تقدم الكلام عليه مستوفى وأنه مخالف للمتون ‏(‏قوله وتمامه في الخانية‏)‏ ذكر عبارتها في المنح ‏(‏قوله صح دعواه‏)‏ فتنقض القسمة إلا بالقضاء أو الإبراء كما مر، ولو كان باع أحدهم حصته بطل البيع كالقسمة كما في الخانية ‏(‏قوله لتعلق الدين بالمعنى‏)‏ وهو مالية التركة ولذا كان لهم أن يقضوا الغريم ويستقلوا بها كما مر ‏(‏قوله بأي سبب كان‏)‏ أي بشراء أو هبة أو غير ذلك‏.‏ ونقل السائحاني عن المقدسي‏:‏ اقتسما التركة ثم ادعى أحدهما أن أباه كان جعل هذا المعين له، إن كان قال في صغرى يقبل، وإن مطلقا لا ا هـ‏.‏ لأن التناقض في موضع الخفاء عفو كما مر في محله ‏(‏قوله إذ الإقدام على القسمة‏)‏ قيد به لأنها إذا كانت جبرا على المدعي تسمع دعواه ولا يكون تناقضا رملي

‏(‏قوله لم تقبل بينته‏)‏ لدخول البناء والنخل تبعا، فلو اقتسموا شجرا أو بناء فادعى أحدهم الأرض كلها أو بعضها جاز لعدم التبعية لجواز كونه مشتركا دون الأرض‏.‏ ففي الخلاصة وغيرها‏:‏ لو ادعى شجرا فقال المدعى عليه ساومني ثمره أو اشتر مني لا يكون دفعا لجواز كون الشجر له والثمرة لغيره وهي واقعة للفتوى، وأفتيت بسماعها لما ذكر رملي ملخصا

‏(‏قوله ليس له أن يجبره على قطعها‏)‏ أي الأغصان، قال في الخانية‏:‏ كما لو وقع في قسم أحدهما حائط عليه جذوع للآخر فإنه لا يؤمر برفعه ‏(‏قوله لأنه استحق الشجرة بأغصانها‏)‏ أي على هذه الحالة ط

‏(‏قوله بغير إذن الآخر‏)‏ وكذا لو بإذنه لنفسه لأنه مستعير لحصة الآخر، وللمعير الرجوع متى شاء‏.‏ أما لو بإذنه للشركة يرجع بحصته عليه بلا شبهة رملي على الأشباه ‏(‏قوله وإلا هدم البناء‏)‏ أو أرضاه بدفع قيمته ط عن الهندية‏.‏ أقول‏:‏ وفي فتاوى قارئ الهداية‏:‏ وإن وقع البناء في نصيب الشريك قلع وضمن ما نقصت الأرض بذلك ا هـ‏.‏ وقد تقدم في كتاب الغصب متنا أن من بنى أو غرس في أرض غيره أمر بالقلع وللمالك أن يضمن له قيمة بناء أو غرس أمر بقلعه إن نقصت الأرض به، والظاهر جريان التفصيل هنا كذلك تأمل ‏(‏قوله في عقار أو غيره‏)‏ لم أر هذا التعميم لغيره وإن كان ظاهر المتن، لأن المصنف عزاه للبزازية‏.‏ وعبارتها‏:‏ قسموا الأراضي وأخذوا حصتهم إلخ فهو خاص بالعقار كما يظهر قريبا ‏(‏قوله لأن قسمة التراضي‏)‏ كذا في غالب النسخ، وفي بعضها الأراضي وهو الذي في المتن، وهكذا رأيته في البزازية وغيرها‏.‏ وعلل في الذخيرة بأن القسمة في غير المكيل والموزون في معنى البيع فكان نقضها بمنزلة الإقالة ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ والظاهر منه أن القسمة في المثلي لا تنتقض بمجرد التراضي لأنها ليست بعقد مبادلة لأن الراجح فيها جانب الإفراز كما مر، نعم إذا خلطوا ما قسموه من المثلي برضاه تجددت شركة أخرى، وبه ظهر ما ذكرناه آنفا تأمل ‏(‏قوله ومبادلتها‏)‏ عبارة البزازية وإقالتها

‏(‏قوله جزم بالقيل في الأشباه‏)‏ لكن اعترضه البيري بأنه مبني على ما ظنه من أن الباطل والفاسد في القسمة سواء والمنقول خلافه‏.‏ ونقل الحموي عن المصنف أنه لم يطلع على ما ذكره في الأشباه، وذكر هو أيضا أنه لم يقف عليه وأنه يحتمل أن لا وقعت سهوا‏.‏ ثم قال‏:‏ وعلى كل فالفتوى والعمل على أنها تملك بالقبض لأنه هو المنقول في كتب المذهب، وغيره لم يطلع عليه إلا في عبارة الأشباه مع ما فيها من الاحتمال فلا يصح أن يعول عليها ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ والعجب من المصنف حيث ذكره في متنه بعد قوله لم أطلع عليه وكان في سعة من عدم ذكره ولا سيما المتون مبنية على الاختصار وموضوعة لما عليه الفتوى‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

اقتسموا أرضا موقوفة بتراضيهم ثم أراد أحدهم بعد سنين إبطال القسمة له ذلك لأن قسمتها بين الموقوف عليهم لا تجوز عند الجميع حاوي الزاهدي‏:‏ وفيه‏:‏ أرض قسمت فلم يرض أحدهم بنصيبه ثم زرعه لم يعتبر لأن القسمة ترتد بالرد

‏(‏قوله ولو تهايآ‏)‏ الهيئة الحالة الظاهرة للمتهيئ للشيء والتهايؤ تفاعل منها، وهو أن يتواضعوا على أمر فيتراضوا به والمهايأة بإبدال الهمزة ألفا لغة، وهي في لسان الشرع قسمة المنافع، وإنها جائزة في الأعيان المشتركة التي يملك الانتفاع بها على بقاء عينها، وتمامه في شرح الهداية ‏(‏قوله يسكن هذا بعضا إلخ‏)‏ أشار إلى أن التهايؤ قد يكون في الزمان وقد يكون من حيث المكان، والأول متعين في العبد الواحد ونحوه كالبيت الصغير، ولو اختلفا في التهايؤ من حيث الزمان والمكان في محل يحتملها يأمر القاضي بأن يتفقا لأنه في المكان أعدل لانتفاع كل في زمان واحد وفي الزمان أكمل لانتفاع كل بالكل، فلما اختلفت الجهة فلا بد من الاتفاق، فإن اختاراه من حيث الزمان يقرع في البداية نفيا للتهمة هداية، وقيد بالزمان لأن التسوية في المكان تمكن في الحال بأن يسكن هذا بعضا والآخر بعضا، أما الزمان فلا تمكن إلا بمضي مدة أحدهما كفاية‏.‏ أقول‏:‏ لكن قد يقع الاختلاف في تعيين المكان فينبغي أن يقرع تأمل‏.‏ قال الرملي‏:‏ ولو تشاحا في تعيين المدة مثلا بأن قال أحدهما سنة بسنة والآخر شهر بشهر لم أره، والظاهر تفويضه للقاضي‏:‏ ولا يقال يأمرهما بالاتفاق كالاختلاف من حيث الزمان والمكان لأن مع كل وجها فيها، بخلافه هنا وإن قيل يقدم الأقل حيث لا ضرر بالآخر لأنه أسرع وصولا إلى الحق فله وجه تأمل ا هـ‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في الهداية لكل واحد أن يستغل ما أصابه بالمهايأة وإن لم يشرط ذلك لحدوث المنافع على ملكه ا هـ‏.‏ قال السائحاني‏:‏ أفاد في التتارخانية إن تهايؤ المستأجرين صحيح غير لازم، وإن شرطا على المؤجر أن لأحدهما مقدم الدار وللآخر مؤخرها فسد العقد، ولو لم تسع سكناهما وأحدهما ساكن وطلب الآخر التهايؤ زمانا يجاب كما في حيطان الخانية ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله كذلك‏)‏ أي يأخذ هذا شهرا والآخر شهرا أو يأخذ هذا غلة هذه والآخر غلة الأخرى ‏(‏قوله ولا تبطل بموت أحدهما إلخ‏)‏ لأنها لو بطلت لاستأنفها الحاكم ولا فائدة‏.‏ الاستئناف زيلعي، وإذا تهايآ في مملوكين استخداما فمات أحدهما أو أبق انتقضت، ولو استخدمه الشهر كله إلا ثلاثة أيام نقص من الشهر الآخر ثلاثة أيام، ولو زاد ثلاثة لا يزيد الآخر، ولو أبق الشهر كله واستخدم الآخر فيه فلا أجر ولا ضمان، ولو عطب أحد الخادمين أو انهدم المنزل من السكنى أو احترق من نار أوقدها فلا ضمان تتارخانية ‏(‏قوله بطلت‏)‏ عبارة الهداية يقسم وتبطل المهايأة، وقد أفاد أنه لو طلب أحدهما المهايأة والآخر القسمة يجاب الثاني كما في الهداية‏.‏ وفي التتارخانية‏:‏ أجر كل منهما الدار التي في يده فأراد أحدهما نقض المهايأة وقسمة رقبة الدار له ذلك إذا مضت مدة الإجارة وذكر قبله لكل نقض المهايأة ولو بلا عذر في ظاهر المذهب‏.‏ قال الحلواني‏:‏ هذا إذا قال أريد بيع نصيبي أو قسمته، أما لو أراد عود المنافع مشتركة فلا‏.‏ وقال شيخ الإسلام‏:‏ ما في ظاهر الرواية من أن له نقضها ولو بلا عذر إذا حصلت بتراضيهما، فلو بالفضاء فلا ما لم يصطلحا لأنه في الأول يحتاج إلى ما هو أعدل وهو القسمة بالقضاء ‏(‏قوله ولو اتفقا إلخ‏)‏ وكذا لو سكتا فطعام كل على مخدومه استحسانا، وفي القياس عليهما وقوله بخلاف الكسوة فيه تفصيل، إن لم يبينا مقدارا معلوما لا يجوز، وإن بينا يجوز استحسانا؛ أما الطعام فجائز اشتراطه على من يخدم، وإن لم يبين مقداره استحسانا أفاده ط عن الهندية ‏(‏قوله وما زاد إلخ‏)‏ أي من الغلة وهو مرتبط بقول المصنف أو في غلة دار أو دارين ‏(‏قوله مشترك‏)‏ لتحقيق التعديل، بخلاف ما إذا كان التهايؤ على المنافع فاستغل أحدهما في نوبته زيادة لأن التعديل فيما وقع عليه التهايؤ حاصل وهو المنافع فلا يضره زيادة الاستغلال هداية‏.‏ أقول‏:‏ ظهر من هذا أن زيادة الغلة في نوبة أحدهما لا تنافي صحة المهايأة والجبر عليها، ويتأمل هذا مع ما في فتاوى قارئ الهداية أن السفينة لا يجبر حملا ولا استغلالا من حيث الزمان بأن يستغلها هذا شهرا والآخر شهرا بل يؤجرانها والأجرة لهما ا هـ‏.‏ وعلله بعضهم بأنه قد تكون غلة شهر أزيد من غلة آخر فلا يوجد التساوي ا هـ‏.‏ ولعل المراد لا يجبر على وجه يختص كل منهما بالزائد من الغلة وإلا فهو مشكل فليتأمل ‏(‏قوله لا في الدارين‏)‏ لأن فيهما معنى التمييز والإفراز راجح لاتحاد زمان الاستيفاء، وفي الدار الواحدة يتعاقب الوصول فاعتبر قرضا وجعل كل منهما في نوبته كالوكيل عن صاحبه هداية ‏(‏قوله على السكنى والخدمة‏)‏ بأن يسكن أحدهما الدار سنة ويستخدم الآخر العبد سنة، وعلى الغلة باطلة عنده خلافا لهما ذخيرة‏:‏ قال في الدر المنتقى‏:‏ الجواز في المتحد، ففي المختلف أولى ‏(‏قوله وكذا في كل مختلفي المنفعة‏)‏ قال في الدر المنتقى‏:‏ كسكنى الدور وزرع الأرضين وكحمام ودار كما في الاختيار ‏(‏قوله وتمامه إلخ‏)‏ هو ما ذكرناه

‏(‏قوله لا يصح في المسائل الثمان‏)‏ لكن الثانية والرابعة والخامسة والسادسة عند الإمام والباقي بالاتفاق كما أوضحه في المنح‏.‏ قال في الدرر‏:‏ أما في عبد أو بغل واحد فلأن النصيبين يتعاقبان في الاستيفاء، فالظاهر التغير في الحيوان فتفوت المعادلة، بخلاف الدار الواحدة لأن الظاهر عدم التغير في العقار، وأما في عبدين أو بغلين فلأن التهايؤ في الخدمة جوز للضرورة لامتناع قسمتها ولا ضرورة في الغلة لأنها تقسم، وأما في ركوب بغل أو بغلين فلتفاوته بالراكبين فلا تتحقق التسوية فلا يجبر القاضي عليه، وأما في ثمرة شجرة أو لبن شاة ونحوه فلأن التهايؤ مختص بالمنافع لامتناع قسمتها بعد وجودها بخلاف الأعيان ا هـ‏.‏ ملخصا، ولو لهما جاريتان فتهايآ على أن ترضع إحداهما ولد أحدهما والأخرى ولد الآخر جاز، لأن لبن الآدمي لا قيمة له فجرى مجرى المنافع منح ‏(‏قوله ونحوها‏)‏ أي من الأعيان التي لا تجري فيها المهايأة‏:‏ أقول‏:‏ ومنها عدة الحمام كالمزبلة والحمير والمناشف ونحوها، فتنبه له فإنه مما يغفل عنه ‏(‏قوله أن يشتري حظ شريكه‏)‏ أي من الشجرة والشاة كما في الكفاية لا من الثمرة فافهم ‏(‏قوله ثم يبيع كلها‏)‏ أي حصته وما اشتراه من شريكه فافهم ‏(‏قوله أو ينتفع باللبن‏)‏ هذا مقابل لقوله أن يشتري لكنه ناظر إلى الشاة‏:‏ أي إما أن يشتري حظه من الشاة، وإما أن يستقرض لبنها فلا يصح عطفه بالواو فافهم ‏(‏قوله بمقدار معلوم‏)‏ بأن يزن ما يحلبه كل يوم حتى تفرغ المدة ثم يستوفي صاحبه مقداره، في نوبته‏.‏ وفي الخانية‏:‏ تواضعا في بقرة على أن تكون عند كل منهما خمسة عشر يوما يحلب لبنها كان باطلا، ولا يحل فضل اللبن لأحدهما وإن جعله صاحبه في حل لأنه هبة المشاع فيما يقسم إلا أن يكون استهلكه فيكون إبراء عن الضمان فيجوز ‏(‏قوله إذ قرض المشاع جائز‏)‏ ومنه ما في هبة النهاية‏:‏ إذا دفع إليه ألفا وقال خمسمائة قرضا وخمسمائة شركة جاز‏.‏ واعترض في السعدية بأن قرض المشاع وإن جاز لكن تأجيله لا يجوز‏.‏ قلت‏:‏ فيه نظر لأنه غير لازم لا غير جائز كما مر في بابه فتدبر‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

لم يذكر في الكتاب المهايأة على لبس الثوبين‏.‏ قال بعض مشايخنا لا يجوز عند الإمام خلافا لهما لتفاوت الناس في اللبس تفاوتا فاحشا طوري عن المحيط ‏(‏قوله إن كانت‏)‏ هذا أحد أقوال ثلاثة حكاها في الولوالجية وغيرها، ثانيها على الأملاك مطلقا، ثالثها عكسه‏.‏ بقي الكلام في معرفة ما هي لحفظ الأملاك وما هي لحفظ الرءوس في زماننا وهو عسير، فإن الظلمة يأخذون المال من أهل قرية أو محلة أو حرفة مرتبا في أوقات معلومة وغير مرتب بسبب وبلا سبب‏.‏ ورأيت في آخر قسمة الحامدية ما ملخصه موضحا‏:‏ ولم أر أحدا تعرض للتفصيل غير المرحوم والدي علي أفندي العمادي، وهو أن القاعدة أنه إذا قطع النظر عن إضافة الأملاك إلى أهل القرية صار أهلها كالتركمان والعربان فلا يوزع عليهم إلا ما يطلبه السلطان من نحو التركمان كالعوارض وجريمة ما يتهمون به من سرقة أو قتل أو عدم مدافعة ذلك، وكالقيام بالضيف إلا نحو العلف لأنهم لا يزرعون، وما يأخذه الوالي من المشاهرة وما عداه مما يطلب بسبب الأملاك كالتبن والشعير والحطب والذخيرة فعلى الملاك بحسب أملاكهم ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله ولا يدخل صبيان ونساء‏)‏ الظاهر أنه خاص فيما لحفظ الأنفس يرشد إليه التعليل‏.‏ قال في الولوالجية‏:‏ فإن لتحصين الأملاك فعلى قدرها لأنها لتحصين الملك فصارت كمؤنة حفر النهر، وإن لتحصين الأبدان فعلى قدر الرءوس التي يتعرض لهم لأنها مؤنة الرأس، ولا شيء على النساء والصبيان لأنه لا يتعرض لهم ا هـ‏.‏ فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله ولو خيف الغرق إلخ‏)‏ نقله في الأشباه عن فتاوى قارئ الهداية ‏(‏قوله فاتفقوا إلخ‏)‏ يفهم منه أنهم إذا لم يتفقوا على الإلقاء لا يكون كذلك بل على الملقي وحده وبه صرح الزاهدي في حاويه‏.‏ قال رامزا‏:‏ أشرفت السفينة على الغرق فألقى بعضهم حنطة غيره في البحر حتى خفت يضمن قيمتها في تلك الحال ا هـ‏.‏ رملي على الأشباه، وقوله في تلك الحال متعلق بقيمتها أي يضمن قيمتها مشرفة على الغرق كما ذكره الشارح في كتاب الغصب‏.‏ ثم قال رملي‏:‏ ويفهم منه أن لا شيء على الغائب الذي له مال فيها ولم يأذن بالإلقاء، فلو أذن بأن قال‏:‏ إذا تحققت هذه الحالة فألقوا اعتبر إذنه ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بعدد الرءوس‏)‏ يجب تقييده بما إذا قصد حفظ الأنفس خاصة كما يفهم من تعليله‏.‏ أما إذا قصد حفظ الأمتعة فقط، كما إذا لم يخش على الأنفس وخشي على الأمتعة بأن كان الموضع لا تغرق فيه الأنفس وتتلف فيه الأمتعة فهي على قدر الأموال، وإذا خشي على الأنفس والأموال فألقوا بعد الاتفاق لحفظهما فعلى قدرهما، فمن كان غائبا وأذن بالإلقاء إذا وقع ذلك اعتبر ماله لا نفسه، ومن كان حاضرا بماله اعتبر ماله ونفسه، ومن كان بنفسه فقط اعتبر نفسه فقط، ولم أر هذا التحرير لغيري ولكن أخذته من التعليل فتأمل‏.‏ رملي على الأشباه، وأقره الحموي وغيره

‏(‏قوله المشترك إذا انهدم إلخ‏)‏ استثنى الشيخ شرف الدين منه مسألة، وهي جدار بين يتيمين خيف سقوطه وفي تركه ضرر عليهما ولهما وصيان فأبى أحدهما العمارة يجبر على البناء مع صاحبه، وليس كإباء أحد المالكين لرضاه بدخول الضرر عليه فلا يجبر وهنا الضرر على الصغير كما في الخانية ويجب أن يكون الوقف كذلك ا هـ‏.‏ أبو السعود ملخصا ‏(‏قوله وإلا بنى إلخ‏)‏ في حاشية الشيخ صالح على الأشباه‏:‏ أطلق المصنف في عدم الجبر فيما لا يحتمل القسمة فشمل ما إذا انهدم كله وصار صحراء أو بقي منه شيء‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ طاحونة أو حمام مشترك انهدم وأبى الشريك العمارة يجبر، هذا إذا بقي منه شيء، أما إذا انهدم الكل وصار صحراء لا يجبر، وإن كان الشريك معسرا يقال له أنفق ويكون دينا على الشريك إلخ‏.‏ وفي الخلاصة أيضا‏:‏ ولو أبى أحدهما أن يسقي الحارث يجبر‏.‏ وفي أدب القضاء من الفتاوى‏:‏ لا يجبر ولكن يقال اسقه وأنفق ثم ارجع بنصف ما أنفقت ا هـ‏.‏ أبو السعود‏.‏ أقول‏:‏ استفيد مما في الخلاصة أن عدم الجبر لو معسرا تأمل، ولا يخفى أن نحو الحمام مما لا يقسم إذا انهدم كله وصار صحراء صار مما يقسم كما صرحوا به فلا يرد على إطلاق المصنف، لأن الكلام فيما لا يحتمل القسمة فافهم‏.‏ هذا، وظاهر كلام الخلاصة الثاني أن الجبر بنحو الضرب والحبس، وقد فسره في موضع آخر بأمر القاضي بأن ينفق ويرجع بنصفه، ومثله في البزازية تأمل، وما ذكره الشارح سيأتي قريبا عن الوهبانية‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

زرع بينهما في أرضهما طلبا قسمته دون الأرض، فلو بقلا واتفقا على القلع جازت، وإن شرطا البقاء أو أحدهما فلا ولو مدركا، فإن شرطا الحصاد جازت اتفاقا أو الترك فلا عندهما وجازت عند محمد، وكذلك الطلع على النخيل على التفصيل، ولو طلبا من القاضي لا يقسمه بشرط الترك، وأما بشرط القلع فعلى الروايتين ولو طلب أحدهما منه لا يقسم مطلقا تتارخانية ‏(‏قوله له التصرف في ملكه إلخ‏)‏ إن أريد بالملك ما يعم ملك المنفعة شمل الموقوف للسكنى أو الاستغلال أفاده الحموي ‏(‏قوله قال المصنف إلخ‏)‏ ونقله ابن الشحنة عن أئمتنا الثلاثة وعن زفر وابن زياد، وقال‏:‏ وهو الذي أميل إليه وأعتمده، وأفتي به تبعا لوالدي ا هـ‏.‏ وجعله في العمادية للقياس وقال‏:‏ لكن ترك القياس في المواضع التي يتعدى ضرر تصرفه إلى غيره ضررا بينا، وبه أخذ كثير من مشايخنا وعليه الفتوى ا هـ‏.‏ وهذا قول ثالث‏.‏ قال العلامة البيري‏:‏ والذي استقر عليه رأي المتأخرين أن الإنسان يتصرف في ملكه وإن أضر بغيره ما لم يكن ضررا بينا، وهو ما يكون سببا للهدم أو ما يوهن البناء أو يخرج عن الانتفاع بالكلية، وهو ما يمنع من الحوائج الأصلية كسد الضوء بالكلية والفتوى عليه ا هـ‏.‏ وفي حاشية الشيخ صالح‏:‏ والمنع هو الاستحسان، وهو الذي أميل إليه إذا كان الضرر بينا ا هـ‏.‏ وبه أفتى أبو السعود مفتي الروم، وهو الذي عليه العمل في زماننا، ومشى عليه الشرنبلالي، وكذا المصنف في متفرقات القضاء، وارتضاه الشارح هناك‏.‏ ثم قال‏:‏ وبقي ما لو أشكل هل يضر أم لا، وقد حرر محشي الأشباه المنع قياسا على مسألة السفل والعلو أنه لا يتد إذا ضر، وكذا إن أشكل على المختار إلخ ‏(‏قوله وفي الوهبانية وشرحها‏)‏ الثلاثة الأول من الوهبانية والأربعة الباقية من نظم شارحها ابن الشحنة، لكنه ذكر الأخير بعد أبيات فافهم قوله ولو زرع الإنسان أرزا إلخ‏)‏ الأرز كقفل وقد تضم راؤه وتشدد الزاي وبعضهم يفتح الهمزة وبعضهم يحذفها، وهذا مبني على ظاهر الرواية، والفتوى على التفصيل شرنبلالي ‏(‏قوله وحيط‏)‏ جعله ابن الشحنة مجرورا بواو رب، والأولى رفعه مبتدأ وجملة له أهل أي أصحاب صفة له، وقوله فحمل واحد، أي وضع عليه جذوعه معطوف على متعلق الجار، وقوله ولا حمل فيه قبل جملة حالية وفي بمعنى على، أي لم يكن عليه جذوع قبل ذلك، وجملة ليس يغير خبر المبتدإ‏:‏ أي ليس للشريك الآخر رفع ما حمله أحدهم‏.‏ قال ابن الشحنة‏:‏ وهذا لو الحائط يحتمل ذلك كما في البزازية ويقال للآخر ضع أنت مثل ذلك إن شئت، وهذا بخلاف ما إذا كان لهما عليه خشب فأراد أحدهما أن يزيد على خشب صاحبه أو يتخذ عليه سترا أو يفتح كوة أو بابا فللآخر منعه لأن القياس المنع من التصرف في المشترك، إلا أنا تركنا القياس في الأولى للضرورة إذ ربما لا يأذن له شريكه فيتعطل عليه منفعة الحائط ا هـ‏.‏ بمعناه ‏(‏قوله وما لشريك إلخ‏)‏ صورة ذلك حائط بين رجلين قدر قامة أراد أحدهما أن يزيد في طوله وأبى الآخر فله منعه ذخيرة وغيرها وإلى ترجيحه لكونه رواية عن محمد أشار بتقديمه، وتعبيره عن الثاني بقيل أفاده ابن الشحنة ثم نقل تقييد المنع بما إذا كان شيئا خارجا عن العادة، ووفق به بين القولين، واعتمده ونظمه في بيت غير به نظم الوهبانية، وكأن الشارح لم يعول عليه لظهور الوجه للأول، لأنه تصرف في المشترك بلا ضرورة فيبقى على الأصل من المنع، ولذا اقتصر عليه في الخانية في باب الحيطان وقال ليس له الزيادة بلا إذن أضر الشريك أو لا‏.‏ وفي الخيرية‏:‏ ومثله في كثير من الكتب والفقه، فيه أنه يصير مستعملا لملك الغير بلا إذنه فيمنع، وهذا مما لا شبهة فيه ا هـ‏.‏ فتنبه ‏(‏قوله وممنوع قسم‏)‏ أي ما لا تمكن قسمته كالحمام، وقوله من الرم متعلق بمنع‏:‏ أي عند امتناع الشريك من الترميم، وقوله قاض مؤجر مبتدأ وخبر والجملة خبر المبتدإ وهو ممنوع، يعني أن القاضي يؤجره ويعمره بالأجرة، وهذا أحد قولين حكاهما في الخانية ‏(‏قوله وينفق في المختار إلخ‏)‏ هذا هو القول الثاني‏.‏ قال في الخانية‏:‏ والفتوى عليه‏.‏ قال ابن الشحنة‏:‏ والمراد بالراضي الراضي بالرم والعمارة، يظهر ذلك من مقابلته بالآبي، وضمير إذنه للقاضي، وقبل يخسر‏:‏ أي قبل أن يخسر للباني ما يخصه مما صرفه ا هـ‏.‏ وحاصله‏:‏ أنه ينفق الراضي بالترميم بإذن القاضي ويمنع الآبي من الانتفاع قبل أداء ما يخصه‏.‏ وقال ابن الشحنة‏:‏ ومفهوم التقييد بالرم أنه لو انهدم جميعه حتى صار صحراء لا يجري ما ذكر من الاختلاف كما صرح به في البزازية ا هـ‏.‏ أي لأنه يصير حينئذ مما يقسم كما قدمناه ‏(‏قوله وخذ منفقا‏)‏ بفتح الفاء اسم مفعول، وهذا زاده ابن الشحنة تفصيلا لبيت من الوهبانية وهو هذا‏:‏ وذو العلو لم يلزم لصاحب سفله بناه خلا من هذه منه يصدر قال الشرنبلالي‏:‏ عدى اللزوم إلى مفعولين بالهمزة في بناه وهو المفعول الأول وباللام في الثاني وهو لصاحب ويقال هد البناء‏:‏ إذا هدمه، والمسألة من الذخيرة إذا انهدم السفل بغير صنع لا يجبر صاحبه على البناء، ويقال لذي العلو‏:‏ إن شئت فابن السفل من مالك لتصل لنفعك فإذا بناه بإذن القاضي أو أمر شريكه يرجع بما أنفق وإلا فبقيمة البناء وقت البناء، وهذا هو الصحيح المختار للفتوى، فيمنع صاحب السفل من الانتفاع حتى يأخذ ذلك منه جبرا‏.‏ وأما إذا هدمه بصنعه فإنه يؤاخذ بالبناء لتفويته حقا استحق وليصل صاحب العلو لنفعه ونظم الشارح التفصيل‏.‏ والتصحيح في بيت فقال‏:‏ وخذ منفقا إلخ ا هـ‏.‏ ونقل الشارح ابن الشحنة هذا التفصيل في الجدار أيضا فالضمير في منه لصاحب العلو أو الشريك في الجدار، وقوله كحاكم على تقدير مضاف‏:‏ أي كإذن حاكم، وقوله إلا بكسر همزة إن الشرطية‏:‏ أي إن لا إذن ممن ذكر فافهم، وهذه المسألة هي التي قدمها الشارح عن الأشباه، وظاهر كلامه هناك عدم اختصاص الحكم بالسفل والجدار، والله تعالى أعلم‏.‏