فصل: كتاب الأضحية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


كتاب الأضحية

أفعولة أصله أضحوية اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وكسرت الحاء لثبات الياء وتجمع على أضاحي بتشديد الياء عناية‏.‏ ونقل في الشرنبلالية أن فيها ثماني لغات أضحية بضم الهمزة وكسرها مع تشديد الياء وتخفيفها وضحية بلا همزة بفتح الضاد وكسرها وأضحاة بفتح الهمزة وكسرها ‏(‏قوله من ذكر الخاص بعد العام‏)‏ فيه بيان المناسبة مع وجه التعقيب كما قال في العناية‏.‏ أوردها عقب الذبائح لأن التضحية ذبح خاص والخاص بعد العام ا هـ‏.‏ بيانه أن العام جزء من الخاص، فالحيوان مثلا جزء من ماهية الإنسان لأنه حيوان ناطق والجزء مقدم طبعا فقدم وضعا ‏(‏قوله من تسمية الشيء باسم وقته‏)‏ يعني باسم مأخوذ من اسم وقت ذبحه فافهم‏.‏ وفي المغرب‏:‏ يقال ضحى، إذا ذبح الأضحية وقت الضحى هذا أصله، ثم كسر حتى قيل ضحى في أي وقت كان من أيام التشريق ولو آخر النهار ا هـ‏.‏ وقيل منسوبة إلى أضحى ‏(‏قوله وشرعا ذبح حيوان‏)‏ كذا في العناية‏.‏ والذي في الدرر أنها اسم لحيوان مخصوص، وكذا قال ابن الكمال‏:‏ هي ما يذبح، وكتب في هامشه أن من قال ذبح حيوان فكأنه لم يفرق بين الأضحية والتضحية ا هـ‏.‏ وقد خطر لي قبل رؤيته ‏(‏قوله مخصوص‏)‏ أي نوعا وسنا ط ‏(‏قوله بنية القربة‏)‏ أي المعهودة وهي التضحية‏.‏ قال في البدائع‏:‏ فلا تجزئ التضحية بدونها لأن الذبح قد يكون للحم وقد يكون للقربة، والفعل لا يقع قربة بدون النية، وللقربة جهات من المتعة والقران والإحصار وغيره فلا تتعين الأضحية إلا بنيتها، ولا يشترط أن يقول بلسانه ما نوى بقلبه كما في الصلاة ا هـ‏.‏ وفي البزازية‏:‏ لو ذبح المشتراة لها بلا نية الأضحية جازت اكتفاء بالنية عند الشراء ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ فيه مخالفة لما ذكره في البدائع أيضا أن من الشروط مقارنة النية للتضحية كما في الصلاة لأنها هي المعتبرة، فلا يسقط اعتبار القران إلا للضرورة كما في الصوم لتعذر قرانها بوقت الشروع ا هـ‏.‏ وبالأول جزم في القاعدة الأولى من الأشباه تأمل ‏(‏قوله وشرائطها‏)‏ أي شرائط وجوبها، ولم يذكر الحرية صريحا لعلمها من قوله واليسار، ولا العقل والبلوغ لما فيها من الخلاف كما يأتي، والمعتبر وجود هذه الشرائط آخر الوقت وإن لم تكن في أوله كما سيأتي ‏(‏قوله والإقامة‏)‏ فالمسافر لا تجب عليه وإن تطوع بها أجزأته عنها وهذا إذا سافر قبل الشراء، فإن المشتري شاة لها ثم سافر ففي المنتقى أنه يبيعها ولا يضحي بها أي لا يجب عليه ذلك، وكذا روي عن محمد‏.‏ ومن المشايخ من فصل فقال‏:‏ إن كان موسرا لا يجب عليه وإلا ينبغي أن يجب عليه ولا تسقط بسفره، وإن سافر بعد دخول الوقت قالوا ينبغي أن يكون الجواب كذلك ا هـ‏.‏ ط عن الهندية ومثله في البدائع ‏(‏قوله واليسار إلخ‏)‏ بأن ملك مائتي درهم أو عرضا يساويها غير مسكنه وثياب اللبس أو متاع يحتاجه إلى أن يذبح الأضحية ولو له عقار يستغله فقيل تلزم لو قيمته نصابا، وقيل لو يدخل منه قوت سنة تلزم، وقيل قوت شهر، فمتى فضل نصاب تلزمه‏.‏ ولو العقار وقفا، فإن وجب له في أيامها نصاب تلزم، وصاحب الثياب الأربعة لو ساوى الرابع نصابا غنى وثلاثة فلا، لأن أحدها للبذلة والآخر للمهنة والثالث للجمع والوفد والأعياد، والمرأة موسرة بالمعجل لو الزوج مليا وبالمؤجل لا، وبدار تسكنها مع الزوج إن قدر على الإسكان‏.‏ له مال كثير غائب في يد مضاربه أو شريكه ومعه من الحجرين أو متاع البيت ما يضحي به تلزم، وتمام الفروع في البزازية وغيرها ‏(‏قوله وسببها الوقت‏)‏ سبب الحكم ما ترتب عليه الحكم مما لا يدرك العقل تأثيره ولا يكون بصنع المكلف كالوقت للصلاة‏.‏ والفرق بينه وبين العلة والشرط مذكور في حاشيتنا ‏[‏نسمات الأسحار على شرح المنار‏]‏ للشارح‏.‏ وذكر في النهاية أن سبب وجوب الأضحية ووصف القدرة فيها بأنها ممكنة أو ميسرة لم يذكر لا في أصول الفقه ولا في فروعه، ثم حقق أن السبب هو الوقت لأن السبب إنما يعرف بنسبة الحكم إليه وتعلقه به إذ الأصل في إضافة الشيء إلى الشيء أن يكون سببا وكذا إذا لازمه فتكرر بتكرره، وقد تكرر وجوب الأضحية بتكرر الوقت وهو ظاهر ووجدت الإضافة فإنه يقال يوم الأضحى كما يقال يوم الجمعة أو العيد وإن كان الأصل إضافة الحكم إلى سببه كصلاة الظهر، لكن قد يعكس كيوم الجمعة‏.‏ والدليل على سببية الوقت امتناع التقديم عليه كامتناع تقديم الصلاة، وإنما لم تجب على الفقد لفقد الشرط وهو الغنى وإن وجد السبب ا هـ‏.‏ وتبعه في العناية والمعراج ‏(‏قوله وقيل الرأس‏)‏ فيه نظر يعلم مما مر؛ على أنه إنما يعرف السبب بنسبة الحكم إليه في كلام الشارح كما أوضحناه في حاشية المنار قبيل بحث السنة فتدبر‏.‏

‏(‏قوله وركنها ذبح إلخ‏)‏ لأن ركن الشيء ما يقوم به ذلك الشيء والأضحية إنما تقوم بهذا الفعل فكان ركنا نهاية ‏(‏قوله فيكره ذبح دجاجة وديك إلخ‏)‏ أي بنية الأضحية والكراهة تحريمية كما يدل عليه التعليل ط، وهذا فيمن لا أضحية عليه وإلا فالأمر أظهر

‏(‏قوله بفضل الله تعالى‏)‏ هذا مذهب أهل الحق إذ لا يجب عليه تعالى شيء ‏(‏قوله مع صحة النية‏)‏ أي بخلوصها بقصد القربة ‏(‏قوله إذ لا ثواب بدونها‏)‏ أي بدون النية لأن ثواب الأعمال بالنيات أو بدون صحتها، إذ لو خالطها رياء مثلا فلا ثواب أيضا وإن سقط الواجب، لأن الثواب مفرع على القبول وبعد جواز الفعل لا يلزم حصول القبول في المختار كما في شرح المنار‏.‏ قال في الولوالجية‏:‏ رجل توضأ وصلى الظهر جازت صلاته والقبول لا يدري هو المختار لأن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏إنما يتقبل الله من المتقين‏}‏ وشرائط التقوى عظيمة ا هـ‏.‏ وتمامه في ‏[‏نسمات الأسحار‏]‏ ‏(‏قوله فتجب التضحية‏)‏ إسناد الوجوب إلى الفعل أولى من إسناده إلى العين كالأضحية كما فعله القدوري ط‏.‏ والوجوب هو قول أبي حنيفة ومحمد وزفر والحسن وإحدى الروايتين عن أبي يوسف‏.‏ وعنه أنها سنة وهو قول الشافعي هداية، والأدلة في المطولات ‏(‏قوله أي إراقة الدم‏)‏ قال في الجوهرة‏:‏ والدليل على أنها الإراقة لو تصدق بين الحيوان لم يجز، والتصدق بلحمها بعد الذبح مستحب وليس بواجب ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله عملا لا اعتقادا‏)‏ اعلم أن الفرض ما ثبت بدليل قطعي لا شبهة فيه كالإيمان والأركان الأربعة، وحكمه اللزوم علما‏:‏ أي حصول العلم القطعي بثبوته وتصديقا بالقلب‏:‏ أي لزوم اعتقاد حقيته وعملا بالبدن حتى يكفر جاحده ويفسق تاركه بلا عذر‏.‏ والواجب ما ثبت بدليل فيه شبهة كصدقة الفطر والأضحية، وحكمه اللزوم عملا كالفرض لا علما على اليقين للشبهة، حتى لا يكفر جاحده ويفسق تاركه بلا تأويل كما هو مبسوط في كتب الأصول‏.‏ ثم إن الواجب على مراتب كما قال القدوري بعضها آكد من بعض‏.‏ فوجوب سجدة التلاوة آكد من وجوب صدقة الفطر، ووجوبها آكد من وجوب الأضحية ا هـ‏.‏ وذلك باعتبار تفاوت الأدلة في القوة‏.‏ وقد ذكر في التلويح أن استعمال الفرض فيما ثبت بظني، والواجب فيما ثبت بقطعي شائع مستفيض كقولهم الوتر فرض ونحو ذلك ويسمى فرضا عمليا، وكقولهم الزكاة واجبة ونحوه، فلفظ الواجب يقع على ما هو فرض علما وعملا كصلاة الفجر، وعلى ظني هو في قوة الفرض في العمل كالوتر حتى يمنع تذكره صحة الفجر كتذكر العشاء، وعلى ظني هو دون الفرض في العمل وفوق السنة كتعيين الفاتحة حتى لا تفسد الصلاة بتركها بل تجب سجدة السهو ا هـ‏.‏ وتمام تحقيق ذلك بما لم يوجد مجموعة في كتاب مذكور في حاشيتنا على المنار بتوفيق الملك الوهاب‏.‏ إذا علمت ذلك ظهر لك أن كلا من الفرض والواجب اشتركا في لزوم العمل وإن تفاوتت مراتب اللزوم كما تفاوتت مراتب الوجوب‏.‏ واختلفا في لزوم الاعتقاد على سبيل الفرضية ولهذا يسمى الواجب فرضا عملا فقط، وقد علمت أن كلا منهما يطلق على الآخر‏.‏ فقول الشارح عملا لا اعتقادا احتراز عن الفرض القطعي ولهذا قال في المنح أي فلا يكفر جاحده، فأفاد أن المراد به الواجب الظني كالوتر ونحوه، لا القطعي الذي هو فرض علما وعملا فإن منكره كافر كما مر، بخلاف منكر الواجب الظني‏:‏ أي منكر وجوبه فإنه لا يكفر للشبهة فيه‏.‏ أما إذا أنكر أصل مشروعيته المجمع عليها بين الأمة فإنه يكفر، فقد صرح المصنف في باب الوتر والنوافل أن من أنكر سنة الفجر يخشى عليه الكفر‏.‏ ثم رأيته في القنية في باب ما يكفر به نقل عن الحلواني‏:‏ لو أنكر أصل الوتر وأصل الأضحية كفر، ثم نقل عن الزندوستي أنه لو أنكر الفرضية لا يكفر، ثم قال‏:‏ ولا تنافي بينهما لأن الأصل مجمع عليه والفرضية والوجوب مختلف فيهما ا هـ‏.‏ فافهم ‏(‏قوله بقدرة‏)‏ متعلق بتجب ‏(‏قوله ممكنة‏)‏ بصيغة اسم الفاعل من التمكين ط ‏(‏قوله هي ما يجب‏)‏ الأوضح أن يقول والواجب بهذه القدرة ما يجب إلخ ط‏.‏ بيان ذلك أن القدرة التي يتمكن بها العبد من أداء ما لزمه نوعان‏:‏ مطلق، وهو أدنى ما يتمكن به العبد من أداء ما لزمه، وهو شرط في وجوب أداء كل مأمور به، وكامل وهو القدرة الميسرة للأداء بعد التمكن، ودوامها شرط لدوام الواجب الشاق على النفس كأكثر الواجبات المالية، حتى بطلت الزكاة والعشر والخراج بهلاك المال بعد التمكن من الأداء، لأن القدرة الميسرة وهي وصف النماء قد فاتت بالهلاك فيفوت دوام الوجوب لفوات شرطه، بخلاف الأولى فليس بقاؤها شرطا لبقاء الواجب، حتى لا يسقط الحج وصدقة الفطر بهلاك المال لوجوبهما بقدرة ممكنة وهي القدرة على الزاد والراحلة وملك النصاب، ولا يقع اليسر فيهما إلا بخدم ومراكب وأعوان في الأول وملك أموال كثيرة في الثاني وليس بشرط بالإجماع ‏(‏قوله بمجرد التمكن من الفعل‏)‏ أي بالتمكن من الفعل المجرد عن اشتراط دوام القدرة ط ‏(‏قوله لأنها شرط محض‏)‏ أي ليس فيه معنى العلة، والشرط يكفي مطلق وجوده لتحقق وجوده لتحقق المشروط ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله هي ما يجب إلخ‏)‏ الأوضح أن يقول والواجب بها ما يجب إلخ ط ‏(‏قوله بصفة اليسر‏)‏ الباء للمصاحبة ط ‏(‏قوله فغيرته من العسر‏)‏ وهو الوجوب بمجرد التمكن إلى اليسر وهو الوجوب بصفة اليسر بعد التمكن، وهذا منه بيان لوجه التسمية بميسرة والتغيير تقديري، إذ ليس المراد أنه كان واجبا بالعسرة بقدرة ممكنة ثم تغير إلى اليسر، بل المراد أنه لو وجب بالممكنة كباقي الواجبات بها لكان جائزا فلما توقف عليها صار كأنه تغير ‏(‏قوله لأنها شرط في معنى العلة‏)‏ لأن العلة هي المؤثرة، ولما أثر هذا الشرط بتغيير الواجب إلى صفة اليسر كان في معنى العلة والعلة مما لا يمكن بقاء الحكم بدونها إذ لا يسر بدون قدرة ميسرة، والواجب الذي لم يشرع إلا بصفة اليسر لا يبقى بدونها ‏(‏قوله بدليل‏)‏ علة لكونها بقدرة ممكنة لا ميسرة ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قال في العناية‏:‏ وهي واجبة بالقدرة الممكنة، بدليل أن الموسر إذا اشترى شاة للأضحية في أول يوم النحر ولم يضح حتى مضت أيام النحر ثم افتقر كان عليه أن يتصدق بعينها ولا تسقط عنه الأضحية، فلو كانت بالقدرة الميسرة كان دوامها شرطا كما في الزكاة والعشر والخراج حيث تسقط بهلاك المال ا هـ‏.‏ واعترض بأنه إذا افتقر بعد مضي أيام النحر كانت القدرة الميسرة حاصلة فيها فلذا لم تسقط بعد‏.‏ واعترضه في الحواشي السعدية أيضا بأن قول الهداية وتفوت بمضي الوقت يدل على أن الوجوب ليس بالقدرة الممكنة وإلا لم تسقط وكان عليه أن يضحي وإن لم يشتر شاة في يوم النحر، وبأنها تسقط بهلاك المال قبل مضي أيام النحر كالزكاة تسقط بهلاك النصاب، بخلاف صدقة الفطر فإنها لا تسقط بهلاك المال بعدما طلع الفجر من يوم الفطر وهذا كالصريح في أن المعتبر فيها هو القدرة الميسرة ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ قد يجاب بأن الأضحية لها وقت مقدر كالصلاة والصوم والعبرة للوجوب في آخره كما يأتي، فمن كان غنيا آخره تلزمه، ومن كان فقيرا آخره لا تلزمه ولو كان في أوله بخلاف ذلك، فمن اشتراها غنيا ثم افتقر بعد أيامها كان في آخر الوقت متمكنا بالقدرة الممكنة حتى لزمه القضاء لا بالقدرة الميسرة وإلا لاشترط دوامها بأن تسقط عنه إذا افتقر، والواقع خلافه؛ ومعنى قول الهداية وتفوت بمضي الوقت فوات أدائها بدليل أن عليه التصدق بقيمتها أو بعينها كما يأتي في بيانه، وسقوطها بهلاك المال قبل مضي أيامها لا يفيد أن القدرة ميسرة لأن العبرة لآخر الوقت ولم توجد القدرة فيه أصلا، بخلاف الزكاة وصدقة الفطر إذ ليس لهما وقت يفوت الأداء بفوته فإن الزكاة في كل وقت زكاة وكذا صدقة الفطر، بخلاف الأضحية فإن الواقع بعد وقتها خلف عنها، فحيث سقطت الزكاة بالهلاك في وقت وجوب الأداء ولم تسقط صدقة الفطر علم أن الأولى وجبت بقدرة ميسرة والثانية بقدرة ممكنة، وهلاك المال في الأضحية لا يمكن حمله على واحد من هذين إلا إذا كان بعد وجوب الأداء وذلك في آخر أيام النحر، لأن وقتها مقدر كما علمت؛ فحيث هلك المال بعد أيامها وألزمناه بالتصدق بعينها أو بقيمتها علمنا أنها لم تسقط به كصدقة الفطر وكان وجوبها بقدرة ممكنة‏.‏ وأما إذا هلك قبل مضي أيامها كان الهلاك قبل وجوب الأداء فلا يمكن حمله على واحد منهما، فتدبر‏.‏ هذا التحقيق فهو بالقبول حقيق، والله ولي التوفيق ‏(‏قوله بعينها‏)‏ أي لو نذرها أو كان فقيرا شراها لها، وقوله أو بقيمتها أي لو كان غنيا ولم ينذرها كما يأتي فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله فتلزمهم وإن حجوا‏)‏ اقتصر عليه في البدائع وذلك لأنهم مقيمون ‏(‏قوله وقيل لا تلزم المحرم‏)‏ وإن كان من أهل مكة جوهرة عن الخجندي، وحمله في الشرنبلالية على المسافر وفيه نظر ظاهر ‏(‏قوله لا عن طفله‏)‏ أي من مال الأب ط ‏(‏قوله على الظاهر‏)‏ قال في الخانية‏:‏ في ظاهر الرواية أنه يستحب ولا يجب، بخلاف صدقة الفطر‏.‏ وروى الحسن عن أبي حنيفة يجب أن يضحي عن ولده وولد ولده الذي لا أب له، والفتوى على ظاهر الرواية ا هـ‏.‏ ولو ضحى عن أولاده الكبار وزوجته لا يجوز إلا بإذنهم‏.‏ وعن الثاني أنه يجوز استحسانا بلا إذنهم بزازية‏.‏ قال في الذخيرة‏:‏ ولعله ذهب إلى أن العادة إذا جرت من الأب في كل سنة صار كالإذن منهم، فإن كان على هذا الوجه فما استحسنه أبو يوسف مستحسن ‏(‏قوله شاة‏)‏ أي ذبحها لما مر أن الواجب هو الإراقة ‏(‏قوله بدل من ضمير تجب أو فاعله‏)‏ كذا في المنح وهذا بالنظر إلى مجرد المتن، وإلا فالشارح ذكر فاعل تجب فيما مر وهو التضحية تبعا للمنح أيضا، فبالنظر إلى الشرح تكون شاة بدلا من التضحية أو خبرا لمبتدإ محذوف مع تقدير مضاف‏:‏ أي الواجب ذبح شاة فافهم ‏(‏قوله لضخامتها‏)‏ أي عظم بدنها ‏(‏قوله ولو لأحدهم‏)‏ أي أحد السبعة المعلومين من قوله أو سبع بدنة، لأن المراد أنها تجزي عن سبعة بنية القربة من كل منهم ولو اختلفت جهات القربة كما يأتي ‏(‏قوله لم يجز عن أحد‏)‏ من الجواز أو من الإجزاء والثاني أنسب بما بعده ‏(‏قوله وتجزي عما دون سبعة‏)‏ الأولى عمن لأن ما لما لا يعقل، وأطلقه فشمل ما إذا اتفقت الأنصباء قدرا أو لا لكن بعد أن لا ينقص عن السبع، ولو اشترك سبعة في خمس بقرات أو أكثر صح لأن لكل منهم في بقرة سبعها لا ثمانية في سبع بقرات أو أكثر، لأن كل بقرة على ثمانية أسهم فلكل منهم أقل من السبع ولا رواية في هذه الفصول ولو اشترك سبعة في سبع شياه لا يجزيهم قياسا لأن كل شاة بينهم على سبعة أسهم‏.‏ وفي الاستحسان يجزيهم وكذا اثنان في شاتين، وعليه فينبغي أن يكون في الأول قياس واستحسان، والمذكور فيه جواب القياس بدائع ‏(‏قوله نصب على الظرفية‏)‏ أي لقوله تجب، وهذا بيان لأول وقتها مطلقا للمصري والقروي كما يأتي بيانه فافهم ‏(‏قوله إلى آخر أيامه‏)‏ دخل فيها الليل وإن كره كما يأتي، وأفاد أن الوجوب موسع في جملة الوقت غير عين‏.‏ والأصل أن ما وجب كذلك يتعين الجزء الذي أدى فيه للوجوب أو آخر الوقت كما في الصلاة وهو الصحيح وعليه يتخرج ما إذا صار أهلا للوجوب في آخره، بأن أسلم أو أعتق أو أيسر أو أقام تلزمه، لا إن ارتد أو أعسر أو سافر في آخره، ولو أعسر بعد خروج صار قيمة شاة صالحة للأضحية دينا في ذمته، ولو مات الموسر في أيامها سقطت، وفي الحقيقة لم تجب، ولو ضحى الفقير ثم أيسر في آخره عليه الإعادة في الصحيح لأنه تبين أن الأولى تطوع بدائع ملخصا، لكن في البزازية وغيرها أن المتأخرين قالوا لا تلزمه الإعادة وبه نأخذ ‏(‏قوله وهي ثلاثة‏)‏ وكذا أيام التشريق ثلاثة، والكل يمضي بأربعة أولها نحر لا غير وآخرها تشريق لا غير والمتوسطان نحر وتشريق هداية‏.‏ وفيه إشعار بأن التضحية تجوز في الليلتين الأخيرتين لا الأولى، إذ الليل في كل وقت تابع لنهار مستقبل إلا في أيام الأضحية فإنه تابع لنهار ماض كما في المضمرات وغيره، وفيه إشكال لأن ليلة الرابع لم تكن وقتا لها بلا خلاف، إلا أن يقال المراد فيما بين أيام الأضحية قهستاني ‏(‏قوله أفضلها أولها‏)‏ ثم الثاني ثم الثالث كما في القهستاني عن السراجية

‏(‏قوله ويضحي عن ولده الصغير من ماله‏)‏ أي مال الصغير ومثله المجنون‏.‏ قال في البدائع‏:‏ وأما البلوغ والعقل فليسا من شرائط الوجوب في قولهما، وعند محمد من الشرائط حتى لا تجب التضحية في مالهما لو موسرين، ولا يضمن الأب أو الوصي عندهما وعند محمد يضمن‏.‏ والذي يجن ويفيق يعتبر حاله، فإن كان مجنونا في أيام النحر فعلى الاختلاف وإن مفيقا تجب بلا خلاف ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن في الخانية، وأما الذي يجن ويفيق فهو كالصحيح ا هـ‏.‏ إلا أن يحمل على أنه يجن ويفيق في أيام النحر فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله صححه في الهداية‏)‏ حيث قال‏:‏ والأصح أن يضحي من ماله، فقول ابن الشحنة إنه في الهداية لم يصحح شيئا بل مقتضى صنيعه ترجيح عدم الوجوب فيه نظر، ولعله ساقط من نسخته ‏(‏قوله قلت وهو المعتمد‏)‏ واختاره في الملتقى حيث قدمه، وعبر عن الأول بقيل، ورجحه الطرسوسي بأن القواعد تشهد له ولأنها عبادة، وليس القول بوجوبها أولى من القول بوجوب الزكاة في ماله ‏(‏قوله بما ينتفع بعينه‏)‏ ظاهره أنه لا يجوز بيعه بدراهم ثم يشتري بها ما ذكر ط، ويفيده ما نذكره عن البدائع ‏(‏قوله وكذا الجد والوصي‏)‏ أي كالأب في جميع ما ذكر

‏(‏قوله وصح اشتراك ستة‏)‏ كذا فيما رأيناه من النسخ من الافتعال بالتاء وهو كذلك في عدة كتب، ومقتضاه أنه متعد مضاف إلى مفعوله والفاعل محذوف وهو الشاري، ولذا قال في الدرر‏:‏ أي جعلهم شركاء له ‏(‏قوله في بدنة شريت لأضحية‏)‏ أي ليضحي بها عن نفسه هداية وغيرها، وهذا محمول على الغني لأنها لم تتعين لوجوب الضحية بها ومع ذلك يكره لما فيه من خلف الوعد‏.‏ وقد قالوا إنه ينبغي له أن يتصدق بالثمن وإن لم يذكره محمد نصا، فأما الفقير فلا يجوز له أن يشرك فيها لأنه أوجبها على نفسه بالشراء للأضحية فتعينت للوجوب بدائع وغاية البيان لكن في الخانية سوى بين الغني والفقير ثم حكى التفصيل عن بعضهم تأمل ‏(‏قوله أي إن نوى وقت الشراء الاشتراك صح استحسانا وإلا لا‏)‏ كذا في بعض النسخ، والواجب إسقاطه كما في بعض النسخ، لأن موضوع المسألة الاستحسانية أن يشتريها ليضحي بها عن نفسه كما في الهداية والخانية وغيرهما، ولذا قال المصنف بعد قوله استحسانا وذا قبل الشراء أحب‏.‏ وفي الهداية‏:‏ والأحسن أن يفعل ذلك قبل الشراء ليكون أبعد عن الخلاف وعن صورة الرجوع في القربة ا هـ‏.‏ وفي الخانية‏:‏ ولو لم ينو عند الشراء ثم أشركهم فقد كرهه أبو حنيفة‏.‏ أقول‏:‏ وقدمنا في باب الهدي عن فتح القدير معزوا إلى الأصل والمبسوط‏:‏ إذا اشترى بدنة لمتعة مثلا ثم أشرك فيها ستة بعدما أوجبها لنفسه خاصة لا يسعه، لأنه لما أوجبها صار الكل واجبا بعضها بإيجاب الشرع وبعضها بإيجابه، فإن فعل فعليه أن يتصدق بالثمن، وإن نوى أن يشرك فيها ستة أجزأته لأنه ما أوجب الكل على نفسه بالشراء، فإن لم يكن له نية عند الشراء ولكن لم يوجبها حتى شرك الستة جاز‏.‏ والأفضل أن يكون ابتداء الشراء منهم أو من أحدهم بأمر الباقين حتى تثبت الشركة في الابتداء ا هـ‏.‏ ولعله محمول على الفقير أو على أنه أوجبها بالنذر، أو يفرق بين الهدي والأضحية تأمل ‏(‏قوله ويقسم اللحم‏)‏ انظر هل هذه القسمة متعينة أو لا، حتى لو اشترى لنفسه ولزوجته وأولاده الكبار بدنة ولم يقسموها تجزيهم أو لا، والظاهر أنها لا تشترط لأن المقصود منها الإراقة وقد حصلت‏.‏ وفي فتاوى الخلاصة والفيض‏:‏ تعليق القسمة على إرادتهم، وهو يؤيد ما سبق غير أنه إذا كان فيهم فقير والباقي أغنياء يتعين عليه أخذ نصيبه ليتصدق به ا هـ‏.‏ ط‏.‏ وحاصله أن المراد بيان شرط القسمة إن فعلت لا أنها شرط، لكن في استثنائه الفقير نظر إذ لا يتعين عليه التصدق كما يأتي، نعم الناذر يتعين عليه فافهم ‏(‏قوله لا جزافا‏)‏ لأن القسمة فيها معنى المبادلة، ولو حلل بعضهم بعضا قال في البدائع‏:‏ أما عدم جواز القسمة مجازفة فلأن فيها معنى التمليك واللحم من أموال الربا فلا يجوز تمليكه مجازفة‏.‏ وأما عدم جواز التحليل فلأن الربا لا يحتمل الحل بالتحليل، ولأنه في معنى الهبة وهبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا تصح ا هـ‏.‏ وبه ظهر أن عدم الجواز بمعنى أنه لا يصح ولا يحل لفساد المبادلة خلافا لما بحثه في الشرنبلالية من أنه فيه بمعنى لا يصح ولا حرمة فيه ‏(‏قوله إلا إذا ضم معه إلخ‏)‏ بأن يكون مع أحدهما بعض اللحم مع الأكارع ومع الآخر البعض مع البعض مع الجلد عناية

‏(‏قوله وأول وقتها بعد الصلاة إلخ‏)‏ فيه تسامح إذ التضحية لا يختلف وقتها بالمصري وغيره بل شرطها، فأول وقتها في حق المصري والقروي طلوع الفجر إلا أنه شرط للمصري تقديم الصلاة عليها فعدم الجواز لفقد الشرط لا لعدم الوقت كما في المبسوط وأشير إليه في الهداية وغيرها قهستاني، وكذا ذكر ابن الكمال في منهيات شرحه أن هذا من المواضع التي أخطأ فيها تاج الشريعة ولم يتنبه له صدر الشريعة ‏(‏قوله بعد أسبق صلاة عيد‏)‏ ولو ضحى بعدما صلى أهل المسجد ولم يصل أهل الجبانة أجزأه استحسانا لأنها صلاة معتبرة، حتى لو اكتفوا بها أجزأتهم، وكذا عكسه هداية ولو ضحى بعدما قعد قدر التشهد في ظاهر الرواية لا يجوز‏.‏ وقال بعضهم يجوز ويكون مسيئا وهو رواية عن أبي يوسف خانية ‏(‏قوله ولو قبل الخطبة‏)‏ قال في المنح وعن الحسن‏:‏ لو ضحى قبل الفراغ من الخطبة فقد أساء ‏(‏قوله وبعد مضي وقتها‏)‏ أي وقت الصلاة، وهو معطوف على قوله بعد الصلاة، ووقت الصلاة من الارتفاع إلى الزوال ‏(‏قوله لعذر‏)‏ أي غير الفتنة المذكورة بعد ا هـ‏.‏ ط‏.‏ أقول‏:‏ ولم يذكر الزيلعي لفظ العذر مع أنه مخالف لما سيذكره الشارح عن الينابيع‏.‏ وفي البدائع‏:‏ وإن أخر الإمام صلاة العيد فلا ذبح حتى ينتصف النهار، فإن اشتغل الإمام فلم يصل أو ترك عمدا حتى زالت فقد حل الذبح بغير صلاة في الأيام كلها لأنه بالزوال فات وقت الصلاة، وإنما يخرج الإمام في اليوم الثاني والثالث على وجه القضاء والترتيب شرط في الأداء لا في القضاء كذا ذكر القدوري ا هـ‏.‏ وذكر نحوه الزيلعي عن المحيط، ونقل قبله عنه أيضا أنه لا تجزيهم في اليوم الثاني قبل الزوال إلا إذا كانوا لا يرجون أن يصلي الإمام بهم‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في مبسوط السرخسي‏:‏ ليس على أهل منى يوم النحر صلاة العيد لأنهم في وقتها مشغولون بأداء المناسك، وتجوز لهم التضحية بعد انشقاق الفجر كما يجوز لأهل القرى ا هـ‏.‏ ومن الظاهر أن أهل منى هم من بها من الحجاج وأهل مكة شرنبلالية أي أهل مكة المحرمين، ثم إن هذا صريح في خلاف ما ذكره البيري حيث قال‏:‏ إن منى لا تجوز فيها الأضحية إلا بعد الزوال لأنها موضع تجوز فيه صلاة العيد إلا أنها سقطت عن الحاج ولم نر في ذلك نقلا مع كثرة المراجعة، ولا صلاة العيد بمكة يوم النحر لأنا ومن أدركناه من المشايخ لم يصلها بمكة، والله أعلم ما السبب في ذلك ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله إن ذبح في غيره‏)‏ أي غير المصر شامل لأهل البوادي، وقد قال قاضي خان‏:‏ فأما أهل السواد والقرى والرباطات عندنا يجوز لهم التضحية بعد طلوع الفجر، وأما أهل البوادي لا يضحون إلا بعد صلاة أقرب الأئمة إليهم ا هـ‏.‏ وعزاه القهستاني إلى النظم وغيره و ذكر في الشرنبلالية أنه مخالف لما في التبيين ولإطلاق شيخ الإسلام ‏(‏قوله والمعتبر مكان الأضحية إلخ‏)‏ فلو كانت في السواد والمضحي في المصر جازت قبل الصلاة، وفي العكس لم تجز قهستاني ‏(‏قوله أن يخرجها‏)‏ أي يأمر بإخراجها ‏(‏قوله لخارج المصر‏)‏ أي إلى ما يباح فيه القصر قهستاني وزيلعي ‏(‏قوله مجتبى‏)‏ لا حاجة إلى العزو إليه بعد وجود المسألة في الهداية والتبيين وغيرهما من المعتبرات ‏(‏قوله والولادة‏)‏ أي على القول بوجوبها في مال الصغير أو الأب وهو خلاف المعتمد كما مر ‏(‏قوله تعاد الصلاة دون التضحية إلخ‏)‏ قال في البدائع‏:‏ فإن علم ذلك قبل تفرق الناس يعيد بهم الصلاة باتفاق الروايات، وهل يجوز ما ضحى قبل الإعادة ذكر في بعض الروايات أنه يجوز لأنه ذبح بعد صلاة يجيزها بعض الفقهاء وهو الشافعي، لأن فساد صلاة الإمام لا يوجب فساد صلاة المقتدي عنده فكانت تلك الصلاة معتبرة عنده، فعلى هذا يعيد الإمام وحده ولا يعيد القوم وذلك استحسان ا هـ‏.‏ ونحوه في البزازية ‏(‏قوله فكان للاجتهاد فيه مساغا‏)‏ كذا في المنح وبعض نسخ التبيين أيضا وصوابه مساغ بالرفع ‏(‏قوله وفي المجتبى إلخ‏)‏ هذا تقييد لإطلاق المتن، وهو وجيه لما في الإعادة بعد التفرق من المشقة ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله لا بعده‏)‏ أقول في البزازية‏:‏ ولو نادى بالناس ليعيدوها، فمن ذبح قبل أن يعلم بذلك جازت، ومن علم به لم يجز ذبحه إذا ذبح قبل الزوال وبعده يجوز ا هـ‏.‏ لكن مقتضى ما قدمناه عن البدائع عدم الإعادة مطلقا، ويدل عليه أنه في البدائع ذكر ما في البزازية رواية أخرى تأمل ‏(‏قوله فلم يصلوا‏)‏ لعدم وال يصليها بهم أتقاني وزيلعي ‏(‏قوله جاز في المختار‏)‏ لأن البلدة صارت في هذا الحكم كالسواد أتقاني‏.‏ وفي التتارخانية‏:‏ وعليه الفتوى، وقد ذكر المسألة الزيلعي أيضا، ولا يعارض ما تقدم نقله عنه كما ظنه ح لأن الإمام هناك موجود فلم تصر في حكم السواد فافهم ‏(‏قوله لكن في الينابيع إلخ‏)‏ ساقط من بعض النسخ وهو الأولى‏.‏ إذ لا يخالف ما قبله لأنه ترك لعذر وهذا لغيره ‏(‏قوله ولو تعمد الترك‏)‏ مبني للمجهول أو للمعلوم وفاعله الإمام ‏(‏قوله فسن‏)‏ يقال سن فلانا طعنه بالسنان، والمراد به هنا الذبح ‏(‏قوله وقيل إلخ‏)‏ الظاهر أنه فهم أنه معارض لما نقله عن البزازية كما فهمه المحشي والمعارضة مندفعة بما قدمناه ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ ليس في عبارة الزيلعي ما يفيده لأنه حكى القولين عن المحيط كما قدمناه ولم يرجح ‏(‏قوله أجزأتهم الصلاة والتضحية‏)‏ كذا في البدائع أيضا‏.‏ وفيها‏:‏ ولو شهدوا بعد نصف النهار أنه العاشر جاز لهم أن يضحوا ويخرج الإمام من الغد فيصلي بهم العيد، وإن علم في صدر النهار أنه يوم النحر فشغل الإمام عن الخروج أو غفل فلم يخرج ولم يأمر أحدا يصلي بهم فلا ينبغي لأحد أن يضحي حتى يصلي بهم الإمام إلى أن تزول الشمس، فإذا زالت قبل أن يخرج الإمام ضحى الناس، وإن ضحى أحد قبل ذلك لم يجز، ولو ضحى بعد الزوال من يوم عرفة ثم ظهر أنه يوم النحر جازت عندنا لأنه في وقته ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله صيانة لجميع المسلمين‏)‏ الذي رأيته في الزيلعي لجمع بدون ياء‏:‏ أي صلاتهم بالجماعة تأمل

‏(‏قوله تنزيها‏)‏ بحث من المصنف حيث قال‏:‏ قلت‏:‏ الظاهر أن هذه الكراهة للتنزيه ومرجعها إلى خلاف الأولى إذ احتمال الغلط لا يصلح دليلا على كراهة التحريم ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وهو مصرح به في ذبائح البدائع ‏(‏قوله ليلا‏)‏ أي في الليلتين المتوسطتين لا الأولى ولا الرابعة، إذ لا تصح فيهما الأضحية أصلا كما هو الظاهر ونبه عليه في النهاية ومع هذا خفي على البعض ‏(‏قوله ولو تركت التضحية إلخ‏)‏ شروع في بيان قضاء الأضحية إذا فاتت عن وقتها فإنها مضمونة بالقضاء في الجملة كما في البدائع ‏(‏قوله ومضت أيامها إلخ‏)‏ قيد به لما في النهاية‏:‏ إذا وجبت بإيجابه صريحا أو بالشراء لها، فإن تصدق بعينها في أيامها فعليه مثلها مكانها، لأن الواجب عليه الإراقة وإنما ينتقل إلى الصدقة إذا وقع اليأس عن التضحية بمضي أيامها، وإن لم يشتر مثلها حتى مضت أيامها تصدق بقيمتها، لأن الإراقة إنما عرفت قربة في زمان مخصوص ولا تجزيه الصدقة الأولى عما يلزمه بعد لأنها قبل سبب الوجوب ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله تصدق بها حية‏)‏ لوقوع اليأس عن التقرب بالإراقة، وإن تصدق بقيمتها أجزأه أيضا لأن الواجب هنا التصدق بعينها وهذا مثله فيما هو المقصود ا هـ‏.‏ ذخيرة ‏(‏قوله ناذر لمعينة‏)‏ قال في البدائع‏:‏ أما الذي يجب على الغني والفقير فالمنذور به، بأن قال لله علي أن أضحي شاة أو بدنة أو هذه الشاة أو البدنة، أو قال جعلت هذه الشاة أضحية لأنها قربة من جنسها إيجاب وهو هدي المتعة والقران والإحصار فتلزم بالنذر كسائر القرب والوجوب بالنذر يستوي فيه الغني والفقير ا هـ‏.‏ وقد استفيد منه أن الجعل المذكور نذر وأن النذر بالواجب صحيح‏.‏ واستشكل بأن من شروط صحة النذر أن لا يكون واجبا قبله‏.‏ وأجاب أبو السعود بأن الواجب التضحية مطلقا وصحة النذر بالنسبة المعينة ا هـ‏.‏ وفيه نظر لما علمت من صحة النذر بغير معينة أيضا‏.‏ واعلم أنه قال في البدائع‏:‏ ولو نذر أن يضحي شاة وذلك في أيام النحر وهو موسر فعليه أن يضحي بشاتين عندنا شاة بالنذر وشاة بإيجاب الشرع ابتداء إلا إذا عني به الإخبار عن الواجب عليه فلا يلزمه إلا واحدة، ولو قبل أيام النحر لزمه شاتان بلا خلاف لأن الصيغة لا تحتمل الإخبار عن الواجب إذ لا وجوب قبل الوقت وكذا لو كان معسرا ثم أيسر في أيام النحر لزمه شاتان ا هـ‏.‏ ومقتضى هذا أن الموسر إذا نذر في أيام النحر وقصد الإخبار لم يكن ذلك منه نذرا حقيقة وإن لزوم الشاة عليه بإيجاب الشرع‏.‏ أما إذا أطلق ولم يقصد الإخبار أو كان قبل أيام النحر أو كان معسرا فأيسر فيها، فإنه وإن لزمته شاة أخرى بالنذر لكنها لم تكن واجبة قبل بل الواجبة غيرها فهو نذر حقيقة‏.‏ وعلى كل فلم يوجد نذر حقيقي بواجب قبله فاتضح الحال وطاح الإشكال وسيأتي في آخر الأضحية زيادة تحقيق لهذا البحث، ومقتضى ذلك أيضا أنه حيث قصد الإخبار له الأكل منها لأنها لم تلزم بالنذر‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

قال لله علي أن أضحي شاة فضحى ببدنة أو بقرة جاز تتارخانية ‏(‏قوله ولو فقيرا‏)‏ الأنسب أن يقال ولو غنيا، لأن الفقير لا يتوهم عدم صحة نذره بالمعينة لعدم وجوبها عليه قبله بخلاف الغني، ولأن الفقير إذا شراها له يلزمه التصدق بعينها بلا نذر، بخلاف الغني‏.‏ وقاعدة لو الوصلية أن نقيض ما بعدها أولى بالحكم تأمل قوله ولو نقصها‏)‏ أي الذبح بأن كانت قيمتها بعد الذبح أقل منه قبله تتارخانية ‏(‏قوله بقيمة النقصان‏)‏ المناسب إسقاط قيمة، أو يقول بقدر النقصان لأن الفرض أن النقصان من القيمة لا من ذات الشاة تأمل ‏(‏قوله ولا يأكل الناذر منها‏)‏ أي نذرا على حقيقته كما علمت‏.‏ وأقول‏:‏ الناذر ليس بقيد لأن الكلام فيما إذا مضى وقتها ووجب عليه التصدق بها حية أو بقيمتها، ولذا لو ذبحها ونقصها يضمن النقصان وهذا يشمل الفقير إذا شراها لها، يدل عليه ما في غاية البيان إذا أوجب شاة بعينها أو اشتراها ليضحي بها فمضت أيام النحر قبل أن يذبحها تصدق بها حية، ولا يأكل من لحمها لأنه انتقل الواجب من إراقة الدم إلى التصدق، وإن لم يوجب ولم يشتر وهو موسر وقد مضت أيامها تصدق بقيمة شاة تجزي للأضحية ا هـ‏.‏ ففيه دلالة واضحة على ما قلنا، ثم رأيته في الكفاية قال بعد قوله أو فقير شراها لها وإن ذبح لا يأكل منها، وسيأتي له مزيد بيان إن شاء الله تعالى ‏(‏قوله عطف عليه‏)‏ أي على فاعل تصدق ‏(‏قوله شراها لها‏)‏ فلو كانت في ملكه فنوى أن يضحي بها أو اشتراها ولم ينو الأضحية وقت الشراء ثم نوى بعد ذلك لا يجب، لأن النية لم تقارن الشراء فلا تعتبر بدائع ‏(‏قوله لوجوبها عليه بذلك‏)‏ أي بالشراء وهذا ظاهر الرواية لأن شراءه لها يجري مجرى الإيجاب وهو النذر بالتضحية عرفا كما في البدائع‏.‏ ووقع في التتارخانية التعبير بقوله شراها لها أيام النحر، وظاهره أنه لو شراها لها قبلها لا تجب ولم أره صريحا فليراجع ‏(‏قوله وتصدق بقيمتها غني شراها أو لا‏)‏ كذا في الهداية وغيرها كالدرر‏.‏ وتعقبه الشيخ شاهين بأن وجوب التصدق بالقيمة مقيد بما إذا لم يشتر، أما إذا اشترى فهو مخير بين التصدق بالقيمة أو التصدق بها حية كما في الزيلعي أبو السعود‏.‏ وأقول‏:‏ ذكر في البدائع أن الصحيح أن الشاة المشتراة للأضحية إذا لم يضح بها حتى مضى الوقت يتصدق الموسر بعينها حية كالفقير بلا خلاف بين أصحابنا، فإن محمدا قال وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولنا ا هـ‏.‏ وتمامه فيه، وهو الموافق لما قدمناه آنفا عن غاية البيان، وعلى كل فالظاهر أنه لا يحل له الأكل منها إذا ذبحها كما لا يجوز له حبس شيء من قيمتها تأمل ‏(‏قوله فالمراد بالقيمة إلخ‏)‏ بيان لما أجمله المصنف، لأن قوله تصدق بقيمتها ظاهر فيما إذا اشتراها لأن قيمتها تعلم، أما إذا لم يشترها فما معنى أنه يتصدق بقيمتها فإنها غير معينة؛ فبين أن المراد إذا لم يشترها قيمة شاة تجزئ في الأضحية كما في الخلاصة وغيرها‏.‏ قال القهستاني، أو قيمة شاة وسط كما في الزاهدي والنظم وغيرهما

‏(‏قوله وصح الجذع‏)‏ بفتحتين قهستاني ‏(‏قوله ذو ستة أشهر‏)‏ كذا في الهداية، وفسره في شرح الملتقى شرعا بما أتى عليه أكثر الحول عند الأكثر‏.‏ قال القهستاني‏:‏ وفسر الأكثر في المحيط بما دخل في الشهر الثامن‏.‏ وفي الخزانة بما أتى عليه ستة أشهر وشيء‏.‏ وذكر الزعفراني أنه ابن سبعة، وعنه ثمانية أو تسعة، وما دونه حمل ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ واقتصر في الخانية على ما في الخزانة، وقيد بقوله شرعا لأنه في اللغة ما تمت له سنة نهاية ‏(‏قوله من الضأن‏)‏ هو ما له ألية منح، قيد به لأنه لا يجوز الجذع من المعز وغيره بلا خلاف كما في المبسوط قهستاني، والجذع‏:‏ من البقر ابن سنة، ومن الإبل ابن أربع بدائع ‏(‏قوله إن كان إلخ‏)‏ فلو صغير الجثة لا يجوز إلا أن يتم له سنة ويطعن في الثانية أتقاني ‏(‏قوله من الثلاثة‏)‏ أي الآتية، وهي الإبل والبقر بنوعيه والشاة بنوعيه ‏(‏قوله والثني هو ابن خمس إلخ‏)‏ ذكر سن الثني والجذع في المنح منظوما في أربع أبيات لبعضهم، وقد نظمتها في بيتين فقلت‏:‏ ذو الحول من غنم والخمس من إبل واثنين من بقر ذا بالثني دعي والحول من بقر والنصف من غنم وأربع من بعير سم بالجذع وفي البدائع‏:‏ تقدير هذه الأسنان بما ذكر لمنع النقصان لا الزيادة، فلو ضحى بسن أقل لا يجوز، وبأكبر يجوز وهو أفضل‏.‏ ولا تجوز بحمل وجدي وعجول وفصيل لأن الشرع إنما ورد بالأسنان المذكورة ‏(‏قوله والجاموس‏)‏ نوع من البقر، وكذا المعز نوع من الغنم بدليل ضمها في الزكاة بدائع ‏(‏قوله قاله المصنف‏)‏ تبعا للهداية وغيرها‏.‏ قال في البدائع‏:‏ فلو نزا ثور وحشي على بقرة أهلية فولدت ولدا يضحي به دون العكس لأنه ينفصل عن الأم وهو حيوان متقوم تتعلق به الأحكام، ومن الأب ماء مهين ولذا يتبع الأم في الرق والحرية

‏(‏قوله فروع إلى قوله ينابيع‏)‏ يوجد في بعض النسخ ‏(‏قوله أفضل من سبع البقرة إلخ‏)‏ وكذا من تمام البقرة‏.‏ قال في التتارخانية، وفي العتابية‏:‏ وكان الأستاذ يقول بأن الشاة العظيمة السمينة تساوي البقرة قيمة ولحما أفضل من البقرة لأن جميع الشاة تقع فرضا بلا خلاف‏.‏ واختلفوا في البقرة‏.‏ قال بعض العلماء‏:‏ يقع سبعها فرضا والباقي تطوع ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله إذا استويا إلخ‏)‏ فإن كان سبع البقرة أكثر لحما فهو أفضل، والأصل في هذا إذا استويا في اللحم والقيمة فأطيبهما لحما أفضل، وإذا اختلفا فيهما فالفاضل أولى تتارخانية ‏(‏قوله أفضل من النعجة‏)‏ هي الأنثى من الضأن قاموس ‏(‏قوله إذا استويا فيهما‏)‏ فإن كانت النعجة أكثر قيمة أو لحما فهي أفضل ذخيرة ط ‏(‏قوله والأنثى من المعز أفضل‏)‏ مخالف لما في الخانية وغيرها‏.‏ وقال ط‏:‏ مشى ابن وهبان على أن الذكر في الضأن والمعز أفضل لكنه مقيد بما إذا كان موجوءا، أي مرضوض الأنثيين‏:‏ أي مدقوقهما‏.‏ قال العلامة عبد البر‏:‏ ومفهومه أنه إذا لم يكن موجوءا لا يكون أفضل ‏(‏قوله وفي الوهبانية إلخ‏)‏ تقييد للإطلاق بالاستواء أي‏:‏ أن الأنثى من الإبل والبقر أفضل إذا استويا‏.‏ قال في التتارخانية لأن لحمها أطيب ا هـ‏.‏ وهو الموافق للأصل المار

‏(‏قوله قبل الذبح‏)‏ فإن خرج من بطنها حيا فالعامة أنه يفعل به ما يفعل بالأم، فإن لم يذبحه حتى مضت أيام النحر يتصدق به حيا، فإن ضاع أو ذبحه وأكله يتصدق بقيمته، فإن بقي عنده وذبحه للعام القابل أضحية لا يجوز، وعليه أخرى لعامة الذي ضحى ويتصدق به مذبوحا مع قيمة ما نقص بالذبح، والفتوى على هذا خانية ‏(‏قوله يذبح الولد معها‏)‏ إلا أنه لا يأكل منه بل يتصدق به فإن أكل منه تصدق بقيمة ما أكل‏.‏ والمستحب أن يتصدق به خانية، قيل ولعل وجهه عدم بلوغ الولد سن الإجزاء فكانت القربة في اللحم بذاته لا في إراقة دمه ا هـ‏.‏ تأمل‏.‏ قال في البدائع‏:‏ وقال في الأصل‏:‏ وإن باعه تصدق بثمنه لأن الأم تعينت للأضحية والولد يحدث على صفات الأم الشرعية‏.‏ ومن المشايخ من قال هذا في الأضحية الموجبة بالنذر أو ما في معناه كشراء الفقير وإلا فلا، لأنه يجوز التضحية بغيرها فكذا ولدها ‏(‏قوله وعند بعضهم يتصدق به بلا ذبح‏)‏ قدمنا عن الخانية أنه المستحب، وظاهره ولو في أيام النحر، وانظر ما في الشرنبلالية عن البدائع ‏(‏قوله ثم وجدها‏)‏ أي الضالة أو المسروقة بمعنى وصلت إلى يده وهذا إذا وجد في أيام النحر ‏(‏قوله وقال بعضهم إلخ‏)‏ اقتصر عليه في البدائع‏.‏ وقال السائحاني‏:‏ وبه جزم الشمني كما سيذكره الشارح وهو الموافق للقواعد ا هـ‏.‏ وفي البدائع‏:‏ ولو لم يذبح الثانية حتى مضت أيام النحر ثم وجد الأولى عليه أن يتصدق بأفضلها ولا يذبح

‏(‏قوله ويضحي بالجماء‏)‏ هي التي لا قرن لها خلقة وكذا العظماء التي ذهب بعض قرنها بالكسر أو غيره، فإن بلغ الكسر إلى المخ لم يجز قهستاني، وفي البدائع إن بلغ الكسر المشاش لا يجزئ والمشاش رءوس العظام مثل الركبتين والمرفقين ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله والثولاء‏)‏ بالمثلثة‏.‏ في القاموس الثول بالتحريك استرخاء في أعضاء الشاة خاصة، أو كالجنون يصيبها فلا تتبع الغنم وتستدير في مرتعها ‏(‏قوله والرعي‏)‏ عطف تفسير ط ‏(‏قوله فلو مهزولة إلخ‏)‏ قال في الخانية‏:‏ وتجوز بالثولاء والجرباء السمينتين، فلو مهزولتين لا تنقي لا يجوز إذا ذهب مخ عظمها، فإن كانت مهزولة فيها بعض الشحم جاز يروى ذلك عن محمد ا هـ‏.‏ قوله لا تنقي مأخوذ من النقي بكسر النون وإسكان القاف‏:‏ هو المخ‏:‏ أي لا مخ لها، وهذا يكون من شدة الهزال فتنبه‏.‏ قال القهستاني‏:‏ واعلم أن الكل لا يخلو عن عيب، والمستحب أن يكون سليما عن العيوب الظاهرة، فما جوز ههنا جوز مع الكراهة كما في المضمرات ‏(‏قوله المهزولة إلخ‏)‏ تفسير مراد، لأن العجف محركا‏:‏ ذهاب السمن كما في القاموس، فلا يضر أصل الهزال كما علم مما قدمناه، ولذا قيدت في حديث الموطإ «والعجفاء التي لا تنقي» ‏(‏قوله والعرجاء‏)‏ أي التي لا يمكنها المشي برجلها العرجاء إنما تمشي بثلاث قوائم، حتى لو كانت تضع الرابعة على الأرض وتستعين بها جاز عناية ‏(‏قوله إلى المنسك‏)‏ بكسر السين والقياس الفتح ‏(‏قوله ومقطوع أكثر الأذن إلخ‏)‏ في البدائع‏:‏ لو ذهب بعض الأذن أو الألية أو الذنب أو العين‏.‏ ذكر في الجامع الصغير إن كان كثيرا يمنع، وإن يسيرا لا يمنع‏.‏ واختلف أصحابنا في الفاصل بين القليل والكثير‏؟‏ فعن أبي حنيفة أربع روايات‏.‏ روى محمد عنه في الأصل والجامع الصغير أن المانع ذهاب أكثر من الثلث، وعنه أنه الثلث، وعنه أنه الربع، وعنه أن يكون الذاهب أقل من الباقي أو مثله ا هـ‏.‏ بالمعنى والأولى هي ظاهر الرواية، وصححها في الخانية حيث قال‏:‏ والصحيح أنه الثلث، وما دونه قليل، وما زاد عليه كثير وعليه الفتوى ا هـ‏.‏ ومشى عليها في مختصر الوقاية والإصلاح‏.‏ والرابعة هي قولهما قال في الهداية‏.‏ وقالا‏:‏ إذا بقي الأكثر من النصف أجزأه، وهو اختيار الفقيه أبي الليث، وقال أبو يوسف‏:‏ أخبرت بقولي أبا حنيفة فقال قولي هو قولك، قيل هو رجوع منه إلى قول أبي يوسف، وقيل معناه قولي قريب من قولك‏.‏ وفي كون النصف مانعا روايتان عنهما ا هـ‏.‏ وفي البزازية‏:‏ وظاهر مذهبهما أن النصف كثير ا هـ‏.‏ وفي غاية البيان‏:‏ ووجه الرواية الرابعة وهي قولهما وإليها رجع الإمام أن الكثير من كل شيء أكثره، وفي النصف تعارض الجانبان ا هـ‏.‏ أي فقال بعدم الجواز احتياطا بدائع، وبه ظهر أن ما في المتن كالهداية والكنز والملتقى هو الرابعة، وعليها الفتوى كما يذكره الشارح عن المجتبى، وكأنهم اختاروها لأن المتبادر من قول الإمام السابق هو الرجوع عما هو ظاهر الرواية عنه إلى قولهما والله تعالى أعلم‏.‏ وفي البزازية‏:‏ وهل تجمع الخروق في أذني الأضحية‏؟‏ اختلفوا فيه‏.‏ قلت‏:‏ وقدم الشارح في باب المسح على الخفين أنه ينبغي الجمع احتياطا ‏(‏قوله مجازا‏)‏ من إطلاق السبب أو الملزوم وإرادة المسبب أو اللازم ‏(‏قوله وإنما يعرف إلخ‏)‏ قال في الهداية‏:‏ ومعرفة المقدار في غير العين متيسرة‏.‏ وفي العين قالوا‏:‏ تشد المعيبة بعد أن لا تعتلف الشاة يوما أو يومين ثم يقرب العلف إليها قليلا قليلا فإذا رأته من موضع أعلم عليه ثم تشد الصحيحة وقرب إليها العلف كذلك فإذا رأته من مكان أعلم عليه ثم ينظر إلى تفاوت ما بينهما، فإن كان ثلثا فالذاهب هو الثلث وإن نصفا فالنصف ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله الألية‏)‏ بفتح الهمزة كسجدة وجمعه كما في القاموس أليات وألايا ‏(‏قوله وقيل ما تعتلف به‏)‏ هو وما قبله روايتان حكاهما في الهداية عن الثاني، وجزم في الخانية بالثانية، وقال قبله‏:‏ والتي لا أسنان لها وهي تعتلف أو لا تعتلف لا تجوز ‏(‏قوله التي لا أذن لها خلقة‏)‏ قال في البدائع‏:‏ ولا تجوز مقطوعة إحدى الأذنين بكمالها والتي لها أذن واحدة خلقة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله فلو لها أذن صغيرة خلقة أجزأت‏)‏ وهذه تسمى صمعاء بمهملتين كما في القاموس ‏(‏قوله والجذاء إلخ‏)‏ هي بالجيم‏:‏ التي يبس ضرعها، وبالحاء‏:‏ المقطوعة الضرع عيني وهي في عدة نسخ بالذال المعجمة ولم يذكر في القاموس شيئا من المعنيين، نعم ذكر الجذ بالجيم القطع المستأصل وبالحاء خفة الذنب، وذكر الجداء بالجيم والدال المهملة الصغيرة الثدي، والمقطوعة الأذن، والذاهبة اللبن، ومثله في نهاية ابن الأثير‏.‏ والذاهبة اللبن يأتي حكمها وفي الظهيرية‏:‏ ولا بأس بالجداء، وهي الصغيرة الأطباء جمع طبي‏:‏ وهو الضرع ‏(‏قوله ولا الجدعاء‏)‏ بالجيم والدال والعين المهملتين، وفي بعض النسخ بالذال المعجمة وهي تحريف وفي بعضها بالمعجمة والميم بعدها ولا يناسب تفسير الشارح وإن كان المعنى صحيحا لأن الأجذم مقطوع اليد أو الذاهب الأنامل قاموس، وصرح في الدرر بأن مقطوعة اليد أو الرجل لا تجوز ‏(‏قوله ولا المصرمة أطباؤها‏)‏ مصرمة كمعظمة، من الصرم‏:‏ وهو القطع، والأطباء بالطاء المهملة جمع طبي بالكسر والضم‏:‏ حلمات الضرع التي من خف وظلف وحافر وسبع قاموس، وما رأيناه في عدة نسخ بالظاء المعجمة تحريف ‏(‏قوله وهي إلخ‏)‏ فسرها الزيلعي بالتي لا تستطيع أن ترضع فصيلها، وهو تفسير بلازم المعنى؛ لما في القاموس‏:‏ هي ناقة يقطع أطباؤها ليبس الإحليل فلا يخرج اللبن ليكون أقوى لها، وقد يكون من انقطاع اللبن بأن يصيب ضرعها شيء فيكون فينقطع لبنها ا هـ‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ مقطوعة رءوس ضروعها لا تجوز، فإن ذهب من واحدة أقل من النصف فعلى ما ذكرنا من الخلاف في العين والأذن‏.‏ وفي الشاة والمعز إذا لم يكن لهما إحدى حلمتيهما خلقة أو ذهبت بآفة وبقيت واحدة لم يجز، وفي الإبل والبقر إن ذهبت واحدة يجوز أو اثنتان لا ا هـ‏.‏ وذكر فيها جواز التي لا ينزل لها لبن من غير علة‏.‏ وفي التتارخانية والشطور لا تجزئ، وهي من الشاة ما قطع اللبن عن إحدى ضرعيها، ومن الإبل والبقر ما قطع من ضرعيها لأن لكل واحد منهما أربع أضرع ‏(‏قوله ولا التي لا ألية لها خلقة‏)‏ الشاة إذا لم يكن لها أذن ولا ذنب خلقة‏.‏ قال محمد‏:‏ لا يكون هذا ولو كان لا يجوز، وذكر في الأصل عن أبي حنيفة أنه يجوز خانية ثم قال‏:‏ وإن كان لها ألية صغيرة مثل الذنب خلقة جاز أما على قول أبي حنيفة فظاهر لأن عنده لو لم يكن لها أذن أصلا ولا ألية جاز، وأما على قول محمد صغيرة الأذنين جائزة، وإن لم يكن لها ألية ولا أذن خلقة لا يجوز ‏(‏قوله لأن لحمها لا ينضج‏)‏ من باب سمع‏.‏ وبهذا التعليل اندفع ما أورده ابن وهبان من أنها لا تخلو إما أن تكون ذكرا أو أنثى، وعلى كل تجوز ‏(‏قوله ولا الجلالة إلخ‏)‏ أي قبل الحبس‏.‏ قال في الخانية‏:‏ فإن كانت إبلا تمسك أربعين يوما حتى يطيب لحمها والبقر عشرين وللغنم عشرة ‏(‏قوله ولا تأكل غيرها‏)‏ أفاد أنها إذا كانت تخلط تجزي ط‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

تجوز التضحية بالمجبوب العاجز عن الجماع، والتي بها سعال، والعاجزة عن الولادة لكبر سنها، والتي لها كي، والتي لا لسان لها في الغنم خلاصة‏:‏ أي لا البقر لأنه يأخذ العلف باللسان والشاة بالسن كما في القهستاني عن المنية، وقيل إن انقطع من اللسان أكثر من الثلث لا يجوز‏.‏ أقول‏:‏ وهو الذي يظهر قياسا على الأذن والذنب بل أولى لأنه يقصد بالأكل، وقد يخل قطعه بالعلف تأمل وفي البدائع‏:‏ وتجزي الشرقاء مشقوقة الأذن طولا والخرقاء‏:‏ مثقوبة الأذن، والمقابلة ما قطع من مقدم أذنها شيء وترك معلقا؛ والمدابرة‏:‏ ما فعل ذلك بمؤخر الأذن من الشاة، والنهي الوارد محمول على الندب، وفي الخرقاء على الكثير على الاختلاف في حد الكثير على ما بينا ا هـ‏.‏ بدائع، وتجوز الحولاء‏:‏ ما في عينها حول، والمجزوزة التي جز صوفها خانية، وقدمنا أن ما جوز هنا جوز مع الكراهة لأنه خلاف المستحب

‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي كالموانع التي مرت ط ‏(‏قوله وإن فقيرا أجزأه ذلك‏)‏ لأنها إنما تعينت بالشراء في حقه، حتى لو أوجب أضحية على نفسه بغير عينها فاشترى صحيحة ثم تعيبت عنده فضحى بها لا يسقط عنه الواجب لوجوب الكاملة عليه كالموسر زيلعي ‏(‏قوله وكذا لو كانت معيبة وقت الشراء‏)‏ أي وبقي العيب، فإن زال أجزأت الغني أيضا‏.‏ قال في الخانية‏:‏ ولو كانت مهزولة عند الشراء فسمنت بعده جاز ‏(‏قوله ولا يضر تعيبها من اضطرابها إلخ‏)‏ وكذا لو تعيبت في هذه الحالة وانفلتت ثم أخذت من فورها، وكذا به فورها عند محمد خلافا لأبي يوسف لأنه حصل بمقدمات الذبح زيلعي ‏(‏قوله فعلى الغني غيرها لا الفقير‏)‏ أي ولو كانت الميتة منذورة بعينها لما في البدائع أن المنذورة لو هلكت أو ضاعت تسقط التضحية بسبب النذر، غير أنه إن كان موسرا تلزمه أخرى بإيجاب الشرع ابتداء لا بالنذر، ولو معسرا لا شيء عليه أصلا هـ‏.‏

‏(‏قوله ولو ضلت أو سرقت إلخ‏)‏ مستدرك بما قدمه في الفروع على ما في أغلب النسخ ‏(‏قوله فظهرت‏)‏ أي في أيام النحر زيلعي، وقدمنا مفهومه عن البدائع ‏(‏قوله فعلى الغني إحداهما‏)‏ أي على التفصيل المار، من أنه لو ضحى بالأولى أجزأه ولا يلزمه شيء ولو قيمتها أقل، وإن ضحى بالثانية وقيمتها أقل تصدق بالزائد‏.‏ قال في البدائع إلا إذا ضحى بالأولى أيضا فتسقط الصدقة لأنه أدى الأصل في وقته فيسقط الخلف ‏(‏قوله شمني‏)‏ ومثله في التبيين، وتمامه فيه

‏(‏قوله وقال الورثة‏)‏ أي الكبار منهم نهاية ‏(‏قوله لقصد القربة من الكل‏)‏ هذا وجه الاستحسان‏.‏ قال في البدائع لأن الموت لا يمنع التقرب عن الميت بدليل أنه يجوز أن يتصدق عنه ويحج عنه، وقد صح «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أحدهما عن نفسه والآخر عمن لم يذبح من أمته» وإن كان منهم من قد مات قبل أن يذبح ا هـ‏.‏ لأن له صلى الله عليه وسلم ولاية عليهم أتقاني‏.‏ قال في النهاية‏:‏ وعلى هذا إذا كان أحدهم أم ولد ضحى عنها مولاها أو صغيرا ضحى عنه أبوه ‏(‏قوله لأن بعضها لم يقع قربة‏)‏ فكذا الكل لعدم التجزؤ كما يأتي‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

من ضحى عن الميت يصنع كما يصنع في أضحية نفسه من التصدق والأكل والأجر للميت والملك للذابح‏.‏ قال الصدر‏:‏ والمختار أنه إن بأمر الميت لا يأكل منها وإلا يأكل بزازية، وسيذكره في النظم ‏(‏قوله وإن كان شريك الستة نصرانيا إلخ‏)‏ وكذا إذا كان عبدا أو مدبرا يريد الأضحية لأن نيته باطلة لأنه ليس من أهل هذه القربة فكان نصيبه لحما فمنع الجواز أصلا بدائع‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قد علم أن الشرط قصد القربة من الكل، وشمل ما لو كان أحدهم مريدا للأضحية عن عامه وأصحابه عن الماضي تجوز الأضحية عنه ونية أصحابه باطلة وصاروا متطوعين، وعليهم التصدق بلحمها وعلى الواحد أيضا لأن نصيبه شائع كما في الخانية، وظاهره عدم جواز الأكل منها تأمل، وشمل ما لو كانت القربة واجبة على الكل أو البعض اتفقت جهاتها أو لا‏:‏ كأضحية وإحصار وجزاء صيد وحلق ومتعة وقران خلافا لزفر، لأن المقصود من الكل القربة، وكذا لو أراد بعضهم العقيقة عن ولد قد ولد له من قبل لأن ذلك جهة التقرب بالشكر على نعمة الولد ذكره محمد ولم يذكر الوليمة‏.‏ وينبغي أن تجوز لأنها تقام شكرا لله تعالى على نعمة النكاح ووردت بها السنة، فإذا قصد بها الشكر أو إقامة السنة فقد أراد القربة‏.‏ وروي عن أبي حنيفة أنه كره الاشتراك عند اختلاف الجهة، وأنه قال لو كان من نوع واحد كان أحب إلي، وهكذا قال أبو يوسف بدائع‏.‏ واستشكل في الشرنبلالية الجواز مع العقيقة بما قالوا من أن وجوب الأضحية نسخ كل دم كان قبلها من العقيقة والرجبية والعتيرة، وبأن محمدا قال في العقيقة من شاء فعل ومن شاء لم يفعل‏.‏ وقال في الجامع‏:‏ ولا يعق والأول يشير إلى الإباحة والثاني إلى الكراهة إلخ‏.‏ أقول‏:‏ فيه نظر، لأن المراد لا يعق على سبيل السنية بدليل كلامه الأول؛ وقد ذكر في غرر الأفكار أن العقيقة مباحة على ما في جامع المحبوبي أو تطوع على ما في شرح الطحاوي ا هـ‏.‏ وما مر يؤيد أنها تطوع‏.‏ على أنه وإن قلنا إنها مباحة لكن بقصد الشكر تصير قربة، فإن النية تصير العادات عبادات والمباحات طاعات ‏(‏قوله لأن الإراقة لا تتجزأ إلى قوله ينابيع‏)‏ وجد على هامش نسخة الشارح بخطه وسقط من بعض النسخ ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي من أن بعضها لم يقع قربة

‏(‏قوله فروع‏)‏ جمعها نظرا إلى صورتي المسألة وما قاسها عليه تأمل ‏(‏قوله اشترى كل واحد منهم شاة‏)‏ وأوجب كل منهم شاته تتارخانية، وبه يظهر وجه لزوم التصدق الآتي ‏(‏قوله وقيمة كل واحدة مثل ثمنها‏)‏ فلو أزيد أو أنقص تصدق باعتباره فيما يظهر ط ‏(‏قوله حتى لا يعرف كل شاته‏)‏ بأن كانوا في ظلمة مثلا، وإلا فعدم التمييز والحالة ما ذكر بعيد كما قاله ط ‏(‏قوله ويتصدق صاحب الثلاثين بعشرين إلخ‏)‏ لاحتمال أنه ذبح ما اشتريت بعشرة وكذا صاحب العشرين، فيتصدق بعشرة ليبرأ كل منهما يقينا عما أوجبه، وأما صاحب العشرة فأيا ذبح برئ يقينا ‏(‏قوله أجزأته‏)‏ لأنه يصير كل من ذبح منهم شاة غيره وكيلا عن صاحبها ‏(‏قوله كما لو ضحى أضحية غيره بغير أمره‏)‏ ذكر المسألة في التتارخانية عن الينابيع بدون هذه الزيادة، ولا يظهر التشبيه إلا بإسقاط لفظة غير تأمل

‏(‏قوله ويأكل من لحم الأضحية إلخ‏)‏ هذا في الأضحية الواجبة والسنة سواء إذا لم تكن واجبة بالنذر، وإن وجبت به فلا يأكل منها شيئا ولا يطعم غنيا سواء كان الناذر غنيا أو فقيرا لأن سبيلها التصدق وليس للمتصدق ذلك، ولو أكل فعليه قيمة ما أكل زيلعي، وأراد بالأضحية السنة أضحية الفقير فإنه صرح بأنها تقع منه سنة قبيل قول الكنز، ويضحي بالجماء لكنه خلاف ما في النهاية من أنها لا تقع منه واجبة ولا سنة بل تطوعا محضا، وكذا صرح في البدائع أنها تكون تطوعا وهي أضحية المسافر والفقير الذي لم يوجد منه النذر بها ولا الشراء للأضحية لانعدام سبب الوجوب وشرطه، فالظاهر أنه أراد بالسنة التطوع تأمل‏.‏ ثم ظاهر كلامه أن الواجبة على الفقير بالشراء له الأكل منها‏.‏ وذكر أبو السعود أن شراءه لها بمنزلة النذر فعليه التصدق بها ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ التعليل بأنها بمنزلة النذر مصرح به في كلامهم، ومفاده ما ذكر‏.‏ وفي التتارخانية‏:‏ سئل القاضي بديع الدين عن الفقير إذا اشترى شاة لها هل يحل له الأكل‏؟‏ قال نعم‏.‏ وقال القاضي برهان الدين لا يحل ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ ثم اعلم أن هذا كله فيما إذا ذبحها في أيام النحر بدليل ما قدمناه عن الخانية أنه إذا أوجب شاة بعينها أو اشتراها ليضحي بها فمضت أيام النحر تصدق بها حية ولا يأكل منها لانتقال الواجب من الإراقة إلى التصدق وإن لم يوجب ولم يشتر وهو موسر تصدق بالقيمة ا هـ‏.‏ وقدمنا أن مفاد كلامهم أن الغني له الأكل من المنذورة إذا قصد بنذره الإخبار عن الواجب عليه، فالمراد بالنذر في كلام الزيلعي هنا النذر ابتداء‏.‏ والحاصل أن التي لا يؤكل منها هي المنذورة ابتداء والتي وجب التصدق بعينها بعد أيام النحر والتي ضحى بها عن الميت بأمره على المختار كما قدمناه عن البزازية‏.‏ والواجبة على الفقير بالشراء على أحد القولين المارين والذي ولدته الأضحية كما قدمناه عن الخانية والمشتركة بين سبعة نوى بعضهم بحصته القضاء عن الماضي كما قدمناه آنفا عن الخانية أيضا، فهذه كلها سبيلها التصدق على الفقير فاغتنم هذا التحرير، ويأتي في كلام الشارح أيضا بعض مسائل من هذا القبيل ‏(‏قوله ويأكل غنيا ويدخر‏)‏ لقوله عليه الصلاة والسلام بعد النهي عن الادخار ‏{‏كلوا وأطعموا وادخروا» الحديث رواه الشيخان وأحمد ‏(‏قوله وندب إلخ‏)‏ قال في البدائع‏:‏ والأفضل أن يتصدق بالثلث ويتخذ الثلث ضيافة لأقربائه وأصدقائه ويدخر الثلث؛ ويستحب أن يأكل منها، ولو حبس الكل لنفسه جاز لأن القربة في الإراقة والتصدق باللحم تطوع ‏(‏قوله وندب تركه‏)‏ أي ترك التصدق المفهوم من السياق ‏(‏قوله لذي عيال‏)‏ غير موسع الحال بدائع ‏(‏قوله شهدها بنفسه‏)‏ لما روى الكرخي بإسناده إلى عمران بن الحصين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «قومي يا فاطمة فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة من دمها كل ذنب عملته وقولي ‏{‏إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له‏}‏ أتقاني ‏(‏قوله كي لا يجعلها ميتة‏)‏ علة لعدم ذبحها بيده المفهوم من قوله شهدها ويأمر غيره‏.‏

‏(‏قوله وكره ذبح الكتابي‏)‏ أي بالأمر لأنها قربة، ولا ينبغي أن يستعان بالكافر في أمور الدين، ولو ذبح جاز لأنه من أهل الذبح بخلاف المجوسي أتقاني وقهستاني وغيرهما، وظاهر كلام الزيلعي وغيره عدم الكراهة لو كان بأمره، وبه صرح مسكين مستدلا عليه بقول الكافي‏:‏ ولو أمر المسلم كتابيا بأن يذبح أضحيته جاز، وكره بدون أمره، لكن نقل أبو السعود عن الحموي أن بعضهم ذكر أن عبارة الكافي على خلاف ما نقل عنه‏.‏ وفي الجوهرة‏:‏ فإذا ذبحها للمسلم بأمره أجزأه ويكره ‏(‏قوله وأما المجوسي فيحرم‏)‏ لأنه ليس من أهله درر كذا في بعض النسخ ‏(‏قوله ويتصدق بجلدها‏)‏ وكذا بجلالها وقلائدها فإنه يستحب إذا أوجب بقرة أن يجللها ويقلدها، وإذا ذبحها تصدق بذلك كما في التتارخانية ‏(‏قوله بما ينتفع به باقيا‏)‏ لقيامه مقام المبدل فكأن الجلد قائم معنى بخلاف المستهلك ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي في أضحية الصغير وفي بعض النسخ‏:‏ مما مر أي من قوله نحو غربال إلخ ‏(‏قوله فإن بيع اللحم أو الجلد به إلخ‏)‏ أفاد أنه ليس له بيعهما بمستهلك وأن له بيع الجلد بما تبقى عينه، وسكت عن بيع اللحم به للخلاف فيه‏.‏ ففي الخلاصة وغيرها‏:‏ لو أراد بيع اللحم ليتصدق بثمنه ليس له ذلك، وليس له فيه إلا أن يطعم أو يأكل ا هـ‏.‏ والصحيح كما في الهداية وشروحها أنهما سواء في جواز بيعهما بما ينتفع بعينه دون ما يستهلك، وأيده في الكفاية بما روى ابن سماعة عن محمد‏:‏ لو اشترى باللحم ثوبا فلا بأس بلبسه ا هـ‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

في القنية‏:‏ اشترى بلحمها مأكولا فأكله لم يجب عليه التصدق بقيمته استحسانا، وإذا دفع اللحم إلى فقير بنية الزكاة لا يحسب عنها في ظاهر الرواية، لكن إذا دفع لغني ثم دفع إليه بنيتها يحسب قهستاني ‏(‏قوله تصدق بثمنه‏)‏ أي وبالدراهم فيما لو أبدله بها ‏(‏قوله ومفاده صحة البيع‏)‏ هو قول أبي حنيفة ومحمد بدائع لقيام الملك والقدرة على التسليم هداية ‏(‏قوله مع الكراهة‏)‏ للحديث الآتي ‏(‏قوله لأنه كبيع‏)‏ لأن كلا منهما معاوضة، لأنه إنما يعطى الجزار بمقابلة جزره والبيع مكروه فكذا ما في معناه كفاية ‏(‏قوله واستفيدت إلخ‏)‏ كذا في بعض النسخ والضمير للكراهة، لكن صاحب الهداية ذكر ذلك الحديث في البيع، ثم قال بعد قوله ولا يعطى أجر الجزار منها «لقوله عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه تصدق بجلالها وخطامها ولا تعط أجر الجزاز منها شيئا» والنهي عنه نهي عن البيع أيضا لأنه في معنى البيع ا هـ‏.‏ ولا يخفى أن في كل من الحديثين دلالة على المطلوب من الموضعين

‏(‏قوله فإن جزه تصدق به إلى قوله حاوي الفتاوى‏)‏ يوجد في بعض النسخ‏:‏ وقوله فإن فعل تصدق بالأجرة‏:‏ أي فيما لو آجرها، وأما إذا ركبها أو حمل عليها تصدق بما نقصته كما في الخلاصة‏.‏ وفي الدر المنتقى عن الظهيرية‏:‏ وعمل الجلد جرابا وأجره لم يجز وعليه التصدق بالأجرة ‏(‏قوله لأنه التزم إقامة القربة بجميع أجزائها‏)‏ فيه أن القربة تتأدى بالإراقة فهي تقوم بها لا بغيرها فكيف يكره منح، ويأتي دفعه قريبا

‏(‏قوله ويكره الانتفاع بلبنها‏)‏ فإن كانت التضحية قريبة ينضح ضرعها بالماء البارد وإلا حلبه وتصدق به كما في الكفاية ‏(‏قوله لوجوبها في الذمة فلا تتعين‏)‏ والجواب أن المشتراة للأضحية متعينة للقربة إلى أن يقام غيرها مقامها فلا يحل له الانتفاع بها ما دامت متعينة ولهذا لا يحل له لحمها إذا ذبحها قبل وقتها بدائع، ويأتي قريبا أنه يكره أن يبدل بها غيرها فيفيد التعين أيضا، وبه اندفع ما مر عن المنح فتدبر‏.‏

‏(‏قوله ولو غلط اثنان إلخ‏)‏ قال الأتقاني‏:‏ قوله غلط شرط، لما في نوادر ابن سماعة عن محمد‏:‏ لو تعمد فذبح أضحية رجل عن نفسه لم يجز عن صاحبها وفي الغلط جاز عن صاحبها ولا يشبه العمد الغلط، ولو ضمنه قيمتها في العمد جازت عن الذابح‏.‏ وفي الإملاء قال محمد‏:‏ لو ذبحها متعمدا عن صاحبه يوم النحر ولم يأمره جاز أيضا استحسانا لأنها هيئت للذبح ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وذبح كل شاة صاحبه‏)‏ يعني شاة الأضحية، وكان الأولى التعبير به كما في الكنز والهداية ليفيد أنها لو لم تكن للأضحية تكون مضمونة عليه شرنبلالية ‏(‏قوله يعني عن نفسه‏)‏ صرح به في البدائع وغيرها، فلو نواها، عن صاحبه مع ظنه أنها أضحية نفسه هل تقع عن المالك أيضا‏؟‏ الظاهر نعم، ولم أره فليراجع ‏(‏قوله على ما دل عليه قوله غلط‏)‏ لأنه يفيد أنه ظن كونها شاته فلا يذبحها إلا عن نفسه عادة ‏(‏قوله أو لم يغلطا‏)‏ من هنا إلى قوله عن صاحبه يوجد في بعض النسخ ولفظة أو لم يغلطا سبق قلم إذ لا وجود لها في كلام غيره، وقوله فيكون كل واحد وكيلا عن الآخر دلالة هداية كان ينبغي ذكره عقب قوله صح استحسانا‏.‏ وعبارة الهداية‏:‏ وجه الاستحسان أنها تعينت للذبح لتعينها للأضحية، حتى وجب عليه أن يضحي بها في أيام النحر أي لو كان المضحي فقيرا نهاية‏.‏ ويكره أن يبدل بها غيرها أي إذا كان غنيا نهاية، فصار المالك مستعينا بكل من يكون أهلا للذبح آذنا له دلالة ا هـ‏.‏ فقوله هداية نقل لحاصل المعنى، وقوله قاله ابن الكمال فيه أنه لم ينقله ابن الكمال عن الهداية، ولعل ضمير قاله زائد ومقول القول ما بعده وهو قوله وظاهر كلام صدر الشريعة وغيره وقوعه عن صاحبه، لكنه يوهم أن ابن الكمال ذكره في شرحه مع أنه ذكره في منهواته على الهامش‏.‏ ثم إن ما ذكر أنه ظاهر كلام صدر الشريعة هو المصرح به في كتب المذهب‏.‏ وقال ط‏:‏ أهل المذهب إلا زفر أجمعوا على أنها تقع عن المالك للإذن دلالة ‏(‏قوله صح استحسانا بلا غرم‏)‏ أي صح عن صاحبه، فتقع كل أضحية عن مالكها كما علمت فيأخذ كل منهما مسلوخته وقدمنا وجه الاستحسان‏.‏ وأما القياس وهو قول زفر فهو أنه يضمن له قيمتها لأنه ذبح شاة غيره بغير إذنه ‏(‏قوله ويتحالان‏)‏ أي إن كانا قد أكلا ثم علما فليحلل كل منهما صاحبه هداية ‏(‏قوله وإن تشاحا‏)‏ أي عن التحليل ‏(‏قوله وتصدق بها‏)‏ لأنها بدل عن اللحم فصار كما لو باعه، لأن التضحية لما وقعت عن صاحبه كان اللحم له، ومن أتلف لحم أضحية غيره فالحكم فيه ما ذكرنا هداية‏.‏ أقول‏:‏ ومقتضى قوله لأنها بدل عن اللحم إلخ أن التضمين لقيمة اللحم لا لقيمتها حية ولذا وقعت عن المالك‏.‏ بقي شيء وهو أن قول المصنف السابق بلا غرم وكذا قول الهداية ولا ضمان عليهما وقولهم لأنه صار ذابحا لإذن دلالة يفيد أنه لو أراد كل تضمين صاحبه قيمتها لم يكن له ذلك‏.‏ وفي البدائع ما يخالفه حيث قال‏:‏ لو تشاحا وأدى كل منهما الضمان عن نفسه تقع الأضحية له وجازت عنه لأنه ملكها بالضمان ا هـ‏.‏ فعلى هذا لكل منهما الخيار بين تضمين صاحبه وتكون ذبيحة كل أضحية عن نفسه وبين عدم التضمين فتكون ذبيحة كل أضحية عن صاحبه، ويحمل قولهم بلا غرم على ما إذا رضي كل بفعل الآخر تأمل ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ لما كانت المسألة السابقة فيما إذا غلط الذابح وذبح عن نفسه أراد أن يبين ما إذا تعمد ذبح أضحية بلا أمره صريحا فذبح عن نفسه أو عن المالك وقدمناه ملخصا عن الأتقاني ‏(‏قوله أجزأته‏)‏ أي أجزأت الشاري عن التضحية لأنه قد نواها فلا يضره ذبحها غيره على ما بينا زيلعي ‏(‏قوله وإن ضمنه إلخ‏)‏ أي ضمنه الشاري قيمتها لا تجزي الشاري وتجوز عن الذابح لأنه ظهر أن الإراقة حصلت على ملكه زيلعي ‏(‏قوله وهذا‏)‏ أي وقوعها عن المالك إن لم يضمن الذابح وعدم وقوعها عنه بل عن الذابح إن ضمنه ‏(‏قوله أما إذا ذبحها إلخ‏)‏ قال في الشرنبلالية عن منية المفتي‏:‏ وإذا ذبح أضحية الغير ناويا مالكها بغير أمره جاز ولا ضمان عليه ا هـ‏.‏ وهذا استحسان لوجود الإذن دلالة كما في البدائع‏.‏ قال في التتارخانية‏:‏ أطلق المسألة في الأصل وقيدها في الأجناس بما إذا أضجعها صاحبها للأضحية‏.‏ وفي الغياثية‏:‏ والأول هو المختار ا هـ‏.‏ أي للاكتفاء بالنية عند الشراء فتعينت لها كما قدمناه قبل صفحة واستفيد منه أنه لو كانت غير معينة لا تجزي وضمن‏.‏ قال في الخانية‏:‏ اشترى خمس شياه في أيام الأضحية وأراد أن يضحي بواحدة منها إلا أنه لم يعينها فذبح رجل واحدة منها يوم الأضحى بنية صاحبها بلا أمره ضمن ا هـ‏.‏ والذي تحرر في هذا المحل أنه لو غلط فذبح أضحية غيره عن نفسه فالمالك بالخيار إن ضمنه وقعت عن الذابح وإلا فعن المالك على ما قدمناه عن البدائع، وكذا لو تعمد وذبحها عن نفسه، وعليه فلا فرق بينهما وتأمله مع ما قدمنا عن الأتقاني أن العمد لا يشبه الغلط‏.‏ وأما لو ذبحها عن المالك وقعت عن المالك، وهل له الخيار أيضا‏؟‏ لم أره، والظاهر نعم والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله كما يصح‏)‏ أي عن الذابح ‏(‏قوله إن ضمنه قيمتها حية لظهور إلخ‏)‏ كذا في النسخ الصحيحة، وفي بعض النسخ زيادة يجب إسقاطها إذ لا معنى لها هنا سوى قوله كما إذا باعها أي فإنه يصح البيع إذا ضمنه المالك لوقوع الملك مستندا، وأفاد أن المالك له أخذها مذبوحة‏.‏ قال في البدائع‏:‏ غصب شاة فضحى بها عن نفسه لا تجزئه لعدم الملك ولا عن صاحبها لعدم الإذن، ثم إن أخذها صاحبها مذبوحة وضمنه النقصان فكذلك لا تجوز عنهما وعلى كل أن يضحي بأخرى، وإن ضمنه قيمتها حية تجزئ عن الذابح لأنه ملكها بالضمان من وقت الغصب بطريق الاستناد فصار ذابحا شاة هي ملكه فتجزيه ولكنه يأثم لأن ابتداء فعله وقع محظورا فيلزمه التوبة والاستغفار ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ولا يخالف هذا ما مر عن الأشباه والزيلعي من أنه إن ضمنه وقعت عن الذابح وإلا فعن المالك لأن ذاك فيما إذا أعدها صاحبها للأضحية فيكون الذابح مأذونا دلالة كما مر تقريره وهنا في غيره، ولذا عبروا هنا بشاة الغصب ولم يعبروا بأضحية الغير فافهم ‏(‏قوله لظهور إلخ‏)‏ علة لتقييد الصحة بالضمان‏.‏ وفي القهستاني‏:‏ وقيل إنما يجوز إذا أدى الضمان في أيام النحر‏.‏ وعن أبي يوسف وزفر أنه لا يصح ‏(‏قوله فيقع في غير ملكه‏)‏ بخلاف الغصب لظهور الملك فيه مستندا كما مر، ولصدر الشريعة هنا بحث مذكور مع جوابه في المنح ‏(‏قوله قلت ويظهر إلخ‏)‏ قال في الشرنبلالية‏:‏ المراد الوديعة كل شاة كانت أمانة كما في الفيض عن الزندوستي ا هـ‏.‏ ح وفي البدائع‏:‏ وكل جواب عرفته في الوديعة فهو الجواب في العارية والإجارة بأن استعار ناقة أو ثورا أو بعيرا أو استأجره فضحى به أنه لا يجزيه عن الأضحية سواء أخذها المالك، أو ضمنه القيمة لأنها أمانة في يده وإنما يضمنها بالذبح فصار كالوديعة ا هـ‏.‏ وزاد في الخلاصة والبزازية والقهستاني عن النظم‏:‏ المستبضع والمرتهن والوكيل بشراء الشاة والوكيل بحفظ ماله إذا ضحى بشاة موكله والزوج أو الزوجة إذا ضحى بشاة صاحبه بلا إذنه ‏(‏قوله والمرهونة كالمغصوبة‏)‏ مخالف لما في الظهيرية من أنها كالوديعة، وكذا لما قدمناه عن الخلاصة وغيرها، لكن في التتارخانية عن الصيرفية‏:‏ إذا ضحى المرتهن بالشاة المرهونة لا يجوز‏.‏ وقال القاضي جمال الدين‏:‏ يجوز ولو ضحى بها الراهن يجوز ا هـ‏.‏ خانية‏.‏ وفي البدائع‏:‏ ولو كان مرهونا ينبغي أن يجوز لأنه يصير ملكا له من وقت القبض كما في الغصب بل أولى، ومن المشايخ من فصل فقال‏:‏ إن كان قدر الدين يجوز، وإن أكثر ينبغي أن لا يجوز لأن بعضه مضمون وبعضه أمانة، ففي قدر الأمانة إنما يضمنه بالذبح فيكون بمنزلة الوديعة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وكذا المشتركة‏)‏ يعني أنها أمانة لظهور أن نصيب شريكه أمانة في يده ا هـ‏.‏ ح أي فلا تجزي كالوديعة، ولا يخفى أن المراد شاة واحدة مشتركة، بخلاف شاتين بين رجلين ضحيا بهما فإنه يجوز كما يذكره قريبا

‏(‏قوله لون أضحيته عليه الصلاة والسلام سوداء‏)‏ فيه حمل العين على العرض ا هـ‏.‏ ح‏.‏ وأجاب ط بأنه أنثه نظرا للمضاف إليه أقول‏:‏ وما ذكره من أنها سوداء مبني على ما فهمه ابن الشحنة من كلام ابن وهبان في شرحه أوقعه فيه التحريف‏.‏ والصواب أنها بيضاء كما نبه عليه الشرنبلالي، وسنذكر كلامه عند النظم، ويؤيده ما في الهداية‏:‏ قد صح «أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين موجوءين» ا هـ‏.‏ والوجاء على وزن فعال‏:‏ نوع من الخصاء كما قدمناه‏.‏ واختلف في الأملح، ففي أبي السعود عن فتح الباري لابن حجر‏:‏ هو الذي بياضه أكثر من سواده ويقال هو الأغبر وهو قول الأصمعي وزاد الخطابي‏:‏ هو الذي في خلل صوفه طبقات سود، ويقال الأبيض الخالص، قاله ابن الأعرابي، وبه تمسك الشافعية في تفضيل الأبيض في الأضحية، وقيل الذي يعلوه حمرة وقيل الذي ينظر في سواد ويأكل في سواد ويمشي في سواد ويبرك في سواد‏:‏ أي إن مواضع هذه منه سواد وما عداه أبيض ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وفي البدائع‏:‏ أفضل الشاء أن يكون كبشا أملح أقرن موجوءا والأقرن‏:‏ العظيم القرن‏.‏ والأملح‏:‏ الأبيض ا هـ‏.‏ وظاهره أن المراد الأبيض الخالص فيوافق قول الشافعية، وفسره في العناية والكفاية بالأبيض الذي فيه شعرات سود وهو كذلك في القاموس، ويمكن حمل ما في البدائع عليه

‏(‏قوله لزمه ثنتان‏)‏ عبارة الخانية قالوا‏:‏ لزمه ثنتان ‏(‏قوله مجيء الأمر بهما‏)‏ الذي في الخانية وغيرها الأثر بالثاء المثلثة، وهو كذلك في بعض النسخ والمراد به ما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين» قال الشرنبلالي في شرحه‏:‏ قد يقال لما بين عليه الصلاة والسلام أن أحدهما عنه وعن آله والآخر عن أمته لم يقض بثنتين على شخص بالسنية ‏(‏قوله والأصح وجوب الكل‏)‏ كذا صححه في الظهيرية‏.‏ ونقل في التتارخانية عن الصدر الشهيد أنه الظاهر وسيأتي في النظم، فيلزمه أن يضحي بالعشر في أيام النحر وبعدها يتصدق بها حية لو كانت معينة كما يؤخذ مما مر متنا‏.‏ قال الشرنبلالي في شرحه‏:‏ وأقول في صحة إلزامه بثنتين أو بعشر تأمل‏.‏ والذي يظهر لي أنه مثل إلزامه على نفسه الظهر عشرا فلا يلزمه غير ما أوجبه تعالى، لأن نذر ذات الواجب وتعدده ليس صحيحا نعم نذر مثله كقوله نذرت ذبح عشر شياه وقت كذا يصح ويلغو ذكر الوقت، وتقدم في الحج‏:‏ لو قال لله تعالى علي حجة الإسلام مرتين لا يلزمه شيء غير المشروع مع أن الحج نفلا مشروع ولكن لا يسمى حجة الإسلام، وكذلك الأضحية لم تشرع لازمة إلا واحدة فنذر تعددها إلزام غير المشروع وجوبا فلا يلزم فليتأمل ا هـ‏.‏ أقول وبالله تعالى التوفيق إن كتب المذهب طافحة بصحة النذر بالأضحية من الغني والفقير، وقدمنا أن الغني إذا قصد بالنذر الإخبار عن الواجب عليه وكان في أيام النحر لزمه واحدة وإلا فثنتان‏.‏ ثم لا يخفى أن الأضحية اسم لشاة مثلا تذبح في أيام النحر واجبة كانت أو تطوعا، فإذا نذر أضحية لم تنصرف إلى الواجبة عليه ما لم ينو بالنذر الإخبار، كما إذا قال لله علي حجة، وعليه حجة الإسلام، قال الزيلعي‏:‏ يلزمه أخرى إلا إذا عني به الواجب عليه ا هـ‏.‏ فإذا نذر عشر أضحيات لم يحتمل الإخبار عن الواجب أصلا كما قدمناه عن البدائع من أن الغني لو نذر قبل أيام النحر أن يضحي شاة لزمه شاتان إحداهما بالنذر والأخرى بالغنى لعدم احتمال الصيغة الإخبار عن الواجب إذ لا وجوب قبل الوقت، وكذا لو نذر وهو فقير ثم استغنى وهنا كذلك لعدم وجوب العشر فتلزمه العشر لأنها عبادة من جنسها واجب، بخلاف ما لو قال‏:‏ لله علي حجة الإسلام مرتين لأن حجة الإسلام اسم للفعل المخصوص على سبيل الفرضية فإذا قال مرة أو مرتين لا يلزمه لأن المرة لازمة قبل النذر والثانية لا يمكن جعلها حجة الإسلام التي هي فرض العمر، ومثله نذر رمضان مرة أو مرتين، فالفرق بين الأضحية التي تطلق على الواجب والتطوع كالصوم والصلاة والحج وبين حجة الإسلام كصوم رمضان وصلاة الظهر أظهر من الشمس، وحيث علمت أن الأضحية اسم لما يذبح في وقت مخصوص لم يكن فيها إلغاء الوقت، فإذا نذرها يلزم فعلها فيه وإلا لم يكن آتيا بالمنذور لأنها بعدها لا تسمى أضحية ولذا يتصدق بها حية إذا خرج وقتها كما قدمناه، بخلاف ما إذا نذر ذبح شاة في وقت كذا يلغو ذكر الوقت لأنه وصف زائد على مسمى الشاة ولذا ألغى علماؤنا تعيين الزمان والمكان، بخلاف الأضحية فإن الوقت قد جعل جزءا من مفهومها فلزم اعتباره، ونظير ذلك ما لو نذر هدي شاة فإنهم قالوا إنما يخرجه عن العهدة ذبحها في الحرم والتصدق بها هناك مع أنهم قالوا لو نذر التصدق بدرهم على فقراء مكة له التصدق على غيرهم، وما ذاك إلا لكون الهدي اسما لما يهدى إلى مكة ويتصدق به فيها فقد جعل المكان جزءا من مفهومه كالزمان في الأضحية فإذا تصدق به في غير مكة لم يأت بما نذره، بخلاف ما لو نذر التصدق بالدرهم فيها فإن المكان لم يجعل جزءا من مفهوم الدرهم فإن الدرهم درهم سواء تصدق به في مكة أو غيرها بخلاف الهدي، فقد ظهر وجه تصحيح العشر ووجه لزوم ذبحها في أيام النحر فاغتنم هذه الفائدة الجليلة، التي هي من نتائج فكرتي العليلة؛ فإني لم أرها في كتاب، والحمد لله الملك الوهاب‏.‏

‏(‏قوله غنم‏)‏ الذي في المنح وغيرها شاتان ‏(‏قوله بخلاف العتق إلخ‏)‏ أي لو كان عبدان بين رجلين عليهما كفارتان فأعتقاهما عن كفارتيهما لا يجوز، لأن الأنصباء تجتمع في الشاتين لا الرقيق بدليل جريان الجبر في قسمة الغنم دون الرقيق بدائع ‏(‏قوله فالأضحية كلاهما‏)‏ قال في الخلاصة‏:‏ ولو ضحى بأكثر من واحدة فالواحدة فريضة والزيادة تطوع عند عامة العلماء‏.‏ وقال بعضهم لحم، والمختار أنه يجوز كلاهما ا هـ‏.‏ وفي التتارخانية عن المحيط أنه الأصح ‏(‏قوله وقيل الزائد لحم‏)‏ أي ولا يصير أضحية تطوعا خانية ‏(‏قوله والأفضل إلخ‏)‏ أي الأكثر ثوابا، وقدمنا الكلام عليه ‏(‏قوله ولو ضحى بالكل إلخ‏)‏ الظاهر أن المراد لو ضحى ببدنة يكون الواجب كلها لا سبعها بدليل قوله في الخانية‏:‏ ولو أن رجلا موسرا ضحى ببدنة عن نفسه خاصة كان الكل أضحية واجبة عند عامة العلماء وعليه الفتوى ا هـ‏.‏ مع أنه ذكر قبله بأسطر لو ضحى الغني بشاتين فالزيادة تطوع عند عامة العلماء، فلا ينافي قوله كان الكل أضحية واجبة، ولا يحصل تكرار بين المسألتين فافهم، ولعل وجه الفرق أن التضحية بشاتين تحصل بفعلين منفصلين وإراقة دمين فيقع الواجب إحداهما فقط والزائدة تطوع بخلاف البدنة فإنها بفعل واحد وإراقة واحدة فيقع كلها واجبا، هذا ما ظهر لي ‏(‏قوله فالكل فرض‏)‏ أي عملي ح

‏(‏قوله ولا يأكل‏)‏ ظاهره ولو كان غنيا مع تصريحهم بأنها واجبة في ذمته غير متعينة عليه، حتى جاز له أن يبدلها بغيرها مع الكراهة ط ‏(‏قوله لو أيام النحر باقية‏)‏ مرتبط بقوله ليشتري وما بعده ‏(‏قوله وإلا‏)‏ بأن مضت أيام النحر لا يشتري بالقيمة غيرها لأن الإراقة عهدت قربة في أيام النحر كما قدمناه ‏(‏قوله خانية‏)‏ وكذا في الذخيرة والخلاصة وغيرهما، ونظمها ابن وهبان وابن الشحنة، ولم أر من ذكر وجه عدم الأكل منها‏.‏ ولا يقال إن أخذ قيمتها كبيعها لأنه ليس بدل أضحية إذ هي ميتة، على أنه كان يلزمه التصدق بالدراهم كما لو باع لحم أضحيته كما مر، فالظاهر أنها منذورة فليتأمل

‏(‏قوله فلو تركها‏)‏ أي التسمية المفهومة من سمى ‏(‏قوله وقد نظمه شيخنا إلخ‏)‏ قد نظمه أيضا المصنف في منحه سؤالا وجوابا لكنه ارتكب فيه ضرورات لا ترتكب مع ما فيه من اختلال النظم في بعض الأبيات ‏(‏قوله أن يثنى‏)‏ مبني للمجهول والجار والمجرور نائب الفاعل ‏(‏قوله بالقريض‏)‏ أي الشعر ‏(‏قوله فقلت في الجواب إلخ‏)‏ الشطر الأول والبيت الثاني بتمامه من نظم صاحب المنح، والباقي من نظم الخير الرملي، فإنه قال بعد نظمه السؤال السابق وقلت في الجواب‏:‏ خذ جوابا لا نقد يوجد فيه من فقيه مرويه عن فقيه ذاك ذبح قصابه وضع اليد مع الصاحب الذي يرتجيه ‏(‏قوله فعلى كل واحد إلخ‏)‏ وبه ظهر أن الشارح ليس له من الجواب سوى التلفيق من كلام المصنف وكلام شيخه إن لم يكن من المواردة ‏(‏قوله هي شاة إلخ‏)‏ يوجد في بعض النسخ بعد هذا البيت بيت آخر وهو ذاك ذبح إلى آخر البيت المار عن الرملي، ولو اقتصر عليه لكان أنسب، لأن قوله هي شاة إلخ غير موزون، ولئلا يستدرك قوله فعلى كل واحد إلخ لأنه لم يفد شيئا زائدا على ما أفاده ‏(‏قوله هي شاة إلخ‏)‏ بل لو اقتصر الشارح في الجواب على البيت الأول والثاني وأبدل قوله شرط كما نرويه الذي اختل به النظم بقوله شرط نعيه أو شرط فيه لاستقام الوزن وأغناه عما بعده، وكأنه قصد ذكر الجواب مرتين، لأن البيت الأول مع الثاني جواب والبيت الثالث الذي في بعض النسخ مع الرابع جواب أيضا ‏(‏قوله وفي الوهبانية وشرحها‏)‏ ليس في هذه الأبيات من نظم ابن وهبان بلا تغيير سوى البيت الثاني والأخير، وما عداهما تصرف فيه ابن الشحنة وأصلحه قوله وإن يشتري‏)‏ بإثبات حرف العلة للضرورة ‏(‏قوله منها‏)‏ أي من الشاة أو الأضاحي ‏(‏قوله وأشكل‏)‏ بأن اختلطت ولم يتميز ما لكل ‏(‏قوله فالتوكيل إلخ‏)‏ قال ابن الفضل‏:‏ ينبغي أن يوكل كل واحد أصحابه بالذبح؛ حتى لو ذبح شاة نفسه جاز، ولو ذبح عن غيره بأمره جاز أيضا ا هـ‏.‏ شارح ‏(‏قوله يذكر‏)‏ الذي في الوهبانية يحسر بالحاء المهملة، ويجوز فيه الفتح والضم، من حسر عن ذراعيه إذا كشف ا هـ‏.‏ شارح ‏(‏قوله للعنز‏)‏ اللام للتقوية وهي الداخلة على معمول تقدم على عامله وهو هنا شرى، مثل‏:‏ ‏{‏إن كنتم للرؤيا تعبرون‏}‏ ‏(‏قوله يصح‏)‏ لأن الشاة اسم جنس يتناول الضأن والمعز شارح عن الظهيرية ‏(‏قوله خلاف العكس‏)‏ أي ولو وكله بشراء عنز فاشترى شاة من الضأن لا يلزم الآمر شارح عن الخانية ‏(‏قوله والقود يخسر‏)‏ أي لو استأجر الوكيل بشراء الأضحية من يقودها بدرهم لم يلزم الآمر ظهيرية ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله ولو قال سوداء‏)‏ بالمد والتنوين للضرورة، والضمير في كان للقول، وقرناء بالمد وعينا بالقصر‏.‏ والأقرن‏:‏ العظيم القرن‏.‏ والأعين‏:‏ ما عظم سواد عينيه في سعة‏.‏ قال في الشرنبلالي‏:‏ والبيت من الظهيرية‏.‏ وكله بشراء بقرة سوداء للأضحية فاشترى بيضاء أو حمراء أو بلقاء وهي التي اجتمع فيها السواد والبياض لزم الآمر وإن وكله بشراء كبش أقرن أعين للأضحية فاشترى أجم ليس أعين لا يلزم الآمر؛ لأن هذا مما يرغب للأضحية فخالف أمره‏.‏ قال الناظم‏:‏ ينبغي أنه إذا أمره بشراء بيضاء فاشترى سوداء أن لا يقع للآمر‏.‏ قلت‏:‏ وهذا هو الصواب وقد أسقط الكاتب لا النافية من نسخة المصنف وتبعه الشارح ابن الشحنة يرشد إليه قول الناظم لأن لون أضحية رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبيض ولأنه أحسن الألوان فينبغي أن يكون أفضل، ولما روي عن مولاة ورقة بنت سعد أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «دم عفراء أزكى عند الله من دم سوداء» وقال أبو هريرة رضي الله عنه‏:‏ دم بيضاء أزكى عند الله من دم سوداء ا هـ‏.‏ فالدليل يخالف مدعاه بإسقاط لا النافية لأن البياض أزكى من غيره، والعفراء أزكى من السوداء فكيف يلزم بالآمر مع المخالفة ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله بثنتين‏)‏ متعلق بألزموا، وقدمنا الكلام عليه في الفروع ‏(‏قوله وعن ميت‏)‏ أي لو ضحى عن ميت وارثه بأمره ألزمه بالتصدق بها وعدم الأكل منها، وإن تبرع بها عنه له الأكل لأنه يقع على ملك الذابح والثواب للميت، ولهذا لو كان على الذابح واحدة سقطت عنه أضحيته كما في الأجناس‏.‏ قال الشرنبلالي‏:‏ لكن في سقوط الأضحية عنه تأمل ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ صرح في فتح القدير في الحج عن الغير بلا أمر أنه يقع عن الفاعل فيسقط به الفرض عنه وللآخر الثواب فراجعه ‏(‏قوله وهذا المخير‏)‏ أي المختار كما قدمناه عن البزازية سابقا ‏(‏قوله ومن مال طفل إلخ‏)‏ حاصله أن الصحيح عدم وجوبها في مال الطفل، ولا يجب على الأب في حق طفله أن يضحي عنه من مال نفسه في ظاهر الرواية كما مر مبسوطا، وقوله وعن أبه بلا ياء على لغة النقص ‏(‏قوله وواهب شاة إلخ‏)‏ أي لو وهبه شاة فضحى بها ثم رجع الواهب صح الرجوع في ظاهر الرواية وأجزأت الذابح شارح‏.‏

‏[‏خاتمة‏]‏ يستحب لمن ولد له ولد أن يسميه يوم أسبوعه ويحلق رأسه ويتصدق عند الأئمة الثلاثة بزنة شعره فضة أو ذهبا ثم يعق عند الحلق عقيقة إباحة على ما في الجامع المحبوبي، أو تطوعا على ما في شرح الطحاوي، وهي شاة تصلح للأضحية تذبح للذكر والأنثى سواء فرق لحمها نيئا أو طبخه بحموضة أو بدونها مع كسر عظمها أو لا واتخاذ دعوة أو لا، وبه قال مالك‏.‏ وسنها الشافعي وأحمد سنة مؤكدة شاتان عن الغلام وشاة عن الجارية غرر الأفكار ملخصا، والله تعالى أعلم‏.‏

كذا ترجمه في الخانية والتحفة، وترجم في الجامع الصغير والهداية بالكراهية، وفي المبسوط والذخيرة بالاستحسان، فإن مسائل هذا الكتاب من أجناس مختلفة فلقب بذلك لما وجد في عامة مسائله من الكراهية والحظر والإباحة والاستحسان كما في النهاية، وترجم بعضهم بكتاب الزهد والورع لأن فيه كثيرا من المسائل أطلقها الشرع، والزهد والورع تركها، وفي أبي السعود عن طلبة الطلبة‏:‏ الاستحسان استخراج المسائل الحسان وهو أشبه ما قيل فيه، أما القياس والاستحسان المذكوران في جواب مسائل الفقه فبيانها في الأصول ‏(‏قوله مناسبته ظاهرة‏)‏ في بعض النسخ مناسبتها والأولى أولى، وهي كما في شروح الهداية كون عامة مسائل كل منه ومن الأضحية لم تخل من أصل وفرع ترد فيه الكراهة، وعلى ترجمة المصنف يقال يرد فيه الحظر أو الإباحة، ولما ذكرت المناسبة بين الأضحية وما قبلها كانت الأضحية واقعة في محلها، فلا يرد أن هذه المناسبة لا تفيد وجه ذكر هذا الكتاب عقب الأضحية، ولا يرد أن هذا الكتاب له مناسبة بكل كتاب فافهم ‏(‏قوله والحظر لغة المنع والحبس‏)‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وما كان عطاء ربك محظورا‏}‏ أي ما كان رزق ربك محبوسا عن البر والفاجر جوهرة، والإباحة الإطلاق زيلعي ‏(‏قوله وشرعا إلخ‏)‏ أشار إلى أن المراد هنا بالمصدر اسم المفعول، فلا يرد أن ما ذكره تعريف للمحظور والمباح لا للحظر والإباحة تأمل ‏(‏قوله والمحظور ضد المباح‏)‏ أل في المحظور للعهد أي المحظور الشرعي الذي ذكرنا أنه ما منع من استعماله شرعا ضد للمباح، ولا ينافي ذلك أن للمباح ضدا آخر وهو الواجب، إذ ليس مراده بذلك تعريفه بما ذكر لأنه قدم تعريفه كما علمت‏.‏ وبه اندفع ما يقال إنه تعريف بالأعم لأنه كما يصدق على المكروه والحرام يصدق على الواجب‏.‏ وليس تعريفه الخاص ما ثبت حظره بدليل قطعي بل ما ذكره الشارح من أنه ما منع من استعماله شرعا ليشمل ما ثبت بظني فافهم ‏(‏قوله والمباح ما أجيز للمكلفين فعله وتركه‏)‏ كذا في المنح‏.‏ والذي في الجوهرة‏:‏ ما خير المكلف بين فعله وتركه ‏(‏قوله بلا استحقاق‏)‏ استحقه‏:‏ استوجبه قاموس‏.‏ ويطلق على جزاء العبد من ثواب أو عقاب أنه يستحقه بفضل الله وعدله ‏(‏قوله نعم يحاسب عليه حسابا يسيرا‏)‏ لا يقال إن ذلك عذاب، بدليل ما ورد‏:‏ «من نوقش الحساب عذب» لأن المناقشة الاستقصاء في الحساب كما في القاموس ‏(‏قوله كل مكروه‏)‏ يقال‏:‏ كرهت الشيء أكرهه كراهة وكراهية فهو كريه ومكروه صحاح‏.‏ والكراهة‏:‏ عدم الرضا‏.‏ وعند المعتزلة‏:‏ عدم الإرادة، فتفسير المطرزي لها في المغرب بعدم الإرادة ميل إلى مذهبه كما أفاد أبو السعود ‏(‏قوله أي كراهة تحريم‏)‏، وهي المرادة عند الإطلاق كما في الشرع، وقيده بما إذا كان في باب الحظر والإباحة ا هـ‏.‏ بيري ‏(‏قوله حرام‏)‏ أي يريد به أنه حرام‏.‏ قال في الهداية إلا أنه لما لم يجد فيه نصا قاطعا لم يطلق عليه لفظ الحرام ا هـ‏.‏ فإذا وجد نصا يقطع القول بالتحريم أو التحليل، وإلا قال في الحل لا بأس وفي الحرمة أكره إتقاني ‏(‏قوله أي كالحرام إلخ‏)‏ كذا قال القهستاني، ومقتضاه أنه ليس حراما حقيقة عنده بل هو شبيه به من جهة أصل العقوبة في النار وإن كان عذابه دون العذاب على الحرام القطعي، وهو خلاف ما اقتضاه ذكر الاختلاف بينه وبين الشيخين وتصحيح قولهما، نعم هو موافق لما حققه المحقق ابن الهمام في تحرير الأصول من أن قول محمد إنه حرام فيه نوع من التجوز للاشتراك في استحقاق العقاب، وقولهما على سبيل الحقيقة للقطع بأن محمدا لا يكفر جاحد الواجب والمكروه كما يكفر جاحد الفرض والحرام فلا اختلاف بينه وبينهما في المعنى كما يظن ا هـ‏.‏ وأيده شارحه ابن أمير حاج بما ذكره محمد في المبسوط أن أبا يوسف قال لأبي حنيفة‏:‏ إذا قلت في شيء أكرهه فما رأيك فيه‏؟‏ قال التحريم، ويأتي فيه أيضا ما في لفظ محمد للقطع أيضا بأن أبا حنيفة لا يكفر جاحد المكروه ا هـ‏.‏ وعلى هذا فالاختلاف في مجرد صحة الإطلاق، ويأتي تمام الكلام عليه قريبا ‏(‏قوله فإلى الحل أقرب‏)‏ بمعنى أنه لا يعاقب فاعله أصلا، لكن يثاب تاركه أدنى ثواب تلويح، وظاهره أنه ليس من الحلال، ولا يلزم من عدم الحل الحرمة ولا كراهة التحريم، لأن المكروه تنزيها كما في المنح مرجعه إلى ترك الأولى‏.‏ والفاصل بين الكراهتين كما في القهستاني والمنح عن الجواهر‏:‏ إن كان الأصل فيه الحرمة، فإن سقطت لعموم البلوى فتنزيه كسؤر الهرة، وإلا فتحريم كلحم الحمار، وإن كان حكم الأصل الإباحة وعرض ما أخرجه عنها، فإن غلب على الظن وجود المحرم فتحريم كسؤر البقرة الجلالة وإلا فتنزيه كسؤر سباع الطير ‏(‏قوله مثله البدعة والشبهة‏)‏ الذي يفيده كلام القهستاني أن البدعة مرادفة للمكروه عند محمد والشبهة مرادفة للمكروه عندهما ‏(‏قوله نسبته‏)‏ أي من حيث الثبوت، وقوله فيثبت إلخ بيان لها لكن في اقتصاره على ظني الثبوت قصور في العبارة‏.‏ بيان ذلك أن الأدلة السمعية أربعة، الأول قطعي الثبوت والدلالة كنصوص القرآن المفسرة أو المحكمة والسنة المتواترة التي مفهومها قطعي الثاني قطعي الثبوت ظني الدلالة كالآيات المؤولة الثالث عكسه كأخبار الآحاد التي مفهومها قطعي الرابع ظنيهما كأخبار الآحاد التي مفهومها ظني، فبالأول يثبت الافتراض والتحريم، وبالثاني والثالث الإيجاب وكراهة التحريم؛ وبالرابع تثبت السنية والاستحباب‏.‏ ‏(‏قوله وفي الزيلعي إلخ‏)‏ بيان للمراد من الإثم في قوله ويأثم بارتكابه إلخ؛ وما في الزيلعي موافق لما في التلويح حيث قال‏:‏ معنى القرب إلى الحرمة أنه يتعلق به محذور دون استحقاق العقوبة بالنار؛ وترك السنة المؤكدة قريب من الحرمة يستحق حرمان الشفاعة ا هـ‏.‏ ومقتضاه أن ترك السنة المؤكدة مكروه تحريما لجعله قريبا من الحرام، والمراد سنن الهدى كالجماعة والأذان والإقامة فإن تاركها مضلل ملوم كما في التحرير والمراد الترك على وجه الإصرار بلا عذر ولذا يقاتل المجمعون على تركها لأنها من أعلام الدين، فالإصرار على تركها استخفاف بالدين فيقاتلون على ذلك ذكره في المبسوط، ومن هنا لا يكون قتالهم عليها دليلا على وجوبها أو تمامه في شرح التحرير تأمل‏.‏ ثم إن ما ذكر هنا من استحقاقه محذورا دون العقوبة بالنار مخالف لما قدمه الشارح آنفا وجزم به ابن الهمام في التحرير من أنه يستحق العقوبة بالنار، إلا أن يقال ما مر خاص بقول محمد بناء على أن المكروه عنده من الحرام، وما هنا على قولهما بأنه إلى الحرام أقرب، وهذا يفيد أن الخلاف ليس لفظيا وهو خلاف ما قدمناه عن التحرير ولذا نقل أبو السعود عن المقدسي أن حاصل الخلاف أن محمدا جعله حراما لعدم قاطع بالحل، وجعلاه حلالا؛ لأنه الأصل في الأشياء ولعدم القاطع بالحرمة ا هـ‏.‏ ولا تنافي الكراهة الحل لما في القهستاني عن خلع النهاية، كل مباح حلال بلا عكس كالبيع عند النداء فإنه حلال غير مباح لأنه مكروه ا هـ‏.‏ وفي التلويح‏:‏ ما كان تركه أولى فمع المنع عن الفعل بدليل قطعي حرام، وبظني مكروه تحريما، وبدون منع مكروه تنزيها، وهذا على رأي محمد‏.‏ وعلى رأيهما ما تركه أولى، فمع المنع حرام، وبدونه مكروه تنزيها لو إلى الحل أقرب؛ وتحريما لو إلى الحرام أقرب ا هـ‏.‏ فأفاد أنه ممنوع عن فعله عنده لا عندهما، وبه يظهر مساواته للسنة المؤكدة على رأيهما في اتحاد الجزاء بحرمان الشفاعة؛ والمراد والله تعالى أعلم‏.‏ الشفاعة برفع الدرجات أو بعدم دخول النار لا الخروج منها، أو حرمان مؤقت، أو أنه يستحق ذلك، فلا ينافي وقوعها‏.‏ وبه اندفع ما أورد أنه ليس فوق مرتكب الكبيرة في الجرم، وقد قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» كما ذكره حسن جلبي في حواشي التلويح؛ وتمامه في حواشينا على المنار

‏(‏قوله الأكل للغذاء إلخ‏)‏ وكذا ستر العورة وما يدفع الحر والبرد الشرنبلالية ‏(‏قوله ولو من حرام‏)‏ فلو خاف الهلاك عطشا وعنده خمر له شربه قدر ما يدفع العطش إن علم أنه يدفعه بزازية ويقدم الخمر على البول تتارخانية؛ وسيأتي تمام الكلام فيه ‏(‏قوله أو ميتة‏)‏ عطف خاص على عام ‏(‏قوله وإن ضمنه‏)‏ لأن الإباحة للاضطرار لا تنافي الضمان‏.‏ وفي البزازية‏:‏ خاف الموت جوعا ومع رفيقه طعام أخذ بالقيمة منه قدر ما يسد جوعته، وكذا يأخذ قدر ما يدفع العطش؛ فإن امتنع قاتله بلا سلاح؛ فإن خاف الرفيق الموت جوعا أو عطشا ترك له البعض؛ وإن قال له آخر اقطع يدي وكلها لا يحل، لأن لحم الإنسان لا يباح في الاضطرار لكرامته ‏(‏قوله يثاب عليه إلخ‏)‏ قال في الشرنبلالية عن الاختيار‏:‏ قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إن الله ليؤجر في كل شيء حتى اللقمة يرفعها العبد إلى فيه»، فإن ترك الأكل والشرب حتى هلك فقد عصى؛ لأن فيه إلقاء النفس إلى التهلكة وإنه منهي عنه في محكم التنزيل ا هـ‏.‏ بخلاف من امتنع عن التداوي حتى مات إذ لا يتيقن بأنه يشفيه كما في الملتقى وشرحه ‏(‏قوله مفاده إلخ‏)‏ أي مفاد قوله ومأجور عليه، فإن ظاهره أنه مندوب وبه صرح في متن الملتقى فيفيد جواز الترك ‏(‏قوله كما في الملتقى‏)‏ هو ما يذكره قريبا حيث قال‏:‏ ولا تجوز الرياضة بتقليل الأكل حتى يضعف عن أداء العبادة ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ تأييد لقوله لم يجز ‏(‏قوله فتنبه‏)‏ إشارة إلى المؤاخذة على المصنف وعلى ما ذكره في الملتقى أولا ‏(‏قوله ومباح‏)‏ أي لا أجر ولا وزر فيه، فيحاسب عليه حسابا يسيرا لو من حل، لما جاء‏:‏ «أنه يحاسب على كل شيء إلا ثلاثا‏:‏ خرقة تستر عورتك، وكسرة تسد جوعتك، وحجر يقيك من الحر والقر» وجاء‏:‏ «حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ولا يلام على كفاف» در منتقى ‏(‏قوله إلى الشبع‏)‏ بكسر الشين وفتح الباء وسكونها‏:‏ ما يغذيه ويقوي بدنه قهستاني‏.‏ ‏(‏قوله وحرام‏)‏ لأنه إضاعة للمال وإمراض للنفس‏:‏ وجاء‏:‏ «ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من البطن، فإن كان ولا بد فثلث للطعام وثلث للماء وثلث للنفس، وأطول الناس عذابا أكثرهم شبعا» در منتقى‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

قال في تبيين المحارم‏:‏ وزاد بعضهم مرتبتين أخريين مندوب، وهو ما يعينه على تحصيل النوافل وتعليم العلم وتعلمه‏.‏ ومكروه‏:‏ وهو ما زاد على الشبع قليلا ولم يتضرر به ورتبة العابد التخيير بين الأكل المندوب والمباح وينوي به أن يتقوى به على العبادة فيكون مطيعا، ولا يقصد به التلذذ والتنعم فإن الله تعالى ذم الكافرين بأكلهم للتمتع والتنعم‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم‏}‏ وقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ «المسلم يأكل في معى واحد والكافر في سبعة أمعاء» رواه الشيخان وغيرهما، وتخصيص السبعة للمبالغة والتكثير، قيل هو مثل ضربه عليه الصلاة والسلام للمؤمن وزهده في الدنيا وللكافر وحرصه عليها، فالمؤمن يأكل بلغة وقوتا والكافر يأكل شهوة وحرصا طلبا للذة، فهذا يشبعه القليل وذاك لا يشبعه الكثير ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله عبر في الخانية بيكره‏)‏ لعل الأوجه الأول لأنه إسراف، وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تسرفوا‏}‏ وهو قطعي الثبوت والدلالة تأمل ‏(‏قوله وهو أكل طعام إلخ‏)‏ عزاه القهستاني إلى أشربة الكرماني وغيره‏.‏ قال ط وأفاد بذلك أنه ليس المراد بالشبع الذي تحرم عليه الزيادة ما يعد شبعا شرعا كما إذا أكل ثلث بطنه ‏(‏قوله إلا أن يقصد إلخ‏)‏ الظاهر أن الاستثناء منقطع بناء على ما ذكره من التأويل، فإنه إذا غلب على ظنه إفساد معدته كيف يسوغ له ذلك مع أنه لو خاف المرض يحل له الإفطار، إلا أن يقال المراد إفساد لا يحصل به زيادة إضرار تأمل، وما ذكر استثناء من بعض المتأخرين كما أفاده في التتارخانية ‏(‏قوله أو لئلا يستحي ضيفه‏)‏ أي الحاضر معه الآتي بعدما أكل قدر حاجته قهستاني ‏(‏قوله أو نحو ذلك‏)‏ كما إذا أكل أكثر من حاجته ليتقايأه قال الحسن لا بأس به قال‏:‏ رأيت أنس بن مالك رضي الله عنه يأكل ألوانا من الطعام ويكثر ثم يتقايأ وينفعه ذلك خانية‏.‏ ‏(‏قوله عن أداء العبادة‏)‏ أي المفروضة قائما فلو على وجه لا يضعفه فمباح در منتقى ‏(‏قوله وتركه أفضل‏)‏ كي لا تنقص درجته، ويدخل تحت قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا‏}‏ والتصدق بالفضل أفضل تكثيرا للحسنات در منتقى ‏(‏قوله واتخاذ الأطعمة سرف‏)‏ إلا إذا قصد قوة الطاعة أو دعوة الأضياف قوما بعد قوم قهستاني ‏(‏قوله وسنة الأكل إلخ‏)‏ فإن نسي البسملة فليقل‏:‏

بسم الله على أوله وآخره اختيار، وإذا قلت بسم الله فارفع صوتك حتى تلقن من معك، ولا يرفع بالحمد إلا أن يكونوا فرغوا من الأكل تتارخانية، وإنما يسمي إذا كان الطعام حلالا ويحمد في آخره كيفما كان قنية ط‏.‏ ‏(‏قوله وغسل اليدين قبله‏)‏ لنفي الفقر ولا يمسح يده بالمنديل ليبقى أثر الغسل وبعده لنفي اللمم ويمسحها ليزول أثر الطعام، وجاء أنه بركة الطعام، ولا بأس به بدقيق، وهل غسل فمه للأكل سنة كغسل يده، الجواب لا لكن يكره للجنب قبله، بخلاف الحائض در منتقى، ومثله في التتارخانية ‏(‏قوله ويبدأ‏)‏ أي في الغسل كما في التتارخانية ‏(‏قوله بالشباب قبله‏)‏ لأنهم أكثر أكلا والشيوخ أقل در منتقى ‏(‏قوله وبالشيوخ بعده‏)‏ لحديث‏:‏ «ليس منا من لم يوقر كبيرنا» وهذا من التوقير ط‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

يكره وضع المملحة والقصعة على الخبز ومسح اليد أو السكين به ولا يعلقه بالخوان، ولا بأس بالأكل متكئا أو مكشوف الرأس في المختار، ومن الإسراف أن يأكل وسط الخبز ويدع حواشيه أو يأكل ما انتفخ منه إلا أن يكون غيره يأكل ما تركه فلا بأس به كما لو اختار رغيفا دون رغيف‏.‏ ومن إكرام الخبز أن لا ينتظر الإدام إذا حضر، وأن لا يترك لقمة سقطت من يده فإنه إسراف بل ينبغي أن يبتدئ بها‏.‏ ومن السنة أن لا يأكل من وسط القصعة فإن البركة تنزل في وسطها، وأن يأكل من موضع واحد لأنه طعام واحد، بخلاف طبق فيه ألوان الثمار فإنه يأكل من حيث شاء لأنه ألوان؛ بكل ذلك ورد الآثار، ويبسط رجله اليسرى وينصب اليمنى، ولا يأكل الطعام حارا ولا يشمه‏.‏ وعن الثاني أنه لا يكره النفخ في الطعام إلا بما له صوت نحو أف وهو محمل النهي‏.‏ ويكره السكوت حالة الأكل لأنه تشبه بالمجوس ويتكلم بالمعروف‏.‏ وقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ «من أكل من قصعة ثم لحسها تقول له القصعة أعتقك الله من النار كما أعتقتني من الشيطان» وفي رواية أحمد‏:‏ «استغفرت له القصعة» ومن السنة البداءة بالملح والختم به بل فيه شفاء من سبعين داء، ولعق القصعة وكذا الأصابع قبل مسحها بالمنديل وتمامه في الدر المنتقى والبزازية وغيرهم

‏(‏قوله الأهلية‏)‏ بخلاف الوحشية فإنها ولبنها حلالان ‏(‏قوله خلافا لمالك‏)‏ وللخلاف لم يقل حرم منح أي فإنه دليل تعارض الأدلة ‏(‏قوله ولبنها‏)‏ لتولده من اللحم فصار مثله منح ‏(‏قوله التي تأكل العذرة‏)‏ أي فقط حتى أنتن لحمها قال في شرح الوهبانية‏:‏ وفي المنتقى‏:‏ الجلالة المكروهة التي إذا قربت وجدت منها رائحة فلا تؤكل ولا يشرب لبنها‏.‏ ولا يعمل عليها وتلك حالها ويكره بيعها وهبتها وتلك حالها، وذكر البقالي أن عرقها نجس ا هـ‏.‏ وقدمناه في الذبائح ‏(‏قوله ولبن الرمكة‏)‏ قدم في الذبائح عن المصنف أنه لا بأس به على الأوجه لأنه ليس في شربه تقليل آلة الجهاد، وقدمنا هناك أن المعتمد أن الإمام رجع إلى قول صاحبيه بأن أكل لحمها مكروه تنزيها ‏(‏قوله وأجازه أبو يوسف للتداوي‏)‏ في الهندية وقالا‏:‏ لا بأس بأبوال الإبل ولحم الفرس للتداوي كذا في الجامع الصغير ا هـ‏.‏ ط‏.‏ قلت‏:‏ وفي الخانية أدخل مرارة في أصبعه للتداوي روي عن أبي حنيفة كراهته، وعن أبي يوسف عدمها، وهو على الاختلاف في شرب بول ما يؤكل لحمه، وبقول أبي يوسف أخذ أبو الليث ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله على الأظهر‏)‏ قال في شرح الوهبانية عن التجنيس‏:‏ وهو المختار على الظاهر، لأن الظاهر أن طهارتهم تحصل بهذه المدة‏.‏ وفي البزازية أن ذلك شرط في التي لا تأكل إلا الجيف؛ ولكنه جعل التقدير في الإبل بشهر، وفي البقر بعشرين، وفي الشاة بعشرة، وقال‏:‏ قال السرخسي‏:‏ الأصح عدم التقدير، وتحبس حتى تزول الرائحة المنتنة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله حلت‏)‏ وعن هذا قالوا‏:‏ لا بأس بأكل الدجاج لأنه يخلط ولا يتغير لحمه‏.‏ وروي «أنه عليه الصلاة والسلام كان يأكل الدجاج» وما روي أن الدجاجة تحبس ثلاثة أيام ثم تذبح فذلك على سبيل التنزه زيلعي ‏(‏قوله لأن لحمه لا يتغير إلخ‏)‏ كذا في الذخيرة، وهو موافق لما مر من أن المعتبر النتن، لكن ذكر في الخانية أن الحسن قال‏:‏ لا بأس بأكله، وأن ابن المبارك قال‏:‏ معناه إذا اعتلف أياما بعد ذلك كالجلالة، وفي شرح الوهبانية عن القنية راقما أنه يحل إذا ذبح بعد أيام وإلا لا‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

في أبي السعود‏:‏ الزروع المسقية بالنجاسات لا تحرم ولا تكره عند أكثر الفقهاء

‏(‏قوله حل أكله ويكره‏)‏ ظاهره أن الكراهة تحريمية، وعليه ينظر الفرق بينه و بين الجلالة التي تأكل النجاسة وغيرها والجدي

‏(‏قوله للرجل والمرأة‏)‏ قال في الخانية‏:‏ والنساء فيما سوى الحلي من الأكل والشرب والادهان من الذهب والفضة والعقود بمنزلة الرجال، ولا بأس لهن بلبس الديباج والحرير والفضة واللؤلؤ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لإطلاق الحديث‏)‏ هو ما روي عن حذيفة أنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ «لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة» رواه البخاري ومسلم وأحمد، وأحاديث أخر ساقها الزيلعي؛ ثم قال‏:‏ فإذا ثبت ذلك في الشرب والأكل فكذا في التطيب وغير لأنه مثله في الاستعمال ‏(‏قوله وما أشبه ذلك إلخ‏)‏ ومنه الخوان من الذهب والفضة والوضوء من طست أو إبريق منهما، والاستجمار بمجمرة منهما، والجلوس على كرسي منهما، والرجل والمرأة في ذلك سواء تتارخانية ‏(‏قوله ومرآة‏)‏ قال أبو حنيفة‏:‏ لا بأس بحلقة المرآة من الفضة إذا كانت المرآة حديدا‏.‏ وقال أبو يوسف لا خير فيه تتارخانية ‏(‏قوله يعني إلخ‏)‏ هذه العناية من صاحب الدرر ويأتي الكلام فيها‏.‏ وأما عبارة المجتبى وغيره فمن قوله لو نقل الطعام إلخ ‏(‏قوله مجتبى وغيره‏)‏ كالنهاية والكفاية، فقد نقلا عن شرح الجامع الصغير لصاحب الذخيرة ما نصه‏:‏ قيل صورة الادهان أن يأخذ آنية الذهب والفضة ويصب الدهن على الرأس، أما إذا أدخل يده فيها وأخذ الدهن ثم صبه على الرأس من اليد فلا يكره ا هـ‏.‏ زاد في التتارخانية وكذا أخذ الطعام من القصعة ووضعه على خبز وما أشبه ذلك ثم أكل لا بأس به ا هـ‏.‏ قال في الدرر‏:‏ واعترض عليه بأنه يقتضي أن لا يكره إذا أخذ الطعام من آنية الذهب والفضة بملعقة ثم أكله منها، وكذا لو أخذه بيده وأكله منها ينبغي أن لا يكره، ثم قيل‏:‏ ولكن ينبغي أن لا يفتى بهذه الرواية لئلا ينفتح باب استعمالها ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وهو ما حرره في الدرر‏)‏ حيث أجاب عن الاعتراض على ما في النهاية والكفاية بما أشار إليه الشارح من أن المحرم هو الاستعمال فيما صنعت له في متعارف الناس وأقره عليه في العزمية، وظاهر كلام الواني ونوح أفندي وغيرهما عدم تسليمه، وكذا قال الرملي‏:‏ إن نقل الطعام منها إلى موضع آخر استعمال لها ابتداء وأخذ الدهن باليد ثم صبه على الرأس استعمال متعارف ا هـ‏.‏ وأقول وبالله التوفيق‏:‏ إن ما ذكره في الدرر من إناطة الحرمة بالاستعمال فيما صنعت له عرفا فيه نظر فإنه يقتضي أنه لو شرب أو اغتسل بآنية الدهن أو الطعام أنه لا يحرم مع أن ذلك استعمال بلا شبهة داخل تحت إطلاق المتون، والأدلة الواردة في ذلك والذي يظهر لي في تقرير ما قدمناه عن النهاية وغيرها على وجه لا يرد عليه شيء مما مر أن يقال‏:‏ إن وضع الدهن أو الطعام مثلا في ذلك الإناء المحرر لا يجوز لأنه استعمال له قطعا ثم بعد وضعه إذا ترك فيه بلا انتفاع لزم إضاعة المال فلا بد من تناوله منه ضرورة، فإذا قصد المتناول نقله من ذلك الإناء إلى محل آخر لا على وجه الاستعمال، بل ليستعمله من ذلك المحل الآخر كما إذا نقل الدهن إلى كفه ثم دهن به رأسه أو نقل الطعام إلى الخبز أو إلى إناء آخر واستعمله منه لا يسمى مستعملا آنية الفضة أو الذهب لا شرعا ولا عرفا، بخلاف ما إذا تناول منه ابتداء على قصد الادهان أو الأكل، فإنه استعمال سواء تناوله بيده أو بملعقة ونحوها فإنه كأخذ الكحل بالميل، وسواء استعمله فيما صنع له عرفا أو لا‏.‏ وليس المراد بأخذ الدهن صبه في الكف، لأنه استعمال متعارف بل المراد تناوله باليد من فم المدهن، ليكون تناولا على قصد النقل، دون الاستعمال كما يفيده ما مر عن النهاية، فلا ينافي ما في التتارخانية عن العتابية حيث قال‏:‏ ويكره أن يدهن رأسه بمدهن فضة وكذا إن صبه على راحته ثم مسح رأسه أو لحيته ا هـ‏.‏ ومنه يظهر حكم الادهان من قمقم ماء الورد فإنه تارة يرش منه على الوجه ابتداء، وتارة بواسطة الصب في الكف، فكلاهما استعمال عرفا وشرعا خلافا لما يزعمه بعض الناس في زماننا من أنه لو صب في الكف لا يكون استعمالا اغترارا بظاهر كلام الشارح فقد أسمعناك التصريح عن التتارخانية، بخلافه هذا ما ظهر لفهمي القاصر والله تعالى أعلم‏.‏ وأفاد ط حرمة استعمال ظروف فناجين القهوة والساعات من الذهب والفضة وهو ظاهر وسنذكره عنه بعد ‏(‏قوله واستثنى القهستاني إلخ‏)‏ قال في الذخيرة‏:‏ قالوا هذا قولهما لأن استعمال الحرير في الحرب مكروه عنده فكذا الذهب، ثم إنهما فرقا بين الجوشن والبيضة من الذهب، وبين حلبة السيف منه بأن السهم يزلق على الذهب، وأما الحلية لا تنفع شيئا وإنما هي للزينة فتكره ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله البيضة‏)‏ هي طاسة الدرع التي تلبس على الرأس قال في المغرب‏:‏ البيضة بيضة النعامة، وكل طائر استعيرت لبيضة الحديد لما بينهما من الشبه الشكلي ا هـ‏.‏ وتسمى المغفر قال في المغرب‏:‏ المغفر ما يلبس تحت البيضة والبيضة أيضا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله والجوشن‏)‏ هو الدرع قاموس ‏(‏قوله والساعدان منهما‏)‏ أي من الذهب والفضة والأحسن والساعدين بالجر، وذكره في التتارخانية ولم يذكره القهستاني، ولعله لأنه داخل في الجوشن، لأن الظاهر أن المراد به ما يضعه القاتل على ساعديه منه ‏(‏قوله وهذا فيما يرجع للبدن‏)‏ يعني أن تحريم الذهب والفضة فيما يرجع استعماله إلى البدن‏:‏ أي فيما يستعمل به لبسا أو أكلا أو كتابة، ويحتمل أن المراد فيما يرجع نفعه إلى البدن، لكن لا يشمل استعمال القلم والدواة، والأحسن ما في القهستاني حيث قال‏:‏ وفي الاستعمال إشعار بأنه لا بأس باتخاذ الأواني منهما للتجمل ‏(‏قوله تجملا‏)‏ أي من غير استعمال أصلا ‏(‏قوله بل فعله السلف‏)‏ هذا لم يذكره في الخلاصة بل في التتارخانية عن المحيط ‏(‏قوله حتى أباح إلخ‏)‏ لما كان كلامه الآن في الاتخاذ بدون استعمال وذكر اتخاذ الديباج أراد أن يدفع ما قد يتوهم أنه لا يحل توسده والنوم عليه‏.‏ ‏(‏قوله كما يأتي‏)‏ أي في فصل اللبس ‏(‏قوله ويكره الأكل في نحاس أو صفر‏)‏ عزاه في الدر المنتقى إلى المفيد والشرعة والصفر مثل قفل وكسر الصاد لغة النحاس، وقيل أجوده مصباح وفي شرح الشرعة هو شيء مركب من المعدنيات كالنحاس والأشرب وغير ذلك ا هـ‏.‏ ثم قيد النحاس بالغير المطلي بالرصاص وهكذا قال بعض من كتب على هذا الكتاب‏:‏ أي قبل طليه بالقصدير والذهب لأنه يدخل الصدأ في الطعام فيورث ضررا عظيما وأما بعده فلا ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ والذي رأيته في الاختيار واتخاذها من الخزف أفضل إذ لا سرف فيه ولا مخيلة‏.‏ وفي الحديث‏:‏ «من اتخذ أواني بيته خزفا زارته الملائكة» ويجوز اتخاذها من نحاس أو رصاص ا هـ‏.‏ وفي الجوهرة‏:‏ وأما الآنية من غير الفضة والذهب فلا بأس بالأكل والشرب فيها، والانتفاع بها كالحديد والصفر والنحاس والرصاص والخشب والطين ا هـ‏.‏ فتنبه والخزف بالزاي محركة الجر وكل ما عمل من طين وشوي بالنار حتى يكون فخارا قاموس‏.‏ ‏(‏قوله ما ذكر‏)‏ أي من الأكل والشرب والادهان والتطيب ‏(‏قوله رصاص‏)‏ بالفتح كسحاب ولا يكسر وزجاج مثلث الزاي وبلور كتنور وسنور وسبطر جوهر معروف والعقيق كأمير خرز أحمر قاموس

‏(‏قوله مفضض‏)‏ وفي حكمه المذهب قهستاني ‏(‏قوله أي مزوق بفضة‏)‏ كذا في المنح وفسره الشمني بالمرصع بها ط ويقال لكل منقش ومزين مزوق قاموس ‏(‏قوله بفم‏)‏ فيضع فمه على الخشب وإن كان يضع يده على الفضة حال التناول ط ‏(‏قوله قيل ويد‏)‏ كذا عبر في الهداية والجوهرة والاختيار والتبيين وغيرها فأفاد ضعف ما في الدرر كما نبه عليه في الشرنبلالية ‏(‏قوله وجلوس سرج‏)‏ عطف على المجرور في قوله بفم لا على يد كما قد يتوهم قال في غرر الأفكار‏:‏ بأن يجتنب في المصحف ونحوه موضع الأخذ وفي السرج ونحوه موضع الجلوس وفي الركاب موضع الرجل وفي الإناء موضع الفم وقيل وموضع الأخذ أيضا ا هـ‏.‏ ونحوه في إيضاح الإصلاح، ويأتي قريبا أنه يجتنب في النصل والقبضة واللجام موضع اليد‏.‏ فالحاصل‏:‏ أن المراد الاتقاء بالعضو الذي يقصد الاستعمال به، ففي الشرب لما كان المقصود الاستعمال بالفم اعتبر الاتقاء به دون اليد ولذا لو حمل الركاب بيده من موضع الفضة لا يحرم، فليس المدار على الفم إذ لا معنى لقولنا متقيا في السرج والكرسي موضع الفم فافهم‏.‏ ولا يخفى أن الكلام في المفضض وإلا فالذي كله فضة يحرم استعماله بأي وجه كان كما قدمناه ولو بلامس بالجسد، ولذا حرم إيقاد العود في مجمرة الفضة كما صرح به في الخلاصة، ومثله بالأولى ظرف فنجان القهوة والساعة وقدرة التنباك التي يوضع فيها الماء وإن كان لا يمسها بيده ولا بفمه، لأنه استعمال فيما صنعت له بخلاف القصب الذي يلف على طرف قصبة التتن فإنه تزويق فهو من المفضض فيعتبر اتقاؤه باليد والفم ولا يشبه ذلك ما يكون كله فضة كما هو صريح كلامهم وهو ظاهر وقال ط‏:‏ وقد تجرأ جماعة على الشرع فقالوا بإباحة استعمال نحو الظرف زاعمين أنه اتقاء بفمه ومس اليد لا بأس به، وهذا جهل عظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن الخوان وإناء الطعام لا يمسهما بيده وقد حرما ومن الجرأة قول أبي السعود عن شيخه‏:‏ واعلم أنه ينبغي على ما هو الراجح من عدم اشتراط اتقاء موضع الأخذ حل شرب القهوة من الفنجان في تبس الفضة ا هـ‏.‏ فإن المقام مختلف فليتدبر حق التدبر ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وكذا رده السائحاني بقوله فرق كبير بين الإناء الفضة المستعمل لدفع حرارة الفنجان وبين الفضة المرصعة للتزويق ا هـ‏.‏ والمراد بالتبس ظرف الفنجان ولم أره فيما عندي من كتب ثم قال ط‏:‏ وانظر ما لو كان الإناء لا يوضع على الفم بأن لا يستعمل إلا باليد كالمحبرة المضببة، هل يتقى وضع اليد عليها، وحرره ومقتضى ما ذكروه في السيف من اشتراط اتقاء محل اليد من الذهب والفضة أن لا يضع يده على ضبة القصبة في المحبرة ونحوه ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ هو نظير ما قدمناه في قصبة التتن ‏(‏قوله وكذا الإناء المضبب‏)‏ أي الحكم فيه كالحكم في المفضض يقال باب مضبب أي مشدود بالضباب وهي الحديدة العريضة التي يضبب بها وضبب أسنانه بالفضة إذا شدها بها مغرب ‏(‏قوله وحلية مرآة‏)‏ الذي في المنح والهداية وغيرهما حلقة بالقاف قال في الكفاية والمراد بها التي تكون حوالي المرآة لا ما تأخذ المرأة بيدها فإنه مكروه اتفاقا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولم يضع يده‏)‏ لا يشمل الركاب فالأولى أن يزيد ورجله ‏(‏قوله وكذا كتابة الثوب إلخ‏)‏ سيأتي أن المنسوج بذهب يحل إن كان مقدار أربع أصابع تأمل ‏(‏قوله وعن الثاني‏)‏ ظاهره أن عنه رواية أخرى وبه صرح في البزازية، وذكر أن الكراهة قول محمد وهو عكس ما رأيته في عدة مواضع وعبارة المنح كالهداية وغيرها‏.‏ قال أبو يوسف‏:‏ يكره ذلك وقول محمد يروى مع أبي حنيفة ويروى مع أبي يوسف ‏(‏قوله يكره الكل‏)‏ أي الكل ما مر من المفضض والمضبب في جميع المسائل المارة لأن الأخبار مطلقة ولأن من استعمل إناء كان مستعملا لكل جزء منه، ولأبي حنيفة ما روي عن أنس رضي الله تعالى عنه‏:‏ «أن قدح النبي صلى الله تعالى عليه وسلم انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة» رواه البخاري ولأحمد عن عاصم الأحول قال‏:‏ «رأيت عند أنس رضي الله عنه قدح النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فيه ضبة فضة» وتمامه في التبيين والشعب كالمنع الصدع قاموس ‏(‏قوله والخلاف في المفضض‏)‏ أراد به ما فيه قطعة فضة فيشمل المضبب والأظهر عبارة العيني وغيره وهي وهذا الاختلاف فيما يخلص وأما التمويه الذي لا يخلص فلا بأس به بالإجماع لأنه مستهلك فلا عبرة ببقائه لونا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله أو قال اشتريته من مجوسي فيحرم‏)‏ ظاهره أن الحرمة تثبت بمجرد ذلك، وإن لم يقل ذبيحة مجوسي وعبارة الجامع الصغير، وإن كان غير ذلك لم يسعه أن يأكل منه قال في الهداية معناه إذا قال كان ذبيحة غير الكتابي والمسلم ا هـ‏.‏ تأمل‏.‏

وفي التتارخانية قبيل الأضحية عن جامع الجوامع لأبي يوسف من اشترى لحما فعلم أنه مجوسي وأراد الرد فقال ذبحه مسلم يكره أكله ا هـ‏.‏ ومفاده أن مجرد كون البائع مجوسيا يثبت الحرمة، فإنه بعد إخباره بالحل بقوله ذبحه مسلم كره أكله فكيف بدونه تأمل ‏(‏قوله ولا يرده بقول الواحد‏)‏ قال في الخانية‏:‏ مسلم شرى لحما وقبضه فأخبره مسلم ثقة أنه ذبيحة مجوسي، لا ينبغي له أن يأكل ولا يطعم غيره، لأنه أخبره بحرمة العين، وهي حق الله تعالى فتثبت بخبر الواحد وليس من ضرورتها بطلان الملك فتثبت مع بقائه وحينئذ لا يمكنه الرد على بائعه، ولا أن يحبس الثمن عنه إذ لم يبطل البيع ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله وأصله إلخ‏)‏ أي أصل ما ذكر من ثبوت الحل والحرمة، وهو يشير به إلى سؤال، وجوابه مذكورين في النهاية وغيرها‏.‏ حاصل السؤال‏:‏ أن هذه المسألة مناقضة لقوله الآتي‏:‏ وشرط العدالة في الديانات، فإن من الديانات الحل والحرمة كما إذا أخبر بأن هذا حلال أو حرام، وقد شرط فيها العدل والمراد به المسلم المرضي، وهنا قوله شريته من كتابي إلخ معناه أنه حلال أو حرام، وقد قبل فيه خبر الكافر، ولو مجوسيا، والجواب أن قوله شريته من المعاملات، وثبوت الحل والحرمة فيه ضمني فلما قبل قوله في الشراء ثبت ما في ضمنه، بخلاف ما يأتي وكم من شيء يثبت ضمنا لا قصدا كوقف المنقول وبيع الشرب وبه يتضح الجواب عن الكنز ‏(‏قوله وعليه‏)‏ أي على هذا الأصل وقد سبقه إلى هذا الجواب العيني، وصاحب الدرر وتبعهما المصنف، ويدل عليه تقرير صاحب الكنز في كتابه الكافي ‏(‏قوله لا مطلق الحل والحرمة‏)‏ أي الشامل للقصدي كهذا حلال أو حرام ‏(‏قوله سواء أخبر بإهداء المولى غيره أو نفسه‏)‏ الأولى التعبير بالولي مشددا بدون ميم الضمير في غيره أو نفسه للمخبر المفهوم من أخبر قال في المنح بأن قال عبد أو جارية أو صبي هذه هدية أهداها إليك سيدي أو أبي وفي الجامع الصغير إذا قالت جارية لرجل بعثني مولاي إليك هدية وسعه أن يأخذها إذ لا فرق بين ما إذا أخبرت بإهداء المولى غيرها أو نفسها، وإنما يقبل قول هؤلاء فيها لأن الهدية تبعث عادة على أيدي هؤلاء ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أو بدخول الدار مثلا‏)‏ قال في المنح‏:‏ وأما الإذن بدخول الدار إذا أذن ذلك لعبده أو ابنه الصغير، فالقياس كذلك إلا أنه جرت العادة بين الناس أنهم لا يمنعون عن ذلك فجوز لأجل ذلك ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله وقيده في السراج إلخ‏)‏ ثم قال كما في المنح‏:‏ وإن لم يغلب على رأيه ذلك لم يسعه قبوله منهم، لأن الأمر مشتبه عليه ا هـ‏.‏ قال الأتقاني‏:‏ لأن الأصل أنه محجور عليه والإذن طارئ، فلا يجوز إثباته بالشك وإنما قبلنا قول العبد إذا كان ثقة لأنه من أخبار المعاملات، وهو أضعف من أخبار الديانات فإذا قبل في أخبار الدين ففي المعاملات أولى ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولو نحو زبيب وحلوى‏)‏ أي مما يأكله الصبيان عادة خانية ‏(‏قوله؛ لأن الظاهر كذبه‏)‏ وقد عثر على فلوس أمه فأخذها ليشتري بها حاجة نفسه منح عن المبسوط، وهذا لا يظهر في كل الصبيان لجريان عادة أغنياء الناس بالتوسعة على صبيانهم، وإعطائهم ما يشترون به شهوة أنفسهم وكذلك غالب الفقراء ا هـ‏.‏ ط‏.‏ أقول‏:‏ قد علمت أن المدار على غلبة الظن فلينظر المبتلى في القرائن ‏(‏قوله لكثرة وقوعها‏)‏ فاشتراط العدالة فيها يؤدي إلى الحرج وقلما يجد الإنسان المستجمع لشرائط العدالة ليعامله أو يستخدمه أو يبعثه إلى وكلائه‏.‏ ثم اعلم أن المعاملات على ما في كتب الأصول ثلاثة أنواع‏.‏ الأول‏:‏ ما لا إلزام فيه كالوكالات والمضاربات والإذن بالتجارة، والثاني‏:‏ ما فيه إلزام محض كالحقوق التي تجري فيها الخصومات‏.‏ والثالث‏:‏ ما فيه إلزام من وجه دون وجه كعزل الوكيل وحجر المأذون، فإن فيه إلزام العهدة على الوكيل وفساد العقد بعد الحجر وفيه عدم إلزام، لأن الموكل أو المولى يتصرف في خالص حقه، فصار كالإذن‏.‏ ففي الأول يعتبر التمييز فقط‏.‏ وفي الثاني شروط الشهادة وفي الثالث إما العدد وإما العدالة عنده خلافا لهما فيتعين أن يراد هنا النوع الأول كما نبه عليه في العزمية

‏(‏قوله في الديانات‏)‏ أي المحضة درر احترازا عما إذا تضمنت زوال ملك كما إذا أخبر عدل أن الزوجين ارتضعا من امرأة واحدة لا تثبت الحرمة، لأنه يتضمن زوال ملك المتعة فيشترط العدد والعدالة جميعا إتقاني وهذا بخلاف الإخبار، بأن ما اشتراه ذبيحة مجوسي، لأن ثبوت الحرمة لا يتضمن زوال الملك كما قدمناه فتثبت لجواز اجتماعها مع الملك ‏(‏قوله هي‏)‏ أي الديانات ‏(‏قوله إن أخبر بها مسلم عدل‏)‏ لأن الفاسق متهم والكافر لا يلتزم الحكم فليس له أن يلزم المسلم هداية ‏(‏قوله منزجر إلخ‏)‏ بيان للعدل ‏(‏قوله عبدا أو أمة‏)‏ تعميم له وفي الخلاصة محدودا في قذف أو لا ‏(‏قوله ويتحرى في خبر الفاسق‏)‏ أما مع العدالة فإنه يسقط احتمال الكذب فلا معنى للاحتياط بالإراقة كما في الهداية ‏(‏قوله وخبر المستور‏)‏ هذا ظاهر الرواية وهو الأصح وعنه أنه كالعدل نهاية ‏(‏قوله ثم يعمل بغالب ظنه‏)‏ فإن غلب على ظنه صدقه تيمم ولم يتوضأ به أو كذبه توضأ به ولم يلتفت إلى قوله هذا هو جواب الحكم‏.‏ أما في السعة والاحتياط، فالأفضل أن يتيمم بعد الوضوء تتارخانية ‏(‏قوله وتوضأ‏)‏ عطف على أراق ‏(‏قوله أحوط‏)‏ لأن التحري مجرد ظن يحتمل الخطأ كما في الهداية ‏(‏قوله وفي الجوهرة إلخ‏)‏ كلام الجوهرة فيما إذا غلب على رأيه كذبه فلم يزد على ما في المتن شيئا فافهم‏.‏ ‏(‏قوله وأما الكافر‏)‏ ومثله الصبي والمعتوه كما في التتارخانية ‏(‏قوله فإراقته أحب‏)‏ فهو كالفاسق والمستور من هذا الوجه قال في الخانية‏:‏ ولو توضأ به وصلى جازت صلاته ‏(‏قوله قلت لكن إلخ‏)‏ هذا توفيق منه بين العبارات فإن مقتضى ما قدمه عدم الفرق بينه وبين الفاسق كما قلنا، لكن وقع في التتارخانية فإن أخبره ذمي أو صبي وغلب على ظنه صدقه لا يجب عليه التيمم، بل يستحب فإن تيمم لا يجزيه ما لم يرق الماء أولا بخلاف ما لو أخبره مستور فتيمم قبل الإراقة، فإنه يجزيه ورأيت بخط الشارح في هامش التتارخانية عند قوله بل يستحب الظاهر أنه إنما يتيمم بعد الوضوء، حتى يفقد الماء بدليل ما بعده فتأمل‏.‏ وحينئذ، فقد ساوى الفاسق من هذه الجهة وإن خالفه من الجهة التي ذكرها تأمل وراجع فإن عبارة الخانية والخلاصة ندب الإراقة من غير تفصيل إلا أن يحمل على هذا فليحرر ا هـ‏.‏ ما رأيته بخطه‏.‏ وأنت تراه قد جزم في شرحه بما كان مترددا فيه ثم رأيت في الذخيرة التصريح في الفرق بين الذمي والفاسق من وجهين أحدهما‏:‏ هذا والثاني‏:‏ أنه في الفاسق يجب التحري وفي الذمي يستحب ‏(‏قوله بخلاف خبر الفاسق‏)‏ أي إذا غلب على رأيه صدقه في النجاسة فإنه يتيمم ولا يتوضأ به ‏(‏قوله لصلاحيته إلخ‏)‏ قال في الخانية لأن الفاسق من أهل الشهادة على المسلم وأما الكافر فلا ا هـ‏.‏ أي فإن الفاسق إذا قبل القاضي شهادته على المسلم نفذ قضاؤه وإن أثم‏.‏ ‏(‏قوله ولو أخبر عدل بطهارته إلخ‏)‏ أقول‏:‏ ذكر شراح الهداية عن كفاية المنتهى لصاحب الهداية‏:‏ رجل دخل على قوم يأكلون ويشربون فدعوه إليهم فقال له مسلم عدل‏:‏ اللحم ذبيحة مجوسي والشراب خالطه خمر فقالوا لا بل هو حلال، ينظر في حالهم فإن عدولا أخذ بقولهم وإن متهمين لا يتناول شيئا، ولو فيهم ثقتان أخذ بقولهما أو واحد عمل بأكبر رأيه فإن لا رأي واستوى الحالان عنده فلا بأس أن يأكل ويشرب ويتوضأ، فإن أخبره بأحد الأمرين مملوكان ثقتان أخذ بقولهما لاستواء الحر والعبد في الخبر الديني، وترجح المثنى ولو أخبره بأحدهما عبد ثقة وبالآخر حر تحرى للمعارضة، وإن أخبره بأحدهما حران ثقتان وبالآخر مملوكان ثقتان أخذ بقول الحرين، لأن قولهما حجة في الديانة والحكم جميعا فترجحا وإن أخبره بأحدهما ثلاثة عبيد ثقات وبالآخر مملوكان ثقتان أخذ بقول العبيد، وكذا إذا أخبر بأحدهما رجل وامرأتان وبالآخر رجلان أخذ بالأول‏.‏ فالحاصل في جنس هذه المسائل‏:‏ أن خبر العبد والحر في الأمر الديني على السواء بعد الاستواء في العدالة فيرجح أولا بالعدد ثم بكونه حجة في الأحكام بالجملة ثم بالتحري ا هـ‏.‏ ومثله في الذخيرة وغيرها فقد اعتبروا التحري بعد تحقق المعارضة بالتساوي بين الخبرين بلا فرق بين الذبيحة والماء فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله وتعتبر الغلبة إلخ‏)‏ أقول‏:‏ حاصل ما ذكره في الذخيرة البرهانية أنه في الأواني إن غلب الطاهر تحرى في حالتي الاضطرار والاختيار للشرب والوضوء، وإلا بأن غلب النجس أو تساويا ففي الاختيار‏:‏ لا يتحرى أصلا وفي الاضطرار‏:‏ يتحرى للشرب لا الوضوء وفي الذكية والميتة يتحرى في الاضطرار مطلقا، وفي الاختيار وإن غلبت الميتة أو تساويا لا يتحرى، وكذا في الثياب يتحرى في الاضطرار مطلقا وفي الاختيار إن غلب الطاهر وإلا لا ا هـ‏.‏ وحاصله‏:‏ أنه إن غلب الطاهر تحرى في الحالتين في الكل اعتبارا للغالب، وإلا ففي حالة الاختيار لا يتحرى في الكل وفي الاضطرار يتحرى في الكل إلا في الأواني للوضوء إذ له خلف وهو التيمم، بخلاف ستر العورة والأكل والشرب إذ لا خلف له‏.‏ وسيأتي مثله في مسائل شتى آخر الكتاب، وبه يظهر ما في كلامه من الإيجاز البالغ حد الإلغاز، فلو قال فإن الأغلب طاهرا تحرى مطلقا وإلا فلا إلا حالة الضرورة لغير وضوء لكان أخصر وأظهر فتدبر‏.‏ نعم كلامه هنا موافق لما قدمه قبيل كتاب الصلاة تبعا لنور الإيضاح‏.‏

‏(‏قوله دعي إلى وليمة‏)‏ وهي طعام العرس وقيل الوليمة اسم لكل طعام‏.‏ وفي الهندية عن التمرتاشي‏:‏ اختلف في إجابة الدعوى قال بعضهم‏:‏ واجبة لا يسع تركها وقال العامة‏:‏ هي سنة، والأفضل أن يجيب إذا كانت وليمة وإلا فهو مخير والإجابة أفضل، لأن فيها إدخال السرور في قلب المؤمن وإذا أجاب فعل ما عليه أكل أو لا، والأفضل أن يأكل لو غير صائم وفي البناية إجابة الدعوة سنة وليمة أو غيرها، وأما دعوة يقصد بها التطاول أو إنشاء الحمد أو ما أشبهه فلا ينبغي إجابتها لا سيما أهل العلم فقد قيل ما وضع أحد يده في قصعة غيره إلا ذل له ا هـ‏.‏ ط ملخصا‏.‏ وفي الاختيار‏:‏ وليمة العرس سنة قديمة إن لم يجبها أثم لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله، فإن كان صائما أجاب ودعا، وإن لم يكن صائما أكل ودعا، وإن لم يأكل ولم يجب أثم وجفا» لأنه استهزاء بالمضيف وقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ «لو دعيت إلى كراع لأجبت» ا هـ‏.‏ ومقتضاه أنها سنة مؤكدة، بخلاف غيرها وصرح شراح الهداية بأنها قريبة من الواجب‏.‏ وفي التتارخانية عن الينابيع‏:‏ لو دعي إلى دعوة فالواجب الإجابة إن لم يكن هناك معصية ولا بدعة والامتناع أسلم في زماننا إلا إذا علم يقينا أن لا بدعة ولا معصية ا هـ‏.‏ والظاهر حمله على غير الوليمة لما مر ويأتي تأمل ‏(‏قوله وثمة لعب‏)‏ بكسر العين وسكونها والغناء بالكسر ممدودا السماع ومقصورا اليسار ‏(‏قوله لا ينبغي أن يقعد‏)‏ أي يجب عليه قال في الاختيار لأن استماع اللهو حرام والإجابة سنة والامتناع عن الحرام أولى ا هـ‏.‏ وكذا إذا كان على المائدة قوم يغتابون لا يقعد فالغيبة أشد من اللهو واللعب تتارخانية ‏(‏قوله ولو على المائدة إلخ‏)‏ كان عليه أن يذكره قبيل قول المصنف الآتي‏:‏ وإن علم كما فعل صاحب الهداية، فإن قول المصنف فإن قدر إلخ فيما لو كان المنكر في المنزل لا على المائدة ففي كلامه إيهام لا يخفى ‏(‏قوله بعد الذكرى‏)‏ أي تذكر النهي ط‏.‏ ‏(‏قوله فعل‏)‏ أي فعل المنع وجوبا إزالة للمنكر ‏(‏قوله صبر‏)‏ أي مع الإنكار بقلبه قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» ا هـ‏.‏ أي أضعف أحواله في ذاته‏:‏ أي إنما يكون ذلك إذا اشتد ضعف الإيمان، فلا يجد الناهي أعوانا على إزالة المنكر ا هـ‏.‏ ط وهذا لأن إجابة الدعوة سنة فلا يتركها لما اقترن به من البدعة من غيره كصلاة الجنازة واجبة الإقامة وإن حضرتها نياحة هداية، وقاسها على الواجب لأنها قريبة منه لورود الوعيد بتركها كفاية ‏(‏قوله والمحكي عن الإمام‏)‏ أي من قوله ابتليت بهذا مرة فصبرت هداية‏.‏ ‏(‏قوله وإن علم أولا‏)‏ أفاد أن ما مر فيما إذا لم يعلم قبل حضوره ‏(‏قوله لا يحضر أصلا‏)‏ إلا إذا علم أنهم يتركون ذلك احتراما له فعليه أن يذهب إتقاني ‏(‏قوله ابن كمال‏)‏ لم أره فيه نعم ذكره في الهداية قال ط وفيه نظر والأوضح ما في التبيين حيث قال‏:‏ لأنه لا يلزمه إجابة الدعوة إذا كان هناك منكر ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكنه لا يفيد وجه الفرق بين ما قبل الحضور وما بعده، وساق بعد هذا في التبيين ما رواه ابن ماجه «أن عليا رضي الله عنه قال‏:‏ صنعت طعاما فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع» ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ مفاد الحديث أنه يرجع ولو بعد الحضور وأنه لا تلزم الإجابة مع المنكر أصلا تأمل‏.‏ ‏(‏قوله ودلت المسألة إلخ‏)‏ لأن محمدا أطلق اسم اللعب والغناء فاللعب وهو اللهو حرام بالنص قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ «لهو المؤمن باطل إلا في ثلاث‏:‏ تأديبه فرسه» وفي رواية‏:‏ «ملاعبته بفرسه ورميه عن قوسه وملاعبته مع أهله» كفاية وكذا قول الإمام ابتليت دليل على أنه حرام إتقاني، وفيه كلام لابن الكمال فيه فراجعه متأملا ‏(‏قوله ويدخل عليهم إلخ‏)‏ لأنهم أسقطوا حرمتهم بفعلهم المنكر فجاز هتكها كما للشهود أن ينظروا إلى عورة الزاني حيث هتك حرمة نفسه وتمامه في المنح ‏(‏قوله قال ابن مسعود إلخ‏)‏ رواه في السنن مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ‏:‏ ‏{‏إن الغناء ينبت النفاق في القلب» كما في غاية البيان وقيل إن تغنى ليستفيد نظم القوافي ويصير فصيح اللسان لا بأس به، وقيل‏:‏ إن تغنى وحده لنفسه لدفع الوحشة لا بأس به وبه أخذ السرخسي وذكر شيخ الإسلام أن كل ذلك مكروه عند علمائنا‏.‏ واحتج بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن الناس من يشتري لهو الحديث‏}‏ الآية جاء في التفسير‏:‏ أن المراد الغناء وحمل ما وقع من الصحابة على إنشاء الشعر المباح الذي فيه الحكم والمواعظ، فإن لفظ الغناء كما يطلق على المعروف يطلق على غيره كما في الحديث‏:‏ «من لم يتغن بالقرآن فليس منا» وتمامه في النهاية وغيرها‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

عرف القهستاني الغناء بأنه ترديد الصوت بالألحان في الشعر مع انضمام التصفيق المناسب لها قال فإن فقد قيد من هذه الثلاثة لم يتحقق الغناء ا هـ‏.‏ قال في الدر المنتقى‏:‏ وقد تعقب بأن تعريفه هكذا لم يعرف في كتبنا فتدبر‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وفي شهادات فتح القدير بعد كلام عرفنا من هذا أن التغني المحرم ما كان في اللفظ ما لا يحل كصفة الذكور والمرأة المعينة الحية ووصف الخمر المهيج إليها والحانات والهجاء لمسلم أو ذمي إذا أراد المتكلم هجاءه لا إذا أراد إنشاده للاستشهاد به أو ليعلم فصاحته وبلاغته، وكان فيه وصف امرأة ليست كذلك أو الزهريات المتضمنة وصف الرياحين والأزهار والمياه فلا وجه لمنعه على هذا، نعم إذا قيل ذلك على الملاهي امتنع وإن كان مواعظ وحكما للآلات نفسها لا لذلك التغني ا هـ‏.‏ ملخصا وتمامه فيه فراجعه، وفي الملتقى وعن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه كره رفع الصوت عند قراءة القرآن والجنازة والزحف والتذكير، فما ظنك به عند الغناء الذي يسمونه وجدا ومحبة فإنه مكروه لا أصل له في الدين‏.‏ قال الشارح‏:‏ زاد في الجوهرة‏:‏ وما يفعله متصوفة زماننا حرام لا يجوز القصد والجلوس إليه ومن قبلهم لم يفعل كذلك، وما نقل أنه عليه الصلاة والسلام سمع الشعر لم يدل على إباحة الغناء‏.‏ ويجوز حمله على الشعر المباح المشتمل على الحكمة والوعظ، وحديث تواجده عليه الصلاة والسلام لم يصح، وكان النصرآباذي يسمع فعوتب فقال‏:‏ إنه خير من الغيبة فقيل له هيهات بل زلة السماع شر من كذا وكذا سنة يغتاب الناس، وقال السري‏:‏ شرط الواجد في غيبته أن يبلغ إلى حد لو ضرب وجهه بالسيف لا يشعر فيه بوجع ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفي التتارخانية عن العيون إن كان السماع سماع القرآن والموعظة يجوز، وإن كان سماع غناء فهو حرام بإجماع العلماء ومن أباحه من الصوفية، فلمن تخلى عن اللهو، وتحلى بالتقوى، واحتاج إلى ذلك احتياج المريض إلى الدواء‏.‏ وله شرائط ستة‏:‏ أن لا يكون فيهم أمرد، وأن تكون جماعتهم من جنسهم، وأن تكون نية القول الإخلاص لا أخذ الأجر والطعام، وأن لا يجتمعوا لأجل طعام أو فتوح، وأن لا يقوموا إلا مغلوبين وأن لا يظهروا وجدا إلا صادقين‏.‏ والحاصل‏:‏ أنه لا رخصة في السماع في زماننا لأن الجنيد رحمه الله تعالى تاب عن السماع في زمانه ا هـ‏.‏ وانظر ما في الفتاوى الخيرية ‏(‏قوله ينبت النفاق‏)‏ أي العملي ‏(‏قوله كضرب قصب‏)‏ الذي رأيته في البزازية قضيب بالضاد المعجمة والمثناة بعدها ‏(‏قوله فسق‏)‏ أي خروج عن الطاعة ولا يخفى أن في الجلوس عليها استماعا لها والاستماع معصية فهما معصيتان ‏(‏قوله فصرف الجوارح إلخ‏)‏ ساقه تعليلا لبيان صحة إطلاق الكفر على كفران النعمة ط ‏(‏قوله فالواجب‏)‏ تفريع على قوله استماع الملاهي معصية ط ‏(‏قوله أدخل أصبعه في أذنه‏)‏ الذي رأيته في البزازية والمنح بالتثنية ‏(‏قوله تكره‏)‏ أي تكره قراءتها فكيف التغني بها‏.‏ قال في التتارخانية‏:‏ قراءة الأشعار إن لم يكن فيها ذكر الفسق والغلام ونحوه لا تكره‏.‏ وفي الظهيرية‏:‏ قيل معنى الكراهة في الشعر أن يشغل الإنسان عن الذكر والقراءة وإلا فلا بأس به ا هـ‏.‏ وقال في تبيين المحارم‏:‏ واعلم أن ما كان حراما من الشعر ما فيه فحش أو هجو مسلم أو كذب على الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو على الصحابة أو تزكية النفس أو الكذب أو التفاخر المذموم، أو القدح في الأنساب، وكذا ما فيه وصف أمرد أو امرأة بعينها إذا كانا حيين، فإنه لا يجوز وصف امرأة معينة حية ولا وصف أمرد معين حي حسن الوجه بين يدي الرجال ولا في نفسه، وأما وصف الميتة أو غير المعينة فلا بأس وكذا الحكم في الأمرد ولا وصف الخمر المهيج إليها والديريات والحانات والهجاء ولو لذمي كذا في ابن الهمام والزيلعي‏.‏ وأما وصف الخدود والأصداغ وحسن القد والقامة وسائر أوصاف النساء والمرد قال بعضهم‏:‏ فيه نظر، وقال في المعارف‏:‏ لا يليق بأهل الديانات، وينبغي أن لا يجوز إنشاده عند من غلب عليه الهوى والشهوة لأنه يهيجه على إجالة فكره فيمن لا يحل، و ما كان سببا لمحظور فهو محظور ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وقدمنا أن إنشاده للاستشهاد لا يضر ومثله فيما يظهر إنشاده أو عمله لتشبيهات بليغة واستعارات بديعة ‏(‏قوله أو لتغليظ الذنب‏)‏ عطف على قوله أي بالنعمة يعني إنما أطلق عليه لفظ الكفر تغليظا ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله ومن ذلك‏)‏ أي من الملاهي ط ‏(‏قوله ثلاث نفخات الصور‏)‏ هي طريقة لبعضهم، والمشهور أنهما نفختان نفخة الصعق ونفخة البعث ط ‏(‏قوله لمناسبة بينهما‏)‏ أي بين النفخات والضرب في الثلاثة الأوقات ‏(‏قوله فبعد العصر إلخ‏)‏ بيان للمناسبة فإن الناس بعد العصر يفزعون من أسواقهم إلى منازلهم، وبعد العشاء وقت نومهم وهو الموت الأصغر، وبعد نصف الليل يخرجون من بيوتهم التي هي كقبورهم إلى أعمالهم‏.‏ أقول‏:‏ وهذا يفيد أن آلة اللهو ليست محرمة لعينها، بل لقصد اللهو منها إما من سامعها أو من المشتغل بها وبه تشعر الإضافة ألا ترى أن ضرب تلك الآلة بعينها حل تارة وحرم أخرى باختلاف النية بسماعها و الأمور بمقاصدها وفيه دليل لساداتنا الصوفية الذين يقصدون أمورا هم أعلم بها، فلا يبادر المعترض بالإنكار كي لا يحرم بركتهم، فإنهم السادة الأخيار أمدنا الله تعالى بإمداداتهم، وأعاد علينا من صالح دعواتهم وبركاتهم ‏(‏قوله وتمامه فيما علقته على الملتقى‏)‏ حيث قال بعد عزوه ما مر إلى الملاعب للإمام البزدوي وينبغي أن يكون بوق الحمام يجوز كضرب النوبة‏.‏ وعن الحسن لا بأس بالدف في العرس ليشتهر‏.‏ وفي السراجية هذا إذا لم يكن له جلاجل ولم يضرب على هيئة التطرب ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وينبغي أن يكون طبل المسحر في رمضان لإيقاظ النائمين للسحور كبوق الحمام تأمل‏.‏