فصل: باب الاستبراء وغيره

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب الاستبراء وغيره

يقال استبرأ الجارية أي طلب براءة رحمها من الحمل وهو واجب لو أنكره كفر عند بعضهم للإجماع على وجوبه كما لو أنكر المعروفين من الصحابة وعامة العلماء أنه لا يكفر لثبوته بخبر الواحد كما في النظم، وسببه‏:‏ حدوث الملك وعلته‏:‏ إرادة الوطء وشرطه‏:‏ حقيقة الشغل كما في الحامل أو توهمه كما في الحائل وحكمه‏:‏ تعرف براءة الرحم وحكمته‏:‏ صيانة المياه المحترمة، لكنها لا تصلح موجبة للحكم لتأخرها عنه بخلاف السبب لسبقه فأدير الحكم عليه وإن علم عدم الوطء في بعض الصور الآتية ا هـ‏.‏ در منتقى والأصل فيه «قوله عليه الصلاة والسلام في سبايا أوطاس ألا لا توطأ الحبالى حتى يضعن حملهن ولا الحيالى حتى يستبرأن بحيضة» أخرجه أبو داود والحاكم وقال حسن صحيح وهو عام، إذ لا تخلو السبايا من البكر ونحوها فلم يختص بالحكمة لعدم اطرادها والحبالى جمع حبلى والحيالى جمع حائل من لا حمل لها وقوله ‏"‏ حتى يستبرأن ‏"‏ بالهمز لا غير وتركها خطأ كما في المغرب، ثم الاستبراء منه ما هو مستحب كما سنذكره ‏(‏قوله وغيره‏)‏ من التقبيل والمعانقة والمصافحة‏.‏ ‏(‏قوله من ملك استمتاع أمة‏)‏ أي الانتفاع بها وطئا وغيره أي ملكا حادثا احترازا عن عود الآبقة ونحوه مما يأتي، والمراد ملك اليمين فلو تزوج أمة وكان المولى يطؤها، ففي الذخيرة ليس على الزوج أن يستبرئها عند الإمام، وقال أبو يوسف‏:‏ يستبرئها استحسانا كي لا يؤدي إلى اجتماع رجلين على امرأة في طهر واحد، ولأبي حنيفة أن عقد النكاح متى صح تضمن العلم ببراءة الرحم شرعا وهو المقصود من الاستبراء ا هـ‏.‏ بقي الكلام في مولاها قال في الذخيرة‏:‏ إذا أراد بيعها وكان يطؤها يستحب أن يستبرئها ثم يبيعها، وإذا أراد أن يزوجها، وكان يطؤها بعضهم قالوا يستحب أن يستبرئها والصحيح أنه هنا يجب وإليه مال السرخسي، والفرق أنه في البيع يجب على المشتري، فيحصل المقصود فلا معنى لإيجابه على البائع، وفي المنتقى عن أبي حنيفة أكره أن يبيع من كان يطؤها حتى يستبرئها ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ونحوها‏)‏ كهبة ورجوع عنها وصدقة ووصية، وبدل خلع أو صلح أو كتابة أو عتق أو إجارة ‏(‏قوله ولو بكرا إلخ‏)‏ لما مر من إدارة الحكم على السبب، وهو حدوث الملك لسبقه قال القهستاني، وعن أبي يوسف إذا تيقن بفراغ رحمها من ماء البائع لم يستبرئ ‏(‏قوله لو مستغرقا بالدين‏)‏ أي استغرق الدين رقبته وما في يده وهذا عند أبي حنيفة لأن المولى حينئذ لا يملك مكاسبه، وعندهما يملك إتقاني والأول استحسان والثاني قياس خانية ‏(‏قوله وإلا‏)‏ أي وإن لم يكن مستغرقا أو لا دين عليه أصلا لا استبراء، وهذا إذا حاضت عند العبد، وأما لو باعها لمولاه قبل حيضها كان على المولى استبراؤها، وإن لم يكن المأذون مديونا كما في الشرنبلالية عن الخانية وأشار إليه في متن الدرر‏.‏ ‏(‏قوله أو من محرمها غير رحمها‏)‏ أي محرم الأمة كما لو كانت أم البائع أو أخته أو بنته رضاعا أو زوجة أصله أو فرعه أو وطئ أمها أو بنتها ‏(‏قوله كي لا تعتق عليه‏)‏ أي على البائع المحرم لو كان رحما فهو تعليل لتقييده بقوله غير رحمها ‏(‏قوله وكذا دواعيه‏)‏ كالقبلة والمعانقة والنظر إلى فرجها بشهوة أو غيرها، وعن محمد لا تحرم الدواعي في المسبية قهستاني ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ قيد للدواعي ولذا فصله بكذا احترازا عن قول بعضهم لا تحرم الدواعي لأن حرمة الوطء لئلا يختلط الماء ويشتبه النسب ‏(‏قوله لاحتمال وقوعها إلخ‏)‏ أي الدواعي تعليل للأصح وبيانه أنه يحتمل أن تظهر حبلى فيدعي البائع الولد فيظهر وقوعها في غير ملكه، لكن هذا لا يظهر في المسبية كما قال ط ‏(‏قوله حتى يستبرئها‏)‏ فلو وطئها قبله أثم ولا استبراء بعد ذلك عليه كما في السراجية والمبتغى شرنبلالية ‏(‏قوله ومنقطعة حيض‏)‏ كذا في المنح والدرر واعترضه في الشرنبلالية بأنه إن أراد به الآيسة، فهو عين ما قبله، وإن أراد ممتدة الطهر ناقضه ما بعده من قوله، ولو ارتفع حيضها إلخ‏.‏ وفي الدر المنتقى‏:‏ اعلم أن منقطعة الحيض هي التي بلغت بالسن، ولم تحض قط، وهذه حكمها كصغيرة اتفاقا وأما مرتفعة الحيض، فهي من حاضت ولو مرة ثم ارتفع حيضها وامتد طهرها، ولذا تسمى ممتدة الطهر وفيها الخلاف، وقد خفي هذا على الشرنبلالي محشي الدرر فتبصر ‏(‏قوله عند محمد‏)‏ هذا ما رجع إليه وكان أولا يقول بأربعة أشهر وعشر وظاهر الرواية أنها تترك إلى أن يتبين أنها ليست بحامل‏.‏ واختلف المشايخ في مدة التبيين على أقوال أحوطها‏:‏ سنتان وأرفقها هذا، لأنها مدة صلحت لتعرف براءة الرحم للأمة في النكاح ففي ملك اليمين وهو دونه أولى ‏(‏قوله وبه يفتى‏)‏ نقله في الشرنبلالية عن الكافي ‏(‏قوله والمستحاضة يدعها إلخ‏)‏ هذا إنما يظهر فيمن علمت عادتها أول الشهر وحينئذ لا يتعين كون مدة الحيض عشرا، ويظهر أيضا فيمن نزل عليها الدم أول البلوغ ثم استمر بها الدم فإن حيضها عشرة وطهرها عشرون، ويظهر حمل كلامه عليها ولا يظهر في المحيرة فليحرر وعبارة القهستاني عن المحيط، فلو اشترى مستحاضة لا يعلم حيضها يدعها من أول الشهر عشرة أيام فقيد بعدم العلم ط وفي الذخيرة مثل ما في القهستاني ‏(‏قوله في الحامل‏)‏ ولو من زنا قهستاني

‏(‏قوله قبل قبضها‏)‏ أي من البائع أو وكيله ولو وضعت المشتراة في يد عدل، حتى ينقد الثمن فحاضت عنده لم تحتسب منه كما في الخزانة قهستاني ‏(‏قوله ولا بولادة إلخ‏)‏ فتستبرأ بعد النفاس خلافا لأبي يوسف قهستاني ‏(‏قوله ونحوها‏)‏ كمضي شهر وولادة ط ‏(‏قوله قبل إجازة بيع فضولي‏)‏ شمل ما لو كانت مشتركة فباعها أحدهما بلا إذن الآخر كما في الولوالجية ‏(‏قوله لانتفاء الملك‏)‏ أي الكامل المستند إلى عقد صحيح، وإلا فالشراء الفاسد يفيد الملك بالقبض كما علم في محله ا هـ‏.‏ ح ومثله في السعدية، ولذا يجب الاستبراء على البائع في الرد بعد القبض بفساد أو عيب كما في البزازية وقيد الرد في الولوالجية بالقضاء

‏(‏قوله ويجتزئ بحيضة‏)‏ أي ونحوها ‏(‏قوله حاضتها‏)‏ أي بعد القبض هداية ‏(‏قوله أو مكاتبة‏)‏ سيأتي قريبا في الحيل أنه إذا كاتبها المشتري يسقط الاستبراء فما معنى الاجتزاء هنا، ثم رأيت ط استشكله كذلك، وسنذكر التوفيق بعون الله تعالى ‏(‏قوله لوجودها‏)‏ أي الحيضة بعد الملك وهو علة للاجتزاء أي لوجودها بعد وجود سبب الاستبراء، وحرمة الوطء لا تمنع من الاجتزاء بها عن الاستبراء كمن اشترى جارية محرمة فحاضت في حال إحرامها إتقاني ‏(‏قوله أي في دار الإسلام‏)‏ أي ولم يحرزها أهل الحرب إلى دارهم فإن أحرزوها ملكوها فإذا عادت إلى صاحبها بوجه من الوجوه فعليه الاستبراء في قولهم جميعا، ولو أبقت في دار الحرب، ثم عادت لا يجب في قول الإمام لأنهم لم يملكوها، وعندهما يجب لأنهم ملكوها أفاده الأتقاني وغيره ‏(‏قوله أي إذا لم يصبها الغاصب‏)‏ في بعض النسخ‏:‏ إذا لم يبعها، وهي الصواب موافقا لما في الشرنبلالية وفيها فإن باعها وسلم للمشتري ثم استردها المغصوب منه بقضاء أو رضا، فإن كان المشتري علم بالغصب لا يجب الاستبراء على المالك وطئها المشتري من الغاصب، أو لم يطأ، وإن لم يعلم المشتري وقت الشراء أنها غصب إن لم يطأ لا يجب الاستبراء وإن وطئها فالقياس لا يجب وفي الاستحسان يجب كذا في قاضي خان ا هـ‏.‏ وبه علم أنه إذا وطئها الغاصب لا استبراء كما إذا وطئها المشتري منه العالم به لأنه زنا‏.‏ ‏(‏قوله قبل القبض‏)‏ أي قبض المشتري فلو بعده يلزم الاستبراء ولو تقايلا في المجلس وعن أبي يوسف إذا تقايلا قبل الافتراق لا يجب ظهيرية ‏(‏قوله كما لو باعها بخيار‏)‏ أي خيار شرط للبائع كما أشار إليه بقوله ثم أبطله بخياره فإن كان للمشتري وفسخ قبل القبض فكذلك إجماعا، وإن فسخ بعده فكذلك عنده، وقالا على البائع الاستبراء، لأن خيار المشتري لا يمنع وقوع الملك له عندهما وعنده يمنع، وأما إن رد المشتري بخيار عيب أو رؤية وجب على البائع الاستبراء لعدم منع ذلك وقوع الملك للمشتري أفاده الأتقاني ‏(‏قوله وقبضت‏)‏ وكذا بدون القبض بالأولى ‏(‏قوله وكذا إلخ‏)‏ أي لا استبراء على البائع بعد الاسترداد لعدم صحة البيع ولو بعد القبض ‏(‏قوله إن لم يطأها المشتري‏)‏ فإن وطئها يستبرئها زيلعي ونهاية‏.‏ قال ط‏:‏ وفيه أن بيع المدبرة وأم الولد باطل لا يملك المبيع فيه بالقبض فوطء المشتري حينئذ زنا لا استبراء له فليحرر ا هـ‏.‏ فينبغي أن يكون كوطء المشتري من الغاصب كما مر، ولعل الفرق شبهة الخلاف، فإن بيع المدبرة يجوز عند الشافعي وفي بيع أم الولد رواية عن أحمد فلما جاز البيع عند بعض الأئمة لم يكن وطء المشتري زنا فلذا وجب الاستبراء على البائع إذا استردها بخلاف مسألة الغصب هذا ما ظهر لي‏.‏ ‏(‏قوله إن كان زوجها بعد الاستبراء‏)‏ أي بأن كان ملكها فاستبرأها ثم زوجها ‏(‏قوله وإن قبله‏)‏ وإن كان زوجها قبل الاستبراء بعد القبض فطلقها الزوج قبل الدخول، فالمختار وجوب الاستبراء على المالك بقي ما لو حاضت بعد التزوج هل يجتزأ بها الظاهر، نعم كما لو شراها فكاتبها فحاضت فعجزت كما مر فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله للبائع‏)‏ صوابه للمشتري لوجوب الاستبراء في المشتراة من محرمها أفاده أبو السعود‏.‏ وفي الذخيرة‏:‏ اشترى أمة وقبضها وعليها عدة طلاق أو وفاة يوما أو أكثر أو أقل، فليس عليه استبراء بعد العدة، لأنه لم يجب حالة القبض كما لو كانت مشغولة بالنكاح لأنه لا يستفيد ملك الوطء ا هـ‏.‏ فقوله‏:‏ لا يستفيد أي المشتري، وظاهره أنه لا يجب استبراؤها ولو مضت عدتها بعد الشراء بلحظة، ويشكل بالمجوسية فإنه لا يحل له وطؤها عند البيع أو القبض مع أنه يجب استبراؤها إذا أسلمت قبل أن تحيض عند المشتري، وقد يفرق بأنه بشراء المجوسية استفاد ملك الوطء، لكنه حرم لمانع كالحائض والمحرمة بخلاف معتدة الغير، لأنه لم يستفده أصلا كما هو المتبادر مما مر، وكذا لو ولدت ثبت نسبه من زوجها لا من المشتري تأمل

‏(‏قوله ولا بأس إلخ‏)‏ اعلم أن أبا يوسف قال‏:‏ لا بأس بها مطلقا لأنه يمتنع من التزام حكمها خوفا من أن لا يتمكن من الوفاء به لو لزمه، وكرهه محمد مطلقا لأنه فرار من الأحكام الشرعية، وليس هذا من أخلاق المؤمنين والمأخوذ به قول أبي يوسف إن علم أن البائع لم يقربها وقول محمد إذا قربها لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «لا يحل لرجلين يؤمنان بالله واليوم الآخر أن يجتمعا على امرأة واحدة في طهر واحد» فإذا لم يقربها البائع في هذا الطهر لم يتحقق هذا النهي‏.‏ قال أبو السعود‏:‏ فإذا لم يعلم شيئا فالظاهر الإفتاء بقول محمد لتوهم الشغل ورأيت في حاشية العلامة نوح أفندي ما يفيده ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله في طهرها ذلك‏)‏ فلو وطئ في الحيض لم تكره الحيلة قهستاني ‏(‏قوله أو أربع إماء‏)‏ أي بعقد النكاح فلو قال المصنف كابن الكمال إن لم يكن تحته من يمنع نكاحها لكان أولى ‏(‏قوله أن ينكحها‏)‏ بفتح الياء وكسر الكاف، أو فتحها مضارع نكح المجرد‏:‏ أي يتزوجها بخلاف ينكحها الآتي فإنه بضم الياء وكسر الكاف من المزيد ‏(‏قوله ويقبضها‏)‏ اشتراط القبض قبل الشراء قول الحلواني وبه استدرك الزيلعي على صاحب الهداية وقال ابن الكمال‏:‏ ذكر هذا القيد في الخانية، ولا بد منه كي لا يوجد القبض بحكم الشراء بعد فساد النكاح ا هـ‏.‏ وما في الهداية قول السرخسي، وهو ظاهر الملتقى والمواهب والوقاية‏.‏ قال القهستاني‏:‏ وبما ذكرنا أي من قوله لأنه بالنكاح ثبت له الفراش الدال شرعا على فراغ الرحم ولم يحدث بالبيع إلا ملك الرقبة ظهر أن المختار عند المصنف قول السرخسي الذي هو الإمام فلا عليه بترك قول الحلواني ملام ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ثم إذا اشترى زوجته لا يجب أيضا‏)‏ أي لا يجب الاستبراء لما مر، ويبطل النكاح ويسقط عنه جميع المهر إتقاني ‏(‏قوله ونقل في الدرر‏)‏ حيث قال وفي الفتاوى الصغرى قال ظهير الدين‏:‏ رأيت في كتاب الاستبراء لبعض المشايخ أنه إنما يحل للمشتري وطؤها في هذه الصورة لو تزوجها ووطئها، ثم اشتراها لأنه حينئذ يملكها، وهي في عدته أما إذا اشتراها قبل أن يطأها فكما اشتراها بطل النكاح، ولا نكاح حال ثبوت الملك فيجب الاستبراء لتحقق سببه، وهو استحداث حل الوطء بملك اليمين وقال‏:‏ هذا لم يذكر في الكتاب وهذا دقيق حسن إلى هنا لفظ الفتاوى الصغرى ا هـ‏.‏ كلام الدرر، وفيه أن المناط استحداث الملك واليد ولم يوجد الثاني هنا تأمل ا هـ‏.‏ ح أي لأنه لم يحدث بالبيع إلا ملك الرقبة وحل الوطء الثابت قبله دل على فراغ الرحم شرعا كما قدمناه عن القهستاني‏.‏ ولذا والله أعلم‏:‏ قال في الذخيرة بعد نقله كلام ظهير الدين لكن عندي فيه شبهة ا هـ‏.‏ قال ط نقلا عن الحموي قال العلامة المقدسي‏:‏ تلخص أن الأقوال ثلاثة‏:‏ قول باشتراط تقدم القبض والدخول، وقول باشتراط القبض فقط وقول بالإطلاق والاكتفاء بالعقد وهذا أوسع والثاني أعدل بخلاف الأول فليتأمل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ممن يثق به‏)‏ أي يثق به أن يطلقها متى أراد ‏(‏قوله كما سيجيء‏)‏ أي بعد سطر وهو مستغنى به عما ذكره هنا ‏(‏قوله فلو بعده لم يسقط‏)‏ أي على المختار كما قدمه عن الزيلعي، لأنها عند القبض بحكم الشراء كانت حلالا له فوجب الاستبراء لوجود سببه ‏(‏قوله أو يزوجها‏)‏ أي البائع قبل الشراء أو المشتري قبل قبضه ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله ثم يشتري ويقبض‏)‏ راجع لما إذا زوجها البائع، وقوله‏:‏ أو يقبض راجع لما إذا زوجها المشتري فهو معطوف على يشتري ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله فيطلق الزوج إلخ‏)‏ ويلزمه لمولى الجارية نصف المهر وله أن يبرئه من ذلك إتقاني‏.‏ ‏(‏قوله بعد قبض المشتري‏)‏ أما لو طلقها قبله فعليه الاستبراء كما في الأصل، وفي كتاب الحيل لا استبراء عليه اعتبارا بوقت الشراء فإنها مشغولة بحق الغير وعلى رواية الأصل اعتبر وقت القبض وهو الصحيح ذخيرة ‏(‏قوله فيسقط الاستبراء‏)‏ لأن عند وجود السبب، وهو استحداث الملك المؤكد بالقبض إذا لم يكن فرجها حلالا له لا يجب الاستبراء وإن حل بعد ذلك، لأن المعتبر أوان وجود السبب كما إذا كانت معتدة الغير هداية، واستشكله المقدسي بالمجوسية‏.‏ أقول‏:‏ المراد بالحل استفادة ملك الوطء بالشراء وبه يندفع الإشكال كما قررناه سابقا تأمل ‏(‏قوله وقيل إلخ‏)‏ هذا من رموز الشارح الخفية رحمه الله تعالى فإنه لا مدخل لهذه القصة في حيل الاستبراء، لكن أشار به إلى ما له مدخل وهو مقابل هذا القول‏.‏ وما حكاه ابن الشحنة بما حاصله‏:‏ أن الرشيد أحضر أبا يوسف ليلا وعنده عيسى بن جعفر فقال‏:‏ طلبت من هذا جاريته فأخبر أنه حلف أن لا يبيعها ولا يهبها فقال أبو يوسف‏:‏ بعه النصف وهبه النصف ففعل فأراد الرشيد سقوط الاستبراء فقال‏:‏ أعتقها وأزوجكها ففعل، وأمر له بمائة ألف درهم وعشرين دست ثياب ‏(‏قوله يشتري نصفها إلخ‏)‏ فصدق أنه لم يشتر جارية أي كاملة ولم توهب له كذلك، وهذا يفيد أن السين والتاء في يستوهب زائدتان، وإلا لو كانتا للطلب ووهب له أمة كاملة من غير طلب لم يحنث فليتأمل، ويجب الاستبراء لاستحداث الملك واليد ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله كما يفيده إطلاقهم‏)‏ أقول إنما يستفاد ذلك من الإطلاق لو لم يعارضه ما هو أقوى منه وهو ما صرح به في الهداية من أنه يجتزأ بحيضة حاضتها بعد القبض، وهي مجوسية أو مكاتبة بأن كاتبها بعد الشراء ثم أسلمت المجوسية وعجزت المكاتبة لوجودها بعد السبب، وهو استحداث الملك واليد ا هـ‏.‏ فهو صريح في وجوب الاستبراء إذا كاتبها بعد القبض، ووجهه ظاهر فيحمل ما هنا على ما قبل القبض موافقة لمقتضى القواعد وتوفيقا بين الكلامين ‏(‏قوله والنكاح‏)‏ الأولى الإنكاح ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله كما سنذكره‏)‏ في قوله لزوال ملكه بالكتابة إلخ‏.‏ وعبارة المصنف عن شيخه، ولعل وجهه أنه بالكتابة خرجت عن يد السيد حيث صارت حرة يد وصارت أحق بأكسابها فصار كأن الملك قد زال بالكتابة‏.‏ ثم تجدد بالتعجيز ولكن لم يحدث فيه ملك الرقبة حقيقة، فلم يوجد السبب الموجب للاستبراء ويرشحه قول النهاية إن الأمة إذا لم تخرج عن ملك المولى ولكنها خرجت من يده ثم عادت إليه لا يجب الاستبراء ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ أقول‏:‏ لو صح هذا الفرق بطل كلام الهداية السابق الذي أقره الشراح، وكيف وقد وجد السبب الموجب للاستبراء، وهو استحداث الملك، وباليد بعض القبض وبالكفاية زالت اليد فقط الموجبة لحل الوطء، وبقي ملك الرقبة فهو مثل ما إذا زوجها بعد القبض، وليس في كلام النهاية ما يفيد ذلك، بل قد يدعى أنه دليل على خلاف مدعاه، لأنه يدل على أن زوال اليد غير معتبر أصلا ولذا قال في النهاية بعد كلامه السابق، ومن نظائر ذلك ما إذا كاتب أمته، ثم عجزت أو باعها على أنها بالخيار، ثم أبطل البيع لا يلزمه الاستبراء، فقد فرض كلامه في أمة ثابتة في ملكه ويده إذا كاتبها أو باعها، ثم ردت إلى يده لا يلزمه الاستبراء فانظر بعين الإنصاف هل يفيد محل النزاع، وهو أنه إذا اشتراها وقبضها فكاتبها سقط عنه الاستبراء كيف، ولو أفاد ذلك لأفاد أن البيع بالخيار كالكتابة ولم يقل به أحد فيما أعلم ‏(‏قوله لكن في الشرنبلالية إلخ‏)‏ حيث قال وهي أن يكاتبها المشتري ثم يقبضها فيفسخ برضاها كذا في المواهب وغيرها، وهي أسهل الحيل خصوصا إذا كانت على مال كثير أو منجم بقريب فتعجز نفسها ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ قد يقال إن الشرنبلالي قال كذا في المواهب وغيرها فعبارته مجموعة من عدة كتب فإن كان صاحب المواهب لم يصرح بالقيد يمكن أن غيره صرح به ا هـ‏.‏ ط‏.‏ أقول‏:‏ بل لو لم يصرح به أحد فالمعنى عليه كما علمت ‏(‏قوله لزوال ملكه‏)‏ أي تقديرا لأن الزائل حقيقة هو اليد

‏(‏قوله لا يجتمعان نكاحا‏)‏ أشار به إلى أن المراد ذلك فذكر الأختين تمثيل لا تقييد لكن صار في ارتفاع أختان بالألف ركاكة تأمل قال ط‏:‏ وظاهره يشمل الأم وبنتها وعليه نص القهستاني مع أنه إذا قبلهما بشهوة وجبت حرمة المصاهرة فيحرمان عليه جميعا‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

لو تزوج أمة ولم يطأها فشرى أختها ليس له أن يستمتع بالمشتراة لأن الفراش ثبت بالنكاح فلو وطئها صار جامعا في الفراشية إتقاني ‏(‏قوله قبلهما‏)‏ لم يذكر المصنف الوطء لأن كتاب النكاح أغنانا عنه قهستاني قوله يحل له وطؤها إلخ‏)‏ لأنه يصير جامعا بوطء الأخرى لا بوطء الموطوءة هداية ‏(‏قوله الشهوة في القبلة لا تعتبر‏)‏ مخالف لما في الكنز والهداية وقال في النهاية قيد بقوله‏:‏ بشهوة لأن تقبيلها إذا لم تكن عن شهوة صار كأنه لم يقبلهما أصلا ا هـ‏.‏ ومثله في العناية لكن في فصل المحرمات من فتح القدير إذا أقر بالتقبيل، وأنكر الشهوة اختلف فيه قيل لا يصدق ولا يقبل إلا أن يظهر خلافه وقيل يقبل وقيل بالتفصيل بين كونه على الرأس والجبهة فيصدق أو على الفم فلا والأرجح هذا ا هـ‏.‏ واستظهر إلحاق الخدين بالفم‏.‏ قلت‏:‏ فقد حصل التوفيق والله الموفق ‏(‏قوله حتى يحرم‏)‏ بفتح حرف المضارعة من المجرد لا من التحريم وفرج بالرفع فاعل ليشمل ما بغير فعله ‏(‏قوله بملك‏)‏ أراد به ملك اليمين وقوله بأي سبب كان تعميم له قال الأتقاني كالشراء والوصية والميراث والخلع والكتابة والهبة والصدقة تأمل ‏(‏قوله إلا بالدخول‏)‏ لأنه تجب العدة عليها والعدة كالنكاح الصحيح في التحريم هداية‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

لو ارتفع المحرم فالظاهر عود الحرمة ثم رأيت في النهاية عن المبسوط لو زوج إحداهما له وطء الباقية فإن طلقها الزوج وانقضت عدتها لم يطأ واحدة منهما حتى يزوج إحداهما أو يبيع، لأن حق الزوج سقط عنها بالطلاق ولم يبق أثره بعد انقضاء العدة فعاد الحكم الذي كان قبل التزويج ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله كما بسطته في شرح الملتقى‏)‏ نصه‏:‏ لكن المستحب أن لا يمسها حتى تمضي حيضة على المحرمة بالإخراج عن الملك‏.‏ قلت‏:‏ وهذا أحد أنواع الاستبراء المستحب ومنها‏:‏ إذا رأى امرأته أو أمته تزني، ولم تحبل فلو حبلت لم يطأ حتى تضع الحمل، ومنها‏:‏ إذا زنى بأخت امرأته أو بعمتها أو بخالتها أو بنت أخيها أو أختها بلا شبهة فإن الأفضل أن لا يطأ امرأته حتى تستبرأ المزنية فلو زنى بها بشبهة وجب عليه العدة فلا يطأ امرأته، حتى تنقضي عدة المزنية، ومنها‏:‏ إذا رأى امرأة تزني ثم تزوجها فإن الأفضل أن يستبرئ، وهذا عندهما وأما عند محمد فلا يطأ إلا بعد الاستبراء وكذا الجواب فيمن تزوج أمة الغير أو مدبرته أو أم ولده قبل العتق وكذا لمولاها كما في القهستاني عن النظم فليلحظ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وأما على وجه البر فجائز عند الكل‏)‏ قال الإمام العيني بعد كلام فعلم إباحة تقبيل اليد والرجل والرأس والكشح كما علم من الأحاديث المتقدمة إباحتها على الجبهة، وبين العينين وعلى الشفتين على وجه المبرة والإكرام ا هـ‏.‏ ويأتي قريبا تمام الكلام على التقبيل والقيام ‏(‏قوله وكذا معانقته‏)‏ قال في الهداية ويكره أن يقبل الرجل فم الرجل أو يده أو شيئا منه أو يعانقه وذكر الطحاوي أن هذا قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف لا بأس بالتقبيل والمعانقة لما روي «أنه عليه الصلاة والسلام عانق جعفرا حين قدم من الحبشة وقبله بين عينيه» ولهما ما روي «أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن المكامعة»‏؟‏ ‏"‏ وهي المعانقة‏:‏ «وعن المكاعمة» وهي التقبيل، وما رواه محمول على ما قبل التحريم، قالوا الخلاف في المعانقة في إزار واحد أما إذا كان عليه قميص أوجبة لا بأس به بالإجماع وهو الصحيح ا هـ‏.‏ وفي العناية‏:‏ ووفق الشيخ أبو منصور بين الأحاديث فقال‏:‏ المكروه من المعانقة ما كان على وجه الشهوة، وعبر عنه المصنف بقوله‏:‏ في إزار واحد فإنه سبب يفضي إليها فأما على وجه البر والكرامة إذا كان عليه قميص واحد فلا بأس به ا هـ‏.‏ وبه ظهر أن قوله لو عن شهوة في قول المصنف في إزار واحد أي ساتر لما بين السرة والركبة مع كشف الباقي، وأن ما قبله عن أبي يوسف موافق لما في الهدية فافهم ‏(‏قوله ولو كان عليه‏)‏ أي على كل واحد منهما كما في شرح المجمع ‏(‏قوله وفي الحقائق إلخ‏)‏ يغني عنه ما قدمناه قريبا عن الخانية ط ‏(‏قوله لقوله عليه الصلاة والسلام إلخ‏)‏ كذا في الهداية وفي شرحها للعيني قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر» رواه الطبراني والبيهقي‏.‏ ‏(‏قوله كما أفاده النووي في أذكاره‏)‏ حيث قال اعلم أن المصافحة مستحبة عند كل لقاء، وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاة الصبح والعصر، فلا أصل له في الشرع على هذا الوجه ولكن لا بأس به فإن أصل المصافحة سنة وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال، وفرطوا في كثير من الأحوال أو أكثرها لا يخرج ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها ا هـ‏.‏ قال الشيخ أبو الحسن البكري‏:‏ وتقييده بما بعد الصبح والعصر على عادة كانت في زمنه، وإلا فعقب الصلوات كلها كذلك كذا في رسالة الشرنبلالي في المصافحة، ونقل مثله عن الشمس الحانوتي، وأنه أفتى به مستدلا بعموم النصوص الواردة في مشروعيتها وهو الموافق لما ذكره الشارح من إطلاق المتون، لكن قد يقال إن المواظبة عليها بعد الصلوات خاصة قد يؤدي الجهلة إلى اعتقاد سنيتها في خصوص هذه المواضع وأن لها خصوصية زائدة على غيرها مع أن ظاهر كلامهم أنه لم يفعلها أحد من السلف في هذه المواضع، وكذا قالوا بسنية قراءة السور الثلاثة في الوتر مع الترك أحيانا لئلا يعتقد وجوبها ونقل في تبيين المحارم عن الملتقط أنه تكره المصافحة بعد أداء الصلاة بكل حال، لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم ما صافحوا بعد أداء الصلاة، ولأنها من سنن الروافض ا هـ‏.‏ ثم نقل عن ابن حجر عن الشافعية أنها بدعة مكروهة لا أصل لها في الشرع، وأنه ينبه فاعلها أولا ويعزر ثانيا ثم قال‏:‏ وقال ابن الحاج من المالكية في المدخل إنها من البدع، وموضع المصافحة في الشرع، إنما هو عند لقاء المسلم لأخيه لا في أدبار الصلوات فحيث وضعها الشرع يضعها فينهى عن ذلك ويزجر فاعله لما أتى به من خلاف السنة ا هـ‏.‏ ثم أطال في ذلك فراجعه ‏(‏قوله وغيره في غيره‏)‏ الضمير الأول للنووي والثاني لكتاب الأذكار ‏(‏قوله وعليه يحمل ما نقله عنه‏)‏ أي عن النووي في شرحه على صحيح مسلم كما صرح به ابن ملك في شرح المجمع فافهم‏.‏ أقول‏:‏ وهذا الحمل بعيدا جدا والظاهر أنه مبني على اختلاف رأي الإمام النووي في كتابيه، وأنه في شرح مسلم نظر إلى ما يلزم عليه من المحظور، وإلى أن ذلك بخصوصه غير مأثور ولا سيما بعدما قدمناه عن الملتقط من أنها من سنن الروافض والله أعلم‏.‏

‏(‏قوله وتمامه إلخ‏)‏ ونصه‏:‏ وهي إلصاق صفحة الكف بالكف وإقبال الوجه بالوجه فأخذ الأصابع ليس بمصافحة خلافا للروافض، والسنة أن تكون بكلتا يديه، وبغير حائل من ثوب أو غيره وعند اللقاء بعد السلام وأن يأخذ الإبهام، فإن فيه عرقا ينبت المحبة كذا جاء في الحديث ذكره القهستاني وغيره ا هـ‏.‏

‏(‏قوله مضاجعة الرجل‏)‏ أي في ثوب واحد لا حاجز بينهما، وهو المفهوم من الحديث الآتي، وبه فسر الأتقاني المكامعة على خلاف ما مر عن الهداية، وهل المراد أن يلتفا في ثوب واحد أو يكون أحدهما في ثوب دون الآخر والظاهر الأول، يؤيده ما نقله عن مجمع البحار أي متجردين، وإن كان بينهما حائل، فيكره تنزيها ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله بين أخيه وأخته وأمه وأبيه‏)‏ في بعض النسخ وبين بالواو وهكذا رأيته في المجتبى قال في الشرعة ويفرق بين الصبيان في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين، ويحول بين ذكور الصبيان والنسوان وبين الصبيان والرجال فإن ذلك داعية إلى الفتنة ولو بعد حين ا هـ‏.‏ وفي البزازية إذا بلغ الصبي عشرا لا ينام مع أمه وأخته وامرأة إلا بامرأته أو جاريته ا هـ‏.‏ فالمراد التفريق بينهما عند النوم خوفا من الوقوع في المحذور، فإن الولد إذا بلغ عشرا عقل الجماع، ولا ديانة له ترده فربما وقع على أخته أو أمه، فإن النوم وقت راحة مهيج للشهوة وترتفع فيه الثياب عن العورة من الفريقين، فيؤدي إلى المحظور وإلى المضاجعة المحرمة خصوصا في أبناء هذا الزمان فإنهم يعرفون الفسق أكثر من الكبار‏.‏ وأما قوله وأمه وأبيه فالظاهر أن المراد تفريقه عن أمه وأبيه بأن لا يتركاه ينام معهما في فراشهما، لأنه ربما يطلع على ما يقع بينهما بخلاف ما إذا كان نائما وحده أو مع أبيه وحده أو البنت مع أمها وحدها، وكذا لا يترك الصبي ينام مع رجل أو امرأة أجنبيين خوفا من الفتنة، ولا سيما إذا كان صبيحا فإنه وإن لم يحصل في تلك النومة شيء فيتعلق به قلب الرجل أو المرأة فتحصل الفتنة بعد حين فلله در هذا الشرع الطاهر فقد حسم مادة الفساد ومن لم يحط في الأمور يقع في المحذور وفي المثل لا تسلم الجرة في كل مرة ‏(‏قوله كذا في المجتبى‏)‏ الإشارة إلى ما في المتن وما بعده إلى هنا ‏(‏قوله كالفحل‏)‏ أي كالبالغ كما في التتارخانية أي في النظر إلى العورة والمضاجعة‏.‏ ‏(‏قوله والكافرة كالمسلمة‏)‏ يحتمل أن يكون المراد أن نظر الكافرة إلى المسلمة كنظر المسلمة إلى المسلمة، وهو خلاف الأصح الذي قدمه المصنف بقوله والذمية كالرجل الأجنبي في الأصح إلخ، ويحتمل أن يكون المراد أن الرجل ينظر من الكافرة، كما ينظر إلى المسلمة ومقابله ما في التتارخانية روي أنه لا بأس بالنظر إلى شعر الكافرة ‏(‏قوله عن أبي حنيفة إلخ‏)‏ هذا غير المعتمد لما في شرح الوهبانية، وينبغي أن يتولى طلي عورته بيده، دون الخادم هو الصحيح لأن ما لا يجوز النظر إليه لا يجوز مسه إلا فوق الثياب وعن ابن مقاتل لا بأس أن يطلي عورة غيره بالنورة كالختان ويغض بصره ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفي التتارخانية قال الفقيه أبو الليث هذا في حالة الضرورة لا غير ‏(‏قوله وقيل إلخ‏)‏ مقابل لقوله وحجته الختان فإنه مطلق يشمل ختان الكبير والصغير، وكذا أطلقه في النهاية كما قدمناه وأقره الشراح، والظاهر ترجيحه ولذا عبر هنا عن التفصيل بقيل ‏(‏قوله إلا أن لا يمكنه النكاح‏)‏ كذا رأيته في المجتبى والصواب إسقاط لا بعد أن كما وجدته في بعض النسخ موافقا لما في التتارخانية وغيرها، والمراد أن لا يمكنه أن يتزوج امرأة تختنه أو يشتري أمة كذلك ‏(‏قوله والظاهر في الكبير أنه يختن‏)‏ الظاهر أن يختن مبني للمجهول أي يختنه غيره فيوافق إطلاق الهداية تأمل ‏(‏قوله ويكفي قطع الأكثر‏)‏ قال في التتارخانية غلام ختن فلم تقطع الجلدة كلها فإن قطع أكثر من النصف يكون ختانا وإلا فلا

‏(‏قوله ونقل المصنف إلخ‏)‏ لا حاجة إليه لأنه داخل في قول المصنف بعد والسلطان إذ هو من له سلطنة وولاية ط ‏(‏قوله وقيل سنة‏)‏ أي تقبيل يد العالم والسلطان العادل قال الشرنبلالي وعلمت أن مفاد الأحاديث سنيته أو ندبه كما أشار إليه العيني ‏(‏قوله أي العالم‏)‏ ظاهره أن الأجود في السلطان اليد حفظا لأبهة الإمارة وليحرر ط ‏(‏قوله أجود‏)‏ لعل معناه أكثر ثوابا ط ‏(‏قوله هو المختار‏)‏ قدم على الخانية والحقائق أن التقبيل على سبيل البر بلا شهوة جائز بالإجماع

‏(‏قوله يدفع إليه قدمه‏)‏ يغني عنه ما في المتن ‏(‏قوله أجابه‏)‏ لما أخرجه الحاكم‏:‏ ‏{‏أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله أرني شيئا أزداد به يقينا فقال اذهب إلى تلك الشجرة فادعها فذهب إليها فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك فجاءت حتى سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها‏:‏ ارجعي فرجعت قال‏:‏ ثم أذن له فقبل رأسه ورجليه وقال لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»‏:‏ وقال صحيح الإسناد ا هـ‏.‏ من رسالة الشرنبلالي ‏(‏قوله كما يكره إلخ‏)‏ الأولى حذفه فإنه نقله سابقا عن القنية ط وهذا لو عن شهوة كما مر ‏(‏قوله مقدما للقيل‏)‏ أي الواقع في عبارة المصنف فإنه رمز له إلى كتاب ثم رمز بعده للأول ‏(‏قوله قال‏)‏ الظاهر أن الضمير لصاحب القنية ولم أره فيها نعم ذكر الثانية والثالثة في المجتبى ‏(‏قوله فهو مكروه‏)‏ أي تحريما ويدل عليه قوله بعد فلا رخصة فيه ط ‏(‏قوله فمكروه بالإجماع‏)‏ أي إذا لم يكن صاحبه عالما ولا عادلا، ولا قصد تعظيم إسلامه ولا إكرامه، وسيأتي أن قبلة يد المؤمن تحية توفيقا بين كلامهم، ولا يقال حالة اللقاء مستثناة لأنا نقول حيث ندب فيها الشارع صلى الله تعالى عليه وسلم إلى المصافحة علم أنها تزيد عن غيرها في التعظيم، فكيف لا تساويها سائحاني‏.‏ ‏(‏قوله إن على وجه العبادة أو التعظيم كفر إلخ‏)‏ تلفيق لقولين قال الزيلعي‏:‏ وذكر الصدر الشهيد أنه لا يكفر بهذا السجود، لأنه يريد به التحية وقال شمس الأئمة السرخسي‏:‏ إن كان لغير الله تعالى على وجه التعظيم كفر ا هـ‏.‏ قال القهستاني‏:‏ وفي الظهيرية يكفر بالسجدة مطلقا وفي الزاهدي الإيماء في السلام إلى قريب الركوع كالسجود وفي المحيط أنه يكره الانحناء للسلطان وغيره ا هـ‏.‏ وظاهر كلامهم إطلاق السجود على هذا التقبيل‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

اختلفوا في سجود الملائكة قيل‏:‏ كان لله تعالى والتوجه إلى آدم للتشريف، كاستقبال الكعبة، وقيل‏:‏ بل لآدم على وجه التحية والإكرام ثم نسخ بقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» تتارخانية قال في تبيين المحارم، والصحيح الثاني ولم يكن عبادة له بل تحية وإكراما، ولذا امتنع عنه إبليس وكان جائزا فيما مضى كما في يوسف قال أبو منصور الماتريدي‏:‏ وفيه دليل على نسخ الكتاب بالسنة ‏(‏قوله التواضع لغير الله حرام‏)‏ أي إذلال النفس لنيل الدنيا، وإلا فخفض الجناح لمن دونه مأمور به سيد الأنام عليه الصلاة والسلام يدل عليه ما رواه البيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه ‏"‏ من خضع لغني ووضع له نفسه إعظاما له وطمعا فيما قبله ذهب ثلثا مروءته وشطر دينه ‏"‏‏.‏ ‏(‏قوله يجوز بل يندب القيام تعظيما للقادم إلخ‏)‏ أي إن كان ممن يستحق التعظيم قال في القنية‏:‏ قيام الجالس في المسجد لمن دخل عليه تعظيما، وقيام قارئ القرآن لمن يجيء تعظيما لا يكره إذا كان ممن يستحق التعظيم، وفي مشكل الآثار القيام لغيره ليس بمكروه لعينه إنما المكروه محبة القيام لمن يقام له، فإن قام لمن لا يقام له لا يكره‏.‏ قال ابن وهبان أقول‏:‏ وفي عصرنا ينبغي أن يستحب ذلك أي القيام لما يورث تركه من الحقد والبغضاء والعداوة لا سيما إذا كان في مكان اعتيد فيه القيام، وما ورد من التوعد عليه في حق من يحب القيام بين يديه كما يفعله الترك والأعاجم ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ يؤيده ما في العناية وغيرها عن الشيخ الحكيم أبي القاسم كان إذا دخل عليه غني يقوم له ويعظمه، ولا يقوم للفقراء وطلبة العلم فقيل له في ذلك، فقال الغني يتوقع مني التعظيم، فلو تركته لتضرر والفقراء والطلبة إنما يطمعون في جواب السلام والكلام معهم في العلم، وتمام ذلك في رسالة الشرنبلالي ‏(‏قوله تقبيل عتبة الكعبة‏)‏ هي من قلة الديانة ط وفي الدر المنتقى‏:‏ واختلف في تقبيل الركن اليماني فقيل سنة وقيل بدعة ‏(‏قوله ومنشور ربي‏)‏ قال في القاموس‏:‏ المنشور‏:‏ الرجل المنتشر الأمر وما كان غير مختوم من كتب السلطان والمراد كتاب ربي ففيه تجريد عن بعض المعنى ط ‏(‏قوله وقواعدنا لا تأباه‏)‏ قال في الدر المنتقى‏:‏ وحينئذ فيزاد على الستة ستة أيضا بدعة مباحة أو حسنة، وسنة لعالم وعادل مكروه لغيرهما على المختار وحرام للأرض تحية وكفر لها تعظيما كما مر ا هـ‏.‏ تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وجاء إلخ‏)‏ قال شيخ مشايخنا الشيخ إسماعيل الجراحي في الأحاديث المشتهرة‏:‏ «لا تقطعوا الخبز واللحم بالسكين كما تقطع الأعاجم ولكن انهشوه نهشا» قال الصغاني موضوع ا هـ‏.‏ وفي المجتبى لا يكره قطع الخبز واللحم بالسكين ا هـ‏.‏ والله تعالى أعلم‏.‏