فصل: كتاب إحياء الموات

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


كتاب إحياء الموات

الموات كسحاب وغراب ما لا روح فيه، أو أرض لا مالك لها قاموس‏.‏ وفي المغرب‏:‏ هو الأرض الخراب وخلافه العامر ا هـ‏.‏ وجعله في المصباح من التسمية بالمصدر، لأنه في الأصل مصدر مثل الموت، وهذا حده اللغوي وزيد عليه في الشرح قيود ستذكر قال في العناية، ومن محاسنه‏:‏ التسبب للخصب في أقوات الأنام، ومشروعيته بقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «من أحيا أرضا ميتة فهي له»، وشروطه‏:‏ تذكر في أثناء الكلام وسببه‏:‏ تعلق البقاء المقدر وحكمه‏:‏ تملك المحيي ما أحياه ‏(‏قوله لعل مناسبته إلخ‏)‏ كذا في العناية وغيرها ‏(‏قوله حاسة‏)‏ نسبة الحس إليها مجاز فإن الحاس الشخص الحي بها ط ‏(‏قوله لبطلان الانتفاع به‏)‏ تشبيها بالحيوان إذا مات لبطلان الانتفاع به إتقاني ‏(‏قوله وإحياؤه إلخ‏)‏ قال الأتقاني والمراد بإحياء الموات التسبب للحياة النامية ‏(‏قوله غير منتفع بها‏)‏ لانقطاع الماء منها أو غلبته عليها أو غلبة الرمال أو كونها سبخة، وخرج به ما لا يستغني المسلمون عنه كأرض الملح ونحوها كما يأتي ‏(‏قوله وليست بمملوكة إلخ‏)‏ عرف به بالطريق الأولى أن أرض الوقف الموات لا يجوز إحياؤها رملي وكذا السلطانية كما يأتي قريبا ‏(‏قوله فلو مملوكة‏)‏ أي لمعروف ‏(‏قوله فلو لم يعرف مالكها فهي لقطة‏)‏ قال في الملتقى‏:‏ الموات أرض لا ينتفع بها، عادية أو مملوكة في الإسلام، ليس لها مالك معين مسلم أو ذمي وعند محمد إن ملكت في الإسلام لا تكون مواتا ا هـ‏.‏ ومثله في الدرر، والإصلاح والقدوري والجوهرة، وقوله عادية‏:‏ أي قدم خرابها كأنها خربت في عهد عاد وبه ظهر أن ما جرى عليه الشارح تبعا للمنح، وشرح المجمع، وهو ظاهر عبارة المتن كالكنز والوقاية هو قول محمد‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ وأراضي بخارى ليست بموات لأنها دخلت في القسمة فتصرف إلى أقصى مالك في الإسلام، أو ورثته فإن لم يعلم فالتصرف إلى القاضي، وقال الزيلعي‏:‏ وجعل أي القدوري المملوك في الإسلام إذا لم يعرف مالكه من الموات، لأن حكمه كالموات حيث يتصرف فيه الإمام كما يتصرف في الموات لا لأنه موات حقيقة ا هـ‏.‏ وظاهره عدم الخلاف في الحقيقة تأمل ‏(‏قوله ويضمن‏)‏ أي زراعها في الهداية ‏(‏قوله بأقصى العامر‏)‏ أي من طرف الدور، لا الأراضي العامرة قهستاني عن التجنيس ‏(‏قوله جهوري الصوت‏)‏ أي عاليه قاموس ‏(‏قوله ملكها‏)‏ جواب قوله‏:‏ إذا أحيا أي ملك رقبة موضع أحياه دون غيره، وعند أبي يوسف إن أحيا أكثر من النصف كان إحياء للجميع در منتقى وقال محمد‏:‏ لو الموات في وسط ما أحيا يكون إحياء للكل، ولو في ناحية فلا تتارخانية ويجب فيها العشر، لأن ابتداء توظيف الخراج على المسلم لا يجوز إلا إذا سقاها بماء الخراج هداية ‏(‏قوله وهو المختار‏)‏ أي اشتراط البعد المذكور، لأن الظاهر أن ما يكون قريبا من القرية لا ينقطع ارتفاق أهلها عنه فيدار الحكم عليه هداية ‏(‏قوله واعتبر محمد إلخ‏)‏ حاصله‏:‏ أنه أدار الحكم على حقيقة الانتفاع قرب أو بعد ‏(‏قوله كيف لم يذكر ذلك‏)‏ أي أنه ظاهر الرواية المفتى به بل عبر عنه بقوله وعن محمد مع تصريحه بأن المختار الأول وذلك عجيب لما قالوا إن ما خالف ظاهر الرواية ليس مذهبا لأصحابنا، ولا سيما أن لفظ به يفتى آكد ألفاظ التصحيح فافهم‏.‏ ‏(‏قوله إن أذن له الإمام في ذلك‏)‏ والقاضي في ولايته بمنزلة الإمام تتارخانية عن الناطفي‏.‏ وفيها قبيل كتاب الإحياء‏:‏ سئل السمرقندي في رجل وكل بإحياء الموات هل هو للوكيل كما في التوكيل بالاحتطاب والاحتشاش أم للموكل كما في سائر التصرفات قال‏:‏ إن أذن الإمام للموكل بالإحياء يقع له ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وقالا يملكها بلا إذنه‏)‏ مما يتفرع على الخلاف ما لو أمر الإمام رجلا أن يعمر أرضا ميتة على أن ينتفع بها، ولا يكون له الملك فأحياها لم يملكها عنده، لأن هذا شرط صحيح عند الإمام، وعندهما يملكها ولا اعتبار لهذا الشرط ا هـ‏.‏ ومحل الخلاف‏:‏ إذا ترك الاستئذان جهلا، أما إذا تركه تهاونا بالإمام كان له أن يستردها زجرا أفاده المكي أي اتفاقا ط، وقول الإمام‏:‏ هو المختار ولذا قدمه في الخانية، والملتقى كعادتها وبه أخذ الطحاوي وعليه المتون‏.‏ بقي هل يكفي الإذن اللاحق‏؟‏ لم أره‏.‏

‏(‏قوله في الأصح‏)‏ لأنه ملك رقبتها بالإحياء بدليل التعبير فاللام الملك في الحديث المار فلا تخرج عن ملكه بالترك، وقيل الثاني أحق بناء على أن الأول ملك استغلالها دون رقبتها

‏(‏قوله من أربعة نفر‏)‏ أما لو كان الإحياء جميعه لواحد فله أن يتطرق إلى أرضه من أي جانب ط‏.‏ أقول‏:‏ يشمل ما لو كان الإحياء من ذلك الواحد على التعاقب أيضا، وهل الحكم فيه كذلك يحتاج إلى نقل‏؟‏ والذي يظهر لي من التعليل الآتي أنه كالأربعة تأمل ‏(‏قوله على التعاقب‏)‏ فلو معا له التطرق من أيها شاء ظهيرية ‏(‏قوله في الأرض الرابعة‏)‏ القصد الرابع إبطال حقه، لأنه حين سكت عن الأول والثاني والثالث صار الباقي طريقا له، فإذا أحياه الرابع فقد أحيا طريقه من حيث المعنى، فيكون له طريق كفاية وعناية

‏(‏قوله ومن حجر‏)‏ بالتشديد، ويجوز فيه التخفيف لأن المراد فيه منع الغير من الإحياء‏.‏ وفي المبسوط‏:‏ اشتقاق الكلمة من الحجر وهو المنع لأنه إذا علم في موضع الموات علامة فكأنه منع من إحياء ذلك فسمي فعله تحجيرا ا هـ‏.‏ شلبي عن المجتبى ط ‏(‏قوله من حجر أو غيره‏)‏ قال في غاية البيان‏:‏ ثم الاحتجار يحصل بوضع الحجر على الجوانب الأربعة وكذا بوضع الشوك والحشيش مع وضع التراب عليه من غير إتمام المسناة، وكذا إذا غرس حول الأرض أغصانا يابسة أو نقى الأرض من الحشيش أو أحرق ما فيها من الشوك وغير ذلك أو حفر من البئر ذراعا أو ذراعين، وفي الأخير ورد الخبر هداية ‏(‏قوله دفعت إلى غيره‏)‏ لأنه تحجير، وليس بإحياء حتى لو أحياها غيره، قبل ثلاث سنين ملكها، لكنه يكره كالسوم على سوم غيره، والتقدير بالثلاث مروي عن عمر رضي الله عنه، فإنه قال‏:‏ ليس لمحتجر بعد ثلاث سنين حق در منتقى‏.‏ وفي شرح خواهر زاده لمتحجر‏:‏ أي بتقديم التاء على الحاء والأول أصح مغرب أي لأنه من الاحتجار ‏(‏قوله وإن لم يملكها‏)‏ هو الصحيح كما في الهداية وقال شيخ الإسلام‏:‏ إنه يفيد ملكا مؤقتا بثلاث سنين كما في القهستاني، وعليه فلو أحياها غيره فيها لا يملكها كما في العناية، بخلافه على القول الأول كما قدمناه

‏(‏قوله ولو كربها إلخ‏)‏ كذا قاله الزيلعي، ثم قال وذكر في الهداية ولو كربها فسقاها فعن محمد أنه أحياها، ولو فعل أحدهما يكون تحجيرا، وإن سقاها مع حفر الأنهار كان إحياء لوجود الفعلين، وإن حوطها وسنمها بحيث يعصم الماء يكون إحياء لأنه من جملة البناء، وكذا إذا بذرها ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وذكر شراح الهداية ما ذكره الزيلعي أولا وكذا جمعوا بين النقلين في الفتاوى، ولم أر من رجح أحدهما على الآخر والكراب قلب الأرض للحرث من باب طلب والمسناة ما يبنى للسيل ليرد الماء مغرب‏.‏

‏(‏قوله ولا يجوز إلخ‏)‏ التقييد بالقرب مبني على قول أبي يوسف، وقد مر أن ظاهر الرواية اعتبار حقيقة الانتفاع قرب أو بعد كما أفاده الأتقاني

‏(‏قوله في جواهر الأرض‏)‏ الأوضح بقاع الأرض ط وفي القاموس‏:‏ الجوهر كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، ومن الشيء ما وضعت عليه جبلته ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله والآبار‏)‏ يوجد بعده في بعض النسخ زيادة‏:‏ ضرب عليها في بعضها وسقطت من بعضها أصلا، وهو الأولى‏.‏ ونصها‏:‏ والآبار التي لم تملك بالاستنباط والسعي‏.‏ وفي المستنبط بالسعي كالماء المحرز في الظرف، فملك للمحرز، والمستنبط وتمامه في شرح المصابيح في حديث‏:‏ «المسلمون شركاء في ثلاث في الماء والكلإ والنار» ا هـ‏.‏ فقوله‏:‏ التي لم تملك إلخ مكرر بما بعده، وقوله‏:‏ وفي المستنبط أي المستخرج بالحفر‏.‏ الأوضح أن يقول أما المستنبط، وقوله‏:‏ كالماء المحرز تنظير لا تمثيل ط، وقوله‏:‏ فملك للمحرز والمستنبط إن أراد أن الماء المحرز في ظرف ملك للمحرز وذات البئر ملك للمستنبط فظاهر، وإن أراد أن ماء البئر قبل إحرازه في ظرف ملك له فهو مخالف للمنقول، وإن وافق ما بحثه صاحب البحر في باب البيع الفاسد، ففي الولوالجية‏:‏ ولو نزح ماء بئر رجل بغير إذنه حتى يبست لا شيء عليه، لأن صاحب البئر غير مالك، للماء، ولو صب ماء رجل كان في الحب يقال له املأ الماء، لأن صاحب الحب مالك للماء وهو من ذوات الأمثال فيضمن مثله ا هـ‏.‏ وسيذكر الشارح أيضا بعد صفحة أن الماء تحت الأرض لا يملك ‏(‏قوله فلو أقطع‏)‏ في بعض النسخ قطع بلا همز وهو تحريف ‏(‏قوله وكف‏)‏ بالبناء للمجهول كصرف والكاف الإمام أو جماعة المسلمين ط ‏(‏قوله المستقرة‏)‏ أي الثابتة في ملكه سابقا ط

‏(‏قوله وحريم بئر الناضح‏)‏ الإضافة فيه وفي بئر العطن لأدنى ملابسة قهستاني‏:‏ قال في المصباح‏:‏ حريم الشيء ما حوله من حقوقه ومرافقه، يسمى به لأنه حرم على غير مالكه والناضح بعير ينضح العطن أي يبله بالماء الذي يحمله ثم استعمل في كل بعير وإن لم يحمل الماء ‏(‏قوله كبئر العطن‏)‏ أتى بالكاف لأنه متفق عليه ‏(‏قوله والعطن‏)‏ بفتحتين ‏(‏قوله من كل جانب‏)‏ وقيل من كل الجوانب أي من كل جانب عشرة أذرع لظاهر قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «من حفر بئرا فله مما حولها أربعون ذراعا» عطنا لماشيته‏.‏ والصحيح الأول لأن المقصود من الحريم دفع الضرر كي لا يحفر بحريمه أحد بئرا أخرى فيتحول إليها ماء بئره وهذا الضرر لا يندفع بعشرة أذرع من كل جانب فإن الأراضي تختلف بالصلابة والرخاوة عناية ‏(‏قوله وقالا إن للناضح فستون‏)‏ أي وإن للعطن فأربعون لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «حريم العين خمسمائة ذراع وحريم بئر العطن أربعون ذراعا وحريم بئر الناضح ستون ذراعا» ولأنه يحتاج فيه إلى أن يسير دابته للاستقاء، وقد يطول الرشاء وبئر العطن للاستسقاء منه باليد فقلت الحاجة فلا بد من التفاوت هداية قال في التتارخانية‏:‏ وفي الكبرى وبه يفتى ‏(‏قوله عن شرح المجمع‏)‏ ومثله في غرر الأفكار والجوهرة‏.‏ ‏(‏قوله فوق الأربعين‏)‏ أي في بئر العطن أو فوق الستين في بئر الناضح، فيكون له إلى ما ينتهي إليه الحبل أتقاني عن الطحاوي، وفي التتارخانية عن الينابيع ولا حاجة إلى الزيادة؛ ومن احتاج إلى أكثر من ذلك يزيد عليه وكان الاعتبار للحاجة لا للتقدير ولا يكون في المسألة خلاف في المعنى ا هـ‏.‏ ونقل العلامة قاسم في تصحيحه عن مختارات النوازل أن الصحيح اعتبار قدر الحاجة في البئر من كل جانب ‏(‏قوله ويفتى بقول الإمام‏)‏ وقدم الإفتاء بقولهما أيضا لكن ظاهر المتون والشروح ترجيح قوله‏:‏ فإنهم قرروا دليله وأيدوه بما لا مزيد عليه وأخر في الهداية دليله، فاقتضى ترجيحه أيضا كما هو عادته، وذكر ترجيحه العلامة قاسم في تصحيحه ‏(‏قوله وعزاه البرجندي للكافي‏)‏ وكذا ذكره الولوالجي جازما به ط لكن تعبير الهداية والكافي عنه بقيل يفيد ضعفه ‏(‏قوله بإذن الإمام‏)‏ أي عنده وبدونه عندهما لأن حفر البئر إحياء هداية ‏(‏قوله لم يكن الحكم كذلك‏)‏ أي لم يثبت له الحريم المذكور، لتوقف الملك في الإحياء على الإذن عنده، وبدونه يجعل الحفر تحجيرا كما يأتي ‏(‏قوله وفيه رمز‏)‏ أي في قولهم في موات‏.‏ ‏(‏قوله لو حفر في ملك الغير‏)‏ أي بإباحة للبقعة أو بشرائها أو نحو ذلك ‏(‏قوله فلا حريم له‏)‏ أي إلا أن يشترطه، والظاهر أن له الاستقاء باليد لأنه لا ينتفع به إلا بالاستسقاء ويحرر، ثم رأيت في الهندية‏:‏ بئر لرجل في دار غيره لم يكن لصاحب البئر حق إلقاء الطين في داره إذا حفر البئر خانية، فالمنع عن الإلقاء لا عن الاستقاء فتدبر‏.‏ ط وانظر ما سيأتي في النهر والحوض ‏(‏قوله أو انقرضوا‏)‏ يغني عنه قوله أو ماتوا ‏(‏قوله لم يجز إحياؤها‏)‏ بل هي لقطة وتقدم الكلام عليها ‏(‏قوله فلو تركها الماء‏)‏ لا حاجة إلى نقله للاستغناء عنه بما يأتي في المتن ط

‏(‏قوله من كل جانب‏)‏ وقيل من الجوانب الأربعة نظير ما مر ‏(‏قوله والذراع هو المكسرة‏)‏ كذا في النسخ تبعا للهداية، والأولى هي بضمير المؤنث لأن الذراع مؤنثة كما في المغرب، لكن ذكر بعضهم أنها تذكر وتؤنث ولينظر هل يجوز اعتبارهما في كلام واحد كما هنا ‏(‏قوله وهو ست قبضات‏)‏ كل قبضة أربع أصابع قهستاني، وهذه تسمى ذراع العامة، وذراع الكرباس، لأنها أقصر من ذراع الملك وهي ذراع المساحة كما في غاية البيان وفسر الذراع في الحاوي القدسي هنا بذراع العرب فقال‏:‏ والذراع من المرفق إلى الأنامل ذراع العرب ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله سبع‏.‏ قبضات‏)‏ كذا أطلقه في المغرب وغيره‏.‏ وقال الأتقاني في غاية البيان‏:‏ سبع قبضات مع ارتفاع الإبهام في كل مرة ا هـ‏.‏ وفيه خلاف تقدم في الطهارة ‏(‏قوله فكسر منه قبضة‏)‏ ولذا سمي مكسرة ‏(‏قوله فللأول ردمه‏)‏ أي بلا تضمين أي تضمينه النقصان؛ ثم يرد بنفسه فتقوم الأرض بلا حفر ومع الحفر فيضمنه نقصان ما بينهما أتقاني‏.‏ ‏(‏قوله وتمامه في الدرر‏)‏ ونصه فإن حفر فللأول أن يسده، ولا يضمنه النقصان وأن يأخذه بكبس ما احتفره، لأنه إزالة جناية حفره به كما في كناسة يلقيها في دار غيره يؤخذ برفعها، وقيل يضمنه النقصان ثم يكبسه بنفسه كما إذا هدم جدار غيره وهذا هو الصحيح ا هـ‏.‏ ومثله في الهداية، وفيها وما عطب في الأولى فلا ضمان فيه لأنه غير متعد ولو بلا إذن الإمام، أما عندهما فظاهر وأما عنده فلأنه يجعل الحفر تحجيرا وهو بسبيل منه بلا إذن وإن كان لا يملكه بدونه، وما عطب في الثانية فيه الضمان لتعديه بالحفر في ملك غيره ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله في منتهى حريم البئر الأولى‏)‏ أي في قرب المنتهي، لأن نهاية الشيء آخره كما في القاموس وآخره بعض منه أو أراد بالمنتهى ما قرب منه، وعبارة الهداية وراء حريم الأولى، وعبارة الدرر في غير حريم الأولى قريبة منه ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وفيه‏)‏ أي في الزيلعي، وذكره هذه المسألة هنا في غير محلها ومحلها ما قدمناه عن الدرر ‏(‏قوله لا ببناء الجدار‏)‏ قيل إلا إذا كان جديدا، واستثنى في الأشباه جدار المسجد فيؤمر بإعادته مطلقا وحققنا المسألة أول كتاب الغصب بما لا مزيد عليه فراجعه ‏(‏قوله وللحافر الثاني إلخ‏)‏ قال أبو السعود يفهم منه أنه لو حفر ثالث كان له الحريم من الجانبين حموي عن المقدسي ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وعن محمد كالبئر‏)‏ قال الأتقاني قال المشايخ‏:‏ الذي في الأصل أي من أن القناة كالبئر قولهما وعنده لا حريم لها لأنها بمنزلة النهر ما لم يظهر ماؤها على وجه الأرض ولا حريم للنهر عنده فإن ظهر كالعين الفوارة حريمها خمسمائة ذراع ‏(‏قوله فوضه لرأي الإمام‏)‏ أي فوض تقدير حريمها لأنه لا نص في الشرع أتقاني عن الشامل ‏(‏قوله أي لو بإذنه‏)‏ أي لو كان الإحياء بإذن الإمام لأنه شرط عند الإمام، وإلا فلا يملك ما أحيا ولا يستحق له حريما

‏(‏قوله يغرس‏)‏ أي بإذن الإمام اتفاقا وبغير إذنه عندهما أتقاني ‏(‏قوله خمسة أذرع‏)‏ لأنه يحتاج إلى أن يجذ ثمره ويضعه فيه، والتقدير بالخمسة ورد الحديث به كما في الهداية، وذكر الرملي أن مقتضى ما ذكره في الينابيع في حريم البئر أن الاعتبار للحاجة لا للتقدير أن يكون هنا كذلك، لأنه يختلف الحال بكبر الشجرة وصغرها ‏(‏قوله دجلة والفرات‏)‏ أي مثلا فيدخل فيه النيل، وظاهره ولو أخذ من أرض الغير في الناحية التي جرى فيها، فليس له أن يأخذ من المنزول عنه بمثل ما أخذ أرضه ط ‏(‏قوله بالموات‏)‏ متعلق بيلحق فيجوز إحياؤه، لأنه صار كسائر الأراضي التي لا ينتفع بها وليس لها مالك معين ‏(‏قوله أو جاز عوده إلخ‏)‏ ينبغي حمله على ما إذا لم يكن لعوده زمان مخصوص لما في الخانية واد على شط جيحون يجمع فيه الماء أيام الربيع ثم يذهب فزرع فيه قوم فأدرك قال أبو القاسم‏:‏ الزرع لصاحب البذر ورقبة الوادي لمن علمت لهم، وإلا فلمن أحياها ا هـ‏.‏ فمفاده أنه لو كان لعوده زمان مخصوص يجوز إحياء ذلك الموضع تأمل

‏(‏قوله والنهر في ملك الغير لا حريم له إلخ‏)‏ قيل إن هذه المسألة مبنية على أن من أحيا نهرا في موات لا يستحق له حريما عنده، وعندهما يستحقه‏.‏ وقال عامتهم‏:‏ الصواب أنه يستحقه بالإجماع أتقاني عن شروح الجامع الصغير ثم نقل عن المحققين أيضا أنها ليست مبنية على ذلك، وأن للنهر في الموات حريما اتفاقا، ومثله في الاختيار‏.‏ زاد الأتقاني‏:‏ وإنما الخلاف فيما إذا لم يعرف أن المسناة في يد من هي بأن كانت متصلة بالأرض مساوية لها، ولم تكن أعلى منها ا هـ‏.‏ فلو بينهما فاصل كحائط ونحوه فالمسناة لصاحب النهر بالإجماع عناية، ولو مشغولة بغرس لأحدهما أو طين ونحوه فهي لصاحب الشغل بالاتفاق تصحيح قاسم، ومثله في الزيلعي حيث قال بعد الكلام فينكشف بهذا موضع الخلاف، وهو أن يكون الحريم موازيا للأرض لا فاصل بينهما، وأن لا يكون الحريم مشغولا بحق أحدهما معينا معلوما، وإن كان فيه أشجار ولا يدرى من غرسها فهو على هذا الاختلاف ا هـ‏.‏ ومثله في الهداية وغيرها، ومنه ما يأتي عن الكرماني، وهذا كله يؤيد ما مر من تصحيح الاتفاق على أنه لو في موات فله حريم، وما في الهندية من إجرائه الخلاف في الموات أيضا فهو مقابل للصحيح بل محل الخلاف فيما لو كان في ملك الغير كما فرضه المصنف، ثم في الهداية ولا نزاع فيما به استمساك الماء إنما النزاع فيما وراءه مما يصلح للغرس ‏(‏قوله وقالا إلخ‏)‏ ثمرة الاختلاف أن ولاية الغرس لصاحب الأرض عنده، وعندهما لصاحب النهر، وأما إلقاء الطين فقيل على الخلاف، وقيل‏:‏ لصاحب النهر ذلك ما لم يفحش، وهو الصحيح، وأما المرور فقيل يمنع لصاحب النهر عنه، وقيل لا للضرورة وهو الأشبه قال الفقيه أبو جعفر‏:‏ آخذ بقوله في الغرس وبقولهما في إلقاء الطين كفاية وهداية ‏(‏قوله لمشيه‏)‏ أي ليجري الماء إذا احتبس‏.‏ ‏(‏قوله ولقي طينه‏)‏ كذا في النسخ والأولى وإلقاء طينه وفي القاموس لقاه الشيء ألقاه إليه واللقى كفتى ما طرح جمعه ألقاه ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله بقدر عرض النهر‏)‏ عبارة الهداية وغيرها بقدر بطنه والمعنى واحد، لأن النهر اسم للحفرة ‏(‏قوله وقدره‏)‏ يعني بعد ما اتفقا على أن له مسناة اختلفا في تقديرها ‏(‏قوله معزيا للكفاية‏)‏ قال في الكفاية قال أبو جعفر الهندواني في كشف الغوامض‏:‏ الاختلاف في نهر كبير لا يحتاج إلى كربه في كل حين إلخ وقال في العناية بعد نقله لمجموع عبارته‏:‏ وظاهر كلام المصنف أي صاحب الهداية ينافيه ‏(‏قوله له مسناة فارغة‏)‏ قدمنا بيان محترزه ‏(‏قوله وفيه معزيا للتتمة‏)‏ قد علمت مما قدمناه أن تصحيح الاتفاق فيما لو أحياه في أرض موات وكلامه لو كان في ملك الغير وفيه الخلاف، وقدمنا بيان موضع الخلاف عن عدة كتب، لكن مفاد كلام المجمع أن الاتفاق فيما لو كان في ملك الغير فإنه بعد ما نقل الخلاف فيه قال وقيل له بالاتفاق ا هـ‏.‏ ومثله في درر البحار، وعليه فالاتفاق جار في الموضعين تأمل‏.‏ ‏[‏خاتمة‏]‏ بنى قصرا في مفازة لا يستحق حريما، وإن احتاجه لإلقاء الكناسة فيه اتفقا على أن يخرجا نفقة لحفر بئر على أنه لأحدهما وحريمه لآخر لا يجوز وهما بينهما، وإن على أن يكونا بينهما نصفين على أن ينفق أحدهما أكثر لم يجز ولمن أنفق أكثر أن يرجع بنصف الزيادة، وإن على أن يحفرا نهرا لأحدهما وأرضا للآخر لم يجز حتى يكون بينهما ولمن أنفق أكثر أن يرجع تتارخانية ملخصا والله تعالى أعلم‏.‏