فصل: باب الوصي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب الوصي

لما فرغ من بيان الموصى له شرع في بيان أحكام الموصى إليه وهو الوصي لما أن كتاب الوصايا يشمله، لكن قدم أحكام الموصى له لكثرتها وكثرة وقوعها فكانت الحاجة إلى معرفتها أمس عناية‏.‏ واعلم أنه لا ينبغي للوصي أن يقبلها لأنها على خطر‏.‏ وعن أبي يوسف‏:‏ الدخول فيها أول مرة غلط‏.‏ والثانية خيانة والثالثة سرقة‏.‏ وعن الحسن‏:‏ لا يقدر الوصي أن يعدل ولو كان عمر بن الخطاب‏:‏ وقال أبو مطيع‏:‏ ما رأيت في مدة قضائي عشرين سنة من يعدل في مال ابن أخيه قهستاني، ولبعضهم‏:‏ احذر من الواوات أربعة فهن من الحتوف واو الوكالة والولا ية والوصاية والوقوف ‏(‏قوله أوصى إلى زيد‏)‏ ضمنه معنى فوض فعداه بإلى، وقدمنا الكلام عليه أول الكتاب، ويصح هذا التفويض بكل لفظ يدل عليه‏.‏ ففي الخانية أنت وكيلي بعد موتي يكون وصيا أنت وصيي في حياتي يكون وكيلا لأن كلا منهما إقامة للغير مقام نفسه فينعقد كل منهما بعبارة الآخر ا هـ‏.‏ وفي الخانية والخلاصة وغيرهما‏:‏ أنت وصيي أو أنت وصيي في مالي أو سلمت إليك الأولاد بعد موتي أو تعهد أولادي بعد موتي أوقم بلوازمهم بعد موتي أو ما جرى مجرى هذه الألفاظ يكون وصيا‏.‏ وفي الولوالجية افعلوا كذا بعد موتي فالكل أوصياء، ولو سكتوا حتى مات فقبل منهم اثنان أو أكثر فهم أوصياء ولو قبل واحد لم يتصرف حتى يقيم القاضي معه غيره أو يطلق له التصرف لأنه صار كأنه أوصى إلى رجلين فلا ينفرد أحدهما‏.‏ وفي الدر المنتقى عن الذخيرة‏:‏ ولو جعل رجلا وصيا في نوع صار وصيا في الأنواع كلها ا هـ‏.‏ وسيأتي تمامه ط ‏(‏قوله أي بعلمه‏)‏ تفسير لل ‏(‏عند‏)‏ في الموضعين أي فلا يشترط الحضور ط ‏(‏قوله بغيبته‏)‏ المناسب لما تقدم أن يقول بغير علمه بل إسقاطه لدلالة السياق عليه ا هـ‏.‏ ح لأن معنى قول المصنف وإلا‏:‏ أي وإن لم يرد بعلمه أي بأن رد بعد موته أو قبله بلا علمه ‏(‏قوله لئلا يصير‏)‏ أي الميت مغرورا من جهته لأنه اعتمد عليه ففيه إضرار بالميت وأشار إلى الفرق بين الموصى له والموصى إليه فإن قبول الأول في الحال غير معتبر، حتى لو قبل في حياة الموصي ثم رد بعدها صح لأن نفعه بالوصية لنفسه بخلاف الثاني كما أفاده في العناية‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

وصي القاضي إذا عزل نفسه ينبغي أن يشترط علم القاضي بعزله، كما يشترط علم الموكل في عزل الوكيل نفسه وعلم السلطان في عزل القاضي نفسه بزازية ‏(‏قوله ويصح إخراجه‏)‏ أي بعد قبوله كما في البزازية ‏(‏قوله ولو في غيبته‏)‏ ظاهره أنه ينعزل وإن لم يبلغه العزل بخلاف الوكيل تأمل ‏(‏قوله فله الرد والقبول‏)‏ إذ لا تغرير هنا، لأن الموصي هو الذي اغتر حيث لم يتعرف عن حاله أنه قبل الوصاية أم لا درر‏.‏ أقول‏:‏ لكن رده لا يخرجه عنها بالكلية بدليل أنه لو قبل بعد الرد صح كما يأتي قريبا ‏(‏قوله ولزم إلخ‏)‏ أشار إلى أن القبول كما يكون بالقول يكون بالفعل لأنه دلالة عليه ‏(‏قوله ببيع شيء‏)‏ أي بعد موت الموصي وينفذ البيع لصدوره من الأهل عن ولاية، وكذا إذا اشترى شيئا يصلح للورثة أو قضى مالا أو اقتضاه اختيار ‏(‏قوله بخلاف الوكيل إلخ‏)‏ لأن التوكيل إنابة لثبوته في حال قيام ولاية الموكل‏.‏ أما الإيصاء فخلافه لأنه مختص بحال انقطاع ولاية الميت فلا يتوقف على العلم كالورثة زيلعي ‏(‏قوله صح‏)‏ لأن هذا الرد لم يصح من غير علم الموصي كفاية، ولا يلزم من عدم صحة الرد كونه صار وصيا لتوقفه على القبول كما أفاده قوله السابق فله الرد والقبول‏.‏ والحاصل أنه إذا سكت لم يصر وصيا فيخير بين الرد‏:‏ أي عدم القبول وبين القبول، فإذا رد‏:‏ أي لم يقبل لم يجبر على القبول؛ وإذا قبل ولو بعد الرد صح لأن رده لم يصح أي لم يخرجه عن أهلية القبول، فإذا قبل صار وصيا وإلا فلا‏.‏ وبه ظهر الجواب عن حادثة الفتوى في زماننا في رجل أوصى إلى رجلين فقبل أحدهما وسكت الآخر ولم يصدر منه ما يدل على الرضا وعدمه وتصرف القابل في التركة فهل يصح تصرفه وحده قبل رضا الأول ورده‏.‏ والجواب أن الساكت لم يصر وصيا لما قلنا، لكن القابل ليس له الانفراد بالتصرف عندهما‏.‏ وعند أبي يوسف ينفرد كما سنذكره عن الولوالجية فينصب القاضي معه وصيا آخر فينصرفان معا، والله أعلم ‏(‏قوله إلا إذا نفذ قاض رده‏)‏ لأن الموضع موضع اجتهاد إذ الرد صحيح عند زفر كفاية‏.‏ أقول‏:‏ وهذا في غير قضاة زماننا‏.‏

‏(‏قوله وعبد غيره‏)‏ أي ولو بإذن سيده قهستاني والواو فيه وفيما بعده بمعنى أو ‏(‏قوله وكافر‏)‏ أي ذمي أو حربي أو مستأمن عناية أو مرتد كما يعلم مما يأتي ‏(‏قوله وفاسق‏)‏ أي مخوف منه على المال قهستاني ‏(‏قوله بدل‏)‏ أي وجوبا بحر مسلم صالح لأن العبد يحجر، والكافر عدو، والفاسق متهم بالخيانة قهستاني ‏(‏قوله ولفظ بدل يفيد صحة الوصية‏)‏ وعبارة القدوري‏:‏ أخرجهم القاضي، قال في الهداية هذا يشير إلى صحة الوصية لأن الإخراج يكون بعد الصحة ا هـ‏.‏ وقال محمد في الأصل إن الإيصاء باطل‏.‏ واختلفوا في معناه، فقيل إنه سيبطل بإبطال القاضي في جميع هذه الصور، وقيل سيبطل في غير العبد لعدم ولايته فيكون باطلا، وقيل سيبطل في الفاسق لأن الكافر كالعبد كما في الكافي قهستاني والأول قول عامة المشايخ كما في العناية‏.‏ ثم اعلم أن المصنف زاد على المتون والهداية ذكر الصبي، ونقل في شرحه على المجتبى‏:‏ والوصية إلى الصبي جائزة ولكن لا تلزمه العهدة كالوكالة ا هـ‏.‏ وذكره أيضا في الاختيار كما فعل المصنف، لكن نقل في شرح الوهبانية إذا أوصى إلى عبد أو صبي أخرجهما القاضي لأن الصبي لا يهتدي إلى التصرف، وهل ينفذ تصرفه قبل الإخراج‏؟‏ قيل نعم، وقيل لا‏.‏ وهو الصحيح لأنه لا يمكن إلزام العهدة فيه، فلو بلغ قبل الإخراج قال أبو حنيفة‏:‏ لا يكون وصيا وقالا‏:‏ يكون‏.‏ ا هـ‏.‏ ملخصا وتمامه فيه فراجعه ‏(‏قوله وأسلم الكافر‏)‏ أي الأصلي ط ‏(‏قوله أي عن الوصايا‏)‏ في بعض النسخ الوصاية ‏(‏قوله ثم إن رد في الرق‏)‏ بأن عجز عن أداء البدل ‏(‏قوله فكالعبد‏)‏ أي فإن كان مكاتب غيره صحت واستبدله القاضي بغيره، وإن كان مكاتبه فهي مسألة المصنف الخلافية ط ‏(‏قوله وإلا‏)‏ أي بأن كان فيهم كبير لم يصح لأن للكبير بيعه أو بيع نصيبه فيعجز عن الوصية لأن المشتري يمنعه فلا يحصل فائدة الوصية اختيار ‏(‏قوله وقالا لا يصح مطلقا‏)‏ لأن فيه إثبات الولاية للمملوك على المالك وهو قلب المشروع‏.‏ وله أنه أوصى إلى من هو أهل فيصح، كما لو أوصى إلى مكاتب وهذا لأنه مكلف مستبد بالتصرف وليس لأحد عليه ولاية، فإن الصغار وإن كانوا ملاكا لكن لما أقامه أبوهم مقام نفسه صار مستبدا بالتصرف مثله بلا ولاية لهم ا هـ‏.‏ درر لكن ليس له أن يبيع رقبته ط‏.‏ فإن قيل‏:‏ إن لم يكن لهم ولاية البيع فللقاضي أن يبيعه فيتحقق المنع‏.‏ وأجيب أنه إذا ثبت الإيصاء لم يبق للقاضي ولاية البيع عناية ‏(‏قوله ومن عجز عن القيام بها‏)‏ أي وحده بأن احتاج إلى معين بقرينة المسألة الآتية ‏(‏قوله حقيقة‏)‏ بأن ثبت ذلك بالبينة لأن الثابت بها كالمعاين لا بعلم القاضي، لأن المفتى به أنه لا يقضي بعلمه رحمتي ‏(‏قوله لا بمجرد إخباره‏)‏ لأنه قد يكذب تخفيفا على نفسه، وكذا لو اشتكى الورثة أو بعضهم الوصي إلى القاضي لا ينبغي أن يعزله حتى يظهر له منه خيانة هداية‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

يؤخذ مما ذكره أنه ليس للوصي إخراج نفسه بعد القبول وتقدم التصريح به، والحيلة فيه شيئان كما في الأشباه أحدهما أن يجعله الميت وصيا على أن يعزل نفسه متى شاء‏.‏ الثاني أن يدعي دينا على الميت فيتهمه القاضي فيخرجه ا هـ‏.‏ والظاهر أن هذا في وصي الميت‏.‏ أما وصي القاضي فقدمنا عن البزازية أنه يعزل نفسه بعلم القاضي تأمل‏.‏ وقوله فيخرجه فيه خلاف، وفي الهندية عن الخصاف أنه لا يخرجه بل يجعل للميت وصيا في مقدار الدين خاصة، وبه أخذ المشايخ وعليه الفتوى ‏(‏قوله رعاية لحق الموصي‏)‏ في إبقائه حيث اختاره وصيا ولحق الورثة في ضم غيره إليه ‏(‏قوله استبدل غيره‏)‏ في الظهيرية عجز فأقام غيره ثم، قال الأول بعد أيام صرت قادرا على القيام بها، قالوا‏.‏ هو وصي على حاله لأن الحاكم ما أقام الثاني مقامه ليكون نصبه عزلا له، وإنما ذلك ضم لا عزل ومثله في الخانية وغيرها‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ أقام آخر مقام العاجز ينعزل، قال الخاصي لأنه لا يقوم مقام الأول إلا بعد العزل، وللقاضي العزلة بالعجز ا هـ‏.‏ ملخصا من أدب الأوصياء‏.‏ أقول‏.‏ يمكن التوفيق بأن القاضي إذا قال جعلتك وصيا أو ضممتك إلى الأول لا ينعزل الأول، ولو قال أقمتك مقامه انعزل فتأمل‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في الأدب عن الخانية‏:‏ لو جن الوصي مطبقا ينبغي للقاضي أن يبدله، ولو لم يفعل حتى أفاق فهو على وصايته ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله مع أهليته لها‏)‏ بأن كان عدلا كافيا ‏(‏قوله نفذ عزله‏)‏ قال في القنية‏.‏ واستبعده ظهير الدين بأنه مقدم إلى القاضي لأنه مختار الميت‏.‏ قال أستاذنا فإذا كان ينعزل وصي الميت وإن كان عدلا كافيا فكيف وصي القاضي ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وأما عزل الخائن فواجب‏)‏ بل في عامة الكتب‏:‏ إذا كان الأب مبذرا متلفا مال ابنه الصغير فالقاضي ينصب وصيا وينزع المال من يده ‏(‏قوله من الفصل السابع والعشرين‏)‏ وفيه عن المنتقى بالنون، ولو كافيا لا عدلا يعزله، ولو عدلا غير كاف يضم إليه كافيا ا هـ‏.‏ زاد في الولوالجية ولو عزله صح ‏(‏قوله وينبغي أن يفتى به‏)‏ قال في نور العين‏:‏ لقد أجاد فيما أفاد لكنه أوهم بقوله قبله عندي إنه تفرد به مع أنه مختار كثير من السلف والخلف ‏(‏قوله لفساد قضاة الزمان‏)‏ فيكون عزله منهم لغرض دنيوي إذ لا مصلحة لليتيم في عزل الأهل ط‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

هذا كله في وصي الميت، أما وصي القاضي فله عزله ولو عدلا كما سيذكره الشارح في الفروع، لكن يأتي قريبا تقييده بما إذا رأى المصلحة وإلا فلا ‏(‏قوله قال المصنف قال شيخنا‏)‏ يعني ابن نجيم صاحب البحر ‏(‏قوله فكيف بالوظائف في الأوقاف‏)‏ من الوظائف التولية على الوقف‏.‏ قال في فتاوى خير الدين عن البحر‏.‏ وأما عزل القاضي الناظر فشرطه أن يكون بجنحة واستدل عليه بما نقله عن الإسعاف وجامع الفصولين‏.‏ ثم قال فقد أفاد حرمة تولية غيره بلا خيانة، وعدم صحتها لو فعل، ثم قال‏:‏ واستفيد من عدم صحة عزل الناظر بغير جنحة عدمها لصحة وظيفة في وقف، واستدل عليه بما نقله عن البزازي وغيره ا هـ‏.‏ ط وأفاد بقوله فكيف إلخ أنه لا يصح بالأولى‏.‏ ووجهه أن فيه إبطال حق محترم وهو ما عين له الواقف ‏(‏قوله وبطل فعل أحد الوصيين‏)‏ إلا إذا أجازه صاحبه فإنه يجوز ولا يحتاج إلى تجديد العقد كما في المنح ط‏.‏ أقول‏:‏ وكذا الوصي مع الناظر عليه‏:‏ وفي الحامدية عن الإسماعيلية لو تصرف الوصي بدون علم الناظر في أموال اليتيم فهلكت يضمنها ‏(‏قوله ومفاده إلخ‏)‏ نص عليه في الإسعاف حيث قال‏:‏ لا ينفرد أحد الناظرين بالإجازة، ولو وكل أحدهما صاحبه جازت نقله أبو السعود ط وما ذكره الشارح مأخوذ عن المنح ‏(‏قوله لكل منهما‏)‏ الأولى إلى كل منهما كما عبر في الغرر ‏(‏قوله وقيل ينفرد‏)‏ قائله أبو يوسف كما سيصرح به الشارح والأول قولهما، ثم قيل‏:‏ الخلاف فيما لو أوصى إليهما متعاقبا، فلو معا بعقد واحد لا ينفرد أحدهما بالتصرف بالإجماع، وقيل الخلاف في العقد الواحد، أما في العقدين فينفرد أحدهما بالإجماع‏.‏ قال أبو الليث‏:‏ وهو الأصح‏.‏ وبه نأخذ وقيل الخلاف في الفصلين جميعا‏.‏ قال في المبسوط‏:‏ وهو الأصح، وبه جزم منلا خسرو منح ملخصا، وذكر مثله الزيلعي وغيره ‏(‏قوله لكن الأول صححه في المبسوط إلخ‏)‏ أقول يوهم أنه صحح القول بالانفراد مع أنك علمت أن الكلام في محل الخلاف وأن الذي صححه في المبسوط أن الخلاف في الموضعين، وليس فيه تصحيح للقول بالانفراد ولا لعدمه، نعم ما صححه أبو الليث يتضمن تصحيح الانفراد لو بعقدين لأنه ادعى فيه الإجماع فتنبه‏.‏ ويمكن أن يقال إن ما في المبسوط متضمن أيضا لتصحيح عدم الانفراد فإنه لما صحح أن الخلاف في الفصلين أثبت أن قول أبي حنيفة ومحمد عدم الانفراد فيهما؛ والعمل في الغالب على قول الإمام، وهو ظاهر إطلاق المتون وصريح عبارة المصنف تأمل ‏(‏قوله أنه أقرب إلى الصواب‏)‏ لأن وجوب الوصية عند الموت فثبت لهم معا بخلاف الوكالة المتعاقبة، فإذن ثبت أن الخلاف فيهما زيلعي أي في صورتي الإيصاء لهما معا أو متعاقبا ‏(‏قوله وهذا‏)‏ أي عدم إفراد أحدهما ‏(‏قوله من بلدتين‏)‏ الظاهر أنه اتفاقي نظرا إلى الغالب، حتى لو ولى السلطان قاضيين في بلد واحد وجعل لهما نصب الأوصياء فالحكم كذلك، ويؤيده ما ذكره من التعليل أفاده ط‏.‏ قوله وتمامه إلخ‏)‏ الذي ذكره في تنوير البصائر معزيا للملتقطات هو ما تقدم‏.‏ ثم قال بعده‏.‏ وفي قوله فكذا نائبه نظر ظاهر، لما تقرر أن وصي القاضي نائب عن الميت لا عن القاضي حتى تلحقه العهدة، بخلاف أمين القاضي لأنه نائب عنه فلا تلحقه العهدة، ومقتضى ما ذكره من أن وصي القاضي نائب عنه أن لا يكون القاضي محجورا عن التصرف في مال اليتيم، والمنقول أنه محجور عن التصرف مع وجود وصيه ولو منصوبه بخلافه مع أمينه، ومقتضاه أيضا أن لا يملك القاضي شراء مال اليتيم من وصي نصبه، كما لو كان أمينه، والحكم بخلافه كما في غالب كتب المذهب ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ونصب القاضي الآخر لا يخرج الأول‏)‏ والوصي هو الأول دون وصي القاضي لأنه اتصل به اختيار الميت كما إذا كان القاضي عالما ا هـ‏.‏ كذا في حاشية أبي السعود على الأشباه عن المحيط‏.‏ أقول‏:‏ بقي أن تصرف الثاني بغيبة الأول هل هو نافذ‏؟‏ والظاهر نفاذه لو الغيبة منقطعة‏.‏ وفي الأشباه‏:‏ ولا ينصب القاضي وصيا مع وجوده‏:‏ أي وصي الميت إلا إذا غاب غيبة منقطعة أو أقر لمدعي الدين ا هـ‏.‏ والغيبة، المنقطعة، أن يكون في موضع لا تصل إليه القوافل كما في حاشية أبي السعود‏.‏ وفي الولوالجية‏:‏ ادعى رجل دينا على الميت والوصي غائب ينصب القاضي خصما عن الميت، ألا ترى أنه لو كان حاضرا وأقر بالدين ينصب القاضي خصما عن الميت ليصل المدعي إلى حقه لأن إقرار الوصي على الميت لا يجوز ولا يملك المدعي أن يخاصم الوصي فيما أقر به ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله إلا بشراء كفنه إلخ‏)‏ هذه المسائل مستثناة من بطلان انفراد أحد الوصيين للضرورة ‏(‏قوله وتجهيزه‏)‏ لو اقتصر عليه لكفاه عما قبله قال في التبيين لأن في التأخير فساد الميت ولهذا يملكه الجيران أيضا في الحضر والرفقة في السفر ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله والخصومة‏)‏ وجه الانفراد فيها أنهما لا يجتمعان عليها عادة، ولو اجتمعا لم يتكلم إلا أحدهما غالبا درر ‏(‏قوله وشراء حاجة الطفل‏)‏ أي ما لا بد له منه كالطعام والكسوة إتقاني لأن في تأخيره لحوق ضرر به منح ‏(‏قوله والاتهاب له‏)‏ أي قبول الهبة للطفل لأن في تأخيره خشية الفوات قهستاني، ولأنه ليس من باب الولاية ولهذا تملكه الأم ومن هو في عياله هداية ‏(‏قوله وإعتاق عبد معين‏)‏ لعدم الاحتياج فيه إلى الرأي، بخلاف إعتاق ما ليس بمعين فإنه محتاج إليه قهستاني، وقد أطلق قاضي خان العبد ولا مانع من حمله على المقيد أفاده ط‏.‏ أقول‏:‏ والظاهر أن هذا كله فيما إذا أوصى بعتق عبد مجانا، فلو بمال احتاج إلى الرأي فلا بد من الاجتماع تأمل ‏(‏قوله ورد وديعة‏)‏ قيد به لأنه لا ينفرد بقبض وديعة الميت سائحاني عن الهندية ‏(‏قوله وتنفيذ وصية‏)‏ أي بعين أو بألف مرسلة ابن الشحنة؛ فلو احتاج إلى بيع شيء ليؤدي من ثمنه الوصية فلا إلا بإذن صاحبه إتقاني، وقوله معينتين نعت لوديعة ووصية‏.‏ قال القهستاني لأن لصاحب الحق أخذه بلا دفع الوصي ا هـ‏.‏ وفي الظهيرية‏:‏ أوصى بأن يتصدق بحنطة على الفقراء قبل أن ترفع الجنازة ففعل أحد الوصيين، إن كانت الحنطة في ملك الموصي جاز دفعه، وإلا فإن اشتراها فالحنطة للمشتري والصدقة عن نفسه‏.‏ وفي الولوالجية‏:‏ وعلى الخلاف إذا أوصى بأن يتصدق بكذا من ماله ولم يعين الفقراء فليس له الانفراد، وإن عين ينفرد أحدهما بالإجماع ا هـ‏.‏ وبه علم تقييد ما في المتن بكون الفقير الموصى له معينا تأمل ‏(‏قوله زاد في شرح الوهبانية إلخ‏)‏ الأولى ذكره بعد العشرة التي ذكرها المصنف على أن مجموع ما ذكره في شرح الوهبانية سبعة عشر، فالزائد على ما في المتن سبعة ذكر الشارح منها أربعة كما ستعرفه، والثلاثة الباقية حفظ مال اليتيم إذ كل من وقع في يده وجب عليه حفظه، ورد ثمن المبيع ببيع من الوصي، وإجارة نفس اليتيم، وقد أسقط شارح الوهبانية التكفين، وأدخله تحت التجهيز، وذكر بدله صورة أخرى وهي تنفيذ الوصية بالتصدق عنه بكذا من ماله لفقير معين‏.‏ أقول وهذه الصورة مكررة لما علمت أن ما في المتن مقيد بالفقير المعين تأمل‏.‏ قال ط‏:‏ وزاد المكي عن الخانية أن لأحدهما قبض تركة الميت إذا لم يكن عليه دين وما هو مودع عنده في منزله حتى لا يضمن بالهلاك، وأن لأحدهما التصدق بحنطة في الوصية بالتصدق بها قبل رفع الجنازة وأن يودع ما صار في يده من تركة الميت وإجارة مال اليتيم ورد العواري والأمانات ا هـ‏.‏ وبعض هذه يدخل في المآل فيما قبلها ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ومشترى‏)‏ بالبناء للمجهول معطوف على مغصوب‏:‏ أي رد ما اشتراه الميت شراء فاسدا لأنه لا يبطل الرد بالموت كما مر في بابه فينفرد أحد الوصيين به‏.‏ قال ابن الشحنة لأنه ليس من الولاية المستفادة بالوصية بل ملحق بقضاء الدين ‏(‏قوله وقسمة كيلي أو وزني‏)‏ أي مع شريك الموصي مثلا ط ‏(‏قوله وطلب دين‏)‏ قيد به لأنه لا ينفرد بقبض دين الميت سائحاني عن الهندية، لأن قبض الدين في معنى المبادلة لا سيما عند اختلاف الجنس هداية وما في شرح الوهبانية من أنه ليس له الاقتضاء لا يخالف ما هنا لأن معناه الأخذ كما في المغرب وأما الذي بمعنى الطلب فهو التقاضي كما في المغرب أيضا فافهم، وظاهر كلام الشارح أن قوله وطلب دين مما زاده في شرح الوهبانية مع أنه ليس موجودا فيه وإنما ذكره في النقاية‏.‏ قال شارحها القهستاني‏:‏ وهو مستدرك بالخصومة وعليه يدل كلام الذخيرة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله في جميع الأمور‏)‏ أي في هذه المستثنيات وغيرها، وأشار إلى أن الاستثناء مبني على قول أبي حنيفة ومحمد، وقيل إن محمدا مع أبي يوسف

‏(‏قوله فله التصرف في التركة وحده‏)‏ هذا إنما يستقيم فيما إذا أوصى إلى الحي، وأما إذا أوصى إلى آخر فإنه يجب اجتماعهما ا هـ‏.‏ ح ونحوه في العزمية‏.‏ قال في الهداية ولو أن الميت منهما أوصى إلى الحي فللحي أن يتصرف وحده في ظاهر الرواية بمنزلة ما إذا أوصى إلى شخص آخر، ولا يحتاج القاضي إلى نصب وصي آخر لأن رأي الميت باق حكما برأي من يخلفه‏.‏ وعن أبي حنيفة لا ينفرد بالتصرف لأن الموصي ما رضي بتصرفه وحده، بخلاف ما إذا أوصى إلى غيره لأنه ينفذ تصرفه برأي المثنى كما رضيه المتوفى ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وإلا يوص ضم القاضي إليه غيره‏)‏ أما عندهما فظاهر لأن الباقي منهما عاجز عن الانفراد بالتصرف فيضم القاضي إليه وصيا نظرا للميت عند عجز الميت، وأما عند أبي يوسف فلأن الحي منهما وإن كان يقدر على التصرف فالموصي قصد أن يخلفه وصيان متصرفان في حقوقه وذلك ممكن التحقيق بنصب وصي آخر مكان الأول زيلعي وهداية، وهو صريح في أن أبا يوسف لم يخالف هنا، وجزم في الولوالجية بالخلاف وهما قولان كما يذكره الشارح‏.‏ تنبيه‏]‏ مثل الموت ما لو جن أحدهما أو وجد ما يوجب عزله أقام الحاكم مقامه أمينا فلو أراد الحاكم رد النظر إلى الثاني منهما لم يكن له ذلك بلا خلاف معراج، لكن في الولوالجية‏:‏ وعلى هذا الخلاف لو فسق أحدهما أطلق القاضي للثاني أن يتصرف وحده أو ضم إليه آخر ا هـ‏.‏ تأمل‏.‏ وفيها وكذا إذا أوصى إليهما ومات فقبل أحدهما فقط أو مات أحدهما قبل موت الموصي ثم قبل الآخر فعندهما لا ينفرد القابل بالتصرف، وعند أبي يوسف ينفرد ‏(‏قوله أقام القاضي الآخر مقامه‏)‏ هذا خلاف ما يقتضيه التعليل المذكور آنفا تأمل ‏(‏قوله إلا إذا أوصى لهما إلخ‏)‏ الأولى إليهما، ثم هذا إذا لم يعين المصرف، فإن عين لا تبطل‏.‏ قال في الولوالجية‏:‏ أوصى إلى رجلين وقال لهما اصرفا ثلث مالي حيث شئتما ثم مات أحدهما بطلت الوصية ورجع الثلث إلى الورثة لأنه علق ذلك بمشيئتهما ولا يتصور ذلك بعد الموت، ولو قال جعلت ثلث مالي للمساكين يضعه الوصيان حيث شاءا من المساكين فمات أحدهما فيجعل القاضي وصيا آخر ا هـ‏.‏ زاد في الظهيرية‏:‏ وإن شاء القاضي قال لهذا الثاني ضع وحدك ‏(‏قوله وهل فيه إلخ‏)‏ أي فيما إذا مات أحدهما ولم يوص إلى غيره‏.‏ قال القهستاني‏:‏ فلو مات أحد هذين الوصيين وجب أن ينصب وصيا آخر لعجز الحي عن التصرف وهذا على الخلاف عند مشايخنا، ومنهم من قال إنه على الوفاق‏:‏ قال أبو يوسف لأنه تحصيل لما قصد الموصي من إشراف كل منهما على الآخر ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وما قدمناه عن الزيلعي والهداية صريح بأن أبا يوسف وافقهما وصرح في الولوالجية بالخلاف كما علمت ‏(‏قوله كما حررته إلخ‏)‏ حيث قال‏:‏ لكن فيه أي في القول بالوفاق إشعار بأنه لو أشرف على وصي لم ينفرد أحدهما بلا خلاف مع أنه على الخلاف، وعن أبي يوسف أن المشرف ينفرد دون الوصي كما في القهستاني عن الذخيرة‏.‏ قلت‏:‏ وفي المجتبى جعل للوصي مشرفا لم يتصرف بدونه، وقيل للمشرف أن يتصرف ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ويأتي‏)‏ أي في الفروع، والذي يأتي هناك عبارة المجتبى‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

المشرف بمعنى الناظر‏.‏ وفي الهندية‏:‏ الوصي أولى بإمساك المال ولا يكون المشرف وصيا وأثر كونه مشرفا أنه لا يجوز تصرف الوصي إلا بعلمه ا هـ‏.‏ وبه يفتى كما في أدب الأوصياء عن الخاصي حامدية، وقيل يكون وصيا فلا ينفرد أحدهما بما لا ينفرد به أحد الوصيين‏.‏ وصدر به قاضي خان فكان معتمدا له على عادته كما أفاده في زواهر الجواهر‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

أوصى إلى رجل وأمره أن يعمل برأي فلان فهو الوصي وله العمل بلا رأيه، ولو قال لا تعمل إلا برأيه فهما وصيان لأن الأول مشورة والثاني نهي ولوالجية، وفي الخانية وهو الأشبه‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

لو اختلف الوصيان في حفظ المال، فإن احتمل القسمة يكون عند كل منهما نصفه وإلا يتهايآن زمانا أو يستودعانه لأن لهما ولاية الإيداع بيري عن البدائع ‏(‏قوله ووصي الوصي‏)‏ أي وإن بعد كما في جامع الفصولين أي بأن أوصى هذا الثاني‏:‏ إلى آخر وهكذا ‏(‏قوله سواء أوصى إليه في ماله أو مال موصيه‏)‏ يوافقه ما في الملتقى حيث قال‏:‏ ووصي الوصي وصي في التركتين، وكذا إن أوصى إليه في إحداهما خلافا لهما ا هـ‏.‏ لكن قال الرملي المسألة على أقسام أربعة، لأنه إما أن يبهم فيقول جعلتك وصيي من بعدي أو وصيا أو نحوه أو يبين فيقول في تركتي أو يقول في تركة موصي أو يقول في التركتين، فإذا أبهم أو بين فقال في التركتين فهو وصي فيهما عندهم خلافا للشافعي وزفر، وإن قال في تركتي فعن أبي حنيفة روايتان ظاهر الرواية عنه أنه يكون وصيا فيهما لأن تركة موصيه تركته كما صرح به في الاختيار‏.‏ وعنهما أيضا روايتان أظهرهما أنه يقتصر على تركته، وإن قال في تركة الأول فهو كما قال عندهم كما في التتارخانية عن شرح الطحاوي وكما يرشد إليه تعليل الاختيار إذ ليست تركته تركة الأول بخلاف قوله تركتي لأن تركة موصيه تركته فتناولها اللفظ فاغتنم هذا التحرير فإنه مفرد ا هـ‏.‏ ويمكن أن يخصص ما ذكره الشارح بغير هذه الصورة الأخيرة تأمل

‏(‏قوله وتصح قسمته إلخ‏)‏ صورته‏:‏ رجل أوصى إلى رجل وأوصى لآخر بثلث ماله وله ورثة صغار أو كبار غيب فقاسم الوصي مع الموصى له نائبا عن الورثة وأعطاه الثلث وأمسك الثلثين للورثة فالقسمة نافذة على الورثة بخلاف العكس وهو مقاسمته مع الوارث نائبا عن الموصى له لأن الورثة والوصي كلاهما خلف عن الميت فيجوز أن يكون الوصي خصما عنهم وقائما مقامهم‏.‏ وأما الموصى له فليس بخليفة عن الميت من كل وجه فلا يكون بينه وبين الوصي مناسبة حتى يكون خصما عنه وقائما مقامه في نفوذ القسمة عليه، وتمامه في العناية وذكر الإمام المحبوبي عن مبسوط شيخ الإسلام أنه في الأولى تجوز في العروض والعقار لو الورثة صغارا وإلا ففي العروض فقط، وفي الثانية تبطل فيهما كما في الكفاية والمعراج وغيرهما، وبه جزم الزيلعي‏.‏ قال في العناية والفرق بين المنقول والعقار أن الورثة لو صغارا فللوصي بيعهما ولو كبارا فليس له بيع العقار عليهم، وله بيع المنقول فكذا القسمة لأنها نوع بيع ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وهذا إذا لم يكن في التركة دين وإلا فله بيع العقار أيضا كما سيأتي ثم اعلم أن المراد إفراز حصة الصغار عن غيرهم أما لو أراد إفراز حصة كل من الصغار عن الآخر لا يجوز، وسيأتي تمامه آخر الوصايا في الفروع ‏(‏قوله غيب‏)‏ أي مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا قهستاني ‏(‏قوله فيرجع الموصى له بثلث ما بقي‏)‏ أي في أيدي الورثة إن كان قائما وإن هلك في أيديهم فله أن يضمنهم قدر ثلث ما قبضوا وإن شاء ضمن الوصي ذلك القدر لأنه متعد فيه بالدفع إليهم والورثة بالقبض فيضمن أيهما شاء زيلعي، وهذا إذا كانت القسمة بغير أمر القاضي، أما لو قسم بأمره جاز فلا يرجع مسكين ‏(‏قوله لأنه كالشريك‏)‏ أي للورثة فيتوى ما توى من المال المشترك على الشركة ويبقى ما يبقى عليها زيلعي ‏(‏قوله معه‏)‏ متعلق بضاع ‏(‏قوله لأنه أمين‏)‏ أي وله ولاية الحفظ زيلعي

‏(‏قوله وصح قسمة القاضي‏)‏ لأنه ناظر في حق العاجز وإفراز نصيب الغائب وقبضه من النظر فنفذ ذلك عليه وصح زيلعي ‏(‏قوله حج عن الميت بثلث ما بقي‏)‏ أي من منزل الآمر أو من حيث يبلغ وهكذا إن هلك ثانيا وثالثا إلا أن لا يبقى من ثلثه ما يبلغ الحج فتبطل الوصية كما مر في باب الحج عن الغير ‏(‏قوله خلافا لهما‏)‏ فقال أبو يوسف إن كان المفرز مستغرقا للثلث بطلت الوصية ولم يحج عنه، وإن لم يكن مستغرقا للثلث يحج عنه بما بقي من الثلث إلى تمام ثلث الجميع‏.‏ وقال محمد‏:‏ لا يحج عنه بشيء وقد قررناه في المناسك زيلعي‏.‏

‏(‏قوله لتعلق حقهم بالمالية‏)‏ أي لا بالصورة، والبيع لا يبطل المالية لفواتها إلى خلف وهو الثمن، بخلاف العبد المأذون له في التجارة حيث لا يجوز للمولى بيعه لأن لغرمائه حق الاستسعاء، بخلاف ما نحن فيه زيلعي ‏(‏قوله باع ما أوصى ببيعه‏)‏ أي باع عبدا، ولو صرح به كغيره لكان أظهر لقوله فاستحق العبد ‏(‏قوله أي ضياعه‏)‏ الظاهر أن المراد بالهلاك ما يعم التصدق لما سيأتي ‏(‏قوله لأنه العاقد‏)‏ تعليل لقوله وضمن وصي ‏(‏قوله قلنا إنه مغرور‏)‏ أي لأن الميت لما أمره ببيعه والتصدق بثمنه كأنه قال هذا العبد ملكي عناية ‏(‏قوله فلا رجوع‏)‏ أي لا على الورثة ولا على المساكين إن كان تصدق عليهم لأن البيع لم يقع إلا للميت فصار كما إذا كان على الميت دين آخر عناية ‏(‏قوله وفي المنتقى إلخ‏)‏ قال في العناية‏:‏ وهذه الرواية تخالف رواية الجامع الصغير‏.‏ ووجه رواية الجامع الصغير أن الميت أصل في غنم هذا التصرف وهو الثوب والفقير تبع ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولو مثله لم يجز‏)‏ هو أحد قولين‏.‏ قال في الكفاية‏:‏ وأشار في الكتاب إلى أنه لا يجوز ا هـ‏.‏ أي حيث قيد الجواز بالإملاء، وهذا إذا ثبت الدين بمداينة الميت، فلو بمداينة الوصي يجوز سواء كان خيرا لليتيم أو شرا له إلا أنه إذا كان خيرا له جاز بالاتفاق، حتى إذا أدرك ليس له نقض ذلك، وإن كان شرا له جاز‏.‏ ويضمن الوصي لليتيم عندهما، وعند أبي يوسف لا يجوز إتقاني عن شرح الطحاوي

‏(‏قوله وصح بيعه وشراؤه‏)‏ أطلقهما فشمل النقد والنسيئة إلى أجل متعارف لكن من مليء، فلو مفلسا فسيأتي في الفروع آخر الوصايا‏.‏ قال في الخانية‏:‏ وإذا باع شيئا من تركة الميت بنسيئة، فإن كان يتضرر به اليتيم بأن كان الأجل فاحشا لا يجوز ا هـ‏.‏ رملي ‏(‏قوله من أجنبي‏)‏ أي عن الميت وعن الوصي، فلو باع من نفسه فسيأتي، أو باع ممن لا تقبل شهادته له أو من وارث الميت لا يجوز‏.‏ قال في جامع الفصولين‏:‏ بيع المضارب ممن لا تجوز شهادته له بمحاباة قليلة لم يجز، وكذا الوصي لو باع من هؤلاء، فلو بمثل قيمته جاز، ولو باع وارث صحيح من مورثه المريض أو شرى منه بقيمته لم يجز عند أبي حنيفة، ولو بيسير الغبن لم يجز إجماعا لأنه كوصية له ووصي الميت لو عقد مع الوارث بمثل القيمة فعلى الخلاف ا هـ‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في الخانية‏:‏ يتيمان لكل منهما وصي، لم يجز لأحد الوصيين الشراء ليتيمه من الوصي الآخر لأن تصرفات الأوصياء مقيدة بالخيرية والنظر لليتيم، فلو وجدت الخيرية هنا من أحدهما لا توجد من الآخر ألبتة فلا تجوز تصرفه ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ هو مشكل لأن كلا منهما أجنبي عن الآخر ولم يشتر لنفسه بل ليتيمه فلا تشترط الخيرية فليتأمل، اللهم إلا أن يقيد ذلك بالعقار وكان بيعه لغير النفقة ونحوها فإنه لا بد حينئذ أن يباع بضعف القيمة كما يأتي وبه يظهر التعليل، ويظهر لي أن هذا هو المراد، والله أعلم ‏(‏قوله لا بما لا يتغابن‏)‏ الصحيح في تفسيره أنه ما لا يدخل تحت تقويم المقومين كما في البحر والمنح وغيرهما ‏(‏قوله لأن ولايته نظرية‏)‏ ولا نظر في الغبن الفاحش بخلاف اليسير لأنه يمكن التحرز عنه زيلعي ‏(‏قوله كان فاسدا‏)‏ هو ثاني قولين حكاهما في القنية، والأول أنه باطل لا يملكه المشتري بالقبض ‏(‏قوله حتى يملكه المشتري بالقبض‏)‏ وهل يضمن الوصي الغبن الفاحش‏؟‏ الظاهر نعم ط‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

المريض المديون لو باع بمحاباة لا تجوز بخلاف وصيه بعد موته، وهذا من عجيب المسائل حيث ملك الخلف المحاباة لا المالك‏.‏ أفاده في الفصولين ‏(‏قوله وهذا إذا تبايع الوصي إلخ‏)‏ لا حاجة إليه لتصريح المصنف به ط‏.‏

‏(‏قوله وإن باع الوصي‏)‏ أي ماله من اليتيم ‏(‏قوله من نفسه‏)‏ متعلق باشترى والضمير للوصي ‏(‏قوله لأنه وكيله‏)‏ أي القاضي وفعل الوكيل كفعل الموكل و فعل الموكل قضاء وهو لا يقضي لنفسه ط ‏(‏قوله وهي قدر النصف زيادة أو نقصا‏)‏ الزيادة راجعة إلى الشراء والنقص إلى البيع‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ تفسير المنفعة الظاهرة أن يبيع ما يساوي خمسة عشر بعشرة من الصغير أو يشتري ما يساوي عشرة بخمسة عشر لنفسه من مال الصغير ا هـ‏.‏ قال في أدب الأوصياء‏:‏ وفي المنتقى وبه يفتى‏.‏ وفي الخانية‏:‏ وبهذا فسر الخيرية الإمام السرخسي في غير العقار وهي في العقار عند البعض أن يشتري بضعف القيمة ويبيع بنصفها، وفي الحافظية‏:‏ يجوز بيع الوصي من نفسه وشراؤه إن كان فيهما نفع ظاهر كبيع ما يساوي تسعة بعشرة، وشراء عشرة بتسعة، قلت وأما في العقار فلا شك أن الخيرية في الشراء التضعيف وفي البيع التنصيف لأنه لا يقدر على بيعها من الغير إلا بالضعف كما مر فكيف يسوغ له الشراء لنفسه بالأقل‏؟‏ وأرى زيادة الاثنين في العشرة ونقصه منها فيما عدا العقار كافيا في الخيرية لأنه الغبن الفاحش الذي لا يتحمله الناس ا هـ‏.‏ ما في أدب الأوصياء ملخصا، وبه علم أن صحة شرائه غير خاصة في المنقول فافهم

‏(‏قوله وبيع الأب إلخ‏)‏ مثله ما إذا باعه من أجنبي فثلاث صور في حكم واحد، وهي بيع الأب من نفسه أو من أجنبي، وبيع الوصي من أجنبي ط‏.‏ قلت‏:‏ وهذا لو الأب عدلا أو مستورا، فلو فاسدا ففي بيعه المنقول روايتان كما سيأتي والشراء كالبيع‏.‏ وقال في جامع الفصولين‏:‏ للأب شراء مال طفله لنفسه بيسير الغبن لا بفاحشه ا هـ‏.‏ وفيه‏:‏ لو باع ماله من ولده لا يصير قابضا لولده بمجرد البيع، حتى لو هلك قبل التمكن من قبضه حقيقة هلك على الوالد، ولو شرى مال ولده لنفسه لا يبرأ عن الثمن حتى ينصب القاضي وكيلا لولده يأخذ الثمن ثم يرده على الأب ويتم البيع بقوله بعت من ولدي ولا يحتاج إلى قوله قبلت وكذا الشراء، ولو وصيا لم يجز في الوجهين ما لم يقل قبلت، وجاز للأب لا لوكيله ولا للوصي بيع مال أحد الصغيرين من الآخر، ولو وكل الأب وكيلين بذلك جاز وفي بيع القاضي ذلك خلاف، ولو وكل الأب رجلا ببيع ماله من طفله أو الشراء منه لم يجز إلا إذا كان الأب حاضرا ولم يجز للقاضي بيع مال اليتيم من نفسه وعكسه إذ الجواز من القاضي على وجه الحكم ولا يجوز حكمه لنفسه، بخلاف ما شراه من وصيه أو باعه من اليتيم وقبل وصيه فإنه يجوز ولو وصيا من جهة هذا القاضي ا هـ‏.‏ ملخصا

‏(‏قوله ضمن الزيادة‏)‏ أي إلا إذا أوصى بها وكانت تخرج من الثلث ط ‏(‏قوله وقع الشراء له‏)‏ لأنه متعد في الزيادة وهي غير متميزة فيكون متبرعا بتكفين الميت به رحمتي

‏(‏قوله قبل ظهور رشده‏)‏ الرشد هو كونه مصلحا في ماله كما مر في الحجر، وقدمنا هناك أن ظهوره بالبينة، ولو ظهر رشده ولو قبل الإدراك فدفع إليه لا يضمن كما في الخانية ‏(‏قوله ضمن‏)‏ هذا قول الصاحبين بدليل التعليل‏:‏ وقال الإمام بعدم الضمان إذا دفعه بعد خمس وعشرين سنة لأن له حينئذ ولاية الدفع إليه ط ‏(‏قوله وجاز بيعه إلخ‏)‏ بيان المسألة أنه إذا لم يكن على الميت دين ولا وصية فإن الورثة كبارا حضورا لا يبيع شيئا، ولو غيبا، له بيع العروض فقط، وإن كلهم صغارا يبيع العروض والعقار، وإن البعض صغارا والبعض كبارا فكذلك عنده‏.‏ وعندهما يبيع نصيب الصغار ولو من العقار دون الكبار إلا إذا كانوا غيبا فيبيع العروض، وقولهما القياس وبه نأخذ، وإن كان على الميت دين أو أوصى بدراهم ولا دراهم في التركة والورثة كبار حضور، فعنده يبيع جميع التركة، وعندهما لا يجوز إلا بيع حصة الدين ا هـ‏.‏ ملخصا من غاية البيان عن نكت الوصايا لأبي الليث ‏(‏قوله إلا الدين‏)‏ أي فله بيع العقار، لكنه يوهم أنه مقيد بكون الكبير غائبا وليس كذلك كما مر‏.‏ وفي العناية قيد بالغيبة لأنهم إذا كانوا حضورا ليس للوصي التصرف في التركة أصلا إلا إذا كان على الميت دين أو أوصى بوصية ولم تقض الورثة الديون ولم ينفذوا الوصية من مالهم فإنه يبيع التركة كلها إن كان الدين محيطا، وبمقدار الدين إن لم يحط، وله بيع ما زاد على الدين أيضا عند أبي حنيفة خلافا لهما وينفذ الوصية بمقدار الثلث، ولو باع لتنفيذها شيئا من التركة جاز بمقدارها بالإجماع وفي الزيادات الخلاف المذكور في الدين ا هـ‏.‏ قال في أدب الأوصياء وبقولهما يفتى كذا في الحافظية والغنية وسائر الكتب ا هـ‏.‏ ومثله في البزازية‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في القنية لا يملك الوصي بيع جزء شائع من دار اليتيم للنفقة إذا وجد من يشتري جزءا معينا منها لأنه تعييب للباقي ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله الأصح لا‏)‏ راجع إلى قوله أو خوف هلاكه ‏(‏قوله لأنه‏)‏ أي الهلاك نادر‏.‏ قال في المعراج‏:‏ وقال بعضهم لا يملك وهو الأصح لأن الدار لا تهلك غالبا فينبني الحكم عليه لا على النادر ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وجاز بيعه عقار صغير إلخ‏)‏ أطلق السلف جواز بيعه العقار وقيده المتأخرون بالشروط المذكورة كما في الخانية وغيرها‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ قال الصدر الشهيد وبه يفتى‏:‏ أي بقول المتأخرين، وما في الأشباه من أنه لا يجوز عند المتقدمين سبق قلم فتنبه ‏(‏قوله لا من نفسه‏)‏ قال ابن الكمال‏:‏ وقولهم أجنبي يؤذن أن بيعه من نفسه‏.‏ لا يجوز لأن العقار من أنفس الأموال فإذا باع من نفسه فالتهمة ظاهرة ا هـ‏.‏ وفيه أنه إذا كان بضعف القيمة لا يتأتى معه التهمة فلعل القيد اتفاقي، يؤيده ما في الهندية‏:‏ لو اشترى الوصي عقار اليتيم لنفسه جاز لو خيرا بأن يأخذه بضعف القيمة عند البعض ا هـ‏.‏ أفاده السائحاني، وقدمنا مثله عن أدب الأوصياء، وقوله عند البعض قيد لقوله بأن يأخذه إلخ لا للجواز كما يعلم مما قدمناه ‏(‏قوله أو لنفقة‏)‏ أي وإن كان بمثل القيمة أو بغبن يسير ط‏.‏ أقول‏:‏ وكذا يقال فيما بعده فيما يظهر بدليل جعله مقابلا للأول ‏(‏قوله أو دين الميت‏)‏ أي دين على الميت، لا وفاء له إلا ببيعه خانية، لكن يبيع بقدر الدين فقط على المفتى به كما قدمناه وكذا في الوصية ‏(‏قوله مرسلة‏)‏ تقدم تفسيرها بالتي لم تقيد بكسر كثلث أو ربع مثلا، وذلك كما إذا أوصى بمائة مثلا ‏(‏قوله أو خوف خرابه‏)‏ تقدم في عقار الكبير الغائب أن الأصح أنه لا يبيعه لذلك، والظاهر أنه لا يجري التصحيح هنا لأن المنظور إليه هذا منفعة الصغير ولذا جاز هنا في بعض هذه الصور ما لا يجوز في عقار الكبير تأمل ‏(‏قوله أو كونه في يد متغلب‏)‏ كأن استرده منه الوصي ولا بينة له وخاف أن يأخذه المتغلب منه بعد ذلك تمسكا بما كان له من اليد فللوصي بيعه وإن لم يكن لليتيم حاجة إلى ثمنه كما في بيوع الخانية ‏(‏قوله لا من قبل أم أو أخ‏)‏ أي أو نحوهما من الأقارب غير الأب والجد والقاضي، ويأتي آخر الباب تمام الكلام في ذلك ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي ولو في هذه المستثنيات، وإذا احتاج الحال إلى بيعه يرفع الأمر إلى القاضي ط ‏(‏قوله يجوز‏)‏ فليس للصغير نقضه بعد بلوغه إذ للأب شفقة كاملة، ولم يعارض هذا المعنى معنى آخر فكان هذا البيع نظرا للصغير، وإن كان الأب فاسدا لم يجز بيعه العقار فله نقضه بعد بلوغه هو المختار إلا إذا باعه بضعف القيمة إذ عارض ذلك المعنى معنى آخر، ويجوز بيع منقوله في رواية ويوضع ثمنه في يد عدل، وفي رواية لا إلا بضعف قيمته‏.‏ وبه يفتى جامع الفصولين وسيأتي في الفروع‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

ظاهر كلامهم هنا أنه لا يفتقر بيع الأب عقار ولده إلى المسوغات المذكورة في الوصي‏.‏ ونقل الحموي في حواشي الأشباه من الوصايا أن الأب كالوصي لا يجوز له بيع العقار إلا في المسائل المذكورة كما أفتى به الحانوتي ا هـ‏.‏ ثم رأيت في مجموعة شيخ مشايخنا منلا علي التركماني‏:‏ قد نقل عبارة الحموي المذكورة‏.‏ ثم قال ما نصه‏:‏ وهو مخالف لإطلاق ما في الفصول وغيره ولم يستند الحانوتي في ذلك إلى نقل صحيح، ولكن إذا صارت المسوغات في بيع الأب أيضا كما في الوصي صار حسنا مفيدا أيضا لأن الأخذ بالاتفاق أوفق هكذا أفادنيه شيخنا الشيخ محمد مراد السقاميني رحمه الله تعالى ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فإن فعل تصدق بالربح‏)‏ أي عندهما ويضمن رأس المال‏:‏ وعند أبي يوسف يسلم له الربح ولا يتصدق بشيء خانية‏.‏ وفيها‏:‏ ولا يملك إقراض مال اليتيم، فإن أقرض ضمن والقاضي يملكه، والصحيح أن الأب كالوصي لا كالقاضي، ولو أخذه الوصي قرضا لنفسه لا يجوز ويكون دينا عليه‏.‏ وقال محمد‏:‏ وأما أنا أرجو أنه لو فعل ذلك وهو قادر على القضاء لا بأس به ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين‏:‏ القاضي إنما يملك الإقراض إذا لم يجد ما يشتريه يكون غلة لليتيم لا لو وجده أو وجد من يضارب، وفي الحاوي الزاهدي‏:‏ القاضي يأمر الوصي بالاتجار والشركة في مال اليتيم دون المعاملة لأجل الربح ا هـ‏.‏ وأفاد الرملي أن ما يفعله بعض جهلة القضاة أنهم يقضون بالربح من غير معاملة في ماله إذا عومل فيه أول مرة، ويستندون في ذلك لمن لا يعبأ بكلامه في المذهب فهو قضاء بالربا المحرم في سائر الأديان بمجرد خيالات فاسدة وهي النظر إلى اليتيم، وهل فيما حرم الله تعالى نظر ما هذا إلا ضلال بعيد ‏(‏قوله وجاز إلخ‏)‏ أفاد أنه لا يجبر الوصي على التجارة والتصرف بمال اليتيم، وبه صرح في نور العين عن مجمع الفتاوى، وقال البيري‏:‏ الوصي إذا امتنع من التصرف لا يجبر كما في الخلاصة‏.‏ وفي الحاوي الحصيري قال محمد بن مقاتل‏:‏ لو كان للميت على الناس ديون فليس للورثة أن يأخذوا الوصي باستخراج ذلك وقضائه ا هـ‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

لو أجره الأب أو الجد أو الوصي صح إذ لهم استعماله بلا عوض للتهذيب والرياضة فبالعوض أولى، والوصي لو استأجره لنفسه صح لا لو أجر نفسه لليتيم، ولو أجر الأب نفسه له صح وله قضاء دينه من مال ولده بخلاف الوصي، ولهما بيع ماله بدين نفسهما كرهنه به، ولا بأس للأب أن يأكل من ماله بقدر حاجته أو محتاجا ولا يضمن؛ بخلاف الوصي إلا إذا كان له أجرة فيأكل بقدرها، وليس للوصي في هذا الزمان أخذ مال اليتيم مضاربة ولا إقراض ماله، ولو أقرض لا يعد خيانة فلا يعزل بها، وله أن يوكل بكل ما يجوز له أن يعمله بنفسه، وتمام الفروع في 27 من جامع الفصولين

‏(‏قوله بأقل من ثمن المثل‏)‏ لعله محمول على الغبن الفاحش وإلا فقدم المصنف صحة بيعه وشرائه بما يتغابن الناس فيه ط ‏(‏قوله إلا في مسألة الوصية ببيع عبده من فلان‏)‏ تمام عبارة الأشباه فلم يرض الموصى له بثمن المثل فله الحط ا هـ‏.‏ أي إلى قدر ثلث المال‏.‏ قال البيري‏:‏ وفي تلخيص الكبرى أوصى بأن تباع أمته ممن أحبت جاز وتجبر ورثته على بيعها ممن أحبت، ولو أبى ذلك الرجل أخذها بقيمتها حط من قيمتها قدر ثلث مال الموصي زاد في الحاوي أنه يكون كالوصية ا هـ‏.‏ قال أبو السعود‏:‏ وانظر إذا كان جميع قيمتها يخرج من ثلث ماله هل تعطى له بدون ثمن، وقول الحاوي يكون كالوصية يقتضيه ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ فيه بحث فإنه أوصى ببيعها لا بدفعها مجانا والبيع لا بد فيه من ثمن وإن قل، فهو وصية من حيث المحاباة إلى الثلث لا من كل وجه، وقول الحاوي كالوصية يقتضيه حيث أتى بكاف التشبيه فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله للمتولي أجر مثل عمله‏)‏ حتى لو كان الوقف طاحونة يستغلها الموقوف عليهم فلا أجر له فيها كما في الخانية وهذا في ناظر لم يشترط له الواقف شيئا كما في الأشباه ط‏.‏ أقول‏:‏ وفي تعبيره بأجر المثل إشارة إلى أن القاضي ليس له أن يجعل له أكثر منه، حتى لو جعل له العشر كما هو المتعارف، فإن كان أكثر من أجر المثل يرد الزائد كما حققه العلامة البيري في كتاب القضاء من شرحه على الأشباه فراجعه فإنه مهم‏.‏ وأما لو شرط له الواقف شيئا فله أخذه وإن زاد على أجر المثل لأنه من الموقوف عليهم كما في البحر ‏(‏قوله وأما وصي الميت فلا أجر له على الصحيح‏)‏ تعقبه الرملي في فتاواه بما مر عن جامع الفصولين من أن الوصي لا يأكل من مال اليتيم ولو محتاجا إلا إذا كان له أجرة فيأكل بقدرها‏.‏ قال‏:‏ وفي الخانية والبزازية‏:‏ له ذلك لو محتاجا استحسانا‏.‏ وقد تقرر أن المأخوذ به الاستحسان إلا في مسائل ليست هذه منها‏.‏ ونقل القنية لا يعارض نقل قاضي خان فإنه من أهل الترجيح ا هـ‏.‏ ملخصا، وقال في حاشيته على الأشباه أواخر كتاب الأمانات بعد كلام طويل، ولا يخفى أن وصي الميت إذا امتنع عن القيام بالوصية إلا بأجر لا يجبر على العمل لأنه متبرع ولا جبر على المتبرع، فإذا رأى القاضي أن يعمل له أجرة المثل فما المانع منه‏؟‏ وهي واقعة الفتوى وقد أفتيت به مرارا ا هـ‏.‏ وبه أفتى في الحامدية أيضا‏.‏ أقول‏:‏ وعبارة الخانية وعن نصير‏:‏ للوصي أن يأكل من مال اليتيم ويركب دوابه إذا ذهب في حوائج اليتيم، وقال بعضهم‏:‏ لا يجوز وهو القياس، وفي الاستحسان يجوز أن يأكل بالمعروف إذا كان محتاجا بقدر ما سعى ا هـ‏.‏ أقول تقييده بالاحتياج موافقا - قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف‏}‏ لا يدل على جواز الأجرة لغير المحتاج، ويأتي تمام الكلام على الأكل في الفروع ولم يذكر ما إذا استأجره الميت‏.‏ وفي الخانية‏:‏ أوصى إلى رجل واستأجره بمائة درهم لإنفاذ وصيته، قالوا لا يكون إجارة لأنه إنما يصير وصيا بعد الموت والإجارة تبطل به بل يكون صلة فيعطى له من الثلث‏.‏ قال لك أجر مائة على أن تكون وصيا اختلفوا فيه‏.‏ قال نصير‏:‏ الإجارة باطلة ولا شيء له، وقال أبو سلمة‏:‏ الشرط باطل والمائة وصية له ويكون وصيا، وبه أخذ أبو جعفر وأبو الليث ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وهذا‏)‏ أي ثبوت أجر المثل للمتولي إذا عين إلخ فلو كان أكثر فليس له إلا أجر مثل عمله، ولو أجر المثل أكثر ليس له إلا ما عين له لرضاه به هذا ما ظهر ط ‏(‏قوله وسعى فيه سنة‏)‏ أي مثلا ط ‏(‏قوله فلا شيء له‏)‏ لسعيه متبرعا ‏(‏قوله ثم ذكر‏)‏ أي في الأشباه عن القنية ما يخالفه حيث قال إنه يستحق وإن لم يشترط له القاضي ‏(‏قوله فافهم‏)‏ تنبيه على ما بين كلاميه من المخالفة أو على اختيار الثاني لتأخره، وبه أفتى في الخيرية ناقلا عن البحر أن القيم يستحق أجر سعيه سواء شرط له أو لا لأنه لا يقبل القوامة ظاهرا إلا بأجر والمعهود كالمشروط ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وقد مر في الوقف‏)‏ الذي في موضعين منه أن له أجر مثل عمله وكأنه استفاد من إطلاقه أن له ذلك وإن لم يشترط له تأمل ‏(‏قوله جاز‏)‏ فلو أراد أجرة لعمله قبل فرض القاضي ليس له ذلك لشروعه متبرعا كما في الخيرية ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي من أنه يبيع المنقول بما يتغابن فيه دون العقار إلا في المستثنيات‏.‏ ‏(‏قوله على ما مر من التفصيل‏)‏ أي من أنه يبيع على الكبير الغائب في غير العقار إلا الدين ‏(‏قوله وفاء‏)‏ بالنصب مفعول مطلق‏:‏ أي بيع وفاء وهو المسمى بيعا جائزا وبيع طاعة، وتقدم الكلام عليه قبيل الكفالة‏:‏ قال في جامع الفصولين‏:‏ للوصي بيع العقار بيعا بالوفاء، وقيل لا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لأن فيه استبقاء ملكه‏)‏ بناء على الصحيح من أنه منزل منزلة الرهن ‏(‏قوله وتمامه فيما علقته على الملتقى‏)‏ حيث قال‏:‏ وإنما لم يحصر التصرف في الوصي إشارة إلى جواز تصرف غيره كما إذا خاف من القاضي على ماله أي مال الصغير فإنه يجوز لواحد من أهل السكة أن يتصرف فيه ضرورة استحسانا وعليه الفتوى ذكره القهستاني

‏(‏قوله ولا يجوز إقراره بدين على الميت‏)‏ لأنه إقرار على الغير منح، فلا يجوز للمقر له أخذه حتى يقيم برهانا ويحلف يمينا ويضمن الوصي لو دفع إلى المقر له ط فلولا بينة له والوصي يعلم بالدين فالحيلة ما في الخانية والخلاصة عن نصير أنه إن كان في التركة صامت يودعه قدر الدين وإلا يبيعه من التركة بقدره ثم يجحد الغريم ذلك فيصير قصاصا‏.‏ قال في أدب الأوصياء عن الخاصي‏:‏ والفتوى عليه‏.‏ وفي الخانية أيضا‏:‏ شهد عنده عدل أن لهذا الرجل على الميت ألف درهم‏.‏ حكي عن أبي سليمان أنه قال وسع الوصي أن يعطيه إلا أن يخاف على نفسه الضمان، قيل له فإن كان جارية بعينها يعلم أن الميت غصبها منه قال يدفعها إليه وإلا صار غاصبا ضامنا ‏(‏قوله فيصح في حصته‏)‏ أي يصح إقراره فيها فيؤخذ جميع ما أقر به من حصته فافهم وهذا بخلاف ما إذا أقر بالوصية بالثلث حيث يلزمه في ثلث حصته كما تقدم قبيل باب العتق في المرض، وقيل الدين كذلك فيلزمه قدر ما يخص حصته منه، واختاره أبو الليث كما ذكره المصنف في كتاب الإقرار قبيل باب الاستثناء‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

تركة فيها دين لم يستغرق، قسمت فجاء الغريم فإنه يأخذ من كل منهم حصته من الدين، وهذا إذا أخذهم جملة عند القاضي، أما لو ظفر بأحدهم أخذ منه جميع ما في يده جامع الفصولين ‏(‏قوله ولو أقر بعين‏)‏ أي في يده كما في أدب الأوصياء وهذا إذا لم تكن من التركة وإلا لا يجوز إقراره لقوله قبله ولا بشيء من تركته ‏(‏قوله لا يسمع‏)‏ لتناقضه لأن إقراره وإن كان لا يمضي على غيره فهو يمضي عليه حتى لو ملكها يوما أمر بدفعها إلى المقر له ط

‏(‏قوله ووصي أبي الطفل أحق إلخ‏)‏ الولاية في مال الصغير للأب ثم وصيه ثم وصي وصيه ولو بعد، فلو مات الأب ولم يوص فالولاية لأبي الأب ثم وصيه ثم وصي وصيه فإن لم يكن فللقاضي ومنصوبه، ولو أوصى إلى رجل والأولاد صغار وكبار فمات بعضهم وترك ابنا صغيرا فوصي الجد وصي لهم يصح بيعه عليه كما صح على أبيه في غير العقار فليحفظ‏.‏ وأما وصي الأخ والأم والعم وسائر ذوي الأرحام ففي شرح الإسبيجابي أن لهم بيع تركة الميت لدينه أو وصيته إن لم يكن أحد ممن تقدم لا بيع عقار الصغار إذ ليس لهم إلا حفظ المال ولا الشراء للتجارة ولا التصرف فيما يملكه الصغير، من جهة موصيهم مطلقا لأنهم بالنظر إليه أجانب، نعم لهم شراء ما لا بد منه من الطعام والكسوة وبيع منقول ورثة اليتيم من جهة الموصي لكونه من الحفظ لأن حفظ الثمن أيسر من حفظ العين ا هـ‏.‏ من أدب الأوصياء وغيره وفي جامع الفصولين‏:‏ والأصل فيه أن أضعف الوصيين في أقوى الحالين كأقوى الوصيين في أضعف الحالين وأضعف الوصيين وصي الأم والأخ والعم وأقوى الحالين حال صغر الورثة وأقوى الوصيين وصي الأب والجد والقاضي وأضعف الحالين حال كبر الورثة ثم وصي الأم في حال صغر الورثة كوصي الأب في حال كبر الورثة عند غيبة الوارث فللوصي بيع منقوله لا عقاره كوصي الأب حال كبرهم ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وإن لم يكن‏)‏ أي يوجد ‏(‏قوله كما تقرر في الحجر‏)‏ الأولى في المأذون ط ‏(‏قوله ليس للجد إلخ‏)‏ قال في الخانية‏:‏ فرق أبو حنيفة بين الوصي وأبي الميت فلوصي الميت بيع التركة لقضاء الدين وتنفيذ الوصية وأبو الميت له بيعها لقضاء الدين على الأولاد لا لقضاء الدين على الميت‏.‏ قال شمس الأئمة الحلواني‏:‏ هذه فائدة تحفظ من الخصاف‏.‏ وأما محمد فأقام الجد مقام الأب وبقول الخصاف يفتى ا هـ‏.‏ وفي جامع الفصولين‏:‏ للجد بيع العروض والشراء إلا أنه لو باع التركة لدين أو وصية لم يجز بخلاف وصي الأب ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بخلاف الوصي‏)‏ أي وصي الأب كما في أدب الأوصياء، وظاهره أن وصي الجد كالجد فلا يملك ذلك بالأولى تأمل، قال ط‏:‏ فيرفع الغرماء أمرهم إلى القاضي ليبيع لهم بقدر ديونهم وكذا الموصى لهم، والله تعالى أعلم‏.‏