فصل: كتاب الخنثى

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


كتاب الخنثى

هو فعلى من الخنث أي بالفتح والسكون‏:‏ وهو اللين والتكسر، يقال خنثت الشيء فتخنث‏:‏ أي عطفته فانعطف ومنه سمي المخنث، وجمع الخنثى الخناثى بالفتح كحبلى وحبالى ا هـ‏.‏ شرح السراجية للسيد‏.‏ واعلم أن الله تعالى خلق بني آدم ذكورا وإناثا كما قال‏:‏ ‏{‏وبث منهما رجالا كثيرا ونساء‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور‏}‏ وقد بين حكم كل واحد منهما ولم يبين حكم من هو ذكر وأنثى، فدل على أنه لا يجتمع الوصفان في شخص واحد، وكيف وبينهما مضادة ا هـ‏.‏ كفاية ‏(‏قوله وهو ذو فرج‏)‏ أراد به هنا قبل المرأة وإلا فالفرج يطلق على قبل المرأة والرجل باتفاق أهل اللغة مغرب ‏(‏قوله أو من عري إلخ‏)‏ بكسر الراء بمعنى خلا قال الأتقاني‏:‏ وهذا أبلغ وجهي الاشتباه ولهذا بدأ محمد به ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وقوله ذو فرج وذكر تفسير الخنثى لغة، وأما هذا فقد صرح الزيلعي وغيره بأنه ملحق بالخنثى، ويدل عليه قول محمد هو عندنا والخنثى المشكل في أمره سواء، فقد سوى بينهما في الحكم لا في الدلالة، وكونه أبلغ في الاشتباه لا يدل على تسميته خنثى لغة، ولذا قال القهستاني‏:‏ وإن لم يكن له شيء منهما وخرج بوله من سرته ليس بخنثى، ولذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف‏:‏ لا ندري اسمه كما في الاختيار‏.‏ وقال محمد‏:‏ إنه في حكم الخنثى ا هـ‏.‏ فافهم ‏(‏قوله فإن بال إلخ‏)‏ أي إذا وقع الاشتباه فالحكم للمبال لأن منفعة الآلة عند انفصال الولد من الأم خروج البول فهو المنفعة الأصلية للآلة وما سواه من المنافع يحدث بعدها، وهذا حكم جاهلي وقد قرره النبي صلى الله عليه وسلم وتمامه في المطولات‏.‏ ‏(‏قوله فالحكم للأسبق‏)‏ لأنه دليل على أنه هو العضو الأصلي ولأنه كما خرج البول حكم بموجبه لأنه علامة تامة فلا يتغير بعد ذلك بخروج البول من الآلة الأخرى زيلعي ‏(‏قوله وإن استويا‏)‏ بأن خرج منهما معا ‏(‏قوله فمشكل‏)‏ لم يقل مشكلة لأنه لم يتعين أحد الأمرين فجاء على الأصل وهو التذكير، أو لأنه لما احتمل الذكورة والأنوثة غلب التذكير أفاده الأتقاني ‏(‏قوله ولا تعتبر الكثرة‏)‏ لأنها ليست بدليل على القوة لأن ذلك لاتساع المخرج وضيقه لا لأنه هو العضو الأصلي، ولأن نفس الخروج دليل بنفسه فالكثير من جنسه لا يقع به الترجيح عند المعارضة كالشاهدين والأربعة، وقد استقبح أبو حنيفة ذلك فقال‏:‏ وهل رأيت قاضيا يكيل البول بالأواقي زيلعي ‏(‏قوله كما يحتلم الرجل‏)‏ بأن خرج منيه من الذكر ط ‏(‏قوله أو لبن‏)‏ أي في ثديه كلبن النساء وإلا فالرجل قد يخرج من ثديه لبن‏.‏ وفي الجوهرة‏:‏ فإن قيل ظهور الثديين علامة مستقلة فلا حاجة إلى ذكر اللبن، قيل لأن اللبن قد ينزل ولا ثدي أو يظهر له ثدي لا يتميز من ثدي الرجل فإذا نزل اللبن وقع التمييز ا هـ‏.‏ ط عن الحموي‏.‏ ‏(‏قوله أو حبل‏)‏ بأن أخذ المني بقطنة وأدخله فرجه فحبل ط عن سري الدين ‏(‏قوله أو أمكن وطؤه‏)‏ بأن اطلع عليه النساء فذكرن ذلك أفاده ط، وعبارة غيره أو جومع كما يجامع النساء ‏(‏قوله أو تعارضت العلامات‏)‏ كما إذا نهد ثديه ونبتت لحيته معا، أو أمنى بفرج الرجل وحاض بفرج المرأة، أو بال بفرجها وأمنى بفرجه قهستاني ‏(‏قوله وعن الحسن‏)‏ أي البصري‏.‏ قال في المعراج‏:‏ وحكي عن علي والحسن أنهما قالا‏:‏ تعد أضلاعه، فإن أضلاع المرأة أكثر من أضلاع الرجل‏.‏ وقال جابر بن زيد‏:‏ يوقف إلى جانب حائط، فإن بال عليه فهو رجل، وإن تسلسل على فخذيه فهو امرأة وليس كلا القولين بصحيح ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله يزيد‏)‏ صوابه ينقص كما علمت وارجع إلى حاشية الحموي على الأشباه ‏(‏قوله وحينئذ‏)‏ أي حين إذ أشكل

‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ أقول‏:‏ وبالله التوفيق، إن الأخذ في أمره بالأحوط ليس على سبيل الوجوب دائما بل قد يكون مستحبا في كثير من المسائل‏:‏ منها ما ذكره الشارح لأن إشكاله أورث شبهة وهي لا نرفع الثابت بيقين، لأن عدم الجناية وعدم التحريم كانا ثابتين يقينا فلا يرتفعان بشبهة أنوثته فيستحب الاحتياط، بخلاف توريثه ونحوه مما سيأتي، إذ ليس فيه رفع الثابت يقينا فلذا وجب الاحتياط فيه‏.‏ ويدل على ما قلنا ما في غاية البيان عن شرح الكافي للسرخسي‏:‏ إذا وقف في صف النساء فأحب إلي أن يعيد الصلاة كذا قال محمد في الأصل، وذلك لأن المسقط وهو الأداء معلوم، والمفسد وهو المحاذاة موهوم، وللتوهم أحب إعادة الصلاة، وإن قام في صف الرجال فصلاته تامة ويعيد من عن يمينه وعن يساره والذي خلفه بحذائه على طريق الاستحباب لتوهم المحاذاة ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ثم لا يخفى عليك أن الكلام في الخنثى الذي تعارضت فيه العلامات، فلا يرد أن إمكان الإيلاج فيه أو ظهور لبن له علامة أنوثته فيجب الغسل ويثبت التحريم، لأن ذلك علامة الأنوثة عند الانفراد وعدم التعارض وليس الكلام فيه فافهم‏.‏ ‏(‏قوله فيقف بين صف الرجال والنساء‏)‏ إذ لو وقف مع الرجال احتمل أنه أنثى أو مع النساء احتمل أنه رجل وقدمنا حكمه‏.‏

‏(‏قوله وإذا بلغ حد الشهوة‏)‏ أي إذا كان مراهقا وإلا فللرجل أن يختنه قهستاني عن الكرماني‏.‏ أقول‏:‏ تقدم في شروط الصلاة عن السراج أنه لا عورة للصغير جدا، ثم ما دام لم يشته فقبل ودبر ثم تتغلظ إلى عشر سنين ثم كبالغ ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله لتكون أمته‏)‏ فيجوز نظرها إليه إن كان ذكرا، وقوله أو مثله‏:‏ أي إن كان أنثى فيكون نظر الجنس إلى الجنس، وهو جائز حالة العذر كنظر القابلة وقت الولادة أو لقرحة في الفرج ونحو ذلك ‏(‏قوله احتياطا‏)‏ إذ في كل احتمال نظر الجنس إلى خلاف الجنس وهو أغلظ فلا يجوز إلا لضرورة ‏(‏قوله فمن بيت المال‏)‏ هذا إذا كان أبوه معسرا وإلا فمن ماله قهستاني عن الذخيرة ‏(‏قوله ثم تباع‏)‏ أي ويرد ثمنها إلى بيت المال ‏(‏قوله أو يزوج إلخ‏)‏ هذا قول الحلواني‏.‏ قال في الكفاية‏:‏ وذكر شيخ الإسلام أنه لا يفيد لأن النكاح موقوف والنكاح الموقوف لا يفيد إباحة النظر إلى الفرج‏.‏ أقول‏:‏ وقد يجاب بأن كونه موقوفا إنما هو من حيث الظاهر، وإلا فالنكاح في نفس الأمر إما صحيح إن كان ذكرا فيحل النظر وإما باطل إن كان أنثى فيكون فيه نظر الجنس إلى الجنس فهو مفيد على كل حال بناء على ما في نفس الأمر تدبر ‏(‏قوله ثم يطلقها‏)‏ أي إذا كان بالغا

‏(‏قوله ويكره له لبس الحرير والحلي‏)‏ لأنه حرام على الرجال دون النساء وحاله لم يتبين بعد فيؤخذ بالاحتياط فإن الاجتناب عن الحرام فرض والإقدام على المباح مباح فيكره حذرا عن الوقوع في الحرام عناية ‏(‏قوله ثبتت حرمة المصاهرة‏)‏ أي فلا يحل للمقبل بشهوة أن يتزوج أمه قال السائحاني‏:‏ وكذا لو قبلته امرأة لا تتزوج أباه حتى يتضح الحال بظهوره مثل المقبل ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وكأن وجهه أن الأصل في الخروج التحريم واحتمال أنه مثل المقبل لا يرفع هذا الأصل الثابت فلا ينافي ما حررناه سابقا تأمل

‏(‏قوله ولا يسافر بغير محرم‏)‏ أي من الرجال‏.‏ ويكره مع امرأة ولو محرما لجواز كونه أنثى فيكون سفر امرأتين بلا محرم لهما وذلك حرام إتقاني

‏(‏قوله بعد تقرر إشكاله‏)‏ أي تقرره عندنا بعلمنا كما لو رأينا له ثديين ولحية‏.‏ قلت‏:‏ وبه يحصل التوفيق أي فلا خلاف في المسألة والظاهر أن الذي أوهم المصنف أنهما قولان كلام الزيلعي حيث قال وإن قال الخنثى أنا رجل أو امرأة لم يقبل قوله إن كان مشكلا لأنه دعوى بلا دليل‏.‏ وفي النهاية عن الذخيرة إن قال الخنثى المشكل أنا ذكر أو أنثى فالقول له لأنه أمين في حق نفسه والقول للأمين ما لم يعرف خلاف ما قال، والأول ذكره في الهداية ا هـ‏.‏ كلام الزيلعي ملخصا‏.‏ أقول‏:‏ ولا منافاة بينهما لأن مراد الذخيرة بالخنثى المشكل الذي لم يظهر لنا إشكاله بدليل قوله ما لم يعرف خلاف ما قال، ويدل عليه أيضا آخر عبارة الذخيرة المذكورة في النهاية ونصه‏:‏ ولما لم يعرف كونه مشكلا لم يعرف خلاف ما قال فصدق فيما قال، ومتى عرف كونه مشكلا فقد عرف خلاف ما قال وعرف أنه مجازف في مقالته لأنه لا يعرف من نفسه إذا كان مشكلا إلا ما نعرفه نحن ا هـ‏.‏ وهذا الزيلعي فأوهم أن ما في الذخيرة خلاف ما في الهداية وتبعه المصنف فجعلهما قولين مع أنه في الكفاية شرح كلام الهداية بكلام الذخيرة ‏(‏قوله إلا أن يحمل على هذا‏)‏ أي على أنه أراد قبل تقرر إشكاله، ويؤيده أن السيد قدس سره لم يذكر المشكل وقيد بالأمور الباطلة التي لا تقرر لنا إشكاله فإنه قال وقوله مقبول فيما كان من هذه الأمور باطنا لا يعلمه غيره ثم قال وإذا أخبر الخنثى بحيض أو مني أو ميل إلى الرجال أو النساء يقبل قوله ولا يقبل رجوعه بعد ذلك إلا أن يظهر كذبه يقينا مثل أن يخبر بأنه رجل ثم يلد فإنه يترك العمل بقوله السابق ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ويمم‏)‏ أي بخرقة إن يممه أجنبي وبغيرها إن يممه ذو رحم محرم منه، ويعرض الأجنبي وجهه عن ذراعيه لجواز كونه امرأة ولا يشتري جارية للغسل كما كان يفعل للختان لأنه بعد الموت لا يقبل المالكية فالشراء غير مفيد عناية وكذا لو كانت له أمة فإن ملكه وإن بقي بعد موته إلا أن الأمة لا تغسل سيدها بخلاف الزوجة وبه اندفع ما أورده ابن الكمال من بقاء ملكه كما حرره في الدر المنتقى ‏(‏قوله ولا يحضر‏)‏ أي لا يغسل رجلا ولا امرأة نهاية ومعراج، والتقييد بالمراهق لكونه بعد البلوغ لا يبقى مشكلا غالبا ‏(‏قوله ذكرا أو أنثى‏)‏ أي ذكرا كان الميت أو أنثى وفي بعض النسخ ذكر بالجر ‏(‏قوله وندب تسجية قبره‏)‏ أي تغطيته لأنه إن كان أنثى أقيم واجب وإن كان ذكرا لا تضره التسجية زيلعي، ولعله أراد بالواجب ستر عورة الأنثى وإلا فالتسجية مستحبة لا واجبة منح ‏(‏قوله ثم هو‏)‏ أي الخنثى فيؤخر عن الرجل لاحتمال أنه امرأة ولو دفن مع رجل في قبر واحد لعذر جعل خلف الرجل ويجعل بينهما حاجز من صعيد ولو مع امرأة قدم عليها لاحتمال أنه رجل، ويكفي في خمسة أثواب كالمرأة، وتمامه في المنح ‏(‏قوله في أحكامه‏)‏ أي في بحث أحكام الخنثى وذكرها في المنح أيضا

‏(‏قوله يعني أسوأ الحالين‏)‏ إنما حول العبارة ليشمل كونه محروما على تقدير ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قال في المنح اعلم أن عند أبي حنيفة أقل النصيبين أن ينظر إلى نصيبه إن كان ذكرا وإلى نصيبه إن كان أنثى فأيهما أقل يعطاه وإن كان محروما على أحد التقديرين فلا شيء له ‏(‏قوله وقالا نصف النصيبين‏)‏ أي نصف مجموع حظ الذكر والأنثى‏.‏ ثم اعلم أن هذا قول الشعبي، ولما كان من أشياخ أبي حنيفة وله في هذا الباب قول منهم اختلف أبو يوسف ومحمد في تخريجه فليس هو قولا لهما لأن الذي في السراجية أن قول أبي حنيفة هو قول أصحابه وهو قول عامة الصحابة وعليه الفتوى وذكر في النهاية والكفاية أن الذي في عامة الروايات أن محمدا مع الإمام وكذا أبو يوسف في قوله الأول ثم رجع إلى ما فسر به كلام الشعبي‏.‏ ‏(‏قوله وعند أبي يوسف إلخ‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ واختلف أبو يوسف ومحمد في تخريج قول الشعبي فقال أبو يوسف الميراث بينهما على سبعه أسهم للابن أربعة وللخنثى ثلاثة اعتبر نصيب كل واحد منها حالة انفراده فإن الذكر لو كان وحده كان له كل المال والخنثى لو كان وحده إن كان ذكرا فكذلك وإلا فنصف المال فيأخذ نصف النصيبين نصف الكل ونصف النصف وذلك ثلاثة أرباع المال وللابن أي الواضح كل المال فيجعل كل ربع سهما فبلغ سبعة أسهم للابن أربعة وللخنثى ثلاثة، لأن الابن يستحق الكل على الانفراد والخنثى ثلاثة الأرباع فيضرب كل منهما بجميع حقه بطريق العول والمضاربة‏.‏ وقال محمد بينهما على اثني عشر سبعة للابن وخمسة للخنثى اعتبر نصيب كل واحد منهما حالة اجتماع فلو كان الخنثى ذكرا فالمال بينهما نصفين ولو أنثى كان أثلاثا فالقسمة على الذكورة من اثنين وعلى الأنوثة من ثلاثة فيضرب أحدهما في الآخر تبلغ ستة للخنثى، على أنه أنثى سهمان وعلى أنه ذكر ثلاثة فله نصفهما ونصف الثلاثة كسر فتضرب الستة في اثنين تبلغ اثني عشر، فللخنثى ستة على أنه ذكر وأربعة على أنه أنثى فله نصفهما خمسة ا هـ‏.‏ ملخصا وتمامه فيه‏.‏ وأشار في الهداية إلى اختيار قول محمد للاتفاق على تقليل نصيب الخنثى، وما ذهب إليه محمد أقل مما ذهب إليه أبو يوسف سهم من أربعة وثمانين سهما وطريق معرفته، أن تضرب السبعة في اثني عشر تبلغ أربعة وثمانين وحصة الخنثى من السبعة ثلاثة فاضربها في اثني عشر تكون ستة وثلاثين وحصته من الاثني عشر خمسة فاضربها في السبعة تكون خمسة وثلاثين فظهر أن التفاوت بسهم من أربعة وثمانين كما في العناية وغيرها ‏(‏قوله وولديها‏)‏ أي أخوين لأم ‏(‏قوله ولو مات عن عمه إلخ‏)‏ أي لو مات رجل عن عمه وعن ابن أخيه حال كون ابن الأخ خنثى فالضمير في عمه للرجل الميت، وهذا مثال لحرمانه على تقدير الأنوثة وما قبله على تقدير الذكورة ‏(‏قوله وكان المال للعم‏)‏ لأن بنت الأخ لا ترث، ولو قدر ذكرا كان المال كله له دون العم لأن ابن الأخ مقدم على العم ط والله تعالى أعلم‏.‏

مسائل شتى

‏(‏قوله جمع شتيت إلخ‏)‏ فهو فعيل بمعنى فاعل حمل على فعيل بمعنى مفعول كمريض ومرضى ولذا جمع على فعلى قهستاني ‏(‏قوله ما لا يذكر‏)‏ الأولى ما لم كما عبر غيره ‏(‏قوله فينتج‏)‏ أي من الشكل الأول بعد تسليم الصغرى ‏(‏قوله بل أولى‏)‏ لأن تأثير المائع في التصرف فوق تأثير غيره منح فإذا كان عرق الجلالة التي غذيت بالنجاسة الجامدة نجسا فعرق مدمن الخمر المائع أولى ‏(‏قوله وما أسمج‏)‏ من السماجة وهي القبح كما في القاموس ‏(‏قوله قال ابن العز‏)‏ بمهملة فمعجمة وهو من شراح الهداية ‏(‏قوله فحينئذ‏)‏ أي فحين إذ كان عرقه نجسا ينقض لقاعدة كل خارج نجس ينقض الوضوء ط ‏(‏قوله وهو مع غرابته‏)‏ أي تفرد ابن العز باستنباطه ‏(‏قوله لا يشهد له رواية‏)‏ أي دليل منقول ولا دراية أي دليل معقول ‏(‏قوله ويشهد لبطلانها إلخ‏)‏ حاصله استدلال بالقياس على مسألة الجدي بجامع الاستهلاك ولذا فرع عليه بقوله فكذلك نقول إلخ، ولا يخفى أن القياس دليل معقول فافهم ‏(‏قوله بصيرورته مستهلكا‏)‏ يعني بخلاف الجلالة فإن ما تتناوله لكونه جامدا لا يصير مستهلكا بل يحيل لحمها إلى نتن وفساد تأمل ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله ويكفينا في ضعفه غرابته إلخ‏)‏ قال الرملي أيضا في حاشية المنح، وتقدم في كتاب الأشربة عن المحقق ابن وهبان أنه لا تعويل ولا التفات إلى كل ما قاله صاحب القنية مخالف للقواعد ما لم يعضده نقل من غيره، ولم ينقل عن أحد من علمائنا المتقدمين والمتأخرين أن عرق مدمن الخمر ناقض للضوء سوى ما بحثه ابن العز‏.‏ وقد يفرق بأن مدمن الخمر يخلط والجلالة لا تخلط‏:‏ حتى لو كانت تخلط لا يحكم بنجاسة عرقها كما قالوا في تفسيرها، وغاية ما فيه أنه يقع الشك في تولد العرق منه أو من غيره، ولا نقض بالشك‏.‏ على أنا ما أثبتنا النقض بالخارج المحقق النجاسة من غير السبيلين إلا بعد علاج قوي ومنازعة كلية بيننا وبين الشافعية فكيف يثبت النقض بشيء موهوم‏.‏ وأيضا نفس عرق الجلالة في نجاسته منازعة، إذ صرحوا قاطبة بكراهة لحمها إذا تغير وأنتن، وإنما يستعملون الكراهة لريب في الحرمة والحرمة فرع النجاسة والنقض بها إنما يكون بما لا ريب فيه، ويلزم مما بحثه ابن العز نقض الوضوء بعرق من أكل أو شرب نجاسة ما في زمن مداومته ولم يقل به أحد ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ أقول‏:‏ ويلزم عليه أيضا النقض بدموعه وريقه لأنهما كالعرق، وأن يكون حكمه حكم المعذور لخروج ريقه دائما وهذا لم يقل به أحد أيضا، وقدم الشارح في كتاب الطهارة أن سؤر الإبل والبقر الجلالة مكروه تنزيها‏.‏ وفي الخانية أن عرق الجلالة طاهر ‏(‏قوله وخروجه عن الجادة‏)‏ هي معظم الطريق كما في القاموس، والمراد طريق الفقه ‏(‏قوله عن السرح‏)‏ بمهملات قال في جامع اللغة‏:‏ السرح المال، وشجر عظام طوال، والمراد بها مسائل الفقه ا هـ‏.‏ ح فهو استعارة مصرحة‏.‏

‏(‏قوله فإن كان الخرء صلبا‏)‏ بضم الصاد المهملة‏:‏ أي يابسا زاد في مختارات النوازل‏:‏ وإن كان متفتتا ما لم يتغير طعمه يؤكل أيضا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولا يفسد إلخ‏)‏ قال في البحر‏:‏ وفي المحيط وخرء الفأرة وبولها نجس لأنه يستحيل إلى نتن وفساد، والاحتراز عنه ممكن في الماء لا في الطعام والثياب فصار معفوا فيهما‏.‏ وفي الخانية‏:‏ بول الهرة والفأرة وخرؤهما نجس في أظهر الروايات يفسد الماء والثوب، وبول الخفافيش وخرؤه لا يفسد لتعذر الاحتراز عنه ا هـ‏.‏ وفي القهستاني عن المحيط خرء الفأرة لا يفسد الدهن والحنطة المطحونة ما لم يتغير طعمها‏.‏ قال أبو الليث‏:‏ وبه نأخذ

‏(‏قوله في السنن الرواتب‏)‏ وهي ثلاثة رباعية الظهر، ورباعية الجمعة القبلية والبعدية، وهذا هو الأصح لأنها تشبه الفرائض‏.‏ واحترز به عن الرباعيات المستحبات والنوافل فإنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في القعدة الأولى ثم يقرأ دعاء الاستفتاح أفاده ط

‏(‏قوله في الجمعة‏)‏ أي في يومها فإنها ورد فيها ساعة إجابة أي للدعاء بعينه ط ‏(‏قوله وقت العصر‏)‏ وقيل من حين يخطب إلى أن يفرغ من الصلاة كما ثبت في مسلم عنه صلى الله عليه وسلم‏.‏ قال النووي‏:‏ وهو الصحيح بل هو الصواب ا هـ‏.‏ قال ط‏:‏ ويكفي الدعاء بقلبه كما ذكره الشرنبلالي وقيل آخر ساعة فيه، وهو مذهب الزهراء رضي الله عنها ا هـ‏.‏ وعلى الأول فالظاهر أنها دائرة في جميع وقت العصر، وهو من حين بلوغ ظل الشيء مثله أو مثليه على الاختلاف في القولين إلى الغروب حموي

‏(‏قوله على قوله عليكم‏)‏ أي في التسليمة الأولى ‏(‏قوله بعده‏)‏ أي بعد السلام قبل قوله عليكم منح؛ والأولى أن يقول قبله ليرجع الضمير إلى مذكور صريحا وهو عليكم

‏(‏قوله لف ثوب نجس رطب‏)‏ أي مبتل بماء ولم يظهر في الثوب الطاهر أثر النجاسة، بخلاف المبلول بنحو البول لأن النداوة حينئذ عين النجاسة، وبخلاف ما إذا ظهر في الثوب الطاهر أثر النجاسة من لون أو طعم أو ريح فإنه يتنجس كما حققه شارح المنية وجرى عليه الشارح أول الكتاب ‏(‏قوله لا يتنجس‏)‏ لأنه إذا لم يتقاطر منه بالعصر لا ينفصل منه شيء وإنما يبتل ما يجاوره بالنداوة وبذلك لا يتنجس به وذكر المرغيناني إن كان اليابس هو الطاهر يتنجس لأنه يأخذ بللا من النجس الرطب، وإن كان اليابس هو النجس والطاهر والرطب لا يتنجس لأن اليابس النجس يأخذ بللا من الطاهر ولا يأخذ الرطب من اليابس شيئا زيلعي‏.‏ وظاهر التعليل أن الضمير في يسيل وعصر للنجس، وبه صرح صاحب مواهب الرحمن، ومشى عليه الشرنبلالي والمتبادر من عبارة المصنف كالكنز وغيره أنه للطاهر، وهو صريح عبارة الخلاصة والخانية ومنية المصلي وكثير من الكتب كالقهستاني وابن الكمال والبزازية والبحر، والأول أحوط ووجهه أظهر، والثاني أوسع وأسهل فتبصر‏.‏ ثم إن المسألة مذكورة في عامة كتب المذهب في بعضها بلا ذكر خلاف وفي بعضها بلفظ الأصح ‏(‏قوله كما لو نشر إلخ‏)‏ هذا موافق لما ذكره المرغيناني، وقد جعله الزيلعي مفرعا عليه حيث قال عقب عبارته السابقة وعلى هذا إذا نشر المبلول على حبل نجس هو يابس لا يتنجس الثوب لما ذكرنا من المعنى‏.‏ وقال قاضي خان في فتاواه‏:‏ إذا نام الرجل على فراش فأصابه مني ويبس وعرق الرجل وابتل الفراش من عرقه إن لم يظهر أثر البلل في بدنه لا يتنجس جسده، وإن كان العرق كثيرا حتى ابتل الفراش ثم أصاب بلل الفراش جسده وظهر أثره في جسده يتنجس بدنه، وكذا إذا غسل رجله فمشى على أرض نجسة بغير مكعب فابتل الأرض من بلل رجله واسود وجه الأرض لكن لم يظهر أثر بلل الأرض في رجله فصلى جازت صلاته، وإن كان بلل الماء في رجله كثيرا حتى ابتل وجه الأرض وصار طينا ثم أصاب الطين رجله لا تجوز صلاته‏.‏ ولو مشى على أرض نجسة رطبة ورجله يابسة تتنجس ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله على أرض نجسة‏)‏ بأن كانت مطينة بنحو الزبل، أما لو أصابتها نجاسة وجفت لم تبق ولم تعد النجاسة بإصابة الماء على المعتمد

‏(‏قوله كالعلماء‏)‏ أي والقضاة والعمال والمقاتلة وذراريهم والقدر الذي يجوز لهم أخذ كفايتهم ابن الشحنة ‏(‏قوله ظفر بما هو وجه لبيت المال‏)‏ كذا في بعض النسخ وفي أغلبها بدون هو، وعليه فوجه بالبناء للمفعول‏.‏ قال في البزازية قال الإمام الحلواني‏:‏ إذا كان عنده وديعة فمات المودع بلا وارث له أن يصرف الوديعة إلى نفسه في زمننا هذا لأنه لو أعطاها لبيت المال لضاع لأنهم لا يصرفون مصارفه، فإذا كان من أهله صرفه إلى نفسه وإلا صرفه إلى المصرف ا هـ‏.‏ منح

‏(‏قوله فعليه كفارة واحدة‏)‏ لأن الكفارة تسقط بالشبهة فتتداخل كالحد مجتبى‏.‏ ثم قال‏:‏ واختلف في التداخل فقيل لا تجب الثانية لتداخل السبب، وقيل تجب ثم تسقط، فأما إذا كفر الأول فلا اجتماع فلا تداخل

‏(‏قوله ولو في رمضانين إلخ‏)‏ لو وصلية، وأشار إلى أن التقييد برمضان واحد خلاف الصحيح وهو رواية عن محمد‏.‏ قال في المجتبى‏:‏ وأكثر مشايخنا قالوا الاعتماد على تلك الرواية، والصحيح أنه يكفيه كفارة واحدة لاعتبار معنى التداخل ‏(‏قوله ولم يعين‏)‏ أي أنه عن يوم كذا ‏(‏قوله ولو عن رمضانين إلخ‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ وكذا لو صام ونوى عن يومين أو أكثر جاز عن يوم واحد، ولو نوى عن رمضانين أيضا يجوز ا هـ‏.‏ وعليه فالمعنى أنه لو كان عليه يومان من رمضانين فقضى يوما ونواه عنهما يجوز صومه عن أحدهما ويبقى عليه الآخر لكن ذكره مسكين أن المراد أنه نواه عن يوم واحد منهما بلا تعيين شهره حيث قال‏:‏ واعلم أن المراد من قوله ولو عن رمضانين قضاء أحد رمضانين وإن لم ينو الصائم أول أو آخر رمضان ولم يرد جمعهما في النية، لأن ناوي القربتين في الصوم متنفل فليتأمل ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ويؤيده قول المتن كقضاء الصلاة إلخ فإن معناه أنه لو فاته الظهر من يومين مثلا فقضى ظهرا ولم يعين أحد اليومين صح، وليس المراد أنه نوى ظهرا واحدا من اليومين بقرينة ما بعده‏.‏ وفي قول مسكين لأن ناوي القربتين إلخ منافاة لصدر كلام الزيلعي‏.‏ وقد ذكر الشارح قبيل باب صفة الصلاة أنه لو نوى فائتتين فللأولى لو من أهل الترتيب وإلا لغا ا هـ‏.‏ ومقتضى ذلك أنه في الصوم يلغو إذ لا ترتيب فيه لأنه خاص بالصلاة وبه تأيد كلام مسكين وتأمل ذلك مع الأصل الآتي قريبا ‏(‏قوله صح أيضا وإن لم ينو إلخ‏)‏ قدم الشارح في باب شروط الصلاة عن القهستاني عن المنية أنه الأصح ا هـ‏.‏ ونقل ط تصحيحه عن الولوالجية أيضا وأن التعيين أحوط ‏(‏قوله والأصح اشتراط التعيين إلخ‏)‏ صححه أيضا في متن الملتقى، فقد اختلف التصحيح والتعيين أن يعين أنه صائم عن رمضان سنة كذا، وفي الصلاة أن يعين الصلاة ويومها بأن يعين ظهر يوم كذا، ولو نوى أول ظهر عليه أو آخره جاز وهذا مخلص من لم يعرف الأوقات التي فاتته أو اشتبهت عليه أو أراد التسهيل على نفسه‏.‏ والأصل فيه أن الفروض متزاحمة فلا بد من تعيين ما يريد أداءه والشرط تعيين الجنس الواحد بالنية لأنها شرعت لتمييز الأجناس المختلفة‏.‏ أما التعيين في الجنس الواحد‏:‏ أي في أفراده بعضها عن بعض فهو لغو لعدم الفائدة، حتى لو كان عليه قضاء يوم بعينه فصامه بنية يوم آخر أو كان عليه قضاء صوم يومين أو أكثر فصام ناويا عن قضاء يومين أو أكثر جاز، بخلاف ما إذا نوى عن رمضانين أو عن رمضان آخر لاختلاف الجنس، فصار كما لو نوى ظهرين أو ظهرا عن عصر، أو نوى ظهر السبت وعليه ظهر الخميس، ويعرف اختلاف الجنس باختلاف السبب كالصلوات حتى الظهرين من يومين، فإن الدلوك في يوم غيره في آخر، بخلاف صوم رمضان لتعلقه بشهود الشهر وهو واحد، لأنه عبارة عن ثلاثين يوما بلياليها فلا يحتاج فيه إلى تعيين يوم كذا، بخلاف رمضانين زيلعي ملخصا ‏(‏قوله ثم رأيته‏)‏ أي هذا التفصيل نقله عنه‏:‏ أي عن المحيط في الأشباه فافهم ‏(‏قوله وهذا مشكل‏)‏ لما مر أن كل صلاة جنس لاختلاف أسبابها فيشترط التعيين لتمييز الأجناس المختلفة، ولأنه لو كان الأمر كما قاله في المحيط لجاز مع وجوب الترتيب أيضا لإمكان صرفه إلى الأول إذ لا يجب التعيين عند الترتيب ولا يفيد ا هـ‏.‏ كذا أفاده الزيلعي ‏(‏قوله خلافه‏)‏ أي من التعيين ولو بأول ظهر أو آخره مثلا ط ‏(‏قوله وهو المعتمد‏)‏ قد علمت أن الثاني مصحح وإن كان الأحوط التعيين ط‏.‏

‏(‏قوله والحرق كالغسل‏)‏ لأن النار تأكل ما فيه من النجاسة حتى لا يبقى فيه شيء، أو تحيله فيصير الدم رمادا فيطهر بالاستحالة، ولهذا لو أحرقت العذرة وصارت رمادا طهرت للاستحالة، كالخمر إذا تخللت، وكالخنزير إذا وقع في المملحة وصار ملحا‏.‏ وعلى هذا قالوا‏:‏ إذا تنجس التنور يطهر بالنار حتى لا يتنجس الخبز، وكذلك إذا تنجس ممسحة الخباز تطهر بالنار زيلعي‏.‏ قال السائحاني‏:‏ وبهذا لا يظهر ما عزي لأبي يوسف أن السكين المموه بالماء النجس يموه بالطاهر ثلاثا لأنه لما دخل النار ومكث أدنى مدة لم يبق أثر النجاسة فيه لا ظاهرا ولا باطنا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وقد قدمه في الجهاد‏)‏ حيث قال‏:‏ ترك السلطان أو نائبه الخراج لرب الأرض أو وهبه له ولو بشفاعة جاز عند الثاني وحل له لو مصرفا وإلا تصدق به وبه يفتى‏.‏ وما في الحاوي من ترجيح حله لغير المصرف خلاف المشهور، ولو ترك العشر لا يجوز إجماعا ويخرجه بنفسه للفقراء خلافا لما في قاعدة تصرف الإمام منوط بالمصلحة من الأشباه معزيا للبزازية فتنبه ا هـ‏.‏ أي من أنه لو ترك السلطان العشر لمن هو عليه جاز غنيا كان أو فقيرا، لكن لو غنيا ضمنه السلطان للفقراء من بيت مال الخراج لبيت مال الصدقة، ولو فقيرا لا يضمن

‏(‏قوله عن زراعة الأرض‏)‏ أي المملوكة لهم ‏(‏قوله لمستحقه‏)‏ أي لمستحق الخراج ‏(‏قوله رعاية للحقين‏)‏ لأنه لا وجه إلى إزالة ملكهم بلا رضاهم من غير ضرورة ولا إلى تعطيل حق المقاتلة فتعين ما قلنا زيلعي ‏(‏قوله باعها لقادر‏)‏ أي على الزراعة، لأنه لو لم يبعها يفوت حق المقاتلة في الخراج أصلا، ولو باع يفوت حق المالك في العين، والفوات إلى خلف كلا فوات فيبيع تحقيقا للنظر من الجانبين زيلعي‏.‏ هذا وقد ذكر في البحر أنه قبل البيع إن شاء دفعها إلى غيره مزارعة، وإن شاء زرعها بنفقة من بيت المال، فإن لم يتمكن من ذلك ولم يجد من يقبلها مزارعة باعها إلخ ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ أصله للمصنف حيث استشكل قوله وأخذ الخراج الماضي بما في الخانية من قوله‏:‏ فإن اجتمع الخراج فلم يؤد سنتين عند أبي حنيفة يؤخذ بخراج هذه السنة ولا يؤخذ بخراج السنة الأولى ويسقط ذلك عنه كما قال في الجزية‏.‏ ومنهم من يقول لا يسقط الخراج بالإجماع بخلاف الجزية هذا إذا عجز عن الزراعة، فإن لم يعجز يؤخذ بالخراج عند الكل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله فيحمل إلى إلخ‏)‏ لم يحمله على حالة عدم العجز لأن فرض مسألتنا في العجز فافهم ‏(‏قوله الماضية فقط‏)‏ أي التي عجزوا فيها، وهي التي قبل السنة التي دفع فيها الإمام الأرض إلى غيرهم دون ما قبلها، ولا يحصل التداخل بمجرد دخول سنة الدفع حتى يرد عليه أنه يسقط خراج هذه الماضية، لأن وجوب الخراج بآخر الحول لا بأوله، بخلاف الجزية كما صرح في البحر فافهم

‏(‏قوله تحرى وأكل‏)‏ لأن للغالب حكم الكل، وكذا الزيت لو اختلط مع ودك الميتة أو الخنزير لا ينتفع به على كل حال إلا إذا غلب الزيت، لكن لا يحل أكله بل يستصبح به أو يبيعه مع بيان عيبه أو يدبغ به الجلود ويغسلها لأن المغلوب تبع للغالب ولا حكم للتبع لو كان معه ثياب مختلطة، ففي حالة الاضطرار بأن لا يجد طاهرا بيقين ولا ماء يغسلها به تحرى مطلقا لأن الصلاة بثوب نجس بيقين جائزة حالة الاضطرار بالإجماع ففي ثوب مشكوك أولى‏.‏ وأما في الاختيار فإن الغلبة للطاهر تحرى وإلا لا كالجواب في المساليخ، وكذا أواني الماء إلا أنه في حالة الاضطرار لو غلب النجس يتحرى للشرب إجماعا لأن شرب النجس بيقين يجوز للضرورة فالمشكوك أولى، ولا يتحرى للوضوء عندنا بل يتيمم، والأولى أن يريق الماء قبله أو بخلطه بالنجس وتمامه في غاية البيان‏.‏ أقول‏:‏ والمراد من اختلاط الزيت مع الودك اختلاط أجزائهما لا اختلاط أوانيهما ولذا لم يحل الأكل فتنبه ‏(‏قوله لا يتحرى‏)‏ أي إن لم يكن هناك علامة تعلم بها الذكية، فإن كانت فعليه الأخذ بها كما في الدر المنتقى‏.‏ قال في غاية البيان قالوا‏:‏ من علامة الميتة أنها تطفو فوق الماء والذكية لا، والأصح أن علامة المذكاة خلو الأوداج من الدم وعلامة الميتة امتلاؤها منه ‏(‏قوله بأن يجد ذكية‏)‏ أقول‏:‏ المراد أن يجد ما يسد به رمقه من لحم مذكى أو خبر أو غير ذلك ‏(‏قوله وإلا تحرى إلخ‏)‏ قال في الهداية‏:‏ أما في حال الضرورة يحل له التناول في جميع ذلك لأن الميتة المتيقنة تحل في حالة الضرورة، فالذي يحتمل أن يكون ذكية أو لا غير أنه يتحرى لأنه طريق يوصله إلى الذكية في الجملة فلا يتركه من غير ضرورة ا هـ‏.‏ قال في العناية‏:‏ وطولب بالفرق بين الغنم والثياب، فإن المسافر لو معه ثوبان طاهر ونجس لا غير ولا مميز بينهما يتحرى ويصلي، فقد جوز التحري فيما إذا كانا نصفين وفي المساليخ لم يجز‏.‏ وأجيب بأن حكم الثياب أخف لأنها لو كانت كلها نجسة له أن يصلي في بعضها لأنه مضطر، بخلاف الغنم إلخ، ومثله في النهاية والكفاية والمنح وغيرها‏.‏ أقول‏:‏ هذا عجيب منهم، فإن ما ذكروا من مسألة الثوبين حالة ضرورة، ولا فرق فيها بين الثياب والغنم كما سمعت التصريح به فيما قدمناه‏.‏ وفي قول الهداية يحل له التناول في جميع ذلك أي فيما إذا كانت الذكية غالبة أو مغلوبة أو مساوية فكيف يطلب الفرق فيما لا فرق فيه، وإن أرادوا الفرق بين الثياب في حالة الضرورة وبين الغنم في حالة الاختيار فهو ساقط أصلا إذ لا يطلب الفرق إلا عند اتحاد الحالتين، ثم رأيت العلامة الطوري نبه على ذلك، ولله الحمد والمنة ‏(‏قوله ومر في الحظر‏)‏ أي في أوله قبيل قوله ومن دعي إلى وليمة، ولفظ الحظر ساقط من أغلب النسخ

‏(‏قوله إيماء الأخرس‏)‏ أي إشارته بحاجب أو يد أو غير ذلك إذا عرف القاضي إشارته، وإلا ينبغي أن يستخبر ممن يعرفها من إخوانه وأصدقائه وجيرانه حتى يقول بين يدي القاضي أراد بهذه الإشارة كذا ويفسر ذلك ويترجم حتى يحيط علم القاضي بذلك، وينبغي أن يكون عدلا مقبول القول، لأن الفاسق لا قول له بيري عن الولوالجية، وإطلاقه يفيد اعتبار الإيماء مع قدرته على الكتابة وهو المعتمد، لأن كلا منهما حجة ضرورة كما في القهستاني وغيره در منتقى ‏(‏قوله وكتابته‏)‏ اعترض المقدسي بأن الأخرس الخلفي لا يعرف الكتابة ولا يمكن تعريفه إياها لأنها بإزاء الألفاظ المركبة من الحروف وهو لا ينطق ولا يسمع النطق ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ يمكن ذلك بتعريفه أن المعنى الفلاني يدل عليه بهذه الحروف المنقوشة على هذه الصورة تأمل ‏(‏قوله بخلاف معتقل اللسان‏)‏ بفتح القاف، يقال‏:‏ اعتقل لسانه بضم التاء إذا احتبس عن الكلام ولم يقدر عليه مغرب أي فلا يعتبر إيماؤه ولا كتابته إلا إذا امتدت عقلته كما يأتي وذلك لأن العارض على شرف الزوال فلا يقاس على الخرس الأصلي‏.‏ ثم اعلم أن هذا في كتابة غير مرسومة أي غير معتادة، لما في التبيين وغيره أن الكتاب على ثلاث مراتب‏:‏ مستبين مرسوم وهو أن يكون معنونا‏:‏ أي مصدرا بالعنوان، وهو أن يكتب في صدره من فلان إلى فلان على ما جرت به العادة فهذا كالنطق فلزم حجة‏.‏ ومستبين غير مرسوم كالكتابة على الجدران وأوراق الأشجار أو على الكاغد لا على الوجه المعتاد فلا يكون حجة إلا بانضمام شيء آخر إليه كالنية والإشهاد عليه والإملاء على الغير حتى يكتبه لأن الكتابة قد تكون للتجربة ونحوها، وبهذه الأشياء تتعين الجهة وقبل الإملاء بلا إشهاد لا يكون حجة والأول أظهر‏.‏ وغير مستبين كالكتابة على الهواء أو الماء وهو بمنزلة كلام غير مسموع ولا يثبت به شيء من الأحكام وإن نوى ا هـ‏.‏ والحاصل أن الأول صريح والثاني كناية والثالث لغو‏.‏ وبقي صورة رابعة عقلية لا وجود لها وهي مرسوم غير مستبين وهذا كله في الناطق ففي غيره بالأولى، لكن في الدر المنتقى عن الأشباه أنه في حق الأخرس يشترط أن يكون معنونا وإن لم يكن لغائب ا هـ‏.‏ وظاهره أن المعنوي من الناطق الحاضر غير معتبر‏.‏ وفي الأشباه‏:‏ رجل كتب صك وصية وأشهد بما فيه ولم يقرأ وصيته عليهم قالوا لا يجوز للشهود أن يشهدوا بما فيه وهو الصحيح ا هـ‏.‏ أي لأن الشهادة لا تكون إلا عن علم ‏(‏قوله ومثله معتقل إلخ‏)‏ الأولى في التعبير لا معتقل اللسان، إلا إن علمت إشارته إلخ تأمل ‏(‏قوله به يفتى‏)‏ هو رواية عن الإمام، ومقابله ما في الكفاية عن الإمام التمرتاشي تقديره بسنة، قال في الدر المنتقى‏:‏ واستثنى العمادي المريض إذا طال عليه الاعتقال فإنه كالأخرس كما أفاده البرجندي معزيا للعمادية خلافا لما نقله القهستاني عنها، فإنه إنما ذكره فيمن يرجى منه الكلام فافهم المرام ا هـ‏.‏ وعبارة القهستاني‏:‏ فلو أصابه فالج فذهب لسانه أو مرض فلم يقدر على الكلام بضعفه إلا أنه عاقل فأشار برأسه إلى وصية فقد صح وصيته، وقال أصحابنا إنها لم تصح كما في العمادي ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أو طلق مثلا‏)‏ أي كما إذا أعتق ط‏.‏ ‏(‏قوله نفذ مستندا‏)‏ فلها أن تتزوج إن مضت عدتها من وقت الإشارة أو الكتابة وينفذ تصرف المعتوق من ذلك الوقت ط ‏(‏قوله لعدم نفاذه‏)‏ لأن نفاذه موقوف على موته على عقلته، لا على إجازته، حتى يقال‏:‏ ينبغي أن يكون طلبه الوطء دليلا على إرادة النكاح فافهم ‏(‏قوله لكن ذكر ابنه إلخ‏)‏ استدراك على قوله‏:‏ نفذ مستندا حتى في الطلاق والعتاق ‏(‏قوله الأحكام الأربعة‏)‏ التي هي الاقتصار كما في إنشاء الطلاق والعتاق والانقلاب، كما إذا علق الطلاق والعتاق بالشرط، فعند وجود الشرط ينقلب ما ليس بعلة علة والاستناد كالمضمونات تملك عند أداء الضمان مستندة إلى وقت وجود السبب والتبين، مثل أن كان زيد اليوم في الدار فأنت طالق، وتبين في الغد وجوده فيها يقع الطلاق في اليوم، وتعتد منه والفرق بين التبيين والاستناد أنه في التبيين يمكن أن يطلع عليه العباد وفي الاستناد لا يمكن ا هـ‏.‏ من الأشباه ملخصا، وقدمنا تمام الكلام على ذلك في باب الطلاق الصريح ‏(‏قوله أن قولهم‏)‏ مفعول ذكر، وقوله‏:‏ والضابط إلخ مقول القول، وجملة يخالف خبر إن ‏(‏قوله يخالف ذلك‏)‏ أي يخالف القول بالاستناد في نحو‏:‏ طلاق معتقل اللسان وعتاقه ط‏.‏ أقول‏:‏ وعبارة البحر عند قول الكنز والتعليق إنما يصح في الملك أو مضافا إليه‏.‏ ثم اعلم أن المراد بالصحة اللزوم، فإن التعليق في غير الملك، والمضاف إليه صحيح موقوف على إجازة الزوج حتى لو قال أجنبي لزوجة إنسان إن دخلت الدار فأنت طالق توقف على الإجازة، فإن أجازه لزم التعليق، فتطلق بالدخول بعد الإجازة لا قبلها، وكذا الطلاق المنجز من الأجنبي موقوف على إجازة الزوج، فإذا أجازه وقع مقتصرا على وقت الإجازة، ولا يستند بخلاف البيع الموقوف فإنه بالإجازة يستند إلى وقت البيع، حتى ملك المشتري الزوائد المتصلة والمنفصلة والضابط فيه أن ما صح تعليقه بالشرط فإنه يقتصر وما لا يصح تعليقه فإنه يستند ا هـ‏.‏ فأنت تراه لم يجعل الضابط لكل مقتصر ومستند بل لنوع خاص منه، وهو عقد الفضولي المتوقف على الإجازة وإلا لزم أن لا يقع نحو الطلاق والعتاق إلا مقتصرا في جميع الصور وليس كذلك قطعا لما مر عن الأشباه، وحينئذ فلا مخالفة إذ ليست مسألتنا من هذا القبيل فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله في حد‏)‏ تناول جميع أنواع الحد أي لا يحد الأخرس إذا كان قاذفا بالإشارة أو الكتابة، وكذا إذا أقر بالزنا أو السرقة أو الشرب، لأن المقر على نفسه ببعض الأسباب الموجبة للعقوبة ما لم يذكر اللفظ الصريح لا يستوجب العقوبة كفاية زاد في الهداية، ولا يحد له أي حد القذف خاصة إذا كان مقذوفا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لأنها تدرأ بالشبهة إلخ‏)‏ والفرق بينها وبين القصاص‏:‏ أن الحد لا يثبت ببيان فيه شبهة ألا ترى أنه لو شهدوا بالوطء الحرام، أو أقر بالوطء الحرام لا يجب الحد ولو شهدوا بالقتل المطلق، أو أقر بمطلق القتل يجب القصاص، وإن لم يوجد التعمد لأن القصاص فيه معنى العوضية، لأنه شرع جابرا، فجاز أن يثبت مع الشبهة كسائر المعاوضات التي هي حق العبد‏.‏ أما الحدود الخالصة لله تعالى شرعت زاجرة وليس فيها معنى العوضية، فلا تثبت مع الشبهة لعدم الحاجة هداية، وقد اعترض العلامة الطوري كلامهم هنا بأنهم سووا بين الحدود والقصاص في أن كلا منهما يدرأ بالشبهة كما صرحوا به في مواضع كثيرة منها الكفالة فلا تجوز بالنفس فيهما، ومنها الوكالة فلا تجوز باستيفائهما، ومنها الشهادة على الشهادة لا تجوز فيها، وعللوا جميع ذلك بأنهما مما يدرأ بالشبهة، وكذا في كتاب الدعوى والجنايات وفرعوا على ذلك مسائل كثيرة ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله ولا في شهادة ما‏)‏ نقل في فتح القدير عن المبسوط أنه إجماع الفقهاء، لأن لفظ الشهادة لا يتحقق منه وتمامه فيه ‏(‏قوله ظاهر كلامهم‏)‏ نعم تقدم في كتاب الإقرار صريحا حيث قال والإيماء بالرأس من الناطق ليس بإقرار بمال وعتق وطلاق وبيع ونكاح وإجارة وهبة، بخلاف إفتاء ونسب وإسلام وكفر إلخ‏.‏

‏(‏قوله يقضي ويكفر‏)‏ لوجود معنى صلاح البدن كما قدمه في الصوم عن الدراية وغيرها ‏(‏قوله لا يكفر‏)‏ أي بل يقضي فقط‏.‏

‏(‏قوله عذر في ترك الحج‏)‏ لأن أمن الطريق شرط الوجوب، أو الأداء لكن الشارح هناك قيد أمن الطريق بغلبة السلامة، ولو بالرشوة وعزاه إلى الكمال، وبقتل بعض الأفراد لا تنتفي الغلبة ولذا قيده ط بالقتل في كل مرحلة تأمل‏.‏

‏(‏قوله منعها زوجها‏)‏ مصدر مضاف إلى فاعله ‏(‏قوله نشوز حكما‏)‏ لأن الناشزة هي الخارجة من بيت زوجها بغير حق، ومنعها له عن الدخول إلى بيتها مع إرادتها السكنى فيه خروج حكما ‏(‏قوله بخلاف ما لو كان فيه شبهة‏)‏ كبيت السلطان فهي ناشزة لعدم اعتبار الشبهة في زماننا كذا في التجنيس ‏(‏قوله ليس لها ذلك‏)‏ لأنه لا بد له ممن يخدمه، وقد تمتنع هي عن خدمته، فلا يمكن منعه من ذلك ط ‏(‏قوله وكذا مع أم ولده‏)‏ وكذا مع طفله الذي لا يفهم الجماع، بخلاف بقية أهله وأهلها

‏(‏قوله لأنه ليس بصريح ولا كناية‏)‏ ظاهره أنه لا عتق ولو بالنية وفي الحموي عن البزازية‏.‏ قال لعبده أو أمته أنا عبدك يعتق إن نوى ومثله فيما يظهر يا مالكي، لأن مؤدى العبارتين واحد ط وفي الخانية عن الصغار‏:‏ فيمن قال لجاريته يا من أنا عبدك قال‏:‏ هذه كلمة لطف لا تعتق بها فإن نوى العتق فعن محمد فيه روايتان ‏(‏قوله على ما مر في محله‏)‏ أي في كتاب العتق‏.‏ أقول‏:‏ وقد عده المصنف هناك من الصريح، وهو ظاهر قول الزيلعي وغيره هنا؛ لأن حقيقته تنبئ عن ثبوت الولاء على العبد، وذلك بالعتق لأنه يمكن إثباته من جهته، وقوله‏:‏ يا مالكي أو أنا عبدك حقيقة ينبئ عن ثبوت ملك العبد على المولى، وذلك لا يمكن إثباته من جهة المولى ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ويظهر من هذا وجه تخصيصهم المولى هنا بالمعتوق، وإن كان يطلق على المعتق بالاشتراك؛ لأنه لا يمكن إثباته من جهة السيد‏:‏ أي لا يمكنه أن يجعل لعبده ولاء عليه، فكان لغوا فتعين إرادة المعنى الممكن فافهم

‏(‏قوله ما لم يبرهن المدعي على وفق دعواه‏)‏ كذا في شرح مسكين والمناسب قول الزيلعي وغيره، ما لم يبرهن على أن العقار في يد المدعى عليه، لأن دعوى المدعي الملك كما سيصرح به ‏(‏قوله ولا يكفي إلخ‏)‏ تصريح بما فهم من إطلاق قوله ما لم يبرهن ‏(‏قوله لاحتمال المواضعة‏)‏ أي الموافقة إذا كان مالك العقار غائبا فيتواضع اثنان، ويقر أحدهما باليد ويبرهن الآخر عليه بالملك، ويتسامح في الشهود ثم يدفع المالك، متعللا بحكم الحاكم وهذه التهمة في المنقول منتفية، لأن يد المالك لا تنقطع عن المنقول عادة بل يكون في يده بحر عن البزازية ‏(‏قوله وهذا‏)‏ أي لزوم إثبات اليد بالبرهان ‏(‏قوله أما إذا ادعى الشراء‏)‏ ومثله الغصب ‏(‏قوله وإقراره‏)‏ بالنصب عطفا على الشراء ‏(‏قوله لأن دعوى الفعل‏)‏ كالشراء مثلا ‏(‏قوله تصح على غيره‏)‏ لأنه يدعي عليه التمليك وهو يتحقق من غير ذي اليد، فعدم ثبوت اليد بالإقرار لا يمنع صحة الدعوى، أما دعوى الملك المطلقة، فدعوى ترك التعرض بإزالة اليد، وطلب إزالتها لا يتصور إلى من ذي اليد وبإقراره لا يثبت كونه ذا يد لاحتمال المواضعة كما قررناه منح عن البزازية

‏(‏قوله هو الصحيح‏)‏ قال في البحر أول كتاب القضاء‏:‏ ولا يشترط أن يكون المتداعيان من بلد القاضي إذا كانت الدعوى في المنقول والدين، وأما إذا كانت في عقار لا في ولايته فالصحيح الجواز كما في الخلاصة والبزازية وإياك أن تفهم خلاف ذلك فإنه غلط ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ليس بشرط فيه‏)‏ فالقضاء في السواد صحيح وبه يفتى بحر ‏(‏قوله ويكتب إلخ‏)‏ راجع لمسألة المتن‏.‏

‏(‏قوله قضى القاضي ببينة‏)‏ إنما ذكره لقوله بعد‏:‏ أو وقعت في تلبيس الشهود وإلا فالإقرار كالبينة فيما يظهر ط ‏(‏قوله ونحو ذلك‏)‏ كنقضته أو فسخته أو رفعته ط عن الحموي ‏(‏قوله إن كان بعد دعوى صحيحة‏)‏ تقدمت شروط صحتها في القضاء ويأتي شيء منها ‏(‏قوله إلا في ثلاث إلخ‏)‏ الاستثناء بالنسبة للأولى غير ظاهر إذ لا شهادة فيها تأمل ‏(‏قوله أو ظهر خطؤه‏)‏ أي بيقين كما لو قضى بالقصاص مثلا فجاء المقتول حيا أو كان مجتهدا فرأى النص بخلافه، كما لو تحول اجتهاده وأفاد الزيلعي عن المحيط‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما لم ينقض ما قضى فيه باجتهاده، ونزل القرآن بخلافة لأنه كان فيما لا نص فيه فصح، وصار شريعة له فإذا نزل القرآن بخلافه صار ناسخا لتلك الشريعة، بخلاف ما إذا قضى القاضي باجتهاده، ثم تبين نص بخلافه، لأن النص كان موجودا منزلا إلا أنه خفي عليه فكان الاجتهاد في محل النص فلا يصح وتمامه فيه‏.‏ وفي أشباه السيوطي عن السبكي‏:‏ أن قضاء القاضي ينقض عند الحنفية إذا كان حكما لا دليل عليه، وما خالف شرط الواقف مخالف للنص وهو حكم لا دليل عليه، وأيده في البحر بقول شارح المجمع وغيره أن شرط الواقف كنص الشارع ‏(‏قوله وأنكر القاضي‏)‏ أما لو اعترف فيثبت حيث كان مولى لا لو معزولا وفي البزازية، وإن أرادوا أن يثبتوا حكم الخليفة عند الأصل، فلا بد من تقديم دعوى صحيحة على خصم حاضر، وإقامة البينة كما لو أرادوا إثبات قضاء قاض آخر ا هـ‏.‏ بحر ‏(‏قوله خلافا لمحمد‏)‏ قال في البحر‏:‏ ورجح في جامع الفصولين قول محمد قال‏:‏ وينبغي أن يفتى به لما علم من أحوال قضاة زماننا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لوجود قضاء الثاني به‏)‏ فإنه لا ينفذه إلا بعد ثبوته عنده، ولا بد فيه من الدعوى أيضا‏.‏ قال في البحر‏:‏ ولا بد في إمضاء الثاني لحكم الأول من الدعوى أيضا ولا يشترط إحضار شهود الأصل ا هـ‏.‏ فلو قبل قول الأول لزم إبطال القضاء الثاني بمجرد قوله بعد الثبوت، والإمضاء فإنه مبني على الأول ولا سيما إذا كان مخالفا لمذهب القاضي الثاني فافهم

‏(‏قوله من حقوق العباد‏)‏ قيد به لأن الحادثة لا تشترط في حقوق الله تعالى كالحدود، وعتق الأمة وطلاق الزوجة ط ‏(‏قوله منازع شرعي‏)‏ كأصيل أو وكيل أو وصي أو متول، أو أحد الورثة بخلاف الفضولي، والمودع والمستعير فإن نزاعهما لا يعتبر ‏(‏قوله فقضى به ببرهانه‏)‏ الباء الأولى للتعدية والثانية للسببية ط ‏(‏قوله بدون منازعة‏)‏ متعلق بمحذوف حال، والمراد بدون حضور منازع ممن تقدم ‏(‏قوله فيحكم بمذهبه‏)‏ يعني لو رفع هذا الحكم إلى قاض آخر يحكم بمذهبه ولا يجب عليه تنفيذ الأول لأنه ليس ملزما لفقد شرطه، وإنما هو إفتاء أي بيان الحكم الشرعي ‏(‏قوله أي إلى الحنفي‏)‏ أي مثلا فإن غيره إن كان يشترط ما ذكر فحكمه كذلك

‏(‏قوله إذا ارتاب إلخ‏)‏ نقله في النهر عن صاحب البحر، وقال لم أجده لغيره ‏(‏قوله يعني إلخ‏)‏ أقول‏:‏ على هذا لا فرق بين قضاء العدل العالم وغيره، فلو قيل يعني لا يتعرض لنقضه لكان أحسن‏:‏ أي لا يسأل عن الأحوال الموجبة للنقض، فلا يقال هل قضى بالرشوة ونحو ذلك بقرينة قولهم‏:‏ ويحمل على السداد وأما غير العدل العالم فيسأل عن حاله

‏(‏قوله مر في أول البيوع إلخ‏)‏ ومر أنه محمول على ما إذا كان قبل متاركة الأول، وأنه ليس خاصا بالبيع بالتعاطي، بل البيع بالإيجاب والقبول كذلك‏.‏ وفي الخانية‏:‏ شرى ثوبا شراء فاسدا ثم لقيه غدا فقال‏:‏ قد بعتني ثوبك هذا بألف درهم فقال‏:‏ بلى فقال قد أخذته فهو باطل وهذا على ما كان قبله من البيع الفاسد فإن كانا تتاركا البيع الفاسد فهو جائز اليوم ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ويرد عليه ما ذكره الشارح هناك في مسألة بيع قطيع غنم كل شاة بكذا إنه فاسد، وإن علم بعدد الغنم في المجلس لم ينقلب صحيحا على الأصح، ولو رضيا انعقد بالتعاطي ونظيره البيع بالرقم سراج ا هـ‏.‏ ومثله في النهاية والفتح وغيرهما فليتأمل

‏(‏قوله ثم دخل رجل‏)‏ أي وحده كما أفاده قوله لا إذا علموا أنه ليس فيه غيره، وعليه فلو دخل معه المقر له لا تجوز شهادتهم لحصول الشبهة باحتمال أن المقر هو مدعي الحق، وأنه جعل نغمته كنغمة الآخر تأمل

‏(‏قوله باع عقارا إلخ‏)‏ وكذا لو وهب أو تصدق وسلم وقيد بالبيع إذ لو أجر أو رهن، أو أعار ثم ادعى الحاضر تسمع إذ ليس من لوازم ذلك الخروج عن الملك، وقد يرضى الشخص بالانتفاع بملكه، ولا يرضى بالخروج عن ملكه، ولأنه في البيع ونحوه على خلاف القياس، فلا يقاس عليه غيره ولم أر من نبه عليه فليتأمل رملي‏.‏ أقول‏:‏ ومثل البيع الوقف كما أفتى به الشهاب الشلبي، وواقفه على ذلك ثلاثة عشر عالما من أعيان الحنفية في عصره كتب أسماءهم وخطوطهم بموافقته في آخر كتاب الدعوى من فتاويه المشهورة فراجعها‏.‏ ثم اعلم أن التقييد بالبيع إنما يظهر بالنسبة إلى القريب، أما بالنسبة إلى الأجنبي، فلا لما في جامع الفتاوى أول كتاب الدعوى عن الخلاصة رجل تصرف في أرض زمانا ورجل آخر يرى تصرفه فيها، ثم مات المتصرف ولم يدع الرجل حال حياته لا تسمع دعواه بعد وفاته ا هـ‏.‏ وفي الحامدية عن الولوالجية‏:‏ رجل تصرف زمانا في أرض ورجل آخر يرى الأرض والتصرف، ولم يدع ومات على ذلك لم تسمع بعد ذلك دعوى ولده فتترك على يد المتصرف ا هـ‏.‏ والظاهر أن الموت غير قيد بدليل أنهم لم يقيدوا به هنا وبه علم أن مجرد السكوت عند الاطلاع على التصرف مانع، وإن لم يسبقه بيع، وأما السكوت عند البيع فلا يمنع إلا دعوى القريب ثم اعلم أنه نقل العلامة ابن الغرس في الفواكه البدرية عن المبسوط إذا ترك الدعوى ثلاثا وثلاثين سنة، ولم يكن مانع من الدعوى، ثم ادعى لا تسمع دعواه لأن ترك الدعوى مع التمكن يدل على عدم الحق ظاهرا ا هـ‏.‏ ومثله في البحر وفي جامع الفتاوى وقال المتأخرون من أهل الفتوى‏:‏ لا تسمع الدعوى بعد ست وثلاثين سنة إلا أن يكون المدعي غائبا أو صبيا أو مجنونا ليس لهما ولي، أو المدعى عليه أميرا جائزا يخاف منه كذا في الفتاوى العتابية ا هـ‏.‏ والظاهر أن عدم سماعها بعد هذه المدة أعم مع كونه مع الاطلاع على التصرف أو بدونه، لأن عدم سماعها مع الاطلاع على التصرف لم يقيدوه هنا بمدة، فلا منافاة بين كلامهم تأمل‏.‏ ثم اعلم أن عدم سماعها ليس مبنيا على بطلان الحق، حتى يرد أن هذا قول مهجور، لأنه ليس ذلك حكما ببطلان الحق، وإنما هو امتناع من القضاء عن سماعها خوفا من التزوير ولدلالة الحال كما دل عليه التعليل، وإلا فقد قالوا إن الحق لا يسقط بالتقادم كما في قضاء الأشباه فلا تسمع الدعوى في هذه المسائل، مع بقاء الحق للآخرة ولذا لو أقر به يلزمه كما في مسألة عدم سماع الدعوى بعد مضي خمس عشرة سنة إذا نهى السلطان عن سماعها كما تقدم قبيل باب التحكيم فاغتنم هذا التحرير المفرد ‏(‏قوله حاضر‏)‏ المراد من الحضور الاطلاع رملي ‏(‏قوله مثلا‏)‏ أي أو الزوجة أو غيرها من الأقارب ‏(‏قوله إنه ملكه‏)‏ أي كله أو بعضه مشاعا أو معينا والذي يظهر عدم سماع الدعوى في الثمن أيضا، ويؤيده ما في التبيين وغيره من أن حضوره، وتركه فيما يصنع إقرار منه بأنه ملك البائع وأن لا حق له في المبيع إلخ رملي ‏(‏قوله كذا أطلقه في الكنز إلخ‏)‏ أي أطلقه عما قيده به الزيلعي نقلا عن الفتاوى أبي الليث بأن يتصرف المشتري فيه زمانا قال في المنح ولم يقيده بذلك في الكنز والبزازية، وكثير من المعتبرات، ومن ثم لم نقيده به ولأن التقييد به يوجب التسوية بين القريب والجار مع أن الجار يخالفه ا هـ‏.‏ وحكى في المسألة أقوالا أخر فراجعها ‏(‏قوله وجعل سكوته كالإفصاح‏)‏ أي بأنه ملك البائع، وفي فتاوى المصنف‏:‏ إذا ادعى عدم العلم بأنه ملكه وقت البيع يصدق‏.‏ وقال في نهج النجاة أقول‏:‏ وهذا إذا لم يكن المدعي معزورا، وإلا فتسمع دعواه فقد قالوا يعذر الوارث والوصي والمتولي بالتناقض للجهل في موضع الخفاء ا هـ‏.‏ وقال الأسروشني‏:‏ اشترى دارا لطفله من نفسه فكبر الابن ولم يعلم، ثم باعها الأب وسلمها للمشتري ثم استأجرها الابن منه ثم علم بما صنع الأب، فادعى الدار تقبل ولا يصير متناقضا بالاستئجار لأن فيه خفاء لأن الأب يستبد بالشراء للصغير وعسى لا يعلم بعد البلوغ ا هـ‏.‏ سائحاني ‏(‏قوله وكذا لو ضمن الدرك إلخ‏)‏ الأولى ذكره بعد الأجنبي لئلا يوهم اختصاصه بالقريب وأوضح المسألة الزيلعي فراجعه ‏(‏قوله فلا يملك إلخ‏)‏ أي على القول بأن له الطلب وهو خلاف الصحيح ‏(‏قوله بخلاف الأجنبي‏)‏ قال الرملي‏:‏ أقول‏:‏ الذي ظهر لي في الفرق أن الأطماع الفاسدة في القريب أغلب، فمظنة التلبيس فيه أرجح، ولذلك غلب في الأقرباء مخصوصا في دعوى الإرث لسهولة إثباته، بخلاف الأجنبي فإن طمعه في مال من هو أجنبي عنه نادر، فلا بد من مرجح يرجح جهة التزوير‏:‏ وهي أن يتصرف فيه المشتري زمانا ‏(‏قوله إلا إذا سكت الجار‏)‏ وغيره من الأجانب بالأولى فتخصيص الجار بالذكر، لأنه مظنة أنه في حكم القريب والزوجة‏.‏ ‏(‏قوله وقت البيع والتسليم‏)‏ أي وقت علمه بهما كما أفاده كلام الرملي السابق، وقد علمت أن البيع غير قيد، بل مجرد السكوت عند الاطلاع على التصرف مانع من الدعوى ‏(‏قوله زرعا وبناء‏)‏ المراد به كل تصرف لا يطلق إلا للمالك فهما من قبيل التمثيل ‏(‏قوله لا تسمع دعواه‏)‏ أي دعوى الأجنبي ولو جارا رملي ‏(‏قوله وبخلاف ما إذا باع الفضولي إلخ‏)‏ ذكرها لأدنى مناسبة وإلا فالكلام فيما إذا ادعى الساكت الملك، وأنكر البائع والمشتري وهنا لا إنكار ‏(‏قوله لا يكون سكوته رضا عندنا‏)‏ في فتاوى أمين الدين عن المحيط إذا اشترى سلعة من فضولي، وقبض المشتري المبيع بحضرة صاحب السلعة فسكت يكون رضا ا هـ‏.‏ ومثله في البزازية عن المحيط أيضا‏.‏ فعلم به أن محل ما هنا ما إذا لم يقبض المشتري السلعة بحضرة صاحبها، وهو ساكت تأمل رملي ‏(‏قوله آخر الفصل الخامس عشر‏)‏ أي من كتاب الدعوى ‏(‏قوله وغيره‏)‏ أي في الفصل التاسع من النكاح، وقد نقلها الزيلعي هنا عن الجامع الصغير

‏(‏قوله تقبل على الأصح‏)‏ وبه أخذ الصدر الشهيد‏.‏ وقال الفقيه قال بعض الناس‏:‏ لا تقبل البينة ولكنا لا نأخذ به تتارخانية، وبه‏:‏ أي بالقبول نأخذ وهو الأصح عمادية تقبل البينة، وإن لم تصح الدعوى خلاصة وبزازية، وصححه في كثير من الفتاوى‏.‏ وقيده في البحر بما إذا برهن أنه وقف محكوم بلزومه، وإلا فلا لأن مجرد الوقف لا يزيل الملك، ومثله في فتح القدير وهو تفصيل حسن ينبغي أن يعول عليه، أفاده المصنف قلت‏:‏ المفتى به أن الملك يزول بمجرد قوله وقفت ‏(‏قوله خلافا لما صوبه الزيلعي‏)‏ حيث قال‏:‏ وقيل لا تقبل وهو أصوب وأحوط لأنه بإقامة البينة أن الضيعة وقف عليه يدعي فساد البيع وحقا لنفسه فلا تسمع للتناقض ا هـ‏.‏ وظاهره أنه لو على مسجد أو نحوه تسمع إذ لا يدعي حقا لنفسه‏.‏

‏(‏قوله فالقول للورثة‏)‏ هذا عند عدم البرهان، فإن أقاموا البرهان، فالبينة بينة من يدعي الهبة في الصحة منح‏.‏ قلت‏:‏ وعلى القول الثاني فالظاهر أن البينة للورثة ‏(‏قوله هذا ما اعتمده في الخانية‏)‏ وتصحيح قاضي خان من أجل التصاحيح وهذا من المسائل التي رجحوا القياس فيها على الاستحسان سائحاني ‏(‏قوله بعد نقله‏)‏ ضميره كضمير قال يرجع إلى قاضي خان ط ‏(‏قوله إلى آخره‏)‏ هو قوله ولأن الهبة حادثة والأصل في الحوادث أن تضاف إلى أقرب الأوقات ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بأنه الاستحسان‏)‏ الباء للسببية وهو مرتبط بقوله جزم ط ‏(‏قوله واستظهره‏)‏ أي كون القول للزوج ‏(‏قوله وجه الظاهر‏)‏ مفاده أنه ظاهر الرواية ‏(‏قوله لم يكن لهم حق‏)‏ أي وقت الهبة‏.‏

‏(‏قوله لأنه يمين من جهته‏)‏ لما فيه من معنى اليمين وهو تعليق الطلاق بفعلها، فلا يصح الرجوع في اليمين، وهو تمليك من جهتها لأن الوكيل هو الذي يعمل لغيره وهي عاملة لنفسها، فلا تكون وكيلة بخلاف الأجنبي زيلعي ولمعنى التمليك اقتصر على المجلس كما مر في باب تفويض الطلاق ‏(‏قوله لأن متى لعموم الأوقات‏)‏ أي فلا تفيد إلا عزلا ونصبا واحدا‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ فإذا عزله انعزل عن الوكالة المنجزة وتنجزت المعلقة، فصار وكيلا جديدا ثم بالعزل الثاني انعزل عن الوكالة الثانية ‏(‏قوله يقول في عزله رجعت إلخ‏)‏ لأنه لو عزله عن المنجزة من غير رجوع لصار وكيلا مثل ما كان ولو عزله ألف مرة لأن كلمة كلما تقتضي تكرار الأفعال لا إلى نهاية، فلا يقيد العزل إلا بعد الرجوع حتى لو عزله، ثم رجع عن المعلقة يحتاج إلى عزل آخر لأنه كلما عزله صار وكيلا، فلا يفيد الرجوع بعد ذلك عن المعلقة في حقها لأنه يحتاج إلى عزل آخر بعد الرجوع زيلعي وتمامه فيه ‏(‏قوله الحاصلة من لفظ كلما‏)‏ هكذا في المنح أيضا وهو سهو لأن المنجزة حصلت من قوله‏:‏ أنت وكيلي والمعلقة حصلت من قوله كلما عزلتك إلخ سائحاني‏.‏

‏(‏قوله أو عن شيء آخر‏)‏ أي من غير الدراهم لقول مسكين هذا إذا كان على خلاف جنسه، لأنه لو صالح على جنسه مؤجلا جاز ‏(‏قوله في الذمة‏)‏ صفة لدراهم ودنانير وشيء آخر تأمل ‏(‏قوله وإلا‏)‏ أي بأن كان عقارا بعقار أو عقارا بدين مسكين ‏(‏قوله لم تتعين‏)‏ صفة لعين أي تتعين بالإشارة إليها ‏(‏قوله فجاز الافتراق عنه‏)‏ أي وإن كان مال الربا كما إذا وقع الصلح على شعير بعينه عن حنطة في الذمة زيلعي

‏(‏قوله قبل إلخ‏)‏ لأنه لا يصح تعليق الإبراء بالخطر ‏(‏قوله أو قال لا حجة لي‏)‏ لما كانت الحجة تصدق بشهادة الواحد فيما يكتفى به ذكرها عقب البينة سائحاني أي فلا تكرار فافهم ‏(‏قوله بخلاف ما إذا قال ليس لي حق‏)‏ أي على فلان، وإنما حذفه للعلم به من المتن، وعبارة المنح، بخلاف ما إذا قال ليس لي عليه حق إلخ‏.‏ وفيها‏:‏ ولو قال هذه الدار ليست لي أو قال ذلك العبد ثم أقام بينة، أن الدار أو العبد له تقبل بينته، لأنه لم يثبت بإقراره حقا لأحد فكان لغوا، ولهذا تصح دعوى الملاعن نسب ولد نفي بلعانه نسبه، لأنه حين نفاه لم يثبت فيه حقا‏.‏ وفيها ولو قال لا أعلم لأن لي حقا على فلان ثم أقام البينة أن له عليه حقا تقبل لإمكان الخفاء عليه فأمكن التوفيق ‏(‏قوله لم تسمع للتناقض‏)‏ قد يقال‏:‏ إن التوفيق المذكور ممكن هنا أيضا فلماذا لم يعتبر، ويمكن التوفيق بأنه في هذه المسألة ثبتت براءة ذمة المدعى عليه القول الأول ثم يريد شغلها بالثاني ولا يقبل ط ‏(‏قوله أن يقطع‏)‏ أي يعين له قطعة ط عن الحموي ‏(‏قوله من طريق الجادة‏)‏ هو وسط الطريق ومعظمه ط ‏(‏قوله إن لم يضر بالمارة‏)‏ بأن كان واسعا لا يضيق بذلك قال في المعدن‏:‏ قيد به لأنه لو أضر بالمارة لا يقطع إذ فيه قطع الطريق، وليس له أن يقطع الطريق، وإن كان لهم طريق أخرى، حتى لو فعل ذلك فهو آثم، وإن رفع إلى القاضي رده كذا في نصاب الفقهاء، وذكر في الخانية قال للسلطان أن يجعل ملك الرجل طريقا عند الحاجة ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله لأن للإمام ولاية ذلك‏)‏ إذ له التصرف في حق الكافة فيما فيه نظر للمسلمين، فإذا رأى ذلك مصلحة لهم كان له أن يفعله من غير أن يلحق ضررا بأحد، ألا ترى أنه إذا رأى أن يدخل بعض الطريق في المسجد، أو عكسه وكان في ذلك مصلحة بالمسلمين كان له أن يفعل ذلك منح والمراد هنا بالإمام الخليفة ليناسب قوله فكذا نائبه

‏(‏قوله صادره السلطان‏)‏ أي أراد أن يأخذ منه مالا ط ‏(‏قوله لأنه غير مكره‏)‏ فإنه إنما باعه باختياره غاية الأمر أنه صار محتاجا إلى بيعه لإيفاء ما طلب منه، وذلك لا يوجب الكره منح ‏(‏قوله كالدائن إذا حبس‏)‏ بالبناء للفاعل والمفعول محذوف وهو المديون ط

‏(‏قوله بالضرب‏)‏ الظاهر أنه أراد به المبرح ط ‏(‏قوله على الخلع‏)‏ أي على المخالعة معه بمال ‏(‏قوله لأن طلاق المكره واقع‏)‏ كذا علل الزيلعي وغيره وتعقبه الشلبي بأنه إذا كان الزوج، هو الذي أكرهها لا يصح هذا التعليل إلا إذا قرئ وإن أكرهها أي الزوج والمرأة أي أكرههما إنسان ا هـ‏.‏ أبو السعود‏:‏ أقول‏:‏ أو يقرأ المكره بالكسر اسم فاعل ‏(‏قوله ولا يلزم المال‏)‏ أي بدل الخلع ولما كان ذلك البدل تارة يكون ما في ذمة الزوج من المهر وتارة يكون غيره وقد عبر المصنف بما يناسب الأول، وهو السقوط عبر الشارح بما يناسب الثاني جمعا بينهما ‏(‏قوله لما قلنا‏)‏ أي من أنها مكرهة وسقوط المال أو لزومه يشترط له الرضا ‏(‏قوله قالوا وهو الحيلة‏)‏ قال في المنح‏:‏ ذكر هذا الفرع في الكنز وغيره، وظاهر كلامهم أن هذا هو المخلص لامرأة تريد أن ترضي زوجها بهبة المهر ظاهرا وهي لا تريد صحة ذلك ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ هو للمصنف وأقول‏:‏ إنما تنفعها هذه الحيلة في الخلع لو علم الزوج أن لا مهر عليه لما في الخلاصة خلع امرأته بما لها عليه من المهر ظنا منه أن لها عليه بقية المهر، ثم تذكر عدمه وقع الطلاق عليها بمهرها، فيجب عليها أن ترد المهر إن قبضت‏.‏ أما إذا علم أن لا مهر لها عليه بأن وهبت صح الخلع، ولا ترد عليه شيئا ا هـ‏.‏ وأقول أيضا‏:‏ ليس في كلام الكنز وغيره ما يقتضي أن هذا الفرع حيلة لما تقدم، حتى يرد عليه ما ذكر وإنما هو حيلة لغيره ففي حيل الأشباه قال لها إن لم تهبيني صداقك اليوم فأنت طالق، فالحيلة أن تشتري منه ثوبا ملفوفا بمهرها ثم ترده بعد اليوم فيبقى المهر ولا حنث ا هـ‏.‏ وفي مداينات الأشباه عن القنية وله أي لعدم صحة الهبة ثلاث حيل‏:‏ أحدها‏:‏ شراء شيء ملفوف من زوجها بالمهر قبل الهبة، والثانية‏:‏ صلح إنسان معها عن المهر بشيء ملفوف قبل الهبة، والثالثة‏:‏ هبة المرأة المهر لابن الصغير لها قبل الهبة وفي الأخير نظر ا هـ‏.‏ فليكن ما هنا حيلة أخرى لذلك تأمل وإنما لم يحنث فيما ذكر لعدم إمكان البر في اليوم، وإنما قيد بالملفوف ليثبت الرد بخيار الرؤية بعد مضي اليوم ‏(‏قوله برفعه إلى من لا يشترط قبوله‏)‏ أي إلى قاض لا يرى أن قبول المحال عليه شرط لتمام الحوالة كقاض مالكي

‏(‏قوله لم يجبر‏)‏ قال في جامع الفصولين‏:‏ والحاصل أن القياس في جنس هذه المسائل أن من تصرف في خالص ملكه لا يمنع منه، وإن أضر بغيره لكن ترك القياس في محل يضر بغيره ضررا بينا فقيل بالمنع وبه أخذ كثير من مشايخنا وعليه الفتوى ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ومفاده إلخ‏)‏ فيه تأمل ‏(‏قوله لعدم تعديه إلخ‏)‏ أقول‏:‏ الأنسب في التعبير أن يقال لأنه متسبب غير متعد إذ حفره في ملكه‏:‏ أي لأن المتسبب لا يضمن إلا إذا تعدى كوضع الحجر في الطريق ‏(‏قوله ضمن‏)‏ لأنه جعل مباشرا وفي جامع الفصولين تفصيل حيث قال‏:‏ فلو أجرى الماء في أرضه إجراء لا يستقر فيها ضمن ولو يستقر فيها ثم يتعدى إلى أرض جاره فلو تقدم إليه جاره بالسكر والإحكام، ولم يفعل ضمن كالإشهاد على الحائط المائل وإلا لم يضمن ا هـ‏.‏ قال الرملي في حاشيته عليه‏:‏ أقول‏:‏ يعلم منه جواب حادثة الفتوى اتخذ في داره بالوعة أوهنت بناء جاره لسريان الماء إلى أسه فتقدم إليه بإحكام البناء، حتى لا يسري الماء تأمل ا هـ‏.‏ وبه يقيد إطلاق قول المصنف لم يضمن ولا سيما على ما قدمناه من القول المفتى به‏.‏

‏(‏قوله عمر دار زوجته إلخ‏)‏ على هذا التفصيل عمارة كرمها وسائر أملاكها جامع الفصولين، وفيه عن العدة كل من بنى في دار غيره بأمره فالبناء لآمره ولو لنفسه بلا أمره فهو له، وله رفعه إلا أن يضر بالبناء، فيمنع ولو بنى لرب الأرض، بلا أمره ينبغي أن يكون متبرعا كما مر ا هـ‏.‏ وفيه بنى المتولي في عرصة الوقف إن من مال الوقف فللوقف، وكذا لو من مال نفسه، لكن للوقف ولو لنفسه من ماله، فإن أشهد فله وإلا فللوقف بخلاف أجنبي بنى في ملك غيره ‏(‏قوله والنفقة دين عليها‏)‏ لأنه غير مقطوع في الإنفاق فيرجع عليها لصحة أمرها، فصار كالمأمور بقضاء الدين زيلعي، وظاهره وإن لم يشترط الرجوع وفي المسألة اختلاف وتمامه في حاشية الرملي على جامع الفصولين ‏(‏قوله فالعمارة له‏)‏ هذا لو الآلة كلها له فلو بعضها له وبعضها لها فهي بينهما ط عن المقدسي ‏(‏قوله بلا إذنها‏)‏ فلو بإذنها تكون عارية ط ‏(‏قوله فيؤمر بالتفريغ‏)‏ ظاهره ولو كانت قيمة البناء أكثر من قيمة الأرض، وبه أفتى المولى أبو السعود مفتي الروم وهو خلاف ما مشى عليه الشارح في كتاب الغصب من أنه يضمن صاحب الأكثر قيمة الأقل، وقدمنا الكلام عليه هناك فراجعه ‏(‏قوله بطلبها‏)‏ الأوضح قول الزيلعي إن طلبت ‏(‏قوله ولها‏)‏ معطوف على نفسه أي ولو عمر لها إلخ ‏(‏قوله كما أفاده شيخنا‏)‏ أي الرملي في حاشية المنح وقال بعده‏:‏ لكن ذكر في الفوائد الزينية من كتاب الغصب إذا تصرف في ملك غيره، ثم ادعى أنه كان بإذنه فالقول للمالك إلا إذا تصرف في مال امرأته، فماتت وادعى أنه كان بإذنها، وأنكر الوارث فالقول للزوج كذا في القنية ا هـ‏.‏ فمقتضاه أنه إذا عمر دار زوجته لها فماتت وادعى أنه كان بإذنها ليرجع في تركتها بما أنفق وأنكر بقية الورثة إذنها أن القول قوله ووجهه شهادة العرف الظاهر له تأمل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وتقدم في الغصب‏)‏ لم أره فيه، وإنما قدم فيه ما ذكرناه عن الفوائد الزينية آنفا‏.‏

‏(‏قوله فله أن يتزوجها‏)‏ والعذر له في رجوعه عن ذلك أنه مما يخفى عليه، فقد يظهر له بعد إقراره خطأ الناقل، وهذه من المسائل التي اغتفروا فيها التناقض أفاده في المنح ‏(‏قوله وهل يكون إلخ‏)‏ هذه المسألة وقعت في زمن شيخ الإسلام ابن الشحنة، فأفتى‏:‏ بأنه لا يكون ثباتا، وخالفه بعض معاصريه، ووقع نزاع طويل وعقد لها مجالس بأمر السلطان قايتباي، وآل الأمر إلى أن عرضت النقول على شيخ الإسلام القاضي زكريا من نحو أربعين كتابا‏.‏ فأجاب‏:‏ بأن صريح هذه النقول ومنطوقها أن الثبات لا يحصل إلا بقوله، هو حق أو نحوه وليس في صريحها أن التكرار كذلك نعم يؤخذ من قول المبسوط، ولكن الثابت على الإقرار كالمجدد له بعد العقد أنه إذا أقر بذلك قبل العقد ثم أقر به بعده يقوم مقام قوله هو حق، ونحوه، وقدمت الكلام على ذلك مبسوطا في كتاب الرضاع فراجعه ‏(‏قوله خلاف مبسوط في المبسوط إلخ‏)‏ قد علمت أنه ليس في المبسوط بيان الخلاف، وأن المفهوم منه أن التكرار يثبت به الإصرار فقول الشارح لا يثبت صوابه حذف لا، ولو قال صريح النقول أن التكرار لا يثبت به الإصرار لكان أحسن ‏(‏قوله لأنه تسبب‏)‏ أي النزع، وقد دخل بينه وبين ضياع حقه فعل فاعل مختار، وهو هروبه فلا يضاف إليه التلف كما إذا حل قيد العبد فأبق زيلعي ‏(‏قوله أو أضربك خمسين‏)‏ أي فأكثر فلو قال له‏:‏ أحبسك شهرا أو أضربك ضربا، فهو ضامن لأن دفع المال للغير لا يجوز إلا لخوف التلف، لكن تقدم في الإكراه أن أمر السلطان إكراه تأمل ‏(‏قوله فدفعه‏)‏ أما إذا دفع من مال نفسه فلا رجوع له كما تقدم ما يفيده ط ‏(‏قوله لأنه مكره‏)‏ قال العلامة المقدسي فلو ادعى ذلك أي الأخذ منه كرها، هل يكتفى منه باليمين أم لا بد من برهان يحتاج إلى بيان حموي‏.‏ أقول‏:‏ مقتضى كونه أمينا أنه يصدق باليمين كما لو ادعى الهلاك تأمل‏.‏

‏(‏قوله الإجازة تلحق الأفعال‏)‏ هذا هو الصحيح وتقدم الكلام عليه أوائل كتاب الغصب ‏(‏قوله فأجاز المالك غصبه‏)‏ الذي في العمادية وغيرها غصب شيئا وقبضه فأجاز المالك قبضه إلخ وهو أنسب من قوله غصبه ‏(‏قوله لا يبرأ عن الضمان ما لم يحفظ‏)‏ مفهومه أنه لو لم ينفع به يبرأ بمجرد الأمر، ولعل المراد أنه إذا انتفع به ودام على الانتفاع كما لو غصب ثوبا فلبسه، فإذا أمره بالحفظ لا يبرأ حتى ينزعه ويحفظه أما لو نزعه قبل الأمر وحفظه فأمره بالحفظ فالظاهر أنه يبرأ لأنه بدوامه على الانتفاع بعد الأمر متعد، بخلاف ما لو نزعه قبله هذا ما ظهر لي وأفاد ط نحوه

‏(‏قوله وضع منجلا‏)‏ بكسر الميم ط يحصد به الزرع مغرب ‏(‏قوله قيد اتفاقي إلخ‏)‏ مشى عليه المصنف في المنح أيضا والعيني تبعا للزيلعي، ومقتضى ما قدمه الشارح في الذبائح أنه للاحتراز حيث قال‏:‏ وتشترط التسمية حال الذبح أو الرمي لصيد أو الإرسال أو حال وضع الحديد لحمار الوحش إذا لم يقعد عن طلبه ا هـ‏.‏ وانظر ما كتبناه هناك وفي كتاب الصيد ‏(‏قوله كره تحريما‏)‏ لما روى الأوزاعي عن واصل بن أبي جميلة عن مجاهد قال‏:‏ «كره رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشاة الذكر والأنثيين والقبل والغدة والمرارة والمثانة والدم»، قال أبو حنيفة‏:‏ الدم حرام وأكره الستة، وذلك لقوله عز وجل ‏{‏حرمت عليكم الميتة والدم‏}‏ الآية فلما تناوله النص قطع بتحريمه وكره ما سواه، لأنه مما تستخبثه الأنفس، وتكرهه وهذا المعنى سبب الكراهية - لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ويحرم عليهم الخبائث‏}‏ زيلعي‏.‏ وقال في البدائع آخر كتاب الذبائح‏:‏ وما روي عن مجاهد فالمراد منه كراهة التحريم بدليل أنه جمع بين الستة وبين الدم في الكراهة والدم المسفوح محرم والمروي عن أبي حنيفة أنه قال‏:‏ الدم حرام وأكره الستة فأطلق الحرام على الدم، وسمى ما سواه مكروها لأن الحرام المطلق ما ثبتت حرمته بدليل مقطوع به وهو المفسر من الكتاب قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أو دما مسفوحا‏}‏ وانعقد الإجماع على حرمته، وأما حرمة ما سواه من الستة فما ثبت بدليل مقطوع به، بل بالاجتهاد أو بظاهر الكتاب المحتمل للتأويل أو الحديث، فلذا فصل فسمى الدم حراما وذا مكروها ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وظاهر إطلاق المتون هو الكراهة ‏(‏قوله وقيل تنزيها‏)‏ قائله صاحب القنية فإنه ذكر أن الذكر أو الغدة لو طبخ في المرقة لا تكره المرقة وكراهة هذه الأشياء كراهة تنزيه لا تحريم ا هـ‏.‏ واختار في الوهبانية ما في القنية وقال‏:‏ إن فيه فائدتين إحداهما أن الكراهة تنزيهية، والأخرى أنه لا يكره أكل المرقة واللحم ا هـ‏.‏ نقله عنه ابن الشحنة في شرحه، وأقره ‏(‏قوله والأول أوجه‏)‏ لما قدمناه من استدلال الإمام بالآية وأيضا فكلام صاحب القنية لا يعارض ظاهر المتون وكلام البدائع ‏(‏قوله من الشاة‏)‏ ذكر الشاة اتفاقي لأن الحكم لا يختلف في غيرها من المأكولات ط‏.‏ ‏(‏قوله الحياء‏)‏ هو الفرج من ذوات الخف والظلف والسباع، وقد يقصر قاموس ‏(‏قوله والغدة‏)‏ بضم الغين المعجمة كل عقدة في الجسد أطاف بها شحم، وكل قطعة صلبة بين العصب ولا تكون في البطن كما في القاموس ‏(‏قوله والدم المسفوح‏)‏ أما الباقي في العروق بعد الذبح فإنه لا يكره ‏(‏قوله في بيت‏)‏ وقبله بيت آخر ذكره في المنح وهو‏.‏ ويكره أجزاء من الشاة سبعة فخذها فقد أوضحتها لك بالعدد ‏(‏قوله فقل ذكر إلخ‏)‏ كذا في النسخ وعليه فالمعدود ستة والظاهر أن أصل البيت حيا ذكر إلخ ‏(‏قوله وقال غيره‏)‏ أي بطريق الرمز ومثله قولي‏:‏ إن الذي من المذكاة رمي يجمعه حروف فخذ مدغم قوله إذا ما ذكيت‏)‏ بالبناء للمجهول والتاء علامة التأنيث

‏(‏قوله واللقطة‏)‏ قيده بعضهم بغير لقطة الذمي فليس للقاضي إقراضها لقوله لا يجوز التصدق بها بل يضعها في بيت المال، لأن الإقراض قربة والذمي ليس من أهل القرب ا هـ‏.‏ وأطلق في إقراضه اللقطة فشمل إقراضها‏.‏ من الملتقط وغيره، وقول البحر من الملتقط الظاهر أنه غير قيد تأمل ‏(‏قوله بشروط تقدمت في القضاء‏)‏ حيث قال‏:‏ من مليء مؤتمن حيث لا وصي، ولا من يقبله مضاربة ولا مستغلا يشتريه ا هـ‏.‏ وقوله‏:‏ حيث لا وصي ذكره صاحب البحر بحثا وفيه كلام يعلم من محله ‏(‏قوله بخلاف الأب إلخ‏)‏ فإن أقرضوا ضمنوا لعجزهم عن التحصيل، بخلاف القاضي ويستثنى إقراضهم للضرورة كحرق ونهب، فيجوز اتفاقا بحر كذا ذكره الشارح في القضاء، وما ذكره المصنف من أن الأب كالوصي لا كالقاضي هو أحد قولين مصححين، وعليه المتون فكان المعتقد كما أفاده في البحر ‏(‏قوله إلا إذا أنشدها إلخ‏)‏ ذكره الزيلعي بصيغة ينبغي، فالظاهر أنه بحث منه لكنه يوهم أنه لا يضمن إذا لم يجز صاحبها كالقاضي مع أنه لا يمكن إلحاق الإقراض بالتصدق إلا إذا قلنا بالضمان ‏(‏قوله فإقراضه أولى‏)‏ أي إقراضه من فقير زيلعي‏.‏

‏(‏قوله وظاهر توجيهه إلخ‏)‏ عبارة المنح وظاهر التوجيه المفهوم من كلام الإمام قاضي خان أن المراد بالمشركين في الشرط المذكور الجميع، فلذا قال في تعليله، لأن من المشركين من لا يعذب، فيمكن أن يراد بهذا البعض من يصدق عليه المشرك في الجملة إلخ فتنبه ‏(‏قوله بهذا البعض‏)‏ أي الذي دلت عليه من التبعيضية ‏(‏قوله فإنهم مشركون شرعا‏)‏ أي بطريق التبعية منح فالمعنى أنهم يعاملون شرعا معاملة آبائهم أما حكمهم في الآخرة ففيه أقوال عشرة أحدها أنهم خدم أهل الجنة، والمشهور عن الإمام التوقف ‏(‏قوله لم تصدق الموجبة الكلية‏)‏ أي فلا يحنث، لأنه علق الطلاق على كون المشركين جميعا معذبين، ولم يتحقق منح أي حملا لأل على الاستغراق ‏(‏قوله وهل قائل‏)‏ أي هل يوجد قائل والجملة بعده مقول القول وكافر فاعل يدخل ‏(‏قوله ففي البيت سؤالان‏)‏ وهما عدم دخول النار كافر ودخول المؤمنين النار ‏(‏قوله ولا يقبل تأويل قائله‏)‏ مقتضاه أنه يحكم عليه بالكفر وفيه نظر لما تقرر أنه لو كان وجوه توجب الكفر ووجه واحد يمنعه، فعلى المفتي الميل لما يمنع، ولا سيما عند وجود القرينة فإرادة الإلغاز والتعمية كقوله عليه الصلاة والسلام لامرأة مازحا‏:‏ «إن الجنة لا يدخلها عجوز» ‏(‏قوله قلت هذا‏)‏ أي ما في الشطر الثاني ‏(‏قوله فكيف الأول‏)‏ أي ما في المتن المساوي لما في الشطر الأول ‏(‏قوله ثم رأيت شيخنا قال‏)‏ أي معترضا على المصنف في حاشية المنح حيث نقل كلام ابن الشحنة، فالضمير في نقله لكلام ابن الشحنة وفي قضى ونفسه للمصنف فافهم، لكن كان ينبغي للشارح أن يصرح بأن المصنف نقل كلام ابن الشحنة حتى يتعين مرجع الضمائر‏.‏

‏(‏قوله آلمه‏)‏ بمد الهمزة فعل ماض من الإيلام والجملة صفة لتشديد‏.‏ ‏(‏قوله وقال أهل النظر‏)‏ أي المعرفة منح ‏(‏قوله وحكما‏)‏ الحكمي بقطع الأكثر ولم يوجد ط ‏(‏قوله حاربهم الإمام‏)‏ كما لو تركوا الأذان منح ‏(‏قوله ووقته‏)‏ أي ابتداء وقته مسكين أو وقته المستحب كما نقل عن شرح باكير على الكنز ‏(‏قوله غير معلوم‏)‏ أي غير مقدر بمدة وقد عدل الشارح عما جزم به المصنف كالكنز، ليكون المتن جاريا على قول الإمام كعادة المتون ‏(‏قوله وقيل سبع‏)‏ لأنه يؤمر بالصلاة إذا بلغها فيؤمر بالختان، حتى يكون أبلغ في التنظيف قاله في الكافي، زاد في خزانة الأكمل وإن كان أصغر منه فحسن، وإن كان فوق ذلك قليلا فلا بأس به، وقيل‏:‏ لا يختن حتى يبلغ لأنه للطهارة ولا تجب عليه قبله ط ‏(‏قوله وقيل عشر‏)‏ لزيادة أمره بالصلاة إذا بلغها ‏(‏قوله وهو الأشبه‏)‏ أي بالفقه زيلعي وهذه من صيغ التصحيح ‏(‏قوله وقال أبو حنيفة إلخ‏)‏ الظاهر أنه لا يخالف ما قبله بناء على قاعدة الإمام من عدم التقدير فيما لم يرد به نص من المقدرات وتفويضها إلى الرأي تأمل، ونقله عن الإمام تأييدا لما اختاره أولا فلا تكرار فافهم ‏(‏قوله عنهما‏)‏ أي عن الصاحبين ‏(‏قوله وختان المرأة‏)‏ الصواب خفاض، لأنه لا يقال في حق المرأة ختان وإنما خفاض حموي ‏(‏قوله بل مكرمة للرجال‏)‏ لأنه ألذ في الجماع زيلعي ‏(‏قوله وقيل سنة‏)‏ جزم به البزازي معللا بأنه نص على أن الخنثى تختن، ولو كان ختانها مكرمة لم تختن الخنثى، لاحتمال أن تكون امرأة ولكن لا كالسنة في حق الرجال ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وختان الخنثى لاحتمال كونه رجلا، وختان الرجل لا يترك فلذا كان سنة احتياطا ولا يفيد ذلك سنيته للمرأة تأمل‏.‏ وفي كتاب الطهارة من السراج الوهاج اعلم أن الختان سنة عندنا للرجال والنساء، وقال الشافعي‏:‏ واجب وقال بعضهم‏:‏ سنة للرجال مستحب للنساء لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «ختان الرجال سنة وختان النساء مكرمة» ولو كان للصبي ذكران فإن كانا عاملين ختنا ولو أحدهما فقط ختن خاصة ويعرف العامل بالبول والانتشار والخنثى المشكل يختن من الفرجين ليقع اليقين، وأجرة ختان الصبي على أبيه إن لم يكن له مال والعبد على سيده ومن بلغ غير مختون أجبره الحاكم عليه فإن مات فهو هدر لموته من فعل مأذون فيه شرعا ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله وفي الرسل إلخ‏)‏ صريح في أن ساما وحنظلة مرسلان ط ‏(‏قوله شيث إدريس‏)‏ بلا تنوين كسام وهود‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

قيل السبب في الختان أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، لما ابتلي بالترويع بذبح ولده أحب أن يجعل لكل واحد ترويعا بقطع عضو وإراقة دم، ابتلى بالصبر على إسلام الآباء أبناءهم تأسيا به عليه الصلاة والسلام، وقد اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة أو مائة وعشرين، والأول أصح وجمع بأن الأول من حين النبوة، والثاني من حين الولادة واختتن بالقدوم اسم موضع، وقيل آلة النجار، وقد اختلف الرواة والحفاظ في ولادة نبينا صلى الله عليه وسلم مختونا، ولم يصح فيه شيء وأطال الذهبي في رد قول الحاكم أنه تواترت به الرواية، وقد ثبت عندهم ضعف الحديث به وقال بعض المحققين من الحفاظ الأشبه بالصواب أنه لم يولد مختونا

‏(‏قوله وبط قرحته‏)‏ أي شقها من باب قتل ‏(‏قوله وغيره‏)‏ أي غير المذكور من الكي والبط ‏(‏قوله وهرة تضر‏)‏ كما إذا كانت تأكل الحمام والدجاج زيلعي ‏(‏قوله ويذبحها‏)‏ الظاهر أن الكلب مثلها تأمل ‏(‏قوله يكره إحراق جراد‏)‏ أي تحريما ومثل القمل البرغوث ومثل العقرب الحية ط ‏(‏قوله وإلقاء القملة ليس بأدب‏)‏ لأنها تؤذي غيره ويورث النسيان وفيه تعذيب لها بجوعها ط أما البرغوث فيعيش في التراب ‏(‏قوله وجازت المسابقة‏)‏ أي بشرط أن تكون الغاية مما يحتملها الفرس، وأن يكون في كل واحد من الفرسين احتمال السبق، أما إذا علم أن أحدهما يسبق لا محالة فلا يجوز، لأنه إنما جاز له للحاجة إلى الرياضة على خلاف القياس، وليس في هذا إلا إيجاب المال للغير على نفسه بشرط لا منفعة فيه فلا يجوز ا هـ‏.‏ زيلعي ‏(‏قوله والرمي‏)‏ أي بالسهام ‏(‏قوله ليرتاض للجهاد‏)‏ أفاد أنه مندوب كما صرح به في الحظر، وأنه للتلهي مكروه، وأما حديث‏:‏ «لا تحضر الملائكة شيئا من الملاهي سوى النضال أي الرمي والمسابقة» فالظاهر أن تسميته لهوا للمشابهة الصورية تأمل ‏(‏قوله وحرم شرط الجعل من الجانبين‏)‏ بأن يقول إن سبق فرسك، فلك علي كذا وإن سبق فرسي، فلي عليك كذا زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله إلا إذا أدخل محللا‏)‏ المناسب أدخلا وصورته أن يقولا لثالث إن سبقتنا فالمالان لك، وإن سبقناك فلا شيء لنا عليك، ولكن الشرط الذي شرطاه بينهما وهو أيهما سبق كان له الجعل على صاحبه باق على حاله، فإن غلبهما أخذ المالين، وإن غلباه فلا شيء لهما عليه، ويأخذ أيهما غلب المال المشروط له من صاحبه زيلعي ‏(‏قوله بشرطه‏)‏ وهو أن يكون فرس المحلل كفؤا لفرسيهما يجوز أن يسبق أو يسبق ‏(‏قوله ولا يجوز إلخ‏)‏ قاله الزيلعي‏:‏ ومثله في الخانية والذخيرة وغيرهما لكن جزم الشارح في كتاب الحظر والإباحة، بأن البغل والحمار كالفرس، وعزاه إلى الملتقى، والمجمع قلت ومثله في المختار والمواهب وغيرهما، وأقره المصنف هناك خلافا لما ذكره هنا وتقدم تمام الكلام عليه في كتاب الحظر فراجعه ‏(‏قوله وتمامه في الزيلعي‏)‏ حيث ذكر أنه لو قال‏:‏ واحد من الناس لجماعة من الفرسان أو لاثنين من سبق فله كذا من مال نفسه أو قال للرماة من أصاب الهدف فله كذا جاز لأنه من باب التنفيل، فإذا كان التنفيل من بيت المال كالسلب ونحوه يجوز فما ظنك بخالص ماله، وعلى هذا الفقهاء إذا تنازعوا في المسائل وشرط للمصيب منهم جعل جاز إذا لم يكن من الجانبين على ما ذكرنا في الخيل إذ التعلم في البابين يرجع إلى تقوية الدين وإعلاء كلمة الله تعالى والمراد بالجواز المذكور في باب المسابقة الحل؛ دون الاستحقاق حتى لو امتنع المغلوب من الدفع لا يجبره القاضي ولا يقضي عليه به ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ولا يصلي على غير الأنبياء إلخ‏)‏ لأن في الصلاة من التعظيم ما ليس في غيرها من الدعوات وهي زيادة الرحمة والقرب من الله تعالى، ولا يليق ذلك بمن يتصور منه خطايا والذنوب إلا تبعا بأن يقول‏:‏ اللهم صل على محمد وآله وصحبه وسلم، لأن فيه تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم زيلعي‏.‏ واختلف هل تكره تحريما أو تنزيها أو خلاف الأولى‏؟‏ وصحح النووي في الأذكار الثاني، لكن في خطبة شرح الأشباه للبيري من صلى على غيرهم أثم وكره وهو الصحيح وفي المستصفى‏:‏ وحديث‏:‏ «صلى الله على آل أبي أوفى» الصلاة حقه فله أن يصلي على غيره ابتداء أما الغير فلا ا هـ‏.‏ وأما السلام فنقل اللقاني في شرح جوهرة التوحيد عن الإمام الجويني أنه في معنى الصلاة، فلا يستعمل في الغائب ولا يفرد به غير الأنبياء فلا يقال علي عليه السلام وسواء في هذا الأحياء والأموات إلا في الحاضر فيقال السلام أو سلام عليك أو عليكم وهذا مجمع عليه ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ومن الحاضر السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، والظاهر أن العلة في منع السلام ما قاله النووي في علة منع الصلاة أن ذلك شعار أهل البدع، ولأن ذلك مخصوص في لسان السلف بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما أن قولنا عز وجل مخصوص بالله تعالى، فلا يقال محمد عز وجل وإن كان عزيزا جليلا ثم قال اللقاني‏:‏ وقال القاضي عياض الذي ذهب إليه المحققون، وأميل إليه ما قاله مالك وسفيان، واختاره غير واحد من الفقهاء والمتكلمين أنه يجب تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء بالصلاة والتسليم كما يختص الله سبحانه عند ذكره بالتقديس والتنزيه، ويذكر من سواهم بالغفران والرضا كما قال الله تعالى - رضي الله عنهم ورضوا عنه يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان - وأيضا فهو أمر لم يكن معروفا في الصدر الأول، وإنما أحدثه الرافضة في بعض الأئمة والتشبه بأهل البدع منهي عنه فتجب مخالفتهم ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وكراهة التشبه بأهل البدع مقررة عندنا أيضا لكن لا مطلقا بل في المذموم وفيما قصد به التشبه بهم كما قدمه الشارح في مفسدات الصلاة ‏(‏قوله قولان‏)‏ قال بعضهم لا يجوز لأنه ليس فيه ما يدل على التعظيم مثل الصلاة ولهذا يجوز أن يدعى به لغير الأنبياء والملائكة عليهم السلام وهو مرحوم قطعا، فيكون تحصيل الحاصل وقد استغنينا عن هذه بالصلاة فلا حاجة إليها وقال بعضهم يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان من أشوق العباد إلى مزيد رحمة الله تعالى، ومعناها معنى الصلاة فلم يوجد ما يمنع من ذلك زيلعي‏.‏ والصحيح الجواز كما ذكره الزيلعي في كتاب الصلاة وقال في البحر‏:‏ وروي عن بعض المشايخ أنه قال ولا يقول‏:‏ ارحم محمدا وأكثر المشايخ على أنه يقوله للتوارث، وقال السرخسي‏:‏ لا بأس به لأن الأثر ورد به من طريق أبي هريرة وابن عباس ولأن أحدا وإن جل قدره لا يستغني عن رحمة الله تعالى ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وجوزه السيوطي تبعا لا استقلالا‏)‏ أي مضموما إلى الصلاة والسلام لا وحده فيجوز اللهم صل على محمد وارحم محمدا ولا يجوز ارحم محمدا بدون الصلاة‏.‏ ‏(‏قوله فليكن التوفيق‏)‏ أي يحمل القول بالجواز على التبعية والقول بعدمه على الابتداء ويخالفه ما في البحر حيث قال‏:‏ ومحل الخلاف في الجواز وعدمه إنما هو فيما يقال مضموما إلى الصلاة والسلام كما أفاده شيخ الإسلام ابن حجر، فلذا اتفقوا على أنه لا يقال ابتداء رحمه الله ا هـ‏.‏ قال ط‏:‏ وينبغي أن لا يجوز غفر الله له وسامحه لما فيه من إيهام نقص ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وكذا عفا عنه وإن وقع في القرآن لأن الله تعالى له أن يخاطب عبده بما أراد كما لا يليق أن تخاطب الرعية الأمراء بما تخاطبهم به الملوك، ولم أر من تعرض للترحم على الملائكة فليراجع

‏(‏قوله ويستحب الترضي للصحابة‏)‏ لأنهم كانوا يبالغون في طلب الرضا من الله تعالى ويجتهدون في فعل ما يرضيه، ويرضون بما يلحقهم من الابتلاء من جهته أشد الرضا، فهؤلاء أحق بالرضا وغيرهم لا يلحق أدناهم ولو أنفق ملء الأرض ذهبا زيلعي ‏(‏قوله وكذا من اختلف في نبوته‏)‏ قال النووي والذي أراه أن هذا أي الدعاء بالصلاة لا بأس به وإن الأرجح أن يقال رضي الله عنه لأنه مرتبة غير الأنبياء، ولم يثبت كونهما نبيين ا هـ‏.‏ وظاهر قول المتن‏:‏ ولا يصلى على غير الأنبياء والملائكة، وكذا كلام القاضي عياض السابق أنه لا يدعى له بالصلاة، لكن ينبغي عدم الإثم به لشبهة الاختلاف ‏(‏قوله وقيل يقال إلخ‏)‏ أي لتكون الصلاة عليه تبعا فيكون مما لا خلاف فيه، وهو وجيه كما لا يخفى على النبيه ‏(‏قوله والعباد‏)‏ بالضم جمع عابد ‏(‏قوله وقال الزيلعي إلخ‏)‏ لا يخالف ما قبله إلا في قوله ولمن بعدهم بالمغفرة والتجاوز‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

يكره الجدل في أن لقمان وذا القرنين وذا الكفل أنبياء أم لا، وينبغي أن لا يسأل الإنسان عما لا حاجة إليه كأن يقول‏:‏ كيف هبط جبريل وعلى أي صورة رآه النبي صلى الله عليه وسلم وحين رآه على صورة البشر هل بقي ملكا أم لا‏؟‏ وأين الجنة والنار ومتى الساعة ونزول عيسى‏؟‏ وإسماعيل أفضل أم إسحاق وأيهما الذبيح‏؟‏ وفاطمة أفضل من عائشة أم لا‏؟‏ وأبوا النبي كانا على أي دين‏؟‏ وما دين أبي طالب‏؟‏ ومن المهدي إلى غير ذلك مما لا تجب معرفته ولم يرد التكليف به‏.‏ ويجب ذكره صلى الله عليه وسلم بأسماء معظمة فلا يجوز أن يقال إنه فقير غريب مسكين فريد طويل، ويجب تعظيم العرب خصوصا أهل الحرمين خصوصا أولاد المهاجرين والأنصار خصوصا أولاد الخلفاء الأربعة مقدسي عن خزانة الأكمل

‏(‏قوله والإعطاء باسم النيروز والمهرجان‏)‏ بأن يقال هدية هذا اليوم ومثل القول النية فيما يظهر ط والنيروز أول الربيع والمهرجان أول الخريف وهما يومان يعظمهما بعض الكفرة ويتهادون فيهما ‏(‏قوله ثم أهدى لمشرك إلخ‏)‏ قال في جامع الفصولين‏:‏ وهذا بخلاف ما لو اتخذ مجوسي دعوة لحلق رأس ولده فحضر مسلم دعوته فأهدى إليه شيئا لا يكفر، وحكي أن واحدا من مجوسي سربل كان كثير المال حسن التعهد بالمسلمين، فاتخذ دعوة لحلق رأس ولده، فشهد دعوته كثير من المسلمين، وأهدى بعضهم إليه فشق ذلك على مفتيهم، فكتب إلى أستاذه علي السعدي أن أدرك أهل بلدك، فقد ارتدوا وشهدوا شعار المجوسي وقص عليه القصة فكتب إليه إن إجابة دعوة أهل الذمة مطلقة في الشرع ومجازاة الإحسان من المروءة وحلق الرأس ليس من شعار أهل الضلالة والحكم بردة المسلم بهذا القدر لا يمكن والأولى للمسلمين أن لا يوافقوهم على مثل هذه الأحوال لإظهار الفرح والسرور ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله والتنعيم‏)‏ عبارة الزيلعي والتنعم بتشديد العين ‏(‏قوله ولا بأس‏)‏ من البؤس أي لا شدة عليه من جهة الشرع أو من البأس وهو الجراءة أي لا جراءة في مباشرته، لأنه أمر مشروع وفي هذا دلالة على أن فاعله لا يؤجر ولا يأثم به حموي عن المفتاح ا هـ‏.‏ ط‏.‏ أقول‏:‏ والغالب استعماله فيما تركه أولى ‏(‏قوله القلانس‏)‏ جمع قلنسوة بفتح القاف ذات الآذان تحت العمامة ط ‏(‏قوله غير حرير إلخ‏)‏ رد على مسكين حيث قال لفظ الجمع يشمل قلنسوة الحرير والذهب والفضة والكرباس والسوداء والحمراء ‏(‏قوله وصح أنه عليه الصلاة والسلام لبسها‏)‏ كذا في بعض النسخ، ومثله في الدر المنتقى‏:‏ أي لبس القلانس، وقد عزاه المصنف والزيلعي إلى الذخيرة، وفي بعض النسخ‏:‏ وصح أنه حرم لبسها أي قلانس الحرير والذهب تأمل ‏(‏قوله وندب لبس السواد‏)‏ لأن محمدا ذكر في السير الكبير في باب الغنائم حديثا يدل على أن لبس السواد مستحب وأن من أراد أن يجدد اللف لعمامته ينبغي له أن ينفضها كورا كورا، فإن ذلك أحسن من رفعها عن الرأس، وإلقائها في الأرض دفعة واحدة وأن المستحب إرسال ذنب العمامة بين الكتفين وتمامه في الزيلعي

‏(‏قوله وقال إياكم والأحمر‏)‏ الذي في الزيلعي‏:‏ إياكم والحمرة فإنها زي الشيطان ‏(‏قوله ويستحب التجمل إلخ‏)‏ قال عليه الصلاة والسلام‏:‏ «إن الله تعالى إذا أنعم على عبده أحب أن يرى أثر نعمته عليه» وأبو حنيفة كان يتردى برداء قيمته أربعمائة دينار، وكان يأمر أصحابه بذلك ويقول‏:‏ فإن الناس ينظرون إليكم بعين الرحمة ‏"‏ ومحمد كان يلبس الثياب النفيسة ويقول‏:‏ إن لي نساء وجواري فأزين نفسي كي لا ينظرون إلى غيري قيل للشيخ‏:‏ أليس عمر رضي الله عنه كان يلبس قميصا عليه كذا رقعة فقال‏:‏ فعل ذلك لحكمة هي أنه كان أمير المؤمنين، وعماله يقتدون وربما لا يكون لهم مال، فيأخذون من المسلمين ذخيرة ملخصا ‏(‏قوله قيمته ألف دينار‏)‏ تبع المصنف والذي في الزيلعي ألف درهم

‏(‏قوله وللشاب العالم أن يتقدم إلخ‏)‏ لأنه أفضل منه ولهذا يقدم في الصلاة‏:‏ وهي أحد أركان الإسلام‏:‏ وهي تالية الإيمان زيلعي‏.‏ وصرح الرملي في فتاواه بحرمة تقدم الجاهل على العالم، حيث أشعر بنزول درجته عند العامة لمخالفته ‏{‏يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات‏}‏ إلى أن قال وهذا مجمع عليه فالمتقدم ارتكب معصية فيعزر ‏(‏قوله فمن يضعه‏)‏ أي يضع العالم ‏(‏قوله وهم أولو الأمر على الأصح‏)‏ أي من الأقوال في تفسير قوله‏:‏ ‏{‏أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» كما ذكره الزيلعي‏.‏ وفي المنح عن البزازية وقال الزندويستي حق العالم على الجاهل وحق الأستاذ على التلميذ واحد على السواء وهو أن لا يفتح الكلام قبله ولا يجلس مكانه، وإن غاب ولا يرد عليه كلامه ولا يتقدم عليه في مشيه، وحق الزوج على الزوجة أكثر من هذا وهو أن تطيعه في كل مباح، وعن خلف أنه وقعت زلزلة فأمر الطلبة بالدعاء فقيل له فيه فقال‏:‏ خيرهم خير من خير غيرهم وشرهم خير من شر غيرهم

‏(‏قوله جاز في الأصح‏)‏ وهو مروي عن أبي يوسف فقد قال‏:‏ يعجبني أن تتزين لي امرأتي كما يعجبها أن أتزين لها والأصح أنه لا بأس به في الحرب وغيره واختلفت الرواية في أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله في عمره والأصح لا وفصل في المحيط بين الخضاب بالسواد قال عامة المشايخ‏:‏ إنه مكروه وبعضهم جوزه مروي عن أبي يوسف، أما بالحمرة فهو سنة الرجال وسيما المسلمين ا هـ‏.‏ منح ملخصا وفي شرح المشارق للأكمل والمختار أنه صلى الله عليه وسلم خضب في وقت، وتركه في معظم الأوقات، ومذهبنا أن الصبغ بالحناء والوسمة حسن كما في الخانية قال النووي‏:‏ ومذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة أو حمرة وتحريم خضابه بالسواد على الأصح لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد» ا هـ‏.‏ قال الحموي وهذا في حق غير الغزاة ولا يحرم في حقهما للإرهاب ولعله محمل من فعل ذلك من الصحابة ط ‏(‏قوله كما يجوز أن يأكل متكئا في الصحيح‏)‏ قدمنا في الحظر أنه لا بأس به في المختار أي فتركه أولى وهذا إذا لم يكن عن تكبر وإلا فيحرم ‏(‏قوله لما روي إلخ‏)‏ الذي في صحيح البخاري وغيره أنه عليه الصلاة والسلام قال‏:‏ «لا آكل متكئا» قال ابن حجر في شرح الشمائل عن النسائي قال‏:‏ «ما رئي النبي صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا قط»، لكن أخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد «أنه أكل متكئا مرة» فإن صح فهو زيادة مقبولة، ويؤيدها ما أخرجه عن ابن شاهين عن عطاء بن يسار‏:‏ أن جبريل «رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا فنهاه»، وفسر الأكثرون الاتكاء بالميل على أحد الجانبين، لأنه يضر بالآكل وورد بسند ضعيف‏:‏ «زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يده اليسرى عند الأكل» قال مالك رحمه الله‏:‏ وهو نوع من الاتكاء وفيه إشارة إلى أنه لا يختص بصفة بعينها ا هـ‏.‏ ملخصا وبه علم أنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أكل متكئا فقد تركه لما نهى عنه، فليس فيه دليل على الجواز؛ نعم ذكر بعض الشافعية أنه خاص به عليه الصلاة والسلام، والأصح عندهم أنه عام قال العلقمي في شرح الجامع الصغير‏:‏ اختلف في صفة الاتكاء فقيل أن يتمكن في الجلوس للأكل على أي صفة كان، وقيل‏:‏ أن يميل على أحد شقيه وقيل أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض والأول المعتمد، وهو شامل للقولين والحكمة في تركه أنه من فعل ملوك العجم والمتعظمين، وأنه أدعى إلى كثرة الأكل، وأحسن الجلسات للأكل الإقعاء على الوركين، ونصب الركبتين ثم الجثو على الركبتين وظهور القدمين ثم نصب الرجل اليمنى، والجلوس على اليسرى وتمامه فيه

‏(‏قوله وإذا خرج من بلدة بها الطاعون‏)‏ المناسب زيادة أو دخل ليناسب ما بعده ط

‏(‏قوله ليس له ذلك‏)‏ هذا في غير الجهاد المتعين، لأن نفعه للمسلمين أكثر ثوابا من الجهاد حيث كان بهذه الصفة ‏(‏قوله قضى المديون إلخ‏)‏ أفاد أن الدين إذا كان مؤجلا، فقضاه المديون قبل حلول الأجل يجبر الدائن على القبول كما في الخانية ‏(‏قوله لا يأخذ من المرابحة إلخ‏)‏ صورته‏:‏ اشترى شيئا بعشرة نقدا وباعه لآخر بعشرين إلى أجل هو عشرة أشهر، فإذا قضاه بعد تمام خمسة أو مات بعدها يأخذ خمسة، ويترك خمسة ط‏.‏ أقول‏:‏ والظاهر أن مثله ما لو أقرضه وباعه سلعة بثمن معلوم وأجل ذلك، فيحسب له من ثمن السلعة بقدر ما مضى فقط تأمل ‏(‏قوله وعلله إلخ‏)‏ علله الحانوتي بالتباعد عن شبهة الربا، لأنها في باب الربا ملحقة بالحقيقة ووجه أن الربح في مقابلة الأجل، لأن الأجل وإن لم يكن مالا، ولا يقابله شيء من الثمن لكن اعتبروه مالا في المرابحة إذا ذكر الأجل بمقابلة زيادة الثمن، فلو أخذ كل الثمن قبل الحلول كان أخذه بلا عوض والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏