فصل: باب العيدين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب العيدين

تثنية عيد، وأصله عود قلبت الواو ياء لسكونها بعد كسرة ا هـ‏.‏ ح‏.‏ وفي الجوهرة مناسبته للجمعة ظاهرة وهو أنهما يؤديان بجمع عظيم ويجهر فيهما بالقراءة ويشترط لأحدهما ما يشترط للآخر سوى الخطبة، وتجب على من تجب عليه الجمعة، وقدمت الجمعة للفرضية وكثرة وقوعها‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله سمي به إلخ‏)‏ أي سمي العيد بهذا الاسم لأن لله - تعالى - فيه عوائد الإحسان أي أنواع الإحسان العائدة على عباده في كل عام‏:‏ منها الفطر بعد المنع عن الطعام وصدقة الفطر وإتمام الحج بطواف الزيارة ولحوم الأضاحي وغير ذلك، ولأن العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور غالبا بسبب ذلك‏.‏

مطلب في الفأل والطيرة

‏(‏قوله أو تفاؤلا‏)‏ أي بعوده على من أدركه كما سميت القافلة قافلة تفاؤلا بقفولها أي رجوعها بحر‏.‏ والفأل‏:‏ ضد الطيرة كأن يسمع مريض يا سالم أو يا طالب أو يا واجد أو يستعمل في الخير والشر قاموس، ومنه حديث‏:‏ «كان صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير» وكذا حديث‏:‏ «كان يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع يا راشد يا رجيح» أخرجهما السيوطي في الجامع الصغير‏.‏ ووجهه أن الفأل أمل ورجاء للخير من الله - تعالى - عند كل سبب ضعيف أو قوي بخلاف الطيرة ‏(‏قوله في كل يوم‏)‏ أي زمان ‏(‏قوله وجه الحبيب‏)‏ أي يوم رؤيته، وإلا فوجه الحبيب ليس زمانا ‏(‏قوله عن مذهب الغير‏)‏ أي مذهب غيرنا أما مذهبنا فلزوم كل منهما‏.‏ قال في الهداية ناقلا عن الجامع الصغير‏:‏ عيدان اجتمعا في يوم واحد فالأول سنة والثاني فريضة ولا يترك واحد منهما ا هـ‏.‏ قال في المعراج‏:‏ احترز به قول عطاء تجزي صلاة العيد عن الجمعة ومثله عن علي وابن الزبير قال ابن عبد البر سقوط الجمعة بالعيد مهجور‏.‏ وعن علي أن ذلك في أهل البادية ومن لا تجب عليهم الجمعة‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ في الأصح‏)‏ مقابله القول بأنها سنة وصححه النسفي في المنافع لكن الأول قول الأكثرين كما في المجتبى ونص على تصحيحه في الخانية والبدائع والهداية والمحيط والمختار والكافي النسفي‏.‏ وفي الخلاصة هو المختار لأنه صلى الله عليه وسلم واظب عليها وسماها في الجامع الصغير سنة لأن وجوبها ثبت بالسنة حلية قال في البحر‏:‏ والظاهر أنه لا خلاف في الحقيقة لأن المراد من السنة‏:‏ المؤكدة بدليل قوله‏:‏ ولا يترك واحد منهما وكما صرح به في المبسوط، وقد ذكرنا مرارا أنها بمنزلة الواجب عندنا ولهذا كان الأصح أنه يأثم بترك السنة المؤكدة كالواجب‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي له نظير ذلك في تكبير التشريق وفيه كلام ستعرفه ‏(‏قوله‏:‏ بشرائطها‏)‏ متعلق ب تجب الأول، والضمير للجمعة وشمل شرائط الوجوب وشرائط الصحة لكن شرائط الوجوب علمت من قوله على من تجب عليه الجمعة، فبقي المراد من قوله بشرائطها القسم الثاني فقط، واستثنى من الثاني الخطبة، واستثنى في الجوهرة من الأول المملوك إذا أذن له مولاه فإنه تلزمه العيد بخلاف الجمعة لأن لها بدلا وهو الظهر، وقال‏:‏ وينبغي أن لا تجب عليه العيد أيضا لأن منافعه لا تصير مملوكة له بالأذان‏.‏ ا هـ‏.‏ وجزم به في البحر‏.‏ قلت‏:‏ وفي إمامة البحر أن الجماعة في العيد تسن على القول بسنيتها، وتجب على القول بوجوبها‏.‏ ا هـ‏.‏ وظاهره أنها غير شرط على القول بالسنية لكن صرح بعده بأنها شرط لصحتها على كل من القولين أي فتكون شرطا لصحة الإتيان بها على وجه السنة وإلا كانت نفلا مطلقا تأمل لكن اعترض ط ما ذكره المصنف بأن الجمعة من شرائطها الجماعة التي هي جمع والواحد هنا مع الإمام كما في النهر ‏(‏قوله فإنها سنة بعدها‏)‏ بيان للفرق وهو أنها فيها سنة لا شرط وأنها بعدها لا قبلها بخلاف الجمعة‏.‏ قال في البحر‏:‏ حتى لو لم يخطب أصلا صح وأساء لترك السنة ولو قدمها على الصلاة صحت وأساء ولا تعاد الصلاة ‏(‏قوله‏:‏ صلاة العيد‏)‏ ومثله الجمعة ح ‏(‏قوله بما لا يصح‏)‏ أي على أنه عيد، وإلا فهو نفل مكروه لأدائه بالجماعة ح

‏(‏قوله لأنه واجب إلخ‏)‏ المراد بالواجب ما يلزم فعله إما على سبيل الوجوب المصطلح عليه وذلك في العيد، وإما على طريق الفرضية وذلك في الجنازة فهو من عموم المجاز ط‏.‏

مطلب فيما يترجح تقديمه من صلاة عيد وجنازة أو كسوف أو فرض أو سنة

‏(‏قوله‏:‏ والجنازة كفاية‏)‏ فيه أن العيد إن ترجح على الجنازة بالعينية فهي ترجحت عليه بالفرضية فالأولى أن يعلل بأن العيد تؤدى بجمع عظيم يخشى تفرقه إن اشتغل الإمام بالجنازة ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ بل الأولى التعليل بخوف التشويش على الجماعة بأن يظنوها صلاة العيد ثم رأيته كذلك في جنائز البحر عن القنية ‏(‏قوله على الخطبة‏)‏ أي خطبة العيد وذلك لفرضيتها وسنية الخطبة، وكذا يقال في سنة المغرب ط ‏(‏قوله‏:‏ وغيرها‏)‏ كسنة الظهر والجمعة والعشاء ‏(‏قوله‏:‏ والعيد على الكسوف‏)‏ لأنه وإن كان كل منها يؤدى بجمع عظيم لكن العيد واجب، والكسوف سنة ح‏.‏ هذا وفي السراج‏:‏ إن كان وقت العيد واسعا يبدأ بالكسوف لأنه يخشى فواته، وإن ضاق صلى العيد ثم الكسوف إن بقي‏.‏

مطلب الفقهاء قد يذكرون ما لا يوجد عادة

فإن قيل‏:‏ كيف يجتمعان، والكسوف في العادة لا يكون إلا في آخر يوم من الشهر، والعيد أول يوم أو يوم العاشر‏.‏ قلنا‏:‏ لا يمتنع، فقد روي أنها كسفت يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وموته كان يوم العاشر من ربيع الأول‏:‏ على أن الفقهاء قد يذكرون ما لا يوجد عادة كقول الفرضيين رجل مات وترك مائة جدة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومثله قولهم لو تترس الكفار بنبي يسأل ذلك النبي بل قد يتصور ذلك في الحكم بأن يشهدوا على نقصان رجب وشعبان فيقع العيد في آخر رمضان كما في البزازية ‏(‏قوله عن الحلبي‏)‏ أي العلامة المحقق محمد بن أمير حاج صاحب الحلية شرح المنية ‏(‏قوله عن السنة‏)‏ أي سنة الجمعة كما صرح به هناك وقال فعلى هذا تؤخر عن سنة المغرب لأنها آكد ا هـ‏.‏ فافهم ‏(‏قوله إلحاقا لها‏)‏ أي للسنة بالصلاة أي صلاة الفرض ‏(‏قوله لكن في آخر إلخ‏)‏ استدراك على الاستدراك، وعلى قول المصنف، وتقدم على صلاة الجنازة ط ‏(‏قوله‏:‏ ينبغي إلخ‏)‏ عبارة الأشباه اجتمعت جنازة وسنة قدمت الجنازة؛ وأما إذا اجتمع كسوف وجمعة أو فرض وقت لم أره، وينبغي تقديم الفرض إن ضاق الوقت وإلا فالكسوف لأنه يخشى فواته بالانجلاء‏.‏ ولو اجتمع عيد وكسوف وجنازة ينبغي تقديم الجنازة، وكذا لو اجتمعت مع فرض وجمعة ولم يخف خروج وقته‏.‏ وينبغي أيضا تقديم الخسوف على الوتر والتراويح ا هـ‏.‏ وفيه مخالفة لما مر من حيث تقديمه الجنازة على السنة، وهو خلاف المفتى به كما علمت وعلى العيد وهو بحث مخالف لما ذكره المصنف تبعا للدرر، ومن حيث تقديمه الكسوف على الفرض وهو بحث أيضا مخالف لما ذكره الشارح من تقديم العيد على الكسوف مع أن العيد واجب فقدم فبالأولى تقديم فرض الوقت‏.‏ وفي الجوهرة من باب الكسوف‏:‏ إذا اجتمع الكسوف والجنازة بدئ بالجنازة لأنها فرض وقد يخشى على الميت التغير ا هـ‏.‏ أي لطول صلاة الكسوف‏.‏ وقد يقال‏:‏ قدم العيد لئلا يحصل الاشتباه لأنه يؤدى بجمع عظيم، وعلى هذا تقدم الجمعة أيضا على الكسوف؛ ولذا خص صاحب الأشباه تقديم فرض الوقت دون الجمعة‏:‏ ويؤخذ من قوله أيضا إن ضاق الوقت تقديم فرض المغرب لأن وقته ضيق كما بحثه ح وهو ظاهر ثم رأيته صريحا في جنائز التتارخانية وقال بعده وروى الحسن أنه يخير فافهم‏.‏

مطلب يطلق المستحب على السنة وبالعكس

‏(‏قوله وندب يوم الفطر إلخ‏)‏ الندب قول البعض وعد المصنف الغسل سابقا من السنن والصحيح أن الكل سنة لخصوص الرجال قهستاني عن الزاهدي ط وزاد في البحر عن المجتبى وإنما سماه مستحبا لاشتمال السنة على المستحب قال نوح أفندي وحاصله تجويز إطلاق اسم المستحب على السنة وعكسه ولهذا أطلق في الهداية اسم المستحب على الغسل ثم قال فيسن فيه الغسل ا هـ‏.‏ وفي القهستاني أيضا أن هذه الأمور مندوبة قبل الصلاة ومن آدابها لا من آداب اليوم كما في الجلابي لكن في التحفة أن في غسله اختلاف الجمعة‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله حلوا‏)‏ قال في فتح القدير ويستحب كون ذلك المطعوم حلوا لما في البخاري‏:‏ «كان عليه الصلاة والسلام لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا»‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ فالظاهر أن التمر أفضل كما اقتضاه هذا الخبر فإن لم يجد يأكل شيئا حلوا ثم رأيته في شرح المنية ‏(‏قوله ولو قرويا‏)‏ كذا في الشرنبلالية ولعله يشير إلى أن ذلك ليس من سنن الصلاة بل من سنن اليوم لأن في الأكل مبادرة إلى قبول ضيافة الحق سبحانه وإلى امتثال أمره بالإفطار بعد امتثال أمره بالصيام تأمل ‏(‏قوله واستياكه‏)‏ لأنه مندوب إليه في سائر الصلوات اختيار، ومفاده أن المراد به الاستياك عند القيام إلى الصلاة فإنه مستحب كما قدمناه في سنن الوضوء وكذا عند الاجتماع بالناس وعليه فيستحب قبل التوجه إليها أيضا وأما السواك في الوضوء فإنه سنة مؤكدة ولا خصوصية للعيد فيه ‏(‏قوله ولو غير أبيض‏)‏ قال في البحر‏:‏ وظاهر كلامهم تقديم الأحسن من الثياب في الجمعة والعيدين وإن لم يكن أبيض، والدليل دال عليه فقد روى البيهقي «أنه عليه الصلاة والسلام كان يلبس يوم العيد بردة حمراء» وفي الفتح الحلة الحمراء عبارة عن ثوبين من اليمن فيهما خطوط حمر وخضر لا أنها أحمر بحت فليكن محمل البردة أحدهما ا هـ‏.‏ أي أحد الثوبين اللذين هما الحلة أي فلا يعارض ذلك حديث النهي عن لبس الأحمر‏.‏ والقول مقدم على الفعل والحاظر على المبيح إذا تعارضا فكيف إذا لم يتعارضا بالحمل المذكور ا هـ‏.‏ بزيادة وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام على لبس الأحمر في كتاب الحظر والإباحة ‏(‏قوله صح عطفه‏)‏ جواب سؤال تقديره كيف صح عطف أداء الفطرة على المندوبات مع وجوبه فأجاب بأن الكلام هنا في الأداء قبل الخروج والواجب مطلق الأداء‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله ومن ثم‏)‏ أي من أجل كون جميع تلك الأحكام قبل الخروج ط ‏(‏قوله أتى بكلمة ثم‏)‏ أي المفيدة للترتيب والتراخي ليفيد تراخي الخروج عن الجميع، فيدل على أن المراد فعل جميع ما ذكر قبله، بخلاف ما لو أتى بالواو أو بالفاء لأن الفاء ربما توهم تعقيبه على أداء الفطرة فقط بخلاف ثم ولذا قال ليفيد تراخيه عن جميع ما مر، والأظهر أن يقول وليفيد عطفا على العلة السابقة‏.‏ وقد يقال حذف العاطف؛ لأنه بمعنى العلة الأولى فالثانية بدل منها للتوضيح فافهم‏.‏ هذا والمصرح به أنه يندب أداء الفطرة في الطريق، وهو متوجه إلى المصلى وما هنا يوهم خلافه فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله المصلى العام‏)‏ أي في الصحراء بحر عن المغرب ‏(‏قوله والواجب مطلق التوجه‏)‏ أي لا التوجه المترتب على ما ذكر ولا التوجه المقيد بالمشي، ولا التوجه إلى خصوص الجبانة، وهذا تكملة الجواب عن السؤال المقدر ‏(‏قوله‏:‏ هو الصحيح‏)‏ قال في الظهيرية‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ ليس بسنة وتعارف الناس ذلك لضيق المسجد وكثرة الزحام والصحيح هو الأول‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الخلاصة والخانية السنة أن يخرج الإمام إلى الجبانة، ويستخلف غيره ليصلي في المصر بالضعفاء بناء على أن صلاة العيدين في موضعين جائزة بالاتفاق، وإن لم يستخلف فله ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ نوح ‏(‏قوله ولا بأس بإخراج منبر إليها‏)‏ عزاه في الدرر إلى الاختيار ‏(‏قوله لكن في الخلاصة إلخ‏)‏ ومثله في الخانية فإنهما قالا ولا يخرج المنبر إلى الجبانة يوم العيد‏.‏ واختلف المشايخ في بنائه في الجبانة قيل‏:‏ يكره، وقيل‏:‏ لا، فدل كلامهما على أنه لا خلاف في كراهة إخراجه إليها، وإنما الخلاف في بنائه فيها‏.‏ ويمكن حمل الكراهة على التنزيهية وهي مرجع خلاف الأولى المفاد من كلمة لا بأس غالبا فلا مخالفة فافهم، وفي الخلاصة عن خواهر زاده هذا أي بناؤه حسن في زماننا ‏(‏قوله من طريق آخر‏)‏ لما رواه البخاري‏:‏ «أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق» ولأن فيه تكثير الشهود لأن أمكنة القرية تشهد لصاحبها شرح المنية ‏(‏قوله‏:‏ والتختم‏)‏ ظاهره ولو لغير أمير وقاض ومفت‏.‏ وما في كتاب الحظر من قصره على نحو هؤلاء محمول على الدوام ويدل له ما في النهر عن الدراية أن من كان لا يتختم من الصحابة كان يتختم يوم العيد، وهذا أولى مما في القهستاني حيث خصه بذي سلطان‏.‏ ومن المندوبات صلاة الصبح في مسجد حيه ط ‏(‏قوله لا تنكر‏)‏ خبر قوله والتهنئة وإنما قال كذلك لأنه لم يحفظ فيها شيء عن أبي حنيفة وأصحابه، وذكر في القنية أنه لم ينقل عن أصحابنا كراهة وعن مالك أنه كرهها، وعن الأوزاعي أنها بدعة، وقال المحقق ابن أمير حاج‏:‏ بل الأشبه أنها جائزة مستحبة في الجملة ثم ساق آثارا بأسانيد صحيحة عن الصحابة في فعل ذلك ثم قال‏:‏ والمتعامل في البلاد الشامية والمصرية عيد مبارك عليك ونحوه وقال يمكن أن يلحق بذلك في المشروعية والاستحباب لما بينهما من التلازم فإن من قبلت طاعته في زمان كان ذلك الزمان عليه مباركا على أنه قد ورد الدعاء بالبركة في أمور شتى فيؤخذ منه استحباب الدعاء بها هنا أيضا‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله في طريقها‏)‏ ليس التقييد به للاحتراز عن البيت أو المصلى وإنما هو لبيان المخالفة بين عيد الفطر والأضحى فإن السنة في الأضحى التكبير في الطريق كما سيأتي فافهم ‏(‏قوله قبلها‏)‏ ظرف لقوله ولا يتنفل للاحتراز عما بعدها فإن فيه تفصيلا كما صرح به بعده ‏(‏قوله يتعلق بالتكبير والتنفل‏)‏ المراد التعلق المعنوي أي أنه قيد لهما فمعنى الإطلاق في التكبير‏:‏ أي سواء كان سرا أو جهرا، وفي التنفل سواء كان في المصلى اتفاقا أو في البيت في الأصح، وسواء كان ممن يصلي العيد أو لا حتى إن المرأة إذا أرادت صلاة الضحى يوم العيد تصليها بعدما يصلي الإمام في الجبانة أفاده في البحر ‏(‏قوله كذا قرره المصنف تبعا للبحر إلخ‏)‏ حاصل الكلام في هذا المقام أنه قال في الخلاصة‏:‏ ولا يكبر يوم الفطر وعندهما يكبر ويخافت وهو إحدى الروايتين عنه والأصح ما ذكرنا أنه لا يكبر في عيد الفطر‏.‏ ا هـ‏.‏ فأفاد أن الخلاف في أصل التكبير لا في صفته وأن الاتفاق على عدم الجهر به‏.‏ ورده في فتح القدير بأنه ليس بشيء؛ إذ لا يمنع من ذكر الله - تعالى في وقت من الأوقات بل من إيقاعه على وجه البدعة وهو الجهر لمخالفته قوله تعالى‏:‏ ‏{‏واذكر ربك في نفسك‏}‏ فيقتصر على مورد الشرع، وهو الأضحى ‏{‏واذكروا الله في أيام معدودات‏}‏ ورد في البحر على الفتح بأن صاحب الخلاصة أعلم منه بالخلاف وبأن تخصيص الذكر بوقت لم يرد به الشرع غير مشروع‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ما في الخلاصة يشعر به كلام الخانية فإنه قال ويكبر يوم الأضحى ويجهر، ولا يكبر يوم الفطر في قول أبي حنيفة لكن لا شك أن المحقق ابن الهمام له علم تام بالخلاف أيضا، كيف وفي غاية البيان المراد من نفي التكبير التكبير بصفة الجهر ولا خلاف في جوازه بصفة الإخفاء ا هـ‏.‏ فأفاد أن الخلاف بين الإمام وصاحبيه في الجهر والإخفاء لا في أصل التكبير وقد حكى الخلاف كذلك في البدائع والسراج والمجمع ودرر البحار والملتقى والدرر والاختيار والمواهب والإمداد والإيضاح والتتارخانية والتجنيس والتبيين ومختارات النوازل والكفاية والمعراج‏.‏ وعزاه في النهاية إلى المبسوط وتحفة الفقهاء وزاد الفقهاء فهذه مشاهير كتب المذهب مصرحة بخلاف ما في الخلاصة بل حكى القهستاني عن الإمام روايتين إحداهما أنه يسر، والثانية أنه يجهر كقولهما قال‏:‏ وهي الصحيح على ما قال الرازي ومثله في النهر‏.‏ وقال في الحلية‏:‏ واختلف في عيد الفطر؛ فعن أبي حنيفة وهو قول صاحبيه واختيار الطحاوي أنه يجهر، وعنه أنه يسر، وأغرب صاحب النصاب حيث قال يكبر في العيدين سرا كما أغرب من عزا إلى أبي حنيفة أنه لا يكبر في الفطر أصلا وزعم أنه الأصح كما هو ظاهر الخلاصة‏.‏ ا هـ‏.‏ فقد ثبت أن ما في الخلاصة غريب مخالف للمشهور في المذهب فافهم، وفي شرح المنية الصغير ويوم الفطر لا يجهر به عنده وعندهما يجهر وهو رواية عنه، والخلاف في الأفضلية أما الكراهة فمنتفية عن الطرفين ا هـ‏.‏ وكذا في الكبير وأما قول الفتح إذ لا يمنع عن ذكر الله تعالى إلخ فهو منقول في البدائع وغيرها عن الإمام في بحث تكبير التشريق‏.‏ هذا وقد ذكر الشيخ قاسم في تصحيحه أن المعتمد قول الإمام ‏(‏قوله لكن تعقبه في النهر‏)‏ أقول‏:‏ لم يتعقبه صريحا؛ لأنه نقل كلام البحر وأقره نعم ذكر قبله أن الخلاف في الجهر وعدمه وعزاه إلى معراج الدراية والتجنيس وغاية البيان والزيلعي ‏(‏قوله زاد في البرهان إلخ‏)‏ أي زاد على ما في النهر التصريح بأنه سنة عندهما أي لا مستحب، وإلا فقد علمت أنه في النهر صرح بالخلاف بين الإمام وصاحبيه لكنه لم يصرح بأنه سنة أو مستحب فافهم ‏(‏قوله‏:‏ ووجهها‏)‏ أي هذه الرواية ‏(‏قوله فيقتصر على مورد الشرع‏)‏ وهو ما في البحر عن القنية التكبير جهرا في غير أيام التشريق لا يسن إلا بإزاء العدو أو اللصوص وقاس عليه بعضهم الحريق والمخاوف كلها ا هـ‏.‏ زاد القهستاني أو علا شرفا

‏(‏قوله‏:‏ وكذا لا يتنفل إلخ‏)‏ لما في الكتب الستة عن ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ «أنه صلى الله عليه وسلم خرج فصلى بهم العيد لم يصل قبلها ولا بعدها» وهذا النفي بعدها محمول عليه في المصلى لما روى ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئا فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين» كذا في فتح القدير‏.‏ قال في منح الغفار أقول‏:‏ وهكذا استدل به الشراح على الكراهة‏.‏ وعندي في كونه مفيدا للمدعي نظر لأن غاية ما فيه أن ابن عباس حكى أنه عليه الصلاة والسلام خرج فصلى بهم العيد ولم يصل إلخ وهذا لا يقتضي أن ترك ذلك كان عادة له وبمثل هذا لا تثبت الكراهة؛ إذ لا بد لها من دليل خاص كما ذكره صاحب البحر‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن ذكر العلامة نوح أفندي أن وجه الاستدلال ما ذكروه في كراهة التنفل بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتيه من أنه صلى الله عليه وسلم كان حريصا على الصلاة فعدم فعله يدل على الكراهة؛ إذ لولاها لفعله مرة بيانا للجواز‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ هذا مسلم فيما إذا تكرر منه ذلك، أما عدم الفعل مرة فلا وليس في حديث ابن عباس المار ما يفيد التكرار فافهم ‏(‏قوله بأربع‏)‏ أو بركعتين والأول أفضل كما في القهستاني ‏(‏قوله وهذا‏)‏ أي ما مر من المنع عن التكبير والتنفل ‏(‏قوله للخواص‏)‏ الظاهر أن المراد بهم الذين لا يؤثر عندهم الزجر غلاء ولا كسلا حتى يفضي بهم إلى الترك أصلا ط ‏(‏قوله أصلا‏)‏ أي لا سرا ولا جهرا في التكبير ولا قبل الصلاة بمسجد أو بيت أو بعدها بمسجد في التنفل ط‏.‏ أقول‏:‏ وظاهر كلام البحر أنه زاد التنفل بحثا منه واستشهد له بما في التجنيس عن الحلواني أن كسالى العوام إذا صلوا الفجر عند طلوع الشمس لا يمنعون لأنهم إذا منعوا تركوها أصلا، وأداؤها مع تجويز أهل الحديث لها أولى من تركها أصلا ‏(‏قوله‏:‏ وفي هامشه إلخ‏)‏ تقدم الكلام على هذه الصلاة في باب النوافل وأن المراد ببراءة ليلة النصف من شعبان وليلة القدر السابع والعشرين من رمضان‏.‏ ثم إن ما نقله قال الرحمتي هو من الحواشي الموحشة ويمنع التوثق بذلك الخط إجماعهم على حرمة العمل بالحديث الموضوع وقد نصوا على وضع حديث هذه الصلوات والفقه لا ينقل من الهوامش المجهولة سيما ما كان فساده ظاهرا، وقوله لأن عليا إلخ تعليل لما في البحر وظاهر هذا الأثر تقرر الكراهة عندهم في المصلي وأنها تنزيهية وإلا لما أقره؛ إذ لا يجوز الإقرار على المنكر ا هـ‏.‏ ولا يرد ما مر من عدم منعهم عن صلاة الفجر عند طلوع الشمس لأن ذلك لخوف تركها أصلا فيقع التارك في محظور أعظم والله أعلم

‏(‏قوله من الارتفاع‏)‏ المراد به أن تبيض زيلعي ‏(‏قوله قدر رمح‏)‏ هو اثنا عشر شبرا والمراد به وقت حل النافلة فلا مباينة بينهما خلافا لما في القهستاني ط‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

يندب تعجيل الأضحى لتعجيل الأضاحي وتأخير الفطر ليؤدي الفطرة كما في البحر ‏(‏قوله بل تكون نفلا محرما‏)‏ لأنها قبل دخول وقتها لم تصر واجبة كما لو صلى ظهر اليوم عند طلوع الشمس فلا ينافي ما تقدم في أوقات الصلاة من أنه في وقت الطلوع والاستواء والغروب لا ينعقد شيء من الفرائض والواجبات الفائتة سوى عصر يومه حتى لو شرع فيها بفريضة لم يكن داخلا في الصلاة أصلا فلا تنتقض طهارته بالقهقهة بخلاف ما لو شرع في التطوع فافهم ‏(‏قوله بإسقاط الغاية‏)‏ أي مثل‏:‏ ‏{‏ثم أتموا الصيام إلى الليل‏}‏ قال القهستاني فالزوال ليس وقتا لها لأن الصلاة الواجبة لا تنعقد عند قيامه ا هـ‏.‏ قال ط‏:‏ وهذا يرشد إلى أن المراد بالزوال الاستواء، وأطلق عليه للمجاورة ‏(‏قوله فسدت‏)‏ أي فسد الوصف وانقلبت نفلا اتفاقا إن كان الزوال قبل القعود قدر التشهد وعلى قول الإمام إن كان بعده ط‏.‏ قلت‏:‏ وهذا ذكره الشارح بحثا عند ذكر المسائل الاثني عشرية، وقال‏:‏ ولم أره ‏(‏قوله كما في الجمعة‏)‏ أي إذا دخل وقت العصر فيها ط ‏(‏قوله وقدمناه‏)‏ أي في باب الاستخلاف‏.‏

‏(‏قوله ويصلي الإمام بهم إلخ‏)‏ ويكفي في جماعتها واحد كما في النهر ط ‏(‏قوله‏:‏ مثنيا قبل الزوائد‏)‏ أي قارئا الإمام وكذا المؤتم الثناء قبلها في ظاهر الرواية لأنه شرع في أول الصلاة إمداد؛ وسميت زوائد لزيادتها عن تكبيرة الإحرام والركوع وأشار إلى أن التعوذ يأتي به الإمام بعدها لأنه سنة القراءة ‏(‏قوله وهي ثلاث تكبيرات‏)‏ هذا مذهب ابن مسعود وكثير من الصحابة، ورواية عن ابن عباس وبه أخذ أئمتنا الثلاثة، وروي عن ابن عباس أنه يكبر في الأولى سبعا وفي الثانية ستا، وفي رواية‏:‏ خمسا منها ثلاثة أصلية، وهي تكبيرة الافتتاح وتكبيرتا الركوع والباقي زوائد في الأولى خمس، وفي الثانية خمس أو أربع، ويبدأ بالتكبير في كل ركعة قال في الهداية‏:‏ وعليه عمل العامة اليوم لأمر الخلفاء من بني العباس به والمذهب الأول ا هـ‏.‏

مطلب تجب طاعة الإمام فيما ليس بمعصية

قال في الظهيرية‏:‏ وهو تأويل ما روي عن أبي يوسف ومحمد فإنهما فعلا ذلك لأن هارون أمرهما أن يكبرا بتكبير جده ففعلا ذلك امتثالا له لا مذهبا واعتقادا قال في المعراج لأن طاعة الإمام فيما ليس بمعصية واجبة ا هـ‏.‏ ومنهم من جزم بأن ذلك رواية عنهما بل في المجتبى وعن أبي يوسف أنه رجع إلى هذا ثم ذكر غير واحد من المشايخ أن المختار العمل برواية الزيادة أي زيادة تكبيرة في عيد الفطر وبرواية النقصان في عيد الأضحى عملا بالروايتين وتخفيفا في عيد الأضحى لاشتغال الناس بالأضاحي‏.‏ وقيل‏:‏ تعجيلا لحق الفقراء فيها بقدر تكبيرة، وتمامه في الحلية وحمل الشافعي جميع التكبيرات المروية عن ابن عباس على الزوائد، وهذا خلاف ما حملناه عليه والمذهب عندنا قول ابن مسعود، وما ذكروا من عمل العامة بقول ابن عباس لأمر أولاده من الخلفاء به كان في زمنهم أما في زماننا فقد زال فالعمل الآن بما هو المذهب عندنا كذا في شرح المنية وذكر في البحر أن الخلاف في الأولوية ونحوه في الحلية‏.‏

مطلب أمر الخليفة لا يبقى بعد موته

‏[‏تنبيه‏]‏

يؤخذ من قول شرح المنية كان في زمنهم إلخ أن أمر الخليفة لا يبقى بعد موته أو عزله كما صرح به في الفتاوى الخيرية وبني عليه أنه لو نهى عن سماع الدعوى بعد خمس عشرة سنة لا يبقى نهيه بعد موته، والله أعلم ‏(‏قوله‏:‏ ولو زاد تابعه إلخ‏)‏ لأنه تبع لإمامه فتجب عليه متابعته وترك رأيه برأي الإمام لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه» فما لم يظهر خطؤه بيقين كان اتباعه واجبا ولا يظهر الخطأ في المجتهدات فأما إذا خرج عن أقوال الصحابة فقد ظهر خطؤه بيقين فلا يلزمه اتباعه ولهذا لو اقتدى بمن يرفع يديه عند الركوع أو بمن يقنت في الفجر أو بمن يرى تكبيرات الجنازة خمسا لا يتابعه لظهور خطئه بيقين لأن ذلك كله منسوخ بدائع‏.‏ أقول‏:‏ يؤخذ منه أن الحنفي إذا اقتدى بشافعي في صلاة الجنازة يرفع يديه لأنه مجتهد فيه فهو غير منسوخ لأنه قد قال به أئمة بلخ من الحنفية وسيأتي تمامه في الجنائز وقدمناه في أواخر بحث واجبات الصلاة ‏(‏قوله إلى ستة عشر‏)‏ كذا في البحر عن المحيط‏.‏ وفي الفتح قيل‏:‏ يتابعه إلى ثلاث عشرة، وقيل إلى ست عشرة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ولعل وجه القول الثاني حمل الثلاث عشرة المروية عن ابن عباس على الزوائد كما مر عن الشافعي وهي مع الثلاث الأصلية تصير ست عشرة وإلا لم أر من قال بأن الزوائد ست عشرة فليراجع، وقد راجعت مجمع الآثار للإمام الطحاوي فلم أر فيما ذكره من الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين أكثر مما مر عن ابن عباس فهذا يؤيد القول الأول ولذا قدمه في الفتح ونسبه في البدائع إلى عامة المشايخ على أن ضم الثلاث الأصلية إلى الزوائد بعيد جدا لأن القراءة فاصلة بينهم فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله فيأتي بالكل‏)‏ قال في البحر نقلا عن المحيط فإن زاد لا يلزمه متابعته لأنه مخطئ بيقين، ولو سمع التكبيرات من المكبرين يأتي بالكل احتياطا وإن كثر لاحتمال الغلط من المكبرين، ولذا قيل‏:‏ ينوي بكل تكبيرة الافتتاح لاحتمال التقدم على الإمام في كل تكبيرة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر أنه عبر عنه ب قيل لضعفه؛ ولذا لم يذكره الشارح فإنه يقتضي أن من لم يسمع من الإمام ينوي الافتتاح بالثلاث أيضا وإن لم يزد عليها، فإن احتمال الغلط والتقدم موجود في الكل لا في خصوص الزائد على المأثور في الركعة الأولى فتأمل‏.‏ وسيأتي في صلاة الجنازة أنه ينوي فيها الافتتاح بكل تكبيرة أيضا ويأتي تمام البحث فيه ‏(‏قوله ويوالي ندبا بين القراءتين‏)‏ أي بأن يكبر في الركعة الثانية بعد القراءة لتكون قراءتها تالية لقراءة الركعة الأولى، أما لو كبر في الثانية قبل القراءة أيضا كما يقول ابن عباس يكون التكبير فاصلا بين القراءتين، وأشار بقوله‏:‏ ندبا إلى أنه لو كبر في أول كل ركعة جاز؛ لأن الخلاف في الأولوية كما مر عن البحر‏.‏ هذا، وأما ما في المحيط من التعليل للموالاة بأن التكبيرات من الشعائر؛ ولهذا وجب الجهر بها فوجب ضم الزوائد في الأولى إلى تكبيرة الافتتاح لسبقها على تكبيرة الركوع وإلى تكبيرة الركوع في الثانية لأنها الأصل فقد قال في البحر‏:‏ الظاهر أن المراد بالوجوب الثبوت لا المصطلح عليه لأن الموالاة مستحبة ا هـ‏.‏ وكذا قوله وجب الجهر بها‏:‏ أي ثبت في بعض المواضع كما في الأذان والتكبير في طريق المصلى وتكبير التشريق، وأما الجهر في تكبيرات الزوائد فالظاهر استحبابه للإمام فقط للإعلام فتأمل‏.‏ لكن في البحر عن المحيط إن بدأ الإمام بالقراءة سهوا فتذكر بعد الفاتحة والسورة يمضي في صلاته، وإن لم يقرأ إلا الفاتحة كبر وأعاد القراءة لزوما لأن القراءة إذا لم تتم كان امتناعا من الإتمام لا رفضا للفرض ا هـ‏.‏ ونحوه في الفتح وغيره وظاهره أن تقديم الكبير على القراءة واجب، وإلا لم ترفض الفاتحة لأجله يؤيده ما قدمناه في باب صفة الصلاة من أنه إن كبر وبدأ بالقراءة ونسي الثناء والتعوذ والتسمية لا يعيد لفوت محلها‏.‏ وقد يجاب بأن العود إلى التكبير قبل إتمام القراءة ليس لأجل المستحب الذي هو الموالاة بل لأجل استدراك الواجب الذي هو التكبير لأنه لم يشرع في الركعة الأولى بعد القراءة بدليل أنه لو تذكره بعد قراءة السورة يتركه فكان مثل ما لو نسي الفاتحة، وشرع في السورة ثم تذكر يترك السورة، ويقرأ الفاتحة لوجوبها بخلاف الثناء والتعوذ والتسمية، والله أعلم ‏(‏قوله‏:‏ ويقرأ كالجمعة‏)‏ أي كالقراءة في صلاة الجمعة، لما روى أبو حنيفة «أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة الأعلى والغاشية» كما في الفتح‏.‏ وقال في البدائع فإن تبرك بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم في قراءتهما في أغلب الأوقات فحسن لكن يكره أن يتخذهما حتما لا يقرأ فيها غيرهما لما ذكرنا في الجمعة ا هـ‏.‏ ويجهر بالقراءة كما ذكره في فصل القراءة وصرح به في البحر هنا

‏(‏قوله في القيام‏)‏ أي الذي قبل الركوع، أما لو أدركه راكعا فإن غلب ظنه إدراكه في الركوع كبر قائما برأي نفسه ثم ركع، وإلا ركع وكبر في ركوعه خلافا لأبي يوسف ولا يرفع يديه لأن الوضع على الركبتين سنة في محله، والرفع لا في محله وإن رفع الإمام رأسه سقط عنه ما بقي من التكبير لئلا تفوته المتابعة ولو أدركه في قيام الركوع لا يقضيها فيه لأنه يقضي الركعة مع تكبيراتها فتح وبدائع ‏(‏قوله كبر في الحال‏)‏ أي وإن كان الإمام قد شرع في القراءة كما في الحلية ‏(‏قوله برأي نفسه إلخ‏)‏ أي ولو كان إمامه شافعيا كبر سبعا فإنه يكبر ثلاثا بخلاف ما مر من أنه يتابعه في المأثور لأنه في المدرك ‏(‏قوله‏:‏ لأنه مسبوق‏)‏ أي وهو منفرد فيما يقضي والذكر الفائت يقضى قبل فراغ الإمام بخلاف الفعل فتح‏.‏ قلت‏:‏ فعلى هذا إذا أدرك مع الإمام ما لا ينقص عن رأي نفسه ينبغي أن لا يقضي بعده شيئا فتنبه له‏.‏ ا هـ‏.‏ حلية ‏(‏قوله يقرأ ثم يكبر‏)‏ أي إذا قام إلى قضائها، أما الركعة التي أدركها مع الإمام فينبغي أن يجري فيها التفضيل المار من إدراكه كل التكبير أو بعضه أولا ولا كما أفاده في الحلية ‏(‏قوله لئلا يتوالى التكبير‏)‏ أي لأنه إذا كبر قبل القراءة وقد كبر مع الإمام بعد القراءة لزم توالي التكبيرات في الركعتين قال في البحر ولم يقل به أحد من الصحابة ولو بدأ بالقراءة يصير فعله موافقا لقول علي رضي الله عنه فكان أولى كذا في المحيط وهو مخصص لقولهم‏:‏ إن المسبوق يقضي أول صلاته في حق الأذكار‏.‏ ا هـ‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قد علمت أن المسبوق يكبر برأي نفسه أما اللاحق فإنه يكبر على رأي إمامه لأنه خلف الإمام حكما بحر عن السراج ‏(‏قوله‏:‏ فلو لم يكبر إلخ‏)‏ مرتبط بقوله ولو أدرك الإمام في القيام ‏(‏قوله قبل أن يكبر المؤتم‏)‏ يغني عنه ما قبله فالأولى حذفه ‏(‏قوله ويكبر في الركوع على الصحيح‏)‏ كذا قاله المصنف في منحه ويخالفه قول البحر ولو أدركه في القيام فلم يكبر حتى ركع لا يكبر في الركوع على الصحيح ا هـ‏.‏ ومثله في النهر وذكر في الحلية قيل يكبر في الركوع وقيل لا وقواه في المحيط ا هـ‏.‏ قال ط‏:‏ كأنه لأن التقصير جاء من جهته ‏(‏قوله فالإتيان بالواجب‏)‏ وهو التكبير أولى من المسنون وهو التسبيح وقد علمت ما فيه ط وفسر الرحمتي الواجب بالمتابعة والمسنون بالإتيان بالتكبير في محض القيام‏:‏ أي لأن التكبير يكفي إيقاعه في الركوع لكن كونه في محض القيام سنة تأمل ‏(‏قوله‏:‏ في ظاهر الرواية‏)‏ تبع فيه المصنف في المنح‏.‏ والذي في البحر والحلية أن ظاهر الرواية أنه لا يكبر في الركوع ولا يعود إلى القيام زاد في الحلية وعلى ما ذكره الكرخي ومشى عليه في البدائع وهو رواية النوادر يعود إلى القيام ويكبر ويعيد الركوع دون القراءة ا هـ‏.‏ وهذه الرواية أيضا تخالف ما في المتن‏.‏ نعم صرح بمثله في البحر والحلية والفتح والذخيرة في باب الوتر والنوافل وذكروا الفرق بين التكبير حيث يرفض الركوع لأجله وبين القنوت بكون تكبير العيد مجمعا عليه دون قنوت الوتر، وذكر مثله في البدائع هناك مخالفا لما ذكره في هذا الباب ولكن حيث ثبت ظاهر الرواية لا يعدل عنه وعلى ما في المتن، فالفرق بين التكبير وبين القنوت حيث لا يأتي به في الركوع أنه لم يشرع إلا في محل القيام بخلاف التكبير ‏(‏قوله‏:‏ فلو عاد ينبغي الفساد‏)‏ تبع فيه صاحب النهر وقد علمت أن العود رواية النوادر على أنه يقال عليه ما قاله ابن الهمام في ترجيح القول بعدم الفساد فيما لو عاد إلى القعود الأول بعدما استتم قائما بأن فيه رفض الفرض لأجل الواجب، وهو وإن لم يحل فهو بالصحة لا يخل ‏(‏قوله‏:‏ ويرفع يديه‏)‏ أي ماسا بإبهاميه شحمتي أذنيه ط ‏(‏قوله في الزوائد‏)‏ قيد به للاحتراز عن تكبير الركوع الثاني فإنه ألحق بها حتى قلنا بوجوبه أيضا مع أنه لا رفع فيه نهر وما وقع في البحر من التعبير بتكبيرتي الركوع بالتثنية اعترضه في الشرنبلالية بأن الكمال صرح في باب سجود السهو بأنه لا يجب بترك تكبيرات الانتقال إلا في تكبيرة ركوع الركعة الثانية من العيد ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ذلك‏)‏ أي الرفع ‏(‏قوله سنة في محله‏)‏ أي والرفع سنة في غير محله وذو المحل أولى ط ‏(‏قوله ولذا يرسل يديه‏)‏ أي في أثناء التكبيرات ويضعهما بعد الثالثة كما في شرح المنية لأن الوضع سنة قيام طويل فيه ذكر مسنون ‏(‏قوله هذا يختلف إلخ‏)‏ أشار إلى ما في البحر عن المبسوط من أن هذا التقدير ليس بلازم بل يختلف بكثرة الزحام وقلته لأن المقصود إزالة الاشتباه

‏(‏قوله فلو خطب قبلها إلخ‏)‏ وكذا لو لم يخطب أصلا كما قدمناه عن البحر ‏(‏قوله‏:‏ يسن فيها ويكره‏)‏ أي إلا التكبير وعدم الجلوس قبل الشروع فيها فإنهما سنة هنا لا في خطبة الجمعة ‏(‏قوله‏:‏ بل عشر‏)‏ أي بناء على القول بأن للكسوف خطبة عندنا وعلى قولهما بأن للاستسقاء خطبة كما سيأتي ‏(‏قوله واستسقاء‏)‏ أي بناء على قولهما من أن له خطبة ‏(‏قوله إلا أن التي بمكة وعرفة إلخ‏)‏ وأما التي بمعنى حادي عشر ذي الحجة فليس تلبية لأن التلبية تنقطع بأول رمي ط ‏(‏قوله ويستحب إلخ‏)‏ ذكر ذلك في المعراج عن مجمع النوازل وقال في الخانية إنه ليس للتكبير عدد في ظاهر الرواية لكن ينبغي أن لا يكون أكثر الخطبة التكبير ويكبر في الأضحى أكثر من الفطر‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وإطلاق العدد في ظاهر الرواية لا ينافي تقييده بما ورد في السنة وقال به الشافعي رحمه الله تعالى ‏(‏قوله لا يجلس عندنا‏)‏ لأن الجلوس لانتظار فراغ المؤذن من الأذان والأذان غير مشروع في العيد فلا حاجة إلى الجلوس معراج ‏(‏قوله ولم أره‏)‏ البحث لصاحب البحر وقال بعده‏:‏ والعلم أمانة في عنق العلماء ا هـ‏.‏ ويؤيده ما سيذكره الشارح في أول باب صدقة الفطر عن الشمني «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قبل الفطر بيومين يأمر بإخراجها» ‏(‏قوله وهكذا إلخ‏)‏ هو من تتمة كلام البحر حيث قال‏:‏ ويستفاد من كلامهم أن الخطيب إذا رأى حاجة إلى معرفة بعض الأحكام فإنه يعلمهم إياها في خطبة الجمعة خصوصا وفي زماننا لكثرة الجهل وقلة العلم فينبغي أن يعلمهم فيها أحكام الصلاة كما لا يخفى‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله مع الإمام‏)‏ متعلق بمحذوف حال من ضمير فاتت لا ب فاتت لأن المعنى أن الإمام أداها وفاتت المقتدي لأنها لو فاتت الإمام والمقتدي تقضى كما يأتي أفاده في معراج الدراية ‏(‏قوله‏:‏ ولو بالإفساد‏)‏ أي بعد أن دخل فيها مع الإمام وفرغ منها الإمام ‏(‏قوله‏:‏ في الأصح‏)‏ مقابله ما حكاه في البحر هنا عن أبي يوسف أنه إذا أفسدها بعد الشروع تقضى، لأن الشروع كالنذر في الإيجاب ‏(‏قوله وفيها‏)‏ أي في صورة الإفساد وقوله‏:‏ واجبة زيادة في الإلغاز لا للاحتراز عن النفل فإنه يجب قضاؤه بالإفساد ط ‏(‏قوله‏:‏ اتفاقا‏)‏ والخلاف إنما هو في الجمعة بحر ‏(‏قوله صلى أربعا كالضحى‏)‏ أي استحبابا كما في القهستاني وليس هذا قضاء لأنه ليس على كيفيتها ط‏.‏ قلت‏:‏ وهي صلاة الضحى كما في الحلية عن الخانية فقوله تبعا للبدائع كالضحى معناه أنه لا يكبر فيها للزوائد مثل العيد تأمل ‏(‏قوله بعذر كمطر‏)‏ دخل فيه ما إذا لم يخرج الإمام وما إذا غم الهلال فشهدوا به بعد الزوال أو قبله، بحيث لا يمكن جمع الناس أو صلاها في يوم غيم، وظهر أنها وقعت بعد الزوال كما في الدرر وشرحه للشيخ إسماعيل وفيه عن الحجة‏:‏ إمام صلى العيد على غير وضوء ثم علم بذلك قبل أن يتفرق الناس توضأ ويعيدون وإن تفرق الناس لم يعد بهم وجازت صلاتهم صيانة للمسلمين وأعمالهم ‏(‏قوله‏:‏ فقط‏)‏ راجع إلى قوله‏:‏ بعذر فلا تؤخر من غير عذر وإلى قوله إلى الزوال فلا تصح بعده وإلى قوله من الغد فلا تصح فيما بعد غد، ولو بعذر كما في البحر ط ‏(‏قوله وحكى القهستاني قولين‏)‏ ثم قال‏:‏ ولعله مبني على اختلاف الروايتين ويؤيده ما في زكاة النظم أن لصلاته يوما واحدا في الأصول ويومين في مختصر الكرخي‏.‏ ا هـ‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

ذكر في المجتبى عن الطحاوي أن ما ذكره المصنف قول أبي يوسف، وأن أبا حنيفة قال‏:‏ إن فاتت في اليوم الأول لم تقض لكن لم يذكر في الكتب المعتبرة اختلاف في هذا كما في البحر ‏(‏قوله لكن هنا‏)‏ أي في الأضحى ‏(‏قوله‏:‏ يجوز تأخيرها إلخ‏)‏ وتكون فيما بعد اليوم الأول قضاء أيضا كما في أضحية البدائع والزيلعي ‏(‏قوله‏:‏ بلا عذر مع الكراهة‏)‏ أثبت في المجتبى والجوهرة والبزازية وغيرها الإساءة بالتأخير لغير عذر، وبه يعلم أنها كراهة تحريم تأمل رملي‏.‏ قلت‏:‏ إطلاق الكراهة تبعا للبحر والدرر يفيد التحريم، وأما الإساءة فقدمنا في سنن الصلاة الخلاف في أنها دون الكراهة أو أفحش، ووفقنا بينهما بأنها دون التحريمية وأفحش من التنزيهية ‏(‏قوله‏:‏ اتفاقا‏)‏ أما في الفطر فقد علمت ما فيه من الخلاف في أصل التكبير أو في صفته وهي الجهر ‏(‏قوله قيل وفي المصلى‏)‏ قال في المحيط‏:‏ وفي رواية لا يقطعه ما لم يفتتح الإمام الصلاة لأنه وقت التكبير فيكبر عقب الصلاة جهرا‏.‏ ا هـ‏.‏ وجزم في البدائع بالأولى وعمل الناس في المساجد على الرواية الثانية بحر ‏(‏قوله‏:‏ لا في البيت‏)‏ أي لا يسن وإلا فهو ذكر مشروع ‏(‏قوله‏:‏ ويندب تأخير أكله عنهما‏)‏ أي يندب الإمساك عما يفطر الصائم من صبحه إلى أن يصلي فإن الأخبار عن الصحابة تواترت في منع الصبيان عن الأكل والأطفال عن الرضاع غداة الأضحى قهستاني عن الزاهدي ط ‏(‏قوله وإن لم يضح‏)‏ شمل المصري والقروي وقيده في غاية البيان بالمصري وذكر أن القروي يذوق من الصبح لأن الأضاحي تذبح في القرى من الصباح بحر ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ وقيل‏:‏ لا يستحب التأخير في حق من لم يضح بحر‏.‏

مطلب لا يلزم من ترك المستحب ثبوت الكراهة إذ لا بد لها من دليل خاص

‏(‏قوله لم يكره‏)‏ قال في البحر‏:‏ وهو مستحب ولا يلزم من ترك المستحب ثبوت الكراهة، إذ لا بد لها من دليل خاص‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أي تحريما‏)‏ تبع فيه صاحب النهر وأشار به إلى ثبوت كراهة التنزيه، وفيه نظر لما علمت من كلام البحر ولقول البدائع إن شاء ذاق وإن شاء لم يذق والأدب أن لا يذوق شيئا إلى وقت الفراغ من الصلاة حتى يكون تناوله من القرابين‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله في الخطبة‏)‏ متعلق بيعلم وينبغي تعليم تكبير التشريق في الجمعة التي قبل عيد الأضحى لأن ابتداءه يوم عرفة كما بحثه في البحر ‏(‏قوله‏:‏ يوم عرفة‏)‏ الإضافة بيانية لأن عرفة اسم اليوم وعرفات اسم المكان شرنبلالية ‏(‏قوله في غيرها‏)‏ أي غير عرفة، وأراد بها المكان تجوزا والمراد كما في شرح المنية اجتماعهم عشية يوم عرفة في الجوامع أو في مكان خارج البلد يتشبهون بأهل عرفة‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وقيل يستحب‏)‏ لعله المراد من قول النهاية‏.‏ وعن أبي يوسف ومحمد في غير رواية الأصول أنه لا يكره لما روي أن ابن عباس فعل ذلك بالبصرة‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وهذا يفيد أن مقابله من رواية الأصول الكراهة ثم قال‏:‏ وهو الأولى حسما لمفسدة اعتقادية تتوقع من العوام ونفس الوقوف وكشف الرءوس يستلزم التشبه وإن لم يقصد فالحق أنه إن عرض للوقوف في ذلك اليوم سبب يوجبه كالاستسقاء مثلا لا يكره، أما قصد ذلك اليوم بالخروج فيه فهو معنى التشبه إذا تأملت‏.‏ وفي جامع التمرتاشي‏:‏ لو اجتمعوا لشرف ذلك اليوم جاز يحمل عليه بلا وقوف وكشف ا هـ‏.‏ والحاصل أن الصحيح الكراهة كما في الدرر بل في البحر أن ظاهر ما في غاية البيان أنها تحريمية وفي النهر أن عباراتهم ناطقة بترجيح الكراهة وشذوذ غيره ‏(‏قوله وقال الباقاني إلخ‏)‏ مأخوذ من آخر عبارة الفتح المتقدمة، والحاصل أن المكروه هو الخروج مع الوقوف وكشف الرءوس بلا سبب موجب كاستسقاء أما مجرد الاجتماع فيه على طاعة بدون ذلك فلا يكره‏.‏

مطلب في تكبير التشريق

‏(‏قوله‏:‏ ويجب تكبير التشريق‏)‏ نقل في الصحاح وغيره أن التشريق تقديد اللحم وبه سميت الأيام الثلاثة بعد يوم النحر‏.‏ ونقل الخليل بن أحمد والنضر بن شميل عن أهل اللغة أنه التكبير فكان مشتركا بينهما والمراد هنا الثاني، والإضافة فيه بيانية أي التكبير الذي هو التشريق‏.‏ وبه اندفع ما قيل‏:‏ إن الإضافة على قولهما لأنه لا تكبير في أيام التشريق عنده وتمامه في الأحكام للشيخ إسماعيل والبحر ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ وقيل سنة وصحح أيضا لكن في الفتح أن الأكثر على الوجوب وحرر في البحر أنه لا خلاف لأن السنة المؤكدة والواجب متساويان رتبة في استحقاق الإثم بالترك‏.‏

مطلب يطلق اسم السنة على الواجب

قلت‏:‏ وفيه نظر لما قدمناه عنه في بحث سنن الصلاة أن الإثم في ترك السنة أخف منه في ترك الواجب وحررنا هناك أن المراد من ترك السنة الترك بلا عذر على سبيل الإصرار كما في شرح التحرير فلا إثم في تركها مرة، وهذا مخالف للواجب فالأحسن ما في البدائع من قوله الصحيح أنه واجب، وقد سماه الكرخي سنة ثم فسره بالواجب فقال‏:‏ تكبير التشريق سنة ماضية نقلها أهل العلم وأجمعوا على العمل بها، وإطلاق اسم السنة على الواجب جائز لأن السنة عبارة عن الطريقة المرضية أو السيرة الحسنة، وكل واجب هذا صفته‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومنه إطلاق كثير على القعود الأول أنه سنة ‏(‏قوله للأمر به‏)‏ أي في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏واذكروا الله في أيام معدودات‏}‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ويذكروا اسم الله في أيام معلومات‏}‏ على القول بأن كليهما أيام التشريق، وقيل المعدودات أيام التشريق والمعلومات أيام عشر ذي الحجة وتمامه في البحر ‏(‏قوله وإن زاد إلخ‏)‏ أفاد أن قوله مرة بيان للواجب، لكن ذكر أبو السعود أن الحموي نقل عن القراحصاري أن الإتيان به مرتين خلاف السنة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفي الأحكام عن البرجندي ثم المشهور من قول علمائنا أنه يكبر مرة وقيل‏:‏ ثلاث مرات ‏(‏قوله صفته إلخ‏)‏ فهو تهليلة بين أربع تكبيرات ثم تحميدة والجهر به واجب وقيل سنة قهستاني ‏(‏قوله هو المأثور عن الخليل‏)‏ وأصله أن جبريل عليه السلام لما جاء بالفداء خاف العجلة على إبراهيم فقال الله أكبر الله أكبر، فلما رآه إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال‏:‏ لا إله إلا الله، والله أكبر فلما علم إسماعيل الفداء قال‏:‏ الله أكبر ولله الحمد كذا ذكر الفقهاء ولم يثبت عند المحدثين كما في الفتح بحر أي هذه القصة لم تثبت أما التكبير على الصفة المذكورة فقد رواه ابن أبي شيبة بسند جيد عن ابن مسعود أنه كان يقوله ثم عمم عن الصحابة وتمامه في الفتح، ثم قال فظهر أن جعل التكبيرات ثلاثا في الأول كما يقوله الشافعي لا ثبت له‏.‏

مطلب المختار أن الذبيح إسماعيل

‏(‏قوله والمختار أن الذبيح إسماعيل‏)‏ وفي أول الحلية أنه أظهر القولين‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وبه قال أحمد ورجحه غالب المحدثين، وقال أبو حاتم إنه الصحيح والبيضاوي إنه الأظهر‏.‏ وفي الهدي أنه الصواب عند علماء الصحابة والتابعين فمن بعدهم والقول بأنه إسحاق مردود بأكثر من عشرين وجها‏.‏ نعم ذهب إليه جماعة من الصحابة والتابعين ونسبه القرطبي إلى الأكثرين واختاره الطبري وجزم به في الشفاء وتمامه في شرح الجامع الصغير للعلقمي عند حديث الذبيح إسحاق‏.‏ قال في البحر والحنفية مائلون إلى الأول ورجحه الإمام أبو الليث السمرقندي في البستان بأنه أشبه بالكتاب والسنة‏.‏ فأما الكتاب فقوله‏:‏ ‏{‏وفديناه بذبح عظيم‏}‏ ثم قال بعد قصة الذبح ‏{‏وبشرناه بإسحاق‏}‏ الآية‏.‏ وأما الخبر فما روي عنه عليه الصلاة والسلام‏:‏ «أنا ابن الذبيحين» يعني أباه عبد الله وإسماعيل، واتفقت الأمة أنه كان من ولد إسماعيل وقال أهل التوراة مكتوب في التوراة أنه كان إسحاق فإن صح ذلك فيها آمنا به ا هـ‏.‏ ونقل ح عن الخفاجي في شرح الشفاء أن الأحسن الاستدلال بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن وراء إسحاق يعقوب‏}‏ فإنه مع إخبار الله تعالى أباه بإتيان يعقوب من صلب إسحاق لا يتم ابتلاؤه بذبحه لعدم فائدته حينئذ ا هـ‏.‏ أي لأنه أمر بذبحه صغيرا، فلا يمكن أن يكون الأمر بعد خروج يعقوب من صلبه فافهم ‏(‏قوله ومعناه‏)‏ أي في العربية ‏(‏قوله عقب كل فرض عيني‏)‏ شمل الجمعة‏.‏ وخرج به الواجب كالوتر والعيدين والنفل‏.‏ وعند البلخيين يكبرون عقب صلاة العيد لأدائها بجماعة كالجمعة وعليه توارث المسلمين فوجب اتباعه كما يأتي، وخرج بالعيني الجنازة فلا يكبر عقبها أفاده في البحر‏.‏ ‏(‏قوله بلا فصل يمنع البناء‏)‏ فلو خرج من المسجد أو تكلم عامدا أو ساهيا أو أحدث عامدا سقط عنه التكبير وفي استدبار القبلة روايتان‏.‏ ولو أحدث ناسيا بعد السلام الأصح أنه يكبر، ولا يخرج للطهارة فتح ‏(‏قوله‏:‏ أدى بجماعة‏)‏ خرج القضاء في بعض الصور كما يأتي والانفراد، وفيه خلافهما كما يأتي ‏(‏قوله‏:‏ أو قضي فيها إلخ‏)‏ الفعل مبني للمجهول معطوف على أدى، والمسألة رباعية فائتة غير العيد قضاها في أيام العيد فائتة أيام العيد قضاها في غير أيام العيد فائتة أيام العيد قضاها في أيام العيد من عام آخر فائتة أيام العيد قضاها في أيام العيد من عامه ذلك ولا يكبر إلا في الأخير فقط كذا في البحر، فقوله أو قضي فيها أي في أيام العيد احترازا عن الثانية، وقوله‏:‏ منها أي حال كون المقضية في أيام العيد من أيام العيد احترز به عن الأولى، وقوله من عامه أي حال كون أيام العيد التي تقضى فيها الصلاة التي فاتت في أيام العيد من عام الفوات احترز به عن الثالثة‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ ‏(‏قوله لقيام وقته‏)‏ علة لوجوب تكبير التشريق في القضاء المذكور ح ‏(‏قوله كالأضحية‏)‏ فإنه إذا لم يفعلها في أول يوم يفعلها في الثاني أو الثالث إذا كانت من ذلك العام بخلاف أضحية عام سابق ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ فإن الأصح أن الحرية ليست بشرط؛ حتى لو أم العبد قوما وجب عليه وعليهم التكبير بحر ‏(‏قوله أوله من فجر عرفة‏)‏ أي في ظاهر الراوية وهو قول عمر وعلي وعن أبي يوسف من ظهر النحر وهو قول ابن عمر وزيد بن ثابت كما في المحيط قهستاني ‏(‏قوله فهي ثمان‏)‏ بإظهار الإعراب أو بإعراب المنقوص ط وقدمنا في باب النوافل اشتقاقه وإعرابه ‏(‏قوله ووجوبه على إمام‏)‏ تقديرا لمبتدإ غير لازم لأن الجار والمجرور متعلق بقوله قبله يجب ولكن قدره لبعد الفصل ‏(‏قوله مقيم بمصر‏)‏ فلا يجب على قروي ولا مسافر ولو صلى المسافرون في المصر جماعة على الأصح بحر عن البدائع أي الأصح على قول الإمام‏.‏ والظاهر أن صلاة القرويين في المصر كذلك تأمل قال القهستاني‏:‏ والمتبادر أن يكون ذلك المقيم صحيحا فإذا صلى المريض بجماعة لم يكبروا كما في الجلابي ‏(‏قوله‏:‏ وعلى مقتد‏)‏ أي ولو متنفلا بمفترض إسماعيل عن القنية ‏(‏قوله مسافر إلخ‏)‏ ليس للاحتراز بل لأن غيرهم بالأولى ‏(‏قوله بالتبعية‏)‏ راجع إلى الثلاثة ط ‏(‏قوله تخافت‏)‏ لأن صوتها عورة كما في الكافي والتبيين ‏(‏قوله ويجب على مقيم إلخ‏)‏ الظاهر أنه بحث لصاحب الشرنبلالية، حيث قال عند قول الدرر ولا على إمام مسافر‏.‏ أقول‏:‏ على هذا يجب على من اقتدى به من المقيمين لوجدان الشرط في حقهم ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ولا يرد عليه قولهم بالتبعية لأنها فيما إذا كان الإمام من أهل الوجوب دون المؤتم تأمل، لكن في حاشية أبي السعود عن الحموي ما نصه‏:‏ وفي هداية الناطفي إذا كان الإمام في مصر من الأمصار فصلى بالجماعة وخلفه أهل المصر فلا تكبير على واحد منهم عند أبي حنيفة وعندهما عليهم التكبير ا هـ‏.‏ والمراد الإمام المسافر دل عليه سياق كلامه‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله فور كل فرض‏)‏ بأن يأتي به بلا فصل يمنع البناء كما مر ط ‏(‏قوله لأنه تبع للمكتوبة‏)‏ فيجب على كل من تجب عليه الصلاة المكتوبة بحر ‏(‏قوله‏:‏ وعليه الاعتماد إلخ‏)‏ هذا بناء على أنه إذا اختلف الإمام وصاحباه فالعبرة لقوة الدليل، وهو الأصح كما في آخر الحاوي القدسي أو على أن قولهما في كل مسألة مروي عنه أيضا، وإلا فكيف يفتى بقول غير صاحب المذهب‏.‏ وبه اندفع ما في الفتح من ترجيح قوله هنا ورد فتوى المشايخ بقولهما بحر‏.‏

مطلب كلمة لا بأس قد تستعمل في المندوب

‏(‏قوله ولا بأس إلخ‏)‏ كلمة لا بأس قد تستعمل في المندوب كما في البحر من الجنائز والجهاد ومنه هذا الموضع لقوله فوجب اتباعهم ‏(‏قوله فوجب‏)‏ الظاهر أن المراد بالوجوب الثبوت لا الوجوب المصطلح عليه، وفي البحر عن المجتبى‏:‏ والبلخيون يكبرون عقب صلاة العيد لأنها تؤدى بجماعة فأشبهت الجمعة ا هـ‏.‏ وهو يفيد الوجوب المصطلح عليه ط ‏(‏قوله ولا يمنع العامة إلخ‏)‏ في المجتبى قيل لأبي حنيفة ينبغي لأهل الكوفة وغيرها أن يكبروا أيام العشر في الأسواق والمساجد قال نعم وذكر الفقيه أبو الليث أن إبراهيم بن يوسف كان يفتي بالتكبير فيها قال الفقيه أبو جعفر‏:‏ والذي عندي أنه لا ينبغي أن تمنع العامة عنه لقلة رغبتهم في الخير وبه نأخذ ا هـ‏.‏ فأفاد أن فعله أولى ‏(‏قوله بحر ومجتبى‏)‏ الأولى بحر عن المجتبى ط ‏(‏قوله‏:‏ ويأتي المؤتم به إلخ‏)‏ ظاهره ولو كان مسافرا أو قرويا أو امرأة على قول الإمام مع أنه تقدم أن الوجوب عليهم بالتبعية لكن المراد أن وجوبه عليه تبع لوجوبه عليه فلا يسقط عنهم بعد وجوبه عليهم، وإن تركه الإمام، وليس المراد أنهم يفعلونه تبعا له تأمل ‏(‏قوله‏:‏ لأدائه بعد الصلاة‏)‏ أي فلا يعد به مخالفا للإمام بخلاف سجود السهو فإنه يتركه إذا تركه الإمام لأنه يؤدى في حرمة الصلاة ط ‏(‏قوله قال أبو يوسف إلخ‏)‏ تضمنت الحكاية من الفوائد الحكمية أنه إذا لم يكبر الإمام لا يسقط عن المقتدي والعرفية جلالة قدر أبي يوسف عند الإمام وعظم منزلة الإمام في قلبه حيث نسي ما لا ينسى عادة حين علمه خلفه، وذلك أن العادة نسيان التكبير الأول في الفجر فأما بعد توالي ثلاثة أوقات فلا لعدم بعد العهد به فتح ‏(‏قوله لا تفسد‏)‏ لأنه ذكر‏.‏ وعن الحسن يتابعه كما في المجتبى ولا يعيده بعد الصلاة كما في خزانة الفتاوى إسماعيل ‏(‏قوله ولو لبى فسدت‏)‏ لأنه خطاب الخليل عليه السلام‏.‏ وعن محمد لا تفسد لأنه يخاطب الله - تعالى - بها فكانت ذكرا كما في المجتبى إسماعيل‏.‏ قلت‏:‏ الأولى التعليل بما يأتي من أنها تشبه كلام الناس؛ إذ لا شك أن قول‏:‏ لبيك اللهم لبيك لا شريك لك إلخ خطاب لله تعالى ‏(‏قوله لوجوبه في تحريمتها‏)‏ أي في حال بقاء تحريمتها التي يحرم بها، ولذا يصح الاقتداء فيه ‏(‏قوله في حرمتها‏)‏ المراد به عقبها بلا فاصل حتى لو فصل سقط كما مر ‏(‏قوله لعدمهما‏)‏ أي لعدم وجوبها في تحريمتها ولا في حرمتها ‏(‏قوله‏:‏ سقط السجود والتكبير‏)‏ لأن التلبية تشبه كلام الناس، وكلام الناس يقطع الصلاة فكذا هي وسجود السهو لم يشرع إلا في التحريمة، ولا تحريمة، والتكبير لم يشرع إلا متصلا، وقد زال الاتصال بدائع ولعل وجه كونه يشبه كلام الناس أن من نادى رجلا يجيبه بقوله لبيك، وقد قال في البدائع‏:‏ إذا قال اللهم أعطني درهما زوجني امرأة تفسد صلاته لأن صيغته من كلام الناس وإن خاطب الله تعالى به فكان مفسدا بصيغته ا هـ‏.‏ فافهم والله أعلم‏.‏

مطلب في إزالة الشعر والظفر في عشر ذي الحجة

‏[‏خاتمة‏]‏

قال في شرح المنية‏:‏ وفي المضمرات عن ابن المبارك في تقليم الأظفار وحلق الرأس في العشر أي عشر ذي الحجة قال لا تؤخر السنة وقد ورد ذلك ولا يجب التأخير ا هـ‏.‏ ومما ورد في صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إذا دخل العشر وأراد بعضكم أن يضحي فلا يأخذن شعرا ولا يقلمن ظفرا» فهذا محمول على الندب دون الوجوب بالإجماع، فظهر قوله‏:‏ ولا يجب التأخير إلا أن نفي الوجوب لا ينافي الاستحباب فيكون مستحبا إلا إن استلزم الزيادة على وقت إباحة التأخير ونهايته ما دون الأربعين فلا يباح فوقها‏.‏ قال في القنية‏:‏ الأفضل أن يقلم أظفاره ويقص شاربه ويحلق عانته وينظف بدنه بالاغتسال في كل أسبوع، وإلا ففي كل خمسة عشر يوما، ولا عذر في تركه وراء الأربعين ويستحق الوعيد فالأول أفضل والثاني الأوسط والأربعون الأبعد ا هـ‏.‏