فصل: تابع باب صلاة الجنائز

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


تابع باب صلاة الجنائز

‏[‏تتمة‏]‏

في بعض الكتب يقول ‏"‏ اللهم اجعله لوالديه فرطا وسلفا وذخرا وعظة واعتبارا وشفيعا وأجرا وثقل به موازينهما، وأفرغ الصبر على قلوبهما، ولا تفتنهما بعده، واغفر لنا وله ‏"‏ ط‏.‏ أقول‏:‏ رأيت ذلك في كتب الشافعية، لكن بإبدال قوله واغفر لنا وله بقوله ولا تحرمهما أجره، وهذا أولى لما مر من أنه لا يستغفر لصبي‏.‏ وقال في شرح المنية‏:‏ وفي المفيد ويدعو لوالدي الطفل، وقيل يقول‏:‏ اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجرهما ولا تفتنهما بعده، اللهم اجعله في كفالة إبراهيم، وألحقه بصالحي المؤمنين‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ندبا‏)‏ أي كونه بالقرب من الصدر مندوب، وإلا فمحاذاة جزء من الميت لا بد منها قهستاني عن التحفة‏.‏ ويظهر أن هذا في الإمام وفيما إذا لم تتعدد الموتى وإلا وقف عند صدر أحدهم فقط، ولا يبعد عن الميت كما في النهر ط ‏(‏قوله للرجل والمرأة‏)‏ أراد الذكر والأنثى الشامل للصغير والصغيرة ط عن أبي السعود‏:‏ وعند الشافعي رحمه الله يقف عند رأس الرجل وعجز المرأة ‏(‏قوله‏:‏ والشفاعة لأجله‏)‏ أي أن المصلي شافع للميت لأجل إيمانه فناسب أن يقوم بحذاء محله‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والمسبوق‏)‏ أي الذي لم يكن حاضرا تكبير الإمام السابق ط ‏(‏قوله ببعض التكبيرات‏)‏ صادق بالأقل والأكثر ط‏.‏ أما المسبوق بالكل فيأتي حكمه ‏(‏قوله لا يكبر في الحال‏)‏ فلو كبر كما حضر، ولم ينتظر لا تفسد عندهما، لكن ما أداه غير معتبر، كذا في الخلاصة بحر، ومثله في الفتح‏.‏ وقضية عدم اعتبار ما أداه أنه لا يكون شارعا في تلك الصلاة، وحينئذ فتفسد التكبيرة مع أن المسطور في القنية أنه يكون شارعا، وعليه فيعتبر ما أداه، وهذا لم أر من أفصح عنه فتدبر‏.‏ه نهر‏.‏ وأجاب الحموي في شرح الكنز بأنه لا يلزم من عدم اعتباره عدم شروعه، ولا من اعتبار شروعه اعتبار ما أداه؛ ألا ترى أن من أدرك الإمام في السجود صح شروعه مع أنه لا يعتبر ما أداه من السجود مع الإمام بل عليه إعادته إذا قام إلى قضاء ما سبق به فلا مخالفة بين ما في الخلاصة والقنية ا هـ‏.‏ لكن فيه أن تكبيرة الافتتاح هنا بمنزلة ركعة، فلو صح شروعه بها يلزم اعتبارها، إلا أن يقال‏:‏ إن لها شبهين كما مر فنصحح شروعه بها من حيث كونها شرطا، ولا نعتبرها في تكميل العدد من حيث شبهها بالركعة، فلذا قلنا‏:‏ يصح شروعه بها، ويعيدها بعد سلام إمامه، والله أعلم ‏(‏قوله‏:‏ والمسبوق إلخ‏)‏ هو من تتمة التعليل‏:‏ أي فلو كبر ولم ينتظر لكان كالمسبوق الذي شرع في قضاء ما سبق به قبل الفراغ من الاقتداء ط ‏(‏قوله وقال أبو يوسف إلخ‏)‏ قال في النهاية‏:‏ تفسير المسألة على قوله أنه لما جاء وقد كبر الإمام تكبيرة الافتتاح كبر هذا الرجل للافتتاح، فإذا كبر الإمام الثانية تابعه فيها، ولم يكن مسبوقا‏.‏ وعندهما لا يكبر للافتتاح حين يحضر بل ينتظر حتى يكبر الإمام الثانية، ويكون هذا التكبير تكبير الافتتاح في حق هذا الرجل فيصير مسبوقا بتكبيرة يأتي بها بعد سلام الإمام ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله كما لا ينتظر الحاضر إلخ‏)‏ أفاد بالتشبيه أن مسألة الحاضر اتفاقية؛ ولذا قال‏:‏ بل يكبر أي الحاضر اتفاقا، والمراد به من كان حاضرا وقت تحريمة الإمام في محل يجزئه فيه الدخول في صلاة الإمام كما يأتي عن المجتبى‏:‏ أي بأن كان متهيئا للصلاة كما يفيده قول الهندية عن شرح الجامع لقاضي خان، وإن كان مع الإمام فتغافل ولم يكبر معه، أو كان في النية بعد فأخر التكبير فإنه يكبر، ولا ينتظر تكبير الإمام الثانية في قولهم لأنه لما كان مستعدا جعل بمنزلة المشارك‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ في حال التحريمة‏)‏ مفهومه أنه لو فاتته التحريمة، وحضر في حالة التكبيرة الثانية مثلا لا يكون مدركا لها بل ينتظر الثالثة ويكون مسبوقا بتكبيرتين لا بواحدة عندهما، لكن الظاهر أن التحريمة غير قيد لما سيأتي فيما لو كبر الأربع والرجل الحاضر فإنه يكون مدركا لها، ويؤيده التعليل المار عن قاضي خان والآتي عقبه عن الفتح تأمل ‏(‏قوله‏:‏ لأنه كالمدرك‏)‏ قال في فتح القدير‏:‏ يفيد أنه ليس بمدرك حقيقة بل اعتبر مدركا لحضوره التكبير دفعا للحرج؛ إذ حقيقة إدراك الركعة بفعلها مع الإمام، ولو شرط في التكبير المعية ضاق الأمر جدا؛ إذ الغالب تأخر النية قليلا عن تكبير الإمام فاعتبر مدركا لحضوره‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ثم يكبران إلخ‏)‏ أي المسبوق والحاضر، وقوله‏:‏ ما فاتهما فيه خفاء لأن المراد بالحاضر في كلامه الحاضر في حال التحريمة، فإذا أتى بها لم يفته شيء إلا أن يراد ما إذا حضر أكثر من تكبيرة فكبر واحدة فإنه يكبر بعد السلام ما فاته على ما سيأتي تأمل‏.‏ واحترز عن اللاحق كأن كبر مع الإمام الأولى دون الثانية والثالثة فإنه يكبرهما ثم يكبر مع الإمام الرابعة كما في الحلية والنهر‏.‏ هذا، وفي نور الإيضاح وشرحه أن المسبوق يوافق إمامه في دعائه لو علمه بسماعه ا هـ‏.‏ ولم يذكر ما إذا لم يعلم، وظاهر تقييده الموافقة بالعلم أنه إذا لم يعلم بأن لم يعلم أنه في التكبيرة الثانية أو الثالثة مثلا يأتي به مرتبا‏:‏ أي بالثناء ثم الصلاة ثم الدعاء تأمل ‏(‏قوله نسقا‏)‏ بالتحريك‏:‏ أي متتابعة‏.‏ وفي بعض النسخ تترى، وهو بمعناه ‏(‏قوله على الأعناق‏)‏ مفهومه أنه لو رفعت بالأيدي ولم توضع على الأعناق أنه لا يقطع التكبير بل يكبر، وهو ظاهر الرواية، وعن محمد إن كانت إلى الأرض أقرب يكبر، وإلا فلا معراج، ومثله في البزازية والفتح‏.‏ ويخالفه ما في البحر عن الظهيرية أنها لو رفعت بالأيدي ولم توضع على الأكتاف لا يكبر في ظاهر الرواية، لكن قال في الشرنبلالية‏:‏ وينبغي أن يعول على ما في البزازية، ولا يخالفه ما يأتي من أنها لا تصح إذا كان الميت على أيدي الناس لأنه يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وما في المجتبى من أن المدرك‏)‏ أي الحاضر، وسماه مدركا لأنه بمنزلته كما مر‏.‏ وعبارة المجتبى‏:‏ رجل واقف حيث يجزيه الدخول في صلاة الإمام فكبر الإمام الأولى ولم يكبر معه فإنه يكبر ما لم يكبر الإمام الثانية، فإن كبر كبر معه وقضى الأولى في الحال وكذا إن لم يكبر في الثانية والثالثة والرابعة يكبر ويقضي ما فاته في الحال‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله شاذ‏)‏ لمخالفته ما نص عليه غير واحد من أنه يكبر ما فاته بعد سلام الإمام أفاده في النهر ‏(‏قوله فلو جاء إلخ‏)‏ هذا ثمرة الخلاف بينهما، وبين أبي يوسف كما في النهر ‏(‏قوله لتعذر الدخول إلخ‏)‏ لما مر أن المسبوق ينتظر الإمام ليكبر معه وبعد الرابعة لم يبق على الإمام تكبير حتى ينتظره ليتابعه فيه‏.‏ قال في الدرر‏:‏ والأصل في الباب عندهما أن المقتدي يدخل في تكبيرة الإمام فإذا فرغ الإمام من الرابعة تعذر عليه الدخول‏.‏ وعند أبي يوسف يدخل إذا بقيت التحريمة كذا في البدائع‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله كما في الحاضر‏)‏ أي في وقت التكبيرة الرابعة فقط أو التكبيرات كلها ولم يكبرها مع الإمام، وأشار بالتشبيه تبعا للبدائع إلى أن مسألة الحاضر اتفاقية، وفيه كلام يأتي ‏(‏قوله وعليه الفتوى‏)‏ أي على قول أبي يوسف في مسألة المسبوق خلافا لما مشى عليه في المتن ‏(‏قوله ذكره الحلبي وغيره‏)‏ عبارة الحلبي في شرح المنية‏:‏ إن جاء بعد ما كبر الرابعة فاتته الصلاة عندهما‏.‏ وعند أبي يوسف يكبر، فإذا سلم الإمام قضى ثلاث تكبيرات‏.‏ وذكر في المحيط أن عليه الفتوى ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وذكر أيضا في الفتاوى الهندية عن المضمرات أنه الأصح وعليه الفتوى، لكن ما مشى عليه في المتن صرح في البدائع بأنه الصحيح، ومثله في الدرر وشرح المقدسي ونور الإيضاح، نعم نقل في الإمداد عن التجنيس والولوالجية أن ذلك رواية عن أبي حنيفة، وأن عند أبي يوسف يدخل في الصلاة وعليه الفتوى، قال‏:‏ فقد اختلف التصحيح‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

هذا كله في المسبوق، وأما الحاضر وقت التكبيرة الرابعة فإنه يدخل، وقد أشار الشارح كالبدائع إلى أنه بالاتفاق كما قدمنا، وبه صرح في النهر، وهو ظاهر عبارة المجتبى التي قدمناها‏.‏ لكن في البحر عن المحيط لو كبر الإمام أربعا، والرجل حاضر، فإنه يكبر ما لم يسلم الإمام ويقضي الثلاث، وهذا قول أبي يوسف وعليه الفتوى‏.‏ وروى الحسن أنه لا يكبر وقد فاتته ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ لكن المفهوم من غالب عباراتهم أن عدم فوات الصلاة في الحاضر متفق عليه بين أبي يوسف وصاحبيه وأن الفوات رواية الحسن عن أبي حنيفة وأن المفتى به عدم الفوات، وهذا هو المناسب، لما مر من تقرير أقوالهم‏:‏ أما على قول أبي يوسف فظاهر لأن المسبوق عنده لا تفوته الصلاة فالحاضر بالأولى‏.‏ وأما على قولهما فلما صرح به في الهداية وغيرها من أن الحاضر بمنزلة المدرك عندهما، وهذا حاضر وقت الرابعة فيكبرها قبل سلام الإمام ثم يقضي الثلاث لفوات محلها، وحينئذ فما في المحيط من قوله‏:‏ وهذا قول أبي يوسف لا يلزم منه أن يكون قولهما بخلافه، بل قولهما كقوله بدليل أنه قابله برواية الحسن فقط، وإلا كان المناسب مقابلته بقولهما، ولذا لم يعزه في الخانية والولوالجية وغاية البيان إلى أبي يوسف، بل أطلقوه وقابلوه برواية الحسن بل زاد في غاية البيان بعد ذلك‏.‏ وعن أبي يوسف أنه يدخل معه فأفاد أن قول أبي يوسف كقولهما، وأن المخالفة في رواية الحسن فقط‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

نقل في البحر عبارة المحيط السابقة، ثم قال‏:‏ فما في الحقائق من أن الفتوى على قول أبي يوسف إنما هو في مسألة الحاضر لا المسبوق‏.‏ وقد يقال‏:‏ إنه إذا كان حاضرا، ولم يكبر حتى كبر الإمام ثنتين أو ثلاثا فلا شك أنه مسبوق وحضوره من غير فعل لا يجعله مدركا فينبغي أن يكون كمسألة المسبوق، وأن يكون الفرق بين الحاضر وغيره في التكبيرة الأولى فقط كما لا يخفى‏.‏ ا هـ‏.‏ وأقول‏:‏ إن ما في الحقائق محمول على مسألة المسبوق، لما مر من أن المخالف فيها أبو يوسف، وأن الفتوى على قوله‏.‏ وأما مسألة الحاضر فإنها وفاقية كما علمته‏.‏ وأما قوله‏:‏ وقد يقال إلخ فحاصله أنه لا تحقق لمسألة الحاضر إلا فيمن حضر وقت التكبيرة الأولى فكبرها قبل أن يكبر الإمام الثانية‏.‏ أما لو تشاغل حتى كبر الإمام الثانية أو أكثر فهو مسبوق لا حاضر، وفيه نظر ظاهر؛ فإنه إذا كان حاضرا حتى كبر الإمام تكبيرتين مثلا يكون مدركا للثانية فله أن يكبرها قبل أن يكبر الإمام الثالثة ويكون مسبوقا بالأولى فيأتي بها بعد سلام الإمام فسبقه بها لا ينافي كونه حاضرا في غيرها، يدل على ذلك ما نقله في البحر عن الواقعات من أنه إن لم يكبر الحاضر حتى كبر الإمام ثنتين كبر الثانية منهما، ولم يكبر الأولى حتى يسلم الإمام لأن الأولى ذهب محلها فكانت قضاء، والمسبوق لا يشتغل بالقضاء قبل فراغ الإمام ا هـ‏.‏ فانظر كيف جعله حاضرا ومسبوقا؛ إذ لو كان مسبوقا فقط لم يكن له أن يكبر الثانية بل ينتظر تكبير الإمام الثالثة كما مر، فاغتنم تحرير هذا المقام

‏(‏قوله أولى من الجمع‏)‏ لأن الجمع مختلف فيه قنية ‏(‏قوله‏:‏ وتقديم الأفضل أفضل‏)‏ أي يصلي أولا على أفضلهم ثم يصلي على الذي يليه في الفضل، وقيده في الإمداد بقوله إن لم يكن سبق أي وإلا يصلي على الأسبق ولو مفضولا، وسيأتي بيان الترتيب ‏(‏قوله وإن جمع جاز‏)‏ أي بأن صلى على الكل صلاة واحدة ‏(‏قوله صفا واحدا‏)‏ أي كما يصطفون في حال حياتهم عند الصلاة بدائع‏:‏ أي بأن يكون رأس كل عند رجل الآخر فيكون الصف على عرض القبلة ‏(‏قوله‏:‏ وإن شاء جعلها صفا إلخ‏)‏ ذكر في البدائع التخيير بين هذا، والذي قبله، ثم قال‏:‏ هذا جواب ظاهر الرواية‏.‏ وروي عن أبي حنيفة في غير رواية الأصول أن الثاني أولى لأن السنة هي قيام الإمام بحذاء الميت، وهو يحصل في الثاني دون الأول‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله درجا‏)‏ أي شبه الدرج بأن يكون رأس الثاني عند منكب الأول بدائع ‏(‏قوله لحصول المقصود‏)‏ وهو الصلاة عليهم درر والأحسن ما في المبسوط لأن الشرط أن تكون الجنائز أمام الإمام وقد وجد إسماعيل ‏(‏قوله‏:‏ فيقرب منه الأفضل فالأفضل‏)‏ أي في صورة ما إذا جعلهم صفا واحدا مما يلي القبلة بوجهيها، أما في صورة جعلهم صفا عرضا فإنه يقوم عند أفضلهم كما قدمه؛ إذ ليس أحدهم أقرب، وهذا حيث اختلفوا في الفصل، وإن تساووا قدم أسنهم كما في الحلية‏.‏ وفي البحر عن الفتح وفي الرجلين يقدم أكبرهما سنا وقرآنا وعلما كما «فعله عليه الصلاة والسلام في قتلى أحد من المسلمين» ‏(‏قوله يقدم على العبد‏)‏ أي ولو بالغا كما يفيده قول البحر عن الظهيرية ويقدم الحر على العبد ولو كان الحر صبيا‏.‏ ا هـ‏.‏ قال ط‏:‏ وأفاد أن الحر البالغ يقدم بالأولى، وهو المشهور، وروى الحسن عن الإمام أن العبد إذا كان أصلح قدم منح‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لضرورة‏)‏ إنما قيد بها لأنه لا يدفن اثنان في قبر ما لم يصر الأول ترابا فيجوز حينئذ البناء عليه والزرع إلا لضرورة فيوضع بينهما تراب أو لبن ليصير كقبرين ويجعل الرجل مما يلي القبلة ثم الغلام ثم الخنثى ثم المرأة شرح الملتقى‏.‏

مطلب في بيان من هو أحق بالصلاة على الميت

‏(‏قوله نائبه‏)‏ الأولى ثم نائبه ح‏:‏ أي كما عبر في الفتح وغيره ‏(‏قوله ثم صاحب الشرط‏)‏ قال في الشرنبلالية ظاهر كلام الكمال أن صاحب الشرط غير أمير البلد‏.‏ وفي المعراج ما يفيد أنه هو حيث قال الشرط بالسكون والحركة خيار الجند، والمراد أمير البلدة كأمير بخارى‏.‏ ا هـ‏.‏ وأجاب ط بحمل أمير البلد على المولى من نائب السلطان لا من السلطان‏.‏ هذا، وتقدم في الجمعة تقديم الشرطي على القاضي، وما هنا مخالف له، ولم أر من نبه عليه فليتأمل قوله ثم خليفته‏)‏ كذا في البحر‏:‏ أي خليفة صاحب الشرط كما هو المتبادر، وفيه أنه حيث قدم القاضي على صاحب الشرط كان المناسب تقديم خليفته على خليفة صاحب الشرط؛ فالمناسب قول الفتح، ثم خليفة الوالي، ثم خليفة القاضي ا هـ‏.‏ ومثله في الإمداد عن الزيلعي ‏(‏قوله ثم إمام الحي‏)‏ أي الطائفة وهو إمام المسجد الخاص بالمحلة، وإنما كان أولى لأن الميت رضي بالصلاة خلفه في حال حياته، فينبغي أن يصلي عليه بعد وفاته‏.‏ قال في شرح المنية‏:‏ فعلى هذا لو علم أنه كان غير راض به حال حياته ينبغي أن لا يستحب تقديمه‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ هذا مسلم إن كان عدم رضاه به لوجه صحيح، وإلا فلا تأمل ‏(‏قوله فيه إيهام‏)‏ أي في كلام المصنف إيهام التسوية في الحكم بين تقديم المذكورين، لكن القاعدة الأصولية أن القرآن في الذكر لا يوجب الاتحاد في الحكم تأمل‏.‏

مطلب تعظيم أولي الأمر واجب

‏(‏قوله‏:‏ وذلك أن تقديم الولاة واجب‏)‏ لأن في التقديم عليهم ازدراء بهم، وتعظيم أولي الأمر واجب، كذا في الفتح‏.‏ وصرح في الولوالجية والإيضاح وغيرهما بوجوب تقديم السلطان، وعلله في المنبع وغيره بأنه نائب النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم فيكون هو أيضا كذلك إسماعيل ‏(‏قوله بشرط إلخ‏)‏ نقل هذا الشرط في الحلية، ثم قال‏:‏ وهو حسن، وتبعه في البحر ‏(‏قوله إمام المسجد الجامع‏)‏ عبر عنه في شرح المنية بإمام الجمعة‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

وأما إمام مصلي الجنازة الذي شرطه الواقف وجعل له معلوما من وقفه فهل يقدم على الولي كإمام الحي أم لا للقطع بأن علة الرضا بالصلاة خلفه في حياته خاصة بإمام المحلة‏؟‏ والذي يظهر لي أنه إن كان مقررا من جهة القاضي فهو كنائبه، وإن من جهة الناظر فكالأجنبي أفاده في البحر‏.‏ وخالفه في النهر بأن ما مر في باب الإمامة من تقديم الراتب على إمام الحي يقتضي تقديمه هنا عليه‏.‏ واستظهر المقدسي أنه كالأجنبي مطلقا لأنه إنما يجعل للغرباء، ومن لا ولي له‏.‏ أقول‏:‏ وهذا أولى لما يأتي من أن الأصل أن الحق للولي، وإنما قدم عليه الولاة وإمام الحي لما مر من التعليل وهو غير موجود هنا، وتقرير القاضي له لاستحقاق الوظيفة لا لجعله نائبا عنه، وإلا لزم أن كل من قرره القاضي في وظيفة إمامة أن يكون نائبا عنه مقدما على إمام الحي، والفرق بينه وبين الإمام الراتب ظاهر لأنه لم يرضه للصلاة خلفه في حياته بخلاف الراتب، هذا ما ظهر لي فتأمل‏.‏ه ‏(‏قوله ثم الوالي‏)‏ أي ولي الميت الذكر البالغ العاقل فلا ولاية لامرأة وصبي ومعتوه كما في الإمداد‏.‏ قال في شرح المنية‏:‏ الأصل أن الحق في الصلاة للولي؛ ولذا قدم على الجميع في قول أبي يوسف والشافعي ورواية عن أبي حنيفة لأن هذا حكم يتعلق بالولاية كالإنكاح إلا أن الاستحسان وهو ظاهر الرواية تقدم السلطان ونحوه؛ لما روي أن الحسين قدم سعيد بن العاص لما مات الحسن وقال‏:‏ لولا السنة لما قدمتك وكان سعيد واليا بالمدينة؛ ولما مر من الوجه في تقديم الولاة وإمام الحي ‏(‏قوله بترتيب عصوبة الإنكاح‏)‏ فلا ولاية للنساء ولا للزوج إلا أنه أحق من الأجنبي‏.‏ وفي الكلام رمز إلى أن الأبعد أحق من الأقرب الغائب‏.‏ وحد الغيبة هنا أن يكون بمكان تفوته الصلاة إذا حضر ط عن القهستاني‏.‏ زاد في البحر وأن لا ينتظر الناس قدومه‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر أن ذوي الأرحام داخلون في الولاية، والتقييد بالعصوبة لإخراج النساء فقط‏.‏ فهم أولى من الأجنبي، وهو ظاهر، ويؤيده تعبير الهداية بولاية النكاح تأمل ‏(‏قوله‏:‏ فيقدم على الابن اتفاقا‏)‏ هو الأصح لأن للأب فضيلة عليه وزيادة سن، والفضيلة والزيادة تعتبر ترجيحا في استحقاق الإمامة كما في سائر الصلوات بحر عن البدائع، وقيل هذا قول محمد‏.‏ وعندهما الابن أولى‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وإنما قدمنا الأسن بالسنة‏.‏ قال عليه الصلاة والسلام في حديث القسامة «ليتكلم أكبرهما» وهذا يفيد أن الحق للابن عندهما إلا أن السنة أن يقدم هو أباه، ويدل عليه قولهم‏:‏ سائر القرابات أولى من الزوج إن لم يكن له منها ابن، فإن كان فالزوج أولى منهم لأن الحق للابن، وهو يقدم أباه، ولا يبعد أن يقال إن تقديمه على نفسه واجب بالسنة‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي البدائع وللابن في حكم الولاية أن يقدم غيره لأن الولاية له، وإنما منع عن التقدم لئلا يستخف بأبيه فلم تسقط ولايته بالتقديم ‏(‏قوله‏:‏ أن لا يكون إلخ‏)‏ قال في البحر‏:‏ ولو كان الأب جاهلا والابن عالما ينبغي أن يقدم الابن، إلا أن يقال إن صفة العلم لا توجب التقديم في صلاة الجنازة لعدم احتياجها له‏.‏ واعترضه في النهر بما مر من أن إمام الحي إنما يقدم على الولي إذا كان أفضل، قال‏:‏ نعم، علل القدوري كراهة تقدم الابن على أبيه بأن فيه استخفافا به، وهذا يقضي وجوب تقديمه مطلقا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا مؤيد لما مر آنفا عن الفتح ‏(‏قوله فالابن أولى‏)‏ في نسخة‏:‏ والأسن أولى وعليها كتب المحشي فقال‏:‏ أي إذا حصلت المساواة في الدرجة والقرب والقوة كابنين أو أخوين أو عمين فالأسن أولى‏.‏ أقول‏:‏ إلا أن يكون غير الأسن أفضل ا هـ‏.‏ أي قياسا على تقديم الابن الأفضل على أبيه بل هذا أولى، فلو كان الأصغر شقيقا والأكبر لأب فالأصغر أولى كما في الميراث؛ حتى لو قدم أحد فليس للأكبر منعه كما في البحر ‏(‏قوله فإن لم يكن له فالزوج ثم الجيران‏)‏ كذا في فتح القدير، وهو صريح في تقديم الزوج على الأجنبي ولو جارا، وهو مقتضى إطلاق ما قدمناه عن القهستاني من أن الزوج أحق من الأجنبي‏.‏ فما هنا أولى من قول النهر والزوج، والجيران أولى من الأجنبي ا هـ‏.‏ وشمل الولي مولى العتاقة وابنه ومولى الموالاة فإنهم أولى من الزوج لانقطاع الزوجية بالموت بحر ‏(‏قوله‏:‏ ومولى العبد أولى من ابنه الحر‏)‏ وكذا من أبيه وغيره‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ والسيد أولى من قريب عبده على الصحيح، والقريب أولى من السيد المعتق ا هـ‏.‏ فما في القهستاني من أن ابن العبد وأباه أحق من المولى على خلاف الصحيح ‏(‏قوله لبقاء ملكه‏)‏ اعترض بما في شرح الهاملية من أن السيد لا يغسل أمته، ولا أم ولده ولا مدبرته لانقطاع ملكه عنهن بالموت‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ لأن الجثة الميتة لا تقبل الملك، لكن المراد بقاء الملك حكما كما قيده في البحر، ولذا يلزمه تكفين عبده كالزوجة مع أن الزوجية انقطعت بالموت كما مر آنفا، والتغسيل لما فيه من المس والنظر المحذورين لا يراعى فيه الملك الحكمي لضعفه ففارق التكفين وولاية الصلاة، هذا ما ظهر لي ‏(‏قوله‏:‏ والفتوى على بطلان الوصية‏)‏ عزاه في الهندية إلى المضمرات‏:‏ أي لو أوصى بأن يصلي عليه غير من له حق التقدم، أو بأن يغسله فلان لا يلزم تنفيذ وصيته، ولا يبطل حق الولي بذلك‏.‏ وكذا تبطل لو أوصى بأن يكفن في ثوب كذا أو يدفن في موضع كذا كما عزاه إلى المحيط‏.‏ وذكر في شرح درر البحار أن تعليل تقديم إمام الحي بما مر من أن الميت رضيه في حياته يعلم أن الموصى له يقدم على إمام الحي لاختياره له صريحا إلا أن المذكور في المنتقى أن هذه الوصية باطلة ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومثله كل من يقدم عليه من باب أولى‏)‏ ظاهره أن للسلطان أن يأذن بالصلاة لأجنبي بلا إذن الولي وقد ذكره في الحلية بحثا بناء على أن الحق ثابت للسلطان ونحوه ابتداء، واستثنى إمام الحي فليس له الإذن لأن تقديمه على الولي مستحب فهو كأكبر الأخوين إذا قدم أجنبيا فللأصغر منعه فكذا للولي‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وفي كون الحق ثابتا للسلطان ابتداء بحث لما قدمناه عن شرح المنية من أن الحق في الأصل للولي وإنما قدم السلطان في ظاهر الرواية لئلا يزدري به، وتعظيمه واجب، وقدم إمام الحي لأن الميت رضيه في حياته ومثله ما في الكافي حيث علل لما يأتي من أن للولي الإعادة إذا صلى غيره بقوله لأن الحق للأولياء لأنهم أقرب الناس إليه وأولاهم به، غير أن السلطان أو الإمام إنما يقدم بعارض السلطنة والإمامة ا هـ‏.‏ وبهذا تندفع الأولوية فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فيها‏)‏ أي في الصلاة على الميت، وفسر الإذن بتفسير آخر، وهو أن يأذن للناس في الانصراف بعد الصلاة قبل الدفن لأنه لا ينبغي لهم أن ينصرفوا إلا بإذنه‏.‏ وذكر الزيلعي معنى آخر، وهو الإعلام بموته ليصلوا عليه بحر، لكن يتعين المعنى الأول في عبارة المصنف للاستثناء المذكور، بخلاف عبارة الكنز والهداية ‏(‏قوله‏:‏ فيملك إبطاله‏)‏ أي بتقديم غيره هداية‏.‏ فالمراد بالإبطال نقله عنه إلى غيره ‏(‏قوله‏:‏ ولو أصغر سنا‏)‏ فلو كانا شقيقين، فالأسن أولى لكنه لو قدم أحدا فللأصغر منعه، ولو قدم كل منهما واحدا فمن قدمه الأسن أولى بحر ‏(‏قوله أما البعيد فليس له المنع‏)‏ فلو كان الأصغر شقيقا، والأكبر لأب فقدم الأصغر أحدا فليس للأكبر المنع بحر، وفيه‏:‏ فإن كان الشقيق غائبا، وكتب إلى إنسان ليتقدم فللأخ لأب منعه، والمريض في المصر كالصحيح يقدم من شاء، وليس للأبعد منعه ‏(‏قوله فإن صلى غيره‏)‏ الأخصر أن يقول‏:‏ فإن صلى من ليس له حق التقدم ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله ممن ليس له حق التقدم إلخ‏)‏ بيان لغير المضاف إلى ضمير الولي أخرج به السلطان ونحوه وإمام الحي، فإن صلى أحدهم لم يعد الولي كما يأتي لتقدمهم عليه ‏(‏قوله أعاد الولي‏)‏ مفهومه أن غير الولي كالسلطان لا يعيد إذا صلى غيره ممن ليس له حق التقدم معه إلا أن يراد بالولي من له حق الصلاة، وعليه فكان الأولى أن يقول‏:‏ أعاد من له حق التقدم لكن اختلف فيما إذا صلى الولي فهل لمن قبله كالسلطان حق الإعادة‏؟‏ ففي النهاية والعناية نعم لأن الولي إذا كان له الإعادة إذا صلى غيره مع أنه أدنى فالسلطان والقاضي بالأولى‏.‏ وفي السراج والمستصفى لا‏.‏ ووفق في البحر بحمل الأول على ما إذا تقدم الولي مع وجود السلطان ونحوه، والثاني على ما إذا لم يوجد‏.‏ واعترضه في النهر بأن السلطان لا حق له عند عدم حضوره، فالخلاف عند حضوره ا هـ‏.‏ والذي يظهر لي ما في السراج والمستصفى لما قدمناه عن الكافي من أن الحق للأولياء، وتقديم السلطان ونحوه لعارض، وأن دعوى الأولوية غير مسلمة، ونظيره الابن، فإن الحق له ابتداء، ولكنه يقدم أباه لحرمة الأبوة‏.‏ وأما تأييد صاحب البحر ما في النهاية والعناية بما في الفتاوى كالخلاصة والولوالجية وغيرهما، من أنه لو صلى السلطان أو القاضي أو إمام الحي ولم يتابعه الولي ليس له الإعادة لأنهم أولى منه ا هـ‏.‏ ففيه نظر؛ إذ لا يلزم من كونهم أولى منه أن تثبت لهم الإعادة إذا صلى بحضرتهم لأنه صاحب الحق، وإن ترك واجب احترام السلطان ونحوه‏.‏ ويدل على ذلك قول الهداية فإن صلى غير الولي أو السلطان أعاد الولي لأن الحق للأولياء، وإن صلى الولي لم يجز لأحد أن يصلي بعده ا هـ‏.‏ ونحوه في الكنز وغيره، فقوله لم يجز لأحد يشمل السلطان‏.‏ ثم رأيت في غاية البيان قال ما نصه‏:‏ هذا على سبيل العموم حتى لا تجوز الإعادة لا للسلطان ولا لغيره‏.‏ ا هـ‏.‏ وما قيل‏:‏ إن المراد بالولي من له حق الولاية يبعده عطف السلطان قبله على الولي‏.‏ ونقل في المعراج عن المجتبى أن للسلطان الإعادة إذا صلى الولي بحضرته، ثم قال‏:‏ لكن في المنافع ليس للسلطان الإعادة، ثم أيد رواية المنافع فراجعه، وهذا عين ما قلناه، فاغتنم تحرير هذا المقام والسلام ‏(‏قوله إن شاء إلخ‏)‏ وأما ما في التقويم من أنه لو صلى غير الولي كانت الصلاة باقية على الولي فضعيف كما في النهر ‏(‏قوله ولذا إلخ‏)‏ علة لقوله لا لإسقاط الفرض أي فإن الفرض لو لم يسقط بالأولى كان لمن صلى أولا أن يعيد مع الولي‏.‏ وبهذا رد في البحر ما في غاية البيان من أن الأولى موقوفة، فإن أعاد الولي تبين أن الفرض ما صلي وإلا سقط بالأولى، لكن قال العلامة المقدسي‏:‏ إن ما في غاية البيان موافق للقواعد لأن التنفل بها غير مشروع عندنا، ولذلك نظير وهو الجمعة مع الظهر لمن أداه قبلها ا هـ‏.‏ نعم يحتاج إلى الجواب عما قاله في البحر وهو صعب فالأحسن الجواب عما قاله المقدسي بأن إعادة الولي ليست نفلا لأن صلاة غيره، وإن تأدى بها الفرض، وهو حق الميت لكنها ناقصة لبقاء حق الولي فيها، فإذا أعادها وقعت فرضا مكملا للفرض الأول نظير إعادة الصلاة المؤداة بكراهة، فإن كلا منهما فرض كما حققناه في محله؛ وحيث كانت الأولى فرضا فليس لمن صلى أولا أن يعيد مع الولي لأن إعادته تكون نفلا من كل وجه، بخلاف الولي لأنه صاحب الحق، هذا ما ظهر لي فتأمل‏.‏ه ‏(‏قوله‏:‏ غير مشروع‏)‏ أي عندنا‏.‏ وعند مالك خلافا للشافعي رحمه الله، والأدلة في المطولات ‏(‏قوله‏:‏ أو إمام الحي‏)‏ نص عليه في الخلاصة وغيرها كما قدمناه‏.‏ وكذا صرح في المجمع وشرحه بأنه كالسلطان في عدم إعادة الولي، وبه ظهر ضعف ما في غاية البيان من أن للولي الإعادة لو صلى إمام الحي لا لو صلى السلطان لئلا يزدري به أفاده في البحر ‏(‏قوله‏:‏ لأنهم أولى إلخ‏)‏ الأولى أن يقول أيضا ولأن متابعته إذن بالصلاة ليكون علة لقوله أو من ليس له حق التقدم وتابعه الولي ط ‏(‏قوله بأن لم يحضر إلخ‏)‏ لأنه لا حق للولي عند حضرة السلطان ونحوه، وقد علمت ما فيه ‏(‏قوله وإن حضر‏)‏ يعني بعد صلاة الولي وإن وصلية ‏(‏قوله أما لو صلى إلخ‏)‏ تصريح بمفهوم قوله بأن لم يحضر من يقدم عليه، وهذا ما وفق به صاحب البحر بين عباراتهم، قد علمت تحرير المقام آنفا ‏(‏قوله وفيه‏)‏ أي في المجتبى، وهذه العبارة عزاها إليه في البحر‏.‏ لكني لم أجدها فيه والذي رأيته في المجتبى هكذا‏:‏ ثم إذا دفن قبل الصلاة وصلى عليه من لا ولاية له يصلى عليه ما لم يتمزق‏.‏ ا هـ‏.‏ والمراد يصلي عليه الولي إن شاء لأجل حقه لا لإسقاط الفرض فلا ينافي ما مر، وكذا يمكن تأويل قوله كعدم الصلاة كما أفاده ح بأنها بالنسبة إلى من له الولاية كالعدم حتى كان له الإعادة‏.‏

‏(‏قوله وأهيل عليه التراب‏)‏ فإن لم يهل أخرج وصلي عليه كما قدمناه بحر ‏(‏قوله‏:‏ أو بها بلا غسل‏)‏ هذا رواية ابن سماعة‏.‏ والصحيح أنه لا يصلى على قبره في هذه الحالة لأنها بلا غسل غير مشروعة كذا في غاية البيان، لكن في السراج وغيره قيل لا يصلى على قبره‏.‏ وقال الكرخي‏:‏ يصلى وهو الاستحسان لأن الأولى لم يعتد بها لترك الشرط مع الإمكان والآن زال الإمكان فسقطت فرضية الغسل، وهذا يقتضي ترجيح الإطلاق، وهو الأولى نهر‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

ينبغي أن يكون في حكم من دفن بلا صلاة من تردى في نحو بئر أو وقع عليه بنيان ولم يمكن إخراجه بخلاف ما لو غرق في بحر لعدم تحقق وجوده أمام المصلي تأمل ‏(‏قوله أو ممن لا ولاية له‏)‏ متعلق بمحذوف حالا من ضمير بها العائد إلى الصلاة، وهذا مكرر بما نقله عن المجتبى ‏(‏قوله صلي على قبره‏)‏ أي افتراضا في الأوليين وجوازا في الثالثة لأنها لحق الولي أفاده ح‏.‏ أقول‏:‏ وليس هذا من استعمال المشترك في معنييه كما وهم لأن حقيقة الصلاة في المسائل الثلاث واحدة، وإنما الاختلاف في الوصف وهو الحكم، فهو كإطلاق الإنسان على ما يشمل الأبيض والأسود فافهم ‏(‏قوله هو الأصح‏)‏ لأنه يختلف باختلاف الأوقات حرا وبردا والميت سمنا و هزالا والأمكنة بحر، وقيل يقدر بثلاثة أيام، وقيل عشرة، وقيل شهر ط عن الحموي ‏(‏قوله وظاهره إلخ‏)‏ أي ظاهر قوله ما لم يغلب إلخ فإنه في الشك لم يغلب على الظن تفسخه ط ‏(‏قوله‏:‏ كأنه تقديما للمانع‏)‏ الخبر محذوف‏:‏ أي كأنه قال ذلك تقديما‏:‏ أي أنه دار الأمر بين التفسخ المقتضي عدم الصلاة وبين عدمه الموجب لها، فاعتبرنا المانع، وهو التفسخ ط أقول‏:‏ وفي الحلية، نص الأصحاب على أنه لا يصلى عليه مع الشك في ذلك ذكره في المفيد والمزيد وجوامع الفقه وعامة الكتب، وعلله في المحيط بوقوع الشك في الجواز ا هـ‏.‏ وتمامه فيها ‏(‏قوله بغير عذر‏)‏ راجع إلى المسألتين فلو صلى راكبا لتعذر النزول لطين أو مطر جاز‏.‏ وكذا لو صلى الولي قاعدا لمرض، والناس خلفه قياما عندهما‏.‏ وقال محمد‏:‏ تجزيه دون القوم بناء على الخلاف في اقتداء القائم بالقاعد بحر، والتقييد بالولي لأن الحق له، فلو صلى غيره ممن لا حق له إماما قاعدا لعذر فالظاهر أن الحكم كذلك، ويسقط الفرض بصلاته خلافا لما بحثه السيد أبو السعود أفاده ط‏.‏

مطلب في كراهة صلاة الجنازة في المسجد

‏(‏قوله‏:‏ وقيل تنزيها‏)‏ رجحه المحقق ابن الهمام وأطال؛ ووافقه تلميذه العلامة ابن أمير حاج، وخالفه تلميذه الثاني الحافظ الزيني قاسم في فتواه برسالة خاصة، فرجح القول الأول لإطلاق المنع في قول محمد في موطئه‏:‏ لا يصلى على جنازة في مسجد‏.‏ وقال الإمام الطحاوي‏:‏ النهي عنها وكراهيتها قول أبي حنيفة ومحمد، وهو قول أبي يوسف أيضا وأطال، وحقق أن الجواز كان ثم نسخ وتبعه في البحر، وانتصر له أيضا سيدي عبد الغني في رسالة سماها نزهة الواجد في حكم الصلاة على الجنائز في المساجد ‏(‏قوله‏:‏ في مسجد جماعة‏)‏ أي المسجد الجامع، ومسجد المحلة قهستاني‏.‏ وتكره أيضا في الشارع وأرض الناس كما في الفتاوى الهندية عن المضمرات، وكما تكره الصلاة عليها في المسجد يكره إدخالها فيه كما نقله الشيخ قاسم ‏(‏قوله‏:‏ أو مع القوم‏)‏ أي كلا أو بعضا بناء على أن أل في القوم جنسية‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي في جميع الصور المتقدمة كما في الفتح عن الخلاصة‏.‏ وفي مختارات النوازل سواء كان الميت فيه أو خارجه هو ظاهر الرواية‏.‏ وفي رواية لا يكره إذا كان الميت خارج المسجد ‏(‏قوله بناء على أن المسجد إلخ‏)‏ أما إذا عللنا بخوف تلويث المسجد فلا يكره إذا كان الميت خارج المسجد وحده أو مع بعض القوم ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قال في شرح المنية‏:‏ وإليه مال في المبسوط والمحيط، وعليه العمل، وهو المختار‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ بل ذكر في غاية البيان والعناية أنه لا كراهة فيها بالاتفاق، لكن رده في البحر‏.‏ وأجاب في النهر بحمل الاتفاق على عدم الكراهة في حق من كان خارج المسجد وما مر في حق من كان داخله‏.‏ ثم اعلم أن التعليل الأول فيه خفاء، إذ لا شك أن الصلاة على الميت دعاء وذكر وهما مما بني له المسجد وإلا لزم المنع عن الدعاء فيه لنحو الاستسقاء والكسوف مع أن الوارد في ذلك ما رواه مسلم‏:‏ «أن رجلا نشد في المسجد ضالة فقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت له» فليتأمل ‏(‏قوله وهو الموافق إلخ‏)‏ كذا في الفتح، لكن فيه نظر لأن قوله في المسجد يحتمل أن يكون ظرفا لصلى أو لميت أو لهما، فعلى الأول لا يكره كون الميت فيه والصلاة خارجه، وعلى الثاني لا يكره العكس، وعلى الثالث لا يكره إذا فقد أحدهما، وعلى كل فهو مخالف للمختار من إطلاق الكراهة‏.‏ وأجاب في البحر بأنه لما لم يقم دليل على واحد من الاحتمالات بعينه قالوا بالكراهة بوجود أحدها أيا كان‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ يلزم عليه إثبات الكراهة بلا دليل لأنه إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال، ولكن لا يخفى أن المتبادر لغة وعرفا من نحو قولك ضربت زيدا في الدار تعلق الظرف بالفعل، وأما أنه هل يقتضي كون كل من الفاعل والمفعول به أو أحدهما بعينه في المكان فغير لازم‏.‏

مطلب مهم

إذا قال‏:‏ إن شتمت فلانا في المسجد يتوقف على كون الشاتم فيه، وفي إن قتلته بالعكس نعم ذكر ضابطا لذلك في تلخيص الجامع الكبير وشرحه في باب الحنث في الشتم، وهو أن الفعل قد لا يكون له أثر في المفعول كالعلم والذكر، وقد يكون كالضرب والقتل، فإذا قال‏:‏ إن شتمت زيدا في المسجد مثلا فإنما يتحقق بكون الشاتم في ذلك المكان سواء كان المشتوم فيه أيضا أو لا لأن الشتم هو ذكر المشتوم بسوء والذاكر يقوم بالذاكر ولا أثر له في المذكور لأنه يتحقق شتما في حق الميت والغائب فيعتبر مكان الفاعل‏.‏ وأما القتل والضرب ونحوهما في مكان فيتحقق بكون المفعول به فيه سواء كان الفاعل فيه أيضا أم لا لأن هذه الأفعال لها آثار تقوم بالمحل، فيشترط وجود المفعول به وهو المحل في ذلك المكان دون الفاعل لأن من ذبح شاة هي في المسجد وهو خارجه يسمى ذابحا في المسجد بخلاف عكسه؛ ألا ترى أن الرامي إلى صيد في الحرم يكون قاتلا للصيد في الحرم وإن كان حال الرمي في الحل ا هـ‏.‏ ملخصا، وتمام تحقيقه هناك فراجعه‏.‏ إذا علمت ذلك فلا يخفى أن الصلاة على الميت فعل لا أثر له في المفعول، وإنما يقوم بالمصلي، فقوله من صلى على ميت في مسجد يقتضي كون المصلي في المسجد سواء كان الميت فيه أو لا، فيكره ذلك أخذا من منطوق الحديث، ويؤيده ما ذكره العلامة قاسم في رسالته من أنه روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نعى النجاشي إلى أصحابه خرج فصلى عليه في المصلى» قال‏:‏ ولو جازت في المسجد لم يكن للخروج معنى ا هـ‏.‏ مع أن الميت كان خارج المسجد‏.‏ وبقي ما إذا كان المصلي خارجه والميت فيه، وليس في الحديث دلالة على عدم كراهته لأن المفهوم عندنا غير معتبر في غير ذلك، بل قد يستدل على الكراهة بدلالة النص، لأنه إذا كرهت الصلاة عليه في المسجد وإن لم يكن هو فيه مع أن الصلاة ذكر ودعاء يكره إدخاله فيه بالأولى لأنه عبث محض ولا سيما على كون علة كراهة الصلاة خشيت تلويث المسجد‏.‏ وبهذا التقرير ظهر أن الحديث مؤيد للقول المختار من إطلاق الكراهة الذي هو ظاهر الرواية كما قدمناه، فاغتنم هذا التحرير الفريد فإنه مما فتح به المولى على أضعف خلقه، والحمد لله على ذلك ‏(‏قوله‏:‏ «فلا صلاة له»‏)‏ هذه رواية ابن أبي شيبة ورواية أحمد وأبي داود‏:‏ «فلا شيء له» وابن ماجه‏:‏ «فليس له شيء» وروى‏:‏ «فلا أجر له» وقال ابن عبد البر‏:‏ هي خطأ فاحش، والصحيح‏:‏ «فلا شيء له» وتمامه في حاشية نوح أفندي والمدني، وليس الحديث نهيا غير مصروف ولا مقرونا بوعيد لأن سلب الأجر لا يستلزم ثبوت استحقاق العقاب لجواز الإباحة‏.‏ وقد يقال‏:‏ إن الصلاة نفسها سبب موضوع للثواب فسلبه مع فعلها لا يكون إلا باعتبار ما يقترن بها من إثم يقاوم ذلك وفيه نظر، كذا في الفتح، وكذا يقال في رواية ‏"‏ فلا صلاة له ‏"‏ لأنه علم قطعا أنها صحيحة فهي مثل‏:‏ «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» بل تأويل هذه الرواية أقرب‏:‏ أي لا صلاة كاملة، فلا تنافي ثبوت أصل الثواب‏.‏ وبه اندفع ما في البحر من أن هذه الرواية تؤيد القول بكراهة التحريم‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

إنما تكره في المسجد بلا عذر، فإن كان فلا، ومن الأعذار المطر كما في الخانية والاعتكاف كما في المبسوط، كذا في الحلية وغيرها‏.‏ والظاهر أن المراد اعتكاف الولي ونحوه ممن له حق التقدم، ولغيره الصلاة معه تبعا له وإلا لزم أن لا يصليها غيره وهو بعيد لأن إثم الإدخال والصلاة ارتفع بالعذر تأمل، وانظر هل يقال‏:‏ إن من العذر ما جرت به العادة في بلادنا من الصلاة عليها في المسجد لتعذر غيره أو تعسره بسبب اندراس المواضع التي كان يصلي عليها فيها، فمن حضرها في المسجد إن لم يصل عليها مع الناس لا يمكنه الصلاة عليها في غيره، ولزم أن لا يصلي في عمره على جنازة، نعم قد توضع في بعض المواضع خارج المسجد في الشارع فيصلى عليها، ويلزم منه فسادها من كثير من المصلين لعموم النجاسة وعدم خلعهم نعالهم المتنجسة مع أنا قدمنا كراهتها في الشارع‏.‏ وإذا ضاق الأمر اتسع، فينبغي الإفتاء بالقول بكراهة التنزيه الذي هو خلاف الأولى كما اختاره المحقق ابن الهمام، وإذا كان ما ذكرناه عذرا فلا كراهة أصلا، والله - تعالى - أعلم

‏(‏قوله يغسل ويصلى عليه‏)‏ أي ويكفن، ولم يصرح به لعلمه مما ذكره لأن ستر العورة شرط لصحة الصلاة تأمل ‏(‏قوله‏:‏ إن استهل‏)‏ لا يخفى ما فيه من التسامح به لأن ترتيبه الموت على الولادة أي في قوله قبله‏:‏ فمات مفيد للحياة قبله فلا يحسن التفصيل بعده، فكان ينبغي أن يقول كالكنز‏:‏ ومن استهل صلي عليه وإلا لا شرنبلالية ‏(‏قوله بالبناء للفاعل‏)‏ لأن أصل الإهلال والاستهلال‏:‏ رفع الصوت عند رؤية الهلال، ثم أطلق على رؤية الهلال، وعلى رفع الصوت مطلقا، ومنه أهل المحرم بالحج‏:‏ أي رفع صوته بالتلبية، واستهل الصبي‏:‏ إذا رفع صوته بالبكاء عند ولادته‏.‏ وأما المبني للمجهول فيقال استهل الهلال‏:‏ أي أبصر، كذا يفاد من المغرب ‏(‏قوله أي وجد منه ما يدل على حياته‏)‏ أي من بكاء أو تحريك عضو أو طرف ونحو ذلك بدائع، وهذا معناه في الشرع كما في البحر‏.‏ وقال في الشرنبلالية‏:‏ يعني الحياة المستقرة، ولا عبرة لانقباض وبسط اليد وقبضها لأن هذه الأشياء حركة المذبوح ولا عبرة بها، حتى لو ذبح رجل فمات أبوه، وهو يتحرك لم يرثه المذبوح لأن له في هذه الحالة حكم الميت كما في الجوهرة‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وما نقلناه عن البدائع مشى عليه في الفتح والبحر والزيلعي، ويمكن حمله على ما في الشرنبلالية تأمل‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في البدائع ما نصه‏:‏ ولو شهدت القابلة أو الأم على الاستهلال تقبل في حق الغسل والصلاة عليه لأن خبر الواحد في الديانات مقبول إذا كان عدلا، وأما في حق الميراث فلا يقبل قول الأم لكونها متهمة بجرها المغنم إلى نفسها وكذا شهادة القابلة عند أبي حنيفة‏.‏ وقالا‏:‏ تقبل إذا كانت عدلة‏.‏ ا هـ‏.‏ وظاهره اشتراط نصاب الشهادة عنده في الميراث، وبه صرح في البحر عن المجتبى بلفظ وعن أبي حنيفة ‏(‏قوله بعد خروج أكثره‏)‏ متعلق بوجد، فلو خرج رأسه وهو يصيح ثم مات لم يرث، ولم يصل عليه ما لم يخرج أكثر بدنه حيا بحر عن المبتغى‏.‏ وجد الأكثر من قبل الرجل سرته، ومن قبل الرأس صدره نهر عن منية المفتي ‏(‏قوله حتى لو خرج إلخ‏)‏ أي فلو اعتبر حياته عند خروج الأقل من النصف لكان الواجب الدية؛ فإيجاب الغرة في هذه الحالة مبني على أن هذا الخروج كعدمه، فإن الغرة إنما تجب فيمن ضرب بطن الحامل حتى أسقطته ميتا فذبحه قبل خروج أكثره في حكم ضربه، وهو في بطن أمه، بخلاف ذبحه بعد خروج أكثره فإنه موجب للقود، وبما قررناه ظهر صحة التفريع، وبطل التشنيع فافهم ‏(‏قوله فعليه الغرة‏)‏ هي نصف عشر دية الرجل لو الجنين ذكرا، وعشر دية المرأة لو أنثى، وكل منهما خمسمائة درهم، وهي خمسون دينارا كما سيأتي في محله‏.‏ هذا، وما ذكره الشارح نقله في البحر عن المبتغى بالمعجمة، لكن ذكرنا في كتاب الجنايات في أوائل فصل ما يوجب القود عن المجتبى والتتارخانية أن عليه الدية، لكن ما قررناه آنفا يؤيد ما هنا، أو يراد بالدية الغرة فتأمل‏.‏ قوله‏:‏ فعليه الدية‏)‏ ظاهر قوله فمات أن الموت بسبب القطع، وعليه فالمراد دية النفس إن كان القطع خطأ، وإلا وجب القود، لكن عبارة البحر عن المبتغى ثم مات وعليه، فإن كان موته لا بسبب القطع فالواجب دية الأذن، وإن كان به فالواجب دية النفس أو القود كما قلنا، لكن قال الرحمتي‏:‏ إنما وجبت الدية لا القصاص للشبهة حيث جرحه قبل تحقق كونه ولدا ا هـ‏.‏ فليتأمل‏.‏ وفي الأحكام للشيخ إسماعيل عن ‏[‏التهذيب لذهن اللبيب‏]‏ مسألة‏:‏ رجل قطع أذن إنسان وجب عليه خمسمائة دينار، ولو قطع رأسه وجب عليه خمسون دينارا‏.‏ جوابها قطع أذن صبي خرج رأسه عند الولادة، فإن تمت ولادته وعاش وجب نصف الدية، وهي خمسمائة دينار، ولو قطع رأسه ومات قبل خروج الباقي وجبت فيه الغرة وهي خمسون دينارا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإلا يستهل غسل وسمي‏)‏ شمل ما تم خلقه، ولا خلاف في غسله وما لم يتم، وفيه خلاف‏.‏ والمختار أنه يغسل ويلف في خرقة، ولا يصلى عليه كما في المعراج والفتح والخانية والبزازية والظهيرية شرنبلالية‏.‏ وذكر في شرح المجمع لمصنفه أن الخلاف في الأول، وأن الثاني لا يغسل إجماعا‏.‏ ا هـ‏.‏ واغتر في البحر بنقل الإجماع على أنه لا يغسل فحكم على ما في الفتح والخلاصة من أن المختار تغسيله بأنه سبق نظرهما إلى الذي تم خلقه أو سهو من الكاتب‏.‏ واعترضه في النهر بأن ما في الفتح والخلاصة عزاه في المعراج إلى المبسوط والمحيط ا هـ‏.‏ وعلمت نقله أيضا عن الكتب المذكورة‏.‏ وذكر في الأحكام أنه جزم به في عمدة المفتي والفيض والمجموع والمبتغى ا هـ‏.‏ فحيث كان هو المذكور في عامة الكتب فالمناسب الحكم بالسهو على ما في شرح المجمع لكن قال في الشرنبلالية‏:‏ يمكن التوفيق بأن من نفى غسله أراد غسل المراعى فيه وجه السنة، ومن أثبته أراد الغسل في الجملة كصب الماء عليه من غير وضوء وترتيب لفعله كغسله ابتداء بسدر وحرض‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده قولهم ويلف في خرقة حيث لم يراعوا في تكفينه السنة فكذا غسله ‏(‏قوله عند الثاني‏)‏ المناسب ذكره بعد قوله الآتي وإذا استبان بعض خلقه غسل لأنك علمت أن الخلاف فيه خلافا لما في شرح المجمع والبحر ‏(‏قوله إكراما لبني آدم‏)‏ علة للمتن كما يعلم من البحر، ويصح جعله علة لقوله فيفتى به ‏(‏قوله وحشر‏)‏ المناسب تأخيره عن قوله هو المختار لأن الذي في الظهيرية والمختار أنه يغسل‏.‏ وهل يحشر‏؟‏ عن أبي جعفر الكبير أنه إن نفخ فيه الروح حشر، وإلا لا‏.‏ والذي يقتضيه مذهب أصحابنا أنه إن استبان بعض خلقه فإنه يحشر، وهو قول الشعبي وابن سيرين‏.‏ ا هـ‏.‏ ووجهه أن تسميته تقتضي حشره؛ إذ لا فائدة لها إلا في ندائه في المحشر باسمه‏.‏ وذكر العلقمي في حديث‏:‏ «سموا أسقاطكم فإنهم فرطكم» الحديث فقال‏:‏ فائدة سأل بعضهم هل يكون السقط شافعا، ومتى يكون شافعا، هل هو من مصيره علقة أم من ظهور الحمل، أم بعد مضي أربعة أشهر، أم من نفخ الروح‏؟‏ والجواب أن العبرة إنما هو بظهور خلقه وعدم ظهوره كما حرره شيخنا زكريا ‏(‏قوله‏:‏ ولم يصل عليه‏)‏ أي سواء كان تام الخلق أم لا ط ‏(‏قوله إن انفصل بنفسه‏)‏ أما إذا أفصل كما إذا ضرب بطنها فألقت جنينا ميتا فإنه يرث ويورث لأن الشارع لما أوجب الغرة على الضارب فقد حكم بحياته نهر‏:‏ أي يرث إذا مات أبوه مثلا قبل انفصاله ‏(‏قوله كصبي سبي مع أحد أبويه‏)‏ وبالأولى إذا سبي معهما، والمجنون البالغ كالصبي كما في الشرنبلالية‏.‏ ولا فرق بين كون الصبي مميزا أو لا، ولا بين موته في دار الإسلام أو الحرب، ولا بين كون السابي مسلما أو ذميا؛ لأنه مع وجود الأبوين لا عبرة للدار ولا للسابي، بل هو تابع لأحد أبويه إلى البلوغ ما لم يحدث إسلاما وهو مميز كما صرح به في البحر‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ وقال المحقق ابن أمير حاج في شرحه على التحرير في فصل الحاكم بعد ذكره التبعية ما نصه‏:‏ الذي في شرح الجامع الصغير لفخر الإسلام‏:‏ ويستوي فيما قلنا أن يعقل أو لا يعقل إلى هذا أشار في هذا الكتاب ونص عليه في الجامع الكبير، فلا جرم أن قال في شرحه أو أسلم أحد أبويه يجعل مسلما تبعا سواء كان الصغير عاقلا أو لم يكن لأن الولد يتبع خير الأبوين دينا ا هـ‏.‏ وذكر الخير الرملي أنه لو سبي مع الجد أبي الأب لا يكون كذلك بل يصلى عليه ‏(‏قوله لا يصلى عليه‏)‏ تصريح بالمقصود من التشبيه ‏(‏قوله‏:‏ لا العقبى‏)‏ وإلا كانوا في النار مثلهم، وهو أحد ما قيل فيهم‏.‏ ونقله في شرح المقاصد عن الأكثرين ط وقدمنا تمامه فيما مر أول هذا الباب ‏(‏قوله‏:‏ ولو سبي بدونه‏)‏ أي بدون أحد أبويه، بأن لم يكن معه واحد منهما ح‏.‏ قلت‏:‏ المراد بالمعية ما يشمل الحكمية، لما في سير أحكام الصغار‏:‏ ولو دخل حربي دار الإسلام ذميا ثم سبي ابنه لا يصير الابن مسلما بالدار‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه‏:‏ وإذا سبى المسلمون صبيان أهل الحرب، وهم بعد في دار الحرب فدخل آباؤهم دار الإسلام وأسلموا فأبناؤهم صاروا مسلمين بإسلام آبائهم، وإن لم يخرجوا إلى دار الإسلام ا هـ‏.‏ وهذا يفيد تقييد المسألة بما إذا لم يسلم أبوه ‏(‏قوله‏:‏ تبعا للدار‏)‏ أي إن كان السابي ذميا، أو للسابي إن كان مسلما، كذا في شرح المنية‏.‏ واقتصر في البحر على تبعية الدار، قال‏:‏ لأن فائدة تبعية السابي إنما تظهر في دار الحرب، بأن وقع صبي في سهم رجل ومات الصبي يصلى عليه تبعا للسابي، والكلام في السبي، وهو لغة الأسرى المحمولون من بلد إلى بلد، فلا بد من الحمل حتى يسمى سبيا ولم يوجد‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ لكن الذي في الصحاح والقاموس أنه يقال‏:‏ سبيت العدو سبيا إذا أسرته فهو سبي وهي سبي، ويقال سبيت الخمر سبيا إذا حملتها من بلد إلى بلد فهي سبية ا هـ‏.‏ فجعلا الحمل قيدا في الخمرة دون الأسير تأمل، نعم ذكر الإمام السرخسي في أواخر شرح السير الكبير ما يدل على كون ذلك شرطا خارجا عن مفهومه، فإنه قال لو سبي وحده لا يحكم بإسلامه ما لم يخرج إلى دار الإسلام فيصير مسلما تبعا للدار أو يقسم الإمام الغنائم، أو يبيعها في دار الحرب فيصير مسلما تبعا للمالك لأن تأثير التبعية للمالك فوق تأثير التبعية للدار، فإن كان المالك ذميا بأن ملكه بشراء أو رضخ فكذلك يحكم بإسلامه، وحتى لو مات يصلى عليه ويجبر الذمي على بيعه لأنه صار محرزا بقوة المسلمين فقد ملكه بإحرازهم إياه فصار تمام الإحراز بالقسمة والبيع كتمامه بلا خراج إلى دارنا؛ ولو دخل الذمي دار الحرب متلصصا وأخرج صغيرا إلى دارنا فهو مسلم يجبر الذمي على بيعه لأنه إنما ملكه بالإحراز بدارنا فصار كالمنفل بأن قال الأمير من أصاب رأسا فهو له فأصاب الذمي صغيرا ليس معه أحد أبويه فهو مسلم لأنه إنما ملكه بمنعة المسلمين؛ بخلاف ما إذا دخل الذمي دارهم بأمان فاشترى صغيرا من مماليكهم لأنه يملكه بالعقد لا بمنعتنا، فإذا أخرجه إلينا لم يكن مسلما، أما لو كان الشاري منهم مسلما فإنه إذا أخرجه إلى دارنا وحده حكم بإسلامه، وتبعية المالك إنما تظهر في هذا، فإذا كان المالك مسلما فالمملوك مثله تبعا له أو ذميا فهو مثله ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وحاصله أنه إنما يحكم بإسلامه بالإخراج إلى دار السلام تبعا للدار أو بالملك بقسمة أو بيع من الإمام تبعا للمالك لو مسلما أو للغانمين لو ذميا، والله أعلم‏.‏ قلت‏:‏ ويؤخذ من قوله‏:‏ إن تمام الإحراز بالقسمة والبيع كتمامه بلا خراج أن الذمي إذا ملكه يحكم بإسلامه قبل الإخراج، فإذا مات في دار الحرب يصلى عليه فافهم ‏(‏قوله‏:‏ أو به‏)‏ أي سبي بأحد أبويه أي معه ح ‏(‏قوله‏:‏ فأسلم هو‏)‏ أي أحد أبويه ح أي فإن الصبي يصير مسلما لأن الولد يتبع خير الأبوين دينا‏.‏ ولا فرق بين كون الولد مميزا أو لا كما مر‏.‏ ونقل الخير الرملي في باب نكاح الكافر قولين، وأن الشلبي أفتى باشتراط عدم التمييز، لكن صرح السرخسي في شرح السير بأن هذا القول خطأ وسيأتي تمام الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى‏.‏ أقول‏:‏ وبقي ما لو سبي معه أبويه أو أحدهما فماتا ثم أخرج إلى دارنا وحده فهو مسلم لأنه بموتهما في دار الحرب خرج عن كونه تبعا لهما، بخلاف ما لو ماتا بعد الإخراج أو القسمة أو البيع، كذا في شرح السير الكبير ‏(‏قوله‏:‏ وهو عاقل‏)‏ قيد لقوله أو أسلم الصبي لأن كلام غير العاقل غير معتبر لعدم صدوره عن قصد ‏(‏قوله أي ابن سبع سنين‏)‏ تفسير للعاقل الذي يصح إسلامه بنفسه، وعزاه في النهر إلى فتاوى قارئ الهداية، وفسره في العناية بأن يعقل المنافع والمضار‏.‏ وأن الإسلام هدى واتباعه خير له، وفسره في الفتح بأن يعقل صفة الإسلام، وهو ما في الحديث‏:‏ «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره» قال‏:‏ وهذا دليل على أن مجرد قول ‏"‏ لا إله إلا الله ‏"‏ لا يوجب الحكم بالإسلام ما لم يؤمن بما ذكرنا، وتمامه في البحر والنهر‏.‏ أقول‏:‏ والظاهر أن مراده أن يؤمن بذلك إذا فصل له وطلب منه الإيمان به بقرينة ما يأتي، فلو أنكره أو امتنع من الإقرار به بعد الطلب لا يكفيه قول لا إله إلا الله للعلم بأنه صلى الله عليه وسلم كان يكتفي من المشركين بقول ‏"‏ لا إله إلا الله ‏"‏ وبالإقرار برسالته من غير إلزام بتفصيل المؤمن به، نعم قد يشترط الإقرار بالشهادتين معا أو بواحدة منهما، وقد يشترط التبرؤ عن بقية الأديان المخالفة أيضا على ما سيجيء - إن شاء الله تعالى - تفصيله في باب الردة عند ذكر الشارح هناك أن الكفار خمسة أصناف ‏(‏قوله‏:‏ ولا يضر توقفه إلخ‏)‏ فإن العوام قد يقولون‏:‏ لا نعرفه، وهم من التوحيد والإقرار والخوف من النار وطلب الجنة بمكان، وكأنهم يظنون أن جواب هذه الأشياء إنما يكون بكلام خاص منظوم فيحجمون عن الجواب بحر عن الفتح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويغسل المسلم‏)‏ أي جوازا لأن من شروط وجوب الغسل كون الميت مسلما‏.‏ قال في البدائع‏:‏ حتى لا يجب غسل الكافر لأن الغسل وجب كرامة وتعظيما للميت، والكافر ليس من أهل ذلك ‏(‏قوله قريبه‏)‏ مفعول تنازع فيه الأفعال الثلاثة قبله ‏(‏قوله كخاله‏)‏ أشار إلى أن المراد بالقريب ما يشمل ذوي الأرحام كما في البحر ‏(‏قوله الكافر الأصلي‏)‏ قيده القهستاني عن الجلابي في باب الشهيد بغير الحربي ط ‏(‏قوله فيلقى في حفرة‏)‏ أي ولا يغسل، ولا يكفن؛ ولا يدفع إلى من انتقل إلى دينهم بحر عن الفتح ‏(‏قوله فلو له قريب‏)‏ أي من أهل ملته ‏(‏قوله‏:‏ من غير مراعاة السنة‏)‏ قيد للأفعال الثلاثة كما أفاده بالتفريع بعده ‏(‏قوله‏:‏ وليس للكافر إلخ‏)‏ أي إذا لم يكن للمسلم قريب مسلم فيتولى تجهيزه المسلمون‏.‏ ويكره أن يدخل الكافر في قبر قريبه المسلم ليدفنه بحر، وقدمنا أنه لو مات مسلم بين نساء معهن كافر يعلمنه الغسل ثم يصلين عليه، فتغسيل الكافر المسلم فيه للضرورة فلا يدل على أنه يمكن من تجهيز قريبه المسلم عند عدمها خلافا للزيلعي، أفاده في البحر‏.‏

مطلب في حمل الميت

‏(‏قوله وإذا حمل الجنازة‏)‏ شروع في بيان كيفية حملها، وكان ينبغي تقديمه على الصلاة كما فعل في البدائع لتقدمه عليها غالبا ‏(‏قوله ندبا‏)‏ لأن فيه إيثارا لليمين والمقدم على اليسار والمؤخر ‏(‏قوله‏:‏ بكسر الدال وتفتح‏)‏ أشار إلى أن الكسر أفصح كما في البحر عن الغاية، لكن الكسر مع التخفيف والفتح مع التشديد كما في القاموس، حيث قال مقدم الرجل كمحسن ومعظم ‏(‏قوله لحديث من حمل إلخ‏)‏ الأولى تأخيره عن قوله ثم مقدمها ثم مؤخرها ط والحديث المذكور ذكره الزيلعي ونقله في البحر عن البدائع‏.‏ وفي شرح المنية‏:‏ ويستحب أن يحملها من كل جانب أربعين خطوة للحديث المذكور رواه أبو بكر النجار ‏(‏قوله كفرت عنه أربعين كبيرة‏)‏ ببناء كفرت للفاعل، وضميره للجنازة على تقدير مضاف‏:‏ أي حملها، والكبيرة قد تطلق على الصغيرة لأن كل ذنب صغير بالنظر لما فوقه، كبير بالنسبة لما تحته، أو المراد بالكبيرة حقيقتها، وقولهم‏:‏ إن الكبائر لا تكفر إلا بالتوبة أو بمحض الفضل أو بالحج المبرور محمول على ما لم يرد النص فيه ط وسيأتي تمام ذلك في كتاب الحج إن شاء الله - تعالى ‏(‏قوله كذلك‏)‏ أي عشر خطوات، وهي معنى كذلك الثانية، ويمين الحامل يمين الميت، ويسار الجنازة، ويساره يساره ويمين الجنازة قهستاني ط ‏(‏قوله ويكره عندنا إلخ‏)‏ لأن السنة التربيع بحر، وما نقل عن بعض السلف من الحمل بين العمودين إن ثبت فلعارض كضيق المكان أو كثرة الناس أو قلة الحاملين كما بسطه في فتح القدير ‏(‏قوله قائمة‏)‏ أي من قوائم السرير الأربع ‏(‏قوله باليد‏)‏ أي ثم يضع على العنق، وقوله‏:‏ لا على العنق‏:‏ أي ابتداء كما أفاده شيخنا‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ وفي الحلية أو يرفعونه أخذا باليد لا وضعا على العنق كما تحمل الأثقال، ذكره الفقيه أبو الليث في شرح الجامع الصغير ا هـ‏.‏ والمراد بالعنق الكتف كما قال ط ‏(‏قال ولذا إلخ‏)‏ علة لما استفيد من أن حمله كالأمتعة مكروه ط

‏(‏قوله‏:‏ يحمله واحد على يديه‏)‏ أي ويتداوله الناس بالحمل على أيديهم بحر ‏(‏قوله ويسرع بها‏)‏ معطوف على قوله وضع مقدمها ‏(‏قوله بلا خبب‏)‏ بمعجمة مفتوحة وموحدتين‏.‏ وحد التعجيل المسنون أن يسرع به بحيث لا يضطرب الميت على الجنازة للحديث‏:‏ «أسرعوا بالجنازة، فإن كانت صالحة قدمتموها إلى الخير، وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم» والأفضل أن يعجل بتجهيزه كله من حين يموت بحر ‏(‏قوله ولو به كره‏)‏ لأنه ازدراء بالميت وإضرار بالمتبعين بحر

‏(‏قوله إلا إذا خيف إلخ‏)‏ فيؤخر الدفن وتقدم صلاة العيد على صلاة الجنازة، والجنازة على الخطبة والقياس تقديمها على العيد، لكنه قدم مخافة التشويش، وكي لا يظنها من في أخريات الصفوف أنها صلاة العيد بحر عن القنية‏.‏ ومفاده تقديم الجمعة على الجنازة للعلة المذكورة ولأنها فرض عين، بل الفتوى على تقديم سنتها عليها، ومر تمامه في أول باب صلاة العيد ‏(‏قوله‏:‏ جلوس قبل وضعها‏)‏ للنهي عن ذلك كما في السراج نهر، ومقتضاه أن الكراهة تحريمية رملي ‏(‏قوله وقيام بعده‏)‏ أي يكره القيام بعد وضعها عن الأعناق كما في الخانية والعناية‏.‏ وفي المحيط خلافه حيث قال‏:‏ والأفضل أن لا يجلسوا حتى يسووا عليه التراب‏.‏ قال في البحر‏:‏ والأول أولى، لما في البدائع‏:‏ لا بأس بالجلوس بعد الوضع، لما روي عن عبادة بن الصامت‏:‏ «أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يجلس حتى يوضع الميت في اللحد، فكان قائما مع أصحابه على رأس قبر فقال يهودي‏:‏ هكذا نصنع بموتانا، فجلس صلى الله عليه وسلم وقال لأصحابه‏:‏ خالفوهم» أي في القيام، فلذا كره، ومقتضاه أنها كراهة تحريم، وهو مقيد بعدم الحاجة والضرورة رملي ‏(‏قوله وما ورد فيه‏)‏ أي من قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع»‏.‏ ا هـ‏.‏ ح قال النووي في شرح مسلم هو بضم التاء وكسر اللام المشددة‏:‏ أي تصيرون وراءها غائبين عنها‏.‏ ا هـ‏.‏ مدني ‏(‏قوله منسوخ‏)‏ أي بما رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد والطحاوي من طرق عن علي‏:‏ «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قعد» ولمسلم بمعناه، وقال ‏"‏ قد كان ثم نسخ ‏"‏ شرح المنية

‏(‏قوله لأنها متبوعة‏)‏ يشير إلى ما في صحيح البخاري عن البراء بن عازب «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع الجنازة» قال علي‏:‏ الإتباع لا يقع إلا على التالي، ولا يسمى المقدم تابعا بل هو متبوع، والأمر للندب لا للوجوب للإجماع‏.‏ وعن علي‏:‏ قدمها بين يديك واجعلها نصب عينيك، فإنما هي موعظة وتذكرة وعبرة، وتمامه في شرح المنية ‏(‏قوله إلا أن يكون خلفها نساء‏)‏ الظاهر تقييده بما إذا خشي الاختلاط معهن أو كان فيهن نائحة بقرينة ما بعده تأمل ‏(‏قوله ويكره خروجهن تحريما‏)‏ لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «ارجعن مأزورات غير مأجورات» رواه ابن ماجه بسند ضعيف، لكن يعضده المعنى الحادث باختلاف الزمان الذي أشارت إليه عائشة بقولها‏:‏ لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء بعده لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل، وهذا في نساء زمانها، فما ظنك بنساء زماننا‏.‏ وأما ما في الصحيحين‏:‏ «عن أم عطية نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا» أي أنه نهي تنزيه، فينبغي أن يختص بذلك الزمن حيث كان يباح لهن الخروج للمساجد والأعياد، وتمامه في شرح المنية ‏(‏قوله وتزجر النائحة‏)‏ وكذا الصائحة شرنبلالية ‏(‏قوله‏:‏ ولا يترك اتباعها لأجلها‏)‏ أي لأجل النائحة لأن السنة لا تترك بما اقترن بها من البدعة‏.‏ ولا يرد الوليمة - حيث يترك حضورها لبدعة فيها - للفارق، بأنهم لو تركوا المشي مع الجنازة لزم عدم انتظامها، ولا كذلك الوليمة لوجود من يأكل الطعام ط عن أبي السعود‏:‏ والظاهر أن المراد باتباعها المشي معها مطلقا لا خصوص المشي خلفها، بل يترك المشي خلفها إذا كانت نائحة، لما مر عن الاختيار، ويحصل التوفيق ‏(‏قوله‏:‏ ولا يمشي عن يمينها ويسارها‏)‏ كذا في الفتح والبحر‏.‏ وفي القهستاني‏:‏ لا بأس به، فأفاد أنه خلاف الأولى لأن فيه ترك المندوب وهو اتباعها ‏(‏قوله جاز‏)‏ أي بلا كراهة حلية ‏(‏قوله وفيه فضيلة أيضا‏)‏ أخذا من قولهم إن المشي خلفها أفضل عندنا ‏(‏قوله‏:‏ إن تباعد عنها‏)‏ أي بحيث يعد ماشيا وحده ‏(‏قوله‏:‏ أو تقدم الكل‏)‏ أي وتركوها خلفهم ليس معها أحد ‏(‏قوله أو ركب أمامها‏)‏ لأنه يضر بمن خلفه بإثارة الغبار، أما الركوب خلفها فلا بأس به، والمشي أفضل كما في البحر

‏(‏قوله كره‏)‏ الظاهر أنها تنزيهية رملي‏.‏ أقول‏:‏ لكن إن تحقق الضرر بالركوب أمامها فهي تحريمية تأمل ‏(‏قوله‏:‏ كما كره إلخ‏)‏ قيل تحريما، وقيل تنزيها كما في البحر عن الغاية‏.‏ وفيه عنها‏:‏ وينبغي لمن تبع الجنازة أن يطيل الصمت‏.‏ وفيه عن الظهيرية‏:‏ فإن أراد أن يذكر الله - تعالى - يذكره في نفسه ‏{‏إنه لا يحب المعتدين‏}‏ أي الجاهرين بالدعاء‏.‏ وعن إبراهيم أنه كان يكره أن يقول الرجل وهو يمشي معها استغفروا له غفر الله لكم‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وإذا كان هذا في الدعاء والذكر فما ظنك بالغناء الحادث في هذا الزمان‏.‏

مطلب في دفن الميت

‏(‏قوله وحفر قبره إلخ‏)‏ شروع في مسائل الدفن‏.‏ وهو فرض كفاية إن أمكن إجماعا حلية‏.‏ واحترز بالإمكان عما إذا لم يمكن كما لو مات في سفينة كما يأتي‏.‏ ومفاده أنه لا يجزئ دفنه على وجه الأرض ببناء عليه كما ذكره الشافعية، ولم أره لأئمتنا صريحا، وأشار بإفراد الضمير إلى ما تقدم من أنه لا يدفن اثنان في قبر إلا لضرورة، وهذا في الابتداء، وكذا بعده‏.‏ قال في الفتح، ولا يحفر قبر لدفن آخر إلا إن بلي الأول فلم يبق له عظم إلا أن لا يوجد فتضم عظام الأول ويجعل بينهما حاجز من تراب‏.‏ ويكره الدفن في الفساقي ا هـ‏.‏ وهي كبيت معقود بالبناء يسع جماعة قياما لمخالفتها السنة إمداد‏.‏ والكراهة فيها من وجوه‏:‏ عدم اللحد، ودفن الجماعة في قبر واحد بلا ضرورة، واختلاط الرجال بالنساء بلا حاجز، وتجصيصها، والبناء عليها بحر‏.‏ قال في الحلية‏:‏ وخصوصا إن كان فيها ميت لم يبل؛ وما يفعله جهلة الحفارين من نبش القبور التي لم تبل أربابها، وإدخال أجانب عليهم فهو من المنكر الظاهر، وليس من الضرورة المبيحة لجمع ميتين فأكثر ابتداء في قبر واحد قصد دفن الرجل مع قريبه أو ضيق المحل في تلك المقبرة مع وجود غيرها، وإن كانت مما يتبرك بالدفن فيها فضلا عن كون ذلك ونحوه مبيحا للنبش، وإدخال البعض على البعض قبل البلى مع ما فيه من هتك حرمة الميت الأول، وتفريق أجزائه، فالحذر من ذلك ا هـ‏.‏‏:‏ وقال الزيلعي‏:‏ ولو بلي الميت وصار ترابا جاز دفن غيره في قبره وزرعه والبناء عليه ا هـ‏.‏ قال في الإمداد‏:‏ ويخالفه ما في التتارخانية إذا صار الميت ترابا في القبر يكره دفن غيره في قبره لأن الحرمة باقية، وإن جمعوا عظامه في ناحية ثم دفن غيره فيه تبركا بالجيران الصالحين، ويوجد موضع فارغ يكره ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن في هذا مشقة عظيمة، فالأولى إناطة الجواز بالبلى إذ لا يمكن أن يعد لكل ميت قبر لا يدفن فيه غيره، وإن صار الأول ترابا لا سيما في الأمصار الكبيرة الجامعة، وإلا لزم أن تعم القبور السهل والوعر، على أن المنع من الحفر إلى أن يبقى عظم عسر جدا وإن أمكن ذلك لبعض الناس، لكن الكلام في جعله حكما عاما لكل أحد فتأمل‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

قال في الأحكام‏:‏ لا بأس بأن يقبر المسلم في مقابر المشركين إذا لم يبق من علاماتهم شيء كما في خزانة الفتاوى، وإن بقي من عظامهم شيء تنبش وترفع الآثار وتتخذ مسجدا، لما روي‏:‏ «أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل مقبرة المشركين فنبشت» كذا في الواقعات‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله في غير دار‏)‏ يغني عنه ما يأتي متنا ‏(‏قوله مقدار نصف قامة إلخ‏)‏ أو إلى حد الصدر، وإن زاد إلى مقدار قامة فهو أحسن كما في الذخيرة، فعلم أن الأدنى نصف القامة والأعلى القامة، وما بينهما شرح المنية، وهذا حد العمق، والمقصود منه المبالغة في منع الرائحة ونبش السباع‏.‏ وفي القهستاني‏:‏ وطوله على قدر طول الميت، وعرضه على قدر نصف طوله ‏(‏قوله‏:‏ ويلحد‏)‏ لأنه السنة وصفته أن يحفر القبر ثم يحفر في جانب القبلة منه حفيرة فيوضع فيها الميت ويجعل ذلك كالبيت المسقف حلية ‏(‏قوله ولا يشق‏)‏ وصفته أن يحفر في وسط القبر حفيرة فيوضع فيها الميت حلية ‏(‏قوله إلا في أرض رخوة‏)‏ فيخير بين الشق واتخاذ تابوت ط عن الدر المنتقى، ومثله في النهر‏.‏ ومقتضى المقابلة أنه يلحد ويوضع التابوت في اللحد لأن العدول إلى الشق لخوف انهيار اللحد كما صرح به في الفتح، فإذا وضع التابوت في اللحد أمن انهياره على الميت، فلو لم يكن حفر اللحد تعين الشق، ولم يحتج إلى التابوت، إلا إن كانت الأرض ندية يسرع فيها بلى الميت قال في الحلية عن الغاية‏:‏ ويكون التابوت من رأس المال إذا كانت الأرض رخوة أو ندية مع كون التابوت في غيرها مكروها في قول العلماء قاطبة‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد يقال‏:‏ يوضع التابوت في الشق إذا لم يكن فوقه بناء لئلا يرمس الميت في التراب، أما إذا كان له سقف أو بناء معقود فوقه كقبور بلادنا ولم تكن الأرض ندية ولم يلحد فيكره التابوت ‏(‏قوله‏:‏ ولا يجوز إلخ‏)‏ أي يكره ذلك‏.‏ قال في الحلية‏:‏ ويكره أن يوضع تحت الميت في القبر مضربة أو مخدة أو حصير أو نحو ذلك ا هـ‏.‏ ولعل وجهه أنه إتلاف مال بلا ضرورة، فالكراهة تحريمية، ولذا عبر بلا يجوز ‏(‏قوله وما روي عن علي‏)‏ يعني من فعل ذلك نهر‏.‏ ثم إن الشارح تبع في ذلك المصنف في منحه‏.‏ والذي وجدته في الظهيرية عن عائشة، وكذا عزاه إلى الظهيرية في البحر والنهر قال في شرح المنية‏:‏ وما روي‏:‏ «أنه جعل في قبره عليه الصلاة والسلام قطيفة»، قيل لأن المدينة سبخة، وقيل إن العباس وعليا تنازعاها فبسطها شقران تحته لقطع التنازع، وقيل «كان عليه الصلاة والسلام يلبسها ويفترشها، فقال شقران‏:‏ والله لا يلبسك أحد بعده أبدا فألقاها في القبر» ‏(‏قوله فغير مشهور‏)‏ أي غير ثابت عنه، أو المراد أنه لم يشتهر عنه فعله بين الصحابة ليكون إجماعا منهم، بل ثبت عن غيره خلافه‏.‏ ففي شرح المنية‏:‏ وكره ابن عباس أن يلقى تحت الميت شيء، ورواه الترمذي‏.‏ وعن أبي موسى ‏{‏لا تجعلوا بيني وبين الأرض شيئا»‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولا بأس باتخاذ تابوت إلخ‏)‏ أي يرخص ذلك عند الحاجة، وإلا كره كما قدمناه آنفا‏.‏ قال في الحلية‏:‏ نقل غير واحد عن الإمام ابن الفضل أنه جوزه في أراضيهم لرخاوتها‏:‏ وقال‏:‏ لكن ينبغي أن يفرش فيه التراب، وتطين الطبقة العليا مما يلي الميت، ويجعل اللبن الخفيف على يمين الميت ويساره ليصير بمنزلة اللحد، والمراد بقوله ينبغي يسن كما أفصح به فخر الإسلام وغيره، بل في الينابيع‏:‏ والسنة أن يفرش في القبر التراب، ثم لم يتعقبوا الرخصة في اتخاذه من حديد بشيء، ولا شك في كراهته كما هو ظاهر الوجه ا هـ‏.‏ أي لأنه لا يعمل إلا بالنار فيكون كالآجر المطبوخ بها كما يأتي ‏(‏قوله له‏)‏ أي للميت كما في البحر أو للرجل، ومفهومه أنه لا بأس للمرأة مطلقا، وبه صرح في شرح المنية فقال‏:‏ وفي المحيط‏:‏ واستحسن مشايخنا اتخاذ التابوت للنساء، يعني ولو لم تكن الأرض رخوة فإنه أقرب إلى الستر والتحرز عن مسها عند الوضع في القبر‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله كرخاوة الأرض‏)‏ أي وكونها ندية، فيوضع في اللحد أو في الشق إن كانت ندية أو لم يكن للشق سقف كما قدمناه

‏(‏قوله أن يفرش فيه‏)‏ أي في القبر أو في اللحد كما بيناه ‏(‏قوله وألقي في البحر‏)‏ قال في الفتح‏:‏ وعن أحمد يثقل ليرسب‏.‏ وعن الشافعية كذلك إن كان قريبا من دار الحرب وإلا شد بين لوحين ليقذفه البحر فيدفن‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله إن لم يكن قريبا من البر‏)‏ الظاهر تقديره، بأن يكون بينهم وبين البر مدة يتغير الميت فيها‏.‏ ثم رأيت في نور الإيضاح التعبير بخوف الضرر به ‏(‏قوله في الدار‏)‏ كذا في الحلية عن منية المفتي وغيرها، وهو أعم من قول الفتح ولا يدفن صغير ولا كبير في البيت الذي مات فيه فإن ذلك خاص بالأنبياء، بل ينقل إلى مقابر المسلمين ا هـ‏.‏ ومقتضاه أنه لا يدفن في مدفن خاص كما يفعله من يبني مدرسة ونحوها، ويبني له بقربها مدفنا تأمل

‏(‏قوله بأن يوضع من جهتها ثم يحمل‏)‏ أي فيكون الآخذ له مستقبل القبلة حال الأخذ‏.‏ وقال الشافعي وأحمد‏:‏ يستحب السل، بأن يوضع الميت عند آخر القبر ثم يسل من قبل رأسه منحدرا، وبيان الأدلة في شرح المنية والفتح‏.‏ ولا يضر عندنا كون الداخل في القبر وترا أو شفعا واختار الشافعي الوتر، وتمامه في البحر ‏(‏قوله فيلحد‏)‏ وكذا لو كان القبر شقا غير مسقف، أما المسقف فيتعين فيه السل ‏(‏قوله وبالله‏)‏ زاده على ما في الكنز والهداية، وهو ثابت في لفظ للترمذي، والأول في لفظ لابن ماجه وفي لفظ له بزيادة ‏{‏وفي سبيل الله‏}‏ بعد قوله بسم الله، وذكره في البدائع عن الحسن عن أبي حنيفة، قالوا‏:‏ والمعنى بسم الله وضعناك، وعلى ملة رسول الله سلمناك، ثم قال الإمام أبو منصور الماتريدي‏:‏ ليس هذا دعاء للميت لأنه إن مات على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يبدل حاله، وإن مات على غير ذلك لم يبدل أيضا، ولكن المؤمنون شهداء الله في أرضه، فيشهدون بوفاته على الملة، وعلى هذا جرت السنة ا هـ‏.‏ حلية‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في الاقتصار على ما ذكر من الوارد إشارة إلى أنه لا يسن الأذان عند إدخال الميت في قبره كما هو المعتاد الآن، وقد صرح ابن حجر في فتاويه بأنه بدعة‏.‏ وقال‏:‏ ومن ظن أنه سنة قياسا على ندبهما للمولود إلحاقا لخاتمة الأمر بابتدائه فلم يصب‏.‏ ا هـ‏.‏

وقد صرح بعض علمائنا وغيرهم بكراهة المصافحة المعتادة عقب الصلوات مع أن المصافحة سنة، وما ذاك إلا لكونها لم تؤثر في خصوص هذا الموضع، فالمواظبة عليها فيه توهم العوام بأنها سنة فيه، ولذا منعوا عن الاجتماع لصلاة الرغائب التي أحدثها بعض المتعبدين لأنها لم تؤثر على هذه الكيفية في تلك الليالي المخصوصة وإن كانت الصلاة خير موضوع ‏(‏قوله‏:‏ وجوبا‏)‏ أخذه من قول الهداية‏:‏ بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن لم يجده المخرجون‏.‏ وفي الفتح أنه غريب، واستؤنس له بحديث أبي داود والنسائي‏:‏ «أن رجلا قال‏:‏ يا رسول الله ما الكبائر‏؟‏ قال‏:‏ هي تسع، فذكر منها استحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا»‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ووجهه أن ظاهره التسوية بين الحياة والموت في وجوب استقباله، لكن صرح في التحفة بأنه سنة كما يأتي عقبه ‏(‏قوله‏:‏ ولا ينبش ليوجه إليها‏)‏ أي لو دفن مستدبرا لها وأهالوا التراب لا ينبش لأن التوجه إلى القبلة سنة والنبش حرام، بخلاف ما إذا كان بعد إقامة اللبن قبل إهالة التراب فإنه يزال ويوجه إلى القبلة عن يمينه حلية عن التحفة، ولو بقي فيه متاع لإنسان فلا بأس بالنبش ظهيرية ‏(‏قوله للاستغناء عنها‏)‏ لأنها تعقد لخوف الانتشار عند الحمل ‏(‏قوله‏:‏ ويسوى اللبن عليه‏)‏ أي على اللحد بأن يسد من جهة القبر ويقام اللبن فيه حلية عن شرح المجمع ‏(‏قوله‏:‏ والقصب‏)‏ قال في الحلية‏:‏ وتسد الفرج التي بين اللبن بالمدر والقصب كي لا ينزل التراب منها على الميت، ونصوا على استحباب القصب فيها كاللبن‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله لا الآجر‏)‏ بمد الهمزة والتشديد أشهر من التخفيف مصباح‏.‏ وقوله المطبوخ صفة كاشفة‏.‏ قال في البدائع‏:‏ لأنه يستعمل للزينة ولا حاجة للميت إليها ولأنه مما مسته النار، فيكره أن يجعل على الميت تفاؤلا كما يكره أن يتبع قبره بنار تفاؤلا ‏(‏قوله‏:‏ لو حوله إلخ‏)‏ قال في الحلية‏:‏ وكرهوا الآجر وألواح الخشب‏.‏ وقال الإمام التمرتاشي‏:‏ هذا إذا كان حول الميت، فلو فوقه لا يكره لأنه يكون عصمة من السبع‏.‏ وقال مشايخ بخارى‏:‏ لا يكره الآجر في بلدتنا للحاجة إليه لضعف الأراضي ‏(‏قوله‏:‏ عدد لبنات إلخ‏)‏ نقله أيضا في الأحكام عن الشمني عن شرح مسلم بلفظ يقال عدد إلخ ‏(‏قوله‏:‏ وجاز ذلك‏)‏ أي الآجر والخشب ‏(‏قوله‏:‏ ويسجى قبرها‏)‏ أي بثوب ونحوه استحبابا حال إدخالها القبر حتى يسوى اللبن على اللحد، كذا في شرح المنية والإمداد‏.‏ ونقل الخير الرملي أن الزيلعي صرح في كتاب الخنثى أنه على سبيل الوجوب‏.‏ قلت‏:‏ ويمكن التوفيق بحمله على ما إذا غلب على الظن ظهور شيء من بدنها تأمل ‏(‏قوله كمطر‏)‏ أي وبرد وحر وثلج قهستاني ‏(‏قوله‏:‏ عليه‏)‏ أي على القبر أو على الميت، وهو أقرب لفظا، والأول أقرب معنى ‏(‏قوله‏:‏ وتكره الزيادة عليه‏)‏ لما في صحيح مسلم عن جابر قال‏:‏ «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه» زاد أبو داود‏:‏ «أو يزاد عليه» حلية ‏(‏قوله لأنه بمنزلة البناء‏)‏ كذا في البدائع‏.‏ وظاهره أن الكراهة تحريمية، وهو مقتضى النهي المذكور، لكن نظر صاحب الحلية في هذا التعليل وقال‏:‏ وروي عن محمد أنه لا بأس بذلك، ويؤيده ما روى الشافعي وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء» وهو مرسل صحيح، فتحمل الكراهة على الزيادة الفاحشة، وعدمها على القليلة المبلغة له مقدار شبر أو ما فوقه قليلا ‏(‏قوله‏:‏ ويستحب حثيه‏)‏ أي بيديه جميعا جوهرة قال في المغرب‏:‏ حثيت التراب حثيا وحثوته حثوا‏:‏ إذا قبضته ورميته‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في القاموس، فهو واوي ويائي فافهم ‏(‏قوله‏:‏ من قبل رأسه ثلاثا‏)‏ لما في ابن ماجه عن أبي هريرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ثم أتى القبر فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثا» شرح المنية‏.‏ قال في الجوهرة‏:‏ ويقول في الحثية الأولى ‏{‏منها خلقناكم‏}‏ وفي الثانية ‏{‏وفيها نعيدكم‏}‏ وفي الثالثة ‏{‏ومنها نخرجكم تارة أخرى‏}‏ وقيل يقول في الأولى‏:‏ اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وفي الثانية‏:‏ اللهم افتح أبواب السماء لروحه، وفي الثالثة‏:‏ اللهم زوجه من الحور العين‏.‏ وللمرأة‏:‏ اللهم أدخلها الجنة برحمتك ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وجلوس إلخ‏)‏ لما في سنن أبي داود‏:‏ «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف على قبره وقال‏:‏ استغفروا لأخيكم واسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل» وكان ابن عمر يستحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها‏.‏ وروي أن عمرو بن العاص قال وهو في سياق الموت‏:‏ إذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور، ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع رسل ربي جوهرة

‏(‏قوله ولا بأس برش الماء عليه‏)‏ بل ينبغي أن يندب «لأنه صلى الله عليه وسلم فعله بقبر سعد» كما رواه ابن ماجه ‏{‏وبقبر ولده إبراهيم» كما رواه أبو داود في مراسيله ‏{‏وأمر به في قبر عثمان بن مظعون» كما رواه البزار، فانتفى ما عن أبي يوسف من كراهته لأنه يشبه التطيين حلية ‏(‏قوله‏:‏ للنهي‏)‏ هو ما رواه محمد بن الحسن في الآثار‏:‏ أخبرنا أبو حنيفة قال‏:‏ حدثنا شيخ لنا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ «أنه نهى عن تربيع القبور وتجصيصها» إمداد ‏(‏قوله ويسنم‏)‏ أي يجعل ترابه مرتفعا عليه كسنام الجمل، لما روى البخاري عن سفيان النمار ‏"‏ أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما ‏"‏ وبه قال الثوري والليث ومالك وأحمد والجمهور‏.‏ وقال الشافعي، التسطيح‏:‏ أي التربيع أفضل، وتمامه في شرح المنية ‏(‏قوله‏:‏ وفي الظهيرية وجوبا‏)‏ هو مقتضى النهي المذكور، ويؤيده ما في البدائع من التعليل بأنه من صنيع أهل الكتاب، والتشبه بهم فيما منه بد مكروه ا هـ‏.‏ لكن في النهر أن الأول أولى‏.‏ قلت‏:‏ ولعل وجهه شبهة الاختلاف، والحديث الذي استدل به الشافعي على التربيع فيكون النهي مصروفا عن ظاهره فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ قدر شبر‏)‏ أو أكثر شيئا قليلا بدائع ‏(‏قوله‏:‏ ولا يجصص‏)‏ أي لا يطلى بالجص بالفتح ويكسر قاموس ‏(‏قوله ولا يرفع عليه بناء‏)‏ أي يحرم لو للزينة، ويكره لو للإحكام بعد الدفن، وأما قبله فليس بقبر إمداد‏.‏ وفي الأحكام عن جامع الفتاوى‏:‏ وقيل لا يكره البناء إذا كان الميت من المشايخ والعلماء والسادات ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن هذا في غير المقابر المسبلة كما لا يخفى ‏(‏قوله‏:‏ وقيل‏:‏ لا بأس به إلخ‏)‏ المناسب ذكره عقب قوله‏:‏ ولا يطين لأن عبارة السراجية كما نقله الرحمتي ذكر في تجريد أبي الفضل أن تطيين القبور مكروه والمختار أنه لا يكره ا هـ‏.‏ وعزاه إليها المصنف في المنح أيضا‏.‏ وأما البناء عليه فلم أر من اختار جوازه‏.‏ وفي شرح المنية عن منية المفتي‏:‏ المختار أنه لا يكره التطيين‏.‏ وعن أبي حنيفة‏:‏ يكره أن يبني عليه بناء من بيت أو قبة أو نحو ذلك، لما روى جابر «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها» رواه مسلم وغيره ا هـ‏.‏ نعم في الإمداد عن الكبرى‏:‏ واليوم اعتادوا التسنيم باللبن صيانة للقبر عن النبش، ورأوا ذلك حسنا‏.‏ وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن»‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لا بأس بالكتابة إلخ‏)‏ لأن النهي عنها وإن صح فقد وجد الإجماع العملي بها، فقد أخرج الحاكم النهي عنها من طرق، ثم قال‏:‏ هذه الأسانيد صحيحة وليس العمل عليها، فإن أئمة المسلمين من المشرق إلى المغرب مكتوب على قبورهم، وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف ا هـ‏.‏ ويتقوى بما أخرجه أبو داود بإسناد جيد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل حجرا فوضعها عند رأس عثمان بن مظعون وقال‏:‏ أتعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من تاب من أهلي» فإن الكتابة طريق إلى تعرف القبر بها، نعم يظهر أن محل هذا الإجماع العملي على الرخصة فيها ما إذا كانت الحاجة داعية إليه في الجملة كما أشار إليه في المحيط بقوله وإن احتيج إلى الكتابة، حتى لا يذهب الأثر ولا يمتهن فلا بأس به‏.‏ فأما الكتابة بغير عذر فلا ا هـ‏.‏ حتى إنه يكره كتابة شيء عليه من القرآن أو الشعر أو إطراء مدح له ونحو ذلك حلية ملخصا‏.‏ قلت‏:‏ لكن نازع بعض المحققين من الشافعية في هذا الإجماع بأنه أكثري، وإن سلم فمحل حجيته عند صلاح الأزمنة بحيث ينفذ فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد تعطل ذلك منذ أزمنة، ألا ترى أن البناء على قبورهم في المقابر المسبلة أكثر من الكتابة عليها كما هو مشاهد، وقد علموا بالنهي عنه فكذا الكتابة ا هـ‏.‏ فالأحسن التمسك بما يفيد حمل النهي على عدم الحاجة كما مر‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

في الأحكام عن الحجة‏:‏ تكره الستور على القبور‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله إلا لحق آدمي‏)‏ احتراز عن حق الله تعالى كما إذا دفن بلا غسل أو صلاة أو وضع على غير يمينه أو إلى غير القبلة فإنه لا ينبش عليه بعد إهالة التراب كما مر ‏(‏قوله كأن تكون الأرض مغصوبة‏)‏ وكما إذا سقط في القبر متاع أو كفن بثوب مغصوب أو دفن معه مال قالوا‏:‏ ولو كان المال درهما بحر‏.‏ قال الرملي‏:‏ واستفيد منه جواب حادثة الفتوى‏:‏ امرأة دفنت مع بنتها من المصاغ والأمتعة المشتركة إرثا عنها بغيبة الزوج أنه ينبش لحقه، وإذا تلفت به تضمن المرأة حصته ا هـ‏.‏ واحترز بالمغصوبة عما إذا كانت وقفا‏.‏ قال في التتارخانية‏:‏ أنفق مالا في إصلاح قبر فجاء رجل ودفن فيه ميته، وكانت الأرض موقوفة يضمن ما أنفق فيه، ولا يحول ميته من مكانه لأنه دفن في وقف ا هـ‏.‏ وعبر في الفتح بقوله يضمن قيمة الحفر فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله أو أخذت بشفعة‏)‏ أي بأن اشترى أرضا فدفن فيها ميته ثم علم الشفيع بالشراء فتملكها بالشفعة ‏(‏قوله ومساواته بالأرض‏)‏ أي ليزرع فوقه مثلا لأن حقه في باطنها وظاهرها، فإن شاء ترك حقه في باطنها وإن شاء استوفاه فتح ‏(‏قوله‏:‏ كما جاز زرعه‏)‏ أي القبر ولو غير مغصوب وكذا يجوز دفن غيره عليه كما في الزيلعي أيضا، وقدمنا الكلام عليه

‏(‏قوله من الأيسر‏)‏ كذا قيده في الدرر، ولينظر وجهه ‏(‏قوله‏:‏ ولو بالعكس‏)‏ بأن مات الولد في بطنها وهي حية ‏(‏قوله قطع‏)‏ أي بأن تدخل القابلة يدها في الفرج وتقطعه بآلة في يدها بعد تحقق موته ‏(‏قوله‏:‏ لو ميتا‏)‏ لا وجه له بعد قوله ولو بالعكس ط ‏(‏قوله‏:‏ وإلا لا‏)‏ أي ولو كان حيا لا يجوز تقطيعه لأن موت الأم به موهوم، فلا يجوز قتل آدمي حي لأمر موهوم ‏(‏قوله‏:‏ ولو بلع مال غيره‏)‏ أي ولا مال له كما في الفتح وشرح المنية، ومفهومه أنه لو ترك مالا يضمن ما بلعه لا يشق اتفاقا ‏(‏قوله‏:‏ والأولى نعم‏)‏ لأنه وإن كان حرمة الآدمي أعلى من صيانة المال لكنه أزال احترامه بتعديه كما في الفتح، ومفاده أنه لو سقط في جوفه بلا تعد لا يشق اتفاقا كما لا يشق الحي مطلقا لإفضائه إلى الهلاك لا لمجرد الاحترام

‏(‏قوله‏:‏ الاتباع أفضل‏)‏ أي اتباع الجنازة لأنه بر الحي والميت، فالثواب المترتب عليه أكثر ط ‏(‏قوله أو جوار‏)‏ سيأتي في باب الوصية للأقارب وغيرهم أن الجار من لصق به‏.‏ وقالا‏:‏ من يسكن في محلته ويجمعهم مسجد المحلة، وهو استحسان‏.‏ وقال الشافعي‏:‏ الجار إلى أربعين دارا من كل جانب‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والصحيح قول الإمام كما سيأتي هناك إن شاء الله - تعالى، وهو يقيد هنا بالملاصق أيضا‏؟‏ الظاهر نعم ما لم يوجد دليل الإطلاق‏.‏ وقد يقال‏:‏ كلام الموصي يحمل على العرف‏.‏ والجار عرفا الملاصق أو من يسكن في المحلة فتصرف إليه الوصية بخلافه هنا فيكون حده إلى الأربعين كما في الحديث، والله أعلم ‏(‏قوله‏:‏ يندب دفنه في جهة موته‏)‏ أي في مقابر أهل المكان الذي مات فيه أو قتل، وإن نقل قدر ميل أو ميلين فلا بأس شرح المنية، ويأتي الكلام على نقله‏.‏ قلت‏:‏ ولذا صح «أمره صلى الله عليه وسلم بدفن قتلى أحد في مضاجعهم» مع أن مقبرة المدينة قريبة، ولذا دفنت الصحابة الذين فتحوا دمشق عند أبوابها ولم يدفنوا كلهم في محل واحد ‏(‏قوله وتعجيله‏)‏ أي تعجيل جهازه عقب تحقق موته، ولذا كره تأخير صلاته ودفنه ليصلي عليه جمع عظيم بعد صلاة الجمعة كما مر ‏(‏قوله لم يجز ذكره‏)‏ أي ما لم يكن الميت صاحب بدعة ليرتدع غيره، كما قدمناه

‏(‏قوله ولا بأس بنقله قبل دفنه‏)‏ قيل مطلقا، وقيل إلى ما دون مدة السفر، وقيده محمد بقدر ميل أو ميلين لأن مقابر البلد ربما بلغت هذه المسافة فيكره فيما زاد‏.‏ قال في النهر عن عقد الفرائد‏:‏ وهو الظاهر ا هـ‏.‏ وأما نقله بعد دفنه فلا مطلقا‏.‏ قال في الفتح واتفقت كلمة المشايخ في امرأة دفن ابنها، وهي غائبة في غير بلدها فلم تصبر، وأرادت نقله على أنه لا يسعها ذلك، فتجويز شواذ بعض المتأخرين لا يلتفت إليه‏.‏ وأما نقل يعقوب ويوسف عليهما السلام من مصر إلى الشام ليكونا مع آبائهما الكرام فهو شرع من قبلنا ولم يتوفر فيه شروط كونه شرعا لنا ا هـ‏.‏ ملخصا وتمامه فيه ‏(‏قوله وبالإعلام بموته‏)‏ أي إعلام بعضهم بعضا ليقضوا حقه هداية‏.‏ وكره بعضهم أن ينادى عليه في الأزقة والأسواق لأنه يشبه نعي الجاهلية والأصح أنه لا يكره إذا لم يكن معه تنويه بذكره وتفخيم، بل يقول‏:‏ العبد الفقير إلى الله - تعالى - فلان ابن فلان الفلاني، فإن نعي الجاهلية ما كان فيه قصد الدوران مع الضجيج والنياحة، وهو المراد بدعوى الجاهلية في قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» شرح المنية ‏(‏قوله وبإرثائه‏)‏ تبع فيه صاحب النهر‏.‏ واعترضه ح بأن مقتضاه أنه رباعي، وليس كذلك‏.‏ ففي القاموس‏:‏ رثيت الميت ورثوته‏:‏ بكيته وعددت محاسنه إلخ ‏(‏قوله من تعزى إلخ‏)‏ تمامه «فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا» قال في المغرب‏:‏ تعزى واعتزى انتسب، والعزاء اسم منه، والمراد به قولهم في الاستغاثة يا لفلان أعضوه‏:‏ أي قولوا له‏:‏ اعضض بأير أبيك، ولا تكنوا على الأير بالهن، وهذا أمر تأديب ومبالغة في الزجر عن دعوى الجاهلية ا هـ‏.‏ لكن كون المراد بدعوى الجاهلية هنا ما قدمناه عن شرح المنية أولى

‏(‏قوله‏:‏ وبتعزية أهله‏)‏ أي تصبيرهم والدعاء لهم به‏.‏ قال في القاموس‏:‏ العزاء الصبر أو حسنه‏.‏ وتعزى‏:‏ انتسب‏.‏ ا هـ‏.‏ فالمراد هنا الأول، وفيما قبله الثاني فافهم‏.‏ قال في شرح المنية‏:‏ وتستحب التعزية للرجال والنساء اللاتي لا يفتن، لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «من عزى أخاه بمصيبة كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة» رواه ابن ماجه وقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «من عزى مصابا فله مثل أجره» رواه الترمذي وابن ماجه‏.‏ والتعزية أن يقول‏:‏ أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب في الثواب على المصيبة

‏[‏تنبيه‏]‏

هذا الدعاء بإعظام الأجر المروي عنه صلى الله عليه وسلم لما عزى معاذا بابن له يقتضي ثبوت الثواب على المصيبة‏.‏ وقد قال المحقق ابن الهمام في المسايرة‏.‏ قالت الحنفية‏:‏ ما ورد به السمع من وعد الرزق، ووعد الثواب على الطاعة وعلى ألم المؤمن وألم طفله حتى الشوكة يشاكها محض فضل وتطول منه - تعالى - لا بد من وجوده لوعده الصادق‏.‏ ا هـ‏.‏ وهل يشترط للثواب الصبر أم لا‏؟‏ قال ابن حجر‏:‏ وقع للعز بن عبد السلام أن المصائب نفسها لا ثواب فيها لأنها ليست من الكسب بل في الصبر عليها، فإن لم يصبر كفرت الذنب؛ إذ لا يشترط في المكفر أن يكون كسبا كالبلاء، فالجزع لا يمنع التكفير بل هو مصيبة أخرى‏.‏ ورد بتصريح الشافعي رحمه الله بأن كلا من المجنون والمريض المغلوب على عقله مأجور مثاب مكفر عنه بالمرض، فحكم بالأجر مع انتفاء العقل المستلزم لانتفاء الصبر، ويؤيده خبر الصحيحين‏:‏ «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه» مع الحديث الصحيح «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمله صحيحا مقيما» ففيه أنه يحصل له ثواب مماثل لفعله الذي صدر منه قبل بسبب المرض فضلا من الله تعالى، فمن أصيب وصبر يحصل له ثوابان‏:‏ لنفس المصيبة والصبر عليها ومن انتفى صبره فإن كان لعذر كجنون فكذلك أو لنحو جزع لم يحصل من ذينك الثوابين شيء ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وحاصله اشتراط الصبر للثواب على المصيبة إلا إذا انتفى لعذر كجنون‏.‏ وأما التكفير بها فهو حاصل بلا شرط

‏(‏قوله وباتخاذ طعام لهم‏)‏ قال في الفتح ويستحب لجيران أهل الميت والأقرباء الأباعد تهيئة طعام لهم يشبعهم يومهم وليلتهم، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم» حسنه الترمذي وصححه الحاكم ولأنه بر ومعروف، ويلح عليهم في الأكل لأن الحزن يمنعهم من ذلك فيضعفون‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب في كراهة الضيافة من أهل الميت

وقال أيضا‏:‏ ويكره اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت لأنه شرع في السرور لا في الشرور، وهي بدعة مستقبحة‏:‏ وروى الإمام أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح عن جرير بن عبد الله قال ‏"‏ كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة ‏"‏‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي البزازية‏:‏ ويكره اتخاذ الطعام في اليوم الأول والثالث وبعد الأسبوع ونقل الطعام إلى القبر في المواسم، واتخاذ الدعوة لقراءة القرآن وجمع الصلحاء والقراء للختم أو لقراءة سورة الأنعام أو الإخلاص‏.‏ والحاصل أن اتخاذ الطعام عند قراءة القرآن لأجل الأكل يكره‏.‏ وفيها من كتاب الاستحسان‏:‏ وإن اتخذ طعاما للفقراء كان حسنا ا هـ‏.‏ وأطال في ذلك في المعراج‏.‏ وقال‏:‏ وهذه الأفعال كلها للسمعة والرياء فيحترز عنها لأنهم لا يريدون بها وجه الله تعالى‏.‏ ا هـ‏.‏ وبحث هنا في شرح المنية بمعارضة حديث جرير المار بحديث آخر فيه «أنه عليه الصلاة والسلام دعته امرأة رجل ميت لما رجع من دفنه فجاء وجيء بالطعام»‏.‏ أقول‏:‏ وفيه نظر، فإنه واقعة حال لا عموم لها مع احتمال سبب خاص، بخلاف ما في حديث جرير‏.‏ على أنه بحث في المنقول في مذهبنا ومذهب غيرنا كالشافعية والحنابلة استدلالا بحديث جرير المذكور على الكراهة، ولا سيما إذا كان في الورثة صغار أو غائب، مع قطع النظر عما يحصل عند ذلك غالبا من المنكرات الكثيرة كإيقاد الشموع والقناديل التي توجد في الأفراح، وكدق الطبول، والغناء بالأصوات الحسان، واجتماع النساء والمردان، وأخذ الأجرة على الذكر وقراءة القرآن، وغير ذلك مما هو مشاهد في هذه الأزمان، وما كان كذلك فلا شك في حرمته وبطلان الوصية به، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

‏(‏قوله‏:‏ وبالجلوس لها‏)‏ أي للتعزية، واستعمال لا بأس هنا على حقيقته لأنه خلاف الأولى كما صرح به في شرح المنية‏.‏ وفي الأحكام عن خزانة الفتاوى‏:‏ الجلوس في المصيبة ثلاثة أيام للرجال جاءت الرخصة فيه، ولا تجلس النساء قطعا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ في غير مسجد‏)‏ أما فيه فيكره كما في البحر عن المجتبى، وجزم به في شرح المنية والفتح، لكن في الظهيرية‏:‏ لا بأس به لأهل الميت في البيت أو المسجد والناس يأتونهم ويعزونهم‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وما في البحر من «أنه صلى الله عليه وسلم جلس لما قتل جعفر وزيد بن حارثة والناس يأتون ويعزونه» ا هـ‏.‏ يجاب عنه بأن جلوسه صلى الله عليه وسلم لم يكن مقصودا للتعزية‏.‏ وفي الإمداد‏:‏ وقال كثير من متأخري أئمتنا يكره الاجتماع عند صاحب البيت ويكره له الجلوس في بيته حتى يأتي إليه من يعزي، بل إذا فرغ ورجع الناس من الدفن فليتفرقوا ويشتغل الناس بأمورهم وصاحب البيت بأمره ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهل تنتفي الكراهة بالجلوس في المسجد وقراءة القرآن حتى إذا فرغوا قام ولي الميت وعزاه الناس كما يفعل في زماننا الظاهر‏؟‏ لا لكون الجلوس مقصودا للتعزية لا القراءة ولا سيما إذا كان هذا الاجتماع والجلوس في المقبرة فوق القبور المدثورة، ولا حول ولا قوة إلا بالله ‏(‏قوله وأولها أفضل‏)‏ وهي بعد الدفن أفضل منها قبله لأن أهل الميت مشغولون قبل الدفن بتجهيزه ولأن وحشتهم بعد الدفن لفراقه أكثر، وهذا إذا لم ير منهم جزع شديد، وإلا قدمت لتسكينهم جوهرة ‏(‏قوله وتكره بعدها‏)‏ لأنها تجدد الحزن منح والظاهر أنها تنزيهية ط ‏(‏قوله إلا لغائب‏)‏ أي إلا أن يكون المعزي أو المعزى غائبا فلا بأس بها جوهرة‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر أن الحاضر الذي لم يعلم بمنزلة الغائب كما صرح به الشافعية ‏(‏قوله وتكره التعزية ثانيا‏)‏ في التتارخانية‏:‏ لا ينبغي لمن عزى مرة أن يعزي مرة أخرى رواه الحسن عن أبي حنيفة‏.‏ ا هـ‏.‏ إمداد ‏(‏قوله وعند القبر‏)‏ عزاه في الحلية إلى المبتغى بالغين المعجمة، وقال‏:‏ ويشهد له ما أخرج ابن شاهين عن إبراهيم‏:‏ التعزية عند القبر بدعة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لعل وجهه أن المطلوب هناك القراءة والدعاء للميت بالتثبيت ‏(‏قوله وعند باب الدار‏)‏ في الظهيرية‏:‏ ويكره الجلوس على باب الدار للتعزية لأنه عمل أهل الجاهلية وقد نهي عنه، وما يصنع في بلاد العجم من فرش البسط، والقيام على قوارع الطريق من أقبح القبائح‏.‏ ا هـ‏.‏ بحر ‏(‏قوله ويقول أعظم الله أجرك‏)‏ أي جعله عظيما بزيادة الثواب والدرجات، وأحسن عزاءك بالمد‏:‏ أي جعل سلوك وصبرك حسنا ابن حجر، وقوله وغفر لميتك بقوله إن كان الميت مكلفا، وإلا فلا كما في شرح المنية‏.‏ وفي كتب الشافعية‏:‏ ويعزي المسلم بالكافر‏:‏ أعظم الله أجرك، وصبرك والكافر بالمسلم‏:‏ غفر الله لميتك، وأحسن عزاءك‏.‏

مطلب في زيارة القبور

‏(‏قوله وبزيارة القبور‏)‏ أي لا بأس بها، بل تندب كما في البحر عن المجتبى، فكان ينبغي التصريح به للأمر بها في الحديث المذكور كما في الإمداد، وتزار في كل أسبوع كما في مختارات النوازل‏.‏ قال في شرح لباب المناسك إلا أن الأفضل يوم الجمعة والسبت والاثنين والخميس، فقد قال محمد بن واسع‏:‏ الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده، فتحصل أن يوم الجمعة أفضل‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه يستحب أن يزور شهداء جبل أحد، لما روى ابن أبي شيبة‏:‏ «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قبور الشهداء بأحد على رأس كل حول فيقول‏:‏ السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار‏}‏ والأفضل أن يكون يوم الخميس متطهرا مبكرا لئلا تفوته الظهر بالمسجد النبوي‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ استفيد منه ندب الزيارة وإن بعد محلها‏.‏ وهل تندب الرحلة لها كما اعتيد من الرحلة إلى زيارة خليل الرحمن وأهله وأولاده، وزيارة السيد البدوي وغيره من الأكابر الكرام‏؟‏ لم أر من صرح به من أئمتنا، ومنع منه بعض أئمة الشافعية إلا لزيارته صلى الله عليه وسلم قياسا على منع الرحلة لغير المساجد الثلاثة‏.‏ ورده الغزالي بوضوح الفرق، فإن ما عدا تلك المساجد الثلاثة مستوية في الفضل، فلا فائدة في الرحلة إليها‏.‏ وأما الأولياء فإنهم متفاوتون في القرب من الله - تعالى، ونفع الزائرين بحسب معارفهم وأسرارهم‏.‏ قال ابن حجر في فتاويه‏:‏ ولا تترك لما يحصل عندها من منكرات ومفاسد كاختلاط الرجال بالنساء وغير ذلك لأن القربات لا تترك لمثل ذلك، بل على الإنسان فعلها وإنكار البدع، بل وإزالتها إن أمكن‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيد ما مر من عدم ترك اتباع الجنازة، وإن كان معها نساء ونائحات تأمل ‏(‏قوله‏:‏ ولو للنساء‏)‏ وقيل‏:‏ تحرم عليهن‏.‏ والأصح أن الرخصة ثابتة لهن بحر، وجزم في شرح المنية بالكراهة لما مر في اتباعهن الجنازة‏.‏ وقال الخير الرملي‏:‏ إن كان ذلك لتجديد الحزن والبكاء والندب على ما جرت به عادتهن فلا تجوز، وعليه حمل حديث‏:‏ «لعن الله زائرات القبور» وإن كان للاعتبار والترحم من غير بكاء والتبرك بزيارة قبور الصالحين فلا بأس إذا كن عجائز‏.‏ ويكره إذا كن شواب كحضور الجماعة في المساجد ا هـ‏.‏ وهو توفيق حسن ‏(‏قوله ويقول إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ والسنة زيارتها قائما، والدعاء عندها قائما، كما «كان يفعله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى البقيع ويقول‏:‏ السلام عليكم» إلخ‏.‏ وفي شرح اللباب للمنلا على القارئ‏:‏ ثم من آداب الزيارة ما قالوا، من أنه يأتي الزائر من قبل رجلي المتوفى لا من قبل رأسه لأنه أتعب لبصر الميت، بخلاف الأول لأنه يكون مقابل بصره، لكن هذا إذا أمكنه وإلا فقد ثبت «أنه عليه الصلاة والسلام قرأ أول سورة البقرة عند رأس ميت وآخرها عند رجليه» ومن آدابها أن يسلم بلفظ‏:‏ السلام عليكم على الصحيح، لا عليكم السلام فإنه ورد‏:‏ «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا - إن شاء الله - بكم لاحقون، ونسأل الله لنا ولكم العافية» ثم يدعو قائما طويلا، وإن جلس يجلس بعيدا أو قريبا بحسب مرتبته في حال حياته‏.‏ ا هـ‏.‏ قال ط‏:‏ ولفظ الدار مقحم، أو هو من ذكر اللازم لأنه إذا سلم على الدار فأولى ساكنها، وذكر المشيئة للتبرك لأن اللحوق محقق، أو المراد اللحوق على أتم الحالات فتصح المشيئة

‏(‏قوله ويقرأ يس‏)‏ لما ورد «من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ، وكان له بعدد من فيها حسنات» بحر‏.‏ وفي شرح اللباب ويقرأ من القرآن ما تيسر له من الفاتحة وأول البقرة إلى المفلحون وآية الكرسي - وآمن الرسول - وسورة يس وتبارك الملك وسورة التكاثر والإخلاص اثني عشر مرة أو إحدى عشر أو سبعا أو ثلاثا، ثم يقول‏:‏ اللهم أوصل ثواب ما قرأناه إلى فلان أو إليهم‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب في القراءة للميت وإهداء ثوابها له

‏[‏تنبيه‏]‏

صرح علماؤنا في باب الحج عن الغير بأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها كذا في الهداية، بل في زكاة التتارخانية عن المحيط‏:‏ الأفضل لمن يتصدق نفلا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شيء ا هـ‏.‏ هو مذهب أهل السنة والجماعة، لكن استثنى مالك والشافعي العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة فلا يصل ثوابها إلى الميت عندهما، بخلاف غيرها كالصدقة والحج‏.‏ وخالف المعتزلة في الكل، وتمامه في فتح القدير‏.‏ أقول‏:‏ ما مر عن الشافعي هو المشهور عنه‏.‏ والذي حرره المتأخرون من الشافعية وصول القراءة للميت إذا كانت بحضرته أو دعا له عقبها ولو غائبا لأن محل القراءة تنزل الرحمة والبركة، والدعاء عقبها أرجى للقبول، ومقتضاه أن المراد انتفاع الميت بالقراءة لا حصول ثوابها له، ولهذا اختاروا في الدعاء‏:‏ اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته إلى فلان، وأما عندنا فالواصل إليه نفس الثواب‏.‏ وفي البحر‏:‏ من صام أو صلى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء جاز، ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة كذا في البدائع، ثم قال‏:‏ وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتا أو حيا‏.‏ والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره، لإطلاق كلامهم، وأنه لا فرق بين الفرض والنفل‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي جامع الفتاوى‏:‏ وقيل‏:‏ لا يجوز في الفرائض ا هـ‏.‏ وفي كتاب الروح للحافظ أبي عبد الله الدمشقي الحنبلي الشهير بابن قيم الجوزية ما حاصله‏:‏ أنه اختلف في إهداء الثواب إلى الحي؛ فقيل يصح لإطلاق قول أحمد‏:‏ يفعل الخير ويجعل نصفه لأبيه أو أمه، وقيل لا لكونه غير محتاج لأنه يمكنه العمل بنفسه؛ وكذا اختلف في اشتراط نية ذلك عند الفعل، فقيل‏:‏ لا لكن الثواب له فله التبرع به وإهداؤه لمن أراد كإهداء شيء من ماله، وقيل نعم لأنه إذا وقع له لا يقبل انتقاله عنه، وهو الأولى‏.‏ وعلى القول الأول لا يصح إهداء الواجبات لأن العامل ينوي القربة بها عن نفسه‏.‏ وعلى الثاني يصح، وتجزئ عن الفاعل‏.‏ وقد نقل عن جماعة أنهم جعلوا ثواب أعمالهم للمسلمين، وقالوا‏:‏ نلقى الله - تعالى - بالفقر والإفلاس، والشريعة لا تمنع من ذلك‏.‏ ولا يشترط في الوصول أن يهديه بلفظه كما لو أعطى فقيرا بنية الزكاة لأن السنة لم تشترط ذلك في حديث الحج عن الغير ونحوه، نعم إذا فعله لنفسه ثم نوى جعل ثوابه لغيره لم يكف كما لو نوى أن يهب أو يعتق أو يتصدق ويصح إهداء نصف الثواب أو ربعه كما نص عليه أحمد، ولا مانع منه‏.‏ ويوضحه أنه لو أهدى الكل إلى أربعة يحصل لكل منهم ربعه فكذا لو أهدى الربع لواحد وأبقى الباقي لنفسه ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ قلت‏:‏ لكن سئل ابن حجر المكي عما لو قرأ لأهل المقبرة الفاتحة هل يقسم الثواب بينهم أو يصل لكل منهم مثل ثواب ذلك كاملا‏.‏ فأجاب بأنه أفتى جمع بالثاني، وهو اللائق بسعة الفضل‏.‏

مطلب في إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم

‏[‏تتمة‏]‏

ذكر ابن حجر في الفتاوى الفقهية أن الحافظ ابن تيمية زعم منع إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم لأن جنابه الرفيع لا يتجرأ عليه إلا بما أذن فيه، وهو الصلاة عليه، وسؤال الوسيلة له قال‏:‏ وبالغ السبكي وغيره في الرد عليه، بأن مثل ذلك لا يحتاج لإذن خاص؛ ألا ترى أن ابن عمر كان يعتمر عنه صلى الله عليه وسلم عمرا بعد موته من غير وصية‏.‏ وحج ابن الموفق وهو في طبقة الجنيد عنه سبعين حجة، وختم ابن السراج عنه صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرة آلاف ختمة؛ وضحى عنه مثل ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ رأيت نحو ذلك بخط مفتي الحنفية الشهاب أحمد بن الشلبي شيخ صاحب البحر نقلا عن شرح الطيبة للنويري، ومن جملة ما نقله أن ابن عقيل من الحنابلة قال‏:‏ يستحب إهداؤها له صلى الله عليه وسلم ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وقول علمائنا له أن يجعل ثواب عمله لغيره يدخل فيه النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أحق بذلك حيث أنقذنا من الضلالة، ففي ذلك نوع شكر وإسداء جميل له، والكامل قابل لزيادة الكمال‏.‏ وما استدل به بعض المانعين من أنه تحصيل الحاصل لأن جميع أعمال أمته في ميزانه‏.‏ يجاب عنه بأنه لا مانع من ذلك، فإن الله - تعالى - أخبرنا بأنه صلى عليه ثم أمرنا بالصلاة عليه، بأن نقول‏:‏ اللهم صل على محمد، والله أعلم‏.‏ وكذا اختلف في إطلاق قول اجعل ذلك زيادة في شرفه صلى الله عليه وسلم فمنع منه شيخ الإسلام البلقيني والحافظ ابن حجر لأنه لم يرد له دليل‏.‏ وأجاب ابن حجر المكي في الفتاوى الحديثية بأن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وقل رب زدني علما‏}‏ وحديث مسلم «أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه‏:‏ واجعل الحياة زيادة لي في كل خير» دليل على أن مقامه صلى الله عليه وسلم وكماله يقبل الزيادة في العلم والثواب وسائر المراتب والدرجات وكذا ورد في دعاء رؤية البيت‏:‏ وزد من شرفه وعظمه واعتمره تشريفا إلخ فيشمل كل الأنبياء، ويدل على أن الدعاء لهم بزيادة الشرف مندوب، وقد استعمله الإمام النووي في خطبتي كتابيه الروضة والمنهاج، وسبقه إليه الحليمي وصاحبه البيهقي‏.‏ وقد رد على البلقيني وابن حجر شيخ الإسلام القاياتي، ووافقه صاحبه الشرف المناوي، ووافقهما أيضا صاحبهما إمام الحنفية الكمال بن الهمام، بل زاد عليهما بالمبالغة حيث جعل كل ما صح من الكيفيات الواردة في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم موجودا في كيفية الدعاء بزيادة الشرف، وهي‏:‏ اللهم صل أبدا أفضل صلواتك على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك محمد وآله وسلم تسليما كثيرا، وزده تشريفا وتكريما، وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة ا هـ‏.‏ فانظر كيف جعل طلب هذه الزيادة من الأسباب المقتضية لفضل هذه الكيفية على غيرها من الوارد كصلاة التشهد وغيرها، وهذا تصريح من هذا الإمام المحقق بفضل طلب الزيادة له صلى الله عليه وسلم فكيف مع هذا يتوهم أن في ذلك محذورا، ووافقهم أيضا صاحبهم شيخ الإسلام زكريا ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويحفر قبرا لنفسه‏)‏ في بعض النسخ‏:‏ وبحفر قبر لنفسه، على أن لفظة حفر مصدر مجرور بالباء مضاف إلى قبر‏:‏ أي ولا بأس به‏.‏ وفي التتارخانية‏:‏ لا بأس به، ويؤجر عليه، هكذا عمل عمر بن عبد العزيز والربيع بن خيثم وغيرهما‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله والذي ينبغي إلخ‏)‏ كذا قوله في شرح المنية، وقال لأن الحاجة إليه متحققة غالبا، بخلاف القبر ‏{‏وما تدري نفس بأي أرض تموت‏}‏ ‏(‏قوله يكره المشي إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ ويكره الجلوس على القبر، ووطؤه، وحينئذ فما يصنعه من دفنت حول أقاربه خلق من وطء تلك القبور إلى أن يصل إلى قبر قريبه مكروه‏.‏ ويكره النوم عند القبر، وقضاء الحاجة بل أولى، وكل ما لم يعهد من السنة، والمعهود منها ليس إلا زيارتها والدعاء عندها قائما ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفي الأحكام عن الخلاصة وغيرها‏:‏ لو وجد طريقا إن وقع في قلبه أنه محدث لا يمشي عليه وإلا فلا بأس به‏.‏ وفي خزانة الفتاوى وعن أبي حنيفة‏:‏ لا يوطأ القبر إلا لضرورة، ويزار من بعيد ولا يقعد، وإن فعل يكره‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ لا بأس بأن يطأ القبور وهو يقرأ أو يسبح أو يدعو لهم‏.‏ ا هـ‏.‏ وقال في الحلية‏:‏ وتكره الصلاة عليه وإليه لورود النهي عن ذلك، ثم ذكر عن الإمام الطحاوي أنه حمل ما ورد من النهي عن الجلوس على القبر على الجلوس لقضاء الحاجة، وأنه لا يكره الجلوس لغيره جمعا بين الآثار، وأنه قال إن ذلك قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ثم نازعه بما صرح به في النوادر والتحفة والبدائع والمحيط وغيره، من أن أبا حنيفة كره وطء القبر والقعود أو النوم أو قضاء الحاجة عليه، وبأنه ثبت النهي عن وطئه والمشي عليه، وتمامه فيها‏.‏ وقيد في نور الإيضاح كراهة القعود على القبر بما إذا كان لغير قراءة‏.‏ قلت‏:‏ وتقدم أنه إذا بلي الميت، وصار ترابا يجوز زرعه، والبناء عليه، ومقتضاه جواز المشي فوقه‏.‏ ثم رأيت العيني في شرحه على صحيح البخاري ذكر كلام الطحاوي المار، ثم قال‏:‏ فعلى هذا ما ذكره أصحابنا في كتبهم من أن وطء القبور حرام وكذا النوم عليها ليس كما ينبغي، فإن الطحاوي هو أعلم الناس بمذاهب العلماء ولا سيما بمذهب أبي حنيفة انتهى‏.‏ قلت‏:‏ لكن قد علمت أن الواقع في كلامهم التعبير بالكراهة لا بلفظ الحرمة، وحينئذ فقد يوفق بأن ما عزاه الإمام الطحاوي إلى أئمتنا الثلاثة من حمل النهي على الجلوس لقضاء الحاجة يراد به نهي التحريم، وما ذكره غيره من كراهة الوطء والقعود إلخ يراد به كراهة التنزيه في غير قضاء الحاجة‏.‏ وغاية ما فيه إطلاق الكراهة على ما يشمل المعنيين، وهذا كثير في كلامهم، ومنه قولهم مكروهات الصلاة، وتنتفي الكراهة مطلقا إذا كان الجلوس للقراءة كما يأتي، والله سبحانه أعلم‏.‏

مطلب في وضع الجريد ونحو الآس على القبور

‏[‏تتمة‏]‏

يكره أيضا قطع النبات الرطب والحشيش من المقبرة دون اليابس كما في البحر والدرر وشرح المنية وعلله في الإمداد بأنه ما دام رطبا يسبح الله - تعالى - فيؤنس الميت وتنزل بذكره الرحمة ا هـ‏.‏ ونحوه في الخانية‏.‏ أقول‏:‏ ودليله ما ورد في الحديث‏:‏ «من وضعه عليه الصلاة والسلام الجريدة الخضراء بعد شقها نصفين على القبرين اللذين يعذبان»‏.‏ وتعليله بالتخفيف عنهما ما لم ييبسا‏:‏ أي يخفف عنهما ببركة تسبيحهما؛ إذ هو أكمل من تسبيح اليابس لما في الأخضر من نوع حياة؛ وعليه فكراهة قطع ذلك، وإن نبت بنفسه ولم يملك لأن فيه تفويت حق الميت‏.‏ ويؤخذ من ذلك ومن الحديث ندب وضع ذلك للاتباع ويقاس عليه ما اعتيد في زماننا من وضع أغصان الآس ونحوه، وصرح بذلك أيضا جماعة من الشافعية، وهذا أولى مما قال بعض المالكية من أن التخفيف عن القبرين إنما حصل ببركة يده الشريفة صلى الله عليه وسلم أو دعائه لهما فلا يقاس عليه غيره‏.‏ وقد ذكر البخاري في صحيحه أن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه أوصى بأن يجعل في قبره جريدتان، والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا يكره الدفن ليلا‏)‏ والمستحب كونه نهارا شرح المنية ‏(‏قوله‏:‏ ولا إجلاس القارئين عند القبر‏)‏ عبارة نور الإيضاح وشرحه ولا يكره الجلوس للقراءة على القبر في المختار لتأدية القراءة على الوجه المطلوب بالسكينة والتدبر والاتعاظ‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ عظم الذمي محترم‏)‏ فلا يكسر إذا وجد في قبره لأنه كما حرم إيذاؤه في حياته لأنه مثله وجبت صيانة نفسه عن الكسر بعد موته خانية‏.‏ وأما أهل الحرب، فإن احتيج إلى نبشهم فلا بأس به تتارخانية عن الحجة، فتنبش وترفع العظام والآثار، وتتخذ مقبرة للمسلمين أو مسجدا كما في الواقعات إسماعيل

‏(‏قوله إنما يعذب إلخ‏)‏ قال بعضهم‏:‏ يعذب لما في الحديث‏:‏ «إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه» وقال عامة العلماء‏:‏ لا ‏{‏ولا تزر وازرة وزر أخرى‏}‏ وتأويل الحديث أنهم في ذلك الزمان كانوا يوصون بالنوح، فقال عليه الصلاة والسلام ذلك بحر عن الظهيرية وفي شرح التكملة أن المراد من الحديث الندب والنياحة‏.‏ وعن عائشة رضي الله تعالى عنها‏:‏ «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لما مر على قوم يبكون على يهودي فقال‏:‏ إنه ليعذب وهم يبكون عليه»‏.‏ ا هـ‏.‏ إسماعيل

‏(‏قوله عهد نامه‏)‏ بفتح الميم وسكون الهاء، ومعناه بالفارسية الرسالة، والمعنى رسالة العهد‏.‏ والمعنى أن يكتب شيء مما يدل أنه على العهد الأزلي الذي بينه وبين ربه يوم أخذ الميثاق من الإيمان والتوحيد والتبرك بأسمائه - تعالى، ونحو ذلك ح ‏(‏قوله‏:‏ يرجى إلخ‏)‏ مفاده الإباحة أو الندب‏.‏ وفي البزازية قبيل كتاب الجنايات‏:‏ وذكر الإمام الصفار لو كتب على جبهة الميت أو على عمامته أو كفنه عهد نامه يرجى أن يغفر الله - تعالى - للميت ويجعله آمنا من عذاب القبر‏.‏ قال نصير‏:‏ هذه رواية في تجويز ذلك، وقد روي أنه كان مكتوبا على أفخاذ أفراس في إصطبل الفاروق‏:‏ حبيس في سبيل الله - تعالى ا هـ‏.‏

مطلب فيما يكتب على كفن الميت

وفي فتاوى المحقق ابن حجر المكي الشافعي‏:‏ سئل عن كتابة العهد على الكفن وهو لا إله إلا الله والله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ‏"‏ وقيل‏:‏ إنه ‏"‏ اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك صلى الله عليه وسلم فلا تكلني إلى نفسي، تقربني من الشر وتبعدني من الخير، وأنا لا أثق إلا برحمتك، فاجعل لي عهدا عندك توفينيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد ‏"‏ هل يجوز‏؟‏ ولذلك أصل‏؟‏‏.‏ فأجاب بقوله‏:‏ نقل بعضهم عن نوادر الأصول للترمذي ما يقتضي أن هذا الدعاء له أصل، وأن الفقيه ابن عجيل كان يأمر به ثم أفتى بجواز كتابته قياسا على كتابة لله في إبل الزكاة، وأقره بعضهم، وفيه نظر‏.‏ وقد أفتى ابن الصلاح بأنه لا يجوز أن يكتب على الكفن يس والكهف ونحوهما خوفا من صديد الميت والقياس المذكور ممنوع لأن القصد ثم التمييز وهنا التبرك، فالأسماء المعظمة باقية على حالها فلا يجوز تعريضها للنجاسة، والقول بأنه يطلب فعله مردود لأن مثل ذلك لا يحتج به إلا إذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم طلب ذلك وليس كذلك ا هـ‏.‏ وقدمنا قبيل باب المياه عن الفتح أنه تكره كتابة القرآن وأسماء الله - تعالى - على الدراهم والمحاريب والجدران وما يفرش، وما ذاك إلا لاحترامه، وخشية وطئه ونحوه مما فيه إهانة فالمنع هنا بالأولى ما لم يثبت عن المجتهد أو ينقل فيه حديث ثابت فتأمل‏.‏ نعم نقل بعض المحشين عن فوائد الشرجي أن مما يكتب على جبهة الميت بغير مداد بالأصبع المسبحة - بسم الله الرحمن الرحيم - وعلى الصدر لا إله إلا الله محمد رسول الله، وذلك بعد الغسل قبل التكفين ا هـ‏.‏ والله أعلم‏.‏