فصل: باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

المفسد هنا قسمان‏:‏ ما يوجب القضاء فقط، أو مع الكفارة‏.‏ وغير المفسد قسمان أيضا‏:‏ ما يباح فعله، أو يكره ‏(‏قوله‏:‏ الفساد والبطلان في العبادات سيان‏)‏ أما في المعاملات فإن لم يترتب أثر المعاملة عليها فهو البطلان، وإن ترتب فإن كان مطلوب التفاسخ شرعا فهو الفساد وإلا فهو الصحة ح عن البحر‏.‏ بيانه لو باع ميتة فإن أثر المعاملة هنا وهو الملك غير مترتب عليها، ولو باع عبدا بشرط فاسد وسلمه ملكه المشتري فاسدا وهو واجب التفاسخ ولو بدون شرط ملكه صحيحا ‏(‏وقوله‏:‏ إذا أكل‏)‏ شرط جوابه قوله الآتي لم يفطر كما سينبه عليه الشارح ‏(‏قوله‏:‏ ناسيا‏)‏ أي لصومه؛ لأنه ذاكر للأكل والشرب والجماع معراج ‏(‏قوله في الفرض‏)‏ ولو قضاء أو كفارة ‏(‏قوله‏:‏ قبل النية أو بعدها‏)‏ قدم الشارح هذه المسألة عن شرح الوهبانية قبيل قوله رأى مكلف هلال رمضان إلخ وصورها في المتلوم تبعا للوهبانية وشرحها لكونه في معنى الصائم إذا ظهرت رمضانية اليوم بعدما أكل ناسيا ثم نوى فيتصور منه النسيان أي نسيان تلومه لأجل الصوم، بخلاف المتنفل فإنه لو أكل قبل النية لا يسمى ناسيا وكذا في صوم القضاء والكفارة نعم يتصور النسيان في أداء رمضان والمنذور المعين ‏(‏قوله‏:‏ على الصحيح‏)‏ متصل بقوله قبل النية وقد نقل تصحيحه أيضا في التتارخانية عن العتابية، وقيل إذا ظهرت رمضانيته لا يجزيه وبه جزم في السراج وتبعه في الشرنبلالية ونظم ابن وهبان القولين مع حكاية التصحيح للأول، وأقره في البحر والنهر فكان هو المعتمد فافهم ‏(‏قوله‏:‏ إلا أن يذكر فلم يتذكر‏)‏ أي إذا أكل ناسيا فذكره إنسان بالصوم ولم يتذكر فأكل فسد صومه في الصحيح خلافا لبعضهم ظهيرية؛ لأن خبر الواحد في الديانات مقبول، فكان يجب أن يلتفت إلى تأمل الحال لوجود المذكر بحر‏.‏ قلت‏:‏ لكن لا كفارة عليه وهو المختار كما في التتارخانية عن النصاب وقد نسبوا هذه المسألة إلى أبي يوسف ونسب إليه القهستاني فساد الصوم بالنسيان مطلقا ولم أره لغيره وسيأتي ما يرده ‏(‏قوله‏:‏ ويذكره‏)‏ أي لزوما كما في الولوالجية فيكره تركه تحريما بحر ‏(‏وقوله لو قويا‏)‏ أي له قوة على إتمام الصوم، بلا ضعف، وإذا كان يضعف بالصوم ولو أكل يتقوى على سائر الطاعة يسعه أن لا يخبره فتح وعبارة غيره الأولى أن لا يخبره وتعبير الزيلعي بالشاب والشيخ جرى على الغالب، ثم هذا التفصيل جرى عليه غير واحد وفي السراج عن الواقعات المختار أنه يذكره مطلقا نهر‏.‏مطلب يكره السهر إذا خاف فوت الصبح

قال ح عن شيخه‏:‏ ومثل أكل الناسي النوم عن صلاة؛ لأن كلا منهما معصية في نفسه كما صرحوا أنه يكره السهر إذا خاف فوت الصبح لكن الناسي أو النائم غير قادر فسقط الإثم عنهما لكن وجب على من يعلم حالهما تذكير الناسي وإيقاظ النائم إلا في حق الضعيف عن الصوم مرحمة له‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وليس‏)‏ أي النسيان عذرا في حقوق العباد أي من حيث ترتب الحكم على فعله فلو أكل الوديعة ناسيا ضمنها أما من حيث المؤاخذة في الآخرة فهو عذر مسقط للإثم كما في حقوقه تعالى، وأما من حيث الحكم في حقوقه تعالى، فإن كان في موضع مذكر ولا داعي إليه كأكل المصلي لم يسقط لتقصيره فإن حالة المصلي مذكرة وطول الوقت الداعي إلى الأكل غير موجود، بخلاف سلامه في القعدة الأولى وأكل الصائم فإنه ساقط لوجود الداعي، وهو كون القعدة محل السلام وطول الوقت الداعي إلى الطعام مع عدم المذكر، بخلاف ترك الذابح التسمية فإن حالة الذبح منفرة لا مذكرة مع عدم الداعي فتسقط أيضا من البحر مع زيادة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ استحسانا‏)‏ وفي القياس يفسد أي بدخول الذباب لوصول المفطر إلى جوفه وإن كان لا يتغذى به كالتراب والحصاد هداية ‏(‏قوله‏:‏ لعدم إمكان التحرز عنه‏)‏ فأشبه الغبار والدخان لدخولهما من الأنف إذا أطبق الفم كما في الفتح، وهذا يفيد أنه إذا وجد بدا من تعاطي ما يدخل غباره في حلقه أفسد لو فعل شرنبلالية ‏(‏قوله‏:‏ ومفاده‏)‏ أي مفاد قوله دخل أي بنفسه بلا صنع منه ‏(‏قوله‏:‏ أنه لو أدخل حلقه الدخان‏)‏ أي بأي صورة كان الإدخال، حتى لو تبخر ببخور وآواه إلى نفسه واشتمه ذاكرا لصومه أفطر لإمكان التحرز عنه وهذا مما يغفل عنه كثير من الناس، ولا يتوهم أنه كشم الورد ومائه والمسك لوضوح الفرق بين هواء تطيب بريح المسك وشبهه وبين جوهر دخان وصل إلى جوفه بفعله إمداد وبه علم حكم شرب الدخان ونظمه الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية بقوله‏:‏ ويمنع من بيع الدخان وشربه وشاربه في الصوم لا شك يفطر ويلزمه التكفير لو ظن نافعا كذا دافعا شهوات بطن فقرروا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن وجد طعمه في حلقه‏)‏ أي طعم الكحل أو الدهن كما في السراج وكذا لو بزق فوجد لونه في الأصح بحر قال في النهر؛ لأن الموجود في حلقه أثر داخل من المسام الذي هو خلل البدن والمفطر إنما هو الداخل من المنافذ للاتفاق على أن من اغتسل في ماء فوجد برده في باطنه أنه لا يفطر وإنما كره الإمام الدخول في الماء والتلفف بالثوب المبلول لما فيه من إظهار الضجر في إقامة العبادة لا؛ لأنه مفطر‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي أن كلا من الكحل والدهن غير مكروه وكذا في الحجامة إلا إذا كانت تضعفه عن الصوم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أو بفكر‏)‏ عطف على قوله بنظر ‏(‏قوله أو بقي بلل في فيه بعد المضمضة‏)‏ جعله في الفتح والبدائع شبيه دخول الدخان والغبار ومقتضاه أن العلة على عدم إمكان التحرز عنه، وينبغي اشتراط البصق بعد مج الماء لاختلاط الماء بالبصاق، فلا يخرج بمجرد المج نعم لا يشترط المبالغة في البصق؛ لأن الباقي بعده مجرد بلل ورطوبة لا يمكن التحرز عنه وعلى ما قلنا ينبغي أن يحمل قوله في البزازية إذا بقي بعد المضمضة ماء فابتلعه بالبزاق لم يفطر لتعذر الاحتراز فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كطعم أدوية‏)‏ أي لو دق دواء فوجد طعمه في حلقه زيلعي وغيره‏.‏ وفي القهستاني طعم الأدوية وريح العطر إذا وجد في حلقه لم يفطر كما في المحيط ‏(‏قوله‏:‏ ومص إهليلج‏)‏ أي بأن مضغها فدخل البصاق حلقه ولا يدخل من عينها في جوفه لا يفسد صومه كما في التتارخانية وغيرها وفي المغرب الهليلج معروف عن الليث، وكذا في القانون وعن أبي عبيد الإهليلجة بكسر اللام الأخيرة ولا تقل هليلجة وكذا قال الفراء‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن كان بفعله‏)‏ اختاره في الهداية والتبيين وصححه في المحيط، وفي الولوالجية أنه المختار، وفصل في الخانية بأنه إن دخل لا يفسد وإن أدخله يفسد في الصحيح؛ لأنه وصل إلى الجوف بفعله فلا يعتبر فيه صلاح البدن، ومثله في البزازية واستظهره في الفتح والبرهان شرنبلالية ملخصا‏.‏ والحاصل الاتفاق على الفطر بصب الدهن وعلى عدمه بدخول الماء‏.‏ واختلف التصحيح في إدخاله نوح ‏(‏قوله‏:‏ كما لو حك أذنه إلخ‏)‏ جعله مشبها به لما في البزازية أنه لا يفسد بالإجماع والظاهر أن المراد إجماع أهل المذهب؛ لأنه عند الشافعية مفسد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأنه تبع لريقه‏)‏ عبارة البحر؛ لأنه قليل لا يمكن الاحتراز عنه فجعل بمنزلة الريق ‏(‏قوله‏:‏ كما سيجيء‏)‏ أي قبيل قوله وكره له ذوق شيء ويأتي تفاصيل المسألة هناك ‏(‏قوله‏:‏ يعني ولم يصل إلى جوفه‏)‏ ظاهر إطلاق المتن أنه لا يفطر وإن كان الدم غالبا على الريق وصححه في الوجيز كما في السراج وقال‏:‏ ووجهه أنه لا يمكن الاحتراز عنه عادة فصار بمنزلة ما بين أسنانه وما يبقى من أثر المضمضة كذا في إيضاح الصيرفي‏.‏ ا هـ‏.‏ ولما كان هذا القول خلاف ما عليه الأكثر من التفصيل حاول الشارح تبعا للمصنف في شرحه بحمل كلام المتن على ما إذا لم يصل إلى جوفه؛ لئلا يخالف ما عليه الأكثر‏.‏ قلت‏:‏ ومن هذا يعلم حكم من قلع ضرسه في رمضان ودخل الدم إلى جوفه في النهار ولو نائما فيجب عليه القضاء إلا أن يفرق بعدم إمكان التحرز عنه فيكون كالقيء الذي عاد بنفسه فليراجع ‏(‏قوله‏:‏ واستحسنه المصنف‏)‏ أي تبعا لشرح الوهبانية حيث قال فيه وفي البزازية قيد عدم الفساد في صورة غلبة البصاق بما إذا لم يجد طعمه وهو حسن‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ هو ما عليه الأكثر‏)‏ أي ما ذكر من التفصيل بين ما إذا غلب الدم أو تساويا أو غلب البصاق هو ما عليه أكثر المشايخ كما في النهر ‏(‏قوله‏:‏ وسيجيء‏)‏ أي ما استحسنه المصنف حيث يقول‏:‏ وأكل مثل سمسمة من خارج يفطر إلا إذا مضغ بحيث تلاشت في فمه إلا أن يجد الطعم في حلقه ا هـ‏.‏ ولا يخفى ما في كلامه من تشتيت الضمائر كما علمت‏.‏

‏(‏قوله وإن بقي في جوفه‏)‏ أي بقي زجه وهذا ما صححه جماعة منهم قاضي خان في شرحه على الجامع الصغير حيث قال‏:‏ وإن بقي الزج في جوفه لم يذكر في الكتاب‏.‏ واختلفوا فيه قال بعضهم‏:‏ يفسده كما لو أدخل خشبة في دبره وغيبها وقال بعضهم‏:‏ لا يفسد وهو الصحيح؛ لأنه لم يوجد منه الفعل ولم يصل إليه ما فيه صلاحه‏.‏ ا هـ‏.‏ وحاصله أن الإفساد منوط بما إذا كان بفعله أو فيه صلاح بدنه، ويشترط أيضا استقراره داخل الجوف فيفسد بالخشبة إذا غيبها لوجود الفعل مع الاستقرار وإن لم يغيبها فلا لعدم الاستقرار ويفسد أيضا فيما لو أوجر مكرها أو نائما كما سيأتي؛ لأن فيه صلاحه ‏(‏قوله‏:‏ كما لو ألقي حجر‏)‏ أي ألقاه غيره فلا يفسد لكونه بغير فعله وليس فيه صلاحه بخلاف ما لو داوى الجائفة كما سيأتي ‏(‏قوله‏:‏ ولو بقي النصل في جوفه فسد‏)‏ هذا على أحد القولين إذ لا فرق بين نصل السهم ونصل الرمح فقد صرح في فتح القدير بأن الخلاف جار فيهما وبأن عدم الإفطار صححه جماعة ا هـ‏.‏ وقد جزم الزيلعي بالصحيح فيهما وبه علم ما في كلام الشارح حيث جرى أولا على الصحيح وثانيا على مقابله فافهم ‏(‏قوله‏:‏ وإن غيبه‏)‏ أي غيب الطرف أو العود بحيث لم يبق منه شيء في الخارج ‏(‏قوله‏:‏ وكذا لو ابتلع خشبة‏)‏ أي عودا من خشب إن غاب في حلقه أفطر وإلا فلا ‏(‏قوله‏:‏ مفاده‏)‏ أي مفاد ما ذكر متنا وشرحا وهو أن ما دخل في الجوف إن غاب فيه فسد وهو المراد بالاستقرار وإن لم يغب بل بقي طرف منه في الخارج أو كان متصلا بشيء خارج لا يفسد لعدم استقراره‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أي دبره أو فرجها‏)‏ أشار إلى أن تذكير الضمير العائد إلى المقعدة لكونها في معنى الدبر ونحوه وإلى أن فاعل أدخل ضمير عائد على الشخص الصائم الصادق بالذكر والأنثى ‏(‏قوله‏:‏ ولو مبتلة فسد‏)‏ لبقاء شيء من البلة في الداخل وهذا لو أدخل الأصبع إلى موضع المحقنة كما يعلم مما بعده قال ط ومحله إذا كان ذاكرا للصوم وإلا فلا فساد كما في الهندية عن الزاهدي ا هـ‏.‏ وفي الفتح خرج سرمه فغسله فإن قام قبل أن ينشفه فسد صومه وإلا فلا؛ لأن الماء اتصل بظاهره ثم زال قبل أن يصل إلى الباطن بعود المقعدة ‏(‏قوله‏:‏ حتى بلغ موضع الحقنة‏)‏ هي دواء يجعل في خريطة من أدم يقال لها المحقنة مغرب ثم في بعض النسخ المحقنة بالميم وهي أولى قال في الفتح‏:‏ والحد الذي يتعلق بالوصول إليه الفساد قدر المحقنة ا هـ‏.‏ أي قدر ما يصل إليه رأس المحقنة التي هي آلة الاحتقان وعلى الأول فالمراد الموضع الذي ينصب منه الدواء إلى الأمعاء ‏(‏قوله‏:‏ عند ذكره‏)‏ بالضم ويكسر بمعنى التذكر قاموس ‏(‏قوله‏:‏ وكذا عند طلوع الفجر‏)‏ أي وكذا لا يفطر لو جامع عامدا قبل الفجر ونزع في الحال عند طلوعه ‏(‏قوله‏:‏ ولو مكث‏)‏ أي في مسألة التذكر ومسألة الطلوع ‏(‏قوله‏:‏ حتى أمنى‏)‏ هذا غير شرط في الإفساد وإنما ذكره لبيان حكم الكفارة إمداد ‏(‏قوله‏:‏ وإن حرك نفسه قضى وكفر‏)‏ أي إذا أمنى كما هو فرض المسألة وقد علمت أن تقييده بالإمناء لأجل الكفارة لكن جزم هنا بوجوب الكفارة مع أنه في الفتح وغيره حكى قولين بدون ترجيح لأحدهما‏.‏ وقد اعترضه ح بأن وجوبها مخالف لما سيأتي من أنه إذا أكل أو جامع ناسيا فأكل عمدا لا كفارة عليه على المذهب لشبهة خلاف مالك؛ لأنه يقول بفساد الصوم إذا أكل أو جامع ناسيا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ووجه المخالفة أنه إذا لم تجب الكفارة في الأكل عمدا بعد الجماع ناسيا يلزم منه أن لا تجب بالأولى فيما إذا جامع ناسيا فتذكر ومكث وحرك نفسه؛ لأن الفساد بالتحريك إنما هو لكون التحريك بمنزلة ابتداء جماع والجماع كالأكل وإذا أكل أو جامع عمدا بعد جماعه ناسيا لا تجب الكفارة فكذا لا تجب إذا حرك نفسه بالأولى، لكن هذا لا يخالف مسألة الطلوع‏.‏ نعم يؤيد عدم الوجوب فيها أيضا إطلاق ما في البدائع حيث قال هذا أي عدم الفساد إذا نزع بعد التذكر أو بعد طلوع الفجر، أما إذا لم ينزع وبقي فعليه القضاء ولا كفارة عليه في ظاهر الرواية‏.‏ وروي عن أبي يوسف وجوب الكفارة في الطلوع فقط؛ لأن ابتداء الجماع كان عمدا وهو واحد ابتداء وانتهاء والجماع العمد يوجبها وفي التذكر لا كفارة ووجه الظاهر أن الكفارة إنما تجب بإفساد الصوم وذلك بعد وجوده، وبقاؤه في الجماع يمنع وجود الصوم فاستحال إفساده فلا كفارة‏.‏ ا هـ‏.‏ فهذا يدل على أن عدم وجوبها في التذكر متفق عليه؛ لأن ابتداءه لم يكن عمدا وهو فعل واحد فدخلت فيه الشبهة ولأن فيه شبهة خلاف مالك كما علمت وإنما الخلاف في الطلوع وما وجه به ظاهر الرواية يدل على عدم الفرق بين تحريك نفسه وعدمه‏.‏ هذا وفي نقل الهندية عبارة البدائع سقط فافهم ‏(‏قوله‏:‏ كما لو نزع ثم أولج‏)‏ أي في المسألتين لما في الخلاصة، ولو نزع حين تذكر ثم عاد تجب الكفارة وكذا في مسألة الصبح‏.‏ ا هـ‏.‏ لكن في مسألة التذكر ينبغي عدم الكفارة لما علمت من شبهة خلاف مالك ولعل ما هنا مبني على القول الآخر بعدم اعتبار هذه الشبهة تأمل ‏(‏قوله‏:‏ وبعده لا‏)‏ أي لاستقذارها وهذا هو الأصح كما في شرح الوهبانية عن المحيط، وفيه عن الظهيرية إن قبل أن تبرد كفر وبعده لا وعن ابن الفضل إن كانت لقمة نفسه كفر وإلا فلا ا هـ‏.‏

مطلب مهم المفتي في الوقائع

لا بد له من ضرب اجتهاد ومعرفة بأحوال الناس قلت‏:‏ والتعليل للأصح بالاستقذار يدل على تقييده بأن تبرد فيتحد مع القول الثاني لقولهم‏:‏ إن اللقمة الحارة يخرجها ثم يأكلها عادة ولا يعافها، لكن هذا مبني على أن الفداء الموجب للكفارة ما يميل إليه الطبع، وتنقضي به شهوة البطن لا ما يعود نفعه إلى صلاح البدن والشارح فيما سيأتي اعتمد الثاني وسيأتي الكلام فيه وذكر في الفتح فيما لو أكل لحما بين أسنانه قدر الحمصة فأكثر عليه الكفارة عند زفر لا عند أبي يوسف؛ لأنه يعافه الطبع فصار بمنزلة التراب فقال‏:‏ والتحقيق أن المفتي في الوقائع لا بد له من ضرب اجتهاد ومعرفة بأحوال الناس، وقد عرف أن الكفارة تفتقر إلى كمال الجناية فينظر في صاحب الواقعة إن كان ممن يعاف طبعه ذلك أخذ بقول أبي يوسف وإلا أخذ بقول زفر ‏(‏قوله‏:‏ ولم ينزل‏)‏‏.‏ أما لو أنزل قضى فقط كما سيذكره المصنف أي بلا كفارة قال في الفتح وعمل المرأتين كعمل الرجال جماع أيضا فيما دون الفرج لا قضاء على واحدة منهما إلا إذا أنزلت ولا كفارة مع الإنزال‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ يعني في غير السبيلين‏)‏ أشار لما في الفتح حيث قال أراد بالفرج كلا من القبل والدبر، فما دونه حينئذ التفخيذ والتبطين ا هـ‏.‏ أي؛ لأن الفرج لا يشمل الدبر لغة وإن شمله حكما قال في المغرب الفرج قبل الرجل والمرأة باتفاق أهل اللغة ثم قال وقوله القبل والدبر كلاهما فرج يعني في الحكم‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب في حكم الاستمناء بالكف

‏(‏قوله‏:‏ وكذا الاستمناء بالكف‏)‏ أي في كونه لا يفسد لكن هذا إذا لم ينزل أما إذا أنزل فعليه القضاء كما سيصرح به وهو المختار كما يأتي لكن المتبادر من كلامه الإنزال بقرينة ما بعده فيكون على خلاف المختار ‏(‏قوله‏:‏ ولو خاف الزنى إلخ‏)‏ الظاهر أنه غير قيد بل لو تعين الخلاص من الزنى به وجب؛ لأنه أخف وعبارة الفتح فإن غلبته الشهوة ففعل إرادة تسكينها به فالرجاء أن لا يعاقب ا هـ‏.‏ زاد في معراج الدراية وعن أحمد والشافعي في القديم الترخص فيه وفي الجديد يحرم ويجوز أن يستمني بيد زوجته وخادمته ا هـ‏.‏ وسيذكر الشارح في الحدود عن الجوهرة أنه يكره ولعل المراد به كراهة التنزيه فلا ينافي قول المعراج يجوز تأمل وفي السراج إن أراد بذلك تسكين الشهوة المفرطة الشاغلة للقلب وكان عزبا لا زوجة له ولا أمة أو كان إلا أنه لا يقدر على الوصول إليها لعذر قال أبو الليث أرجو أن لا وبال عليه وأما إذا فعله لاستجلاب الشهوة فهو آثم ا هـ‏.‏ بقي هنا شيء وهو أن علة الإثم هل هي كون ذلك استمتاعا بالجزء كما يفيده الحديث وتقييدهم كونه بالكف ويلحق به ما لو أدخل ذكره بين فخذيه مثلا حتى أمنى، أم هي سفح الماء وتهييج الشهوة في غير محلها بغير عذر كما يفيده قوله وأما إذا فعله لاستجلاب الشهوة إلخ‏؟‏ لم أر من صرح بشيء من ذلك والظاهر الأخير؛ لأن فعله بيد زوجته ونحوها فيه سفح الماء لكن بالاستمتاع بجزء مباح كما لو أنزل بتفخيذ أو تبطين بخلاف ما إذا كان بكفه ونحوه وعلى هذا فلو أدخل ذكره في حائط أو نحوه حتى أمنى أو استمنى بكفه بحائل يمنع الحرارة يأثم أيضا ويدل أيضا على ما قلنا ما في الزيلعي حيث استدل على عدم حله بالكف بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين هم لفروجهم حافظون‏}‏ الآية وقال فلم يبح الاستمتاع إلا بهما أي بالزوجة والأمة ا هـ‏.‏ فأفاد عدم حل الاستمتاع أي قضاء الشهوة بغيرهما هذا ما ظهر لي والله سبحانه أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ من غير إنزال‏)‏ أما به فعليه القضاء فقط كما سيأتي ‏(‏قوله‏:‏ أو قبلها‏)‏ عطف على مس فهو فعل ماض من التقبيل ‏(‏قوله‏:‏ فأنزل‏)‏ وكذا لا يفسد صومه بدون إنزال بالأولى ونقل في البحر وكذا الزيلعي وغيره الإجماع على عدم الإفساد مع الإنزال‏.‏ واستشكله في الإمداد بمسألة الاستمناء بالكف‏.‏ قلت‏:‏ والفرق أن هناك إنزالا مع مباشرة بالفرج وهنا بدونها وعلى هذا فالأصل أن الجماع المفسد للصوم هو الجماع صورة وهو ظاهر، أو معنى فقط وهو الإنزال عن مباشرة بفرجه لا في فرج أو في فرج غير مشتهى عادة أو عن مباشرة بغير فرجه في محل مشتهى عادة ففي الإنزال بالكف أو بتفخيذ أو تبطين وجدت المباشرة بفرجه لا في فرج وكذا الإنزال بعمل المرأتين فإنها مباشرة فرج بفرج لا في فرج، وفي الإنزال بوطء ميتة أو بهيمة وجدت المباشرة بفرجه في فرج غير مشتهى عادة، وفي الإنزال بمس آدمي أو تقبيله وجدت المباشرة بغير فرجه في محل مشتهى‏.‏ أما الإنزال بمس أو تقبيل بهيمة فإنه لم يوجد فيه شيء من معنى الجماع فصار كالإنزال بنظر أو تفكر فلذا لم يفسد الصوم إجماعا هذا ما ظهر لي من فيض الفتاح العليم ‏(‏قوله‏:‏ على المذهب‏)‏ أي قول أبي حنيفة ومحمد معه في الأظهر‏.‏ وقال أبو يوسف يفطر والاختلاف مبني على أنه هل بين المثانة والجوف منفذ أو لا وهو ليس باختلاف على التحقيق والأظهر أنه لا منفذ له وإنما يجتمع البول فيها بالترشيح كذا يقول الأطباء زيلعي‏.‏ وأفاد أنه لو بقي في قصبة الذكر لا يفسد اتفاقا ولا شك في ذلك وبه بطل ما نقل عن خزانة الأكمل لو حشا ذكره بقطنة فغيبها أنه يفسد؛ لأن العلة من الجانبين الوصول إلى الجوف وعدمه بناء على وجود المنفذ وعدمه لكن هذا يقتضي عدم الفساد في حشو الدبر وفرجها الداخل ولا مخلص إلا بإثبات أن المدخل فيهما تجذبه الطبيعة فلا يعود إلا مع الخارج المعتاد وتمامه في الفتح‏.‏ قلت‏:‏ الأقرب التخلص بأن الدبر والفرج الداخل من الجوف إذ لا حاجز بينهما وبينه فهما في حكمه والفم والأنف وإن لم يكن بينهما وبين الجوف حاجز إلا أن الشارع اعتبرهما في الصوم من الخارج وهذا بخلاف قصبة الذكر فإن المثانة لا منفذ لها على قولهما وعلى قول أبي يوسف وإن كان لها منفذ إلى الجوف إلا أن المنفذ الآخر المتصل بالقصبة منطبق لا ينفتح إلا عند خروج البول فلم يعط للقصبة حكم الجوف تأمل ‏(‏قوله فمفسد إجماعا‏)‏ وقيل على الخلاف والأول أصح فتح عن المبسوط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أو دخل أنفه‏)‏ الأولى أو نزل إلى أنفه ‏(‏قوله‏:‏ وإن نزل لرأس أنفه‏)‏ ذكره في الشرنبلالية أخذا من إطلاقهم، ومن قولهم بعدم الفطر ببزاق امتد ولم ينقطع من فمه إلى ذقنه ثم ابتلعه بجذبه ومن قول الظهيرية وكذا المخاط والبزاق يخرج من فيه وأنفه فاستشمه واستنشقه لا يفسد صومه‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم قال‏:‏ لكن يخالفه ما في القنية نزل المخاط إلى رأس أنفه لكن لم يظهر ثم جذبه فوصل إلى جوفه لم يفسد ا هـ‏.‏ حيث قيد بعدم الظهور ‏(‏قوله‏:‏ فاستنشقه‏)‏ الأولى فجذبه؛ لأن الاستنشاق بالأنف وفي نسخ فاستشفه بتاء فوقية وفاء أي جذبه بشفتيه وهو ظاهر ط ‏(‏قوله‏:‏ فينبغي الاحتياط‏)‏؛ لأن مراعاة الخلاف مندوبة وهذه الفائدة نبه عليها ابن الشحنة ومفاده أنه لو ابتلع البلغم بعدما تخلص بالتنحنح من حلقه إلى فمه لا يفطر عندنا قال في الشرنبلالية ولم أره ولعله كالمخاط قال‏:‏ ثم وجدتها في التتارخانية سئل إبراهيم عمن ابتلع بلغما قال إن كان أقل من ملء فيه لا ينقض إجماعا وإن كان ملء فيه ينقض صومه عند أبي يوسف وعند أبي حنيفة لا ينقض‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيذكر الشارح ذلك أيضا في بحث القيء ‏(‏قوله‏:‏ وإن كره‏)‏ أي إلا لعذر كما يأتي ط ‏(‏قوله‏:‏ وكذا لو فتل الخيط ببزاقه مرارا إلخ‏)‏ يعني إذا أراد فتل الخيط وبله ببزاقه وأدخله في فمه مرارا لا يفسد صومه وإن بقي في الخيط عقد البزاق وفي النظم للزندوستي أنه يفسد كذا في القنية‏.‏ وحكى الأول في الظهيرية عن شمس الأئمة الحلواني ثم قال‏:‏ وذكر الزندوستي إذا فتل السلكة وبلها بريقه ثم أمرها ثانيا في فمه ثم ابتلع ذلك البزاق فسد صومه‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم لا يخفى أن المحكي عن شمس الأئمة مقيد بما إذا ابتلع البزاق وإلا فلا فائدة في التنبيه على أنه لا يفسد صومه فهو محمول على ما صرح به في النظم فكان مرد صاحب الظهيرية أن ذلك المطلق محمول على هذا المقيد فهما مسألة واحدة خلافا لما استظهره في شرح الوهبانية من أنهما مسألتان بحمل الأولى على ما إذا لم يبتلع البزاق والثانية على ما إذا ابتلعه إذ لا يبقى خلاف حينئذ أصلا كما لا يخفى وهو خلاف المفهوم من القنية والظهيرية ‏(‏قوله‏:‏ مكرر‏)‏ مبتدأ وقوله بالريق متعلق ببل وقوله بإدخاله متعلق بخبر المبتدأ الذي هو قوله لا يتضرر ووجهه أنه بمنزلة الريق على فمه إذا لم يتقطع كما في شرح الشرنبلالي ط ‏(‏قوله‏:‏ بعد ذا‏)‏ أي بعد تكرار إدخاله في فيه ‏(‏قوله‏:‏ يضر‏)‏ أي الصوم ويفسده؛ لأن إخراجه بمنزله انقطاع البزاق المتدلي كذا في شرح الشرنبلالي ط ‏(‏قوله‏:‏ كصبغ‏)‏ أي كما يضر ابتلاع الصبغ وهذا مما لا خلاف فيه ‏(‏وقوله لونه‏)‏ أي الصبغ ‏(‏وفيه‏)‏ أي الريق متعلق بيظهر ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن أفطر خطأ‏)‏ شرط جوابه قوله الآتي قضى فقط وهذا شروع في القسم الثاني وهو ما يوجب القضاء دون الكفارة بعد فراغه مما لا يوجب شيئا والمراد بالمخطئ من فسد صومه بفعله المقصود دون قصد الفساد نهر عن الفتح ‏(‏قوله‏:‏ فسبقه الماء‏)‏ أي يفسد صومه إن كان ذاكرا له وإلا فلا؛ لأنه لو شرب حينئذ لم يفسد فهذا أولى وقيل إن تمضمض ثلاثا لم يفسد وإن زاد فسد بدائع ‏(‏قوله‏:‏ أو شرب نائما‏)‏ فيه أن النائم غير مخطئ لعدم قصده الفعل نعم صرح في النهر بأن المكروه والنائم كالمخطئ‏.‏ ا هـ‏.‏ وليس هو كالناسي؛ لأن النائم أو ذاهب العقل لم تؤكل ذبيحته وتؤكل ذبيحة من نسي التسمية بحر عن الخانية قال الرحمتي ومعناه‏:‏ أن النسيان اعتبر عذرا في ترك التسمية بخلاف النوم والجنون فكذا يعتبر عذرا في تناول المفطر؛ لأن النسيان غير نادر الوقوع، وأما الذبح وتناول المفطر في حال النوم والجنون فنادر فلم يلحق بالنسيان ‏(‏قوله أو تسحر أو جامع إلخ‏)‏ أفاد أن الجماع قد يكون خطأ وبه صرح في السراج فقال‏:‏ ولو جامع على ظن أنه بليل ثم علم أنه بعد الفجر فنزع من ساعته فصومه فاسد؛ لأنه مخطئ ولا كفارة عليه لعدم قصد الإفساد‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه يستغني عن التكلف بتصوير الخطأ في الجماع بما إذا باشرها مباشرة فاحشة فتوارت حشفته أفاده في النهر فافهم ومسألة التسحر ستأتي مفصلة ‏(‏قوله‏:‏ أو أوجر مكرها‏)‏ أي صب في حلقه شيء والإيجار غير قيد فلو أسقط قوله أوجر وأبقى قول المتن أو مكرها معطوفا على قوله خطأ لكان أولى ليشمل ما لو أكل أو شرب بنفسه مكرها فإنه يفسد صومه خلافا لزفر والشافعي، كما في البدائع وليشمل الإفطار بالإكراه على الجماع قال في الفتح‏:‏ واعلم أن أبا حنيفة كان يقول أولا في المكره على الجماع عليه القضاء والكفارة؛ لأنه لا يكون إلا بانتشار الآلة وذلك أمارة الاختيار ثم رجع وقال‏:‏ لا كفارة عليه وهو قولهما؛ لأن فساد الصوم يتحقق بالإيلاج وهو مكره فيه مع أنه ليس كل من انتشرت آلته يجامع‏.‏ ا هـ‏.‏ أي مثل الصغير والنائم ‏(‏قوله‏:‏ أو نائما‏)‏ هو في حكم المكره كما في الفتح وسيأتي ما لو جومعت نائمة أو مجنونة ‏(‏قوله‏:‏ وأما حديث إلخ‏)‏ هو قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» وهذا جواب عن استدلال الشافعي على أنه لا يفطر لو كان مخطئا أو مكرها؛ لأن التقدير رفع حكم الخطأ إلخ؛ لأن نفس الخطأ لم يرفع والحكم نوعان دنيوي وهو الفساد وأخروي وهو الإثم فيتناولهما‏.‏ والجواب‏:‏ أنه حيث قدر الحكم لتصحيح الكلام كان ذلك مقتضى بالفتح وهو لا عموم له والإثم مراد من الحكم بالإجماع فلا تصح إرادة الآخر وإنما لم نفسد صوم الناسي مع أن القياس أيضا الفساد لوصول المفطر إلى الجوف لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» وتمام تقريره في المطولات ‏(‏قوله‏:‏ جائزة‏)‏ أي عقلا كما في شرح التحرير‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فأكل عمدا‏)‏ وكذا لو جامع عمدا كما في نور الإيضاح فالمراد بالأكل الإفطار ‏(‏قوله‏:‏ للشبهة‏)‏ علة للكل قال في البحر‏:‏ وإنما لم تجب الكفارة بإفطاره عمدا بعد أكله أو شربه أو جماعه ناسيا؛ لأنه ظن في موضع الاشتباه بالنظير، وهو الأكل عمدا؛ لأن الأكل مضاد للصوم ساهيا أو عامدا فأورث شبهة وكذا فيه شبهة اختلاف العلماء، فإن مالكا يقول بفساد صوم من أكل ناسيا وأطلقه فشمل ما لو علم أنه لم يفطره بأن بلغه الحديث أو الفتوى أو لا وهو قول أبي حنيفة، وهو الصحيح وكذا لو ذرعه القيء وظن أنه يفطره فأفطر، فلا كفارة عليه لوجود شبهة الاشتباه بالنظير فإن القيء والاستقاء متشابهان؛ لأن مخرجهما من الفم وكذا لو احتلم للتشابه في قضاء الشهوة وإن علم أن ذلك لا يفطره فعليه الكفارة؛ لأنه لم توجد شبهة الاشتباه ولا شبهة الاختلاف ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إلا في مسألة المتن‏)‏ وهي ما لو أكل وكذا لو جامع أو شرب؛ لأن علة عدم الكفارة خلاف مالك وخلافه في الأكل والشرب والجماع كما في الزيلعي والهداية وغيرهما ح ‏(‏قوله‏:‏ مطلقا‏)‏ أي علم عدم فطره أو لا ‏(‏قوله‏:‏ خلافا لهما‏)‏ فعندهما عليه الكفارة إذا علم بعدم فطره في مسألة المتن‏.‏ قلت‏:‏ وهذا يرد ما نقله ح عن القهستاني أول الباب من أن من أفطر ناسيا يفسد صومه إذ لو فسد لم تلزمه الكفارة إذا أكل بعده عامدا ولم أر من ذكر هذا غيره وكذا يرده ما نقلناه عن البدائع عند قوله وإن حرك نفسه نعم نقلوا عن أبي يوسف ما تقدم من أنه لو ذكر فلم يتذكر فسد صومه وكان هذا منشأ الوهم فافهم ‏(‏قوله‏:‏ فقيد الظن‏)‏ أي في قول المتن فظن أنه أفطر إنما هو لبيان محل الاتفاق على عدم لزوم الكفارة لا للاحتراز عن العلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أو احتقن أو استعط‏)‏ كلاهما بالبناء للفاعل من حقن المريض دواءه بالحقنة واحتقن بالضم غير جائز وإنما الصواب حقن أو عولج بالحقنة والسعوط الدواء الذي صب في الأنف وأسعطه إياه ولا يقال‏:‏ استعط مبنيا للمفعول معراج، وعدم وجوب الكفارة في ذلك هو الأصح؛ لأنها موجب الإفطار صورة ومعنى والصورة الابتلاع كما في الكافي وهي منعدمة والنفع المجرد عنها يوجب القضاء فقط إمداد ‏(‏قوله‏:‏ أو أقطر‏)‏ في المغرب قطر الماء صبه تقطيرا وقطره مثله قطرا وأقطره لغة ا هـ‏.‏ وعلى هذه اللغة يتخرج كلامهم هنا وحينئذ فيصح بناؤه للفاعل، وهو الأولى لتتفق الأفعال وتنتظم الضمائر في سلك واحد ويصح بناؤه للمفعول ونائب الفاعل قوله في أذنه نهر ويتعين الأول في عبارة المصنف على الأفصح لذكره المفعول الصريح وهو قوله دهنا منصوبا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ دهنا‏)‏ قيد به؛ لأنه لا خلاف في فساد الصوم به ولأنه مشى أولا على أن الماء لا يفسد وإن كان بصنعه ومر الكلام عليه ‏(‏قوله‏:‏ أو داوى جائفة أو آمة‏)‏ الجائفة الطعنة التي بلغت الجوف أو نفذته والآمة من أممته بالعصا أما من باب طلب إذا ضربت أم رأسه وهي الجلدة التي تجمع الدماغ وقيل لها آمة أي بالمد ومأمومة على معنى ذات أم كعيشة راضية وليلة مزودة وجمعها أوام ومأمومات مغرب ‏(‏قوله‏:‏ فوصل الدواء حقيقة‏)‏ أشار إلى أن ما وقع في ظاهر الرواية من تقييد الإفساد بالدواء الرطب مبني على العادة من أنه يصل وإلا فالمعتبر حقيقة الوصول، حتى لو علم وصول اليابس أفسد أو عدم وصول الطري لم يفسد وإنما الخلاف إذا لم يعلم يقينا فأفسد بالطري حكما بالوصول نظرا إلى العادة ونفياه كذا أفاده في الفتح‏.‏ قلت‏:‏ ولم يقيدوا الاحتقان والاستعاط والإقطار بالوصول إلى الجوف لظهوره فيها وإلا فلا بد منه حتى لو بقي السعوط في الأنف ولم يصل إلى الرأس لا يفطر، ويمكن أن يكون الدواء راجعا إلى الكل تأمل قوله‏:‏ إلى جوفه ودماغه‏)‏ لف ونشر مرتب قال في البحر‏:‏ والتحقيق أن بين جوف الرأس وجوف المعدة منفذا أصليا فما وصل إلى جوف الرأس يصل إلى جوف البطن‏.‏ ا هـ‏.‏ ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أو ابتلع حصاة إلخ‏)‏ أي فيجب القضاء لوجود صورة الفطر ولا كفارة لعدم وجود معناه وهو إيصال ما فيه نفع البدن إلى الجوف سواء كان مما يتغذى به أو يتداوى فقصرت الجناية فانتفت الكفارة وتمامه في النهر وسيأتي الخلاف في معنى التغذي ‏(‏قوله‏:‏ أو يستقذره‏)‏ الاستقذار سبب الإعاقة فمآلهما واحد، ولذا اقتصر في النظم على المستقذر ط ومنه أكل اللقمة بعد إخراجها على ما هو الأصح كما مر ‏(‏قوله‏:‏ ففي‏)‏ الفاء زائدة والجار والمجرور متعلق بقوله‏:‏ يهجر والتكفير مبتدأ خبره الجملة بعده، والجملة خبر المبتدأ الذي هو مستقذر وجاز الابتداء به مع أنه نكرة لقصد التعميم ويهجر مرادف ليلغى أي لا تجب فيه كفارة ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ مع الإمساك‏)‏ قيد به ليغاير المسألة التي بعده ‏(‏قوله‏:‏ لشبهة خلاف زفر‏)‏ فإن الصوم عنده يتأدى من الصحيح المقيم بمجرد الإمساك، ولو بلا نية حتى لو أفطر متعمدا لزمته الكفارة عنده كما صرح به في البدائع، وأما عندنا فلا بد من النية؛ لأن الواجب الإمساك بجهة العبادة، ولا عبادة بدون نية فلو أمسك بدونها لا يكون صائما ويلزمه القضاء دون الكفارة‏.‏ أما لزوم القضاء فلعدم تحقق الصوم لفقد شرطه، وأما عدم الكفارة فلأنه عند زفر صائم لم يوجد منه ما يفطر فتسقط عنه الكفارة لشبهة الخلاف وإن كان عندنا يسمى مفطرا شرعا والأولى التعليل بعدم تحقق الصوم؛ لأن الكفارة إنما تجب على من أفسد صومه والصوم هنا معدوم وإفساد المعدوم مستحيل، وإنما يحسن التمسك للشبهة بعد تحقق الأصل كما في المسألة الآتية بل الأولى عدم التعرض للكفارة أصلا ولذا اقتصر في الكنز وغيره على بيان وجوب القضاء كالإغماء والجنون الغير الممتد‏.‏ هذا وقد استشكل بعض شراح الهداية وجوب القضاء هنا بأن المغمى عليه لا يقضي اليوم الذي حدث الإغماء في ليلته لوجود النية منه ظاهرا فلا بد من التقييد هنا بأن يكون مريضا أو مسافرا لا ينوي شيئا أو متهتكا اعتاد الأكل في رمضان فلم يكن حاله دليلا على عزيمة الصوم ورده في الفتح بأنه تكلف مستغنى عنه؛ لأن الكلام عند عدم النية ابتداء لا بأمر يوجب النسيان ولا شك أنه أدرى بحاله بخلاف من أغمي عليه فإن الإغماء قد يوجب نسيانه حال نفسه بعد الإفاقة فبنى الأمر فيه على الظاهر من حاله وهو وجود النية ‏(‏قوله‏:‏ قبل الزوال‏)‏ هذا عند أبي حنيفة وعندهما كذلك إن أكل بعد الزوال وإن كان قبل الزوال تجب الكفارة؛ لأنه فوت إمكان التحصيل فصار كغاصب الغاصب بحر أي؛ لأنه قبل الزوال كان يمكنه إنشاء النية وقد فوته بالأكل بخلاف ما بعد الزوال والأول ظاهر الرواية كما في البدائع ثم المراد بالزوال نصف النهار الشرعي وهو الضحوة الكبرى أو هو على القول الضعيف من اعتبار الزوال كما مر بيانه ‏(‏قوله‏:‏ لشبهة خلاف الشافعي‏)‏ فإن الصوم لا يصح عنده بنية النهار كما لا يصح بمطلق النية ا هـ‏.‏ ح‏.‏ وهذا تعليل لوجوب القضاء دون الكفارة إذا أكل بعد النية أما لو أكل قبلها فالكلام فيه ما علمته في المسألة المارة ‏(‏قوله‏:‏ ومفاده إلخ‏)‏ نقله في البحر عن الظهيرية بلفظ ينبغي أن لا تلزمه الكفارة لمكان الشبهة ومثل ما ذكر إذا نوى نية مخالفة فيما يظهر ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ مطر أو ثلج‏)‏ فيفسد في الصحيح ولو بقطرة وقيل لا يفسد في المطر ويفسد في الثلج وقيل بالعكس بزازية ‏(‏قوله‏:‏ بنفسه‏)‏ أي بأن سبق إلى حلقه بذاته ولم يبتلعه بصنعه إمداد ‏(‏قوله‏:‏ والقطرتين‏)‏ معطوف على الغبار أي وبخلاف نحو القطرتين فأكثر مما لا يجد ملوحته في جميع فمه ‏(‏قوله‏:‏ فإن وجد الملوحة في جميع فمه إلخ‏)‏ بهذا دفع في النهر ما بحثه في الفتح من أن القطرة يجد ملوحتها فالأولى الاعتبار بوجدان الملوحة لصحيح الحس إذ لا ضرورة في أكثر من ذلك ولذا اعتبر في الخانية الوصول إلى الحلق ووجه الدفع ما قاله في النهر من أن كلام الخلاصة ظاهر في تعليق الفطر على وجدان الملوحة في جميع الفم ولا شك أن القطرة والقطرتين ليستا كذلك وعليه يحمل ما في الخانية ا هـ‏.‏ وفي الإمداد عن خط المقدسي أن القطرة لقلتها لا يجد طعمها في الحلق لتلاشيها قبل الوصول، ويشهد لذلك ما في الواقعات للصدر الشهيد إذا دخل الدمع في فم الصائم إن كان قليلا نحو القطرة أو القطرتين لا يفسد صومه؛ لأن التحرز عنه غير ممكن وإن كان كثيرا حتى وجد ملوحته في جميع فمه وابتلعه فسد صومه وكذا الجواب في عرق الوجه ا هـ‏.‏ ملخصا وبالتعليل بعدم إمكان التحرز يظهر الفرق بين الدمع والمطر كما أشار إليه الشارح فتدبر‏.‏ ثم في التعبير بالقطرة إشارة إلى أن المراد الدمع النازل من ظاهر العين أما الواصل إلى الحلق من المسام فالظاهر أنه مثل الريق فلا يفطر وإن وجد طعمه في جميع فمه تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أو وطئ امرأة إلخ‏)‏ إنما لم تجب الكفارة فيه وفيما بعده؛ لأن المحل لا بد أن يكون مشتهى على الكمال بحر ‏(‏قوله أو صغيرة لا تشتهي‏)‏ حكي في القنية خلافا في وجوب الكفارة بوطئها وقيل‏:‏ لا تجب بالإجماع وهو الوجه كما في النهر قال الرملي وقالوا في الغسل إن الصحيح أنه متى أمكن وطؤها من غير إفضاء فهي ممن يجامع مثلها وإلا فلا ‏(‏قوله أو قبل‏)‏ قيد بكونه قبلها؛ لأنها لو قبلته ووجدت لذة الإنزال ولم تر بللا فسد صومها عند أبي يوسف خلافا لمحمد وكذا في وجوب الغسل بحر عن المعراج‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو قبلة فاحشة‏)‏ ففي غير الفاحشة مع الإنزال لا تجب الكفارة بالأولى ‏(‏قوله‏:‏ بأن يدغدغ‏)‏ لعل المراد به عض الشفة ونحوها أو تقبيل الفرج وفي القاموس الدغدغة‏:‏ حركة وانفعال في نحو الإبط والبضع والأخمص ‏(‏قوله‏:‏ أو لمس‏)‏ أي لمس آدميا لما مر أنه لو مس فرج بهيمة فأنزل لا يفسد صومه وقدمنا أنه بالاتفاق وفي البحر عن المعراج ولو مست زوجها فأنزل لم يفسد صومه وقيل إن تكلف له فسد ا هـ‏.‏ قال الرملي‏:‏ ينبغي ترجيح هذا؛ لأنه أدعى في سببية الإنزال تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو بحائل لا يمنع الحرارة‏)‏ نقيض ما بعد لو وهو عدم الحائل المذكور أولى بالحكم وهو وجوب القضاء لكن لا تظهر الأولوية بالنظر إلى عدم الكفارة مع أن الكلام فيما يوجب القضاء دون الكفارة وقيد الحائل بكونه لا يمنع الحرارة لما في البحر لو مسها وراء الثياب فأمنى فإن وجد حرارة جلدها فسد وإلا فلا ‏(‏قوله‏:‏ بكفه‏)‏ أو بكف امرأته سراج ‏(‏قوله‏:‏ أو بمباشرة فاحشة‏)‏ هي ما تكون بتماس الفرجين والظاهر أنه غير قيد هنا؛ لأن الإنزال مع اللمس مطلقا بدون حائل يمنع الحرارة موجب للإفساد كما علمته وإنما يظهر تقييدها بالفاحشة لأجل كراهتها كما يأتي تفصيله تأمل ‏(‏قوله‏:‏ ولو بين المرأتين‏)‏ وكذا المجبوب مع المرأة رملي ‏(‏قوله‏:‏ كما مر‏)‏ أي عند قوله‏:‏ أو جامع فيما دون الفرج ولم ينزل إلخ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أو أفسد‏)‏ أي ولو بأكل أو جماع ‏(‏قوله‏:‏ غير صوم رمضان‏)‏ صفة لموصوف محذوف دل عليه المقام أي صوما غير صوم رمضان فلا يشمل ما لو أفسد صلاة أو حجا وعبارة الكنز صوم غير رمضان وهي أولى أفاده ح ‏(‏قوله‏:‏ أداء‏)‏ حال من صوم وقيد به لإفادة نفي الكفارة بإفساد قضاء رمضان لا لنفي القضاء أيضا بإفساده ‏(‏قوله‏:‏ لاختصاصها‏)‏ أي الكفارة وهو علة للتقييد بالغيرية وبالأداء ‏(‏وقوله‏:‏ بهتك رمضان‏)‏‏:‏ أي بخرق حرمة شهر رمضان فلا تجب بإفساد قضائه أو إفساد صوم غيره؛ لأن الإفطار في رمضان أبلغ في الجناية فلا يلحق به غيره لورودها فيه على خلاف القياس‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أو وطئت إلخ‏)‏ هذا بالنظر إليها وأما الواطئ فعليه القضاء والكفارة إذ لا فرق بين وطئه عاقلة أو غيرها كما في الأشباه وغيرها ‏(‏قوله‏:‏ بأن أصبحت صائمة فجنت‏)‏ جواب عن سؤال حاصله‏:‏ أن الجنون ينافي الصوم فلا يصح تصوير هذا الفرع‏.‏ وحاصل الجواب‏:‏ أن الجنون لا ينافي الصوم إنما ينافي شرطه أعني النية وهي قد وجدت في هذه الصورة ط قال ح ومثلها ما إذا نوت فجنت بالليل فجامعها نهارا كما في النهر وكذا لو نوت نهارا قبل الضحوة الكبرى فجنت فجامعها‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو تسحر إلخ‏)‏ أي يجب عليه القضاء دون الكفارة؛ لأن الجناية قاصرة وهي جناية عدم التثبت لا جناية الإفطار؛ لأنه لم يفسده، ولهذا صرحوا بعدم الإثم عليه كما قالوا في القتل الخطأ لا إثم فيه والمراد إثم القتل وصرحوا بأن فيه إثم ترك العزيمة والمبالغة في التثبت حالة الرمي بحر عن الفتح‏.‏ قلت‏:‏ لكن الظاهر عدم الإثم هنا أصلا بدليل عدم وجوب الكفارة هنا ووجوبها في القتل الخطأ لوجود الإثم فيه؛ لأنها مكفرة للإثم ‏(‏قوله‏:‏ أي الوقت إلخ‏)‏ إطلاق اليوم على مطلق الوقت الشامل لليل مجاز مشهور مثل ركب يوم يأتي العدو والداعي إليه هنا قوله أو تسحر ‏(‏قوله‏:‏ ليلا‏)‏ ليس بقيد؛ لأنه لو ظن الطلوع وأكل مع ذلك ثم تبين صحة ظنه، فعليه القضاء ولا كفارة؛ لأنه بنى الأمر على الأصل فلم تكمل الجناية فلو قال ظنه ليلا أو نهارا لكان أولى وليس له أن يأكل؛ لأن غلبة الظن كاليقين بحر‏.‏ وأجاب في النهر بأنه قيد بالليل ليطابق قوله أو تسحر‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ مراد البحر أنه غير قيد من حيث الحكم والتسحر وإن كان الأكل في السحر لكن سمي به باعتبار احتمال وقوعه فيه وإلا لزم أن لا يصح التعبير به، ولو ظن بقاء الليل؛ لأن فرض المسألة وقوعه بعد الطلوع والأكل بعد الطلوع لا يسمى سحورا فلولا الاعتبار المذكور لم يصح قوله أو تسحر فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لف ونشر‏)‏ أي مرتب كما في بعض النسخ ‏(‏قوله‏:‏ ويكفي‏)‏ أي لإسقاط الكفارة الشك في الأول أي في التسحر؛ لأن الأصل بقاء الليل، فلا يخرج بالشك إمداد فكان على المتن أن يعبر هنا بالشك كما قال في نور الإيضاح‏:‏ أو تسحر أو جامع شاكا في طلوع الفجر وهو طالع ثم يقول أو ظن الغروب قال في النهر‏:‏ ولا يصح أن يراد بالظن هنا ما يعم الشك ما زعم في البحر لعدم صحته في الشق الثاني، فإنه لا يكفي فيه الشك فالصواب إبقاء الظن على بابه غاية الأمر أن يكون المتن ساكتا عن الشك ولا ضير فيه‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ أقول‏:‏ في وجوب الكفارة مع الشك في الغروب اختلاف المشايخ كما نقله في البحر عن شرح الطحاوي، ونقل أيضا عن البدائع تصحيح عدم الوجوب فيما إذا غلب على رأيه عدم الغروب؛ لأن احتمال الغروب قائم فكان شبهة والكفارة لا تجب مع الشبهة‏.‏ ا هـ‏.‏ ولا يخفى أن هذا يقتضي تصحيح القول بعدم الوجوب عند الشك في الغروب بالأولى لكن ذكر في الفتح‏:‏ أن مختار الفقيه أبي جعفر لزوم الكفارة عند الشك؛ لأن الثابت حال غلبة الظن بالغروب شبهة الإباحة لا حقيقتها ففي حال الشك دون ذلك، وهو شبهة الشبهة وهي لا تسقط العقوبات، ثم قال في الفتح هذا إذا لم يتبين الحال فإن ظهر أنه أكل قبل الغروب فعليه الكفارة ولا أعلم فيه خلافا‏.‏ ا هـ‏.‏ ولا يخفى أن كلامنا في الثاني وبه تأيد ما في النهر ثم إن شبهة الشبهة إذا لم تعتبر عند الشك في الغروب يلزم عدم اعتبارها عند غلبة الظن بعدمه بالأولى وبه يضعف ما في البدائع من تصحيح عدم الوجوب ولذا جزم الزيلعي بلزوم القضاء والكفارة وكذا في النهاية ‏(‏قوله‏:‏ عملا بالأصل فيهما‏)‏ أي في الأول والثاني فإن الأصل في الأول بقاء الليل، فلا تجب الكفارة وفي الثاني بقاء النهار فتجب على إحدى الروايتين كما علمت ‏(‏قوله‏:‏ ولم يتبين الحال‏)‏ أي فيما لو ظن بقاء الليل أو شك فتسحر، وهذا مقابل قوله والحال أن الفجر طالع فإن المراد به التيقن حتى لو غلب على ظنه أنه أكل بعد طلوع الفجر لا قضاء عليه في أشهر الروايات بحر فهذا داخل في عدم التبين ‏(‏قوله‏:‏ لم يقض‏)‏ أي في مسألة الظن أو الشك في بقاء الليل؛ لأن الأصل بقاؤه فلا يخرج بالشك بحر‏.‏ وأما مسألة الظن أو الشك في الغروب مع التبين أو عدمه فسنذكرها ‏(‏قوله‏:‏ في ظاهر الرواية‏)‏ فيه أنه ذكره الزيلعي وصاحب البحر بلا حكاية خلاف وهذا وهم سرى إليه من مسألة ذكرها الزيلعي وهي ما إذا غلب على ظنه طلوع الفجر فأكل ثم لم يتبين شيء فإنه لا شيء عليه في ظاهر الرواية وقيل يقضى احتياطا أفاده ح ‏(‏قوله‏:‏ تتفرع إلى ستة وثلاثين‏)‏ هذا على ما في النهر قال؛ لأنه إما أن يغلب على ظنه أو يظن أو يشك وكل من الثلاثة إما أن يكون في وجود المبيح أو قيام المحرم فهي ستة وكل منها على ثلاثة إما أن يتبين له صحة ما بدا له أو بطلانه أو لا ولا، وكل من الثمانية عشر إما أن يكون في ابتداء الصوم أو في انتهائه فتلك ستة وثلاثون‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه نظر؛ لأنه فرق في التقسيم الأول بين الظن وغلبته، ولا فائدة له لاتحادهما حكما وإن اختلفا مفهوما فإن مجرد ترجح أحد طرفي الحكم عند العقل هو أصل الظن، فإن زاد ذلك الترجح حتى قرب من اليقين سمي غلبة الظن وأكبر الرأي فلذا جعلها في البحر أربعة وعشرين‏.‏ ويرد عليهما أنه لا وجه لجعل الشك تارة في وجود المبيح وتارة في وجود المحرم؛ لأن الشك في أحدهما شك في الآخر لاستواء الطرفين في الشك بخلاف الظن فإنه إنما صح تعلقه بالمبيح تارة وبالمحرم أخرى؛ لأن له نسبة مخصوصة إلى أحد الطرفين، فإذا تعلق الظن بوجود الليل لا يكون متعلقا بوجود النهار وبالعكس‏.‏ فالحق في التقسيم أن يقال إما أن يظن وجود المبيح أو وجود المحرم، أو يشك وكل من الثلاثة إما أن يكون في ابتداء الصوم أو انتهائه وفي كل من الستة إما أن يتبين وجود المبيح أو وجود المحرم أو لا يتبين، فهي ثمانية عشر تسعة في ابتداء الصوم وتسعة في انتهائه ويشهد لذلك أن الزيلعي لم يذكر غير ثمانية عشر وذكر أحكامها وهي أنه إن تسحر على ظن بقاء الليل، فإن تبين بقاؤه أو لم يتبين شيء فلا شيء عليه وإن تبين طلوع الفجر فعليه القضاء فقط ومثله الشك في الطلوع وإن تسحر على ظن طلوع الفجر فإن تبين الطلوع فعليه القضاء فقط وإن لم يتبين شيء فلا شيء عليه في ظاهر الرواية وقيل يقضي فقط وإن تبين بقاء الليل فلا شيء عليه فهذه تسعة في الابتداء، وإن ظن غروب الشمس فإن تبين عدمه فعليه القضاء فقط وإن تبين الغروب أو لم يتبين شيء فلا شيء عليه وإن شك فيه فإن لم يتبين شيء فعليه القضاء وفي الكفارة روايتان وإن تبين عدمه فعليه القضاء والكفارة وإن تبين الغروب فلا شيء عليه وإن ظن عدمه فإن تبين عدمه أو لم يتبين شيء فعليه القضاء والكفارة وإن تبين الغروب فلا شيء عليه وهذه تسعة في الانتهاء‏.‏ والحاصل‏:‏ أنه لا يجب شيء في عشر صور ويجب القضاء فقط في أربع والقضاء والكفارة في أربع أفاده ح ‏(‏قوله‏:‏ في الصور كلها‏)‏ أي المذكورة تحت قوله وإن أفطر خطأ إلخ لا صور التفريع ‏(‏قوله‏:‏ فقط‏)‏ أي بدون كفارة ‏(‏قوله‏:‏ كما لو شهدا إلخ‏)‏ أي فلا كفارة لعدم الجناية؛ لأنه اعتمد على شهادة الإثبات ط ‏(‏قوله‏:‏ لأن شهادة النفي لا تعارض الإثبات‏)‏؛ لأن البينات للإثبات لا للنفي فتقبل شهادة المثبت لا النافي بحر‏:‏ أي لأن المثبت معه زيادة علم وإذا لغت النافية بقيت المثبتة فتوجب الظن وبه اندفع ما أورد أن تعارضهما يوجب الشك وإذا شك في الغروب، ثم ظهر عدمه تجب الكفارة كما مر لكن قال في الفتح وفي النفس منه شيء يظهر بأدنى تأمل‏.‏ قلت‏:‏ ولعل وجهه أن شهادة النفي إنما لم تقبل في الحقوق؛ لأن الأصل العدم فلم تفد شيئا زائدا بخلاف المثبتة لكن هنا النافية تورث شبهة فينبغي أن تسقط بها الكفارة وفي البزازية ولو شهد واحد على الطلوع وآخران على عدمه لا كفارة ا هـ‏.‏ تأمل‏.‏

مطلب في جواز الإفطار بالتحري

‏[‏تتمة‏]‏

في تعبير المصنف كغيره بالظن إشارة إلى جواز التسحر والإفطار بالتحري وقيل لا يتحرى في الإفطار وإلى أنه يتسحر بقول عدل وكذا بضرب الطبول واختلف في الديك‏.‏ وأما الإفطار فلا يجوز بقول الواحد بل بالمثنى وظاهر الجواب أنه لا بأس ما إذا كان عدلا صدقه كما في الزاهدي وإلى أنه لو أفطر أهل الرستاق بصوت الطبل يوم الثلاثين ظانين أنه يوم العيد وهو لغيره لم يكفروا كما في المنية قهستاني‏.‏ قلت‏:‏ ومقتضى قوله لا بأس بالفطر بقول عدل صدقه أنه لا يجوز إذا لم يصدقه ولا بقول المستور مطلقا وبالأولى سماع الطبل أو المدفع الحادث في زماننا لاحتمال كونه لغيره ولأن الغالب كون الضارب غير عدل فلا بد حينئذ من التحري فيجوز؛ لأن ظاهر مذهب أصحابنا جواز الإفطار بالتحري كما نقله في المعراج عن شمس الأئمة السرخسي؛ لأن التحري يفيد غلبة الظن، وهي كاليقين كما تقدم فلو لم يتحر لا يحل له الفطر لما في السراج وغيره لو شك في الغروب لا يحل له الفطر؛ لأن الأصل بقاء النهار ا هـ‏.‏ وفي البحر عن البزازية‏:‏ ولا يفطر ما لم يغلب على ظنه الغروب وإن أذن المؤذن ا هـ‏.‏ وقد يقال‏:‏ إن المدفع في زماننا يفيد غلبة الظن وإن كان ضاربه فاسقا؛ لأن العادة أن الموقت يذهب إلى دار الحكم آخر النهار فيعين له وقت ضربه ويعينه أيضا للوزير وغيره وإذا ضربه يكون ذلك بمراقبة الوزير وأعوانه للوقت المعين فيغلب على الظن بهذه القرائن عدم الخطأ وعدم قصد الإفساد وإلا لزم تأثيم الناس وإيجاب قضاء الشهر بتمامه عليهم فإن غالبهم يفطر بمجرد سماع المدفع من غير تحر ولا غلبة ظن والله تعالى أعلم‏.‏‏(‏قوله‏:‏ مرة بعد أخرى إلخ‏)‏ ظاهره أنه بالمرة الثانية تجب عليه الكفارة ولو حصل فاصل بأيام وأنه إذا لم يقصد المعصية وهي الإفطار لا تجب ط ‏(‏قوله‏:‏ والأخيران‏)‏ أي من تسحر أو أفطر يظن الوقت ليلا إلخ وقد تبع المصنف بذلك صاحب الدرر ولا وجه لتخصيصه كما أشار إليه الشارح فيما يأتي ‏(‏قوله‏:‏ على الأصح‏)‏ وقيل يستحب فتح وأجمعوا على أنه لا يجب على الحائض والنفساء والمريض والمسافر وعلى لزومه لمن أفطر خطأ أو عمدا أو يوم الشك ثم تبين أنه رمضان ذكره قاضي خان شرنبلالية ‏(‏قوله‏:‏؛ لأن الفطر‏)‏ أي تناول صورة المفطر وإلا فالصوم فاسد قبله وأشار إلى قياس من الشكل الأول ذكر فيه مقدمتا القياس وطويت فيه النتيجة وتقريره هكذا الفطر قبيح شرعا وكل قبيح شرعا تركه واجب فالفطر تركه واجب فافهم ‏(‏قوله‏:‏ كمسافر أقام‏)‏ أي بعد نصف النهار أو قبله بعد الأكل أما قبلهما فيجب عليه الصوم وإن كان نوى الفطر كما سيأتي متنا في الفصل الآتي‏.‏ والأصل في هذه المسائل أن كل من صار في آخر النهار بصفة لو كان أول النهار عليها للزمه الصوم فعليه الإمساك كما في الخلاصة والنهاية والعناية لكنه غير جامع إذ لا يدخل فيه من أكل في رمضان عمدا؛ لأن الصيرورة للتحول ولو لامتناع ما يليه ولا يتحقق المفاد بهما فيه نهر أي لأنه لم يتجدد له حالة بعد فطره لم يكن عليها قبله وكذا لا يدخل فيه من أصبح يوم الشك مفطرا أو تسحر على ظن الليل أو أفطر كذلك ولذا ذكر في البدائع الأصل المذكور ثم قال‏:‏ وكذا كل من وجب عليه الصوم لوجود سبب الوجوب والأهلية ثم تعذر عليه المضي بأن أفطر متعمدا أو أصبح يوم الشك مفطرا ثم تبين أنه من رمضان أو تسحر على ظن أن الفجر لم يطلع ثم تبين طلوعه، فإنه يجب عليه الإمساك تشبها ا هـ‏.‏ فقد جعل لوجوب الإمساك أصلين تتفرع عليهما الفروع وقد حاول في الفتح تصحيح الأصل الأول فأبدل صار بتحقق لكنه أتى بلو الامتناعية فلم يتم له ما أراده كما أفاده في البحر والنهر ‏(‏قوله‏:‏ طهرتا‏)‏ أي بعد الفجر أو معه فتح ‏(‏قوله‏:‏ ومجنون أفاق‏)‏ أي بعد الأكل أو بعد فوات وقت النية وإلا فإذا نوى صح صومه كما يأتي والظاهر وجوبه عليه كالمسافر ‏(‏قوله‏:‏ ومفطر‏)‏ عبر به إشارة إلى أنه لا فرق بين مفطر ومفطر وأنه لا وجه لقول المصنف والأخيران يمسكان كما مر أفاده ح ‏(‏قوله‏:‏ وإن أفطرا‏)‏ أخذه من قول البحر سواء أفطرا في ذلك اليوم أو صاماه لكن لا يخفى أن صوم الكافر لا يصح لفقد شرطه وهو النية المشروطة بالإسلام فالمراد صومه بعد إسلامه إذا أسلم في وقت النية ‏(‏قوله‏:‏ لعدم أهليتهما‏)‏ أي لأصل الوجوب بخلاف الحائض فإنها أهل له وإنما سقط عنها وجوب الأداء فلذا وجب عليها القضاء ومثلها المسافر والمريض والمجنون ‏(‏قوله‏:‏ وهو السبب في الصوم‏)‏ أي السبب لصوم كل يوم وهذا على خلاف ما اختاره السرخسي ومشى عليه المصنف أول الكتاب من أنه شهود جزء من الشهر من ليل أو نهار وقيد بالصوم؛ لأن السبب في الصلاة الجزء المتصل بالأداء ولهذا لو بلغ أو أسلم في أثناء الوقت وجبت عليه لوجود الأهلية عند السبب وهي معدومة في أول جزء من اليوم، فلذا لم يجب صومه خلافا لزفر وأورد في الفتح أنه لو كان السبب فيه هو الجزء الأول لزم أن لا يجب الإمساك فيه؛ لأنه لا بد أن يتقدم السبب على الوجوب وإلا لزم سبق الوجوب على السبب وأجاب في البحر بأن اشتراط التقدم هنا سقط للضرورة وتمام تحقيقه فيه وقدمنا شيئا منه أول الكتاب ‏(‏قوله‏:‏ لكن لو نويا إلخ‏)‏ أي الأخيران وهو استدراك على ما فهم من إمساكهما وهو أنه لا يصح صومهما فأفاد أنه لا يصح عن الفرض في ظاهر الرواية خلافا لأبي يوسف ويصح نفلا لو نويا قبل الزوال حتى لو أفسداه وجب قضاؤه، وجه ظاهر الرواية ما في الهداية من أن الصوم لا يتجزأ وجوبا وأهلية الوجوب معدومة في أوله‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم إن صحة نية النفل خصها في البحر عن الظهيرية بالصبي بخلاف الكافر؛ لأنه ليس أهلا للتطوع والصبي أهل له وذكر في الفتح أن أكثر المشايخ على هذا الفرق ومثله في النهاية فما هنا قول البعض‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قبل الزوال‏)‏ المراد به قبل نصف النهار، وهذه العبارة وقعت في أغلب الكتب في كثير من المواضع تسامحا أو على القول الضعيف ‏(‏قوله‏:‏ صح عن الفرض‏)‏؛ لأن الجنون الغير المستوعب بمنزلة المرض لا يمنع الوجوب شرنبلالية وكل من المسافر والمريض أهل للوجوب في أول الوقت وإن سقط عنهما وجوب الأداء بخلاف من بلغ أو أسلم كما قدمناه ‏(‏قوله‏:‏ ولو نوى الحائض والنفساء‏)‏ أي قبل نصف النهار إذا طهرتا فيه ‏(‏قوله‏:‏ لم يصح أصلا‏)‏ أي لا فرضا ولا نفلا شرنبلالية ‏(‏قوله‏:‏ للمنافي إلخ‏)‏ أي فإن كلا من الحيض والنفاس مناف لصحة الصوم مطلقا؛ لأن فقدهما شرط لصحته والصوم عبادة واحدة لا يتجزأ، فإذا وجد المنافي في أوله تحقق حكمه في باقيه، وإنما صح النفل ممن بلغ أو من أسلم على قول بعض المشايخ؛ لأن الصبا غير مناف أصلا للصوم، والكفر وإن كان منافيا لكن يمكن رفعه بخلاف الحيض والنفاس هذا ما ظهر لي وعلى قول أكثر المشايخ لا يحتاج إلى الفرق ‏(‏قوله‏:‏ ويؤمر الصبي‏)‏ أي يأمره وليه أو وصيه والظاهر منه الوجوب وكذا ينهى عن المنكرات ليألف الخير ويترك الشر، ط ‏(‏قوله‏:‏ إذا أطاقه‏)‏ يقال أطاقه وطاقه طوقا إذا قدر عليه والاسم الطاقة كما في القاموس قال ط‏:‏ وقدر بسبع والمشاهد في صبيان زماننا عدم إطاقتهم الصوم في هذا السن‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ يختلف ذلك باختلاف الجسم واختلاف الوقت صيفا وشتاء والظاهر أنه يؤمر بقدر الإطاقة إذا لم يطق جميع الشهر ‏(‏قوله‏:‏ ويضرب‏)‏ أي بيد لا بخشبة ولا يجاوز الثلاث كما قيل به في الصلاة وفي أحكام الأسروشني الصبي إذا أفسد صومه لا يقضي؛ لأنه يلحقه في ذلك مشقة بخلاف الصلاة فإنه يؤمر بالإعادة؛ لأنه لا يلحقه مشقة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن جامع إلخ‏)‏ شروع في القسم الثالث وهو ما يوجب القضاء والكفارة ووجوبها مقيد بما يأتي من كونه عمدا لا مكرها ولم يطرأ مبيح للفطر كحيض ومرض بغير صنعه وبما إذا نوى ليلا ‏(‏قوله‏:‏ المكلف‏)‏ خرج الصبي والمجنون لعدم خطابهما ‏(‏قوله‏:‏ آدميا‏)‏ خرج الجني أبو السعود والظاهر وجوب القضاء بالإنزال وإلا فلا كما لا يجب الغسل بدونه ‏(‏قوله‏:‏ مشتهى‏)‏ أي على الكمال فلا كفارة بجماع بهيمة أو ميتة ولو أنزل بحر بل ولا قضاء ما لم ينزل كما مر وفي الصغيرة خلاف وقيل‏:‏ لا تجب الكفارة بالإجماع وقدمنا أنه الأوجه ‏(‏قوله‏:‏ في رمضان‏)‏ أي نهارا وفيه إشارة إلى أنه لو طلع الفجر وهو مواقع فنزع لم يكفر كما لو جامع ناسيا وعن أبي يوسف إن بقي بعد الطلوع كفر وإن بقي بعض الذكر لا وعليه القضاء قهستاني وقدمناه مفصلا ‏(‏قوله‏:‏ أداء‏)‏ يغني عنه قوله في رمضان؛ لأن المراد به الشهر وكأنه أراد به الصوم ليشمل القضاء ويحتاج إلى إخراجه تأمل ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي من أن الكفارة إنما وجبت لهتك حرمة شهر رمضان، فلا تجب بإفساد قضائه ولا بإفساد صوم غيره‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو جامع‏)‏ يشمل ما لو جامعها زوجها الصغير كما هو مقتضى إطلاقهم ولتصريحهم بوجوب الغسل عليها دونه أفاده الرملي وفي القهستاني الرجل بجماع المشتهاة يكفر كالمرأة بالصبي والمجنون وفي الصورتين اختلاف المشايخ كما في التمرتاشي‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وتوارت الحشفة‏)‏ أي غابت وهذا بيان لحقيقة الجماع؛ لأنه لا يكون إلا بذلك ط ‏(‏قوله‏:‏ في أحد السبيلين‏)‏ أي القبل أو الدبر وهو الصحيح في الدبر والمختار أنه بالاتفاق ولوالجية لتكامل الجناية لقضاء الشهوة بحر ‏(‏قوله‏:‏ أنزل أو لا‏)‏ فإن الإنزال شبع وقضاء الشهوة يتحقق بدونه وقد وجب به الحد وهو عقوبة محضة فالكفارة التي فيها معنى العبادة أولى بحر ‏(‏قوله ما يتغذى به‏)‏ أي ما من شأنه ذلك كالحنطة والخبز واللحم، وإنما عد الماء منه وهو لا يغذو لبساطته؛ لأنه معين للغذاء قهستاني ‏(‏قوله وما نقله الشرنبلالي‏)‏ حيث قال في حاشيته‏:‏ اختلفوا في معنى التغذي قال بعضهم أن يميل الطبع إلى أكله وتنقضي شهوة البطن به وقال بعضهم هو ما يعود نفعه إلى صلاح البدن وفائدته فيما إذا مضغ لقمة ثم أخرجها ثم ابتلعها فعلى الثاني يكفر لا على الأول وبالعكس في الحشيشة؛ لأنه لا نفع فيها للبدن، وربما تنقص عقله ويميل إليها الطبع وتنقضي بها شهوة البطن‏.‏ ا هـ‏.‏ ملخصا وقال في النهر‏:‏ إنه يعيد عن التحقيق إذ بتقديره يكون قولهم أو دواء حشوا والذي ذكره المحققون أن معنى الفطر وصول ما فيه صلاح البدن إلى الجوف أعم من كونه غذاء أو دواء يقابل القول الأول هذا هو المناسب في تحقيق محل الخلاف‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وحاصله أن الخلاف في معنى الفطر لا التغذي لكن ما نقله عن المحققين لا يلزم منه عدم وقوع الخلاف في معنى التغذي ولكن التحقيق أنه لا خلاف فيه ولا في معنى الفطر؛ لأنهم ذكروا أن الكفارة لا تجب إلا بالفطر صورة ومعنى ففي الأكل الفطر صورة هو الابتلاع والمعنى كونه مما يصلح به البدن من الغذاء أو دواء، فلا تجب في ابتلاع نحو الحصاة لوجود الصورة فقط، ولا في نحو الاحتقان لوجود المعنى فقط كما علله في الهداية وغيرها وذكر في البدائع أنها تجب بإيصال ما يقصد به التغذي أو التداوي إلى جوفه من الفم بخلاف غيره، فلا تجب في ابتلاع الجوزة أو اللوزة الصحيحة اليابسة لوجود الأكل صورة لا معنى؛ لأنه لا يعتاد أكله فصار كالحصاة والنواة ولا في أكل عجين أو دقيق؛ لأنه لا يقصد به التغذي والتداوي ولو أكل ورق شجر إن كان مما يؤكل عادة وجبت وإلا وجب القضاء فقط وكذا لو خرج البزاق من فمه، ثم ابتلعه وكذا بزاق غيره؛ لأنه مما يعاف منه ولو بزاق حبيبه أو صديقه وجبت كما ذكره الحلواني؛ لأنه لا يعافه ولو أخرج لقمة ثم أعادها قال أبو الليث الأصح أنه لا كفارة؛ لأنها صارت بحال يعاف منها ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ويظهر من ذلك أن مرادهم بما يتغذى به ما يكون فيه صلاح البدن بأن كان مما يؤكل عادة على قصد التغذي أو التداوي أو التلذذ فالعجين والدقيق وإن كان فيه صلاح البدن والغذاء لكنه لا يقصد لذلك واللقمة المخرجة كذلك؛ لأنها لعيافتها خرجت عن الصلاحية حكما كما قالوا فيما لو ذرعه القيء وعاد بنفسه لا يفطر؛ لأنه ليس مما يتغذى به عادة لعيافته بخلاف ريق الحبيب؛ لأنه يتلذذ به كما قال في أواخر الكنز فصار ملحقا بما فيه صلاح البدن ومثله الحشيشة المسكرة ويؤيد ما قلنا أيضا ما في المحيط حيث ذكر أن الأصل أن الكفارة تجب متى أفطر بما يتغذى به؛ لأنها للزجر وإنما يحتاج للزجر عما يؤكل عادة بخلاف غيره؛ لأن الامتناع عنه ثابت طبيعة كشرب الخمر يجب فيه الحد؛ لأنه محتاج إلى الزجر بخلاف شرب البول والدم، ثم كل ما يؤكل عادة مقصودا أو تبعا لغيره فهو مما يتغذى به، وأما غيره فملحق بما لا يتغذى به وإن كان في نفسه مغذيا والدواء ملحق بما يتغذى به لما فيه من صلاح البدن، ثم ذكر الفروع إلى أن قال في اللقمة وإن أخرجها ثم أعادها فلا كفارة وهو الأصح؛ لأنها صارت بحال تستقذر ويعاف منها فدخل القصور في معنى الغذاء ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ولكن يشكل على ذلك وجوب الكفارة بأكل اللحم النيئ ولو من ميتة إلا إذا أنتن ودود فإني لم أر من ذكر فيه خلافا مع أنه أشد عيافة من اللقمة المخرجة اللهم إلا أن يقال اللحم في ذاته مما يقصد به التغذي وصلاح البدن بخلاف اللقمة المذكورة والعجين، وبخلاف ما إذا دود؛ لأنه يؤذي البدن، فلا يحصل به صلاحه هذا ما ظهر لي في تحرير هذا المحل والله تعالى أعلم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ عمدا‏)‏ خرج المخطئ والمكره بحر‏.‏ قلت‏:‏ وكذا الناسي؛ لأن المراد تعمد الإفطار والناسي وإن تعمد استعمال المفطر لم يتعمد الإفطار ‏(‏قوله‏:‏ راجع للكل‏)‏ أي كل ما ذكر من الجماع والأكل والشرب‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أي فعل إلخ‏)‏ أشار إلى أن الحكم ليس قاصرا على الحجامة ط واحترز به عما لو فعل ما يظن الفطر به كما لو أكل أو جامع ناسيا أو احتلم أو أنزل بنظر أو ذرعه القيء فظن أنه أفطر فأكل عمدا فلا كفارة للشبهة كما مر ‏(‏قوله‏:‏ بلا إنزال‏)‏ أما لو أنزل فلا كفارة عليه بأكله عمدا؛ لأنه أكل وهو مفطر ط ‏(‏قوله‏:‏ أو إدخال أصبع‏)‏ أي يابسة كما تقدم ح فلو مبتلة فلا كفارة لأكله بعد تحقق الإفطار بالبلة ط ‏(‏قوله‏:‏ ونحو ذلك‏)‏ كأكله بعد قبلة بشهوة أو مضاجعة ومباشرة فاحشة بلا إنزال إمداد ‏(‏قوله‏:‏ في الصور كلها‏)‏ أي المذكورة في قوله وإن جامع إلخ ‏(‏قوله وكفر‏)‏ ترك بيان وقت وجوب القضاء والكفارة إشعارا بأنه على التراخي كما قال محمد وقال أبو يوسف إنه على الفور، وعن أبي حنيفة روايتان كما في التمرتاشي وقيل بين رمضانين وقال الكرخي والأول الصحيح، وكذا لا يكره نفله كما في الزاهدي وإنما قدم القضاء إشعارا بأنه ينبغي أن يقدمه على الكفارة ويستحب التتابع كما في الهداية قهستاني‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لأنه إلخ‏)‏ علة لقوله أو احتجم إلخ ‏(‏قوله‏:‏ حتى إلخ‏)‏ تفريع على مفهوم قوله؛ لأنه ظن في غير محله أي فلو كان الظن في محله فلا كفارة حتى لو أفتاه إلخ ط ‏(‏قوله‏:‏ يعتمد على قوله‏)‏ كحنبلي يرى الحجامة مفطرة إمداد قال في البحر‏:‏ لأن العامي يجب عليه تقليد العالم إذا كان يعتمد على فتواه ثم قال وقد علم من هذا أن مذهب العامي فتوى مفتيه من غير تقييد بمذهب ولهذا قال في الفتح‏:‏ الحكم في حق العامي فتوى مفتيه، وفي النهاية ويشترط أن يكون المفتي ممن يؤخذ منه الفقه ويعتمد على فتواه في البلدة وحينئذ تصير فتواه شبهة ولا معتبر بغيره‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه يظهر أن ‏"‏ يعتمد ‏"‏ مبني للمجهول فلا يكفي اعتماد المستفتي وحده فافهم ‏(‏قوله‏:‏ أو سمع حديثا‏)‏ كقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «أفطر الحاجم والمحجوم» وهذا عند محمد؛ لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم أقوى من قول المفتي فأولى أن يورث شبهة وعن أبي يوسف خلافه؛ لأن على العامي الاقتداء بالفقهاء لعدم الاهتداء في حقه إلى معرفة الأحاديث زيلعي ‏(‏قوله‏:‏ ولم يعلم تأويله‏)‏‏.‏ أما إن علم تأويله ثم أكل تجب الكفارة لانتفاء الشبهة وقول الأوزاعي أنه يفطر لا يورث شبهة لمخالفته القياس مع فرض علم الآكل كون الحديث مؤولا ثم تأويله أنه منسوخ أو أن اللذين قال فيهما صلى الله عليه وسلم ذلك كانا يغتابان وتمامه في الفتح وعلى الثاني فالمراد ذهاب الثواب كما يأتي ‏(‏قوله‏:‏ ولم يثبت الأثر‏)‏ عطف على أخطأ المفتي أي وإن لم يثبت الأثر‏.‏ ا هـ‏.‏ ح والمراد غير حديث الحاجم والمحجوم فإنه ثابت صحيح‏.‏ وأما أحاديث فطر المغتاب فكلها مدخولة كما في الفتح وفيه عن البدائع، ولو لمس أو قبل امرأة بشهوة أو ضاجعها ولم ينزل فظن أنه أفطر فأكل عمدا كان عليه الكفارة إلا إذا تأول حديثا أو استفتى فقيها فأفطر فلا كفارة عليه وإن أخطأ الفقيه ولم يثبت الحديث؛ لأن ظاهر الفتوى والحديث يعتبر شبهة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إلا في الأدهان‏)‏ استثناء من قوله لم يكفر يعني أنه إن ادهن ثم أكل كفر؛ لأنه متعمد؛ ولم يستند إلى دليل شرعي؛ لأنه لا يعتد بفتوى الفقيه أو بتأويله الحديث هنا؛ لأن هذا مما لا يشتبه على من له شمة من الفقه نقله الكمال عن البدائع، لكن يخالفه ما في الخانية من أن الذي اكتحل أو دهن نفسه أو شاربه ثم أكل متعمدا عليه الكفارة إلا إذا كان جاهلا فأفتي له بالفطر‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في الإمداد‏:‏ فعلى هذا يكون قولنا إلا إذا أفتاه فقيه شاملا لمسألة دهن الشارب ا هـ‏.‏ وهو كما ترى مرجح لعدم الاستئناء فالأولى للشارح تركه ح‏.‏ قلت‏:‏ لكن ما نذكره عن الخانية وغيرها في الغيبة يؤيد ما في البدائع ‏(‏قوله‏:‏ وكذا الغيبة‏)‏؛ لأن الفطر به يخالف القياس والحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ثلاث تفطر الصائم» مؤول بالإجماع بذهاب الثواب بخلاف حديث الحجامة، فإن بعض العلماء أخذ بظاهره مثل الأوزاعي وأحمد إمداد ولم يعتد بخلاف الظاهرية في الغيبة؛ لأنه حدث بعدما مضى السلف على تأويله بما قلنا فتح وفي الخانية قال بعضهم‏:‏ هذا والحجامة سواء وعامة المشايخ قالوا عليه الكفارة على كل حال؛ لأن العلماء أجمعوا على ترك العمل بظاهر الحديث وقالوا‏:‏ أراد به ثواب الآخرة، وليس في هذا قول معتبر فهذا ظن‏.‏ ما استند إلى دليل فلا يورث شبهة ا هـ‏.‏ ونحوه في السراج وكذا في الفتح عن البدائع وجزم به في الهداية أيضا وشروحها قال الرحمتي وإذا لم يعد الحديث والفتوى شبهة في الغيبة فعد دهن الشارب أولى‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ولذا سوى بينهما في الفتح عن البدائع وكذا في المعراج عن المبسوط ‏(‏قوله‏:‏ للشبهة‏)‏ قد علمت أن ما خالف الإجماع لا يورث شبهة والعمل على ما عليه الأكثر والله تعالى أعلم‏.‏

مطلب في الكفارة

‏(‏قوله‏:‏ ككفارة المظاهر‏)‏ مرتبط بقوله وكفر أي مثلها في الترتيب فيعتق أولا فإن لم يجد صام شهرين متتابعين فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا لحديث الأعرابي المعروف في الكتب الستة فلو أفطر ولو لعذر استأنف إلا لعذر الحيض وكفارة القتل يشترط في صومها التتابع أيضا وهكذا كل كفارة شرع فيها العتق نهر، وتمام فروع المسألة في البحر وفيه أيضا ولا فرق في وجوب الكفارة بين الذكر والأنثى والحر والعبد والسلطان وغيره، ولهذا صرح في البزازية بالوجوب على الجارية فيما لو أخبرت سيدها بعدم طلوع الفجر عالمة بطلوعه فجامعها مع عدم الوجوب عليه وبأنه إذا لزمت السلطان، وهو موسر بماله الحلال وليس عليه تبعة لأحد يفتى بإعتاق الرقبة وقال أبو نصر محمد بن سلام‏:‏ يفتى بصيام شهرين؛ لأن المقصود من الكفارة الانزجار ويسهل عليه إفطار شهر وإعتاق رقبة فلا يجعل الزجر‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ومن ثم‏)‏ أي من أجل ثبوت كفارة الظهار بالكتاب وثبوت كفارة الإفطار بالسنة، شبهوا الثانية لكونها أدنى حالا بالأولى لقوتها بثبوتها بالكتاب ط ومقتضاه الإكفار بإنكارها دون الأولى يؤيده أنه في الفتح ذكر أن سعيد بن جبير ذهب إلى أنها منسوخة‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في التشبيه إشارة إلى أنه لا يلزم كونها مثلها من كل وجه فإن المسيس في أثنائها يقطع التتابع في كفارة الظهار مطلقا عمدا أو نسيانا ليلا أو نهارا للآية بخلاف كفارة الصوم والقتل فإنه لا يقطعه فيهما إلا الفطر بعذر أو بغير عذر فتأمل‏.‏ فقد زلت بعض الأقدام في هذا المقام رملي ونحوه في القهستاني وأراد بغير العذر ما سوى الحيض‏.‏ والحاصل‏:‏ أنه لا يقطع التتابع هنا الوطء ليلا عمدا أو نهارا ناسيا بخلاف كفارة الظهار ‏(‏قوله‏:‏ إن نوى ليلا‏)‏ أي بنية معينة لما مر من خلاف الشافعي فيهما فكان شبهة لسقوط الكفارة ‏(‏قوله‏:‏ ولم يكن مكرها‏)‏ أي ولو على الجماع كما مر ولو كانت هي المكرهة لزوجها عليه وعليه الفتوى كما في الظهيرية خلافا لما في الاختيار من وجوبها عليهما لو لإكراه منها كما في بعض نسخ البحر ‏(‏قوله‏:‏ ولم يطرأ‏)‏ أي بعد إفطاره عمدا مقيما ناويا ليلا فتجب الكفارة لولا المسقط ‏(‏قوله‏:‏ مسقط‏)‏ أي سماوي لا صنع له فيه ولا في سببه رحمتي ‏(‏قوله‏:‏ كمرض‏)‏ أي مبيح للإفطار ‏(‏قوله‏:‏ والمعتمد لزومها‏)‏ أي بعد ذلك؛ لأنه فعل عبد والأولى أن يقول‏:‏ عدم سقوطها؛ لأنها كانت لازمة والخلاف في سقوطها وقيد بالسفر مكرها إذ لو سافر طائعا بعدما أفطر اتفقت الروايات على عدم سقوطها‏.‏ أما لو أفطر بعد ما سافر لم تجب نهر أي وإن حرم عليه لو سافر بعد الفجر كما يأتي ‏(‏قوله‏:‏ وفي المعتاد‏)‏ عطف على قوله فيما وهو اسم مفعول فيه ضمير هو نائب الفاعل عائد على الموصوف‏:‏ أي الشخص المعتاد وحمى بغير تنوين مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على ألف التأنيث المقصورة وحيضا معطوف عليه أي واختلف في الشخص الذي اعتاد حمى وحيضا والواو بمعنى أو وفي بعض النسخ وحيض، فيحتمل أنه مرفوع أو مجرور لكن الجر غير جائز؛ لأن إضافة الوصف المفرد إلى معموله المجرد من أل لا تجوز وأما الرفع فعلى إسناد المعتاد إلى الحمى والحيض أي الذي اعتاده حمى وحيض والأصوب النصب وقوله‏:‏ والمتيقن اسم فاعل مجرور بالعطف على معتاد وقتال مفعول ‏(‏قوله‏:‏ لو أفطر‏)‏ أي كل من المعتاد والمتيقن ‏(‏قوله‏:‏ والمعتمد سقوطها‏)‏ كذا صححه في البزازية وقاضي خان في شرح الجامع الصغير في المعتاد حمى وحيضا وشبهه بمن أفطر على ظن الغروب، ثم ظهر عدمه وعليه مشى الشرنبلالي، وهو مخالف لما في البحر حيث قال‏:‏ وإذا أفطرت على ظن أنه يوم حيضها فلم تحض الأظهر وجوب الكفارة كما لو أفطر على ظن أنه يوم مرضه‏.‏ ا هـ‏.‏ وكتبت فيما علقته عليه جعل الثانية مشبها بها؛ لأنها بالإجماع بخلاف مسألة الحيض فإن فيها اختلاف المشايخ والصحيح الوجوب كما نص على ذلك في التتارخانية‏.‏ ا هـ‏.‏ ولذا جزم بالوجوب في المسألتين في السراج والفيض‏.‏ والحاصل‏:‏ اختلاف التصحيح فيهما ولم أر من ذكر خلافا في سقوطها عمن تيقن قتال عدو والفرق كما في جامع الفصولين أن القتال يحتاج إلى تقدم الإفطار ليتقوى بخلاف المرض ‏(‏قوله‏:‏ ولم يكفر للأول‏)‏ أما لو كفر فعليه أخرى في ظاهر الرواية للعلم بأن الزجر لم يحصل بالأولى بحر ‏(‏قوله‏:‏ وعليه الاعتماد‏)‏ نقله في البحر عن الأسرار ونقل قبله عن الجوهرة لو جامع في رمضانين فعليه كفارتان وإن لم يكفر للأولى في ظاهر الرواية وهو الصحيح‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ فقد اختلف الترجيح كما ترى ويتقوى الثاني بأنه ظاهر الرواية ‏(‏قوله‏:‏ إن الفطر‏)‏ إن شرطية ح ‏(‏قوله‏:‏ وإلا لا‏)‏ أي وإن كان الفطر المتكرر في يومين بجماع لا تتداخل الكفارة، وإن لم يكفر للأول لعظم الجناية ولذا أوجب الشافعي الكفارة به دون الأكل والشرب ‏(‏قوله‏:‏ وتمامه في شرح الوهبانية‏)‏ قال في الوهبانية‏:‏ ولو أكل الإنسان عمدا وشهرة ولا عذر فيه قيل بالقتل يؤمر قال الشرنبلالي صورتها‏:‏ تعمد من لا عذر له الأكل جهارا يقتل؛ لأنه مستهزئ بالدين أو منكر لما ثبت منه بالضرورة ولا خلاف في حل قتله والأمر به فتعبير المؤلف بيقتل ليس بلازم الضعف‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن ذرعه القيء‏)‏ أي غلبه وسبقه قاموس والمسألة تتفرع إلى أربع وعشرين صورة؛ لأنه إما أن يقيء أو يستقئ وفي كل إما أن يملأ الفم أو دونه، وكل من الأربعة إما إن خرج أو عاد أو أعاده وكل إما ذاكر لصومه أو لا ولا فطر في الكل على الأصح إلا في الإعادة والاستقاء بشرط الملء مع التذكر شرح الملتقى ‏(‏قوله‏:‏ ولو هو ملء الفم‏)‏ أتى بلو مع أن ما دون ملء الفم مفهوم بالأولى لأجل التنصيص عليه؛ لأن المعطوف عليه في حكم المذكور فافهم وأطلق لو ملء الفم فشمل ما لو كان متفرقا في موضع واحد بحيث لو جمع ملء الفم كما في السراج‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لا يفسد‏)‏ أي عند محمد وهو الصحيح لعدم وجود الصنع ولعدم وجود صورة الفطر، وهو الابتلاع وكذا معناه؛ لأنه لا يتغذى به بل النفس تعافه بحر ‏(‏قوله‏:‏ وإن أعاده‏)‏ أي أعاد ما قاءه الذي هو ملء الفم ‏(‏قوله‏:‏ أو قدر حمصة منه فأكثر‏)‏ أشار إلى أنه لا فرق بين إعادة كله أو بعضه إذا كان أصله ملء الفم قال الحدادي في السراج مبنى الخلاف أن أبا يوسف يعتبر ملء الفم ومحمدا يعتبر الصنع ثم ملء الفم له حكم الخارج وما دونه ليس بخارج؛ لأنه يمكن ضبطه‏.‏ وفائدته تظهر في أربع مسائل‏:‏ إحداها إذا كان أقل من ملء الفم وعاد أو شيء منه قدر الحمصة لم يفطر إجماعا أما عند أبي يوسف فإنه ليس بخارج؛ لأنه أقل من الملء، وعند محمد لا صنع له في الإدخال والثانية‏:‏ إن كان ملء الفم وأعاده أو شيئا منه قدر الحمصة فصاعدا أفطر إجماعا؛ لأنه خارج أدخله جوفه ولوجود الصنع، والثالثة‏:‏ إذا كان أقل من ملء الفم وأعاده أو شيئا منه أفطر عند محمد للصنع لا عند أبي يوسف لعدم الملء، والرابعة‏:‏ إذا كان ملء الفم وعاد بنفسه أو شيء منه كالحمصة فصاعدا أفطر إجماعا؛ لأنه خارج أدخله جوفه ولوجود الصنع والثالثة إذ كان أقل من ملء الفم وأعاده أو شيئا منه أفطر عند محمد للصنع لا عند أبي يوسف لعدم ملء‏.‏ والرابعة‏:‏ إذا كان ملء الفم وعاد بنفسه أو شيء منه كالحمصة فصاعدا أفطر عند أبي يوسف لوجود الملء لا عند محمد لعدم الصنع وهو الصحيح ا هـ‏.‏ فمسألتنا الإعادة وهما الثانية والثالثة أو لا هما إجماعية وهي التي ذكرها المصنف بقوله‏:‏ وإن أعاده إلخ والأخرى خلافية وهي التي ذكرها المصنف بقوله وإلا لا ولا فرق فيهما بين إعادة الكل أو البعض فافهم ‏(‏قوله‏:‏ إن ملأ الفم‏)‏ قيد لإفطاره إجماعا بالإعادة لكله أو لقدر حمصة منه ‏(‏قوله‏:‏ وإلا لا‏)‏ أي وإن لم يملأ القيء الفم وأعاده كله أو بعضه لا يفسد صومه عند أبي يوسف، ولا ينافي ما قدمه من أنه لو أعاد قدر حمصة منه أفطر إجماعا؛ لأن ذاك فيما إذا كان القيء ملء الفم؛ لأنه صار في حكم الخارج؛ لأن الفم لا ينضبط عليه، وما كان في حكم الخارج لا فرق بين إعادة كله أو بعضه بصنعه بخلاف ما دونه؛ لأنه في حكم الداخل، فلا يفسد إلا إذا أعاده ولو قدر الحمصة منه بصنعه وبه علم أن كلام الشارح صواب لا خطأ فيه بوجه من الوجوه فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ هو المختار‏)‏ وفي الخانية‏:‏ هو الصحيح وصححه كثير من العلماء رملي ‏(‏قوله‏:‏ أي متذكرا لصومه‏)‏ أشار به إلى الرد على صاحب غاية البيان حيث قال‏:‏ إن ذكر العمد مع الاستقاء تأكيد؛ لأنه لا يكون إلا مع العمد‏.‏ وحاصل الرد أن المراد بالعمد تذكر الصوم لا تعمد القيء فهو مخرج لما إذا فعل ذلك ناسيا فإنه لا يفطر أفاده في البحر ط‏.‏ وحاصله أن ذكر العمد لبيان تعمد الفطر بكونه ذاكرا لصومه والاستقاء لا يفيد ذلك بل يفيد تعمد القيء قوله‏:‏ مطلقا‏)‏ أي سواء عاد أو أعاده أو لا ولا ح‏.‏ قال في الفتح‏:‏ ولا يتأتى فيه تفرع العود والإعادة؛ لأنه أفطر بمجرد القيء قبلهما ‏(‏قوله‏:‏ وإن أقل لا‏)‏ أي إن لم يعد ولم يعده بدليل قوله فإن عاد بنفسه إلخ ح ‏(‏قوله‏:‏ وهو الصحيح‏)‏ قال في الفتح صححه في شرح الكنز أي الزيلعي وهو قول أبي يوسف ‏(‏قوله‏:‏ لم يفطر‏)‏ أي عند أبي يوسف لعدم الخروج، فلا يتحقق الدخول فتح أي؛ لأن ما دون ملء الفم ليس في حكم الخارج كما مر ‏(‏قوله‏:‏ ففيه روايتان‏)‏ أي وعن أبي يوسف وعند محمد لا يتأتى التفريع لما مر‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

لو استقاء مرارا في مجلس ملء فمه أفطر لا إن كان في مجالس أو غدوة ثم نصف النهار ثم عشية كذا في الخزانة؛ وتقدم في الطهارة أن محمدا يعتبر اتحاد السبب لا المجلس لكن لا يتأتى هذا على قوله هنا خلافا لما في البحر؛ لأنه يفطر عنده بما دون ملء الفم فما في الخزانة على قول أبي يوسف أفاده في النهر ‏(‏قوله‏:‏ وهذا كله‏)‏ أي التفصيل المتقدم ط ‏(‏قوله‏:‏ أو مرة‏)‏ بالكسر والتشديد وهي الصفراء أحد الطبائع كما مر في الطهارة ‏(‏قوله‏:‏ أو دم‏)‏ الظاهر أن المراد به الجامد، وإلا فما الفرق بينه وبين الخارج من الأسنان إذا بلعه حيث يفطر لو غلب على البزاق أو ساواه أو وجد طعمه كما مر أول الباب ‏(‏قوله‏:‏ فإن كان بلغما‏)‏ أي صاعدا من الجوف، أما إذا كان نازلا من الرأس، فلا خلاف في عدم إفساده الصوم كما لا خلاف في عدم نقضه الطهارة كذا في الشرنبلالية ومقتضى إطلاقه أنه لا ينقض سواء كان ملء الفم أو دونه؛ وسواء عاد أو أعاده أو لا ولا والله أعلم بصحة هذا الإطلاق وبصحة قياسه على الطهارة فليراجع ح ‏(‏قوله‏:‏ مطلقا‏)‏ أي سواء قاء واستقاء وسواء كان ملء الفم أو دونه وسواء عاد أو أعاده أو لا ولا وفي هذا الإطلاق أيضا تأمل ح ‏(‏قوله‏:‏ خلافا للثاني‏)‏ فإنه قال إن استقاء ملء الفم فسد ح ‏(‏قوله‏:‏ واستحسنه الكمال‏)‏ حيث قال وقول أبي يوسف هنا أحسن، وقولهما بعدم النقض به أحسن؛ لأن الفطر إنما نيط بما يدخل أو بالقيء عمدا من غير نظر إلى طهارة ونجاسة، فلا فرق بين البلغم وغيره، بخلاف نقض الطهارة ا هـ‏.‏ وأقره في البحر والنهر والشرنبلالية وهو مراد الشارح بقوله‏:‏ وغيره فإنهم لما أقروه فقد استحسنوه، وقول ابن الهمام؛ لأن الفطر إنما نيط بما يدخل أو بالقيء عمدا إلخ يؤيد النظر الذي قدمناه في إطلاق الشرنبلالية وإطلاق الشارح فليتأمل بعد الإحاطة بتعليل الهداية ح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إن مثل حمصة‏)‏ هذا ما اختاره الصدر الشهيد واختار الدبوسي تقديره بما يمكن أن يبتلعه من غير استعانة بريق واستحسنه الكمال؛ لأن المانع من الإفطار ما لا يسهل الاحتراز عنه وذلك فيما يجري بنفسه مع الريق لا فيما يتعمد في إدخاله‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لأن النفس تعافه‏)‏ فهو كاللقمة المخرجة وقدمناه عن الكمال أن التحقيق تقييد ذلك بكونه ممن يعاف ذلك ‏(‏قوله‏:‏ إلا إذا مضغ إلخ‏)‏؛ لأنها تلتصق بأسنانه فلا يصل إلى جوفه شيء ويصير تابعا لريقه معراج ‏(‏قوله‏:‏ كما مر‏)‏ أي عند قوله أو خرج دم من بين أسنانه قوله‏:‏ وهو‏)‏ أي وجود الطعم في الحلق ‏(‏قوله‏:‏ في كل قليل‏)‏ في بعض النسخ في كل شيء والأولى أولى وهي الموافقة لعبارة الكمال‏.‏

مطلب فيما يكره للصائم

‏(‏قوله‏:‏ وكره إلخ‏)‏ الظاهر أن الكراهة في هذه الأشياء تنزيهية رملي ‏(‏قوله‏:‏ قاله العيني‏)‏ وتبعه في النهر وقال وجعله الزيلعي قيدا في الثاني فقط والأول أولى‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ككون زوجها إلخ‏)‏ بيان للعذر الأول قال في النهر ومن العذر في الثاني أن لا تجد من يمضغ لصبيها من حائض أو نفساء أو غيرهما ممن لا يصوم ولم تجد طبيخا ‏(‏قوله‏:‏ ووفق في النهر‏)‏ عبارته‏:‏ وينبغي حمل الأول أي القول بالكراهة على ما إذا وجد بدا والثاني على ما إذا لم يجده وقد خشي الغبن‏.‏ ا هـ‏.‏ فقد قيد الكراهة بأن يجد بدا من شرائه أي سواء خاف الغبن أو لا، فقول الشارح‏:‏ ولم يخف غبنا مخالف لما في النهر ‏(‏وقوله‏:‏ وإلا لا‏)‏ أي وإن لم يجد بدا وخاف غبنا لا يكره موافق للنهر فافهم ومفهومه‏.‏ أنه إذا لم يجد بدا ولم يخف غبنا يكره وهو ظاهر ‏(‏قوله‏:‏ وهذا‏)‏ أي الحكم بكراهة الذوق أو المضغ بلا عذر ط ‏(‏قوله‏:‏ إلا النفل‏)‏؛ لأنه يباح فيه الفطر بالعذر اتفاقا وبلا عذر في رواية الحسن، والثاني فالذوق أولى بعدم الكراهة؛ لأنه ليس بإفطار، بل يحتمل أن يصير إياه فتح وغيره ‏(‏قوله‏:‏ وفيه كلام‏)‏ أي لصاحب البحر‏.‏ وحاصله‏:‏ أن الكلام على ظاهر الرواية من عدم حل الفطر عند عدم العذر، فما كان تعريضا له للفطر يكره إما على تلك الرواية فمسلم وسيأتي أنها شاذة ا هـ‏.‏ وأجاب في النهر بأنه يمكن أن يقال إنما لم يكره في النفل وكره في الفرض إظهارا لتفاوت الرتبتين ا هـ‏.‏ وأجاب الرملي أيضا بأنه إنما يكره في الفرض لقوته فيجب حفظه وعدم تعريضه للفساد فكره فيه ما يخشى منه الإمضاء إليه، ولم يكره في النفل وإن لم تخل حقيقة الفطر فيه؛ لأنه في أصله محض تطوع، والمتطوع أمير نفسه ابتداء فهبطت مرتبته عن الفرض بعدم كراهة فعل ربما أفضى إلى الظفر من غير غلبة ظن فيه قال وهذا أولى مما في النهر؛ لأن هذا يبطل العلة المذكورة لهم فتأمل‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وكره مضغ علك‏)‏ نص عليه مع دخوله في قوله وكره ذوق شيء ومضغه بلا عذر؛ لأن العذر فيه لا يتضح، فذكر مطلقا بلا عذر اهتماما رملي‏.‏ قلت‏:‏ ولأن العادة مضغه خصوصا للنساء؛ لأنه سواكهن كما يأتي فكان مظنة عدم الكراهة في الصيام لتوهم أن ذلك عذر ‏(‏قوله أبيض إلخ‏)‏ قيده بذلك؛ لأن الأسود وغير الممضوغ وغير الملتئم، يصل منه شيء إلى الجوف، وأطلق محمد المسألة وحملها الكمال تبعا للمتأخرين على ذلك قال للقطع بأنه معلل بعدم الوصول، فإن كان مما يصل عادة حكم بالفساد؛ لأنه كالمتيقن ‏(‏قوله‏:‏ وكره للمفطرين‏)‏؛ لأن الدليل أعني التشبه بالنساء، يقتضي الكراهة في حقهم خاليا عن المعارض فتح وظاهره أنها تحريمية ط ‏(‏قوله‏:‏ إلا في الخلوة بعذر‏)‏ كذا في المعراج عن البزدوي والمحبوبي ‏(‏قوله‏:‏ وقيل يباح‏)‏ هو قول فخر الإسلام حيث قال وفي كلام محمد إشارة إلى أنه لا يكره لغير الصائم، ولكن يستحب للرجال تركه إلا لعذر مثل أن يكون في فمه بخر ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأنه سواكهن‏)‏؛ لأن بنيتهن ضعيفة قد لا تحتمل السواك فيخشى على اللثة والسن منه فتح‏.‏

‏(‏قوله وكره قبلة إلخ‏)‏ جزم في السراج بأن القبلة الفاحشة بأن يمضغ شفتيها تكره على الإطلاق أي سواء أمن أو لا قال في النهر‏:‏ والمعانقة على التفصيل في المشهور وكذا المباشرة الفاحشة في ظاهر الرواية وعن محمد كراهتها مطلقا وهو رواية الحسن قيل وهو الصحيح‏.‏ ا هـ‏.‏ واختار الكراهة في الفتح وجزم بها في الولوالجية بلا ذكر خلاف وهي أن يعانقها وهما متجردان ويمس فرجه فرجها بل قال في الذخيرة إن هذا مكروه بلا خلاف؛ لأنه يفضي إلى الجماع غالبا‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه علم أن رواية محمد بيان لكون ما في ظاهر الرواية من كراهة المباشرة ليس على إطلاقه، بل هو محمول على غير الفاحشة ولذا قال في الهداية والمباشرة مثل التقبيل في ظاهر الرواية، وعن محمد أنه كره المباشرة الفاحشة ا هـ‏.‏ وبه ظهر أن ما مر عن النهر من إجراء الخلاف في الفاحشة ليس مما ينبغي، ثم رأيت في التتارخانية عن المحيط‏:‏ التصريح بما ذكرته من التوفيق بين الروايتين وأنه لا فرق بينهما ولله الحمد ‏(‏قوله‏:‏ إن لم يأمن المفسد‏)‏ أي الإنزال أو الجماع إمداد ‏(‏قوله‏:‏ وإن أمن لا بأس‏)‏ ظاهره أن الأولى عدمها لكن قال في الفتح وفي الصحيحين‏:‏ «أنه عليه الصلاة والسلام كان يقبل ويباشر وهو صائم» وروى أبو داود بإسناد جيد عن أبي هريرة‏:‏ «أنه عليه الصلاة والسلام سأله رجل عن المباشرة للصائم فرخص له وأتاه آخر فنهاه» فإذا الذي رخص له شيخ والذي نهاه شاب‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا دهن شارب وكحل‏)‏ بفتح الفاء مصدرين وبضمها اسمين، وعلى الثاني فالمعنى‏:‏ لا يكره استعمالهما إلا أن الرواية هو لأول وتمامه في النهر وذكر في الإمداد أول الباب أنه يؤخذ من هذا أنه لا يكره للصائم شم رائحة المسك والورد ونحوه مما لا يكون جوهرا متصلا كالدخان فإنهم قالوا لا يكره الاكتحال بحال، وهو شامل للمطيب وغيره، ولم يخصوه بنوع منه وكذا دهن الشارب‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب في الفرق بين قصد الجمال وقصد الزينة

‏(‏قوله إذا لم يقصد الزينة‏)‏ اعلم أنه لا تلازم بين قصد الجمال وقصد الزينة فالقصد الأول لدفع الشين وإقامة ما به الوقار وإظهار النعمة شكرا لا فخرا، وهو أثر أدب النفس وشهامتها، والثاني أثر ضعفها، وقالوا بالخضاب وردت السنة ولم يكن لقصد الزينة ثم بعد ذلك إن حصلت زينة فقد حصلت في ضمن قصد مطلوب فلا يضره إذا لم يكن ملتفتا إليه فتح، ولهذا قال في الولوالجية لبس الثياب الجميلة مباح إذا كان لا يتكبر؛ لأن التكبر حرام، وتفسيره أن يكون معها كما كان قبلها‏.‏ ا هـ‏.‏ بحر ‏(‏قوله أو تطويل اللحية‏)‏ أي بالدهن ‏(‏قوله‏:‏ وصرح في النهاية إلخ‏)‏ حيث قال وما وراء ذلك يجب قطعه هكذا «عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من اللحية من طولها وعرضها» أورده أبو عيسى يعني الترمذي في جامعه ا هـ‏.‏ ومثله في المعراج وقد نقله عنها في الفتح وأقره قال في النهر‏:‏ وسمعت من بعض أعزاء الموالي أن قول النهاية يحب بالحاء المهملة ولا بأس به ا هـ‏.‏ قال الشيخ إسماعيل، ولكنه خلاف الظاهر واستعمالهم في مثله يستحب ‏(‏قوله‏:‏ إلا أن يحمل الوجوب على الثبوت‏)‏ يؤيده أن ما استدل به صاحب النهاية لا يدل على الوجوب لما صرح به في البحر وغيره إن كان بفعل لا يقتضي التكرار والدوام، ولذا حذف الزيلعي لفظ يجب وقال وما زاد يقص وفي شرح الشيخ إسماعيل لا بأس بأن يقبض على لحيته، فإذا زاد على قبضته شيء جزه كما في المنية، وهو سنة كما في المبتغى وفي المجتبى والينابيع وغيرهما لا بأس بأخذ أطراف اللحية إذا طالت ولا بنتف الشيب إلا على وجه التزين ولا بالأخذ من حاجبه وشعر وجهه ما لم يشبه فعل المخنثين ولا يلحق شعر حلقه وعن أبي يوسف لا بأس به‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب في الأخذ من اللحية

‏(‏قوله‏:‏ وأما الأخذ منها إلخ‏)‏ بهذا وفق في الفتح بين ما مر وبين ما في الصحيحين عن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «أحفوا الشوارب واعفوا اللحية» قال‏:‏ لأنه صح عن ابن عمر راوي هذا الحديث أنه كان يأخذ الفاضل عن القبضة، فإن لم يحمل على النسخ كما هو أصلنا في عمل الراوي على خلاف مرويه مع أنه روي عن غير الراوي وعن النبي صلى الله عليه وسلم يحمل الإعفاء على إعفائها عن أن يأخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم من حلق لحاهم، ويؤيده ما في مسلم عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «جزوا الشوارب واعفوا اللحى خالفوا المجوس» فهذه الجملة واقعة موقع التعليل، وأما الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغاربة، ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏

مطلب في حديث التوسعة على العيال والاكتحال يوم عاشوراء

‏(‏قوله‏:‏ وحديث التوسعة إلخ‏)‏ وهو «من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه السنة كلها» قال جابر‏:‏ جربته أربعين عاما فلم يتخلف ط وحديث الاكتحال هو ما رواه البيهقي وضعفه ‏{‏من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم ير رمدا أبدا» ورواه ابن الجوزي في الموضوعات «من اكتحل يوم عاشوراء لم ترمد عينه تلك السنة» فتح‏.‏ قلت‏:‏ ومناسبة ذكر هذا هنا أن صاحب الهداية استدل على عدم كراهة الاكتحال للصائم بأنه عليه الصلاة والسلام قد ندب إليه يوم عاشوراء وإلى الصوم فيه‏.‏ قال في النهر‏:‏ وتعقبه ابن العز بأنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم في يوم عاشوراء غير صومه وإنما الروافض لما ابتدعوا إقامة المأتم وإظهار الحزن يوم عاشوراء لكون الحسين قتل فيه ابتدع جهلة أهل السنة إظهار السرور واتخاذ الحبوب والأطعمة والاكتحال، ورووا أحاديث موضوعة في الاكتحال وفي التوسعة فيه على العيال‏.‏ ا هـ‏.‏ وهو مردود بأن أحاديث الاكتحال فيه ضعيفة لا موضوعة كيف وقد خرجها في الفتح ثم قال‏:‏ فهذه عدة طرق إن لم يحتج بواحد منها، فالمجموع يحتج به لتعدد الطرق وأما حديث التوسعة فرواه الثقات وقد أفرده ابن القرافي في جزء خرجه فيه ا هـ‏.‏ ما في النهر، وهو مأخوذ من الحواشي السعدية لكنه زاد عليها ما ذكره في أحاديث الاكتحال وما ذكره عن الفتح وفيه نظر فإنه في الفتح ذكر أحاديث الاكتحال للصائم من طرق متعددة بعضها مقيد بعاشوراء، وهو ما قدمناه عنه، وبعضها مطلق فمراده الاحتجاج بمجموع أحاديث الاكتحال للصائم، ولا يلزم منه الاحتجاج بحديث الاكتحال يوم عاشوراء، كيف وقد جزم بوضعه الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة، وتبعه غيره منهم مثلا علي القاري في كتاب الموضوعات، ونقل السيوطي في الدرر المنتثرة عن الحاكم أنه منكر، وقال الجراحي في كشف الخفاء ومزيل الإلباس قال الحاكم أيضا الاكتحال يوم عاشوراء لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أثر، وهو بدعة، نعم حديث التوسعة ثابت صحيح كما قال الحافظ السيوطي في الدرر ‏(‏قوله‏:‏ كما زعمه ابن عبد العزيز‏)‏ الذي في النهر والحواشي السعدية ابن العز‏.‏ قلت‏:‏ وهو صاحب النكت على مشكلات الهداية كما ذكره في السعدية في غير هذا المحل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا سواك‏)‏ بل يسن للصائم كغيره صرح به في النهاية لعموم قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء وعند كل صلاة» لتناوله الظهر والعصر والمغرب وقد تقدم أحكامه في الطهارة بحر ‏(‏قوله‏:‏ ولو عشيا‏)‏ أي بعد الزوال ‏(‏قوله‏:‏ على المذهب‏)‏ وكره الثاني المبلول بالماء لما فيه من إدخاله فمه من غير ضرورة ورد بأنه ليس بأقوى من المضمضة أما الرطب الأخضر فلا بأس به اتفاقا كذا في الخلاصة نهر ‏(‏قوله‏:‏ وكذا لا تكره حجامة‏)‏ أي الحجامة التي لا تضعفه عن الصوم، وينبغي له أن يؤخرها إلى وقت الغروب والفصد كالحجامة وذكر شيخ الإسلام أن شرط الكراهة ضعف يحتاج فيه إلى الفطر كما في التتارخانية إمداد، وقال قبله‏:‏ وكره له فعل ما ظن أنه يضعفه عن الصوم كالفصد والحجامة والعمل الشاق لما فيه من تعريضه لإفساد ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويلحق به إطالة المكث في الحمام في الصيف كما هو ظاهر ‏(‏قوله‏:‏ ومضمضة أو استنشاق‏)‏ أي لغير وضوء أو اغتسال نور الإيضاح ‏(‏قوله‏:‏ للتبرد‏)‏ راجع لقوله وتلفف وما بعده ‏(‏قوله‏:‏ وبه يفتى‏)‏ ‏{‏؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صب على رأسه الماء، وهو صائم من العطش أو من الحر» رواه أبو داود وكان ابن عمر رضي الله عنهما يبل الثوب ويلفه عليه وهو صائم ولأن هذه الأشياء فيها عون على العبادة ودفع الضجر الطبيعي وكرهها أبو حنيفة لما فيها من إظهار الضجر في العبادة؛ كما في البرهان إمداد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويستحب السحور‏)‏ لما رواه الجماعة إلا أبا داود عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «تسحروا فإن في السحور بركة» قيل المراد بالبركة‏:‏ حصول التقوي على صوم الغد أو زيادة الثواب وقوله في النهاية‏:‏ إنه على حذف مضاف أي في أكل السحور مبني على ضبطه بالضم جمع سحر والأعرف في الرواية الفتح وهو اسم للمأكول في السحر وهو السدس الأخير من الليل كالوضوء بالفتح ما يتوضأ به، وقيل يتعين الضم؛ لأن البركة ونيل الثواب إنما يحصل بالفعل لا بنفس المأكول فتح ملخصا قال في البحر‏:‏ ولم أر صريحا في كلامهم أنه يحصل السنة بالماء وحده، وظاهر الحديث يفيده، وهو ما رواه أحمد‏:‏ ‏{‏السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين» ‏(‏قوله‏:‏ وتأخيره‏)‏؛ لأن معنى الاستعانة فيه أبلغ بدائع ومحل الاستحباب ما إذا لم يشك في بقاء الليل، فإن شك كره الأكل في الصحيح كما في البدائع أيضا ‏(‏قوله‏:‏ وتعجيل الفطر‏)‏ أي إلا في يوم غيم، ولا يفطر ما لم يغلب على ظنه غروب الشمس وإن أذن المؤذن بحر عن البزازية وفيه عن شرح الجامع لقاضي خان التعجيل المستحب قبل اشتباك النجوم‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في الفيض‏:‏ ومن كان على مكان مرتفع كمنارة إسكندرية لا يفطر ما لم تغرب الشمس عنده ولأهل البلدة الفطر إن غربت عندهم قبله وكذا العبرة في الطلوع في حق صلاة الفجر أو السحور ‏(‏قوله‏:‏ لحديث إلخ‏)‏ كذا أورد الحديث في الهداية، قال في الفتح وهو على هذا الوجه الله أعلم به‏.‏ والذي في معجم الطبراني‏:‏ «ثلاث من أخلاق المرسلين‏:‏ تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة» ا هـ‏.‏ واستشكل بأنه كيف يكون من أخلاق المرسلين ولم يكن في ملتهم حل أكل السحور‏.‏ وأجيب بمنع أنه لم يكن في ملتهم وإن لم نعلمه ولو سلم فلا يلزم اجتماع الخصال الثلاث فيهم ا هـ‏.‏ من المعراج ملخصا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا يجوز إلخ‏)‏ عزاه في البحر إلى القنية‏.‏ وقال في التتارخانية‏:‏ وفي الفتاوى سئل علي بن أحمد عن المحترف إذا كان يعلم أنه لو اشتغل بحرفته يلحقه مرض يبيح الفطر، وهو محتاج للنفقة هل يباح له الأكل قبل أن يمرض فمنع من ذلك أشد المنع وهكذا حكاه عن أستاذه الوبري وفيها سألت أبا حامد عن خباز يضعف في آخر النهار هل له أن يعمل هذا العمل‏؟‏ قال‏:‏ لا ولكن يخبز نصف النهار ويستريح في الباقي فإن قال لا يكفيه كذب بأيام الشتاء فإنها أقصر فما يفعله اليوم ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وقال الرملي‏:‏ وفي جامع الفتاوى ولو ضعف عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة فله أن يفطر ويطعم لكل يوم نصف صاع ا هـ‏.‏ أي إذا لم يدرك عدة من أيام أخر يمكنه الصوم فيها وإلا وجب عليه القضاء، وعلى هذا الحصاد إذا لم يقدر عليه مع الصوم ويهلك الزرع بالتأخير لا شك في جواز الفطر والقضاء وكذا الخباز، وقوله كذب إلخ فيه نظر، فإن طول النهار وقصره لا دخل له في الكفاية، فقد يظهر صدقه في قوله لا يكفيني فيفوض إليه حملا لحاله على الصلاح تأمل ا هـ‏.‏ كلام الرملي‏:‏ أي لأن الحاجة تختلف صيفا وشتاء وغلاء ورخصا وقلة عيال وضدها، ولكن ما نقله عن جامع الفتاوى صوره في نور الإيضاح وغيره بمن نذر صوم الأبد، ويؤيده إطلاق قوله يفطر ويطعم وكلامنا في صوم رمضان‏.‏ والذي ينبغي في مسألة المحترف حيث كان الظاهر أن ما مر من تفقهات المشايخ لا من منقول المذهب أن يقال إذا كان عنده ما يكفيه وعياله لا يحل له الفطر؛ لأنه يحرم عليه السؤال من الناس فالفطر أولى وإلا فله العمل بقدر ما يكفيه، ولو أداه إلى الفطر يحل له إذا لم يمكنه العمل في غير ذلك مما لا يؤديه إلى الفطر وكذا لو خاف هلاك زرعه أو سرقته ولم يجد من يعمل له بأجرة المثل، وهو يقدر عليها؛ لأن له قطع الصلاة لأقل من ذلك لكن لو كان آجر نفسه في العمل مدة معلومة فجاء رمضان فالظاهر أن له الفطر وإن كان عنده ما يكفيه إذا لم يرض المستأجر بفسخ الإجارة كما في الظئر، فإنه يجب عليها الإرضاع بالعقد، ويحل لها الإفطار إذا خافت على الولد فيكون خوفه على نفسه أولى تأمل هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فإن أجهد الحر إلخ‏)‏ قال في الوهبانية‏:‏ فإن أجهد الإنسان بالشغل نفسه فأفطر في التكفير قولين سطروا قال الشرنبلالي صورته‏:‏ صائم أتعب نفسه في عمل حتى أجهده العطش فأفطر لزمته الكفارة، وقيل لا وبه أفتى البقالي، وهذا بخلاف الأمة إذا أجهدت نفسها؛ لأنها معذورة تحت قهر المولى، ولها أن تمتنع من ذلك وكذا العبد‏.‏ ا هـ‏.‏ ح وظاهره وهو الذي في الشرنبلالية عن المنتقى ترجيح وجوب الكفارة ط‏.‏ قلت‏:‏ مقتضى قوله ولها أن تمتنع لزوم الكفارة عليها أيضا لو فعلت مختارة فيكون ما قبله محمولا على ما إذا كان بغير اختيارها بدليل التعليل، والله أعلم‏.‏