فصل: تابع كتاب الطهارة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


تابع كتاب الطهارة

مطلب في بيان ارتقاء الحديث الضعيف إلى مرتبة الحسن

قلت‏:‏ مقتضى عملهم بهذا الحديث أنه ليس شديد الضعف فطرقه ترقيه إلى الحسن ‏(‏قوله‏:‏ وأن لا يعتقد سنية ذلك الحديث‏)‏ أي سنية العمل به‏.‏ وعبارة السيوطي في شرح التقريب‏:‏ الثالث أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الاحتياط، وقيل‏:‏ لا يجوز العمل به مطلقا، وقيل‏:‏ يجوز مطلقا‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أما الموضوع‏)‏ أي المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم إجماعا، بل قال بعضهم‏:‏ إنه كفر‏.‏ قال‏:‏ عليه الصلاة والسلام‏:‏ «من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» ط ‏(‏قوله‏:‏ بحال‏)‏ أي ولو في فضائل الأعمال‏.‏ قال ط أي حيث كان مخالفا لقواعد الشريعة، وأما لو كان داخلا في أصل عام فلا مانع منه لا لجعله حديثا بل لدخوله تحت الأصل العام ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله‏:‏ إلا إذا قرن‏)‏ أي ذلك الحديث المروي ببيانه أي بيان وضعه، أما الضعيف فتجوز روايته بلا بيان ضعفه، لكن إذا أردت روايته بغير إسناد فلا تقل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وما أشبهه من صيغ الجزم، بل قل روي كذا وبلغنا كذا أو ورد أو جاء أو نقل عنه وما أشبهه من صيغ التمريض، وكذا ما شك في صحته وضعفه كما في التقريب ‏(‏قوله‏:‏ أي بعد الوضوء‏)‏ فسر الضمير بذلك مع تبادر ما في الزيلعي لأن المصنف في شرحه فسره بذلك وهو أدرى بمراده ‏(‏قوله‏:‏ وأن يقول بعده‏)‏ زاد في المنية وغيرها أو في خلاله، لكن قال في الحلية‏:‏ إن الوارد في السنة بعده متصلا بما تقدم من ذكر الشهادتين كما هو في رواية الترمذي‏.‏ ا هـ‏.‏ وزاد في المنية‏:‏ وأن يقول بعد فراغه «سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك ناظرا إلى السماء» ‏(‏قوله‏:‏ التوابين‏)‏ هم الذين كلما أذنبوا تابوا، والمتطهرون الذين لا ذنب لهم‏.‏ زاد في المنية ‏[‏واجعلني من عبادك الصالحين، واجعلني من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون‏]‏ ‏(‏قوله‏:‏ وأن يشرب بعده من فضل وضوئه‏)‏ بفتح الواو‏:‏ ما يتوضأ به درر، والمراد شرب كله أو بعضه كما في شرح المنية وشرح الشرعة، ويقول عقبه كما في المنية‏:‏ اللهم اشفني بشفائك، وداوني بدوائك، واعصمني من الوهل والأمراض والأوجاع‏.‏ قال في الحلية‏:‏ والوهل هنا بالتحريك‏:‏ الضعف والفزع ولم أقف على هذا الدعاء مأثورا، وهو حسن‏.‏ ا هـ‏.‏ بقي شيء، وهو أن الشرب من فضل الوضوء فيما لو توضأ من إناء كإبريق مثلا، أما لو توضأ من نحو حوض فهل يسمى ما فيه فضل الوضوء فيشرب منه أولا‏؟‏ فليحرر‏.‏ هذا، وفي الذخيرة عن فتاوى أبي الليث الماء الموضوع للشرب لا يتوضأ به ما لم يكن كثيرا، والموضوع للوضوء يجوز الشرب منه، ثم نقل عن ابن الفضل أنه كان يقول بالعكس، فعلى هذا هل له الشرب من فضل الوضوء لأنه من توابعه أم لا‏؟‏ والظاهر الأول، تأمل ‏(‏قوله‏:‏ كماء زمزم‏)‏ التشبيه في الشرب مستقبلا قائما لا في كونه بعد الوضوء فلذا قال ط‏:‏ الأولى تأخيره عن قوله قائما‏.‏مطلب في مباحث الشرب قائما

‏(‏قوله‏:‏ أو قاعدا‏)‏ أفاد أنه مخير في هذين الموضوعين، وأنه لا كراهة فيهما في الشرب قائما بخلاف غيرهما، وأن المندوب هنا هو الشرب من فضل الوضوء لا بقيد كونه قائما خلاف ما اقتضاه كلام المصنف، لكن قال في المعراج قائما، وخيره الحلواني بين القيام والقعود‏.‏ وفي الفتح‏:‏ قيل‏:‏ وإن شاء قاعدا، وأقره في البحر، واقتصر على ما ذكره المصنف في المواهب والدرر والمنية والنهر وغيرها‏.‏ وفي السراج‏:‏ ولا يستحب الشرب قائما إلا في هذين الموضوعين، فاستفيد ضعف ما مشى عليه الشارح كما نبه عليه ح وغيره ‏(‏قوله‏:‏ وفيما عداهما يكره إلخ‏)‏ أفاد أن المقصود من قوله قائما عدم الكراهة لا دخوله تحت المستحب؛ ولذا زاد قوله‏:‏ أو قاعدا‏.‏ واعلم أنه ورد في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ «لا يشربن أحد منكم قائما فمن نسي فليستقئ» وفيهما‏:‏ «أنه شرب من زمزم قائما» وروى البخاري‏:‏ «عن علي رضي الله عنه أنه بعدما توضأ قام فشرب فضل وضوئه وهو قائم، ثم قال‏:‏ إن ناسا يكرهون الشرب قائما، وإن النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل ما صنعت» وأخرج ابن ماجه والترمذي عن كبشة الأنصارية رضي الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها قربة معلقة فشرب منها وهو قائم فقطعت فم القربة تبتغي بركة موضع في رسول الله صلى الله عليه وسلم‏}‏ وقال الترمذي‏:‏ حسن صحيح غريب، فلذا اختلف العلماء في الجمع؛ فقيل‏:‏ إن النهي ناسخ للفعل، وقيل‏:‏ بالعكس، وقيل‏:‏ إن النهي للتنزيه والفعل لبيان الجواز‏.‏ وقال النووي‏:‏ إنه الصواب‏.‏ واعترضه في الحلية بحديث علي المار حيث أنكر على القائلين بالكراهة، وبما أخرجه الترمذي وغيره، وحسنه عن ابن عمر ‏"‏ كنا نأكل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام ‏"‏ قال‏:‏ وجنح الطحاوي إلى أنه لا بأس به، وأن النهي لخوف الضرر لا غير، كما روي عن الشعبي قال‏:‏ إنما كره الشرب قائما لأنه يؤذي‏.‏ قال في الحلية‏:‏ فالكراهة على ما صوبه النووي شرعية يثاب على تركها، وعلى هذا إرشادية لا يثاب على تركها‏.‏ ثم استشكل ما مر من استثناء الموضعين‏:‏ أي الشرب من ماء زمزم ومن فضل الوضوء وكراهة ما عداهما، بأنه لا يتمشى على قول من هذه الأقوال، نعم على ما جنح إليه الطحاوي يستفاد الجواز مطلقا إن أمن الضرر، أما الندب فلا، إلا أن يقال‏:‏ يفيد الندب في فضل الوضوء ما أخرجه الترمذي في حديث علي، وهو ‏{‏أنه قام بعدما غسل قدميه فأخذ فضل طهوره فشربه وهو قائم ثم قال‏:‏ أحببت أن أريكم كيف كان طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم‏}‏ وفيه حديث‏:‏ «إن فيه شفاء من سبعين داء أدناها البهر‏}‏ لكن قال الحفاظ‏:‏ إنه واه ا هـ‏.‏ ملخصا والبهر بالضم فسره في الخلاصة بتتابع النفس، وفي القاموس إنه انقطاع النفس من الإعياء‏.‏ والحاصل أن انتفاء الكراهة في الشرب قائم في هذين الموضوعين محل كلام فضلا عن استحباب القيام فيهما، ولعل الأوجه عدم الكراهة إن لم نقل بالاستحباب لأن ماء زمزم شفاء وكذا فضل الوضوء‏.‏ وفي شرح هدية ابن العماد لسيدي عبد الغني النابلسي‏:‏ ومما جربته أني إذا أصابني مرض أقصد الاستشفاء بشرب فضل الوضوء فيحصل لي الشفاء، وهذا دأبي اعتمادا على قول الصادق صلى الله عليه وسلم في هذا الطب النبوي الصحيح ‏(‏قوله‏:‏ وعن ابن عمر إلخ‏)‏ أخرجه الطحاوي وأحمد وابن ماجه والترمذي وصححه حلية، وقصد بذكره بيان حكم الأكل، لكن أخرج أحمد ومسلم والترمذي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ «أنه نهى أن يشرب الرجل قائما‏}‏ قال قتادة‏:‏ قلت لأنس‏:‏ فالأكل، فقال‏:‏ ذلك أشر وأخبث‏.‏ وفي الجامع الصغير للسيوطي ‏{‏نهى عن الشرب قائما والأكل قائما‏}‏ ولعل النهي لأمر طبي أيضا كما مر في الشرب‏.‏ وفي الفصل الحادي والثلاثين من فصول العلامي‏:‏ وكره الأكل والشرب في الطريق والأكل نائما وماشيا، ولا بأس بالشرب قائما، ولا يشرب ماشيا، ورخص ذلك للمسافر‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ورخص إلخ‏)‏ ليس من تتمة الحديث‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ تعاهد موقيه‏)‏ تثنية موق‏:‏ هو آخر العين من جهة الأنف أي لاحتمال وجود رمص وقدمنا أنه يجب غسل ما تحته إن بقي خارجا بتغميض العين وإلا فلا ‏(‏قوله‏:‏ وكعبيه إلخ‏)‏ هما العظمات الناتئان في الرجل‏.‏ والعرقوب‏:‏ العصب الغليظ الذي فوق العقب‏.‏ والأخمص‏:‏ من باطن القدم ما لم يصب الأرض قاموس‏.‏

مطلب في الغرة والتحجيل

‏(‏قوله‏:‏ وإطالة غرته وتحجيله‏)‏ لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» وفي رواية «فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله» حلية؛ وبه علم أن قول الشارح‏:‏ وتحجيله بالجر عطفا على غرته‏.‏ وفي البحر‏:‏ وإطالة الغرة تكون بالزيادة على الحد المحدود‏.‏ وفي الحلية‏:‏ والتحجيل يكون في اليدين والرجلين، وهل له حد‏؟‏ لم أقف فيه على شيء لأصحابنا‏.‏ ونقل النووي اختلاف الشافعية فيه على ثلاثة أقوال‏:‏ الأول أنه يستحب الزيادة فوق المرفقين والكعبين بلا توقيت‏.‏ الثاني إلى نصف العضد والساق‏.‏ والثالث إلى المنكب والركبتين‏.‏ قال‏:‏ والأحاديث تقتضي ذلك كله‏.‏ ا هـ‏.‏ ونقل ط الثاني عن شرح الشرعة مقتصرا عليه ‏(‏قوله‏:‏ وغسل رجليه بيساره‏)‏ لعل المراد به دلكهما باليسار لما قدمناه أنه يندب إفراغ الماء بيمينه، ثم رأيت في شرح الشيخ إسماعيل قال‏:‏ يفرغ الماء بيمينه على رجليه ويغسلها بيساره‏.‏ ا هـ‏.‏ وأخرج السيوطي في الجامع الصغير عن أبي هريرة رضي الله عنه ‏{‏إذا توضأ أحدكم فلا يغسل أسفل رجليه بيده اليمنى‏}‏ ‏(‏قوله‏:‏ وبلهما إلخ‏)‏ أي الرجلين، لكن في البحر عند الكلام على غسل الوجه عن خلف بن أيوب أنه قال‏:‏ ينبغي للمتوضئ في الشتاء أن يبل أعضاءه بالماء شبه الدهن ثم يسيل الماء عليها لأن الماء يتجافى عن الأعضاء في الشتاء‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب في التمسح بمنديل

‏(‏قوله‏:‏ والتمسح بمنديل‏)‏ ذكره صاحب المنية في الغسل‏.‏ وقال في الحلية‏:‏ ولم أر من ذكره غيره، وإنما وقع الخلاف في الكراهة؛ ففي الخانية‏:‏ ولا بأس للمتوضئ والمغتسل‏.‏ روي عن رسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعله، ومنهم من كره ذلك ومنهم من كرهه للمتوضئ دون المغتسل‏.‏ والصحيح ما قلنا، إلا أنه ينبغي أن لا يبالغ ولا يستقصي فيبقي أثر الوضوء، على أعضائه ا هـ‏.‏ وكذا وقع بلفظ لا بأس في خزانة الأكمل وغيرها، وعزاه في الخلاصة إلى الأصل ا هـ‏.‏ ما في الحلية، ثم ذكر أدلة الأقوال الثلاثة والقائلين بها من السلف وأطال وأطاب كما هو دأبه رحمه الله تعالى وقدمنا عن الفتح أن من المندوبات ترك التمسح بخرقة يمسح بها موضع الاستنجاء أي التي يمسح بها ماء الاستنجاء لاستقذارها، وليس فيه ما يفيد ترك التمسح بغيرها فافهم ‏(‏قوله‏:‏ وعدم نفض يده‏)‏ لحديث‏:‏ «لا تنفضوا أيديكم في الوضوء، فإنها مراوح الشيطان‏}‏ ذكره في المعراج لكنه حديث ضعيف كما ذكره المناوي، بل قد ثبت في الصحيحين‏:‏ «عن ميمونة رضي الله عنها أنها جاءته بخرقة بعد الغسل فردها وجعل ينفض الماء بيده‏}‏ تأمل ‏(‏قوله‏:‏ وقراءة سورة القدر‏)‏ لأحاديث وردت فيها ذكرها الفقيه أبو الليث في مقدمته، لكن قال في الحلية‏:‏ سأل عنها شيخنا الحافظ ابن حجر العسقلاني؛ فأجاب بأنه لم يثبت منها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله ولا من فعله، والعلماء يتساهلون في ذكر الحديث الضعيف والعمل به في فضائل الأعمال‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وصلاة ركعتين‏)‏ لما رواه مسلم وأبو داود وغيرهما ‏{‏ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة‏}‏ حلية ‏(‏قوله‏:‏ في غير وقت كراهة‏)‏ هي الأوقات الخمسة‏:‏ الطلوع وما قبله، والاستواء والغروب وما قبله بعد صلاة العصر، وذلك لأن ترك المكروه أولى من فعل المندوب كما في شرح المنية ط‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

ينبغي أن يزاد في المندوبات أن لا يتطهر من ماء أو تراب من أرض مغصوب عليها كآبار ثمود، فقد نص الشافعية على كراهة التطهير منها، بل نص الحنابلة على المنع منه، وظاهره أنه لا يصح عندهم، ومراعاة الخلاف عندنا مطلوبة، وكذا يقال في التطهير بفضل ماء المرأة كما يأتي قريبا في المنهيات، والله أعلم‏.‏

مطلب في تعريف المكروه

وأنه قد يطلق على الحرام والمكروه تحريما وتنزيها‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ومكروهه‏)‏ هو ضد المحبوب؛ قد يطلق على الحرام كقول القدوري في مختصره‏:‏ ومن صلى الظهر في منزله يوم الجمعة قبل صلاة الإمام ولا عذر له كره له ذلك‏.‏ وعلى المكروه تحريما‏:‏ وهو ما كان إلى الحرام أقرب، ويسميه محمد حراما ظنيا‏.‏ وعلى المكروه تنزيها‏:‏ وهو ما كان تركه أولى من فعله، ويرادف خلاف الأولى كما قدمناه‏.‏ وفي البحر‏:‏ من مكروهات الصلاة المكروه في هذا الباب نوعان‏:‏ أحدهما ما كره تحريما، وهو المحمل عند إطلاقهم الكراهة كما في زكاة فتح القدير، وذكر أنه في رتبة الواجب لا يثبت إلا بما يثبت به الواجب يعني بالظني الثبوت‏.‏ ثانيهما المكروه تنزيها، ومرجعه إلى ما تركه أولى، وكثيرا ما يطلقونه كما في شرح المنية، فحينئذ إذا ذكروا مكروها فلا بد من النظر في دليله، فإن كان نهيا ظنيا يحكم بكراهة التحريم إلا لصارف للنهي عن التحريم إلى الندب، فإن لم يكن الدليل نهيا بل كان مفيدا للترك الغير الجازم فهي تنزيهية‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو غيره‏)‏ أي غير الوجه من الأعضاء كما في الحاوي، ولعل المصنف اقتصر على الوجه لما له من مزيد الشرف ‏(‏قوله‏:‏ تنزيها‏)‏ لما قدمنا عن الفتح من أن تركه أدب‏.‏ قال في الحلية لأنه يوجب انتضاح الماء المستعمل على ثيابه وتركه أولى، وأيضا هو خلاف التؤدة والوقار، فالنهي عنه نهي أدب‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ والتقتير‏)‏ أي بأن يقرب إلى حد الدهن ويكون التقاطر غير ظاهر، بل ينبغي أن يكون ظاهرا ليكون غسلا بيقين في كل مرة من الثلاث شرح المنية‏.‏

مطلب في الإسراف في الوضوء

‏(‏قوله‏:‏ والإسراف‏)‏ أي بأن يستعمل منه فوق الحاجة الشرعية، لما أخرج ابن ماجه وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ فقال‏:‏ ما هذا السرف‏؟‏ فقال‏:‏ أفي الوضوء إسراف‏؟‏ فقال‏:‏ نعم، وإن كنت على نهر جار‏}‏ حلية ‏(‏قوله‏:‏ ومنه‏)‏ أي من الإسراف الزيادة على الثلاث أي في الغسلات مع اعتقاد أن ذلك هو السنة لما قدمناه من الصحيح أن النهي محمول على ذلك، فإذا لم يعتقد ذلك وقصد الطمأنينة عند الشك، أو قصد الوضوء على الوضوء بعد الفراغ منه فلا كراهة كما مر تقريره ‏(‏قوله‏:‏ فيه‏)‏ أي في الماء ‏(‏قوله‏:‏ تحريما إلخ‏)‏ نقل ذلك في الحلية عن بعض المتأخرين من الشافعية وتبعه عليه في البحر وغيره، وهو مخالف لما قدمناه عن الفتح من عده ترك التقتير والإسراف من المندوبات، ومثله في البدائع وغيرها، لكن قال في الحلية‏:‏ ذكر الحلواني أنه سنة؛ وعليه مشى قاضي خان، وهو وجيه ا هـ‏.‏ واستوجبه في البحر أيضا وكذا في النهر‏.‏ قال‏:‏ والمراد بالسنة المؤكدة لإطلاق النهي عن الإسراف، وجعل في المنتقى الإسراف من المنهيات فتكون تحريمية لأن إطلاق الكراهة مصروف إلى التحريم، وبه يضعف جعله مندوبا‏.‏ أقول‏:‏ قد تقدم أن النهي عنه في حديث‏:‏ «فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم‏}‏ محمول على الاعتقاد عندنا، كما صرح به في الهداية وغيرها‏.‏ وقال في البدائع‏:‏ إنه الصحيح، حتى لو زاد أو نقص واعتقد أن الثلاث سنة لا يلحقه الوعيد وقدمنا أنه صريح في عدم كراهة ذلك يعني كراهة تحريم، فلا ينافي الكراهة التنزيهية، فما مشى عليه هنا في الفتح والبدائع وغيرهما من جعل تركه مندوبا مبني على ذلك التصحيح، فيكره تنزيها، ولا ينافيه عده من المنهيات كما عد منها لطم الوجه بالماء، فإن المكروه تنزيها منهي عنه حقيقة اصطلاحا، ومجازا لغة كما في التحرير‏.‏ وأيضا فقد عده في الخزانة السمرقندية من المنهيات، لكن قيده بعدم اعتقاد تمام السنة بالثلاث، كما نقله الشيخ إسماعيل، وعليه يحمل قول من جعل تركه سنة، وليست الكراهة مصروفة إلى التحريم مطلقا كما ذكرناه آنفا، على أن الصارف للنهي عن التحريم ظاهر، فإن من أسرف في الوضوء بماء النهر مثلا مع عدم اعتقاد سنية ذلك نظير من ملأ إناء من النهر ثم أفرغه فيه، وليس في ذلك محذور سوى أنه عبث لا فائدة فيه، وهو في الوضوء زائد على المأمور به؛ فلذا سمي في الحديث إسرافا‏.‏ قال في القاموس‏:‏ الإسراف‏:‏ التبذير أو ما أنفق في غير طاعة، ولا يلزم من كونه زائدا على المأمور به وغير طاعة أن يكون حراما، نعم إذا اعتقد سنيته يكون قد تعدى وظلم لاعتقاده ما ليس بقربة قربة، فلذا حمل علماؤنا النهي على ذلك، فحينئذ يكون منهيا عنه ويكون تركه سنة مؤكدة، ويؤيده ما قدمه الشارح عن الجواهر من أن الإسراف في الماء الجاري جائز لأنه غير مضيع وقدمنا أن الجائز قد يطلق على ما لا يمتنع شرعا فيشمل المكروه تنزيها، وبهذا التقرير تتوافق عباراتهم‏.‏ وأما ما ذكره الشارح هنا فقد علمت أنه ليس من كلام المشايخ المذهب فلا يعارض ما صرحوا به وصححوه، هذا ما ظهر لي في هذا المقام، والسلام‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فحرام‏)‏ لأن الزيادة غير مأذون بها لأنه إنما يوقف ويساق لمن يتوضأ الوضوء الشرعي ولم يقصد إباحتها لغير ذلك حلية، وينبغي تقييده بما ليس بجار كالذي في صهريج أو حوض أو نحو إبريق، أما الجاري كماء مدارس دمشق وجوامعها فهو من المباح كماء النهر كما أفاده الرحمتي‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومن منهياته‏)‏ يشمل المكروه تنزيها فإنه منهي عنه اصطلاحا حقيقة كما قدمناه عن التحرير آنفا، فافهم ‏(‏قوله‏:‏ التوضؤ إلخ‏)‏ قال في السراج‏:‏ ولا يجوز للرجل أن يتوضأ ويغتسل بفضل المرأة ا هـ‏.‏ ومفاده أنه يكره تحريما‏.‏ وعند الإمام أحمد إذا اختلت امرأة مكلفة بماء قليل كخلوة نكاح وتطهرت به في خلوتها طهارة كاملة عن حدث لا يصلح لرجل أو خنثى أن يرفع به حدثه كما هو مسطور في متون مذهبه، وهو أمر تعبدي؛ لما رواه الخمسة «أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة‏}‏ قال في ‏[‏غرر الأفكار شرح درر البحار‏]‏ في فصل المياه بعدما ذكر المسألة‏:‏ ولنا ما روى مسلم‏:‏ «أن ميمونة قالت‏:‏ اغتسلت من جفنة ففضلت فيها فضلة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل، فقلت‏:‏ إني قد اغتسلت منه، فقال‏:‏ الماء ليس عليه جنابة‏}‏ وما روى أحمد منسوخ بهذا‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ مقتضى النسخ أنه لا يكره تحريما عندنا بل تنزيها، وهو مخالف لما مر عن السراج‏.‏ وفيه أن دعوى النسخ تتوقف على العلم بتأخر الناسخ، ولعله مأخوذ من قول ميمونة إني قد اغتسلت، فإنه يشعر بعلمها بالنهي قبله فيكون الناسخ متأخرا، والله أعلم‏.‏ وقد صرح الشافعية بالكراهة فينبغي كراهته وإن قلنا بالنسخ مراعاة للخلاف، فقد صرحوا بأنه يطلب مراعاة الخلاف، وقد علمت أنه لا يجوز التطهير به عند أحمد‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

ينبغي كراهة التطهير أيضا أخذا مما ذكرنا وإن لم أره لأحد من أئمتنا بماء أو تراب من كل أرض غضب عليها إلا بئر الناقة بأرض ثمود، فقد صرح الشافعية بكراهته ولا يباح عند أحمد‏.‏ قال في شرح المنتهى الحنبلي‏:‏ لحديث ابن عمر ‏{‏إن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر أرض ثمود فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين، فأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من آبارها ويعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة‏}‏ حديث متفق عليه‏.‏ قال‏:‏ وظاهره منع الطهارة به وبئر الناقة هي البئر الكبيرة التي يردها الحجاج في هذه الأزمنة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ والامتخاط‏)‏ معطوف على إلقاء، وقوله‏:‏ في الماء متعلق بأحدهما على التنازع

مطلب نواقض الوضوء

‏(‏قوله‏:‏ وينقضه إلخ‏)‏ النقض في الجسم‏:‏ فك تأليفه، وفي غيره إخراجه عن إفادة المقصود منه كاستباحة الصلاة في الوضوء بحر، وأفاد بقوله خروج نجس أن الناقض خروجه لا عينه بشرط الخروج، واستظهر في الفتح الثاني بما حاصله أن الطهارة ترتفع بضدها وهي النجاسة القائمة بالخارج لأن الضد هو المؤثر في رفع ضده، وبحث فيه شرح المنية الكبير فراجعه ‏(‏قوله‏:‏ كل خارج‏)‏ لعل فائدته التعميم من أول الأمر لئلا يتوهم اختصاص النجس بالمعتاد أو الكثير تأمل ‏(‏قوله‏:‏ بالفتح ويكسر‏)‏ أشار إلى أن الفتح أولى، لقول صدر الشريعة‏:‏ والرواية النجس بفتح الجيم وهو عين النجاسة، وأما بكسرها فما لا يكون طاهرا، هذا اصطلاح الفقهاء‏.‏ وأما في اللغة فيقال‏:‏ نجس الشيء ينجس فهو نجس ونجس‏.‏ ا هـ‏.‏ فهما لغة ما لا يكون طاهرا‏:‏ أي سواء كان نجس العين أو عارض النجاسة كالحصاة الخارجة من الدبر، والناقض في الحقيقة النجاسة العارضة لها، فكان الفتح أولى من هذه الجهة أيضا‏.‏ وإن قال في البحر إنه بالكسر أعم، تأمل؛ ثم على الفتح يكون بدلا من قوله خارج لا صفة لأنه اسم جامد، بخلاف المكسور فإنه بمعنى متنجس، تأمل ‏(‏قوله‏:‏ أي المتوضئ‏)‏ تفسير للضمير أخذ من المقام، والمتوضئ من اتصف بالوضوء، واحترز بالحي عن الميت، فإنه لو خرجت منه نجاسة لم يعد وضوءه بل يغسل موضعها فقط إذ لو كان الخروج حدثا لكان الموت كذلك إذ هو فرقه، وتمامه في النهر ‏(‏قوله‏:‏ معتادا‏)‏ كالبول والغائط، أو لا كالدودة والحصاة، وهذا تعميم لقوله‏:‏ نجس نبه به على خلاف الإمام مالك حيث قيده بالمعتاد كما نبه بما بعده على خلاف الإمام الشافعي حيث قيده بالخارج من السبيلين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أي يلحقه حكم التطهير‏)‏ فائدة ذكر الحكم دفع ورود داخل العين وباطن الجرح، إذ حقيقة التطهير فيهما ممكنة، وإنما الساقط حكمه نهر وسراج‏.‏ ويظهر منه أن الكلام في جرح يضره الغسل بالماء، فلو لم يضر نقض ما سال فيه لأن حكم التطهير وهو وجوب غسله غير ساقط؛ والمراد بالتطهير ما يعم الغسل والمسح في الغسل أو في الوضوء كما ذكره ابن الكمال؛ ليشمل ما لو سال إلى محل يمكن مسحه دون غسله للعذر كما أشار إليه في الحلية أيضا، وزاد في شرح المنية الكبير بعد قوله في الغسل أو في الوضوء قوله‏:‏ أو في إزالة النجاسة الحقيقية؛ لئلا يرد ما لو افتصد وخرج منه دم كثير ولم يتلطخ رأس الجرح، فإنه ناقض مع أنه لم يسل إلى ما يلحقه حكم التطهير لأنه سال إلى المكان دون البدن، وبزيادة ذلك لا يرد لأن المكان يجب تطهيره في الجملة للصلاة عليه، ولهذا عمم في البحر ما يلحقه حكم التطهير بقوله من بدن وثوب ومكان‏.‏ أقول‏:‏ يرد عليه ما لو سال إلى نهر ونحوه مما لا يصلى عليه، وما لو مص العلق أو القراد الكبير وامتلأ دما فإنه ناقض كما سيأتي متنا فالأحسن ما في النهر عن بعض المتأخرين من أن المراد السيلان ولو بالقوة‏:‏ أي فإن دم الفصد ونحوه سائل إلى ما يلحقه حكم التطهير حكما، تأمل‏.‏ ثم اعلم أن المراد بالحكم الوجوب كما صرح به غير واحد‏.‏ زاد في الفتح أو الندب، وأيده في الحلية وتبعه في البحر بقولهم‏:‏ إذا نزل الدم إلى قصبة الأنف نقض، وليس ذاك إلا لكون المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم مسنونة؛ وحدها أن يصل الماء إلى ما اشتد من الأنف‏.‏ ورده في النهر بأن المراد بالقصبة ما لان من الأنف، ولذا عبر به الزيلعي كالهداية؛ ومعلوم أن ما لان يجب تطهيره لا يندب، فلا حاجة إلى زيادة الندب‏.‏ أقول‏:‏ صرح في غاية البيان بأن الرواية مسطورة في كتب أصحابنا بأنه إذا وصل إلى قصبة الأنف ينتقض وإن لم يصل إلى ما لان خلافا لزفر، وأن قول الهداية ينتقض إذا وصل إلى ما لان بيان لاتفاق أصحابنا جميعا أي لتكون المسألة على قول زفر أيضا، قال‏:‏ لأن عنده لا ينتقض ما لم يصل إلى ما لان لعدم الظهور قبله، فهذا صريح في أن المراد بالقصبة ما اشتد، فاغتنم هذا التحرير المفرد الملخص مما علقناه على البحر ومن رسالتنا المسماة ‏[‏الفوائد المخصصة بأحكام كي الحمصة‏]‏ ‏(‏قوله‏:‏ مجرد الظهور‏)‏ من إضافة الصفة إلى الموصوف‏:‏ أي الظهور المجرد عن السيلان، فلو نزل البول إلى قصبة الذكر لا ينقض لعدم ظهوره، بخلاف القلفة فإنه بنزوله إليها ينقض الوضوء، وعدم وجوب غسلها للحرج، لا لأنها في حكم الباطن كما قاله الكمال ط ‏(‏قوله‏:‏ عين السيلان‏)‏ اختلف في تفسيره؛ ففي المحيط عن أبي يوسف أن يعلو وينحدر‏.‏ وعن محمد إذا انتفخ على رأس الجرح وصار أكثر من رأسه نقض‏.‏ والصحيح لا ينقض‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في الفتح بعد نقله ذلك، وفي الدراية جعل قول محمد أصح ومختار السرخسي الأول وهو الأولى ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وكذا صححه قاضي خان وغيره‏.‏ وفي البحر تحريف تبعه عليه ط فاجتنبه ‏(‏قوله‏:‏ لما قالوا‏)‏ علة للمبالغة ط ‏(‏قوله‏:‏ لو مسح الدم كلما خرج إلخ‏)‏ وكذا إذا وضع عليه قطنا أو شيئا آخر حتى ينشف ثم وضعه ثانيا وثالثا فإنه يجمع جميع ما نشف، فإن كان بحيث لو تركه سال نقض، وإنما يعرف هذا بالاجتهاد وغالب الظن، وكذا لو ألقى عليه رمادا أو ترابا ثم ظهر ثانيا فتربه ثم وثم فإنه يجمع‏.‏ قالوا‏:‏ وإنما يجمع إذا كان في مجلس واحد مرة بعد أخرى، فلو في مجالس فلا تتارخانية، ومثله في البحر‏.‏ أقول‏:‏ وعليه فما يخرج من الجرح الذي ينز دائما وليس فيه قوة السيلان ولكنه إذا ترك يتقوى باجتماعه ويسيل عن محله فإذا نشفه أو ربطه بخرقة وصار كلما خرج منه شيء تشربته الخرقة ينظر، إن كان ما تشربته الخرقة في ذلك المجلس شيئا فشيئا بحيث لو ترك واجتمع أسال بنفسه نقض، وإلا لا، ولا يجمع ما في مجلس إلى ما في مجلس آخر، وفي ذلك توسعة عظيمة لأصحاب القروح ولصاحب كي الحمصة، فاغتنم هذه الفائدة، وكأنهم قاسوها على القيء؛ ولما لم يكن هنا اختلاف سبب تعين اعتبار المجلس فتنبه ‏(‏قوله‏:‏ كما لو سال‏)‏ تشبيه في عدم النقض، لأنه في هذه المواضع لا يلحقه حكم التطهير كما قدمناه ‏(‏قوله‏:‏ أو جرح‏)‏ بضم الجيم قاموس، أما بالفتح فهو المصدر ‏(‏قوله‏:‏ ولم يخرج‏)‏ أي لم يسل‏.‏ أقول‏:‏ وفي السراج عن الينابيع‏:‏ الدم السائل على الجراحة إذا لم يتجاوز‏.‏ قال بعضهم‏:‏ هو طاهر حتى لو صلى رجل بجنبه وأصابه منه أكثر من قدر الدرهم جازت صلاته وبهذا أخذ الكرخي وهو الأظهر‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ نجس، وهو قول محمد ا هـ‏.‏ ومقتضاه أنه غير ناقض لأنه بقي طاهرا بعد الإصابة، وإن المعتبر خروجه إلى محل يلحقه حكم التطهير من بدن صاحبه فليتأمل ‏(‏قوله‏:‏ وكدمع‏)‏ أي بلا علة كما سيأتي، وهو معطوف على قوله كما لو سال ‏(‏قوله‏:‏ على ما سيذكره المصنف‏)‏ أي في مسائل شتى آخر الكتاب‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولنا فيه كلام‏)‏ نقله ح‏.‏ وحاصله أنه قول ضعيف وتخريج غريب فلا يعول عليه ط ‏(‏قوله‏:‏ وخروج إلخ‏)‏ عطف على قوله خروج كل خارج ‏(‏قوله‏:‏ مثل ريح‏)‏ فإنها تنقض لأنها منبعثة عن محل النجاسة لا لأن عينها نجسة؛ لأن الصحيح أن عينها طاهرة، حتى لو لبس سراويل مبتلة أو ابتل من أليتيه الموضع الذي تمر به الريح فخرج الريح لا يتنجس، وهو قول العامة‏.‏ وما نقل عن الحلواني من أنه كان لا يصلى بسراويله فورع منه بحر ‏(‏قوله‏:‏ من دبر‏)‏ وكذا من ذكر أو فرج في الدودة والحصاة بالإجماع كما سيذكره الشارح لما عليهما من النجاسة كما اختاره الزيلعي أو لتولد الدودة من النجاسة كما في البدائع‏.‏ وعلى الثاني فعطف أو دودة من عطف الخاص على العام لدخوله تحت قوله‏:‏ خروج نجس إلى ما يطهر، وكذا عطفها وعطف الحصاة على التعليل الأول لتحقق خروج الخارج النجس وهو ما عليهما، وعلى كل فقوله‏:‏ أو دودة معطوف بالنظر إلى كلام الشارح على قوله وخروج غير نجس لا على ريح فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لا خروج ذلك‏)‏ أي المذكور من الثلاثة‏.‏ قال ح‏:‏ وهو يقتضي أن الريح تخرج من الجرح وهو كذلك كما في القهستاني‏.‏ وحكم الدودة مكرر مع قول المصنف بعد ودودة من جرح ط ‏(‏قوله‏:‏ أما هي إلخ‏)‏ أي المفضاة‏:‏ وهي التي اختلط سبيلها‏:‏ أي مسلك البول والغائط، فيندب لها الوضوء من الريح‏:‏ وعن محمد يجب احتياطا‏.‏ وبه أخذ أبو حفص ورجحه في الفتح بأن الغالب في الريح كونها من الدبر‏:‏ ومن أحكامها أنه لا يحلها الزوج الثاني للأول ما لم تحبل لاحتمال الوطء في الدبر، وأنه لا يحل وطؤها إلا إن أمكن الإتيان في القبل بلا تعد‏.‏ وأما التي اختلط مسلك بولها ووطئها فينبغي أن لا تكون كذلك لأن الصحيح عدم النقض بالريح الخارجة من الفرج ولأنه لا يمكن الوطء في مسلك البول أفاده في البحر ‏(‏قوله‏:‏ وقيل‏:‏ لو منتنة‏)‏ أي لأن نتنها دليل أنها من الدبر‏.‏ وعبارة الشيخ إسماعيل‏:‏ وقيل‏:‏ إن كان مسموعا أو ظهر نتنه فهو حدث وإلا فلا ‏(‏قوله‏:‏ وذكر‏)‏ لا حاجة إلى ذكره مع شمول القبل إياه كما يشهد له استعمالها‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله‏:‏ لأنه اختلاج‏)‏ أي ليس بريح حقيقة، ولو كان ريحا فليست بمنبعثة عن محل النجاسة فلا تنقض كما قدمناه ‏(‏قوله‏:‏ وهو يعلم‏)‏ أي يظن لأن الظن كاف في هذا الباب ح أي الظن الغالب‏.‏ وقال الرحمتي‏:‏ شرط العلم بعدم كونه من الأعلى، فأفاد النقض عند الاشتباه تبعا للحلبي في شرح المنية‏:‏ وفي المنح عن الخلاصة‏:‏ مناط النقض العلم بكونه من الأعلى فلا نقض مع الاشتباه، وهو موافق للفقه والحديث الصحيح‏:‏ «حتى يسمع صوتا أو يشم ريحا‏}‏ وبه يعلم أنه من الأعلى ‏(‏قوله‏:‏ منهما‏)‏ أي من القبل والذكر ‏(‏قوله‏:‏ لطهارتهما‏)‏ أي الدودة واللحم بالنسبة إليه، فقد قالوا‏:‏ ما أبين من الحي كميتته إلا في حق نفسه حتى لا تفسد صلاته إذا حمله ط‏.‏ وفي بعض النسخ بضمير المفردة ‏(‏قوله‏:‏ وهو‏)‏ أي السيلان من غير السبيلين مناط النقض‏:‏ أي علته ط ‏(‏قوله‏:‏ والمخرج بعصر‏)‏ أي ما أخرج من القرحة بعصرها وكان لو لم تعصر لا يخرج شيء مساو للخارج بنفسه خلافا لصاحب الهداية وبعض شراحها وغيرهم كصاحب الدرر والملتقى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ سيان‏)‏ تثنية سي، وبها استغنى عن تثنية سواء كما في المغني ‏(‏قوله‏:‏ في حكم النقض‏)‏ الإضافة للبيان ط ‏(‏قوله‏:‏ قال‏:‏‏)‏ أي صاحب البزازية ط ‏(‏قوله‏:‏ لأن في الإخراج خروجا‏)‏ جواب عما وجه به القول بعدم النقض بالمخرج من أن الناقض خروج النجس وهذا إخراج‏.‏ والجواب أن الإخراج مستلزم للخروج فقد وجد، لكن قال في العناية‏:‏ إن الإخراج ليس بمنصوص عليه وإن كان يستلزمه، فكان ثبوته غير قصدي ولا معتبر به‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه أنه لا تأثير يظهر للإخراج وعدمه بل لكونه خارجا نجسا، وذلك يتحقق مع الإخراج كما يتحقق مع عدمه، فصار كالفصد؛ كيف وجميع الأدلة الموردة من السنة والقياس تفيد تعليق النقض بالخارج النجس، وهو ثابت في المخرج‏.‏ ا هـ‏.‏ فتح‏.‏ واستوجهه تلميذه ابن أمير حاج في الحلية، وكذا شارح المنية والمقدسي‏.‏ وارتضى في البحر ما في العناية حيث ضعف به ما في الفتح‏.‏ ولك أن تجعل ما في الفتح مضعف له كما قررناه بناء على أن الناقض الخارج النجس لا الخروج‏.‏ وفي حاشية الرملي‏:‏ لا يذهب عنك أن تضعيف العناية لا يصادم قول شمس الأئمة، وهو الأصح ‏(‏قوله‏:‏ واعتمده القهستاني‏)‏ حيث جعل القول بعدم النقض فاسدا لأنه يلزم منه أنه لو أخرج الريح أو الغائط أو غيرهما من السبيلين لكان غير ناقض‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ومعناه إلخ‏)‏ نقله في الأشباه عن البزازية وقدمناه في رسم المفتي ‏(‏قوله‏:‏ بالمنصوص رواية‏)‏ أي بالذي نص عليه من جهة الرواية للأدلة الموردة من السنة أو بالفروع المروية عن المجتهد ‏(‏قوله‏:‏ والراجح دراية‏)‏ بالرفع عطفا على الأشبه‏:‏ أي الراجح من جهة الدراية‏:‏ أي إدراك العقل بالقياس على غيره كمسألة الفصد ومص العلقة؛ فإنها مما لا خلاف فيه وكإخراج الريح ونحوه، وهذا التقرير معنى ما قدمناه آنفا عن الفتح‏:‏ فالمراد بالرواية النصوص من السنة أو من المجتهد، وبالدراية القياس فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فيكون‏)‏ تفريع على قوله ومعناه إلخ إذ هو من عبارة البزازية فافهم

‏(‏قوله‏:‏ وينقضه قيء‏)‏ أفرده بالذكر مع دخوله في خروج نجس لمخالفته له في حد الخروج، وأما السيلان في غير السبيلين فمستفاد من الخروج نهر ‏(‏قوله‏:‏ بأن يضبط‏)‏ أي يمسك بتكلف، وهذا ما مشى عليه في الهداية والاختيار والكافي والخلاصة وصححه فخر الإسلام وقاضي خان، وقيل‏:‏ ما لا يقدر على إمساكه‏.‏ قال في البدائع‏:‏ وعليه اعتمد الشيخ أبو منصور وهو الصحيح‏.‏ وفي الحلية‏:‏ الأول‏:‏ الأشبه ‏(‏قوله‏:‏ بالكسر‏)‏ أي مع تشديد الراء المهملة، وهي أحد الأخلاط الأربعة‏:‏ الدم، والمرة السوداء، والمرة الصفراء، والبلغم‏.‏ ا هـ‏.‏ غاية البيان ‏(‏قوله‏:‏ أو علق إلخ‏)‏ العلق لغة‏:‏ دم منعقد كما هو أحد معانيه، لكن المراد به هنا سوداء محترقة كما في الهداية وليس بدم حقيقة كما في الكافي، ولهذا اعتبر فيه ملء الفم، وإلا فخروج الدم ناقض بلا تفصيل بين قليله وكثيره على المختار ا هـ‏.‏ أخي جلبي وغيره ‏(‏قوله‏:‏ فغير ناقض‏)‏ أي اتفاقا كما في شرح المنية‏.‏ وذكر في الحلية أن الظاهر أن الكثير منه وهو ما ملأ الفم ناقض‏.‏ والحاصل أنه إما أن يكون من الرأس أو من الجوف، علقا أو سائلا، فالنازل من الرأس إن علقا لم ينقض اتفاقا، وإن سائلا نقض اتفاقا‏.‏ والصاعد من الجوف إن علقا فلا اتفاقا ما لم يملأ الفم، وإن سائلا فعنده ينقض مطلقا‏.‏ وعند محمد لا ما لم يملأ الفم كذا في المنية وشرحها والتتارخانية‏.‏ وذكر في البحر قول أبي يوسف مع الإمام وقال‏:‏ واختلف التصحيح فصحح في البدائع قولهما‏.‏ قال‏:‏ وبه أخذ عامة المشايخ‏.‏ وقال الزيلعي‏:‏ إنه المختار، وصحح في المحيط قول محمد وكذا في السراج معزيا إلى الوجيز‏.‏ ا هـ‏.‏ واعلم أنه وقع في عبارة كل من البحر والنهر والزيلعي إيهام، وبما نقلناه من الحاصل يتضح المرام ‏(‏قوله‏:‏ وهو نجس مغلظ‏)‏ هذا ما صرحوا به في باب الأنجاس، وصحح في المجتبى أنه مخفف‏.‏ قال في الفتح‏:‏ ولا يعرى عن إشكال، وتمامه في النهر ‏(‏قوله‏:‏ هو الصحيح‏)‏ مقابله ما في المجتبى عن الحسن أنه لا ينقض لأنه طاهر حيث لم يستحل، وإنما اتصل به قليل القيء فلا يكون حدثا‏.‏ قال في الفتح‏:‏ قيل وهو المختار‏.‏ ونقل في البحر تصحيحه عن المعراج وغيره ‏(‏قوله‏:‏ ذكره الحلبي‏)‏ أي في شرح المنية الكبير، حيث قال‏:‏ والصحيح ظاهر الرواية أنه نجس لمخالطته النجاسة وتداخلها فيه بخلاف البلغم‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وحيث صحح القولان فلا يعدل عن ظاهر الرواية، ولذا جزم به الشارح ‏(‏قوله‏:‏ ولو هو في المريء‏)‏ محترز قوله‏:‏ إذا وصل إلى معدته قال ح‏:‏ المريء بفتح الميم مهموز الآخر، مجرى الطعام والشراب‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لطهارته في نفسه‏)‏ أفرد الضمير لأن العطف بأو، ط‏.‏ وينبغي النقض إذا ملأ الفم على القول بنجاسته بحر ونهر، ولكن سيأتي في باب المياه أن الحية البرية تفسد الماء إذا ماتت فيه، ومقتضاه أنها نجسة فلعل ما هنا محمول على ما إذا كانت صغيرة جدا بحيث لا يكون لها دم سائل لأنها حينئذ لا تفسد الماء فتكون طاهرة كالدود ‏(‏قوله‏:‏ في نفسه‏)‏ أي وما عليه قليل لا يملأ الفم فلا يعتبر ناقضا ط ‏(‏قوله‏:‏ مطلقا‏)‏ أي سواء كان من الرأس أو من الجوف، أصفر منتنا أو لا ‏(‏قوله‏:‏ به يفتى‏)‏ كذا في البحر عن التجنيس‏:‏ أي خلافا لما اختاره أبو نصر، من أنه لو صعد من الجوف أصفر منتنا كان كالقيء ولقول أبي يوسف إنه نجس ‏(‏قوله‏:‏ كقيء عين خمر أو بول‏)‏ أي بأن شرب خمرا أو بولا ثم قاء نفس الخمر أو البول‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإن لم ينقض لقلته إلخ‏)‏ أي وإن لم يكن ناقضا لأجل قلته لو فرض قليلا فهو أيضا نجس لنجاسته بالأصالة، بخلاف قيء نحو طعام فإنه إنما ينجس بالمجاورة إذا كان كثيرا ملء الفم، فلا ينقض القليل منه ولا ينجس ‏(‏قوله‏:‏ لقلته‏)‏ علة لقوله لم ينقض، وقوله‏:‏ لنجاسته علة لقوله بخلاف ح‏.‏ والأولى جعله علة لتشبيهه بماء فم الميت فافهم ‏(‏قوله‏:‏ أصلا‏)‏ أي سواء كان صاعدا من الجوف أو نازلا من الرأس ح خلافا لأبي يوسف في الصاعد من الجوف وإليه أشار بقوله على المعتمد، ولو أخره لكان أولى ‏(‏قوله‏:‏ فيعتبر الغالب‏)‏ فإن كانت الغلبة للطعام وكان بحال لو انفرد ملأ الفم نقض، وإن كانت الغلبة للبلغم وكان بحال لو انفرد ملأ الفم كانت المسألة على الاختلاف‏.‏ ا هـ‏.‏ تتارخانية ‏(‏قوله‏:‏ فكل على حدة‏)‏ فإن كان كل منهما ملأ الفم انتقض الوضوء بالطعام اتفاقا وإلا فلا اتفاقا، ولا يضم أحدهما إلى الآخر فلا يعتبر ملء الفم منهما جميعا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ مائع‏)‏ احتراز عن العلق، وقد مر ‏(‏قوله‏:‏ من جوف أو فم‏)‏ هو ظاهر كلام الشارحين، وكذا صرح ابن مالك بأن الخارج من الجوف إذا غلبه البزاق لا ينقض اتفاقا، وظاهر كلام الزيلعي أنه ينقض وإن قل، ولا يخفى عدم صحته لمخالفته المنقول مع عدم تعقل فرق بين الخارج من الفم والخارج من الجوف المختلطين بالبزاق بحر، وعبارة النهر هنا مقلوبة، فتنبه‏.‏ ورد الرحمتي ما في البحر بأن كلام ابن مالك لا يعارض كلام الزيلعي لعلو مرتبة الزيلعي، وبأن قوله مع عدم تعقل فرق إلخ يقال عليه هو متعقل واضح لأن المغلوب الخارج من الفم لم يخرج بقوة نفسه بل بقوة البزاق فلم يكن ناقضا كما عللوه بذلك، والخارج من الجوف قد خرج بقوة نفسه لأنه لم يختلط بالبزاق إلا بعد خروجه من الجوف لأن البزاق لا يخرج من الجوف بل محله الفم انتهى، وحينئذ فإطلاق الشارحين محمول على غير الخارج من الجوف، فلا يكون كلام الزيلعي مخالفا للمنقول، والله أعلم ‏(‏قوله‏:‏ غلب على بزاق‏)‏ بالزاي والسين والصاد كما في شرح المنية، وعلامة كون الدم غالبا أو مساويا أن يكون البزاق أحمر، وعلامة كونه مغلوبا أن يكون أصفر بحر ط ‏(‏قوله‏:‏ احتياطا‏)‏ أي لاحتمال السيلان وعدمه فرجح الوجود احتياطا، بخلاف ما إذا شك في الحدث لأنه لم يوجد إلا مجرد الشك ولا عبرة له مع اليقين بحر عن المحيط ‏(‏قوله‏:‏ والقيح كالدم‏)‏ قال العلامة الشيخ إسماعيل‏:‏ لم أقف لأحد على ذكر علامة الغلبة وعدمها فيه ‏(‏قوله‏:‏ والاختلاط بالمخاط إلخ‏)‏ وما نقل عن الثاني من نجاسة المخاط فضعيف، نعم حكي في البزازية كراهة الصلاة على خرقته عندهما للإخلال بالتعظيم‏.‏ وفي المنية‏:‏ انتثر فسقط من أنفه كتلة دم لم ينتقض ا هـ‏.‏ أي لما تقدم من أن العلق خرج عن كونه دما باحتراقه وانجماده شرح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ علقة‏)‏ دويبة في الماء تمص الدم قاموس ‏(‏قوله‏:‏ وامتلأت‏)‏ كذا في الخانية، وقال‏:‏ لأنها لو شقت يخرج منها دم سائل‏.‏ ا هـ‏.‏ والظاهر أن الامتلاء غير قيد لأن العبرة للسيلان كما أفاده ط ‏(‏قوله‏:‏ القراد‏)‏ كغراب دويبة قاموس ‏(‏قوله‏:‏ كذلك‏)‏ أي بأن لم تكن العلقة امتلأت بحيث لا يسيل دمها ولم يكن القراد كبيرا ‏(‏قوله‏:‏ وفي القهستاني إلخ‏)‏ محل ذكر هذه المسألة والتي بعدها عند قوله‏:‏ وينقضه خروج نجس إلى يطهر ح ‏(‏قوله‏:‏ لا نقض إلخ‏)‏ أي لو تورم رأس جرح فظهر به قيح ونحوه لا ينتقض ما لم يتجاوز الورم، لأنه لا يجب غسل موضع الورم فلم يتجاوز إلى موضع يلحقه حكم التطهير‏.‏ ا هـ‏.‏ فتح عن المبسوط‏:‏ أي كان يضره غسل ذلك المتورم ومسحه، وإلا فينبغي أن ينتقض، فليتنبه لذلك حلية ‏(‏قوله‏:‏ ولو شد إلخ‏)‏ قال في البدائع‏:‏ ولو ألقى على الجرح الرماد أو التراب فتشرب فيه أو ربط عليه فابتل الرباط ونفذ قالوا‏:‏ يكون حدثا لأنه سائل، وكذا لو كان الرباط ذا طاقين فنفذ إلى أحدهما لما قلنا‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في فتح‏:‏ ويجب أن يكون معناه إذا كان بحيث لولا الربط سال لأن القميص لو تردد على الجرح فابتل لا ينجس ما لم يكن كذلك لأنه ليس بحدث ا هـ‏.‏ أي وإن فحش كما في المنية ويأتي‏.‏

مطلب في حكم كي الحمصة

‏[‏تنبيه‏]‏

علم مما هنا ومما مر من أنه لا فرق بين الخارج والمخرج حكم كي الحمصة، وهو أنه إذا كان الخارج منه دما أو قيحا أو صديدا وكان بحيث لو ترك لم يسل وإنما هو مجرد رشح ونداوة لا ينقض وإن عم الثوب وإلا نقض بمجرد ابتلال الرباط، ولا تنس ما قدمناه من أنه إنما يجمع إذا كان في مجلس، ثم إن كان الخارج ماء صافيا فهو كالدم‏.‏ وعن الحسن أنه لا ينقض‏.‏ والصحيح الأول كما ذكره قاضي خان، لكن في الثاني توسعة لمن به جدري أو جرب كما قاله الإمام الحلواني، ولا بأس بالعمل به هنا عند الضرورة‏.‏ وأما ما قيل من أن العصابة ما دامت على الكي لا ينتقض الوضوء، وإن امتلأت قيحا ودما لم يسل من أطرافها أو تحل فيوجد فيها ما فيه قوة السيلان لولا الربط فينتقض حين الحل لا قبله لمفارقتها موضع الجراحة، فقد أوضحنا ما فيه قوة في رسالتنا ‏[‏الفوائد المخصصة بأحكام كي الحمصة‏]‏ ‏(‏قوله‏:‏ ويجمع متفرق القيء إلخ‏)‏ أي لو قاء متفرقا بحيث لو جمع صار ملء الفم فأبو يوسف يعتبر اتحاد المجلس، فإن حصل ملء الفم في مجلس واحد نقض عنده وإن تعدد الغثيان‏.‏ ومحمد يعتبر اتحاد السبب وهو الغثيان ا هـ‏.‏ درر‏.‏ وتفسير اتحاده أن يقيء ثانيا قبل سكون النفس من الغثيان، فإن بعد سكونها كان مختلفا بحر؛ والمسألة رباعية لأنه إما أن يتحد فينقض اتفاقا، أو يتعدد فلا اتفاقا، أو يتحدد السبب فقط أو المجلس فقط، وفيهما الخلاف ‏(‏قوله‏:‏ وهو الغثيان‏)‏ أي مثلا، فإنه قد يكون بنحو ضرب وتنكيس بعد امتلاء المعدة‏.‏ ا هـ‏.‏ غنيمي‏:‏ وضبطه الحموي بفتح الغين المعجمة والثاء المثلثة والياء المثناة التحتية وبضم الغين وسكون الثاء، من غثت نفسه‏:‏ هاجت واضطربت صرح به في الصحاح، والمراد هنا أمر حادث في مزاج الإنسان منشؤه تغير طبعه من إحساس النتن المكروه‏.‏ ا هـ‏.‏ ط عن أبي السعود ‏(‏قوله‏:‏ إضافة الأحكام‏)‏ كالنقض ووجوب سجود التلاوة ط ‏(‏قوله‏:‏ إلى أسبابها‏)‏ كالغثيان والتلاوة ط أي لا إلى مكانها لأنه في حكم الشرط والحكم لا يضاف إلى الشرط ‏(‏قوله‏:‏ إلا لمانع‏)‏ أي إلا إذا تعذرت إضافتها إلى الأسباب فتضاف إلى المحال كما في سجدة التلاوة إذا تكرر سببها في مجلس واحد إذ لو اعتبر السبب وانتفى التداخل لأن كل تلاوة سبب وتمامه في البحر، وهنا كلام نفيس يطلب من شرح الشيخ إسماعيل عن الدرر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أصلا‏)‏ أي في كل وقت، فلا يرد الخارج من المحدث، ومن أصحاب الأعذار لأن انتفاء الانتقاض يختص بوقت خاص قهستاني أي فهذا ليس بحدث مع أنه نجس، فلذا أخرجه بقوله أصلا المستفاد من زيادة الباء التي هي لتأكيد نفي الخبر‏.‏ وقد قال‏:‏ المراد ما يخرج من بدن المتطهر وهو المتبادر؛ وأما ما يخرج من بدن المعذور فهو حدث، لكن لا يظهر أثره إلا بخروج الوقت كما صرحوا به ‏(‏قوله‏:‏ ليس بنجس‏)‏ أي لا يعرض له وصف النجاسة بسبب خروجه بخلاف القليل من قيء عين الخمر أو البول فإنه وإن لم يكن حدثا لقلته لكنه نجس بالأصالة لا بالخروج، هذا ما ظهر لي، تأمل ‏(‏قوله‏:‏ وهو الصحيح‏)‏ كذا في الهداية والكافي‏.‏ وفي شرح الوقاية إنه ظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة‏.‏ ا هـ‏.‏ إسماعيل ‏(‏قوله‏:‏ مائعا‏)‏ أي كالماء ونحوه، أما في الثياب والأبدان فيفتى بقول أبي يوسف‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

ما ذكره المصنف قضية سالبة كلية لا مهملة لأن ما للعموم، وكل ما دل عليه فهو صور الكلية كما في المطول وغيره فتنعكس بعكس النقيض إلى قولنا كل نجس حدث لأنه جعل نقيض الثاني أولا ونقيض الأول ثانيا مع بقاء الكيف والصدق بحاله‏.‏ وما في الدراية من أنها لا تنعكس، فلا يقال ما لا يكون نجسا لا يكون حدثا لأن النوم والجنون والإغماء وغيرها حدث وليست بنجسة ا هـ‏.‏ يريد به العكس المستوي لأنه جعل الجزء الأول ثانيا والثاني أولا مع بقاء الصدق والكيف بحالهما، والسالبة الكلية تنعكس فيه سالبة كلية أيضا وتمامه في شرح الشيخ إسماعيل ‏(‏قوله‏:‏ وينقضه حكما‏)‏ نبه على أن هذا شروع في الناقض الحكمي بعد الحقيقي بناء على أن عينه غير ناقض بل ما لا يخلو عنه النائم، وقيل‏:‏ ناقض‏.‏ ورجح الأول في السراج وبه جزم الزيلعي، بل حكي في التوشيح الاتفاق عليه‏.‏مطلب نوم من به انفلات ريح غير ناقض

وأقول‏:‏ ينبغي أن يكون عينه ناقضا اتفاقا فيمن فيه انفلات ريح إذ ما لا يخلو عنه النائم لو تحقق وجوده لم ينقض فالمتوهم أولى نهر‏.‏ قلت‏:‏ فيه نظر والأحسن ما في فتاوى ابن الشلبي، حيث قال‏:‏ سئلت عن شخص به انفلات ريح هل ينقض وضوءه بالنوم‏؟‏ فأجبت بعدم النقض، بناء على ما هو الصحيح من أن النوم نفسه ليس بناقض، وإنما الناقض ما يخرج‏.‏ ومن ذهب إلى أن النوم نفسه ناقض لزمه النقض ‏(‏قوله‏:‏ نوم‏)‏ هو فترة طبيعية تحدث للإنسان بلا اختيار منه تمنع الحواس الظاهرة والباطنة عن العمل مع سلامتها واستعمال العقل مع قيامه، فيعجز العبد عن أداء الحقوق بحر ‏(‏قوله‏:‏ بحيث‏)‏ حيثية تقييد‏:‏ أي كائنا من هذه الجهة وبهذا الاعتبار‏.‏

مطلب لفظ حيث موضوع للمكان ويستعار لجهة الشيء

وفي التلويح لفظ حيث موضوع للمكان استعير لجهة الشيء واعتباره، يقال الموجود من حيث إنه موجود أي من هذه الجهة وبهذا الاعتبار‏.‏ ا هـ‏.‏ فالمراد زوال القوة الماسكة من الجهة التي ذكرها بعد وفسرها بقوله وهو النوم إلخ، فلا يرد أنه قد تزول المقعدة ولا يحصل النقض كالنوم في السجود ‏(‏قوله‏:‏ وهو‏)‏ أي ما تزول به المسكة المذكورة ‏(‏قوله‏:‏ أو وركيه‏)‏ الورك بالفتح والكسر وككتف ما فوق الفخذ مؤنثة جمعه أوراك قاموس، ويلزم من الميل على أحد الوركين سواء اعتمد على المرفق أو لا زوال مقعدته عن الأرض، وهو المراد بقول الكنز ومتورك حيث عده ناقضا كما في البحر‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ أقول‏:‏ وهو غير المتورك الآتي قريبا ‏(‏قوله‏:‏ على المختار‏)‏ نص عليه في الفتح، وهو قيد في قوله في الصلاة‏.‏ قال في شرح الوهبانية‏:‏ ظاهر الرواية أن النوم في الصلاة قائما أو قاعدا أو ساجدا لا يكون حدثا سواء غلبه النوم أو تعمده‏.‏ وفي جوامع الفقه أنه في الركوع والسجود لا ينقض ولو تعمده ولكن تفسد صلاته ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كالنوم‏)‏ مثال للنوم الذي لا يزيل المسكة ط ‏(‏قوله‏:‏ لو أزيل لسقط‏)‏ أي لو أزيل ذلك الشيء لسقط النائم فالجملة الشرطية صفة لشيء ‏(‏قوله‏:‏ على المذهب‏)‏ أي على ظاهر المذهب عن أبي حنيفة وبه أخذ عامة المشايخ، وهو الأصح كما في البدائع واختار الطحاوي والقدوري وصاحب الهداية النقض، ومشى عليه بعض أصحاب المتون، وهذا إذا لم تكن مقعدته زائلة عن الأرض وإلا نقض اتفاقا كما في البحر وغيره‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وساجدا‏)‏ وكذا قائما وراكعا بالأولى، والهيئة المسنونة بأن يكون رافعا بطنه عن فخذيه مجافيا عضديه عن جنبيه كما في البحر‏.‏ قال ط‏:‏ وظاهره أن المراد الهيئة المسنونة في حق الرجل لا المرأة ‏(‏قوله‏:‏ ولو في غير الصلاة‏)‏ مبالغة على قوله على الهيئة المسنونة لا على قوله وساجدا؛ يعني أن كونه على الهيئة المسنونة قيد في عدم النقض ولو في الصلاة، وبهذا التقرير يوافق كلامه ما عزاه إلى الحلبي في شرح المنية كما سيظهر ‏(‏قوله‏:‏ على المعتمد‏)‏ اعلم أنه اختلف في النوم ساجدا؛ فقيل‏:‏ لا يكون حدثا في الصلاة وغيرها، وصححه في التحفة، وذكر في الخلاصة أنه ظاهر المذهب‏.‏ وقيل‏:‏ يكون حدثا، وذكر في الخانية أنه ظاهر الرواية، لكن في الذخيرة أن الأول هو المشهور‏.‏ وقيل إن سجد على غير الهيئة المسنونة كان حدثا وإلا فلا‏.‏ قال في البدائع‏:‏ وهو أقرب إلى الصواب إلا أنا تركنا هذا القياس في حالة الصلاة للنص كذا في الحلية ملخصا وصحح الزيلعي ما في البدائع فقال‏:‏ إن كان في الصلاة لا ينتقض وضوءه لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «لا وضوء على من نام قائما أو راكعا أو ساجدا‏}‏ وإن كان خارجها فكذلك في الصحيح إن كان على هيئة السجود وإلا ينتقض‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه جزم في البحر وكذلك العلامة الحلبي في شرح المنية الكبير، ونقل فيه عن الخلاصة أيضا أن سجود السهو والتلاوة وكذا الشكر عندهما كسجود الصلاة، قال‏:‏ لإطلاق لفظ ساجدا في الحديث، فيترك به القياس فيما هو سجود شرعا، ويبقى ما عداه على القياس فينقض إن لم يكن على وجه السنة‏.‏ ا هـ‏.‏ لكن اعتمد في شرحه الصغير ما عزاه إليه الشارح من اشتراط الهيئة المسنونة في سجود الصلاة وغيرها‏.‏ وذكر في شرح الوهبانية أنه قيد به في المحيط وقال‏:‏ وهو الصحيح ومشى عليه في ‏[‏نور الإيضاح‏]‏‏.‏ وأما قوله‏:‏ في النهر إنه لم يوجد في المحيط الرضوي؛ ففيه أن محيط رضي الدين ثلاثة نسخ كبير وصغير وأوسط، على أنه قد يكون المراد محيط السرخسي، والله أعلم‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

لو نام المريض وهو يصلي مضطجعا قيل‏:‏ لا تنقض طهارته كالنوم في السجود والصحيح النقض كما في الفتح وغيره، زاد في السراج وبه نأخذ ‏(‏قوله‏:‏ أو متوركا‏)‏ بأن يلصق قدميه من جانب ويلصق أليتيه بالأرض فتح ‏(‏قوله‏:‏ أو محتبيا‏)‏ بأن جلس على أليتيه ونصب ركبتيه وشد ساقيه إلى نفسه بيديه أو بشيء يحيط من ظهره عليهما شرح المنية ‏(‏قوله‏:‏ ورأسه على ركبتيه‏)‏ غير قيد وإنما زاده للرد على الأتقاني في ‏[‏غاية البيان‏]‏ حيث فسر الاتكاء الناقض للوضوء بهذه الهيئة‏.‏ قال في شرح المنية‏:‏ هذه الهيئة لا تعرف في اللغة اتكاء قطعا، وإنما تسمى احتباء، وإنما سماها الأتقاني بذلك، وتبعه فيه من لا خبرة له ولا فقه عنده ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو شبه المنكب‏)‏ أي على وجهه وهو كما في شروح الهداية أن ينام واضعا أليتيه على عقبيه وبطنه على فخذيه، ونقل عدم النقض به في الفتح عن الذخيرة أيضا، ثم نقل عن غيرها لو نام متربعا ورأسه على فخذيه نقض‏.‏ قال‏:‏ وهذا يخالف ما في الذخيرة واختار في شرح المنية النقض في مسألة الذخيرة لارتفاع المقعدة وزوال التمكن‏.‏ وإذا نقض في التربع مع أنه أشد تمكنا فالوجه الصحيح النقض هنا، ثم أيده بما في الكفاية عن المبسوطين من أنه لو نام قاعدا ووضع أليتيه على عقبيه وصار شبه المنكب على وجهه قال أبو يوسف عليه الوضوء‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو في محمل‏)‏ أي إلا إذا اضطجع فيه حلية ‏(‏قوله‏:‏ أو إكاف‏)‏ بدون ياء‏:‏ برذعة الحمار وهو ككتاب وغراب والمصدر الإيكاف ط عن القاموس، وأفاد الشارح أن النوم في سرج وإكاف لا ينقض حال الصعود وغيره، وبه صرح في المنية ‏(‏قوله‏:‏ عريانا‏)‏ قال في المغرب‏:‏ فرس عري لا سرج عليه ولا لبد وجمعه أعراء، ولا يقال‏:‏ فرس عريان‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن في القاموس فرس عرى بالضم بلا سرج‏.‏ واعرورى فرسا‏:‏ ركبه عريانا ‏(‏قوله‏:‏ نقض‏)‏ لتجافي المقعدة عن ظهر الدابة حلية ‏(‏قوله‏:‏ وإلا‏)‏ بإن كان حال الصعود أو الاستواء منية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ حين سقط‏)‏ أي عند إصابة الأرض بلا فصل شرح منية، وكذا قبل السقوط أو في حال السقوط، أما لو استقر ثم انتبه نقض لأنه وجد النوم مضطجعا حلية ‏(‏قوله‏:‏ به يفتى‏)‏ كذا في الخلاصة‏.‏ وقيل‏:‏ إن ارتفعت مقعدته قبل انتباهه نقض وإن لم يسقط‏.‏ وفي الخانية عن شمس الأئمة الحلواني أنه ظاهر المذهب، وعليه مشى في ‏[‏نور الإيضاح‏]‏ قال في شرح المنية‏:‏ والأول أولى لأنه لا يتم الاسترخاء بعد مزايلة المقعدة حيث انتبه فورا ‏(‏قوله‏:‏ كناعس‏)‏ أي إذا كان غير متمكن، وقوله‏:‏ يفهم عبر به في البحر معزيا إلى شروح الهداية وعبر في السراج والزيلعي والتتارخانية بيسمع‏.‏ وفي الخانية‏:‏ النعاس لا ينقض الوضوء، وهو قليل نوم لا يشتبه عليه أكثر ما يقال عنده‏.‏ قال الرحمتي‏:‏ ولا ينبغي أن يغتر الإنسان بنفسه لأنه ربما يستغرقه النوم ويظن خلافه ‏(‏قوله‏:‏ والعته‏)‏ هو آفة توجب الاختلال بالعقل بحيث يصير مختلط الكلام فاسد التدبير إلا أنه لا يضرب ولا يشتم بحر ‏(‏قوله‏:‏ لا ينقض‏)‏ قال في البحر بعد نقله أقوال الأصوليين في حكم العته‏:‏ وظاهر كلام الكل الاتفاق على صحة أدائه العبادات، أما من جعله مكلفا بها فظاهر، وكذا من جعله كالصبي العاقل؛ وقد صرحوا بصحة عبادات الصبي، فيفهم منه أن العته لا ينقض الوضوء‏.‏

مطلب نوم الأنبياء غير ناقض

‏(‏قوله‏:‏ كنوم الأنبياء‏)‏ قال في البحر‏:‏ صرح في القنية بأنه من خصوصياته صلى الله عليه وسلم ولذا ورد في الصحيحين «أن النبي صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ‏}‏ لما ورد في حديث آخر‏:‏ «وإن عيني تنامان ولا ينام قلبي‏}‏‏.‏ ولا يشكل عليه ما ورد في الصحيح من «أنه صلى الله عليه وسلم نام ليلة التعريس حتى طلعت الشمس‏}‏ لأن القلب يقظان يحس بالحدث وغيره مما يتعلق بالبدن ويشعر به القلب، وليس طلوع الفجر والشمس من ذلك ولا هو مما يدرك بالقلب، وإنما يدرك بالعين وهي نائمة، وهذا هو المشهور في كتاب المحدثين والفقهاء، كذا في شرح التهذيب‏.‏ ا هـ‏.‏ وأجاب القاضي عياض في الشفاء بأجوبة أخر، منها أن ذلك إخبار عن أغلب أحواله، أو أنه لا ينام نوما مستغرقا ناقضا للوضوء ‏(‏قوله‏:‏ ظاهر كلام المبسوط نعم‏)‏ كذا في شرح الشيخ إسماعيل عن شرح الكنز لابن الشلبي‏.‏ قال بعض الفضلاء‏:‏ فيه أن علة عدم النقض بنومهم هي حفظ قلوبهم منه، وهذه العلة موجودة حالة إغمائهم‏.‏ قال في المواهب اللدنية‏:‏ نبه السبكي على أن إغماءهم يخالف إغماء غيرهم، وإنما هو عن غلبة الأوجاع للحواس الظاهرة دون القلب، وقد ورد ‏"‏ تنام أعينهم لا قلوبهم ‏"‏ فإذا حفظت قلوبهم من النوم الذي هو أخف من الإغماء فمنه بالأولى‏.‏ ا هـ‏.‏ ابن عبد الرزاق‏.‏ وفي القهستاني‏:‏ لا نقض من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومقتضاه التعميم في كل النواقض، لكن نقل ط عن شرح الشفاء لملا علي القاري الإجماع على أنه صلى الله عليه وسلم في نواقض الوضوء كالأمة إلا ما صح من استثناء النوم‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وينقضه إغماء‏)‏ هو كما في التحرير‏:‏ آفة في القلب أو الدماغ تعطل القوى المدركة والمحركة عن أفعالها مع بقاء العقل مغلوبا نهر ‏(‏قوله‏:‏ ومنه الغشي‏)‏ بالضم والسكون‏:‏ تعطل القوى المحركة والحساسة لضعف القلب من الجوع أو غيره قهستاني، زاد في شرح الوهبانية بفتح فسكون وبكسرتين مع تشديد الياء، وكونه نوعا من الإغماء موافق لما في القاموس وحدود المتكلمين‏.‏ قال في النهر إلا أن الفقهاء يفرقون بينهما كالأطباء ا هـ‏.‏ أي بأنه إن كان ذلك التعطل لضعف القلب واجتماع الروح إليه بسبب يخنقه في داخله فلا يجد منفذا فهو الغشي، وإن لامتلاء بطون الدماغ من بلغم فهو الإغماء‏.‏ ثم لما كان سلب الاختيار في الإغماء أشد من النوم كان ناقضا على أي هيئة كان، بخلاف النوم إسماعيل ‏(‏قوله‏:‏ والجنون‏)‏ صاحبه مسلوب العقل، بخلاف الإغماء فإنه مغلوب، والإطلاق دال على أن القليل من كل منهما ناقض لأنه فوق النوم مضطجعا قهستاني ‏(‏قوله‏:‏ وسكر‏)‏ هو حالة تعرض للإنسان من امتلاء دماغه من الأبخرة المتصاعدة من الخمر ونحوه، فيتعطل معه العقل المميز بين الأمور الحسنة والقبيحة إسماعيل عن البرجندي ‏(‏قوله‏:‏ يدخل‏)‏ أي به‏.‏ قال في النهر‏:‏ واختلف في حده هنا وفي الأيمان والحدود؛ فقال الإمام‏:‏ إنه سرور يزيل العقل فلا يعرف به السماء من الأرض ولا الطول من العرض وخوطب زجرا له‏.‏ وقالا‏:‏ بل يغلب عليه فيهذي في أكثر كلامه، ولا شك أنه إذا وصل إلى هذه الحالة فقد دخل في مشيته اختلال، والتقييد بالأكثر يفيد أن النصف من كلامه لو استقام لا يكون سكران وقد رجحوا قولهما في الأبواب الثلاثة‏.‏ قال في حدود الفتح‏:‏ وأكثر المشايخ على قولهما واختاروه للفتوى؛ وفي نواقض المجتبى الصحيح قوله‏:‏ ما ا هـ‏.‏ أي فلا يشترط في حده أن يصل إلى أن لا يعرف الأرض من السماء‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو بأكل الحشيشة‏)‏ ذكره في النهر بحثا، واستدل له بما في شرح الوهبانية من أنهم حكموا بوقوع طلاقه إذا سكر منها زجرا له‏.‏ قال الشيخ إسماعيل‏:‏ ولا يخفى أن قول البرجندي من الخمر ونحوه شامل له إذا تعطل العقل، وقول البحر بمباشرة بعض الأسباب‏.‏ ا هـ‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

المصروع إذا أفاق عليه الوضوء تتارخانية ‏(‏قوله‏:‏ وقهقهة‏)‏ قيل‏:‏ إنها من الأحداث، وقيل‏:‏ لا وإنما وجب الوضوء بها عقوبة وزجرا‏.‏ وفائدة الخلاف في مس المصحف يجوز على الثاني لا الأول كما في المعراج‏.‏ قال في النهر‏:‏ وينبغي أن يظهر أيضا في كتابة القرآن‏.‏ وأما حل الطواف بهذا الوضوء ففيه تردد، وإلحاق الطواف بالصلاة يؤذن بأنه لا يجوز فتدبر‏.‏ه‏.‏ ورجح في البحر القول الثاني بموافقته للقياس لأنها ليست خارجا نجسا بل هي صوت كالكلام والبكاء وبموافقته للأحاديث المروية فيها، إذ ليس فيها إلا الأمر بإعادة الوضوء والصلاة، ولا يلزم منه كونها حدثا ا هـ‏.‏ وأيده في النهر بقول المصنف وغيره بالغ ولو كانت حدثا لاستوى فيها البالغ وغيره وبترجيحهم عدم النقض بقهقهة النائم أي لعدم الجناية منه كالصبي‏.‏ أقول‏:‏ ثم لا يخفى أن معنى القول الثاني بطلان الوضوء بالقهقهة في حق الصلاة زجرا كبطلان الإرث بالقتل وإن لم يبطل في حق غيرها لعدم الحدث؛ وليس معناه أن الوضوء لم يبطل وإنما أمر بإعادته زجرا، حتى يرد أنه يلزمه أنه لو صلى به صحت الصلاة مع الحرمة ووجوب الإعادة فيكون مخالفا لأصل المذهب، فافهم ‏(‏قوله‏:‏ هي ما يسمع جيرانه‏)‏ قال في البحر‏:‏ هي في اللغة معروفة، وهي أن يقول قه قه‏.‏ واصطلاحا ما يكون مسموعا له ولجيرانه بدت أسنانه أو لا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المنية‏:‏ وحد القهقهة قال بعضهم‏:‏ ما يظهر القاف والهاء ويكون مسموعا له ولجيرانه‏.‏ وقال بعضهم، إذا بدت نواجذه ومنعه من القراءة ا هـ‏.‏ لكن قال في الحلية‏:‏ لم أقف على التصريح باشتراط إظهار القاف والهاء لأحد، بل الذي توارد عليه كثير من المشايخ كصاحب المحيط والهداية والكافي وغيرهم ما يكون مسموعا له ولجيرانه‏.‏ وظاهره التوسع في إطلاق القهقهة على ما له صوت وإن عري عن ظهور القاف والهاء أو أحدهما ا هـ‏.‏ واحترز به عن الضحك، وهو لغة أعم من القهقهة‏.‏ واصطلاحا ما كان مسموعا له فقط فلا ينقض الوضوء بل يبطل الصلاة‏.‏ وعن التبسم وهو ما لا صوت فيه أصلا بل تبدو أسنانه فقط فلا يبطلهما، وتمامه في البحر؛ ولم أر من قدر الجواز بشيء، ومقتضى تعريف الضحك بما كان مسموعا له فقط أن القهقهة ما يسمعها غيره من أهل مجلسه فهم جيرانه لا خصوص من عن يمينه أو عن يساره‏.‏ لأن كل ما كان مسموعا له يسمعه من عن يمينه أو يساره، تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو امرأة‏)‏ لأن النساء شقائق الرجال في التكاليف ط، ولا يرد أن قوله بالغ صفة للمذكر لأنه لا يقال‏:‏ جارية بالغ، كما في القاموس ‏(‏قوله‏:‏ سهوا‏)‏ أي ولو سهوا، فهو من مدخول المبالغة وكذا النسيان‏.‏ وذكر في المعراج فيهما روايتين ورجح في البحر رواية النقض، وبها جزم الزيلعي في النسيان ولم يذكر السهو فافهم ‏(‏قوله‏:‏ به يفتى‏)‏ لما قدمناه من أن النقض للزجر والعقوبة والصبي والنائم ليسا من أهلها، وصرحوا بأن القهقهة كلام فتفسد صلاتهما، وثم أقوال أخر صحح بعضها مبسوطة في البحر ‏(‏قوله‏:‏ كالباني‏)‏ أي من سبقه الحدث في الصلاة، فأراد أن يبني على صلاته فقهقه في الطريق بعد الوضوء ينتقض وضوءه، وهو إحدى روايتين وبه جزم الزيلعي‏.‏ قال في البحر‏:‏ قيل‏:‏ وهو الأحوط، ولا نزاع في بطلان صلاته‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ مستقلة‏)‏ تصريح بمفهوم قوله صغرى، فإنه يفهم أنه ولو كان يصلي بطهارة كبرى وهي الغسل لا ينتقض الوضوء الذي ضمنها، فكان الأخصر حذفه، إلا أن يقال‏:‏ احترز بصغرى عن نفس طهارة الغسل فلا يلزمه إعادته، وبمستقلة عن الصغرى التي في ضمنه فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ والفتح والنهر‏)‏ لأنه ذكر في الفتح عن المحيط أنه الصحيح، وعبر عن مقابله بقبل‏.‏ وفي النهر ذكر أنه الذي رجحه المتأخرون، وحيث لم يتعقبه مع اقتصاره عليه، وجزمه به اقتضى ترجيحه له؛ ولذا لم يعز ترجيحه إلى البحر لكونه ذكر القولين حيث قال‏:‏ على قول عامة المشايخ لا تنقض‏.‏ وصحح المتأخرون كقاضي خان النقض مع اتفاقهم على بطلان صلاته‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ عقوبة له‏)‏ لإساءته في حال مناجاته لربه تعالى ‏(‏قوله‏:‏ وعليه الجمهور‏)‏ أي من المتأخرين كما علمت‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كاملة‏)‏ أي ذات ركوع وسجود‏:‏ أو ما يقوم مقامهما من الإيماء لعذر، أو راكبا يومئ بالنقل أو بالفرض حيث يجوز فلا تنقض في صلاة جنازة وسجدة تلاوة أي خارج الصلاة، لكن يبطلان، ولا لو كان راكبا يومئ بالتطوع في المصر أو القرية لعدم جواز الصلاة عنده خلافا للثاني بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو عند السلام‏)‏ أي قبله وبعد التشهد درر، وكذا لو في سجود السهو بحر عن المحيط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ عمدا‏)‏ أي ولو كانت القهقهة عمدا‏.‏ وفيه رد على صاحب الدرر حيث قال‏:‏ إلا أن يتعمد وسيأتي في باب الحدث في الصلاة التصريح بفساد الوضوء بالقهقهة عمدا بعد القعود قدر التشهد لوجودها في حرمة الصلاة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لا الصلاة‏)‏ لأنه لم يبق من فرائضها شيء وترك السلام لا يضر في الصحة، إمداد ‏(‏قوله‏:‏ خلافا لزفر‏)‏ حيث قال‏:‏ لا تبطل الوضوء كالصلاة شرنبلالية ‏(‏قوله‏:‏ ولو قهقه إمامه إلخ‏)‏ أي بعد القعود قدر التشهد ‏(‏قوله‏:‏ ثم قهقه المؤتم‏)‏ أما لو قهقه قبل إمامه أو معه بطل وضوءه دون صلاته لوجودها في حرمة الصلاة سراج ‏(‏قوله‏:‏ ولو مسبوقا‏)‏ رد على الدرر ‏(‏قوله‏:‏ فلا نقض‏)‏ أي لوضوء المؤتم لأن قهقهته وقعت بعد بطلان صلاته بقهقهة إمامه خلافا لهما في المسبوق حيث قالا لا تفسد صلاته ويقوم إلى قضاء ما فاته‏.‏ وفي فساد صلاته اللاحق روايتان عن أبي حنيفة سراج ‏(‏قوله‏:‏ بخلافها‏)‏ أي بخلاف قهقهة المأموم بعد كلام الإمام عمدا‏.‏ وكذا بعد سلامه عمدا لأنهما قاطعان للصلاة لا مفسدان إذ لم يفوتا شرطها وهو الطهارة، فلم يفسد بهما شيء من صلاة المأموم‏.‏ فينتقض وضوءه بقهقهته‏.‏ أما حدثه عمدا وكذا قهقهته عمدا فمفوتان للطهارة فيفسد جزء يلاقيانه فيفسد من صلاة المأموم وكذلك فتكون قهقهة المأموم بعد الخروج من الصلاة فلا تنقض، وتمامه في حاشية نوح أفندي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ في الأصح‏)‏ مقابله ما في الخلاصة حيث صحح عدم فساد الطهارة بقهقهة المأموم بعد كلام الإمام أو سلامه، عمدا‏.‏ قال في الفتح‏:‏ ولو قهقه بعد كلام الإمام عمدا فسدت كسلامه على الأصح على خلاف ما في الخلاصة‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وما في الفتح صححه في الخانية أيضا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ الامتحان‏)‏ أي اختبار ذهن الطالب ‏(‏قوله‏:‏ المسح‏)‏ أي مسح الخف أو الرأس أو الجبيرة‏.‏ قال ط‏:‏ وكذا لو نسي غسل بعض أعضائه إذ المسح ليس قيدا على ما يظهر ‏(‏قوله‏:‏ قبل قيامه للصلاة‏)‏ أي قبل شروعه فيها كأن قهقه حال رجوعه ‏(‏قوله‏:‏ انتقض‏)‏ فإنه في الصلاة حكما، وهذا على ما جزم به الزيلعي من إحدى الروايتين من انتقاض طهارة الباني لو قهقه في الطريق كما قدمناه ‏(‏قوله‏:‏ لا بعده‏)‏ أي لا ينتقض لو قهقه بعد قيامه لها أي شروعه فيها لأنه لما شرع فيها وهو ذاكر أنه لم يمسح فقد بطلت صلاته فتكون قهقهته بعد خارج الصلاة فلا تنقض‏.‏ ووجه الامتحان فيها أنه يقال‏:‏ أي قهقهة تنقض الوضوء قبل الشروع في الصلاة حقيقة لا بعده ‏(‏قوله‏:‏ ومباشرة‏)‏ مأخوذة من البشرة وهي ظاهر الجلد ‏(‏قوله‏:‏ فاحشة‏)‏ المراد بالفحش الظهور لا الذي نهى عنه الشارع، إذ قد تكون بين الرجل وامرأته، أو المعنى فاحشة أن لو كانت مع الأجنبية أو باعتبار أغلب صورها لأنها تكون بين المرأتين والرجلين والرجل والغلام ثم هي من الناقض الحكمي ط ‏(‏قوله‏:‏ بتماس الفرجين‏)‏ أي من غير حائل من جهة القبل أو الدبر شرح المنية‏.‏ ثم المنقول أن ظاهر الرواية عدم اشتراطه‏.‏ وفي الينابيع‏:‏ روى الحسن اشتراط التماس وهو أظهر وصححه الإسبيجابي، وفي الزيلعي أنه الظاهر ا هـ‏.‏ أي من جهة الدراية لا الرواية، أفاده في البحر‏.‏ ويشترط أن يكون تماس الفرجين من شخصين مشتهيين، بدليل ما سيذكره الشارح في الغسل أنه لا يجب الغسل بوطء صغيرة غير مشتهاة ولا ينتقض الوضوء إلخ تأمل ‏(‏قوله‏:‏ مع الانتشار‏)‏ هذا في حق نقض وضوئه لا وضوئها، فإنه لا يشترط في نقضه انتشار آلة الرجل قنية‏.‏ وفي الشرنبلالية زاد الكمال في تفسيرها المعانقة وتبعه صاحب البرهان فقال وهي أن يتجردا معا متعانقين متماسي الفرجين ‏(‏قوله‏:‏ للجانبين‏)‏ فينتقض وضوء المرأة، وما في الحلية حيث قال‏:‏ إني لم أقف عليه إلا في المنية، وفيه تأمل رده في البحر والنهر ‏(‏قوله‏:‏ على المعتمد‏)‏ وهو قوله‏:‏ ما لأنها لا تخلو عن خروج مذي غالبا، وهو كالمتحقق في مقام وجوب الاحتياط إقامة للسبب الظاهر مقام الأمر الباطن‏.‏ وقال محمد‏:‏ لا تنقض ما لم يظهر شيء، وصححه في الحقائق ورده في البحر والنهر بما نقله في الحلية عن التحفة من أن الصحيح قوله‏:‏ ما وهو المذكور في المتون‏.‏ قلت‏:‏ لكن في الحلية قال بعدما نقل تصحيح قولهما‏.‏ ولقائل أن يقول الأظهر وجه محمد، فقوله‏:‏ أوجه ما لم يثبت دليل سمعي يفيد ما قالاه ا هـ‏.‏‏:‏ وفي شرح الشيخ إسماعيل عن شرح البرجندي‏:‏ وأكثر الكتب متظافرة على أن الصحيح المفتى به قول محمد، وعدم ذكر صاحب الهداية لها في النواقض يشعر باختياره ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله‏:‏ لكن يغسل يده ندبا‏)‏ لحديث‏:‏ «من مس ذكره فليتوضأ‏}‏ أي ليغسل يده جمعا بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «هل هو إلا بضعة منك، حين سئل عن الرجل يمس ذكره بعدما يتوضأ» وفي رواية في الصلاة، أخرجه الطحاوي وأصحاب السنن إلا ابن ماجه وصححه ابن حبان‏.‏ وقال الترمذي‏:‏ إنه أحسن شيء يروى في هذا الباب وأصح، ويشهد له ما أخرجه الطحاوي عن مصعب بن سعد قال‏:‏ كنت آخذا على أبي المصحف فاحتككت فأصبت فرجي فقال‏:‏ أصبت فرجك‏؟‏ فقلت‏:‏ نعم، فقال‏:‏ قم فاغسل يدك وقد ورد تفسير الوضوء بمثله في الوضوء مما مسته النار، وتمامه في الحلية والبحر‏.‏ أقول‏:‏ ومفاده استحباب غسل اليد مطلقا كما هو مفاد إطلاق المبسوط خلافا لما استفاده في البحر من عبارة البدائع من تقييده بما إذا كان مستنجيا بالحجر كما أوضحه في النهر‏.‏

مطلب في ندب مراعاة الخلاف إذا لم يرتكب مكروه مذهبه

‏(‏قوله‏:‏ لكن يندب إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ إلا أن مراتب الندب تختلف بحسب قوة دليل المخالف وضعفه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لكن بشرط‏)‏ استدراك على ما فهم من الكلام من أن الإمام يراعي مذهب من يقتدي به سواء كان في هذه المسألة أو غيرها، وإلا فالمراعاة في المذكور هنا ليس فيها ارتكاب مكروه مذهبه‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ بقي هل المراد بالكراهة هنا ما يعم التنزيهية‏؟‏ توقف فيه ط‏.‏ والظاهر نعم، كالتغليس في صلاة الفجر، فإنه السنة عند الشافعي مع أن الأفضل عندنا الإسفار فلا يندب ومراعاة الخلاف فيه، وكصوم يوم الشك فإنه الأفضل عندنا‏.‏ وعند الشافعي حرام، ولم أر من قال‏:‏ يندب عدم صومه مراعاة للخلاف، وكالاعتماد وجلسة الاستراحة السنة عندنا تركهما‏.‏ ولو فعلهما لا بأس كما سيأتي في محله‏.‏ فيكره فعلهما تنزيها مع أنهما سنتان عند الشافعي‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وصديد‏)‏ في المغرب‏:‏ صديد الجرح ماؤه الرقيق المختلط بالدم ‏(‏قوله‏:‏ وعين‏)‏ أي وماء عين‏:‏ وهو الدمع وقت الرمد‏.‏ وفي بعض النسخ وغيره بدل وعين‏:‏ أي غير ماء السرة كماء نفطة وجرح ‏(‏قوله‏:‏ لا بوجع‏)‏ تقييد لعدم النقض بخروج ذلك، وعدم النقض هو ما مشى عليه الدرر والجوهرة والزيلعي معزيا للحلواني‏.‏ قال في البحر‏:‏ وفيه نظر، بل الظاهر إذا كان الخارج قيحا أو صديدا لنقض، سواء كان مع وجع أو بدونه لأنهما لا يخرجان إلا عن علة، نعم هذا التفصيل حسن فيما إذا كان الخارج ماء ليس غير‏.‏ ا هـ‏.‏ وأقره في الشرنبلالية، وأيده بعبارة الفتح الجرح والنفطة وماء الثدي والسرة والأذن إذا كان لعلة سواء على الأصح ا هـ‏.‏ فالضمير في كان للماء فقط فهو مؤيد لكلام البحر‏.‏ وفيه إشارة إلى أن الوجع غير قيد بل وجود العلة كاف، وما بحثه في البحر مأخوذ من الحلية، واعترضه في النهر بقوله لم لا يجوز أن يكون القيح الخارج من الأذن عن جرح برئ، وعلامته عدم التألم فالحصر ممنوع ا هـ‏.‏‏:‏ أي الحصر بقوله لا يخرجان إلا عن علة‏.‏ وأنت خبير بأن الخروج دليل العلة ولو بلا ألم، وإنما الألم شرط للماء فقط، فإنه لا يعلم كون الماء الخارج من الأذن أو العين أو نحوها دما متغيرا إلا بالعلة والألم دليلها بخلاف نحو الدم والقيح‏.‏ ولذا أطلقوا في الخارج من غير السبيلين كالدم والقيح والصديد أنه ينقض الوضوء ولم يشترطوا سوى التجاوز إلى موضع يلحقه حكم التطهير، ولم يقيدوه في المتون ولا في الشروح بالألم ولا بالعلة، فالتقييد بذلك في الخارج من الأذن مشكل لمخالفته لإطلاقهم ‏(‏قوله‏:‏ وعمش‏)‏ هو ضعف لرؤية مع سيلان الدم في أكثر الأوقات درر وقاموس ‏(‏قوله‏:‏ ناقض إلخ‏)‏ قال في المنية‏:‏ وعن محمد إذا كان في عينيه رمد وتسيل الدموع منها آمره بالوضوء لوقت كل صلاة لأني أخاف أن يكون ما يسيل منها صديدا فيكون صاحب العذر‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وهذا التعليل يقتضي أنه أمر استحباب، فإن الشك والاحتمال لا يوجب الحكم بالنقض، إذ اليقين لا يزول بالشك نعم إذا علم بإخبار الأطباء أو بعلامات تغلب ظن المبتلى، يجب‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في الحلية‏:‏ ويشهد له قول الزاهدي عقب هذه المسألة‏:‏ وعن هشام في جامعه إن كان قيحا فكالمستحاضة وإلا فكالصحيح‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم قال في الحلية‏:‏ وعلى هذا ينبغي أن يحمل على ما إذا كان الخارج من العين متغيرا ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ الظاهر أن ما استشهد به رواية أخرى لا يمكن حمل ما مر عليها، بدليل قول محمد لأني أخاف أن يكون صديدا، لأنه إذا كان متغيرا يكون صديدا أو قيحا فلا يناسبه التعليل بالخوف، وقد استدرك في البحر على ما في الفتح بقوله لكن صرح في السراج بأنه صاحب عذر فكان الأمر للإيجاب ا هـ‏.‏ ويشهد له قول المجتبى ينتقض وضوءه ‏(‏قوله المجتبي‏)‏ عبارته‏:‏ الدم والقيح والصديد وماء الجرح والنفطة وماء البثرة والثدي والعين والأذن لعلة سواء على الأصح، وقولهم‏:‏ العين والأذن لعلة دليل على أن من رمدت عينه فسال منها ماء بسبب الرمد ينتقض وضوءه وهذه مسألة الناس عنها غافلون‏.‏ ا هـ‏.‏ وظاهره أن المدار على الخروج لعلة وإن لم يكن معه وجع، تأمل‏.‏ وفي الخانية الغرب في العين بمنزلة الجرح فيما يسيل منه فهو نجس‏.‏ قال في المغرب‏:‏ والغرب عرق في مجرى الدمع يسقي فلا ينقطع مثل الباسور‏.‏ وعن الأصمعي‏:‏ بعينه غرب إذا كانت تسيل ولا تنقطع دموعها‏.‏ والغرب بالتحريك‏:‏ ورم في المآقي، وعلى ذلك صح التحريك والتسكين في الغرب‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وقد سئلت عمن رمد وسال دمعه ثم استمر سائلا بعد زوال الرمد وصار يخرج بلا وجع، فأجبت بالنقض أخذا مما مر لأن عروضه مع الرمد دليل على أنه لعلة وإن كان الآن بلا رمد ولا وجع خلافا لظاهر كلام الشارح فتدبر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إحليله‏)‏ بكسر الهمزة مجرى البول من الذكر بحر ‏(‏قوله‏:‏ هذا‏)‏ أي النقض بما ذكر، ومراده بيان المراد من الطرف الظاهر بأنه ما كان عاليا عن رأس الإحليل أو مساويا له‏:‏ أي ما كان خارجا من رأسه زائدا عليه أو محاذيا لرأسه لتحقق خروج النجس بابتلاله؛ بخلاف ما إذا ابتل الطرف وكان متسفلا عن رأس الإحليل أي غائبا فيه لم يحاذه ولم يعل فوقه، فإن ابتلاله غير ناقض إذا لم يوجد خروج فهو كابتلال الطرف الآخر‏.‏ الذي في داخل القصبة ‏(‏قوله‏:‏ والفرج الداخل‏)‏ أما لو احتشت في الفرج الخارج فابتل داخل الحشو انتقض، سواء نفذ البلل إلى خارج الحشو أو لا للتيقن بالخروج من الفرج الداخل وهو المعتبر في الانتقاض لأن الفرج الخارج بمنزلة القلفة، فكما ينتقض بما يخرج من قصبة الذكر إليها وإن لم يخرج منها كذلك بما يخرج من الفرج الداخل إلى الفرج الخارج وإن لم يخرج من الخارج ا هـ‏.‏ شرح المنية ‏(‏قوله‏:‏ لا ينقض‏)‏ لعدم الخروج ‏(‏قوله‏:‏ ولو سقطت إلخ‏)‏ أي لو خرجت القطنة من الإحليل رطبة انتقض لخروج النجاسة وإن قلت، وإن لم تكن رطبة أي ليس بها أثر للنجاسة أصلا فلا نقض‏.‏ كما لو أقطر الدهن في إحليله فعاد، بخلاف ما يغيب في الدبر فإن خروجه ينقض وإن لم يكن عليه رطوبة لأنه التحق بما في الأمعاء وهي محل القذر بخلاف قصبة الذكر؛ وكذا لو خرج الدهن من الدبر بعدما احتقن به ينقض بلا خلاف كما يفسد الصوم كما في شرح المنية‏.‏ قلت‏:‏ لكن فساد الصوم بالاحتقان بالدهن لا بخروجه كما لا يخفى وإن أوهم كلامه خلافه ‏(‏قوله‏:‏ ولم يغيبها‏)‏ لكن الصحيح أنه تعتبر البلة أو الرائحة، ذكره في المنتقى لأنه ليس بداخل من كل وجه، ولهذا لا يفسد صومه فلا ينتقض وضوءه ا هـ‏.‏ حلية عن شرح الجامع لقاضي خان، فإذا وجدت البلة أو الرائحة ينقض‏.‏ وفي المنية‏:‏ وإن أدخل المحقنة ثم أخرجها وإن لم يكن عليها بلة لم ينقض والأحوط أن يتوضأ ا هـ‏.‏ وفي شرحها‏:‏ وكذا كل شيء يدخله وطرفه خارج غير الذكر ‏(‏قوله‏:‏ فإن غيبها‏)‏ قال في شرح المنية‏:‏ وكل شيء غيبه ثم خرج ينقض وإن لم يكن عليه بلة لأنه التحق بما في البطن ولذا يفسد الصوم، بخلاف ما إذا كان طرفه خارجا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي شرح الشيخ إسماعيل عن الينابيع‏:‏ وكل شيء غيبه في دبره ثم أخرجه أو خرج بنفسه ينقض الوضوء والصوم، وكل شيء أدخل بعضه وطرفه خارج لا ينقضهما انتهى‏.‏ أقول‏:‏ على هذا ينبغي أن تكون الأصبع كالمحقنة فيعتبر فيها البلة لأن طرفها يبقى خارجا لاتصالها باليد، إلا أن يقال لما كانت عضوا مستقلا فإذا غابت اعتبرت كالمنفصل، لكن ما سيأتي في الصوم مطلق، فإنه سيأتي أنه لو أدخل عودا في مقعدته وغاب فسد صومه وإلا فلا، وإن أدخل أصبعه فالمختار أنها لو مبتلة فسد، وإلا فلا، تأمل؛ ولذا قال في البدائع هذا يدل على أن استقرار الداخل في الجوف شرط فساد الصوم ‏(‏قوله‏:‏ بطل وضوءه وصومه‏)‏ أي في المسألتين، لكن بطلان الصوم في الأولى خلاف المختار إلا أن يفرق بين مجرد إدخال الأصبع وتغيبها ويحتاج إلى نقل صريح، فإن ما ذكروه في الصوم مطلق كما علمت، ولهذا قال ط‏:‏ إن في كلامه لفا ونشرا مرتبا، فبطلان الوضوء يرجع إلى قوله ولو غيبها، وقوله‏:‏ وصومه يرجع إلى قوله أو أدخلها عند الاستنجاء‏.‏ قلت‏:‏ لكن لو أدخلها عند الاستنجاء ينتقض وضوءه أيضا لأنها لا تخلو من البلة إذا خرجت كما في شرح الشيخ إسماعيل عن الواقعات وكذا في التتارخانية، لكن نقل فيها أيضا عن الذخيرة عدم النقض، والذي يظهر هو النقض لخروج البلة معها‏.‏ والحاصل أن الصوم يبطل بالدخول، والوضوء بالخروج، فإذا أدخل عودا جافا ولم يغيبه لا يفسد الصوم لأنه ليس بداخل من كل وجه ومثله الأصبع، وإن غيب العود فسد لتحقق الدخول، وكذا لو كان هو أو الأصبع مبتلا لاستقرار البلة في الجوف، وإذا أخرج العود بعدما غاب فسد وضوءه مطلقا؛ وإن لم يغب، فإن عليه بلة أو فيه رائحة فسد الوضوء، وإلا فلا ‏(‏قوله‏:‏ بيده‏)‏ أو بخرقة بحر ‏(‏قوله‏:‏ انتقض‏)‏ لأنه يلتزق بيده شيء من النجاسة بحر‏:‏ أي فيتحقق خروجها ‏(‏قوله‏:‏ لا‏)‏ أي لا ينتقض لعدم تحقق الخروج، لكن ذكر بعده في البحر عن الحلواني أنه إن تيقن خروج الدبر تنتقض طهارته بخروج النجاسة من الباطن إلى الظاهر‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه جزم في الإمداد ‏(‏قوله‏:‏ وكذا‏)‏ أي في عدم النقض‏.‏ وهذا ذكره في البحر عن التوشيح تخريجا على مسألة الباسوري ‏(‏قوله‏:‏ فدخلت‏)‏ الأولى حذفه ليكون التشبيه في طرفي الإدخال والدخول ط ‏(‏قوله‏:‏ من لذكره إلخ‏)‏ فيه إيجاز، وأصل العبارة كما في الخانية‏:‏ لو كان بذكر الرجل جرح له رأسان‏:‏ أحدهما يخرج منه الذي يسيل في مجرى البول، والثاني ما لا يسيل فيه؛ فالأول بمنزلة الإحليل إذا ظهر البول على رأسه ينقض وإن لم يسل، ولا وضوء في الثاني ما لم يسل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فرجه الآخر‏)‏ أي المحكوم بزيادته على أصل خلقته ‏(‏قوله‏:‏ كالجرح‏)‏ أي لا ينقض الوضوء ما يخرج منه ما لم يسل خانية، وبه جزم في الفتح وغيره، لكن قال الزيلعي‏:‏ وأكثرهم على إيجاب الوضوء عليه‏.‏ قال في النهر‏:‏ إلا أن الذي ينبغي التعويل عليه هو الأول ‏(‏قوله‏:‏ بكل‏)‏ أي بالخارج من كل بمجرد الظهور عملا بالأحوط كما في التوضيح ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ منكر الوضوء‏)‏ أو وجوبه ‏(‏قوله‏:‏ نعم‏)‏ لإنكاره النص القطعي وهو آية ‏{‏إذا قمتم‏}‏ والإجماع ‏(‏قوله‏:‏ ولغيرها لا‏)‏ ظاهره ولو لمس المصحف لوقوع الخلاف في تفسير آيته كما مر ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ شك في بعض وضوئه‏)‏ أي شك في ترك عضو من أعضائه ‏(‏قوله‏:‏ وإلا لا‏)‏ أي وإن لم يكن في خلاله بل كان بعد الفراغ منه وإن كان أول ما عرض له الشك أو كان الشك عادة له؛ وإن كان في خلاله فلا يعيد شيئا قطعا للوسوسة منه كما في التتارخانية وغيرها ‏(‏قوله‏:‏ غسل رجله اليسرى‏)‏ قال في الفتح‏:‏ ولا يخفى أن المراد إذا كان الشك بعد الفراغ‏.‏ وقياسه أنه لو كان في أثناء الوضوء يغسل الأخير؛ كما إذا علم أنه لم يغسل رجليه عينا وعلم أنه ترك فرضا مما قبلهما وشك في أنه ما هو يمسح رأسه‏.‏ والفرق بين هذه والمسألة التي قبلها أنه لا تيقن بترك شيء هناك أصلا‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو أيقن بالطهارة إلخ‏)‏ حاصله أنه إذا علم سبق الطهارة وشك في عروض الحدث بعدها أو بالعكس أخذ باليقين وهو السابق‏.‏ قال في الفتح إلا إن تأيد اللاحق؛ فعن محمد علم المتوضئ دخول الخلاء للحاجة وشك في قضائها قبل خروجه عليه الوضوء، أو علم جلوسه للوضوء بإناء وشك في إقامته قبل قيامه لا وضوء‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وشك بالحدث‏)‏ أي الحقيقي أو الحكمي ليشمل ما لو شك هل نام وهل نام متمكنا أو لا‏؟‏ أو زالت إحدى أليتيه وشك هل كان ذلك قبل اليقظة أو بعدها‏؟‏‏.‏ ا هـ‏.‏ حموي ‏(‏قوله‏:‏ فهو متطهر‏)‏ لأن الغالب أن الطهارة بعد الحدث ط، لكن في حاشية الحموي ‏[‏عن فتح المدبر‏]‏ للعلامة محمد السمديسي‏:‏ من تيقن بالطهارة والحدث وشك في السابق يؤمر بالتذكر فيما قبلهما، فإن كان محدثا فهو الآن متطهر لأنه تيقن الطهارة بعد ذلك الحدث وشك في انتقاضها لأنه لا يدري هل الحدث الثاني قبلها أو بعدها وإن كان متطهرا؛ فإن كان يعتاد التجديد فهو الآن محدث لأنه متيقن حدثا بعد تلك الطهارة وشك في زواله لأنه لا يدري هل الطهارة الثانية متأخرة عنه أم لا‏؟‏ بأن يكون والى بين الطهارتين‏.‏ ا هـ‏.‏ قال الحموي‏:‏ ومنه يعلم ما في كلام المصنف يعني صاحب الأشباه من القصور ‏(‏قوله‏:‏ ولو شك إلخ‏)‏ في التتارخانية‏:‏ من شك في إنائه أو في ثوبه أو بدن أصابته نجاسة أو لا فهو طاهر ما لم يستيقن، وكذا الآبار والحياض والجباب الموضوعة في الطرقات ويستقي منها الصغار والكبار والمسلمون والكفار؛ وكذا ما يتخذه أهل الشرك أو الجهلة من المسلمين كالسمن والخبز والأطعمة والثياب ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

لو شك في السائل من ذكره أماء هو أم بول‏.‏ إن قرب عهده بالماء أو تكرر مضى وإلا أعاده، بخلاف ما لو غلب على ظنه أنه أحدهما فتح‏.‏