فصل: فصل في المحرمات

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


فصل في المحرمات

شروع في بيان شرط النكاح أيضا، فإن منه كون المرأة محللة لتصير محلا له وأفرد بفصل على حدة لكثرة شعبه بحر ‏(‏قوله‏:‏ قرابة‏)‏ كفروعه وهم بناته وبنات أولاده، وإن سفلن، وأصوله وهم أمهاته وأمهات أمهاته وآبائه إن علون وفروع أبويه، وإن نزلن فتحرم بنات الإخوة والأخوات وبنات أولاد الإخوة والأخوات، وإن نزلن وفروع أجداده وجداته ببطن واحد فلهذا تحرم العمات والخالات وتحل بنات العمات والأعمام والخالات والأخوال فتح ‏(‏قوله‏:‏ مصاهرة‏)‏ كفروع نسائه المدخول بهن، وإن نزلن، وأمهات الزوجات وجداتهن بعقد صحيح، وإن علون، وإن لم يدخل بالزوجات وتحرم موطوءات آبائه وأجداده، وإن علوا ولو بزنى والمعقودات لهم عليهن بعقد صحيح، وموطوءات أبنائه وآباء أولاده، وإن سفلوا ولو بزنى والمعقودات لهم عليهن بعقد صحيح فتح، وكذا المقبلات أو الملموسات بشهوة لأصوله أو فروعه أو من قبل أو لمس أصولهن أو فروعهن ‏(‏قوله‏:‏ رضاع‏)‏ فيحرم به ما يحرم من النسب إلا ما استثني كما سيأتي في بابه، وهذه الثلاثة محرمة على التأبيد‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ جمع‏)‏ أي بين المحارم كأختين ونحوهما أو بين الأجنبيات زيادة على أربع‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ملك‏)‏ كنكاح السيد أمته والسيدة عبدها فتح، وعبر بدل الملك بالتنافي‏:‏ أي لأن المالكية تنافي المملوكية كما سيأتي بيانه، وشمل ملكها لبعضها أو ملكها لبعضه ‏(‏قوله‏:‏ شرك‏)‏ عبارة الفتح عدم الدين السماوي كالمجوسية والمشركة‏.‏ ا هـ‏.‏ وتشمل أيضا المرتدة ونافية الصانع تعالى‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إدخال أمة على حرة‏)‏ أدخله الزيلعي في حرمة الجمع فقال‏:‏ وحرمة الجمع بين الحرة والأمة والحرة متقدمة وهو الأنسب بحر‏:‏ أي للضبط وتقبل الأقسام، وكذا فعل في الفتح لكن الأولى أن يقال والحرة غير متأخرة ليشمل ما لو تزوجها في عقد واحد، ففي الزيلعي صح نكاح الحرة وبطل نكاح الأمة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وبقي إلخ‏)‏ زاد في شرحه على الملتقى اثنين آخرين أيضا حيث قال قلت‏:‏ وبقي من المحرمات الخنثى المشكل لجواز ذكورته والجنية، وإنسان الماء لاختلاف الجنس‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وكأنه استغنى هنا عن ذكرهما بما قدمه أول النكاح ويزاد خامس سيذكره في بابه وهو حرمة اللعان، وقد نظمت السبعة مع الخمسة المزيدة بقولي‏:‏ أنواع تحريم النكاح سبع قرابة ملك رضاع جمع كذاك شرك نسبة المصاهره وأمة عن حرة مؤخره وزيد خمسة أتتك بالبيان تطليقه لها ثلاثا واللعان تعلق بحق غير من نكاح أو عدة بلا اتضاح وآخر الكل اختلاف الجنس كالجن والمائي لنوع الإنس‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وحرم على المتزوج‏)‏ أي مريد التزوج، وقوله‏:‏ ذكرا كان أو أنثى بيان لفائدة إرجاع الضمير إلى المتزوج الشامل لهما لا إلى الرجل، فإن ما يحرم على الرجل يحرم على الأنثى إلا ما يختص بأحد الفريقين بدليله، فالمراد هنا أن الرجل كما يحرم عليه تزوج أصله أو فرعه كذلك يحرم على المرأة تزوج أصلها أو فرعها، وكما يحرم عليه تزوج بنت أخيه يحرم عليها تزوج ابن أخيها وهكذا، فيؤخذ في جانب المرأة نظير ما يؤخذ في جانب الرجل لا عينه وهذا معنى، قوله في المنح‏:‏ كما يحرم على الرجل أن يتزوج بمن ذكر يحرم على المرأة أن تتزوج بنظير من ذكر‏.‏ ا هـ‏.‏ فلا يقال إنه يلزم أن يصير المعنى يحرم على المرأة أن تتزوج بنت أخيها؛ لأن نظير بنت الأخ في جانب الرجل ابن الأخ في جانب المرأة ولا يرد أيضا أنه يلزم من حرمة تزوج الرجل بأصله كأمه حرمة تزوجها بفرعها هذا؛ لأن التصريح باللازم غير معيب فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ علا أو نزل‏)‏ نشر على ترتيب اللف‏.‏ وتفكيك الضمائر إذا ظهر المراد يقع في الكلام الفصيح فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وأخته‏)‏ عطف على بنت لا على أخيه بقرينة قوله وبنتها لكنه مجرور بالنظر للشرح مرفوع بالنظر للمتن ح؛ لأن المضاف وهو نكاح الداخل على قوله أصله من كلام الشارح ‏(‏قوله‏:‏ ولو من زنى‏)‏ أي بأن يزني الزاني ببكر ويمسكها حتى تلد بنتا بحر عن الفتح‏.‏ قال الحانوتي‏:‏ ولا يتصور كونها ابنته من الزنى إلا بذلك إذ لا يعلم كون الولد منه إلا به‏.‏ ا هـ‏.‏ أي لأنه لو لم يمسكها يحتمل أن غيره زنى بها لعدم الفراش الباقي لذلك الاحتمال‏.‏ قال ح قوله‏:‏ ولو من زنى تعميم بالنظر إلى كل ما قبله‏:‏ أي لا فرق في أصله أو فرعه أو أخته أن يكون من الزنى أو لا، وكذا إذا كان له أخ من الزنى له بنت من النكاح، أو من النكاح له بنت من الزنى، وعلى قياسه قوله‏:‏ وبنتها وعمته وخالته‏:‏ أي أخته من النكاح لها بنت من الزنى أو من الزنى لها بنت من النكاح، أو من الزنى لها بنت من الزنى وكذا أبوه من النكاح له أخت من الزنى أو من الزنا له أخت من النكاح أو من الزنى له أخت‏.‏ من الزنى وكذا أمه من النكاح لها أخت من الزنى أو من الزنى لها أخت من النكاح أو من الزنى لها أخت من الزنى‏.‏ إذا عرفت هذا فكان ينبغي أن يؤخر التعميم عن قوله وخالته‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن ما ذكره الشارح أحوط؛ لأنه اقتصر على ما رآه منقولا في البحر عن الفتح حيث قال‏:‏ ودخل في البنت بنته من الزنى فتحرم عليه بصريح النص؛ لأنها بنته لغة والخطاب إنما هو باللغة العربية ما لم يثبت نقل كلفظ الصلاة ونحوه فيصير منقولا شرعيا‏.‏ وكذا أخته من الزنى وبنت أخيه وبنت أخته أو ابنه منه‏.‏ ا هـ‏.‏ فلو أخر التعميم عن الكل كان غير مصيب في اتباع النقل، على أن ما ذكره في البحر هنا مخالف لما ذكره نفسه في كتاب الرضاع من أن البنت من الزنى لا تحرم على عم الزاني وخاله لأنه لم يثبت نسبها من الزاني حتى يظهر فيها حكم الرقابة، وأما التحريم على آباء الزاني وأولاده فلاعتبار الجزئية ولا جزئية بينها وبين العم والخال‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في الفتح هناك عن التجنيس وسنذكر عبارة التجنيس قريبا فافهم‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

ذكر في البحر أنه دخل بنت الملاعنة أيضا فلها حكم البنت هنا؛ لأنه بسبيل من أن يكذب نفسه ويدعيها فيثبت نسبها منه كما في الفتح قال‏:‏ وقدمنا في باب المصرف عن المعراج أن ولد أم الولد الذي نفاه لا يجوز دفع الزكاة إليه، ومقتضاه ثبوت البنتية فيما يبنى عليه الاحتياط، فلا يجوز لولده أن يتزوجها؛ لأنها أخته احتياطا ويتوقف على نقل ويمكن أن يقال في بنت الملاعنة إنها تحرم باعتبار أنها ربيبة وقد دخل بأمها لا لما تكلفه في الفتح كما لا يخفى انتهى لكن ثبوت اللعان لا يتوقف على الدخول بأمها وحينئذ فلا يلزم أن تكون ربيبته نهر ‏(‏قوله‏:‏ فهذه السبعة إلخ‏)‏ لكن اختلف في توجيه حرمة الجدات وبنات البنات، فقيل بوضع اللفظ وحقيقته؛ لأن الأم في اللغة الأصل والبنت الفرع فيكون الاسم حينئذ من قبيل المشكك وقيل بعموم المجاز، وقيل بدلالة النص والكل صحيح وتمامه في البحر وأفاد أن حرمة البنت من الزنى بصريح النص المذكور كما تقدم ‏(‏قوله‏:‏ ويدخل عمة جده وجدته‏)‏ أي في قول المتن وعمته كما دخلت في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وعماتكم‏}‏، ومثله قوله‏:‏ وخالتهما كما في الزيلعي ح ‏(‏قوله‏:‏ الأشقاء وغيرهن‏)‏ لا يختص هذا التعميم بالعمة والخالة فإن جميع ما تقدم سوى الأصل والفرع كذلك كما أفاده الإطلاق لكن فائدة التصريح به هنا التنبيه على مخالفته لما بعده كما تعرفه فافهم ‏(‏قوله‏:‏ وأما عمة عمة أمه إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ وأما عمة العمة وخالة الخالة فإن كانت العمة القربى لأمه لا تحرم، وإلا حرمت، وإن كانت الخالة القربى لأبيه لا تحرم، وإلا حرمت؛ لأن أبا العمة حينئذ يكون زوج أم أبيه، فعمتها أخت زوج الجدة ثم الأب وأخت زوج الأم لا تحرم فأخت زوج الجدة بالأولى وأم الحالة القربى تكون امرأة الجد أبي الأم فأختها أخت امرأة أبي الأم وأخت امرأة الجد لا تحرم‏.‏ ا هـ‏.‏ والمراد من قوله لأمه أن تكون العمة أخت أبيه لأم احترازا عما إذا كانت أخت أبيه لأب أو لأب وأم فإن عمة هذه العمة لا تحل؛ لأنها تكون أخت الجد أبي الأب، والمراد من قوله، وإن كانت الخالة القربى لأبيه أن تكون أخت أمه لأبيها احتراز عما إذا كانت أختها لأمها أو شقيقة، فإن خالة هذه الخالة تكون أخت جدته أم أمه، فلا تحل وكأن الشارح فهم من قول النهر لأمه وقوله لأبيه أن الضمير فيهما راجع إلى مريد النكاح كما هو المتبادر منه فقال ما قال، وليس كذلك لما علمته فكان عليه أن يقول‏:‏ وأما عمة العمة لأم وخالة الخالة لأب‏.‏ ويمكن تصحيح كلامه بأن تقيد العمة القربى بكونها أخت الجد لأمه، والخالة القربى بكونها أخت الجدة لأبيها كما أوضحه المحشي وأما على إطلاقه فغير صحيح ‏(‏قوله‏:‏ بنت زوجته الموطوءة‏)‏ أي سواء كانت في حجره أي كنفه ونفقته أو لا، ذكر الحجر في الآية خرج مخرج العادة أو ذكر للتشنيع عليهم كما في البحر‏.‏ واحترز بالموطوءة عن غيرها، فلا تحرم بنتها بمجرد العقد وفي ح عن الهندية أن الحلوة بالزوجة لا تقوم مقام الوطء في تحريم بنتها‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن في التجنيس عن أجناس الناطفي قال في نوادر أبي يوسف إذا خلا بها في صوم رمضان أو حال إحرامه لم يحل له أن يتزوج بنتها‏.‏ وقال محمد يحل فإن الزوج لم يجعل واطئا حتى إذا كان لها نصف المهر‏.‏ ا هـ‏.‏ وظاهره أن الخلاف في الخلوة الفاسدة، أما الصحيحة فلا خلاف في أنها تحرم البنت تأمل، وسيأتي تمام الكلام عليه في باب المهر عند ذكر أحكام الخلوة‏.‏ ويشترط وطؤها في حال كونها مشتهاة، أما لو دخل بها صغيرة لا تشتهى فطلقها فاعتدت بالأشهر ثم تزوجت بغيره فجاءت ببنت حل لواطئ أمها قبل الاشتهاء التزوج بها كما يأتي متنا وكذا يشترط فيه أن يكون في حال الوطء مشتهى كما نذكره هناك ‏(‏قوله‏:‏ وأم زوجته‏)‏ خرج أم أمته فلا تحرم إلا بالوطء أو دواعيه؛ لأن لفظ النساء إذا أضيف إلى الأزواج كان المراد منه الحرائر كما في الظهار والإيلاء بحر، وأراد بالحرائر النساء المعقود عليهن ولو أمة لغيره كما أفاده الرحمتي وأبو السعود ‏(‏قوله‏:‏ وجداتها مطلقا‏)‏ أي من قبل أبيها وأمها، وإن علون بحر ‏(‏قوله‏:‏ بمجرد العقد الصحيح‏)‏ يفسره قوله‏:‏ وإن لم توطأ ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ الصحيح‏)‏ احتراز عن النكاح الفاسد، فإنه لا يوجب بمجرده حرمة المصاهرة بل بالوطء أو ما يقوم مقامه من المس بشهوة والنظر بشهوة؛ لأن الإضافة لا تثبت إلا بالعقد الصحيح بحر‏:‏ أي الإضافة إلى الضمير في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأمهات نسائكم‏}‏ أو في قوله وأم زوجته ويوجد في بعض النسخ زيادة قوله فالفاسد لا يحرم إلا بمس بشهوة ونحوه ‏(‏قوله‏:‏ الزوجة‏)‏ أبدله في الدرر بالأم وهو سبق قلم ‏(‏قوله‏:‏ ويدخل‏)‏ أي في قوله وبنت زوجته بنات الربيبة والربيبة وثبت حرمتهن بالإجماع وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وربائبكم‏}‏ بحر ‏(‏قوله‏:‏ وفي الكشاف إلخ‏)‏ تبع في النقل عنه صاحب البحر، ولا يخفى أن المتون طافحة بأن اللمس ونحوه كالوطء في إيجابه حرمة المصاهرة من غير اختصاص بموضع دون موضع، لكن لما كانت الآية مصرحة بحرمة الربائب بقيد الدخول وبعدمها عند عدمه كان ذلك مظنة أن يتوهم أن خصوص الدخول هنا لا بد منه، وأن تصريحهم بأن اللمس ونحوه يوجب حرمة المصاهرة بمخصوص بما عدا الربائب لظاهر الآية فنقل التصريح عن أبي حنيفة بأنه قائم مقام الوطء هنا لدفع ذلك الوهم، ولبيان أنه ليس من تخريجات المشايخ وكأنه لم يجد التصريح به هنا عن أبي حنيفة إلا في الكشاف فنقل ذلك عنه لأن الزمخشري من مشايخ المذهب وهو حجة في النقل، ولكون الموضع موضع خفاء أكد ذلك بقوله وأقره المصنف فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وزوجة أصله وفرعه‏)‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم‏}‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم‏}‏ والحليلة الزوجة وأما حرمة الموطوءة بغير عقد فبدليل آخر وذكر الأصلاب لإسقاط حليلة الابن المتبنى لا لإحلال حليلة الابن رضاعا فإنها تحرم كالنسب بحر وغيره‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو بعيدا إلخ‏)‏ بيان للإطلاق أي ولو كان الأصل أو الفرع بعيدا كالجد، وإن علا وابن الابن، وإن سفل‏.‏ وتحرم زوجة الأصل والفرع بمجرد العقد دخل بها أو لا ‏(‏قوله‏:‏ وأما بنت زوجة أبيه أو ابنه فحلال‏)‏ وكذا بنت ابنها بحر‏.‏ قال الخير الرملي‏:‏ ولا تحرم بنت زوج الأم ولا أمه ولا أم زوجة الأب ولا بنتها ولا أم زوجة الابن ولا بنتها ولا زوجة الربيب ولا زوجة الراب‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ نسبا‏)‏ تمييز عن نسبة تحريم للضمير المضاف إليه، وكذا قوله‏:‏ مصاهرة، وقوله‏:‏ رضاعا تمييز عن نسبة تحريم إلى الكل، يعني يحرم من الرضاع أصوله وفروعه وفروع أبويه وفروعهم، وكذا فروع أجداده وجداته الصلبيون، وفروع زوجته وأصولها وفروع زوجها وأصوله وحلائل أصوله وفروعه، وقوله‏:‏ إلا ما استثنى أي استثناء منقطعا، وهو تسع صور تصل بالبسط إلى مائة وثمانية كما سنحققه ح‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

مقتضى قوله والكل رضاعا مع قوله سابقا، ولو من زنى حرمة فرع المزنية وأصلها رضاعا، وفي القهستاني عن شرح الطحاوي عدم الحرمة، ثم قال‏:‏ لكن في النظم وغيره أنه يحرم كل من الزاني والمزنية على أصل الآخر وفرعه رضاعا‏.‏ ا هـ‏.‏ ومقتضى تقييده بالفرع والأصل أنه لا خلاف في عدم الحرمة على غيرهما من الحواشي كالأخ والعم‏.‏ وفي التنجيس زنى بامرأة فولدت فأرضعت بهذا اللبن صبية لا يجوز لهذا الزاني تزوجها ولا لأصوله وفروعه، والعم الزاني التزوج بها كما لو كانت ولدت له من الزنى، والخال مثله؛ لأنه لم يثبت نسبها من الزاني، حتى يظهر فيها حكم القرابة والتحريم على أبي الزاني وأولاده وأولادهم لاعتبار الجزئية ولا جزئية بينها وبين العم، وإذا ثبت ذلك في المتولدة من الزنى فكذا في المرضعة بلبن الزنى‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا مخالف لما مر من التعميم في قول الشارح‏:‏ ولو من زنى كما نبهنا عليه هناك‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ تقع مغلطة‏)‏ كمفعلة محل الغلط أو بتشديد اللام المكسورة وضم الميم أي مسألة تغلط من يجيب عنها بلا تأمل فيها ‏(‏قوله‏:‏ ولها منه لبن‏)‏ أي نزل منها بسبب ولادتها منه ‏(‏قوله‏:‏ فحرمت عليه‏)‏ لكونها صارت أمه رضاعا ‏(‏قوله‏:‏ فدخل بها‏)‏ قيد به ليمكن توهم إحلالها للأول، والصغير لا يمكن منه الدخول ‏(‏قوله‏:‏ بواحدة أم بثلاث‏)‏ الأول بناء على القول بأن الزوج الثاني لا يهدم ما دون الثلاث، والثاني بناء على القول بأنه يهدمه كما سيأتي في بابه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لصيرورتها حليلة ابنه رضاعا‏)‏؛ لأن ثبوت البنوة بالإرضاع مقارن للزوجية، فيصح وصفها بكونها زوجة ابنه وابنها رضاعا، وكذا إن قلنا إن ثبوت البنوة عارض على الزوجية، ومعاقب لها؛ لأنه لا يلزم اجتماع الوصفين في وقت واحد، ولذا تحرم عليه ربيبته المولودة بعد طلاقه أمها وزوجة أبيها من الرضاع المطلقة قبل ارتضاعة فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إن علم أنه وطئها‏)‏ فإن علم عدم الوطء أو شك تحل‏.‏ ا هـ‏.‏ ح والمراد بالعلم ما يشمل غلبة الظن إذ حصول العلم اليقيني في ذلك نادر، ومنه إخبار الأب بأنه وطئها وهي في ملكه، ففي البحر عن المحيط‏:‏ رجل له جارية فقال قد وطئتها لا تحل لابنه، وإن كانت في غير ملكه فقال‏:‏ قد وطئتها يحل لابنه أن يكذبه ويطأها؛ لأن الظاهر يشهد له‏.‏ ا هـ‏.‏ أي يشهد للابن والظاهر أن المراد الإخبار بأن الوطء كان في غير ملكه، أما لو كانت في ملكه ثم باعها ثم أخبر بأنه وطئها حين كانت في ملكه لا تحل لابنه تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فوجدها ثيبا‏)‏ أي حين أراد جماعها كما في البحر والمنح وذلك بإخبارها أو بأمر غير الجماع، أما لو جامعها فوجدها ثيبا وجب عليه مهر مثلها لوطء الشبهة، والوطء في دار الإسلام لا يخلو عن عقر أو مهر رحمتي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وحرم أيضا بالصهرية أصل مزنيته‏)‏ قال في البحر‏:‏ أراد بحرمة المصاهرة الحرمات الأربع حرمة المرأة على أصول الزاني وفروعه نسبا ورضاعا وحرمة أصولها وفروعها على الزاني نسبا ورضاعا كما في الوطء الحلال ويحل لأصول الزاني وفروعه أصول المزني بها وفروعها‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله ما قدمناه قريبا عن القهستاني عن النظم وغيره‏.‏ وقوله‏:‏ ويحل إلخ أي كما يحل ذلك بالوطء الحلال وتقييده بالحرمات الأربع مخرج لما عداها وتقدم آنفا الكلام عليه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أراد بالزنى الوطء الحرام‏)‏؛ لأن الزنى وطء مكلف في فرج مشتهاة ولو ماضيا خال عن الملك وشبهته، وكذا تثبت حرمة المصاهرة لو وطئ المنكوحة فاسدا أو المشتراة فاسدا أو الجارية المشتركة أو المكاتبة أو المظاهر منها أو الأمة المجوسية أو زوجته الحائض أو النفساء أو كان محرما أو صائما، وإنما قيد بالزنى؛ لأن فيه خلاف الشافعي، وليفيد أنها لا، تثبت بالوطء بالدبر كما يأتي خلافا للأوزاعي وأحمد‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وبقولنا قال مالك في رواية وأحمد، وهو قول عمر وابن مسعود وابن عباس في الأصح وعمران بن الحصين وجابر وأبي وعائشة وجمهور التابعين كالبصري والشعبي والنخعي والأوزاعي وطاوس ومجاهد وعطاء وابن المسيب وسليمان بن يسار وحماد والثوري وابن راهويه وتمامه مع بسط الدليل فيه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وأصل ممسوسته إلخ‏)‏؛ لأن المس والنظر سبب داع إلى الوطء فيقام مقامه في موضع الاحتياط هداية‏.‏ واستدل لذلك في الفتح بالأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بشهوة‏)‏ أي ولو من أحدهما كما سيأتي ‏(‏قوله‏:‏ ولو لشعر على الرأس‏)‏ خرج به المسترسل، وظاهر ما في الخانية ترجيح أن مس الشعر غير محرم وجزم في المحيط بخلافه ورجحه في البحر، وفصل في الخلاصة فخص التحريم بما على الرأس دون المسترسل وجزم به في الجوهرة وجعله في النهر محمل القولين وهو ظاهر فلذا جزم به في الشارح ‏(‏قوله‏:‏ بحائل لا يمنع الحرارة‏)‏ أي ولو بحائل إلخ، فلو كان مانعا لا تثبت الحرمة، كذا في أكثر الكتب، وكذا لو جامعها بخرقة على ذكره، فما في الذخيرة من أن الإمام ظهير الدين أنه يفتى بالحرمة في القبلة على الفم والذقن والخد والرأس، وإن كان على المقنعة محمول على ما إذا كانت رقيقة تصل الحرارة معها بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وأصل ماسته‏)‏ أي بشهوة قال في الفتح‏:‏ وثبوت الحرمة بلمسها مشروط بأن يصدقها، ويقع في أكبر رأيه صدقها وعلى هذا ينبغي أن يقال في مسه إياها لا تحرم على أبيه وابنه إلا أن يصدقاه أو يغلب على ظنهما صدقه، ثم رأيت عن أبي يوسف ما يفيد ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وناظرة‏)‏ أي بشهوة ‏(‏قوله‏:‏ والمنظور إلى فرجها‏)‏ قيد بالفرج؛ لأن ظاهر الذخيرة وغيرها أنهم اتفقوا على أن النظر بشهوة إلى سائر أعضائها لا عبرة به ما عدا الفرج، وحينئذ فإطلاق الكنز في محل التقييد بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ المدور الداخل‏)‏ اختاره في الهداية وصححه في المحيط والذخيرة‏:‏ وفي الخانية وعليه الفتوى وفي الفتح، وهو ظاهر الرواية لأن هذا حكم تعلق بالفرج، والداخل فرج من كل وجه، والخارج فرج من وجه والاحتراز عن الخارج متعذر، فسقط اعتباره، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كانت متكئة بحر فلو كانت قائمة أو جالسة غير مستندة لا تثبت الحرمة إسماعيل وقيل‏:‏ تثبت بالنظر إلى منابت الشعر وقيل إلى الشق وصححه في الخلاصة بحر ‏(‏قوله‏:‏ أو ماء هي فيه‏)‏ احتراز عما إذا كانت فوق الماء فرآه من الماء كما يأتي ‏(‏قوله‏:‏ وفروعهن‏)‏ بالرفع عطفا على أصل مزنيته، وفيه تغليب المؤنث على الذكر بالنسبة إلى قوله وناظرة إلى ذكره ‏(‏قوله‏:‏ مطلقا‏)‏ يرجع إلى الأصول والفروع أي، وإن علون، وإن سفلن ط ‏(‏قوله‏:‏ والعبرة إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ وقوله‏:‏ بشهوة في موضع الحال، فيفيد اشتراط الشهوة حال المس، فلو مس بغير شهوة، ثم اشتهى عن ذلك المس لا تحرم عليه‏.‏ ا هـ‏.‏ وكذلك في النظر كما في البحر، فلو اشتهى بعدما غض بصره لا تحرم‏.‏ قلت‏:‏ ويشترط وقوع الشهوة عليها لا على غيرها لما في الفيض لو نظر إلى فرج بنته بلا شهوة فتمنى جارية مثلها فوقعت له الشهوة على البنت تثبت الحرمة، وإن وقعت على من تمناها فلا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وحدها فيهما‏)‏ أي حد الشهوة في المس والنظر ح ‏(‏قوله‏:‏ أو زيادته‏)‏ أي زيادة التحرك إن كان موجودا قبلهما ‏(‏قوله‏:‏ به يفتى‏)‏ وقيل حدها أن يشتهي بقلبه إن لم يكن مشتهيا أو يزداد إن كان مشتهيا، ولا يشترط تحرك الآلة وصححه في المحيط والتحفة وفي غاية البيان وعليه الاعتماد والمذهب الأول بحر قال في الفتح‏:‏ وفرع عليه ما لو انتشر وطلب امرأة فأولج بين فخذي بنتها خطأ لا تحرم أمها ما لم يزدد الانتشار ‏(‏قوله‏:‏ وفي امرأة ونحو شيخ إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ ثم هذا الحد في حق الشاب أما الشيخ والعنين فحدهما تحرك قلبه أو زيادته إن كان متحركا لا مجرد ميلان النفس، فإنه يوجد فيمن لا شهوة له أصلا كالشيخ الفاني، ثم قال ولم يحدوا الحد المحرم منها أي من المرأة وأقله تحرك القلب على وجه يشوش الخاطر قال ط‏:‏ ولم أر حكم الخنثى المشكل في الشهوة، ومقتضى معاملته بالأضر أن يجري عليه حكم المرأة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وفي الجوهرة إلخ‏)‏ كذا في النهر وعلى هذا ينبغي أن يكون مس الفرج كذلك بل أولى؛ لأن تأثير المس فوق تأثير النظر بدليل إيجابه حرمة المصاهرة في غير الفرج إذا كان بشهوة بخلاف النظر ح‏.‏ قلت‏:‏ ويمكن أن يكون ما في الجوهرة مفرعا على القول الآخر في حد الشهوة فلا يكون للنظر احترازا عن مس الفرج ولا عن مس غيره تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فلا حرمة‏)‏ لأنه بالإنزال تبين أنه غير مفض إلى الوطء هداية‏.‏ قال في العناية‏:‏ ومعنى قولهم إنه لا يوجب الحرمة بالإنزال أن الحرمة عند ابتداء المس بشهوة كان حكمها موقوفا إلى أن يتبين بالإنزال، فإن أنزل لم تثبت، وإلا ثبت لا أنها تثبت بالمس ثم بالإنزال تسقط؛ لأن حرمة المصاهرة إذا ثبتت لا تسقط أبدا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي الخلاصة إلخ‏)‏ هذا محترز التقييد بالأصول والفروع وقوله‏:‏ لا يحرم أي لا تثبت حرمة المصاهرة، فالمعنى‏:‏ لا تحرم حرمة مؤبدة، وإلا فتحرم إلى انقضاء عدة الموطوءة لو بشبهة قال في البحر‏:‏ لو وطئ أخت امرأة بشبهة تحرم امرأته ما لم تنقض عدة ذات الشبهة، وفي الدراية عن الكامل لو زنى بإحدى الأختين لا يقرب الأخرى حتى تحيض الأخرى حيضة واستشكله في الفتح ووجهه أنه لا اعتبار لماء الزاني ولذا لو زنت امرأة رجل لم تحرم عليه وجاز له وطؤها عقب الزنا‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لا تحرم المنظور إلى فرجها إلخ‏)‏ تبع في هذا التعبير صاحب الدرر واعترضه الشرنبلالي بأنه لا يصح إلا بتقدير مضاف‏:‏ أي لا يحرم أصل وفرع المنظور إلى فرجها، لما أنه لا يحرم نفس المنظور إلى فرجها، وأجيب بأن المراد لا تحرم على أصول الناظر وفروعه، وفيه أن الكلام في الحرمة وعدمها بالنسبة إلى أصولها وفروعها فالأولى إسقاط لفظ تحرم، وإبقاء المتن على حاله فيكون قوله‏:‏ لا المنظور معطوفا على قوله والمنظور‏.‏ والمعنى‏:‏ لا يحرم أصلها وفرعها ويعلم منه عدم حرمتها عليه وعلى أصوله وفروعه بالأولى فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إذا رآه‏)‏ لا حاجة إليه لصحة تعلق الجار بقوله المنظور ط ‏(‏قوله‏:‏؛ لأن المرئي مثاله إلخ‏)‏ يشير إلى ما في الفتح من الفرق بين الرؤية من الزجاج والمرآة، وبين الرؤية في الماء، ومن الماء حيث قال‏:‏ كأن العلة والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏ أن المرئي في المرآة مثاله لا هو وبهذا عللوا الحنث فيما إذا حلف لا ينظر إلى وجه فلان فنظره في المرأة أو الماء وعلى هذا فالتحريم به من وراء الزجاج، بناء على نفوذ البصر منه فيرى نفس المرئي بخلاف المرأة، ومن الماء، وهذا ينفي كون الإبصار من المرآة والماء بواسطة انعكاس الأشعة، وإلا لرآه بعينه بل بانطباع مثل الصورة فيهما، بخلاف المرئي في الماء؛ لأن البصر ينفذ فيه إذا كان صافيا فيرى نفس ما فيه، وإن كان لا يراه على الوجه الذي هو عليه، ولهذا كان له الخيار إذا اشترى سمكة رآها في ماء بحيث تؤخذ منه بلا حيلة‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه يظهر فائدة قول الشارح مثاله، لكنه لا يناسب قول المصنف تبعا للدرر بالانعكاس، ولهذا قال في الفتح وهذا ينفي إلخ، وقد يجاب بأنه ليس مراد المصنف بالانعكاس البناء على القول بأن الشعاع الخارج من الحدقة الواقع على سطح الصقيل كالمرآة والماء ينعكس من سطح الصقيل إلى المرئي، حتى يلزم أنه يكون المرئي حينئذ حقيقته لا مثاله، وإنما أراد به انعكاس نفس المرئي، وهو المراد بالمثال فيكون مبنيا على القول الآخر ويعبرون عنه بالانطباع، وهو أن المقابل للصقيل تنطبع صورته، ومثاله فيه لا عينه، ويدل عليه تعبير قاضي خان بقوله؛ لأنه لم ير فرجها، وإنما رأى عكس فرجها فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ هذا‏)‏ أي جميع ما ذكر في مسائل المصاهرة ‏(‏قوله‏:‏ مشتهاة‏)‏ سيأتي تعريفها بأنها بنت تسع فأكثر ‏(‏قوله‏:‏ ولو ماضيا‏)‏ كعجوز شوهاء؛ لأنها دخلت تحت الحرمة، فلا تخرج ولجواز وقوع الولد منها كما وقع لزوجتي إبراهيم وزكريا عليهما الصلاة والسلام ‏(‏قوله‏:‏ فلا يثبت الحرمة بها‏)‏ أي بوطئها أو لمسها أو النظر إلى فرجها وقوله‏:‏ أصلا أي سواء كان بشهوة أو لا وسواء أنزل أو لا ‏(‏قوله‏:‏ مطلقا‏)‏ أي سواء كان بصبي أو امرأة كما في غاية البيان وعليه الفتوى كما في الواقعات ح عن البحر وفي الولوالجية‏:‏ أتى رجل رجلا له أن يتزوج ابنته؛ لأن هذا الفعل لو كان في الإناث لا يوجب حرمة المصاهرة ففي الذكر أولى‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏؛ لعدم تيقن كونه في الفرج‏)‏ علة لعدم إيجاب وطء المفضاة المصاهرة فقط‏.‏ وأما العلة في عدم إيجاب وطء الدبر المصاهرة فالتيقن بعدم كون الوطء في الفرج الذي هو محل الحرث، وإنما تركها لانفهامها بالأولى قال في البحر‏:‏ وأورد عليهما أي على المسألتين أن الوطء فيهما، وإن لم يكن سببا للحرمة، فالمس بشهوة سبب لها بل الموجود فيهما أقوى، وأجيب بأن العلة هي الوطء السبب للولد وثبوت الحرمة بالمس ليس إلا لكونه سببا لهذا الوطء، ولم يتحقق في الصورتين‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه علم أنه لا فرق في المسألتين بين الإنزال وعدمه ح ‏(‏قوله‏:‏ ما لم تحبل منه‏)‏ زاد في الفتح وعلم كونه منه أي بإمساكها عنده حتى تلد كما قدمناه، وهذا في الزنا لا في النكاح كما لا يخفى ‏(‏قوله‏:‏ بلا فرق بين زنا ونكاح‏)‏ راجع لاشتراط كونها مشتهاة لثبوت الحرمة كما في البحر مفرعا عليه قوله‏:‏ فلو تزوج صغيرة إلخ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ جاز له التزوج ببنتها‏)‏ أما أمها فحرمت عليه بمجرد العقد ط ‏(‏قوله‏:‏ فلو جامع غير مراهق إلخ‏)‏ الذي في الفتح حتى لو جامع ابن أربع سنين زوجة أبيه لا تثبت الحرمة قال في البحر‏:‏ وظاهره اعتبار السن الآتي في حد المشتهاة أعني تسع سنين‏.‏ قال في النهر وأقول‏:‏ التعليل بعدم الاشتهاء يفيد أن من لا يشتهي لا تثبت الحرمة بجماعه ولا خفاء أن ابن تسع عار من هذا، بل لا بد أن يكون مراهقا، ثم رأيته في الخانية قال الصبي الذي يجامع مثله كالبالغ قالوا وهو أن يجامع ويشتهي، وتستحي النساء من مثله وهو ظاهر في اعتبار كونه مراهقا لا ابن تسع، ويدل عليه ما في الفتح مس المراهق كالبالغ وفي البزازية المراهق كالبالغ حتى لو جامع امرأته أو لمس بشهوة تثبت حرمة المصاهرة‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه ظهر أن ما عزاه الشارح إلى الفتح وإن لم يكن صريح كلامه لكنه مراده‏.‏ فتحصل من هذا‏:‏ أنه لا بد في كل منهما من سن المراهقة وأقله للأنثى تسع وللذكر اثنا عشر؛ لأن ذلك أقل مدة يمكن فيها البلوغ كما صرحوا به في باب بلوغ الغلام، وهذا يوافق ما مر من أن العلة هي الوطء الذي يكون سببا للولد أو المس الذي يكون سببا لهذا الوطء، ولا يخفى أن غير المراهق منهما لا يتأتى منه الولد‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولا فرق فيما ذكر‏)‏ أي من التحريم وقوله‏:‏ بين اللمس والنظر وصوابه في اللمس والنظر، وعبارة الفتح ولا فرق في ثبوت الحرمة بالمس بين كونه عامدا أو ناسيا أو مكرها أو مخطئا إلخ أفاده ح قال الرحمتي‏:‏ وإذا علم ذلك في المس والنظر علم في الجماع بالأولى ‏(‏قوله‏:‏ فلو أيقظ إلخ‏)‏ تفريع على الخطأ ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو يدها ابنه‏)‏ أي المراهق كما علم مما مر، وأما تقييد الفتح بكونه ابنه من غيرها فقال في النهر ليعلم ما إذا كان ابنه منها بالأولى، ولا بد من التقييد بالشهوة أو ازديادها في الموضعين ‏(‏قوله‏:‏ قبل أم امرأته إلخ‏)‏ قال في الذخيرة، وإذا قبلها أو لمسها أو نظر إلى فرجها ثم قال لم يكن عن شهوة ذكر الصدر الشهيد أنه في القبلة يفتى بالحرمة، ما لم يتبين أنه بلا شهوة وفي المس والنظر لا إلا إن تبين أنه بشهوة؛ لأن الأصل في التقبيل الشهوة بخلاف المس والنظر، وفي بيوع العيون خلاف هذا إذا اشترى جارية على أنه بالخيار وقبلها أو نظر إلى فرجها ثم قال لم يكن عن شهوة، وأراد ردها صدق ولو كانت مباشرة لم يصدق،، ومنهم من فصل في القبلة فقال إن كانت على الفم يفتى بالحرمة، ولا يصدق أنه بلا شهوة، وإن كانت على الرأس أو الذقن أو الخد فلا إلا إذا تبين أنه بشهوة وكان الإمام ظهير الدين يفتي بالحرمة في القبلة مطلقا، ويقول لا يصدق في أنه لم يكن بشهوة وظاهر إطلاق بيوع العيون يدل على أنه يصدق في القبلة على الفم أو غيره، وفي البقالي إذا أنكر الشهوة في المس يصدق إلا أن يقوم إليها منتشرا فيعانقها، ولذا قال في المجرد وانتشاره دليل شهوته‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ على الصحيح جوهرة‏)‏ الذي في الجوهرة للحدادي خلاف هذا فإنه قال لو مس أو قبل، وقال لم أشته صدق إلا إذا كان المس على الفرج والتقبيل في الفم‏.‏ ا هـ‏.‏ وهذا هو الموافق لما سينقله الشارح عن الحدادي، ولما نقله عنه في البحر قائلا ورجحه في فتح القدير وألحق الخد بالفم‏.‏ ا هـ‏.‏ وقال في الفيض‏:‏ ولو قام إليها وعانقها منتشرا أو قبلها، وقال لم يكن عن شهوة لا يصدق، ولو قبل ولم تنتشر آلته وقال كان عن غير شهوة يصدق وقيل لا يصدق لو قبلها على الفم وبه يفتى‏.‏ ا هـ‏.‏ فهذا كما ترى صريح في ترجيح التفصيل، وأما تصحيح الإطلاق الذي ذكره الشارح، فلم أره لغيره نعم قال القهستاني‏:‏ وفي القبلة يفتى بها أي بالحرمة ما لم يتبين أنه بلا شهوة ويستوي أن يقبل الفم أو الذقن أو الخد أو الرأس، وقيل إن قبل الفم يفتى بها، وإن ادعى أنه بلا شهوة، وإن قبل غيره لا يفتى بها إلا إذا ثبتت الشهوة‏.‏ ا هـ‏.‏ وظاهره ترجيح الإطلاق في التقبيل لكن علمت التصريح بترجيح التفصيل تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ حرمت عليه امرأته إلخ‏)‏ أي يفتى بالحرمة إذا سئل عنها، ولا يصدق إذا ادعى عدم الشهوة إلا إذا ظهر عدمها بقرينة الحال، وهذا موافق لما تقدم عن القهستاني والشهيد، ومخالف لما نقلناه عن الجوهرة ورجحه في الفتح وعلى هذا فكان الأولى أن يقول لا تحرم ما لم تعلم الشهوة أي بأن قبلها منتشرا، أو على الفم فيوافق ما نقلناه عن الفيض ولما سيأتي أيضا وحينئذ فلا فرق بين التقبيل والمس‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو على الفم‏)‏ مبالغة على المنفي لا على النفي‏.‏ والمعنى‏:‏ حرمت امرأته إذا لم يظهر عدم اشتهاء، وهو صادق بظهور الشهوة والشك فيها، أما إذا ظهر عدم الشهوة فلا تحرم ولو كانت القبلة على الفم‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله‏:‏ كما فهمه في الذخيرة‏)‏ أي فهمه من عبارة العيون حيث قال وظاهر ما أطلق في بيوع العيون إلى آخر ما مر، وأنت خبير بأن كلام المصنف مبني على أن الأصل في القبلة الشهوة، وأنه لا يصدق في دعوى عدمها، وهذا خلاف ما في العيون تأمل ‏(‏قوله‏:‏ كذا القرص والعض بشهوة‏)‏ ينبغي ترك قوله‏:‏ بشهوة كما فعل المصنف في المعانقة؛ لأن المقصود تشبيه هذه الأمور بالتقبيل في التفصيل المتقدم فلا معنى للتقييد‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو لأجنبية‏)‏ أي لا فرق بين أن تكون زوجة أو أجنبية، أما الأجنبية فصورتها ظاهرة، وأما الزوجة فكما إذا تزوج امرأة فقرصها أو عضها أو قبلها أو عانقها ثم طلقها قبل الدخول حرمت عليه بنتها‏.‏ واعلم أن هذا التعميم لا يخص ما نحن فيه فإن جميع ما قبله كذلك ح وخص البنت؛ لأن الأم تحرم بمجرد العقد ‏(‏قوله‏:‏ وتكفي الشهوة من إحداهما‏)‏ هذا إنما يظهر في المس أما في النظر فتعتبر الشهوة من الناظر، سواء وجدت من الآخر أم لا‏.‏ ا هـ‏.‏ ط وهكذا بحث الخير الرملي أخذا من ذكرهم ذلك في بحث المس فقط قال‏:‏ والفرق اشتراكهما في لذة المس كالمشتركين في لذة الجماع بخلاف النظر ‏(‏قوله‏:‏ كبالغ‏)‏ أي في ثبوت حرمة المصاهرة بالوطء، أو المس أو النظر ولو تمم المقابلات بأن قال كبالغ عاقل صالح لكان أولى ط وفي الفتح‏:‏ لو مس المراهق وأقر أنه بشهوة تثبت الحرمة عليه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بزازية‏)‏ لم أر فيها إلا المراهق دون المجنون والسكران نعم رأيتهما في حاوي الزاهدي ‏(‏قوله‏:‏ تحرم الأم‏)‏ كذا لم يوجد في بعض النسخ، وفي عامتها بدون الأم فهو من باب الحذف والإيصال كما قال ح وعبارة القنية هكذا قبل المجنون أم امرأته بشهوة أو السكران بنته تحرم‏.‏ ا هـ‏.‏ أي تحرم امرأته ‏(‏قوله‏:‏ وبحرمة المصاهرة إلخ‏)‏ قال في الذخيرة‏:‏ ذكر محمد في نكاح الأصل أن النكاح لا يرتفع بحرمة المصاهرة والرضاع بل يفسد حتى لو وطئها الزوج قبل التفريق لا يجب عليه الحد اشتبه عليه أو لم يشتبه عليه‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إلا بعد المتاركة‏)‏ أي، وإن مضى عليها سنون كما في البزازية، وعبارة الحاوي إلا بعد تفريق القاضي أو بعد المتاركة‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد علمت أن النكاح لا يرتفع بل يفسد وقد صرحوا في النكاح الفاسد بأن المتاركة لا تتحقق إلا بالقول، إن كانت مدخولا بها كتركتك أو خليت سبيلك، وأما غير المدخول بها فقيل تكون بالقول وبالترك على قصد عدم العود إليها‏.‏ وقيل‏:‏ لا تكون إلا بالقول فيهما، حتى لو تركها، ومضى على عدتها سنون لم يكن لها أن تتزوج بآخر فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ والوطء بها إلخ‏)‏ أي الوطء الكائن في هذه الحرمة قبل التفريق والمتاركة لا يكون زنا قال في الحاوي والوطء فيها لا يكون زنا؛ لأنه مختلف فيه، وعليه مهر المثل بوطئها بعد الحرمة ولا حد عليه ويثبت النسب‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وفي الخانية إلخ‏)‏ مستغنى عنه بما تقدم ح ‏(‏قوله‏:‏ فدخلت فراش أبيها‏)‏ كنى به عن المس، وإلا فمجرد الدخول بغير مس لا يعتبر ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ليست بمشتهاة به يفتى‏)‏ كذا في البحر عن الخانية، ثم قال فأفاد أنه لا فرق بين أن تكون سمينة أو لا ولذا قال في المعراج بنت خمس لا تكون مشتهاة اتفاقا وبنت تسع فصاعدا مشتهاة اتفاقا وفيما بين الخمس والتسع اختلاف الرواية والمشايخ والأصح أنها لا تثبت الحرمة‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإن ادعت الشهوة في تقبيله‏)‏ أي ادعت الزوجة أنه قبل أحد أصولها أو فروعها بشهوة أو أن أحد أصولها أو فروعها قبله بشهوة، فهو مصدر مضاف إلى فاعله أو مفعوله وكذا قوله‏:‏ أو تقبيلها ابنه، فإن كانت إضافته إلى المفعول فابنه فاعل والأنسب لنظم الكلام إضافة الأول لفاعله والثاني لمفعوله ليكون فاعل يقوم الرجل أو ابنه كما أفاده ح ‏(‏قوله‏:‏ فهو مضاف‏)‏ لأنه ينكر ثبوت الحرمة والقول للمنكر، وهذا ذكره في الذخيرة في المس لا في التقبيل كما فعل الشارح فإنه مخالف لما مشى عليه المصنف أو لا من أنه في التقبيل يفتى بالحرمة ما لم يظهر عدم الشهوة، وقدمنا عن الذخيرة نقل الخلاف في ذلك فما هنا مبني على ما في بيوع العيون ‏(‏قوله‏:‏ آلته‏)‏ بالرفع فاعل منتشرا ط ‏(‏قوله‏:‏ أو يركب معها‏)‏ أي على دابة بخلاف ما إذا ركبت على ظهره وعبر الماء حيث يصدق في أنه لا عن شهوة بزازية ‏(‏قوله‏:‏ وفي الفتح إلخ‏)‏ قال فيه‏:‏ والحاصل‏:‏ أنه إذا أقر بالنظر وأنكر الشهوة صدق بلا خلاف، وفي المباشرة لا يصدق بلا خلاف فيما أعلم وفي التقبيل اختلف فيه قيل لا يصدق لأنه لا يكون إلا عن شهوة غالبا، فلا يقبل إلا أن يظهر خلافه بالانتشار ونحوه، وقيل يقبل، وقيل بالتفصيل بين كونه على الرأس والجبهة والخد فيصدق أو على الفم فلا والأرجح هذا إلا أن الخد يتراءى إلحاقه بالفم‏.‏ ا هـ‏.‏ وقوله‏:‏ إلا أن يظهر إلخ حقه أن يذكر بعد قوله‏:‏ وقيل يقبل كما لا يخفى ولم يذكر المس، وقدمنا عن الذخيرة أن الأصل فيه عدم الشهوة مثل النظر، فيصدق إذا أنكر الشهوة إلا أن يقوم إليها منتشرا أي لأن الانتشار دليل الشهوة، وكذا إذا كان المس على الفرج كما مر عن الحدادي؛ لأنه دليل الشهوة غالبا، وما ذكره في الفتح بحثا من إلحاق تقبيل الخد بالفم أي بخلاف الرأس والجبهة غير ما تقدم في كلام الذخيرة عن الإمام ظهير الدين فإن ذاك لم يفصل فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولا يصدق أنه كذب إلخ‏)‏ أي عند القاضي، أما بينه وبين الله تعالى إن كان كاذبا فيما أقر لم تثبت الحرمة، وكذا إذا أقر بجماع أمها قبل التزوج لا يصدق في حقها، فيجب كمال المسمى لو بعد الدخول ونصفه لو قبله بحر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ تجنيس‏)‏ كذا عزاه إليه في البحر وكذا رأيته فيه أيضا ونص عبارته المختار أنه تقبل إليه أشار محمد في الجامع، وإليه ذهب فخر الإسلام علي البزدوي لأن الشهوة مما يوقف عليه بتحرك العضو ممن يتحرك عضوه أو بآثار أخر ممن لا يتحرك عضوه‏.‏ ا هـ‏.‏ فما ذكره من التعليل من كلام التجنيس أيضا وبه ظهر أن ما في النهر من عزوه إلى التجنيس أن المختار عدم القبول سبق قلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بين المحارم‏)‏ الأولى حذفه؛ لأن قول المصنف بين امرأتين يغني عنه؛ ولئلا يتوهم اختصاص الثاني بالجمع وطئ بملك يمين، ولا يصح إعرابه بدلا منه بدل مفصل من مجمل؛ لأن الشارح ذكر له عاملا يخصه وهو قوله‏:‏ وحرم الجماع فافهم، وأراد بالمحارم ما يشمل النسب والرضاع فلو كان له زوجتان رضيعتان أرضعتهما أجنبية فسد نكاحهما كما في البحر ‏(‏قوله‏:‏ أي عقدا صحيحا‏)‏ الأنسب حذف قوله صحيحا كما فعل في البحر والنهر ولذا قال ح‏:‏ لا ثمرة لهذا القيد فيما إذا تزوجهما في عقد واحد فإنه لا يكون صحيحا قطعا، ولا فيما إذا تزوجهما على التعاقب، وكان نكاح الأولى صحيحا فإن نكاح الثانية والحالة هذه باطل قطعا نعم له ثمرة فيما إذا تزوج الأولى فاسدا فإن له حينئذ أن يعقد على الثانية ويصدق عليه أنه جمع بينهما نكاحا ونكاح الأولى، وإن كان فاسدا يسمى نكاحا كما شاع في عباراتهم له ‏(‏قوله‏:‏ وعدة‏)‏ معطوف على نكاحا منصوب مثله على التمييز ‏(‏قوله‏:‏ ولو من طلاق بائن‏)‏ شمل العدة من الرجعي، أو من إعتاق أم ولد خلافا لهما أو من تفريق بعد نكاح فاسد، وأشار إلى أن من طلق الأربع لا يجوز له أن يتزوج امرأة قبل انقضاء عدتهن، فإن انقضت عدة الكل معا جاز له تزوج أربع، وإن واحدة فواحدة بحر‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

ماتت امرأته له التزوج بأختها بعد يوم من موتها كما في الخلاصة عن الأصل، وكذا في المبسوط لصدر الإسلام والمحيط للسرخسي والبحر والتتارخانية وغيرها من الكتب المعتمدة، وأما ما عزي إلى النتف من وجوب العدة فلا يعتمد عليه وتمامه في كتابنا تنقيح الفتاوى الحامدية ‏(‏قوله‏:‏ بملك يمين‏)‏ متعلق بوطء، واحترز بالجمع وطء عن الجمع ملكا من غير وطء فإنه جائز كما في البحر ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بين امرأتين‏)‏ يرجع إلى الجمع نكاحا وعدة ووطئا بملك يمين ط أي في عبارة المصنف أما على عبارة الشارح فهو متعلق بالأخير ‏(‏قوله‏:‏ أيهما فرضت إلخ‏)‏ أي أية واحدة منهما فرضت ذكرا لم يحل للأخرى كالجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، والجمع بين الأم والبنت نسبا أو رضاعا، وكالجمع بين عمتين أو خالتين كأن يتزوج كل من رجلين أم الآخر، فيولد لكل منهما بنت فيكون كل من البنتين عمة الأخرى، أو يتزوج كل منهما بنت الآخر ويولد لهما بنتان، فكل من البنتين خالة الأخرى كما في البحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أبدا‏)‏ قيد به تبعا للبحر وغيره لإخراج ما لو تزوج أمة ثم سيدتها فإنه يجوز؛ لأنه إذا فرضت الأمة ذكرا لا يصح له إيراد العقد على سيدته، ولو فرضت السيدة ذكرا لا يحل له إيراد العقد على أمته إلا في موضع الاحتياط كما يأتي لكن هذه الحرمة من الجانبين مؤقتة إلى زوال ملك اليمين، فإذا زال فأيتهما فرضت ذكرا صح إيراد العقد منه على الأخرى، فلذا جاز الجمع بينهما واحتيج إلى إخراج هذه الصورة من القاعدة المذكورة بقيد الأبدية لكن هذا بناء على أن المراد من عدم الحل في قوله أيتهما فرضت ذكرا لم تحل للأخرى عدم حل إيراد العقد، أما لو أريد به عدم حل الوطء لا يحتاج في إخراجها إلى قيد الأبدية؛ لأنها خارجة بدونه فإنه لو فرضت السيدة ذكرا يحل له وطء أمته أفاده ح ‏(‏قوله‏:‏ «لا تنكح المرأة على عمتها»‏)‏ تمامه «ولا على خالتها ولا ابنة أخيها ولا على ابنة أختها» ‏(‏قوله‏:‏ وهو مشهور‏)‏ فإنه ثابت في صحيحي مسلم وابن حبان، ورواه أبو داود والترمذي والنسائي، وتلقاه الصدر الأول بالقبول من الصحابة والتابعين ورواه الجم الغفير منهم أبو هريرة وجابر وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وأبو سعيد الخدري فيصلح مخصصا لعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأحل لكم ما وراء ذلكم‏}‏ مع أن العموم المذكور مخصوص بالمشركة والمجوسية وبناته من الرضاعة، فلو كان من أخبار الآحاد جاز التخصيص به غير متوقف على كونه مشهورا‏.‏ والظاهر أنه لا بد من ادعاء الشهرة لأن الحديث موقعه النسخ لا التخصيص؛ لأن ‏{‏ولا تنكحوا المشركات‏}‏ ناسخ لعموم ‏{‏وأحل لكم‏}‏ إذ لو تقدم لزم نسخه بالآية فلزم حل المشركات، وهو منتف أو تكرار النسخ وهو خلاف الأصل بيان الملازمة أنه يكون السابق حرمة المشركات، ثم ينسخ بالعام، وهو ‏{‏أحل لكم ما وراء ذلكم‏}‏ ثم يجب تقدير ناسخ آخر لأن الثابت الآن الحرمة فتح وبه اندفع ما في العناية من أن شرط التخصيص المقارنة عندنا وليست بمعلومة‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

ما ذكره من الدليل لا يكفي لإثبات عموم القاعدة من حرمة الجمع بين جميع المحارم، فإن الجمع بينهن حرام؛ لإفضائه إلى قطع الرحم لوقوع التشاجر عادة بين الضرتين، والدليل على اعتباره ما ثبت في الحديث برواية الطبراني، وهو قوله‏:‏ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم‏}‏ وتمامه في الفتح‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

عن هذا أجاب الرملي الشافعي عن الجمع بين الأختين في الجنة بأنه لا مانع منه؛ لأن الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما، وعلة التباغض وقطيعة الرحم منتفية في الجنة إلا الأم والبنت‏.‏ ا هـ‏.‏ أي لعلة الجزئية فيهما وهي موجودة في الجنة أيضا بخلاف نحو الأختين ‏(‏قوله‏:‏ أو أمة ثم سيدتها‏)‏ الأولى عدم ذكر هذه الصورة لما علمت من أن إخراجها من القاعدة بقيد الأبدية مبني على أن المراد من عدم الحل، عدم حل إيراد العقد، وهو ثابت من الطرفين كما قررناه فينافي قوله الآتي لم يحرم ولو أريد بعدم الحل عدم حل الوطء صح قوله‏:‏ لم يحرم، لكنه يستغنى عن قيد الأبدية ولعله أشار إلى أن جواز الجمع بينهما ثابت على كل من التقديرين فافهم‏.‏ قال ح‏:‏ وأشار بثم إلى أنه لو تزوجهما في عقد لم يصح نكاح واحدة ولو تزوجها في عقدين والسيدة مقدمة لم يصح نكاح الأمة كما قدمناه أول الفصل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لم يحرم‏)‏ أي التزوج في الصور الثلاث؛ لأن الذكر المفروض في الأولى يصير متزوجا بنت الزوج وهي بنت رجل أجنبي وفي الثانية يصير متزوجا امرأة أجنبية وفي الثالثة يصير واطئا لأمته‏.‏ ‏(‏وقوله‏:‏ بخلاف عكسه‏)‏ هو ما إذا فرضت بنت الزوج أو أم الزوج أو الأمة ذكرا حيث تحرم الأخرى لأنه في الأولى يصير ابن الزوج فلا تحل له موطوءة أبيه، وفي الثانية يصير أبا الزوج، فلا تحل له امرأة ابنه وفي الثالثة يصير عبدا فلا تحل له سيدته‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن تزوج إلخ‏)‏ قيد بالتزوج؛ لأنه لو اشترى أخت أمته الموطوءة جاز له وطء الأولى وليس له وطء الثانية ما لم يحرم الأولى على نفسه، ولو وطئها أثم ثم لا يحل له وطء واحدة منهما، حتى يحرم الأخرى، ويكون النكاح صحيحا؛ لأنه لو كان فاسدا لا تحرم عليه الموطوءة ما لم يدخل بالمنكوحة؛ لوجود الجمع حقيقة، وأطلق في الأخت المتزوجة فشمل الحرة والأمة، وأطلق في الأمة فشمل أم الولد وقيد بكونها موطوءة؛ لأن بدونه يجوز له وطء المنكوحة كما يأتي؛ لأن الموقوفة ليست بموطوءة حكما فلم يصر جامعا بينهما وطئا لا حقيقة، ولا حكما وأشار إلى أنه لو لم يدخل بالمنكوحة، حتى لو اشترى أختها لا يطأ المشتراة؛ لأن المنكوحة موطوءة حكما كذا أفاده في البحر وأراد بأخت الأمة من ليس بينهما جزئية احترازا عن أمها أو بنتها؛ لأن وطء إحداهما يحرم الأخرى أبدا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ حتى يحرم‏)‏ أي على نفسه كما وقع في عبارتهم والمتبادر منه أنه بالضم والتشديد من المزيد، ويعلم منه دلالة حكم الحرمة بدون فعله كموت إحداهما أو ردتها لحصول المقصود، ولو قرئ بالفتح والتخفيف صح وشمل ذلك منطوقا، ولكنه غير لازم لما علمت فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ حل استمتاع‏)‏ من إضافة الصفة إلى الموصوف أي يحرم الاستمتاع الحلال أفاده ط، أو الإضافة بيانية أي يحرم شيئا حلالا هو استمتاع أفاده الرحمتي وبه اندفع أن الحل والحرمة من صفات فعل المكلف كالاستمتاع فلا يصح وصف أحدهما بالآخر فافهم ‏(‏قوله‏:‏ بسبب ما‏)‏ فتحريم المنكوحة بالطلاق والخلع والردة مع انقضاء العدة قهستاني، والمملوكة يبيعها كلا أو بعضا، وإعتاقها كذلك وهبتها مع التسليم، وكتابتها وتزويجها بنكاح صحيح، بخلاف الفاسد إلا إذا دخل بها الزوج فإنها؛ لوجوب العدة عليها منه تحرم على المالك، فتحل له حينئذ المنكوحة، ولا يؤثر الإحرام والحيض والنفاس والصوم والرهن والإجارة والتدبير؛ لأن فرجها لا يحرم بهذه الأسباب بحر قال في النهر‏:‏ ولم أر في كلامهم ما لو باعها بيعا فاسدا أو وهبها كذلك، وقبضت والظاهر أنه يحل وطء المنكوحة له أي؛ لأن المبيع فاسدا يملك بالقبض وكذا الموهوب فاسدا على المفتى به خلافا لما صححه في العمادية كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في البحر‏:‏ فإن عادت الموطوءة إلى ملكه بعد الإخراج سواء كان بفسخ أو بشراء جديد لم يحل وطء واحدة منهما حتى يحرم الأمة على نفسه بسبب كما كان أو لا ‏(‏قوله‏:‏ لأن للعقد حكم الوطء‏)‏ أورد عليه أنه لو كان كذلك يجب أن لا يصح هذا النكاح كما قاله بعض المالكية، وإلا لزم أن يصير جامعا بينهما وطء حكما؛ لأن الوطء السابق قائم حكما أيضا بدليل أنه لو أراد بيعها يستحب له استبراؤها وهذا اللازم باطل فيلزم بطلان ملزومه وهو صحة العقد، وأجاب عنه في الفتح بأنه لازم مفارق؛ لأن بيده إزالته فلا يضر بالصحة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو لم يكن إلخ‏)‏ محترز قوله قد وطئها ح ‏(‏قوله‏:‏ وطء المنكوحة‏)‏ فإن وطئ المنكوحة حرمت المملوكة حتى يفارق المنكوحة كذا في الاختيار ‏(‏قوله‏:‏ ودواعي الوطء كالوطء‏)‏ حتى لو كان قبل أمته أو مسها بشهوة أو هي فعلت به ذلك، ثم تزوج أختها لا تحل له واحدة منهما حتى يحرم الأخرى رحمتي ‏(‏قوله‏:‏ أو من بمعناهما‏)‏ هو كل امرأتين أيتهما فرضت ذكرا لم تحل له للأخرى ح، ولا حاجة إلى هذه الزيادة للاستغناء عنها بقول المصنف بعد، وكذا الحكم في كل ما جمعهما من المحارم ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ونسي الأول‏)‏ فلو علم الصحيح والثاني باطل، وله وطء الأولى لا أن يطأ الثانية فتحرم الأولى إلى انقضاء عدة الثانية كما لو وطئ أخت امرأته بشبهة حيث تحرم امرأته أنه ما لم تنتقض عدة ذات الشبهة ح عن البحر‏.‏ وقال في شرح درر البحار‏:‏ قيد بالنسيان إذ الزوج لو عين إحداهما بالفعل بدخوله بها أو ببيان أنها سابقة قضى بنكاحها؛ لتصادقهما، وفرق بينه وبين الأخرى ولو دخل بإحداهما، ثم بين أن الأخرى سابقة يعتبر البيان إذ الدلالة لا تعارض الصريح‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في الشرنبلالي عن شرح المجمع ‏(‏قوله‏:‏ فرق القاضي بينه وبينهما‏)‏ يعني يفترض عليه أن يفارقهما فإن لم يفارقهما وجب على القاضي إن علم أن يفرق بينه وبينهما دفعا للمعصية بحر، لكن في الفتاوى الهندية عن شرح الطحاوي‏:‏ ولو تزوجهما في عقدين ولا يدري أيتهما أسبق فإنه يؤمر الزوج بالبيان فإن بين فعلى ما بين، وإن لم يبين فإنه لا يتحرى في ذلك، ويفرق بينه وبينهما‏.‏ ا هـ‏.‏ ح قلت لا منافاة بينهما؛ لأن بيان الزوج مبني على علمه بالأسبق لما ذكرناه عن شرح الدرر، ولقوله لا يتحرى تأمل‏.‏ وفي النهر‏:‏ وينبغي أن يكون معنى التفريق من الزوج أنه يطلقهما ولم أره‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ويكون طلاقا‏)‏ أي تفريق القاضي المذكور، وظاهر كلام الفتح أنه بحث منه فإنه قال والظاهر أنه طلاق حتى ينقص من طلاق كل منهما طلقة لو تزوجها بعد ذلك وأقره في البحر والنهر ويؤيده أن الزيلعي عبر عن التفريق المذكور بالطلاق وكذا قال الأتقاني في غاية البيان، وتفريق القاضي كالطلاق من الزوج ثم قال في الفتح‏:‏ فإن وقع التفريق قبل الدخول فله أن يتزوج أيتهما شاء للحال، وإن بعده فليس له التزوج بواحدة منهما حتى تنقضي عدتهما، وإن انقضت عدة إحداهما دون الأخرى فله تزوج التي لم تنقض عدتها دون الأخرى كي لا يصير جامعا، وإن وقع بعد الدخول بإحداهما فله أن يتزوجها في الحال دون الأخرى فإن عدتها تمنع من تزوج أختها‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ يعني في مسألة النسيان‏)‏ تقييد لقوله‏:‏ ويكون طلاقا ولقول المصنف ولهما نصف المهر إذ التفريق في الباطل لا يكون طلاقا فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إذ الحكم إلخ‏)‏ بيان للفرق بين المسألتين وذلك أن في مسألة النسيان صح نكاح السابقة دون اللاحقة وتعين التفريق بينهما للجهل، والتي صح نكاحها يجب لها نصف المهر بالتفريق قبل الدخول، ولما جهلت وجب لهما، أما في مسألة تزوجهما معا في عقد واحد فالباطل نكاح كل منهما يقينا، فإذا كان التفريق قبل الدخول فلا مهر لهما ولا عدة عليهما، وإن دخل بهما وجب لكل الأقل من المسمى، ومن مهر المثل كما هو حكم النكاح الفاسد، وعليهما العدة بحر قال‏:‏ وقيد بطلانهما في المحيط بأن لا تكون إحداهما مشغولة بنكاح الغير أو عدته، فإن كانت كذلك صح نكاح الفارغة لعدم تحقق الجمع بينهما كما لو تزوجت امرأة زوجين في عقد واحد وأحدهما متزوج بأربعة نسوة، فإنها تكون زوجة للآخر لأنه لم يتحقق الجمع بين رجلين إذا كانت هي لا تحل لأحدهما‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وهذا‏)‏ أي وجوب نصف المهر لهما في مسألة النسيان ‏(‏قوله‏:‏ متساويين قدرا وجنسا‏)‏ كما إذا كان كل منهما ألف درهم ح ‏(‏قوله‏:‏ وهو مسمى‏)‏ الضمير راجع إلى المهرين بتأويل المذكور ح ‏(‏قوله‏:‏ وادعى كل منهما أنها الأولى‏)‏ أما إذا قالتا لا ندري أي النكاحين أول لا يقضي لهما بشيء؛ لأن المقضي له مجهول، وهو يمنع صحة القضاء، كمن قال لرجلين لأحدهما علي ألف لا يقضي لأحدهما بشيء إلا أن يصطلحا بأن يتفقا على أخذ نصف المهر، فيقضي لهما به وهذا القيد أي دعوى كل منهما زاده أبو جعفر الهندواني وظاهر الهداية تضعيفه لكنه حسن بحر وتمامه فيه ‏(‏قوله‏:‏ ولا بينة لهما‏)‏ مثله ما لو كان لكل منهما بينة على السبق كما في الفتح وغيره‏:‏ أي لتهاترهما‏.‏ قال ح فلو أقامت إحداهما البينة على السبق فنكاحها هو الصحيح، والثاني باطل نظير ما قدمنا في قوله ونسي الأول‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فإن اختلف مهراهما‏)‏ محترز قوله متساويين قدرا وجنسا وهو صادق باختلافهما قدرا فقط، كأن يكون مهر إحداهما وزن ألف درهم من الفضة والأخرى وزن ألفين منها، وجنسا فقط كأن يكون مهر إحداهما وزن ألف درهم من الفضة والأخرى وزن ألف درهم من الذهب، وقدرا وجنسا كأن يكون مهر إحداهما وزن ألف درهم من الفضة والأخرى وزن ألف درهم من الذهب‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فإن علما إلخ‏)‏ اعلم أن هذا التفصيل مأخوذ من الدرر‏.‏ واعترضه محشوه بأنه لم يوجد لغيره والذي وجد في أكثر الكتب أن المسمى لهما إن كان مختلفا يقضى لكل واحدة منهما بربع مهرها المسمى والذي وجد في بعضها أنه يقضى لهما بالأقل من نصفي المهرين المسميين، فلو كان مهر إحداهما مائة درهم والأخرى ثمانين يقضى على القول الأول للأولى بخمسة وعشرين درهما وللثانية بعشرين وعلى الثاني بنصف أقل المهرين المسميين وهو أربعون ثم بنصف بينهما، فيكون لكل منهما عشرون درهما كذا في حاشيته لنوح أفندي‏.‏ وفي شرحه للشيخ إسماعيل أن الاحتياط الثاني وهو الموجود في الكافي والكفاية، معللا بأن فيه يقينا والظاهر أن المصنف أي صاحب الدرر أراد أن يوفق بين القولين بأن الأول فيما إذا كان ما سمي لكل واحدة منهما بعينها معلوما كالخمسمائة لفاطمة والألف لزاهدة والثاني فيما إذا لم يكن معلوما كذلك بأن يعلم أنه سمى لواحدة منهما خمسمائة وللأخرى ألفا إلا أنه نسي تعيين كل منهما، لكن سياق ما في الكافي والكفاية لا يؤدي انحصاره في ذلك، ولذا قيل لو حمل على اختلاف الرواية كان أولى‏.‏ إذا تقرر ذلك علمت أن قول الشارح تبعا للدرر، وإلا فلكل نصف أقل المسميين غير صحيح، كما نبه عليه في الشرنبلالية وغيرها لاقتضائه أن تأخذ مهرا كاملا مع أن الواجب عليه نصف مهر فالصواب ما في بعض نسخ الشرح وهو، وإلا فنصف أقل المسميين لهما وهذا بناء على ما في الدرر من التوفيق وقد علمت ما فيه ‏(‏قوله‏:‏ وإن لم يكن مسمى‏)‏ أي، وإن لم يكن واحد من المهرين مسمى فالواجب متعة، وإذا سمى لإحداهما دون الأخرى فلمن لها المسمى أخذ ربعه والتي لم يسم لها تأخذ نصف المتعة ح، ومثله في شرح الشيخ إسماعيل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وجب لكل واحدة مهر كامل‏)‏ قال في الفتح‏:‏ فلو كان التفريق بعد الدخول وجب، لكل منهما مهرها كاملا، وفي النكاح الفاسد يقضى بمهر كامل وعقر كامل، ويجب حمله على ما إذا اتحد المسمى لهما قدرا وجنسا، أما إذا اختلفا فيتعذر إيجاب عقر إذ ليست إحداهما أولى بجعلها ذات العقر من الأخرى لأنه فرع الحكم بأنها الموطوءة في النكاح الفاسد، هذا مع أن الفاسد ليس حكم الوطء فيه إذا سمى فيه العقر بل الأقل من المسمى، ومهر المثل‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في البحر سوى قوله مع أن الفاسد إلخ، والظاهر أن صاحب الفتح عبر أولا بأنه يجب لكل مهر كامل، ثم بالعقر تبعا لما وقع في كلام غيره، ثم حقق أن الواجب في النكاح الفاسد بعد الوطء هو الأقل من المسمى، ومهر المثل، فعلم أنه المراد بالعقر وفي المغرب العقر صداق المرأة إذا وطئت بشبهة‏.‏ ا هـ‏.‏ ولا يخفى أن الوطء في النكاح الفاسد وطء بشبهة، وقد صرح في الكنز وغيره بأن الواجب في النكاح الفاسد الأقل من المسمى، ومهر المثل، فعلم أن اقتصار البحر على التعبير بالعقر صحيح فافهم‏.‏ والحاصل أنك قد علمت أن أحد النكاحين في مسألة النسيان صحيح والآخر فاسد، وبعد الدخول يجب في الصحيح المسمى، وفي الفاسد العقر أي الأقل من المسمى، ومهر المثل، وحيث لم تعلم صاحبة الصحيح من الفاسد يقسم المهران بالوصف المذكور بينهما فيكون لكل واحدة مهر كامل‏.‏ ثم اعلم أن الصور أربع‏:‏ لأنه إما أن يتحد المسمى لهما أو يختلف، وعلى كل إما أن يتحد مهر مثلهما أيضا أو يختلف، فإن اتحد المسميان والمهران فلا شبهة في أنه يجب لكل منهما مهرها كاملا، وأما إذا اتحد المسميان، واختلف المهران كأن سمى لهند مائة، ومهر مثلها تسعون، ولأختها دعد مائة أيضا، ومهر مثلها ثمانون، فالواجب لذات النكاح الصحيح المسمى وهو مائة ولذات الفاسد العقر، وهو متردد هنا بين التسعين والثمانين، ويتعذر إيجاب أحدهما إذ ليست إحداهما أولى بكونها ذات العقر، فلذا قيد المحشي قول الفتح ويجب حمله أي حمل وجوب المهر كاملا لكل منهما على ما إذا اتحد المسمى لهما بما إذا اتحد مهر مثلهما أيضا، وأما قول الفتح‏:‏ وأما إذا اختلفا أي المسميان فيتعذر إيجاب العقر، ففي إطلاقه نظر لأنه ظاهر فيما إذا اختلف المهران أيضا كأن سمى لهند مائة، ومهر مثلها ثمانون ولدعد تسعين، ومهر مثلها ستون مثلا فهناك تعذر إيجاب العقر وتعذر أيضا إيجاب المسمى؛ لأن إحداهما ليست بأولى من الأخرى بكونها ذات النكاح الصحيح أو ذات النكاح الفاسد حتى نوجب لهما أحد المسميين بعينه، وأحد العقرين بعينه لاختلاف كل منهما وأما إذا اختلف المسميان واتحد المهران كأن سمى لهند مائة ولدعد تسعين، ومهر مثل كل منهما ثمانون فلا يتعذر إيجاب العقر؛ لأنه ثمانون على كل حال، سواء كانت ذات النكاح الفاسد هندا أو دعدا بل يتعذر إيجاب المسمى ثم إنه لم يعلم من كلام الفتح الحكم في الصور الثلاث‏.‏ وقال ط‏:‏ والظاهر أنه عند تعذر إيجاب العقر يجب لكل الأقل من المسمى، ومهر مثلها‏.‏ قلت‏:‏ وفيه نظر لأن ذلك تنقيص لحقهما وترك لبعض المتيقن إذ لا شك أن فيهما ذات نكاح صحيح ولها المسمى كاملا ولا سيما إذا اتحد المسميان، على أنه لم يعلم منه حكم ما إذا لم يتعذر إيجاب العقر، بل الذي يظهر ما قرره شيخنا حفظه الله تعالى، وهو أنه حيث جهل ذات الصحيح منهما وذات الفاسد وكان لإحداهما المسمى وللأخرى العقر أن يأخذ المتيقن ويقتسمان بينهما في الصور الأربع فإذا اتحد كل من المسميين والمهرين يعطيان أحد المسميين وأحد المهرين، وإذا اتحد الأولان فقط يعطيان أحد المسميين وأقل المهرين، وإذا اختلف الأولان فقط يعطيان أقل المسميين وأحد المهرين، وإذا اختلف الأولان والأخيران يعطيان أقل المسميين وأقل المهرين، والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏‏(‏قوله‏:‏ ومنه يعلم حكم دخوله بواحدة‏)‏ يعني أن المدخول بها يجب لها نصف المسمى ونصف الأقل من مهر المثل والمسمى؛ لأنها إن كانت سابقة وجب لها جميع المسمى، وإن كانت متأخرة وجب لها الأقل من مهر المثل والمسمى فتأخذ نصف كل منهما غير المدخول بها يجب لها ربع المسمى؛ لأنها إن كانت سابقة وجب لها نصف المسمى، وإن كانت متأخرة لا يجب لها شيء فيتنصف النصف‏.‏ ا هـ‏.‏ ح قلت‏:‏ وهذا الذي ذكره الشارح مأخوذ من الشرنبلالي، ويجب تقييده بما إذا دخل بإحداهما مع إقراره بأنه لا يعلم أيهما أسبق نكاحا‏.‏ أما لو دخل بإحداهما على وجه البيان فإنه يقضى بنكاحها كما قدمناه عن شرح درر البحار وغيره، وحينئذ فيجب لها جميع المسمى لها ويفرق بينه وبين الأخرى ولا شيء لها؛ لأنه ظهر أنها المتأخرة فيكون نكاحها باطلا، وقد مر أن الباطل لا يجب فيه المهر إلا بالمدخول‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكذا إلخ‏)‏ الأحسن قول الزيلعي وكل ما ذكرنا من الأحكام بين الأختين فهو الحكم بين كل من لا يجوز جمعه من المحارم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وحرم نكاح المولى أمته إلخ‏)‏ أي ولو ملك بعضها وكذا المرأة لو لم تملك سوى سهم واحد منه فتح‏.‏ زاد في الجوهرة‏:‏ وكذا إذا ملك أحدهما صاحبه أو بعضها فسد النكاح، وأما المأذون والمدبر إذا اشتريا زوجتهما لم يفسد النكاح لأنهما لا يملكانهما بالعقد؛ وكذا المكاتب لأنه لا يملكها بالعقد، وإنما يثبت له فيها حق الملك، وكذا قال أبو حنيفة فيمن اشترى زوجته، وهو فيها بالخيار لم يفسد نكاحها على أصله أن خيار المشتري لا يدخل المبيع في ملكه‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏؛ لأن المملوكية إلخ‏)‏ علة المسألتين‏.‏ قال في الفتح‏:‏ لأن النكاح ما شرع إلا مثمرا ثمرات في الملك بين المتناكحين، منها‏:‏ ما تختص هي بملكه كالنفقة والسكنى والقسم والمنع من العزل إلا بإذن، ومنها‏:‏ ما يختص هو بملكه كوجوب التمكين، والقرار في المنزل والتحصن عن غيره، ومنها‏:‏ ما يكون الملك في كل منها مشتركا كالاستمتاع مجامعة، ومباشرة والولد في حق الإضافة، والمملوكية تنافي المالكية فقد نافت لازم عقد النكاح، ومنافي اللازم مناف للملزوم وبه سقط ما قيل يجوز كونها مملوكة من وجه الرق مالكة من وجه النكاح؛ لأن الفرض أن لازم النكاح ملك كل واحد لما ذكرنا على الخلوص، والرق يمنعه ‏(‏قوله‏:‏ نعم لو فعله إلخ‏)‏ يشير إلى أن المراد بالحرمة في قوله وحرم مطلق المنع لا خصوص ما يتبادر منها من المنع على وجه يترتب عليه الإثم، وإلا امتنع فعل الحرام للتنزه عن أمر موهوم في تزويج السيد أمته أو المراد بها نفي وجود العقد الشرعي المثمر لثمراته كما يشير إليه ما مر عن الفتح، وهذا معنى ما في الجوهرة، وكذا في البحر عن المضمرات‏:‏ المراد به في أحكام النكاح من ثبوت المهر في ذمة المولى وبقاء النكاح بعد الإعتاق، ووقوع الطلاق عليها وغير ذلك‏.‏ أما إذا تزوجها متنزها عن وطئها حراما على سبيل الاحتمال فهو حسن؛ لاحتمال أن تكون حرة أو معتقة الغير أو محلوفا عليها بعتقها، وقد حنث الحالف وكثيرا ما يقع لا سيما إذا تداولتها الأيدي‏.‏ ا هـ‏.‏مطلب مهم في وطء السراري اللاتي يؤخذن غنيمة في زماننا

قلت‏:‏ ولا سيما السراري اللاتي يؤخذن غنيمة في زماننا للتيقن بعدم قسمة الغنيمة، فيبقى فيهن حق أصحاب الخمس وبقية الغانمين، وما ذكره الشارح في الجهاد عن المفتي أبي السعود من أنه في زمانه وقع من السلطان التنفيل العام فبعد إعطاء الخمس لا تبقى شبهة في حل وطئهن‏.‏ ا هـ‏.‏ فهو غير مفيد أما أولا فلأن التنفيل العام غير صحيح سواء شرط فيه السلطان أخذ الخمس أو لا؛ لأن فيه إبطال السهام المقدرة كما نص على ذلك الإمام السرخسي في شرح السير الكبير، وأما ثانيا‏:‏ فلأن تنفيل سلطان زمانه ولا يبقى إلى زماننا، وأما ثالثا فلأنه نفى الشبهة بإعطاء الخمس‏.‏ ومن المعلوم في زماننا أن كل من وصلت يده من العسكر إلى شيء يأخذه ولا يعطي خمسه، فينبغي أن يكون العقد واجبا إذا علم أنها مأخوذة من الغنيمة، ولذا قال بعض الشافعية إن وطء السراري اللاتي يجلبن اليوم من الروم والهند والترك حرام‏.‏ وأما قوله‏:‏ في الأشباه بعد نقله ذلك عنه في قاعدة الأصل في الأبضاع التحريم أن هذا ورع لا حكم لازم فإن الجارية المجهولة الحال المرجع فيها إلى صاحب اليد إن كانت صغيرة، وإلى إقرارها إن كانت كبيرة، وإن علم حالها فلا إشكال‏.‏ ا هـ‏.‏ فهذا إنما هو في غير ما علم أنها أخذت من الغنيمة، أما ما علم فيها ذلك ففيها ما ذكرناه لكن قد يقال إنه يحتمل أن يكون باعها الإمام أو أحد من العسكر وأجاز الإمام بيعه، أما بدون ذلك فقد نص في شرح السير الكبير على بيع الغازي سهمه قبل القسمة باطل كإعتاقه لكن العقد عليها لا يرفع الشبهة؛ لأنها إذا كانت غنيمة تكون مشتركة بين الغانمين وأصحاب الخمس فلا يصح تزويجها نفسها، بل الرافع للشبهة شراؤها من وكيل بيت المال أو التصدق بها على فقير ثم شراؤها منه، وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام تحرير هذه المسألة في الجهاد‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وفيه إلخ‏)‏ هذا مأخوذ من الشرنبلالي، وقوله‏:‏ ونحوه أي كعدم القسم لها وعدم إيقاع الطلاق عليها، وعدم ثبوت نسب ولدها بلا دعوى، لكن لا يخفى أن الاحتياط في العقد عليها إنما هو عند احتمال عدم صحة الملك احتمالا قويا ليقع الوطء حلالا بلا شبهة، ولا يلزم من العقد عليها لذلك أن لا يعدها على نفسه خامسة ونحوه، بل نقول ينبغي له الاحتياط في ذلك أيضا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وحرم نكاح الوثنية‏)‏ نسبة إلى عبادة الوثن وهو ما له جثة أي صورة إنسان من خشب أو حجر أو فضة أو جوهر تنحت والجمع أوثان، والصنم صورة بلا جثة هكذا فرق بينهما كثير من أهل اللغة، وقيل لا فرق، وقيل يطلق الوثن على غير الصورة كذا في البناية نهر، وفي الفتح‏:‏ ويدخل في عبدة الأوثان عبدة الشمس والنجوم والصور التي استحسنوها والمعطلة والزنادقة والباطنية والإباحية‏.‏ وفي شرح الوجيز وكل مذهب يكفر به معتقده‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وشمل ذلك الدروز والنصيرية والتيامنة، فلا تحل مناكحتهم، ولا تؤكل ذبيحتهم؛ لأنهم ليس لهم كتاب سماوي وأفاد بحرمة النكاح حرمة الوطء بملك اليمين كما يأتي، والمراد الحرمة على المسلم لما في الخانية‏:‏ وتحل المجوسية والوثنية لكل كافر إلا المرتد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كتابية‏)‏ أطلقه فشمل الحربية والذمية والحرة والأمة ح عن البحر ‏(‏قوله‏:‏ وإن كره تنزيها‏)‏ أي سواء كانت ذمية أو حربية، فإن صاحب البحر استظهر أن الكراهة في الكتابية الحربية تنزيهية فالذمية أولى‏.‏ ا هـ‏.‏ ح قلت‏:‏ علل ذلك في البحر بأن التحريمية لا بد لها من نهي أو ما في معناه؛ لأنها في رتبة الواجب‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه أن إطلاقهم الكراهة في الحربية يفيد أنها تحريمية، والدليل عند المجتهد على أن التعليل يفيد ذلك، ففي الفتح ويجوز تزوج الكتابيات والأولى أن لا يفعل، ولا يأكل ذبيحتهم إلا للضرورة، وتكره الكتابية الحربية إجماعا؛ لافتتاح باب الفتنة من إمكان التعلق المستدعي للمقام معها في دار الحرب، وتعريض الولد على التخلق بأخلاق أهل الكفر، وعلى الرق بأن تسبى وهي حبلى فيولد رقيقا، وإن كان مسلما‏.‏ ا هـ‏.‏ فقوله‏:‏ والأولى أن لا يفعل يفيد كراهة التنزيه في غير الحربية، وما بعده يفيد كراهة التحريم في الحربية تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ مؤمنة بنبي‏)‏ تفسير للكتابية لا تقييد ط ‏(‏قوله‏:‏ مقرة بكتاب‏)‏ في النهر عن الزيلعي‏:‏ واعلم أن من اعتقد دينا سماويا وله كتاب منزل كصحف إبراهيم وشيث وزبور داود فهو من أهل الكتاب فتجوز مناكحتهم وأكل ذبائحهم ‏(‏قوله‏:‏ على المذهب‏)‏ أي خلافا لما في المستصفى من تقييد الحل بأن لا يعتقدوا ذلك ويوافقه ما في مبسوط شيخ الإسلام يجب أن لا يأكلوا ذبائح أهل الكتاب إذا اعتقدوا أن المسيح إله، وأن عزيرا إله، و لا يتزوجوا نساءهم قيل وعليه الفتوى، ولكن بالنظر إلى الدليل ينبغي أنه يجوز الأكل والتزوج‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ وحاصله أن المذهب الإطلاق لما ذكره شمس الأئمة في المبسوط من أن ذبيحة النصراني حلال مطلقا سواء قال بثالث ثلاثة أو لا لإطلاق الكتاب هنا والدليل ورجحه في فتح القدير بأن القائل بذلك طائفتان من اليهود والنصارى انقرضوا لا كلهم مع أن مطلق لفظ الشرك إذا ذكر في لسان الشرع لا ينصرف إلى أهل الكتاب، وإن صح لغة في طائفة أو طوائف لما عهد من إرادته به من عبد مع الله تعالى غيره ممن لا يدعي اتباع نبي وكتاب إلى آخر ما ذكره‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي النهر إلخ‏)‏ مأخوذ من الفتح حيث قال‏:‏ وأما المعتزلة فمقتضى الوجه حل مناكحتهم؛ لأن الحق عدم تكفير أهل القبلة، وإن وقع إلزاما في المباحث، بخلاف من خالف القواطع المعلومة بالضرورة من الدين مثل القائل بقدم العالم ونفي العلم بالجزئيات على ما صرح به المحققون وأقول‏:‏ وكذا القول بالإيجاب بالذات ونفي الاختيار‏.‏ ا هـ‏.‏ وقوله‏:‏ وإن وقع إلزاما في المباحث معناه، وإن وقع التصريح بكفر المعتزلة ونحوهم عند البحث معهم في رد مذهبهم بأنه كفر أي يلزم من قولهم بكذا الكفر، ولا يقتضي ذلك كفرهم؛ لأن لازم المذهب ليس بمذهبهم وأيضا فإنهم ما قالوا ذلك إلا لشبهة دليل شرعي على زعمهم، وإن أخطئوا فيه، ولزمهم المحذور على أنهم ليسوا بأدنى حالا من أهل الكتاب، بل هم مقرون بأشرف الكتب، ولعل القائل بعدم حل مناكحتهم يحكم بردتهم بما اعتقدوه، وهو بعيد؛ لأن ذلك أصل اعتقادهم، فإن سلم أنه كفر لا يكون ردة‏.‏ قال في البحر‏:‏ وينبغي أن من اعتقد مذهبا يكفر به إن كان قبل تقدم الاعتقاد الصحيح فهو مشرك، وإن طرأ عليه فهو مرتد‏.‏ ا هـ‏.‏ وبهذا ظهر أن الرافضي إن كان ممن يعتقد الألوهية في علي، أو أن جبريل غلط في الوحي، أو كان ينكر صحبة الصديق، أو يقذف السيدة الصديقة فهو كافر لمخالفته القواطع المعلومة من الدين بالضرورة، بخلاف ما إذا كان يفضل عليا أو يسب الصحابة فإنه مبتدع لا كافر كما أوضحته في كتابي تنبيه الولاة والحكام عامة أحكام شاتم خير الأنام أو أحد الصحابة الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قيل‏:‏ لا تجوز مناكحة من يقول أنا مؤمن إن شاء الله تعالى لأنه كافر‏.‏ قال في البحر‏:‏ إنه محمول على من يقوله شكا في إيمانه والشافعية لا يقولون بذلك فتجوز المناكحة بيننا وبينهم بلا شبهة‏.‏ ا هـ‏.‏ وحقق ذلك في الفتح بأن الشافعية يريدون به إيمان الموافاة كما صرحوا به، وهو الذي يقبض عليه العبد وهو إخبار عن نفسه بفعل في المستقبل أو استصحابه إليه فيتعلق به قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله‏}‏ غير أنه عندنا خلاف الأولى؛ لأن تعويد النفس بالجزم في مثله ليصير ملكة خير من إدخال أداة التردد في أنه هل يكون مؤمنا عند الموافاة أو لا‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لا عابدة كواكب لا كتاب لها‏)‏ هذا معنى الصابئة المذكورة في المتون على أحد التفسيرين فيها، قال في الهداية‏:‏ ويجوز تزوج الصابئات إن كانوا يؤمنون بدين نبي ويقرون بكتاب؛ لأنهم من أهل الكتاب‏.‏ وإن كانوا يعبدون الكواكب ولا كتاب لهم لم تجز منا مناكحتهم؛ لأنهم مشركون، والخلاف المنقول فيه محمول على اشتباه مذهبهم فكل أجاب على ما وقع عنده‏.‏ وعلى هذا حال ذبيحتهم‏.‏ ا هـ‏.‏ أي الخلاف بين الإمام القائل بالحل، بناء على تفسيره بأن لهم كتابا ولكنهم يعظمون الكواكب كتعظيم المسلم الكعبة، وبين صاحبيه القائلين بعدم الحل بناء على أنهم يعبدون الكواكب‏.‏ قال في الفتح‏:‏ فلو اتفق على تفسيرهم اتفق على الحكم فيهم وقال في البحر‏:‏ وظاهر الهداية أن منع مناكحتهم مقيد بقيدين عبادة الكواكب وعدم الكتاب، فلو كانوا يعبدون الكواكب ولهم كتاب تجوز مناكحتهم، وهو قول بعض المشايخ زعموا أن عبادة الكواكب لا تخرجهم عن كونهم أهل كتاب والصحيح أنهم إن كانوا يعبدونها حقيقة فليسوا أهل كتاب‏.‏ وإن كانوا يعظمونها كتعظيم المسلمين للكعبة فهم أهل كتاب كذا في المجتبى‏.‏ ا هـ‏.‏

فعلى هذا فقول المصنف لا كتاب لها مفهوم له، لكن ما مر من حل النصرانية، وإن اعتقدت المسيح إلها يؤيد قول بعض المشايخ أفاده في النهر ‏(‏قوله‏:‏ والمجوسية‏)‏ نسبة إلى مجوس وهم عبدة النار، وعدم جواز نكاحهم ولو بملك يمين مجمع عليه عند الأئمة الأربعة خلافا لداود بناء على أنه كان لهم كتاب ورفع وتمامه في الفتح ‏(‏قوله‏:‏ هذا ساقط إلخ‏)‏ فيه اعتذار عن تكرار الوثنية ودفع إيهام العطف في المحرمة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو بمحرم‏)‏ المناسب لمحرم باللام؛ لأن النكاح المقدر في المعطوف عليه لا يتعدى بالباء إلا أن يدعي تضمنه معنى التزوج فإنه يتعدى بالباء في لغة قليلة ‏(‏قوله‏:‏ أو مع طول الحرة‏)‏ أي مع القدرة على مهرها ونفقتها وهو بالفتح في الأصل الفضل، ويعدى بعلى، وإلى فطول الحرة متسع فيه بحذف الصلة، ثم الإضافة إلى المفعول على ما أشار إليه المطرزي قهستاني ‏(‏قوله‏:‏ الأصل إلخ‏)‏ قد يناقش فيه بالأمة المملوكة بعد الحرة فإنه يجوز وطؤها ملكا، ولا يجوز أن ينكح الأمة على الحرة ط ‏(‏قوله‏:‏ تحريما في المحرمة وتنزيها في الأمة‏)‏ أما الثاني فهو ما استظهره في البحر من كلام البدائع، ومثله في القهستاني، وأيده بقول المبسوط والأولى أن لا يفعل‏.‏ وأما الأول فهو ما فهمه في النهر من كلام الفتح، وهو فهم في غير محله فإنه في الفتح ذكر دليل المسألة لنا، وهو ما أخرجه الستة عن ابن عباس «تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال» وذكر دليل الأئمة الثلاثة وهو ما أخرجه الجماعة إلا البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا ينكح المحرم ولا ينكح» أي بفتح الياء في الأول وضمها في الثاني مع كسر الكاف، ومن فتحها في الثاني فقد صحف بحر‏.‏ زاد مسلم‏:‏ «ولا يخطب» ثم أجاب بترجيح الأول من وجوه‏.‏ ثم أجاب على تسليم التعارض بحمل الثاني إما على نهي التحريم والنكاح فيه للوطء أو على نهي الكراهية جمعا بين الدلائل، وذلك؛ لأن المحرم في شغل عن مباشرة عقود الأنكحة؛ لأن ذلك يوجب شغل قلبه عن إحسان العبادة لما فيه من خطبة، ومراودات ودعوة واجتماعات، ويتضمن تنبيه النفس بطلب الجماع، وهذا محمل قوله ولا يخطب، ولا يلزم كونه صلى الله عليه وسلم باشر المكروه؛ لأن المعنى المنوط به الكراهة هو عليه الصلاة والسلام منزه عنه، ولا بعد في اختلاف حكم في حقنا وحقه لاختلاف المناط فينا وفيه كالوصال نهانا عنه وفعله‏.‏ ا هـ‏.‏ وحاصله أن لا ينكح إن كان المراد به الوطء فالنهي للتحريم، وهذا قطعي لا شبهة فيه أو العقد فالنهي للكراهية، وما ذكره من الوجه لا يقتضي كراهة التحريم، وإلا حرم تجارة المحرم في الإماء، فإن فيه أيضا شغل القلب وتنبيه النفس للجماع، ويؤيده قوله‏:‏ وهذا محمل قوله‏:‏ ولا يخطب على أنه قد صرح في شرح درر البحار بأن النهي للتنزيه‏.‏ وقول الكنز‏:‏ وحل تزوج الكتابية والصابئة والمحرمة صريح في ذلك فإن المكروه تحريما لا يحل فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لا يصح عكسه‏)‏ أي ولا جمعهما في عقد واحد، بل يصح في الجمع نكاح الحرة لا الأمة كما صرح به الزيلعي وغيره‏.‏ وما في الأشباه في قاعدة إذا اجتمع الحلال والحرام، وأنه يبطل فيهما سبق قلم‏.‏ هذا وحرمة إدخال الأمة على الحرة إذا كان نكاح الحرة صحيحا، فلو دخل بالحرة بنكاح فاسد لا يمنع الأمة شرنبلالية‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

تزوج أمة بلا إذن مولاها ولم يدخل بها حتى تزوج حرة ثم أجاز المولى لم يجز؛ لأن الحل إنما يثبت عند الإجازة فكانت في حكم الإنشاء فيصير متزوجا أمة على حرة، ولو تزوج ابنتها الحرة قبل الإجازة جاز؛ لأن النكاح الموقوف عدم في حق الحل فلا يمنع نكاح غيرها بحر عن المحيط ملخصا ‏(‏قوله‏:‏ ولو أم ولد‏)‏ شمل المدبرة والمكاتبة كما في البحر ‏(‏قوله‏:‏ في عدة حرة‏)‏ من مدخول المبالغة أي ولو في عدة حرة ‏(‏قوله‏:‏ ولو من بائن‏)‏ أشار به إلى خلاف قولهما بجوازه واتفقوا على المنع في الرجعي ‏(‏قوله‏:‏ لبقاء الملك‏)‏ أي ملك نكاح الأمة لأنها لم تخرج بالطلاق الرجعي عن النكاح فالحرة هي الداخلة على الأمة ‏(‏قوله‏:‏ في عقد واحد‏)‏ أي على التسع ح ‏(‏قوله‏:‏ لبطلان الخمس‏)‏ مفاده أنه لو كانت الحرائر أربعا صح فيهن وبطل في الإماء كما في جمع الحرة مع الأمة بعقد واحد، يوضحه ما نقله الرحمتي عن كافي الحاكم أن أصل ذلك أنه ينظر في نكاح الحرائر، فإن كان جائزا لو كن وحدهن أجزأه وأبطلت نكاح الإماء، وإن كان غير جائز أبطلته وأجزت نكاح الإماء إن كان يجوز لو كن وحدهن‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويستفاد منه ما لو كان جملة الحرائر والإماء لم تزد على أربع فإنه يجوز في الحرائر فقط، وهو صريح ما ذكرناه آنفا عند قوله لا يصح عكسه ‏(‏قوله‏:‏ سرية‏)‏ نسبة إلى السر وهو النكاح، والتزم ضم السين كضم الدال في دهرية نسبة إلى الدهر أو إلى السرور لحصوله بها ط ‏(‏قوله‏:‏ خيف عليه الكفر‏)‏ ‏{‏إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين‏}‏ بزازية -، ومقتضاه أن مثله الولاية على التزوج على امرأته، وما فرق به في البحر من أن في الجمع بين الحرائر مشقة بسبب وجوب العدل بينهما بخلاف الجمع بين السراري فإنه لا قسم بينهن مما لا أثر له مع النص نهر أي لأن النص نفي اللوم عن الجهتين‏.‏ وقد يقال‏:‏ إن المتبادر من اللوم على التسري هو اللوم على أصل الفعل بخلاف اللوم على تزوج أخرى، فإن المتبادر منه اللوم على ما يلحقه من خوف الجور لا على أصل الفعل، فيكون عملا بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة‏}‏ فهذا وجه ما فرق به في البحر أخذا من تنصيصهم على اللوم على التسري فقط، والتحقيق أنه إن أراد اللوم على أصل الفعل بمعنى أنك فعلت أمرا قبيحا فهو كافر في الموضعين، وإن كان بمعنى أنك فعلت ما تركه لك أولى لما يلحقك من التعب في النفقة وكثرة العيال، وإضرار الزوجة بالتسري أو بالتزوج عليها ونحو ذلك فلا كفر في الموضعين، وإن لم يلحظ شيئا من المعنيين فلا كفر في الموضعين أيضا، لكن قالوا يخشى عليه الكفر في الأول؛ لأن المتبادر منه اللوم على أصل الفعل دون الثاني لتبادر خلافه كما قلنا، هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم‏.‏ فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لحديث‏:‏ «من رق لأمتي»‏)‏ أي رحمها‏:‏ «رق الله له» أي أثابه وأحسن إليه ط ‏(‏قوله‏:‏ ولو مدبرا‏)‏ مثله المكاتب وابن أم الذي من غير مولاها كما في الغاية ط ‏(‏قوله‏:‏ ويمتنع عليه‏)‏ أي على العبد ولو مكاتبا كما في البحر ‏(‏قوله‏:‏ أصلا‏)‏ أي، وإن أذن له به المولى ‏(‏قوله‏:‏ لأنه لا يملك‏)‏ أي في هذا الباب إلا الطلاق فلا ينافي أنه يملك غيره كالإقرار على نفسه ونحوه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وصح نكاح حبلى من زنى‏)‏ أي عندهما‏.‏ وقال أبو يوسف لا يصح والفتوى على قولهما، كما في القهستاني عن المحيط‏.‏ وذكر التمرتاشي أنها لا نفقة لها وقيل لها ذلك، والأول أرجح؛ لأن المانع من الوطء من جهتها بخلاف الحيض لأنه سماوي بحر عن الفتح ‏(‏قوله‏:‏ حبلى من غير إلخ‏)‏ شمل الحبلى من نكاح صحيح أو فاسد أو وطء شبهة أو ملك يمين، وما لو كان الحبل من مسلم أو ذمي أو حربي ‏(‏قوله‏:‏؛ لثبوت نسبه‏)‏ فهي في العدة ونكاح المعتدة لا يصح ط ‏(‏قوله‏:‏ ولو من حربي‏)‏ كالمهاجرة والمسبية‏.‏ وعن أبي حنيفة أنه يصح وصحح الزيلعي المنع وهو المعتمد‏.‏ وفي الفتح أنه ظاهر المذهب بحر ‏(‏قوله‏:‏ المقر به‏)‏ بكسر القاف أشار به إلى أن ما في الهداية من قوله ولو زوج أم ولده وهي حامل منه فالنكاح باطل محمول على ما إذا أقر به لقوله وهي حامل منه قال في النهر‏:‏ قال في التوشيح‏:‏ فعلى هذا ينبغي أنه لو زوجها بعد العلم قبل اعترافه به أنه يجوز النكاح ويكون نفيا‏.‏ أقول‏:‏ ومن هنا قد علمت أنه لو زوج غير أم ولده وهي حامل يجوز؛ لأنه كان نفيا فيما لا يتوقف على الدعوى ففيما يتوقف عليها أولى‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ودواعيه‏)‏ قال في البحر‏:‏ وحكم الدواعي على قولها كالوطء كما في النهاية‏.‏ ا هـ‏.‏ قال ح‏:‏ والذي في نفقات البحر جواز الدواعي فليحرر‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والذي في النفقات أن زوجة الصغير لو أنفق عليها أبوه ثم ولدت واعترفت أنها حبلى من الزنى لا ترد شيئا من النفقة؛ لأن الحبل من الزنى إن منع الوطء لا يمنع من دواعيه‏.‏ ا هـ‏.‏ فيمكن الفرق بأن ما هنا فيمن كانت حبلى من الزنى ثم تزوجها، وما في النفقات في الزوجة إذا حبلت من الزنى فتأمل‏.‏ ولا يمكن الجواب بأن ما في النفقات على قول الإمام بدليل قول البحر هنا على قولهما؛ لأن الضمير في قولهما يعود إلى أبي حنيفة ومحمد القائلين بصحة النكاح، وأما أبو يوسف فلا يقول بصحته من أصله فافهم ‏(‏قوله‏:‏ متصل بالمسألة الأولى‏)‏ الضمير في متصل عائد على قول المصنف، وإن حرم وطؤها حتى تضع فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إذ الشعر ينبت منه‏)‏ المراد ازدياد نبات الشعر لا أصل نباته، ولذا قال في التبيين والكافي؛ لأن به يزداد سمعه وبصره حدة كما جاء في الخبر‏.‏ ا هـ‏.‏ وهذه حكمته، وإلا فالمراد المنع من الوطء لما في الفتح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره» يعني إتيان الحبلى رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن‏.‏ ا هـ‏.‏ شرنبلالية ‏(‏قوله‏:‏ اتفاقا‏)‏ أي منهما، ومن أبي يوسف، فالخلاف السابق في غير الزاني كما في الفتح وغيره ‏(‏قوله‏:‏ والولد له‏)‏ أي إن جاءت بعد النكاح لستة أشهر مختارات النوازل، فلو لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح، لا يثبت النسب، ولا يرث منه إلا أن يقول هذا الولد مني، ولا يقول من الزنى خانية‏.‏ والظاهر أن هذا من حيث القضاء، أما من حيث الديانة فلا يجوز له أن يدعيه؛ لأن الشرع قطع نسبه منه، فلا يحل له استلحاقه به ولذا لو صرح بأنه من الزنى لا يثبت قضاء أيضا، وإنما يثبت لو لم يصرح لاحتمال كونه بعقد سابق أو بشبهة حملا لحال المسلم على الصلاح، وكذا ثبوته مطلقا إذا جاءت به لستة أشهر من النكاح لاحتمال علوقه بعد العقد، وأن ما قبل العقد كان انتفاخا لا حملا ويحتاط في إثبات النسب ما أمكن‏.‏

مطلب فيما لو زوج المولى أمته

‏(‏قوله‏:‏ ولو زوج أمته إلخ‏)‏ هذا محترز قوله المقر به كما أوضحناه قبل

‏(‏قوله‏:‏ ولا يستبرئها زوجها‏)‏ أي لا استحبابا ولا وجوبا عند هما‏.‏ وقال محمد‏:‏ لا أحب أن يطأها قبل أن يستبرئها؛ لأنه احتمل الشغل بماء المولى فوجب التنزه كما في الشراء هداية‏.‏ وقال أبو الليث قوله‏:‏ أقرب إلى الاحتياط وبه نأخذ بناية ووفق في النهاية بأن محمدا إنما نفى الاستحباب، وهما أثبتا الجواز بدونه فلا معارضة واعترضه في البحر بأنه خلاف ما في الهداية لكن استحسنه في النهر بأنه لا ينبغي التردد في نفس الاستبراء على قول‏.‏ قال وبه يستغنى عن ترجيح قول محمد‏.‏ قلت‏:‏ إذا كان الصحيح وجوب الاستبراء على المولى يسوغ نفي استحبابه عن الزوج لحصول المقصود‏.‏ نعم لو علم أن المولى لم يستبرئها لا ينبغي التردد في استحبابه للزوج، بل لو قيل بوجوبه لم يبعد، ويقربه أنه في الفتح حمل قول محمد لا أحب على أنه يجب لتعليله باحتمال الشغل بماء المولى فإنه يدل على الوجوب وقال فإن المتقدمين كثيرا ما يطلقون أكره هذا في التحريم أو كراهة التحريم وأحب في مقابله‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وأصرح من ذلك قول الهداية لأنه احتمل الشغل بماء المولى فوجب التنزه كما في الشراء‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في مختارات النوازل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بل سيدها‏)‏ أي بل يستبرئها سيدها وجوبا في الصحيح، وإليه مال السرخسي، وهذا إذا أراد أن يزوجها وكان يطؤها، فلو أراد بيعها يستحب، والفرق أنه في البيع يجب على المشتري فيحصل المقصود فلا معنى لإيجابه على البائع‏.‏ وفي المنتقى عن أبي حنيفة أكره أن يبيع من كان يطؤها حتى يستبرئها ذخيرة ‏(‏قوله‏:‏ وله وطؤها بلا استبراء‏)‏ أي عندهما‏.‏ وقال محمد لا أحب له أن يطأها ما لم يستبرئها هداية والظاهر أن الترجيح المار يأتي هنا أيضا ولذا جزم في النهر هنا بالندب إلا أن يفرق بأن ماء الزنى لا اعتبار له‏.‏ بقي لو ظهر بها حمل يكون من الزوج؛ لأن الفراش له، فلا يقال إنه يكون ساقيا زرع غيره، لكن هذا ما لم تلده لأقل من ستة أشهر من وقت العقد، فلو ولدته لأقل لم يصح العقد كما صرحوا به أي لاحتمال علوقه من غير الزنى بأن يكون بشبهة فلا يرد صحة تزوج الحبلى من زنى تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فمنسوخ بآية فانكحوا إلخ‏)‏ قال في البحر بدليل الحديث‏:‏ «أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن امرأتي لا تدفع يد لامس فقال عليه الصلاة والسلام طلقها فقال إني أحبها وهي جميلة فقال عليه الصلاة والسلام استمتع بها» ‏(‏قوله‏:‏ تطليق الفاجرة‏)‏ الفجور العصيان كما في المغرب ‏(‏قوله‏:‏ ولا عليها‏)‏ أي بأن تسيء عشرته أو تبذل له مالا ليخالعها‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إلا إذا خافا‏)‏ استثناء منقطع؛ لأن التفريق حينئذ مندوب بقرينة قوله فلا بأس لكن سيأتي أول الطلاق أنه يستحب لو مؤذية أو تاركة صلاة ويجب لو فات الإمساك بالمعروف فالظاهر أنه استعمل لا بأس عنا للوجوب اقتداء بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به‏}‏ فإن نفي البأس في معنى نفي الجناح فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فما في الوهبانية إلخ‏)‏ تفريع على قوله وله وطؤها بلا استبراء‏.‏ قال المصنف في المنح‏:‏ فإن قلت‏:‏ يشكل على ما تقدم ما في شرح النظم الوهباني من أنه لو زنت زوجته لا يقربها حتى تحيض لاحتمال علوقها من الزنى فلا يسقي ماءه زرع غيره، وصرح الناظم بحرمة وطئها حتى تحيض وتطهر وهو يمنع حمله على قول محمد فإنه إنما يقول بالاستحباب‏.‏ قلت‏:‏ ما ذكره في شرح النظم ذكره في النتف وهو ضعيف‏.‏ قال في البحر‏:‏ لو تزوج بامرأة الغير عالما بذلك ودخل بها لا تجب العدة عليها حتى لا يحرم على الزوج وطؤها وبه يفتى لأنه زنى والمزني بها لا تحرم على زوجها، نعم لو وطئها بشبهة وجب عليها العدة وحرم على الزوج وطؤها، ويمكن حمل ما في النتف على هذا‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والمضمومة إلى محرمة‏)‏ بالتشديد كأن تزوج امرأتين في عقد واحد إحداهما محل والأخرى غير محل لكونها محرما أو ذات زوج أو مشركة؛ لأن المبطل في إحداهما فيتقدر بقدره، بخلاف ما إذا جمع بين حر وعبد وباعهما صفقة واحدة حيث يبطل البيع في الكل لما أنه يبطل بالشروط الفاسدة بخلاف النكاح نهر ‏(‏قوله‏:‏ والمسمى كله لها‏)‏ أي للمحللة عند الإمام نظرا إلى أن ضم المحرمة في عقد النكاح لغو كضم الجدار لعدم المحلية والانقسام من حكم المساواة في الدخول في العقد، ولم يجب الحد بوطء الحرمة؛ لأن سقوطه من حكم صورة العقد لا من حكم انعقاده فليس قوله‏:‏ بعدم الانقسام بناء على عدم الدخول في العقد منافيا لقوله بسقوط الحد لوجود صورة العقد كما توهم، وعندهما يقسم على مهر مثليهما، وتمامه في البحر ‏(‏قوله‏:‏ فلها مهر المثل‏)‏ أي بالغا ما بلغ كما في المبسوط وهو الأصح، وما ذكره في الزيادات من أنه لا يجاوز المسمى فهو قولهما كما في التبيين، وإنما وجب بالغا ما بلغ على ما في المبسوط؛ لأنها لم تدخل في العقد كما قدمناه عن البحر، فلا اعتبار للتسمية أصلا‏.‏ فإن قلت‏:‏ ما الفرق بينهما وبين ما إذا تزوج أختين في عقدة واحدة ودخل بهما حيث أوجبتم لكل منهما الأقل من مهر المثل والمسمى‏؟‏‏.‏ قلت‏:‏ هو أن كل واحدة منهما محل لإيراد العقد عليها، وإنما الممتنع الجمع بينهما فلذلك قلنا بدخولهما في العقد بخلاف ما هنا فإن المحرمة ليست محلا أصلا، والله تعالى الموفق ح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وبطل نكاح متعة، ومؤقت‏)‏ قال في الفتح‏:‏ قال شيخ الإسلام في الفرق بينهما أن يذكر الوقت بلفظ النكاح والتزويج وفي المتعة أتمتع أو أستمتع‏.‏ ا هـ‏.‏ يعني ما اشتمل على مادة متعة‏.‏ والذي يظهر مع ذلك عدم اشتراط الشهود في المتعة وتعيين المدة، وفي المؤقت الشهود وتعيينها، ولا شك أنه لا دليل لهم على تعيين كون المتعة الذي أبيح ثم حرم هو ما اجتمع فيه مادة ‏(‏م ت ع‏)‏ للقطع من الآثار بأنه كان أذن لهم في المتعة، وليس معناه أن من باشر هذا يلزمه أن يخاطبها بلفظ أتمتع ونحوه لما عرف أن اللفظ يطلق ويراد معناه، فإذا قيل تمتعوا فمعناه أوجدوا معنى هذا اللفظ،، ومعناه المشهور أن يوجد عقدا على امرأة لا يراد به مقاصد عقد النكاح من القرار للولد وتربيته، بل إلى مدة معينة ينتهي العقد بانتهائها أو غير معينة بمعنى بقاء العقد ما دام معها إلى أن ينصرف عنها فلا عقد، فيدخل فيه ما بمادة المتعة والنكاح المؤقت أيضا فيكون من أفراد المتعة، وإن عقد بلفظ التزوج وأحضر الشهود‏.‏ ا هـ‏.‏ ملخصا وتبعه في البحر والنهر، ثم ذكر في الفتح أدلة تحريم المتعة وأنه كان في حجة الوداع وكان تحريم تأبيد لا خلاف فيه بين الأئمة وعلماء الأمصار إلا طائفة من الشيعة ونسبة الجواز إلى مالك كما وقع في الهداية غلط، ثم رجح قول زفر بصحة المؤقت على معنى أنه ينعقد مؤبدا ويلغو التوقيت؛ لأن غاية الأمر أن المؤقت متعة وهو منسوخ، لكن المنسوخ معناها الذي كانت الشريعة عليه وهو ما ينتهي العقد فيه بانتهاء المدة، فإلغاء شرط التوقيت أثر النسخ، وأقرب نظير إليه نكاح الشغار وهو أن يجعل بضع كل من المرأتين مهرا للأخرى، فإنه صح النهي عنه وقلنا يصح موجبا لمهر المثل لكل منهما فلم يلزمنا النهي، بخلاف ما لو عقد بلفظ المتعة وأراد النكاح الصحيح المؤبد فإنه لا ينعقد، وإن حضره الشهود؛ لأنه لا يفيد ملك المتعة كلفظ الإحلال فإن من أحل لغيره طعاما لا يملكه فلم يصح مجازا عن معنى النكاح كما مر‏.‏ ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإن جهلت المدة‏)‏ كأن يتزوجها إلى أن ينصرف عنها كما تقدم ح ‏(‏قوله‏:‏ أو طالت في الأصح‏)‏ كأن يتزوجها إلى مائتي سنة وهو ظاهر المذهب وهو الصحيح كما في المعراج؛ لأن التأقيت هو المعين لجهة المتعة بحر ‏(‏قوله‏:‏ وليس منه إلخ‏)‏؛ لأن اشتراط القاطع يدل على انعقاده مؤبدا وبطل الشرط بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو نوى إلخ‏)‏ ؛ لأن التوقيت إنما يكون باللفظ بحر ‏(‏قوله‏:‏ ولا بأس بتزوج النهاريات‏)‏ وهو أن يتزوجها على أن يكون عندها نهارا دون الليل فتح‏.‏ قال في البحر‏:‏ وينبغي أن لا يكون هذا الوطء لازما عليها ولها أن تطلب المبيت عندها ليلا لما عرف في باب القسم‏.‏ ا هـ‏.‏ أي إذا كان لها ضرة غيرها، وشرط أن يكون في النهار عندها وفي الليل عند ضرتها، أما لو لا ضرة لها فالظاهر أنه ليس لها الطلب، خصوصا إذا كانت صنعته في الليل كالحارس بل سيأتي في القسم عن الشافعية أن نحو الحارس يقسم بين الزوجات نهارا واستحسنه في النهر ‏(‏قوله‏:‏ ويحل له إلخ‏)‏ وكذا يحل لها تمكينه من الوطء، نعم الإثم في الإقدام على الدعوى الباطلة كما في البحر، وثبوت الحل مبني على قول الإمام بنفوذ القضاء بهذا النكاح باطنا، وكذا ينفذ ظاهرا اتفاقا فتجب النفقة والقسم وغير ذلك ‏(‏قوله‏:‏ عند قاض‏)‏ هل المحكم مثله ليحرر ط‏.‏ قلت‏:‏ الظاهر نعم؛ لأنهم إنما فرقوا بينهما في أنه لا يحكم بقصاص وحدودية على عاقلة ‏(‏قوله‏:‏ بنكاح صحيح‏)‏ احترز به عن الفاسد؛ لأنه لا يفيد حل الوطء ولو صدر حقيقة ط ‏(‏قوله‏:‏ خالية عن الموانع‏)‏ تفسير لكونها محلا للإنشاء والموانع مثل كونها مشركة أو محرما له أو زوجة الغير أو معتدته ح ‏(‏قوله‏:‏ وقضى القاضي بنكاحها‏)‏ ويشترط؛ لنفاذ القضاء باطنا عند الإمام حضور شهود عند قوله قضيت، وبه أخذ عامة المشايخ، وقيل‏:‏ لا لأن العقد ثبت مقتضى صحة قضائه في الباطن، وما ثبت مقتضى صحة الغير لا يثبت بشرائطه كالبيع في قوله أعتق عبدك عني بألف، وفي الفتح أنه الأوجه ويدل عليه إطلاق المتون بحر قلت‏:‏ لكن ذكر في البحر في كتاب القاضي إلى القاضي أن المعتمد الأول ‏(‏قوله‏:‏ ولم يكن إلخ‏)‏ الجملة حالية ‏(‏قوله‏:‏ خلافا لهما‏)‏ راجع للمسألتين، وهذا بناء على أنه ينفذ القضاء باطنا عندهما بشهادة الزور، ولو في العقود والفسوخ؛ لأن القاضي أخطأ الحجة إذ الشهود كذبة، وله أن الشهود صدقة عنده، وهو الحجة لتعذر الوقوف على حقيقة الصدق، وأمكن تنفيذ القضاء باطنا بتقديم النكاح فينفذ قطعا للمنازعة‏.‏ وطعن فيه بعض المغاربة بأنه يمكنه قطع المنازعة بالطلاق، فأجابه الأكمل بأنك إن أردت الطلاق غير المشروع فلا يعتبر أو المشروع ثبت المطلوب، إذ لا يتحقق إلا في نكاح صحيح وتعقبه تلميذه قارئ الهداية بأن له أن يريد غير المشروع ليكون طريقا لقطع المنازعة‏.‏ وتعقبهما تلميذه ابن الهمام بأن الحق التفصيل وهو أنه يصلح لقطع المنازعة إن كانت هي المدعية أما لو كان هو المدعي فلا يمكنها التخلص منه إلا بالنفاذ باطنا مع أن الحكم أعم من دعواها أو دعواه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وبقولهما يفتى‏)‏ قال الكمال وقول الإمام أوجه واستدل له بدلالة الإجماع على أن من اشترى جارية ثم ادعى فسخ بيعها كذبا وبرهن فقضى للبائع وطؤها واستخدامها مع علمه بكذب دعوى المشتري مع أنه يمكنه التخلص بالعتق، وإن كان فيه إتلاف ماله، فإنه ابتلي ببليتين فعليه أن يختار أهونهما وذلك ما يسلم له فيه دينه‏.‏ ا هـ‏.‏ وللعلامة قاسم رسالة في هذه المسألة أطال فيها الاستدلال لقول الإمام فراجعها‏.‏ قلت‏:‏ وحيث كان الأوجه قول الإمام من حيث الدليل على ما حققه في الفتح وفي تلك الرسالة فلا يعدل عنه لما تقرر أنه لا يعدل عن قول الإمام إلا لضرورة أو ضعف دليله كما أوضحناه في منظومة رسم المفتي وشرحها قوله‏:‏ وحل للشاهد‏)‏ وكذا لغيره بالأولى لعدم علمه بحقيقة الحال ‏(‏قوله‏:‏ لا تحل لهما‏)‏ أي للزوج المقضي عليه والزوج الثاني‏.‏ أما الثاني فظاهر بناء على أن القضاء بالزور لا ينفذ باطنا عندهما، وأما الأول فلأن الفرقة، وإن لم تقع باطنا لكن قول أبي حنيفة أورث شبهة؛ ولأنه لو فعل ذلك كان زانيا عند الناس فيجدونه كذا في رسالة العلامة قاسم ‏(‏قوله‏:‏ ما لم يدخل الثاني‏)‏ فإذا دخل بها حرمت على الأول لوجوب العدة كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة بحر ‏(‏قوله‏:‏ وهي‏)‏ أي هذه المسائل الثلاث ‏(‏قوله‏:‏ كما سيجيء‏)‏ أي في كتاب القضاء ‏(‏قوله‏:‏ والنكاح لا يصح تعليقه بالشرط‏)‏ المراد أن النكاح المعلق بالشرط لا يصح لا ما يوهمه ظاهر العبارة من أن التعليق يلغو ويبقى العقد صحيحا كما في المسألة الآتية، وهذا منشأ توهم الدرر الآتي ‏(‏قوله‏:‏ لتعليقه بالخطر‏)‏ بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة ما يكون معدوما يتوقع وجوده‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله‏:‏ فما في الدرر‏)‏ حيث قال‏:‏ لا يصح تعليق النكاح بالشرط مثل أن يقول لبنته إن دخلت الدار زوجتك فلانا وقال فلان تزوجتها فإن التعليق لا يصح، وإن صح النكاح ‏(‏قوله‏:‏ فيه نظر‏)‏ لأنه صرح بعدم صحة النكاح المعلق في الفتح والخلاصة والبزازية عن الأصل والخانية والتتارخانية وفتاوى أبي الليث وجامع الفصولين والقنية ولعله اشتبه عليه النكاح المعلق على شرط بالنكاح المشروط معه شرط فاسد وبينهما فرق واضح شرنبلالية‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كتزوجتك‏)‏ بفتح كاف الخطاب ‏(‏قوله‏:‏ لم يصح‏)‏ كلام المتن غنى عنه ‏(‏قوله‏:‏ ولكن لا يبطل إلخ‏)‏ لما كان يتوهم أنه لا فرق بين النكاح المعلق بالشرط الفاسد والمقرون بالشرط الفاسد كما وقع لصاحب الدور أتى بالاستدراك، وإن كان الثاني مسألة مستقلة، ولذا قال الشارح بعده بخلاف ما لو علقه بالشرط، وفيه تنبيه على منشأ وهم الدرر فافهم ‏(‏قوله‏:‏ يعني لو عقد‏)‏ أتى بالعناية لإيهام كلام المصنف أن هذا من تتمة المسألة الأولى مع أنه مسألة مستقلة، وإنما أتى في أولها بالاستدراك للتنبيه المار‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ مع الشرط فاسد‏)‏ كما إذا قال تزوجتك على أن لا يكون لك مهر فيصح النكاح ويفسد الشرط ويجب مهر المثل ‏(‏قوله‏:‏ إلا أن يعلقه‏)‏ استثناء من قوله لا يصح تعليقه بالشرط ‏(‏قوله‏:‏ ماض‏)‏ أي مستمر إلى الحال، وقيد به احترازا عن تعليقه بمستقبل كائن لا محالة كمجيء الغد، وقوله‏:‏ كائن، وإن كان اسم فاعل وهو حقيقة في المتلبس بالفعل في الحال لكنه يستعمل بالمعنى الثاني فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكذا إلخ‏)‏ عطف على قوله إلا أن يعلقه، ومثاله ما في المنح عن الفصول العمادية‏:‏ لو قال تزوجتك بألف درهم إن رضي فلان اليوم، فإن كان فلان حاضرا فقال رضيت جاز النكاح استحسانا، وإن كان غير حاضر لم يجز‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وعممه المصنف بحثا‏)‏ حيث قال بعد نقل كلام العمادية‏:‏ وينبغي أن يجري هذا التفصيل في مسألة التعليق برضا الأب إذ لا فرق بينهما فيما ظهر‏.‏ ا هـ‏.‏ أي لا فرق بين إن رضي أبي أو إن رضي فلان في التفصيل فيهما‏.‏ قلت‏:‏ بل إذا جاز التعليق برضا فلان الأجنبي الحاضر يجوز تعليقه برضا الأب بالأولى؛ لأن الأب له ولاية في الجملة، وله حق الاعتراض لو الزوج غير كفء، وله كمال الشفقة فيختار لها المناسب فكيف يقال بالجواز في الأجنبي دون الأب على أنه قد نص على هذا التفصيل في مسألة الأب أيضا في الظهيرية حيث قال‏:‏ لو كان الأب حاضرا في المجلس فقبل جاز فما بحثه المصنف موافق للمنقول ‏(‏قوله‏:‏ لكن في النهر‏)‏ استدراك على ما بحثه المصنف‏.‏ وعبارة النهر بعد أن ذكر كلام الظهيرية، وهو مشكل والحق في ما في الخانية‏.‏ ا هـ‏.‏ والذي في الخانية هو قوله‏:‏ تزوجتك إن أجاز أبي أو رضي فقالت قبلت لا يصح؛ لأنه تعليق والنكاح لا يحتمل التعليق‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ الظاهر حمل ما في الخانية على ما إذا كان الأب غير حاضر في المجلس، أو على أن ذلك هو القياس؛ لأنه في الخانية ذكر بعد ذلك مسألة التعليق برضا فلان فقال إن كان فلان حاضرا في المجلس ورضي جاز استحسانا، وإلا فلا، وإن رضي‏.‏ ا هـ‏.‏ وبما قلنا يحصل التوفيق بين كلاميه ما لم يثبت الفرق بين الأب وغيره، وقد علمت من عبارة الظهيرية عدمه وأن الجواز في الأب ثابت بالأولى ولم نر أحدا صرح بتصحيح خلاف هذا حتى يتبع فافهم‏.‏