فصل: تابع باب المهر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


تابع باب المهر

‏[‏تنبيه‏]‏

حاصل هذه المسألة أن المسمى إذا كان من غير النقود بأن كان عرضا أو حيوانا إما أن يكون معينا بإشارة أو إضافة فيجب بعينه أو لا يكون معينا؛ فإن كان غير مكيل وموزون، فإن جهل نوعه كدابة أو ثوب فسدت التسمية ووجب مهر المثل، وإن علم نوعه وجهل وصفه كفرس أو ثوب هروي أو عبد صحت التسمية وتخير بين الوسط أو قيمته وكذلك لو علم وصف الثوب على ظاهر الرواية‏.‏ وعلى ما مر أنه الأصح يتعين الوسط لأنه يجب في الذمة كالسلم، بخلاف الحيوان فإنه لا يجب في الذمة في السلم؛ وإن كان مكيلا أو موزونا، فإن علم نوعه ووصفه كإردب قمح جيد خال من الشعير صعيدي تعين المسمى وصار كالعرض المشار إليه لأنه يثبت في الذمة حالا كالقرض ومؤجلا كالسلم، وإن لم يعلم وصفه تخير الزوج بين الوسط أو قيمته كما في ذكر الفرس أو الحمار، هذا خلاصة ما في الاختيار والفتح والبحر‏.‏

مطلب تزوجها على عشرة دراهم وثوب

لكن يشكل ما في الخانية‏:‏ لو تزوجها على عشرة دراهم وثوب ولم يصفه كان لها عشرة دراهم، ولو طلقها قبل الدخول بها كان لها خمسة دراهم إلا أن تكون متعتها أكثر من ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ وبهذا علم أن وجوب مهر المثل فيما إذا سمى مجهول الجنس إنما هو فيما إذا لم يكن معه مسمى معلوم، لكن ينبغي على هذا أن لا ينظر إلى المتعة أصلا لأن المسمى هنا عشرة فقط وذكر الثوب لغو بدليل أنه لم يكمل لها مهر المثل قبل الطلاق ا هـ‏.‏ وأجاب الخير الرملي بأن الثوب محمول على العدة والتبرع كما جرت به العادة غير داخل في التسمية، إذ لو دخل لأوجب فسادها لفحش الجهالة‏.‏ وقال في فتاواه الخيرية‏:‏ إنه زاغ فهم صاحب البحر وأخيه في جعل الثوب لغوا ولا حول ولا قوة إلا بالله‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت حمله على العدة والتبرع هو بمعنى إلغائه في التسمية‏.‏ ووجه إشكال هذا الفرع أن الثوب إن لم يدخل في التسمية لزم أن يجب لها نصف المسمى بالطلاق قبل الدخول بلا نظر إلى المتعة لصحة تسمية العشرة وإن دخل فيها ينبغي أن يعطى حكم ما لو تزوجها على ألف وكرامتها أو يهدي لها هدية، فقد صرح في النهر بأنه في المبسوط بعد أن ذكر عبارة محمد‏:‏ لو تزوجها على ألف وكرامتها أو يهدي لها هدية فلها مهر مثلها لا ينقص عن الألف‏.‏ قال هذه المسألة على وجهين‏:‏ إن أكرمها وأهدى لها هدية فلها المسمى، وإلا فمهر المثل ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ فهو مثل ما لو تزوجها بألف على أن لا يخرجها أو لا يتزوج عليها كما قدمناه، وبه صرح في الهداية وغاية البيان‏.‏ وفي البدائع‏:‏ لو شرط مع المسمى شيئا مجهولا كأن تزوجها على ألف درهم وأن يهدي لها هدية ثم طلقها قبل الدخول فلها نصف المسمى لأنه إذا لم يف بالكرامة والهداية يجب تمام مهر المثل ومهر المثل لا مدخل له في الطلاق قبل الدخول ا هـ‏.‏ لكن قال في الاختيار‏:‏ ولو تزوجها على ألف وكرامتها فلها مهر المثل لا ينقص عن ألف لأنه رضي بها، وإن طلقها قبل الدخول لها نصف الألف لأنه أكثر من المتعة‏.‏ ا هـ‏.‏ ونقل نحوه في البحر عن الولوالجية والمحيط، واعترض به على ما مر من إيجاب المسمى بأن الهدية والإكرام مجهولتان، ولا يمكن الوفاء بالمجهول بل تفسد التسمية فيجب مهر المثل‏.‏ وقد أجبت عنه فيما علقته على البحر بما حاصله إنه يمكن حمل ما في الاختيار على ما إذا لم يكرمها أما إذا أكرمها فلها المسمى وهذا عين ما حمل عليه في المبسوط كلام محمد، ومشى عليه في الهداية وغاية البيان والبدائع كما مر، وجهالة الهداية والإكرام ترتفع بعد وجودها‏.‏ والظاهر كما في النهر أنه يكفي هنا أدنى ما يعد إكراما وهدية ا هـ‏.‏ فإذا لم يكرمها بشيء بقيت التسمية مجهولة لعدم رضا المرأة بالألف وحده فيجب مهر المثل وكذا إذا طلقها قبل الدخول تقرر الفساد فوجبت المتعة كما هو الحكم عند عدم التسمية أو عند فسادها، وإنما أطلق في البدائع لزوم نصف الألف لأنه في العادة أكثر من المتعة كما علمته من كلام‏.‏ الاختيار، وهو نظير ما مر في مسألة الأوكس فقد حصل بما ذكرنا التوفيق بين كلامهم، ويتعين حمل ما في الخانية عليه أيضا، وذلك بأن يقيد بما إذا كان مهر مثلها عشرة دراهم ولم يدفع لها ثوبا فحينئذ تجب لها العشرة لأنها مهر المثل وهو الواجب عند فساد التسمية وتجب المتعة بالطلاق قبل الدخول وأما دعوى الرملي إلغاء ذكر الثوب لجهالته فلا تصح لأن جهالة الإكرام والهداية أفحش من جهالة الثوب لأن الإكرام تحت أجناس الثياب والحيوان والعروض والعقار والنقود والمكيل والموزون ومع هذا لم يلغوه، فعدم إلغاء الثوب بالأولى‏.‏ وأيضا يشكل على إلغائه اعتبار المتعة‏.‏ وعلى ما قررناه لا إشكال، والله أعلم بحقيقة الحال‏.‏مطلب مسألة دراهم النقش والحمام ولفافة الكتاب ونحوهما

ونظير ما في الخانية ما هو معروف بين الناس في زماننا من أن البكر لها أشياء زائدة على المهر‏:‏ منها ما يدفع قبل الدخول كدراهم للنقش والحمام وثوب يسمى لفافة الكتاب وأثواب أخر يرسلها الزوج ليدفعها أهل الزوجة إلى القابلة وبلانة الحمام ونحوها‏.‏ ومنها ما يدفع بعد الدخول كالإزار والخف والمكعب وأثواب الحمام، وهذه مألوفة معروفة بمنزلة المشروط عرفا؛ حتى لو أراد الزوج أن لا يدفع ذلك يشترط نفيه وقت العقد أو يسمي في مقابلته دراهم معلومة يضمها إلى المهر المسمى في العقد، وقد سئل عنها في الخيرية فأجاب بما حاصله أن المقرر في الكتب من أن المعروف كالمشروط يوجب إلحاق ما ذكر بالمشروط، وإن علم قدره لزم كالمهر وإلا وجب مهر المثل لفساد التسمية إن ذكر أنه من المهر، وإن ذكر على سبيل العدة فهو غير لازم بالكلية، والذي يظهر الأخير، وما في الخانية صريح فيه ثم ذكر عبارة الخانية المارة وما تقدم من اعتراضه على البحر‏:‏ وأنت خبير بأن هذه المذكورات تعتبر في العرف على وجه اللزوم على أنها من جملة المهر، غير أن المهر منه ما يصرح بكونه مهرا ومنه ما يسكت عنه بناء على أنه معروف لا بد من تسليمه، بدليل أنه عند عدم إرادة تسليمه لا بد من اشتراط نفيه أو تسمية ما يقابله كما مر، فهو بمنزلة المشروط لفظا فلا يصح جعله عدة وتبرعا، وكون كلام الخانية صريحا فيه قد علمت ما يناقضه وينافيه‏.‏ وقد رأيت في الملتقط التصريح بلزومه كما قلنا حيث ذكر في مسألة منع المرأة نفسها حتى تقبض المهر فقال‏:‏ ثم إن شرط لها شيئا معلوما من المهر معجلا فأوفاها ذلك ليس لها أن تمنع نفسها، وكذلك المشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر على ما هو عادة أهل سمرقند، وإن شرطوا أن لا يدفع شيء من ذلك لا يجب، وإن سكتوا لا يجب إلا من صدق العرف من غير تردد في الإعطاء لمثلها من مثله وللعرف الضعيف لا يلحق المسكوت عنه بالمشروط‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم رأيت المصنف أفتى به في فتاويه‏.‏ وحاصله أن ذلك إن صرح باشتراطه لزم تسليمه، وكذا إن سكت عنه وكان العرف به مشهورا معلوما عند الزوج‏.‏ ولا يخفى أن هذا لو كان تبرعا وعدة لم يكن لها منع نفسها لقبضه ولا المطالبة به، وكذا لو كان لازما مفسدا للتسمية بل ينبغي أن يقال إنه بمنزلة اشتراط الهدية والإكرام ترتفع الجهالة بدفعه فيجب المسمى دون مهر المثل‏.‏ أو يقال وهو الأقرب‏:‏ إن ذلك من قبيل معلوم النوع مجهول الوصف كالفرس والعبد فإن التفاوت في ذلك يسير في العرف، فمثل اللفافة يعرف نوعها أنها من القبض والحرير أو من القطن والحرير باعتبار الفقر والغنى وقلة المهر وكثرته، وكذا باقي المذكورات، فيعتبر الوسط من كل نوع منها، فهذا ما تحرر لي في هذا المقام الذي كثرت فيه الأوهام وزلت الأقدام، فاحفظه فإنه مهم والسلام‏.‏ ‏(‏قوله ووسط العبيد في زماننا الحبشي‏)‏ وأما أعلاه فالرومي وأدناه الزنجي، كذا في البحر والمنح‏.‏ ذكروا أن ذلك عرف القاهرة‏.‏ وذكر السيد أبو السعود أن الحبشي في عرفنا لا يجب إلا بالتنصيص لأن العبد متى أطلق لا ينصرف إلا للأسود، فإذا اقتصر على ذكر العبد وجب الوسط من السودان ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والعبد في عرف الشام لا يشمل الرومي لأنه يسمى مملوكا بل يشمل الحبشي والزنجي وكذا الجارية والرومية تسمى سرية، وعليه فالوسط أعلى الزنجي ‏(‏قوله وإن أمهرها العبدين إلخ‏)‏ أراد بالعبدين الشيئين الحلالين وبالحر أن يكون أحدهما حراما فدخل فيه ما إذا تزوجها على هذا العبد وهذا البيت فإذا العبد حر، أو على مذبوحتين فإذا إحداهما ميتة كما في شرح الطحاوي بحر ‏(‏قوله أقله‏)‏ أي أقل المهر ‏(‏قوله يمنع مهر المثل‏)‏ جواب عن قول محمد وهو رواية عن الإمام، لها العبد الباقي وتمام مهر مثلها إن كان مهر مثلها أكثر منه ‏(‏قوله لها قيمة الحر لو عبدا‏)‏ أي لها مع العبد الباقي قيمة الحر لو فرض كونه عبدا ‏(‏قوله ورجحه الكمال‏)‏، والمتون على قول الإمام‏.‏ وفي القهستاني عن الخانية أنه ظاهر الرواية ‏(‏قوله كما لو استحق أحدهما‏)‏ أي أحد العبدين المسميين، فإن لها الباقي وقيمة المستحق، ولو استحقا جميعا فلها قيمتهما، وهذا بالإجماع كما في شرح الطحاوي بحر‏.‏

مطلب في النكاح الفاسد

‏(‏قوله في نكاح فاسد‏)‏ وحكم الدخول في النكاح الموقوف كالدخول في الفاسد، فيسقط الحد ويثبت النسب ويجب الأقل من المسمى ومن مهر المثل، خلافا لما في الاختيار من كتاب العدة، وتمامه في البحر، وسنذكر في العدة التوفيق بين ما في الاختيار وغيره ‏(‏قوله وهو الذي إلخ‏)‏ بخلاف ما لو شرط شرطا فاسدا كما لو تزوجته على أن لا يطأها فإنه يصح النكاح ويفسد الشرط رحمتي ‏(‏قوله كشهود‏)‏ ومثله تزوج الأختين معا ونكاح الأخت في عدة الأخت ونكاح المعتدة والخامسة في عدة الرابعة والأمة على الحرة‏.‏ وفي المحيط‏:‏ تزوج ذمي مسلمة فرق بينهما لأنه وقع فاسدا‏.‏ ا هـ‏.‏ فظاهره أنهما لا يحدان وأن النسب يثبت فيه والعدة إن دخل بحر‏.‏ قلت‏:‏ لكن سيذكر الشارح في آخر فصل في ثبوت النسب عن مجمع الفتاوى‏:‏ نكح كافر مسلمة فولدت منه لا يثبت النسب منه ولا تجب العدة لأنه نكاح باطل ا هـ‏.‏ وهذا صريح فيقدم على المفهوم فافهم، ومقتضاه الفرق بين الفاسد والباطل في النكاح، لكن في الفتح قبيل التكلم على نكاح المتعة‏.‏ أنه لا فرق بينهما في النكاح، بخلاف البيع، نعم في البزازية حكاية قولين في أن نكاح المحارم باطل أو فاسد‏.‏ والظاهر أن المراد بالباطل ما وجوده كعدمه، ولذا لا يثبت النسب ولا العدة في نكاح المحارم أيضا كما يعلم مما سيأتي في الحدود‏.‏ وفسر القهستاني هنا الفاسد بالباطل، ومثله بنكاح المحارم وبإكراه من جهتها أو بغير شهود إلخ وتقييده الإكراه بكونه من جهتها قدمنا الكلام عليه أول النكاح قبيل قوله وشرط حضور شاهدين، وسيأتي في باب العدة أنه لا عدة في نكاح باطل‏.‏ وذكر في البحر هناك عن المجتبى أن كل نكاح اختلف العلماء في جوازه كالنكاح بلا شهود فالدخول فيه موجب للعدة‏.‏ أما نكاح منكوحة الغير ومعتدته فالدخول فيه لا يوجب العدة إن علم أنها للغير لأنه لم يقل أحد بجوازه فلم ينعقد أصلا‏.‏ قال‏:‏ فعلى هذا يفرق بين فاسده وباطله في العدة، ولهذا يجب الحد مع العلم بالحرمة لأنه زنى كما في القنية وغيرها ا هـ‏.‏ والحاصل أنه لا فرق بينهما في غير العدة، أما فيها فالفرق ثابت‏.‏ وعلى هذا فيقيد قول البحر هنا ونكاح المعتدة بما إذا لم يعلم بأنها معتدة، لكن يرد على ما في المجتبى مثل نكاح الأختين معا فإن الظاهر أنه لم يقل أحد بجوازه ولكن لينظر وجه التقييد بالمعية‏.‏ والظاهر أن المعية في العقد لا في ملك المتعة، إذ لو تأخر أحدهما عن الآخر فالمتأخر باطل قطعا ‏(‏قوله في القبل‏)‏ فلو في الدبر لا يلزمه مهر لأنه ليس بمحل النسل كما في الخلاصة والقنية فلا يجب بالمس والتقبيل بشهوة شيء بالأولى كما صرحوا به أيضا بحر ‏(‏قوله كالخلوة‏)‏ أفاد أنه لا يجب المهر بمجرد العقد الفاسد بالأولى ‏(‏قوله لحرمة وطئها‏)‏ أي فلم يثبت بها التمكن من الوطء فهي غير صحيحة كالخلوة بالحائض فلا تقام مقام الوطء، وهذا معنى قول المشايخ‏:‏ الخلوة الصحيحة في النكاح الفاسد كالخلوة الفاسدة في النكاح الصحيح، كذا في الجوهرة، وفيه مسامحة لفساد الخلوة بحر‏.‏ والظاهر أنهم أرادوا بالصحيحة هنا الخالية عما يمنعها أو يفسدها من وجود ثالث أو صوم أو صلاة أو حيض ونحوه مما سوى فساد العقد لظهور أنه غير مراد، وهذا سبب المسامحة وفيه مسامحة أخرى، وهي أن الخلوة في النكاح الفاسد لا توجب العدة كما قدمناه عن الفتح مع أن الفاسدة في النكاح الصحيح توجبها كما مر أنه المذهب ‏(‏قوله ولم يزد مهر المثل إلخ‏)‏ المراد بمهر المثل ما يأتي في المتن، بخلاف مهر المثل الواجب بالوطء بشبهة بغير عقد فإن المراد به غيره كما نص عليه في البحر ويأتي بيانه فافهم‏.‏ هذا، وفي الخانية‏:‏ لو تزوج محرمه لا حد عليه عند الإمام وعليه مهر مثل بالغا ما بلغ ا هـ‏.‏ فهي مستثناة إلا أن يقال إن نكاح المحارم باطل لا فاسد على ما مر من الخلاف ويكون ذلك ثمرة الاختلاف وبيانا لوجه الفرق بينهما كما أشار إليه في البحر ‏(‏قوله لرضاها بالحط‏)‏ لأنها لما لم تسم الزيادة كانت راضية بالحط مسقطة حقها فيها لا لأجل أن التسمية صحيحة من وجه لأن الحق أنها فاسدة من كل وجه لوقوعها في عقد فاسد، ولهذا لو كان مهر المثل أقل من المسمى وجب مهر المثل فقط‏.‏ وظاهر كلامهم أن مهر المثل لو كان أقل من العشرة فليس لها غيره، بخلاف نكاح الصحيح إذا وجب فيه مهر المثل فإنه لا ينقص عن عشرة بحر، ومثله في النهر، وفيه نظر، فإن مهر مثلها المعتبر بقوم أبيها كيف يكون أقل من العشرة مع أن العشرة أقل الواجب في المهر شرعا فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ وقيل بعد الدخول ليس لأحدهما فسخه إلا بحضرة الآخر كما في النهر وغيره ح ‏(‏قوله فلا ينافي وجوبه‏)‏ قال في النهر‏:‏ وقول الزيلعي ولكل منهما فسخه بغير محضر من صاحبه لا يريد به عدم الوجوب، إذ لا شك في أنه خروج من المعصية والخروج منها واجب بل إفادة أنه أمر ثابت له وحده‏.‏ ا هـ‏.‏ ح وضمير ينافي لتعبير المصنف باللام في قوله ولكل، وضمير وحده لكل أي يثبت لكل منهما وحده‏.‏ ‏(‏قوله بل يجب على القاضي‏)‏ أي إن لم يتفرقا ‏(‏قوله وتجب العدة‏)‏ ظاهر كلامهم وجوبها من وقت التفريق قضاء وديانة‏.‏ وفي الفتح‏:‏ يجب أن يكون هذا في القضاء‏.‏ أما إذا علمت أنها حاضت بعد آخر وطء ثلاثا ينبغي أن يحل لها التزوج فيما بينها وبين الله تعالى على قياس ما قدمنا من نقل العتابي‏.‏ ا هـ‏.‏ ومحله فيما إذا فرق بينهما‏.‏ أما إذا حاضت ثلاثا من آخر وطء ولم يفارقها فليس لها التزوج اتفاقا كما أشار إليه في غاية البيان، وظاهر الزيلعي يوهم خلافه بحر ‏(‏قوله بعد الوطء لا الخلوة‏)‏ أي لا تجب بعد الخلوة المجردة عن وطء، ووجوب العدة بعد الخلوة ولو فاسدة إنما هو في النكاح الصحيح‏.‏ وفي البحر عن الذخيرة‏:‏ ولو اختلفا في الدخول فالقول له فلا يثبت شيء من هذه الأحكام‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه عن الفتح‏:‏ ولو كانت هذه المرأة الموطوءة أخت امرأته حرمت عليه امرأته إلى انقضاء عدتها ‏(‏قوله للطلاق‏)‏ متعلق بمحذوف حال من العدة، وقوله لا للموت عطف عليه، والمراد أن الموطوءة بنكاح فاسد سواء فارقها أو مات عنها تجب عليها العدة التي هي عدة طلاق وهي ثلاث حيض؛ لا عدة موت وهي أربعة أشهر وعشر، وهذا معنى قول المنح والبحر‏:‏ والمراد بالعدة هنا عدة الطلاق‏.‏ وأما عدة الوفاة فلا تجب عليها من النكاح الفاسد‏.‏ ا هـ‏.‏ ولا يصح تعلق قوله للطلاق بقوله تجب، لأن الطلاق لا يتحقق في النكاح الفاسد بل هو متاركة كما في البحر، وكذا لا يصح أن يراد بقوله لا للموت موت الرجل قبل الوطء، ليفيد أنه لو مات بعده تجب عدة الموت، لما علمت من إطلاق عبارة البحر والمنح أنها لا تجب في النكاح الفاسد، ولما سيأتي في باب العدة من أنها تجب بثلاث حيض كوامل في الموطوءة بشبهة أو نكاح فاسد في الموت والفرقة ا هـ‏.‏ أي إن كانت تحيض وإلا فثلاثة أشهر أو وضع الحمل فافهم‏.‏ ‏(‏قوله من وقت التفريق‏)‏ أي تفريق القاضي، ومثله التفرق وهو فسخهما أو فسخ أحدهما ح، وهو متعلق تجب‏:‏ أي لا من آخر الوقت خلافا لزفر، وهو الصحيح كما في الهداية، وأقره شراحها كالفتح والمعراج وغاية البيان، وكذا صححه في الملتقى والجوهرة والبحر‏.‏ ولا يخفى تقديم ما في هذه المعتبرات على ما في مجمع الأنهر من تصحيح قول زفر وعبارة المواهب واعتبرنا العدة من وقت التفريق لا من آخر الوطآت فافهم ‏(‏قوله أو متاركة الزوج‏)‏ في البزازية‏:‏ المتاركة في الفاسد بعد الدخول لا تكون إلا بالقول كخليت سبيلك أو تركتك ومجرد إنكار النكاح لا يكون متاركة‏.‏ أما لو أنكر وقال أيضا اذهبي وتزوجي كان متاركة والطلاق فيه متاركة لكن لا ينقص به عدد الطلاق، وعدم مجيء أحدهما إلى آخر بعد الدخول ليس متاركة لأنها لا تحصل إلا بالقول‏.‏ وقال صاحب المحيط‏:‏ وقبل الدخول أيضا لا يتحقق إلا بالقول‏.‏ ا هـ‏.‏ وخص الشارح المتاركة بالزوج كما فعل الزيلعي لأن ظاهر كلامهم أنها لا تكون من المرأة أصلا مع أن فسخ هذا النكاح يصح من كل منهما بمحضر الآخر اتفاقا‏.‏ والفرق بين المتاركة والفسخ بعيد كذا في البحر‏.‏ وفرق في النهر بأن المتاركة في معنى الطلاق فيختص به الزوج، أما الفسخ فرفع العقد فلا يختص به وإن كان في معنى المتاركة، ورده الخير الرملي بأن الطلاق لا يتحقق في الفاسد فكيف يقال إن المتاركة في معنى الطلاق، فالحق عدم الفرق، ولذا جزم به المقدسي في شرح نظم الكنز إلخ، وتمامه فيما علقناه على البحر وسيأتي قبيل باب الطلاق قبل الدخول عن الجوهرة طلق المنكوحة فاسدا ثلاثا له تزوجها بلا محلل، قال ولم يحك خلافا فهذا أيضا مؤيد لكون الطلاق لا يتحقق في الفاسد ولذا كان غير منقص للعدد بل هو متاركة كما علمت، حتى لو طلقها واحدة ثم تزوجها صحيحا عادت إليه بثلاث طلقات ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ هذا أحد قولين مصححين ورجحه في البحر وقال إنه اقتصر عليه الزيلعي والآخر أنه شرط، حتى لو لم يعلمها بها لا تنقضي عدتها

‏(‏قوله ويثبت النسب‏)‏ أما الإرث فلا يثبت فيه وكذا النكاح الموقوف ط عن أبي السعود ‏(‏قوله احتياطا‏)‏ أي في إثباته لإحياء الولد ط ‏(‏قوله وتعتبر مدته‏)‏ أي ابتداء مدته التي يثبت فيها ‏(‏قوله وهي ستة أشهر‏)‏ أي فأكثر ‏(‏قوله من الوطء‏)‏ أي إذا لم تقع الفرقة كما يأتي بيانه ‏(‏قوله يعني ستة أشهر فأكثر‏)‏ أشار إلى أن التقدير بأقل مدة الحمل إنما هو للاحتراز عما دونه لا عما زاد لأنها لو ولدته لأكثر من سنتين من وقت العقد أو الدخول ولم يفارقها فإنه يثبت نسبه اتفاقا بحر ‏(‏قوله وقال إلخ‏)‏ تظهر فائدة الخلاف فيما إذا أتت بولد لستة أشهر من وقت العقد ولأقل منها من وقت الدخول فإنه لا يثبت نسبه على المفتى به بحر‏:‏

‏[‏تنبيه‏]‏

ذكر في الفتح أنه يعتبر ابتداء المدة من وقت التفريق إذا وقعت فرقة وإلا فمن وقت النكاح والدخول على الخلاف‏.‏ واعتراضه في البحر بأنه يقتضي أنها لو أتت بعد التفريق لأكثر من ستة أشهر من وقت العقد أو الدخول ولأقل منها من وقت التفريق أنه لا يثبت نسبه مع أنه يثبت‏.‏ وأجاب في النهر بأن اعتبار ابتداء المدة من وقت النكاح أو الدخول معناه نفي الأقل كما مر، واعتبارها من وقت التفريق معناه نفي الأكثر، حتى لو جاءت به لأكثر من سنتين من وقت التفريق لا يثبت النسب ا هـ‏.‏ ومثله في شرح المقدسي‏.‏ والحاصل أنه قبل التفريق يثبت النسب ولو ولدته بعد العقد أو الدخول لأكثر من سنتين كما مر، أما بعد التفريق فلا يثبت إلا إذا كان أقل من سنتين من حين التفريق بشرط أن لا يكون بين الولادة والعقد أو الدخول أقل من ستة أشهر ‏(‏قوله ورجحه في النهر‏)‏ ترجيحه لا يعارض قول صاحب الهداية وغيره إن الفتوى على قول محمد‏.‏

مطلب التصرفات الفاسدة

‏(‏قوله وذكر من التصرفات الفاسدة‏)‏ أي التي تفسد إذا فقد منها شرط من شروط الصحة ‏(‏قوله وحكم هذا‏)‏ أي حكم الإجارة الفاسدة بشرط فاسد كمرمة دار أو بجهالة المسمى أو بعدم التسمية أو بتسمية نحو خمر والأجر خبر حكم والمراد به أجر المثل، أو المسمى في الصورة الأولى وأجر المثل بالغا ما بلغ في الثلاثة الأخيرة، وقد فصل ذلك بقوله وجوب أدنى مثل إلخ فأدنى إما مضاف والإضافة بيانية أو غير مضاف ومثل بدل منه كما لا يخفى ح ‏(‏قوله والواجب الأكثر إلخ‏)‏ يعني أن الكتابة الفاسدة كما إذا كانت كتابة على عين معينة لغيره يجب على المكاتب الأكثر من قيمته والمسمى وتاء الكتابة والقيمة مجروران ولا يوقف عليهما بالهاء لئلا تختلف القافية ح ‏(‏قوله وفي النكاح‏)‏ أي الفاسد بعدم الشهود مثلا مهر المثل أي بالغا ما بلغ إن لم يسم ما يصلح مهرا، وإلا فالأقل من مهر المثل أو المسمى ح ‏(‏قوله إن يكن دخل‏)‏ أما إذا لم يدخل لا يجب شيء ح ‏(‏قوله وخارج البذر‏)‏ يعني أن المزارعة الفاسدة كما إذا شرط فيها قفزان معينة لأحدهما يكون الخارج فيها لصاحب البذر‏.‏ ثم إن كانت الأرض له فعليه مثل أجر العامل وإذا كان البذر من العامل فعليه أجر مثل الأرض ح ‏(‏قوله أجل‏)‏ تكملة بمعنى نعم ح ‏(‏قوله والصلح والرهن‏)‏ أي الصلح الفاسد بنحو جهالة البدل المصالح عليه والرهن الفاسد كرهن المشاع لكل من المتعاقدين نقضه ح ‏(‏قوله أمانة‏)‏ خبر مبتدإ محذوف عائد على كل من بدل الصلح والمرهون اللذين دل عليهما الصلح والرهن أي حينئذ يكون ما في يد المصالح أمانة، وكذلك عليه في يد من هو في يده، وكذلك الرهن في يد المرتهن لأن كلا قبض مال صاحبه بإذنه، لكنه قبضه لنفسه لا لمالكه فينبغي أن كالصحيح حكمه؛ وحكم الصحيح في الصلح أنه مضمون عليه ببدل الصلح، وصحيح الرهن مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين، وينبغي أن يكون هذا هو المعتمد رحمتي‏.‏ قلت‏:‏ وسيأتي في كتاب الرهن التوفيق بأن فاسد الرهن كصحيحه إذا كان سابقا على الدين وإلا فلا، ويأتي تمامه هناك إن شاء الله تعالى ‏(‏قوله ثم الهبه‏)‏ بسكون الهاء للضرورة يعني أن الموهوب مضمون على الموهوب له بالقيمة يوم القبض في الهبة الفاسدة كهبة مشاع يقسم ح لأنه قبضه لنفسه، ومن قبض لنفسه ولو بإذن مالكه كان قبضه قبض ضمان رحمتي ‏(‏قوله وصح بيعه‏)‏ أي بيع المستقرض، واللام لتعدية البيع، وقوله اقترض نعت لعبد، وفاعله مستتر عائد على المستقرض، ومفعوله محذوف عائد على العبد، يعني إذا استقرض عبدا كان قرضا فاسدا لأنه قيمي يفيد الملك فيصح بيعه ح‏.‏ وقال ط‏:‏ اللام في العبد زائدة ‏(‏قوله مضاربه‏)‏ بسكون الهاء للضرورة يعني أن المضاربة الفاسدة بنحو اشتراط عمل رب المال حكمها الأمانة‏:‏ أي يكون مال المضاربة في يد المضارب أمانة ح أي لأنه قبضها لمالكها بإذنه، وما كان كذلك فهو أمانة ولأنه لما فسدت صار المضارب أجيرا والمال في يد الأجير أمانة رحمتي ‏(‏قوله والمثل في البيع‏)‏ أي الواجب في البيع الفاسد بنحو شرط لا يقتضيه العقد ضمان مثل المقبوض الهالك إن كان مثليا وقيمته إن كان قيميا وتاء الأمانة والقيمة مرفوعان ولا يوقف عليهما بالسكون لما مر ح‏.‏ وأما بقية الإحدى والعشرين فقال في النهر‏:‏ وبقي من التصرفات الفاسدة‏:‏ الصدقة والخلع والشركة والسلم والكفاية والوكالة والوقف والإقالة والصرف والوصية والقسمة‏.‏ أما الصدقة ففي جامع الفصولين أنها كالهبة الفاسدة مضمونة بالقبض وأما الخلع، فحكمه أنه إذا بطل العوض فيه وقع بائنا، وذلك كالخلع على خمر أو خنزير أو ميتة‏.‏ وأما الشركة وهي المفقود منها شرطها، مثل أن يجعل الربح فيها على قدر المال كما في المجمع، ولا ضمان عليه لو هلك المال في يده كما في جامع الفصولين‏.‏ وأما السلم، وهو ما فقد فيه شرط من شرائط الصحة فحكم رأس المال فيه كالمغصوب، فيصح فيه أن يأخذ به ما بدا له يدا بيد كذا في الفصول‏.‏ وأما الكفالة كما إذا جهل المكفول عنه مثلا كقوله ما بايعت أحدا فعلي، فحكمها عدم الوجوب عليه ورجع بما أداه حيث كان الضمان فاسدا كذا في الفصول أيضا‏.‏ وأما الوكالة والوقف والإقالة والصرف والوصية فالظاهر أنهم لم يفرقوا بين فاسدها وباطلها، وصرحوا بأن الإقالة كالنكاح لا يبطلها الشرط الفاسد، وقد عرف أنه لا فرق بين فاسده وباطله، وقالوا‏:‏ لو وقعت الإقالة بعد القبض بعدما ولدت الجارية فهي باطلة‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وما عزاه إلى المجمع في قوله وأما الشركة إلخ فغير موجود فيه ولم تر أحدا قاله، بل تجوز الشركة مع التساوي في الربح وعدمه فالصواب أن يمثل بالتي شرط فيها دراهم مسماة لأحدهما فإنه مفسد لها، وحكم الفاسدة أن يجعل الربح فيها على قدر المال وإن شرط التفاضل وهذا هو الذي في المجمع وغره فافهم، وذكر القسمة ولم يتعرض لحكمها، وسيذكر المصنف والشارح في بابها أن المقبوض بالقسمة الفاسدة كقسمة على شرط هبة أو صدقة أو بيع من المقسوم أو غيره يثبت الملك فيه ويفيد جواز التصرف فيه لقابضه ويضمنه بالقيمة كالمقبوض بالشراء الفاسد‏.‏ وقيل لا يثبت، وجزم بالقيل في الأشباه، وبالأول في البزازية والقنية‏.‏ ا هـ‏.‏ وما ذكره في النكاح من عدم الفرق بين فاسده وباطله وقد علمت ما فيه‏.‏ هذا، وقد زاد الرحمتي الحوالة ونظم حكمها مع حكم ما زاد على العشرة تكميلا لنظم النهر على الترتيب المذكور فقال‏:‏ صدقة كهبة سواء والخلع بائن ولا جزاء إن شرط الخمر أو الخنزير أو الميتة بدله كذا رأوا بقدر مال ربح شركة فسد كأن لقطع شركة الربح قصد ولا ضمان بهلاك المال في يده حزت ذرا المعالي وسلم بعض شروطه فقد ففاسد كما من الفقه شهد ورأس مال فيه كالمغصوب عد فخذ به ما شئت إن يدا بيد كفالة المجهول مفسد لها فارجع بما أديت إن خبء دهى إذا بنى الدفع على الكفاله ولا رجوع إن يرد وفا له وفاسد القيمة إن شرط نما لا يقتضيه العقد يا هذا الكمى فيملك المقسوم بالقيمة إن يقبض وقيل لا فقد فاز الفطن وكالة وصاية والوقف إقالة يا صاح ثم الصرف لا فرق فيها بين ما قد فسدا وبين باطل هديت الرشدا حوالة بشرط أن يؤدي من بيع دار للمحيل يردي فإن يؤدي المال فهو راجع على المحيل أو محال خاشع وقوله فخذ به ما شئت إلخ أي له أن يستبدل برأس مال السلم الفاسد بخلاف الصحيح، لكن بشرط أن يكون يدا بيد لئلا ينفصل عن دين بدين، وقوله إذا بنى الدفع على الكفالة إلخ أي لو ظن لزومها له فأداه عما كفله وقال هذا ما كفلت لك به رجع عليه لأنه أداه ما ليس بلازم عليه على زعم لزومه كما لو قضاه دينه ثم تبين أن لا دين عليه، وأما إذا قال خذ هذا وفاء عما لك في ذمته فلا يرجع عليه لأن من قضى دين غيره بلا أمره لا رجوع له على أحد

مطلب في بيان مهر المثل

‏(‏قوله والحرة‏)‏ احترز بها عن الأمة كما يأتي‏.‏ ‏(‏قوله ومهر مثلها‏)‏ مبتدأ خبره قوله مهر مثلها ولا يلزم الإخبار عن الشيء بنفسه لما أشار إليه من اختلافهما شرعا ولغة ولأن الثاني مقيد بقوله من قوم أبيها‏.‏ ثم إن علم أن اعتبار مهر المثل المذكور حكم كل نكاح صحيح لا تسمية فيه أصلا أو سمى فيه ما هو مجهول، أو ما لا يحل شرعا، وحكم كل نكاح فاسد بعد الوطء سمي فيه مهر أو لا‏.‏ وأما المواضع التي يجب فيها المهر بسبب الوطء بشبهة فليس المراد بالمهر فيها مهر المثل المذكور هنا لما في الخلاصة أن المراد به العقر، وفسره الإسبيجابي بأنه ينظر بكم تستأجر للزنى لو كان حلالا يجب ذلك القدر، وكذا نقل عن مشايخنا في شرح الأصل للسرخسي ا هـ‏.‏ وظاهره أنه لا فرق بين الحرة والأمة‏.‏ ويخالفه ما في المحيط‏:‏ لو زفت إليه غير امرأته فوطئها لزمه مهر مثلها إلا أن يحمل على العقر المذكور توفيقا بحر ‏(‏قوله لا أمها‏)‏ المقصود أنه لا اعتبار للأم وقومها مع قوم الأب، لا أنها لا تعتبر أصلا حتى تكون أدنى حالا من الأجانب ط عن البرجندي‏.‏ قلت‏:‏ لكن الأم قد تكون من قبيلة لا تماثل قبيلة الأب، والمعتبر من الأجانب من كانت من قبيلة تماثل قبيلة الأب على ما يأتي، فمن كانت كذلك فهي أعلى حالا من الأم فافهم‏.‏ ‏(‏قوله كبنت عمه‏)‏ مثال للمنفي ح أي المنفي في قوله إن لم تكن من قومه، والضمير فيهما للأب، فالأم إذا كانت بنت عم الأب كانت من قوم الأب وقول الدرر كبنت عمها سبق قلم أو مجاز ‏(‏قوله ومفاده اعتبار الترتيب‏)‏ كذا في البحر والنهر، لكن قال في البحر بعده وظاهر كلامهم خلافه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وتظهر الثمرة فيما لو ساوتها أختها وبنت عمها مثلا في الصفات المذكورة واختلف مهراهما، فعلى ما في الخلاصة تعتبر الأخت‏.‏ وأما على ظاهر كلامهم فيشكل وقد قال في البحر‏:‏ ولم أر حكم ما إذا ساوت المرأة امرأتين من أقارب أبيها مع اختلاف مهرهما، هل يعتبر بالمهر الأقل أو الأكثر‏؟‏ وينبغي أن كل مهر اعتبره القاضي وحكم به فإنه يصح لقلة التفاوت ا هـ‏.‏ وفيه أنه قد يكون التفاوت كثيرا‏.‏ وقال الخير الرملي‏:‏ نص علماؤنا على أن التفويض لقضاة العهد فساد‏.‏ والذي يقتضيه نظم الفقيه اعتبار الأقل للتيقن به‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويظهر لي أنه ينظر في مهر كل من هاتين المرأتين، فمن وافق مهرها مهر مثلها تعتبر، إذ يمكن أن يكون حصل في مهر إحداهما محاباة من الزوج أو الزوجة تأمل‏.‏ ‏(‏قوله في الأوصاف‏)‏ الأولى حذفه لإغناء قوله سنا إلخ عنه مع احتياجه مع تكلف في الإعراب ‏(‏قوله وقت العقد‏)‏ ظرف لمثلها الثانية بالنظر للمتن، ولتعتبر بالنظر للشارح‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ والمعنى أنه إذا أردنا أن نعرف مهر مثل المرأة تزوجت بلا تسمية مثلا ننظر إلى صفاتها وقت تزوجها من سن وجمال إلخ وإلى امرأة من قوم أبيها كانت حين تزوجت في السن والجمال إلخ مثل الأولى، ولا عبرة بما حدث بعد ذلك في واحدة منهما من زيادة جمال ونحوه أو نقص أفاده الرحمتي ‏(‏قولنا سنا‏)‏ أراد به الصغر أو الكبر بحر، ومثله في غاية البيان‏.‏ وظاهره أنه ليس المراد تحديد السن بالعدد كعشرين سنة مثلا، بل مطلق الصغر أو الكبر فيما يعتبر فيه التفاوت عرفا فبنت عشرين مثل بنت ثلاثين، ولذا قال في المعراج‏:‏ لأن مهر المثل يختلف باختلاف هذه الأوصاف، فإن الغنية تنكح بأكثر ما تنكح به الفقيرة، وكذا الشابة مع العجوز، والحسناء مع الشوهاء‏.‏ ا هـ‏.‏ وظاهره أن بقية الصفات كذلك، فيعتبر المماثلة في أصل الصفة احترازا عن ضدها لا عن الزيادة فيها ‏(‏قوله وجمالا‏)‏ وقيل لا يعتبر الجمال في بيت الحسب والشرف بل في أوساط الناس، وهذا جيد فتح‏.‏ والظاهر اعتباره مطلقا بحر، وكذا رده في النهر بإطلاق عبارة الكنز وغيره‏.‏ قلت‏:‏ ووجهه أن الكلام فيمن كانت من قوم أبيها، فإذا ساوت إحداهما الأخرى في الحسب والشرف وزادت عليها في الجمال كانت الرغبة فيها أكثر ‏(‏قوله وبلدا وعصرا‏)‏ فلو كانت من قوم أبيها اختلف مكانهما أو زمانهما لا يعتبر بمهرها لأن البلدين تختلف عادة أهلهما في غلاء المهر ورخصه، فلو زوجت في غير البلد الذي زوج فيه أقاربها لا يعتبر بمهورهن فتح، ومثله في كافي الحاكم الذي هو جمع كتب محمد، حيث قال‏:‏ ولا ينظر إلى نسائها إذا كن من غير أهل بلدها لأن مهور البلدان مختلفة‏.‏ ا هـ‏.‏ ومقتضى هذا أنه لا بد من اعتبار الزمان والمكان وإن قلنا بالاكتفاء ببعض هذه الصفات على ما يأتي فافهم ‏(‏قوله وعقلا‏)‏ هو قوة مميزة بين الأمور الحسنة والقبيحة، أو هيئة محمودة للإنسان في مثل حركاته وسكناته كما في كتب الأصول، وهو بهذا المعنى شامل لما شرطه في النتف من العلم والأدب والتقوى والعفة وكمال الخلق قهستاني ‏(‏قوله ودينا‏)‏ أي ديانة وصلاحا قهستاني ‏(‏قوله وعدم ولد‏)‏ أي إن كان من اعتبر لها المهر كذلك وإن كان لها ولد اعتبر مهر مثلها بمهر من لها ولد ط ‏(‏قوله ذكره الكمال‏)‏ أي نقلا عن المشايخ، وفسره بأن يكون زوج هذه كأزواج أمثالها من نسائها في المال والحسب وعدمهما ا هـ‏.‏ أي وكذا في بقية الصفات، فإن الشاب والمتقي مثلا يزوج بأرخص من الشيخ والفاسق كما في البحر والنهر

‏(‏قوله ومهر الأمة إلخ‏)‏ قدمنا الكلام عليه أول الباب‏.‏ قال ح‏:‏ دخل في إطلاقه ما إذا كان لها قوم أب، كما إذا تزوج حر أمة رجل ولم يشترط الحرية فبنته أمة، وهي وإن كانت من قوم أبيها لكن خالفتهم في الحرية فلم تحصل المماثلة

‏(‏قوله أي في ثبوت مهر المثل‏)‏ أشار إلى أن ضمير فيه عائد إلى مهر المثل بتقدير مضاف وهو ثبوت ‏(‏قوله لما ذكر‏)‏ علة لثبوت مهر المثل، والمراد بما ذكر المماثلة سنا وما عطف عليه، وأشار به إلى أنه لا بد من الشهادة على الأمرين‏:‏ المماثلة بينهما وأن مهر الأولى كان كذا ح‏.‏ وفي بعض النسخ بما ذكر، فالباء للسببية‏:‏ أي لثبوته بسبب ما ذكر من المماثلة في الأوصاف ‏(‏قوله شهود عدول‏)‏ أشار إلى اشتراط العدالة مع العدد لأن المقصود إثبات المال والشرط فيه ذلك ‏(‏قوله فالقول للزوج‏)‏ لأنه منكر للزيادة التي تدعيها المرأة ‏(‏قوله وما في المحيط إلخ‏)‏ جواب عما ذكره في البحر من المخالفة بين ما في الخلاصة والمنتقى، وهو ما مر من اشتراط الشهادة المذكورة، وبين ما في المحيط حيث قال‏:‏ فإن فرض القاضي أو الزوج بعد العقد جاز، لأنه يجري ذلك مجرى التقدير لما وجب بالعقد من مهر المثل زاد أو نقص لأن الزيادة على الواجب صحيحة والحط عنه جائز ا هـ‏.‏ ووجه المخالفة أن ظاهر ما مر أنه لا يصح القضاء بمهر بدون الشهادة أو الإقرار من الزوج‏.‏ وأجاب في النهر بأن ما في المحيط ينبغي أن يحمل على ما إذا رضيا بذلك وإلا فالزيادة على مهر المثل عند إبائه والنقص عنه عند إبائها لا يجوز‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ قدمنا عن البدائع عند قول المصنف‏:‏ وما فرض بعد العقد أو زيد لا ينصف أن مهر المثل يجب بنفس العقد بدليل أنها لو طلبت الفرض من الزوج يلزمه، ولو امتنع يجبره القاضي عليه، ولو لم يفعل ناب منابه في الفرض ا هـ‏.‏ فهذا صريح في أن المراد فرض مهر المثل وإن فرض القاضي عند عدم التراضي، فلا يصح حمل ما في المحيط على ما ذكره في النهر‏.‏ وأما قول المحيط زاد أو نقص إلخ فينبغي حمله على صورة فرض الزوج إذا رضيت بها‏.‏ وبيان ذلك على وجه تندفع به المخالفة أنك قد علمت أن مهر المثل إنما يجب بالنظر إلى من يساويها من قوم أبيها، وقد علمت أيضا أنه لا يثبت إلا بشاهدين، فإذا تزوجت بلا مهر وطلبت من الزوج أن يفرض لها مهر مثلها فامتنع ورافعته إلى القاضي وأتت بشاهدين شهدا بأن فلانة من قوم أبيها تساويها في الصفات المذكورة وأنها تزوجت بكذا يحكم لها القاضي بمثل مهر فلانة المذكورة بلا زيادة ولا نقص، وإنما يمكن الزيادة والنقص عند فرض الزوج بالتراضي كما قلنا‏.‏ وإذا كان فرض القاضي مبنيا على ما قلنا من الشهادة المذكورة تندفع المخالفة التي ادعاها في البحر لأنه لا مسوغ لحمل ما في المحيط، على أن القاضي يفرض لها مهرا برأيه ويلزم أحدهما بالزيادة أو النقص بلا رضاه مع إمكان المصير إلى الواجب لها شرعا عند وجود من يساويها في الصفات من قوم أبيها، وإن كان المراد حمل كلام المحيط على حكم القاضي عند عدم وجود من يساويها من قوم أبيها ومن الأجانب فلا يخالف ما في الخلاصة والمنتقى أيضا لأن كلامهما في مهر المثل وهو لا يكون إلا عند وجود المماثل، فيتوقف ثبوته على الشهادة أو الإقرار‏.‏ أما عند عدم المماثل يكون تقديرا لمهر المثل جاريا مجراه لا عينه، فينظر فيه القاضي نظر تأمل واجتهاد، فيحكم به بدون شهود وإقرار من الزوج، فموضوع الكلامين مختلف كما لا يخفى‏.‏ وعلى هذا لا يتأتى أيضا فيه زيادة أو نقصان إذ لا يمكن إلا عند وجود المماثل، ولكن حمل كلام المحيط على ما ذكر ينافيه ما قدمناه عن البدائع من أن المراد الحكم بمهر المثل، وكذا ما نذكره قريبا عن الصيرفية من أنه عدم المماثل لا يعطى لها شيء، ولا يمكن حمله على حالة التراضي، لما علمت من كلام البدائع ولأنه عند وجود التراضي يستغنى عن الترافع إلى القاضي وعند عدم وجود الشاهدين، فالقول للزوج بيمينه كما مر ويأتي فيحكم لها القاضي بما يحلف عليه فاغتنم هذا التحرير والله الموفق‏.‏ ‏(‏قوله فإن لم يوجد‏)‏ أي من يماثلها في الأوصاف المذكورة كلها أو بعضها بحر، ومقتضاه الاكتفاء ببعض هذه الأوصاف؛ وبه صرح في الاختيار بقوله فإن لم يوجد ذلك كله فالذي يوجد منه لأنه يتعذر اجتماع هذه الأوصاف في امرأتين؛ فيعتبر بالموجود منها لأنها مثلها‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في شرح المجمع لابن مالك وغرر الأذكار وهو موجود في بعض نسخ الملتقى‏.‏ قلت‏:‏ ولكن يشكل عليه اتفاق المتون على ذكر معظم هذه الأوصاف وتصريح الهداية بأن مهر المثل يختلف باختلاف هذه الأوصاف وكذا يختلف باختلاف الدار والعصر ا هـ‏.‏ إذ لا شك أن الرغبة في البكر الشابة الجميلة الغنية أكثر من الثيب العجوز الشوهاء الفقيرة وإن تساوتا في العقل والدين والعلم والأدب وغيرها من الأوصاف؛ فكيف يقدر مهر إحداهما بمهر الأخرى مع هذا التفاوت؛ وقولهم لأنه يتعذر اجتماع هذه الأوصاف في امرأتين مسلم لو التزمنا اعتبارها في قوم الأب فقط‏.‏ أما عند اعتبارها من الأجانب أيضا فلا على أنه لو فرض عدم الوجود يكون القول للزوج كما ذكره المصنف بعد وإن امتنع يرفع الأمر للقاضي ليقدر لها مهرا على ما مر؛ لكن في البحر عن الصيرفية‏:‏ مات في غربة وخلف زوجتين غريبتين تدعيان المهر ولا بينة لهما وليس لها أخوات في الغربة قال يحكم بجمالهما بكم ينكح مثلهما‏؟‏ قيل له يختلف بالبلدان قال إن وجد في بلدهما يسأل وإلا فلا يعطى لهما شيء ا هـ‏.‏ أي لعدم إمكان الحلف بعد الموت لكن فيه أن ورثة الزوج تقوم مقامه فتأمل‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

جرى العرف في كثير من قرى دمشق بتقدير المهر بمقدار معين لجميع نساء أهل القرية بلا تفاوت فينبغي أن يكون ذلك عند السكوت عنه بمنزلة المذكور المسمى وقت العقد لأن المعروف كالمشروط، وحينئذ فلا يسأل عن مهر المثل، والله تعالى أعلم‏.‏

مطلب في ضمان الولي المهر

‏(‏قوله وصح ضمان الولي مهرها‏)‏ أي سواء ولي الزوج أو الزوجة صغيرين كانا أو كبيرين، أما ضمان ولي الكبير منهما فظاهر لأنه كالأجنبي‏.‏ ثم إن كان بأمره رجع وإلا لا‏.‏ وأما ولي الصغيرين فلأنه سفير ومعبر، فإذا مات كان لها أن ترجع في تركته ولباقي الورثة الرجوع في نصيب الصغير خلافا لزفر لأن الكفالة صدرت بأمر معتبر من المكفول عنه لثبوت ولاية الأب عليه، فإذن الأب إذن منه معتبر، وإقدامه على الكفالة دلالة ذلك من جهته نهر عن الفتح ‏(‏قوله ولو عاقدا‏)‏ أي ولو كان هو الذي باشر عقد النكاح بالولاية عليها أو عليه أو عليهما فافهم ‏(‏قوله لأنه سفير‏)‏ تعليل لقوله صح بالنسبة لما إذا كانا صغيرين أو أحدهما، ويصلح جوابا عما يقال لو كان الضامن ولي الصغير يلزم أن يكون مطالبا ومطالبا لأن حق المطالبة له، ولذا لو باع لها شيئا ثم ضمن الثمن عن المشتري لم يصح‏.‏ والجواب أنه في النكاح سفير ومعبر عنها فلا ترجع الحقوق إليه، وفي البيع أصيل وولاية قبض المهر له بحكم الأبوة لا باعتبار أنه عاقد، ولذا يملك قبضه بعد بلوغها إذا نهته بخلاف البيع، وتمامه في الفتح ‏(‏قوله لكن‏)‏ استدراك على قوله وصح ‏(‏قوله بشرط صحته‏)‏ أي الولي ‏(‏قوله وهو‏)‏ أي المكفول عنه والمكفول له ط ‏(‏قوله وارثه‏)‏ أي وارث الولي كأن يكون الولي أبا الزوج أو أبا الزوجة ‏(‏قوله ولم يصح‏)‏ لأنه تبرع لوارثه في مرض موته فتح زاد في البحر عن الذخيرة‏:‏ وكذا كل دين ضمنه عن وارثه أو لوارثه ا هـ‏.‏ أي بمنزلة الوصية لوارثه‏.‏ لا يقال‏:‏ إنه لا تبرع من الكفيل بشيء، فإنه لو مات قبل الأداء ترجع المرأة في تركة ويرجع باقي الورثة في نصيب الابن لو كفله الأب بأمره أو كان صغيرا كما قدمناه‏.‏ لأنا نقول‏:‏ رجوع باقي الورثة على المكفول عنه لا يخرج الكفالة عن كونها تبرعا ابتداء لأنه قد يهلك نصيبه وهو المفلس أو قد لا يمكنهم الرجوع، ويدل على ذلك أيضا أن كفالة المريض لأجنبي تعتبر من الثلث، ولو لم تكن تبرعا لصحت من كل المال كباقي تبرعاته بل أبلغ من هذا أنه لو باع وارثه شيئا من ملكه بمثل القيمة أو أقل أو أكثر فالبيع باطل حتى لا تثبت به الشفعة خلافا لهما كما في المجمع فافهم ‏(‏قوله وإلا‏)‏ أي إن لم يكن المكفول له أو عنه وارث الولي الكافل، بأن كان ابن ابنه الحي أو بنت عمه ط‏.‏ ‏(‏قوله صح‏)‏ أي الضمان من الثلث كما صرحوا به في ضمان الأجنبي بحر‏:‏ أي إن كان مال الكفالة قدر ثلث تركته صح، وإن كان أكثر منه صح بقدر الثلث لأن الكفالة تبرع ابتداء كما قلنا ‏(‏قوله وقبول المرأة‏)‏ عطف على صحته، وهذا إذا كانت المرأة بالغة ح ‏(‏قوله أو غيرها‏)‏ وهو وليها أو فضولي غيره كما سيأتي في كتاب الكفالة، ولذا قال في البحر ولا بد من قبولها أو قبول قابل في المجلس فافهم‏.‏ قال ح‏:‏ وهذا فيما إذا كانت صغيرة والكفيل ولي الزوج، أما إذا كان وليها فإيجابه يقوم مقام القبول كما في النهر ‏(‏قوله في مجلس الضمان‏)‏ لأن شطر العقد لا يتوقف على قبول غائب على المذهب ط ‏(‏قوله أو الولي الضامن‏)‏ سواء كان وليه أو وليها ح، وقيد بالضامن لأن الكلام فيه ولأنه لا يطالب بلا ضمان على ما يذكره قريبا ‏(‏قوله إن أمر‏)‏ أي إن أمر الزوج بالكفالة‏.‏ وأفاد أنه لو ضمن عن ابنه الصغير وأدى لا يرجع عليه للعرف بتحمل مهور الصغار إلا أن يشهد في أصل الضمان أنه دفع ليرجع فتح، ويأتي تمامه

‏(‏قوله بمهر ابنه‏)‏ أي مهر زوجة ابنه أو المهر الواجب على ابنه ‏(‏قوله إذا زوجه امرأة‏)‏ مرتبط بقوله ولا يطالب الأب إلخ لأن المهر مال يلزمه ذمة الزوج ولا يلزم الأب بالعقد، إذ لو لزمه لما أفاد الضمان شيئا بحر ‏(‏قوله على المعتمد‏)‏ مقابلة ما في شرح الطحاوي والتتمة أن لها مطالبة أبي الصغير ضمن أو لم يضمن‏.‏ قال في الفتح‏:‏ والمذكور في المنظومة أن هذا قول مالك ونحن نخالفه‏:‏ ثم قال في الفتح وهذا هو المعول عليه‏.‏ قلت‏:‏ ومثل ما في المنظومة في المجمع ودرر البحار وشروحهما‏.‏ وفي مواهب الرحمن‏:‏ لو زوج طفله الفقير لا يلزمه المهر عندنا‏.‏ وأجاب في البحر عما ذكره شارح الطحاوي بحمله على ما إذا كان للصغير مال، بدليل أنه في المعراج ذكر ما في شرح الطحاوي، ثم ذكر أن المهر لا يلزم أبا الفقير بلا ضمان، فتعين كون الأول في الغنى‏.‏ قلت‏:‏ وأصرح من هذا ما في العناية حيث قال ناقلا عن شرح الطحاوي‏:‏ إن الأب إذا زوج الصغير امرأة فللمرأة أن تطلب المهر من أبي الزوج، فيؤدي الأب من مال ابنه الصغير وإن لم يضمن إلخ‏.‏ وعلى هذا فقول الشارح على المعتمد لا محل له ‏(‏قوله كما في النفقة‏)‏ أي أنه لا يؤاخذ أبو الصغير بالنفقة إلا إذا ضمن، كذا ذكره المصنف في المنح عن الخلاصة‏.‏ وفي الخانية وإن كانت كبيرة وليس للصغير مال لا تجب على الأب نفقتها ويستدين الأب عليه ثم يرجع على الابن إذا أيسر ا هـ‏.‏ وفي كافي الحاكم‏:‏ فإن كان صغيرا لا مال له لم يؤاخذ أبوه بنفقة زوجته إلا أن يكون ضمنها‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في الزيلعي وغيره‏.‏ قلت‏:‏ وهو مخالف لما سيذكره الشارح في باب النفقة في الفروع حيث قال وفي المختار والملتقى، ونفقة زوجة الابن على أبيه إن كان صغيرا أو فقيرا أو زمنا‏.‏ ا هـ‏.‏ اللهم إلا أن يحمل ما سيأتي على أنه يؤمر بالإنفاق ليرجع بما أنفقه على الابن إذا أيسر، كما لو قالوا الابن الموسر إذا كانت أمه وزوجها معسرين يؤمر بالإنفاق على أمه ويرجع بها على زوجها إذا أيسر، ويؤيده عبارة الخانية المذكورة فليتأمل ‏(‏قوله ولا رجوع للأب إلخ‏)‏ أي لو أدى الأب المهر من مال نفسه لا رجوع له على ابنه الصغير، قيل لأن الكفيل لا رجوع له إلا بالأمر ولم يوجد، لكن قدمنا أن إقدامه على كفالته بمنزلة الأمر لثبوت ولايته عليه‏.‏ ولهذا لو ضمنه أجنبي بإذن الأب يرجع، فكذا الأب، نعم ذكر في غاية البيان رجوع الأب لما ذكر‏.‏ وفي الاستحسان‏:‏ لا رجوع له لتحمله عنه عادة بلا طمع في الرجوع والثابت بالعرف كالثابت بالنص إلا إذا شرط الرجوع في أصل الضمان فيرجع لأن الصريح يفوق الدلالة أعني العرف، بخلاف الوصي فإنه يرجع لعدم العادة في تبرعه، فصار كبقية الأب‏.‏ ا هـ‏.‏ فعدم الرجوع بلا إشهاد مخصوص بالأب، ومقتضى هذا رجوع الأم أيضا حيث لا عرف إذا كانت وصية وكفلته، أما بدون ذلك فقد صار حادثة الفتوى في صبي زوجه وليه ودفعت أمه عنه المهر وهي غير وصي عليه ثم بلغ فأرادت الرجوع عليه‏.‏ وينبغي في هذه الحادثة عدم الرجوع لإيفائها دين الصبي بلا إذن ولا ولاية، لا سيما على القول الآتي من اشتراط الإشهاد في غير الأب تأمل‏.‏ وفي البزازية إذا أشهد أي الأب عند الأداء أنه أدى ليرجع رجع وإن لم يشهد عند الضمان‏.‏ ا هـ‏.‏ والحاصل أن الإشهاد عند الضمان أو الأداء شرط الرجوع كما في البحر‏.‏ وقيده في الفتح بما إذا كان الصغير فقيرا واعتراضه في النهر بما مر من غاية البيان أي من حيث مطلق عموم التعليل بالعرف‏.‏ وقد يقال‏:‏ إن ما في الفتح مبني على عدم اطراد العرف إذا كان الصغير غنيا فله الرجوع وإن لم يشهد ولا سيما لو كان الأب فقيرا فتأمل‏.‏ وبقي ما لو دفع بلا ضمان، ومقتضى التعليل بالعادة أنه لا فرق، فيرجع إن أشهد وإلا لا وسيذكر الشارح في آخر باب الوصي‏.‏ ولو اشترى لطفله ثوبا أو طعاما وأشهد أنه يرجع به عليه يرجع به لو له مال وإلا لا لوجوبها عليه ح‏.‏ ومثله لو اشترى له دارا أو عبدا يرجع سواء كان له مال أو لا، وإن لم يشهد لا يرجع كذا عن أبي يوسف وهو حسن يجب حفظه‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت وحاصله الفرق بين الطعام والكسوة وبين غيرهما ففي غيرهما لا يرجع إلا إذا أشهد سواء كان الصغير فقيرا أو لا، وكذا فيهما إن كان الصغير غنيا‏.‏ أما لو فقيرا فلا رجوع له وإن أشهد لوجوبهما عليه، بخلاف نحو الدار والعبد ومقتضى هذا أن المهر بلا ضمان كالدار والعبد لعدم وجوبه عليه؛ فله الرجوع عليه إن أشهد ولو فقيرا، وإلا فلا وهذا يؤيد ما في النهر فتدبر‏.‏ هذا وسنذكر هناك اختلاف القولين في أن الوصي لو أنفق من ماله على قصد الرجوع هل يشترط الإشهاد أم لا والاستحسان الأول‏.‏ وعليه فلا فرق بينه وبين الأب، فما مر عن غاية البيان من قوله بخلاف الوصي مبني على القول الآخر، والله تعالى أعلم‏.‏وشمل الرجوع بعد الإشهاد ما لو أدى بعد بلوغ الابن كما في الفيض‏.‏ وفيه أن هذا‏:‏ أي اشتراط الإشهاد إذا لم يكن للصبي دين على أبيه، فلو على الأب دين له فأدى مهر امرأته ولم يشهد ثم ادعى أنه أداه من دينه الذي عليه صدق، ولو كان الابن كبيرا فهو متبرع لأنه لا يملك الأداء بلا أمره‏.‏ ا هـ‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

اشتراط الإشهاد لرجوع الأب لا ينافيه ما قدمناه، من أنه لو مات وأخذت الزوجة مهرها من تركته فلباقي الورثة الرجوع في نصيب الصغير، لما علمت من أنه صار كفيلا بالأمر دلالة والكفيل بأمر المكفول عنه يرجع بما أدى، وإنما لم يرجع لو أدى بنفسه بلا إشهاد للعادة بأنه يؤدي تبرعا‏.‏ أما إذا لم يدفع بنفسه وأخذت الزوجة من تركته لم يوجد التبرع منه، فلذا يرجع باقي الورثة في نصيب الصغير من التركة‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

في الفيض‏:‏ ولو أعطى ضيعة بمهر امرأة ابنه ولم تقبضها حتى مات الأب فباعتها المرأة لم يصح إلا إذا ضمن الأب المهر ثم أعطى الضيعة به فحينئذ لا حاجة إلى القبض‏.‏

مطلب في منع الزوجة نفسها لقبض المهر

‏(‏قوله ولها منعه إلخ‏)‏ وكذا لولي الصغيرة المنع المذكور حتى يقبض مهرها وتسليمها نفسها غير صحيح فله استردادها، وليس لغير الأب والجد تسليمها قبل قبض المهر ممن له ولاية قبضه، فإن سلمها فهو فاسد، وأشار إلى أنه لا يحل له وطؤها على كره منها إن كان امتناعها لطلب المهر عنده‏.‏ وعندهما يحل كما في المحيط‏.‏ بحر‏.‏ وينبغي تقييد الخلاف بما إذا كان وطئها أو لا برضاها، أما إذا لم يطأها ولم يخل بها كذلك فلا يحل اتفاقا نهر ‏(‏قوله ودواعيه إلخ‏)‏ لم يصرح به في شرح المجمع، وإنما قال لها أن تمنعه من الاستمتاع بها، فقال في النهر إنه يعم الدواعي ط‏.‏ ‏(‏قوله والسفر‏)‏ الأولى التعبير بالإخراج كما عبر في الكنز ليعم الإخراج من بيتها كما قاله شارحوه ط ‏(‏قوله وخلوة‏)‏ يعلم حكمها من الوطء بالأولى وإنما تظهر فائدة ذكرها على قولهما الآتي ‏(‏قوله رضيتهما‏)‏ وكذا لو كانت مكرهة أو صغيرة أو مجنونة بالأولى وهو بالاتفاق‏.‏ أما مع الرضا، فعندهما ليس لها المنع وتكون به ناشزة لا نفقة لها أي إلا أن تمنعه من الوطء وهي في بيته بحر بحثا، أخذا مما صرحوا به في النفقات أن ذلك ليس بنشوز بعد أخذ المهر قوله لأخذ ما بين تعجيله‏)‏ علة لقوله ولها منعه، أو غاية له واللام بمعنى إلى، فلو أعطاها المهر درهما واحدا فلها المنع، وليس له استرجاع ما قبضت هندية من السراج‏.‏ وفي البحر عن المحيط‏:‏ لو أحالت به رجلا على زوجها لها الامتناع إلى أن يقبض المحتال لا لو أحالها به الزوج ا هـ‏.‏ وأشار إلى أن تسليم المهر مقدم سواء كان عينا أو دينا، بخلاف البيع والثمن عين فإنهما يسلمان معا لأن القبض والتسليم معا متعذر هنا، بخلاف البيع كما في النهر عن البدائع، وتمامه فيه؛ لكن في الفيض‏:‏ لو خاف الزوج أن يأخذ الأب المهر ولا يسلم البنت يؤمر الأب بجعلها مهيأة للتسليم ثم يقبض المهر ‏(‏قوله أو أخذ قدر ما يعجل لمثلها عرفا‏)‏ أي إن لم يبين تعجيله أو تعجيل بعضه فلها المنع لأخذ ما يعجل لها منه عرفا‏.‏ وفي الصيرفية‏:‏ الفتوى على اعتبار عرف بلدهما من غير اعتبار الثلث أو النصف‏.‏ وفي الخانية‏:‏ يعتبر التعارف لأن الثابت عرفا كالثابت شرطا‏.‏ قلت‏:‏ والمتعارف في زماننا في مصر والشام تعجيل الثلثين وتأجيل الثلث، ولا تنس ما قدمناه عن الملتقط من أن لها المنع أيضا للمشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر كما هو عادة سمرقند، فإنه يلزم دفعه على من صدق العرف من غير تردد في إعطاء مثلها من مثله ما لم يشرطا عدم دفعه؛ والعرف الضعيف لا يلحق المسكوت عنه بالمشروط ‏(‏قوله إن لم يؤجل‏)‏ شرط في قوله أو أخذ قدر ما يعجل لمثلها، يعني أن محل ذلك إذا لم يشترطا تأجيل الكل وتعجيله ط وكذا البعض كما قدمه في قوله كلا أو بعضا‏.‏ وفي الفتح‏:‏ حكم التأجيل بعد العقد كحكمه فيه ‏(‏قوله فكما شرطا‏)‏ جواب شرط محذوف تقديره فإن أجل كله أو عجل كله ح‏.‏ وفي مسألة التأجيل خلاف يأتي ‏(‏قوله لأن الصريح إلخ‏)‏ أي يعتبر ما شرطا وإن تعورف تعجيل البعض لأن الشرط صريح والعرف دلالة، والصريح أقوى ‏(‏قوله إلا إذا جهل الأجل‏)‏ إذا هنا ظرفية فهو استثناء من أعم الظرف‏:‏ أي كما شرطا في كل وقت إلا في وقت جهل الأجل فافهم‏.‏ قال في البحر‏:‏ فإن كانت جهالة متقاربة كالحصاد والدياس ونحوه فهو كالمعلوم على الصحيح كما في الظهيرية بخلاف البيع فإنه لا يجوز بهذا الشرط، وإن كانت متفاحشة كإلى الميسرة أو إلى هبوب الريح، أو إلى أن تمطر السماء فالأجل لا يثبت ويجب المهر حالا، وكذا في غاية البيان‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله إلا التأجيل‏)‏ استثناء من المستثنى ح ‏(‏قوله فيصح للعرف‏)‏ قال في البحر‏:‏ وذكر في الخلاصة والبزازية اختلافا فيه وصحح أنه صحيح‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ وبالطلاق، ويتعجل المؤجل، ولو راجعها ولا يتأجل ا هـ‏.‏ يعني إذا كان التأجيل إلى الطلاق‏.‏ أما لو إلى مدة معينة لا يتعجل بالطلاق، كما قد يقع في مصر من جعل بعضه حالا وبعضه مؤجلا إلى الطلاق، أو الموت وبعضه منجما، فإذا طلقها تعجل البعض المؤجل لا المنجم، فتأخذه بعد الطلاق على نجومه كما تأخذه قبله‏.‏ واختلف هل يتعجل المؤجل بالطلاق الرجعي مطلقا أو إلى انقضاء العدة وجزم في القنية بالثاني، وعزاه إلى عامة المشايخ‏.‏ ولو ارتدت ولحقت ثم أسلمت وتزوجها فالمختار أنه لا يطالب بالمهر المؤجل إلى الطلاق كما في الصيرفية لأن الردة فسخ لا طلاق ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله وبه يفتى استحسانا‏)‏ لأنه لما طلب تأجيله كله فقد رضي بإسقاط حقه في الاستمتاع‏.‏ وفي الخلاصة أن الأستاذ ظهير الدين كان يفتي بأنه ليس لها الامتناع والصدر الشهيد كان يفتي بأن لها ذلك ا هـ‏.‏ فقد اختلف الإفتاء بحر‏.‏ قلت‏:‏ والاستحسان مقدم، فلذا جزم به الشارح‏.‏ وفي البحر عن الفتح‏:‏ وهذا كله إذا لم يشترط الدخول قبل حلول الأجل، فلو شرطه ورضيت به ليس لها الامتناع اتفاقا ا هـ‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

يفهم من قول الشارح إن أجله كله أنه لو أجل البعض ودفع المعجل ليس لها الامتناع على قول الثاني مع أنه في شرح الجامع لقاضي خان ذكر أولا أنه لو كان المهر مؤجلا ليس لها المنع قبل حلول الأجل ولا بعده، وكذا لو كان المؤجل بعضه واستوفت العاجل، وكذا لو أجلته بعد العقد‏.‏ ثم قال‏:‏ وعلى قول أبي يوسف لها المنع إلى استيفاء الأجل في جميع هذه الفصول إذا لم يكن دخل بها إلخ وهذا مخالف لقول المصنف لأخذ ما بين تعجيله إلخ لكن رأيت في الذخيرة عن الصدر الشهيد أنه قال في مسألة تأجيل البعض أن له الدخول بها في ديارنا بلا خلاف‏.‏ لأن الدخول عند أداء المعجل مشروط عرفا فصار كالمشروط نصا؛ أما في تأجيل الكل فغير مشروط لا عرفا ولا نصا فلم يكن له الدخول على قول الثاني استحسانا ا هـ‏.‏ فافهم ‏(‏قوله على أن يعجل أربعين‏)‏ أي قبل الدخول ‏(‏قوله لها منعه حتى تقبضه‏)‏ أي تقبض الباقي بعد الأربعين، إذ ليس في اشتراط تعجيل البعض مع نص على حلول الجميع دليل على تأخير الباقي إلى الطلاق أو الموت بوجه من وجوه الدلالات‏.‏ والذي عليه العادة في مثل هذا التأخير إلى اختيار المطالبة بحر عن فتاوى العلامة قاسم‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

في الهندية عن الخانية‏:‏ تزوجها بألف على أن ينقدها ما تيسر له والبقية إلى سنة فالألف كله إلى سنة ما لم تبرهن أنه تيسر له منه شيء أو كله فتأخذه ‏(‏قوله ولها النفقة بعد المنع‏)‏ أي المنع لأجل قبض المهر، ويشمل المنع من الوطء وهي في بيته وهو ظاهر، وكذا لو امتنعت من النقلة إلى بيته فلها النفقة كما يأتي في بابها، وكذا لو سافرت‏.‏ ويشكل عليه أن النفقة جزاء الاحتباس، ولهذا لو كانت مغصوبة أو حاجة وهو ليس معها لا نفقة لها مع أنها لم تحتبس بعذر‏.‏ وقد يجاب بأن التقصير جاء من جهته بعدم دفع المهر فكانت محتبسة حكما كما لو أخرجها من منزله فلها النفقة بخلاف المغصوبة والحاجة فإن ذلك ليس من جهته، هذا ما ظهر لي‏.‏ ‏(‏قوله فلا تخرج إلخ‏)‏ جواب شرط مقدر‏:‏ أي فإن قبضته فلا تخرج إلخ، وأفاد به تقييد كلام المتن فإن مقتضاه أنها إن قبضته ليس لها الخروج للحاجة وزيارة أهلها بلا إذنه مع أن لها الخروج وإن لم يأذن في المسائل التي ذكرها الشارح كما هو صريح عبارته في شرحه على الملتقى عن الأشباه، وكذا فيما لو أرادت حج الفرض بمحرم أو كان أبوها زمنا مثلا يحتاج إلى خدمتها ولو كان كافرا أو كانت لها نازلة ولم يسأل لها الزوج عنها من عالم فتخرج بلا إذنه كله كما بسطه في نفقات الفتح‏:‏ خلافا لما في القهستاني وإن تبعه ح حيث قال بعد الأخذ ليس لها أن تخرج بلا إذنه أصلا فافهم ‏(‏قوله أو لزيارة أبويها‏)‏ سيأتي في باب النفقات عن الاختيار تقييده بما إذا لم يقدرا على إتيانها، وفي الفتح أنه الحق‏.‏ قال‏:‏ وإن لم يكونا كذلك ينبغي أن يأذن لها في زيارتهما في الحين بعد الحين على قدر متعارف، أما في كل جمعة فهو بعيد، فإن في كثرة الخروج فتح باب الفتنة خصوصا إن كانت شابة والرجل من ذوي الهيآت ‏(‏قوله أو لكونها قابلة أو غاسلة‏)‏ أي تغسل الموتى كما في الخانية‏:‏ وسيذكر الشارح في النفقات عن البحر أنه له منعها لتقدم حقه على فرض الكفاية، وكذا بحثه الحموي‏.‏ وقال ط‏:‏ أنه لا يعارض المنقول‏.‏ وقال الرحمتي‏:‏ ولعله محمول على ما إذا تعين عليها ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن المتبادر من كلامهم الإطلاق، ولا مانع من أن يكون تزوجه بها مع علمه بحالها رضا بإسقاط حقه تأمل‏.‏ ثم رأيت في نفقات البحر ذكر عن النوازل أنها تخرج بإذنه وبدونه ثم نقل عن الخانية تقييده بإذن الزوج ‏(‏قوله فيما عدا ذلك‏)‏ عبارة الفتح‏:‏ وأما عدا ذلك من زيارة الأجانب وعيادتهم والوليمة لا يأذن لها ولا تخرج إلخ ‏(‏قوله والمعتمد إلخ‏)‏ عبارته فيما سيجيء في النفقة‏:‏ وله منعها من الحمام إلا النفساء وإن جاز بلا تزين وكشف عورة أحد‏.‏ قال الباقاني‏:‏ وعليه فلا خلاف في منعهن للعلم بكشف بعضهن، وكذا في الشرنبلالية معزيا للكمال ا هـ‏.‏ وليس عدم التزيين خاصا بالحمام لما قاله الكمال‏.‏ وحيث أبحنا لها الخروج فبشرط عدم الزينة في الكل، وتغيير الهيئة إلى ما لا يكون داعية إلى نظر الرجال واستمالتهم

‏(‏قوله مؤجلا ومعجلا‏)‏ تفسير لقوله كله والنصب بتقدير يعني‏.‏

مطلب في السفر بالزوجة

قال في البحر عن شرح المجمع‏:‏ وأفتى بعضهم بأنه إذا أوفاها المعجل والمؤجل وكان مأمونا سافر بها وإلا لا لأن التأجيل إنما يثبت بحكم العرف، فلعلها إنما رضيت بالتأجيل لأجل إمساكها في بلدها، أما إذا أخرجها إلى دار الغربة فلا إلخ ‏(‏قوله لكن في النهر إلخ‏)‏ ومثله في البحر حيث ذكر أولا أنه إذا أوفاها المعجل فالفتوى على أنه يسافر بها كما في جامع الفصولين‏.‏ وفي الخانية والولوالجية أنه ظاهر الرواية، ثم ذكر عن الفقيهين أبي القاسم الصفار وأبي الليث أنه ليس له السفر مطلقا بلا رضاها لفساد الزمان لأنها لا تأمن على نفسها في منزلها فكيف إذا خرجت وأنه صرح في المختار بأن عليه الفتوى‏.‏ وفي المحيط أنه المختار‏.‏ وفي الولوالجية أن جواب ظاهر الرواية كان في زمانهم، أما في زماننا فلا، وقال‏:‏ فجعله من باب اختلاف الحكم باختلاف العصر والزمان كما قالوا في مسألة الاستئجار على الطاعات، ثم ذكر ما في المتن عن شرح المجمع لمصنفه، ثم قال‏:‏ فقد اختلف الإفتاء والأحسن الإفتاء بقول الفقيهين من غير تفصيل واختاره كثير من مشايخنا كما في الكافي، وعليه عمل القضاء في زماننا كما في أنفع الوسائل‏.‏ ا هـ‏.‏ ولا يقال‏:‏ إنه إذا اختلف الإفتاء لا يعدل عن ظاهر الرواية لأن ذلك فيما لا يكون مبنيا على اختلاف الزمان كما أفاده كلام الولوالجية، وقول البحر فجعله إلخ فإن الاستئجار على الطاعات كالتعليم ونحوه لم يقل بجوازه الإمام ولا صاحباه‏.‏ وأفتى به المشايخ للضرورة التي لو كانت في زمان الإمام لقال به، فيكون ذلك مذهبه حكما كما أوضحت ذلك في شرح أرجوزتي المنظومة في رسم المفتي فافهم ‏(‏قوله وجزم به البزازي‏)‏ كذا في النهر مع أن الذي حط عليه كلام البزازي تفويض الأمر إلى المفتي، فإنه قال وبعد إيفاء المهر إذا أراد أن يخرجها إلى بلاد الغربة يمنع من ذلك لأن الغريب يؤذى ويتضرر لفساد الزمان‏:‏ ما أذل الغريب ما أشقاه كل يوم يهينه من يراه كذا اختار الفقيه وبه يفتي وقال القاضي‏:‏ قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏أسكنوهن من حيث سكنتم‏}‏ أولى من قول الفقيه قيل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تضاروهن‏}‏ في آخره دليل قول الفقيه‏.‏ لأنا قد علمنا من عادة زماننا مضارة قطعية في الاغتراب بها‏.‏ واختار في الفصول قول القاضي، فيفتي بما يقع عنده من المضارة وعدمها لأن المفتي إنما يفتي بحسب ما يقع عنده من المصلحة‏.‏ ا هـ‏.‏ فقوله فيفتي إلخ صريح في أنه لم يجزم بقول الفقيه ولا بقول القاضي، وإنما جزم بتفويض ذلك إلى المفتي المسئول عن الحادثة، وأنه لا ينبغي طرد الإفتاء بواحد من القولين على الإطلاق، فقد يكون الزوج غير مأمون عليها يريد نقلها من بين أهلها ليؤذيها أو يأخذ مالها، بل نقل بعضهم أن رجلا سافر بزوجته وادعى أنها أمته وباعها فمن علم منه المفتي شيئا من ذلك لا يحل له أن يفتيه بظاهر الرواية، لأنا نعلم يقينا أن الإمام لم يقل بالجواز في مثل هذه الصورة‏.‏ وقد يتفق تزوج غريب امرأة غريب في بلدة ولا يتيسر له فيها المعاش فيريد أن ينقلها إلى بلده أو غيرها وهو مأمون عليها، بل قد يريد نقلها إلى بلدها فكيف يجوز العدول عن ظاهر الرواية في الصورة والحال أنه لم يوجد الضرر الذي علل به القائل بخلافه بل وجد الضرر للزوج دونها فنعلم يقينا أيضا أن من أفتى بخلاف ظاهر الرواية لا يقول بالجواز في مثل هذه الصورة؛ ألا ترى أن من ذهب بزوجته للحج فقام بها في مكة مدة ثم حج وامتنعت من السفر معه إلى بلده هل يقول أحد بمنعه عن السفر بها وبتركها وحدها تفعل ما أرادت، فتعين تفويض الأمر إلى المفتي، وليس هذا خاصا بهذه المسألة بل لو علم المفتي أنه يريد نقلها من محلة إلى محلة أخرى في بلدة بعيدة عن أهلها لقصد إضرارها لا يجوز له أن يعينه على ذلك ومن أراد الاطلاع على أزيد من ذلك فلينظر في رسالتنا المسماة نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف التي شرحت بها بيتا من أرجوزتي في رسم المفتي وهو قولي‏:‏ والعرف في الشرع له اعتبار لذا عليه الحكم قد يدار ‏(‏قوله وفي الفصول إلخ‏)‏ قد علمت أن هذا اختيار صاحب البزازية وأن ما في الفصول غيره ‏(‏قوله وقيده‏)‏ الضمير يعود إلى النقل المفهوم من قوله وينقلها، وكذا الضمير في قوله وأطلقه، وقوله يمكنه الرجوع الأولى يمكنها‏.‏ وفي الشرنبلالية‏:‏ وينبغي العمل بالقول بعدم نقلها من المصر إلى القرية في زماننا لما هو ظاهر من فساد الزمان، والقول بنقلها إلى القرية ضعيف، لقول الاختيار‏:‏ وقيل يسافر بها إلى قرى المصر القريبة لأنها ليست بغربة ا هـ‏.‏ وليس المراد السفر الشرعي، بل النقل لقوله لأنها ليست بغربة ا هـ‏.‏ ما في الشرنبلالية‏.‏ قلت‏:‏ وفيه أنه بعد تصريح الكافي بأن الفتوى على جواز النقل، وفي قول القنية إنه الصواب كيف يكون ضعيفا، نعم لو اقتصر على الترجيح بفساد الزمان لكان أولى، لكن ينبغي العمل بما مر عن البزازية من تفويض الأمر إلى المفتي، حتى لو رأى رجلا يريد نقلها للإضرار بها والإيذاء لا يفتيه ولا سيما إذا كانت من أشراف الناس ولم تكن القرية مسكنا لأمثالها، فإن المسكن يعتبر بحالها كالنفقة كما سيأتي في بابها‏.‏

مطلب مسائل الاختلاف في المهر

‏(‏قوله وإن اختلفا في المهر‏)‏ قال في الفتح‏:‏ الاختلاف في المهر إما في قدره أو في أصله، وكل منهما في حال الحياة أو بعد موتهما أو موت أحدهما، وكل منهما إما بعد الدخول أو قبله ‏(‏قوله ففي أصله‏)‏ بأن ادعى أحدهما التسمية وأنكر الآخر ‏(‏قوله حلف‏)‏ أي بعد عجز المدعي عن البرهان، ولم يتعرض الشارحون للتحليف لظهوره كما في البحر ‏(‏قوله يجب مهر المثل‏)‏ قال في البحر‏:‏ ظاهر أنه يجب بالغا ما بلغ، وليس كذلك، بل لا يزاد على ما ادعته المرأة لو هي المدعية للتسمية، ولا ينقص عما ادعاه الزوج لو هو المدعي لها كما أشار إليه في البدائع‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ هذا يظهر لو سمى المدعي شيئا وإلا فلا تأمل‏.‏ ثم هذا مقيد بما إذا كان الاختلاف قبل الطلاق مطلقا أو بعده وبعد الدخول أو الخلوة أما لو طلقها قبل الدخول والخلوة فالواجب المتعة كما في البحر، ولم يتعرض له هنا لانفهامه من قوله الآتي وفي الطلاق قبل الوطء حكم متعة المثل ‏(‏قوله وفي المهر يحلف إجماعا‏)‏ إشارة إلى الرد على صدر الشريعة حيث قال ينبغي أن لا يحلف المنكر عند أبي حنيفة لأنه لا تحليف عنده في النكاح فيجب مهر المثل‏.‏ وقال في البحر‏:‏ وفيه نظر لأن التحليف هنا على المال لا على أصل النكاح فيتعين أن يحلف منكر التسمية إجماعا ا هـ‏.‏ وكذا اعترضه صاحب الدرر وابن الكمال ونسبه إلى الوهم ‏(‏قوله إجماعا‏)‏ قيد لقوله يجب ولقوله يحلف ‏(‏قوله وإن اختلفا في قدره‏)‏ أي نقدا كان أو مكيلا أو موزونا، وهو دين موصوف في الذمة أو عين‏.‏ وقيد بالقدر لأنه لو كان في جنسه كالعبد والجارية أو صفته من الجودة والرداءة أو نوعه كالتركي والرومي؛ فإن كان المسمى عينا فالقول وإن كان دينا فهو كالاختلاف في الأصل، وتمامه في البحر ‏(‏قوله حال قيام النكاح‏)‏ أي قبل الدخول أو بعده، وكذا بعد الطلاق والدخول رحمتي، وأما بعد الطلاق قبل الدخول فيأتي ‏(‏قوله فالقول لمن شهد له مهر المثل‏)‏ أي فيكون القول لها إن كان مهر مثلها كما قالت أو أكثر، وله إن كان كما قال أو أقل، وإن كان بينهما أي أكثر مما قال وأقل مما قالت ولا بينة تحالفا ولزم مهر المثل كذا في الملتقى وشرحه، وهذا على تخريج الرازي‏.‏ وحاصله أن التحالف فيما إذا خالف قولهما، أما إذا وافق قول أحدهما فالقول له وهو المذكور في الجامع الصغير وعلى تخريج الكرخي يتحالفان في الصور الثلاث ثم يحكم مهر المثل وصححه في المبسوط والمحيط، وبه جزم في الكنز في باب التحالف‏.‏ قال في البحر‏:‏ ولم أر من رجح الأول‏.‏ وتعقبه في النهر بأن تقديم الزيلعي وغيره له تبعا للهداية يؤذن بترجيحه وصححه في النهاية‏.‏ وقال قاضي خان‏:‏ إنه الأولى، ولم يذكر في شرح الجامع الصغير وغيره والأولى البداءة بتحليف الزوج، وقيل يقرع بينهما ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ بقي ما إذا لم يعلم مهر المثل كيف يفعل‏؟‏ والظاهر أنه يكون القول للزوج لأنه منكر للزيادة كما تقدم فيما إذا لم يوجد من يماثلها تأمل ‏(‏قوله وبينته مقدمة إلخ‏)‏ هذا ما قاله بعض المشايخ وجزم به في الملتقى، وكذا الزيلعي هنا وفي باب التحالف‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ تقدم بينتها أيضا لأنها أظهرت شيئا لم يكن بتصادقهما كما في البحر ‏(‏وقوله لإثبات خلاف الظاهر‏)‏ أي والظاهر مع من شهد له مهر المثل ط ‏(‏قوله وإن كان إلخ‏)‏ هذا بيان لثالث الأقسام في قوله فالقول لمن شهد له مهر المثل، وقوله وإن أقاما البينة إلخ فإنه إذا لم يقيما البينة أو أقاماها قد يشهد مهر المثل له أو لها أو يكون بينهما فقدم بيان القسمين الأولين في المسألتين، وهذا بيان الثالث، وقوله فإن حلفا راجع إلى المسألة الأولى وقوله أو برهنا راجع إلى الثانية، لكن كان عليه حذف قوله تحالفا لأنه إذا برهنا لا تحالف ‏(‏قوله تحالفا‏)‏ فإن نكل الزوج يقضى بألف وخمسمائة، كما لو أقر بذلك صريحا، وإن نكلت المرأة وجب المسمى ألف لأنها أقرت بالحط، وكذا في العناية‏.‏ واعترضه في السعدية بأنه إذا نكل يقضى بألفين على ما عرف أن أيهما نكل لزمه دعوى الآخر‏.‏ ا هـ‏.‏ وصورة المسألة فيما إذا ادعت الألفين وادعى هو الألف وكان مهر المثل ألفا وخمسمائة ‏(‏قوله قضي به‏)‏ أي بمهر المثل، لكن إذا برهنا يتخير الزوج في مهر المثل بين دفع الدراهم والدنانير، بخلاف التحالف لأن بينة كل واحد منهما تنفي تسمية الآخر فخلا العقد عن التسمية فيجب مهر المثل، ولا كذلك التحالف لأن وجوب قدر ما يقر به الزوج بحكم الاتفاق والزائد بحكم مهر المثل بحر، وتمامه فيه ‏(‏قوله وإن برهن أحدهما إلخ‏)‏ أي فيما إذا كان مهر المثل بينهما، ويغني عن هذا قوله قبله وأي أقام بينة قبلت شهد له مهر المثل أو لا، فإن قوله أولا صادق بما إذا شهد أو كان بينهما ‏(‏قوله لأنه نور دعواه‏)‏ أي لأن المبرهن أظهر دعواه وأوضحها بإقامة برهانه ط

‏(‏قوله وفي الطلاق‏)‏ مقابل قوله حال قيام النكاح ‏(‏قوله قبل الوطء‏)‏ أي أو الخلوة نهر ‏(‏قوله حكم متعة المثل‏)‏ فيكون القول لها إن كانت متعة المثل كنصف ما قالت أو أكثر، وله إن كانت المتعة كنصف ما قال أو أقل، وإن كانت بينهما تحالفا ولزمت المتعة‏.‏ وعند أبي يوسف القول له قبل الدخول وبعده لأنه ينكر الزيادة إلا أن يذكر مالا يتعارف مهرا أو متعة لها، كذا في الملتقى وشرحه‏.‏ وذكر في البحر أن رواية الأصل والجامع الصغير أن القول للزوج في نصف المهر من غير تحكيم للمتعة، وأنه صححه في البدائع وشرح الطحاوي، ورجحه في الفتح بأن المتعة موجبة فيما إذا لم تكن تسمية، وهنا اتفقا على التسمية فقلنا ببقاء ما اتفقا عليه وهو نصف ما أقر به الزوج، ويحلف على نصف دعواها الزائدة ا هـ‏.‏ والحاصل ترجيح قول أبي يوسف، لكن نقضه في الفتح بعد ذلك، وتمامه فيما علقنا على البحر ‏(‏قوله لو المسمى دينا‏)‏ هو ما يثبت في الذمة غير معين، بل الوصف كالنقود والمكيل والموزون والمذروع كما يعلم مما قدمناه عن البحر قوله وإن عينا‏)‏ أي معينا ‏(‏قوله كمسألة العبد والجارية‏)‏ أي المذكورة في البحر في الاختلاف في القدر قبل الطلاق بقوله وإن كان المسمى عينا بأن قال تزوجتك على هذا العبد وقالت المرأة على هذه الجارية إلخ فالمسألة مفروضة في المعين المشار إليه لا في مطلق عبد وجارية فافهم‏.‏ ‏(‏قوله فلها المتعة إلخ‏)‏ قال في البحر فلها المتعة من غير تحكيم إلا أن يرضى الزوج أن تأخذ نصف الجارية، بخلاف ما إذا اختلفا في الألف والألفين لأن نصف الألف ثابت بيقين لاتفاقهما على تسمية الألف، والملك في نصف الجارية ليس بثابت بيقين لأنهما لم يتفقا على تسمية أحدهما فلا يمكن القضاء بنصف الجارية إلا باختيارهما فإذا لم يوجد سقط البدلان فوجب الرجوع إلى المتعة، كذا في البدائع ‏(‏قوله تحالفا‏)‏ وتهاترت البينتان ‏(‏قوله وإن حلفا‏)‏ الأولى التفريع بالفاء ‏(‏قوله أصلا وقدرا‏)‏ فإن كان الاختلاف بين الحي وورثة الميت في الأصل، بأن ادعى الحي أن المهر مسمى وورثة الآخر أنه غير مسمى أو بالعكس وجب مهر المثل، وإن كان في المقدار حكم مهر المثل ط عن أبي السعود ‏(‏قوله لعدم سقوطه‏)‏ أي مهر المثل‏.‏ قال في الدرر لأن مهر المثل لا يسقط اعتباره بموت أحدهما؛ ألا ترى أن للمفوضة مهر المثل إذا مات أحدهما ‏(‏قوله القول لورثته‏)‏ فيلزمه ما اعترفوا به بحر، ولا يحكم بمهر المثل لأن اعتباره يسقط عند أبي حنيفة بعد موتهما درر ‏(‏قوله القول لمنكر التسمية‏)‏ هم ورثة الزوج أيضا كما في البحر، فالقول لهم في المسألتين، ولذا قال في الكنز ولو ماتا ولو في القدر فالقول لورثته فلو وصلية كما أفاده في النهر والعيني، فتفيد أن الاختلاف في التسمية كذلك ‏(‏قوله لم يقض بشيء‏)‏ الأولى ولم يقض بالعطف أي لأن موتهما يدل على انقراض أقرانهما فلا يمكن للقاضي أن يقدر مهر المثل كما في الهداية لأن مهر المثل يختلف باختلاف الأوقات، فإذا تقادم العهد يتعذر الوقوف على مقداره فتح، وهذا يدل على أنه لو كان العهد قريبا قضي به بحر‏.‏ قلت‏:‏ وبه صرح قاضي خان في شرح الجامع ‏(‏قوله ما لم يبرهن‏)‏ بالبناء للمجهول‏:‏ أي ما لم يبرهن ورثة الزوجة ‏(‏قوله وبه يفتى‏)‏ ذكره في الخانية، تبعه في متن الملتقى، وبه قالت الأئمة الثلاثة، لكن الشافعي يقول بعد التحالف‏.‏ وعندنا وعند مالك لا يجب التحالف فتح، وانظر إذا تقادم العهد كيف يقضى بمهر المثل‏.‏ وقد يقال‏:‏ يجري فيه ما تقدم من أنه إذا لم يوجد من يماثلها من قوم أبيها ولا من الأجانب فالقول للزوج، لكن مر أن القول به بيمينه تأمل‏.‏ ثم رأيت في البزازية معترضا على قول الكرخي إن جواب الإمام يتضح في تقادم العهد بقوله، وفيه نظر لأنه إذا تعذر اعتبار مهر المثل لا يكون الظاهر شاهدا لأحد فيكون القول لورثة الزوج لكونهم مدعى عليهم كما في سائر الدعاوى ‏(‏قوله وهذا كله إلخ‏)‏ نقله في البحر عن المحيط، وقال‏:‏ وأقره عليه الشارحون ا هـ‏.‏ وكذا ذكره قاضي خان في شرح الجامع وأقره‏.‏ قلت‏:‏ وحاصل ذلك أن المرأة إذا مات زوجها وقد دخل بها فجاءت تطلب مهرها هي أو ورثتها بعد موتها وقد جرت العادة أنها لا تسلم نفسها إلا بعد قبض شيء من المهر كمائة درهم مثلا لا يحكم لها بجميع مهر المثل عند عدم التسمية بل ينظر، فإن أقرت بما تعجلت من المتعارف وإلا قضي عليها به ثم يعمل في الباقي كما ذكرنا‏:‏ أي إن حصل اتفاق على قدر المسمى يدفع لها الباقي منه، وإلا فإن أنكر ورثة الزوج أصل التسمية فلها بقية مهر المثل وإن أنكروا القدر فالقول لمن شهد له مهر المثل، وبعد موتها القول في قدره لورثة الزوج، هذا هو المفهوم من هذه العبارة، فسرنا المتعارف تعجيله بمائة مثلا ليأتي قوله قضينا عليك بالمتعارف، وقوله ثم يعمل في الباقي كما ذكرنا لأنه لو كان المتعارف حصة شائعة كثلثي المهر كما هو المتعارف في زماننا لا يمكن أن يقضى عليها به إلا إذا كان المهر مسمى معلوم القدر، وإذا كان كذلك لا يتأتى فيه التفصيل المار، ولكن يعلم منه أن الحكم كذلك فيقضى عليها بالثلثين مثلا ويدفع لها الباقي‏.‏ وفي المنح عن الخانية‏:‏ رجل مات وترك أولادا صغارا فادعى رجل دينا على الميت أو وديعة وادعت المرأة مهرها، قال أبو القاسم ليس للوصي أن يؤدي شيئا من الدين الوديعة ما لم يثبت بالبينة‏.‏ وأما المهر‏:‏ فإن ادعت قدر مهر مثلها دفعه إليها إذا كان النكاح ظاهرا معروفا ويكون النكاح شاهدا لها قال الفقيه أبو الليث‏:‏ إن كان الزوج بنى بها فإنه يمنع منها مقدار ما جرت العادة بتعجيله ويكون القول قول المرأة فيما زاد على المعجل إلى تمام مهر مثلها‏.‏ ا هـ‏.‏ هذا، ونقل الرحمتي عن قاضي خان أنه قال إن في هذا نوع نظر لأن كل المهر كان واجبا بالنكاح فلا يقضى بسقوط شيء منه بحكم الظاهر لأنه لا يصلح حجة لإبطال ما كان ثابتا ا هـ‏.‏ ثم أطال في تأييد كلام القاضي ورد على الرملي في اعتراضه على القاضي بأن النظر مدفوع بغلب فساد الناس، فقال إن الفساد لا يسقط به حق ثابت بلا دليل والمهر دين في ذمة الزوج وقضاء بعضه إثبات دين في ذمتها بقدره وذلك لا يكون بظاهر الحال لأن الظاهر يصلح للدفع لا للإثبات‏.‏ قلت‏:‏ وذكر في البزازية قريبا مما قاله القاضي، لكن ما قاله الفقيه مبني على أن العرف الشائع مكذب لها في دعواها عدم قبض شيء، وحيث أقره الشارحون وكذا قاضي خان في شرح الجامع فيفتى به وهو نظير إعمالهم العرف وتكذيب الأب أن الجهاز عارية على ما يأتي بيانه مع أنه هو المملك، فلولا العرف لكان القول قوله، والله أعلم‏.‏ ‏(‏قوله وهذا إذا ادعى الزوج إلخ‏)‏ هذا من عند صاحب البحر، والمراد الزوج لو كان حيا أو ورثته كما هو ظاهر فلا يرد ما في الشرنبلالية من أن هذا لا يتأتى في حال موتهما‏.‏

مطلب فيما يرسله إلى الزوجة

‏(‏قوله ولو بعث إلى امرأته شيئا‏)‏ أي من النقدين أو العروض أو مما يؤكل قبل الزفاف أو بعد ما بنى بها نهر ‏(‏قوله ولم يذكر إلخ‏)‏ المراد أنه لم يذكر المهر ولا غيره ط ‏(‏قوله كقوله إلخ‏)‏ تمثيل للمنفي وهو يذكر ‏(‏قوله والبينة لها‏)‏ أي إذا أقام كل منهما بينة تقدم بينتها ط ‏(‏قوله فلها أن ترده‏)‏ لأنها لم ترض بكونه مهرا بحر قوله وترجع بباقي المهر‏)‏ أو كله إن لم يكن دفع لها شيئا منه قال في النهر‏:‏ وإن هلك وقد بقي لأحدهما شيء رجع به ا هـ‏.‏ أما لو كانت قيمة الهالك قدر المهر فلا رجوع لأحد‏.‏ وفي البزازية‏:‏ اتخذ لها ثيابا ولبستها حتى تحرقت ثم قال هو من المهر وقالت هو من النفقة أعني الكسوة الواجبة عليه فالقول لها، ولو الثوب قائما له فالقول له لأنه أعرف بجهة التمليك، وبخلاف الهالك لأنه يدعي سقوط بعض المهر والمرأة تنكر، وبالهلاك خرج عن المملوكية وحيث لا ملك بحال فالاختلاف في جهة التمليك باطل، فيكون اختلافا في ضمان الهالك وبدله، فالقول لمن يملك البدل والضمان ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ واستشكله في النهر وقال هذا يقتضي أن القول لها في الهالك في مسألة المتن، وهو مخالف لما قدمناه، والفرق يعسر فتدبر‏.‏ه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ بل الفرق يسير إن شاء الله تعالى، وذلك أن مسألة المتن في دعواها أنه هدية فلا تصدق ويكون القول له في حالتي الهلاك وعدمه لأنه المملك ولا شيء يخالف دعواه، وأما هنا فقد ادعت الكسوة الواجبة عليه فيكون القول له في القائم لما ذكرنا وتطلب منه مهرها وكسوتها‏.‏ أما الهالك فالقول لها في أمرين‏:‏ أحدهما أن الظاهر يصدقها فيه كما يأتي في المهيأ للأكل وما ينقله الشارح عن الفقيه‏.‏ ثانيهما أنه لو كان القول له فيه لزم ضياع حقها في الكسوة الواجبة عليه لأنها من النفقة والنفقة تسقط بمضي المدة فلا يمكنها المطالبة عما مضى ويلزم بذلك فتح باب الدعاوى الباطلة، بأن يدعي كل زوج بعد عشرين سنة أن جميع ما دفع لها من كسوة ونفقة من المهر فيرجع عليها بقيمته، وفي ذلك ما لا يرضاه الشرع من الإضرار بالنساء مع أن الظاهر والعادة تكذبه‏.‏ وأما في القائم فلا ضرر لأنها تطالبه بكسوة أخرى إذا لم يرض بكونه كسوة، ولا تقتضي العادة أن يكون المدفوع كسوتها لأن له أن يقول أعطيها كسوة غيرها، هذا ما ظهر لي، والله الميسر لكل عسير ‏(‏قوله ولو عوضته‏)‏ وكذا لو عوضه أبوها من مالها بإذنها أو من ماله فله الرجوع أيضا كما في الفتح وكأنه في البحر لم يره، فاستشكل ما قاله في الفتح قبل ذلك من أنه لو بعث أبوها من ماله فله الرجوع لو قائما وإلا فلا ولو من مالها بإذنها فلا رجوع لأنه هبة منها، والمرأة لا ترجع في هبة زوجها‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا محمول على ما إذا كان لا على جهة التعويض، فلا ينافي قول الشارح ولو عوضته إلخ بقرينة ما نقلناه أولا عن الفتح‏.‏ هذا، وقد ذكر مسألة التعويض في الفتح وغيره مطلقة وكذا في الخانية، لكنه قال فيها‏:‏ وقال أبو بكر الإسكاف‏:‏ إن صرحت حين بعثت أنها عوض فكذلك وإلا كان هبة منها وبطلت نيتها ا هـ‏.‏ ومثله في الهندية، وهذا يحتمل أن يكون بيانا لمرادهم أو حكاية لقول الآخر تأمل‏.‏ وينبغي اعتبار العرف فيما يقصد به التعويض فيكون كالملفوظ تأمل، وما في ط من أن المعتمد خلاف ما قاله الإسكاف وعزاه إلى الهندية لم أره فيها، نعم سيذكر الشارح في آخر كتاب الهبة أنه لا فرق بين تصريحها بالعوض وعدمه ‏(‏قوله من جنسه‏)‏ لم يذكر الزيلعي هذه الزيادة ط، ولم أر أحدا ذكرها، وفعل المراد بها أن العوض لو كان هالكا وهو مثلي ترجع عليه وبمثله فأراد بالجنس المثل تأمل ‏(‏قوله مشوي‏)‏ لا مفهوم له ط ‏(‏قوله لأن الظاهر يكذبه‏)‏ قال في الفتح‏:‏ والذي يجب اعتباره في ديارنا أن جميع ما ذكر من الحنطة واللوز والدقيق والسكر والشاة الحية وباقيها يكون القول فيها قول المرأة لأن المتعارف في ذلك كله أن يرسله هدية والظاهر معها لا معه، ولا يكون القول إلا في نحو الثياب والجارية ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ وهذا البحث موافق لما في الجامع الصغير، فإنه قال إلا في الطعام الذي يؤكل فإنه أعم من المهيأ للأكل وغيره ا هـ‏.‏ قال في النهر‏:‏ وأقول وينبغي أن لا يقبل قوله أيضا في الثياب المحمولة مع السكر ونحوه للعرف‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومن ذلك ما يبعثه إليها قبل الزفاف في الأعياد والمواسم من نحو ثياب وحلي، وكذا ما يعطيها من ذلك أو من دراهم أو دنانير صبيحة ليلة العرس ويسمى في العرف صبحة، فإن كل ذلك تعورف في زماننا كونه هدية لا من المهر ولا سيما المسمى صبحة، فإن الزوجة تعوضه عنها ثيابها ونحوها صبيحة العرس أيضا ‏(‏قوله ولذا قال الفقيه‏)‏ أي أبو الليث ‏(‏قوله كخف وملاءة‏)‏ لأنه لا يجب عليه تمكينها من الخروج بل يجب منعها إلا فيما سنذكره فتح‏.‏ قلت‏:‏ ينبغي تقييد ذلك بما لم تجر به العادة، لما حررناه من أن ذلك في عرفنا يلزم الزوج وأنه من جملة المهر كما قدمناه عن الملتقط أن لها منع نفسها للمشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر إلخ ومثله في عرفنا مناشف الحمام ونحوها، فإن ذلك بمنزلة المشروط في المهر فيلزمه دفعه ولا ينافيه وجوب منعها من الخروج والحمام كما لا يخفى ‏(‏قوله كخمار ودرع‏)‏ ومتاع البيت بحر، فمتاع البيت واجب عليه؛ فهذا محل ذكره فافهم، وسيذكر المصنف في النفقة أنه يجب عليه الطحن آلة الطحن وآنية شراب وطبخ ككوز وجرة وقدر ومغرفة‏.‏ قال الشارح‏:‏ وكذا سائر أدوات البيت كحصير ولبد وطنفسة إلخ ‏(‏قوله ما لم يدع أنه كسوة‏)‏ هذا تقييد من عند صاحب الفتح وأقره في البحر‏:‏ أي أن ما يجب عليه لو ادعاه مهرا لا يصدق لأن الظاهر يكذبه، أما لو ادعى أنه كسوة وادعت أنه هدية فالقول له لأن الظاهر معه

‏(‏قوله ولم يزوجها أبوها‏)‏ مثله ما إذا أبت وهي كبيرة ط ‏(‏قوله فما بعث للمهر‏)‏ أي مما اتفقا على أنه من المهر أو كان القول له فيه على ما تقدم بيانه ‏(‏قوله فقط‏)‏ قيد في عينه لا في قائما، واحترز به عما إذا تغير بالاستعمال كما أشار إليه الشارح‏.‏ قال في المنح لأنه مسلط عليه من قبل المالك فلا يلزم في مقابلة ما انتقص باستعماله شيء ح ‏(‏قوله أو قيمته‏)‏ الأولى أو بدلا له ليشمل المسمى ‏(‏قوله لأنه في معنى الهبة‏)‏ أي والهلاك والاستهلاك مانع من الرجوع بها، وعبارة البزازية لأنه هبة ا هـ‏.‏ ومقتضاه أنه يشترط في استرداد القائم القضاء أو الرضا، وكذا يشترط عدم ما يمنع من الرجوع، كما لو كان ثوبا فصبغته أو خالطته، ولم أر من صرح بشيء من غير ذلك فليرجع، والتقييد بالهدية احترازا عن النفقة فيما يظهر كما يأتي في مسألة الإنفاق على معتدة الغير

‏(‏قوله ولو ادعت إلخ‏)‏ ذكر في البحر هذه المسألة عند قول الكنز بعث إلى امرأته شيئا إلخ وقال قيد بكونه ادعاه مهرا لأنه لو ادعته مهرا وادعاه وديعة فإن كان من جنس المهر فالقول لها وإلا فله‏.‏ ا هـ‏.‏ فعلم أن هذه المسألة في دعوى الزوجة لا في دعوى المخطوبة التي لم يزوجها أبوها فكان المناسب ذكرها قبل قوله خطب بنت رجل إلخ وذلك لأن دعوى المخطوبة أن المبعوث من المهر أضرها لأنه يلزمها رده قائما وهالكا فالمناسب أن تكون دعوى الوديعة بها ودعوى المهر للزوج لأن الوديعة لا يلزمها ردها إذا هلكت، بخلاف الزوجة فإن دعواها أنه من المهر تنفعها لمنع الاسترداد مطلقا، ودعواه أنه وديعة تنفعه لأنه يطالبها باستردادها قائمة وبضمانها مستهلكة ‏(‏قوله بشهادة الظاهر‏)‏ يرجع إلى الصورتين ط

مطلب أنفق على معتدة الغير

‏(‏قوله أنفق على معتدة الغير إلخ‏)‏ حكى في البزازية في هذه المسألة ثلاثة أقوال مصححة‏.‏ حاصل الأول أنه يرجع مطلقا شرط التزوج أو لا، تزوجته أو لا لأنه رشوة‏.‏ وحاصل الثاني أنه إن لم يشرط لا يرجع‏.‏ وحاصل الثالث وقد نقله عن فصول العمادي أنه إن تزوجته لا يرجع، وإن أبت رجع شرط الرجوع أو لا إن دفع إليها الدراهم لتنفق على نفسها وإن أكل معها لا يرجع بشيء أصلا ا هـ‏.‏ وحاصل ما في فتح القدير حكاية الأول والأخير‏.‏ وحكى في البحر الأول أيضا ثم قال‏:‏ وقيل لا يرجع إذا زوجت نفسها وقد كان شرطه وصحح أيضا، وإن أبت ولم يكن شرطه لا يرجع على الصحيح ا هـ‏.‏ فقوله لا يرجع إذا تزوجت نفسها إلخ يفهم منه عدم الرجوع بالأولى إذا تزوجته ولم يشترط، وقوله وإن أبت إلخ يفهم منه أنه إن أبت وقد شرطه يرجع، فصار حاصل هذا القول الثاني أنه يرجع في صورة واحدة، وهي ما إذا أبت وكان شرط التزوج‏.‏ ولا يرجع في ثلاث‏:‏ وهي ما إذا أبت ولم يشترطه، أو تزوجته وشرطه، أو لم يشرط، فهذه أربعة أقوال كلها مصححة‏.‏ وذكر المصنف في شرحه أن المعتمد ما في فصول العمادي أعني القول الثالث وأن شيخه صاحب البحر أفتى به ا هـ‏.‏ قلت والذي اعتمده ففيه النفس الإمام قاضي خان هو القول الأول، فإنه ذكر أنه إن شرط التزوج رجع لأنه شرط فاسد، وإلا فإن كان معروفا فقيل يرجع وقيل لا ثم قال‏:‏ وينبغي أن يرجع لأنه إذا علم أنه لو لم تتزوج لا ينفق عليها كان بمنزلة الشرط كالمستقرض إذا أهدى إلى المقرض شيئا لم يكن أهدى إليه قبل الإقراض كان حراما، وكذا القاضي لا يجيب الدعوة الخاصة، ولا يقبل الهدية من رجل لو لم يكن قاضيا لا يهدي إليه، فيكون ذلك بمنزلة الشرط وإن لم يكن مشروطا ا هـ‏.‏ وأيده في الخيرية في كتاب النفقات‏.‏ وأفتى به حيث سئل فيمن خطب امرأة وأنفق عليها وعلمت أنه ينفق ليتزوجها فتزوجت غيره، فأجاب بأنه يرجع واستشهد له بكلام قاضي خان المذكور وغيره وقال إنه ظاهر الوجه فلا ينبغي أن يعدل عنه ا هـ‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

أفاد ما في الخيرية حيث استشهد على مسألة المخطوبة بعبارة الخانية أن الخلاف الجاري هنا جار في مسألة المخطوبة المارة وأن ما مر فيها من أن له استرداد القائم دون الهالك والمستهلك خاص بالهدية دون النفقة والكسوة، إذ لا شك أن المعتدة مخطوبة أيضا، ولا تأثير لكونها معتدة يحرم التصريح بخطبتها، بل التأثير للشرط وعدمه، وكونه شرطا فاسدا، وكون ذلك رشوة كما علمته من تعليل الأقوال‏.‏ وعلى هذا فما يقع في قرى دمشق من أن الرجل يخطب المرأة ويصير يكسوها ويهدي إليها في الأعياد ويعطيها دراهم للنفقة والمهر إلى أن يكمل لها المهر فيعقد عليها ليلة الزفاف، فإذا أبت أن تتزوجه ينبغي أن يرجع عليها بغير الهدية الهالكة على الأقوال الأربعة المارة لأن ذلك مشروط بالتزوج كما حققه قاضي خان فيما مر‏.‏ وبقي ما إذا ماتت فعلى القول لا كلام في أن له الرجوع، أما على الثالث فهل يلحق بالإباء‏؟‏ لم أره‏.‏ وينبغي الرجوع لأن الظاهر أن علة القول الثالث أنه كالهبة المشروط بالعوض وهو التزوج كما يفيده ما في حاوي الزاهدي برمز البرهان صاحب المحيط‏:‏ بعثت الصهرة إلى بيت الختن ثيابا لا رجوع لها بعده ولو قائمة ثم سئل، فقال لها الرجوع لو قائما‏.‏ قال الزاهدي‏:‏ والتوفيق أن البعث الأول قبل الزفاف ثم حصل الزفاف فهو كالهبة بشرط العوض وقد حصل فلا ترجع، والثاني بعد الزفاف فترجع ا هـ‏.‏ وكذا لم أر ما لو مات هو أو أبي فليراجع‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

لم يذكر ما لو أنفق على زوجته ثم تبين فساد النكاح، بأن شهدوا بالرضاع وفرق بينهما‏.‏ ففي الذخيرة له الرجوع بما أنفق بفرض القاضي لأنه تبين أنها أخذت بغير حق، ولو أنفق بلا فرض لا يرجع بشيء ‏(‏قوله بشرط أن يتزوجها‏)‏ الأولى أن يقول بطمع أن يتزوجها كما عبر في البحر ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ تفسير الإطلاق في الموضعين كما دل عليه كلام المصنف في شرحه شرط التزوج أو لم يشرطه، ولذا قلنا الأولى أن يقول بطمع أن يتزوجها ليتأتى الإطلاق المذكور، وهذا القول هو الثالث قد اعتمده المصنف في متنه وشرحه‏.‏ وقال في الفيض‏:‏ وبه يفتى ‏(‏قوله وإن أكلت معه فلا‏)‏ أي أنه إباحة لا تمليك، أو لأنه مجهول لا يعلم قدره تأمل، ولينظر وجه عدم الرجوع في الهدية الهالكة أو المستهلكة على ما قلناه من عدم الفرق بين المخطوبة والمعتدة ‏(‏قوله بحر عن العمادية‏)‏ صوابه منح عن العمادية، فإن ما في المتن عزاه في المنح إلى الفصول العمادية، وهو القول الثالث من الأقوال الأربعة التي قدمناها‏.‏ وأما ما في البحر فهو القول الأول، والقول الرابع، ولم يذكر القول الثالث أصلا ولا وقع فيه العزو إلى العمادية

‏(‏قوله ليس له الاسترداد منها‏)‏ هذا إذا كان العرف مستمرا أن الأب يدفع مثله جهازا لا عارية كما ذكره قريبا وكان يغنيه ما يأتي عما ذكره هنا‏.‏ ويمكن أن يكون هذا بيان حكم الديانة والآتي بيان حكم القضاء ‏(‏قوله في صحته‏)‏ احتراز عما لو سلمها في مرض موته فإنه تمليك للوارث، ولا يصح بدون إجازة الورثة ‏(‏قوله وكذا لو اشتراه لها في صغرها‏)‏ أي وإن سلمها في مرضه أو لم يسلمها أصلا لأنها ملكته بشراء الأب لها قبل التسليم كما يأتي‏.‏ ولو مات قبل دفع الثمن رجع البائع على تركته ولا رجوع للورثة عليها‏.‏ ففي أدب الأوصياء عن الخانية وغيرها الأب إذا اشترى خادما للصغير ونقد الثمن من مال نفسه لا يرجع عليه إلا إذا أشهد الرجوع وإن لم ينقده حتى مات ولم يكن أشهد أخذ من تركته ولا يرجع عليه بقية الورثة ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله والحيلة‏)‏ أي فيما لو أراد الاسترداد منها ‏(‏قوله والأحوط‏)‏ أي لاحتمال أنه اشترى لها بعض الجهاز في صغرها فلا يحل له أخذه بهذا الإقرار ديانة كما في البحر والدرر، وكذا لو كان بعدما سلمه إليها وهي كبيرة

‏(‏قوله عند التسليم‏)‏ أي بأن أبى أن يسلمها أخوها أو نحوه حتى يأخذ شيئا، وكذا لو أبى أن يزوجها فللزوج الاسترداد قائما أو هالكا لأنه رشوة بزازية‏.‏ وفي الحاوي الزاهدي برمز الأسرار للعلامة نجم الدين‏:‏ وإن أعطى إلى رجل شيئا لإصلاح مصالح المصاهرة إن كان من قوم الخطيبة أو غيرهم الذين يقدرون على الإصلاح والفساد وقال هو أجرة لك على الإصلاح لا يرجع وإن قال على عدم الفساد والسكوت يرجع لأنه رشوة، والأجرة إنما تكون في مقابلة العمل والسكوت ليس بعمل وإن لم يقل هو أجرة يرجع؛ وإن كان ممن يقدرون على ذلك، إن قال هو عطية أو أجرة لك على الذهاب والإياب أو الكلام أو الرسالة بيني وبينها لا يرجع، وإن لم يقل شيئا منها يكون هبة له الرجوع فيها إن لم يوجد ما يمنع الرجوع

‏(‏قوله وقالت هو تمليك‏)‏ كذا في الفتح والبحر وغيرهما‏.‏ ويشكل جعل القول لها بأنه اعترف بملكية الأب وانتقال الملك إليها من جهته، وقد صرح في البدائع بأن المرأة لو أقرت بأن هذا المتاع اشتراه لي زوجي سقط قولها لأنها أقرت بالملك له ثم ادعت الانتقال إليها فلا يثبت إلا بدليل‏.‏ ا هـ‏.‏ ويجاب بأن هذه المسائل التي عملوا فيها بالظاهر كاختلاف الزوجين في متاع البيت ونحوها مما يأتي في كتاب الدعوى آخر باب التحالف، ومثله ما مر في الاختلاف في دعوى المهر والهدية ‏(‏قوله فالمعتمد إلخ‏)‏ عبر عنه في فتح القدير بأنه المختار للفتوى‏.‏ ومقابلة ما نقله قبله من أن القول لها أي بدون تفصيل بشهادة الظاهر لأن العادة دفع ذلك هبة‏.‏ واختاره الإمام السرخسي من أن القول للأب لأن ذلك يستفاد من جهته ا هـ‏.‏ والظاهر أن القول المعتمد توفيق بين هذين القولين يجعل خلافا لفظيا ‏(‏قوله فالقول للأب‏)‏ أي مع اليمين كما في فتاوى قارئ الهداية‏.‏ قلت‏:‏ وينبغي تقييد القول للأب بما إذا كان الجهاز كله من ماله، أما لو جهزها بما قبضه من مهرها فلا لأن الشراء وقع لها حيث كانت راضية بذلك وهو بمنزلة الإذن منها عرفا نعم لو زاد على مهرها فالقول له في الزائد إن كان العرف مشتركا‏.‏ ثم اعلم أنه قال في الأشباه‏:‏ إن العادة إنما تعتبر إذا اطردت أو غلبت، ولذا قالوا في البيع‏:‏ لو باع بدراهم أو دنانير في بلد اختلف فيها النقود مع الاختلاف في المالية والزواج انصرف البيع إلى الأغلب‏.‏ قال في الهداية لأنه هو المتعارف فينصرف المطلق إليه ا هـ‏.‏ كلام الأشباه‏.‏مطلب في دعوى الأب أن الجهاز عارية

قلت‏:‏ ومقتضاه أن المراد من استمرار العرف هنا غلبته، ومن الاشتراك كثرة كل منهما إذ لا نظر إلى النادر ولأن حمل الاستمرار على كل واحد من أفراد الناس في تلك البلدة لا يمكن، ويلزم عليه إحالة المسألة إذ لا شك في صدور العارية من بعض الأفراد والعادة الفاشية الغالبة في أشراف الناس وأوساطهم دفع ما زاد على المهر من الجهاز تمليكا سوى ما يكون على الزوجة ليلة الزفاف من الحلي والثياب، فإن الكثير منه أو الأكثر عارية، فلو ماتت ليلة الزفاف لم يكن للرجل أن يدعي أنه لها يلي القول فيه للأب أو الأم أنه عارية أو مستعار لها كما يعلم من قول الشارح، كما لو كان أكثر مما يجهز به مثلها وقد يقال هذا ليس من الجهاز عرفا‏.‏ وبقي لو جرى العرف في تمليك البعض وإعارة البعض‏.‏ ورأيت في حاشية الأشباه للسيد محمد أبي السعود عن حاشية الغزي قال الشيخ الإمام الأجل الشهيد‏:‏ المختار للفتوى أن يحكم بكون الجهاز ملكا لا عارية لأن الظاهر الغالب إلا في بلدة جرت العادة بدفع الكل عارية فالقول للأب‏.‏ وأما إذا جرت في البعض يكون الجهاز تركة يتعلق بها حق الورثة هو الصحيح‏.‏ ا هـ‏.‏ ولعل وجهه أن البعض الذي يدعيه الأب بعينه عارية لم تشهد به العادة، بخلاف ما لو جرت العادة بإعارة الكل فلا يتعلق به حق ورثتها بل يكون كله للأب، والله تعالى أعلم‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

ذكر البيري في شرح الأشباه أن ما ذكروه في مسألة الجهاز إنما هو فيما إذا كان النزاع من الأب أما لو مات فادعت ورثته فلا خلاف في كون الجهاز للبنت لما في الولوالجية‏:‏ جهز ابنته ثم مات فطلب بقية الورثة القسمة، فإن كان الأب اشترى لها في صغرها أو في كبرها وسلم لها في صحته لها خاصة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفيه نظر لأن كلام الولوالجية في ملك البنت له بالشراء لو صغيرة، وبالتسليم لو كبيرة‏.‏ ولا فرق فيه بين موت الأب وحياته، ويدل عليه ما مر من قول المصنف والشارح ليس له الاسترداد منها ولا لورثته بعده وإنما الكلام في سماع دعوى العارية بعد الشراء أو التسليم والمعتمد البناء على العرف كما علمت، ولا فرق في ذلك أيضا بين موت الأب وحياته، فدعوى ورثته كدعواه فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله ما لو كان إلخ‏)‏ والظاهر أنه إن أمكن التمييز فيما زاد على ما جهز به مثلها كان القول فيه، وإلا فالقول في الجميع رحمتي

‏(‏قوله والأم كالأب‏)‏ عزاه المصنف إلى فتاوى قارئ الهداية، وكذا بحثه ابن وهبان كما يأتي ‏(‏قوله وكذا ولي الصغيرة‏)‏ ذكره ابن وهبان في شرح منظومته بحثا حيث قال‏:‏ وينبغي أن يكون الحكم فيما تدعيه الأم، وولي الصغيرة إذا زوجها كما مر لجريان العرف في ذلك، لكن قال ابن الشحنة في شرحه قلت‏:‏ وفي الولي عند نظر‏.‏ ا هـ‏.‏ وتردد في البحر في الأم والجد، وقال‏:‏ إن مسألة الجد صارت واقعة الفتوى ولم يجد فيها نقلا‏.‏ وكتب الرملي أن الذي يظهر ببادي الرأي أن الأم والجد كالأب إلخ ‏(‏قوله واستحسن في النهر‏)‏ حيث قال‏:‏ وقال الإمام قاضي خان‏:‏ وينبغي أن يقال إن كان الأب من الأشراف لم يقبل قوله إنه عادة، وإن كان ممن لا يجهز البنات بمثل ذلك قبل قوله، وهذا لعمري من الحسن بمكان‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ولعل وجه استحسانه مع أنه لا يغاير القول المعتمد أنه تفصيل له، وبيان لكونه الاشتراك الذي قد يقع في بعض البلاد إنما هو في غير الأشراف

‏(‏قوله وعلمه‏)‏ عطف تفسير، فالمدار على العلم والسكوت بعده وإن كان غائبا ‏(‏قوله وزفت إلى الزوج‏)‏ قيد به لأن تمليك البالغة بالتسليم، وهو إنما يتحقق عادة بالزفاف لأنه حينئذ يصير الجهاز بيدها فافهم ‏(‏قوله ما هو معتاد‏)‏ مفهومه أنه لو كان زائدا على المعتاد لا يكون سكوته رضا فتضمن، وهل تضمن الكل أو قدر الزائد‏؟‏ محل تردد وجزم ط بالثاني ‏(‏قوله السبع والثلاثين‏)‏ قال ح‏:‏ قدمناها في باب الولي عن الأشباه ‏(‏قوله على ما في زواهر الجواهر‏)‏ أي حاشية الأشباه للشيخ صالح ابن مصنف التنوير، فإنه زاد على ما في الأشباه ثلاث عشرة مسألة ذكرها الشارح في كتاب الوقف ح

‏(‏قوله يليق به‏)‏ الضمير في عبارة البحر عن المبتغى عائد إلى ما بعثه الزوج إلى الأب من الدراهم والدنانير، ثم قال‏:‏ والمعتبر ما يتخذ للزوج لا ما يتخذ لها‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا المبعوث يسمى في عرف الأعاجم بالدستمان كما يأتي ‏(‏قوله إلا إذا سكت طويلا‏)‏ قال الشارح في كتاب الوقف ولو سكت بعد الزفاف زمانا يعرف بذلك رضاه لم يكن له أن يخاصم بعد ذلك وإن لم يتخذ له شيء‏.‏ ا هـ‏.‏ ح وأشار بقوله يعرف إلى أن المعتبر في الطول والقصر العرف ‏(‏قوله لكن في النهر إلخ‏)‏ ومثله في جامع الفصولين ولسان الحكام عن فتاوى ظهير الدين المرغيناني، وبه أفتى في الحامدية‏.‏ قلت وفي البزازية ما يفيد التوفيق حيث قال‏:‏ تزوجها وأعطاها ثلاثة آلاف دينار الدستمان وهي بنت موسر ولم يعط لها الأب جهازا أفتى الإمام جمال الدين وصاحب المحيط بأن له مطالبة الجهاز من الأب على قدر العرف والعادة أو طلب الدستيمان‏.‏ قال‏:‏ وهذا اختيار الأئمة‏.‏ وقال الإمام المرغيناني‏:‏ الصحيح أنه لا يرجع بشيء لأن المال في النكاح غير مقصود‏.‏ وكان بعض أئمة خوارزم يعترض بأن الدستيمان هو المهر المعجل كما ذكره في الكافي وغيره، فهو مقابل بنفس المرأة، حتى ملكت حبس نفسها لاستيفائه فكيف يملك الزوج طلب الجهاز والشيء لا يقابله عوضان‏.‏ وأجاب عنه الفقيه ناقلا عن الأستاذ أن الدستيمان إذا أدرج في العقد فهو المعجل الذي ذكرته، وإن لم يدرج فيه ولم يعقد عليه فهو كالهبة بشرط العوض وذلك ما قلناه، إن لم يذكره في العقد وزفت إليه بلا جهاز وسكت الزوج أياما لا يتمكن من دعوى الجهاز لأنه لما كان محتملا وسكت زمانا يصلح للاختيار دل أن الغرض لم يكن الجهاز ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وحاصله أن ذلك المعجل لا يلزم كونه هو المهر المعجل دائما كما يوهمه كلام الكافي حتى يرد أنه مقابل لنفسها لا بجهازها بل فيه تفصيل، وهو أنه إن جعل من جملة المهر المعقود عليه فهو المهر المعجل وهو مقابل بنفس المرأة وإلا فهو مقابل بالجهاز عادة، حتى لو سكت بعد الزفاف ولم يطلب جهازا علم أنه دفعه تبرعا بلا طلب عوض وهو في غاية الحسن، وبه يحصل التوفيق، والله الموفق، ولكن الظاهر جريان الخلاف في صورة ما إذا كان معقودا عليه لأنه وإن ذكر على أنه مهر، لكن من المعلوم عادة أن كثرته لأجل كثرة الجهاز، فهو في المعنى بدل له أيضا، ولهذا كان مهر من لا جهاز لها أقل من مهر ذات الجهاز وإن كانت أجمل منها‏.‏ ويجاب بأنه لما صرح بكونه مهرا وهو ما يكون بدل البضع الذي هو المقصود الأصلي من النكاح دون الجهاز لم يعتبر المعنى وسيأتي في باب النفقة إن شاء الله تعالى مزيد بيان لهذه المسألة وأن هذا غير معروف في زماننا، بل كل أحد يعلم الجهاز للمرأة إذا طلقها تأخذه كله، وإذا ماتت يورث عنها، وإنما يزيد المهر طمعا في تزيين بيته به وعوده إليه ولأولاده إذا ماتت، وهذه المسألة نظير ما لو تزوجها بأكثر من مهر المثل على أنها بكر فإذا هي ثيب، فقد مر الخلاف في لزوم الزيادة وعدمه بناء على الخلاف في هذه المسألة وقد مر أن المرجح اللزوم، فلذا كان المصحح هنا عدم الرجوع بشيء كما مر عن المرغيناني‏.‏

‏(‏قوله نكح ذمي إلخ‏)‏ لما فرغ من مهور المسلمين ذكر مهور الكفار، ويأتي بيان أنكحتهم، وقوله أو مستأمن يشير إلى أنه لو عبر المصنف بالكافر لكان أولى لأن المستأمن كالذمي هنا نهر عن العناية ‏(‏قوله ثمة‏)‏ أي في دار الحرب ‏(‏قوله بميتة‏)‏ المراد بها كل ما ليس بمال كالدم بحر ‏(‏قوله وذا جائز عندهم‏)‏ بأن كان لا يلزم عندهم مهر المثل بالنفي وبما ليس بمال ‏(‏قوله قبله‏)‏ أي قبل الوطء ‏(‏قوله فلا مهر لها‏)‏ هذا قوله‏.‏ وعندهما لها مهر المثل إذا دخل بها أو مات عنها، والمتعة لو طلقها قبل الوطء، وقيل في الميتة والسكوت روايتان‏.‏ والأصح أن الكل على الخلاف هداية، لكن في الفتح بأن ظاهر الرواية وجوب مهر المثل في السكوت عنه لأن النكاح معاوضة، فما لم ينص على نفي العوض يكون مستحقا لها، وذكر الميتة كالسكوت لأنها ليست مال عندهم فذكرها لغو نهر ‏(‏قوله ولو أسلما إلخ‏)‏ لو وصلية‏.‏ وعبارة الفتح‏:‏ ولو أسلما أو رفع أحدهما إلينا أو ترافعا ا هـ‏.‏ ولم يقل أو أسلم أحدهما لانفهامه بالأولى ‏(‏قوله لأنا أمرنا بتركهم‏)‏ أي ترك إعراض لا تقرير، وقوله وما يدينون الواو للعطف أو المصاحبة فلا نمنعهم عن شرب الخمر وأكل الخنزير وبيعهما ط عن أبي السعود ‏(‏قوله وتثبت بقية أحكام النكاح‏)‏ أي إن اعتقداها أو ترافعا إلينا ط ‏(‏قوله كعدة‏)‏ أي لو طلقها وأمرها بلزوم بيتها إلى انقضاء عدتها ورفع الأمر إلينا حكمنا عليها بذلك، وكذا لو طلبت نفقة العدة ألزمنا بها رحمتي ‏(‏قوله ونسب‏)‏ أي يثبت نسب ولده فيما يثبت به النسب بيننا رحمتي ‏(‏قوله وخيار بلوغ‏)‏ أي لصغير وصغيرة إذا كان المزوج غير الأب والجد ط ‏(‏قوله وتوارث بنكاح صحيح‏)‏ هو ما يقران عليه إذا أسلما، بخلاف نكاح محرم أو في عدة مسلم كما سيأتي في الفرائض ‏(‏قوله وحرمة مطلقة ثلاثا إلخ‏)‏ فيفرق بينهما ولو بمرافعة أحدهما، وأما لو كانا محرمين فلا يفرق إلا بمرافعتهما كما سيأتي في نكاح الكافر

‏(‏قوله قبل القبض‏)‏ أما بعده فليس لها إلا ما قبضه ولو كان غير معين وقت العقد نهر ‏(‏قوله فلها ذلك‏)‏ هذا قول الإمام وقال الثاني لها مهر المثل في المعين وغيره وقال الثالث لها القيمة فيهما نهر ‏(‏قوله وتسيب الخنزير‏)‏ كذا في الفتح‏.‏ قال الرحمتي‏:‏ والأولى فتقتل الخنزير ‏(‏قوله ولو طلقها إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ ولو طلقها قبل الدخول في المعين لها نصفه عند أبي حنيفة، وفي غير المعين في الخمر لها نصف القيمة، وفي الخنزير المتعة‏.‏ وعند محمد لها نصف القيمة بكل حال لأنه أوجب القيمة فتنتصف‏.‏ وعند أبي يوسف وهو الموجب لمهر المثل لها المتعة لأن مهر المثل لا يتنصف ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله إذا أخذ قيمة القيمي إلخ‏)‏ بيانه أن أخذ المثل في المثلي أو القيمة بمنزلة أخذ العين، والخمر مثلي، فأخذ قيمته ليس كأخذ عينه، بخلاف القيمة في القيمي كالخنزير فلذا أوجبنا فيه مهر المثل‏.‏ وأورد ما لو اشترى ذمي من ذمي دارا بخنزير فإن لشفيعها المسلم أخذها بقيمة الخنزير‏.‏ وأجيب بأن قيمة الخنزير كعينه لو كانت بدلا عنه كمسألة النكاح والقيمة في الشفعة بدل الدار لا عن الخنزير، وإنما صير إليها للتقدير بها لا غير‏.‏ واعترض بأن القيمة في النكاح أيضا بدل عن الغير وهو البضع والمصير إليه للتقدير‏.‏ والجواب ما قالوا من أنه لو أتاها بقيمة الخنزير قبل الإسلام أجبرت على القبول لأن القيمة لها حكم العين فكانت من موجبات تلك التسمية وبالإسلام تعذر أخذ القيمة فأوجبنا ما ليس من موجباتها وهو مهر المثل، فهذا يدل على أن قيمة الخنزير بدل عن النكاح بمنزلة عينه ولذا أجبرت المرأة على قبولها قبل الإسلام لا بعده، بخلاف مسألة الدار؛ ولو سلم عدم الفرق فقد يجاب بما مر آخر الزكاة في باب العاشر من أن جواز الأخذ بالقيمة في الدار لضرورة حق الشفيع ولا ضرورة هنا لإمكان إيجاب مهر المثل

‏(‏قوله الوطء في دار الإسلام‏)‏ أي إذا كان بغير ملك اليمين‏.‏ واحترز عن الوطء في دار الحرب فإنه لا حد فيه، وأما المهر فلم أره ‏(‏قوله إلا في مسألتين‏)‏ كذا في الأشباه من النكاح وفيها من أحكام غيبوبة الحشفة أن المستثنى ثمان مسائل، فزاد على ما هنا الذمية إذا نكحت بغير مهر ثم أسلما وكانوا يدينون أن لا مهر فلا مهر‏.‏ والسيد إذا زوج أمته من عبده فالأصح أن لا مهر والعبد إذا وطئ سيدته بشبهة فلا مهر أخذا من قولهم فيما قبلها أن المولى لا يستوجب على عبده دينا، وكذا لو وطئ حربية أو وطئ الجارية الموقوفة عليه أو وطئ المرهونة بإذن الراهن ظانا الحل‏.‏ وقال‏:‏ ينبغي أن لا مهر في الثلاثة الأخيرة ولم أره الآن‏.‏ ا هـ‏.‏ ونقل ح عن حدود البخر في نوع ما لا حد فيه حد لشبهة المحل أن من هذا النوع وطء المبيعة فاسدا قبل القبض لا حد فيه لبقاء الملك أو بعده لأن له حق الفسخ فله حق الملك فيها، وكذا المبيعة بشرط الخيار للبائع لبقاء ملكه أو للمشتري لأنها لم تخرج عن ملكه بالكلية هـ‏.‏ قال ح‏:‏ لا مهر في هذه الأربع‏؟‏ إطلاق الشارح يشعر بذلك، فليراجع قلت‏:‏ أما الأولى فداخلة في مسألة بيع الأمة قبل التسليم فلا مهر، ومثلها المبيعة بخيار للبائع لأن وطأها يكون فسخا للبيع، أما المبيعة فاسدا بعد القبض فينبغي لزوم المهر لوقوع الوطء في ملك غيره، وكذا المبيعة بخيار للمشتري إن مضى البيع فافهم ‏(‏قوله صبي نكح إلخ‏)‏ في الخانية‏:‏ المراهق إذا تزوج بلا إذن وليه امرأة ودخل بها فرد أبوه نكاحه قالوا لا يجب على الصبي حد ولا عقر؛ أما الحد فلمكان الصبا، أما العقر فلأنها إنما زوجت نفسها منه مع علمها أن نكاحه لا ينفذ فقد رضيت ببطلان حقها ا هـ‏.‏ وكذا لو زنى بثيب وهي نائمة فلا حد عليه ولا عقر أو ببكر بالغة دعته إلى نفسها وأزال عذرتها، وعليه المهر لو مكرهة أو صغيرة أو أمة ولو بأمرها لعدم صحة أمر الصغيرة في إسقاط حقها وأمر الأمة في إسقاط حق المولى، ولا مهر عليه بإقراره بالزنى‏.‏ ا هـ‏.‏ هندية ملخصا ‏(‏قوله وبائع أمته‏)‏ أي إذا وطئها قبل التسليم إلى المشتري لا حد عليه ولا مهر لأنه من شبهة المحل لكونها في ضمانه ويده، إذ لو هلكت عادت إلى ملكه والخراج بالضمان، فلو وجب عليه المهر استحقه ‏(‏قوله يسقط‏)‏ أي عن المشتري ويثبت له الخيار كما لو أتلف جزءا منها ولوالجية ‏(‏قوله وإلا فلا‏)‏ أي وإن لم تكن بكارة فلا يسقط شيء ولا خيار له أيضا‏.‏ وروي عن الإمام أن له الخيار ولوالجية

‏(‏قوله تدافعت جارية إلخ‏)‏ تقدم الكلام عليها أول الباب‏.‏

مطلب لأبي الصغيرة المطالبة بالمهر

‏(‏قوله لأبي الصغيرة المطالبة بالمهر‏)‏ ولو كان الزوج لا يستمتع بها كما في الهندية عن التجنيس؛ والصغيرة غير قيد‏.‏ ففي الهندية للأب والجد والقاضي قبض صداق البكر صغيرة كانت أو كبيرة إلا إذا نهته وهي بالغة صح النهي، وليس لغيرهم ذلك، والوصي يملك ذلك على الصغيرة والثيب البالغة حق القبض لها دون غيرها‏.‏ ا هـ‏.‏ وشمل قوله وليس لغيرهم الأم، وليس لها القبض إلا إذا كانت وصية، وحينئذ فتطالب الأم إذا بلغت دون الزوج كما أفاده في الهندية ط‏.‏ قلت أي لم تطالب الأم إذا ثبت القبض بغير إقرار الأم لما في البزازية وغيرها‏:‏ وأدركت وطلبت المهر من الزوج فادعى الزوج أنه دفعه إلى الأب في صغرها وأقر الأب به لا يصح إقراره عليها لأنه لا يملك القبض في هذه الحالة فلا يملك الإقرار به وتأخذ من الزوج ولا يرجع على الأب لأنه أقر بقبض الأب في وقت له ولاية قبضه إلا إذا كان قال عند الأخذ أبرأتك من مهرها ثم أنكرت البنت له الرجوع هنا على الأب‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيها قبض الولي المهر ثم ادعى الرد على الزوج لا يصدق إذا كانت بكرا لأنه يلي القبض لا الرد ولو ثيبا يصدق لأنه أمين ادعى رد الأمانة‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيها قبض الأب مهرها وهي بالغة، أو لا، وجهزها، أو قبض مكان المهر عينا ليس لها أن لا تجيز لأن ولاية قبض المهر إلى الآباء وكذا التصرف فيه ا هـ‏.‏ لكن في الهندية‏:‏ ولو قبض بمهر البالغة ضيعة فلم ترض إن جرى التعارف بذلك جاز له وإلا ولو بكرا وتمام مسائل قبض المهر في البحر والنهر أول باب الأولياء ‏(‏قوله قال البزازي إلخ‏)‏ عبارته‏:‏ ولا يجبر الأب على دفع الصغيرة إلى الزوج ولكن يجبر الزوج على إيفاء المعجل، فإن زعم الزوج أنها تتحمل الرجال وأنكر الأب فالقاضي يريها النساء ولا يعتبر السن ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ بل في التتارخانية‏:‏ البالغة إذا كانت لا تتحمل لا يؤمر بدفعها إلى الزوج‏.‏

مطلب في مهر السر ومهر العلانية

‏(‏قوله المهر مهر السر إلخ‏)‏ المسألة على وجهين الأول تواضعا في السر على مهر ثم تعاقدا في العلانية بأكثر والجنس واحد، فإن اتفقا على المواضعة فالمهر مهر السر وإلا فالمسمى في العقد ما لم يبرهن الزوج على أن الزيادة سمعة وإن اختلف الجنس، فإن لم يتفقا على المواضعة فالمهر هو المسمى في العقد، وإن اتفقا عليها انعقد بمهر المثل، وإن تواضعا في السر على أن المهر دنانير ثم تعاقدا في العلانية على أن لا مهر لها فالمهر ما في السر من الدنانير لأنه لم يوجد ما يوجب الإعراض عنها وإن تعاقدا على أن لا تكون الدنانير مهرا لها أو سكتا في العلانية عن المهر انعقد بمهر المثل‏.‏ الوجه الثاني أن يتعاقدا في السر على مهر ثم أقر في العلانية بأكثر فإن اتفقا أو أشهدا أن الزيادة سمعة فالمهر ما ذكر عند العقد في السر وإن لم يشهد فعندهما المهر هو الأول‏.‏ وعنده هو الثاني ويكون جميعه زيادة على الأول لو من خلاف جنسه وإلا فالزيادة بقدر ما زاد على الأول ا هـ‏.‏ ملخصا من الذخيرة‏.‏ والحاصل في الوجه الأول أن العقد إنما جرى في العلانية فقط، وفي الوجه الثاني بالعكس أو جرى مرتين مرة في السر ومرة في العلانية كما قدمناه مبسوطا عن الفتح عند قول المصنف، وما فرض بعد العقد أو زيد لا يتنصف وفيه نوع مخالفة لما هنا يمكن دفعها بإمعان النظر ‏(‏قوله المؤجل إلى الطلاق‏)‏ احتراز عن المهر المؤجل إلى مدة معلومة فإنه يبقى إلى أجله بعد الطلاق، وقوله يتعجل بالرجعي أي مطلقا أو إلى انقضاء العدة كما هو قول عامة المشايخ، وعلى الأول لا يتأجل لو راجعها وليس الرجعي بقيد بل البائن مثله بالأولى وقدمنا تمام الكلام على ذلك عند قوله ولها منعه من الوطء إلخ

‏(‏قوله ولو وهبته المهر إلخ‏)‏ أي لو قال لمطلقته لا أتزوجك حتى تهبيني ما لك علي من مهرك ففعلت على أن لا يتزوجها فأبى فالمهر عليه تزوج أم لا بزازية، وقوله فأبى‏:‏ أي قال لا أتزوجك فيكون ردا للهبة، فلذا بقي المهر عليه وإن تزوجها بعد الإباء ‏(‏قوله ولو وهبته لأحد‏)‏ أي غير الزوج لأن هبة الدين لمن عليه الدين تصح مطلقا أما هبته لغيره فلا تصح ما لم يسلطه على قبضه فيصير كأنه وهبه حين قبضه، ولا يصح إلا بقبضه كما في جامع الفصولين ‏(‏قوله لم تصح‏)‏ أي الهبة ‏(‏قوله وهذه حيلة إلخ‏)‏ أفاد أنها غير قاصرة على المهر، وفيه بعد الاشتراط رضا المديون بالحوالة‏.‏ فإذا كان طالبا للهبة لا يرضى بالحوالة إلا أن يصور فيمن يجهل أن الحوالة تمنع من صحة الهبة‏.‏ وأجاب الشارح في مسائل شتى آخر الكتاب بأنه يتمكن المحال من مطالبة المديون برفعه إلى من لا يشترط قبوله‏:‏ أي كما كان المذهب تأمل‏.‏ ومن الحيل شراء شيء ملفوف من زوجها بالمهر قبل الهبة أي ثم ترده بعدها بخيار رؤية أو يصالحها إنسان عن المهر بشيء ملفوف قبل الهبة كما في البحر عن القنية، والأخيرة أحسن، والله تعالى أعلم‏.‏