فصل: باب نكاح الرقيق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب نكاح الرقيق

لما فرغ من نكاح من له أهلية النكاح من المسلمين شرع في بيان من ليس له ذلك وهو الرقيق، وقدمه على الكافر لأن الإسلام غالب فيهم نهر‏.‏ ‏(‏قوله هو المملوك‏)‏ في الصحاح الرقيق المملوك يطلق على الواحد والجمع‏.‏ قال في البحر‏:‏ والمراد هنا المملوك من الآدمي لأنهم قالوا إن الكافر إذا أسر في دار الحرب فهو رقيق لا مملوك وإذا أخرج فهو مملوك أيضا، فعلى هذا فكل مملوك من الآدمي رقيق لا عكسه ا هـ‏.‏ وعليه فالمراد بالرقيق هنا الرقيق المحرز بدارنا فالأمة إذا أسرت ولم تخرج إلى دارنا لو تزوجت لا يتوقف نكاحها بل يبطل لأنه لا مجيز له وقت وقوعه كما في النهر بحثا‏.‏ قلت‏:‏ قد يقال إن له مجيزا وهو الإمام لأن له بيعها قبل الإخراج وبعده فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله كلا أو بعضا‏)‏ يشمل المبعض والمملوك ملكا ناقصا كالمكاتب ومن ولد له سبب الحرية كالمدبر وأم الولد قوله والقن المملوك كلا‏)‏ أخرج المبعض، لكن دخل فيه المكاتب والمدبر وأم الولد لدخولهم في المملوك‏.‏ وفي المغرب‏:‏ القن من العبيد من ملك هو وأبواه، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث وأما أمة قنة فلم نسمعه، وعن ابن الأعرابي عبد قن خالص العبودية، وعليه قول الفقهاء لأنهم يعنون به خلاف المدبر والمكاتب ا هـ‏.‏ فالمناسب ما في الرحمتي من أن القن المملوك ملكا تاما لم ينعقد له سبب الحرية‏.‏ قال ح‏:‏ ثم اعلم أن كلا من الرق والملك كامل وناقص، ففي القن كاملان، وفي معتق البعض ناقصان، وفي المكاتب كمل الرق، وفي المدبر وأم الولد كمل الملك‏.‏ ‏(‏قوله توقف نكاح قن‏)‏ أطلق في نكاحه فشمل ما إذا تزوج بنفسه أو زوجه غيره، وقيد بالنكاح لأن التسري حرام مطلقا‏.‏ قال في الفتح‏:‏

‏[‏فرع‏]‏

، مهم للتجار ربما يدفع لعبده جارية ليتسرى بها، ولا يجوز للعبد أذن له مولاه أو لا لأن حل الوطء لا يثبت شرعا إلا بملك اليمين أو عقد النكاح، وليس للعبد ملك يمين فانحصر حل وطئه في عقد النكاح‏.‏ ا هـ‏.‏ بحر‏.‏ ‏(‏قوله وأمة‏)‏ قد علمت أن القن يشمل الذكر والأنثى‏.‏ ‏(‏قوله ومكاتب‏)‏ لأن الكتابة أوجبت فك الحجر في حق الاكتساب ومنه تزويج أمته إذ به يحصل المهر والنفقة للمولى، بخلاف تزويج نفسه وعبده، ودخل في المكاتب معتق البعض لا يجوز نكاحه عنده، وعندهما يجوز لأنه حر مديون، وأفاده في البحر‏.‏ ‏(‏قوله وأم ولد‏)‏ وفي حكمها ابنها من غير مولاها، كما إذا زوج أم ولده من غيره فجاءت بولد من زوجها، وأما ولدها من مولاها فحر وتمامه في البحر‏.‏ ‏(‏قوله فإن أجاز نفذ إلخ‏)‏ إن كان كل من الإجازة أو الرد قبل الدخول فالأمر ظاهر، وإن كان بعده ففي الرد يطالب العبد بعد العتق كما ذكره بقوله فيطالب إلخ، وفي الإجازة قال في البحر عن المحيط وغيره القياس أن يجب مهران مهر بالدخول ومهر بالإجازة كما في النكاح الفاسد إذا جدده صحيحا‏.‏ وفي الاستحسان‏:‏ لا يلزمه إلا المسمى لأن مهر المثل لو وجب لوجب باعتبار العقد، وحينئذ فيجب بعقد واحد مهران وإنه ممتنع‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم الإجازة تكون صريحة ودلالة وضرورة كما سيأتي، وفيه رمز إلى أن سكوته بعد العلم ليس بإجازة كما في القهستاني عن القنية‏.‏ ‏(‏قوله فلا مهر‏)‏ تفريع على قوله بطل ح أي لا مهر على العبد ولا مهر للأمة‏.‏ ‏(‏قوله فيطالب‏)‏ جواب شرط مقدر أي فإن دخل فيطالب فافهم‏.‏ ‏(‏قوله من له ولاية تزويج الأمة‏)‏ أي وإن لم يكن مالكا لها بحر وشمل الوارث والمشتري، فلو مات الولي أو باعه فأجاز سيده الوارث أو المشتري يجوز وإلا فلا كما أشير إليه في العمادية قهستاني، وشمل الشريكين‏.‏ فلو زوج أحدهما الأمة ودخل الزوج، فإن رد الآخر فله نصف مهر المثل وللمزوج الأقل من نصفه ومن نصف المسمى بحر‏.‏ ‏(‏قوله كأب‏)‏ أي أبي اليتيم فإنه يزوج أمته وكذا جده وكذا وصيه والقاضي ح لأنه من باب الاكتساب فتح‏.‏ ‏(‏قوله ومكاتب‏)‏ لأنه كما تقدم يجوز له تزويج أمته لكونه من الاكتساب لا عبده ط وخرج العبد المأذون فلا يملك تزويج الأمة أيضا بحر ومثله الصبي المأذون درر ‏(‏قوله ومفاوض‏)‏ فإنه يزوج أمة المفاوضة لا عبدها ح عن القهستاني، بخلاف شريك العنان فلا يملك تزويج الأمة كما مر وكذا المضارب كما في البحر‏.‏ ‏(‏قوله ومتول‏)‏ ذكره في النهر بحثا حيث قال ولم أر حكم نكاح رقيق بيت المال والرقيق في الغنيمة المحرزة بدارنا قبل القسمة والوقف إذا كان بإذن الإمام والمتولي، وينبغي أن يصح في الأمة دون العبد كالوصي‏.‏ ثم رأيت في البزازية‏:‏ لا يملك تزويج العبد إلا من يملك إعتاقه‏.‏ ا هـ‏.‏ أي فإنه يدل على أنه لا يصح في العبد وأما في الأمة فينبغي الجواز تخريجا على الوصي كما قال، ولعل الشارح اقتصر على المتولي ولم يذكر الإمام لأن أحكام الوصي والمتولي مستقيان من واد واحد، لكن الإمام في مال بيت المال ملحق بالوصي أيضا، حتى إنه لا يملك بيع عقار بيت المال إلا فيما يملكه الوصي، وله بيع عبد الغنيمة قبل الإحراز وبعده فينبغي أن يملك تزويج الأمة إذا رأى المصلحة تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وأما العبد إلخ‏)‏ يستثنى من ذلك ما لو زوج الأب جارية ابنه من عبد ابنه فإنه يجوز عند أبي يوسف، بخلاف الوصي لكن في المبسوط أنه لا يجوز في ظاهر الرواية فلا استثناء بحر

‏(‏قوله وغيره‏)‏ أي من مدبر ومكاتب‏.‏ ‏(‏قوله لوجود سبب الوجوب منه‏)‏ أي من القن وغيره فإن العقد سبب لوجوب المهر والنفقة وقد وجد من أهله مع انتفاء المانع وهو حق المولى لإذنه بالعقد‏.‏ ‏(‏قوله ويسقطان بموتهم‏)‏ قيد سقوط المهر في البحر عند قول الكنز ولو زوج عبدا مأذونا بما إذا لم يترك كسبا، وفي كلام الشارح إشارة إليه أما النفقة ولو مقضية فتسقط عن الحر بموته فالعبد بالأولى‏.‏ ‏(‏قوله وبيع قن‏)‏ أي باعه سيده لأنه دين تعلق في رقبته وقد ظهر في حق المولى بإذنه فيؤمر ببيعه، فإن امتنع باعه القاضي بحضرته إلا إذا رضي أن يؤدي قدر ثمنه، كذا في المحيط نهر، واشتراط حضرة المولى لاحتمال أن يفديه، وقد ذكر في المأذون المديون أن للغرماء استسعاءه أيضا قال في البحر من النفقة ومفاده أن زوجته لو اختارت استسعاءه لنفقة كل يوم أن يكون لها ذلك أيضا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وكذا للمهر‏.‏ ‏(‏قوله كمدبر‏)‏ أدخلت الكاف المكاتب ومعتق البعض وابن أم الولد كما في البحر‏.‏ ‏(‏قوله بل يسعى‏)‏ لأنه لا يقبل البيع فيؤدي من كسبه لا من نفسه، فلو عجز المكاتب صار المهر دينا في رقبته فيباع فيه إلا إذا أدى المهر مولاه واستخلصه كما في القن‏.‏ وقياسه أن المدبر لو عاد إلى الرق بحكم شافعي ببيعه أن يصير المهر في رقبته بحر‏.‏ ‏(‏قوله ولو مات مولاه إلخ‏)‏ في القنية‏:‏ زوج مدبره امرأة ثم مات المولى فالمهر في رقبة العبد يؤخذ به إذا عتق ا هـ‏.‏ وفيه نظر لأن حكمه السعاية قبل العتق لا التأخر إلى ما بعد العتق بحر‏.‏ قال في النهر‏:‏ هذا مدفوع بأن ما في القنية فيه إفادة حكم سكتوا عنه، هو أن المدبر إذا لزمته السعاية في حياة المولى هل يؤاخذ بالمهر بعد العتق‏؟‏ قال نعم، وهو ظاهر في أنه يؤاخذ به جملة واحدة حيث قدر عليه ويبطل حكم السعاية‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ حاصل الجواب أن المدبر يسعى في حياة مولاه في المهر، أما بعد موت مولاه فإنه يسعى أولا في ثلثي قيمته لتخليص رقبته من الرق ويصير المهر في رقبته يؤديه بعد عتقه كدين الأحرار لا بطريق السعاية، فإن وجد معه جملة أخذ منه وإلا عومل معاملة المديون المعسر، ولما كان فهم ذلك من عبارة القنية فيه خفاء عزا ذلك إليها وإلى النهر فافهم‏.‏ ‏(‏قوله إن تجددت‏)‏ يعني إن لزمه نفقة فبيع فيها فلم يف ثمنه بما عليه من النفقة بقي الفضل في ذمته فيطالب به بعد العتق ولا يتعلق برقبته فلا يباع فيه عند السيد الثاني‏.‏ ثم إن تجمعت عليه نفقة عند السيد الثاني بيع فيها ويفعل بالفضل كما مر ح ووجهه ما في البحر عن المبسوط أن النفقة يتجدد وجوبها بمضي الزمان وذلك في حكم دين حادث‏.‏ ا هـ‏.‏ أي أن ما تجدد وجوبه عند السيد الثاني في حكم دين حادث فيباع فيه، بخلاف ما تجمد عليه وبيع فيه أولا فإنه لا يباع فيه ثانيا لاستيفاء باقيه لأنه في حكم دين واحد، خلافا لما في نفقات صدر الشريعة حيث يفهم منه أنه يباع في الباقي أيضا كما سيأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى‏.‏ ثم الظاهر أن هذا مفروض فيما إذا كانت النفقة مفروضة بالتراضي أو بقضاء القاضي لأنها بدون ذلك تسقط بمضي المدة كما ذكروه في النفقات‏.‏ ثم رأيت في نفقات البحر صور المسألة بما إذا فرض القاضي لها نفقة شهر مثلا وعجز عن أدائها باعه القاضي إن لم يفده المولى‏.‏ وأفاده أنه إنما يباع فيما يعجز عن أدائه لا لنفقة كل يوم مثلا للإضرار بالمولى ولا لاجتماع قدر قيمته للإضرار بها‏.‏ وينبغي أن لا يصح فرضها بتراضيهما لحجر العبد عن التصرف ولاتهامه بقصد الزيادة لإضرار المولى، ولذا فرض المسألة في البحر فيما إذا فرضها القاضي تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وفي المهر مرة‏)‏ فيه أنه لو لزمه مهر آخر عند السيد الثاني كما إذا طلقها ثم تزوجها بيع ثانيا فلا فرق بين المهر والنفقة إلا باعتبار أن النفقة تتجدد عند السيد الثاني ولا بد، بخلاف المهر ح عن شيخه السيد‏.‏ وأجاب ط بأن النفقة التي حدثت عند الثاني سببها متحقق عند الأول فتكرر بيعه في شيء واحد، بخلاف بيعه في مهر ثان حدث عند الثاني، فإن هذا مسبب عند عقد مستقل حتى توقف على إذنه‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وحاصله أن النفقة المتجددة عند الثاني وإن كانت في حكم دين حادث ولذا بيع فيها ثانيا إلا أنها لما كان سببها متحدا وهو العقد الأول لم تكن دينا حادثا من كل وجه، أما المهر الثاني فهو دين حادث من كل وجه لوجوبه بسبب جديد، وأنت خبير بأن هذا جواب إقناعي‏.‏ ثم اعلم أن دين المهر‏.‏ والنفقة عيب في العبد فللمشتري الخيار إن لم يرض به‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في البحر‏:‏ علل في المعراج لعدم تكرار بيعه في المهر بأنه بيع في جميع المهر، فيفيد أنه لو بيع في مهرها المعجل ثم حل الأجل يباع مرة أخرى لأنه إنما بيع في بعضه ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ فيه نظر لأنه مخالف لما نقله قبله عن المبسوط من أنه ليس شيء من ديون العبد بما يباع فيه مرة بعد أخرى إلا النفقة لأنه يتجدد وجوبها بمضي الزمان إلخ ولا يخفى أن المهر المؤجل كان واجبا قبل حلول الأجل وإنما تأخرت المطالبة إلى حلوله، فلم يتجدد الوجوب عند المشتري حتى يباع ثانيا عنده ولأنه يلزم أنه لو كان المهر ألفا مثلا وقيمة العبد مائة فبيع بمائة أن يباع ثانيا وثالثا وهكذا لأنه في كل مرة لم يبع في كل المهر وهو خلاف ما صرحوا به، ومراد المعراج بقوله بيع في جميع المهر أنه إنما بيع لأجل جميع المهر‏:‏ أي لأجل ما كان جميعه واجبا وقت البيع، بخلاف النفقة الحادثة عند الثاني فإنه لم يبع فيها عند الأول فيباع فيها ثانيا عند الثاني، فالمراد بيان الفرق بين المهر والنفقة كما صرح به في البحر من النفقات فراجعه فافهم‏.‏ ‏(‏قوله إلا إذا باعه منها‏)‏ فإن ما عليها من مقدار ثمنه يلتقي قصاصا بقدره مما لها والباقي يسقط لأن السيد لا يستوجب دينا على عبده ح‏.‏

‏(‏قوله ولو زوج المولى أمته إلخ‏)‏ حاصله تقييد المسألة الأولى التي يباع فيها القن بما إذا لم تكن الأمة أمة مولى العبد فهذا كالاستثناء مما قبله، ثم استثنى من هذا الاستثناء ما إذا كانت أمة المولى مأذونة مديونة فإنه يباع لها أيضا، وأطلق هنا الأمة والعبد، فشمل ما إذا كانا قنين أو مدبرين، أو كانت أم ولد، أو كان ابن أم ولد‏.‏ ‏(‏قوله لا يجب المهر‏)‏ لاستلزامه الوجوب لنفسه على نفسه وهو لا يعقل، وهذا بناء على أن مهر الأمة يثبت للسيد ابتداء في غير المأذونة والمكاتبة ومعتقة البعض كما في النهر ح‏.‏ وفي استثناء المأذونة كلام يأتي قريبا‏.‏ ‏(‏قوله بل يسقط‏)‏ أي بل يجب على السيد ثم يسقط بناء على أن مهر الأمة يثبت لها أولا ثم ينتقل للسيد كما في النهر عن الفتح ح‏.‏ وفائدة وجوبه لها أنه لو كان عليها دين يستوفى منه ويقضي دينها‏.‏ قالوا والأول أظهر، كذا في شرح الجامع الكبير بيري على الأشباه، وأيده أيضا في الدرر، وهذا مؤيد لتصحيح الولوالجي قال في البحر‏:‏ ولم أر من ذكر لهذا الاختلاف ثمرة‏.‏ ويمكن أن يقال إنها تظهر فيما لو زوج الأب أمة الصغير من عبده، فعلى الثاني يصح، وهو قول أبي يوسف وعلى الأول لا يصح التزويج، وهو قولهما وبه جزم في الولوالجية معللا بأنه نكاح للأمة بغير مهر لعدم وجوبه على العبد في كسبه للحال‏.‏ ا هـ‏.‏ واعترضه الرحمتي بأنه لا استحالة في وجوب المال للصغير على أبيه، بخلاف ما لو زوجه من أمة نفسه‏.‏ قلت‏:‏ وكأنه فهم أن الضمير في قوله من عبده للأب مع أنه للصغير كما صرح به في الظهيرية‏.‏ هذا، وجعل العلامة المقدسي ثمرة الخلاف قضاء دينها منه وعدمه‏.‏ وقال‏:‏ ويترجح القول بالوجوب، ولهذا صححه ابن أمير حاج‏.‏ ‏(‏قوله ومحل الخلاف إلخ‏)‏ ذكره في النهر بحثا بقوله وينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم تكن الأمة مأذونة مديونة، فإن كانت بيع أيضا، ويدل عليه ما في الفتح‏:‏ مهر الأمة يثبت لها ثم ينتقل إلى المولى، حتى لو كان عليها دين قضي من المهر‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ أنت خبير أن قول الفتح يثبت لها إلخ هو أحد القولين، فكيف يجعله دليلا لعدم الخلاف فإن المتبادر من عباراتهم أن قضاء دينها منه مبني على القول بأنه يثبت لها أولا أما على القول بأنه يثبت للسيد ابتداء فلا قضاء ولهذا جعله العلامة المقدسي ثمرة الخلاف كما مر فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله لأنه يثبت لها‏)‏ أي لأن المهر يثبت للأمة مأذونة أو غيرها ثم ينتقل للمولى إن لم يكن عليها دين وإلا فلا ينتقل إليه فالضمير راجع للأمة المذكورة لا بقيد كونها مأذونة فهو استدلال بالأعم على الأخص فافهم

‏(‏قوله فالمهر برقبته‏)‏ وقيل في ثمنه والأول والصحيح كما في المنية ولو أعتقه كان عليه الأقل من المهر والنفقة كما في النتف قهستاني‏.‏ ‏(‏قوله يدور معه إلخ‏)‏ أي يباع فيه وإن تداولته الأيدي مرارا‏.‏ ‏(‏قوله كدين الاستهلاك‏)‏ أي كما لو استهلك مال إنسان عن سيده‏.‏ ‏(‏قوله لكن للمرأة فسخ البيع‏)‏ ذكره في البحر بحثا ونقله المصنف في المنح عن جواهر الفتاوى حيث قال رجل زوج غلامه ثم أراد أن يبيعه بدون رضا المرأة إن لم يكن للمرأة على العبد مهر فللمولى بيعه وإن كان فلا إلا برضاها وهذا كما قلنا في العبد المأذون والمديون إذا باعه بدون رضا الغرماء فلو أراد الغريم الفسخ فله أن يفسخ البيع كذلك هنا إذا كان عليه المهر لأن المهر دين‏.‏ ا هـ‏.‏ أما لو المولى قضاه عنه فلا فسخ أصلا‏.‏

‏(‏قوله طلقها رجعية‏)‏ مثله أوقع عليها الطلاق أو طلقها تطليقة تقع عليها بحر‏.‏ ‏(‏قوله إجازة‏)‏ لأن الطلاق الرجعي لا يكون إلا بعد النكاح الصحيح، فكان الأمر به إجازة اقتضاء، بخلاف البائن لأنه يحتمل المتاركة كما في النكاح الفاسد والموقوف‏.‏ ويحتمل الإجازة فحمل على الأدنى‏.‏ وأشار إلى أن الإجازة تثبت بالدلالة كما تثبت بالصريح وبالضرورة، فالصريح كرضيت وأجزت وأذنت ونحوه‏.‏ والدلالة تكون بالقول، كقول المولى بعد بلوغه الخبر حسن أو صواب أو لا بأس به وبفعل يدل عليها كسوق المهر أو شيء منه إلى المرأة والضرورة بنحو عتق العبد أو الأمة فالإعتاق إجازة، وتمامه في البحر، ولو أذن له السيد بعدما تزوج لا يكون إجازة، فإن أجاز العبد ما صنع جاز استحسانا كالفضولي إذا وكل فأجاز ما صنعه قبل الوكالة وكالعبد إذا زوجه فضولي فأذن له مولاه في التزويج فأجاز ما صنعه الفضولي كذا في الفتح‏.‏ أقول‏:‏ ولعل وجهه أن العقد إذا وقع موقوفا على الإجازة فحصل الإذن بعده ملك استئناف العقد فيملك إجازة الموقوف بالأولى، لكن علمت أن من الإجازة الصريحة لفظ أذنت فيناقض ما ذكر من أن الإذن بعد التزوج لا يكون إجازة وأجاب في البحر بحمل الأول على ما إذا علم بالنكاح فقال أذنت، والثاني على ما إذا لم يعلم وبه جزم في النهر‏.‏

مطلب في الفرق بين الإذن والإجازة

قلت‏:‏ يظهر مما ذكرنا الفرق بين الإذن والإجازة، فالإذن لما سيقع، والإجازة لما وقع‏:‏ ويظهر منه أيضا أن الإذن يكون بمعنى الإجازة إذا كان لأمر وقع وعلم به الآذن، وعلى هذا فقول البحر وغيره الإجازة تثبت بالدلالة وبالصريح إلخ أنسب من قول الزيلعي الإذن يثبت إلخ‏.‏ وعلم أن المصنف لو قال إذن بدل قوله إجازة لصح أيضا لأن الأمر بالطلاق يكون بعد العلم، والإذن بعد العلم إجازة، فقول النهر‏:‏ ولم يقل أذن لأنه لو كان لاحتاج إلى الإجازة، فيه نظر فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله للنكاح الموقوف‏)‏ يستفاد من قوله الموقوف أنه عقد فضولي فتجري فيه أحكام الفضولي من صحة فسخ العبد والمرأة قبل إجازة المولى، وتمامه في النهر‏.‏ ‏(‏قوله لأنه‏)‏ أي قول المولى طلقها أو فارقها لأنه يستعمل للمتاركة‏:‏ أي فيكون ردا‏.‏ ويحتمل الإجازة، فحمل على الرد لأنه أدنى لأن الدفع أسهل من الرفع، أو لأنه أليق بحال العبد المتمرد على مولاه فكانت الحقيقة متروكة بدلالة الحال بحر عن العناية‏.‏ وعلى الثاني ينبغي لو زوجه فضولي فقال المولى للعبد طلقها أنه يكون إجازة، إذ لا تمرد منه في هذه الحالة نهر‏.‏ قلت‏:‏ التعليل الأول يشمل هذه الصورة فلا يكون إجازة‏.‏ ‏(‏قوله حتى لو أجازه إلخ‏)‏ تفريع على ما فهم من المقام من أن ذلك رد‏.‏ وقال في البحر‏:‏ وقد علم مما قررناه، أن قوله طلقها أو فارقها وإن لم يكن إجازة فهو رد فينفسخ به نكاح العبد حتى لا تلحقه الإجازة بعده ‏(‏قوله بخلاف الفضولي‏)‏ أي إذا قال له الزوج طلقها يكون إجازة لأنه يملك التطليق بالإجازة فيملك الأمر به، بخلاف المولى، وهذا مختار صاحب المحيط‏.‏ وفي الفتح أنه الأوجه ومختار الصدر الشهيد ونجم الدين النسفي أنه ليس بإجازة، فلا فرق بينهما‏.‏ وعلى هذا الاختلاف إذا طلقها الزوج‏.‏ وفي جامع الفصولين أن هذا الاختلاف في الطلقة الواحدة، أما لو طلقها ثلاثا فهي إجازة اتفاقا وعليه فينبغي أن تحرم عليه لو طلقها ثلاثا؛ لأنه يصير كأنه إجازة أولا ثم طلق ا هـ‏.‏ وبه صرح الزيلعي بحر‏.‏

‏(‏قوله وإذنه لعبده إلخ‏)‏ أطلقه فشمل ما إذا أذن له في نكاح حرة أو أمة معينة أو لا فما في الهداية من التقييد بالأمة والمعينة اتفاق بحر‏.‏ ‏(‏قوله بعد إذنه‏)‏ متعلق بنكاحها، وقيد به لئلا يتوهم أن قوله وإذنه لعبده يدخل فيه الإذن بعد النكاح لأن الإذن ما يكون قبل الوقوع على ما مر بيانه فافهم ‏(‏قوله فوطئها‏)‏ قيد به لأن المهر لا يلزم في الفاسد إلا به ط‏.‏ ‏(‏قوله خلافا لهما‏)‏ فعندهما الإذن لا يتناول إلا الصحيح فلا يطالب بالمهر في الفاسد إلا بعد العتق‏.‏ ‏(‏قوله تقيد به‏)‏ أي ويصدق قضاء وديانة‏.‏ قال في النهر واعلم أنه ينبغي أن يقيد الخلاف بما إذا لم ينو المولى الصحيح فقط فإن نواه تقيد به أخذا من قولهم لو حلف أنه ما تزوج في الماضي يتناول يمينه الفاسد أيضا قال في التلخيص‏:‏ ولو نوى الصحيح صدق ديانة وقضاء وإن كان فيه تخفيف رعاية لجانب الحقيقة‏.‏ ا هـ‏.‏ نهر‏.‏ ‏(‏قوله كما لو نص عليه‏)‏ أي فإنه يتقيد به اتفاقا أيضا كما بحثه في البحر أخذا مما بعده‏.‏ ‏(‏قوله صح‏)‏ أي فإذا دخل بها يلزمه المهر في قولهم جميعا بحر عن البدائع‏.‏ ‏(‏قوله وصح الصحيح أيضا‏)‏ أي اتفاقا، وهذا ما بحثه في النهر على خلاف ما بحثه في البحر من أنه لا يصح اتفاقا وإذا تأملت كلام كل منهما يظهر لك أرجحية ما في البحر كما أوضحته فيما علقته عليه ويأتي قريبا بعض ذلك‏.‏

‏(‏قوله ولو نكحها ثانيا‏)‏ أي بعد الفاسد وهذا عطف على قوله فيباع إلخ فهو أيضا من ثمرة الخلاف لأنه إذا انتظم الفاسد عنده ينتهي به الإذن، وإذا لم ينتظمه لا ينتهي به عندهما فله أن يتزوج صحيحا بعده بها أو بغيرها‏.‏ ‏(‏قوله لانتهاء الإذن بمرة‏)‏ ومثل الإذن الأمر بالتزويج، كما لو قال له تزوج فإنه لا يتزوج إلا مرة واحدة لأن الأمر لا يقتضي التكرار وكذا إذا قال تزوج امرأة لأن قوله امرأة اسم لواحدة من هذا الجنس بحر عن البدائع‏.‏ ‏(‏قوله وإن نوى مرارا إلخ‏)‏ أي لو قال لعبده تزوج ونوى به مرة بعد أخرى لم يصح لأنه عدد محض ولو نوى ثنتين يصح لأن ذلك كل نكاح العبد، إذ العبد لا يملك التزوج بأكثر من ثنتين بحر عن شرح المغني للهندي‏.‏ وحاصله أن الأمر يتضمن المصدر وهو للفرد الحقيقي أو الاعتباري أي جملة ما يملكه دون العدد المحض، كما قالوا في طلق امرأتي ونوى الواحدة أو الثلاث يصح دون الثنتين‏.‏ ‏(‏قوله وكذا التوكيل بالنكاح‏)‏ بأن قال تزوج لي امرأة لا يملك أن يزوجه إلا امرأة واحدة، ولو نوى الموكل الأربع ينبغي أن يجوز على قياس ما ذكرنا لأنه كل جنس النكاح في حقه ولكني ما ظفرت بالنقل، كذا في شرح المغني للهندي في بحث الأمر بحر فافهم، لكن نية الأربع إنما تصح إذا لم يقل امرأة، أما لو قاله كما هو تصوير المسألة قبله فلا كما أفاده الرحمتي، ويؤيده ما مر آنفا عن البدائع من أن المرأة اسم لواحدة من هذا الجنس‏.‏ ‏(‏قوله بخلاف التوكيل به‏)‏ أي توكيل من يريد النكاح به، وهذا مرتبط بقول المصنف والإذن بالنكاح ينتظم جائزه وفاسده‏.‏ ‏(‏قوله فإنه لا يتناول الفاسد‏)‏ لأن النكاح الفاسد ليس بنكاح لأنه لا يفيد شيئا من أحكام النكاح، ولهذا لو حلف لا يتزوج فتزوج نكاحا فاسدا لا يحنث، بخلاف البيع يجوز في قول أبي حنيفة لأن الفاسد بيع يفيد حكم البيع وهو الملك، ويدخل في يمين البيع فيحنث به خانية‏.‏ ‏(‏قوله به يفتى‏)‏ عبارة البحر‏:‏ فلا ينتهي به اتفاقا وعليه الفتوى كما في المصفى، وأسقط الشارح اتفاقا لأن قوله وعليه الفتوى يشعر بالخلاف وإرجاع ضمير عليه إلى الاتفاق فيه نظر، إذ لا معنى للإفتاء بالاتفاق فافهم‏.‏ ‏(‏قوله لا يملك الصحيح‏)‏ لأنه قد يكون له غرض في الفاسد وهو عدم لزوم المهر بمجرد العقد فإنه لا يلزم إلا بالوطء‏.‏ وفي الصحيح يلزم المهر بمجرد العقد، ويتأكد بالخلوة والموت ولو بدون وطء، ففيه إلزام على الموكل بما لم يلتزمه، وهذا يؤيد ما بحثه في البحر كما مر عند قوله وصح الصحيح أيضا‏.‏ ‏(‏قوله بخلاف البيع‏)‏ أي بخلاف الوكيل ببيع فاسد فإنه يملك الصحيح، لأن البيع الفاسد بيع حقيقة لإفادته الملك بعد القبض، بخلاف النكاح الفاسد كما مر‏.‏ ‏(‏قوله الإذن في النكاح‏)‏ الأولى بالنكاح بالباء، والمراد الإذن للعبد المحجور وهو فك الحجر وإسقاط الحق لأن العبد له أهلية التصرف في نفسه، وإنما حجر عنه لحق المولى فبالإذن يتصرف لنفسه بأهليته‏.‏ وعند زفر والشافعي هو توكيل وإنابة كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى‏.‏ والظاهر أن هذا غير خاص بالعبد لأنه يقال أذنت لزيد بأكل طعامي أو بسكنى داري ففيه فك حجر وإسقاط حق، وكذا يقال أذنت له ببيع داري فيكون بمعنى الإحلال والإعارة والتوكيل، وإنما لم يكن الإذن للعبد توكيلا عندنا لما علمت من أنه بالإذن يتصرف لنفسه لا بطريق النيابة عن المولى‏.‏ ‏(‏قوله والتوكيل بالبيع‏)‏ أي توكيل أجنبي به‏.‏ وقول البحر أشار المصنف إلى أن الإذن بالبيع وهو التوكيل وبه يتناول الفاسد بالأولى اتفاقا يوهم أن الإذن هو التوكيل، ولكن قد علمت أنه ليس عينه مطلقا بل قد يطلق عليه، فمراده الإذن الذي بمعنى توكيل الأجنبي لا إذن العبد تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وبالنكاح لا‏)‏ أي والتوكيل بالنكاح لا يتناول الفاسد كما مر‏.‏ ‏(‏قوله واليمين على نكاح‏)‏ كما إذا حلف لا يتزوج فإنه لا يحنث إلا بالصحيح‏.‏ وأما إذا حلف أنه ما تزوج في الماضي فإنه يتناول الصحيح والفاسد أيضا لأن المراد في المستقبل الإعفاف وفي الماضي وقوع العقد بحر عن المبسوط‏.‏ ‏(‏قوله وصلاة‏)‏ يقال على قياس ما تقدم أن يمينه في الماضي منعقدة على صورة الفعل وقد وجدت، بخلافها في المستقبل فمنعقدة على المتهيئة للثواب وهو لا يحصل بالفاسد، ومثلها الصوم والحج ط‏.‏ قلت‏:‏ وسيأتي في الأيمان حلف لا يصوم حنث بصوم ساعة بنية وإن أفطر لوجود شرطه، ولو قال صوما أو يوما حنث بيوم، وحنث في لا يصلي بركعة، وفي لا يصلي صلاة بشفع، وفي‏:‏ لا يحج لا يحنث حتى يقف بعرفة عن الثالث أو حتى يطوف أكثر الطواف عن الثاني‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه علم أن المراد بالصحيح في المستقبل ما يتحقق به الفعل المحلوف عليه شرعا مع شرائطه، وذلك في الصوم بساعة، وفي الصلاة بركعة وإن أفسده بعده تأمل‏.‏

‏(‏قوله صح‏)‏ أي النكاح لأنه يبتنى على ملك الرقبة وهو باق بعد الدين كما هو قبله بحر‏.‏ ‏(‏قوله وساوت الغرماء‏)‏ أي أصحاب الديون، وفيه تصريح بأن المهر كسائر الديون، فلو مات العبد وكان له كسب يوفى منه‏.‏ وما في الفتح عن التمرتاشي‏:‏ لو مات العبد سقط المهر والنفقة يجب حمله في المهر على ما إذا لم يترك شيئا نهر، وأصل هذا الاستخراج والتوفيق لصاحب البحر‏.‏ ‏(‏قوله والأقل‏)‏ أي إن كان المهر المسمى أقل من مهر المثل تساوى الغرماء فيه، ولم يذكره المصنف لعلمه بالأولى‏.‏ ‏(‏قوله والزائد عليه إلخ‏)‏ أي إذا كان المسمى أكثر من مهر المثل فإنها تساويهم في قدره والزائد عليه يطالب به بعد استيفاء الغرماء بحر‏:‏ أي فيسعى لها به إن بقي في ملك مولاه أو تصبر إلى أن يعتق، ولو باعه الغرماء معها ليس لها بيعه ثانيا لأخذ الزائد لأنه لا يباع في المهر مرتين كما حررناه فيما مر تأمل‏.‏ ‏(‏قوله كدين الصحة‏)‏ أي إذا كان على المريض دين صحة وهو ما ثبت ببينة مطلقا أو بإقراره صحيحا قدم على دين المرض وهو ما أقر به مريضا لأن فيه إضرارا بالغرماء فيقضى بعد قضاء ديونهم‏.‏ ‏(‏قوله إلا إذا باعه منها‏)‏ في الخانية‏:‏ زوجه بألف وباعه منها بتسعمائة وعليه دين ألف فأجاز الغريم البيع كانت التسعمائة بينهما يضرب الغريم فيها بألف والمرأة بألف، ولا تتبعه المرأة بعد ذلك ويتبعه الغريم بما بقي من دينه إذا عتق ا هـ‏.‏ وقوله ولا تتبعه بتاءين ثم باء موحدة‏:‏ أي لا تطالبه بما بقي من مهرها لأنه صار ملكها وانفسخ النكاح والسيد لا يستوجب على عبده مالا، بخلاف ما بقي للغريم فإنه باق في ذمة العبد فيطالبه به بعد عتقه، أما قبله فلا لما مر من أن العبد لا يباع في دين أكثر من مرة إلا النفقة ولأن الغريم لما أجاز بيع المولى منها تعلق حقه في القيمة فقط‏.‏ ولا يخفى أن للمرأة بيعه وعتقه كما لو باعه المولى من غيرها، ولا يمنع من بيعه تعلق الدين برقبته إلى ما بعد عتقه لما قلنا، فما قيل من أنه ليس لها بيعه لتعلق حق الغريم به فهو وهم منشؤه التصحيف، ولو كانت النسخة ولا تبيعه ويبيعه الغريم من البيع نافى قوله إذا عتق فافهم‏.‏ ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي قبيل قوله ولو زوج المولى أمته من عبده ح‏.‏

‏(‏قوله بنته‏)‏ المراد من ترثه من النساء بعد موته سواء كانت بنتا أو بنت ابن أو أختا ط‏.‏ ‏(‏قوله لأنها لم تملك المكاتب‏)‏ لأنه لا يحتمل النقل من ملك إلى ملك ما لم يعجز، وإنما تملك ما في ذمته من بدل الكتابة، وأما صحة عتقها إياه فلأنه يبرأ به عن بدل الكتابة أولا ثم يعتق فتح‏.‏ ‏(‏قوله للتنافي‏)‏ أي بين كونه مالكا لها وكونها مالكة له‏.‏ ‏(‏قوله أو أم ولده‏)‏ ومثلها المدبرة، ولا تدخل المكاتبة بقرينة قوله فتخدمه‏:‏ أي المولى لأن المكاتبة لا يملك المولى استخدامها فلذا تجب النفقة لها بدون التبوئة بحر‏.‏ وأما نفقة الأولاد فتكون على الأم لأن ولد المكاتبة دخل في كتابتها، وتمامه في شرح أدب القضاء للخصاف‏.‏ ‏(‏قوله لا تجب تبوئتها‏)‏ هي في اللغة مصدر بوأته منزلا أي أسكنته إياه‏.‏ وفي الاصطلاح على ما في شرح النفقات للخصاف‏:‏ أن يخلي المولى بين الأمة وبين زوجها ويدفعها إليه ولا يستخدمها أما إذا كانت تذهب وتجيء وتخدم مولاها لا تكون تبوئة ا هـ‏.‏ بحر، وقال قبله وقيد بالتبوئة لأن المولى إذا استوفى صداقها أمر أن يدخلها على زوجها وإن لم يلزمه أن يبوئها، وكذا في المبسوط، ولذا قال في المحيط‏:‏ لو باعها بحيث لا يقدر الزوج عليها سقط مهرها كما سيأتي في مسألة ما إذا قتلها‏.‏ ا هـ‏.‏ أي سقط لو قبل الوطء‏.‏ هذا وفيما نقله عن الخصاف وما نقله عن المبسوط شبه التنافي، لأن الأول أفاد أنه لا بد في تحقق معنى التبوئة اصطلاحا من تسليم الأمة إلى الزوج، والثاني أفاد أن التسليم إليه بعد قبض الصداق واجب، وعدم وجوب التبوئة ينافي وجوب التسليم المذكور‏.‏ والجواب ما أفاده في النهر من أن التسليم الواجب يكتفى فيه بالتخلية، بل بالقول بأن يقول له المولى متى ظفرت بها وطئتها كما صرح به في الدراية، والتبوئة المنفية أمر زائد على ذلك لا بد فيها من الدفع، والاكتفاء فيها بالتخلية كما ظن بعضهم غير واقع ا هـ‏.‏ وهذا أولى مما أجاب به المقدسي من أن المراد بالتبوئة المنفية التبوئة المستمرة‏.‏ ‏(‏قوله وإن شرطها‏)‏ لأنه شرط باطل لأن المستحق للزوج ملك الحل لا غير لأنه لو صح الشرط لا يخلو إما أن يكون بطريق الإجارة أو الإعارة، فلا يصح الأول لجهالة المدة، ولا الثاني لأن الإعارة لا يتعلق بها اللزوم بحر‏.‏ ‏(‏قوله أما لو شرط الحر إلخ‏)‏ بيان للفرق بين المسألتين، وهو أن اشتراط حرية الأولاد وإن كان لا يقتضيه نكاح الأمة أيضا إلا أنه صح‏.‏ لأنه في معنى تعليق الحرية بالولادة والتعليق صحيح، ويمتنع الرجوع عنه لأنه يثبت مقتضاه جبرا، وبخلاف اشتراط التبوئة لأنه يتوقف وجودها على فعل حسي اختياري لأنه وعد يجب الإيفاء به غير أنه إذا لم يف به لا يثبت متعلقه أعني نفس الموعود به فتح ملخصا، وأقره في البحر والنهر‏:‏ ومقتضى وجوب الوفاء به أنه شرط غير باطل، لكن لا يلزم من صحته وجوده بخلاف اشتراط الحرية، لكن تقدم التصريح بأنه باطل، وكذا صرح به في كافي الحاكم فقال‏:‏ لو شرط ذلك للزوج كان هذا الشرط باطلا ولا يمنعه أن يستخدم أمته، ولعل معنى وجوب الوفاء به أنه واجب ديانة، ومعنى بطلانه أنه غير لازم قضاء فتأمل‏.‏ تنبيه‏]‏ قال في النهر‏:‏ وقيد الرجل في الفتح بالحر حتى لو كان عبدا كانت الأولاد عبيدا عندهما خلافا لمحمد‏.‏ ا هـ‏.‏ ونظر فيه ح بأن التعليق المعنوي موجود‏.‏ قلت‏:‏ وهو الذي يظهر، وهذا القيد غير معتبر المفهوم، ولذا لم يقيد به في كثير من الكتب‏.‏ وأما ما ذكره في النهر من الخلاف فإنما رأيتهم ذكروه في مسألة العبد المغرور إذا تزوج امرأة على أنها حرة فظهرت أمة، بخلاف الحر المغرور فإن أولاده أحرار بالقيمة اتفاقا فالظاهر أن ما في النهر سبق نظر بقرينة أنه ذكر مسألة المغرور ثم قال وقيد الرجل في الفتح إلخ فاشتبه عليه مسألة بمسألة فليراجع‏.‏ ‏(‏قوله حرية أولادها‏)‏ أي أولاد القنة ونحوها، وقوله فيه‏:‏ أي في العقد، والظاهر أن اشتراطها بعده كذلك ويحرر ط‏.‏ ‏(‏قوله في هذا النكاح‏)‏ أما لو طلقها ثم نكحها ثانيا فهم أرقاء إلا إذا شرط كالأول ط‏.‏ ‏(‏قوله والتزويج‏)‏ عطف على قبول ط، وهو أحسن من قول ح أنه عطف على الشرط‏.‏ ‏(‏قوله على اعتباره‏)‏ حالا من التزويج والهاء للشرط ح‏.‏ ‏(‏قوله هو معنى إلخ‏)‏ خبر أن ح، فكأنه قال إن ولدت أولادا من هذا النكاح فهم أحرار ط‏.‏ ‏(‏قوله ومفاده‏)‏ أي مفاد التعليل المذكور، وذلك لأن المعلق قبل وجود الشرط عدم ولا بد له من بقاء الملك عند وجود الشرط، وهذا البحث لصاحب البحر، وأقره عليه أخوه في النهر والمقدسي‏.‏ وقال في البحر‏:‏ وقد ذكر ذلك في المبسوط في التعليق صريحا بقوله كل ولد تلدينه فهو حر، فقال‏:‏ لو مات المولى وهي حبلى لم يعتق ما تلده لفقد الملك لانتقالها للورثة، ولو باعها المولى وهي حبلى جاز بيعه، فإن ولدت بعده لم تعتق‏.‏ ا هـ‏.‏ إلا أن يفرق بين التعليق صريحا والتعليق معنى ولم يظهر لي الآن ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ يظهر لي الفرق بينهما من حيث إن هذا التعليق المعنوي تعلق به حق الزوج في ضمن العقد المقصود منه أصالة الولد والرقيق ميت حكما فصار المقصود به أصالة حرية الولد، فلا يكون في حكم التعليق الصريح، فلا يبطل بزوال ملك المولى ونظيره المكاتب، فإن عقد الكتابة معاوضة وهو متضمن لتعليق التعليق على أداء البدل، ولا يبطل هذا التعليق الضمني بموت المولى المعلق وأيضا فإن المغرور الذي تزوج امرأة على أنها حرة يكون شارطا لحرية أولاده معنى، فإذا ظهر أنها أمة تكون أولاده أحرارا مع أن هذا الشرط لم يكن مع المولى وفي مسألتنا وقع شرط الحرية مع المولى صريحا فلا ينزل حاله عن حال المغرور، فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله ولو ادعى الزوج إلخ‏)‏ هذا ذكره في النهر بحثا وقال إنه حادثة الفتوى‏.‏ واستنبطه مما في جامع الفصولين في المغرور‏:‏ ولو ادعى أنه تزوجها على أنها حرة وكذبه المولى، فإن برهن فالأولاد أحرار بالقيمة وإلا حلف المولى لأنه ادعى عليه ما لو أقر به لزمه، فإذا نكل يحلف‏.‏ ‏(‏قوله لكن لا نفقة إلخ‏)‏ لأنها جزاء الاحتباس، ولذا لم تجب نفقة الناشزة والحاجة مع غير الزوج والمغصوبة والمحبوسة بدين عليها رحمتي، وعطف السكنى على النفقة عطف خاص على عام لأن النفقة اسم لها وللطعام والكسوة‏.‏ ‏(‏قوله ولا يستخدمها‏)‏ مبني على ما مر عن نفقات الخصاف‏.‏ وذكر في البحر أن التحقيق أن العبرة لكونها في بيت الزوج ليلا، ولا يضر الاستخدام نهارا‏.‏ ا هـ‏.‏ ويأتي مثله قريبا‏.‏ ‏(‏قوله فارغة عن خدمة المولى‏)‏ ظاهره أنه لو وجدها مشغولة بخدمة المولى في مكان خال ليس له وطؤها ولم أره صريحا‏.‏ وقد يقال‏:‏ إن كان استمتاعه لا ينقص خدمة المولى أبيح له لأنه ظفر بحقه غير منقص حق المولى لا سيما والمدة قصيرة ط‏.‏ ‏(‏قوله ويكفي في تسليمها‏)‏ أي الواجب بمقتضى العقد وهو بهذا المعنى لا ينافي عدم وجوب التبوئة كما أوضحناه قبل‏.‏ ‏(‏قوله أو استخدمها نهارا إلخ‏)‏ هذا ما تقدم قريبا عن البحر أنه التحقيق‏.‏ قال ح‏:‏ وتكون نفقة النهار على السيد ونفقة الليل على الزوج كما في القهستاني عن القنية‏.‏

‏(‏قوله وإن أبى الزوج‏)‏ أي وإن أوفى المهر بتمامه لأن حق المولى أقوى ط‏.‏ ‏(‏قوله وله‏)‏ أي للمولى حيث تم الملك له نهر، احترازا عن المكاتب، فإن ملكه فيه ناقص، فولاية الإجبار في المملوك تعتمد كمال الملك، وهو كامل في المدبر وأم الولد وإن كان الرق ناقصا، والمكاتب على عكسهما بحر‏.‏ ‏(‏قوله ولو أم ولد‏)‏ ومثلها المدبر والمدبرة، وأشار إلى أن القنة كذلك بالأولى، لكنها داخلة في القن لإطلاقه عليهما كما مر، فافهم‏.‏ ‏(‏قوله ولا يلزمه الاستبراء‏)‏ قدمنا في فصل المحرمات أن الصحيح وجوب الاستبراء على السيد إذا أراد أن يزوجها وكان يطؤها، وأما الزوج فقال في الهداية أنه لا يستبرئها لا استحبابا ولا وجوبا عندهما‏.‏ وقال محمد‏:‏ لا أحب أن يطأها قبل أن يستبرئها‏.‏ ا هـ‏.‏ ورجح أبو الليث قول محمد، وتقدم تمام الكلام على ذلك‏.‏ ‏(‏قوله فهو من المولى‏)‏ أي إن ادعاه في القنة والمدبرة ولم ينفه عنه في أم الولد ط‏.‏ قلت‏:‏ وهذا إذا زوجها غير عالم، لما قدمناه في المحرمات عن التوشيح من أنه ينبغي أنه لو زوجها بعد العلم قبل اعترافه به أنه يجوز النكاح ويكون نفيا‏.‏ ‏(‏قوله والنكاح فاسد‏)‏ فلا يلزم المهر إلا بوطء الزوج ط‏.‏ ‏(‏قوله وإن لم يرضيا‏)‏ أشار إلى ما في القهستاني وغيره من أن المراد بالإجبار تزويجهما بلا رضاهما لا إكراههما على الإيجاب والقبول كما قيل‏.‏ ا هـ‏.‏ فافهم‏.‏ ‏(‏قوله لا مكاتبة ومكاتبته‏)‏ لأنهما التحقا بالأجانب بعقد الكتابة، ولهذا يستحقان الأرش على المولى بالجناية عليهما وتستحق المكاتبة المهر إذا وطئها المولى فصارا كالحرين فلا يجبران على النكاح ط عن أبي السعود ‏(‏قوله ولو صغيرين‏)‏ ظاهره أن المراد الإجازة ولو في حال الصغر مع أن عبارة الصغيرين الحرين غير معتبرة أصلا‏.‏ ويحتمل أن يكون المراد أنه لا ينفذ نكاح المولى عليهما ولو كانا صغيرين، بل يتوقف على إجازتهما بعد بلوغهما، والمتبادر من كلامهم الأول تأمل‏.‏ ‏(‏قوله فلو أديا‏)‏ أي بدل الكتابة قبل رد العقد فتح‏.‏ ‏(‏قوله عاد موقوفا على إجازة المولى‏)‏ لأنه تجدد له ولاية أخرى غير الولاية التي قارنها رضاه بتزويجها لأن تلك الولاية كانت بحكم الملك وهذه بحكم الولاء، فيشترط تجدد رضاه لتجدد الولاية وصار كالشريك إذا زوج العبد المشترك ثم ملك باقيه، فإن النكاح يحتاج إلى إجازته لتجدد ملكه في الباقي، وكمن أذن لعبد ابنه الصغير في التجارة ثم مات الابن فورثه فإن العبد يحتاج في التصرف إلى إذن جديد من الأب لتجدد ولاية ملكه، وكمن زوج نافلته مع وجود ابنه ثم مات الابن فالنكاح يحتاج إلى إجازة الجد لتجدد ولايته، بخلاف الراهن إذا باع العبد المرهون والمولى إذا باع العبد المأذون المديون ثم سقط الدين في الصورتين بطريق من طرق السقوط حيث لا يفتقر العقد فيهما إلى إجازة المالك ثانيا لأن نفاذ العقد فيهما بالولاية الأصلية وهي ولاية الملك من شرح تلخيص الجامع الكبير‏.‏ ‏(‏قوله لعدم أهليتهما‏)‏ لأن الكتابة لم تبق بعد العتق والصغير ليس من أهل الإجازة‏.‏ ‏(‏قوله إن لم يكن إلخ‏)‏ قيد لقوله عاد إلخ‏.‏ ‏(‏قوله ثانيا‏)‏ راجع إلى رضا لا إلى توقف‏:‏ أي رضا ثانيا قال في شرح التلخيص‏:‏ لكن لا بد من إجازة المولى وإن كان قد رضي أولا‏.‏ ا هـ‏.‏ فافهم‏.‏ ‏(‏قوله لعود مؤن النكاح عليه‏)‏ لأنه لما زوجه إنما رضي بتعلق مؤن النكاح كالمهر والنفقة بكسب المكاتب لا بملك نفسه، وكسب المكاتب بعد عجزه ملك للمولى، شرح التلخيص ‏(‏قوله لأنه طرأ حل بات‏)‏ أي حل وطئها للسيد على حل موقوف‏:‏ أي حلها للزوج فأبطله كالأمة إذا تزوجت بغير إذن ثم ملكها من تحل له بطل النكاح لطريان الحل البات على الموقوف، ولا يبطل نكاح العبد المكاتب لعدم الطريان المذكور، من شرح التلخيص‏.‏ ‏(‏قوله والدليل يعمل العجائب‏)‏ وجه العجب أن المولى يملك إلزام النكاح بعد العتق لا قبله، وأنه يتوقف على إجازة المكاتب قبل العتق ولا يتوقف على إجازته بعده وأن المكاتبة لو ردت إلى الرق يبطل النكاح الذي باشره المولى وإن أجازه ولو عتقت جاز بإجازته، ولهذا قيل إنها مهما زادت من المولى بعدا زادت قربا إليه في النكاح‏.‏ ‏(‏قوله وبحث الكمال هنا غير صائب‏)‏ قال الكمال‏:‏ الذي يقتضيه النظر عدم التوقف على إجازة المولى بعد العتق بل بمجرد عتقها ينفذ النكاح، لما صرحوا به من أنه إذا تزوج العبد بغير إذن سيده فأعتقه نفذ لأنه لو توقف فإما على إجازة المولى وهو ممتنع لانتفاء ولايته وإما على العبد ولا وجه له لأنه صدر من جهته فكيف يتوقف ولأنه كان نافذا من جهته وإنما توقف على السيد فكذا السيد هنا فإنه ولي مجبر، وإنما التوقف على إذنها لعقد الكتابة وقد زال فبقي النفاذ من جهة السيد فهذا هو الوجه، وكثيرا ما يقلد الساهون الساهين‏.‏ ورده في البحر بأنه سوء أدب وغلط‏.‏ أما الأول فلأن المسألة صرح بها الإمام محمد في الجامع الكبير فكيف ينسب السهو إليه وإلى مقلديه، وأما الثاني فلأن محمدا رحمه الله علل لتوقفه على إجازة المولى بأنه تجدد له ولاية لم تكن وقت العقد وهي الولاء بالعتق، ولذا لم يكن له الإجازة إذا كان لها ولي أقرب منه كالأخ والعم، فصار كالشريك إلى آخر ما قدمناه عن شرح التلخيص قال‏:‏ وكثيرا ما يعترض المخطئ على المصيبين ا هـ‏.‏ ومثله في النهر والشرنبلالية وشرح الباقاني‏.‏

مطلب على أن الكمال بن الهمام بلغ رتبة الاجتهاد

وأجاب العلامة المقدسي بأن ما بحثه الكمال هو القياس كما صرح به الإمام الحصيري في شرح الجامع الكبير، وإذا كان هو القياس لا يقال في شأنه أنه غلط وسوء أدب على أن الشخص الذي بلغ رتبة الاجتهاد إذا قال مقتضى النظر كذا الشيء هو القياس لا يرد عليه بأن هذا منقول لأنه إنما تبع الدليل المقبول وإن كان البحث لا يقضي على المذهب‏.‏ ا هـ‏.‏ والذي ينفي عنه سوء الأدب في حق الإمام محمد أنه ظن أن الفرع من تفريعات المشايخ بدليل أنه قال في صدر المسألة‏:‏ وعن هذا استطرفت مسألة نقلت من المحيط، هي أن المولى إذا زوج مكاتبته الصغيرة إلى أن قال هكذا تواردها الشارحون، فهذا يدل على أنه ظن أنها غير منصوص عليها فالأنسب حسن الظن بهذا الإمام‏.‏

‏(‏قوله ولو قتل المولى أمته‏)‏ قيد بالقتل لأنه لو باعها وذهب بها المشتري من المصر أو غيبها بموضع لا يصل إليه الزوج لا يسقط المهر بل تسقط المطالبة به إلى أن يحضرها‏.‏ وفي الخانية‏:‏ لو أبقت فلا صداق لها ما لم تحضر في قياس قول الشيخين نهر، وكالقتل ما لو أعتقها قبل الدخول فاختارت الفرقة، وقيد بالمولى لأن قتل غيره لا يسقط به المهر اتفاقا، وبالأمة لأنه لو قتل المولى الزوج لا يسقط لأنه تصرف في العاقد دون المعقود عليه، وأراد بالأمة القنة والمدبرة وأم الولد لأن مهر المكاتبة لها لا للمولى فلا يسقط بقتل المولى إياها بحر، وكالمكاتبة المأذونة والمديونة على ما سيجيء‏.‏ ‏(‏قوله قبل الوطء‏)‏ أي ولو حكما نهر لما مر مرارا أن الخلوة الصحيحة وطء حكما‏.‏ ‏(‏قوله ولو خطأ‏)‏ أي أو تسببا كما هو مقتضى الإطلاق نهر‏.‏ ‏(‏قوله فلو صبيا‏)‏ مثله المجنون بالأولى نهر‏.‏ ‏(‏قوله على الراجح إلخ‏)‏ ذكر في المصفى فيه قولين‏.‏ وفي الفتح‏:‏ لو لم يكن من أهل المجازاة بأن كان صبيا زوج أمته وصيه مثلا قالوا يجب أن لا يسقط في قول أبي حنيفة، بخلاف الحرة الصغيرة إذا ارتدت يسقط مهرها لأن الصغيرة من أهل المجازاة على الردة، بخلاف غيرها من الأفعال لأنها لم تحظر عليها والردة محظورة عليها ا هـ‏.‏ فترجح عدم السقوط بحر قال الرحمتي‏:‏ لكن الصبي من أهل المجازاة في حقوق العباد ألا ترى أنه يجب عليه الدية إذا قتل والضمان إذا أتلف، والمجنون مثله ولذا ترك التقييد بالمكلف في الهداية والوقاية والدرر والملتقى والكنز والدليل يعضده وفيهم الأسوة الحسنة‏.‏ ‏(‏قوله سقط المهر‏)‏ هذا عنده خلافا لهما لأنه منع المبدل قبل التسليم فيجازى بمنع البدل، وإن كان مقبوضا لزمه رد جميعه على الزوج بحر‏.‏ ‏(‏قوله كحرة ارتدت‏)‏ لأن الفرقة جاءت من قبلها قبل تقرر المهر فيسقط رحمتي‏.‏ ‏(‏قوله ولو صغيرة‏)‏ لحظر الردة عليها بخلاف غيرها من الأفعال كما مر‏.‏ ‏(‏قوله لا لو فعلت ذلك القتل امرأة‏)‏ أي القتل المذكور وهو ما يكون قبل الوطء‏.‏ قال في النهر‏:‏ لأن جناية الحر على نفسه هدر في أحكام الدنيا، وبتسليم أنها ليست هدرا فقتلها نفسها تفويت بعد الموت، وبالموت صار للورثة فلا يسقط وإذا لم يسقط مع أن الحق لها أولا فعدم السقوط بقتل الوارث أولى‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولو أمة‏)‏ لأن المهر لمولاها ولم يوجد منه منع المبدل بحر‏.‏ قال ح‏:‏ حاصل ما يفهم من كلامهم أن العلة في سقوط المهر أمران‏:‏ الأول أن يكون صادرا ممن له المهر‏.‏ الثاني أن يترتب عليه حكم دنيوي كالمذكور في صدر المتن، ففي الأمة غير المأذونة وغير المكاتبة إذا قتلت نفسها فقد الأمران وفي الحرة إذا قتلت نفسها والمولى الغير المكلف إذا قتل أمته فقد الثاني، و في الأجنبي أو الوارث إذا قتل حرة أو أمة فقد الأول‏.‏ ا هـ‏.‏ أي لأن الوارث بالقتل لم يبق وارثا مستحقا للمهر لحرمانه به فصار كالأجنبي بحر‏.‏ ‏(‏قوله أو ارتدت الأمة‏)‏ مقابل قوله كحرة ارتدت ‏(‏قوله كما رجحه في النهر‏)‏ راجع للأخيرتين، وسبقه إلى ذلك في البحر قياسا على تصحيح عدم السقوط في قتل الأمة نفسها، فإن الزيلعي جعل الروايتين في الكل، وإذا كان الصحيح منهما في مسألة القتل عدم السقوط فليكن كذلك هنا وهو الظاهر لأن المستحق وهو المولى لم يفعل شيئا‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أو فعله‏)‏ الضمير المستتر للمولى المكلف والبارز للقتل ح‏.‏ ‏(‏قوله لتقرره‏)‏ أي المهر به أي بالوطء ح‏.‏ ‏(‏قوله ولو فعله بعبده‏)‏ صورته زوج عبده ثم قتله وضمن قيمته يوفي منها مهر المرأة، ومثله ما إذا باعه قال في النهر‏:‏ وسيأتي أنه لو أعتق المديون كان عليه قيمته، فالقتل أولى ح‏.‏ ‏(‏قوله أو مكاتبته‏)‏ لما عرف أن مهر المكاتبة لها لا للمولى بحر‏.‏ ‏(‏قوله أو مأذونته المديونة‏)‏ بحث لصاحب النهر حيث قال وأقول‏:‏ ينبغي أن يقيد الخلاف‏:‏ أي الخلاف المار بين الإمام وصاحبيه بما إذا لم تكن مأذونة لحقها به دين، فإن كانت لا يسقط اتفاقا لما مر من أن المهر في هذه الحالة لها توفي منه ديونها غاية الأمر أنه إذا لم يف بدينها كان على المولى قيمتها للغرماء فتضم إلى المهر ويقسم بينهم ا هـ‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

الحاصل أن المرأة إذا ماتت فلا يخلو إما أن تكون حرة أو مكاتبة أو أمة وكل من الثلاث إما أن يكون حتف أنفها أو بقتلها نفسها أو بقتل غيرها وكل من التسعة إما قبل الدخول أو بعده فهي ثمانية عشر، ولا يسقط مهرها على الصحيح إلا إذا كانت أمة وقتلها سيدها قبل الدخول بحر‏.‏ قلت‏:‏ ويزاد في التقسيم المأذونة المديونة فتبلغ الصور أربعة وعشرين‏.‏

مطلب في حكم العزل

‏(‏قوله والإذن في العزل‏)‏ أي عزل زوج الأمة‏.‏ ‏(‏قوله وهو الإنزال خارج الفرج‏)‏ أي بعد النزع منه لا مطلقا فقد قال في المصباح‏:‏ فائدة المجامع إن أمنى في الفرج الذي ابتدأ الجماع فيه قيل أمناه وألقى ماءه، وإن لم ينزل فإن كان لإعياء وفتور قيل أكسل وأقحط وفهر؛ وإن نزع وأمنى خارج الفرج قيل عزل وإن أولج في فرج آخر فأمنى فيه قيل فهر فهرا من باب منع ونهي عن ذلك‏.‏ وإن أمنى قبل أن يجامع فهو الزملق بضم الزاي وفتح الميم المشددة وكسر اللام ‏(‏قوله لمولى الأمة‏)‏ ولو مدبرة أو أم ولد، وهذا هو ظاهر الرواية عن الثلاثة لأن حقها في الوطء قد تأدى بالجماع‏.‏ وأما سفح الماء ففائدته الولد والحق فيه للمولى فاعتبر إذنه في إسقاطه فإذا أذن فلا كراهة في العزل عند عامة العلماء وهو الصحيح؛ وبذلك تضافرت الأخبار‏.‏ وفي الفتح‏:‏ وفي بعض أجوبة المشايخ الكراهة، وفي بعض عدمها نهر، وعنهما أن الإذن لها‏.‏ وفي القهستاني أن للسيد العزل عن أمته بلا خلاف وكذا لزوج الحرة بإذنها وهل للأب أو الجد الإذن في أمة الصغير‏؟‏ في حاشية أبي السعود عن شرح الحموي نعم قال ط‏:‏ وفيه أنه لا مصلحة للصبي فيه لأنه لو جاء ولد يكون رقيقا له إلا أن يقال أنه متوهم‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه أنه لو لم يعتبر التوهم هنا لما توقف على إذن المولى تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وهو‏)‏ أي التعليل المذكور يفيد التقييد‏:‏ أي تقييد احتياجه إلى الإذن بالبالغة وكذا الحرة بتقييد احتياجه بالبالغة، إذ غير البالغة لا ولد لها قال الرحمتي‏:‏ وكالبالغة المراهقة إذ يمكن بلوغها وحبلها ا هـ‏.‏ ومفاد التعليل أيضا أن زوج الأم لو شرط حرية الأولاد لا يتوقف العزل على إذن المولى كما بحثه السيد أبو السعود‏.‏

‏(‏قوله نهر بحثا‏)‏ أصله لصاحب البحر حيث قال وأما المكاتبة فينبغي أن يكون الإذن إليها لأن الولد لم يكن للمولى ولم أره صريحا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه أن للمولى حقا أيضا باحتمال عجزها وردها إلى الرق فينبغي توقفه على إذن المولى أيضا رعاية للحقين رحمتي ‏(‏قوله لكن في الخانية‏)‏ عبارتها على ما في البحر‏:‏ ذكر في الكتاب أنه لا يباح بغير إذنها وقالوا في زماننا يباح لسوء الزمان‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله قال الكمال‏)‏ عبارته‏:‏ وفي الفتاوى إن خاف من الولد السوء في الحرة يسعه العزل بغير رضاها لفساد الزمان، فليعتبر مثله من الأعذار مسقطا لإذنها‏.‏ ا هـ‏.‏ فقد علم مما في الخانية أن منقول المذهب عدم الإباحة وأن هذا تقييد من مشايخ المذهب لتغير بعض الأحكام بتغير الزمان، وأقره في الفتح وبه جزم القهستاني أيضا حيث قال‏:‏ وهذا إذا لم يخف على الولد السوء لفساد الزمان وإلا فيجوز بلا إذنها‏.‏ ا هـ‏.‏ لكن قول الفتح فليعتبر مثله إلخ يحتمل أن يريد بالمثل ذلك العذر، كقولهم‏:‏ مثلك لا يبخل‏.‏ ويحتمل أنه أراد إلحاق مثل هذا العذر به كأن يكون في سفر بعيد، أو في دار الحرب فخاف على الولد، أو كانت الزوجة سيئة الخلق ويريد فراقها فخاف أن تحبل، وكذا ما يأتي في إسقاط الحمل عن ابن وهبان فافهم‏.‏

مطلب في حكم إسقاط الحمل

‏(‏قوله وقالوا إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ بقي هل يباح الإسقاط بعد الحمل‏؟‏ نعم يباح ما لم يتخلق منه شيء ولن يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوما، وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح وإلا فهو غلط لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة كذا في الفتح، وإطلاقهم يفيد عدم توقف جواز إسقاطها قبل المدة المذكورة على إذن الزوج‏.‏ وفي كراهة الخانية‏:‏ ولا أقول بالحل إذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمنه لأنه أصل الصيد فلما كان يؤاخذ بالجزاء فلا أقل من أن يلحقها إثم هنا إذا سقط بغير عذرها ا هـ‏.‏ قال ابن وهبان‏:‏ ومن الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصبي ما يستأجر به الظئر ويخاف هلاكه‏.‏ ونقل عن الذخيرة لو أرادت الإلقاء قبل مضي زمن ينفخ فيه الروح هل يباح لها ذلك أم لا‏؟‏ اختلفوا فيه، وكان الفقيه علي بن موسى يقول‏:‏ إنه يكره، فإن الماء بعدما وقع في الرحم مآله الحياة فيكون له حكم الحياة كما في بيضة صيد الحرم، ونحوه في الظهيرية قال ابن وهبان‏:‏ فإباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر، أو أنها لا تأثم إثم القتل ا هـ‏.‏ وبما في الذخيرة تبين أنهم ما أرادوا بالتحقيق إلا نفخ الروح، وأن قاضي خان مسبوق بما مر من التفقه، والله تعالى الموفق ا هـ‏.‏ كلام النهر ح‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

أخذ في النهر من هذا ومما قدمه الشارح عن الخانية والكمال أنه يجوز لها سد فم رحمها كما تفعله النساء مخالفا لما بحثه في البحر من أنه ينبغي أن يكون حراما بغير إذن الزوج قياسا على عزله بغير إذنها‏.‏ قلت‏:‏ لكن في البزازية أن له منع امرأته عن العزل‏.‏ ا هـ‏.‏ نعم النظر إلى فساد الزمان يفيد الجواز من الجانبين‏.‏ فما في البحر مبني على ما هو أصل المذهب، وما في النهر على ما قاله المشايخ والله الموفق‏.‏ ‏(‏قوله إن لم يعد قبل بول‏)‏ بأن لم يعد أصلا أو عاد بعد بول نهر أي وعزل في العود أيضا كما نقله أبو السعود عن الحانوتي‏.‏ ونقل أيضا عن خط الزيلعي أنه ينبغي أن يزاد بعد غسل الذكر‏:‏ أي لنفي احتمال أن يكون على رأس الذكر بقية منه بعد البول فتزول بالغسل، وبه ظهر أن ما ذكروه في باب الغسل أن النوم والمشي مثل البول في حصول الإنقاء لا يتأتى هنا فافهم‏.‏

‏(‏قوله وخيرت أمة‏)‏ هذا يسمى خيار العتق‏:‏ قال في النهر‏:‏ ولو اختارت نفسها بلا علم الزوج يصح، وقيل لا يصح بغيبته كذا في جامع الفصولين ‏(‏قوله ولو أم ولد‏)‏ أي أو مدبرة، وشمل الكبيرة والصغيرة بحر‏.‏ ‏(‏قوله ومكاتبة‏)‏ خالف زفر فقال لا خيار لها، وقواه في الفتح وأجاب عنه في البحر‏.‏ ‏(‏قوله ولو كان النكاح برضاها‏)‏ وكذا بدون رضاها بالأولى‏.‏ وعبارة الزيلعي وغيره‏.‏ ولا فرق في هذا بين أن يكون برضاها أو بغيره‏.‏ ا هـ‏.‏ وهذا التعميم ظاهر في غير المكاتبة لما قدمه الشارح قريبا من أن له إجبار قنه على النكاح لا مكاتبه ولا مكاتبته‏.‏ وفي المعراج أنه ليس له إجبارهما بالإجماع، وبه تأيد قوله في الشرنبلالية إن نفي رضا المكاتبة منفي فإنه كما لا ينفذ تزويجها نفسها بدون إذن مولاها لبقاء ملكه لرقبتها لا ينفذ تزويجه إياها بدون إذنها لموجب الكتابة، وتمامه هناك‏.‏ ‏(‏قوله دفعا لزيادة الملك عليها‏)‏ علة لقوله خيرت، وذلك أن الزوج كان يملك عليها طلقتين فلما صارت حرة صار يملك عليها طلقة ثالثة وفيه ضرر لها فملكت رفع أصل العقد لدفع الزيادة المضرة لها، ولهذا لم يثبت خيار العتق للعبد الذكر لأنه ليس عليه ضرر وهو قادر على الطلاق‏.‏ ‏(‏قوله فلا مهر لها‏)‏ أي إن لم يدخل بها الزوج لأن اختيارها نفسها فسخ من الأصل، وإن كان دخل بها فالمهر لسيدها لأن الدخول بحكم نكاح صحيح فتقرر به المسمى بحر‏.‏ ‏(‏قوله أو زوجها‏)‏ بالنصف عطف على قوله نفسها‏.‏ ‏(‏قوله فالمهر لسيدها‏)‏ أي سواء دخل الزوج بها أو لم يدخل لأن المهر واجب بمقابل ما ملك الزوج من البضع وقد ملكه عن المولى فيكون بدله للمولى بحر عن غاية البيان‏.‏ قلت‏:‏ وقوله سواء دخل بها الزوج أو لم يدخل لا ينافي ما سيأتي متنا من التفصيل، بأنه لو وطئ الزوج قبل العتق فالمهر للمولى أو بعده فلها لأن ذاك فيما إذا كان النكاح بدون إذن المولى ونفذ النكاح بالعتق وبه تملك منافعها فإذا وطئ بعده فالمهر لها بخلاف ما هنا فإن النكاح بالإذن فنفذ النكاح في حال قيام الرق كما سيأتي فافهم‏.‏ ‏(‏قوله ولو صغيرة‏)‏ أي لو كانت المعتقة صغيرة وقد زوجها مولاها قبل العتق تأخر خيارها إلى بلوغها‏.‏ قال في البحر لأن فسخ النكاح من التصرفات المترددة بين النفع والضرر فلا تملكه الصغيرة ولا يملكه وليها لقيامه مقامها، كذا في جامع الفصولين، فإذا بلغت كان لها خيار العتق لا خيار البلوغ على الأصح كذا في الذخيرة ا هـ‏.‏ وقيل يثبت لها خيار البلوغ أيضا، ويدخل تحت خيار العتق‏.‏ وأما لو زوجها بعد العتق ثم بلغت فإن لها خيار البلوغ لأن ولاية المولى عليها في الصورة الأولى كولاية الأب بل أقوى، وفي هذه كولاية الأخ والعم بل أضعف كما أوضحناه في باب الولي‏.‏ ‏(‏قوله معا‏)‏ قيد في الجمل الثلاثة وإنما قيد به لأن بارتداد أحدهما أو لحاقه أو سبيه ينفسخ النكاح ا هـ‏.‏ ح‏.‏ ‏(‏قوله خيرت عند الثاني‏)‏ لأنها بالعتق ملكت أمر نفسها وازداد ملك الزوج عليها ح عن البحر‏.‏ ‏(‏قوله خلافا للثالث‏)‏ أي حيث قال لا خيار لها لأن بأصل العقد ثبت عليها ملك كامل برضاها ثم انتقص الملك، فإذا أعتقت عاد إلى أصله كما كان، ولا يخفى ترجيح قول أبي يوسف لدخوله تحت النص كذا في البحر، ومراده بالنص «قوله صلى الله عليه وسلم لبريرة حين أعتقت ملكت بضعك فاختاري»‏.‏ ا هـ‏.‏ ح أي حيث أفاد قوله فاختاري أن علة الاختيار ملك البضع على وجه زاد ملك الزوج عليها مثل زنى فرجم وسرق فقطع حيث أفادت الفاء أن العلة الزنا والسرقة كما تقرر في الأصول، فلا يرد ما أورده الرحمتي من أن النص لا عموم فيه لأنه خطاب لمعينة فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله خيار العتق‏)‏ بدل من هذا الخيار ح‏.‏ ‏(‏قوله عذر‏)‏ أي لاشتغالها بخدمة المولى فلا تتفرغ للتعلم‏.‏ ثم إذا علمت يبطل بما يدل على الإعراض في مجلس العلم كخيار المخيرة، ولو جعل لها قدرا على أن تختاره فقلت سقط خيارها كما في النهر‏.‏ زاد في تلخيص الجامع ولا شيء لها؛ لأنه حق ضعيف فلا يظهر في حق الاعتياض كسائر الخيارات والشفعة والكفالة بالنفس، بخلاف خيار العيب‏.‏ ‏(‏قوله فلو لم تعلم به‏)‏ قال في البحر عن المحيط‏:‏ إذا زوج عبده أمته ثم أعتقها فلم تعلم أن لها الخيار حتى ارتدا ولحقا بدار الحرب ورجعا مسلمين ثم علمت بثبوت الخيار أو علمت بالخيار في دار الحرب فلها الخيار في مجلس العلم‏.‏ ا هـ‏.‏ ح وكذا الحربية إذا تزوجها حربي ثم أعتقت خيرت سواء علمت في دار الحرب أو في دارنا بعد الإسلام نهر‏.‏ ‏(‏قوله إلا إذا قضى باللحاق‏)‏ أي فلا يصح فسخها لعودها رقيقة بالحكم بلحاقها لأن الكفار في دار الحرب كلهم أرقاء وإن كانوا غير مملوكين لأحد كما يأتي أول العتاق‏.‏ ا هـ‏.‏ ح، وأقره ط والرحمتي‏.‏ قلت‏:‏ ما يأتي محمول على الحربي إذا أسر فهو رقيق قبل الإحراز بدارنا وبعده رقيق ومملوك كما سيأتي هناك وهو صريح ما قدمناه أول هذا الباب فالظاهر أن علة عدم صحة الفسخ كون الحكم باللحاق موتا حكميا يسقط به التصرفات الموقوفة على الإسلام فيسقط به حق الفسخ الذي هو حق مجرد بالأولى، ثم رأيت في شرح التلخيص علل بما قلته، فلله تعالى الحمد‏.‏ ‏(‏قوله وليس هذا حكما‏)‏ جواب سؤال تقديره كيف حكمتم بصحة فسخ من في دار الحرب وأحكامنا منقطعة عنهم ح‏.‏ ‏(‏قوله بل فتوى‏)‏ أي إخبار عند السؤال عن الحادثة ط‏.‏ ‏(‏قوله ولا يتوقف‏)‏ أي الفسخ بخيار العتق لا يتوقف على قضاء القاضي ‏(‏قوله ولا يبطل بسكوت‏)‏ أي ولو كانت بكرا بل لا بد من الرضا صريحا أو دلالة ط‏.‏ ‏(‏قوله ولا يثبت لغلام‏)‏ أي لعبد ذكر لأنه ليس فيه زيادة ملك عليه، بخلاف الأمة ولأنه يملك الطلاق فلا حاجة إلى الفسخ ‏(‏قوله ويقتصر على مجلس‏)‏ أي مجلس العلم ويمتد إلى آخره، فإذا قامت بطل‏.‏ ‏(‏قوله كخيار مخيرة‏)‏ أي من قال لها زوجها اختاري نفسك فإنها تختار ما دامت في المجلس ‏(‏قوله بخلاف خيار البلوغ في الكل‏)‏ أي في كل الخمسة المذكورة، فإن الجهل فيه ليس بعذر، ويتوقف على القضاء ويبطل بسكوتها بعد علمها بالنكاح، ويثبت للأنثى والغلام ولا يمتد إلى آخر المجلس إن كانت بكرا، ولو ثيبا فوقته العسر إلى وجود الرضا صريحا أو دلالة كما في الغلام إذا بلغ‏.‏

‏(‏قوله نكح عبد بلا إذن‏)‏ قيد بالنكاح لأنه لو اشترى شيئا فأعتقه المولى لا ينفذ الشراء بل يبطل لأنه لو نفذ عليه بتغير المالك بحر‏.‏ ‏(‏قوله فعتق‏)‏ بفتح أوله مبنيا للفاعل ولا يجوز ضمه بالبناء للمفعول لأنه لازم أبو السعود عن الحموي ط‏.‏ ‏(‏قوله أو باعه‏)‏ أي مثلا والمراد انتقال الملك إلى آخر بشراء أو هبة أو إرث‏.‏ ‏(‏قوله فأجاز المشتري‏)‏ أي أجاز النكاح الواقع عند المالك الأول‏.‏ ‏(‏قوله لزوال المانع‏)‏ لأن المانع من النفاذ كان حق المولى وقد زال لما خرج عن ملكه ‏(‏قوله وكذا حكم الأمة‏)‏ أطلقها فشمل القنة والمدبرة وأم الولد والمكاتبة، لكن في المدبرة وأم الولد تفصيل يأتي بحر، وهذا في الأمة إذا أعتقت، أما لو مات عنها أو باعها فإن كان المالك الثاني لا يحل له وطؤها فكالعبد، وإلا فإن كان الزوج لم يدخل بها بطل العقد الموقوف لطرو الحل البات عليه، وإن كان دخل ففي ظاهر الرواية كذلك لبطلان الموقوف باعتراض الملك الثاني وإن كان ممنوعا من غشيانها، وتوضيحه في البحر‏.‏ ‏(‏قوله ولا خيار لها‏)‏ أي للأمة، أما العبد فلا خيار له أصلا وإن نكح بالإذن كما مر، وشمل المكاتبة فإنها لا خيار لها للعلة الآتية، وبها صرح في الشرنبلالية، وما قاله ابن كمال باشا من أنه لها خيار كما مر فهو سبق قلم، وكذا لما كتبه بهامشه من قوله في الهداية وقال زفر لا خيار لها، بخلاف الأمة إلخ فهو كذلك لأن ما مر من أن لها الخيار عندنا خلافا لزفر إنما هو في مسألة تزوجها بإذن مولاها، وكلامنا في التزويج بدون إذنه كما هو صريح في كلام الهداية فتنبه‏.‏ ‏(‏قوله لكون النفوذ بعد العتق‏)‏ فصارت كما إذا زوجت نفسها بعد العتق ولذا قال الإسبيجابي‏:‏ الأصل أن عقد النكاح متى تم على المرأة وهي مملوكة ثبت لها خيار العتق ومتى تم عليها وهي حرة لا يثبت لها خيار العتق بحر ‏(‏قوله فلم تتحقق زيادة الملك‏)‏ أي بطلقة ثالثة، وعلة ثبوت الخيار ثبوت الزيادة المذكورة كما مر ‏(‏قوله وكذا لو اقترنا‏)‏ أي العتق ونفاذ النكاح، فإنهما لما أجازهما المولى معا ثبتا معا ‏(‏قوله وكذا مدبرة عتقت بموته‏)‏ أي حكمها حكم ما إذا أعتقا في حياته المذكور في قوله وكذا حكم الأمة‏.‏ وأفاد بقوله عتقت أنها تخرج من الثلث، فإن لم تخرج لم ينفذ حتى تؤدي بدل السعاية عنده‏.‏ وعندهما جاز كما في البحر عن الظهيرية‏:‏ أي لأنها عندهما تسعى وهي حرة ‏(‏قوله وكذا أم الولد إلخ‏)‏ أي إذا أعتقها أو مات عنها المولى، إن دخل بها الزوج قبل العتق نفذ النكاح على رواية ابن سماعة عن محمد لأنه وجبت العدة من الزوج فلا تجب العدة من المولى، أما على ظاهر الرواية لا تجب العدة من الزوج فوجبت العدة من المولى، ووجوبها منه قبل الإجازة يوجب انفساخ النكاح كما في البحر عن المحيط، وإنما لم تجب العدة من الزوج لأنها لا تجب إلا بعد التفريق بينهما كما أفاده في البحر في المسألة السابقة ‏(‏قوله تمنع نفاذ النكاح‏)‏ أي تبطله، إذ لا يمكن توقفه مع العدة بحر لأن المعتدة لا تحل لغير من اعتدت منه

‏(‏قوله فلو وطئ الزوج الأمة‏)‏ أي التي نكحت بغير إذن مولاها ثم نفذ نكاحها بالعتق ‏(‏قوله فالمهر المسمى له‏)‏ أي إن كان وإلا فمهر المثل نهر، وإنما كان له لأن الزوج استوفى منافع مملوكة للمولى بحر ‏(‏قوله لمقابلته بمنفعة ملكتها‏)‏ لأن العقد نفذ بالعتق، وبه تملك منافعها، بخلاف النفاذ بالإذن والرق قائم بحر

‏(‏قوله ومن وطئ قنة ابنه‏)‏ أي أو بنته حموي عن البرجندي، وشمل الابن الكافر قهستاني والصغير والكبير بحر، وشمل ما إذا كانت موطوءة للابن أو لم تكن ظهيرية من العتق، ومحترز القنة ما يأتي في قوله ولو ادعى ولد أم ولده إلخ، ومحترز الابن ما يأتي في قول المصنف ولو وطئ جارية امرأته أو والده إلخ ‏(‏قوله فولدت‏)‏ عطف على وطئ وتعقيب كل شيء بحسبه كما في تزوج زيد فولد له فالظاهر أنها لو ولدت قبل مضي مدة الحمل لم تصح الدعوى، بل مفاد قوله فادعاه عطفا على فولدت أنه لو ادعاه وهي حبلى لم تصح حتى تلد‏.‏ قال في البحر ولم أره صريحا‏.‏ وفي النهر‏:‏ ينبغي أنها لو ولدته لأقل من ستة أشهر من وقت دعوته أن تصح‏.‏

مطلب في تفسير العقر

‏(‏قوله لزم عقرها‏)‏ قال في الفتح‏:‏ العقر هو مهر مثلها في الجمال‏:‏ أي ما يرغب فيه في مثلها جمالا فقط، وأما ما قيل ما يستأجر به مثلها للزنا لو جاز فليس معناه، بل العادة أن ما يعطى لذلك أقل مما يعطى مهرا لأن الثاني للبقاء بخلاف الأول‏.‏ ا هـ‏.‏ وإذا تكرر منه الوطء ولم تحبل لزمه مهر واحد، بخلاف وطء الابن جارية الأب مرارا فعليه بكل وطء مهر لأن المهر وجب بسبب دعوى الشبهة، ولو لم يدعها يلزمه الحد فبتكرر دعواها يتكرر المهر، بخلاف الأب فإنه لا يحتاج إلى دعوى الشبهة خانية ‏(‏قوله وارتكب محرما إلخ‏)‏ كذا في النهر وأصله في البحر حيث قال‏:‏ وقيد بالولادة لأنه لو وطئ أمة ابنه ولم تحبل فإنه يحرم عليه ولا يملكها ويلزمه عقرها، بخلاف ما إذا حبلت منه فإنه يتبين أن الوطء حلال لتقدم ملكه عليه، ولا يحد قاذفه في المسألتين، أما إذا لم تلد منه فظاهر لأنه وطئ وطئا حراما في غير ملكه، وأما إذا حبلت منه فلأن شبهة الخلاف في أن الملك يثبت قبل الإيلاج أو بعده مسقطة لإحصانه كما في الفتح وغيره‏.‏ ا هـ‏.‏ وقوله فإنه يتبين أن الوطء حلال تصريح بمفهوم ما هنا وفيه تأمل لأن ثبوت ملكه لها قبيل الوطء عندنا وقبيل العلوق عند الشافعي إنما هو لضرورة ثبوت النسب كما أوضحه في الفتح، ولا يلزم من ذلك حل الإقدام على هذا الوطء، كما لو غصب شيئا وأتلفه ثم أدى ضمانه لمالكه لا يلزم من استناد الملك إلى وقت الغصب حل ما صنع، ولعل المراد بقوله حلال أنه ليس بزنا إذ لو كان زنا لزمه العقر ولم يثبت النسب، ويدل على ما قلنا إطلاق قوله الآتي، ولذا يحل له عند الحاجة الطعام لا الوطء، وكذا ما قدمناه عن الظهيرية من صحة الدعوى في الأمة الموطوءة للابن مع أنها محرمة على الأب حرمة مؤبدة فيتأمل ‏(‏قوله فادعاه‏)‏ أي عند قاض كما في شرح الشلبي‏.‏ وأفاد أنه لا يشترط في صحة الدعوى دعوى الشبهة ولا تصديق الابن فتح‏.‏ والظاهر أن الفاء لمجرد الترتيب فلا يلزم الدعوى عقب الولادة‏.‏ وادعى الحموي اللزوم فورا وهو بعيد، فليراجع ‏(‏قوله وهو حر مسلم عاقل‏)‏ فلو كان عبدا أو مكاتبا أو كافرا أو مجنونا لم تصح الدعوى لعدم الولاية، ولو أفاق المجنون ثم ولدت لأقل من ستة أشهر يصح استحسانا، ولو كانا من أهل الذمة إلا أن ملتيهما مختلفة جازت الدعوى من الأب فتح، فأفاد أن الإسلام شرط فيما لو كان الابن مسلما، أما لو كان كافرا فلا يشترط إسلام الأب ولو اختلفت الملة لأن الكفر ملة واحدة‏.‏ وفي الظهيرية‏:‏ ولو كان الأب مسلما والابن كافرا صحت دعوته، ولو كان الأب مرتدا فدعوته موقوفة عنده نافذة عندهما ‏(‏قوله بشرط إلخ‏)‏ فلو حبلت في غير ملكه أو فيه وأخرجها الابن عن ملكه ثم استردها لا تصح الدعوى لأن الملك إنما يثبت بطريق الاستناد إلى وقت العلوق فيستدعي قيام ولاية التملك من حين العلوق إلى التملك هذا إن كذبه الابن، فإن صدقه صحت الدعوى ولا يملك الجارية كما إذا ادعاه أجنبي ويعتق على المولى كما في المحيط بحر‏.‏ قال في النهر المذكور في الشرح للزيلعي‏:‏ وعليه جرى في فتح القدير وغيره أنه لا يشترط في صحتها دعوى الشبهة ولا تصديق الابن‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ كأنه فهم أن الإشارة في قوله هذا إن كذبه الابن راجعة إلى أصل المسألة أعني ما إذا بقيت الجارية في ملك الابن، وليس كذلك بل هي راجعة إلى قوله فلو حبلت في غير ملكه أو فيه وأخرجها الابن عن ملكه إلخ فلا ينافي ذلك ما ذكره في الزيلعي والفتح من عدم اشتراط التصديق لأنه في أصل المسألة لا فيما نحن فيه بدليل أن اشتراط بقائها في ملك الابن مذكور في الزيلعي والفتح، فلو كان لا يشترط تصديق الابن وإن أخرجها عن ملكه لم يبق فائدة لاشتراط بقائها في ملكه‏.‏ وفي الظهيرية من العتق‏:‏ يشترط أن تكون الجارية في ملكه من وقت العلوق إلى الدعوة، حتى لو علقت فباعها الابن ثم اشتراها أو ردت عليه بعيب بقضاء أو غيره أو بخيار رؤية أو شرط أو بفساد البيع ثم ادعاه الأب لا يثبت النسب إلا إذا صدقه الابن‏.‏ ا هـ‏.‏ فهذا أيضا صريح فيما قلنا فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله وبيعها لأخيه مثلا‏)‏ أي أو ابنه أو ابن أخيه لا يضر لأنها لا تخرج والحالة هذه عن كونها جارية فرعه‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ وفيه أن بيعها لابنه لا يفيد لأنه لا ولاية للجد عليه مع وجود الأب، نعم بيعها لابن أخيه يفيد إذا كان أبو ذلك الابن ميتا أو مسلوب الولاية بكفر أو رق أو جنون ليكون للجد المدعي ولاية لأن دعوة الجد لا تصح إلا عند الولاية على فرعه كما يأتي، أفاد الرحمتي فافهم ‏(‏قوله لوقت العلوق‏)‏ كذا في الفتح‏:‏ أي لوقت الوطء القريب من وقت العلوق كي لا ينافي ما يأتي قريبا تأمل ‏(‏قوله وعليه قيمتها‏)‏ أي لولده يوم علقت كما في مسكين ط‏.‏ وفي المحيط‏:‏ ولو استحقها رجل يأخذها وعقرها وقيمة ولدها لأن الأب صار مغرورا، ويرجع الأب على الابن بقيمة الجارية دون العقر وقيمة الولد لأن الابن ما ضمن له سلامة الأولاد‏.‏ ا هـ‏.‏ بحر‏.‏ ‏(‏قوله لقصور إلخ‏)‏ أي أن للأب ولاية تملك مال ابنه للحاجة إلى إبقاء نفسه فكذا إلى صون نسله لأنه جزء منه، لكن الأولى أشد، ولذا يتملك الطعام بغير قيمته والجارية بالقيمة، ويحل له الطعام عند الحاجة دون وطء الجارية، ويجبر الابن على الإنفاق عليه دون دفع الجارية للتسري‏:‏ فللحاجة جاز له التملك، ولقصورها أوجبنا عليها القيمة مراعاة للحقين فتح، وما ذكره من أنه لا يجبر على الجارية للتسري ذكره الزيلعي أيضا، ومثله في الدرر وغاية البيان والنهاية، وما في هذه الشروح المعتبرة لا يعارضه ما سيأتي في النفقة، وعزاه في الشرنبلالية إلى الجوهرة من أنه يجبر فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله لا عقرها‏)‏ تقدم تفسيره قريبا‏.‏ وعند الشافعي وزفر عليه عقرها لثبوت الملك فيها قبيل العلوق لضرورة صيانة الولد‏.‏ وعندنا قبيل الوطء لأن لازم كون الفعل زنا ضياع الماء شرعا، فلو لم يقدم عليه ثبت لازمه فظهر أن الضرورة لا تندفع إلا بإثباته قبل الإيلاج، بخلاف ما لو لم تحبل حيث يجب العقر فتح أي لأنها إذا لم تحبل لم توجد علة تقدم ملكه فيها وهي صيانة الولد كما أفاده الزيلعي ‏(‏قوله وقيمة ولدها‏)‏ أي ولا قيمة ولدها لأنه علق حر التقدم ملكه نهر‏.‏ ‏(‏قوله ما لم تكن مشتركة‏)‏ قال في البحر‏:‏ فلو كانت مشتركة بينه‏:‏ أي بين الابن وبين أجنبي كان الحكم كذلك إلا أنه يضمن لشريكه نصف عقرها ولم أره، ولو كانت مشتركة بين الأب والابن أو غيره يجب حصة الشريك الابن وغيره من العقر، وقيمة باقيها إذا حبلت لعدم تقديم الملك في كلها لانتفاء موجبه وهو صيانة النسل، إذ ما فيها من الملك يكفي لصحة الاستيلاد، وإذا صح ثبت الملك في باقيها حكما لا شرطا كما في الفتح وهي مسألة عجيبة، فإنه إذا لم يكن للواطئ فيها شيء لا مهر عليه وإذا كانت مشتركة لزمه‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وهذا إلخ‏)‏ الإشارة إلى جميع ما مر ‏(‏قوله قدم الأب‏)‏ لأن له جهتين حقيقة الملك في نصيبه وحق التملك في نصيب ولده بحر‏.‏ قلت‏:‏ وفي الظهيرية‏:‏ ولو كانت مشتركة بين رجل وابنه وجده فادعوه كلهم فالجد أولى، وينبغي حمله على ما إذا كان أبو الرجل ميتا مثلا ليصير للجد الترجيح من جهتين تأمل ‏(‏قوله وإلا‏)‏ أي وإن لم يكونا شريكين، وهذا صادق بما إذا كانت للابن وحده أو للأب وحده، والثاني لا يصح هنا لكن أصل المسألة مفروض في جارية الابن، فهو قرينة على أن المراد الأول فقط فافهم ‏(‏قوله فالابن‏)‏ أي تقدم دعواه لأنها سابقة معنى بحر‏:‏ أي لأن له حقيقة الملك ولأبيه حق التملك ولأن ملك الابن سابق فصار كأنه ادعى قبل الأب تأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ولو ادعى‏)‏ أي الأب، وقوله المنفي بالنصب نعت لولد أم الولد، وقوله أو مدبرته أو مكاتبته مجروران بالعطف على أم‏.‏ وهذا بيان لمحترز قوله قنة ابنه‏:‏ أي لو ادعى ولد أم ولد ابنه الذي نفاه ابنه لا يثبت نسبه إلا بتصديق الابن لأن أم الولد لا تقبل الانتقال إلى ملك غير المستولد، وقيد بقوله المنفي لأنه إذا لم ينفه الابن يثبت نسبه منه فلا يمكن ثبوته من الأب وإن صدقه الابن، وكذا لو ادعى ولد مدبرة ابنه أو ولد مكاتبة ابنه الذي ولدته في الكتابة أو قبلها لا يثبت نسبه إلا بتصديق الابن كما في البحر، لأنه لا يمكن جعل الأب متملكا لهما قبل الوطء، فإن صدقه ثبت نسبه لاحتمال وطء الأب بشبهة والظاهر لزوم العقر للمكاتبة لأن لها العقر بوطء المولى، فبوطء أبيه أولى، وحيث لم يثبت الملك في أم الولد المدبرة ينبغي لزوم العقر للابن على أبيه كما يفيده ما قدمناه فيما لو وطئها ولم تحبل تأمل ‏(‏قوله وجد صحيح‏)‏ خرج به الجد الفاسد كأبي الأم، وكذا غير الجد من الرحم المحرم فلا يصدق في جميع الأحوال لفقد ولايتهم بحر عن المحيط ‏(‏قوله بعد زوال ولايته‏)‏ أي الأب، وأراد بزوال الولاية عدمها ليشمل ما لو كان كفره أو جنونه أو رقه أصليا، أفاده الرحمتي، والمراد بالولاية ولاية التملك كما مر ‏(‏قوله فيه‏)‏ متعلق بكاف التشبيه ح‏.‏ فالمعنى أن الجد مشابه للأب في الحكم المذكور ‏(‏قوله ويشترط ثبوت ولايته‏)‏ أي ولاية الجد الناشئة عن فقد ولاية الأب‏:‏ أي لا يكفي ثبوتها وقت الدعوة فقط، بل لا بد من ثبوتها من وقت العلوق إلى وقت الدعوة قال في الفتح‏:‏ حتى لو أتت بالولد لأقل من ستة أشهر من وقت انتقال الولاية إليه لم تصح دعوته لما قلنا في الأب ا هـ‏.‏ أي من أن الملك إنما يثبت بطريق الاستناد إلى وقت العلوق، فيستدعي قيام ولاية التملك من حين العلوق إلى التملك‏.‏

‏(‏قوله ولو فاسدا‏)‏ لأن الفاسد يثبت فيه النسب، فاستغنى عن تقدم الملك له بحر‏.‏ ‏(‏قوله أبوه‏)‏ أي أوجده رحمتي ‏(‏قوله ولو بالولاية‏)‏ في البحر عن الخانية إذا تزوج الرجل جارية ولده الصغير فولدت منه لا تصير أم ولد له، ويعتق الولد بالقرابة‏.‏ ‏(‏قوله لتولده من نكاح‏)‏ فلم تبق ضرورة إلى تملكها من وقت العلوق لثبوت النسب بدونه، وأمومية الولد فرع التملك والنكاح ينافيه ‏(‏قوله ويجب المهر‏)‏ لالتزامه إياه بالنكاح وهو إن لم يكن مسمى مهر مثلها في الجمال نهر ‏(‏قوله لا القيمة‏)‏ لعدم تملكه نهر ‏(‏قوله بملك أخيه له‏)‏ فعتق عليه بالقرابة هداية؛ وظاهره أن الولد علق رقيقا‏.‏ واختلف فيه؛ فقيل يعتق قبل الانفصال، وقيل بعده وثمرته تظهر في الإرث، فلو مات المولى وهو الابن يرثه الولد على الأول دون الثاني والوجه هو الأول لأنه حدث على ملك الأخ من حين العلوق فلما ملكه عتق عليه بالقرابة بالحديث كذا في غاية البيان‏.‏ والظاهر عندي هو الثاني لأنه لا ملك له من كل وجه قبل الوضع لقولهم الملك هو القدرة على التصرفات في الشيء ابتداء، ولا قدرة للسيد على التصرف في الجنين ببيع أو هبة وإن صح الإيصاء به وإعتاقه، فلم يتناوله الحديث لأنه في المملوك من كل وجه، ولذا لو قال كل مملوك أملكه فهو حر لا يتناول الحمل بحر، وأقره في النهر والمقدسي‏.‏ ‏(‏قوله ومن الحيل‏)‏ أي من جملة الحيل التي يدفع بها الإنسان عنه ما يضره، وهذا حيلة لما إذا أراد وطء الأمة ولا تصير أم ولد له وإن ولدت منه كي لا تتمرد عليه إذا ولدت وعلمت أنها لا تباع فيملكها لطفله بهبة أو بيع ثم يتزوجها بالولاية فيصير حكمها ما مر، فإذا احتاج إلى بيعها باعها وحفظ ثمنها لطفله أو أنفقه عليه أو على نفسه إن احتاج إليه

‏(‏قوله ولو وطئ جارية امرأته إلخ‏)‏ محترز قوله سابقا قنة ابنه ط ‏(‏قوله لا يثبت النسب إلا بتصديق المولى إلخ‏)‏ فيه اختصار‏.‏ وعبارة البحر‏:‏ لا يثبت النسب، ويدرأ عنه الحد للشبهة، فإن قال أحلها المولى لي لا يثبت النسب إلا أن يصدقه المولى في الإحلال وفي أن الولد منه فإن صدقه في الأمرين جميعا ثبت النسب وإلا فلا وإن كذبه المولى ثم ملك الجارية يوما من الدهر ثبت النسب كذا في الخانية‏.‏ وفي القنية وطئ جارية أبيه فولدت منه لا يجوز بيع هذا الولد وادعى الواطئ الشبهة أولا لأنه ولد ولده فيعتق عليه حين دخل في ملكه وإن لم يثبت النسب، كمن زنى بجارية غيره فولدت منه ثم ملك الولد يعتق عليه وإن لم يثبت نسبه منه‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومعنى أحلها المولى أي بنكاح أو بهبة مثلا لا بقوله جعلتها حلالا لك ‏(‏قوله وسيجيء إلخ‏)‏ ذكر هناك ما يفيد الخلاف، وفيه كلام سيأتي هناك إن شاء الله تعالى

‏(‏قوله قالت لمولى زوجها‏)‏ وكذا لو قال ذلك زوج الأمة لمولى زوجته لكن لا يسقط المهر بحر ‏(‏قوله الحر المكلف‏)‏ قيد به ليمكن الإعتاق؛ وفيه أنه ليس بمعتق إنما هو وكيل عنها فيه، فمقتضاه أن يتوقف بيع الصبي على إجازة وليه‏.‏ وأما الإعتاق فلا ينظر إليه لصحة توكيله فيه ط‏.‏ وصورة كون مولى الزوج غير حر أو غير مكلف أن يشتري العبد المأذون عبدا متزوجا أو يرثه الصبي أو المجنون من أبيه، وإلا فقد مر أنه لا يملك تزويج العبد إلا من يملك إعتاقه ‏(‏قوله ورطل من خمر‏)‏ مفعول زادت‏:‏ أي زادته على قولها بألف‏.‏ ‏(‏قوله كالصحيح‏)‏ لأن البيع هنا غير مقصود، فلا يلزم وجود شروطه كما يأتي قريبا ‏(‏قوله ففعل‏)‏ أي قال أعتقه ح عن النهر ‏(‏قوله اقتضاء‏)‏ هو دلالة اللفظ على مسكوت يتوقف عليه صدق الكلام أو صحته؛ فالأول كحديث‏:‏ «رفع الخطأ والنسيان»، أي رفع حكمهما وهو الإثم وإلا فهما واقعان في الخارج، والثاني كمسألتنا فإنه لا يمكن تصحيحه إلا بتقديم الملك، إذ الملك شرط لصحة العتق عنه، فتقدم الملك بالبيع مقتضى بالفتح والإعتاق عن الآمر مقتض بالكسر، فيصير قوله أعتق طلب التمليك منه بالألف ثم أمره بإعتاق عبد الآمر عنه، وقوله أعتقت تمليك منه ثم الإعتاق عنه وإذا ثبت الملك للآمر فسد النكاح للتنافي بين الأمرين، ثم الملك فيه شرط والشروط أتباع فلذا ثبت البيع المقتضى بالفتح بشروط المقتضي وهو العتق لا بشروط نفسه إظهارا للتبعية، فيشترط أهلية الآمر للإعتاق، حتى لو كان صبيا مأذونا لم يثبت البيع ويسقط القبول الذي هو ركن البيع، ولا يثبت فيه خيار رؤية أو عيب، ولا يشترط كونه مقدور التسليم‏.‏ فصح الأمر بإعتاق الآبق، ويسقط اعتبار القبض في الفاسد، كما لو قال أعتقه عني بألف ورطل من خمر‏.‏ ا هـ‏.‏ بحر بالمعنى ‏(‏قوله لكن لو قال إلخ‏)‏ حاصله أن ما ثبت بالاقتضاء إنما يثبت بشروط المقتضي بالكسر لا بشروط نفسه كما علمت، لكن هذا إذا لم يصرح بالمقتضى بالفتح‏.‏ قال في فتح القدير‏:‏ فلو صرح بالبيع فقال بعتكه وأعتقته لا يقع عن الآمر بل عن المأمور فيثبت البيع ضمنا في هذه المسألة ولا يثبت صريحا كبيع الأجنة في الأرحام فإذا صرح به ثبت بشرط نفسه والبيع لا يتم إلا بالقبول ولم يوجد فيعتق عن نفسه ا هـ‏.‏ أي ولا يفسد النكاح كما في البحر ‏(‏قوله ومفاده إلخ‏)‏ البحث لصاحب النهر ح‏.‏ ‏(‏قوله لو قال‏)‏ أي الآمر، والأولى التصريح به والإتيان بعده بضميره ‏(‏قوله وسقط المهر‏)‏ لاستحالة وجوبه على عبدها نهر ‏(‏قوله لا يفسد‏)‏ أي النكاح خلافا لأبي يوسف، والله تعالى أعلم‏.‏