فصل: باب القسم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب القسم

‏(‏قوله القسمة‏)‏ في المغرب‏:‏ القسم بالفتح مصدر قسم القسام المال بين الشركاء‏:‏ فرقه بينهم وعين أنصباءهم ومنه القسم بين النساء‏.‏ ا هـ‏.‏ أي لأنه يقسم بينهن البيتوتة ونحوها‏.‏ وفي المصباح‏:‏ قسمته قسما من باب ضرب والاسم القسم بالكسر، ثم أطلق على الحصة والنصيب فيقال هذا قسمي والجمع أقسام مثل حمل وأحمال‏.‏ واقتسموا المال بينهم والاسم القسمة، وأطلقت على النصيب أيضا وجمعها قسم مثل سدرة وسدر‏.‏ ويجب القسم بين النساء ا هـ‏.‏ فعلم أن القسم هنا مصدر على أصله، ويصح أن يراد به القسمة أي الاقتسام أو النصيب تأمل ‏(‏قوله وظاهر الآية أنه فرض‏)‏ فإن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة‏}‏ أمر بالاقتصار على الواحدة عند خوف الجور، فيحتمل أنه للوجوب، فيعلم إيجاب العدل عند تعددهن كما قاله في الفتح أو للندب، ويعلم إيجاب العدل من حيث إنه إنما يخاف على ترك الواجب كما في البدائع، وعلى كل فقد دلت الآية على إيجابه تأمل ‏(‏قوله أي أن لا يجوز‏)‏ أشار به إلى التخلص عما اعترض به على الهداية حيث قال‏:‏ وإذا كان للرجل امرأتان حرتان فعليه أن يعدل بينهما فإنه يفهم أنه لا يجب بين الحرة والأمة‏.‏ وأجاب في الفتح بأن معنى العدل هنا التسوية لا ضد الجور، فإذا كانتا حرتين أو أمتين فعليه التسوية بينهما وإن كانتا حرة وأمة فلا يعدل بينهما‏:‏ أي لا يسوي بل يعدل بمعنى لا يجور، وهو أن يقسم للحرة ضعف الأمة فالإيهام نشأ من اشتراك اللفظ ا هـ‏.‏ ولكن لما لم يقيد المصنف هنا بحرة ولا غيرها ناسب أن يفسر كلامه بعدم الجور‏:‏ أي عدم الميل عن الواجب عليه من تسوية وضدها، فيشمل التسوية بين الحرتين أو الأمتين وعدمها بين الحرة والأمة، وكذا في النفقة لعدم لزوم التسوية فيها مطلقة كما يأتي ‏(‏قوله بالتسوية في البيتوتة‏)‏ الأولى حذف قوله بالتسوية لأنها لا تجب بين الحرة والأمة كما علمت بل يجب عدمها‏.‏ وقد يجاب بأن المراد التسوية إثباتا أو نفيا‏:‏ أي يجب أن لا يجوز بإثباتها بين الحرة والأمة وبنفيها بين الحرتين وبين الأمتين، ولم يذكر الإقامة في النهار لأنها تجب في الجملة بلا تقدير كما سيأتي‏.‏ ‏(‏قوله وفي الملبوس والمأكول‏)‏ أي والسكنى، ولو عبر بالنفقة لشمل الكل‏.‏ ثم إن هذا معطوف على قوله فيه، وضميره للقسم المراد به البيتوتة فقط بقرينة العطف وقد علمت أن العدل في كلامه بمعنى عدم الجور لا بمعنى التسوية فإنها لا تلزم في النفقة مطلقا‏.‏ قال في البحر‏:‏ قال في البدائع‏:‏ يجب عليه التسوية بين الحرتين والأمتين في المأكول والمشروب والملبوس والسكنى والبيتوتة، وهكذا ذكر الولوالجي والحق أنه على قول من اعتبر حال الرجل وحده في النفقة‏.‏ وأما على القول المفتى به من اعتبار حالهما فلا فإن إحداهما قد تكون غنية والأخرى فقيرة، فلا يلزم التسوية بينهما مطلقا في النفقة‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه ظهر أنه لا حاجة إلى ما ذكره المصنف في المنح من جعله ما في المتن مبنيا على اعتبار حاله ‏(‏قوله والصحبة‏)‏ كان المناسب ذكره عقب قوله في البيتوتة لأن الصحبة أي المعاشرة والمؤانسة ثمرة البيتوتة‏.‏ ففي الخانية‏:‏ ومما يجب على الأزواج للنساء‏:‏ العدل والتسوية بينهن فيما يملكه، والبيتوتة عندهما للصحبة، والمؤانسة لا فيما لا يملكه وهو الحب والجماع‏.‏ ‏(‏قوله لا في المجامعة‏)‏ لأنها تبتنى على النشاط، ولا خلاف فيه‏.‏ قال بعض أهل العلم‏:‏ إن تركه لعدم الداعية والانتشار عذر، وإن تركه مع الداعية إليه لكن داعيته إلى الضرة أقوى فهو مما يدخل تحت قدرته فتح وكأنه مذهب الغير، ولذا لم يذكره في البحر والنهر تأمل ‏(‏قوله بل يستحب‏)‏ أي ما ذكر من المجامعة ح‏.‏ أما المحبة فهي ميل القلب وهو لا يملك‏.‏ قال في الفتح‏:‏ والمستحب أن يسوي بينهن في جميع الاستمتاعات من الوطء والقبلة، وكذا بين الجواري وأمهات الأولاد ليحصنهن عن الاشتهاء للزنا والميل إلى الفاحشة، ولا يجب شيء لأنه تعالى قال‏:‏ ‏{‏فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم‏}‏ فأفاد أن العدل بينهن ليس واجبا ‏(‏قوله ويسقط حقها بمرة‏)‏ قال في الفتح‏:‏ واعلم أن ترك جماعها مطلقا لا يحل له، صرح أصحابنا بأن جماعها أحيانا واجب ديانة، لكن لا يدخل تحت القضاء والإلزام إلا الوطأة الأولى ولم يقدروا فيه مدة‏.‏ ويجب أن لا يبلغ به مدة الإيلاء إلا برضاها وطيب نفسها به‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في النهر‏:‏ في هذا الكلام تصريح بأن الجماع بعد المرة حقه لا حقها ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ فيه نظر بل هو حقه وحقها أيضا، لما علمت من أنه واجب ديانة‏.‏ قال في البحر‏:‏ وحيث علم أن الوطء لا يدخل تحت القسم فهل هو واجب للزوجة وفي البدائع‏:‏ لها أن تطالبه بالوطء لأن حله لها حقها، كما أن حلها له حقه، وإذا طالبته يجب عليه ويجبر عليه في الحكم مرة والزيادة تجب ديانة لا في الحكم عند بعض أصحابنا وعند بعضهم تجب عليه في الحكم‏.‏ ا هـ‏.‏ وبه علم أنه كان على الشارح أن يقول ويسقط حقها بمرة في القضاء أي لأنه لو لم يصبها مرة يؤجله القاضي سنة ثم يفسخ العقد‏.‏ أما لو أصابها مرة واحدة لم يتعرض له لأنه علم أنه غير عنين وقت العقد، بل يأمره بالزيادة أحيانا لوجوبها عليه إلا لعذر ومرض أو عنة عارضة أو نحو ذلك وسيأتي في باب الظهار أن على القاضي إلزام المظاهر بالتكفير دفعا للضرر عنها بحبس أو ضرب إلى أن يكفر أو يطلق وهذا ربما يؤيد القول المار بأنه تجب الزيادة عليه في الحكم فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله ولا يبلغ مدة الإيلاء‏)‏ تقدم عن الفتح التعبير بقوله ويجب أن لا يبلغ إلخ‏.‏ وظاهره أنه منقول، لكن ذكر قبله في مقدار الدور أنه لا ينبغي أن يطلق له مقدار مدة الإيلاء وهو أربعة أشهر، فهذا بحث منه كما سيذكره الشارح فالظاهر أن ما هنا مبني على هذا البحث تأمل، ثم قوله وهو أربعة يفيد أن المراد إيلاء الحرة، ويؤيد ذلك أن عمر رضي الله تعالى عنه لما سمع في الليل امرأة تقول‏:‏ فوالله لولا الله تخشى عواقبه لزحزح من هذا السرير جوانبه فسأل عنها فإذا زوجها في الجهاد، فسأل بنته حفصة‏:‏ كم تصبر المرأة عن الرجل‏:‏ فقالت أربعة أشهر، فأمر أمراء الأجناد أن لا يتخلف المتزوج عن أهله أكثر منها، ولو لم يكن في هذه المدة زيادة مضارة بها لما شرع الله تعالى الفراق بالإيلاء فيها‏.‏ ‏(‏قوله ويؤمر المتعبد إلخ‏)‏ في الفتح‏:‏ فأما إذا لم يكن له إلا امرأة واحدة فتشاغل عنها بالعبادة أو السراري اختار الطحاوي رواية الحسن عن أبي حنيفة أن لها يوما وليلة من كل أربع ليال وباقيها له لأن له أن يسقط حقها في الثلاث بتزوج ثلاث حرائر، وإن كانت الزوجة أمة فلها يوم وليلة في كل سبع‏.‏ وظاهر المذهب أن لا يتعين مقدار لأن القسم معنى نسبي وإيجابه طلب إيجاده وهو يتوقف على وجود المنتسبين فلا يطلب قبل تصوره، بل يؤمر أن يبيت معها ويصحبها أحيانا من غير توقيت‏.‏ ا هـ‏.‏ ونقل في النهر عن البدائع أن ما رواه الحسن هو قول الإمام أولا ثم رجع عنه وأنه ليس بشيء ‏(‏قوله وسبع لأمة‏)‏ لأن له أن يتزوج عليها ثلاث حرائر فيقسم لهن ستة أيام ولها يوم ‏(‏قوله نهر بحثا‏)‏ حيث قال‏:‏ ومقتضى النظر أنه لا يجوز له أن يزيد على قدر طاقتها، أما تعيين المقدار فلم أقف عليه لأئمتنا، نعم في كتب المالكية خلاف فقيل يقضي عليهما بأربع في الليل وأربع في النهار، وقيل بأربع فيهما‏.‏ وعن أنس بن مالك عشر مرات فيهما‏.‏ وفي دقائق ابن فرحون باثني عشر مرة‏.‏ وعندي أن الرأي فيه للقاضي فيقضي بما يغلب على ظنه أنها تطيقه ا هـ‏.‏ قال الحموي عقبه‏:‏ وأقول ينبغي أن يسألها القاضي عما تطيق ويكون القول لهما بيمينها لأنه لا يعلم إلا منها وهذا طبق القواعد، وأما كونه منوطا بظن القاضي فهو إن لم يكن صحيحا فبعيد‏.‏ هذا، وقد صرح ابن مجد أن في تأسيس النظائر و غيره أنه إذا لم يوجد نص في حكم من كتب أصحابنا يرجع إلى مذهب مالك وأقول‏:‏ لم أر حكم ما لو تضررت من عظم آلته بغلظ أو طول وهي واقعة الفتوى ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ما نقله عن ابن مجد غير مشهور، ولم أر من ذكره غيره، نعم ذكر في الدرر المنتقى في باب الرجعة عن القهستاني عن ديباجة المصفى أن بعض أصحابنا مال إلى أقواله ضرورة‏.‏ هذا، وقد صرحوا عندنا بأن الزوجة إذا كانت صغيرة لا تطيق الوطء لا تسلم إلى الزوج حتى تطيقه‏.‏ والصحيح أنه غير مقدر بالسن بل يفوض إلى القاضي بالنظر إليها من سمن أو هزال‏.‏ وقدمنا عن التتارخانية أن البالغة إذا كانت لا تحتمل لا يؤمر بدفعها إلى الزوج أيضا، فقوله لا تحتمل يشمل ما لو كان لضعفها أو هزالها أو لكبر آلته‏.‏ وفي الأشباه من أحكام غيبوبة الحشفة فيما يحرم على الزوج وطء زوجته مع بقاء النكاح قال‏:‏ وفيما إذا كانت لا تحتمله لصغر أو مرض أو سمنة‏.‏ ا هـ‏.‏ وربما يفهم من سمنه عظم آلته‏.‏ وحرر الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية أنه لو جامع زوجته فماتت أو صارت مفضاة، فإن كانت صغيرة أو مكرهة أو لا تطيق تلزمه الدية اتفاقا‏.‏ فعلم من هذا كله أنه لا يحل له وطؤها بما يؤدي إلى إضرارها فيقتصر على ما تطيق منه عددا بنظر القاضي أو إخبار النساء، وإن لم يعلم بذلك فبقولها وكذا في غلظ الآلة، ويؤمر في طولها بإدخال قدر ما تطيقه منها أو بقدر آلة الرجل معتدل الخلقة، والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله بلا فرق إلخ‏)‏ لأنه حيث علم أن وجوب القسم إنما هو للصحبة والمؤانسة دون المجامعة فلا فرق بين زوج وزوج بحر‏.‏ ‏(‏قوله ومريض‏)‏ قال في البحر‏:‏ ولم أر كيفية قسمه في مرضه حيث كان لا يقدر على التحول إلى بيت الأخرى والظاهر أن المراد أنه إذا صح ذهب عند الأخرى بقدر ما أقام عند الأولى مريضا‏.‏ ا هـ‏.‏ ولا يخفى أنه إذا كان الاختيار في مقدار الدور إليه حال صحته ففي مرضه أولى، فإذا مكث عند الأولى مدة أقام عند الثانية بقدرها نهر‏.‏ قلت‏:‏ وهذا إذا أراد أن يجعل مدة إقامته دورا حتى لا ينافي ما يأتي من أنه لو أقام عند إحداهما شهرا هدر ما مضى ‏(‏قوله وصبي دخل بامرأته‏)‏ الذي في البحر وغيره بامرأتيه بالتثنية‏.‏ قال في البحر‏:‏ لأن وجوبه لحق النساء، وحقوق العباد تتوجه على الصبيان عند تقرر السبب‏.‏ وفي الفتح‏:‏ وقال مالك‏:‏ ويدور ولي الصبي به على نسائه، وظاهره أنه لم يطلع على شيء عندنا، وينبغي أن يأثم الولي إذا لم يأمره بذلك ولم يدر به‏.‏ ا هـ‏.‏ قال الخير الرملي‏:‏ وقيد في الخانية الصبي بالمراهق فلا قسم على غيره، وليس بقيد بل المميز الممكن وطؤه كذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وبالغ لم يدخل‏)‏ ومثله ما لو دخل بالأولى ح ‏(‏قوله بحر بحثا‏)‏ راجع إلى قوله وبالغ لم يدخل‏.‏ قال في البحر‏:‏ وفي المحيط وإن لم يدخل الصغير بها فلا فائدة في كونه معها‏.‏ ا هـ‏.‏ وظاهره أن القسم على البالغ لغير المدخول بها لأن في كونه معها فائدة ولذا إنما قيدوا بالدخول في امرأة الصبي‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ يظهر لي أن دخول الصبي غير قيد، وإنما المراد به الذي بلغ سن الدخول وحصول الصحبة والاستئناس به ولذا لم يقيد في الخانية بالدخول، بل قال والمراهق والبالغ في القسم سواء، فقوله في المحيط وإن لم يدخل أي لم يبلغ هذا السن بقرينة قوله فلا فائدة في كونه معها إذ لا شك أن لها فائدة في كون المراهق معها من الاستئناس به والعشرة معه زيادة على ما إذا كانت وحدها‏.‏ وحينئذ فلا فرق بين المراهق والبالغ في وجوب القسم كما هو صريح عبارة الخانية، وهو شامل لما بعد الدخول وقبله لأن سبب وجوبه عقد النكاح كما في البدائع، فإذا وجب عليه نفقتها قبل الدخول وجب عليه القسم في البيتوتة معها ما لم ترض بالإقامة في بيت أهلها لإصلاح شأنها وإلا فهو ظالم لها قوله ومجنونة لا تخاف‏)‏ بضم التاء‏:‏ أي لا يخاف منها الزوج، بأن كانت لا تضرب ولا تؤذي لأنها حينئذ تجب عليه نفقتها وسكناها، وإلا فهي في حكم الناشزة ‏(‏قوله يمكن وطؤها‏)‏ عبر عنها في الخانية وغيرها بالمراهقة‏.‏ قال الخير الرملي في حاشية المنح‏:‏ بخلاف ما لا يمكن وطؤها فإنه لا حق لها، فاعلم ذلك ولا تغتر بما في كثير من نسخ المنح لا يمكن وطؤها فإنه خطأ‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ومحرمة‏)‏ أي بحج أو عمرة أو بهما ‏(‏قوله ومظاهر‏)‏ بفتح الهاء، وقوله ومولى بضم الميم وسكون الواو وفتح اللام منونة من الإيلاء، وقوله منها تنازعه كل من مظاهر ومولى ح ‏(‏قوله ومقابلاتهن‏)‏ أي مقابل ما ذكر من قوله وحائض إلخ ط ‏(‏قوله رجعية‏)‏ منصوب على أنه صفة لمفعول مطلق محذوف‏:‏ أي وكذا مطلقة طلقة رجعية ح‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في النهر‏:‏ ولم أر حكم المنكوحة إذا وطئت بشبهة وهي في العدة والمحبوسة بدين لا قدرة لها على وفائه والناشزة، والمسطور في كتب الشافعية أنه لا قسم لها في الكل‏.‏ وعندي أنه يجب للموطوءة بشبهة أخذا من قولهم أنه لمجرد الإيناس ودفع الوحشة، وفي المحبوسة تردد‏.‏ وأما الناشزة فلا ينبغي التردد في سقوطه لها لأنها بخروجها رضيت بإسقاط حقها‏.‏ ا هـ‏.‏ واعترضه الحموي بأن الموطوءة بشبهة لا نفقة لها عليه في هذه العدة، ومعلوم أن القسم عبارة عن التسوية في البيتوتة والنفقة والسكنى‏.‏ ا هـ‏.‏ زاد بعض الفضلاء أنه يخاف من القسم لها الوقوع في الحرام لأنها معتدة للغير ويحرم عليه مسها وتقبيلها فلا يجب لها‏.‏ وكذا المحبوسة لأن في وجوبه عليه ضررا به بدخوله الحبس

‏(‏قوله ولو أقام عند واحدة شهرا‏)‏ أي قبل الخصومة أو بعدها خانية ‏(‏قوله في غير سفر‏)‏ أما إذا سافر بإحداهما ليس للأخرى أن تطلب منه أن يسكن عندها مثل التي سافر بها ط عن الهندية ‏(‏قوله وهدر ما مضى‏)‏ فليس لها أن تطلب أن يقيم عندها مثل ذلك ط عن الهندية‏.‏ والذي يقتضيه النظر أن يؤمر بالقضاء إذا طلبت لأنه حق آدمي وله قدرة على إيفائه فتح‏:‏ وأجاب في النهر بما ذكره الشارح من التعليل‏.‏ قال الرحمتي‏:‏ ولأنه لا يزيد على النفقة وهي تسقط بالمضي ‏(‏قوله لأن القسمة تكون بعد الطلب‏)‏ علة لقوله هدر ما مضى، وقدمنا عن البدائع أن سبب وجوب القسم عقد النكاح ولهذا يأثم بتركه قبل الطلب وهذا يؤيد بحث الفتح‏.‏ وقد يجاب بأن المعنى أن الإجبار على القسمة من القاضي يكون بعد الطلب وإلا لزم أنها لو طالبته بها ثم جار يلزمه القضاء‏.‏ وهو مخالف لما قدمناه عن الخانية من قوله قبل الخصومة أو بعدها، وكذا تعليل المسألة في البزازية وغيرها بأن القسم لا يصير دينا في الذمة فإنه يشمل ما بعد الطلب ‏(‏قوله بعد نهي القاضي‏)‏ أفاد أنه لا يعزر بالمرة الأولى وبه صرح في البحر ط ‏(‏قوله عزر بغير حبس‏)‏ بل يوجعه عقوبة ويأمره بالعدل لأنه أساء الأدب وارتكب ما هو محرم عليه وهو الجور معراج، وهذا مستثنى من قولهم إن للقاضي الخيار في التعزير بين الضرب والحبس بحر قلت‏:‏ ومثله ما لو امتنع من الإنفاق على قريبه ‏(‏قوله لتفويته الحق‏)‏ الضمير للحبس ح ويؤيده قول الجوهرة لأنه لا يستدرك الحق فيه بالحبس لأنه يفوت بمضي الزمان ا هـ‏.‏ أي لما مر أن القسم للصحبة والمؤانسة، ولا شك أنه في مدة الحبس يفوتها ذلك وكذلك عللوا لعدم الحبس بالامتناع من الإنفاق على قريبه فافهم‏.‏ ‏(‏قوله فحينئذ يقضي القاضي بقدره‏)‏ أي متى خاصمت، ومفهومه أنه لو لم يقل ذلك يسقط ما مضى مع أن هذا بعد المخاصمة والطلب، لما علمت من أن القسم لا يصير دينا، وأطلق القدر مع أن فيه كلاما يأتي ‏(‏قوله والبكر إلخ‏)‏ نص على الأوليين لأن فيهما خلاف الأئمة الثلاثة، وعلى الأخيرة لدفع ما يتوهم من عدم مساواة الكتابية للمسلمة بسبب ارتفاعها عليها بالإسلام، أفاده في النهر، ولعله لم يقتصر على قوله والجديدة والقديمة ليشمل ما لو كانت البكر والثيب جديدتين بأن تزوجهما معا تأمل ‏(‏قوله لإطلاق الآية‏)‏ أي قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولن تستطيعوا أن تعدلوا‏}‏ أي في المحبة ‏{‏فلا تميلوا‏}‏ في القسم قاله ابن عباس وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وعاشروهن بالمعروف‏}‏ وغايته القسم وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن خفتم ألا تعدلوا‏}‏ ولإطلاق أحاديث النهي ولأن القسم من حقوق النكاح، ولا تفاوت بينهما في ذلك‏.‏ وأما ما روي من نحو‏:‏ «للبكر سبع وللثيب ثلاث» فيحتمل أن المراد التفضيل في البداءة دون الزيادة فوجب تقديم الدليل القطعي كما في البحر‏.‏ وفي شرح درر البحار أن الحديث لا يدل على نفي التسوية، بل على اختيار الدور بالسبع والثلاث جمعا بينه وبين ما روينا‏.‏

‏(‏قوله وللأمة إلخ‏)‏ أي إذا كان له زوجتان أمة وحرة فللأمة النصف وهذا إذا بوأها السيد منزلا، ولم أر من ذكره وكأنه لظهوره ‏(‏قوله أما النفقة‏)‏ هي الأكل والشرب واللبس والمسكن ‏(‏قوله فبحالهما‏)‏ أي إن كان كل من الزوج والزوجة غنيين فالواجب نفقة الأغنياء، أو فقيرين فنفقة الفقراء، أو مختلفين فالوسط، وهذا هو المفتى به كما مر، وقدمنا أن كلام المصنف والشارح محمول عليه فافهم

‏(‏قوله ولا قسم في السفر إلخ‏)‏ لأنه لا يتيسر إلا بحملهن معه، وفي إلزامه ذلك من الضرر ما لا يخفى نهر ولأنه قد يثق بإحداهما في السفر وبالأخرى في الحضر، والقرار في المنزل لحفظ الأمتعة أو لخوف الفتنة أو يمنع من السفر إحداهما لكثرة سمنها فتعين من يخاف صحبتها في السفر للسفر لخروج قرعتها إلزام للضرر الشديد، وهو مندفع بالنافي للحرج فتح، وانظر ما لو سافر بهن هل يقسم‏.‏ ‏(‏قوله والقرعة أحب‏)‏ وقال الشافعي مستحقة، لما رواه الجماعة من «أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فمن خرج سهمها خرج بها معه» قلنا كان استحبابا لتطييب قلوبهن لأن مطلق الفعل لا يقتضي الوجوب مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن القسم واجبا عليه، وتمامه في الفتح والبحر، وهذا مع قوله قبله فتعيين من يخاف صحبتها إلخ صريح في أن من خرجت قرعتها لا يلزمه السفر بها ‏(‏قوله صح‏)‏ شمل ما لو كان بشرط رشوة منه أو منها وإن بطل الشرط كما أوضحه في الفتح خلافا لما بحثه الباقاني لأنه اعتياض عن حق لم يجب ولذا لم يسقط حقها‏.‏ ولا يقال إنه مثل أخذ العوض في النزول عن الوظائف، لأن من أجازه بناء على العرف ولا عرف هنا فتدبر‏.‏ نعم ذكر بعض الشافعية أنه يستنبط من هذه المسألة ومن خلع الأجنبي على مال جواز النزول عن الوظائف بالدراهم وأنه أفتى به شيخ الإسلام زكريا من الشافعية والشيخ نور الدين الدميري من المالكية والشيشي من الحنابلة‏.‏ قلت‏:‏ واضطرب فيه رأي المتأخرين من الحنفية، وأفتى الخير الرملي بعدمه، وسيأتي تمام الكلام عليه إن شاء الله تعالى في الوقف ‏(‏قوله لأنه‏)‏ أي حقها وهو القسم ما وجب أي لم يجب بعد، فما سقط أي فلم يسقط بإسقاطها ح ‏(‏قوله وفي البحر بحثا نعم‏)‏ حيث قال ولعل المشايخ إنما لم يعتبروا هذا التفصيل لأن هذه الهبة إنما هي إسقاط عنه فكان الحق له سواء وهبت له أو لصاحبتها، فله أن يجعل حصة الواهبة لمن شاء ح ‏(‏قوله ونازعه في النهر‏)‏ حيث قال‏:‏ أقول كون الحق له فيما إذا وهبت لصاحبتها ممنوع‏.‏ ففي البدائع في توجيه المسألة بأنه حق يثبت لها فلها أن تستوفي ولها أن تترك‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ أقول‏:‏ وقد نقل المحقق ابن الهمام ما ذكره الشافعية وأقره غير أنه قال‏:‏ وفرعوا إذا كانت ليلة الواهبة تلي ليلة الموهوبة قسم لها ليلتين متواليتين‏.‏ وإن كانت لا تليها فهل له نقلها فيوالي لها ليلتين على قولين للشافعية والحنابلة والأظهر عندي أن ليس له ذلك إلا برضا التي تليها في النوبة لأنها قد تتضرر بذلك ا هـ‏.‏ فما استظهره المحقق يقتضي ترجيح ما في النهر بالأولى

‏(‏قوله لكن إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ لا نعلم خلافا في أن العدل الواجب في البيتوتة والتأنيس في اليوم والليلة، وليس المراد أن يضبط زمان النهار، فبقدر ما عاشر فيه إحداهما يعاشر الأخرى بل ذلك في البيتوتة وأما النهار ففي الجملة ا هـ‏.‏ يعني لو مكث عند واحدة أكثر النهار كفاه أن يمكث عند الثانية ولو أقل منه بخلافه في الليل نهر ‏(‏قوله ولا يجامعها في غير نوبتها‏)‏ أي ولو نهارا ط‏.‏ ‏(‏قوله يعني إذا لم يكن إلخ‏)‏ هذا التقييد لصاحب النهر بحثا وهو ظاهر، وأطلقه في الشرنبلالية ط ‏(‏قوله ولو مرض هو في بيته‏)‏ هذا إذا كان له بيت ليس فيه واحدة منهن، وإلا فإن لم يقدر على التحول إلى بيت الأخرى يقيم بعد الصحة عند الأخرى بقدر ما أقام عند الأولى مريضا كما قدمناه عن البحر ‏(‏قوله ولا يقيم عند إحداهما أكثر إلخ‏)‏ لم يبين ما لو أقام أكثر من ثلاثة أيام هل يهدر الزائد أو يقيم عند الأخرى بقدر ما أقام عند الأولى ثم يقسم بينهما ثلاثة وثلاثة أو يوما ويوما؛ والظاهر الثاني لأن هدر ما مضى فيما إذا أقام عند إحداهما لا على سبيل القسم كما تقدم وهنا في الإقامة على سبيل القسم فلا يهدر شيء ويؤيده ما في الخانية من أنه لو أقام عند الجديدة ثلاثة أيام أو سبعة أيام يقيم عند الأولى كذلك ا هـ‏.‏ لكن ظاهره أن له أن يجعل الدور مستمرا ثلاثة أو سبعة، وهذا مخالف لما ذكره المصنف، ويؤيده ما قدمناه عن شرح درر البحار في التوفيق بين الأدلة أن الحديث يدل على اختيار الدور بالسبع أو الثلاث تأمل‏.‏ وعن هذا نقل القهستاني عن الخانية والسراجية وغيرهما أن له أن يقيم عند امرأته ثلاثة أو سبعة وعند أخرى كذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ والذي في الخانية هو ما ذكرناه، وفي كافي الحاكم الشهيد يكون عند كل واحدة منهما يوما وليلة، وإن شاء أن يجعل لكل واحدة منهما ثلاثة أيام فعل‏.‏ وروي عن الأشعث عن الحكم «عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأم سلمة حين دخل بها إن شئت سبعة لك وسبعة لهن» ا هـ‏.‏ ومقتضى روايته الحديث أن له التسبيع، بل في غاية البيان إن شاء ثلث لكل واحدة وإن شاء سبع إلى غير ذلك ‏(‏قوله زاد في الخانية‏)‏ يوهم أن عبارة الخانية صريحة في الحصر كعبارة الخلاصة، وليس كذلك، فإن الذي فيها عليه أن يسوي بينهما، فيكون عند كل واحدة منهما يوما وليلة أو ثلاثة أيام ولياليها والرأي في البداية إليه‏.‏ ا هـ‏.‏ فالظاهر أن هذا بيان للأفضل لا لنفي الزيادة بقرينة عبارته المارة تأمل‏.‏ ‏(‏قوله وقيده في الفتح‏)‏ أي قيد كلام الهداية المذكور، حيث قال اعلم أن هذا الإطلاق لا يمكن اعتباره على صراحته لأنه لو أراد أن يدور سنة سنة ما يظن إطلاق ذلك، بل ينبغي أن يطلق له مقدار مدة الإيلاء وهو أربعة أشهر‏.‏ وإذا كان وجوبه للتأنس ورفع الوحشة وجب أن تعتبر المدة القريبة وأظن أن أكثر من جمعة مضارة إلا أن يرضيا ا هـ‏.‏ فقوله وأظن إلخ إضراب إبطالي عن مدة الإيلاء فيناسب أن تكون ‏"‏ أو ‏"‏ في قول الشارح أو جمعة بمعنى بل كما في قول الشاعر‏:‏

كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ***

ح ‏(‏قوله وعممه في البحر‏)‏ حيث قال‏:‏ والظاهر الإطلاق لأنه لا مضارة حيث كان على وجه القسم لأنها مطمئنة بمجيء نوبتها ‏(‏قوله ونظر فيه في النهر‏)‏ حيث قال في نفي المضارة مطلقا نظر لا يخفى‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وأيضا فإن الاطمئنان بمجيء النوبة منتف مع طول المدة كسنة مثلا لاحتمال موته أو موتها مع ما فيه من تفويت المعنى الذي شرع القسم لأجله وهو الاستئناس‏.‏ ‏(‏قوله وظاهر بحثهما‏)‏ أي صاحب الفتح والبحر كما في المنح ح ‏(‏قوله من التقييد بالثلاثة أيام‏)‏ قد علمت ما ينافي هذا التقييد

‏(‏قوله وهو حسن‏)‏ كذا قاله في النهر ‏(‏قوله في كل مباح‏)‏ ظاهره أنه عند الأمر به منه يكون واجبا عليها كأمر السلطان الرعية به ط ‏(‏قوله ومن أكل ما يتأذى به‏)‏ أي برائحته كثوم وبصل‏.‏ ويؤخذ منه أنه لو تأذى من رائحة الدخان المشهور له منعها من شربه ‏(‏قوله بل ومن الحناء‏)‏ ذكره في الفتح بحثا أخذا مما قبله ‏(‏قوله وتمامه فيما علقته على الملتقى‏)‏ وعبارته عن الخانية معزيا للمنتقى‏:‏ لو كان له امرأة وسراري أمر بيوم وليلة من أربع عندها، وفي البواقي عند من شاء منهن، وكذا لو كان له ثلاث نسوة أمر بيوم وليلة عند كل منهن، ويقيم في يوم وليلة عند من شاء من السراري؛ ولو له أربعة أقام عند كل يوما وليلة ولم يكن عند السراري إلا وقفة المار‏.‏ ويكره للرجل أن يطأ امرأته وعندها صبي يعقل أو أعمى أو ضرتها أو أمتها أو أمته‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم قال ولا يجمع بين الضرائر إلا بالرضا، ولو قالت لا أسكن مع أمتك ليس لها ذلك، ولو أقام عند الأمة يوما فعتقت يقيم عند الحرة يوما وكذلك العكس ا هـ‏.‏ أي لو أقام عند الحرة يوما فعتقت زوجته الأمة يتحول إلى المعتقة، ولا يكمل للحرة يومين تنزيلا للحرية انتهاء منزلتها ابتداء كما في المعراج‏.‏ أقول‏:‏ وما نقله أولا عن المنتقى مبني على رواية الحسن المرجوع عنها كما تقدم من أن للحرة يوما وليلة من كل أربع، هكذا خطر لي‏.‏ ثم رأيت الشرنبلالي صرح به في رسالته ‏[‏تجدد المسرات بالقسم بين الزوجات‏]‏ وقال‏:‏ ولم أر من نبه على ذلك، ومبنى الرسالة على سؤال في رجل له زوجتان وجوار يقسم للزوجتين ثم يبيت عند جواريه ما شاء ثم يرجع إلى زوجتيه ويقسم لهما أجاب بالجواز أخذا من قول ابن الهمام اللازم أنه إذا بات عند واحدة ليلة يبيت عند الأخرى كذلك لا أنه يجب أن يبيت عند واحدة منهما دائما، فإنه لو ترك المبيت عند الكل بعض الليالي وانفرد لم يمنع من ذلك ا هـ‏.‏ يعني بعد تمام دورهن، وسواء انفرد بنفسه أو كان مع جواريه ا هـ‏.‏ فافهم، والله سبحانه أعلم‏.‏