فصل: باب الرضاع

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب الرضاع

لما كان المقصود من النكاح الولد وهو لا يعيش غالبا في ابتداء إنشائه إلا بالرضاع وكان له أحكام تتعلق به وهي من آثار النكاح المتأخرة عنه بمدة وجب تأخيره إلى آخر أحكامه، ثم قيل كتاب الرضاع ليس من تصنيف محمد إنما عمله بعض أصحابه ونسبه إليه ليزوجه، ولذا لم يذكره الحاكم أبو الفضل في مختصره المسمى بالكافي مع التزامه إيراد كلام محمد في جميع كتبه محذوفة التعاليل وعامتهم على أنه من أوائل مصنفاته، وإنما لم يذكره الحاكم اكتفاء بما أورده من ذلك في كتاب النكاح فتح ‏(‏قوله بفتح وكسر‏)‏ ولم يذكروا الضم مع جوازه لأنه بمعنى أن ترضع معه آخر كما في القاموس‏:‏ وفيه أن فعله جاء من باب علم في لغة تهامة‏:‏ وهي ما فوق نجد، ومن باب ضرب في لغة نجد؛ وجاء من باب كرم نهر‏.‏ زاد في المصباح لغة أخرى من باب فتح مصدره رضاعا ورضاعة بالفتح ‏(‏قوله مص الثدي‏)‏ قال في المصباح‏:‏ الثدي للمرأة، ويقال في الرجل أيضا‏:‏ قال ابن السكيت يذكر ويؤنث ا هـ‏.‏ وهذا التعريف قاصر لأنه في اللغة يعم المص ولو من بهيمة، فالأولى ما في القاموس‏:‏ هو لغة شرب اللبن من الضرع والثدي ط ‏(‏قوله آدمية‏)‏ خرج بها الرجل والبهيمة بحر ‏(‏قوله أو آيسة‏)‏ ذكره في النهر أخذا من إطلاقهم قال‏:‏ وهو حادثة الفتوى ‏(‏قوله وألحق بالمص إلخ‏)‏ تعريض بالرد على صاحب البحر حيث قال التعريف منقوض طردا، إذ قد يوجد المص ولا رضاع إن لم يصل إلى الجوف وعكسا، إذ قد يوجد الرضاع ولا مص كما في الوجور والسعوط‏.‏ ثم أجاب بأن المراد بالمص الوصول إلى الجوف من المنفذين، وخصه لأنه سبب للوصول فأطلق السبب وأراد المسبب‏.‏ واعترضه في النهر بأن المص يستلزم الوصول إلى الجوف لما في القاموس‏:‏ مصصته شربته شربا رقيقا، وجعل الوجور والسعوط ملحقين بالمص ح‏.‏ وفي المصباح‏:‏ الوجور بفتح الواو الدواء يصب في الحلق، وأوجرت المريض إيجارا فعلت به ذلك، ووجرته أجره من باب وعد لغة‏.‏ والسعوط‏:‏ كرسول دواء يصب في الأنف، والسعوط كقعود مصدر، وأسعطته الدواء يتعدى إلى مفعولين ‏(‏قوله في وقت مخصوص‏)‏ قد يقال إنه لا حاجة إليه للاستغناء عنه بالرضيع، وذلك أنه بعد المدة لا يسمى رضيعا نص عليه في العناية نهر وفيه نظر‏.‏ والذي في العناية أن الكبير لا يسمى رضيعا، ذكره ردا على من سوى في التحريم بين الكبير والصغير ‏(‏قوله عن العون‏)‏ كذا في عامة النسخ وفي بعضها عن العيون بالياء بين العين والواو، وهو اسم كتاب أيضا، وهو الذي رأيته في النهر، وفي تصحيح القدوري أيضا فافهم ‏(‏قوله لكن إلخ‏)‏ استدراك على قوله وبه يفتى‏.‏ وحاصله أنهما قولان أفتى بكل منهما ط ‏(‏قوله أي مدة كل منهما ثلاثون‏)‏ تقديرا لمضاف ليس لصحة الحمل، لأن الإخبار بالزمان عن المعنى صحيح بلا تقدير فافهم، بل لبيان حاصل المعنى‏.‏ قال في الفتح‏:‏ ووجهه أنه سبحانه ذكر شيئين وضرب لهما مدة فكانت لكل واحد منهما بكمالها كالأجل المضروب لدينين على شخصين، بأن قال أجلت الدين الذي على فلان والدين الذي على فلان سنة يفهم منه أن السنة بكمالها لكل ‏(‏قوله غير أن النقص‏)‏ أي عن الثلاثين في الأول‏:‏ يعني في مدة الحمل، أي أكثر مدته قام‏:‏ أي تحقق وثبت ‏(‏قوله لا يبقى الولد إلخ‏)‏ الذي في الفتح‏:‏ الولد لا يبقى في بطن أمه أكثر من سنتين ولو بقدر فلكة مغزل، وفي رواية‏:‏ ولو بقدر ظل مغزل‏.‏ وسنخرجه في موضعه‏.‏ ا هـ‏.‏ وفلكة المغزل كتمرة معروفة مصباح وهو على تقدير مضاف وقد جاء صريحا في شرح الإرشاد‏:‏ ولو بدور فلكة مغزل، والغرض تقليل المدة مغرب ‏(‏قوله ومثله لا يعرف إلا سماعا‏)‏ لأن المقدرات لا يهتدي العقل إليها فتح، أي فهو في حكم المرفوع المسموع من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏(‏قوله والآية مؤولة‏)‏ أي قابلة للتأويل بمعنى آخر، فلم تكن قطعية الدلالة على المعنى الأول فجاز تخصيصها بخبر الواحد ‏(‏قوله لتوزيعهم‏)‏ أي العلماء كالصاحبين وغيرهما الأجل‏:‏ أي ثلاثون شهرا على الأقل‏:‏ أي أقل مدة الحمل وهو ستة أشهر، والأكثر‏:‏ أي أكثر مدة الرضاع وهو سنتان، فالثلاثون بيان لمجموع المدتين لا لكل واحدة ‏(‏قوله على أن إلخ‏)‏ ترق في الجواب‏.‏ وفيه إشارة إلى ما في الفتح على دليل الإمام المار من أنه يستلزم كون لفظ ثلاثين مستعملا في إطلاق واحد في مدلول ثلاثين وفي أربعة وعشرين، وهو الجمع بين الحقيقة والمجاز بلفظ واحد، ومن أن أسماء العدد لا يتجوز بشيء منها في الآخر نص عليه كثير من المحققين لأنها بمنزلة الأعلام على مسمياتها‏.‏ ا هـ‏.‏ وأجاب الرحمتي بأن حمله وفصاله مبتدآن وثلاثون خبر عن أحدهما أي الثاني وحذف خبر الآخر فأحد الخبرين مستعمل في حقيقته والآخر في مجازه فلا جمع في لفظ واحد‏.‏ وعن الثاني بأنه أطلق أشهر في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏الحج أشهر معلومات‏}‏ على شهرين وبعض الثالث ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفيه أن الشهر ليس من أسماء العدد، فالمناسب الجواب بما قاله الجمهور من أن عشرة إلا اثنين أريد به ثمانية كما أشار إليه في الفتح، لكن هذا خاص بالاستثناء والكلام ليس فيه ‏(‏قوله كما أفاده في رسم المفتي‏)‏ المفيد لذلك الإمام قاضي خان في فضل رسم المفتى من أول فتاواه بطريق الإشارة لا بصريح العبارة ‏(‏قوله لكن إلخ‏)‏ استدراك على قوله الواجب على المقلد إلخ فإنه يفيد وجوب اتباعه سواء وافقه صاحباه أو خالفاه، وهو قول عبد الله بن المبارك‏.‏ ‏(‏قوله قيل يخير المفتي‏)‏ أي وقيل لا يخير مطلقا كما علمت، فهذا قول ثان‏.‏ قال في السراجية‏:‏ والأول أصح إن لم يكن المفتي مجتهدا، ومفاده اختيار القول الثاني‏:‏ أي التخيير إن كان مجتهدا، ولا يخفى أن تخيير المجتهد إنما هو في النظر في الدليل، وهذا معنى قول الحاوي والأصح أن العبرة لقوة الدليل لأن قوة الدليل لا تظهر لغير المجتهد في المذهب تأمل، وتمام تحرير هذه المسألة في شرح أرجوزتي في رسم المفتي ‏(‏قوله والأصح أن العبرة لقوة الدليل‏)‏ قال في البحر‏:‏ ولا يخفى قوة دليلهما، فإن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والوالدات يرضعن‏}‏ الآية يدل على أنه لا رضاع بعد التمام‏.‏ وأما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن أرادا فصالا عن تراض منهما‏}‏ فإن ما هو قبل الحولين بدليل تقييده بالتراضي والتشاور، وبعدهما لا يحتاج إليهما‏.‏ وأما استدلال صاحب الهداية للإمام وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وحمله وفصاله ثلاثون شهرا‏}‏ بناء على أن المدة لكل منهما كما مر، فقد رجع إلى الحق في باب ثبوت النسب من أن الثلاثين لهما للحمل ستة أشهر والعامان للفصال‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أما لزوم أجر الرضاع إلخ‏)‏ وكذا وجوب الإرضاع على الأم ديانة نهر عن المجتبى ‏(‏قوله في المدة فقط‏)‏ أما بعده فإنه لا يوجب التحريم بحر ‏(‏قوله فما في الزيلعي‏)‏ أي من قوله‏:‏ وذكر الخصاف أنه إن فطم قبل مضي المدة واستغنى بالطعام لم يكن رضاعا وإن لم يستغن تثبت به الحرمة، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله وعليه الفتوى‏.‏ ‏(‏قوله لأن الفتوى إلخ‏)‏ ولأن الأكثرين على الأول كما في النهر ‏(‏قوله ولم يبح الإرضاع بعد مدته‏)‏ اقتصر عليه الزيلعي، وهو الصحيح كما في شرح المنظومة بحر، لكن في القهستاني عن المحيط‏:‏ لو استغنى في حولين حل الإرضاع بعدهما إلى نصف ولا تأثم عند العامة خلافا لخلف بن أيوب ا هـ‏.‏ ونقل أيضا قبله عن إجارة القاعدي أنه واجب إلى الاستغناء، ومستحب إلى حولين، وجائز إلى حولين ونصف ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ قد يوفق بحمل المدة في كلام المصنف على حولين ونصف بقرينة أن الزيلعي ذكره بعدها، وحينئذ فلا يخالف قول العامة تأمل ‏(‏قوله وفي البحر‏)‏ عبارته‏:‏ وعلى هذا أي الفرع المذكور لا يجوز الانتفاع به للتداوي‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وأهل الطب يثبتون للبن البنت أي الذي نزل بسبب بنت مرضعة نفعا لوجع العين‏.‏ واختلف المشايخ فيه، قيل لا يجوز، وقيل يجوز إذا علم أنه يزول به الرمد‏.‏ ولا يخفى أن حقيقة العلم متعذرة، فالمراد إذا غلب على الظن وإلا فهو معنى المنع ا هـ‏.‏ ولا يخفى أن التداوي بالمحرم لا يجوز في ظاهر المذهب، أصله بول ما يؤكل لحمه فإنه لا يشرب أصلا‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بالمحرم‏)‏ أي المحرم استعماله طاهرا كان أو نجسا ح ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي قبيل فصل البئر حيث قال‏:‏ فرع اختلف في التداوي بالمحرم‏.‏ وظاهر المذهب المنع كما في إرضاع البحر، لكن نقل المصنف ثمة وهنا عن الحاوي‏:‏ وقيل يرخص إذا علم فيه الشفاء ولم يعلم دواء آخر كما خص الخمر للعطشان وعليه الفتوى‏.‏ ا هـ‏.‏ ح قلت‏:‏ لفظ وعليه الفتوى رأيته في نسختين من المنح بعد القول الثاني كما ذكره الشارح كما علمته، وكذا رأيته في الحاوي القدسي، فعلم أن ما في نسخة ط تحريف فافهم

‏(‏قوله وللأب إجبار أمته إلخ‏)‏ لأنها لا حق لها في التربية في حال رقها‏.‏ بل الحق له لأنها ملكه، وكذا الحكم في ولدها من غيره لأنه ملك له رحمتي‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر أن للمولى إجبارها أيضا وإن شرط الزوج حرية الأولاد لأن الرضاع يهزلها ويشغلها عن خدمته ‏(‏قوله على الإرضاع‏)‏ الإطلاق شامل لولده منها أو من غيرها ولولد أجنبي بأجرة أو بدونها لأن له استخدامها بما أراد ‏(‏قوله بنوعيه‏)‏ أي الإجبار على الفطام وعلى الإرضاع ‏(‏قوله مع زوجته الحرة‏)‏ أما زوجته الأمة فالحق لسيدها وإن شرط الزوج حرية الأولاد فيما يظهر كما ذكرناه آنفا فافهم ‏(‏قوله ولو قبلهما‏)‏ أي قبل الحولين، وهذا التعميم المستفاد من زيادة ‏"‏ لو ‏"‏ صحيح بالنسبة إلى عدم الإجبار على الرضاع‏:‏ أي ليس له إجبارها عليه في القضاء ما لم تتعين لذلك في المدة بأن لم يأخذ ثدي غيرها أو لم يكن للأب ولا للصغير مال كما سيأتي في الحضانة والنفقة، أما بالنسبة إلى النوع الآخر وهو عدم الإجبار على الفطام فإنما يصح قبل الحولين، وأما بعدهما فالظاهر أنه يجبرها على الفطام، لما أن الإرضاع بعدهما حرام على القول بأن مدته الحولان تأمل ح بزيادة‏.‏ قلت‏:‏ وما استظهره مبني على ظاهر كلام المصنف السابق، وقدمنا الكلام فيه

‏(‏قوله ولو بين الحربيين‏)‏ قال في البحر‏:‏ وفي البزازية والرضاع في دار الإسلام ودار الحرب سواء، حتى إذا رضع في دار الحرب وأسلموا وخرجوا إلى دارنا تثبت أحكام الرضاع فيما بينهم‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله وإن قل‏)‏ أشار به إلى نفي قول الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد أنه لا يثبت التحريم إلا بخمس رضعات مشبعات لحديث مسلم‏:‏ «لا تحرم المصة والمصتان» وقول عائشة رضي الله عنها ‏{‏كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخ بخمس رضعات معلومات يحرمن، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي فيما يقرأ من القرآن»، رواه مسلم‏.‏ والجواب أن التقدير منسوخ صرح بنسخه ابن عباس وابن مسعود‏.‏ وروي عن ابن عمر أنه قيل‏:‏ له إن ابن الزبير يقول لا بأس بالرضعة والرضعتين، فقال قضاء الله خير من قضائه‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة‏}‏ فهذا إما أن يكون ردا للرواية بنسخها أو لعدم صحتها أو لعدم إجازته تقييد إطلاق الكتاب بخبر الواحد، وهذا معنى قوله في الهداية إنه مردود بالكتاب أو منسوخ به‏.‏ وأما ما روته عائشة فالمراد به نسخ الكل نسخا قريبا، حتى إن من لم يبلغه كان يقرؤها وإلا لزم ضياع بعض القرآن كما تقوله الروافض، وما قيل ليكره نسخ التلاوة مع بقاء الحكم فليس بشيء لأن ادعاء بقاء حكمه بعد نسخه يحتاج إلى دليل، وتمام ذلك مبسوط في الفتح والتبيين وغيرهما‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

نقل ط عن الخيرية أنه لو قضى الشافعي بعدم الحرمة برضعة نفذ حكمه، وإذا رفع إلى حنفي أمضاه ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله لا غير‏)‏ يأتي محترزه في قول المصنف‏:‏ والاحتقان والإقطار في أذن وجائفة وآمة ‏(‏قوله فلو التقم إلخ‏)‏ تفريع على التقييد بقوله إن علم‏.‏ وفي القنية‏:‏ امرأة كانت تعطي ثديها صبية واشتهر ذلك بينهم ثم تقول لم يكن في ثديي لبن حين ألقمتها ثدي ولم يعلم ذلك إلا من جهتها جاز لابنها أن يتزوج بهذه الصبية‏.‏ ا هـ‏.‏ ط‏.‏ وفي الفتح‏:‏ لو أدخلت الحلمة في في الصبي وشكت في الارتضاع لا تثبت الحرمة بالشك‏.‏ ثم قال‏:‏ والواجب على النساء أن لا يرضعن كل صبي من غير ضرورة، وإذا أرضعن فليحفظن ذلك وليشهرنه ويكتبنه احتياطا ا هـ‏.‏ وفي البحر عن الخانية‏:‏ يكره للمرأة أن ترضع صبيا بلا إذن زوجها إلا إذا خافت هلاكه ‏(‏قوله ثم لم يدر‏)‏ أي لم يدر من أرضعها منهم فلا بد أن تعلم المرضعة ‏(‏قوله إن لم تظهر علامة‏)‏ لم أر من فسرها‏.‏ ويمكن أن تمثل بتردد المرأة ذات اللبن على المحل الذي فيه الصبية أو كونها ساكنة فيه فإنه أمارة قوية على الإرضاع ط ‏(‏قوله ولم يشهد بذلك‏)‏ بالبناء للمجهول والجار والمجرور نائب الفاعل ‏(‏قوله جاز‏)‏ هذا من باب الرخصة كي لا ينسد باب النكاح وهذه المسألة خارجة عن قاعدة‏:‏ الأصل في الإرضاع التحريم، ومثلها ما لو اختلطت الرضيعة بنساء يحصرن وهذا بخلاف المسألة الأولى فإنه لا حاجة إلى إخراجها لأن سبب الحرمة غير متحقق فيها؛ كذا أفاده في الأشباه ‏(‏قوله أمومية‏)‏ بالرفع فاعل يثبت‏.‏ قال القهستاني‏:‏ والأمومة مصدر هو كون الشخص أما‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وأبوة زوج مرضعة لبنها منه‏)‏ المراد به اللبن الذي نزل منها بسبب ولادتها من رجل زوج أو سيد فليس الزوج قيدا بل خرج مخرج الغالب بحر‏.‏ وأما إذا كان اللبن من زنا ففيه خلاف سيذكره الشارح؛ ويأتي الكلام فيه ‏(‏قوله له‏)‏ أي للرضيع وهو متعلق بالأبوة ح أي لأنه مصدر معناه كونه أبا ط ‏(‏قوله كما سيجيء‏)‏ أي في قوله طلق ذات لبن ح

‏(‏قوله أي بسببه‏)‏ أشار إلى أن من بمعنى باء السببية ط ‏(‏قوله ما يحرم من النسب‏)‏ معناه أن الحرمة بسبب الرضاع معتبرة بحرمة النسب، فشمل زوجة الابن والأب من الرضاع لأنها حرام بسبب النسب فكذا بسبب الرضاع، وهو قول أكثر أهل العلم، كذا في المبسوط بحر‏.‏ وقد استشكل في الفتح الاستدلال على تحريمها بالحديث لأن حرمتها بسبب الصهرية لا النسب ‏"‏ ومحرمات النسب هي السبع المذكورة في آية التحريم، بل قيد الأصلاب فيها يخرج حليلة الأب والابن من الرضاع فيفيد حلها وتمامه فيه ‏(‏قوله رواه الشيخان‏)‏ أشار به إلى أنه حديث، لكن فيه تغيير اقتضاه تركيب المتن وهو زيادة الفاء ووضع المضمر موضع الظاهر، وأصله «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» ح وتقدم أنه يجوز رواية الحديث بالمعنى للعارف، على أن المصنف لم يقصد رواية الحديث ط ‏(‏قوله يفارق النسب الإرضاع‏)‏ بنصب النسب ورفع الإرضاع ح ولعله إنما نسبت إليه المفارقة وإن كان مفاعلة من الجانبين لأنه الفرع والنسب هو الأصل المعتبر في التحريم، والمفارقة غالبا تكون من العارض ط ‏(‏قوله في صور‏)‏ أي سبع، وإنما كانت إحدى وعشرين باعتبار تعلق الرضاع بالمضاف أو المضاف إليه أو بهما كما سيأتي إيضاحه‏.‏ ولا يخفى عليك أن المذكور في البيتين ست صور، فإن قوله وأم أخ مكرر مع قوله وأم أخت إذ كل واحدة من هذه المذكورات كذلك، فإن أخت البنت مثل أخت الابن وأم الخالة مثل أم الخال، وقس عليه ح‏.‏ ‏(‏قوله كأم نافلة‏)‏ أشار بالكاف إلى عدم الحصر في ذلك؛ لما قال في الفتح‏:‏ إن المحرم في الرضاع وجود المعنى المحرم في النسب، فإذا انتفى في شيء من صور الرضاع انتفت الحرمة، فيستفاد أنه لا حصر فيما ذكر ا هـ‏.‏ فافهم‏.‏ والنافلة الزيادة تطلق على ولد الولد لزيادته على الولد الصلبي، وتقدم أن كل صورة من هذه السبع تتفرع إلى ثلاث صور، فولد ولدك إذا كان نسبيا وله أم من الرضاع تحل لك، بخلاف أمه من النسب لأنها حليلة ابنك، وإن كان رضاعيا بأن رضع من زوجة ابنك ولهذا الرضيع أم نسبية أو رضاعية أخرى تحل لك ‏(‏قوله أو جدة الولد‏)‏ صادق بأن يكون الولد رضاعيا بأن رضع من زوجتك وله جدة نسبية أو جدة أم أم أخرى أرضعته، وبأن يكون نسبيا له جدة رضاعية، بخلاف النسبية فلا تحل لك لأنها أمك أو أم زوجتك‏.‏ واحترز بجدة الولد عن أم الولد لأنها حلال من النسب وكذا من الرضاع ‏(‏قوله وأم أخت‏)‏ صادق بأن يكون كل منهما من الرضاع كأن يكون لك أخت من الرضاع لها أم أخرى من الرضاع أرضعتها وحدها، وبأن تكون الأخت فقط من الرضاع لها أم نسبية، وبأن تكون الأم فقط من الرضاع كأن تكون لك أخت نسبية لها أم رضاعية، بخلاف النسبية لأنها إما أمك أو حليلة أبيك ‏(‏قوله وأخت ابن‏)‏ أي كل منهما رضاعي أو الأول رضاعي والثاني نسبي أو العكس، بخلاف ما إذا كان كل منهما نسبيا، فلا تحل أخت الابن لأنها إما بنتك أو ربيبتك، ومن هنا يعلم ما إذا رضع ولدك من أم أمه فإن أمه لا تحرم عليك لكونها أخت ابنك رضاعا أفاده الرملي ط وأخت البنت كأخت الابن‏.‏ وأورد أنه يتصور الحل في أخت ابنه وبنته نسبا بأن يدعي شريكان في أمة ولدها، فإذا كان لكل منهما بنت من غير الأمة حل لشريكه التزوج بها وهي أخت ولده نسبا من الأب‏.‏ وألغز بها في شرح الوهبانية، وأجاب عنها شرنبلالية‏.‏ ‏(‏قوله وأم أخ‏)‏ الكلام فيه كالكلام في أم الأخت، وفيه ما مر عن ح ‏(‏قوله وأم خال‏)‏ فيه الصور الثلاث، أما إذا كانا نسبيين فلا تحل، لأن أم خالك من النسب جدتك أو منكوحة جدك ‏(‏قوله وعمة ابن‏)‏ فيه الصور الثلاث أيضا بأن يكون كل منهما رضاعيا كأن رضع صبي من زوجتك ورضع أيضا من زوجة رجل آخر له أخت فهذه الأخت عمة ابنك من الرضاع أو الأول رضاعيا فقط بأن يكون ذلك الرضيع ابنك من النسب أو الثاني فقط بأن يكون ابنك من الرضاع له عمة من النسب، بخلاف ما لو كان كل منهما من النسب فإن العمة لا تحل لك لأنها أختك‏.‏ ‏(‏قوله استثناء منقطع إلخ‏)‏ جواب عن قول البيضاوي‏:‏ إن استثناء أخت ابنه وأم أخيه من الرضاع من هذا الأصل ليس بصحيح، فإن حرمتهما في النسب بالمصاهرة دون النسب ا هـ‏.‏ فعدم الصحة مبني على جعل الاستثناء متصلا‏.‏ وفيه جواب أيضا عن قوله في الغاية إن هذا تخصيص للحديث بدليل عقلي‏.‏ وبيان الجواب ما قاله الزيلعي‏:‏ إن هذا سهو، فإن الحديث يوجب عموم الحرمة لأجل الرضاع حيث وجدت الحرمة لأجل النسب وحرمة أم أخيه من النسب لا لأجل أنها أم أخيه بل لكونها أمه أو موطوءة أبيه، ألا ترى أنها تحرم عليه وإن لم يكن له أخ، وكذا أخت ابنه من النسب إنما حرمت عليه لأجل أنها بنته أو بنت امرأته بدليل حرمتها وإن لم يكن له ابن، وهذا المعنى يوجب الحرمة في الرضاع أيضا حتى لا يجوز له أن يتزوج بأمه ولا موطوءة أبيه ولا بنت امرأته كل ذلك من الرضاع فبطل دعوى التخصيص ا هـ‏.‏ وحاصله يرجع إلى أن الاستثناء منقطع كما قال الشارح لعدم تناول الحديث له‏.‏ هذا، وقد اعترض ح قول الشارح تبعا للبيضاوي إن حرمة من ذكر بالمصاهرة بأن فيه نظرا من وجهين‏.‏ الأول أن المصاهرة لا تتصور في عمة ولده لأنها أخته الشقيقة أو لأب أو لأم، وكذا في بنت عمة ولده لأنها بنت أخته الشقيقة أو لأب أو لأم‏.‏ الثاني أن المصاهرة في الصور السبعة الباقية إنما تتصور على تقدير واحد فقط‏.‏ وعلى التقدير الآخر أو التقديرين الآخرين فالحرمة بالنسب لا بالمصاهرة‏.‏ بيان ذلك أن أم أخيك إنما تكون حرمتها بالمصاهرة إذا كان الأخ أخا لأب، فإن أمه حينئذ امرأة أبيك، بخلاف الأخ الشقيق أو لأم فإن حرمة أمه بالنسب لأنها أمك وحرمة أخت ابنك النسبي إنما تكون بالمصاهرة إن كانت أخت الابن لأمه لأنها ربيبتك بخلافها شقيقة أو لأب فإنها بنتك وحرمة جدة ابنك إنما تكون بالمصاهرة إذا كانت أم أمه لأنها أم امرأتك، بخلافها أم أبيه لأنها أمك، وحرمة أم عمك إنما تكون بالمصاهرة لو العم لأب بخلافه لو شقيقا أو لأم لأنها جدتك، ومثل أم العم أم الخال، وحرمة بنت أخت ولدك إنما تكون بالمصاهرة لو كانت الأخت لأم لأنها تكون بنت ربيبتك، بخلافها شقيقة أو لأب لأنها بنت بنتك، وحرمة أم ولد ولدك إنما تكون بالمصاهرة إذا كانت أم ابن ابنك لأنها حليلة ابنك، بخلاف أم بنت بنتك فإنها بنتك‏.‏ فقد ظهر أن التعليل بهذا غير صحيح بل التعليل الصحيح ما ذكره بقوله فإن حرمة أم أخته إلخ كما سنبينه‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ والجواب عن الأول أن قول الشارح إن حرمة من ذكر بالمصاهرة المراد بمن ذكر هو أم أخيه وأخته لأنه هو الذي سبق ذكره دون بقية الصور الآتية، ولأنه ذكر بعده تعليلا آخر شاملا للجميع وهو قوله فإن حرمة أم أخته وأخيه إلخ مع قوله وقس عليه أخت ابنه إلخ كما سنوضحه‏.‏ وعن الثاني أعني قوله إن المصاهرة إنما تتصور على تقدير واحد فقط بأن المراد هو ذلك التقدير‏.‏ وبيان ذلك أن الحديث دل على أن كل ما يحرم من النسب يحرم نظيره من الرضاع، فيقال‏:‏ تحرم الأم نسبا فكذا تحرم الأم رضاعا، وتحرم البنت نسبا فكذا تحرم البنت رضاعا، وهكذا إلى آخر المحرمات النسبية، فأم أخيك الشقيق أو لأم إنما تحرم لكونها أمك لا لكونها أم أخيك ولذا تحرم عليك ولو لم يكن لك أخ منها، فلا يحسن أن يقال تحرم أم الأخ الشقيق أو لأم لأنه يتكرر مع قولهم تحرم الأم‏.‏ فعلم أن المراد أم الأخ لأب فقط ولما ورد عليه أن أم الأخ لأب إنما حرمت بالمصاهرة، والحديث إنما رتب حرمة الرضاع على حرمة النسب لا على حرمة المصاهرة‏.‏ أجاب بأن الاستثناء منقطع، وكذا يقال أخت الابن إذا كانت شقيقة أو لأب إنما تحرم لكونها بنتك، وقد علم تحريم البنت من النسب فيراد بها الأخت لأم لأنها ربيبتك، فلم تعلم حرمتها من محرمات النسب فلم تكن تكرارا لكن لما لم تدخل في الحديث كان استثناؤها منقطعا، وهكذا يقال في البواقي‏.‏ والحاصل أن الحديث لما رتب حرمة الرضاع على حرمة النسب وكان ما يحرم من النسب من نظائر هذه المستثنيات قد يحرم من النسب على تقدير ومن المصاهرة على تقدير لم يصح أن يراد منه التقدير الأول لأنه يلزم منه التكرار بلا فائدة، فتعين إرادة التقدير الثاني وإن كان الاستثناء فيه منقطعا دفعا للتكرار وتنبيها على بيان ما يحل لزيادة التوضيح، هذا غاية ما يمكن توجيه كلامهم به، والله تعالى أعلم‏.‏ فافهم‏.‏ ‏(‏قوله وهذا المعنى مفقود في الرضاع‏)‏ لأن أم أخته وأخيه رضاعا ليست أمه ولا موطوءة أبيه ‏(‏قوله وقس عليه إلخ‏)‏ أي قس على ما ذكر من المعنى أخت ابنه وبنته إلخ بأن تقول‏:‏ إنما حرمت عليه أخت ابنه وبنته نسبا لكونها بنته أو بنت امرأته وهذا المعنى مفقود في الرضاع، وكذا جدة ابنه وبنته نسبا إنما حرمت عليه لكونها أمه أو أم امرأته وهذا مفقود في الرضاع وهكذا البواقي‏.‏ وبهذا التقرير علم أن التعليل المذكور بقوله فإن حرمة أم أخته إلخ جاز في جميع الصور، لكن لكل صورة عبارة تليق بها فلذا قال وقس عليه إلخ وأن ضمير عليه راجع إليه لا إلى أم أخته وأخيه، حتى يرد أنه لا معنى لجعل البعض مقيسا والبعض مقيسا عليه فافهم ‏(‏قوله وكذا عمة ولده‏)‏ لم يذكروا خالة ولده لأنها حلال من النسب أيضا لأنها أخت زوجته بحر ‏(‏قوله وبنت عمته‏)‏ أي عمة ولده وتحرم من النسب لأنها بنت أخته، وأما بنت عمة نفسه فإنها حلال نسبا ورضاعا ط‏.‏ ‏(‏قوله وبنت أخت ولده‏)‏ وتحرم من النسب لأنها بنت بنته أو بنت ربيبته ط ‏(‏قوله للرجل‏)‏ متعلق بالمستثنى في قوله إلا أم أخته إلخ يعني أن شيئا من النسوة المذكورات لا يحرم للرجل إذا كانت من الرضاع‏.‏ ا هـ‏.‏ ح عن المنح، وهذا بالنظر إلى المتن وإلا فهو متعلق بقول الشارح حلال ‏(‏قوله وكذا أخو ابن المرأة لها‏)‏ في ذكر هذه العاشرة نظر، فإنها من مقابلات التسعة لا قسم مباين للتسعة كما سنبينه أفاده ح ‏(‏قوله باعتبار الذكورة والأنوثة‏)‏ أي في المضاف إليه، فتصير مع الذكورة أم أخيه وأخت ابنه وجدة ابنه وأم عمه وأم خاله وعمة ابنه وبنت عمة ابنه وبنت أخت ابنه وأم ولد ابنه، ومع الأنوثة أم أخته وأخت بنته وجدة بنته وأم عمته وأم خالته وعمة بنته وبنت عمة بنته وبنت أخت بنته وأم ولد بنته‏.‏ ا هـ‏.‏ ح فهذه ثمانية عشر، وعدها عشرين بالنظر إلى العاشرة المكررة‏.‏ ‏(‏قوله وباعتبار ما يحل له‏)‏ أي إذا نسب الحل للرجل، بأن يقال‏:‏ تحل له أم أخيه وأخت ابنه إلى آخر الأمثلة المذكورة ‏(‏قوله أولها‏)‏ أي إذا نسب الحل لها، بأن يقال‏:‏ يحل لها أبو أخيها وأخو ابنها وجد ابنها وأبو عمها وأبو خالها وخال ولدها وابن خالة ولدها وابن أخت ولدها وابن ولد ولدها، وإنما قلنا وخال ولدها وابن خالة ولدها، وكان القياس أن نقول وعم ولدها وابن عمة ولدها لأنهما لا يحرمان عليهما من النسب أيضا كما صرح به في البحر أفاده ح‏.‏ وأفاد ط أنه يمكن تقرير المقام بحل آخر، فيقال في مقابلة تزوجه أم أخيه وأخته تزوجها أخا ابنها وبنتها، وفي أخت ابنه أو بنته أبو أخيها أو أختها، وفي جدة ابنه أو بنته جد ابنها أو بنتها، وفي أم عمه ابن أخي ابنها، وفي أم عمته ابن أخي بنتها، وفي أم خاله ابن أخت ابنها، وفي أم خالته ابن أخت بنتها وفي عمة ولده عم ولدها، وفي بنت عمة ولده خالها، وفي مقابلة تزوجها بأخي ابنها تزوجه بأم أخيه وهي المكررة ا هـ‏.‏ لكن الصواب في الثامنة والتاسعة أن يقال‏:‏ وفي عمة ولده أبو ابن أخيها، وفي بنت عمة ولده أبو ابن خالها فافهم‏.‏ والذي قرره ح هو الذي في البحر، وهو الأوفق لقول الشارح وتزوجها بأبي أخيها‏.‏ وحاصله أن تبدل المضاف الأول المؤنث بمذكر مقابل له وتبدل الضمير المذكر بضمير المؤنث، فتبدل الأم بالأب والأخت بالأخ والجدة بالجد وهكذا وتذكر الضمير، فتقول في أم أخيه أبو أخيها، وفي أخت ابنه أخو ابنها وفي جدة ابنه جد ابنها إلخ‏.‏ وحاصل التقرير الثاني أن تنظر إلى كل صورة، وتنظر إلى نسبة المرأة فيها إلى الزوج فتسميها باسم تلك النسبة؛ مثلا إذا تزوج أم أخيه أو أخته تكون المرأة قد تزوجت أخا ابنها أو بنتها، وإذا تزوج أخت ابنه أو بنته تكون قد تزوجت أبا أخيها أو أختها وهكذا، ولا يخفى أن هذا تكرار محض وإنما اختلف بالتعبير فقط فافهم‏.‏ ‏(‏قوله وتزوجها بأبي أخيها‏)‏ كذا في بعض النسخ، ومثله في البحر، وهو الأوفق لما قرره ح كما علمت، وفي بعض النسخ بابن أخيها، وهو كذلك في النهر ولا وجه له، فإن هذا لا يقابل تزوجه بأم أخيه على التقريرين المارين‏.‏ ووقع في بعض نسخ البحر التعبير بأخي ابنها، وهو موافق لما قرره ط كما مر، وفيه ما علمت‏.‏ ‏(‏قوله وكل منها‏)‏ أي من الأربعين ح‏.‏ وفي بعض النسخ‏:‏ منهما بضمير التثنية‏:‏ أي كل من الاعتبارين اللذين بلغ العدد فيهما أربعين فافهم قوله الجار والمجرور‏)‏ أي المقدر بعد الاستثناء المدلول عليه بالمستثنى منه، والتقدير‏:‏ فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب إلا أم أخيه من الرضاع فإنها لا تحرم‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله تعلقا معنويا‏)‏ على أنه صفة أو حال لأنه معرفة غير محضة، لأن التعريف الإضافي هنا كالتعريف الجنسي، وأما تعلقه الصناعي فباستقرار محذوف وجوبا، وتمام ذلك في ح عن البحر ‏(‏قوله كالأخ‏)‏ الأولى أن يقول كالأخت، أو يقول في الأول كأن يكون له أخ نسبي، إلا أن يقال مراده التنويع في المضاف إليه ذكورة وأنوثة ح ‏(‏قوله كأن يكون له أخ نسبي له أم رضاعية‏)‏ تبع في هذه العبارة النهر‏.‏ قال ح‏:‏ وصوابه كأن يكون له أخ رضاعي له أم نسبية كما لا يخفى‏.‏ ‏(‏قوله وهذا من خواص كتابنا‏)‏ اعلم أن ابن وهبان في شرح منظومته أوصلها إلى نيف وستين، وبينها صاحب البحر وزاد عليها حتى أوصلها إلى إحدى وثمانين وقال إنه من خواص هذا الكتاب، وأوصلها في النهر إلى مائة وثمانية وقال إنها من خواص كتابه، فأراد الشارح أن يوصلها إلى مائة وعشرين بزيادة العاشرة من الصور لتكون من خواص كتابه كما قال لكنها ما تمت له أفاده ح أي بل بقي العدد مائة وثمانية‏.‏

‏(‏قوله وهو ظاهر‏)‏ كأن يكون له أخ رضاعي رضع مع بنت من امرأة أخرى ‏(‏قوله فهو‏)‏ أي قوله نسبا ط ‏(‏قوله للزوم التكرار‏)‏ لأنه إذا اتصل بالمضاف فقط كان المضاف إليه من الرضاع أو بالمضاف إليه فقط كان المضاف من الرضاع، وهما داخلان في قوله وتحل أخت أخيه رضاعا ح

‏(‏قوله لكونهما أخوين‏)‏ أي شقيقين إن كان اللبن الذي شرباه منها لرجل واحد أو لأم إن لم يكن كذلك، وقد يكونان لأب كما إذا كان لرجل امرأتان وولدتا منه فأرضعت كل واحدة صغيرا فإن الصغيرين أخوان لأب، حتى لو كان أحدهما أنثى لا يحل النكاح بينهما كما ذكره مسكين ح‏.‏ ‏(‏قوله وإن اختلف الزمن‏)‏ كأن أرضعت الولد الثاني بعد الأول بعشرين سنة مثلا وكان كل منهما في مدة الرضاع ‏(‏قوله وولد مرضعتها‏)‏ أي من النسب، أما الذي من الرضاع فإنه وإن كان كذلك لكنه فهم حكمه من قوله ولا حل بين رضيعي امرأة ح وأطلقه فأفاد التحريم وإن لم ترضع ولدها النسبي بخلاف ما إذا كان الولدان أجنبيين فإنه لا بد من ارتضاعهما من امرأة واحدة كما أفادته الجملة الأولى ولهذا لم يستغن بها عن هذه الجملة، وما في البحر والمنح رده في النهر، وشمل أيضا ما لو ولدته قبل إرضاعها للرضيعة أو بعده ولو بسنين‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

في البحر عن آخر المبسوط‏:‏ لو كانت أم البنات أرضعت أحد البنين وأم البنين أرضعت إحدى البنات لم يكن للابن المرتضع من أم البنات أن يتزوج واحدة منهن وكان لإخوته أن يتزوجوا بنات الأخرى إلا الابنة التي أرضعتها أمهم وجدها لأنها أختهم من الرضاعة ‏(‏قوله أي التي أرضعتها‏)‏ تفسير للمضاف إلى الضمير

‏(‏قوله ولبن بكر‏)‏ المراد بها التي لم تجامع قط بنكاح أو سفاح وإن كانت العذرة غير باقية كأن زالت بنحو وثبة حموي والحرمة لا تتعدى إلى زوجها، حتى لو طلقها قبل الدخول له التزوج برضيعتها لأن اللبن ليس منه قهستاني ط؛ أما لو طلقها بعد الدخول فليس له التزوج بالرضيعة لأنها صارت من الربائب التي دخل بأمها بحر عن الخانية ‏(‏قوله وإلا لا‏)‏ أي وإن لم تبلغ تسع سنين فنزل لها لبن لا يحرم جوهرة لأنهم نصوا على أن اللبن لا يتصور إلا ممن تتصور منه الولادة فيحكم بأنه ليس لبنا‏.‏ كما لو نزل للبكر ماء أصفر لا يثبت من إرضاعه تحريم كما في شرح الوهبانية ‏(‏قوله ولو محلوبا‏)‏ سواء حلب قبل موتها فشربه الصبي بعد موتها أو حلب بعد موتها بحر ‏(‏قوله فيصير ناكحها‏)‏ أي ناكح الرضيعة المعلومة من المقام أفاده ح ‏(‏قوله محرما للميتة‏)‏ لأنها أم امرأته بحر ‏(‏قوله فيممها‏)‏ أي بلا خرقة إذا ماتت بين رجال فقط، أما غير المحرم فييممها بخرقة، وقيل تغسل في ثيابها أفاده ط ‏(‏قوله ويدفنها‏)‏ لأن الأولى بالدفن المحارم ط ‏(‏قوله بخلاف وطئها‏)‏ أي الميتة فإنه لا يتعلق به حرمة المصاهرة‏.‏ ‏(‏قوله وفرق بوجود التغذي لا اللذة‏)‏ لأن المقصود من اللبن التغذي والموت لا يمنع منه، والمقصود من الوطء اللذة المعتادة وذلك لا يوجد في الميتة بحر عن الجوهرة، وإذا انتفت اللذة المعتادة بالوطء لكون الميتة ليست محلا له عادة صارت كالبهيمة بل أبلغ لأن الموت منفر طبعا فيلزم انتفاء قصد الولد الذي هو في الحقيقة علة حرمة المصاهرة، فالمراد نفي اللازم بانتفاء الملزوم فلا يرد أن اللذة ليست هي العلة فافهم

‏(‏قوله ومخلوط‏)‏ عطف على لبن ميتة‏:‏ أي وكذا يحرم لبن امرأة مخلوط بماء إلخ‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ ومثل الماء كل مائع بل والجامد كذلك، أفاده في النهر ط‏.‏ ‏(‏قوله إذا غلب لبن المرأة‏)‏ أي على أحد المذكورات، وفسر الغلبة في أيمان الخانية من حيث الإجزاء‏.‏ وقال هنا فسرها محمد في الدواء بأن يغيره عن كونه لبنا‏.‏ وقال الثاني إن غير الطعم واللون لا إن غير أحدهما نهر، ونحوه في البحر‏.‏ ووفق في الدر المنتقى فقال‏:‏ تعتبر الغلبة بالإجزاء في الجنس، وفي غيره بتغير طعم أو لون أو ريح كما روي عن أبي يوسف ا هـ‏.‏ إلا أنه اعتبر التغير في غير الجنس بوصف واحد والمذكور آنفا أنه لا يعتبر إلا إذا غير الطعم واللون، نعم يوافقه ما في الهندية من اعتبار أحد الأوصاف إلا أنه لم يعزه لأبي يوسف ط‏.‏ ‏(‏قوله وكذا إذا استويا‏)‏ أي لبن المرأة وأحد المذكورات ح ‏(‏قوله لعدم الأولوية‏)‏ علة لاستواء لبن المرأتين، وأفاد به ثبوت التحريم منهما‏.‏ وأما علة استواء لبن المرأة مع الباقي فهي أن لبنها غير مغلوب فلم يكن مستهلكا كما في البحر ‏(‏قوله وعلق محمد إلخ‏)‏ مقابل لما أفاده كلام المصنف من أنه لو كان لبن إحدى المرأتين غالبا تعلق التحريم به فقط، ولو استويا تعلق بهما ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي تساويا أو غلب أحدهما لأن الجنس لا يغلب الجنس ح ‏(‏قوله قيل وهو الأصح‏)‏ قال في البحر‏:‏ وهو رواية أبي حنيفة، قال في الغاية‏:‏ وهو أظهر وأحوط، وفي شرح المجمع‏:‏ قيل إنه الأصح‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الشرنبلالية‏:‏ ورجح بعض المشايخ قول محمد، وإليه مال صاحب الهداية لتأخيره دليل محمد كما في الفتح‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله مطلقا‏)‏ أي سواء كان غالبا أو مغلوبا عند الإمام وقال‏:‏ إن كان غالبا يحرم، والخلاف مقيد بالذي لم تمسه النار، فإذا طبخ فلا تحريم مطلقا اتفاقا، وبما إذا كان الطعام ثخينا، أما إذا كان رقيقا يشرب اعتبرت الغلية اتفاقا، قيل وبما إذا لم يكن اللبن متقاطرا عند رفع اللقمة، أما معه فيحرم اتفاقا والأصح عدم اعتبار التقاطر على قوله نهر ‏(‏قوله وإن حساه حسوا‏)‏ في القاموس‏:‏ حسا زيد المرق شربه شيئا بعد شيء بحر، وما أفاده من أنه لا يحرم وإن حساه مخالف لما ذكرناه آنفا عن النهر، وكذا ما جزم به في الفتح من أن الطعام لو كان رقيقا يشرب اعتبرنا غلبة اللبن إن غلب وأثبتنا الحرمة، وكذا ما في الخانية‏:‏ لو حساه حسوا تثبت الحرمة في قولهم جميعا، وكذا في البحر عن المستصفى وقال إن وضع محمد في الأكل يدل عليه ا هـ‏.‏ أي يدل على أن الشرب محرم، نعم نقل ح عن مجمع الأنهر عن الخانية أنه قيل‏:‏ إنه لا تثبت الحرمة بكل حال، وإليه مال السرخسي وهو الصحيح كما مر في أكثر الكتب‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والذي رأيته في الخانية وكذا في البحر عنها هو ما نقلناه عنها آنفا وليس فيها ما ذكره عن السرخسي، والمنقول عن السرخسي ليس في الحسو بل في غيره‏.‏ ففي الذخيرة‏:‏ قيل إنما لا تثبت الحرمة على قول أبي حنيفة إذا كان لا يتقاطر اللبن عند حمل اللقمة، فلو يتقاطر تثبت، وقيل‏:‏ لا تثبت وإليه مال شمس الأئمة السرخسي‏.‏ وذكر شيخ الإسلام إنما لا تثبت على قول أبي حنيفة إذا أكل لقمة لقمة، فلو حساه حسوا تثبت‏.‏ ا هـ‏.‏ فما قاله شمس الأئمة إنما هو عدم اعتبار التقاطر عند الأكل وهو الأصح كما مر عن النهر، وصرح بتصحيحه أيضا في الهداية وغيرها، وكلامنا فيما إذا كان الطعام رقيقا يشرب حسوا، وهذا تثبت به الحرمة كما سمعته، ولم أر من صحح خلافه؛ ولا يقال‏:‏ يلزم من تقاطر اللبن عند رفع اللقمة أن يكون الطعام رقيقا يشرب لأنه لو كان كذلك لم يكن التقاطر من اللبن وحده بل يكون منهما معا، فعلم أن المراد كون الطعام ثخينا لا يشرب، ولفظ اللقمة مشعر بذلك أيضا فافهم ‏(‏قوله وكذا لو جبنه‏)‏ قال في البحر‏:‏ ولو جعل اللبن مخيضا أو رائبا أو شيرازا أو جبنا أو أقطا أو مصلا فتناوله الصبي لا تثبت به الحرمة لأن اسم الرضاع لا يقع عليه، وكذا لا ينبت اللحم ولا ينشز العظم ولا يكتفي به الصبي في الاغتذاء فلا يحرم‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ وفي القاموس‏:‏ اللبن المخيض ما أخذ زبده‏.‏ والشيرازي‏:‏ اللبن الرائب المستخرج ماؤه‏.‏ والأقط مثلث ويحرك‏:‏ شيء يتخذ من المخيط الغنمي‏.‏ والمصل‏:‏ اللبن يوضع في وعاء خوص أو خزف ليقطر ماؤه‏.‏ ا هـ‏.‏ ط‏.‏

‏(‏قوله ولا الاحتقان‏)‏ في المصباح‏:‏ حقنت المريض إذا أوصلت الدواء إلى باطنه من مخرجه بالمحقنة واحتقن هو والاسم الحقنة مثل الغرفة من الاغتراف، ثم أطلقت على ما يتداوى به والجمع حقن مثل غرفة وغرف‏.‏ ا هـ‏.‏ بحر‏.‏ والمناسب أن يقال ولا الحقن أي حقن الصبي باللبن إذ الاحتقان من احتقن، وهو فعل قاصر والصبي لا يحتقن بنفسه بل يحقنه غيره، ولا يصح أخذه من احتقن المبني للمجهول لأنه لا يبنى من القاصر، ولا يلزم من تفسير الاحتقان في تاج المصادر بعمل الحقنة تعديته للمفعول الصريح كالصبي‏.‏ في عبارة الهداية‏:‏ حيث قال إذا احتقن الصبي خلافا لما في النهاية والمعراج كما حققه في الفتح، وتنظير النهر فيه نظر فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله والإقطار‏)‏ في بعض النسخ الاقتطار من الافتعال والظاهر أنه تحريف ‏(‏قوله وجائفة‏)‏ الجراحة في الجوف‏.‏ والآمة بالمد والتشديد‏:‏ الجراحة في الرأس تصل إلى أم الدماغ ‏(‏قوله ومشكل‏)‏ أي خنثى مشكل ‏(‏قوله إلا إذا قال إلخ‏)‏ لأنه حينئذ يتضح أنه امرأة كما ذكروه في باب الخنثى فيثبت به التحريم رحمتي ‏(‏قوله وإلا لا‏)‏ تكرار لأنه علم من إطلاق قوله ومشكل بدليل الاستثناء ‏(‏قوله لعدم الكرامة‏)‏ لأن ثبوت الحرمة بالرضاع بطريق الكرامة للجزئية فلم تعتبر الشاة أم الصبي وإلا لكان الكبش أباه والأختية فرع الأمية، وتمام تحقيقه في الفتح‏.‏

‏(‏قوله ولو أرضعت الكبيرة‏)‏ أطلقها فشمل المدخولة وغيرها، وسواء كان لبنها منه أو من غيره وقع الإرضاع قبل الطلاق أو بعده في عدة رجعي أو بائن بينونة صغرى أو كبرى، فقوله ولو مبانة يفهم منه حكم الرجعية بالأولى لأن الزوجية قائمة من كل وجه‏.‏ ثم التقييد بها ليس احترازيا لأن أخت الكبيرة وأمها بنتها نسبا ورضاعا إن دخل بالكبيرة مثلها للزوم الجمع بين المرأة وبنت أختها في الأول وبين الأختين في الثاني وبين المرأة وبنت بنتها في الثالث، وليس له أن يتزوج بواحدة منهما قط ولا المرضعة أيضا، وإن لم يكن دخل بالكبيرة في الثالث فإن المرضعة لا تحل له لكونها أم امرأته ولا الكبيرة لكونها أم أم امرأته، وتحل الصغيرة لكونها ابنة ابنة امرأته ولم يدخل بها، وتمامه في البحر ط ‏(‏قوله ضرتها الصغيرة‏)‏ أي التي في مدة الرضاع، ولا يشترط قيام نكاح الصغيرة وقت إرضاعها بل وجوده فيما مضى كاف لما في البدائع‏:‏ لو تزوج صغيرة فطلقها ثم تزوج كبيرة لها لبن فأرضعتها حرمت عليه لأنها صارت أم منكوحة كانت له فتحرم بنكاح البنت ا هـ‏.‏ بحر‏.‏ وإن كان دخل بالأم حرمت الصغيرة أيضا، لا لأنه صار جامعا بينهما بل لأن الدخول بالأمهات يحرم البنات، والعقد على البنات يحرم الأمهات، والرضاع الطارئ على النكاح كالسابق‏.‏ وفي الخانية‏:‏ لو زوج أم ولده بعبده الصغير فأرضعته بلبن السيد حرمت على زوجها وعلى مولاها لأن العبد صار ابنا للمولى فحرمت عليه لأنها كانت موطوءة أبيه وعلى المولى لأنها امرأة ابنه‏.‏ ا هـ‏.‏ نهر ‏(‏قوله وكذا لو أوجره‏)‏ أي لبن الكبيرة رجل في فيها أي الصغيرة، وأشار إلى أن الحرمة لا تتوقف على الإرضاع بل المدار على وصول لبن الكبيرة إلى جوف الصغيرة، فتبين كلاهما منه، ولكل نصف الصداق على الزوج، ويغرم الرجل للزوج نصف مهر كل واحدة منهما إن تعمد الفساد بأن أرضعها من غير حاجة، بأن كانت شبعى ويقبل قوله أنه لم يتعمد الفساد بحر‏.‏ ‏(‏قوله إن دخل بالأم‏)‏ سواء كان اللبن منه أو من غيره، وسواء وقع الإرضاع في النكاح أو بعد الطلاق ولو بائنا ولو بعد العدة، أما إذا كان اللبن منه ووقع الإرضاع في النكاح أو عدة الرجعي أو البائن أو بعد العدة حرمتا أبدا وانفسخ النكاح في الأوليين؛ أما حرمة الصغيرة فلأنها صارت بنته وبنت مدخولته رضاعا، وأما حرمة الكبيرة فلأنها أم بنته وأم معقودته رضاعا‏.‏ وإذا كان اللبن من غيره حرمتا أيضا وانفسخ النكاح في الأوليين، أما حرمة الصغيرة فلأنها بنت مدخولته رضاعا، وأما حرمة الكبيرة فلأنها أم معقودته رضاعا أفاده ح‏.‏ وذكر في البحر أن النكاح لا ينفسخ، لأن المذهب عند علمائنا أن النكاح لا يرتفع بحرمة الرضاع والمصاهرة بل يفسد، حتى لو وطئها قبل التفريق لا يحد نص عليه محمد في الأصل‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم قال‏:‏ وينبغي أن يكون الفساد في الرضاع الطارئ على النكاح أي كما هنا؛ أما لو تزوجها فشهدا أنها أخته ارتفع النكاح، حتى لو وطئها يحد ولها التزوج بعد العدة من غير متاركة‏.‏ ا هـ‏.‏ قال الرملي‏:‏ لكن سيأتي أنه لا تقع الفرقة إلا بتفريق القاضي فراجعه وتأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله أو اللبن منه‏)‏ هذا يقتضي إمكان انفراد كون اللبن منه عن كونها مدخولة، وهو فاسد لأنه يلزم من كون اللبن منه أن تكون مدخولة‏.‏ وفي نسخة واللبن منه بالواو، وهي فاسدة أيضا لأنها تقتضي عدم حرمتها إذا كانت مدخولة واللبن من غيره، وهو ظاهر البطلان فالصواب إسقاطها‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ و الشارح متابع للبحر والنهر والمقدسي‏.‏ وأجاب عنه ط بإمكان أن تكون حبلى من زناه بها فنزل لها لبن فأرضعتها به فقد حرمتا واللبن منه مع عدم تحقيق الدخول ا هـ‏.‏ وفيه أن الحبل من الزنا دخول بها، وحمل الدخول المذكور على الدخول في النكاح اللاحق لا فائدة فيه بعد تحقق الدخول في الزنا السابق‏.‏ وأجاب السائحاني بالحمل على ما إذا طلق ذات لبنه ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج آخر وبقي لبنها فأرضعت به ضرتها وفيه ما علمت‏.‏ والأحسن الجواب بأن قوله إن دخل بالأم على تقدير قولنا واللبن من غيره؛ وقوله أو اللبن منه عطف على هذا المقدر وهو القرينة على هذا التقدير لتحصل المقابلة بين المتعاطفين؛ ولو قال واللبن منه أولا لكان أوضح وأولى ‏(‏قوله وإلا‏)‏ أي وإن لم تكن مدخولة ولبنها حينئذ من غيره قطعا، وهذا شامل لما إذا كان الإرضاع قبل الطلاق أو بعده، فإن كان قبله انفسخ نكاحهما لكونه جامعا بين البنت وأمها رضاعا‏.‏ وله أن يعيد العقد على البنت لعدم الدخول بالأم، وإن كان بعده لا ينفسخ نكاح البنت، وحرمت الأم أبدا في الصورتين للعقد على البنت، وكلام الشارح قاصر على الصورة الأولى‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ ‏(‏قوله إن لم توطأ‏)‏ فلو وطئت لها كمال المهر مطلقا، لكن لا نفقة لها في هذه العدة إذا جاءت الفرقة من قبلها وإلا فلها النفقة بحر ‏(‏قوله لمجيء الفرقة منها‏)‏ فصار كردتها، وبه يعلم أنها لو كانت مكرهة أو نائمة فارتضعتها الصغيرة أو أخذ شخص لبنها فأوجر به الصغيرة أو كانت الكبيرة مجنونة كان لها نصف المهر لانتفاء إضافة الفرقة إليها بحر ‏(‏قوله لعدم الدخول‏)‏ تعليل لتنصيف المهر، وأما علة أصل استحقاقها له فهي وقوع الفرقة لا من جهتها، والارتضاع وإن كان فعلها وبه وقع الفساد لكن لا يؤثر في إسقاط حقها لعدم خطابها بالأحكام كما لو قتلت مورثها ولأنها مجبورة طبعا عليه، وإنما سقط مهرها بارتداد أبويها ولحاقها بهما مع أنها لا فعل منها أصلا لأن الردة محظورة في حق الصغيرة أيضا، وإضافة الحرمة إلى ردتها التابعة أبويها والارتضاع لا حاظر فيستحق النظر فتستحق المهر ا هـ‏.‏ ملخصا من الفتح وغيره ‏(‏قوله لعدم الدخول‏)‏ إذ لا يتأتى في الرضيعة ‏(‏قوله وكذا على الموجر‏)‏ أي يرجع الزوج عليه بما لزم الزوج وهو نصف صداق كل منهما كما قدمناه بحر، وقدمنا عنه أيضا أن الشرط فيه أيضا تعمد الفساد ‏(‏قوله إن تعمدت الفساد‏)‏ قيد في الرجوع عليها، أما سقوط مهرها قبل الوطء فلا يشترط له تعمد الفساد ط عن أبي السعود ‏(‏قوله بأن تكون عاقلة‏)‏ فلا رجوع على المجنونة والمكرهة والنائمة‏.‏ وفيه أن اشتراط العلم يغني عن قوله عاقلة متيقظة، أفاده في النهر ‏(‏قوله ولم تقصد إلخ‏)‏ فلو أرضعتها على ظن أنها جائعة ثم ظهر أنها شبعانة لا تكون متعمدة بحر ‏(‏قوله يشترط فيه‏)‏ أي في التضمين به التعدي كحافر البئر، إن كان في ملكه لا يضمن وإلا ضمن، وتمامه في البحر ‏(‏قوله والقول لها‏)‏ أي في أنها لم تتعمد مع يمينها بحر‏.‏

‏(‏قوله طلق ذات لبن‏)‏ أي منه، بأن ولدت منه؛ لأنه لو تزوج امرأة ولم تلد منه قط ونزل لها لبن وأرضعت ولدا لا يكون الزوج أبا للولد لأن نسبته إليه بسبب الولادة منه، وإذا انتفت انتفت النسبة فكان كلبن البكر، ولهذا لو ولدت للزوج فنزل لها لبن فأرضعت به ثم جف لبنها ثم در فأرضعته صبية فإن لابن زوج المرضعة التزوج بهذه الصبية، ولو كان صبيا كان له التزوج بأولاد هذا الرجل من غير المرضعة بحر عن الخانية ‏(‏قوله ويكون ربيبا للثاني‏)‏ فيحل له التزوج ببنات الثاني من غير المرضعة بحر ‏(‏قوله والوطء بشبهة كالحلال‏)‏ صورته‏:‏ وطئت امرأة بشبهة فحبلت وولدت ثم تزوجت ثم أرضعت صبيا كان ابنا للواطئ‏.‏ بشبهة لا للزوج، ومثله صورة الزنا‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله فتح‏)‏ وذلك حيث قال ولبن الزنا كالحلال، فإذا أرضعت به بنتا حرمت على الزاني وآبائه وأبنائه وإن سفلوا وفي التجنيس عن الجرجاني‏:‏ ولعم الزاني التزوج بها كالمولودة من الزاني لأنه لم يثبت نسبها من الزاني، والتحريم على آباء الزاني وأولاده للجزئية ولا جزئية بينها وبين العم، وإذا ثبت هذا في المتولدة من الزنا فكذا في المرضعة بلبن الزنا‏:‏ قال في الخلاصة‏:‏ وكذا لو لم تحبل من الزنا وأرضعت لا بلبن الزنا تحرم على الزاني كما تحرم بنتها عليه‏.‏ وذكر الوبري أن الحرمة تثبت من جهة الأم خاصة ما لم يثبت النسب، فحينئذ تثبت من الأب، وكذا ذكر الإسبيجابي وصاحب الينابيع، وهو أوجه لأن الحرمة من الزنا للبعضية وذلك في المولود نفسه لأنه مخلوق من مائه دون اللبن، إذ ليس اللبن كائنا من منيه لأنه فرع التغذي‏.‏ وهو لا يقع إلا بما يدخل من أعلى المعدة لا من أسفل البدن كالحقنة فلا إنبات فلا حرمة، بخلاف ثابت النسب لأن النص أثبت الحرمة منه؛ وإذا ترجح عدم حرمة الرضيعة بلبن الزاني على الزاني فعدمها على من ليس اللبن منه أولى، خلافا لما في الخلاصة ولأنه يخالف المسطور في الكتب المشهورة إذ يقتضي تحريم بنت المرضعة بلبن غير الزوج على الزوج بطريق أولى‏.‏ ا هـ‏.‏ كلام الفتح ملخصا‏.‏ وحاصله أن في حرمة الرضيعة بلبن الزنا على الزاني وكذا على أصوله وفروعه روايتين كما صرح به القهستاني أيضا، وأن الأوجه رواية عدم الحرمة، وأن ما في الخلاصة من أنها لو رضعت لا بلبن الزاني تحرم على الزاني‏.‏ مردود لأن المسطور في الكتب المشهورة أن الرضيعة بلبن غير الزوج لا تحرم على الزوج كما تقدم في قوله طلق ذات لبن إلخ‏.‏ وكلام الخلاصة يقتضي تحريمها بالأولى، وما في الفتاوى إذا خالف ما في المشاهير من الشروح لا يقبل هذا تقرير كلام الفتح، وقد وقع في فهمه خبط كثير منه ما ادعاه في البحر من أن محل الخلاف أصول الزاني وفروعه وأنها لا تحل للزاني اتفاقا‏.‏ ا هـ‏.‏ والحاصل كما قال في البحر أن المعتمد في المذهب أن لبن الزاني لا يتعلق به التحريم وظاهر المعراج والخانية أن المعتمد ثبوته‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وذكر في شرح المنية أنه لا يعدل عن الدراية إذا وافقتها رواية، وقد علمت أن الوجه مع رواية عدم التحريم‏.‏

‏(‏قوله قال لزوجته‏)‏ التقييد بالزوجة لقوله بعده فرق بينهما، وإلا فقوله ذلك لأجنبية قبل العقد عليها كذلك ‏(‏قوله هكذا فسر الثبات في الهداية وغيرها‏)‏ أتى بذلك للرد على من جعل تكرار الإقرار ثباتا أيضا مثل قوله هو حق ونحوه، وجزم في البحر بأنه ليس مثله، وهذه المسألة صارت واقعة الفتوى في زمن العلامة عبد البر بن الشحنة، خالفه في بعض معاصريه وعقد لها مجالس عديدة بأمر السلطان قايتباي وكتب خطوط العلماء من المذاهب الأربعة كما ذكره المقدسي في شرحه، وسرد فيه نصوص أئمتنا‏.‏ ثم قال‏:‏ ظاهر هذه العبارات أن الثبات على الإقرار المانع عن الرجوع هو أن يقول ما قلته حق أو ما أقررت به ثابت وأما تكرار الإقرار فلا يكون مانعا ا هـ‏.‏ وقد لوح المصنف في مسائل شتى من المنح آخر الكتاب إلى تلك الواقعة، وأنها عرضت على شيخ الإسلام زكريا الشافعي فأجاب بما فيه كفاية‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ورأيتها في فتاوى شيخ الإسلام زكريا فقال بعد عرض النقول من كلام أئمتنا ما صورته‏:‏ صريح هذه النقول ومنطوقها مع العلم بوقوع العطف التفسيري في الكلام الفصيح ومع النظر إلى ما هو واجب من الجمع بين كلام الأئمة المذكورين وغيرهم، ومن النظر إلى المعنى المفهوم من كلامهم شاهد بأن المراد بالثبات والدوام والإصرار واحد بأن المقر بأخوة الرضاع ونحوها إن ثبت على إقراره لا يقبل رجوعه عنه وإلا قيل، وبأن الثبات عليه لا يحصل إلا بالقول بأن يشهد على نفسه بذلك، أو يقول هو حق، أو كما قلت أو ما في معناه؛ كقوله هو صدق أو صواب أو صحيح أو لا شك فيه عندي، إذ لا ريب أن قوله صدق آكد من قوله هو كما قلت فكلام من جمع بين هو حق وكما قلت كما فعل السراج الهندي محمول على التأكيد، وكلام من اقتصر على بعضها ولو بطريق الحصر مؤول بتقدير أو ما في معناه كما قلنا في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد‏}‏ وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إنما الربا في النسيئة» وليس في منطوق النصوص المذكورة أن التكرار يقوم مقام قوله هو حق أو ما في معناه حتى يمتنع الرجوع بعده، نعم يؤخذ من قول صاحب المبسوط‏:‏ ولكن الثابت على الإقرار كالمجدد له بعد العقد أنه إذا أقر بذلك قبل العقد ثم أقر به بعده يقوم مقام ذلك ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن مراد صاحب المبسوط بقوله كالمجدد إلخ أي مع الثبات لأن مراده بيان أن الإقرار قبل العقد بمنزلة الإقرار بعده في إثبات الحرمة لأن عبارته هكذا‏:‏ ولكن الثابت على الإقرار كالمجدد له بعد العقد وإقراره بالحرمة بعد العقد صحيح موجب للفرقة، فكذلك إذا أقر به قبل العقد وثبت عليه حتى تزوجها‏.‏ ثم قال في مسألة الإقرار بعد العقد‏:‏ ولو ثبت على هذا النطق وقال هو حق وشهدت عليه الشهود بذلك فرقت بينهما‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي البدائع‏:‏ أما الإقرار، فهو أن يقول لامرأة تزوجها هي أختي من الرضاع ويثبت على ذلك ويصر عليه فيفرق بينهما، وكذلك إذا أقر بهذا قبل النكاح وأصر على ذلك ودام عليه لا يجوز له أن يتزوجها‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ووجه ذلك أن الرضاع لما كان مما يخفى لأنه لا يعلمه إلا بالسماع من غيره لم يمنع التناقض فيه لاحتمال أنه لما أقر به بناء على ما أخبره به غيره تبين له كذبه فرجع عن إقراره، ولا فرق في ذلك بين كونه أقر مرة أو أكثر، بخلاف ما إذا شهد على إقراره أو قال هو حق أو نحوه فإنه يدل على علمه بصدق المخبر وأنه جازم به فلا يقبل رجوعه بعده‏.‏ ‏(‏قوله فرق بينهما‏)‏ أي ولو جحد بعد ذلك لأن شرط الفرقة وهو الثبات قد وجد فلا ينفعه الجحود بعده ذخيرة ‏(‏قوله جاز‏)‏ أي صح النكاح ‏(‏قوله لأن الحرمة ليست إليها‏)‏ أي لم يجعلها الشارع لها فلا يعتبر إقرارها بها ط‏.‏ ‏(‏قوله في جميع الوجوه‏)‏ أي سواء أقرت قبل العقد أو لا، وسواء أصرت عليه أو لا، بخلاف الرجل فإن إصراره مثبت للحرمة كما علمت، ويفهم مما في البحر عن الخانية أن إصرارها قبل العقد مانع من تزوجها به، ونحوه في الذخيرة لكن التعليل المذكور يؤيد عدمه ‏(‏قوله بزازية‏)‏ ذكر ذلك في البزازية آخر كتاب الطلاق حيث قال‏:‏ قلت لرجل‏:‏ أنه أبي رضاعا وأصرت عليه يجوز أن يتزوجها إذا كان الزوج ينكره، وكذا إذا أقر به ثم أكذبته فيه لا يصدق على قولها لأن الحرمة ليست إليها، حتى لو أقرت به بعد النكاح لا يلتفت إليه، وهذا دليل على أن لها أن تزوج نفسها منه في جميع الوجوه وبه يفتى‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ومفاده إلخ‏)‏ هذا ذكره في الخلاصة عن الصغرى للصدر الشهيد بلفظ‏:‏ وفيه دليل على أنها لو ادعت الطلقات الثلاث وأنكر الزوج حل لها أن تزوج نفسها منه، وذكره في البزازية آخر الطلاق بقوله قالت طلقني ثلاثا ثم أرادت تزويج نفسها منه ليس لها ذلك أصرت عليه أو أكذبت نفسها، ونص في الرضاع على أنها إذا قالت هذا ابني رضاعا وأصرت عليه جاز له أن يتزوجها لأن الحرمة ليست إليها‏.‏ قالوا وبه يفتى في جميع الوجوه ا هـ‏.‏ كلام البزازية، فقوله ونص إلخ يريد به الاستدلال على أن لها التزوج به في مسألة الطلاق كما فعل في الخلاصة، وبهذا يعلم ما في كلام الشارح قبيل باب الإيلاء حيث ذكر عبارة البزازية هذه وأسقط قوله ونص في الرضاع إلخ ‏(‏قوله حل لها تزوجه‏)‏ لأن الطلاق في حقها مما يخفى لاستقلال الرجل به فصح رجوعها نهر أي حل في الحكم، أما فيما بينها وبين الله تعالى فلا إذا كانت عالمة بالثلاث ح ‏(‏قوله أو أقرا بذلك‏)‏ أي بأخوة الرضاع أي ولم يصر الرجل على إقراره فإنه إذا أصر لا ينفعه إكذاب نفسه بعده كما مر‏.‏

‏(‏قوله وإن ثبت عليه فرق بينهما‏)‏ أي إذا لم يكن لها نسب معروف وكانت تصلح أما له أو بنتا له فيفرق بينهما لظهور السبب بإقراره مع إصراره‏.‏ وإن كان لها نسب معروف أو لا تصلح أما له أو بنتا له لا يفرق بينهما وإن دام على ذلك لأنه كاذب في إقراره بيقين بدائع ‏(‏قوله حجته إلخ‏)‏ أي دليل إثباته وهذا عند الإنكار لأنه يثبت بالإقرار مع الإصرار كما مر ‏(‏قوله وهي شهادة عدلين إلخ‏)‏ أي من الرجال‏.‏ وأفاد أنه لا يثبت بخبر الواحد امرأة كان أو رجلا قبل العقد أو بعده، وبه صرح في الكافي والنهاية تبعا، لما في رضاع الخانية‏:‏ لو شهدت به امرأة قبل النكاح فهو في سعة من تكذيبها، لكن في محرمات الخانية إن كان قيله والمخبر عدل ثقة لا يجوز النكاح، وإن بعده وهما كبيران فالأحوط التنزه وبه جزم البزازي معللا بأن الشك في الأول وقع في الجواز، وفي الثاني في البطلان والدفع أسهل من الدفع‏.‏ ويوفق بحمل الأول على ما إذا لم تعلم عدالة المخبر أو على ما في المحيط من أن فيه روايتين، ومقتضاه أنه بعد العقد لا يعتبر اتفاقا، لكن نقل الزيلعي عن المغني وكراهية الهداية أن خبر الواحد مقبول في الرضاع الطارئ بأن كان تحته متغيرة فشهدت واحدة بأن أمه أو أخته أرضعتها بعد العقد‏.‏ قلت‏:‏ ويشير إليه ما مر من قول الخانية وهما كبيران، لكن قال في البحر بعد ذلك‏:‏ إن ظاهر المتون أنه لا يعمل به مطلقا، فليكن هو المعتمد في المذهب‏.‏ قلت‏:‏ وهو أيضا ظاهر كلام كافي الحاكم الذي هو جمع كتب ظاهر الرواية، وفرق بينه وبين قبول خبر الواحد بنجاسة الماء أو اللحم، فراجعه من كتاب الاستحسان‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في الهندية‏:‏ تزوج امرأة فقالت امرأة أرضعتكما فهو على أربعة أوجه‏:‏ إن صدقاها فسد النكاح ولا مهر إن لم يدخل، وإن كذباها وهي عدلة فالتنزه المفارقة والأفضل له إعطاء نصف المهر لو لم يدخل، والأفضل لها أن لا تأخذ شيئا، ولو دخل فالأفضل كماله والنفقة والسكنى، والأفضل لها أخذ الأقل من مهر المثل والمسمى لا النفقة والسكنى ويسعه المقام معها، وكذا لو شهد غير عدول أو امرأتان أو رجل وامرأة، وإن صدقها الرجل وكذبتها فسد النكاح والمهر بحاله وإن بالعكس لا يفسد ولها أن تحلفه ويفرق إذا نكل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وعدلتين‏)‏ أي ولو إحداهما المرضعة، ولا يضر كون شهادتها على فعل نفسها لأنه لا تهمة في ذلك كشهادة القاسم والوزان والكيال على رب الدين حيث كان حاضرا بحر‏.‏ قلت‏:‏ وما في شرح الوهبانية عن النتف من أنه لا تقبل شهادة المرضعة عند أبي حنيفة وأصحابه؛ فالظاهر أن المراد إذا كانت وحدها احترازا عن قول مالك وإن أوهم نظم الوهبانية خلاف ذلك فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله لتضمنها‏)‏ أي الشهادة حق العبد أي إبطال حقه وهو حل التمتع فلا بد من القضاء أي إن لم توجد المتاركة لما في النهر‏:‏ الحاصل أن المذهب عندنا كما قال الزيلعي في اللعان أن النكاح لا يرتفع بحرمة الرضاع والمصاهرة بل يفسد، حتى لو وطئها قبل التفريق لا يجب عليه الحد اشتبه الأمر أو لم يشتبه نص عليه في الأصل وفي الفاسد لا بد من تفريق القاضي أو المتاركة بالقول في المدخول بها، وفي غيرها يكتفى بالمفارقة بالأبدان كما مر‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله الظاهر لا‏)‏ كذا استظهره في البحر مستندا لمسألة الطلاق المذكورة، ومثلها الشهادة بعتق الأمة ونحوها من المسائل الأربعة عشر التي تقبل الشهادة فيها حسبة بلا دعوى، وهي مذكورة في قضاء الأشباه فتزاد هذه عليها ‏(‏قوله ثم ماتا‏)‏ أي الشاهدان ‏(‏قوله لا يسعها المقام معه‏)‏ لأن هذه شهادة لو قامت عند القاضي يثبت الرضاع فكذا إذا أقامت عندها خانية ‏(‏قوله وقيل لها التزوج ديانة‏)‏ أشار إلى ضعفه، لما في شرح الوهبانية عن القنية عن العلاء الترجماني أنه لا يجوز في المذهب الصحيح‏.‏ ا هـ‏.‏ وجزم به الشارح في آخر باب الرجعة فافهم‏.‏

‏(‏قوله قضى القاضي‏)‏ أي المجتهد أو المقلد كمالكي‏.‏ ‏(‏قوله لم ينفذ‏)‏ لأنه من المسائل التي لا يسوغ فيها الاجتهاد وهي نيف وثلاثون مذكورة في قضاء الأشباه ‏(‏قوله مص رجل‏)‏ قيد به احترازا عما إذا كان الزوج صغيرا في مدة الرضاع فإنها تحرم عليه ‏(‏قوله ولبنهما من رجل‏)‏ أي واحد، وقيد به ليتصور التحريم بين الصغيرتين لأنهما صارتا أختين لأب رضاعا أما لو كان لبن كل واحدة من رجل لم تحرم الصغيرتان، والمراد بالرجل غير الزوج، إذ لو كان لبنهما من الزوج ففي الفتح أن الصواب وجوب الضمان على كل منهما لأن كلا أفسدت، لصيرورة كل صغيرة بنتا له، خلافا لمن حرف المسألة وقال لبنهما منه بدل قوله من رجل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لم يضمنا إلخ‏)‏ بخلاف ما مر فيما لو أرضعت الكبيرة ضرتها متعمدة الفساد حيث ضمنت لأن فعل الكبيرة هناك مستقل بالإفساد فيضاف الإفساد إليها، أما هنا ففعل كل من الكبيرتين غير مستقل بها فلا يضاف إلى واحدة منهما لأن الفساد باعتبار الجمع بين الأختين منهما، بخلاف الحرمة هناك لأنه للجمع بين الأم والبنت وهو يقوم بالكبيرة فتح ملخصا ‏(‏قوله غرم المهر‏)‏ أي يجب المهر على الأب ويرجع به على الابن والمسألة مذكورة في الهندية في المحرمات، وقيدها بما إذا كانت الزوجة مكرهة وصدق الزوج أن التقبيل بشهوة لتقع الفرقة وإلا فالقول له‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما لو كانت مطاوعة فلا مهر لها لأن الفرقة جاءت من قبلها ثم ينبغي كما قاله الرحمتي أن يكون ذلك مقيدا بما قبل الدخول، وأن المراد بالمهر نصفه، أما بعد الدخول فلا غرم لأن المهر وجب بالدخول والأب قد استوفاه؛ كما قالوا في رجوع شاهدي الطلاق إن كان قبل الدخول غرما نصف المهر وإن بعده فلا غرم أصلا ‏(‏قوله وقال ذلك‏)‏ أي تعمدت الفساد ‏(‏قوله لا‏)‏ أي لا يغرم ما لزم الأب من نصف المهر بزازية وتعبيره بالنصف مؤيد لما قاله الرحمتي ‏(‏قوله فلم يلزم المهر‏)‏ لأنه لا يجمع بين حد ومهر بزازية، والله تعالى أعلم‏.‏ وله الحمد على ما علم‏.‏