فصل: باب تفويض الطلاق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب تفويض الطلاق

أي تفويضه للزوجة أو غيرها صريحا كان التفويض أو كناية، يقال‏:‏ فوض له الأمر‏:‏ أي رده إليه حموي، فالكناية قوله اختاري أو أمرك بيدك، والصريح قوله طلقي نفسك أبو السعود ‏(‏قوله بنوعيه‏)‏ أي الصريح والكناية ح ‏(‏قوله وأنواعه‏)‏ الضمير عائد إلى ما يوقعه الغير لا للتفويض، وإلا يلزم تقسيم الشيء إلى نفسه وإلى غيره أبو السعود ‏(‏قوله تفويض وتوكيل‏)‏ المراد بالتفويض تمليك الطلاق كما يأتي‏.‏ وذكر في الفتح في فصل المشيئة أن صاحب الهداية جعل مناط الفرق بين التمليك والتوكيل مرة بأن المالك يعمل برأي نفسه بخلاف الوكيل، ومرة بأنه عامل لنفسه بخلافه، ومرة بأنه يعمل بمشيئة نفسه بخلافه‏.‏ قال‏:‏ والفرق بين الرأي والمشيئة أن العمل بالرأي عمل بما يراه أصوب بلا اعتبار كونه لنفسه أو غيره، والعمل بمشيئته أي باختياره ابتداء بلا اعتبار مطابقة أمر الآمر ولا اعتبار معنى الأصوبية، ثم قال بعدما بحث في الأولين أن الفرق الثالث أصوب ‏(‏قول ورسالة‏)‏ كأن يقول لرجل‏:‏ اذهب إلى فلانة وقل لها إن زوجك يقول لك اختاري، فهو ناقل لكلام المرسل لا منشئ لكلامه بخلاف المالك والوكيل لأنهم قالوا‏:‏ إن الرسول معبر وسفير هذا ما ظهر لي ‏(‏قوله ثلاثة‏)‏ أي بالاستقراء بدأ المصنف منها بالاختيار لثبوته بصريح الأخبار ولم يجعل له فصلا على حدة كصاحب الهداية لأنه لم يسبقه شيء يفصل به عما قبله بخلاف الأخيرين، فاكتفى فيه بالباب نهر‏.‏ وحاصله أن التفويض أعم فناسب أن يترجم له بالباب، والثلاثة أنواعه فناسب أن يترجم لكل منها بفصل لكن لم يترجم به للتخيير لأنه لم يسبقه كلام، وبه ظهر أن ترجمة المصنف للثاني بالباب غير مناسبة ‏(‏قوله قال لها اختاري‏)‏ أشار بعدم ذكر قبولها إلى أنه تمليك يتم بالمملك وحده فلو رجع قبل انقضاء المجلس لم يصح، وقيد باقتصاره على التخيير المطلق لأنه لو قال لها اختاري الطلاق فقالت اخترت الطلاق فهي واحدة رجعية لأنه لما صرح بالطلاق كان التخيير بين الإتيان بالرجعي وتركه ط عن البحر ‏(‏قوله أو أمرك بيدك‏)‏ لا حاجة إليه لذكر أحكام الأمر باليد في فصل مستقل يأتي ط ‏(‏قوله تفويض الطلاق‏)‏ دل على هذا المضاف عقد الباب له كما في النهر ح ‏(‏قوله لأنهما كناية‏)‏ أي من كنايات التفويض شرنبلالية ‏(‏قوله فلا يعملان بلا نية‏)‏ أي قضاء وديانة في حالة الرضا، أما في حالة الغضب أو المذاكرة فلا يصدق قضاء في أنه لم ينو الطلاق لأنهما مما تمحض للجواب كما مر ولا يسعها المقام معه إلا بنكاح مستقبل لأنها كالقاضي، أفاده في الفتح والبحر‏.‏ ثم اعلم أن اشتراط النية إنما هو فيما إذا لم يذكر النفس أو ما يقوم مقامها في كلامه، وإنما ذكرت في كلامها فقط كما يأتي تحريره، فتنبه لذلك فإني لم أر من نبه عليه ‏(‏قوله أو طلقي نفسك‏)‏ هذا تفويض بالصريح ولا يحتاج إلى نية والواقع به رجعي؛ وتصح فيه نية الثلاث كما سيذكره المصنف أول فصل المشيئة ‏(‏قوله في مجلس علمها‏)‏ أفاد أنه لا اعتبار بمجلسه، فلو خيرها ثم قام هو لم يبطل، بخلاف قيامها بحر عن البدائع ط ‏(‏قوله مشافهة‏)‏ أي في الحاضرة أو إخبارا في الغائبة منصوبان على الحالية من علمها ‏(‏قوله ما لم يوقته إلخ‏)‏ فلو قال‏:‏ جعلت لها أن تطلق نفسها اليوم اعتبر مجلس علمها في هذا اليوم، فلو مضى اليوم ثم علمت خرج الأمر عن يدها، وكذا كل وقت قيد التفويض به وهي غائبة ولم تعلم حتى انقضى بطل خيارها فتح وبحر وسيأتي فروع في التوقيت آخر الباب وأنه لا يبطل الموقت بالإعراض‏.‏ ‏(‏قوله ويمضي الوقت‏)‏ معطوف على يوقته المجزوم، وإثبات الياء فيه من تحريف النساخ أو على لغة كما هو أحد الأوجه التي يجاب بها عن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنه من يتق ويصبر‏}‏ في قراءة رفع يصبر؛ فالمعنى لها أن تطلق في المجلس وإن طال مدة عدم توقيته، ومضى الوقت بأن لم يوقته أو وقته ولم يمض، فإن وقته ومضى سقط الخيار، وأما جعله مرفوعا فالواو فيه للحال فهو فاسد صناعة ومعنى؛ أما الأول فلأن جملة الحال التي فعلها مضارع مثبت لا تقترن بالواو، وأما الثاني فلصيرورة المعنى مدة لم يوقت في حال مضي الوقت وإذا لم يوقت كيف يمضي الوقت فافهم، نعم في بعض النسخ فبمضي الوقت بالفاء والباء الجارة للمصدر والمعنى فإن وقت فينتهي المجلس بمضي الوقت ‏(‏قوله قبل علمها‏)‏ ليس قيدا احترازيا بل هو تنبيه على الأخفى ليعلم مقابله بالأولى كما هو عادة الشارح في مواضع لا تحصى فافهم ‏(‏قوله ما لم تقم إلخ‏)‏ الأولى أن يذكر له عاطفا يعطفه على قوله ما لم يوقته، ولو قال ما لم تفعل ما يدل على الإعراض لكان أخصر وأفود، ليصح عطف قوله أو حكما على حقيقة ولأنه يغنيه عن قوله أو تعمل ما يقطعه، ولأن بطلانه بكل قيام مطلقا قول البعض والأصح كما في البحر والنهر أنه لا بد أن يدل على الإعراض، وأثر الخلاف يظهر فيما لو قامت لتدعو الشهود كما يأتي، ولو أقامها أو جامعها بطل كما يأتي لتمكنها من المبادرة إلى اختيارها نفسها فعدم ذلك دليل الإعراض ‏(‏قوله لتبدل مجلسها حقيقة‏)‏ أفاد أن القيام يختلف به المجلس حقيقة وهو خلاف ما في إيضاح الإصلاح، فإنه قال‏:‏ إن المجلس وإن لم يتبدل بمجرد القيام إلا أن الخيار يبطله لأنه يدل على الإعراض، وهذا ظاهر من كلام صاحب الهداية‏.‏ وفي التبيين‏:‏ المجلس يتبدل تارة حقيقة بالتحول إلى مكان آخر، وتارة حكما بالأخذ في عمل آخر‏.‏ ا هـ‏.‏ ط‏.‏ قلت‏:‏ وكأن الشارح حمل القيام على التحول فإنه يقال قام عن مجلسه إذا تحول عنه لا مجرد القيام عن قعود، لما علمت من أن بطلانه بكل قيام مطلقا خلاف الأصح ‏(‏قوله مما يدل على الإعراض‏)‏ قيد به لأنه لو خيرها فلبست ثوبا أو شربت لا يبطل خيارها لأن اللبس قد يكون لتدعو شهودا، والعطش قد يكون شديدا يمنع من التأمل، ودخل في العمل الكلام الأجنبي، وهذا في التخيير المطلق، أما الموقت بشهر مثلا فلا يبطل بذلك ما دام الوقت باقيا كما مر، أفاده في البحر ويأتي تمام الكلام فيما يكون إعراضا وما لا يكون ‏(‏قوله فيتوقف على قبولها في المجلس‏)‏ أراد بالقبول الجواب، والضمير في يتوقف عائد على التطليق المفهوم من قوله فلها أن تطلق لا على التمليك لما صرحوا به من أن هذا التمليك يتم بالمملك وحده، ولا يتوقف على القبول لكونها تطلق بعد التفويض وهو بعد تمام التمليك كما أوضحه في الفتح والنهر، وبه علم أن هذا التمليك لا يتوقف تمامه على القبول ولا على الجواب في المجلس لأن الجواب‏:‏ أي التطليق بعد تمامه وإنما المتوقف على الجواب هو صحة التطليق فافهم ‏(‏قوله فلم يصح رجوعه‏)‏ تفريع على كونه ليس توكيلا، فإن الوكالة غير لازمة فلو كان توكيلا لصح عزلها قال في البحر عن جامع الفصولين‏:‏ تفويض الطلاق إليها، قيل هو وكالة يملك عزلها فالأصح أنه لا يملكه ا هـ‏.‏ لكن إذا كان تمليكا لا يلزم منه عدم صحة الرجوع كما في المعراج قال لانتقاضه بالهبة فإنها تمليك ويصح الرجوع‏.‏ ا هـ‏.‏ وعلل له في الذخيرة بأنه بمعنى اليمين، إذ هو تعليق الطلاق بتطليقها نفسها واعترضه في الفتح بأن هذا يجري في سائر الوكالات لتضمنه معنى إذا بعته فقد أجزته مع أن الرجوع عنها صحيح وإنما العلة هي كونه تمليكا يتم بالمملك وحده بلا قبول، وتمامه في النهر فافهم ‏(‏قوله حتى لو خيرها إلخ‏)‏ تفريع ثان على عدم كونه توكيلا بل هو تمليك فإن علة الحنث هو قول محمد كونها نائبة عنه وهو ممنوع كما في الفتح عن الزيادات لصاحب المحيط أي لكونها صارت مالكة، وعليه فلو وكل رجلا بطلاقها يحنث كما سيأتي في الأيمان إن شاء الله تعالى عند ذكر ما يحنث فيه بفعل مأموره ‏(‏قوله وأخواته‏)‏ الأولى وأختيه، وهما‏:‏ اختاري؛ وأمرك بيدك‏.‏ واعلم أن ما ذكره المصنف هنا إلى قوله وجلوس القائمة سيذكره أيضا في فصل المشيئة ‏(‏قوله فلا يتقيد بالمجلس‏)‏ أما في متى ومتى ما فلأنهما لعموم الأوقات فكأنه قال في أي وقت شئت فلا يقتصر على المجلس، وأما في إذا وإذا ما فإنهما ومتى سواء عندهما، وأما عنده فيستعملان للشرط كما يستعملان للظرف لكن الأمر صار بيدها فلا يخرج بالشك ح عن المنح ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي من أنه ليس توكيلا بل لو صرح بتوكيلها لطلاقها يكون تمليكا توكيلا في البحر عن الفصولين‏.‏

‏(‏قوله أو قوله لأجنبي طلق امرأتي‏)‏ قيد بالطلاق لأنه لو قال‏:‏ أمر امرأتي بيدك يقتصر على المجلس ولا يملك الرجوع على الأصح بحر عن الخلاصة في فصل المشيئة ولو جمع له بين الأمر باليد والأمر بالتطليق ففيه تفصيل مذكور هناك ‏(‏قوله فيصح رجوعه‏)‏ زاد الشارح الفاء لتكون في جواب أما التي زادها قبل ‏(‏قوله لأنه توكيل محض‏)‏ أي بخلاف طلقي نفسك لأنها عاملة لنفسها فكان تمليكا لا توكيلا بحر ‏(‏قوله كان تمليكا في حقها‏)‏ لأنها عاملة فيه لنفسها وقوله توكيلا في حق ضرتها لأنها عاملة فيه لغيرها والظاهر أنه ليس من عموم المجاز ولا من استعمال المشترك في معنييه لأن حقيقة قوله طلقي واحدة وهو الأمر بالتطليق وإن اختلف الحكم المترتب عليه باختلاف متعلقه كما قال الآخر طلق امرأتي وامرأتك فإنه وكيل وأصيل فافهم ‏(‏قوله فيصير تمليكا‏)‏ فلا يملك الرجوع لأنه فوض الأمر إلى رأيه، والمالك هو الذي يتصرف عن مشيئته والوكيل مطلوب منه الفعل شاء أو لم يشأ ط عن المنح ‏(‏قوله لا توكيلا‏)‏ أي وإن صرح بالوكالة بحر عن الخانية ‏(‏قوله لا يرجع ولا يعزل‏)‏ لا يلزم عدم ملك الرجوع عدم ملك العزل؛ لأنه لو قال لأجنبي أمر امرأتي بيدك ثم قال عزلتك وجعلته بيدها لا يصح عزله مع أنه لم يرجع عن التفويض بالكلية فافهم ‏(‏قوله ولا يبطل بجنون الزوج‏)‏ نظرا إلى أنه تعليق ط ‏(‏قوله لا بعقل‏)‏ هو الخامس ط ‏(‏قوله فيصح‏)‏ تفريع على الخامس‏.‏ وبيانه ما في البحر عن المحيط‏:‏ لو جعل أمرها بيد صبي لا يعقل أو مجنون فذلك إليه ما دام في المجلس لأن هذا تمليك في ضمنه تعليق، فإن لم يصح باعتبار التمليك يصح باعتبار معنى التعليق، فصححناه باعتبار التعليق فكأنه قال‏:‏ إن قال لك المجنون أنت طالق فأنت طالق، وباعتبار معنى التمليك يقتصر على المجلس عملا بالشبهين‏.‏ ا هـ‏.‏ ط قال في الذخيرة‏:‏ ومن هذا استخرجنا جواب مسألة صارت واقعة الفتوى‏.‏ صورتها‏:‏ إذا قال لامرأته الصغيرة أمرك بيدك ينوي الطلاق فطلقت نفسها صح لأن تقدير كلامه‏:‏ إن طلقت نفسك فأنت طالق ‏(‏قوله وصبي لا يعقل‏)‏ بشرط أن يتكلم، فيصح أن يوقع عليها الطلاق ولا يلزم من التعبير العقل ط عن البحر ‏(‏قوله بخلاف التوكيل‏)‏ أي في المسائل الخمس، لكن في الأخيرة بحث سأذكره في فصل المشيئة ‏(‏قوله نعم لو جن‏)‏ أي المفوض إليه ط ‏(‏قوله فهنا تسومح إلخ‏)‏ نظيره كما في البحر من فصل المشيئة‏:‏ لو جن الوكيل بالبيع جنونا يعقل فيه البيع والشراء ثم باع لا ينعقد بيعه بخلاف ما لو وكل مجنونا بهذه الصفة؛ لأنه في الأول كان التوكيل ببيع تكون العهدة فيه على الوكيل وبعدما جن تكون العهدة على الموكل فلا ينفذ، وفي الثاني إنما وكل ببيع عهدته على الموكل فينفذ عليه كما في الخانية وفي تفويض الطلاق وإن كان لا عهدة أصلا، لكن الزوج حين التفويض لم يعلق إلا على كلام عاقل، فإذا طلق وهو مجنون لم يوجد الشرط، بخلاف ما إذا فوض إلى مجنون ابتداء وإن لم يعقل أصلا فإنه يصح باعتبار معنى التعليق، وفي التوكيل بالبيع لا يصح إلا إذا كان يعقل البيع والشراء كما مر وكأنه بمعنى المعتوه ومن فرعي التفويض والتوكيل بالبيع ظهر أنه تسومح في الابتداء ما لم يتسامح في البقاء‏.‏ وهو خلاف القاعدة الفقهية من أنه يتسامح في البقاء ما لا يتسامح في الابتداء ا هـ‏.‏ ما في البحر ملخصا قلت‏:‏ وهذه القاعدة عبر عنها في الأشباه‏:‏ بقوله‏:‏ الرابعة يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها، ثم فرع عليها فروعا، ثم فرع على عكسها فرعين غير هذين الفرعين فتصير فروع العكس أربعة بزيادة هذين الفرعين ‏(‏قوله وجلوس القائمة‏)‏ في جامع الفصولين‏:‏ ولو مشت في البيت من جانب إلى جانب لم يبطل‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ ومعناه أن يخيرها وهي قائمة فمشت من جانب، إلى آخر، أما لو خيرها وهي قاعدة في البيت فقامت بطل خيارها بمجرد قيامها لأنه دليل الإعراض ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفيه أن هذا قول البعض وأن الأصح أنه لا بد أن يكون مع القيام دليل الإعراض كما مر ‏(‏قوله واتكاء القاعدة‏)‏ أما لو اضطجعت، فقيل لا يبطل وقيل إن هيأت الوسادة كما يفعل للنوم بطل بحر عن الخلاصة ‏(‏قوله للمشورة‏)‏ فلو دعته لغيرها بطل لما مر من أن الكلام الأجنبي دليل الإعراض ‏(‏قوله بفتح وضم‏)‏ أي فتح الميم‏.‏ وضم الشين‏.‏ وكذا بسكون الشين مع فتح الميم والواو كما في المصباح ‏(‏قوله إذا لم يكن عندها من يدعوهم‏)‏ صادق بما إذا لم يكن عندها أحد أصلا أو عنده ولا يدعوهم، فلو عندها من يدعوهم فدعت بنفسها بطل والظاهر أن هذا الحكم يجري في دعاء الأب للمشورة ط ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ وقيل إن تحولت بطل بناء على أن المعتبر إما تبدل المجلس أو الإعراض والأصح اعتبار الإعراض أفاده في البحر ‏(‏قوله لتمكنها من الاختيار‏)‏ أي اختيارها نفسها، فعدم ذلك دليل الإعراض بحر ‏(‏قوله والفلك‏)‏ أي السفينة ‏(‏قوله حتى لا يتبدل إلخ‏)‏ لأن سيرها غير مضاف إلى راكبها بل إلى غيره من الريح ودفع الماء‏.‏ فلا يبطل الخيار بسيرها بل بتبدل المجلس فتح ‏(‏قوله إلا أن تجيب مع سكوته‏)‏ لأنها لا يمكنها الجواب بأسرع من ذلك فلا يتبدل حكما لأن اتحاد المجلس إنما يعتبر ليصير الجواب متصلا بالخطاب وقد وجد إذا كان بلا فصل، كذا في الفتح وفسر الإسراع في الخلاصة بأن يسبق جوابها خطوتها نهر وظاهر قول الفتح فلا يتبدل حكما أنه لا يشترط هذا السبق لأنه لا يحصل به التبدل لا حقيقة ولا حكما ‏(‏قوله فإنه كالسفينة‏)‏ يعني بجامع أن السير في كل منهما غير مضاف إلى راكب وقياس هذا أنها لو كانت على دابة وثمة من يقودها أن لا يبطل بسيرها نهر وأقره الرملي قلت‏:‏ قد يقال إنه قياس مع الفارق فإنهما لو كانا في محمل يقودهما آخر ينسب السير إلى القائد لعدم تمكن راكب المحمل من تسيير الدابة بخلاف راكب الدابة فإنه يمكنه التسيير فينسب إليه وإن قاده غيره تأمل‏.‏ قال الرحمتي وينبغي أن الدابة لو جمحت وعجزت عن ردها أن تكون كالسفينة لأن فعلها حينئذ لا ينسب إلى الراكب كما يأتي في الجنايات‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

لا يبطل خيارها فيما لو نامت قاعدة أو كانت تصلي المكتوبة أو الوتر فأتمتها، أو السنة المؤكدة في الأصح أو ضمت إلى النافلة ركعة أخرى، أو لبست من غير قيام، أو أكلت قليلا، أو شربت، أو قرأت قليلا، أو سبحت أو قالت لم لا تطلقني بلسانك‏.‏ قال في الفتح‏:‏ لأن المبدل للمجلس ما يكون قطعا للكلام الأول وإفاضة في غيره، وليس هذا كذلك بل الكل يتعلق بمعنى واحد وهو الطلاق، وتمامه في النهر ‏(‏قوله لعدم تنوع الاختيار‏)‏ لأن اختيارها إنما يفيد الخلوص والصفاء، والبينونة تثبت به مقتضى ولا عموم له نهر أي معنى اخترت نفسي اصطفيتها من ملك أحد لها وذلك بالبينونة فصارت البينونة مقتضى وهو ما يقدر ضرورة تصحيح الكلام؛ فإن اصطفاءها نفسها مع ملك الزوج لا يمكن فيقدر لأني أبنت نفسي؛ والمقتضى لا عموم له لأنه ضروري فيقدر بقدر الضرورة وهو البينونة الصغرى إذ بها تستخلص نفسها وتصطفيها من ملك الزوج فلا تصح نية الكبرى لعدم احتمال اللفظ لها رحمتي‏.‏ ‏(‏قوله بخلاف أنت بائن‏)‏ لأنه ملفوظ به لا مانع من عمومه؛ فإذا أطلق انصرف إلى الأدنى وهو البينونة الصغرى ولو نوى الكبرى صح لأنه نوى محتمل لفظه؛ وكذا قوله أمرك بيدك؛ ولا يصح إيقاع الرجعي به لأنه تفريق بلفظ الكناية فالواقع بها البائن وهو يحتمل البينونتين فينصرف إلى الصغرى؛ وإن نوى الكبرى فأوقعتها بلفظها أو بنيتها صح لما قلنا أفاده الرحمتي ‏(‏قوله استحسانا‏)‏ راجع إلى قوله أو أنا أختار نفسي‏:‏ أي لو ذكرت بلفظ المضارع سواء ذكرت ‏(‏أنا‏)‏ أو لا، ففي القياس لا يقع لأنه وعد‏.‏ ووجه الاستحسان قول‏:‏ «عائشة رضي الله عنها لما خيرها النبي صلى الله عليه وسلم بل أختار الله ورسوله»، واعتبره صلى الله عليه وسلم جوابا لأن المضارع حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال كما هو أحد المذاهب، وقيل بالقلب، وقيل مشترك بينهما، وعلى الاشتراك يرجع هنا إرادة الحال بقرينة كونه إخبارا عن أمر قائم في الحال وذلك ممكن في الاختيار لأن محله القلب فيصحح الإخبار باللسان عما هو قائم بمحل آخر حال الإخبار كما في الشهادة، بخلاف قولها أطلق نفسي لا يمكن جعله إخبارا عن طلاق قائم لأنه إنما يقوم باللسان، فلو جاز لقام به الأمران في زمن واحد وهو محال، وهذا بناء على أن الإيقاع لا يكون بنفس الطلاق لعدم التعارف، وقدمنا أنه لو تعورف جاز، ومقتضاه أن يقع به هنا لأنه إنشاء لا إخبار، كذا في الفتح ملخصا‏.‏ قال في النهر وقيد المسألة في المعراج بما إذا لم ينو إنشاء الطلاق، فإن نواه وقع ا هـ‏.‏ والمناسب التعبير بضمير المؤنث‏:‏ لأن المسألة هي قول المرأة أطلق نفسي تأمل ‏(‏قوله أنا طالق‏)‏ ليس هذا في الجوهرة ولا في البحر والنهر والفتح بل صرح في البحر في الفصل الآتي نقلا عن الاختيار وغيره، وسيذكره الشارح أيضا هناك أنه يقع بقولها أنا طالق لأن المرأة توصف بالطلاق دون الرجل ا هـ‏.‏ وعبارة الجوهرة‏:‏ وإن قال طلقي نفسك فقالت أنا أطلق لم يقع قياسا واستحسانا‏.‏ ا هـ‏.‏ نعم ذكر في البحر في فصل المشيئة عن الخانية قال لامرأته‏:‏ أنت طالق ثلاثا إن شئت فقالت أنا طالق لا يقع شيء ا هـ‏.‏ لكن عدم الوقوع لأنه علق الثلاث على مشيئتها الثلاث، ولا يمكن إيقاع الثلاث بلفظ طالق فلا يقع شيء لأنه لم يوجد المعلق عليه، والذي قال في الذخيرة‏:‏ لا يقع إلا أن تقول أنا طالق ثلاثا، وبه علم أن لفظ أنا طالق يصلح جوابا، وإنما لم يقع هنا لما قلنا فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله أو تنو‏)‏ مضارع مبني للمعلوم فاعله ضمير المرأة مجزوم بحذف الياء عطفا على يتعارف المبني للمجهول ح ثم هذا ليس من عبارة الفتح بل من زيادة الشارح أخذا مما نقلناه آنفا عن النهر عن المعراج ‏(‏قوله أو الاختيارة‏)‏ مصدر اختاري وأفاد أن ذكر النفس ليس شرطا بخصوصه بل هي أو ما يقوم مقامها مما يأتي ‏(‏قوله في أحد كلاميهما‏)‏ وإذا كانت النفس في كلاميهما فبالأولى، وإذا دخلت عن كلاميهما لم يقع بحر ‏(‏قوله بالإجماع‏)‏ لأن وقوع الطلاق بلفظ الاختيار عرف بإجماع الصحابة وإجماعهم في اللفظة المفسرة من أحد الجانبين ط عن إيضاح الإصلاح ‏(‏قوله لأنها تملك فيه الإنشاء‏)‏ أي فتملك تفسيره أيضا ط‏.‏ قال في البحر عن المحيط والخانية‏:‏ لو قالت في المجلس عنيت نفسي يقع لأنها ما دامت فيه تملك الإنشاء ‏(‏قوله إلا أن يتصادقا‏)‏ ظاهره ولو بعد المجلس بحر ‏(‏قوله والتاجية‏)‏ نسبة إلى تاج الشريعة ‏(‏قوله لكن رده الكمال‏)‏ حيث قال الإيقاع بالاختيار على خلاف القياس فيقتصر على مورد النص فيه، ولولا هذا لأمكن الاكتفاء بتفسير القرينة الحالية دون المقالية بعد أن نوى الزوج وقوع الطلاق وتصادقا عليه لكنه بطل، وإلا لوقع بمجرد النية مع لفظ لا يصلح له أصلا كاسقني‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ونقله الأكمل‏)‏ أي في العناية ط

‏(‏قوله فلو قال إلخ‏)‏ تفريع على ما علم من أن الشرط ذكر النفس أو ما يقوم مقامها في تفسير الاختيار ‏(‏قوله إذ التاء فيه للوحدة‏)‏ أي واختيارها نفسها هو الذي يتحد مرة، بأن قال لها اختاري فقالت اخترت نفسي تقع واحدة، ويتعدد أخرى كاختاري نفسك بثلاث تطليقات فقالت اخترت وقعن، فلما قيد بالوحدة ظهر أنه أراد تخييرها في الطلاق فكان مفسرا ولا يرد أن هذا مناقض لما مر من أن الاختيار لا يتنوع لأنه لا يلزم مما ذكرنا كون الاختيار نفسه يتنوع كالبينونة إلى غليظة وخفيفة حتى يصاب كل نوع منه بالنية من غير زيادة لفظ آخر، أفاده في الفتح‏.‏ ‏(‏قوله وكذا ذكر التطليقة‏)‏ وتقع بائنة إن في كلامها، بأن قالت اخترت نفسي بتطليقة بخلافها في كلامه فإنه يقع بها طلقة رجعية لأنه تفويض بالصريح، وتصح فيه نية الثلاث كما مر ‏(‏قوله وتكرار لفظ اختاري‏)‏ لأن الاختيار في حج الطلاق هو الذي يتكرر فكان متعينا ط عن الإيضاح لكن في كون التكرار مفسرا كالنفس كلام يأتي قريبا ‏(‏قوله وقولها اخترت أبي إلخ‏)‏ لأن الكون عندهم إنما يكون للبينونة وعدم الوصلة مع الزوج، بخلاف اخترت قومي أو ذا رحم محرم لا يقع، وينبغي أن يحمل على ما إذا كان لها أب أو أم‏.‏ أما إذا لم يكن وكان لها أخ ينبغي أن يقع لأنها حينئذ تكون عنده عادة، كذا في الفتح‏.‏ قال في النهر‏:‏ ولم أر ما لو قالت اخترت أبي أو أمي وقد ماتا ولا أخ لها، وينبغي أن يقع لقيام ذلك مقام اخترت نفسي‏.‏ ا هـ‏.‏ والحاصل أن المفسر ثمانية ألفاظ‏:‏ النفس، والاختيار والتطليقة، والتكرار، وأبي، وأمي، وأهلي، والأزواج ويزاد تاسع وهو العدد في كلامه؛ فلو قال‏:‏ اختاري ثلاثا فقالت اخترت يقع ثلاث، لأنه دليل إرادة اختيار الطلاق لأنه هو الذي يتعدد وقولها اخترت ينصرف إليه فيقع الثلاث، أفاده في البحر ‏(‏قوله والشرط إلخ‏)‏ إنما اكتفى بذكر هذه الأشياء في أحد الكلامين لأنها إن كانت في كلامه تضمن جوابها إعادتها كأنها قالت فعلت ذلك، وإن كانت في كلامها فقد وجد ما يختص بالبينونة في اللفظ العامل في الإيقاع‏.‏ فإذا وجدت نية الزوج تمت علة البينونة فتثبت، بخلاف ما إذا لم يذكر النفس ونحوها في شيء من الطرفين لأن المبهم لا يفسر المبهم وللإجماع المار، وتمامه في الفتح ‏(‏قوله فلم يختص إلخ‏)‏ أخذه من القهستاني ح، وكيف يختص مع مخالفته لقول المتون‏:‏ وذكر النفس أو الاختيارة في أحد كلاميهما شرط ‏(‏قوله وما في الاختيار‏)‏ هو شرح المختار لمؤلفه ‏(‏قوله من عدم الوقوع‏)‏ أي في مسألة الإضراب ‏(‏قوله سهو‏)‏ لمخالفته لما هو المنقول في الكتب المعتمدة بحر ‏(‏قوله لو عكست‏)‏ بأن قالت اخترت زوجي لا بل نفسي أو قالت زوجي ونفسي بحر ‏(‏قوله اعتبارا للمقدم‏)‏ لعدم صحة الرجوع عنه ‏(‏قوله وبطل أمرها‏)‏ عطف على لم يقع ح‏:‏ أي خرج الأمر من يدها في مسألتي العكس ‏(‏قوله كما لو عطفت بأو‏)‏ أي فإنه لا يقع ويخرج الأمر من يدها لأن ‏(‏أو‏)‏ لأحد الشيئين فلم يعلم اختيارها نفسها ولا زوجها على التعيين، فكان اشتغالا بما لا يعنيها فكان إعراضا‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله أو أرشاها إلخ‏)‏ أي جعل لها مالا لتختاره فاختارته لا يقع، ولا يجب المال لأنه رشوة إذ هو اعتياض عن ترك حق تملك نفسها فهو كالاعتياض عن ترك حق الشفعة فتح ‏(‏قوله أو قالت إلخ‏)‏ قال في البحر‏:‏ ولو قال لها اختاري فقالت ألحقت نفسي بأهلي لم يقع كما في جامع الفصولين، وهو مشكل لأنه من الكنايات، فهو كقولها أنا بائن ا هـ‏.‏ ح وهذا ذكره في البحر في الفصل الآتي وسنذكر جوابه ثمة عند قوله وكل لفظ يصلح للإيقاع إلخ

‏(‏قوله بعطف‏)‏ أي بواو أو فاء أو ثم وفي شرح التلخيص للفارسي أنه في العطف بثم لو اختارت نفسها قبل تكلم الزوج بالثانية وهي غير مدخول بها بانت بالأولى ولم يقع بغيرها شيء بحر ‏(‏قوله بلا نية‏)‏ كذا في الكنز والهداية والصدر الشهيد والعتابي، ووجهه ما قاله الشارح من دلالة التكرار على إرادة الطلاق، وكذا قال في تلخيص الجامع الكبير والتعدد‏:‏ أي التكرار خاص بالطلاق، فأغنى عن ذكر النفس والنية لكن قال في غاية البيان‏:‏ إن المصرح به في الجامع الكبير اشتراط النية وهو الظاهر‏.‏ ا هـ‏.‏ وذهب إليه قاضي خان وأبو المعين النسفي‏.‏ ورجحه في الفتح بأن تكرار الأمر بالاختيار لا يصيره ظاهرا في الطلاق لجواز أن يريد اختاري في المال أو اختاري في المسكن‏.‏ قال في البحر‏:‏ والاختلاف في الوقوع قضاء بلا نية مع الاتفاق على أنه لا يقع في نفس الأمر إلا بها والحاصل أن المعتمد رواية ودراية اشتراط النية دون النفس‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ فالذي مال إليه العلامة قاسم والمقدسي هو الأول، وقول البحر باشتراط النية دون النفس فيه نظر، لأن من قال بعدم اشتراط النية بناء على ‏"‏ التكرار دليل إرادة الطلاق ‏"‏ يقول‏:‏ لا يشترط ذكر النفس أيضا بدلالة التكرار كما هو صريح عبارة التلخيص المارة وصريح ما مر أيضا من عد التكرار من المفسرات التسعة‏.‏ ومن قال باشتراط النية لم يجعل التكرار دليلا على إرادة الطلاق كما هو صريح كلام الفتح المار، ومثله في شرح الزيادات لقاضي خان، فحيث لم يكن التكرار دليلا على إرادة الطلاق بقي لفظ الاختيار بلا مفسر وتقدم الإجماع على اشتراطه، فلزم من القول باشتراط النية اشتراط ذكر النفس، ولا يحصل التفسير بالنية لما في الفتح حيث قال‏:‏ والإيقاع بالاختيار على خلاف القياس، فيقتصر على مورد النص؛ ولولا هذا لأمكن الاكتفاء بتفسير القرينة الحالية دون المقالية إن نوى الزوج وقوع الطلاق به وتصادقا عليه، لكنه باطل ا هـ‏.‏ نعم حيث كان الاختلاف المار إنما هو في الوقوع قضاء ينبغي أن يقال إن ذكر الزوج النفس مع التكرار لا يشترط معه النية اتفاقا، لما علمته من أن مناط الاختلاف هو أن التكرار هل يقوم مقام ذكر النفس في الدلالة على إرادة الطلاق أو لا، فإذا وجد التصريح بذكر النفس تعينت الدلالة على إرادة الطلاق، فلا يبقى محل للخلاف في اشتراط النية قضاء، لأن ذكر النفس يكذبه في دعواه أنه لم ينو كما مر في كنايات الطلاق من أن الدلالة أقوى من النية لكونها ظاهرة والنية باطنة، فتعين كون الخلاف المار في أنه هل تشترط النية في صورة التكرار أو لا تشترط، محله إذا لم يذكر النفس أو ما يقوم مقامها، هذا ما ظهر لي في هذا المقام فتدبر‏.‏ه فإنه مفرد، ومن هنا ظهر لك أنه لا تنافي بين قوله هنا بلا نية وقوله في أول الباب ينوي الطلاق لأن ما ذكره أولا من اشتراط النية إنما هو فيما إذا لم تذكر النفس ونحوها من المفسرات في كلام الزوج وإنما ذكرت في كلام المرأة فتشترط النية لتتم علة البينونة كما قدمناه سابقا عن الفتح، وقدمنا أن الغضب أو المذاكرة يقوم مقام النية في القضاء‏.‏ أما إذا ذكرت النفس ونحوها في كلامه فلا حاجة إلى النية في القضاء لوجود ما يختص بالبينونة، وهل التكرار في كلامه مفسر كالنفس فيغني عن النية أو لا‏؟‏ فيه الخلاف الذي سمعته، وأما إذا لم تذكر النفس أو نحوها لا في كلامه ولا في كلامها لا يقع أصلا وإن نوى كما مر ‏(‏قوله ثلاثا‏)‏ يوجد في بعض النسخ ذكرها قبل قوله بلا نية، وهو الذي في المنح، وهو الأنسب لإفادته أن الثلاث لا تشترط لها النية أيضا ط ‏(‏قوله في اخترت الأولى‏)‏ قيد به لأن في قولها اخترت أو اخترت اختيارة يقع ثلاث اتفاقا، وكذا اخترت مرة أو بمرة أو دفعة أو بدفعة أو بواحدة أو اختيارة واحدة تقع الثلاث في قولهم بحر‏.‏ ‏(‏قوله إلى آخره‏)‏ أي أو الوسطى أو الأخيرة، فالمراد أنها قالت اخترت الأولى، أو قالت اخترت الوسطى أو قالت الأخيرة، ويحتمل كون المراد أنها ذكرت الثلاثة مع العطف بأو ‏(‏قوله وأقره الشيخ علي المقدسي‏)‏ فيه أن المقدسي في شرحه على نظم الكنز إنما حكى القولين ثم ذكر توجيه قولهما وأعقبه بتوجيه قول الإمام ‏(‏قوله فقد أفاد إلخ‏)‏ فيه أن قول الإمام مشى عليه أصحاب المتون وأخر دليله في الهداية فكان هو المرجح عنده على عادته، وأطال في الفتح وغيره في توجيهه ودفع ما يرد عليه، وتبعه في البحر والنهر فكان هو المعتمد لأصحاب المتون والشروح، فلا يعارضه اعتماد الحاوي القدسي ‏(‏قوله في جواب التخيير المذكور‏)‏ أي المكرر ثلاثا كما في النهر‏.‏ وعبارة البحر‏:‏ في جواب قوله اختاري ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ الأنسب إبداله بقوله هو الصواب لأن ما في الهداية وبعض نسخ الجامع الصغير من أنه يملك الرجعة جزم الشارحون بأنه غلط‏.‏ وما في البحر من أنه رواية رده في النهر ‏(‏قوله لتفويضه بالبائن‏)‏ لأن لفظ التخيير كناية فيقع به البائن ‏(‏قوله فلا تملك غيره‏)‏ لأنه لا عبرة لإيقاعها بل لتفويض الزوج؛ ألا ترى أنه لو أمرها بالبائن أو الرجعي فعكست وقع ما أمر به الزوج بحر ‏(‏قوله فاختارت نفسها‏)‏ أشار إلى أن اخترت كما يصلح جوابا للاختيار يصلح جوابا للأمر باليد كما يأتي أفاده ط ‏(‏قوله والمفيد للبينونة إلخ‏)‏ جواب عن سؤال هو أن كلا من أمرك بيدك واختاري يفيد البينونة فلا يجوز صرفه عنها إلى غيرها‏.‏ قال السائحاني‏:‏ ومن هنا يعلم أن قوله لزوجته روحي طالقة رجعي‏.‏ ‏(‏قوله كعكسه‏)‏ يعني أن الصريح إذا قرن بالكناية كان بائنا نحو أنت طالق بائن ‏(‏قوله بخلاف‏)‏ الباء للسببية متعلق بقيد‏:‏ أي إنما قيد بفي بسبب مخالفة إلخ وقوله ومثلها الباء اعتراض ح ‏(‏قوله فهي بائنة‏)‏ لأنه فوض إليها بلفظ البائن، وذكر الصريح علة أو غاية لا على أنه هو المفوض، بخلاف في لأنه جعل الأمر مظروفا في التطليقة والباء هنا بمعنى ‏"‏ في ‏"‏ رحمتي ‏(‏قوله كما لو جعل أمرها بيدها‏)‏ أي بأن قال أمرك بيدك لو لم إلخ فقوله لو لم تصل شرط، وقوله أمرك بيدك دليل جوابه وقوله فطلقي تفسير لكون أمرها بيدها ح ‏(‏قوله لأن لفظة الطلاق‏)‏ علة للمسائل الثلاث ط ‏(‏قوله لم تكن في نفس الأمر‏)‏ أي في نفس الأمر باليد‏:‏ أي لم تكن معمولا له، وليس المراد بنفس الأمر الواقع ح ‏(‏قوله فلم تختر‏)‏ يعني لم يكن لها الخيار كما عبر به في البحر، وحيث ارتكب الشارح هذا التركيب كان عليه أن يحذف الفاء كما لا يخفى ح‏.‏ وفي بعض النسخ‏:‏ فلا خيار لها ما لم يخيرها ‏(‏قوله بخلاف أخبرها بالخيار‏)‏ أي فقبل أن يخبرها سمعت فاختارت نفسها وقع لأن الأمر بالإخبار يقتضي تقدم المخبر عنه، فكان هذا إقرارا من الزوج بثبوت الخيار لها بحر ‏(‏قوله وقع ثنتان‏)‏ إحداهما بالمشيئة وأخرى بالخيار لأنه فوض إليها طلاقين أحدهما صريح والآخر كناية فالكناية حال ذكر الصريح لا تفتقر إلى نية بحر ‏(‏قوله اتحد‏)‏ حتى إذا ردت في اليوم بطل أصلا هندية ومثله إذا قال اختاري في اليوم وغد كما في البحر ط ‏(‏قوله ولو واختاري غدا‏)‏ بأن قال اختاري اليوم واختاري غدا، فهما خياران بقرينة إعادة ذكر الاختيار ط وسيأتي ما يتحد وما يتعدد في الباب الثاني ‏(‏قوله قال اختاري في اليوم إلخ‏)‏ لما ذكره معرفا انصرف إلى المعهود وهو الحاضر ولم يمكن تخييرها في الماضي منه فكانت مخيرة إلى انقضائه، وذلك بغروب الشمس في اليوم وبرؤية الهلال في الشهر وبتمام ذي الحجة في السنة كما لو حلف لا يكلمه اليوم أو الشهر أو السنة، وأما لو نكره انصرف إلى كامله وكان ابتداؤه من حين التخيير فينتهي بمثله من الغد، فيدخل ما بينهما من الليل ضرورة مع أن الليل لا يتبع اليوم المفرد، وكأن هذه المسألة مستثناة من ذلك رحمتي، وما ذكره الشارح مأخوذ من الجوهرة‏.‏ وعبارة البحر في الفصل الآتي عن الذخيرة‏:‏ لو قال أمرك بيدك يوما أو شهرا أو سنة فلها الأمر من تلك الساعة إلى استكمال المدة المذكورة ا هـ‏.‏ وهذه العبارة تحتمل أنه يكون المراد أنه يكمل من الليل أو يكمل من اليوم الثاني مع دخول الليل وعدمه، لكن صرحوا في الأيمان في‏:‏ لا أكلمه يوما، بتكميله من اليوم الثاني مع دخول الليل كما مر عن الرحمتي ‏(‏قوله وإلى تمام ثلاثين يوما‏)‏ لأن التفويض حصل في بعض الشهر فلا يمكن اعتبار الأهلة فيه فيعتبر بالأيام بالإجماع ذخيرة، ومفهومه أنه لو كان حين أهل الهلال يعتبر بالهلال كما في مسألة الإجارة ‏(‏قوله في الليلة الأولى ويومها‏)‏ لأن الرأس الأول، وتحت الشهر نوعان‏:‏ الليل والنهار، فأول الليالي الليلة الأولى، وأول الأشهر اليوم الأول ط ‏(‏قوله ولا يبطل المؤقت‏)‏ أي الخيار المؤقت بيوم أو شهر أو سنة بالإعراض في مجلس العلم بل يمضي الوقت المعين علمت بالتخيير أو لا، أما الخيار المطلق فيبطل بالإعراض ط والله أعلم‏.‏

الأمر هنا بمعنى الحال واليد بمعنى التصرف بحر عن المصباح، فالمعنى باب بيان حال طلاق المرأة الذي جعله زوجها في تصرفها ط وقدمنا أن المناسب الترجمة هنا بالفصل بدل الباب ‏(‏قوله هو كالاختيار‏)‏ أي في اشتراط النية، وذكر النفس أو ما يقوم مقامها، وعدم ملك الزوج الرجوع، وتقيده بمجلس التفويض أو مجلس علمها إذا كانت غائبة أو بالمدة إذا كان مؤقتا ‏(‏قوله إلا في نية الثلاث‏)‏ فإنها تصح هنا لا في التخيير لأن الأمر جنس يحتمل الخصوص والعموم، فأيهما نوى صحت نيته‏.‏ وما في البدائع من عدم اشتراط ذكر النفس هنا مخالف لعامة الكتب كما في البحر والنهر ‏(‏قوله ولو صغيرة‏)‏ هذه واقعة الفتوى التي قدمناها في الباب المار عن الذخيرة ‏(‏قوله لأنه كالتعليق‏)‏ أي لأنه وإن كان تمليكا لكن فيه معنى التعليق كما مر بيانه في التخيير ‏(‏قوله أمرك بيدك‏)‏ مثله المعلق، كإن دخلت الدار فأمرك بيدك، فإن طلقت نفسها كإن وضعت القدم فيها طلقت وإن بعد ما مشت خطوتين لم تطلق لأنها طلقت بعدما خرج الأمر من يدها بحر عن المحيط‏.‏ وفي العتابية‏:‏ وإن مشت خطوة بطل فيحمل على ما إذا كانت رجلها فوق العتبة والأخرى دخلت بها، وما سبق على ما إذا كانت خارج العتبة فبأول خطوة لم تتعد أول الدخول، وبالثانية تتعدى ويخرج الأمر من يدها مقدسي ‏(‏قوله أو بشمالك إلخ‏)‏ وفي البزازية‏:‏ أمرك في عينيك وأمثاله يسأل عن النية بحر ‏(‏قوله ينوي ثلاثة‏)‏ أشار إلى أنه لا بد من نية التفويض ديانة أو دلالة الحال قضاء كما في البحر، وسيأتي محترز قوله ثلاثة ‏(‏قوله أي تفويضها‏)‏ أي تفويض الثلاث، وأشار إلى أن هذه الألفاظ كناية عن التفويض لا عن الإيقاع، حتى لو نوى بها الإيقاع لم يقع لأن لفظها لا يحتمل ذلك وهو ظاهر في غير الأمر باليد، أما هو فيحتمل الإيقاع لأنه إذا أبانها كان أمرها بيدها وكأنه لم يجعل كناية عنه لعدم التعارف رحمتي ‏(‏قوله في مجلسها‏)‏ استفيد هذا القيد من الفاء التعقيبية نهر، وهذا قيد في التفويض المطلق عن الوقت كما مر ‏(‏قوله وقعن‏)‏ أي الثلاث لأن الاختيار يصلح جوابا للأمر باليد لكونه تمليكا كالتخيير والواحدة صفة للاختيار فصار كأنها قالت اخترت نفسي بمرة واحدة وبذلك تقع الثلاث نهر‏.‏ أما طلقي نفسك فإن الاختيار لا يصلح جوابا له كما يأتي في الفصل الآتي ‏(‏قوله وينبغي إلخ‏)‏ فيه نظر‏.‏ وعبارة الخلاصة عن المنتقى‏:‏ لو جعل أمرها بيد أبيها فقال أبوها قبلتها طلقت، وكذا لو جعل أمرها بيدها فقالت قبلت نفسي طلقت ا هـ‏.‏ وفي مثل هذا لا يتوقف على صغرها لأنه يصح أن يجعل الأمر بيد أجنبي وإن كانت بالغة، وليس في عبارة الخلاصة أنه جعل أمرها بيدها فقبل أبوها حتى يتأتى ما بحثه الشارح تبعا لصاحب النهر رحمتي‏.‏ قلت‏:‏ على أنه إذا جعل أمرها بيدها يكون في معنى التعليق على اختيارها نفسها، فلا يصح من أبيها ولو كانت صغيرة، وكذا لو جعله بيد أبيها لا يصح منها ولو كبيرة لعدم وجود المعلق عليه ‏(‏قوله وذكر اسمه تعالى للتبرك‏)‏ أي فتنفرد المخاطبة بالأمر ‏(‏قوله وإن لم ينو ثلاثا‏)‏ محترز قوله ينوي ثلاثا، وهو صادق بأن لم ينو عددا أو نوى واحدة أو ثنتين في الحرة فإنها تقع واحدة بائنة وقدمنا أنه لا بد من نية التفويض إليها ديانة أو يدل الحال عليه قضاء بحر ‏(‏قوله ولا دلالة‏)‏ أما إذا وجدت الدلالة على الثلاث كمذاكرتها أو الإشارة بثلاث أصابع فيعمل بها، وهذا أولى من قول النهر كما إذا كان في حال الغضب أو مذاكرة الطلاق فإنه لا يدل على نية الثلاث ط ‏(‏قوله وتقبل بينتها على الدلالة‏)‏ أي على الغضب أو المذاكرة مثلا، ولا تقبل على النية إلا أن تقام على إقراره بها كما في النهر عن العمادية ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي في أول الكنايات ح ‏(‏قوله أو ما يقوم مقامها‏)‏ كالاختيارة واخترت أمري ط وكاخترت أبي أو أمي أو أهلي أو الأزواج كما يعلم مما مر في التخيير فالظاهر أيضا أن التكرار هنا مثله هناك ‏(‏قوله فلو جعل أمرها بيدها إلخ‏)‏ محترز قوله‏:‏ وعلمها وترك الآخرين لظهورهما فلو اختارت نفسها بعد انقضاء المجلس لا يقع، وهذا إذا أطلق، أما إذا وقته كأمرك بيدك يوما فلها الخيار ما دام الوقت، ولو قال لها أمرك بيدك فقالت اخترت ولم تقل نفسي ولا ما يقوم مقامها لم يقع رحمتي ‏(‏قوله لم تطلق‏)‏ كالوكيل لا يصير وكيلا قبل العلم بالوكالة حتى لو تصرف لا يصح تصرفه، بخلاف الوصي لأنه خلافة كالوكالة بزازية ‏(‏قوله وكل لفظ إلخ‏)‏ نقل هذا الأصل في البحر عن البدائع، ولم أر من أوضحه‏.‏ والذي ظهر لي في بيانه أنه ليس المراد تخصيص اللفظ بمادته وهيئته ولا بتغيير الضمائر والهيئات كما قيل‏:‏ بل المراد أن تسند اللفظ إلى ما لو أسنده إليه الزوج يقع به الطلاق، فبهذا يكون ما يصلح للإيقاع منه يصلح للجواب منها، فقولها‏:‏ أنت علي حرام أو أنت مني بائن أو أنا منك بائن يصلح للجواب كما مر لأنها أسندت الحرمة والبينونة في الأولين إلى الزوج وهو لو أسندهما إليها يقع بأن قال‏:‏ أنا عليك حرام أو أنا منك بائن، وفي الثالث أسندت البينونة إلى نفسها وهو لو أسندها إلى نفسها يقع بأن قال‏:‏ أنت مني بائن، وكذا قولها أنا طالق أو طلقت نفسي أسندت الطلاق إلى نفسها فيصح جوابا لأنه لو أسند الطلاق إليها يقع، بخلاف قولها طلقتك، ومثله قولها أنت مني طالق لأنها أسندت الطلاق إليه، وهو لو أسنده إلى نفسه لم يقع؛ فحيث لم يكن صالحا للإيقاع منه لم يصلح للجواب منها فهذا هو الصواب في تقرير هذا الضابط، وبه سقط ما قيل إنه منقوض بهذا الأخير لأنه لو قال لها طلقتك يقع، وهو مبني على أن المراد تغيير الضمائر والهيئات وليس كذلك بل المراد ما ذكرنا‏.‏ ثم اعلم أن المراد من قولهم‏:‏ كل ما صلح للإيقاع من الزوج‏:‏ ما يصلح له بلا توقف على نية بعد طلبها منه الطلاق لما في جامع الفصولين‏:‏ الأصل أن كل شيء من الزوج طلاق إذا سألته فأجابها به، فإذا أوقعت مثله على نفسها بعدما صار الطلاق بيدها تطلق، فلو قالت‏:‏ طلقني فقال أنت حرام أو بائن أو خلية أو برية تطلق، فلو قالته بعدما صار الطلاق بيدها تطلق أيضا، ولو قالت له طلقني فقال الحقي بأهلك وقال لم أنو طلاقا صدق، فلو قالته بعدما صار الأمر بيدها بأن قالت ألحقت نفسي بأهلي لا تطلق أيضا ا هـ‏.‏ أي لأنه من الكنايات التي تحتمل الرد فتوقف على النية في حالة الغضب والمذاكرة، فلا تتعين للإيقاع بعد سؤالها الطلاق إلا بالنية، بخلاف حرام وبائن فإنه يقع بلا نية في حال المذاكرة، وبه اندفع ما في البحر من استشكاله الفرق بين ألحقت نفسي وأنا بائن فافهم ‏(‏قوله فإنه ليس من ألفاظ الطلاق‏)‏ لأنه لو نوى به الإيقاع لم يقع لأنه كناية تفويض لا إيقاع، لكنه ثبت بالإجماع على خلاف القياس كما مر، ومثله‏:‏ أمرك بيدك، وإنما لم يستثنه لأنه لا يصلح جوابا منها، بأن تقول أمري بيدي كما صرح به في البحر ‏(‏قوله لكن يرد عليه‏)‏ أي على هذا الضابط صحته أي صحة الجواب منها بقولها قبلت أو قول أبيها ذلك إذا كان التفويض إليه مع أن القبول لا يصلح للإيقاع منه، وهذا الإيراد لصاحب البحر وقد يجاب عنه بأن قولها قبلت عبارة عن اخترت نفسي فهو داخل تحت المستثنى ‏(‏قوله لما تقرر إلخ‏)‏ علة لقوله بانت، يعني وإن أجابت بالصريح الواقع به الرجعي، لكن يقع بائنا لأن المعتبر تفويض الزوج، وتفويضه إنما يكون بالبائن لأنها به تملك أمرها لا بالرجعي‏.‏ وأما علة وقوع الواحدة دون الثلاث فهي أن الواحدة في كلامها صفة لمصدر هو طلقة إذ خصوص العامل اللفظي قرينة خصوص المقدر، وبهذا وقع الفرق بين طلقت نفسي بواحدة واخترت نفسي بواحدة، واندفع ما قيل إنه ينبغي وقوع الوحدة في الثاني أيضا، وتمامه في الفتح ‏(‏قوله ولا يدخل الليل‏)‏ أراد بالليل الجنس فيشمل الليلتين، وكذا لا يدخل اليوم الفاصل وسكت عنه لظهوره ح‏.‏ وفي الحاوي القدسي‏:‏ ولا يدخل الليلان وغد فيه ‏(‏قوله لأنها تمليكان‏)‏ قال في البحر‏:‏ لأن عطف زمن على زمن مماثل مفصول بينهما بزمن مماثل لهما ظاهر في قصد تقييد الأمر المذكور بالأول وتقييد أمر آخر بالثاني، فيصير لفظ ‏(‏اليوم‏)‏ مفردا غير مجموع إلى ما بعده في الحكم المذكور لأنه صار عطف جملة على جملة‏:‏ أي أمرك بيدك اليوم وأمرك بيدك بعد غد، ولو أفرد اليوم لا يدخل الليل فكذا إذا عطف جملة أخرى‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله فكان أمرها بيدها بعد غد‏)‏ الذي شرح عليه المصنف وكان بالواو وهي الأولى ط‏.‏ قلت‏:‏ وهي كذلك في بعض النسخ ‏(‏قوله ولو طلقت‏)‏ مضعف مبني للمعلوم حذف مفعوله، يعني ولو طلقت نفسها ليلا‏:‏ أي في إحدى الليلتين لا يصح، وهذا تصريح بما فهم من قوله ولا يدخل الليل ح ‏(‏قوله ولا تطلق إلا مرة‏)‏ أراد بهذا دفع ما يتوهم من اقتضاء كونهما تمليكين جواز أن تطلق نفسها مرتين في كل يوم مرة‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ أقول‏:‏ هذا يحتاج إلى نقل صريح بهذا المعنى لأن كونهما تمليكين يدل على أن لها أن تطلق نفسها اليوم بعد غد‏.‏ في المنح‏:‏ لما ثبت أنهما أمران لانفصال وقتهما ثبت لها الخيار في كل واحد من الوقتين على حدة فبرد أحدهما لا يرتد الآخر وفيه خلاف زفر‏.‏ ا هـ‏.‏ فالظاهر أن مراد الشارح أنها لا تطلق في كل يوم إلا مرة‏.‏ قال في البدائع‏.‏ ولو اختارت نفسها في الوقت مرة ليس لها أن تختار مرة أخرى لأن اللفظ يقتضي الوقت لا التكرار ذكر ذلك في بحث المؤقت كاليوم والشهر، فإذا كان تمليكين في وقتين فلها أن تختار في كل واحد منهما مرة فقط ويدل عليه ما نذكره قريبا عن البدائع أيضا فافهم ‏(‏قوله وإن ردته إلخ‏)‏ عطف على قوله ويدخل الليل لبيان الفرق بين هذه المسألة والتي قبلها من وجهين‏:‏ أحدهما أن لها أن تطلق نفسها ليلا‏.‏ والثاني لو ردت الأمر اليوم لم تملكه في الغد، وبه علم أن العطف بالواو أحسن منه بالفاء فافهم ‏(‏قوله لم يبق في الغد‏)‏ قال في الهداية‏:‏ هو ظاهر الرواية‏.‏ وعن أبي حنيفة لها أن تختار نفسها غدا لأنها لا تملك رد الأمر كما لا تملك رد الإيقاع‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لأنه تفويض واحد‏)‏ لأنه لم يفصل بينهما بيوم آخر وكان جمعا بحرف الجمع في التمليك الواحد، فهو كقوله أمرك بيدك يومين، وفيه تدخل الليلة المتوسطة استعمالا لغويا وعرفيا بحر ‏(‏قوله فهما أمران‏)‏ قال في البدائع‏:‏ حتى لو اختارت زوجها اليوم أو ردت الأمر فهي على خيارها غدا، لأنه لما كرر اللفظ فقد تعدد التفويض فرد أحدهما لا يكون ردا للآخر، ولو اختارت نفسها في اليوم الأول فطلقت ثم تزوجها قبل الغد فأرادت أن تختار نفسها فلها ذلك، وتطلق أخرى لأنه ملكها بكل واحد من التفويضين طلاقا؛ فالإيقاع بأحدهما لا يمنع الإيقاع بالآخر ا هـ‏.‏ فهذا دليل على ما ذكرناه في المسألة الأولى من أن لها أن تطلق في كل يوم مرة واحدة ‏(‏قوله ولم يذكر خلافا‏)‏ أي لم يذكر في الخانية خلافا في كونهما أمرين، فما في الهداية من تخصيص أبي يوسف برواية ذلك عنه ليس لإثبات الخلاف وإنما هو لأنه مخرج الفرع المذكور كما في الفتح ‏(‏قوله ولا يدخل الليل‏)‏ لأنه أثبت لها الأمر في يوم مفرد والثابت في اليوم الذي يليه أمر آخر فتح ‏(‏قوله ظاهر ما مر‏)‏ أي من قوله فإن ردت الأمر في يومها بطل الأمر في ذلك اليوم، وإنما قال ظاهر لاحتمال أن يراد برد الأمر اختيارها زوجها لا قولها رددته، وستسمع التفصيل فيه ح ‏(‏قوله لكن في العمادية إلخ‏)‏ فيه اختصار، فكان عليه أن يقول وفي الذخيرة أنه لا يرتد، ووفق في العمادية إلخ‏.‏ وبيان ذلك أن الحكم بصحة ردها مناقض لما في الذخيرة من أنه لو جعل أمرها بيدها أو يد أجنبي ثم ردت الأمر أو رده الأجنبي لا يصح لأن هذا تمليك شيء لازم فيقع لازما، والمسألة مروية عن أصحابنا رحمهم الله تعالى‏.‏ ا هـ‏.‏ قال العمادي في فصوله‏:‏ والتوفيق أنه يرتد باليد عند التفويض لا بعد قبوله نظيره الإقرار، فإن من أقر لإنسان بشيء فصدقه المقر له ثم رد إقراره لا يصح الرد ا هـ‏.‏ ومشى على هذا التوفيق شراح الهداية واختار المحقق ابن الهمام في الفتح توفيقا آخر، وهو أن المراد بقولهم فإن ردت الأمر في يومها بطل هو اختيارها زوجها اليوم، وحقيقته انتهاء ملكها، والمراد بما في الذخيرة أن تقول رددت ا هـ‏.‏ وإليه يرشد قول الهداية لأنها إذا اختارت نفسها اليوم لا يبقى لها الخيار في غد فكذا إذا اختارت زوجها برد الأمر‏.‏ ووفق في جامع الفصولين بأنه يحتمل أن يكون في المسألة روايتان لأنه تمليك من وجه، فيصح رده قبل قبوله نظرا إلى التمليك، ولا يصح نظرا إلى التعليق لا قبله ولا بعده، فرواية صحة الرد نظرا للتمليك وفساده نظرا للتعليق ا هـ‏.‏ واستظهره في البحر، وأيده بأنه في الهداية نقل رواية عن أبي حنيفة بأنها لا تملك رد الأمر كما لا تملك رد الإيقاع، وقال‏:‏ فلا حاجة إلى ما تكلفه ابن الهمام والشارحون‏.‏ وأورد قبل ذلك ما قاله العمادي والشارحون أن قولها بعد القبول رددت إعراض مبطل لخيارها وتابعه على هذا الإيراد المقدسي فقال‏:‏ وهذا حيث أبطلوه بما يدل على الإعراض والرد كالأكل والشرب ولم يبطلوه بصريح الرد ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ هذا مدفوع بأن الكلام في المؤقت وقد صرحوا بأنه لا يبطل بالقيام عن المجلس والأكل والشرب ما لم يمض الوقت، بخلاف المطلق عن الوقت كما مر ‏(‏قوله قبل قبوله‏)‏ مصدر مضاف لمفعوله‏:‏ أي قبول المرأة التفويض ‏(‏قوله كالإبراء‏)‏ أي عن الدين فإنه بعد ثبوته لا يتوقف على القبول، ويرتد بالرد لما فيه من معنى الإسقاط والتمليك فتح ‏(‏قوله وأنه في المتحد‏)‏ عطف على قوله إنه يرتد بردها أي وظاهر ما مر أيضا أنه في المتحد، مثل أمرك بيدك اليوم وغدا لا يبقى الغد، وفيه أن هذا منصوص في كلام المصنف صريحا، وقوله لكن إلخ استدراك على قوله لا يبقى في الغد ‏(‏قوله إلى رأس الشهر‏)‏ أي الشهر الآتي ‏(‏قوله بطل خيارها في اليوم إلخ‏)‏ المراد باليوم والغد المجلس كما عبر به في التتارخانية لا خصوص اليوم الأول والثاني ‏(‏قوله ولها أن تختار نفسها في الغد‏)‏ أي فقد بقي مع أنه من المتحد ح ‏(‏قوله عند الإمام‏)‏ وكذا عند محمد وقال أبو يوسف‏:‏ خرج الأمر من يدها في الشهر كله‏.‏ وذكر في البدائع أن بعضهم ذكر الخلاف على العكس‏:‏ أي أنه يخرج الأمر في الشهر كله عندهما لا عند أبي يوسف، وكذا في التتارخانية وقال إنه الصحيح ‏(‏قوله بأنه متى ذكر الوقت‏)‏ أي كأمرك بيدك اليوم وغدا أو إلى رأس الشهر اعتبر تعليقا أي والتعليق لا يرتد بالرد وإلا‏:‏ أي وإن لم يذكر الوقت كأمرك بيدك يعتبر تمليكا أي والتمليك يرتد قبل قبوله كما مر، وفيه نظر من وجهين‏.‏ الأول أن القبول هنا بمعنى اختيارها أحد الأمرين نفسها أو زوجها، فإذا قالت اخترت زوجي وجد القبول فلا تملك الرد بعده باختيارها نفسها فلا فرق حينئذ بين اعتبار التعليق والتمليك فليتأمل‏.‏ الثاني ما أورده ح من أن هذا التوجيه لا يدفع التناقض بين ما في المتن وما في الولوالجية لأنه يقتضي أن يبقى الأمر بيدها في الغد إذا اختارت زوجها اليوم في أمرك بيدك اليوم وغدا مع أنه خلاف ما نص عليه المصنف‏.‏ وأجاب ط بأن مقصود الشارح ثبوت التناقض لا دفعه‏.‏ أقول‏:‏ والجواب عن التناقض أن الخلاف جار في مسألة المتن أيضا كما قدمناه عن الهداية‏.‏ وفي البدائع‏:‏ ولو قال أمرك بيدك اليوم وغدا فهو على ما مر من الاختلاف، وصرح به الولوالجي أيضا فقال في مسألة اليوم وغدا‏:‏ لو ردت الأمر في اليوم يبقى في الغد‏.‏ وفي الجامع الصغير لا يبقى، وعليه الفتوى ا هـ‏.‏ وقد علمت مما مر من حكاية الخلاف في مسألة الشهر أن الأمر لا يبقى في الغد عندهما خلافا لأبي يوسف فافهم ‏(‏قوله بقي لو طلقها بائنا إلخ‏)‏ قيد بالبائن لأنه لو طلقها رجعيا بقي أمرها قولا واحدا ح وأراد الشارح الجواب عن مناقضة أخرى بين كلامهم فإن العمادي ذكر في فصوله أنه لو قال أمرك بيدك ثم طلقها بائنا خرج من يدها في ظاهر الرواية، وقال في موضع آخر لا يخرج، ثم وفق بحمل الأول على التفويض المنجز والثاني على المعلق‏.‏ قال في النهر‏:‏ وأصله ما مر من أن البائن لا يلحق البائن إلا إذا كان معلقا ‏(‏قوله لكن في البحر إلخ‏)‏ استدراك على توفيق العمادي، فإنه صرح في القنية بأنه إذا قال‏:‏ إن فعلت كذا فأمرك بيدك ثم طلقها قبل وجود الشرط طلاقا بائنا ثم تزوجها يبقى الأمر في يدها ثم رقم، لا يبقى في ظاهر الرواية، فهذا صريح في أن المعلق يخرج كالمنجز في ظاهر الرواية‏.‏ قال في البحر‏:‏ فالحق أن في المسألة اختلاف الرواية، وأن ظاهر الرواية بطلانه بالإبانة لو طلقت نفسها في العدة لا بعد زوج آخر لقولهم‏:‏ إن زوال الملك بعد اليمين لا يبطلها والتخيير بمنزلة التعليق‏.‏ وأجاب في النهر بأن ما في القنية مبني على الطلاق، وظاهر الرواية وهو مقيد بما مر من التوفيق‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده ما في شرح المقدسي عن الخلاصة‏.‏ قال السرخسي‏:‏ قال لامرأته‏:‏ اختاري ثم طلقها بائنا بطل الخيار، وكذا الأمر باليد، ولو رجعيا لا يبطل، أصله أن البائن لا يلحق البائن، فلو تزوجها في العدة أو بعدها لا يعود الأمر، بخلاف ما إذا كان الأمر معلقا بشرط ثم أبانها ثم وجد الشرط‏.‏ وفي الإملاء‏:‏ لو قال اختاري إذا شئت أو أمرك بيدك إذا شئت ثم طلقها واحدة بائنة ثم تزوجها واختارت نفسها عند أبي حنيفة تطلق بائنا‏.‏ وعند أبي يوسف لا‏.‏ قال الإمام السرخسي قوله ضعيف ا هـ‏.‏ فظهر بهذا قوة ما وفق به في الفصول‏.‏ فإن قلت‏:‏ نفس الاختيار فيه معنى التعليق فينبغي أن لا يكون فرق، قلنا‏:‏ الفرق بين التعليق الصريح وما فيه معنى التعليق ظاهر لا يخفى على من عنده نوع تحقيق‏.‏ ولبعضهم هنا كلام يغني النظر إليه عن التكلم عليه ا هـ‏.‏ والظاهر أنه أراد بالبعض صاحب البحر، فإن ما ذكره من عدم الفرق بين المنجز والمعلق وتقييده البطلان بما إذا طلقت نفسها في العدة لا بعدها بناء على أن التخيير بمنزلة التعليق يرده صريح كلام السرخسي فافهم

‏(‏قوله صح‏)‏ مقيد بما إذا ابتدأت المرأة فقالت زوجت نفسي منك على أن أمري بيدي أطلق نفسي كلما أريد أو على أني طالق فقال الزوج قبلت، أما لو بدأ الزوج لا تطلق ولا يصح الأمر بيدها كما في البحر عن الخلاصة والبزازية ‏(‏قوله لم تسمع‏)‏ أي لعدم حصول ثمرته ط ‏(‏قوله بحكم الأمر‏)‏ الباء للسببية لأن حكم الشيء ثمرته وأثره المترتب عليه، وحكم الأمر ملكها طلاق نفسها ‏(‏قوله ثم ادعته‏)‏ أي ادعت الجعل المذكور أو الطلاق ‏(‏قوله فالقول لها‏)‏ لأنه وجد سببه بإقراره وهو التخيير فالظاهر عدم الاشتغال بشيء آخر بحر ولأنه لما أقر بالتخيير والطلاق صار بإنكاره مدعيا بطلان السبب والأصل عدمه، وهذا بخلاف ما لو قال لقنه جعلت أمرك بيدك في العتق أمس فلم تعتق نفسك وقال القن فعلت لا يصدق إذ المولى لم يقر بعتقه لأن جعل الأمر بيده لا يوجب العتق ما لم يعتق القن نفسه والمولى ينكره بخلاف الطلاق فإنه أقر به وادعى إبطاله فلم يقبل منه كما أوضحه في البحر جوابا عما في جامع الفصولين من أنه ينبغي عدم الفرق

قوله ثم اختلفا‏)‏ أي قال ضربتها بجناية وقالت بدونها، وينبغي أن يكون ذلك بعد اختيارها نفسها كما علم مما قبله ‏(‏قوله فالقول له‏)‏ لأنه ينكر صيرورة الأمر بيدها وإن لم يبين الجناية، ولو أقامت بينة على أنه بغير جناية ينبغي أن تقبل وإن قامت على النفي لكونها على الشرط والشرط يجوز إثباته بالبينة وإن كان نفيا نهر عن العمادية ‏(‏قوله كما سيجيء‏)‏ أي في باب التعليق عند قوله إلا إذا برهنت ‏(‏قوله ما تريد مني‏)‏ استفهام، وقوله افعل ما تريد أمر ‏(‏قوله لم تطلق إلخ‏)‏ أي لأنه وإن كان في مذاكرة الطلاق لكنه لا يتعين تفويضا لاحتمال التهكم أي افعل إن قدرت تأمل ‏(‏قوله لا يدخل نكاح الفضولي إلخ‏)‏ في البحر عن القنية‏:‏ إن تزوجت عليك امرأة فأمرها بيدك فدخلت امرأة في نكاحه بنكاح الفضولي وأجاز بالفعل ليس لها أن تطلقها، ولو قال إن دخلت امرأة في نكاحي فلها ذلك؛ وكذا في التوكيل بذلك ا هـ‏.‏ أي لأنه بعقد الفضولي مع عدم الإجازة بالقول لم يصدق أنه تزوجها بل صدق أنها دخلت في نكاحه، ومثل دخلت قوله تحل لي لكن سيذكر في آخر كتاب الأيمان عدم الحنث مطلقا، حيث قال‏:‏ كل امرأة تدخل في نكاحي أو تصير حلالا لي فكذا فأجاز نكاح فضولي بالفعل لا يحنث، ومثله إن تزوجت امرأة بنفسي أو بوكيلي أو بفضولي أو دخلت في نكاحي بوجه ما تكن زوجته طالقا لأن قوله أو بفضولي عطف على قوله بنفسي وعامله تزوجت وهو خاص بالقول، وإنما ينسد باب الفضولي لو زاد أو أجزت نكاح فضولي ولو بالفعل، ولا مخلص له إلا إذا كان المعلق طلاق المتزوجة فيرفع الأمر إلى شافعي ليفسخ اليمين المضافة ا هـ‏.‏ وحاصله أنه إما أن يعلق طلاق زوجته أو طلاق التي يتزوجها، ففي الثانية يرفع الأمر إلى شافعي، وعلم أن في المسألة قولين، ووجه عدم الحنث في‏:‏ أو دخلت امرأة في نكاحي أن دخولها لا يكون إلا بالتزويج فكأنه قال إن تزوجتها، وبتزويج الفضولي لا يصير متزوجا، بخلاف‏:‏ كل عبد دخل في ملكي فإنه يحنث بعقد الفضولي، فإن ملك اليمين لا يختص بالشراء بل له أسباب سواه، وقد ذكر المصنف القولين في فتاواه ورجح القول بعدم الحنث وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام على ذلك في الأيمان ‏(‏قوله لم يقع‏)‏ لأنه تمليك منهما وهو في معنى التعليق على فعلهما فلم يوجد المعلق عليه بفعل أحدهما، والله تعالى أعلم‏.‏