فصل: فصل في ثبوت النسب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


فصل في ثبوت النسب

أي في بيان ما يثبت النسب فيه وما لا يثبت‏.‏ قال في النهر‏:‏ لما فرغ من ذكر أنواع المعتدات ذكر ما يلزم من اعتداد ذوات الحمل وهو ثبوت النسب، وهو مصدر ‏"‏ نسبه ‏"‏ إلى أبيه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لخبر عائشة‏)‏ هو ما أخرجه الدارقطني والبيهقي في سننهما أنها قالت‏:‏ «ما تزيد المرأة في الحمل على سنتين قدر ما يتحول ظل عمود المغزل» وفي لفظ‏:‏ «لا يكون الحمل أكثر من سنتين» إلخ وتمامه في الفتح‏.‏ قال في البحر‏:‏ وظل المغزل مثل للقلة لأنه حال الدوران أسرع زوالا من سائر الظلال‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أربع سنين‏)‏ لما روى الدارقطني عن مالك بن أنس قال‏:‏ هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة كل بطن في أربع سنين‏.‏ ولا يخفى أن قول عائشة رضي الله تعالى عنها مما لا يعرف إلا سماعا فهو مقدم على هذا لأنه بعد صحة نسبته إلى الشارع لا يتطرق إليه الخطأ، بخلاف الحكاية فإنها بعد صحة نسبتها إلى مالك يحتمل خطؤها، وكون دمها انقطع أربع سنين ثم جاءت بولد فيجوز أنها امتد طهرها سنتين أو أكثر ثم حبلت ولو وجدت حركة في البطن مثلا فليس قطعا في الحمل، وتمامه في الفتح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو بالأشهر لإياسها‏)‏ أي لظن إياسها لأنه تبين بولادتها أنها لم تكن آيسة ط عن أبي السعود‏.‏ قلت‏:‏ وهذا تعميم للمعتدة أي لا فرق بين المعتدة بالحيض أو بالأشهر في البائن والرجعي إذا لم تقر بانقضاء العدة، وإن أقرت بانقضائها مفسرا بثلاثة أشهر فكذلك لأنه تبين أن عدتها لم تكن بالأشهر فلم يصح إقرارها، وإن أقرت به مطلقا في مدة تصلح لثلاثة أقراء، فإن ولدت لأقل من ستة أشهر مذ أقرت ثبت النسب وإلا فلا لأنه لما بطل اليأس حمل إقرارها على الانقضاء بالأقراء حملا لكلامها على الصحة عند الإمكان ا هـ‏.‏ من البدائع ملخصا، واختصره في البحر اختصارا مخلا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وفاسد النكاح في ذلك كصحيحه‏)‏ فيه نظر، فإنه لا يلائم قولهم، إذا أتت به لتمام السنتين أو لأكثر منهما كان رجعة لأن الوطء في عدة النكاح الفاسد لا يوجب الرجعة فتأمل‏.‏ ح‏.‏ وأجاب ط بأن الإشارة في قوله ذلك لثبوت النسب لا للرجعة‏.‏ قال‏:‏ ثم إن محل ثبوت النسب فيه إذا أتت به لأقل من سنتين من وقت المفارقة لا لأكثر منهما، ويحرر الحكم فيما إذا أتت به لتمامها ا هـ‏.‏ وقدمنا في باب المهر تمام الكلام عليه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والمدة تحتمله‏)‏ أي تحتمل المضي، وهذا القيد لمفهوم المتن لا لمنطوقه لأن عدم إقرارها بمضي العدة فيما إذا ولدته لأكثر من سنتين لا يصح تقييده باحتمال المضي‏.‏ وعبارة الفتح وغيره‏:‏ ما لم تقر بانقضاء العدة، فإن أقرت بانقضائها والمدة تحتمله بأن تكون ستين يوما على قول الإمام وتسعة وثلاثين على قولهما ثم جاءت بولد لا يثبت نسبه إلا إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار فإنه يثبت نسبه للتيقن بقيام الحمل وقت الإقرار فيظهر كذبها، وكذا هذا في المطلقة البائنة والمتوفى عنها إذا ادعت انقضاءها ثم جاءت بولد لتمام ستة أشهر لا يثبت نسبه ولأقل يثبت‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ في الأكثر منهما‏)‏ أي من السنتين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو لتمامهما‏)‏ تصريح بما فهم من قوله لا في الأقل لأن التقييد به مع فهمه من التقييد بالأكثر لبيان أن حكم السنتين حكم الأكثر كما نبه عليه في البحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لعلوقها في العدة‏)‏ فيصير بالوطء مراجعا نهر، فقوله‏:‏ وكانت الولادة رجعة معناه أنها دليل الرجعة لأن الرجعة حقيقة بالوطء السابق لا بها‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ للشك‏)‏ لأنه يحتمل العلوق قبل الطلاق، ويحتمل بعده فلا يصير مراجعا بالشك‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإن ثبت نسبه‏)‏ لوجود العلوق في النكاح، أو في العدة جوهرة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كما في مبتوتة‏)‏ يشمل البت بالواحدة والثلاث، والحرة، والأمة بشرط أن لا يملكها كما يأتي، ويشمل ما إذا تزوجها في العدة، أو لا بحر وسيأتي بيانه في الفروع‏.‏ ونقل ط عن الحموي عن البرجندي اشتراط كون المبتوتة مدخولا بها فلو غير مدخول بها فولدت لستة أشهر، أو أكثر من وقت الفرقة لا يثبت، وإن لأقل منها ثبت‏:‏ أي إذا كان من وقت العقد ستة أشهر فأكثر‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب في ثبوت النسب من المطلقة

وفي البحر‏:‏ واعلم أن شرط ثبوت النسب فيما ذكر من ولد المطلقة الرجعية والبائنة مقيد بما سيأتي من الشهادة بالولادة أو اعتراف من الزوج بالحبل، أو حبل ظاهر بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لجواز وجوده‏)‏ أي الحمل وقته‏:‏ أي وقت الطلاق‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولم تقر بمضيها‏)‏ فلو أقرت به فكالرجعي كما قدمناه عن الفتح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كما مر‏)‏ أي اشتراط عدم الإقرار المذكور مماثل لما مر في الرجعي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو لتمامهما لا‏)‏ خصه بالذكر لأن في الولادة للأكثر لا يثبت بالأولى‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لا يثبت النسب‏)‏ لأنه لو ثبت لزم سبق العلوق على الطلاق إذ لا يحل الوطء بعده؛ بخلاف المطلقة الرجعية، فحينئذ يلزم كون الولد في بطن أمه أكثر من سنتين بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لتصور العلوق في حال الطلاق‏)‏ أي فيكون قبل زوال الفراش كما قرره قاضي خان وهو حسن، وحينئذ فلا يلزم كون الولد في البطن أكثر من سنتين أفاده في النهر وهو مأخوذ من الفتح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وزعم في الجوهرة أنه الصواب‏)‏ حيث جزم بأن قول القدوري ‏"‏ لا يثبت ‏"‏ سهو، لأن المذكور في غيره من الكتب أنه يثبت‏.‏ قال في النهر‏:‏ والحق حمله على اختلاف الروايتين لتوارد المتون على عدم ثبوته كما قال القدوري، إذ قد جرى الكنز والوافي، وهكذا صدر الشريعة وصاحب المجمع وهم بالرواية أدرى‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لأنه التزمه‏)‏ أي وله وجه بأن وطئها بشبهة في العدة هداية وغيرها‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وهي شبهة عقد أيضا‏)‏ أي كما أنها شبهة فعل، وأشار به إلى الجواب عن اعتراض الزيلعي بأن المبتوتة بالثلاث إذا وطئها الزوج بشبهة كانت شبهة في الفعل، وقد نصوا على أن شبهة الفعل لا يثبت فيها النسب وإن ادعاه‏.‏ وأجاب في البحر بأن وطء المطلقة بالثلاث، أو على مال لم تتمحض للفعل بل هي شبهة عقد أيضا فلا تناقض أي لأن ثبوت النسب لوجود شبهة العقد، على أنه صرح ابن مالك في شرح المجمع بأن من وطئ امرأة زفت إليه وقيل له إنها امرأتك فهي شبهة في الفعل وأن النسب يثبت إذا ادعاه، فعلم أنه ليس كل شبهة في الفعل تمنع دعوى النسب‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي في الحدود إن شاء الله تعالى تحقيق الفرق بين شبهة الفعل وشبهة العقد وشبهة المحل‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ملخصا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإلا إذا ولدت توأمين إلخ‏)‏ أي فيثبت نسبهما، كمن باع جارية فجاءت بتوأمان كذلك فادعاهما البائع يثبت نسبهما وينقض البيع وهذا عندهما‏.‏ وقال محمد‏:‏ لا يثبت لأن الثاني من علوق حادث بعد الإبانة، فيتبعه الأول لأنهما توأمان، قيل هو الصواب لأن ولد الجارية الثاني يجوز كونه حدث على ملك البائع قبل بيعه، بخلاف الولد الثاني في المبتوتة فتح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإلا إذا ملكها‏)‏ أقول‏:‏ هذه المسألة ستأتي في أول الفروع‏.‏ وحاصلها أنه إذا طلق أمته فاشتراها، فإما أن يطلقها قبل الدخول أو بعده، والثاني إما رجعي، أو بائن بواحدة، أو اثنتين، فإن كان قبل الدخول اشترط لثبوت نسبه ولادته لأقل من نصف حول مذ طلقها، وإن كان بعده بطلقتين اشترط سنتان فأقل مذ طلقها، ولا اعتبار لوقت الشراء فيهما وإن بطلقة بائنة فكذلك، ولو رجعيا يثبت ولو لعشر سنين بعد الطلاق بشرط كونه لأقل من ستة أشهر مذ شراها في المسألتين، وبه علم أن قوله ‏"‏ ولو أكثر من سنتين ‏"‏ خاص بالرجعي، وكلامنا في البائن، فالصواب حذف لفظ ‏"‏ أكثر ‏"‏ فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بدائع‏)‏ حيث قال‏:‏ وكل جواب عرفته في المعتدة عن طلاق فهو الجواب في المعتدة من غير طلاق من أسباب الفرقة‏.‏ ا هـ‏.‏ بحر‏:‏ أي كالفرقة بردة، أو بخيار بلوغ، أو عتق، أو عدم كفاءة، أو عدم مهر مثل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لكن في القهستاني إلخ‏)‏ استدراك على قول المصنف وإن لتمامهما لا إلا بدعوته‏.‏ وعبارة القهستاني‏:‏ لكن في شرح الطحاوي أن الدعوة مشروطة في الولادة لأكثر منها ا هـ‏.‏ فإنه يقتضي مفهومه أنه لا يحتاج إلى دعوة في الولادة لتمامهما ويمكن جريانه على الرواية التي جرى عليها في الجوهرة، وكلام المصنف على رواية القدوري ط فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإن لم تصدقه‏)‏ أي في أن الولد منه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وهي الأوجه‏)‏ لأنه يمكن منه وقد ادعاه ولا معارض، ولذا لم يذكر اشتراط تصديقها في رواية إلا السرخسي في المبسوط والبيهقي في الشامل، وذلك ظاهر في ضعفها وغرابتها فتح‏.‏

مطلب في ثبوت النسب من الصغيرة

‏(‏قوله‏:‏ ويثبت إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ حاصل المسألة أن الصغيرة إذا طلقت، فإما قبل الدخول، أو بعده، فإن كان قبله فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه للتيقن بقيامه قبل الطلاق به، وإن جاءت به لأكثر منها لا يثبت‏.‏ لأن الفرض أن لا عدة عليها، ولا يستلزم كونه قبل الطلاق لتلزم العدة؛ وإن طلقها بعد الدخول، فإن أقرت بانقضاء العدة بعد ثلاثة أشهر ثم ولدت لأقل بستة أشهر من وقت الإقرار ثبت، وإن لستة أشهر، أو أكثر لا يثبت لانقضاء العدة بإقرارها، ولا يستلزم كونه قبلها حتى يتيقن بكذبها وإن لم تقر بانقضائها ولم تدع حبلا؛ فعندهما إن جاءت به لأقل من تسعة أشهر من وقت الطلاق ثبت وإلا فلا‏.‏ وعند أبي يوسف يثبت إلى سنتين في البائن وإلى سبعة وعشرين شهرا في الرجعي لاحتمال وطئها في آخر عدتها الثلاثة الأشهر وإن ادعت حبلا فكالكبيرة في أنه لا يقتصر انقضاء عدتها على أقل من تسعة أشهر لا مطلقا ا هـ‏.‏ وتمامه فيه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولد المطلقة‏)‏ أما الصغيرة المتوفى عنها فيأتي بيانها‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو رجعيا‏)‏ إنما بالغ به لأنه يخالف حكم البائن بالسهولة كما تقدم، فأفاد بها اتحاده مع البائن هنا ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ المراهقة‏)‏ المقاربة للبلوغ، وهي من بلغت سنا يمكن أن تبلغ فيه وهو تسع سنين ولم توجد منها علامة البلوغ أما من دونها فلا يمكن فيها الحبل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إن ولدت لأقل من الأقل‏)‏ أي من أقل مدة الحمل، فالمعنى لأقل من ستة أشهر‏:‏ أي من وقت الطلاق‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكذا المقرة‏)‏ أي من أقرت بانقضائها بعد ثلاثة أشهر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إن ولدت لذلك‏)‏ أي لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار أي ولأقل من تسعة أشهر من وقت الطلاق لظهور كذبها بيقين كما في الزيلعي، وحينئذ فلا فرق بين الإقرار وعدمه في أنه لا يثبت النسب إلا إذا ولدت لأقل من تسعة أشهر، وإنما قيد بعدم الإقرار لأن فيه خلاف أبي يوسف كما مر، بخلاف ما إذا أقرت فإنه بالاتفاق كما علمت أفاده ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فلو ادعته فكبالغة‏)‏ تكرار مع ما يأتي في المتن مع ما فيه من الإطلاق في محل التقييد ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لأقل من تسعة أشهر‏)‏ قيد لقوله ويثبت نسب ولد المطلقة المراهقة‏:‏ أي ولدها المولود لأقل إلخ وإنما ثبت في ذلك لأن عدتها ثلاثة أشهر وأدنى مدة الحمل ستة أشهر، فإذا ولدته لأقل من تسعة أشهر منذ طلقها تبين أن الحمل كان قبل انقضاء العدة، وهذا معنى قول الشارح لكون العلوق في العدة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإلا لا‏)‏ أي وإن لم يكن لأقل بل ولدته لتسعة أشهر فأكثر فإنه لا يثبت نسبه لأنه حمل حادث بعد العدة أما إن أقرت بانقضائها فظاهر، وأما إن لم تقر فكان القياس على الكبيرة يقتضي أن يثبت إذا ولدته لأقل من سنتين كما قال أبو يوسف‏.‏ والفرق لهما أن لانقضاء عدة الصغيرة جهة واحدة في الشرع فيمضيها بحكم الشرع بالانقضاء، وهي في الدلالة فوق إقرارها، وتمامه في الفتح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لكونه بعدها‏)‏ علة لعدم الثبوت، وقوله‏:‏ لأنها إلخ علة للبعدية، وقوله ‏"‏ لصغرها ‏"‏ علة للجعل مقدمة على معلولها‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ في بعض الأحكام‏)‏ أي في حق ثبوت نسبه من حيث إنه لا يقتصر على أقل من تسعة أشهر، بل يثبت إذا ولدته لأقل من سنتين لو الطلاق بائنا، ولأقل من سبعة وعشرين شهرا لو رجعيا لا مطلقا؛ فإن الكبيرة يثبت نسب ولدها في الطلاق الرجعي لأكثر من سنتين وإن طال إلى سن الإياس لجواز امتداد طهرها ووطئه إياها في آخر الطهر بحر‏.‏ أما الصغيرة فإن عدتها ثلاثة أشهر فيحتمل وطؤها في آخر عدتها ثم تحبل سنتين فلا بد من أن يكون أقل من سبعة وعشرين شهرا من حين الإقرار‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لاعترافها بالبلوغ‏)‏ لأن غير البالغة لا تحبل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأقل منهما‏)‏ أي من سنتين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إن كانت كبيرة‏)‏ أي ولم تقر بانقضاء عدتها، وأما إذا أقرت فهي داخلة في عموم قوله الآتي، وكذا المقرة بمضيها إلخ بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أما ‏"‏ الصغيرة‏)‏ أي التي لم تقر بالحبل ولا بانقضاء العدة، وهذا عندهما‏.‏ وعند أبي يوسف يثبت إلى سنتين‏.‏ والوجه ما بينا في المعتدة الصغيرة من الطلاق زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ثبت‏)‏ لأنه تبين أنه كان موجودا قبل مضي عدة الوفاة بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإلا لا‏)‏ لأنه حادث بعد مضيها بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو أقر بمضيها إلخ‏)‏ يعني عنه ما يذكره المصنف في بيان المقرة، لكنه لما رأى المصنف قيد أول المسألة بالكبيرة دفع توهم عدم دخول الصغيرة في كلامه الآتي فخصها بالذكر هنا‏.‏ وبقي ما لو ادعت الصغيرة الحبل وهي كالكبيرة يثبت نسبه إلى سنتين، لأن القول قولها في ذلك زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لستة أشهر‏)‏ أي فصاعدا زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لم يثبت‏)‏ لاحتمال حدوثه بعد الإقرار كما يأتي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وأما الآيسة فكحائض إلخ‏)‏ اعلم أن ما ذكره الشارح هنا من حكم الصغيرة والآيسة تبع فيه الزيلعي، ومشى عليه في النهر، وكذا في البحر‏.‏ في مسألة المراهقة السابقة، لكنه خالف هنا فقال‏:‏ وشمل ما إذا كانت من ذوات الأقراء، أو الأشهر لكن قيده في البدائع بأن تكون من ذوات الأقراء‏.‏ قال‏:‏ وأما إذا كانت من ذوات الأشهر، فإن كانت آيسة، أو صغيرة فحكمها في الوفاة ما هو حكمها في الطلاق وقد ذكرناه‏.‏ ا هـ‏.‏ وذكر في النهر أنه لم ير ذلك في البدائع‏.‏ قلت‏:‏ فلعله ساقط من نسخته فقد رأيته فيها‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إلا الحامل‏)‏ فعدتها بوضع الحمل للموت وغيره‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ من وقته‏)‏ أي الموت‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو لهما‏)‏ أي ولو ولدته لسنتين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فكالأكثر‏)‏ قياسا على ما مر في معتدة الطلاق البت، لكن تقدم أن فيه اختلاف الروايتين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكذا المقرة بمضيها‏)‏ أي يثبت نسب ولدها - أي مطلقا - سواء كانت معتدة بائن أو رجعي، أو وفاة كما في الهداية، لكن في الخانية أنه يثبت في المطلقة الآيسة إلى سنتين وإن أقرت بانقضائها، وقدمناه عن البدائع فارجع إليه بحر‏.‏ وشمل الإطلاق المراهقة أيضا كما في شرح مسكين، ولذا قال ابن الشلبي في شرحه على الكنز ما ذكره من أول الفصل إلى هنا قبل الاعتراف بمضيها‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لو لأقل من أقل مدته‏)‏ أي مدة الحمل أي لأقل من ستة أشهر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولأقل من أكثرها‏)‏ أي أكثر مدة الحمل أي ولأقل من سنتين من وقت الفراق‏.‏ فإن الأكثر لا يثبت ولو لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ للتيقن بكذبها‏)‏ استشكله الزيلعي بما إذا أقرت بانقضائها بعد مضي سنة مثلا ثم ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار، ولأقل من سنتين من وقت الفراق فإنه يحتمل أن عدتها انقضت في شهرين، أو ثلاثة ثم أقرت بعد ذلك بزمان طويل، ولا يلزم من إقرارها بانقضائها أن تنقضي في ذلك الوقت‏.‏ فلم يظهر كذبها بيقين إلا إذا قالت‏:‏ انقضت عدتي الساعة ثم ولدت لأقل المدة من ذلك الوقت ا هـ‏.‏ واستظهره في البحر وقال‏:‏ يجب حمل كلامهم عليه كما يفهم من غاية البيان، وتبعه في النهر والشرنبلالية‏:‏ لا يقال‏:‏ إن النسب يثبت عند الإطلاق لأنه حق الولد فيحتاط في إثباته نظرا للولد‏.‏ لأنا نقول‏:‏ إن ذلك عند قيام العقد، أما بعد زواله أصلا فلا، وهنا لما أقرت بانقضاء العدة والقول قولها في ذلك زال العقد أصلا وحكم الشرع بحلها للأزواج ما لم يوجد ما يبطل إقرارها ويتيقن بكذبها‏.‏ وعند الإطلاق لم يوجد ذلك، وإلا لزم أن يثبت وإن ولدته لأكثر من ستة أشهر من وقت الإقرار مع أنهم أطبقوا على خلافه لاحتمال حدوثه فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإلا لا‏)‏ أي وإن لم تلد لأقل من ستة أشهر، بأن ولدته لتمامها أو لأكثر من وقت الإقرار، أو ولدته لأقل منها ولأكثر من سنتين من وقت البت، وقوله ‏"‏ لاحتمال حدوثه بعد الإقرار ‏"‏ قاصر على الأول، أما العلة في الثاني فهي أن الولد لا يمكث في البطن أكثر من سنتين أفاده ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بموت، أو طلاق‏)‏ أي بائن، أو رجعي وبه صرح فخر الإسلام، وعليه جرى قاضي خان، وقيده السرخسي بالبائن‏.‏ قال في البحر‏:‏ والحق أنها في الرجعي، إن جاءت به لأكثر من سنتين احتيج إلى الشهادة كالبائن وإن لأقل يثبت نسبه بشهادة القابلة اتفاقا لقيام الفراش نهر‏.‏ وعليه جرى الشارح كما يأتي في قوله كما تكفي في معتدة رجعي إلخ‏.‏ فيحمل الطلاق هنا على البائن ليوافق كلامه الآتي فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إن جحدت‏)‏ بالبناء للمجهول، والفاعل الورثة في الموت، والزوج في الطلاق ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بحجة تامة‏)‏ متعلق بيثبت‏:‏ أي بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين‏.‏ ويصور فيما إذا دخلت المرأة بحضرتهم بيتا يعلمون أنه ليس فيه غيرها ثم خرجت مع الولد فيعلمون أنها ولدته، وفيما إذا لم يتعمدوا النظر بل وقع اتفاقا، وبه يندفع ما أورد من أن شهادة الرجال تستلزم فسقهم فلا تقبل فتح و نهر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ واكتفيا بالقابلة‏)‏ أي إذا كانت حرة مسلمة عدلة كما في النسفي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ قيل‏:‏ وبرجل‏)‏ أي على قولهما، وعبر بقيل تبعا للفتح وغيره إشارة إلى ضعفه، لكن قال في الجوهرة‏:‏ وفي الخلاصة يقبل على أصح الأقاويل، كذا في المستصفى‏.‏ ا هـ‏.‏ ولعل وجهه أن شهادة الرجل أقوى من شهادة المرأتين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو حبل ظاهر‏)‏ ظهوره بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر كما في السراج‏.‏ وقال الشيخ قاسم‏:‏ المراد بظهوره أن تكون أمارات حملها بالغة مبلغا يوجب غلبة الظن بكونها حاملا لكل من شاهدها ا هـ‏.‏ شرنبلالية‏.‏ ومشى في النهر على الثاني حيث قال‏:‏ أو حبل ظاهر يعرفه كل أحد ا هـ‏.‏ وهذا يفيد أن الحبل قد يثبت بدون ولادة، وهذا مؤيد لما قدمناه في باب الرجعة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وهل تكفي الشهادة‏)‏ أي إذا ولدت وجحد الزوج الولادة بظهور الحبل لأن الحبل وقت المنازعة لم يكن موجودا حتى يكفي ظهوره بحر‏.‏ وحاصله أنه قبل الولادة إذا كان ظاهرا يعرفه كل أحد فلا حاجة إلى إثباته، وأما بعد الولادة فبحث في البحر أنه تكفي الشهادة على أنه كان ظاهرا، وهو ظاهر فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو أنكر تعيينه إلخ‏)‏ ببناء ‏"‏ أنكر ‏"‏ للمجهول فيشمل إنكار الزوج وإنكار الورثة‏.‏ ا هـ‏.‏ ح يعني لو اعترف بولادتها وأنكر تعيينا لولد يثبت تعيينه بشهادة القابلة إجماعا، ولا يثبت بدونها إجماعا لاحتمال أن يكون غير هذا المعين بحر‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

لم يذكر ما إذا اعترف بالحبل، أو كان ظاهرا، أو كان الفراش قائما هل يحتاج في ثبوت النسب إلى شهادة القابلة لتعيين الولد أم لا‏؟‏ ظاهر كلام المصنف كالكنز والهداية لا وبه صرح في البدائع، وكذا في غاية السروجي وأنكر على صاحب ملتقى البحار اشتراطه ذلك عند أبي حنيفة، لكن رده الزيلعي بأنه سهو وأنه لا بد منها لتعيين الولد إجماعا في جميع هذه الصور، وأطال فيه وجزم به ابن كمال، ومثله ما في الجوهرة من أنه لا بد من شهادة القابلة لجواز أن تكون ولدت ولدا ميتا وأرادت إلزامه ولد غيره ا هـ‏.‏ وهو صريح كلام الهداية آخرا، وكذا كلام الكافي النسفي والاختيار والفتح وغيرهم، وذكر في البحر توفيقا بين القولين‏.‏ قال في النهر‏:‏ إنه بعيد عن التحقيق‏.‏ ورده أيضا المقدسي في شرحه‏.‏ والحاصل كما في الزيلعي أن شهادة النساء لا تكون حجة في تعيين الولد إلا إذا تأيدت بمؤيد من ظهور حبل، أو اعتراف منه، أو فراش قائم نص عليه في ملتقى البحار وغيره، وإنما الخلاف في ثبوت نفس الولادة بقولها‏:‏ فعنده يثبت في الصور الثلاث‏.‏ وعندهما لا يثبت إلا بشهادة القابلة، فلو علق الطلاق بولادتها يقع عنده بقولها ولدت لاعترافه بالحبل، أو لظهوره‏.‏ وعندهما لا يقبل حتى تشهد القابلة، ونص عليه في الإيضاح والنهاية وغيرها ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كما تكفي إلخ‏)‏ تقييد لإطلاق قوله ‏"‏ أو طلاق ‏"‏ الشامل للرجعي والبائن؛ لأن معتدة الرجعي إذا ولدت لأكثر من سنتين ولم تكن أقرت بانقضاء عدتها يكون ذلك رجعة أفاده ح أي رجعة بالوطء السابق فتكون قد ولدت والنكاح قائم، فلا يتوقف ثبوت الولادة على الشهادة إذا أنكرها بل يكفي شهادة القابلة لقيام الفراش، فيثبت النسب بالفراش، وتعيين الولادة بشهادة القابلة كما ذكره الزيلعي في ولادة المنكوحة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لا لأقل‏)‏ أي لا تكفي شهادة القابلة على الولادة لأقل من سنتين لانقضاء عدتها، فلم تبق زوجة، والولادة لتمام السنتين كذلك كما لا يخفى ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو تصديق بعض الورثة‏)‏ المراد بالبعض من لا يتم به نصاب الشهادة وهو الواحد العدل، أو الأكثر مع عدم العدالة كما يظهر من مقابله ح‏.‏ وصورة المسألة لو ادعت معتدة الوفاة الولادة فصدقها الورثة ولم يشهد بها أحد فهو ابن الميت في قولهم جميعا لأن الإرث خالص حقهم فيقبل تصديقهم فيه فتح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فيثبت في حق المقرين‏)‏ الأولى في حق من أقر ليشمل الواحد ولأنهم لو كانوا جماعة ثبت في حق غيرهم أيضا، إلا أن يحمل على ما إذا كانوا غير عدول أفاده ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ في حق غيرهم‏)‏ أي في حق من لم يصدق‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ حتى الناس كافة‏)‏ فإذا ادعى هذا الولد دينا للميت على رجل تسمع دعواه عليه بلا توقف على إثبات نسبه ثانيا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إن تم نصاب الشهادة بهم‏)‏ أي بالمقرين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بأن شهد مع المقر رجل آخر‏)‏ أفاد أنه لا يشترط في تمام نصاب الشهادة أن يكون كلهم ورثة، لكن إذا كان أحد الشاهدين أجنبيا لا بد من شروط الشهادة من مجلس الحكم والخصومة ولفظ الشهادة؛ إذ هم شهود محض ليسوا بمقرين بوجه رحمتي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكذا لو صدق المقر عليه الورثة إلخ‏)‏ كذا في أغلب النسخ، فالمقر اسم فاعل منصوب على أنه مفعول ‏"‏ صدق ‏"‏، وعليه متعلق ب صدق‏:‏ أي على الإقرار، و ‏"‏ الورثة ‏"‏ بالرفع فاعل ‏"‏ صدق ‏"‏‏.‏ وفي بعض النسخ‏:‏ لو صدقه عليه الورثة‏.‏ وفي بعضها‏:‏ لو صدق المقر بقية الورثة إلخ، وهما أحسن من النسخة الأولى‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وهم من أهل التصديق‏)‏ المناسب‏:‏ وهم من أهل الشهادة‏.‏ قال في الفتح‏:‏ أما في حق ثبوت النسب من الميت ليظهر في حق الناس كافة، قالوا‏:‏ إذا كان الورثة من أهل الشهادة بأن يكونوا ذكورا مع إناث وهم عدول ثبت لقيام الحجة، فيشارك المقرين منهم والمنكرين، ويطالب غريم الميت بدينه‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإلا يتم نصابها‏)‏ بأن كان المصدق رجلا وامرأة مثلا، وكذا لو كانا رجلين غير عدلين كما يظهر من عبارة الفتح المذكورة ومما يأتي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لا يشارك المكذبين‏)‏ المناسب لعبارة المصنف أن يقول لا يثبت النسب فلا يشارك المكذبين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ الأصح لا‏)‏ هذا إذا كان الشهود ورثة، فلو فيهم غير وارث لا بد من لفظ الشهادة ومجلس الحكم والخصومة لعدم شبهة الإقرار في حقه كما تقدم رحمتي، والمراد ما إذا لم يتم النصاب من الورثة، إذ لو تم بهم لم ينظر إلى شهادة غيرهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ نظرا لشبه الإقرار‏)‏ علله في الفتح بعلة أخرى، وهي أن الثبوت في حق غيرهم تبع للثبوت في حقهم، ولا يراعى للتبع شرائطه إلا إذا ثبت أصالة‏.‏ وعلى هذا فلو لم يكونوا من أهل الشهادة لا يثبت النسب إلا في حق المقرين منهم‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ عن الزيلعي‏)‏ حيث قال‏:‏ ويثبت في حق غيرهم أيضا إذا كانوا ا من أهل الشهادة، بأن كان فيهم رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول فيشارك المصدقين والمكذبين‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله قول الفتح المار وهم عدول، وتعبيره بأهلية الشهادة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فقول شيخنا‏)‏ الشيخ زين بن نجيم صاحب البحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إلا أن يقال لأجل السراية‏)‏ أي لأجل سراية ثبوت النسب‏.‏ إلى غير المقر، وهذا الجواب ظاهر لا يحتاج إلى التأمل والمراجعة ح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كما سيجيء في الدعوى‏)‏ أي من أن الفتوى على قولهما بالتحليف في المسائل الستة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بشهادة الظاهر لها إلخ‏)‏ وهو له ظاهر يشهد له أيضا وهو إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته، لكن ترجح ظاهرها بأن النسب يحتاط في إثباته نهر ولا تحرم عليه بهذا النفي فتح‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

‏:‏ لا تسمع بينته ولا بينة ورثته على تاريخ نكاحها بما يطابق قوله لأنها شهادة على النفي معنى فلا تقبل والنسب يحتال لإثباته مهما أمكن والإمكان هنا بسبق التزوج بها سرا بمهر يسير وجهرا بأكثر سمعة ويقع ذلك كثيرا، وهذا جوابي لحادثة فليتنبه له شرنبلالية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فولدت لنصف حول‏)‏ أي من غير زيادة ولا نقصان زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لزمه نسبه‏)‏ لأنها فراشه لأنها لما ولدت لستة أشهر من وقت النكاح فقد ولدت لأقل منها من وقت الطلاق، فكان العلوق قبله في حالة النكاح والتصور ثابت إلخ هداية‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لتصور الوطء حالة العقد‏)‏ بأن عقدا بأنفسهما وسمع الشهود كلامهما وهو مخالط لها فوافق النكاح الإنزال، أو وكلا في العقد في ليلة معينة فوطئها فيها فيحمل على المقارنة إذا لم يعلم تقدم العقد كما في شرح الشلبي، أو يتزوجها عند الشهود، والعاقد من طرفها فضولي ويكون تمام العقد برضاها حال المواقعة كما في منهوات ابن كمال‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وحاصله أن الثبوت يتوقف على الفراش وهو يثبت مقارنا للنكاح المقارن للعلوق فتعلق وهي فراش فيثبت نسبه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لم يثبت‏)‏ لأنه تبين أن العلوق كان سابقا على النكاح زيلعي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكذا لأكثر‏)‏ لأنه تبين أنها علقت بعده، لأنا حكمنا حين وقع الطلاق بعدم وجوب العدة لكونه قبل الدخول والخلوة، ولم يتبين بطلان هذا الحكم زيلعي‏.‏ أما إذا ولدته لستة أشهر لا غير فعليها العدة لحملها بثابت النسب شرنبلالية أي لأنه حكم بعلوقها وقت النكاح قبل الطلاق كما علمت من عبارة الهداية، فقد وقع الطلاق عليها وهي حامل، وعليه فهو طلاق بعد الدخول فتعتد بوضع الحمل، وقد صرح في النهر بأن هذا الطلاق رجعي وبانقضاء العدة بالوضع‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو بيوم‏)‏ أي لحظة ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وأقره في البحر‏)‏ حيث قال‏:‏ وتعقبه في فتح القدير بأن منعهم النسب هنا في مدة يتصور أن يكون منه - وهي سنتان - ينافي الاحتياط في إثباته، والاحتمال المذكور في غاية البعد، فإن العادة المستمرة كون الحمل أكثر من ستة أشهر وربما تمضي دهور ولم يسمع فيها بولادة ستة أشهر، فكان الظاهر عدم حدوثه، وحدوثه احتمال، فأي احتياط في إثبات النسب إذا نفيناه لاحتمال ضعيف يقتضي نفيه وتركنا ظاهرا يقتضي ثبوته، وليت شعري أي الاحتمالين‏:‏ أبعد الاحتمال الذي فرضوه لتصور العلوق منه لثبوت النسب وهو كونه تزوجها وهو يطؤها ووافق الإنزال العقد، أو احتمال كون الحمل إذا زاد على ستة أشهر بيوم يكون من غيره ا هـ‏.‏ ح‏.‏ أقول‏:‏ وحاصله إلحاق الولادة لأكثر من نصف حول بالولادة لنصفه في ثبوت النسب‏.‏ ويمكن الجواب بالفرق، وهو أنه في صورة النصف كان الولد موجودا وقت العقد يقينا، فإذا أمكن حدوثه من العاقد ولو بوجه بعيد تعين ارتكابه، بخلاف ما إذا أمكن حدوثه بعد العقد، بأن ولدته لأكثر من نصف حول ولو بيوم، فإنه لم يتيقن بوجوده وقته حتى يرتكب له الوجه البعيد مع حكم الشرع عليها بما ينافي وجوده وهو عدم العدة‏.‏ والحاصل أن في كل من الصورتين الاحتمال البعيد المخالف للعادة المستمرة وهو الولادة لستة أشهر، لكن إذا زاد عليها بيوم مثلا احتمل وجوده وعدمه، وقد عارض احتمال الوجود الحكم عليها بعدم العدة، بخلاف ما إذا لم يزد للتيقن بوجوده وقت العقد مع فقد المعارض، هذا ما ظهر لي فتدبر‏.‏ه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بجعله واطئا‏)‏ لأنه بثبوت النسب جعل واطئا حكما، قال الزيلعي‏:‏ وكان ينبغي وجوب مهرين؛ مهر بالوطء، ومهر بالنكاح؛ كما لو تزوج امرأة حال وطئها، وأجاب في الفتح بمنع الفرع المشبه به وأنه مشكل لمخالفته صريح المذهب لأن الأصح في ثبوت النسب إمكان الدخول ولا يتصور إلا بتزوجها حال وطئها المبتدأ به قبل التزوج، وقد حكم فيه بمهر واحد في صريح الرواية، فالحكم بمهرين في الفرع المشبه به مخالف لذلك‏.‏ قلت‏:‏ الفرع منقول، فالأحسن الجواب بأن الوطء في مسألتنا يمكن تصوره حالة التزوج كما مر تصويره عن ابن الشلبي وابن كمال، فلا يلزم إلا مهر واحد بالدخول المقارن للعقد بخلاف الفرع المذكور فإن العقد فيه عارض على الوطء فلذا وجب فيه مهران‏.‏ ونقل ح عن شيخه في تصوير المقارنة أن يقال‏:‏ إنه قال أولا‏:‏ تزوجتك ثم أولج وأمنى وقالت‏:‏ قبلت في وقت واحد فكان الوطء حاصلا في صلب العقد غير متقدم عليه ولا متأخر عن وقوع الطلاق ا هـ‏.‏ وما ذكرناه أقرب‏.‏ وقد يجاب بأحسن من هذا كله وهو أنه جعل واطئا حكما ضرورة ثبوت النسب لا حقيقة فلم يتحقق موجب المهرين فوجب أحدهما بخلاف الفرع المذكور‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولا يكون به محصنا‏)‏ لأنه وطء حكمي كما علمت، فإذا زنى يجلد ولا يرجم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لم تطلق بشهادة امرأة‏)‏ أي على الولادة إذا أنكرها لأن شهادتهن ضرورية في حق الولادة فلا تظهر في حق الطلاق لأنه ينفك عنها بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كما مر‏)‏ حيث قال في شرح قول المصنف ‏"‏ إن جحدت ولادتها إلخ ‏"‏‏:‏ واكتفيا بالقابلة ط، وقدمنا تقييدها بكونها حرة مسلمة عدلة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ مع ذلك‏)‏ أي التعليق ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بلا شهادة‏)‏ أي أصلا‏.‏ وعندهما تشترط شهادة القابلة بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لإقراره بذلك‏)‏ أي حكما لأن إقراره بالحبل إقرار بما يفضي إليه وهو الولادة، وأما إذا كان الحبل ظاهرا فلأن الطلاق تعلق بأمر كائن لا محالة فيقبل قولها فيه بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وأما النسب إلخ‏)‏ محترز قوله لم تطلق، يعني أن النسب يثبت بشهادة امرأة، وكذا ما هو من لوازمه كأمومية الولد لو كانت المعلق طلاقها أمة، حتى لو ملكها صارت أم ولد له، وكثبوت اللعان فيما إذا نفاه، ووجوب الحد بنفيه إن لم يكن أهلا للعان أفاده في البحر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أو إن كان بها حبل‏)‏ أي، أو قال‏:‏ إن كان بها حبل فهو مني فلا فرق بينهما بحر‏.‏ وفي بعض النسخ ‏"‏ إن كان ‏"‏ بدون عطف، وفي بعضها ‏"‏ وكان ‏"‏ بدون إن‏.‏ والظاهر أنهما تحريف‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ظاهره إلخ‏)‏ البحث لصاحب البحر وتبعه أخوه في النهر وهو ظاهر، ومن عبر بالقابلة بناه على الأغلب‏.‏ قوله‏:‏ فهي أم ولده‏)‏ لأن سبب ثبوت النسب - وهو الدعوة - قد وجد من المولى بقوله‏:‏ فهو مني، وإنما الحاجة إلى تعيين الولد وهو يثبت بشهادة القابلة اتفاقا درر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإن لأكثر منه لا‏)‏ كذا قال الزيلعي‏.‏ وزاد في الفتح والبحر والنهر وغاية البيان والدرر‏:‏ أو لتمامها، وهو مشكل لأنه لا يمكن حينئذ علوقه بعد مقالته لأن ما بعدها دون نصف الحول فليتأمل وليراجع رحمتي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ حتى ينفيه‏)‏ هو كذلك في غاية البيان‏.‏ وقد يقال كيف يصح أن ينفيه بعد إقراره به فليتأمل رحمتي‏:‏ قلت بل لي وقفة في ثبوت نسبه لو جاءت به لأكثر من ستة أشهر‏.‏ ورأيت في النهر من باب الاستيلاد أنه ينبغي أن يقيد بما إذا وضعته لأقل من نصف حول من وقت الاعتراف، فلو لأكثر لا تصير أم ولد ثم نقله عن المحيط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قال لغلام‏)‏ أي يولد مثله لمثله ولم يكن معروف النسب ولم يكذبه ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ المعروفة بحرية الأصل‏)‏ كذا عبر بعض الشراح‏.‏ وذكر ابن الشلبي أن التقييد بالأصل غير ظاهر بل يكفي كونها حرة ا هـ‏.‏ أي لأنه إذا أريد بحرية الأصل كون أوصالها أحرارا فهو غير شرط، وكذا لو أريد به كونها حرة من حين أصل خلقتها لأن الحرية العارضة تكفي، لكن قد يقال إن الحرية العارضة لا تكفي إلا إذا كانت قبل ولادة ذلك الغلام بسنتين وإلا فلا لاحتمال كونها أمة له واستولدها، أو لغيره وتزوجها منه ثم ولدت هذا الغلام وأقر به فإنها حينئذ ليست من أهل الإرث، بخلاف ما إذا علمت حريتها قبل الولادة بسنتين فأكثر فإنه يعلم كونها حرة وقت العلوق وأنها ولدت بالزوجية كما يأتي، هذا ما ظهر لي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وهو ابنه‏)‏ لم يظهر لي وجه التقييد به فإن البنوة ثابتة بإقرار الميت تأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ لعل وجهه أنها لو قالت‏:‏ أنا امرأته وهذا ابني من رجل غيره تكون مكذبة له فيما توصلت به إلى إثبات كونها امرأته، وهو قوله‏:‏ هو ابني‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ يرثانه‏)‏ أي هي والغلام‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ استحسانا‏)‏ والقياس أن لا ميراث لها لأن النسب كما يثبت بالنكاح الصحيح يثبت بالنكاح الفاسد وبالوطء عن شبهة وبملك اليمين، فلم يكن قوله إقرارا بالنكاح‏.‏ وجه الاستحسان أن المسألة فيما إذا كانت معروفة بالحرية وبكونها أم الغلام، والنكاح الصحيح هو المتعين لذلك وضعا وعادة لأنه الموضوع لحصول الأولاد دون غيره، فهما احتمالان لا يعتبران في مقابلة الظاهر القوي، كذا احتمال كونه طلقها في صحته وانقضت عدتها، لأنه لما ثبت النكاح وجب الحكم بقيامه ما لم يتحقق زواله كذا في البحر ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فإن جهلت حريتها‏)‏ أي بأن لم تعلم أصلا أو علم عروضها ولم تتحقق وقت العلوق على ما قررناه آنفا‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو أمومتها‏)‏ في بعض النسخ بياء وتاء ولا حاجة إلى الياء التحتية، لأن المصدر الأمومة قال ط‏:‏ والمناسب زيادة ‏"‏ أو إسلامها ‏"‏ ليكون محترز الثالث‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ قيد اتفاقي‏)‏ فائدة ذكره أن للوارث أن يقول ذلك كما في البحر عن غاية البيان ح وكان ينبغي تأخير ذلك إلى آخر كلام المصنف‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أو كان صغيرا‏)‏ أي الوارث‏.‏ قوله‏:‏ لا ترث‏)‏ لأن ظهور الحرية باعتبار الدار حجة في دفع الرق لا في استحقاق الإرث هداية، فهي كالمفقود يجعل حيا في ماله حتى لا يرث غيره منه لا بالنسبة إلى غيره حتى لا يرث من أحد فتح، وكذا إسلامها الآن لا يثبت إسلامها وقت موته ليثبت لها حق الإرث‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ قيل‏:‏ نعم‏)‏ قائله التمرتاشي، قال‏:‏ لأنهم أقروا بالدخول ولم يثبت كونها أم ولد بقولهم ا هـ‏.‏ وارتضاه في النهاية والزيلعي والفتح‏.‏ قال في البحر‏:‏ ورده في غاية البيان بأن الدخول إنما يوجب مهر المثل في غير صورة النكاح إذا كان الوطء عن شبهة ولم يثبت النكاح هنا والأصل عدم الشبهة، فبأي دليل يحمل على ذلك فلا يجب مهر المثل ا هـ‏.‏ وأقره في النهر، وأنت خبير بأن هذا خاص بما إذا قال‏:‏ أنت أم ولد أبي أما لو قال‏:‏ كنت نصرانية فقد أقر بالنكاح وكذا في قوله كانت زوجة وهي أمة لكن في هذه مطالبة المهر لمولاها لا لها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فجاءت بولد‏)‏ أي لستة أشهر فأكثر من وقت التزوج وإلا فالظاهر ثبوت نسبه منه لما صرحوا به من أن المنكوحة لو ولدت لدون ستة أشهر لم يثبت نسبه من الزوج ويفسد النكاح لأنه لا يلزم كونها حاملا من زنا حتى يصح بل يحتمل كونه من زوج، أو وطء شبهة فإذا فسد النكاح هنا صحت دعواه لعدم المانع‏.‏ ثم رأيت في حاشية العلامة نوح نقل ذلك عن حاشية الدرر للواني وعن غيرها‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وهو لا يقبل الفسخ‏)‏ يعني بعد تمامه احترازا عن فسخه بعدم الكفاءة وبالبلوغ والعتق‏.‏ وأما بالردة وبتقبيل ابن الزوج فهو وإن كان بعد التمام لكنه انفساخ لا فسخ أفاده ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لإقراره ببنوته وأمومتها‏)‏ لف ونشر مرتب فالأول علة لعتقه والثاني لصيرورتها أم ولده فتعتق بموته‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ عبارة الدرر استولداها‏)‏ أي بضمير التثنية ونبه به على أن ما هنا سبق قلم لأنه إذا استولدها الشريكان بأن جاءت بولد فادعياه وصارت أم ولد لهما تبقى مشتركة فإذا جاءت بولد بعد ذلك لا يثبت نسبه بلا دعوة لأنه لا يحل وطؤها لواحد منهما، بخلاف ما إذا استولدها أحدهما ولزمه لشريكه نصف قيمتها ونصف عقرها وصارت مختصة به فإنه يحل له وطؤها فلا يحتاج الولد الثاني إلى دعوة أفاده الرحمتي فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كأم ولد كاتبها مولاها‏)‏ فإنها إذا أتت بولد لا يثبت من المولى إلا إذا ادعاه لحرمة وطئها عليه ا هـ‏.‏ ح والتشبيه في عدم ثبوت نسب الولد الثاني إلا بدعوته فحال الولد بعد الكتابة يخالف قبلها فإنه قبلها يثبت بلا دعوة ط‏.‏

مطلب‏:‏ الفراش على أربع مراتب

‏(‏قوله‏:‏ على أربع مراتب‏)‏؛ ضعيف‏:‏ وهو فراش الأمة لا يثبت النسب فيه إلا بالدعوة‏.‏ ومتوسط‏:‏ وهو فراش أم الولد، فإنه يثبت فيه بلا دعوة، لكنه ينتفي بالنفي‏.‏ وقوي‏:‏ وهو فراش المنكوحة ومعتدة الرجعي فإنه فيه لا ينتفي إلا باللعان‏.‏ وأقوى‏:‏ كفراش معتدة البائن، فإن الولد لا ينتفي فيه أصلا، لأن نفيه متوقف على اللعان وشرط اللعان الزوجية ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بلا دخول‏)‏ المراد نفيه ظاهرا وإلا فلا بد من تصوره وإمكانه ولذا لم يثبتوا النسب من زوجة الطفل ولا ممن ولدت لأقل من ستة أشهر على ما مر تفصيله‏.‏

مطلب في ثبوت كرامات الأولياء والاستخدامات

وعبارة الفتح‏:‏ والحق أن التصور شرط، ولذا لو جاءت امرأة الصبي بولد لا يثبت نسبه، والتصور ثابت في المغربية لثبوت كرامات الأولياء والاستخدامات، فيكون صاحب خطوة، أو جنيا‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ليس من الكرامة عندنا‏)‏ لما في العمادية أنه سئل أبو عبد الله الزعفراني عما روي عن إبراهيم بن أدهم أنهم رأوه بالبصرة يوم التروية، ورئي ذلك اليوم بمكة‏؟‏ قال‏:‏ كان ابن مقاتل يذهب إلى أن اعتقاد ذلك كفر، لأن ذلك ليس من الكرامات بل هو من المعجزات، وأما أنا فأستجهله ولا أطلق عليه الكفر‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لكن في عقائد التفتازاني‏)‏ أي في شرحه على العقائد النسفية، وهو متعلق بقوله‏:‏ جزم، وكذا قوله‏:‏ بالأول، والمراد به ما في الفتح من إثبات طي المسافة كرامة، وذلك أن التفتازاني‏:‏ قال إنما العجب من بعض فقهاء أهل السنة حيث حكم بالكفر على معتقد ما روي عن إبراهيم بن أدهم إلخ ثم قال‏:‏ والإنصاف ما ذكره الإمام النسفي حين سئل عن ما يحكى أن الكعبة كانت تزور واحدا من الأولياء هل يجوز القول به‏؟‏ فقال‏:‏ نقض العادة على سبيل الكرامة لأهل الولاية جائز عند أهل السنة‏.‏ ا هـ‏.‏ قال العلامة ابن الشحنة‏:‏ قلت‏:‏ النسفي هذا هو الإمام نجم الدين عمر مفتي الإنس والجن رأس الأولياء في عصره‏.‏ ا هـ‏.‏ وعبارة النسفي في عقائده‏:‏ وكرامات الأولياء حق، فتظهر الكرامة على طريق نقض العادة للولي، من قطع المسافة البعيدة في المدة القليلة، وظهور الطعام والشراب واللباس عند الحاجة، والمشي على الماء والهواء، وكلام الجماد والعجماء، واندفاع المتوجه من البلاء، وكفاية المهم من الأعداء وغير ذلك من الأشياء‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بل سئل‏)‏ أي النسفي، وقوله‏:‏ فقال إلخ جواب بالجواز على وجه العموم، وقدمنا في بحث استقبال القبلة عن عدة الفتاوى وغيرها‏:‏ لو ذهبت الكعبة لزيارة بعض الأولياء فالصلاة إلى هوائها‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في الولوالجية‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولا لبس بالمعجزة إلخ‏)‏ جواب عن قول المعتزلة المنكرين الكرامات للأولياء، لأنها لو ظهرت لاشتبهت بالمعجزة فلم يتميز النبي من غيره‏.‏ والجواب أن المعجزة لا بد أن تكون ممن يدعي الرسالة تصديقا لدعواه، والولي لا بد من أن يكون تابعا لنبي وتكون كرامته معجزة لنبيه، لأنه لا يكون وليا ما لم يكن محقا في ديانته واتباعه لنبيه؛ حتى لو ادعى الاستقلال بنفسه وعدم المتابعة لم يكن وليا بل يكون كافرا ولا تظهر له كرامة‏.‏ فالحاصل أن الأمر الخارق للعادة بالنسبة إلى النبي معجزة، سواء ظهر من قبله، أو من قبل آحاد أمته، وبالنسبة إلى الولي كرامة لخلوه عن دعوى النبوة، وتمامه في العقائد وشرحها‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ومن لولي إلخ‏)‏ من موصول مبتدأ، وقال‏:‏ صلته و ‏"‏ لولي ‏"‏ متعلق بيجوز و ‏"‏ طي ‏"‏ مبتدأ وجملة ‏"‏ يجوز ‏"‏ خبره والجملة الخبرية مقول القول وجهول خبر ‏"‏ من ‏"‏، والقول‏.‏ بالتجهيل، أو التكفير هو ما قدمناه عن العمادية‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ أي ينصر هذا القول إلخ‏)‏ والحاصل أنه وقع الخلاف عندنا في مسألة طي المسافة البعيدة؛ فمشايخ العراق قالوا‏:‏ لا يكون ذلك إلا معجزة، فاعتقاده كرامة جهل، أو كفر‏.‏ ومشايخ خراسان وما وراء النهر أثبتوه كرامة، ولم يرد نص صريح في المسألة عن أئمتنا الثلاثة سوى قول محمد هذا، ولم يفسر ذلك ا هـ‏.‏ ملخصا من شرح الوهبانية عن جواهر الفتاوى‏.‏ وفي التتارخانية أن مسألة تزوج المغربي بمشرقية تؤيد الجواز أي فإنها نص المذهب‏.‏ والحاصل أنه لا خلاف عندنا في ثبوت الكرامة، وإنما الخلاف فيما كان من جنس المعجزات الكبار والمعتمد الجواز مطلقا إلا فيما ثبت بالدليل عدم إمكانه كالإتيان بسورة، وتمام الكلام على ذلك في حاشية ح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ غاب عن امرأته إلخ‏)‏ شامل لما إذا بلغها موته أو طلاقه فاعتدت وتزوجت ثم بان خلافه، ولما إذا ادعت ذلك ثم بان خلافه ا هـ‏.‏ ح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وفي حاشية شرح المنار إلخ‏)‏ قال الشارح في شرحه على المنار‏:‏ لكن الصحيح ما أورده الجرجاني أن الأولاد من الثاني إن احتمله الحال، وأن الإمام رجع إلى هذا القول، وعليه الفتوى كما في حاشية ابن الحنبلي عن ‏[‏الواقعات والأسرار‏]‏ ونقله ابن نجيم عن الظهيرية ا هـ‏.‏ واحتمال الحال بأن تلده لستة أشهر فأكثر من وقت النكاح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ حكى أربعة أقوال‏)‏ حاصل عبارته مع شرحه لابن مالك أن الأولاد للأول عند أبي حنيفة مطلقا‏:‏ أي سواء أتت به لأقل من ستة أشهر، أو لا، لأن نكاح الأولى صحيح فاعتباره أولى‏.‏ وفي رواية للثاني وعليه الفتوى لأن الولد للفراش الحقيقي وإن كان فاسدا‏.‏ وعند أبي يوسف للأول إن أتت به لأقل من ستة أشهر من عقد الثاني لتيقن العلوق من الأول، وإن لأكثر فللثاني‏.‏ وعند محمد للأول إن كان بين وطء الثاني والولادة أقل من سنتين، فلو أكثر منهما فللثاني لتيقن أنه ليس من الأول، والنكاح الصحيح مع احتمال العلوق منه أولى بالاعتبار، وإنما وضع المسألة في الولد إذ المرأة ترد إلى الأول إجماعا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وظاهره أنه على المفتى به يكون الولد للثاني مطلقا وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت العقد كما يدل عليه ذكر الإطلاق قبله، والاقتصار على التفصيل بعده، وهذا خلاف ما قاله ابن الحنبلي، وهذا وجه الاستدراك لكن لا يخفى ما فيه، فقد ذكرنا قريبا أن المنكوحة لو ولدت لدون ستة أشهر لم يثبت نسبه من زوج ويفسد النكاح أي لأنه لا بد من تصور العلوق منه وفيما دون ستة أشهر لا يتصور ذلك، وهذا إذا لم يعلم بأن لها زوجا غيره فكيف إذا ظهر زوج غيره فلا شك في عدم ثبوته من الثاني، ولهذا قال في شرح درر البحار‏:‏ إن هذا مشكل فيما إذا أتت به لأقل من ستة أشهر مذ تزوجها‏.‏ ا هـ‏.‏ والحق أن الإطلاق غير مراد وأن الصواب ما نقله ابن الحنبلي، وبه يظهر أن هذه الرواية عن الإمام المفتى بها هي التي أخذ بها أبو يوسف، وأنه لا بد من تقييد كلام المصنف والمجمع بما نقله ابن الحنبلي، وأنه لا وجه للاستدراك‏.‏ عليه بما في المجمع، والله أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ نكح أمة إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ قوله‏:‏ ومن تزوج أمة فطلقها‏:‏ أي بعد الدخول واحدة بائنة أو رجعية ثم اشتراها قبل أن تقر بانقضاء عدتها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ اشتراها لزمه، وقيد ببعد الدخول وبواحدة لأنه لو كان قبله لا يلزمه إلا أن تجيء به لأقل من ستة أشهر منذ فارقها لأنه لا عدة لها، أو بعده والطلاق ثنتان ثبت النسب إلى سنتين من وقت الطلاق، ثم إذا كانت الواحدة رجعية فهو ولد المعتدة فيلزمه وإن جاءت لعشر سنين بعد الطلاق فأكثر بعد كونه لأقل من ستة أشهر من الشراء، وإن كانت بائنا ثبت إلى أقل من سنتين، أو تمام السنتين بعد كونه لأقل من ستة أشهر من الشراء ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ فالحاصل أن المطلقة قبل الدخول والمبانة بالثنتين لا اعتبار فيهما لوقت الشراء، بل لوقت الطلاق، ففي الأولى يشترط لثبوت نسبه ولادته لأقل من ستة أشهر، وفي الثانية لسنتين فأقل، وأنه لو كان رجعيا يثبت ولو لعشر سنين بعد الطلاق، أو أكثر ولو واحدة بائنة، فلا بد أن تأتي به لتمام سنتين، أو أقل بعد أن يكون لأقل من ستة أشهر من وقت الشراء في المسألتين‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فطلقها‏)‏ أي بعد الدخول طلقة واحدة بائنة أو رجعية بدليل الاستثناء الآتي، والطلاق غير قيد، حتى لو اشتراها ولم يطلقها فالحكم كذلك نهر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فشراها‏)‏ أي ملكها بأي سبب كان أي قبل أن تقر بانقضاء عدتها كما مر لأنه مع الإقرار يشترط أن تأتي به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار كما مر لا من وقت الشراء كما هنا نهر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لزمه‏)‏ لأنه ولد المعتدة لتحقق كون العلوق سابقا على الشراء وولدها يثبت نسبه بلا دعوة نهر، وإن ولدته لسنتين من وقت الطلاق بحر، لكن في الرجعية‏:‏ ولو لأكثر من سنتين كما يأتي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وإلا‏)‏ أي بأن ولدته لتمام ستة أشهر، أو لأكثر منها لا‏:‏ أي لا يلزمه لأنه ولد المملوكة لأنه شراها، وهي معتدة منه، ووطؤها حلال له، أما في الرجعي فظاهر، وأما في البائن فلأن عدتها منه لا تحرمها عليه، فإذا أمكن علوقه في الملك أسند إليه لأن الحادث يضاف إلى أقرب أوقاته، وولد المملوكة لا يثبت بدون دعوة، وهذا بخلاف البائن بينونة غليظة فإن شراءها لا يحلها فتعين العلوق قبله كما يأتي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إلا المطلقة إلخ‏)‏ لما كان قوله ‏"‏ فطلقها ‏"‏ شاملا لما إذا طلقها واحدة رجعية وبائنة وثنتين قبل الدخول وبعده وكان الحكم المتقدم مختصا بالمطلقة واحدة بعد الدخول رجعية، أو بائنة استثنى هذه الصور الثلاث، فقوله ‏"‏ قبل الدخول ‏"‏ شامل للطلقة والطلقتين والصورة الثالثة قوله‏:‏ والمبانة لثنتين يعني بعد الدخول‏.‏ ا هـ‏.‏ ح فافهم، وقيد بقوله بثنتين لأنها أمة وبينونتها الغليظة ثنتان فقط‏.‏ والحاصل أن الصور خمس، لأن الرجعي لا يكون قبل الدخول، فلذا كان المستثنى ثلاث صور فقط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فمذ طلقها‏)‏ أي فالمعتبر في هذه الثلاث المستثناة وقت الطلاق، ولا اعتبار فيها لوقت الشراء كما مر عن البحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لكن في الثانية‏)‏ لما كان قضية الاستثناء أن المعتبر أن تلد لأقل من نصف حول مذ طلقها بين أن هذا خاص بالمطلقة قبل الدخول واحدة، أو ثنتين، فلو ولدت لنصف حول، أو أكثر لا يلزمه لعدم العدة كما قدمناه أول الباب‏.‏ أما المطلقة ثنتين بعد الدخول فإنه يلزمه ولدها لسنتين فأقل من وقت الطلاق، وإن لأقل من نصف حول من وقت الشراء لحرمتها عليه حرمة غليظة حتى تنكح غيره فلا يحلها الشراء، فتعذر العلوق فيه وتعين كونه قبله فيلزمه لسنتين مذ طلقها لجواز أنه كان موجودا وقت الطلاق لا لأكثر لتيقن عدمه، لكن ثبوته لتمام السنتين مبني على ما زعم في الجوهرة أنه الصواب، وهو أحد الروايتين كما قدمناه أول الباب فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وفي الرجعي لأكثر مطلقا‏)‏ أي يثبت فيه وإن ولدته لأكثر من سنتين بلا تقييد لذلك الأكثر بمدة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ في المسألتين‏)‏ يعني في مسألة الرجعي ومسألة الطلقة البائنة بعد الدخول كما يعلم من عبارة البحر المتقدمة، وكلام الشارح يوهم أن إحدى المسألتين البائنة بثنتين لأن البائنة الواحدة لا ذكر لها هنا، فلذا أورد عليه أن المبانة بثنتين لا يعتبر فيها وقت الشراء أصلا كما مر، لكن لما ذكر الشارح في أول المسألة اختصاص وقت الشراء بالمطلقة بعد الدخول واحدة رجعية أو بائنة بدليل الاستثناء بعده كما بيناه وذكر هنا الرجعي بين أن قرينته الثانية مثله، لكن لا يخفى ما فيه من الخفاء مع أن هذا الحكم في المسألتين صرح به أولا فلا حاجة إلى إعادته ولكن مع هذا لا يحكم عليه بالخطإ فافهم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكذا لو أعتقها بعد الشراء‏)‏ لأن العتق ما زادها إلا بعدا منه‏.‏ وعند محمد يلزمه إلى سنتين بلا دعواه مذ شراها لأنه بطل النكاح بالشراء ووجبت العدة، لكنها لا تظهر في حقه للملك وبالعتق ظهرت، وحكم معتدة بائن لم تقر بانقضائها ذلك فتح‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ قولان‏)‏ فعند أبي يوسف يفتقر لبطلان النكاح، وعند محمد لا إلا أنه لا بد من الدعوة هنا لأن العدة لم تظهر في حقه بخلاف العتق أفاده في الفتح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لزمه‏)‏ لأن ولد أم الولد لا يحتاج إلى الدعوة، لكنه ينتفي بالنفي فهل يصح نفيه هنا يراجع رحمتي‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولأكثر لا‏)‏ لم يذكر حكم تمام السنتين، وتقدم حكاية الروايتين في معتدة البت، وبحث البحر في معتدة الموت، فينبغي أن يكون هنا كذلك، ويأتي قريبا ما يدل على أن التمام كالأقل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إلا أن يدعيه‏)‏ أي في صورة العتق‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو تزوجت‏)‏ أي أم الولد‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وادعياه معا‏)‏ هذا ظاهر في صورة العتق والظاهر أن المراد في صورة الموت‏:‏ ادعاه ورثته لقيامهم مقامه تأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ كان للمولى اتفاقا‏)‏ كذا في عدة البحر عن الخانية، فقد ثبت النسب هنا بالولادة لتمام السنتين فكان التمام في حكم الأقل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لكونها معتدة‏)‏ أي من المولى ونكاح الزوج باطل، فيكون الولد لصاحب العدة إذا ادعاه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ بخلاف ما لو تزوجت‏)‏ أي فولدت لستة أشهر فأكثر مذ تزوجت فادعياه بحر عن الخانية‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فإنه للزوج اتفاقا‏)‏ لعل وجهه أنها لما لزمها العدة منه للوطء بشبهة العقد وحرم على المولى وطؤها لذلك كان إثباته لصاحب العدة أولى لأنه المستفرش حقيقة وإن كان فاسدا تأمل، ثم لا يخفى أن الكلام الآن في أم ولد لم يعتقها مولاها فافهم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لفساد نكاح الآخر‏)‏ ينافي ما تقدم من أن العبرة للفراش الحقيقي ولو فاسدا، فالأولى التعليل بعدم إمكان جعله من الثاني لعدم أقل مدة الحمل رحمتي وتعليل الشارح لم أره في البحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فالولد للثاني‏)‏ لإمكانه مع تعذر كونه من الأول‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو لأقل من نصفه‏)‏ أي مع كونه لأكثر من سنتين مذ بانت‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لم يلزم الأول ولا الثاني‏)‏ لأن النساء لا يلدن لأكثر من سنتين ولا لأقل من ستة أشهر كافي الحاكم‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ والنكاح صحيح‏)‏ أي عندهما وعند أبي يوسف فاسد لأنه إذا لم يثبت من الثاني كان من الزنا، ونكاح الحامل من الزنا صحيح عندهما لا عنده كذا في البدائع، وتبعه في البحر، ولم يظهر لي وجهه لأنه إذا لم يثبت من واحد منهما علم أنه من غيرهما ولا يلزم أن يكون من الزنا لاحتمال كونه بشبهة، ولا يصح النكاح إلا إذا علم أنه من زنا‏.‏ ففي الزيلعي وغيره‏:‏ لو ولدت المنكوحة لأقل من ستة أشهر مذ تزوجها لم يثبت النسب لأن العلوق سابق على النكاح، ويفسد النكاح لاحتمال أنه من زوج آخر بنكاح صحيح، أو بشبهة ا هـ‏.‏ فليتأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ولو لأقل منهما‏)‏ أي لأقل من سنتين من وقت الطلاق ولنصفه أي لنصف حول من وقت تزوج الثاني فقد أمكن هنا جعله من الأول، أو من الثاني‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لكنه نقل هنا‏)‏ أي في هذا الباب قبيل قوله إلا أن يدعيه أي والنص هو المتبع فلا يعول على البحث معه ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ دليل انقضاء عدتها‏)‏ فكان بمنزلة ما إذا أقرت بانقضائها‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ إن أمكن إثباته منه‏)‏ أما إذا لم يمكن بأن جاءت به لأكثر من سنتين مذ بانت ولستة أشهر مذ تزوجت فهو للثاني كما في البحر عن البدائع‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو نكح امرأة‏)‏ الأولى نكحها ليعود الضمير على معتدة البائن وإن كان الحكم أعم لكن ليوافق آخر الكلام‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فنسبه للثاني‏)‏ أي وجاز النكاح بحر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فنسبه للأول‏)‏ لأن الخلق لا يستبين إلا في مائة وعشرين يوما فيكون أربعين يوما نطفة وأربعين علقة وأربعين مضغة بحر عن الولوالجية وقدمنا في العدة كلاما فيه‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لأنه نكاح باطل‏)‏ أي فالوطء فيه زنا لا يثبت به النسب، بخلاف الفاسد فإنه وطء بشبهة فيثبت به النسب ولذا تكون بالفاسد فراشا لا بالباطل رحمتي، والله سبحانه أعلم‏.‏