فصل: لطائف التفسير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روائع البيان في تفسير آيات الأحكام



.لطائف التفسير:

اللطيفة الأولى: الحكمة في اختيار البيت العتيق لفريضة الحج، أن الله تعالى جعله قبلة أهل التوحيد، وأقام بناءه وشيّد دعائمه أبو الأنبياء (إبراهيم) الخليل عليه السلام، وهو أول المساجد على الإطلاق فليس ثمة معبد أقدم منه، وهو يقابل البيت المعمور في السماء، فالبيت العتيق مطاف أهل الأرض، والبيت المعمور مطاف أهل السماء.
اللطيفة الثانية: قال الإمام الفخر: (إن الله أمر الخليل عليه السلام بعمارة هذا البيت، فالآخر هو الله رب العالمين، والمبلّغ هو جبريل عليه السلام فلهذا قيل: ليس في العالم بناء أشرف من الكعبة، فالآخر هو المِلكُ الجليل، والمهندس جبريل، والباني هو الخليل، والتلميذ: إسماعيل عليه السلام).
اللطيفة الثالثة: من مزايا البيت العتيق، ذلك الأمن الذي جعله الله فيه، وذلك ببركة دعاء إبراهيم عليه السلام حيث قال: {رَبِّ اجعل هذا بَلَداً آمِناً} [البقرة: 126] وقد كان الناس يتخطفون من أطراف الأرض وأهل مكة في أمن واستقرار وقد امتن الله تعالى عليهم بقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ الناس مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67] ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لو ظفرتُ فيه بقاتل الخطاب لما مسسته حتى يخرج منه).
اللطيفة الرابعة: قال العلامة أبو السعود: وضع (ومن كفر) موضع من لم يحج تأكيداً لوجوبه وتشديداً على تاركه ولذلك قال عليه السلام من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً ، ولقد حازت الآية الكريمة من فنون الاعتبارات، المعربة عن كمال الاعتناء بأمر الحج، والتشديد على تاركه ما لا مزيد عليه، حيث أوثرت صيغة الخبر الدالة على التحقيق، وأبرزت في صورة الجملة الاسمية الدالة على الثبات والاستمرار، على وجه يفيد أنه حق واجب لله سبحانه في ذمم الناس، لا انفكاك لهم عن أدائه والخروج عن عهدته، وسلك بهم مسلك التعميم ثم التخصيص والإبهام ثم التبيين والإجمال...

.الأحكام الشرعية:

الحكم الأول: حكم الجاني في الحرم.
اتفق الفقهاء على أنّ من جنى في الحرم فإنه يقتص منه، سواءً كانت الجناية في النفس أم فيما دونها كالأطراف، وعللوا ذلك بأنّ الجاني انتهك حرمة الحرم فلم يعد يعصمه الحرم من القصاص، لأنه هو الذي أحدث فيه فيقتص منه. كما استدلوا بقوله تعالى: {وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ المسجد الحرام حتى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فاقتلوهم كَذَلِكَ جَزَآءُ الكافرين} [البقرة: 191] واختلفوا فيمن جنى في غير الحرم ثم لجأ إلى الحرم هل يقتص منه في الحرم؟ على مذهبين:
1- مذهب الحنفية والحنابلة: ذهب الإمام (أبو حنيفة) والإمام أحمد رحمهما الله إلى أنّ من اقترف ذنباً واستوجب به حداً ثم لجأ إلى الحرم عصمه لقوله تعالى: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} فأوجب الله سبحانه الأمن لمن دخله.
. والآية الكريمة على تقديره (خبرٌ يقصد به الأمر) ويكون المعنى: من دخله فأمّنوه، فهو مثل قوله تعالى: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحج} [البقرة: 197] أي لا يرفثْ ولا يفسقْ ولا يجادل.
وهذا الرأي منقول عن حَبْر هذه الأمة (عبد الله بن عباس) فقد قال ابن عباس: إن جنى في الحِلّ ثم لجأ إلى الحَرَم لا يُقْتَصّ منه لكن لا يُجالس ولا يُبايع ولا يُكلّم حتى يخرج من الحرم فيقتص منه.. وهذا هو نفس مذهب الأحناف فإنهم قالوا إذا جنى ثم لجأ إلى الحرم فإنه لا يؤوي ولا يجالس ولا يبايع حتى يضطر إلى الخروج فيقتص منه.
وقالوا: إن الحرم له حرمة خاصة فمن لجأ إليه احتمى كما قال تعالى: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} وكما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً} [العنكبوت: 67].
ب- مذهب المالكية والشافعية: وذهب (الشافعية والمالكية) إلى أنّ من جنى في غير الحرم ثم لجأ إلى الحرم فإنه يقتص منه، سواءَ كانت الجناية في النفس أو غيرها. واستدلوا ببضعة أدلة منها: ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل بعض المشركين في الحرم، وقال عن (ابن خطل) اقتلوه ولو رأيتموه متعلقاً بأستار الكعبة ومنها ما ورد (إنّ الحرم لا يجير عاصياً، ولا فاراً بخربة ولا فاراً بدم) وأجابوا على قوله تعالى: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} قالوا هذا كان في الجاهلية لو أنّ إنساناً ارتكب كل جريرة ثم لجأ إلى الحرم لم يتعرض له حتى يخرج من الحرم، وهذا من منن الله عزّ وجل على أهل تلك البلاد فقد جعل لهم الحرم مركز أمن واستقرار.. أما الإسلام فلم يزده إلا شدةً فمن لجأ إليه جانباً أقيم عليه الحد، كيف لا والإسلام دين القوة والحزم؟!
الترجيح: ولعل الرأي الثاني هو الأوجه والأرجح، لأننا لو أخذنا بالرأي الأول-على ما فيه من وجاهة- لأصبح الحرم مركزاً لاجتماع الجُناة والمجرمين، ولاختل الأمن، لأن القاتل يقتل ثم يفر من وطنه ويأتي الحرم، لأنه يعلم أنه يحميه، وبذلك تنتشر الجرائم وتكثر المفاسد والله تعالى أعلم.
الحكم الثاني: حكم حج الفقير والعبد:
الفقير لا يجب عليه الحج لعدم الاستطاعة، ولكنه إذا أدى الحج سقط عنه الفرض بالإجماع، وأما العبد فإنه إذا حج هل تسقط عنه الفريضة؟
قال (أبو حنيفة): يقع حجة نفلاً ويجب عليه أن يحج متى عتق، لأنه يشبه الطفل دون البلوغ فإنه إذا حج ثم بلغ سن الرشد يجب عليه حجة الفريضة، كذلك العبد إذا حج ثم عتق يجب عليه حجة الفريضة.
وقال (الشافعي): يجزيه الحج قياساً على الفقير، واستدل بأنّ الجمعة لا تجب على فإذا صلاها سقط عنه الظهر، فكذلك الحج إذا أداه تسقط عنه حجة الفريضة، وهذا الرأي ضعيف فقد نقل عن النووي وهو من أئمة المذهب الشافعي ما يخالف ذلك حيث قال: إن مذهب الشافعية أن العبد إذا أحرم بالحج ثم عتق قبل الوقوف بعرفة أجزأه ذلك عن حجة الإسلام خلافاً لأبي حنيفة ومالك، أمّا إذا كان العتق بعد فوات الحج فإنه لا يجزئه، ولعل هذا هو الرأي الصحيح عند الشافعية فيكون الخلاف بين المذهبين (شكلياً) لا (جوهرياً) لأنهما متفقان على أن العتق إذا كان بعد أداء ركن وهو الوقوف بعرفة أجزأه ذلك عن حجة الإسلام خلافاً لأبي حنيفة ومالك، أمّا إذا كان العتق بعد فوات الحج فإنه لا يجزئه، ولعله هذا هو الرأي الصحيح عند الشافعية فيكون الخلاف بين المذهبين (شكلياً) لا (جوهرياً) لأنهما متفقان على أن العتق إذا كان بعد أداء ركن الحج وهو الوقوف بعرفة فإنه لا يجزئه ويجب عليه الحج مرة أخرى لأن الأول يقل نافلة.
الحكم الثالث: هل المحْرَمْ بالنسبة للمرأة شرط لوجوب الحج؟
ذهب بعض الفقهاء إلى أن وجود المَحْرم شرط من شروط وجوب الحج وهذا هو مذهب الحنفية، ودليلهم ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً فوق ثلاثٍ إلا مع ذي رحم محرمٍ أو زوج» وهذا عام يشمل كل سفرٍ سواءً كان للحج أو غيره.. واستدلوا أيضاً روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «لا تسافر امرأة ومعها ذو محرم، فقال رجل يا رسول الله إني قد اكتتبت في غزوة كذا، وقد أرادت امرأتي في أن تحج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احجج مع امرأتك» وهذا الحديث يدل على أن المرأة إذا أرادت الحج فليس لها أن تحج إلا مع زوجٍ أو ذي رحم محرم، فقد أمره عليه الصلاة والسلام أن يترك الجهاد وهو فرض وأن يحج مع امرأته، ولولا أن وجود المحرم واجب لما أمره بترك الجهاد والسفر مع زوجه.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنّ حج الفرض لا يجب فيه المحرم بشرط أمن المرأة على نفسها بأن يكون معها عدة من النسوة.. وأما حج النافلة فيجب فيه المحرم، وهم محجوبون بالأدلة التي ذكرناها مما يشير إلى أن الحج لا يجب على المرأة إلا إذا وجدت محرماً، لأن وجود المحرم من شرائط الوجوب، وهذا هو الأرجح.
تنبيه هام: أقول إذا كان الإسلام لم يسمح للمرأة أن تسافر لأداء فريضة الحج إلا مع ذي محرم- والحج أحد أركان الإسلام كما نعلم وهو فريضة على الرجل والمرأة- فكيف يسمح الناس لبناتهم بالسفر إلى بلاد بعيدة، أو إلى بلدان أجنبية بحجة الدراسة وطلب العلم، وليس معهن مَحْرمٌ أو من يوافقهن من أقاربهن؟! إن هذا- بلا شك- يدل على بعد الناس عن التمسك بآداب الإسلام وتعاليمه الرشيدة، بل يدل على فقدان الرجولة والشهامة حتى أضحى أمر سفر النساء وتبرجهن واختلاطهن بالرجال أمراً طبيعياً معتاداً وإنا لله وإنا إليه راجعون!!
الحكم الرابع: ما هي شروط وجوب الحج؟
شروط وجوب الحج خمسة، وهي (1- الإسلام 2- العقل 3- البلوغ، 4- الاستطاعة، 5- وجود محرم مع المرأة) وزاد بعضهم أمن الطريق وهو من شروط الأداء لا من شروط هي شروط لجميع التكاليف الشرعية كالصلاة والصيام.
. الخ، وأما الشرط الرابع وهو (الاستطاعة) فقد بينته الآية الكريمة بقوله تعالى: {مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً} كما بينت السنة النبوية الاستطاعة بأنها ملك (الزاد والراحلة) فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ملك زاداً وراحلة تبلغه بيت الله ولم يحجّ فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً» وذلك أن الله يقول في كتابه: {وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً} وروي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله عز وجل: {وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً} فقال: السبيلُ: الزادُ والراحلة..
قال الجصاص: وليست الاستطاعة مقصورة على وجود الزاد والراحلة لأن المريض الخائف، والشيخ الذي لا يثبت على الراحلة، والزَّمِنُ وكل من تعذّر عليه الوصول إليه فهو غير مستطيع السبيل إلى الحج وإن كان واجداً للزاد والراحلة، فدل ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد بقوله: الاستطاعة (الزادُ والراحلة) أن ذلك جميع شرائط الاستطاعة، وإنما أفاد ذلك بطلان قول من يقول إن أمكنه المشي ولم يجد زاداً وراحلة فعليه الحج، فبيّن صلى الله عليه وسلم أن لزوم فرض الحج مخصوص بالركوب دون المشي.
أما الشرط الخامس وهو (وجود المحرم للمرأة) فقد استوفينا شرحه فيما سبق والله أعلم.
الحكم الخامس: هل يجب الحج أكثر من مرة؟
ظاهر الآية الكريمة وهي قوله تعالى: {وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت} أن الحج لا يجب إلا مرة واحدة في العمر وهو رأي الجمهور إذ ليس في الآية ما يوجب التكرار وقد أكد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الذي رواه أبو هريرة قال: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا.. فقال رجل: كلّ عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال: ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلك بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه».

.سورة النساء :

.تفسير الآيات (1- 4):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3) وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)}
[1] تعدد الزوجات وحكمته في الإسلام:

.التحليل اللفظي:

{وَبَثَّ مِنْهُمَا}: معناه نشر وفرّق على سبيل التناسل والتوالد، ومنه: {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية: 16] أي مبسوطة، أو مفرقة في المجالس، وأصل البث: التفريق وإثارة الشيء.
{تَسَآءَلُونَ بِهِ}: معناه يسأل بعضكم بعضاً به مثل: أسألك بالله، وأنشدك الله، والمفاعلة على ظاهرها أو بمعنى تسألون كثيراً.
قال الزجاج: الأصل تتساءلون حذفت الثانية تخفيفاً.
{والأرحام}: جمع رحم وهو في الأصل مكان تكون الجنين في بطن أمه، ثم أطلق على القرابة مطلقاً.
{رَقِيباً}: الرقيب: الحفيظ المطلّع على الأعمال والمَرْقب: المكان العالي الذي يشرف عليه الرقيب، والمراد في الآية أنه تعالى مشرف على أعمالنا، مطلع على أفعالنا، لا تخفى عليه خافية، وهذا إرشاد وأمر بمراقبة الرقيب جل وعلا.
{اليتامى}: جمع يتيم وهو الذي فقد أباه مشتق من اليتم وهو الانفراد ومنه (الدرة اليتيمة).
قال في (اللسان): اليتيم: الذي يموت أبوه، والعجيّ: الذي تموت أمه، واللطيم: الذي يموت أبواه، وهو يتيم حتى يبلغ، فإذا بلغ زال عنه اسم اليتم.
{حُوباً}: الحُوب: الإثم قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: حُوب بالضم، وتميم يقولونه بالفتح (حَوْب) قال الراغب: الحُوب الإثم، والحَوْبُ المصدر منه، وروي (طلاق أم أيوب حُوْب) وتسميته بذلك لكونه مزجوراً عنه.
قال القرطبي: وأصله الزجر للإبل، فسمي الإثم به لأنه يزجر عنه وفي الحديث: «اللهم اغفر حوبتي» أي إثمي.
{تُقْسِطُواْ}: يُقال: أقسط الرجل إذا عدل، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «المقسطون في الدنيا على منابر من لؤلؤ يوم القيامة» ويقال: قسط الرجل إذا جار ومنه قوله تعالى: {وَأَمَّا القاسطون فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً} [الجن: 15].
فالرباعي بمعنى العدل، والثلاثي بمعنى الظلم.
{تَعُولُواْ}: معناه تميلوا وتجوروا يقال: عُلْتَ عليّ أي جُرت عليّ، ومنه العول في الفريضة، والعول في الأصل: الميل المحسوس، يقال: عال الميزان إذا مال ثم نقل إلى الميل المعنوي وهو الجور.
وفسّر الإمام الشافعي رحمه الله {أَلاَّ تَعُولُواْ} بمعنى ألا تكثر عيالكم.
{صدقاتهن}: يعني مهورهن جمع صَدُقة بفتح الصاد وضم الدال، وهي كالصداق بمعنى المهر، قال ابن قتيبة: وفيها لغةٌ أخرى: صَدْقة.
{نِحْلَةً}: النحلة: الهبة والعطيّة عن طيب نفس أي لا تعطوهن مهورهن وأنتم كارهون، قاله أبو عبيدة، وفسّر بعضهم النّخْلة بمعنى الفريضة والمعنى: وأعطوا النساء مهورهن فريضة من الله محتومة.
{هَنِيئاً مَّرِيئاً}: صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ، إذا انساغ وانحدر إلى المعدة بدون ضرر.