فصل: تفسير الآية رقم (114):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (114):

{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114)}
{وَلَقَدْ مَنَنَّا على موسى وهارون} أنعمنا عليهما بالنبوة وغيرها من المنافع الدينية والدنيوية.

.تفسير الآية رقم (115):

{وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115)}
{ونجيناهما وَقَوْمَهُمَا مِنَ الكرب العظيم} هذا وما بعده من قبيل عطف الخاص على العام، والكرب العظيم تغلب فرعون ومن معه من القبط، وقيل الغرق وليس بذاك.

.تفسير الآية رقم (116):

{وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (116)}
{ونصرناهم} الضمير لهما مع القوم وقيل لهما فقط وجيء به ضمير جمع لتعظيمهما {فَكَانُواْ هُمُ الغالبون} بسبب ذلك على فرعون وقومه؛ و{هُمْ} يجوز أن يكون فصلًا أو توكيدًا أو بدلًا، والتنجية وإن كانت بحسب الوجود مقارنة لما ذكر من النصر لكنها لما كانت بحسب المفهوم عبارة عن التلخيص عن المكروه بدأ بها ثم بالنصر الذي يتحقق مدلوله حض تنجية المنصور من عدوه من غير تغلب عليه ثم بالغلبة لتوفية مقام الامتنان حقه بإظهار أن كل مرتبة من هذه المراتب الثلاث نعمة جليلة على حيالها.

.تفسير الآية رقم (117):

{وَآَتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117)}
{وءاتيناهما} بعد ذلك {الكتاب المستبين} أي البليغ في البيان والتفصيل كما يشعر به زيادة البنية وهو التوراة.

.تفسير الآية رقم (118):

{وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (118)}
{وهديناهما} بذلك {الصراط المستقيم} الموصل إلى الحق والصواب بما فيه من تفاصيل الشرائع وتفاريع الأحكام.

.تفسير الآيات (119- 122):

{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآَخِرِينَ (119) سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121) إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122)}
{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الاخرين سلام على موسى وهارون إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين} الكلام فيه نظير ما سبق في نظيره.

.تفسير الآية رقم (123):

{وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123)}
قال الطبري: هو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون أخي موسى عليهما السلام فهو إسرائيلي من سبط هارون، وحكى القتيبي أنه من سبط يوشع، وحكى الطبرسي أنه ابن عم اليسع وأنه بعث بعد حزقي، وفي العجائب للكرماني أنه ذو الكفل، وعن وهب أنه عمر كما عمر الخضر ويبقى إلى فناء الدنيا.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن أنه موكل بالفيافي والخضر بالبحار والجزائر وإنهما يجتمعان بالموسم في كل عام، وحديث اجتماعه مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأسفار وأكله معه من مائدة نزلت عليهما عليهما الصلاة والسلام من السماء هي خبز وحوت وكرفس وصلاتهما العصر معا رواه الحاكم عن أنس وقال: هذا حديث صحيح الإسناد وكل ذلك من التعمير وما بعده لا يعول عليه. وحديث الحاكم ضعفه البيهقي، وقال الذهبي. موضوع قبح الله تعالى من وضعه ثم قال: وما كنت أحسب ولا أجوز أن الجهل يبلغ بالحاكم إلى أن يصحح هذا، وأخرج عبد بن حميد. وابن جرير. وابن المنذر وابن أبي حاتم. وابن عساكر: عن ابن مسعود أن إلياس هو إدريس، ونقل عنه أنه قرأ {وَأَنْ إِدْرِيسَ لَمِنَ المرسلين} والمستفيض عنه أنه قرأ كالجمهور نعم قرأ ابن وثاب. والأعمش. والمنهال بن عمرو. والحكم لن عتيبة الكوفي كذلك.
وقرئ {إدراس} وهو لغة في إدريس كإبراهام في إبراهيم، وإذا فسر إلياس بإدريس على أن أحد اللفظين اسم والآخر لقب فإ كان المراد بهما من سمعت نسبه فلا بأس به وإن كان المراد بهما إدريس المشهور الذي رفعه الله تعالى مكانًا عليًا وهو على ما قيل أخنوخ بن يزد بن مهلاييل بن أنوش بن قينان بن شيث بن آدم وكان على ما ذكره المؤرخون قبل نوح، وفي المستدرك عن ابن عباس أن بينه وبين نوح ألف سنة، وعن وهب أنه جد نوح أشكل الأمر في قوله تعالى: {وتلك حجتُنَا ءاتيناها إبراهيم على قَوْمِهِ نَرْفَعُ درجات مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَوَهَبْنَا لَهُ إسحاق وَيَعْقُوبَ كُلًا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرّيَّتِهِ دَاوُودُ وسليمان وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وموسى وهارون وَكَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين وَزَكَرِيَّا ويحيى وعيسى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مّنَ الصالحين وإسماعيل واليسع وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًا فَضَّلْنَا عَلَى العالمين} [الأنعام: 83-86] لأن ضمير {ذُرّيَّتَهُ} إما أن يكون لإبراهيم لأن الكلام فيه وإما أن يكون لنوح لأنه أقرب ولأن يونس ولوطًا ليسا من ذرية إبراهيم، وعلى التقديرين لا يتسنى نظم إلياس المراد به الذي هو قبل نوح على ما مسعت في عداد الذرية، ويرد على القول بالاتحاد مطلقًا أنه خلاف الظاهر فلا تغفل.
وقرأ عكرمة. والحسن بخلاف عنهما. والأعرج. وأبو رجاء. وابن عامر. وابن محيصن {وَإِنَّ إِلْيَاسَ} بوصل الهمزة فاحتمل أن يكون قد وصل همزة القطع واحتمل أن يكون اسمه يأسًا ودخلت عليه أل كما قيل في اليسع، وفي حرف أبي ومصحفه و{ءانٍ} إيليس بهمزة مكسورة بعدها ياء أيضًا ساكنة آخر الحروف بعدها لام مكسورة بعدها ياء أيضًا ساكنة وسين مهملة مفتوحة.

.تفسير الآية رقم (124):

{إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124)}
{إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} وهم على المشهور في الياس سبط من بني إسرائيل أسكنهم يوشع لما فتح الشام المدينة المعروفة اليوم ببعلبك وزعم بعضهم أنها كانت تسمى بكة وقيل بك بلا هاء ثم سميت بما عرف على طريق التركيب المزجي، و{إِذْ} عند جمع مفعول اذكر محذوفًا أي اذكر وقت قوله لقومه {أَلاَ تَتَّقُونَ} عذاب اللهتعالى ونقمته بامثتال أوامره واجتناب نواهيه.

.تفسير الآية رقم (125):

{أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125)}
{أَتَدْعُونَ بَعْلًا} أي أتعبدونه أو تطلبون حاجكم منه، وهو اسم صنم لهم كما قال الضحاك. والحسن وابن زيد، وفي بعض نسخ القاموس أنه لقوم يونس، ولا مانع من أن يكون لهما أو ذلك تحريف، قيل وكان من ذهب طوله عشرون ذراعًا وله أربعة أوجه فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياءه فكان الشيطان يدخل في جوفه ويتكلم بشريعة الضلالة والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس، وقيل هو اسم امرأة أتتهم بضلالة فاتبعوها واستؤنس له بقراءة بعضهم، {بعلاء} بالمد على وزن حمراء، وظاهر صرفه أنه عربي على القولين فلا تغفل.
وقال عكرمة. وقتادة، البعل الرب بلغة اليمن: وفي رواية أخرى عن قتادة بلغة أزد شنوءة، واستام ابن عباس ناقة رجل من حمير فقال: له أنت صاحبها؟ قال: بعلها فقال ابن عباس أتدعون بعلا: أتدعون را من أنت؟ قال: من حمير، والمراد عليها أتدعون بعض البعول أي الأرباب والمراد بها الأصنام أو المعبودات الباطلة فالتنكير للتبعيض فيرجع لما قيل قبله {بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الخالقين} أي وتتركون عبادته تعالى أو طلب جميع حاجكم منه عز وجل على أن الكلام على حذف مضاف؛ وقيل إن المراد بتركهم إياه سبحانه تركهم عبادته عز وجل والمراد بالخالق من يطلق عليه ذلك، وله بهذا الاعتبار أفراد وان اختلفت جهة الاطلاق فيها فلا اشكال في إضافة افعل إلى ما بعده، وهاهنا سؤال مشهور وهو ما وجه العدول عن تدعون بفتح التاء والدال مضارع ودع عنى ترك إلى {تذرون} مع مناسبته ومجانسته لتدعون قبله دون تذرون وأجيب عن ذلك بأجوبة. الأول أن في ذلك نوع تكلف والجناس المتكلف غير ممدوح عند البلغاء ولا يمدح عندهم ما لم يجئ عفوا بطريق الاقتضاء ولذا ذموا متكلفه فقيل فيه:
طبع المجنس فيه نوع قيادة ** أو ما ترى تأليفه للأحرف

قاله الخفاجي، وفي كون هذا البيت في خصوص المتكلف نظر وبعد فيه ما فيه، الثاني أن في تدعون إلباسًا على من يقرأ من المصحف دون حفظ من العوام بأن يقرأه كتدعون الأول ويظن أن المراد إنكار بين دعاء بعل ودعاء احسن الخالقين، وليس بالوجه إذ ليس من سنة الكتاب ترك ما يلبس على العوام كما لا يخفى على الخواص.
والصحابة أيضًا لم يراعوهم وإلا لما كتبوا المصحف غير منقوط ولا ذا شكل كما هو المعروف اليوم، وفي بقاء الرسم العثماني معتبرًا إلى انقضاء الصحابة ما يؤيد ما قلنا، والثالث أن التجنيس تحسين وإنما يستعمل في مقام الرضا والإحسان لا في مقام الغضب والتهويل، وفيه أنه وقع فيما نفاه قال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يُقْسِمُ المجرمون مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ} [الروم: 55] وقال سبحانه: {يكاد سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بالابصار يُقَلّبُ الله اليل والنهار إِنَّ فِي ذلك لَعِبْرَةً لاوْلِى الابصار} [النور: 43، 44] وفيهما الجناس التام ولا يخفى حال المقام، الرابع ما نقل عن الإمام فإنه سئل عن سبب ترك تدعون إلى {تذرون} فقال: ترك لأنهم اتخذوا الأصنام آلهة وتركوا الله تعالى بعدما علموا أن الله سبحانه ربهم ورب ابائهم الأولين استكبارًا فلذلك قيل: {بَعْلًا وَتَذَرُونَ} ولم يقل وتدعون، وفيه القول بأن دع أمر بالترك قبل العلم وذر أمر بالترك بعده ولا تساعده اللغة والاشتقاق، الخامس أن لانكار كل من فعلى دعاء بعل وترك احسن الخالقين علة غير علة إنكار الآخر فترك التجنيس رمزًا إلى شدة المغايرة بين الفعلين، السادس أنه لما لم يكن مجانسة بين المفعولين بوجه من الوجوه ترك التجنيس في الفعلين المتعلقين بهما وإن كانت المجانسة المنفية بين المفعولين شيئًا والمجانسة التي نحن بصددها بين الفعلين شيئًا آخر، وكلا الجوابين كما ترى، السابع أن يدع إنما استعملته العرب في الترك الذي لا يذم مرتكبه لأنه من الدعة عنى الراحة ويذر بخلافه لأنه يتضمن إهانة وعدم اعتداد لأنه من الوذر قطعة اللحم الحقيرة التي لا يعتد بها. واعترض بأن المتبادر من قوله بخلافه أن يذر إنما استعملته العرب في الترك الذي يذم مرتكبه فيرد عليه قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112، 137] وقوله سبحانه: {وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ الرباا} [البقرة: 278] إلى غير ذلك وفيه تأمل. الثامن أن يدع أخص من يذر لأنه عنى ترك الشيء مع اعتناء به بشهادة الاشتقاق نحو الإيداع فإنه ترك الوديعة مع الاعتناء بحالها ولهذا يختار لها من هو مؤتمن عليها ونحوه موادعة الأحباب وأما يذر فمعناه الترك مطلقًا أو مع الأعراض والرفض الكلي، قال الراغب: يقال فلأن يذر الشيء أي يقذفه لقلة الاعتداد به ومنه الوذر وهو ما سمعت آنفًا، ولا شك أن السياق إنما يناسب هذا دون الأول إذ المراد تبشيع حالهم في الاعراض عن ربهم وهو قريب من سابقه لكنه سالم عن بعض ما فيه، التاسع أن في تدعون بفتح التاء والتدال ثقلًا ما لا يخفى على ذي الذوق السليم والطبع المستقيم {وَتَذَرُونَ} سالم عنه فلذا اختير عليه فتأمل والله تعالى أعلم، وقد أشار سبحانه وتعالى بقوله:{أحسن الخالقين} إلى المقتضى للإنكار المعنى بالهمز وصرح به للاعتناء بشأنه في قوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (126):

{اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126)}
{الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ ءابَائِكُمُ الاولين} بالنصب على البدلية من {أحسن الخالقين} [الصافات: 125]، قال أبو حيان: ويجوز كون ذاك عطف بيان إن قلنا إن إضافة أفعل التفضيلل محضة، وقرأ غير واحد من السبعة بالرفع على أن الاسم الجليل مبتدأ و{رَبُّكُمْ} خبره أو هو خبر مبتدأ محذوف وربكم عطف بيان أو بدل منه، وروي عن حمزة أنه إذا وصل نصب وإذا وقف رفع، والتعرض لذكر ربوبيته تعالى لآبائهم الأولين لتأكيد إنكار تركهم إياه تعالى والأشعار ببطلان آراء آبائهم أيضًا.