فصل: تفسير الآية رقم (82):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (82):

{سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82)}
{سبحان رَبّ السموات والأرض رَبّ العرش عَمَّا يَصِفُونَ} أي عن وصفهم أو الذي يصفونه به من كونه سبحانه له ولد، وفي إضافة اسم الرب إلى أعظم الإجرام وأقواها تنبيه على أنها وما فيها من المخلوقات حيث كانت تحت ملكوته تعالى وربوبيته عز وجل كيف يتوهم أن يكون شيء منها جزأ منه سبحانه وهو ينافي وجوب الوجود، وفي تكرير ذلك الاسم الجليل تفخيم لشأن العرش.

.تفسير الآية رقم (83):

{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83)}
{فَذَرْهُمْ} فدعهم غير ملتفت إليهم حيث لم يذعنوا للحق بعد ما سمعوا هذا البرهان الجلي {يَخُوضُواْ} في أباطيلهم {وَيَلْعَبُواْ} في دنياهم فإن ما هم فيه من الأقوال والأفعال ليس إلا من باب الجهل، والجزم لجواب الأمر {حتى يلاقوا يَوْمَهُمُ الذي يُوعَدُونَ} وهو يوم القيامة عند الأكثرين، وعن عكرمة. وجماعة أنه يوم بدر وقد وعدوا الهلاك فيه، وقريب منه تفسيره بيوم الموت، وقيل: ينبغي تفسيره به دون يوم القيامة لأن الغاية للخوض واللعب إنما هو يوم الموت لانقطاعهما بالموت، وانتصر للأكثرين بأن يوم القيامة هو الويم الموعود وبه سمي في لسان الشرع وتفسيره بذاك مخالف للمعروف ولما بعد من ذكر الساعة، وما ذكر من أمر الانقطاع مدفوع بأن الموت وما بعده في حكم القيامة ولذا ورد من مات فقد قامت قيامته ومثله قد يراد به الدلالة على طول المدة مع قطع النظر عن الانتهاء فيقال: لا يزال في ضلالة إلى أن تقوم القيامة.
وقرأ أبو جعفر. وابن محيصن. وعبيد بن عقيل. عن أبي عمرو {يلاقوا} مضارع لقي، والآية قيل منسوخة بآية السيف.

.تفسير الآية رقم (84):

{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)}
{وَهُوَ الذي فِي السماء إله وَفِى الأرض إله} الظرفان متعلقان بإله لأنه صفة عنى معبود من أله عنى عبد وهو خبر مبتدأ محذوف أي هو إله وذلك عائد الموصول وحذف لطول الصلة تعلق الخبر والعطف عليه.
وقال غير واحد: الجار متعلق بإله باعتبار ما ينبئ عنه من معنى المعبودية بالحق بناء على اختصاصه بالمعبود بالحق وهذا كتعلق الجار بالعلم المشتهر بصفة نحو قولك: هو حاتم في طيء حاتم في تغلب، وعلى هذا تخرج قراءة عمر. وعلي. وعبد الله. وأبي. والحكم بن أبي العالي. وبلال بن أبي بردة. وابن يعمر. وجابر. وابن زيد. وعمر بن عبد العزيز. وأبو شيخ الهنائي. وحميد. وابن مقسم. وابن السميقع {وَهُوَ الذي فِي السماء الله وَفِيكُمْ الأرض الله} فيعلق الجار بالاسم الجليل باعتبار الوصف المشتهر به، واعتبر بعضهم معنى الاستحقاق للعبادة وعلل ذلك بأن العبادة بالفعل لا تلزم، وجوز كون الجار والمجرور صلة الموصول، و{إِلَهٍ} خبر مبتدأ محذوف أيضًا على أن الجملة بيان للصلة وأن كونه سبحانه في السماء على سبيل الإلهية لا على معنى الاستقرار.
واختيار كون {إِلَهٍ} في هذا الوجه خبر مبتدأ محذوف على كونه خبرًا آخر للمبتدأ المذكور أو بدلًا من الموصول أو من ضميره بناء على تجويزه لأن إبدال النكرة الغير الموصوفة من المعرفة إذا أفادت ما لم يستفد أولًا كما هنا جائز حسن على ما قال أبو علي في الحجة لأن البيان هاهنا أتم وأهم فلذا رجح مع ما فيه من التقدير وحينئذ فلا فاصل أجنبي بين المتعاطفين، ولا يجوز كون اجلار والمجرور خبر مقدمًا وإله مبتدى مؤخرًا للزوم خلو الجملة عن العائد مع فساد المعنى، وفي الآية نفي الآلهة السماوية والأرضية واختصاص الإلهية به عز جل لما فيها من تعريف طرفي الإسناد، والموصول في مثل ذلك كالمعرف بالأداة وللاعتتاء بكل من إلهيته تعالى في السماء وإلهيته عز وجل في الأرض قيل {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} ولم يقل: وهو الذي في السماء وفي الأرض إله أو هو الذي في السماء والأرض إله، وحديث الإعادة قيل مما لا يجري هاهنا لأن القاعدة أغلبية كأكثر قواعد العربية.
وقال بعض الأفاضل: يجوز إجراء القاعدة فيه والمغايرة بين الشيئين أعم من أن تكون بالذات أو بالوصف والاعتبار والمراد هنا الثاني ولا شك أن طريق عبادة أهل السماء له تعالى غير طريق عبادة أهل الأرض على ما يشهد به تتبع الآثار فإذا كان إله عنى معبود كان معنى الآية أنه تعالى معبود في السماء على وجه ومعبود في الأرض على وجه آخر، وإن كان عنى التحير فيه فالتحير في أهل السماء غير التحير في أهل الأرض فلا جرم تكون أطوارهم مخالفة لأطوار أهل الأرض، ومن ذلك اختلاف علومهم فإن علوم أهل الأرض إن كانت ضرورية فأكثرها مستندة إلى الحس وإن كانت نظرية كانت مكتسبة من النظر فإذا انسد طريق النظر والحس عجزوا وتحيروا ولا كذلك أهل السماء لتنزههم عن الكسب والحسن فتحيرهم على نحو آخر، أو نقول التحير في إدراك ذاته تعالى وصفاته إنما ينشأ من مشاهدة آثار عظمته وكمال قدرته سبحانه ولا شك أن تلك الآثار في السماء أعظم من الآثار في الأرض وعليه فيجوز أن يكون الإله عنى المتحير فيه ويكون مجازًا عن عظيم الشأن من باب ذكر اللازم وإرادة الملزوم فيكون المعنى أنه تعالى عظيم الشأن في السماء على نحو وعظيم الشأن في الأرض على نحو آخر اه، ولا يخلو عن شيء كما لا يخفى {وَهُوَ الحكيم العليم} كالدليل على النفي والاختصاص المشار إليهما فإن من لا يتصف بكمال الحكمة والعلم لا يستحق الإلهية.

.تفسير الآية رقم (85):

{وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85)}
{وَتَبَارَكَ الذي لَهُ مُلْكُ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا} كالهواء ومخلوقات الجو المشاهدة وغيرها {وَعِندَهُ عِلْمُ الساعة} أي العلم بالساعة أي الزمان الذي تقوم القيامة فيه فالمصدر مضاف لمفعوله، والساعة عناها اللغوي وهو مقدار قليل من الزمان، ويجوز أن يراد بها معناها الشرعي وهو يوم القيامة، والمحذور مندفع بأدنى تأمل، وفي تقديم الخبر إشارة إلى استئثاره تعالى بعلم ذلك {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} للجزاء، والالتفات إلى الخطاب للتهديد، وقرأ الأكثر بياء الغيبة والفعل في القراءتين مبني للمفعول؛ وقرئ بفتح تاء الخطاب والبناء للفاعل، وقرئ {تُحْشَرُونَ} بتاء الخطاب أيضًا والبناء للمفعول.

.تفسير الآية رقم (86):

{وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86)}
{وَلاَ يَمْلِكُ الذين يَدْعُونَ} أي ولا يملك آلهتهم الذين يدعونهم {مِن دُونِهِ الشفاعة} كما زعموا أنهم شفعاؤهم عند الله عز وجل، وقرئ {تَدْعُونَ} بتاء الخطاب والتخفيف؛ والسلمي. وابن وقاب بها وشد الدال {إِلاَّ مَن شَهِدَ بالحق} الذي هو الوتحيد {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أي يعلمونه، والجملة في موضع الحال، وقيد بها لأن الشهادة عن غير علم بالمشهود به لا يعول عليها، وجمع الضمير باعتبار معنى من كما كما أن الافراد أولا باعتبار لفظه، والمراد به الملائكة. وعيسى وعزيز. وأضرابهم صلاة الله تعالى وسلامه عليهم، والاستثناء قيل: متصل إن أريد بالذين يدعون من دونه كل ما يعبد من دون الله عز وجل ومنفصل إن أريد بذلك الاصنام فقط، وقيل: هو منفصل مطلقًا وعلل بإن المراد نفي ملك الآلهة الباطلة السفاعة للكفرة ومن شهد بالحق منها لا يملك الشفاعة لهم أيضًا وإنما يملك الشفاعة للمؤمنين فكأنه قيل على تقدير التعميم: ولا يملك الذين يدعونهم من دون الله تعالى كائنين ما كانوا السفاعة لهم لكن من شهد بالحق يملك الشفاعة لمن شاء الله سبحانه من المؤمنين؛ فالكلام نظير قولك: ما جاء القوم إلى إلا زيدا جاء إلى عمرو فتأمل.
وقال مجاهد. وغيره: المراد بمن شهد بالحق المشفوع فيهم، وجعل الاستثناء عليه متصلا والمستثنى منه محذوفًا كأنه قيل: ولا يملك هؤلاء الملائكة واضرابهم الشفاعة في أحد إلا فيمن وحد عن إيقان وإخلاص ومثله في حذف المستثنى منه قوله:
نجا سالم والنفس منه بشرقة ** ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرًا

أي ولم ينج شيء إلا جفن سيف، واستدل بالآية على أن العلم ما لابد منه في الشهادة دون المشاهدة.

.تفسير الآية رقم (87):

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)}
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ} أي سألت العابدين أو المعبودين {لَيَقُولُنَّ الله} لتعذر المكابرة في ذلك من فرط ظهوره ووجه قول المعبودين ذلك أظهر من أن يخفى {فأنى يُؤْفَكُونَ} فكيف يصرفون عن عبادته تعالى إلى عبادة غيره سبحانه ويشركونه معه عز وجل مع إقرارهم بأنه تعالى خالقهم أو مع علمهم بإقرار آلهتهم بذلك، والفاء جزائية أي إذا كان الأمر كذلك فإني إلخ، والمراد التعجب من اشراكهم مع ذلك، وقيل: المعنى فكيف يكذبون بعد علمهم بذلك فهو تعجب من عبادة غيره تعالى وإنكارهم للتوحيد مع أنه مركوز في فطرتهم، وأيًا ما كان فهو متعلق بما قبله من التوحيد والإقرار بأنه تعالى هو الخالق، وأما كون المعنى فكيف أو أين يصرفون عن التصديق بالبعث مع أن الإعادة أهون من الإبداء وجعله متعلقًا بأمر الساعة كما قيل فيأباه السياق.
وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو {تُؤْفَكُونَ} بتاء الخطاب.

.تفسير الآية رقم (88):

{وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88)}
{وَقِيلِهِ يارب رَبّ إِنَّ *هَؤُلاَء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ} بجر {قيله} وهي قراءة عاصم. وحمزة. والسلمي. وابن وثاب: والأعمش.
وقرأ الأعرج. وأبو قلابة. ومجاهد. والحسن. وقتادة. ومسلم بن جندب برفعه وهي قراءة شاذة.
وقرأ الجمهور بنصبه، واختلف في التخريج فقيل الجر على عطفه على لفظ الساعة في قوله تعالى: {وَعِندَهُ عِلْمُ الساعة} [الزخرف: 85] أي عنده علم قيله، والنصب على عطفه على محلها لأنها في محل نصب بعلم المضاف إليها فإنه كما قدمنا مصدر مضاف لمفعوله فكأنه قيل: يعلم الساعة ويعلم قيله، والرفع على عطفه على {عِلْمُ الساعة} على حذف مضاف والأصل وعلم قيله فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ونسب الوجه الأول لأبي علي والثالث لابن جنى وجميع الأوجه للزجاج وضمير {قيله} عليها للرسول صلى الله عليه وسلم المفهوم من قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ} [الزخرف: 87] والقيل والقال والقول مصادر جاءت عنى واحد، والمنادي وما في حيزه مقول القول، والكلام خارج مخرج التحسر والتحزن والتشكي من عدم إيمان أولئك القوم، وفي الإشارة إليهم بهؤلاء دون قوله قومي ونحوه تحقير لهم وبتر منهم لسوء حالهم، والمراد من أخباره تعالى بعلمه ذلك وعيده سبحانه إياهم، وقيل: الجر على إضمار حرف القسم والنصب على حذفه وإيصال فعله إليه محذوفًا والرفع على نحو لعمرك لأفعلن وإليه ذهب الزمخشري وجعل المقول يا رب وقوله سبحانه: {إِنَّ هَؤُلآء} إلخ جواب القسم على الأوجه الثلاثة وضمير {قيله} كما سبق، والكلام اخبار منه تعالى أنهم لا يؤمنون وإقسامه سبحانه عليه بقوله صلى الله عليه وسلم: يا رب لرفع شأنه عليه الصلاة والسلام وتعظيم دعائه والتجائه إليه تعالى، والواو عنده للعطف أعني عطف الجملة القسمية على الجملة الشرطية لكن لما كان القسم نزلة الجملة الاعتراضية صارت الواو كالمضمحل عنها معنى العطف، وفيه أن الحذف الذي تضمنه تخريجه من ألفاظ شاع استعمالها في القسم كعمرك وايمن الله واضح الوجه على الأوجه اللثلاثة، وأما في غيرها كالقيل هنا فلا حكاه في البحر وهو كما ترى، وقيل: النصب على العطف على مفعول يكتبون المحذوف أي يكتبون أقوالهم وأفعالهم وقيله يا رب إلخ وليس بشيء، وقيل: هو على العطف على مفعول {يعلمون} [الزخرف: 86] أعني الحق أي يعلمون الحق وقيل إلخ، وهو قول لا يكاد يعقل، وعن الأخفش أنه على العطف على {سِرَّهُمْ ونجواهم} [الزخرف: 80] ورد بأنه ليس بقوى في المعنى مع وقوع الفصل بما لا يحسن اعتراضًا ومع تنافر النظم. وتعقب أن ما ذكر من الفصل ظاهر وأما ضعف المعنى وتنافر النظم فغير مسلم لأن تقديره أم يحسبون أنه لا نسمع سرهم ونجواهم وانا لا نسمع قيله إلخ وهو منتظم أتم انتظام، وعنه أيضًا أنه على اضمار فعل من القيل ناصب له على المصدرية والتقدير قال قيله ويؤيده قراءة ابن مسعود {وقال الرسول} والجملة معطوفة على ما قبلها.
ورد بأنه لا يظهر فيه ما يحسن عطفه على الجملة قبله وليس التأكيد بالمصدر في موقعه ولا ارتباط لقوله تعالى: {فاصفح} [الزخرف: 89] به، وقال العلامة الطيبي: في توجيهه إن قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ} [الزخرف: 87] تقديره وقلنا لك: ولئن سألتهم إلخ وقلت: يا رب يأسا من إيمانهم وإنما جعل غائبًا على طريق الالتفات لأنه كأنه صلى الله عليه وسلم فاقد نفسه للتحزن عليهم حيث لم ينفع فيهم سعيه واحتشاده، وقيل: الواو على هذا الوجه للحال وقال بتقدير قد والجملة حالية أي فاني يؤفكون وقد قال الرسول يا رب إلخ، وحاصله فإني يؤفكون وقد شكا الرسول عليه الصلاة والسلام اصرارهم على الكفر وهو خلاف الظاهر، وقيل: الرفع على الابتداء والخبر يا رب إلى لا يؤمنون أو هو محذوف أي مسمون أو متقبل فملة النداء وما بعده في موضع نصب بقيله والجملة حال أو معطوفة، ولا يخفى ما في ذلك، والأوجه عندي ما نسب إلى الزجاج، والاعتراض عليه بالفصل هين، وبضعف المعنى والتنافر غير مسلم، ففي الكشف بعد ذكر تخريج الزجاج الجر أن الفاصل أعني من قوله تعالى: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ إلى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: 85-87] يصلح اعتراضًا لأن قوله سبحانه: {وَعِندَهُ عِلْمُ الساعة} [الزخرف: 85] مرتبط بقوله تعالى: {حتى يلاقوا يَوْمَهُمُ الذي يُوعَدُونَ} [الزخرف: 83] على ما لا يخفى، والكلام مسوق للوعيد البالغ بقوله تعالى: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} إلى قوله عز وجل: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 85، 68] متصل بقوله تعالى: {وَعِندَهُ عِلْمُ الساعة} [الزخرف: 85] اتصال العصا بلحاها، وقوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ} خطاب لمن يتأنى منه السؤال تتميم لذلك الكلام باستحقاقهم ما أوعدوه لعنادهم البالغ، ومنه يظهر وقوع التعجب في قوله سبحانه: {فَإِنّي يُؤْفَكُونَ} وعلى هذا ظهر ارتباط وعلم قيله بقوله تعالى: {وَعِندَهُ عِلْمُ الساعة} وأن الفاصل متصل بهما اتصالًا يجل موقعه، ومن هذا التقرير يلوح أن ما ذهب إليه الزجاج في الأوجه الثلاثة حسن، ولك أن ترجحه على ما ذهب إليه الأخفش بتوافق القراءتين، وأن حمل {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ} على الخطاب المتروك إلى غير معين أوفق بالمقام من حمله على خطابه عليه الصلاة والسلام وسلامته من اضمار القول قبل قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ} مع أن السياق غير ظاهر الدلالة عليه اه، وهو أحسن ما رأيته للمفسرين في هذا المقام. وقرأ أبو قلابة {قَالَتْ رَبّ} بفتح الباء ووجه ظاهر.