فصل: تفسير الآية رقم (10):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (10):

{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)}
{والذين جَاءوا مِن بَعْدِهِمْ} عطف عند الأكثرين أيضًا على {المهاجرين} [الحشر: 8]، والمراد بهؤلاء قيل: الذين هاجروا حين قوي الإسلام، فالمجيء حسي وهو مجيئيهم إلى المدينة، وضمير {مّن بَعْدِهِمْ} للمهاجرين الأولين، وقيل: هم المؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة، فالمجيء إما إلى الوجود أو إلى الإيمان وضمير {مّن بَعْدِهِمْ} للفريقين المهاجرين والأنصار، وهذا هو الذي يدل عليه كلام عمر رضي الله تعالى عنه وكلام كثير من السلف كالصريح فيه، فالآية قد استوعبت جميع المؤمنين، وجملة قوله تعالى: {يَقُولُونَ} إلخ حالية، وقيل: استئناف.
{رَبَّنَا اغفر لَنَا ولإخواننا} أي في الدين الذي هو أعز وأشرف عندهم من النسب {الذين سَبَقُونَا بالإيمان} وصفوهم بذلك اعترافًا بفضلهم {وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًا} أي حقدًا، وقرئ غمرًا {لِلَّذِينَ ءامَنُواْ} على الإطلاق {رَبَّنَا إِنَّكَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ} أي مبالغ في الرأفة والرحمة، فحقيق بأن تجيب دعاءنا، وفي الآية حث على الدعاء للصحابة وتصفية القلوب من بغض أحد منهم، وأخرج عبد بن حميد. وابن المنذر. وجماعة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم ثم قرأت هذه الآية {والذين جَاءوا} إلخ.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رجلًا وهو يتناول بعض المهاجرين فدعاه فقرأ عليه {لِلْفُقَرَاء المهاجرين} [الحشر: 8] الآية، ثم قال: هؤلاء المهاجرون أفمنهم أنت؟ قال: لا، ثم قرأ عليه {والذين تَبَوَّءوا الدار والإيمان} [الحشر: 9] الآية، ثم قال: هؤلاء الأنصار أفمنهم أنت؟ قال: لا. ثم قرأ عليه {والذين جَاءوا مِن بَعْدِهِمْ} الآية، ثم قال: أفمن هؤلاء أنت؟ قال: أرجو قال: لا والله ليس من هؤلاء من سب هؤلاء.
وفي رواية أن ابن عمر رضي الله تعالى عنه بلغه أن رجلًا نال من عثمان رضي الله تعالى عنه فدعاه فقرأ عليه الآيات وقال له ما قال، وقال الإمام مالك: من كان له في أحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم قول سيء أو بغض فلاحظ له في الفيء أخذًا من هذه الآية، وفيها ما يدل على ذم الغل لأحد من المؤمنين، وفي حديث أخرجه الحكيم الترمذي. والنسائي عن أنس رضي الله تعالى عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في أيام ثلاثة يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلع فيها رجل من الأنصار فبات معه عبد الله بن عمرو بن العاص ثلاث ليال مستكشفًا حاله فلم ير له كثير عمل فأخبره الخبر فقال له: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي غلا لأحد من المسلمين ولا أحسده على خير أعطاه الله تعالى إياه فقال له عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق وفي رواية أنه قال: لو كانت الدنيا لي فأخذت مني لم أحزن عليها ولو أعطيته لم أفرح بها وأبيت وليس في قلبي غل على أحد فقال عبد الله: لكني أقوم الليل وأصوم النهار ولو وهبت لي شاة لفرحت بها ولو ذهبت لحزنت عليها والله لقد فضلك الله تعالى علينا فضلًا بينًا».
هذا وذهب بعضهم إلى أن قوله تعالى: {والذين تبوأوا} [الحشر: 9] إلخ مبتدأ، وجملة {هؤلاء يُحِبُّونَ} إلخ خبره، والكلام استئناف مسوق لمدح الأنصار، وجوز كون ذلك معطوفًا على {أولئك} فيفيد شركة الأنصار للمهاجرين في الصدق، وجملة {يُحِبُّونَ} إلخ إما استئناف مقرر لصدقهم أو حال من ضمير {تبوأوا} وإلى أن قوله تعالى: {المفلحون والذين جَاءوا} إلخ مبتدأ؛ وجملة {يَقُولُونَ} إلخ خبره، والجملة معطوفة على الجملة السابقة مسوقة لمدح هؤلاء حبتهم من تقدمهم من المؤمنين ومراعاتهم لحقوق الأخوة في الدين والسبق بالإيمان كما أن ما عطفت عليه من الجملة السابقة لمدح الأنصار.
واستدل لعدم عطف {الذين تبوأوا} [الحشر: 9] على {لِلْفُقَرَاء المهاجرين} [الحشر: 8] بما روى أن النبي عليه الصلاة والسلام قسم أموال بني النضير على المهاجرين ولم يعط الأنصار إلا ثلاثة كما تقدم، وقال عليه الصلاة والسلام لهم: «إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وشاركتموهم من هذه الغنيمة وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة فقالوا: بل نقسم لهم أي للمهاجرين من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها» فنزلت الآية {والذين تَبَوَّءوا الدار والإيمان} إلى آخره، وبعض القائلين بالعطف يقولون: إن قوله تعالى: {والذين} إلخ بيان لحكم الأخماس الأربعة على معنى أن له عليه الصلاة والسلام أن يعم الناس بها حسن اختياره وأن الأنصار مصرف من المصارف، ولكن قد اختار صلى الله عليه وسلم أن يكون إعطاؤهم بالشرط الذي ذكره عليه الصلاة والسلام لهم، وهم اختاروا ما اختاروا إيثارًا منهم، وذلك لا يخرجهم عن كونهم مصرفًا بل في قوله تعالى: {أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ على أَنفُسِهِمْ} [الحشر: 9] رمز إليه على أن في الأخبار ما هو أصح وأصرح في الدلالة على عطفهم على ما تقدم، وأنهم يعطون من الفيء، وكذا عطف الذين جاءوا من بعدهم فقد أخرج البخاري. ومسلم. وأبو داود. والترمذي. والنسائي. وابن حبان. وغيرهم عن مالك بن أوس بن الحدثان في حديث طويل أن عمر رضي الله تعالى عنه قال أي في قضاء بين علي كرم الله تعالى وجهه. وعمه العباس رضي الله تعالى عنه في فدك، وقد كان عمر دفعها إليهما وأخذ عليهما عهد الله تعالى على أن يعملا فيها بما كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يعمل به فيها فتنازعا إن الله تعالى قال: {مَّا أَفَاء الله على رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ ولكن الله يُسَلّطُ رُسُلَهُ على مَن يَشَاء والله على كُلّ شَيْء} [الحشر: 6] فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، ثم قال سبحانه: {مَّا أَفَاء الله على رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القرى فالله وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى القربى} [الحشر: 7] إلى آخر الآية، ثم والله ما أعطاها هؤلاء وحدهم حتى قال تعالى: {لِلْفُقَرَاء المهاجرين الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن ديارهم وأموالهم يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ الله ورضوانا وَيَنصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصادقون} [الحشر: 8]، ثم والله ما جعلها لهؤلاء وحدهم حتى قال سبحانه: {والذين جَاءوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغفر لَنَا} إلى قوله تعالى: {رَّحِيمٌ} فقسمها هذا القسم على هؤلاء الذين ذكر، ولئن بقيت ليأتين الرويعي بصنعاء حقه ودمه في وجهه، وظاهر هذا الخبر يقتضي أن للمهاجرين سهمًا غير السهام السابقة، فلا يكون {لِلْفُقَرَاء} بدل من لذي القربى وما بعده ولا مما بعده دونه، وكذا ظاهر ما في مصحف عبد الله. وزيد بن ثابت كما أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن الأعمش ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فاللّه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والمهاجرين في سبيل الله على أن الإبدال يقتضي ظاهرًا كون اليتامى مهاجرين أخرجوا من ديارهم وأموالهم إلى آخر الصفات، وفي صدق ذلك عليهم بعد، وكذا يقتضي كون ابن السبيل كذلك، وفيه نوع بعد أيضًا كما لا يخفى فلعله اعتبر تعلقه بفعل محذوف والجملة استئناف بياني، وذلك أنهم كانوا يعلمون أن الخمس يصرف لمن تضمنه قوله تعال: {فالله وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} [الحشر: 7] فلما ذكر ذلك انقدح في أذهانهم أن المذكورين مصرف الخمس ولم يعلموا مصرف الأخماس الأربعة الباقية فكأنهم قالوا: فلمن تكون الأخماس الأربعة الباقية. أو فلمن يكون الباقي؟ فقيل: تكون الأخماس الأربعة الباقية أو يكون الباقي {لِلْفُقَرَاء المهاجرين} إلى آخره ولم أر من تعرض لذلك فتأمل، والله تعالى الهادي إلى أحسن المسالك.

.تفسير الآية رقم (11):

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11)}
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين نافقوا} حكاية لما جرى بين الكفرة والمنافقين من الأقوال الكاذبة والأحوال الفاسدة وتعجيب منها بعد حكاية محاسن أحوال المؤمنين على اختلاف طبقاتهم. والخطاب لرسول الله عليه الصلاة والسلام أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب، والآية كما أخرج ابن إسحق. وابن المنذر. وأبو نعيم عن ابن عباس نزلت في رهط من بني عوف منهم عبد الله بن أبي سلول. ووديعة بن مالك. وسويد. وداعس بعثوا إلى بني النضير بما تضمنته الجمل المحكية بقوله تعالى: {يَقُولُونَ} إلخ.
وقال السدي: أسلم ناس من بني قريظة. والنضير وكان فيهم منافقون فبعثوا إلى بني النضير ما قص الله تعالى، والمعول عليه الأول، وقوله سبحانه: {يَقُولُونَ} استئناف لبيان المتعجب منه، وصيغة المضارع للدلالة على استمرار قولهم، أو لاستحضار صورته، واللام في قوله عز وجل: {لإِخْوَانِهِمُ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب} للتبليغ؛ والمراد بإخوتهم الأخوة في الدين واعتقاد الكفرة أو الصداقة، وكثر جمع الأخ مرادًا به ما ذكر على إخوان، ومرادًا به الأخوة في النسب على إخوة، وقل خلاف ذلك، واللام في قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ} موطئة للقسم؛ وقوله سبحانه: {لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ} جواب القسم أي والله لئن أخرجتم من دياركم قسرًا لنخرجن من ديارنا معكم البتة ونذهبن في صحبتكم أينما ذهبتم {وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ} في شأنكم {أَحَدًا} يمنعنا من الخروج معكم وهو لدفع أن يكونوا وعدوهم الخروج بشرط أن يمنعوا منه {أَبَدًا} وإن طال الزمان، وقيل: لا نطيع في قتالكم أو خذلانكم، قال في «الإرشاد»: وليس بذاك لأن تقدير القتال مترقب بعد، ولأن وعدهم لهم على ذلك التقدير ليس مجرد عدم طاعتهم لمن يدعوهم إلى قتالهم بل نصرتهم عليه كما ينطق به قوله تعالى: {وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ} أي لنعاوننكم على عدوكم على أن دعوتهم إلى خذلان اليهود مما لا يمكن صدوره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين حتى يدعوا عدم طاعتهم فيها ضرورة أنها لو كانت لكانت عند استعدادهم لنصرتهم وإظهار كفرهم، ولا ريب في أن ما يفعله عليه الصلاة والسلام عند ذلك قتلهم لا دعوتهم إلى ترك نصرتهم، وأما الخروج معهم فليس بهذه المرتبة من إظهار الكفر لجواز أن يدّعوا أن خروجهم معهم لما بينهم من الصداقة الدنيوية لا للموافقة في الدين، ونوقش في ذلك، وجواب {ءانٍ} محذوف، و{لَنَنصُرَنَّكُمْ} جواب قسم محذوف قبل {ءانٍ} الشرطية، وكذا يقال فيما بعد على ما هو القاعدة المشهورة فيما إذا تقدم القسم على الشرط {والله يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لكاذبون} في مواعيدهم المؤكدة بالأيمان، وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (12):

{لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12)}
{لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ} إلى آخره تكذيب لهم في كل واحد من أقوالهم على التفصيل بعد تكذيبهم في الكل على الإجمال {وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ} وكان الأمر كذلك، والإخبار عن خلفهم في الميعاد قيل: من الإخبار بالغيب وهو من أدلة النبوة وأحد وجوه الإعجاز، وهذا مبني على أن السورة نزلت قبل وقعة بني النضير، وكلام أهل الحديث. والسير على ما قيل: يدل على خلافه.
وقال بعض الأجلة: إن قوله تعالى: {يَقُولُونَ لَئِن أُخْرِجْتُمْ} [الحشر: 11] إلخ من باب الإخبار بالغيب بناءًا على ما روي أن عبد الله بن أبيّ دس إليهم لا يخرجوا فأطلع الله تعالى رسوله عليه الصلاة والسلام على ما دسه {وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ} على سبيل الفرض والتقدير {لَيُوَلُّنَّ} أي المنافقون {الادبار} فرارًا {ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} بعد ذلك أي يهلكهم الله تعالى ولا ينفعهم نقاقهم لظهور كفرهم، أو {لَيُوَلُّنَّ} أي اليهود المفروضة نصرة المنافقين إياهم ولينهزمن، ثم لا ينفعهم نصرة المنافقين، وقيل: الضمير المرفوع في {نَّصَرُوهُمْ} لليهود، والمنصوب للمنافقين أي ولئن نصر اليهود المنافقين ليولي اليهود الأدبار وليس بشيء، وكأنه دعا قائله إليه دفع ما يتوهم من المنافاة بين {لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ} على الوجه السابق، وقد أشرنا إلى دفع ذلك من غير حاجة إلى هذا التوجيه الذي لا يخفى حاله.

.تفسير الآية رقم (13):

{لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13)}
{لاَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً} أي أشدّ مرهوبية على أن {رَهْبَةً} مصدر من المبني للمفعول لأن المخاطبين وهم المؤمنون مرهوب منهم لا راهبون {فِى صُدُورِهِمْ مّنَ الله} أي رهبتهم منكم في السر أشد مما يظهرونه لكم من رهبة الله عز وجل وكانوا يظهرون لهم رهبة شديدة من الله عز وجل، ويجوز أن يراد أنهم يخافونكم في صدورهم أشد من خوفهم من الله تعالى ولشدة البأس والتشجع ما كانوا يظهرون ذلك، قيل: إن {فِى صُدُورِهِمْ} على الوجه الأول مبالغة وتصوير على نحو رأيته بعيني {ذلك} أي ما ذكر من كونكم أشد رهبة في صدورهم من الله تعالى: {بِأَنَّهُمْ} بسبب أنهم {قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} شيئًا حتى يعلموا عظمة الله عز وجل فيخشوه حق خشيته سبحانه وتعالى، والمراد بهؤلاء اليهود، وقيل: المنافقون؛ وقيل: الفريقان.