فصل: تفسير الآية رقم (7):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (7):

{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7)}
{أَوْ نُذْرًا إِنَّمَا تُوعَدُونَ لواقع} جواب للقسم وما موصولة وإن كتبت موصولة والعائد محذوف أي أن الذي توعدونه من مجيء القيامة كائن لا محالة وجوز أن يراد بالموصول جميع ما تضمنته السورة السابقة وهو خلاف الظاهر جدًا.

.تفسير الآية رقم (8):

{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8)}
{فَإِذَا النجوم طُمِسَتْ} أزيل أثرها بإزالة نورها أو بإعدام ذاتها وإذهابها بالكلية وكل من الأمرين سيكون وليس من المحال في شيء وما زعمه الفلاسفة المتقدمون في أمر تلك الأجرام واستحالة التحلل والعدم عليها أوهن من بيت العنكبوت وما زعمه المعاصرين منهم فيها وإن كان غير ثابت عندنا إلا أن إمكان الطمس عليه في غاية الظهور.

.تفسير الآية رقم (9):

{وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9)}
{وَإِذَا السماء فُرِجَتْ} شقت كما قال سبحانه: {إذا السماء أنشقت} [الإنشقاق: 1] {ويوم تشقق السماء بالغمام} [الفرقان: 25] وقيل فتحت كما قال سبحانه: {وفتحت السماء فكانت أبوابًا} [النبأ: 19] وأنشد سيبويه:
الفارجي باب الأمير المبهم

ولا مانع من ذلك أيضًا سواء كانت السماء جسمًا صلبًا أو جسمًا لطيفًا وأدلة استحالة الخرق والالتئام فيها خروق لا تلتئم.

.تفسير الآية رقم (10):

{وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10)}
{وَإِذَا الجبال نُسِفَتْ} جعلت كالحب الذي ينسف بالمنسف ونحوه {و بست الجبال بسا} [الواقعة: 5] {وكانت الجبال كثيبًا مهيلًا} [المزمل: 14] قال في البحر فرقتها الرياح وذلك بعد التسيير وقيل ذلك جعلها هباء وقيل نسفت أخذت من مقارها بسرعة من انتسفت الشيء إذا اختطفته وقرأ عمرو بن ميمون طمست وفرجت بتشديد الميم والراء وذكر في الكشاف أن الأفعال الثلاثة قرئت بالتشديد.

.تفسير الآية رقم (11):

{وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11)}
{وَإِذَا الرسل أُقّتَتْ} أي بلغت ميقاتها الذي كانت تنتظره وهو يوم القيامة وجوز أن يكون المعنى عين لها الوقت الذي تحضر فيه للشهادة على الأمم وذلك عند مجيئه وحصوله والوجه هو الأول كما قال جار الله وتحقيقه كما في الكشف أن توقيت الشيء تحديده وتعيين وقته فإيقاعه على الذوات بإضمار لأن المؤقت هو الإحداث لا الجثث ويجيء عنى جعل الشيء منتهيًا إلى وقته المحدود وعلى هذا يقع عليها دون إضمار إذا كان بينها وبين ذلك الوقت ملابسة وإنما كان لوجه لأن القيامة ليست وقتًا يتبين فيه وقت الرسل الذي يحضرون فيه للشهادة بل هي نفس ذلك الوقت وإذا الرسل أقتت يقتضي ذلك لأنك إذا قلت إذا أكرمتني أكرمتك اقتضى أن يكون زمان إكرام المخاطب للمتكلم هو ما دل عليه إذا سواء جعل الظرف معموله أو معمول الجزاء أي فلابد من التأويل وقد أشير إليه في ضمن التفسير وقرأ النخعي والحسن وعيسى وخالد أقتت بالهمزة وتخفيف القاف وقرأ أبو الأشهب وعمرو بن عبيد وأبو عمرو وعيسى أيضًا وقتت بالواو على الأصل لأن الهمزة مبدلة من الواو المضمومة ضمة لازمة وهو أمر مطرد كما بين في محله وقال عيسى وقتت لغة سفلى مضر وقرأ عبد الله بن الحسن وأبو جعفر وقتت بواو واحدة وتخفيف القاف وقرأ الحسن أيضًا ووقتت بواوين على وزن فوعلت وإذا في جميع ما تقدم شرطية وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (12):

{لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12)}
{لايّ يَوْمٍ أُجّلَتْ} قيل مقول لقول مقدر هو جواب إذا أي يقال: {لايّ يَوْمٍ} إلخ وجعل التأجيل عنى التأخير من قولهم دين مؤجل في مقابل الحال والضمير لما يشعر به الكلام والاستفهام للتعظيم والتعجيب من هول ذلك اليوم أي إذا كان كذا وكذا يقال لأي يوم أخرت الأمور المتعلقة بالرسل من تعذيب الكفرة وإهانتهم وتنعيم المؤمنين ورعايتهم وظهور ما كانت الرسل عليهم السلام تذكره من الآخرة وأحوالها وفظاعة أمورها وأهوالها وجوز أن يكون الضمير للأمور المشار إليها فيما قبل من طمس النجوم وفرج السماء ونسف الجبال وتاقيت الرسل وأن يكون للرسل إلا أن المعنى على نحو ما تقدم وقيل أن يكون القول المقدر في موضع الحال من مرفوع {أقتت} أي مقولًا فيها لأي يوم أجلت وأن تكون الجملة نفسها من غير تقدير قول في موضع المفعول الثاني لاقتت على أنه عنى أعلمت كأنه قيل وإذا الرسل أعلمت وقت تأجيلها أي جيئه وحصوله وجواب إذا على الوجهين قيل قوله تعالى الآتي: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ} [المرسلات: 15] وجاء حذف الفاء في مثله وقيل محذوف لدلالة الكلام عليه أي وقع الفصل أو وقع ما توعدون واختار هذا أبو حيان ويجوز على احتمال كون الجواب ويل يومئذٍ للمكذبين أو تقدير المقدر مؤخرًا كون جملة لأي يوم أجلت اعتراضًا لتهويل شأن ذلك اليوم وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (13):

{لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13)}
{لِيَوْمِ الفصل} بدل من {لأي يوم} [المرسلات: 12] مبين له وقيل متعلق قدر تقديره أجلت ليوم الفصل بين الخلائق.

.تفسير الآية رقم (14):

{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14)}
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الفصل} أي أي شيء جعلك داريًا ما هو على أن ما الأولى مبتدأ وإدراك خبره وما الثانية خبر مقدم ويوم مبتدأ مؤخر لا بالعكس كما اختاره سيبويه لأن محط الفائدة بيان كون يوم الفصل أمرًا بديعًا لا يقادر قدره ولا يكتنه كنهه كما يفيده خبرية ما لا بيان كون أمر بديع من الأمور يوم الفصل كما يفيده عكسه ووضع الظاهر موضع الضمير لزيادة التفظيع والتهويل المقصودين من الكلام.

.تفسير الآية رقم (15):

{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)}
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ} أي في ذلك اليوم الهائل وويل في الأصل مصدر عنى هلاك وكان حقه النصب بفعل من لفظه أو معناه إلا أنه رفع على الابتداء للدلالة على ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه ويومئذٍ ظرفه أو صفته فمسوغ الابتداء به ظاهر والمشهور أن مسوغ ذلك كونه للدعاء كما {في سلام عليكم}

.تفسير الآية رقم (16):

{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16)}
{أَلَمْ نُهْلِكِ الاولين} كقوم نوح وعاد وثمود وقرأ قتادة نهلك بفتح النون على أنه من هلكه عنى أهلكه ومنه هالك عنى مهلك كما هو الظاهر في قول العجاج:
ومهمه هالك من تعرجا ** هائلة أهواله من أدرجا

لئلا يلزم حذف الضمير مع حرف الجر أعني به أو فيه وليناسب ما في الشطر الثاني.

.تفسير الآية رقم (17):

{ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ (17)}
{ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الاخرين} بالرفع على الاستئناف وهو وعيد لأهل مكة وأخبار عما يقع بعد الهجرة كبدر كأنه قيل ثم نحن نفعل بأمثالهم من الآخرين مثل ما فعلنا بالأولين ونسلك بهم سبيلهم لأنهم كذبوا مثل تكذيبهم ويقويه قراءة عبد الله ثم سنتبعهم بسين الاستقبال وجوز العطف على قوله تعالى: {أَلَمْ نُهْلِكِ} [المرسلات: 16] إلى آخره وقرأ الأعرج والعباس عن أبي عمرو نتبعهم بإسكان العين فحمل على الجزم والعطف على نهلك فيكون المراد بالآخرين المتأخرين هلاكًا من المذكورين كقوم لوط وشعيب وموسى عليهم السلام دون كفار أهل مكة لأنهم بعد ما كانوا قد أهلكوا والعطف على نهلك يقتضيه وجوز أن يكون قد سكن تخفيفًا كما في {وما يشعركم} [الأنعام: 109] فهو مرفوع كما في قراءة الجمهور إلا أن الضمة مقدرة.

.تفسير الآية رقم (18):

{كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18)}
{كذلك} مثل ذلك الفعل الفظيع {نَفْعَلُ بالمجرمين} أي بكل من أجرم والمراد أن سنتنا جارية على ذلك.

.تفسير الآية رقم (19):

{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (19)}
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ} أي يوم إذا أهلكناهم {لّلْمُكَذّبِينَ} بآيات الله تعالى وأنبيائه عليهم السلام وليس فيه تكرير لما أن الويل الأول لعذاب الآخرة وهذا لعذاب الدنيا وقيل لا تكرير لاختلاف متعلق المكذبين في الموضعين بأن يكون متعلقة هنا ما سمعت وفيما تقدم {يوم الفصل} [المرسلات: 13] ونحوه وكذا يقال فيما بعد وجوز اعتبار الاتحاد والتأكيد أمر حسن لا ضير فيه.

.تفسير الآية رقم (20):

{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20)}
{أَلَمْ نَخْلُقكُّم مّن مَّاء مَّهِينٍ} من نطفة قذرة مهينة وليس فيه دليل على نجاسة المني.

.تفسير الآية رقم (21):

{فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21)}
{فجعلناه فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} هو الرحم.

.تفسير الآية رقم (22):

{إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22)}
{إلى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ} أي مقدار معلوم عند الله تعالى من الوقت قدره سبحانه للولادة تسعة أشهر أو أقل منها أو أكثر.

.تفسير الآية رقم (23):

{فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23)}
{فَقَدَرْنَا} أي فقدرنا ذلك تقديرًا {فَنِعْمَ القادرون} أي فنعم المقدرون له نحن وجوز أن يكون المعنى فقدرنا على ذلك فنعم القادرون عليه نحن والأول أولى لقراءة علي كرم الله تعالى وجهه ونافع والكسائي فقدرنا بالتشديد ولقوله تعالى: {من نطفة خلقه فقدره} [عبس: 19] ولقوله سبحانه: {إلى قدر معلوم} [المرسلات: 22] فزاده تفخيمًا بأن جعلت الغاية مقصودة بنفسها فقيل فقدرنا ذلك تقديرًا أي تقديرًا دالًا على كمال القدرة وكمال الرحمة على أن حديث القدرة قد تم في قوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقكُّم} [المرسلات: 20] وقول الطيبي في ترجيح الثاني إثبات القدرة أولى لأن الكلام مع المنكرين لا وجه له إذ لا أحد ينكر هذه القدرة ولو سلم فقد قرروا بها بقوله تعالى ألم نخلقكم فتأمل.

.تفسير الآية رقم (24):

{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (24)}
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ} أي بقدرتنا على ذلك أو الإعادة.