فصل: تفسير الآية رقم (46):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (46):

{وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)}
{وَيُكَلّمُ الناس فِي المهد وَكَهْلًا} عطف على الحال الأولى أيضًا وعطف الفعل على الاسم لتأويله به سائغ شائع وهو في القرآن كثير والظرف حال من الضمير المستكن في الفعل ولم يجعل ظرفًا لغوًا متعلقًا به مع صحته لعطف {وَكَهْلًا} عليه، والمراد يكلمهم حال كونه طفلًا وكهلًا، والمقصود التسوية بين الكلام في حال الطفولية وحال الكهولة، وإلا فالكلام في الثاني ليس مما يختص به عليه السلام وليس فيه غرابة، وعلى هذا فالمجموع حال لا كل على الاستقلال، وقيل: إن كلًا منهما حال، والثاني: تبشير ببلوغ سن الكهولة وتحديد لعمره، والمهد مقر الصبي في رضاعه وأصله مصدر سمي به وكان كلامه في المهد ساعة واحدة بما قص الله تعالى لنا، ثم لم يتكلم حتى بلغ أوان الكلام قاله ابن عباس، وقيل: كان يتكلم دائمًا وكان كلامه فيه تأسيسًا لنبوته وإرهاصًا لها على ما ذهب إليه ابن الأخشيد وعليه يكون قوله: {وَجَعَلَنِى نَبِيًّا} [مريم: 30] إخبارًا عما يؤول إليه، وقال الجبائي: إنه سبحانه أكمل عقله عليه السلام إذ ذاك وأوحى إليه بما تكلم به مقرونًا بالنبوة، وجوز أيضًا أن يكون ذلك كرامة لمريم دالة على طهارتها وبراءة ساحتها مما نسبه أهل الإفك إليها، والقول: بأنه معجزة لها بعيد وإن قلنا بنبوتها وزعمت النصارى أنه عليه السلام لم يتكلم في المهد ولم ينطق ببراءة أمه صغيرًا بل أقام ثلاثين سنة واليهود تقذف أمه بيوسف النجار وهذا من أكبر فضائحهم الصادحة برد ما هم عليه من دعوى الألوهية له عليه السلام وكذا تنقله في الأطوار المختلفة المتنافية لأن من هذا شأنه عزل عن الألوهية، واعترضوا بأن كلامه في المهد من أعجب الأمور فلو كان لنقل ولو نقل لكان النصارى أولى الناس عرفته، وأجيب بأن الحاضرين إذ ذاك لم يبلغوا مبلغ التواتر، ولما نقلوا كذبوا فسكتوا، وبقي الأمر مكتومًا إلى أن نطق القرآن به، وهذا قريب على قول ابن عباس: إنه لم يتكلم إلا ساعة من نهار وعلى القول الآخر وهو أنه بقي يتكلم يقال: إن الناس اشتغلوا بعد بنقل ما هو أعجب من ذلك من أحواله كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص والإخبار عن الغيوب والخلق من الطين كهيئة الطير حتى لم يذكر التكلم منهم إلا النزر ولا زال الأمر بقلة حتى لم يبق مخبر عن ذلك وبقي مكتومًا إلى أن أظهره القرآن.
وبعد هذا كله لك أن تقول لا نسلم إجماع النصارى على عدم تكلمه في المهد، وظاهر الأخبار، وقد تقدم بعضها يشير إلى أن بعضهم قائل بذلك، وبفرض إجماعهم نهاية ما يلزم الاستبعاد وهو بعد إخبار الصادق لا يسمن ولا يغني من جوع عند من رسخ إيمانه.
وقوي إيقانه، وكم أجمع أهل الكتابين على أشياء نطق القرآن الحق بخلافها والحق أحق بالاتباع، ولعل مرامهم من ذلك أن يطفئوا نور الله بأفواههم {ويأبى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكافرون} [التوبة: 32] والكهل ما بين الشاب والشيخ، ومنه اكتهل النبت إذا طال وقوي، وقد ذكر غير واحد أن ابن آدم ما دام في الرحم فهو جنين، فإذا ولد فهو وليد؛ ثم ما دام يرضع فهو رضيع، ثم إذا قطع اللبن فهو فطيم، ثم إذا دب ونما فهو دارج، فإذا بلغ خمسة أشبار فهو خماسي، فإذا سقطت رواضعه فهو مثغور، فإذا نبتت أسنانه فهو مثغر بالتاء والثاء كما قال أبو عمرو فإذا قارب عشر سنين أو جاوزها فهو مترعرع وناشئ؛ فإذا كان يبلغ الحلم أو بلغه فهو يافع ومراهق، فإذا احتلم واجتمعت قوته فهو حزور، واسمه في جميع هذه الأحوال غلام فإذا اخضر شاربه وأخذ عذاره يسيل قيل: قد بقل وجهه، فإذا صار ذا فتاء فهو فتى وشارخ، فإذا اجتمعت لحيته وبلغ غاية شبابه فهو مجتمع، ثم ما دام بين الثلاثين والأربعين فهو شاب، ثم كهل إلى أن يستوفي الستين. ويقال لمن لاحت فيه أمارات الكبر وخطه الشيب، ثم يقال شاب، ثم شمط، ثم شاخ، ثم كبر، ثم هرم، ثم دلف، ثم خرف، ثم اهتر، ومحاظله إذا مات وهذا الترتيب إنما هو في الذكور وأما في الإناث فيقال للأنثى ما دامت صغيرة: طفلة، ثم وليدة إذا تحركت، ثم كاعب إذا كعب ثديها ثم ناهد، ثم معصر إذا أدركت، ثم عانس إذا ارتفعت عن حد الإعصار، ثم خود إذا توسطت الشباب، ثم مسلف إذا جاوزت الأربعين، ثم نصف إذا كانت بين الشباب والتعجيز، ثم شهلة كهلة إذا وجدت من الكبر وفيها بقية وجلد ثم شهربة إذا عجزت وفيها تماسك ثم حيزبون إذا صارت عالية السن ناقصة العقل، ثم قلعم ولطلط إذا انحنى قدّها وسقطت أسنانها.
وعلى ما ذكر في سن الكهولة يراد بتكليمه عليه السلام كهلًا تكليمه لهم كذلك بعد نزوله من السماء وبلوغه ذلك السن بناءًا على ما ذهب إليه سعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وغيرهما «أنه عليه السلام رفع إلى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة وأنه سينزل إلى الأرض ويبقى حيًا فيها أربعًا وعشرين سنة» كما رواه ابن جرير بسند صحيح عن كعب الأحبار، ويؤيد هذا ما أخرجه ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال: قد كلمهم عيسى في المهد وسيكلمهم إذا قتل الدجال وهو يومئذٍ كهل {وَمِنَ الصالحين} أي ومعدودًا في عدادهم وهو معطوف على الأحوال السابقة.

.تفسير الآية رقم (47):

{قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)}
{قَالَتْ} استئناف مبني على السؤال كأنه قيل: فماذا كان منها حين قالت لها الملائكة ذلك؟ فقيل: {قَالَتْ رَبّ أنى يَكُونُ لِى وَلَدٌ} يحتمل أن يكون الاستفهام مجازيًا والمراد التعجب من ذلك والاستبعاد العادي، ويحتمل أن يكون حقيقيًا على معنى أنه يكون بتزوج أو غيره، وقيل: يحتمل أن يكون استفهامًا عن أنه من أي شخص يكون، وإعراب هذه الجملة على نحو إعراب الجملة السابقة في قصة زكريا عليه السلام {وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ} جملة حالية محققة لما مر ومقوية له، والمسيس هنا كناية عن الوطء وهذا نفي عام للتزوج وغيره، والبشر يطلق على الواحد والجمع، والتنكير للعموم، والمراد عموم النفي لا نفي العموم، وسمي بشرًا لظهور بشرته أو لأن الله تعالى باشر أباه وخلقه بيديه.
{قَالَ} استئناف كسابقه، والفاعل ضمير الرب والملك حكى لها المقول وهو قوله سبحانه: {كذلك الله يَخْلُقُ} إما بلا تغيير فيكون فيه التفات، وإما بتغيير، وقيل: إن الله تعالى قال لها ذلك بلا واسطة ملك، والأول: مبني على أنه تعالى لم يكلم غير الأنبياء بل غير خاصتهم عليهم الصلاة والسلام، وقيل: القائل جبريل عليه السلام وليس على سبيل الحكاية والقرينة عليه ذكر الملائكة عليهم السلام قبله، وحمل {قَالَتْ رَبّ} فيما تقدم على ذلك أبعد بعيد، وقد مر عليك الكلام في مثل هذه الجملة خلا أن التعبير هنا بيخلق وهناك بيفعل لاختلاف القصتين في الغرابة فإن الثانية: أغرب فالخلق المنبئ عن الاختراع أنسب بها ولهذا عقبه ببيان كيفيته فقال سبحانه: {إِذَا قَضَى أَمْرًا} أي أراد شيئًا فالأمر واحد الأمور، والقضاء في الأصل الأحكام، وأطلق على الإرادة الإلهية القطعية المتعلقة بإيجاد المعدوم وإعدام الموجود وسميت بذلك لإيجابها ما تعلقت به ألبتة ويطلق على الأمر، ومنه {وقضى رَبُّكَ} [الإسراء: 23].
{فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} أي فهو يكون أي يحدث وهذا عند الأكثرين تمثيل لتأثير قدرته في مراده بأمر المطاع للمطيع في حصول المأمور من غير امتناع، وتوقف وافتقار إلى مزاولة عمل واستعمال آلة، فالممثل الشيء المكون بسرعة من غير عمل وآلة، والممثل به أمر الآمر المطاع لمأمور به مطيع على الفور، وهذا اللفظ مستعار لذلك منه. وأنت تعلم أنه يجوز فيه أن يكون حقيقة بأن يراد تعلق الكلام النفسي بالشيء الحادث على أن كيفية الخلق على هذا الوجه، وعلى كلا التقديرين المراد من هذا الجواب بيان أن الله تعالى لا يعجزه أن يخلق ولدًا بلا أب لأنه أمر ممكن في نفسه فيصح أن يكون متعلق الإرادة والقدرة كيف لا وكثيرًا ما نشاهد حدوث كثير من الحيوانات على سبيل التولد كحدوث الفأر عن المدر والحيات عن الشعر المتعفن والعقارب عن البادورج والذباب عن الباقلاء إلى غير ذلك غايته الاستبعاد، وهو لا يوجب ظنًا فضلًا عن علم، وبعد إخبار الصادق عن وجود ذلك الممكن يجب القطع بصحته، والقول: بأن المادة فيما عد ونحوه موجودة وبعد وجودها لا ريب في الإمكان دون ما نحن فيه لأن مادة الآدمي منيان وليس هناك إلا مني واحد أو لا مني أصلًا فكيف يمكن الخلق ليس بشيء، أما على مذهبنا فلأن الإيجاد لا يتوقف على سبق المادة وإلا لتسلسل الأمر، وأما على مذهب المنكرين فيجوز أن يكون مني الأنثى بنفسه أو بما ينضم إليه مما لا يعلمه إلا الله تعالى بحالة يصلح أن يكون مادة، وقصارى ما يلزم من ذلك الاستبعاد وهو لا يجدي نفعًا في أمثال هذه المقامات، ويجوز أيضًا أن يقيم الله تعالى غير المني مقام المني، وأي محال يلزم من ذلك ألا ترى كيف أقيم التراب مقام المني في أصل النوع ودعوى أن الإقامة مشروطة بكون ذلك الغير خارج الرحم، وأما الإقامة في الرحم فمما لا إمكان لها غير بينة ولا مبينة بل العقل لا يفرق بين الأمرين في الإمكان وإنما يفرق بينهما في موافقة العادة وعدمها وهو أمر وراء ما نحن فيه.
ومن الناس من بين هذا المطلب بأن التخيلات الذهنية كثيرًا ما تكون أسبابًا لحدوث الحوادث كتصور حضور المنافي للغضب وكتصور السقوط بحصول السقوط للماشي على جذع ممدود فوق فضاء بخلافه لو كان على قرار من الأرض وقد جعلت الفلاسفة هذا كالأصل في بيان جواز المعجزات والكرامات فما المانع أن يقال: إنها لما تخيلت صورة جبريل كفى ذلك في علوق الولد في رحمها لأن مني الرجل ليس إلا لأجل العقد فإذا حصل الانعقاد لمني المرأة بوجه آخر أمكن علوق الولد النتهى. وليس بشيء لأنه يعود بالنقص لحضرة البتول وأنها لتنزه ساحتها عن مثل هذا التخيل كما لا يخفى، وفي جواب هذه الطاهرة ليوسف النجار ما يؤيد ما قلناه، فقد أخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن وهب أنه قال: لما استقر حمل مريم وبشرها جبريل وثقت بكرامة الله تعالى واطمأنت وطابت نفسًا، وأول من اطلع على حملها ابن خال لها يقال له يوسف، واهتم لذلك وأحزنه وخشي البلية منه لأنه كان يخدمها فلما رأى تغير لونها وكبر بطنها عظم عليه ذلك فقال معرضًا لها: هل يكون زرع من غير بذر؟ا قالت: نعم قال: وكيف يكون ذلك قالت: إن الله تعالى خلق البذر الأول من غير نبات وأنبت الزرع الأول من غير بذر، ولعلك تقول: لم يقدر أن يخلق الزرع الأول إلا بالبذر؟ ولعلك تقول: لولا أن استعان الله تعالى عليه بالبذر لغلبه حتى لا يقدر على أن يخلقه ولا ينبته؟ قال يوسف: أعوذ بالله أن أقول ذلك قد صدقت وقلت بالنور والحكم، وكما قدر أن يخلق الزرع الأول وينبته من غير بذر يقدر أن يجعل زرعًا من غير بذر فأخبريني هل ينبت الشجر من غير ماء ولا مطر؟ قالت: ألم تعلم أن للبذر والماء والمطر والشجر خالقًا واحدًا فلعلك تقول: لولا الماء والمطر لم يقدر على أن ينبت الشجر؟ قال أعوذ بالله تعالى أن أقول ذلك قد صدقت فأخبريني خبرك قالت: بشرني الله تعالى بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم إلى قوله تعالى: {وَمِنَ الصالحين} [آل عمران: 46] فعلم يوسف أن ذلك أمر من الله تعالى لسبب خير أراده ريم فسكت عنها فلم تزل على ذلك حتى ضربها الطلق فنوديت أن اخرجي من المحراب فخرجت.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48)}
{وَيُعَلّمُهُ الكتاب} عطف على {يُبَشّرُكِ} [آل عمران: 45] أي: إن الله يبشرك بكلمة ويعلم ذلك المولود المعبر عنه بالكلمة الكتاب ولا يرد عليه طول الفصل لأنه اعتراض لا يضر مثله، أو على {يَخْلُقُ} [آل عمران: 47] أي كذلك الله يخلق ما يشاء ويعلمه أو على {يكلم} [آل عمران: 46] فتكون في محل نصب على الحال والتقدير يبشرك بكلمة مكلمًا الناس ومعلمًا الكتاب أو على {الله وَجِيهًا} [آل عمران: 45] وجوز أن تكون جملة مستأنفة ليست داخلة في حيز قول الملائكة عليهم السلام، والواو تكون للاستئناف وتقع في ابتداء الكلام كما صرح به النحاة فلا حاجة كما قال الشهاب إلى التأويل بأنها معطوفة على جملة مستأنفة سابقة وهي {إِذْ قَالَتِ} [آل عمران: 42] إلخ ولا إلى مقدرة، ولا إشكال في العطف كما قال النحرير، وكذا لا يدعي أن الواو زائدة كما قال أبو حيان، فهذه أوجه من الإعراب مختلفة بالأولوية، وأغرب ما رأيته ما نقله الطبرسي عن بعضهم أن العطف على جملة {نُوحِيهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: 44] بل لا يكاد يستطيبه من سلم له ذوقه، و{الكتاب} مصدر عنى الكتابة أي يعلمه الخط باليد قاله ابن عباس وإليه ذهب ابن جريج، وروي عنه أنه قال: أعطى الله تعالى عيسى عليه السلام تسعة أجزاء من الخط وأعطى سائر الناس جزءًا واحدًا، وذهب أبو علي الجبائي إلى أن المراد بعض الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه عليهم السلام سوى التوراة والإنجيل مثل الزبور وغيره، وذهب كثيرون إلى أن أل فيه للجنس والمراد جنس الكتب الإلهية إلا أن المأثور هو الأول، والقول بأن المراد بالكتاب الجنس لكن في ضمن فردين هما التوراة والإنجيل، وتجعل الواو فيما بعد زائدة مقحمة وما بعدها بدلًا أو عطف بيان من الهذيان كان. وقرأ أهل المدينة وعاصم ويعقوب وسهل ويعلمه بالياء، والباقون بالنون قيل: وعلى ذلك لا يحسن بعض تلك الوجوه إلا بتقدير القول أي إن الله يبشرك بعيسى ويقول: نعلمه أو وجيهًا ومقولًا فيه نعلمه الكتاب {والحكمة} أي الفقه وعلم الحلال والحرام قاله ابن عباس وقيل: جميع ما علمه من أمور الدين، وقيل: سنن الأنبياء عليهم السلام، وقيل: الصواب في القول والعمل، وقيل: إتقان العلوم العقلية، وقد تقدم الكلام على ذلك.
{والتوراة} أفردا بالذكر على تقدير أن يراد بالكتاب ما يشملهما لوفور فضلهما وسمو شأوهما على غيرهما، وتعليمه ذلك قيل: بالإلهام، وقيل: بالوحي، وقيل: بالتوفيق والهداية للتعلم، وقد صح أنه عليه السلام لما ترعرع وفي رواية الضحاك عن ابن عباس لما بلغ سبع سنين أسلمته أمه إلى المعلم لكن الروايات متضافرة أنه جعل يسأل المعلم كلما ذكر له شيئًا عما هو عزل عن أن ينبض فيه ببنت شفة، وذلك يؤيد أن علمه محض موهبة إلهية وعطية ربانية، وذكر الإنجيل لكونه كان معلومًا عند الأنبياء والعلماء متحققًا لديهم أنه سينزل.