فصل: تفسير الآية رقم (176):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (176):

{وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176)}
{وَلاَ يَحْزُنكَ الذين يسارعون فِي الكفر} خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهه إليه تشريفًا له بالتسلية مع الإيذان بأنه الرئيس المعتنى بشؤونه. والمراد من الموصول إما المنافقون المتخلفون وإليه ذهب مجاهد وابن إسحق وإما قوم من العرب ارتدوا عن الإسلام لمقاربة عبدة الأوثان وإليه ذهب أبو علي الجبائي وإما سائر الكفار وإليه ذهب الحسن وإما المنافقون وطائفة من اليهود حسا عين في قوله تعالى: {يأَيُّهَا الرسول لاَ يَحْزُنكَ الذين يُسَارِعُونَ فِي الكفر مِنَ الذين قَالُواْ ءامَنَّا بأفواههم وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الذين هِادُواْ} [المائدة: 41] وإليه ذهب بعضهم ومعنى: {يسارعون فِي الكفر} يقعون فيه سريعًا لغاية حرصهم عليه وشدة رغبتهم فيه، ولتضمن المسارعة معنى الوقوع تعدت بفي دون إلى الشائع تعديتها بها كما في {سَارِعُواْ إلى مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ} [آل عمران: 133] وغيره، وأوثر ذلك قيل: للإشعار باستقرارهم في الكفر ودوام ملابستهم له في مبدأ المسارعة ومنتهاها كما في قوله سبحانه: {يسارعون فِي الخيرات} [الأنبياء: 90] في حق المؤمنين، وأما إيثار كلمة إلى في آيتها فلأن المغفرة والجنة منتهى المسارعة وغايتها والموصول فاعل {يَحْزُنكَ} وليست الصلة علة لعدم الحزن كما هو المعهود في مثله لأن الحزن من الوقوع في الكفر هو الأمر اللائق لأنه قبيح عند الله تعالى يجب أن يحزن من مشاهدته فلا يصح النهي عن الحزن من ذلك، بل العلة هنا ما يترتب على تلك المسارعة من مراغمة المؤمنين وإيصال المضرة إليهم إلا أنه عبر بذلك مبالغة في النهي. والمراد لا يحزنك خوف أن يضروك ويعينوا عليك، ويدل على ذلك إيلاء قوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئًا} ردًا وإنكارًا لظن الخوف، والكلام على حذف مضاف، والمراد أولياء الله مثلًا للقرينة العقلية عليه، وفي حذف ذلك وتعليق نفي الضرر به تعالى تشريف للمؤمنين وإيذان بأن مضارتهم نزلة مضارته سبحانه وتعالى، وفي ذلك مزيد مبالغة في التسلية، و{شَيْئًا} في موضع المصدر أي لن يضروه ضررًا ما، وقيل: مفعول بواسطة حرف الجر أي لن يضروه بشيء ما أصلًا، وتأويل يضروا بما يتعدى بنفسه إلى مفعولين مما لا داعي إليه، ولعل المقام يدعو إلى خلافه، وقرأ نافع يحزن بضم الياء وكسر الزاي في جميع القرآن إلا قوله تعالى: {لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الاكبر} [الأنبياء: 103] فإنه فتحها وضم الزاي، وقرأ الباقون كما قرأ نافع في المستثنى. وقرأ أبو جعفر عكس ما قرأ نافع، والماضي على قراءة الفتح حزن، وعلى قراءة الضم من أحزن، ومعناهما واحد إلا أن حزن لغة قليلة، وقيل: حزنته عنى أحدثت له حزنًا، وأحزنته عنى عرضته للحزن، وقال الخليل: خزنته عنى جعلت فيه حزنًا كدهنته عنى جعلت فيه دهنًا، وأحزنته عنى جعلته حزينًا.
وقرئ يسرعون بغير ألف من أسرع ويسارعون بالإمالة والتفخيم.
{يُرِيدُ الله أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الاخرة} استئناف لبيان الموجب لمسارعتهم كأنه قيل: لِمَ يسارعون في الكفر مع أنهم لا ينتفعون به؟ فأجيب بأنه تعالى يريد أن لا يجعل لهم نصيبًا مّا من الثواب في الآخرة فهو يريد ذلك منهم فكيف لا يسارعون، وفيه دليل على أن الكفر بإرادة الله تعالى وإن عاقب فاعله وذمه لأن ذلك لسوء استعداده المقتضي إفاضة ذلك عليه، وذكر بعض المحققين أن في ذكر الإرادة إيذانًا بكمال خلوص الداعي إلى حرمانهم وتعذبيهم حيث تعلقت بهما إرادة أرحم الراحمين، وزعم بعضهم أنه مبني على مذهب الاعتزال وليس كذلك كما لا يخفى لأنه لم يقل لم يرد كفرهم ولا رمز إليه، وصيغة المضارع للدلالة على دوام الإرادة واستمرارها، ويرجع إلى دوام واستمرار منشأ هذا المراد وهو الكفر ففيه إشارة إلى بقائهم على الكفر حتى يهلكوا فيه.
{وَلَهُمْ} مع هذا الحرمان من الثواب بالكلية {عَذَابٌ عظِيمٌ} لا يقدر قدره، نقل عن بعضهم أنه لما دلت المسارعة في الشيء على عظم شأنه وجلالة قدره عند المسارع وصف عذابه بالعظم رعاية للمناسبة وتنبيهًا على حقارة ما سارعوا فيه وخساسته في نفسه، وقيل: إنه لما دل قوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئًا} على عظم قدر من قصدوا إضراره وصف العذاب بالعظم إيذانًا بأن قصد إضرار العظيم أمر عظيم يترتب عليه العذاب العظيم، والجملة إما حال من الضمير في لهم أي يريد الله تعالى حرمانهم من الثواب معدًا لهم عذاب عظيم، وإما مبتدأة مبينة لحظهم من العذاب إثر بيان أن لا شيء لهم من الثواب. وزعم بعضهم أن هاتين الجملتين في موضع التعليل للنهي السابق، وأن المعنى ولا يحزنك أنهم يسارعون في إعلاء الكفر وهدم الإسلام لا خوفًا على الإسلام ولا ترحمًا عليهم أما الأول: لن يضروا الله شيئًا فلا يقدرون على هدم دينه الذي يريد إعلاءه، وحينئذ لا حاجة إلى إرادة أولياء الله، وأما الثاني: فلأنه يريد الله أن لا يجعل لهم حظًا في الآخرة ولهم عذاب عظيم. واستأنس له بأنه كثيرًا ما وقع نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إيقاعه نفسه الكريمة في المشقة لهدايتهم وعن كونه ضيق الصدر لكفرهم وخوطب بأنه ما عليك إلا البلاغ ولست عليهم سيطر ولا يخلو عن بعد.

.تفسير الآية رقم (177):

{إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177)}
{إِنَّ الذين اشتروا الكفر بالإيمان} أي أخذوا الكفر بدلًا من الإيمان رغبة فيما أخذوا وإعراضًا عما تركوا ولهذا وضع {اشتروا} موضع بدلوا فإن الأول أظهر في الرغبة وأدل على سوء الاختيار، وقوله تعالى: {لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئًا} تقدم الكلام فيه، وفيه هنا تعريض ظاهر باقتصار الضرر عليهم كأنه قيل: وإنما يضرون أنفسهم، والمراد من الموصول هنا ما أريد منه هناك والتكرير لتقرير الحكم وتأكيده ببيان علته بتغيير عنوان الموضوع فإن ما ذكر في حيز الصلة لكونه علمًا في الخسران الكلي والحرمان الأبدي صريح في لحوق ضرره بأنفسهم وعدم تعديه إلى غيرهم أصلًا، ودال على كمال سخافة عقولهم وركاكة آرائهم فكيف يتأتى منهم ما يتوقف على قوة الحزم ورزانة الرأي ورصانة التدبير من مضارة أولياء الله تعالى الذين تكفل سبحانه لهم بالنصر وهي أعز من جليمة وأمنع من لهاة الليث، وجوز أن يراد بالموصول هنا عام، ويراد به هناك خاص وهو ما عدا ما ذهب إليه الحسن فيه، والجملة مقررة لمضمون ما قبلها تقرير القواعد الكلية لما اندرج تحتها من جزئيات الأحكام، وجوز الزمخشري أن يكون الأول عامًا للكفار وهذا خاصًا بالمنافقين وأفردوا بالذكر لأنهم أشدّ منهم في الضرر والكيد، واعترض بأن إرادة العام هناك مما لا يليق بفخامة شأن التنزيل لما أن صدور المسارعة في الكفر بالمعنى المذكور وكونها مظنة لإيراث الحزن لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يفهم من النهي عنه إنما يتصور ممن علم اتصافه بها وأما من لا يعرف حاله من الكفرة الكائنين في الأماكن البعيدة فإسناد المسارعة المذكورة إليهم واعتبار كونها من مبادئ حزنه عليه الصلاة والسلام مما لا وجه له، ويمكن أن يقال: إن القائل بالعموم في الأول لم يرد بالكفار مقابل المؤمنين حيث كانوا وعلى أي حال وجدوا بل ما يشمل المتخلفين والمرتدين مثلًا ممن يتوقع إضرارهم له صلى الله عليه وسلم وحينئذ لا يرد هذا الاعتراض. وقيل: المراد من الأول المنافقون أو من ارتدوا مما هنا اليهود، والمراد من الإيمان إما الإيمان الحاصل بالفعل كما هو حال المرتدين أو بالقوة القريبة منه الحاصلة شاهدة دلائله في التوراة كما هو شأن اليهود مثلًا، وإما الإيمان الاستعدادي الحاصل شاهدة الوحي الناطق والدلائل المنصوبة في الآفاق والأنفس كما هو دأب جميع الكفرة ما عدا ذلك وإما القدر المشترك بين الجميع كما هو دأب الجميع فتفطن.
{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي مؤلم والجملة مبتدأة مبينة لكمال فظاعة عذابهم بذكر غاية إيلامه بعد ذكر نهاية عظمه، أو مقررة للضرر الذي آذنت به الجملة الأولى قيل: لما جرت العادة باغتباط المشتري بما اشتراه وسروره بتحصيله عند كون الصفقة رابحة وبتألمه عند كونها خاسرة وصف عذابهم بالإيلام مراعاة لذلك، نقله مولانا شيخ الإسلام.

.تفسير الآية رقم (178):

{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178)}
{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لاِنفُسِهِمْ} عطف على قوله تعالى: {وَلاَ يَحْزُنكَ} [آل عمران: 176] والفعل مسند إلى الموصول، وأن وما عملت فيه سادّ مسدّ مفعوليه عند سيبويه لحصول المقصود وهو تعلق أفعال القلوب بنسبة بين المبتدأ والخبر، وعند الأخفش المفعول الثاني محذوف، وما إما مصدرية أو موصولة وكان حقها في الوجهين أن تكتب مفصولة لكنها كتبت في الإمام موصولة، واتباع الإمام لازم، ولعل وجهه مشاكلة ما بعده، والحمل على الأكثر فيها، و{خَيْرٌ} خبر، وقرئ {خيرًا} بالنصب على أن يكون لأنفسهم هو الخبر و{لَهُمْ} تبيين، أو حال من {خَيْرٌ} والإملاء في الأصل إطالة المدة والملأ الحين الطويل، ومنه الملوان لليل والنهار لطول تعاقبهما، وأما إملاء الكتاب فسمي بذلك لطول المدة بالوقوف عند كل كلمة. وقيل: الإملاء التخلية والشأن يقال: أملى لفرسه إذا أرخى له الطول ليرعى كيف شاء.
وحاصل التركيب لا يحسبن الكافرون أن إملاءنا لهم، أو أن الذي نمليه خير لأنفسهم أو لا يحسبن الكافرون خيرية إملائنا لهم، أو خيرية الذي نمليه لهم ثابتة أو واقعة، ومآل ذلك نهيهم عن السرور بظاهر إطالة الله تعالى أعمارهم وإمهالهم على ما هم فيه، أو بتخليتهم وشأنهم بناءًا على حسبان خيريته لهم، وتحسيرهم ببيان أنه شر بحت وضرر محض، وقرأ حمزة {وَلاَ تَحْسَبَنَّ} بالتاء، والخطاب إما لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الأنسب قام التسلية إلا أن المقصود التعريض بهم إذ حسبوا ما ذكر، وإما لكل من يتأتى منه الحسبان قصدًا إلى إشاعة فظاعة حالهم، والموصول مفعول، و{أَنَّمَا نُمْلِى} إلخ بدل اشتمال منه، وحيث كان المقصود بالذات هو البدل وكان هنا مما يسدّ مسدّ المفعولين جاز الاقتصار على مفعول واحد، وإلا فالاقتصار لولا ذلك غير صحيح على الصحيح، ويجوز أنه يكون {أَنَّمَا نُمْلِى} مفعولًا ثانيًا إلا أنه لكونه في تأويل المصدر لا يصح حمله على الذوات فلابد من تقدير، أما في الأول: أي لا تحسبن حال الذين كفروا وشأنهم، وأما في الثاني: أي لا تحسبن الذين كفروا أصحاب أنما نملي لهم إلخ، وإنما قيد الخير بقوله تعالى: {لاِنفُسِهِمْ} لأن الإملاء خير للمؤمنين لما فيه من الفوائد الجمة، ومن جعل خيرًا فيما نحن فيه أفعل تفضيل، وجعل المفضل عليه القتل في سبيل الله تعالى جعل التفضيل مبنيًا على اعتبار الزعم والمماشاة، والآية نزلت في مشركي مكة وهو المروي عن مقاتل أو في قريظة والنضير وهو المروي عن عطاء.
{أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ مِنْهُمْ ءاثِمًا} استئناف بما هو العلة للحكم قبلها، والقائلون بأن الخير والشر بإرادته تعالى يجوزون التعليل ثل هذا، إما لأنه غرض وإما لأنه مراد مع الفعل فيشبه العلة عند من لم يجوز تعليل أفعاله بالأغراض.
وأما المعتزلة فإنهم وإن قالوا بتعليلها لكن القبيح ليس مرادًا له تعالى عندهم ومطلوبًا وغرضًا، ولهذا جعلوا ازدياد الإثم هنا باعثًا نحو قعدت عن الحرب جبنًا لا غرضًا يقصد حصوله، ولما لم يكن الازدياد متقدمًا على الإملاء هنا، والباعث لابد أن يكون متقدمًا جعلوه استعارة بناءًا على أن سبقه في علم الله تعالى القديم الذي لا يجوز تخلف المعلوم عنه شبهه بتقدم الباعث في الخارج ولا يخفى تعسفه، ولذا قيل: إن الأسهل القول بأن اللام للعاقبة. واعترض بأنه وإن كان أقل تكلفًا إلا أن القول بها غير صحيح لأن هذه الجملة تعليل لما قبلها فلو كان الإملاء لغرض صحيح يترتب عليه هذا الأمر الفاسد القبيح لم يصح ذلك ولم يصلح هذا تعليلًا لنهيهم عن حسبان الإملاء لهم خيرًا فتأمل قاله بعض المحققين.
وقرأ يحيى بن وثاب بفتح أنما هذه وكسر الأولى وبياء الغيبة في يحسبن على أن الذين كفروا فاعل يحسبن وأنما نملي لهم ليزدادوا إثمًا قائم مقام مفعولي الحسبان، والمعنى ولا يحسبن الذين كفروا أن إملاءنا لهم لازدياد الإثم بل للتوبة والدخول في الإيمان وتدارك ما فات، وإنما نملي لهم خير لأنفسهم اعتراض بين الفعل ومعموله ومعناه أن إملاءنا خير لهم إن انتبهوا وتابوا، والفرق بين القراءتين أن الإملاء على هذه القراءة لإرادة التوبة والإملاء للازدياد منفي، وعلى القراءة الأخرى هو مثبت، والآخر منفي ضمنًا ولا تعارض بينهما لأنه عند أهل السنة يجوز إرادة كل منهما ولا يلزم تخلف المراد عن الإرادة لأنه مشروط بشروط كما علمت. وزعم بعضهم أن جملة {أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ} إلخ حالية أي لا يحسبن في هذه الحالة هذا، وهذه الحالة منافية له وليس بشيء.
{وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} جملة مبتدأة مبينة لحالهم في الآخرة إثر بيان حالهم في الدنيا أو حال من الواو أي ليزدادوا إثمًا معدًّا لهم عذاب مهين وهذا متعين في القراءة الأخيرة كما ذهب إليه غير واحد من المحققين ليكون مضمون ذلك داخلًا في حيز النهي عن الحسبان نزلة أن يقال: ليزدادوا إثمًا ولكيون لهم عذاب، وجعلها بعضهم معطوفة على جملة {لِيَزْدَادُواْ} بأن يكون {عَذَابٌ مُّهِينٌ} فاعل الظرف بتقدير ويكون لهم عذاب مهين وهو من الضعف كان، نعم قيل: بجواز كونها اعتراضية وله وجه في الجملة، هذا وإنما وصف عذابهم بالإهانة لأنه كما قال شيخ الإسلام لما تضمن الإملاء التمتع بطيبات الدنيا وزينتها وذلك مما يستدعي التعزز والتجبر وصفه به ليكون جزاؤهم جزاءًا وفاقًا قاله شيخ الإسلام ويمكن أن يقال إن ذلك إشارة إلى رد ما يمكن أن يكون منشأ لحسبانهم وهم أنهم أعزة لديه عز وجل إثر الإشارة إلى ردّه بنوع آخر.