فصل: تفسير الآية رقم (89):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (89):

{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89)}
{وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ} بيان لغلوهم وتماديهم في الكفر وتصديهم لإضلال غيرهم إثر بيان كفرهم وضلالتهم في أنفسهم، و{لَوْ} مصدرية لا جواب لها أي تمنوا أن تكفروا؛ وقوله تعالى: {كَمَا كَفَرُواْ} نعت لمصدر محذوف، وما مصدرية أي كفرًا مثل كفرهم، أو حال من ضمير ذلك المصدر كما هو رأي سيبويه، ولا دلالة في نسبة الكفر إليهم على أنه مخلوق لهم استقلالًا لا دخل لله تعالى فيه لتكون هذه الآية دليلًا على صرف ما تقدم عن ظاهره كما زعمه ابن حرب لأن أفعال العباد لها نسبة إلى الله تعالى باعتبار الخلق، ونسبة إلى العباد باعتبار الكسب بالمعنى الذي حققناه فيما تقدم، وقوله تعالى: {فَتَكُونُونَ سَوَاء} عطف على {لَوْ تَكْفُرُونَ} داخل معه في حكم التمني أي: ودوا لو تكفرون فتكونون مستوين في الكفر والضلال، وجوز أن تكون كلمة {لَوْ} على بابها، وجوابها محذوف كمفعول {ود} أي ودوا كفركم لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء لسروا بذلك {فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء} الفاء فصيحة، وجمع {أَوْلِيَاء} مراعاة لجمع المخاطبين فإن المراد نهي كل من المخاطبين عن اتخاذ كل من المنافقين وليًا أي إذا كان حالهم ما ذكر من الودادة فلا توالوهم. {حتى يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ الله} أي حتى يؤمنوا وتحققوا إيمانهم بهجرة هي لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لا لغرض من أغراض الدنيا، وأصل السبيل الطريق، واستعمل كثيرًا في الطريق الموصلة إليه تعالى وهي امتثال الأوامر واجتناب النواهي، والآية ظاهرة في وجوب الهجرة. وقد نص في التيسير على أنها كانت فرضًا في صدر الإسلام، وللهجرة ثلاث استعمالات: أحدها: الخروج من دار الكفر إلى دار الإسلام وهو الاستعمال المشهور، وثانيها: ترك المنهيات، وثالثها: الخروج للقتال وعليه حمل الهجرة من قال: إن الآية نزلت فيمن رجع يوم أحد على ما حكاه خبر الشيخين وجزم به في الخازن {فَإِن تَوَلَّوْاْ} أي أعرضوا عن الهجرة في سبيل الله تعالى كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما {فَخُذُوهُمْ} إذا قدرتم عليهم {واقتلوهم حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} من الحل والحرم فإن حكمهم حكم سائر المشركين أسرًا وقتلًا، وقيل: المراد القتل لا غير إلا أن الأمر بالأخذ لتقدمه على القتل عادة. {وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا} أي جانبوهم مجانبة كلية ولا تقبلوا منهم ولاية ولا نصرة أبدًا كما يشعر بذلك المضارع الدال على الاستمرار أو التكرير المفيد للتأكيد.

.تفسير الآية رقم (90):

{إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90)}
{إِلاَّ الذين يَصِلُونَ إلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ميثاق} استثناء من الضمير في قوله سبحانه: {فَخُذُوهُمْ واقتلوهم} [النساء: 89] أي إلا الذين يصلون وينتهون إلى قوم عاهدوكم ولم يحاربوكم وهم بنو مدلج. أخرج ابن أبي شيبة وغيره عن الحسن أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال: لما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل بدر وأحد وأسلم من حولهم قال سراقة: بلغني أنه عليه الصلاة والسلام يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي من بني مدلج فأتيته فقلت: أنشدك النعمة، فقالوا: مه؛ فقال: دعوه ما تريد؟ قلت: بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي، وأنا أريد أن توادعهم، فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام، وإن لم يسلموا لم تخش بقلوب قومك عليهم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد خالد فقال: اذهب معه فافعل ما يريد فصالحهم خالد على أن لا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن أسلمت قريش أسلموا معهم ومن وصل إليهم من الناس كانوا على مثل عهدهم فأنزل الله تعالى: {وَدُّواْ} [النساء: 89] حتى بلغ {إِلاَّ الذين يَصِلُونَ} فكان من وصل إليهم كانوا معهم على عهدهم، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن الآية نزلت في هلال بن عويمر الأسلمي وسراقة بن مالك المدلجي وفي بني جذيمة بن عامر، ولا يجوز أن يكون استثناء من الضمير في {فَلاَ تَتَّخِذُواْ} [النساء: 89] وإن كان أقرب لأن اتخاذ الولي منهم حرام مطلقًا.
{أَوْ جَاءوكُمْ} عطف على الصلة أي والذين جاءوكم كافين من قتالكم وقتال قومهم، فقد استثنى من المأمور بأخذهم وقتلهم فريقان: من ترك المحاربين ولحق بالمعاهدين؛ ومن أتى المؤمنين وكف عن قتال الفريقين، أو عطف على صفة قوم كأنه قيل: إلا الذين يصلون إلى قوم معاهدين، أو إلى قوم كافين عن القتال لكم وعليكم، والأول أرجح رواية ودراية إذ عليه يكون لمنع القتال سببان: الاتصال بالمعاهدين، والاتصال بالكافين وعلى الثاني: يكون السببان الاتصال بالمعاهدين والاتصال بالكافين لكن قوله تعالى الآتي: {فَإِنِ اعتزلوكم} إلخ يقرر أن أحد السببين هو الكف عن القتال لأن الجزاء مسبب عن الشرط فيكون مقتضيًا للعطف على الصلة إذ لو عطف على الصفة كان أحد السببين الاتصال بالكافين لا الكف عن القتال، فإن قيل: لو عطف على الصفة تحققت المناسبة أيضًا لأن سبب منع التعرض حينئذ الاتصال بالمعاهدين والاتصال بالكافين، والاتصال بهؤلاء وهؤلاء سبب للدخول في حكمهم.
وقوله سبحانه: {فَإِنِ اعتزلوكم} يبين حكم الكافين لسبق حكم المتصلين بهم، أجيب: بأن ذلك جائز إلا أن الأول أظهر وأجرى على أسلوب كلام العرب لأنهم إذا استثنوا بينوا حكم المستثنى تقريرًا وتوكيدًا، وقال الإمام: «جعل الكف عن القتال سببًا لترك التعرض أولى من جعل الاتصال بمن يكف عن القتال سببًا قريبًا لترك التعرض لأنه سبب بعيد» على أن المتصلين بالمعاهدين ليسوا معاهدين لكن لهم حكمهم بخلاف المتصلين بالكافين فإنهم إن كفوا فهم هم وإلا فلا أثر له، وقرأ أبي {جَاءوكُمْ} بغير أو على أنه استئناف وقع جوابًا لسؤال كأنه قيل: كيف كان الميثاق بينكم وبنيهم؟ فقيل: جاءوكم إلخ، وقيل: يقدر السؤال كيف وصلوا إلى المعاهدين ومن أين علم ذلك وليس بشيء، أو على أنه صفة بعد صفة لقوم، أو بيان ليصلون، أو بدل منه، وضعف أبو حيان البيان بأنه لا يكون في الأفعال، والبدل أنه ليس إياه ولا بعضه ولا مشتملًا عليه، وأجيب بأن الإنتهاء إلى المعاهدين والاتصال بهم حاصله الكف عن القتال فصح جعل مجيئهم إلى المسلمين بهذه الصفة، وعلى هذه العزيمة بيانًا لاتصالهم بالمعاهدين، أو بدلًا منه كلًا أو بعضًا أو اشتمالًا وكون ذلك لا يجري في الأفعال لا يقول به أهل المعاني، وقيل: هو معطوف على حذف العاطف.
وقوله تعالى: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} حال بإضمار قد، ويؤيده قراءة الحسن حصرة صدورهم وكذا قراءة حصرات وحاصرات واحتمال الوصفية السببية لقوم لاستواء النصب والجر بعيد.
وقيل: هو صفة لموصوف محذوف هو حال من فاعل جاءوا أي جاءُكم قومًا حصرت صدورهم ولا حاجة حينئذ إلى تقدير قد، وما قيل: إن المقصود بالحالية هو الوصف لأنها حال موطئة فلابد من قد سيما عند حذف الموصوف فما ذكر التزام لزيادة الإضمار من غير ضرورة غير مسلم، وقيل: بيان لجاءوكم وذلك كما قال الطيبي لأن مجيئهم غير مقاتلين و{حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} أن يقاتلوكم عنى واحد، وقال العلامة الثاني: من جهة أن المراد بالمجيء الاتصال وترك المعاندة والمقاتلة لا حقيقة المجيء، أو من جهة أنه بيان لكيفية المجيء، وقيل: بدل اشتمال من {جَاءوكُمْ} لأن المجيء مشتمل على الحصر وغيره، وقيل: إنها جملة دعائية، ورد بأنه لا معنى للدعاء على الكفار بأن لا يقاتلوا قومهم، بل بأن يقع بينهم اختلاف وقتل، والحصر بفتحتين الضيق والانقباض.
{ءانٍ يقاتلوكم أَوْ يقاتلوا قَوْمَهُمْ} أي عن أن يقاتلوكم، أو لأن، أو كراهة أن {وَلَوْ شَاء الله لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ} بأن قوى قلوبهم وبسط صدورهم وأزال الرعب عنهم {فلقاتلوكم} عقيب ذلك ولم يكفوا عنكم، واللام جوابية لعطفه على الجواب، ولا حاجة لتقدير لو، وسماها مكي وأبو البقاء لام المجازاة والازدواج، وهي تسمية غريبة، وفي الإعادة إشارة إلى أنه جواب مستقل والمقصود من ذلك الامتنان على المؤمنين، وقرئ {فلقتلوكم}.
بالتخفيف والتشديد {فَإِنِ اعتزلوكم} ولم يتعرضوا لكم {فَلَمْ يقاتلوكم} مع ما علمتم من تمكنهم من ذلك شيئة الله تعالى: {وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السلم} أي الصلح فانقادوا واستسلموا، وكان إلقاء السلم استعارة لأن من سلم شيئًا ألقاه وطرحه عند المسلم له، وقرئ بسكون اللام مع فتح السين وكسرها {فَمَا جَعَلَ الله لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} فما أذن لكم في أخذهم وقتلهم، وفي نفي جعل السبيل مبالغة في عدم التعرض لهم لأن من لا يمر بشيء كيف يتعرض له. وهذه الآيات منسوخة الحكم بآية براءة {فَإِذَا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5] وقد روي ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وغيره.

.تفسير الآية رقم (91):

{سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)}
{سَتَجِدُونَ ءاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ} هم أناس كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان يبتغون بذلك أن يأمنوا نبي الله تعالى صلى الله عليه وسلم ويأمنوا قومهم فأبى الله تعالى ذلك عليهم قاله ابن عباس ومجاهد وقيل: الآية في حق المنافقين {كُلَّ مَا رُدُّواْ إِلَى الفتنة} أي دعوا إلى الشرك كما روي عن السدي وقيل: إلى قتال المسلمين {أُرْكِسُواْ فِيِهَا} أي قلبوا فيها أقبح قلب وأشنعه، يروى عن ابن عباس أنه كان الرجل يقول له قومه: اذا آمنت؟ فيقول: آمنت بهذا القرد والعقرب والخنفساء {فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ} بالكف عن التعرض لكم بوجه مّا {وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السلم} أي ولم يلقوا إليكم الصلح والمهادنة {وَيَكُفُّواْ أَيْدِيَهُمْ} أي ولم يكفوا أنفسهم عن قتالكم.
{فَخُذُوهُمْ واقتلوهم حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ} أي وجدتموهم وأصبتموهم حيث تمكنتم منهم، وعن بعض المحققين إن هذه الآية مقابلة للآية الأولى، وبينهما تقابل إما بالإيجاب والسلب، وإما بالعدم والملكة لأن إحداهما عدمية والأخرى وجودية وليس بينهما تقابل التضاد ولا تقابل التضايف لأنهما على ما قرروا لا يوجدان إلا بين أمرين وجوديين فقوله سبحانه: {فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ} مقابل لقوله تعالى: {فَإِنِ اعتزلوكم} [النساء: 90] وقوله جل وعلا: {وَيُلْقُواْ} مقابل لقوله عز شأنه: {وَأَلْقَوْاْ} [النساء: 90] وقوله جل جلاله: {وَيَكُفُّواْ} مقابل لقوله عز من قائل: {فَلَمْ يقاتلوكم} [النساء: 90] والواو لا تقتضي الترتيب، فالمقدم مركب من ثلاثة أجزاء في الآيتين، وهي في الآية الأولى الاعتزال وعدم القتال وإلقاء السلم فبهذه الأجزاء الثلاثة تم الشرط، وجزاؤه عدم التعرض لهم بالأخذ والقتل كما يشير إليه قوله تعالى: {فَمَا جَعَلَ الله لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} [النساء: 90] وفي الآية الثانية عدم الاعتزال وعدم إلقاء السلم وعدم الكف عن القتال، فبهذه الأجزاء الثلاثة تم الشرط، وجزاؤه الأخذ والقتل المصرح به بقوله سبحانه: {فَخُذُوهُمْ واقتلوهم}. ومن هذا يعلم أن {وَيَكُفُّواْ} عنى لم يكفوا عطف على المنفي لا على النفي بقرينة سقوط النون الذي هو علامة الجزم، وعطفه على النفي والجزم بأن الشرطية لا يصح لأنه يستلزم التناقض لأن معنى {فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ} إن لم يكفوا، وإذا عطف {وَيَكُفُّواْ} على النفي يلزم اجتماع عدم الكف والكف، وكلام الله تعالى منزه عنه، وكذا لا يصح كون قوله سبحانه: {وَيَكُفُّواْ} جملة حالية أو استئنافية بيانية أو نحوية لاستلزام كل منهما التناقض مع أنه يقتضي ثبوت النون في {يكفوا} على ما هو المعهود في مثله، وأبو حيان جعل الجزاء في الأول مرتبًا على شيئين وفي الثانية: على ثلاثة، والسر في ذلك الإشارة إلى مزيد خباثة هؤلاء الآخرين، وكلام العلامة البيضاوي بيض الله تعالى غرة أحواله في هذا المقام لا يخلو عن تعقيد، ورا لا يوجد له محمل صحيح إلا بعد عناية وتكلف فتأمل جدًا {ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ} الموصوفون بما ذكر من الصفات الشنيعة. {جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سلطانا مُّبِينًا} أي حجة واضحة فيما أمرناكم به في حقهم لظهور عداوتهم ووضوح كفرهم وخباثتهم، أو تسلطًا لا خفاء فيه من حيث أذنا لكم في أخذهم وقتلهم.