فصل: تفسير الآية رقم (42):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (42):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)}
{وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إلى أُمَمٍ مّن قَبْلِكَ} كلام مستأنف سيق لبيان أن من المشركين من لا يدعو الله تعالى عند إتيان العذاب لتماديه في الغي والضلال ولا يتأثر بالزواجر التكوينية كما لا يتأثر بالزواجر التنزيلية، وقيل: مسوق لتسليته صلى الله عليه وسلم، وتصدير الجملة بالقسم لإظهار مزيد الاهتمام ضمونها، والمفعول محذوف لأن مقتضى المقام بيان حال المرسل إليهم لا حال المرسلين؛ وتنوين {أُمَمٌ} للتكثير، و{مِنْ} ابتدائية أو عنى في أو زائدة بناءً على جواز زيادتها في الإثبات وضعف أي تالله لقد أرسلنا رسلًا إلى أمم كثيرة كائنة من زمان أو في زمان قبل زمانك {فأخذناهم} أي فكذبوا فعاقبناهم {بالبأساء والضراء} أي البؤس والضر. وأخرج أبو الشيخ عن ابن جبير أنه قال: خوف السلطان وغلاء السعر. وقيل: البأساء القحط والجوع والضراء المرض ونقصان الأنفس والأموال وهما صيغتا تأنيث لا مذكر لهما على أفعل كأحمر حمراء كما هو القياس فإنه لم يقل أضر وأبأس صفة بل للتفضيل {لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} أي لكي يتذللوا فيدعوا ويتوبوا من كفرهم.

.تفسير الآية رقم (43):

{فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)}
{فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ} أي فلم يتضرعوا حينئذٍ مع وجود المقتضي وانتفاء المانع الذي يعذرون به، ولولا عند الهروي تكون نافية حقيقة وجعل من ذلك قوله تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءامَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ} [يونس: 98] والجمهور حملوه على التوبيخ والتنديم وهو يفيد الترك وعدم الوقوع ولذا ظهر الاستدراك والعطف في قوله تعالى: {ولكن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ} وليست لولا هنا تحضيضية كما تتوهم لأنها تختص بالمضارع، واختار بعضهم ما ذهب إليه الهروي. ولما كان التضرع ناشئًا من لين القلب كان نفيه نفيه فكأنه قيل: فما لانت قلوبهم ولكن قست، وقيل: كان الظاهر أن يقال: لكن يجب عليهم التضرع إلا أنه عدل إلى ما ذكر لأن قساوة القلب التي هي المانع يشعر بأن عليهم ما ذكر، ومعنى {قَسَتْ} إلخ استمرت على ما هي عليه من القساوة أو ازدادت قساوة.
{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ} من الكفر والمعاصي فلم يخطروا ببالهم أن ما اعتراهم من البأساء والضراء ما اعتراهم إلا لأجله. والتزيين له معان، أحدها: إيجاد الشيء حسنًا مزينًا في نفس الأمر كقوله تعالى: {زَيَّنَّا السماء الدنيا} [الصافات: 6] والثاني: جعله مزينًا من غير إيجاد كتزيين الماشطة العروس. والثالث: جعله محبوبًا للنفس مشتهى وإن لم يكن في نفسه كذلك وهذا إما عنى خلق الميل في النفس والطبع وإما عنى تزويقه وترويجه بالقول وما يشبهه كالوسوسة والإغواء، وعلى هذا يبنى أمر إسناده فإنه جاء في النظم الكريم تارة مسندًا إلى الشيطان كما في هذه الآية وتارة إليه سبحانه كما في قوله سبحانه: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} [الأنعام: 108] وتارة إلى البشر كقوله عز وجل: {زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مّنَ المشركين قَتْلَ أولادهم شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام: 137] فإن كان بالمعنى الأول فإسناده إلى الله تعالى حقيقة، وكذا إذا كان بالمعنى الثالث بناءً على المراد منه أولًا، وإن كان بالمعنى الثاني أو الثالث بناءً على المراد منه ثانيًا فإسناده إلى الشيطان أو البشر حقيقة، ولا يمكن إسناد ما يكون بالإغواء والوسوسة إليه سبحانه كذلك. وجاء أيضًا غير مذكور الفاعل كقوله سبحانه: {زُيّنَ لِلْمُسْرِفِينَ} [يونس: 12] وحينئذٍ يقدر في كل مكان ما يليق به، وقد مر لك ما يتعلق بهذا البحث فتذكر.

.تفسير الآية رقم (44):

{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بما أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)}
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ} أي تركوا ما دعاهم الرسل عليهم الصلاة والسلام إليه وردوه عليهم ولم يتعظوا به كما روي عن ابن جريج، وقيل: المراد أنهم انهمكوا في معاصيهم ولم يتعظوا بما نالهم من البأساء والضراء فلما لم يتعظوا {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَيْء} من النعم الكثيرة كالرخاء وسعة الرزق مكرًا بهم واستدراجًا لهم. فقد روى أحمد والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان من حديث عقبة بن عامر مرفوعًا «إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد في الدنيا وهو مقيم على معاصيه فإنما هو استدراج ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {فَلَمَّا نَسُواْ} الآية وما بعدها» وروي عن الحسن أنه لما سمع الآية قال: «مكر بالقوم ورب الكعبة أعطوا حاجتهم ثم أخذوا» وقيل: المراد فتحنا عليهم ذلك إلزامًا للحجة وإزاحة للعلة، والظاهر أن {فَتَحْنَا} جواب لما لأن فيها سواء قيل بحرفيتها أو اسميتها معنى الشرط. واستشكل ذلك بأنه لا يظهر وجه سببية النسيان لفتح أبواب الخير. وأجيب بأن النسيان سبب للاستدراج المتوقف على فتح أبواب الخير، وسببية شيء لآخر تستلزم سببيته لما يتوقف عليه أو يقال: إن الجواب ما ذكر باعتبار ماله ومحصله وهو ألزمناهم الحجة ونحوه وتسببه عنه ظاهر، وقيل: إنه مسبب عنه باعتبار غايته وهو أخذهم بغتة. وقرأ أبو جعفر وابن عامر {فَتَحْنَا} بالتشديد للتكثير.
{حتى إِذَا فَرِحُواْ} فرح بطر {ا أُوتُواْ} من النعم ولم يقوموا بحق المنعم جل شأنه {أخذناهم} عاقبناهم وأنزلنا بهم العذاب {بَغْتَةً} أي فجأة ليكون أشد عليهم وأفظع هولًا، وهي نصب على الحالية من الفاعل أو المفعول أي مباغتين أو مبغوتين أو على المصدرية أي بغتناهم بغتة {فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ} أي آيسون من النجاة والرحمة كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وقال البلخي: أذلة خاضعون، وعن السدي الإبلاس تغير الوجه ومنه سمي إبليس لأن الله تعالى نكس وجهه وغيره، وعن مجاهد هو عنى الاكتئاب. وفي «الحواشي الشهابية» للإبلاس ثلاثة معان في اللغة: الحزن والحسرة واليأس وهي معان متقاربة. وقال الراغب: هو الحزن المعترض من شدة اليأس، ولما كان المبلس كثيرًا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه قيل: أبلس فلان إذا سكت وإذا انقطعت حجته، وإذا هي الفجائية وهي ظرف مكان كما نص عليه أبو البقاء. وعن جماعة أنها ظرف زمان، ومذهب الكوفيين أنها حرف؛ وعلى القولين الأولين الناصب لها خبر المبتدأ أي أبلسوا في مكان إقامتهم أو في زمانها.

.تفسير الآية رقم (45):

{فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)}
{فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ} أي آخرهم كما قال غير واحد، وهو من دبره إذا تبعه فكأنه في دبره أي خلفه، ومنه «إن من الناس من لا يأتي الصلاة إلا دبرًا» أي في آخر الوقت. وقال الأصمعي: الدابر الأصل؛ ومنه قطع الله دابره أي أصله. وأيًا ما كان فالمراد أنهم استؤصلوا بالعذاب ولم يبق منهم أحد، ووضع الظاهر موضع الضمير للإشعار بعلة الحكم. {والحمد للَّهِ رَبّ العالمين} على ما جرى عليهم من النكال والإهلاك فإن إهلاك الكفار والعصاة من حيث إنه تخليص لأهل الأرض من شؤم عقائدهم الفاسدة وأعمالهم الخبيثة نعمة جليلة يحق أن يحمد عليها فهذا منه تعالى تعليم للعباد أن يحمدوه على مثل ذلك، واختار الطبرسي أنه حمد منه عز اسمه لنفسه على ذلك الفعل.

.تفسير الآية رقم (46):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46)}
{قُلْ} يا محمد على سبيل التبكيت والإلزام أيضًا {أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ الله سَمْعَكُمْ وأبصاركم} أي أصمكم وأعماكم فأخذهما مجاز عما ذكر لأنه لازم له، والاستدلال بالآية على بقاء العرض زمانين محل نظر. {وَخَتَمَ على قُلُوبِكُمْ} بأن غطى عليها بما لا يبقى لكم معه عقل وفهم أصلًا. وقيل: يجوز أن يكون الختم عطفًا تفسيريًا للأخذ فإن البصر والسمع طريقان للقلب منهما يرد ما يرده من المدركات فأخذهما سد لبابه بالكلية وهو السر في تقديم أخذهما على الختم عليها. واعترض بأن من المدركات ما لا يتوقف على السمع والبصر، ولهذا قال غير واحد بوجوب الإيمان بالله تعالى على من ولد أعمى أصم وبلغ سن التكليف، وقيل: في التقديم إنه من باب تقديم ما يتعلق بالظاهر على ما يتعلق بالباطن. ووجه تقديم السمع وإفراده قد تقدمت الإشارة إليه.
{مَّنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِهِ} أي بذلك على أن الضمير مستعار لاسم الإشارة المفرد لأنه الذي كثر في الاستعمال التعبير به عن أشياء عدة وأما الضمير المفرد فقد قيل فيه ذلك. ونقل عن الزجاج أن الضمير راجع إلى المأخوذ والمختوم عليه في ضمن ما مر أي المسلوب منكم أو راجع إلى السمع وما بعده داخل معه في القصد ولا يخفى بعده.
وجوز أن يكون راجعًا إلى أحد هذه المذكورات، و{مِنْ} مبتدأ و{إِلَهٍ} خبره و{غَيْرِ} صفة للخبر و{يَأْتِيَكُمُ} صفة أخرى، والجملة كما قال غير واحد متعلق الرؤية ومناط الاستخبار أي أخبروني إن سلب الله تعالى مشاعركم من إله غيره سبحانه يأتيكم به وترك كاف الخطاب هنا قيل: لأن التخويف فيه أخف مما تقدم ومما يأتي. وقيل: اكتفاء بالسابق واللاحق لتوسط هذه الخطاب بينهما، وقيل: لما كان هذا العذاب مما لا يبقى القوم معه أهلًا للخطاب حذفت كافه إيماء لذلك ورعاية لمناسبة خفية.
{انظر كَيْفَ نُصَرّفُ الايات} أي نكررها على أنهار مختلفة، ومنه تصريف الرياح. والمراد من الآيات على ما روي عن الكلبي الآيات القرآنية وهل هي على الإطلاق أو ما ذكر من أول السورة إلى هنا؟ أو ما ذكر قبل هذا؟ أقوال أقربها عندي الأقرب وفيها الدال على وجود الصانع وتوحيده وما فيه الترغيب والترهيب والتنبيه والتذكير. وهذا تعجيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: لمن يصلح للخطاب من عدم تأثرهم بما مر من الآيات الباهرات. {ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ} أي يعرضون عن ذلك: وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنشد لهذا المعنى قول أبي سفيان بن الحرث:
عجبت لحكم الله فينا وقد بدا ** له صدفنا عن كل حق منزل

وذكر بعضهم أنه يقال: صدف عن الشيء صدوفًا إذا مال عنه. وأصله من الصدف الجانب والناحية ومثله الصدفة وتطلق على كل بناء مرتفع. وجاء في الخبر أنه صلى الله عليه وسلم مر بصدف مائل فأسرع. والجملة عطف على {نُصَرّفُ} داخل معه في حكمه وهو العمدة في التعجيب. و{ثُمَّ} للاستبعاد أي أنهم بعد ذلك التصريف الموجب للإقبال والإيمان يدبرون ويكفرون.

.تفسير الآية رقم (47):

{قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47)}
{قُلْ أَرَأَيْتُكُم} تبكيت آخر لهم بالجائهم إلى الاعتراف باختصاص العذاب بهم {إِنْ أتاكم عَذَابُ الله} أي العاجل الخاص بكم كما أتى أضرابكم من الأمم قبلكم {بَغْتَةً} أي فجأة من غير ظهور أمارة وشعور ولتضمنها بهذا الاعتبار ما في الخفية من عدم الشعور صح مقابلتها بقولخ سبحانه: {أَوْ جَهْرَةً} وبدأ بها لأنها أردع من الجهرة. وإنما لم يقل: خفية لأن الإخفاء لا يناسب شأنه تعالى. وزعم بعضهم أن البغتة استعارة للخفية بقرينة مقابلتها بالجهرة وإنها مكنية من غير تخييلية. ولا يخفى أنه على ما فيه تعسف لا حاجة إليه فإن المقابلة بين الشيء والقريب من مقابله كثيرة في الفصيح. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «بشروا ولا تنفروا». وعن الحسن أن البغتة أن يأتيهم ليلا والجهرة أن يأتيهم نهارًا. وقرئ {بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً} بفتح الغين والهاء على أنهما مصدران كالغلبة أي أتيانا بغتة أو أتيانا جهرة. وفي «المحتسب» لابن جني أن مذهب أصحابنا في كل حرف حلق ساكن بعد فتح لا يحرك إلا على أنه لغة فيه كالنهر والنهر والشعر والشعر والحلب والحلب والطرد والطرد. ومذهب الكوفيين أنه يجوز تحريك الثاني لكونه حرفًا حلقيًا قياسيًا مطردًا كالبحر والبحر، وما أرى الحق إلا معهم. وكذا سمعت من عامه عقيل. وسمعت الشجري يقول: محموم بفتح الحاء. وليس في كلام العرب مفعول بفتح الفاء. وقالوا: اللحم يريد اللحم. وسمعته يقول تغدو عنى تغدوا. وليس في كلامهم مفعل بفتح الفاء وقالوا: سار نحوه بفتح الحاء ولو كانت الحركة أصلية ما صحت اللام أصلًا اه. وهي كما قال الشهاب فائدة ينبغي حفظها. وقرئ {بَغْتَةً} بالواو الواصلة.
{جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ القوم الظالمون} أي إلا أنتم ووضع الظاهر موضع ضميرهم تسجيلًا عليهم بالظلم وإيذانًا بأن مناط إهلاكهم ظلمهم ووضعهم الكفر موضع الإيمان والإعراض موضع الإقبال وهذا كما قال الجماعة متعلق الاستخبار والاستفهام للتقرير أي قل تقريرًا لهم باختصاص الهلاك بهم أخبروني إن أتاكم عذابه جل شأنه حسا تستحقونه هل يهلك بذلك العذاب إلا أنتم أي هل يهلك غيركم ممن لا يستحقه، وقيل: المراد بالقوم الظالمين الجنس وهم داخلون فيه دخولًا أوليًا. واعترض بأنه يأباه تخصيص الإتيان بهم، وقيل: الاستفهام عنى النفي لأن الاستثناء مفرغ والأصل فيه النفي، ومتعلق الاستخبار حينئذ محذوف كأنه قيل: أخبروني إن أتاكم عذابه عز وجل بغتة أو جهرة ماذا يكون الحال. ثم قيل: بيانًا لذلك ما يهلك إلا القوم الظالمون أي ما يهلك بذلك العذاب الخاص بكم ألا أنتم. وقيد الطبرسي وغيره الهلاك بهلاك التعذيب والسخط توجيهًا للحصر إذ قد يهلك غير الظالم لكن ذلك رحمة منه تعالى به ليجزيه الجزاء الأوفى على ابتلائه، ولعله اشتغال بما لا يعني. وقرئ {يُهْلَكُ} بفتح الياء.