فصل: تفسير الآية رقم (72):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (72):

{وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (72)}
وقوله تعالى: {وَأَنْ أَقِيمُواْ الصلاة واتقوه} أي الرب في مخالفة أمره سبحانه بتقدير حرف الجر وهو عطف على الجار والمجرور السابق، وقد صرح بدخول أن المصدرية على الأمر سيبويه وجماعة، وجوز أن يعطف {أَنْ أَقِيمُواْ} على موضع {لِنُسْلِمَ} [الأنعام: 71] كأنه قيل: أمرنا أن نسلم وأن أقيموا. وقيل: العطف على مفعول الأمر المقدر أي أمرنا بالإيمان وإقامة الصلاة، وقيل: على قوله تعالى: {إِنَّ هُدَى الله} [الأنعام: 71] إلخ أي قل لهم إن هدى الله هو الهدى وأن أقيموا، وقيل: على {ائتنا} [الأنعام: 71]، وقيل: غير ذلك. وذكر الإمام أنه كان الظاهر أن يقال: أمرنا لنسلم ولأن نقيم إلا أنه عدل لما ذكر للإيذان «بأن الكافر ما دام كافرًا كان كالغائب الأجنبي فخوطب بما خوطب به الغُيَّب وإذا أسلم ودخل في زمرة المؤمنين صار كالقريب الحاضر فخوطب بما يخاطب به الحاضرون» وقوله سبحانه: {وَهُوَ الذي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} جملة مستأنفة موجبة للامتثال بما أمر به سبحانه من الأمور الثلاثة، وتقديم المعمول لإفادة الحصر مع رعاية الفواصل أي إليه سبحانه لا إلى غيره تحشرون يوم القيامة.

.تفسير الآية رقم (73):

{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)}
{وَهُوَ الذي خَلَقَ السموات والأرض} أي هذين الأمرين العظيمين. ولعله أريد بخلقهما خلق ما فيهما أيضًا، وعدم التصريح بذلك لظهور اشتمالهما على جميع العلويات والسفليات. وقوله سبحانه: {بالحق} متعلق حذوف وقع حالا من فاعل {خُلِقَ} أي قائمًا بالحق، ومعنى الآية حينئذ كما قيل كقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السماء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا باطلا} [ص: 27] وجوز أن يكون حالًا من المفعول أي متلبسة بالحق، وأن يكون صفة لمصدر الفعل المؤكد أي خلقًا متلبسًا بالحق.
{وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الحق} تذييل لما تقدم؛ والواو للاستئناف. واليوم عنى الحين متعلق حذوف وقع خبرًا مقدمًا و{قَوْلُهُ} مبتدأ و{الحق} صفته، والمراد بالقول المعنى المصدري أي القضاء الصواب الجاري على وفق الحكمة فلذا صح الإخبار عنه بظرف الزمان أي وقضاؤه سبحانه المعروف بالحقية كائن حين يقول سبحانه لشيء من الأشياء كن فيكون ذلك الشيء وتقديم الخبر للاهتمام بعموم الوقت كما قيل، ونفى السعد كونه للحصر لعدم مناسبته وجعل التقديم لكونه الاستعمال الشائع. وتعقب بأن المعروف الشائع تقديم الخبر الظرفي إذا كان المبتدأ نكرة غير موصوفة أو نكرة موصوفة أما إذا كان معرفة فلم يقله أحد. وقيل: إن {قَوْلُهُ الحق} مبتدأ وخبر و{يَوْمٍ} ظرف لمضمون الجملة والواو بحسب المعنى داخلة عليها والتقديم للاعتناء به من حيث إنه مدار الحقية، وترك ذكر المقول له للثقة بغاية ظهوره. والمراد بالقول كلمة {كُنَّ} تحقيقًا أو تمثيلًا. والمعنى وأمره سبحانه المتعلق بكل شيء يريد خلقه من الأشياء حين تعلقه به لا قبله ولا بعده من أفراد الأحيان الحق أي المشهود له بالحقية، وقيل: إن الواو للعطف و{يَوْمٍ} إما معطوف على {السموات} فهو مفعول لخلق مثله، والمراد به يوم الحشر أي وهو الذي أوجد السموات والأرض وما فيهما وأوجد يوم الحشر والمعاد، وإما على الهاء في {اتقوه} [الأنعام: 72] فهو مفعول به مثله أيضًا، والكلام على حذف مضاف أي اتقوا الله تعالى واتقوا هول ذلك اليوم وعقابه فزعه. وإما متعلق حذوف دل عليه {ءادَمَ بالحق} أي يقوم بالحق يوم إلخ، وهو إعراب متكلف كما قال أبو حيان. وقيل: إنه معطوف على {بالحق} وهو ظرف لخلق أي خلق السموات والأرض بعظمها حين قال كن فكان. والتعبير بصيغة الماضي احضار للأمر البديع. وفيه أنه يتوقف على صحة عطف الظرف على الحال بناء على أن الحال ظرف في المعنى وهو تكلف. و{قَوْلُهُ الحق} مبتدأ وخبر أو فاعل يكون على معنى وحين يقول لقوله الحق أي لقضائه كن فيكون. والمراد به حين يكون الأشياء ويحدثها أو حين يقوم القيامة فيكون التكوين إحياء الأموات للحشر وقيل غير ذلك فتدبر.
{وَلَهُ الملك يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور} أي استقر الملك له في ذلك اليوم صورة ومعنى بانقطاع العلائق المجازية الكائنة في الدنيا المصححة للمالكية في الجملة فلا يدعيه غيره بوجه. والصور قرن ينفخ فيه كما ثبت في الأحاديث والله تعالى أعلم بحقيقته. وقد فصلت أحواله في «كتب السنة». وصاحبه إسرافيل عليه السلام على المشهور. وأخرج البزار والحاكم عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا أن ملكين موكلين بالصور ينتظران متى يؤمران فينفخان. وقرأ قتادة «في الصور» جمع صورة والمراد بها الأبدان التي تقوم بعد نفخ الروح فيها لرب العالمين.
{عالم الغيب والشهادة} أي كل غيب وشهادة {وَهُوَ الحكيم} في كل ما يفعله {الخبير} بجميع الأمور الخفية والجلية. والجملة تذييل لما تقدم وفيه لف ونشر مرتب هذا.
ومن باب الاشارة في الآيات {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ}. اعلم أن بعض ساداتنا الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم ذكروا أن للغيب مراتب، أولاها غيب الغيوب وهو علم الله تعالى المسمى بالعناية الأولى. وثانيتها غيب عالم الأرواح وهو انتقاش صورة كل ما وجد وسيوجد من الأزل إلى الأبد في العالم الأول العقلي الذي هو روح العالم المسمى بأم الكتاب على وجه كلي وهو القضاء السابق. وثالثتها غيب عالم القلوب وهو ذلك الانتقاش بعينه مفصلًا تفصيلًا علميًا كليًا وجزئيًا في عالم النفس الكلية التي هي قلب العالم المسمى باللوح المحفوظ. ورابعتها غيب عالم الخيال وهو انتقاش الكائنات بأسرها في النفوس الجزئية الفلكية منطبعة في اجرامها معينة مشخصة مقارنة لأوقاتها على ما يقع بعينه. وذلك العالم هو الذي يعبر عنه بالسماء الدنيا إذ هو أقرب مراتب الغيوب إلى عالم الشهادة ولوح القدر الإلهي الذي هو تفصيل قضائه سبحانه، وذكروا أن علم الله تعالى الذي هو العناية الأولى عبارة عن إحاطته سبحانه بالكل حضورًا فالخزائن المشتملة على جميع الغيوب حاضرة لذاته وليس هناك شيء زائد ولا يعلمها إلا هو سبحانه. وكذا أبواب تلك الخزائن مغلقة ومفاتيحها بيده تعالى لا يطلع على ما فيها أحد غيره عز وجل وقد يفتح منها ما شاء لمن يشاء. هذا وقد يقال: حقق كثير من الراسخين في العلم أن حقائق الأشياء وماهياتها ثابتة في الأزل وهي في ثبوتها غير مجعولة وإنما المجعول الصور الوجودية وهي لا تتبدل ولا تتغير ولا تتصف بالهلاك أصلا كما يشير إليه قوله تعالى: {كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: 88] بناء على عود الضمير إلى الشيء وتفسير الوجه بالحقيقة وعلم الله تعالى بها حضوري وهي كالمرايا لصورها الحادثة فتكون تلك الصور مشهودة لله تعالى أزلا مع عدمها في نفسها ذهنًا وخارجًا، وقد بينوا انطواء العلم بها في العلم بالذات بجميع اعتباراته التي منها كونه سبحانه مبدأ لإفاضة وجوداتها عليها قتضى الحكمة فيمكن أن يقال: إن المفاتح عنى الخزائن إشارة إلى تلك الماهيات الأزلية التي هي كالمرايا لما غاب عنا من الصور وتلك حاضرة عنده تعالى أزلا ولا يعلمها علمًا حضوريًا غير محتاج إلى صورة ظلية إلا هو جل وعلا، وهذا ظاهر لمن أخذت العناية بيده.
{وَيَعْلَمُ مَا فِي البر} أي بر النفوس من ألوان الشهوات ومراتبها {البحر} أي بحر القلوب من لآلئ الحكم ومرجان العرفان. {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ} من أوراق أشجار اللطف والقهر في مهيع النفس وخصم القلب {إِلاَّ يَعْلَمُهَا} في سائر أحوالها. {وَلاَ حَبَّةٍ} من بذر الجلال والجمال {فِى ظلمات الأرض} وهو عالم الطبائع والأشباح {وَلاَ رَطْبٍ} من الإلهامات التي ترد على القلب بلطف من غير انزعاج {وَلاَ يَابِسٍ} من الوساوس والخطرات التي تفزع منها النفس حين ترد عليها {إِلاَّ فِي كتاب مُّبِينٍ} [الأنعام: 59] وهو علمه سبحانه الجامع، وبعضهم لم يؤول شيئًا من المذكورات وفسر الكتاب بسماء الدنيا لتعين هذه الجزئيات فيها، ويمكن أن يقال إن الكتاب إشارة إلى ماهيات الأشياء وهي المسماة بالأعيان الثابتة، ومعنى كونها فيها ما أشرنا إليه أن تلك الأعيان كالمرايا لهذه الموجودات الخارجية {وَهُوَ الذي يتوفاكم باليل} أي ينيمكم وقيل: يتوفاكم بطيران أرواحكم في الملكوت وسيرها في رياض حضرات اللاهوت. وقيل: يمكن أن يكون المعنى وهو الذي يضيق عليكم إلى حيث يكاد تزهق أرواحكم في ليل القهر وتجلي الجلال {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم} أي كسبتم {بالنهار} من الأعمال مطلقًا، وقيل من الأعمال الشاقة على النفس المؤلمة لها كالطاعات. وقيل: يحتمل أن يكون المعنى ويعلم ما كسبتموه بنهار التجلي الجمالي من الأنس أو شوارد العرفان {ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} أي فيما جرحتم من صور أعمالكم ومكاسبكم الحسنة والقبيحة، وقيل الحسنة، وقيل فيما كسبتموه في نهار التجلي، وأول الأقوال هنا وفيما تقدم أولى {ليقضى أَجَلٌ مّسَمًّى} أي معين عنده {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ} في عين الجمع المطلق «ثُمَّ يُنَبّئُكُم بما كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» [الأنعام: 60] بإظهار صور أعمالكم عليكم وجزائكم بها {وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ} لأنه الوجود المطلق حتى عن قيد الإطلاق وله الظهور حسا تقتضيه الحكمة ولا تقيده المظاهر {والله مِن وَرَائِهِمْ مُّحِيطٌ} [البروج: 20]. {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً} وهي القوى التي ينطبع فيها الخير والشر ويصير هيئة أو ملكة ويظهر عند انسلاخ الروح ويتمثل بصور مناسبة أو القوى السماوية التي تنتقش فيها الصور الجزئية ولا تغادر صغيرة ولا كبيرة {حتى إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الموت تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} قيل: هم نفس أولئك الحفظة وقد أودع الله تعالى فيهم القدرة على التوفي {ثُمَّ رُدُّواْ إلى الله} في عين الجمع المطلق {مولاهم} أي مالكهم الذي يلي سائر أحوالهم إذ لا وجود لها إلا به {الحق} وكل ما سواه باطل.
وذكر بعض أهل الإشارة أن هذه أرجى آية في كتاب الله تعالى بناء على أن الله تعالى أخبر برجوع العبد إليه سبحانه وخروجه من سجن الدنيا وأيدي الكاتبين واصفًا نفسه له بأنه مولاه الحق المشعر بأن غيره سبحانه لا يعد مولى حقًا، ولا شك أنه لا أعز للعبد من أن يكون مرده إلى مولاه {أَلاَ لَهُ الحكم وَهُوَ أَسْرَعُ الحاسبين} [الأنعام: 62] إذ ظهور الأعمال بالصور المناسبة آن مفارقة الروح للجسد. {قُلْ مَن يُنَجّيكُمْ مّن ظلمات البر} وهي الغواشي النفسانية {والبحر} وهي حجب صفات القلب {تَدْعُونَهُ} إلى كشفها {تَضَرُّعًا} في نفوسكم {وَخُفْيَةً} في أسراركم {لَّئِنْ أنجانا مِنْ هذه} الغواشي والحجب {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين} [الأنعام: 63] نعمة الإنجاء بالاستقامة والتمكين {قُلِ الله يُنَجّيكُمْ مّنْهَا} بأنوار تجليات صفاته ومن كل كرب سوى ذلك بأن يمن عليكم بالفناء {ثُمَّ أَنتُمْ} بعد علمكم بقدرته تعالى على ذلك {تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 64] به أنفسكم وأهواءكم فتعبدونها {قُلْ هُوَ القادر على أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مّن فَوْقِكُمْ} بأن يحجبكم عن النظر في الملكوت أو بأن يقهركم باحتجابكم بالمعقولات والحجب الروحانية {أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} بأن لا يسهل عليكم القيام على باب الربوبية بنعت الخدمة وطلب الوصلة أو بأن يحجبكم بالحجب الطبيعية {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} فرقًا مختلفة كل فرقة على دين قوة من القوى تقابل الفرقة الأخرى أو يجعل أنفسكم مختلفة العقائد كل فرقة على دين دجال {وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: 65] بالمنازعات والمجادلات حسا يقتضيه الاختلاف {لّكُلّ نَبَإٍ} أي ما ينبأ عنه {مُّسْتَقِرٌّ} أي محل وقوع واستقرار {وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الأنعام: 67] حين يكشف عنكم حجب أبدانكم {وَإِذَا رَأَيْتَ الذين يَخُوضُونَ فِي ءاياتنا} بإظهار صفات نفوسهم وإثبات العلم والقدرة لها {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} [الأنعام: 68] لأنهم محجوبون مشركون {وَمَا عَلَى الذين يَتَّقُونَ} وهم المتجردون عن صفاتهم {مِنْ حِسَابِهِم} أي من حساب هؤلاء المحجوبين {مّن شَيْء ولكن ذكرى} أي فليذكروهم بالزجر والردع {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأنعام: 69] يحترزون عن الخوض.
وجوز أن يكون المعنى أن المتجردين لا يحتجبون بواسطة مخالطة المحجوبين ولكن ذكرناهم لعلهم يزيدون في التقوى {وَذَرِ الَّذِينَ اتخذوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا} أي اترك الذين عادتهم اللعب واللهو إلخ فإنهم قد حجبوا بما رسخ فيهم عن سماع الإنذار وتأثيره فيهم {وَذَكّرْ بِهِ} أي بالقرآن كراهة {أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بما كَسَبَتْ} أي تحجب بكسبها بأن يصير لها ملكة أي ذكر من لم يكن دينه اللعب واللهو لئلا يكون دينه ذلك وأما من وصل إلى ذلك الحد فلا ينفعه التذكير {أُوْلَئِكَ الذين أُبْسِلُواْ بما كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مّنْ حَمِيمٍ} وهو شدة الشوق إلى الكمال {وَعَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأنعام: 70] وهو الحرمان عنه بسبب الاحتجاب بما كسبوا {قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا أَيُّ بما كَانُواْ يَكْفُرُونَ قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ على أعقابنا} بالشرك {بَعْدَ إِذْ هَدَانَا الله} إلى التوحيد الحقيقي {كالذى استهوته الشياطين} من الوهم والتخيل {فِى الأرض} أي أرض الطبيعة ومهامه النفس {حَيْرَانَ} لا يدري أين يذهب {لَهُ أصحاب} من الفكر والقوى النظرية {يَدْعُونَهُ إِلَى الهدى} الحقيقي يقولون {ائتنا} فإن الطريق الحق عندنا وهو لا يسمع {قُلْ إِنَّ هُدَى الله} وهو طريق التوحيد {هُوَ الهدى} وغيره غيره {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبّ العالمين} [الأنعام: 71] حو صفاتنا {وَأَنْ أَقِيمُواْ الصلاة} الحقيقية وهو الحضور القلبي. قال ابن عطاء: إقامة الصلاة حفظها مع الله تعالى بالأسرار {واتقوه} أي اجعلوه سبحانه وقاية بالتخلص عن وجودكم {وَهُوَ الذي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنعام: 72] بالفناء فيه سبحانه: {وَهُوَ الذي خَلَقَ السموات} أي سموات الأرواح {والأرض} أي أرض الجسم {بالحق} أي قائمًا بالعدل الذي هو مقتضى ذاته {وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ} وهو وقت تعلق إرادته سبحانه القديمة بالظهور في التعينات {قَوْلُهُ الحق} لاقتضائه ما اقتضاه على أحسن نظام وليس في الإمكان أبدع مما كان {وَلَهُ الملك يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور} وهو وقت إفاضة الأرواح على صور المكنونات التي هي ميتة بأنفسها بل لا وجود لها ولا حياة. {عالم الغيب} أي حقائق عالم الأرواح ويقال له الملكوت {والشهادة} أي صور عالم الأشباح ويقال له الملك {وَهُوَ الحكيم} الذي أفاض على القوابل حسب القابليات {الخبير} [الأنعام: 73] بأحوالها ومقدار قابلياتها لا حكيم غيره ولا خبير سواه.