فصل: تفسير الآية رقم (159):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (159):

{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بما كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)}
{إِنَّ الذين فَرَّقُواْ دِينَهُمْ} استئناف لبيان أحوال أهل الكتابين إثر بيان حال المشركين بناء على ما روي عن ابن عباس وقتادة أن الآية نزلت في اليهود والنصارى أي بددوا دينهم وبعضوه فتمسك بكل بعض منه فرقة منهم. وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه وحمزة والكسائي {فارقوا} بالألف أي باينوا فإن ترك بعضه وإن كان بأخذ بعض آخر منه ترك للكل أو مفارقة له {دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا} أي فرقًا تشيع كل فرقة إمامًا وتتبعه أو تقويه وتظهر أمره. أخرج أبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه وابن حبان وصححه الحاكم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلهم في الهاوية إلا واحدة واقترفت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة كلهم في الهاوية إلا واحدة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في الهاوية إلا واحدة» واستثناء الواحدة من فرق كل من أهل الكتابين إنما هو بالنظر إلى العصر الماضي قبل النسخ وأما بعده فالكل في الهاوية وإن اختلفت أسباب دخولهم. ومن غريب ما وقع أن بعض متعصبي الشيعة الإمامية من أهل زماننا واسمه حمد روى بدل «إلا واحدة» في هذا الخبر إلا فرقة وقال: إن فيه إشارة إلى نجاة الشيعة فإن عدد لفظ فرقة بالجمل وعدد لفظ شيعة سواء فكأنه قال عليه الصلاة والسلام: إلا شيعة، والمشهور بهذا العنوان هم الشيعة الإمامية فقلت له بعد عدة تزييفات لكلامه: يلزم هذا النوع من الإشارة أن تكون كلبًا لأن عدد كلب وعدد حمد سواء فألقم الكلب حجرًا.
{لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْء} أي من السؤال عنهم والبحث عن تفرقهم أو من عقابهم أو أنت بريء منهم، وقيل: يحتمل أن يكون هذا وعدًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالعصمة عنهم أي لست منهم في شيء من الضرر، وعن السدي أنه نهى عن التعرض لقتالهم ثم نسخ بما في سورة براءة، و{مِنْهُمْ} في موضع الحال لأنه صفة نكرة قدمت عليها.
{إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى الله} تعليل للنفي المذكور أي هو يتولى وحده أمر أولاهم وءاخرتهم ويدبره حسا تقتضيه الحكمة، وقيل: المفرقون أهل البدع من هذه الأمة، فقد أخرج الحكيم الترمذي وابن جرير والطبراني والشيرازي في «الألقاب» وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله سبحانه: {إِنَّ الذين فَرَّقُواْ} إلخ «هم أهل البدع والأهواء من هذه الأمة». وأخرج الترمذي وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب. وغيرهم عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله تعالى عنها:
«يا عائش {إِنَّ الذين فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا} هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء وأصحاب الضلالة من هذه الأمة ليس لهم توبة يا عائشة إن لكل صاحب ذنب توبة غير أصحاب البدع وأصحاب الأهواء فإنهم ليس لهم توبة وأنا منهم بريء وهم مني برآء» فيكون الكلام استئنافًا لبيان حال المبتدعين إثر بيان حال المشركين إشارة إلى أنهم ليسوا منهم ببعيد، ولعل جملة {إِنَّمَا أَمْرُهُمْ} إلخ على هذا ليست للتعليل وإنما هي للوعيد على ما فعلوا أي أن رجوعهم إليه سبحانه.
{ثُمَّ يُنَبّئُهُم} يوم القيامة {ا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} في الدنيا على الاستمرار بالعقاب عليه.

.تفسير الآية رقم (160):

{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160)}
{مَن جَاء بالحسنة} استئناف مبين لمقادير أجزية العاملين وقد صدر ببيان أجزية المحسنين المدلول عليهم بذكر أضدادهم أي من جاء من المؤمنين بالخصلة الواحدة من خصال الطاعة أي خصلة كانت، وقيل: التوحيد ونسب إلى الحسن وليس بالحسن {فَلَهُ عَشْرُ} حسنات {أمثالها} فضلًا من الله تعالى. وقرأ يعقوب {عَشَرَ} بالتنوين {أمثالها} بالرفع على الوصف، وهذا أقل ما وعد من الأضعاف، وقد جاء الوعد بسبعين وسبعمائة وبغير حساب، ولذلك قيل: المراد بالعشر الكثرة لا الحصر في العدد الخاص. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة وأبو الشيخ عن ابن عباس وعبد بن حميد وغيره عن ابن عمر أن الآية نزلت في الأعراب خاصة، وأما المهاجرون فالحسنة مضاعفة لهم بسبعمائة ضعف، والظاهر العموم. وتجريد {عَشَرَ} من التاء لكون المعدود مؤنثًا كما أشرنا إليه لكنه حذف وأقيمت صفته مقامه، وقيل: إنه المذكور إلا أنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه.
{وَمَن جَاء بالسيئة} كائنًا من كان من العالمين {فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا} بحكم الوعد واحدة بواحدة، وإيجاب كفر ساعة عقاب الأبد لأن الكافر على عزم أنه لو عاش أبدًا لبقي على ذلك الاعتقاد أبدًا {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} بنقص الثواب وزيادة العقاب. فإن ذلك منه تعالى لا يعد ظلمًا إذ له سبحانه أن يعذب المطيع ويثيب العاصي، وقيل: المعنى لا ينقصون في الحسنات من عشر أمثالها وفي السيئة من مثلها في مقام الجزاء.
ومن المعتزلة من استدل بهذه الآية على إثبات الحسن والقبح العقليين، واختلف في تقريره فقيل: إنهم لما رأوا أن أحد أدلة الأشاعرة على النفي أن العبد غير مستبد في إيجاد فعله كما بين في محله فلا يحكم العقل بالاستقلال على ترتب الثواب والعقاب عليه قالوا: إن قوله سبحانه: {مَن جَاء بالحسنة} إلخ صريح في أن العبد مستبد مختار في فعله الحسن والقبيح، وإذا ثبت ذلك يثبت الحسن والقبح العقليان. وأجيب عنه بأن الآية لا تدل على استبداد العبد، غاية ما فيها أنها تدل على المباشرة وهم لا ينكرونها، وقيل: إن الآية دلت على أن لله تعالى فعلًا حسنًا ولو كان حسن الأفعال لكونها مأمورة أو مأذونًا فيها لما كان فعل الله تعالى حسنًا إذ هو غير مأمور ولا مأذون، وأيضًا لو توقف معرفة الحسن والقبح على ورود الشرع لما كانت أفعاله تعالى حسنة قبل الورود وهو خروج عن الدين.
وأجيب أما عن الأول: فبأنا لا ندعي أنه لا حسن إلا ما أمر به أو أذن في فعله حتى يقال: يلزم أن تكون أفعال الله تعالى غير حسنة إذ يستحيل أن يكون مأمورًا بها أو مأذونًا فيها بل ما أمر الشارع بفعله أو أذن فيه فهو حسن ولا ينعكس كنفسه بل قد يكون الفعل حسنًا باعتبار موافقة الغرض أو باعتبار أنه مأمور بالثناء على فاعله، وبهذا الاعتبار كان فعل الله تعالى حسنًا سواء وافق الغرض أو خالف، وأما عن الثاني: فبأن الحسن والقبح وإن فسرا بورود الشرع بالمنع والإطلاق لكن لا نسلم أنه لا حسن ولا قبح إلا بالشرع حتى يلزمنا ذلك بل الحسن والقبح أعم مما ذكر كما عرف في موضعه، ولا يلزم من تحقق معنى الحسن والقبح بغير ورود الشرع بالمنع والإطلاق أن يكون داتيًا للأفعال، ولا يخفى على المطلع أن قولهم: لو كان حسن الأفعال إلخ وقولهم: لو توقف معرفة الحسن والقبح إلخ شبهتان مستقلتان من شبه عشر إلزامية ذكرها الآمدي في «إبكار الأفكار» وأن كلًا من التقريرين السابقين لا يخلو بعد عن نظر فتدبر.

.تفسير الآية رقم (161):

{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)}
{قُلْ إِنَّنِى هَدَانِى رَبّى} أمر له صلى الله عليه وسلم بأن يبين ما هو عليه من الدين الحق الذي يدعي المفرقون أنهم عليه وقد فارقوه بالكلية، وتصدير الجملة بحرف التحقيق لإظهار كمال العناية ضمونها، والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام لما مر غير مرة أي قل يا محمد لهؤلاء المفرقين أو للناس كافة: أرشدني ربي بالوحي وا نصب في الآفاق والأنفس من الآيات {إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} موصل إلى الحق. وقوله سبحانه: {دِينًا} بدل من محل {إلى} إذ المعنى فهداني صراطًا نظير قوله تعالى: {عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صراطا مُّسْتَقِيمًا} [الفتح: 2] أو مفعول فعل مضمر دل عليه المذكور أي هداني أو أعطاني أو عرفني دينًا، وجوز أن يكون مفعولًا ثانيًا للمذكور. وقوله سبحانه: {قَيِّمًا} مصدر كالصغر والكبر نعت به مبالغة. وجوز أن يكون التقدير ذا قيم، والقياس قومًا كَعِوَض وحِوَل، فأَعِلَّ تبعًا لإعلال فعله أعني قام كالقيام. وقرأ كثير {قَيِّمًا} وهو فيعل من قام أيضًا كسيد من ساد وهو على ما قيل أبلغ من المستقيم باعتبار الهيئة والمستقيم أبلغ منه باعتبار مجموع المادة والهيئة، وقيل: أبلغية المستقيم لأن السين للطلب فتفيد طلب القيام واقتضاءه، ولا فرق بين القيم والمستقيم في أصل المعنى عند الكثير، وفسروا القيم بالثابت المقوم لأمر المعاش والمعاد، وجعلوا المستقيم من استقام الأمر عنى ثبت وإلا لا يتأتى ما ذكر، وقيل: المستقيم مقابل المعوج والقيم الثابت الذي لا ينسخ.
{مِلَّةِ إبراهيم} نصب بتقدير أعني أو عطف بيان لدينًا بناء على جواز تخالف البيان والمبين تعريفًا وتنكيرًا {حَنِيفًا} أي مائلًا عن الأديان الباطلة أو مخلصًا لله تعالى في العبادة وهو حال من إبراهيم، وقد أطبقوا على جواز مجيء الحال من المضاف إليه إذا كان المضاف جزءًا منه أو نزلة الجزء حيث يصح قيامه مقامه. والعامل في هذه الحال هو العامل في المضاف. وقيل: معنى الإضافة لما فيه من معنى الفعل المشعر به حرف الجر، وقد تقوى هذا المعنى هنا بما بين المتضايفين من الجزئية أو شبهها. وجوز أن يكون مفعولًا لفعل مقدر أي أعني حنيفًا.
{وَمَا كَانَ مِنَ المشركين} اعتراض مقرر لنزاهته عليه الصلاة والسلام عما عليه المبطلون، وقيل: عطف على ما تقدم. وفيه رد على الذين يدعون أنهم على ملته عليه الصلاة والسلام من أهل مكة القائلين: الملائكة بنات الله واليهود القائلين: عزيز ابن الله والنصارى القائلين: عيسى ابن الله.

.تفسير الآية رقم (162):

{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)}
{قُلْ إِنَّ صَلاَتِى} أي جنسها لتشمل المفروضة وغيرها. وأعيد الأمر لمزيد الاعتناء، وقيل: لأن المأمور به متعلق بفروع الشرائع وما سبق بأصولها {وَنُسُكِى} أي عبادتي كلها كما قال الزجاج والجبائي، وهو من عطف العام على الخاص. وعن سعيد بن جبير ومجاهد والسدي أن المراد به الذبيحة للحج والعمرة. وعن قتادة الأضحية، وجمع بينه وبين الصلاة كما في قوله تعالى: {فَصَلّ لِرَبّكَ وانحر} [الكوثر: 2] على المشهور. وقيل: المراد به الحج أي إن صلاتي وحجي {وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى} أي ما يقارن حياتي وموتي من الإيمان والعمل الصالح. وقيل: يحتمل أن يكون المراد بالمحيا والممات ظاهرهما والأول هو المناسب لقوله تعالى: {للَّهِ رَبّ العالمين} إذا المراد به الخلوص بحسب الظاهر، وقيل: المراد به نظرًا لهذا الاحتمال أن ذلك له تعالى ملكًا وقدرة.

.تفسير الآية رقم (163):

{لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)}
{لاَ شَرِيكَ لَهُ} أي في عبادتي أو فيها وفي الإحياء ولإماتة. وقرأ نافع «محياي» بإسكان إجراء للوصل مجرى الوقف، وفي رواية أنه كسر الياء، وعلى الرواية الأولى إنما جاز التقاء الساكنين لنية الوقف وفيه يجوز ذلك فطعن بعضهم في ذلك بأن فيه الجمع بين الساكنين وهو لا يجوز ليس في محله، وقد روى هذه القراءة عن نافع جماعة، وما قيل: إنه رجع عنها وإنه لا يحل لأحد نقلها عنه ليس بشيء{وبذلك} أي القول أو الإخلاص {أُمِرْتُ} لا بشيء غيره {وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين} أي المنقادين إلى امتثال ما أمر الله تعالى به، وقيل: المستسلمين لقضاء الله تعالى وقدره، والمراد مسلمي أمته كما قيل، وهذا شأن كل نبي بالنسبة إلى أمته، وقيل: هذا إشارة إلى قوله عليه الصلاة والسلام: «أول ما خلق الله تعالى نوري».

.تفسير الآية رقم (164):

{قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)}
{قُلْ أَغَيْرَ الله أَبْغِى رَبّا} إنكار لبغية غيره تعالى ربًا لا لبغية الرب ولهذا قدم المفعول، وليس التقديم للاختصاص إذ المقصود أغير الله أطلب ربًا وأجعله شريكًا له، وعلى تقدير الاختصاص لا يكون إشراكًا للغير بل توحيد، وقال بعض المحققين: لا يبعد أن يقال التقديم للاختصاص. وذكر في رد دعوته إلى الغير رد الاختصاص تنبيهًا على أن إشراك الغير بغية غير الله تعالى إذ لا بغية له سبحانه إلا بتوحيده عز وجل، وما في النظم الكريم أبلغ من أغير الله أعبد ونحوه كما لا يخفى {وَهُوَ} سبحانه: {رَبُّ كُلّ شَيْء} جملة حالية مؤكدة للإنكار أي والحال أن كل ما سواه مربوب له مثلي فكيف يتصور أن يكون شريكًا له في المعبودية.
{وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا} يروى أنهم كانوا يقولون للمسلمين: {اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم} فرد عليهم بما ذكر أي أن ما كسبته كل نفس من الخطايا محمولة عليها لا على غيرها حتى يصح قولكم، وعلى هذا يكون قوله سبحانه: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ} أي نفس آثمة {وِزْرَ أخرى} تأكيدًا لما قبله، وقيل: إن قولهم ذلك يحتمل معنيين. الأول: اتبعوا سبيلنا وليكتب علينا ما عملتم من الخطايا لا عليكم. والثاني: اتبعوا لنحمل يوم القيامة ما كتب عليكم من الخطايا.
وقوله تعالى: {وَلاَ تَكْسِبُ} إلخ رد له بالمعنى الأول؛ وقوله سبحانه: {وَلاَ تَزِرُ} إلخ رد له بالمعنى الثاني، وقيل: إن جواب قولهم هو الثاني، وأن الأول من جملة الجواب عن دعواهم إلى عبادة آلهتهم يعني لو أجبتكم إلى ما دعوتموني إليه لم أكن معذورًا بأنكم سبقتموني إليه وقد فعلته متابعة لكم ومطاوعة فلا يفيدني ذلك شيئًا ولا ينجيني من الله تعالى لأن كسب كل أحد وعمله عائد عليه، ورجحه بعضهم على الأول بأن التأسيس خير من التأكيد {ثُمَّ إلى رَبّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ} تلوين للخطاب وتوجيه له إلى الكل لتأكيد الوعد وتشديد الوعيد أي إلى مالك أموركم ورجوعكم يوم القيامة {فَيُنَبّئُكُم بما كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} ببيان الرشد من الغي وتمييز الحي من اللي.