فصل: تفسير الآية رقم (13):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (13):

{قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)}
{قَالَ} استئناف كما سلف، والفاء في قوله تعالى: {فاهبط مِنْهَا} لترتيب الأمر على ما ظهر منه من الباطل، وضمير {مِنْهَا} قيل للجنة، وكونه من سكانها مشهور، والمراد بها عند بعض الجنة التي يسكنها المؤمنون يوم القيامة. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها روضة بعدن وفيها خلق آدم عليه السلام وكانت على نشز من الأرض في قول. «وأصل الهبوط الانحدار على سبيل القهر كما في هبوط الحجر. وإذا استعمل في الإنسان ونحوه فعلى سبيل الاستخفاف» كما قال الراغب. ولم يشترط بعضهم فيه سوى الانتقال من شريف إلى ما دونه لقوله تعالى: {اهبطوا مِصْرًا} [البقرة: 61] والأمر عليه واضح وإن لم نقل: إن تلك الجنة كانت على نشز، وقيل: الضمير لزمرة الملائكة أي اخرج من زمرة الملائكة المعززين، فإن الخروج من زمرتهم هبوط وأي هبوط. وفي سورة الحجر (43) {فاخرج مِنْهَا} وقيل: الضمير للسماء، وإليه ذهب جماعة. ورد بأن وسوسته لآدم عليه السلام كانت بعد هذا الطرد فلابد أن يحمل على أحد الوجهين السابقين قطعًا، ويكون وسوسته على الوجه الأول بطريق النداء من باب الجنة كما روي عن الحسن البصري. وأجيب بأنه يحتمل أن يكون المراد من ذلك الجنة أو زمرة الملائكة أيضًا بناء على أن الأولى ومعظم الثانية في السماء أو يقال: إن القصة وقعت في الأرض وكانت الجنة فيها وبعد العصيان حجب اللعين من السماء التي هي مقره ومعبده، ومعني أمره بالخروج منها أمره بقطع علائقه عنها واتخاذها مأوى له بعد. وهذا كما تقول لمن غصب دارك مثلًا عند نحو القاضي: أخرج من داري مع أنه إذ ذاك ليس فيها تريد لا تدخلها واقطع علائقك عنها.
وقيل: الضمير للأرض. فقد روي أنه أخرج منها إلى الجزائر وأمر أن لا يدخلها إلا خفية، ويبعده أنه لا يظهر للتخصيص في قوله تعالى: {فَمَا يَكُونُ لَكَ} أي فما يصح ولا يستقيم ولا يليق بشأنك {أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا} على هذا وجه إلا على بعد. وأما على الأوجه السابقة فالوجه ظاهر وهو مزيد شرافة المخرج منه وعلو شأنه وتقدس ساحته. ومن هنا يعلم أنه لا دلالة في الآية على جواز التكبر في غير ذلك عند القائلين بالمفهوم، والجملة تعليل للأمر بالهبوط ولايخفى لطافة التعبير به دون الخروج في مقابلة قوله: {أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ} [الأعراف: 12] المشير إلى ارتفاع عنصره وعلو محله، والتكبر على ما قيل كالكبر وهو الحالة التي يختص بها الشخص من إعجابه بنفسه. وذلك أن يرى نفسه أكبر من غيره وأعظم، والمراد بالتكبر هاهنا إما التكبر على الله تعالى وهو أعظم التكبر ويكون بالامتناع من قبول الحق والإذعان له بالعبادة.
وفسره بعضهم بالمعصية. وإما التكبر على آدم عليه السلام بزعمه أنه خير منه وأكبر قدرًا. وقيل: المراد ما هو أعم منه ومن التكبر على الملائكة حيث زعم أن له خصوصية ميزته عليهم وأخرجته من عمومهم وفيه تأمل. وزعم البعض أن في الآية تنبيهًا على أن التكبر لا يليق بأهل الجنة فكما يمنع من القرار فيها يمنع من دخولها بعد ذلك وأنه تعالى إنما طرده لتكبره لا لمجرد عصيانه، وهو ظاهر على أحد الاحتمالات كما لا يخفى. والظرف إما متعلق بما عنده أو حذوف وقع حالًا.
وقوله تعالى: {فاخرج} تأكيد للأمر بالهبوط متفرع عليه. وقوله سبحانه: {إِنَّكَ مِنَ الصاغرين} تعليل للأمر بالخروج مشعر بأنه لتكبره أي إنك من أهل الصغار والهوان على الله تعالى وعلى أوليائه لتكبرك. أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تواضع لله رفعه الله تعالى، ومن تكبر وضعه الله عز وجل» ومن حديثه رضي الله تعالى عنه: «من تواضع لله تعالى رفع الله تعالى حكمته وقال: انتعش نعشك الله ومن تكبر وعدا طوره وهصه الله تعالى إلى الأرض» وقيل: المراد من الأذلاء في الدنيا بالذم واللعن وفي الآخرة بالعذاب بسبب ما ارتكبه من المعصية والتكبر، وإذلال الله تعالى المتكبرين يوم القيامة مما نطقت به الأخبار. أخرج الترمذي عن عمرو بن شعيب عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يساقون إلى سجن في جهنم يقال له: بولس يسقون من طينة الخبال عصارة أهل النار» وفسر بعضهم الصاغر بالراضي بالذل كما هو المشهور فيه. والمراد وصفه بأنه خسيس الطبع دنيء وأنه رأى نفسه أكبر من غيره وليس بالكبير. ولقد أبدع أبو نواس بقوله خطابًا له:
سوأة بالعين أنت اختلست الن ** اس غيظًا عليهم أجمعينا

تهت لما أمرت في سالف الدهـ ** ـر وفارقت زمرة الساجدينا

عند ما قلت لا أطيق سجودا ** لمثال خلقته رب طينا

حسدًا إذ خلقت من مارج النـ ** ـار لما كان مبتدأ العالمينا

ثم صيرت في القيادة تسعى ** يا مجير الزناة واللائطينا

وله أيضًا من أبيات فيه:
تاه على آدم في سجدة ** وصار قوادًا لذريته

.تفسير الآية رقم (14):

{قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14)}
{قَالَ} استئناف كما مر مبني على سؤال نشأ مما قبله كأنه قيل: فماذا قال اللعين بعدما سمع ما سمع؟ فقيل: قال: {أَنظِرْنِى} أي أمهلني ولا تمتني {إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أي آدم عليه السلام وذريته وهو وقت النفخة الثانية، وأراد بذلك أن يجد فسحة في الإغواء وأخذ الثأر ونجاة من الموت إذ لا موت بعد البعث.

.تفسير الآية رقم (15):

{قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15)}
{قَالَ} استئناف كما مر {إِنَّكَ مِنَ المنظرين} ظاهره {إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الأعراف: 14] حيث وقع في مقابلة كلامه لكن في سورة الحجر وص التقييد بيوم الوقت المعلوم، واختلف في المراد منه فالمشهور أنه يوم النفخة الأولى دون يوم البعث لأنه ليس بيوم موت، وجوز بعضهم أن يكون المراد منه يوم البعث ولا يلزم أن لا يموت فلعله يموت أول اليوم ويبعث مع الخلق في تضاعيفه. وفي كتاب العرائس عن كعب الأحبار أن إبليس إنما يذوق طعم الموت يوم الحشر وذكر في كيفية موته وقبض عزرائيل روحه ما يقضي منه العجب، ولم ترضِ ذلك الفاضل السفاريني وقال في كتابه «البحور الزاخرة»: أخرج نعيم بن حماد في «الفتن» والحاكم في المستدرك عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: لا يلبثون يعني الناس بعد يأجوج ومأجوج حتى تطلع الشمس من مغربها فتجف الأقلام وتطوى الصحف فلا يقبل من أحد توبة ويخر إبليس ساجدًا ينادي إلهي مرني أن أسجد لمن شئت وتجتمع إليه الشياطين فتقول يا سيدنا إلى من نفزع؟ فيقول: إنما سألت ربي أن ينظرني إلى يوم البعث فأنظرني إلى يوم الوقت المعلوم وقد طلعت الشمس من مغربها وهذا يوم الوقت المعلوم وتصير الشياطين ظاهرة في الأرض حتى يقول الرجل: هذا قريني الذي كان فالحمد لله الذي أخزاه ولا يزال إبليس ساجدًا باكيًا حتى تخرج الدابة فتقتله وهو ساجد انتهى.
ومنه يعلم أن المراد باليوم المعلوم ما صرح به اللعين وهو قبل يوم النفخة الأولى بكثير، وهذا قول لم نر أحدًا من المفسرين ذكره وهو الذي ارتضاه هذا الفاضل وقال: إن الخبر في حكم المرفوع لأنه لا يقال من قبل الرأي وليس ابن مسعود ككعب الأحبار ممن يتلقى من كتب أهل الكتاب. وأنت تعلم أنه إن صحت نسبة هذا الخبر إلى ابن مسعود ينبغي أن لا يعدل إلى القول بما يخالفه ولكن في صحة نسبته إليه رضي الله تعالى عنه عندي تردد. وقيل: المراد به وقت يعلم الله تعالى انتهاء أجله فيه وقد أخفي عنا وكذا عن اللعين، وأوجب على هذا أن يكون قبل النفخة الثانية. واستدل له بعضهم بأن اللعين كان مكلفًا والمكلف لا يجوز أن يعلم أجله لأنه يقدم على المعصية بقلب فارغ حتى إذا قرب أجله تاب فتقبل توبته وهذا كالإغراء على المعاصي فيكون قبيحًا. وأجيب بأن من علم الله تعالى من حاله أنه يموت على الطهارة والعصمة كالأنبياء عليهم السلام أو على الكفر والمعاصي كإبليس وأشياعه فإن إعلامه بوقت أجله لا يكون إغراء على المعصية لأنه لا يتفاوت حاله بسبب ذلك التعريف والإعلام.
وظاهر النظم الكريم عند غير واحد أن هذه إجابة لدعائه كلًا أو بعضًا، وفي ذلك دليل لمن قال: إن دعاء الكافر قد يستجاب وهو الذي ذهب إليه الدبوسي وغيره من الفقهاء خلافًا لما نقله في «البزازية» عن البعض من أنه لا يجوز أن يقال: إن دعاء الكافر مستجاب لأنه لا يعرف الله تعالى ليدعوه، والفتوى على الأول للظاهر ولقوله صلى الله عليه وسلم: «دعوة المظلوم مستجابة وإن كان كافرًا». وحمل الكفر على كفران النعمة لا كفران الدين خلاف الظاهر، ولا يلزم من الاستجابة المحبة والإكرام فإنها قد تكون للاستدراج. وقال بعض المحققين: الجملة أخبار عن كونه من المنظرين في قضاء الله عالى من غير ترتب على دعائه، وادعى أن ورودها اسمية مع التعرض لشمول ما سأله اللعين الآخرين على وجه يشعر بأن السائل تبع لهم في ذلك صريح في أن ذلك إخبار بأن الإنظار المذكور لهم أزلًا لا إنشاء لا لإنظار خاص به إجابة لدعائه، ويعلم من ذلك أيضًا أن استنظاره كان طلبًا لتأخير الموت إذ به يتحقق كونه من جملتهم لا لتأخير العقوبة كما قيل ولا يخلو عن حسن. والحكمة في إنظاره ذلك الزمن الطويل مع ما هو عليه عليه اللعنة من الإفساد مما ينبغي أن يفوض علمها إلى خالق العباد.
وقد ذكر الشهرستاني «عن شارح الأناجيل الأربعة صورة مناظرة جرت بين الملائكة وبين إبليس بعد هذه الحادثة وقد ذكرت في التوراة، وهي أن اللعين قال للملائكة: إني أسلم أن لي إلهًا هو خالقي وموجدي وهو خالق الخلق لكن لي على حكمه أسئلة، الأول: ما الحكمة في الخلق؟ لاسيما وقد كان عالمًا أن الكافر لا يستوجب عند خلقه إلا النار. الثاني: ما الفائدة في التكليف مع أنه لا يعود إليه منه نفع ولا ضرر وكل ما يعود إلى المكلفين فهو قادر على تحصيله لهم من غير واسطة التكليف؟ الثالث: هب أنه كلفني عرفته وطاعته فلماذا كلفني بالسجود لآدم؟ الرابع: لما عصيته في ترك السجود فلم لعنني وأجب عقابي مع أنه لا فائدة له ولا لغيره فيه ولي فيه أعظم الضرر؟ الخامس: أنه لما فعل ذلك لم سلطني على أولاده ومكنني من إغوائهم وإضلالهم؟ السادس: لما استمهلته المدة الطويلة في ذلك فلم أمهلني، ومعلوم أن العالم لو كان خاليًا من الشر لكان ذلك خيرًا؛ قال شارح الأناجيل فأوحى الله تعالى إليه من سرادق العظمة والكبرياء يا إبليس أنت ما عرفتني ولو عرفتني لعلمت أنه لا اعتراض علي في شيء من أفعالي فإني أنا الله لا إله إلا أنا لا أسئل عما أفعل» انتهى. وفي السؤال السادس: ما يؤيد القول الأول في الجملة.
ولا يخفى أن هذه الشبهات يصعب على القائلين بالحسن والقبح العقليين الجواب عنها بل قال الإمام: إنه لو اجتمع الأولون والآخرون من الخلائق وحكموا بتحسين العقل وتقبيحه لم يجدوا من هذه الشبهات مخلصًا وكان الكل لازمًا. ويعجبني ما يحكى أن سيف الدولة بن حمدان خرج يومًا على جماعته فقال: قد عملت بيتًا ما أحسب أن أحدًا يعمل له ثانيًا إلا إن كان أبا فراس وكان أبو فراس جالسًا فقيل له: ما هو؟ فقال قولي:
لك جسمي تعله ** فدمي لم تطله

فابتدر أبو فراس قائلًا:
قال إن كنت مالكا ** فلي الأمر كله

وعلل الزمخشري إجابته إلى استنظاره بأن في ذلك ابتلاء العباد وفي مخالفته أعظم الثواب وحكمه حكم ما خلق الله تعالى في الدنيا من صنوف الزخارف وأنواع الملاهي والملاذ وما ركب في الأنفس من الشهوات ليمتحن بها عباده. وتعقبه العلامة الثاني كغيره بأنه مبني على تعليل أفعاله تعالى بالأغراض وعدم إسناد خلق القبائح والشرور إليه سبحانه مع أنه ليس بشيء لأن حقيقة الابتلاء في حقه تعالى محال ومجاز لا يدفع السؤال، ولأن ما في متابعته من أليم العقاب أضعاف ما في مخالفته من عظيم الثواب بل لو لم يكن له الإنظار والتمكين لم يكن من العباد إلا الطاعات وترك المعاصي فلم يكن إلا الثواب كالملائكة. ولا يخفى ما فيه إلا أن قوله بعد: والأولى: أن لا يخوض العبد في أمثال هذه الأسرار ويفوض حقيقتها إلى الحكيم المختار مما نقول به لأن معرفة ذلك في غاية الصعوبة على أرباب القال وأهل الجدال. هذا وإنما ترك التوقيت في هذه الآية ثقة بما وقع في سورة الحجر وص كما ترك ذكر النداء والفاء في الاستنظار والإنظار تعويلًا على ما ذكر فيهما.
فإن قلت: لا ريب في أن الكلام المحكي له عند صدوره عن المتكلم حالة مخصوصة تقتضي وروده على وجه خاص من وجوه النظم بحيث لو أخل بشيء من ذلك سقط الكلام عن رتبة البلاغة ألبتة فالكلام الواحد المحكي على وجوه شتى إن اقتضى الحال وروده على وجه معين من تلك الوجوه الواردة عند تلك الحكاية فذلك الوجه هو المطابق لمقتضى الحال والبالغ إلى رتبة البلاغة دون ما عداه من الوجوه ونقول حينئذ: لا يخفى أن استنظار اللعين إنما صدر عنه مرة واحدة لا غير فمقامه إن اقتضى إظهار الضراعة وترتيب الاستنظار على ما حلق به من اللعن والطرد على نهج استدعاء الجبر في مقابلة الكسر كما هو المتبادر من قوله: {رَبّ فَأَنظِرْنِى} [الحجر: 36، ص: 79] حسا حكى عنه في السورتين فما حكى عنه هاهنا يكون عزل من المطابقة لمقتضى الحال فضلًا عن العروج إلى معارج الإعجاز.
قلت: أجاب مولانا شيخ الإسلام عن هذا السؤال بعد أن ساقه بأن مقام استنظاره مقتضٍ لما ذكر من إظهار الضراعة وترتيب الاستنظار على الحرمان المدلول عليه بالطرد والرجم وكذا مقام الإنظار مقتضٍ لترتيب الإخبار بالإنظار على الإستنظار، وقد طبق الكلام عليه في تينك السورتين ووفى كل من مقامي الحكاية والمحكي جميعًا حظه، وأما هاهنا فحيث اقتضى مقام الحكاية مجرد الإخبار بالإستنظار والإنظار سيقت الحكاية على نهج الإيجاز والإختصار من غير تعرض لكيفية كل منهما عند المخاطبة والحوار، ولا يلزم أن لا يكون ذلك نقلًا للكلام على ما هو عليه ولا مطابقًا لمقتضى المقام. فالذي يجب اعتباره في نقل الكلام إنما هو أصل معناه ونفس مدلوله الذي يفيده وأما كيفية الإفادة فقد تراعى وقد لا تراعى حسب الاقتضاء. ولا يقدح في أصل الكلام تجريده عنها بل قد تراعى عند نقله كيفيات وخصوصات لم يراعها المتكلم أصلًا بل قد لا يقدر على مراعاتها. وجميع المقالات المحكية في الآيات من ذلك القبيل وإلا لما كان الكثير منها معجزًا، وملاك الأمر في المطابقة مقام الحكاية وأما مقام المحكي فإن كان مقتضاه موافقًا لذلك وفي كل منهما حقه كما في السورتين وإلا لا كما فيما هنا فليفهم.