فصل: تفسير الآية رقم (50):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (50):

{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50)}
{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ البحر} عطف على ما قبل، والفرق الفصل بين الشيئين، وتعديته إلى البحر بتضمين معنى الشق، أي فلقناه وفصلنا بين بعضه وبعض لأجلكم، وبسبب إنجائكم. والباء للسببية الباعثة نزلة اللام إذا قلنا بتعليل أفعاله تعالى وللسببية الشبيهة بها في الترتيب على الفعل، وكونه مقصودًا منه إن لم نقل به وإنما قال سبحانه: {بِكُمْ} دون لكم، لأن العرب على ما نقله الدامغاني تقول: غضبت لزيد إذا غضبت من أجله وهو حي وغضبت بزيد إذا غضبت من أجله وهو ميت ففيه تلويح إلى أن الفرق كان من أجل أسلاف المخاطبين، ويحتمل أن تكون للاستعانة على معنى بسلوككم ويكون هناك استعارة تبعية بأن يشبه سلوكهم بالآلة في كونه واسطة في حصول الفرق من الله تعالى، ويستعمل الباء. وقول الإمام الرازي قدس سره: إنهم كانوا يسلكون، ويتفرق الماء عند سلوكهم، فكأنه فرق بهم يرد عليه أن تفرق الماء كان سابقًا على سلوكهم على ما تدل عليه القصة، وقوله تعالى: {أَنِ اضرب بّعَصَاكَ البحر فانفلق فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم} [الشعراء: 36] وما قيل: إن الآلة هي العصا كما تفهمه الآية غير مسلم. والمفهوم كونها آلة الضرب لا الفرق ولو سلم يجوز كون المجموع آلة، على أن آلية السلوك على التجوز، وقد يقال: إن الباء للملابسة، والجار والمجرور ظرف مستقر واقع موقع الحال من الفاعل، وملابسته تعالى معهم حين الفرق ملابسة عقلية، وهو كونه ناصرًا وحافظًا لهم، وهي ما أشار إليه موسى عليه السلام بقوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّ مَعِىَ رَبّى سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62] ومن الناس من جعله حالًا من البحر مقدمًا وليس بشيء لأن الفرق مقدم على ملابستهم البحر اللهم إلا على التوسع، واختلفوا في هذا البحر فقيل: القلزم وكان بين طرفيه أربعة فراسخ وقيل: النيل، والعرب تسمي الماء الملح والعذب بحرًا إذا كثر، ومنه: {مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ} [الرحمن: 19] وأصله السعة، وقيل: الشق، ومن الأول: البحرة البلدة، ومن الثاني: البحيرة التي شقت أذنها، وفي كيفية الانفلاق قولان: فالمشهور كونه خطيًا، وفي بعض الآثار ما يقتضي كونه قوسيًا، إذ فيه أن الخروج من الجانب الذي دخلوا منه، واحتمال الرجوع في طريق الدخول يكاد يكون باطلًا لأن الأعداء في أثرهم، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق ما يتعلق بهذا المبحث.
{فأنجيناكم وَأَغْرَقْنَا ءالَ فِرْعَوْنَ} في الكلام حذف يدل عليه المعنى والتقدير: وإذا فرقنا بكم البحر وتبعكم فرعون وجنوده في تقحمه فأنجيناكم أي من الغرق، أو من إدراك فرعون وآله لكم، أو مما تكرهون، وكنى سبحانه بآل فرعون عن فرعون وآله كما يقال: بني هاشم؛ وقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ} [الإسراء: 70] يعني هذا الجنس الشامل لآدم، أو اقتصر على ذكر الآل لأنهم إذا عذبوا بالإغراق كان مبدأ العناد ورأس الضلال أولى بذلك، وقد ذكر تعالى غرق فرعون في آيات أخر من كتابه كقوله سبحانه: {فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا} [الإسراء: 103] {فأخذناه وَجُنُودَهُ فنبذناهم فِي اليم} [القصص: 40] وحمل الآل على الشخص حيث إنه ثبت لغة كما في الصحاح ركيك غير مناسب للمقام، وإنما المناسب له التعميم، وناسب نجاتهم بإلقائهم في البحر وخروجهم منه سالمين نجاة نبيهم موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام من الذبح بإلقائه وهو طفل في البحر وخروجه منه سالمًا، ولكل أمة نصيب من نبيها وناسب هلاك فرعون وقومه بالغرق هلاك بني إسرائيل على أيديهم بالذبح لأن الذبح فيه تعجيل الموت بإنهار الدم، والغرق فيه فيه إبطاء الموت ولا دم خارج وكان ما به الحياة وهو الماء كما يشير إليه قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الماء كُلَّ شَيْء حَىّ} [الأنبياء: 30] سببًا لإعدامهم من الوجود، وفيه إشارة إلى تقنيطهم وانعكاس آمالهم كما قيل:
إلى الماء يسعى من يغص بلقمة ** إلى أين يسعى من يغص بماء

ولما كان الغرق من أعسر الموتات وأعظمها شدة ولهذا كان الغريق المسلم شهيدًا جعله الله تعالى نكالًا لمن ادعى الربوبية وقال: {أَنَاْ رَبُّكُمُ الاعلى} [النازعلات: 24] وعلى قدر الذنب يكون العقاب. ويناسب دعوى الربوبية والاعتلاء انحطاط المدعي وتغييبه في قعر الماء، ولك أن تقول لما افتخر فرعون بالماء كما يشير إليه قوله تعالى حكاية عنه: {أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وهذه الانهار تَجْرِى مِن تَحْتِى} [الزخرف: 51] جعل الله تعالى هلاكه بالماء، وللتابع حظ وافر من المتبوع وكان ذلك الغرق والإنجاء، والإغراق يوم عاشوراء والكلام فيه مشهور.
{وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} جملة حالية وفيها تجوز أي وآباؤكم ينظرون، والمفعول محذوف أي جميع ما مر فإن أريد الأحكام فالنظر عنى العلم وعليه ابن عباس رضي الله تعالى عنه وإن نفس الأفعال من الغرق والإنجاء. والإغراق فهو عنى المشاهدة وعليه الجمهور والحال على هذا من الفاعل وهو معمول بجميع الأفعال السابقة على التنازع، وفائدته: تقرير النعمة عليهم كأنه قيل: وأنتم لا تشكون فيها، وجوز أن يقدر المفعول خاصًا أي غرقهم، وإطباق البحر عليهم فالحال متعلق بالقريب، وهو {أَغْرَقْنَا} وفائدته: تتميم النعمة فإن هلاك العدو نعمة؛ ومشاهدته نعمة أخرى، وفي «قصص الكسائي» أن بني إسرائيل حين عبروا البحر وقفوا ينظرون إلى البحر وجنود فرعون، ويتأملون كيف يفعلون، أو انفلاق البحر فيكون الحال متعلقًا بالأصل في الذكر، وهو {فَرَقْنَا} وفائدته: إحضار النعمة ليتعجبوا من عظم شأنها، ويتعرفوا إعجازها، أو ذلك الآل الغريق فالحال من مفعول {أَغْرَقْنَا} متعلق به والفائدة: تحقيق الإغراق وتثبيته، وقيل: المراد ينظر بعضكم بعضًا وأنتم سائرون في البحر، وذلك أنه نقل أن بعض قوم موسى قالوا له: أي أصحابنا؟ فقال: سيروا فإنهم على طريق مثل طريقكم.
قالوا: لا نرضى حتى نراهم فأوحى الله تعالى أن قل بعصاك هكذا فقال بها على الحيطان فصار بها كوى فتراأوا وسمعوا كلام بعضهم بعضًا فالحال متعلق بفرقنا وفائدته: تتميم النعمة فإن كونهم مستأنسين يرى بعضهم حال بعض آخر نعمة أخرى، وبعض الناس يجعل الفعل على هذا الوجه منزلًا منزلة اللازم وليس بالبعيد، نعم البعيد جعل النظر هنا مجازًا عن القرب أي وأنتم بالقرب منهم أي بحال لو نظرتم إليهم لرأيتموهم كقولهم أنت مني رأى ومسمع أي قريب مني بحيث أراك وأسمعك، وكذا جعله عنى الاعتبار أي وأنتم تعتبرون صرعهم وتتعظون واقع النقمة التي أرسلت عليهم. هذا وقد حكوا في كيفية خروج بني إسرائيل وتعنتهم وهم في البحر، وفي كيفية خروج فرعون بجنوده، وفي مقدار الطائفتين حكايات مطولة جدًا لم يدل القرآن ولا الحديث الصحيح عليها والله تعالى أعلم بشأنها.
والإشارة: في الآية أن البحر هو الدنيا وماءه شهواتها ولذاتها، وموسى هو القلب، وقومه صفات القلب، وفرعون هو النفس الأمارة، وقومه صفات النفس، وهم أعداء موسى، وقومه يطلبونهم ليقتلوهم، وهم سائرون إلى الله تعالى، والعدو من خلفهم، وبحر الدنيا أمامهم، ولابد لهم في السير إلى الله تعالى من عبوره ولو يخوضونه بلا ضرب عصا لا إله إلا الله بيد موسى القلب فإن له يدًا بيضاء في هذا الشأن لغرقوا كما غرق فرعون وقومه، ولو كانت هذه العصا في يد فرعون النفس لم ينفلق فكما أن يد موسى القلب شرط في الانفلاق كذلك عصا الذكر شرط فيه، فإذا حصل الشرطان، وضرب موسى بعصا الذكر مرة بعد أخرى ينفلق بإذن الله بحر الدنيا بالنفي وينشبك ماء الشهوات يمينًا وشمالًا، ويرسل الله تعالى ريح العناية، وشمس الهداية على قعر ذلك البحر فيصير يابسًا من ماء الشهوات فيخرج موسى وقومه بعناية التوحيد إلى ساحل النجاة {وَأَنَّ إلى رَبّكَ المنتهى} [النجم: 42] ويقال لفرعون وقومه إذا غرقوا وأدخلوا نارًا: ألا بعدًا للقوم الظالمين.

.تفسير الآية رقم (51):

{وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51)}
{وَإِذْ واعدنا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} لما جاوز بنو إسرائيل البحر سألوا موسى عليه السلام أن يأتيهم بكتاب من عند الله فوعده سبحانه أن يعطيه التوراة وقبل موسى ذلك، وضرب له ميقاتًا ذا القعدة وعشر ذي الحجة أو ذا الحجة وعشر المحرم فالمفاعلة على بابها، وهي من طرف فعل، ومن آخر قبوله مثل عالجت المريض وإنكار جواز ذلك لا يسمع مع وروده في كلام العرب وتصريح الأئمة به وارتضائهم له، ويجوز أن يكون {واعدنا} من باب الموافاة وليس من الوعد في شيء وإنما هو من قولك موعدك يوم كذا وموضع كذا، ويحتمل أن يكون عنى وعدنا وبه قرأ أبو عمرو، أو يقدر الملاقاة، أو يقال بالتفكيك إلى فعلين فيقدر الوحي في أحدهما؛ والمجيء في الآخر ولا محذور في شيء كما حققه الدامغاني، وقول أبي عبيدة: المواعدة لا تكون إلا من البشر غير مسلم، وقول أبي حاتم: أكثر ما تكون من المخلوقين المتكافئين على تقدير تسليمه لا يضرنا، و{أربعين} مفعول به بحذف المضاف بأدنى ملابسة أي إعطاء أربعين أي عند انقضائها، أو في العشر الأخير منها، أو في كلها، أو في أولها على اختلاف الروايات، أو ظرف مستقر وقع صفة لمفعول محذوف لواعدنا أي واعدنا موسى أمرًا كائنًا في أربعين، وقيل: مفعول مطلق أي واعدنا موسى مواعدة أربعين ليلة.
ومن الناس من ذهب إلى أن الأولى أن لا يقدر مفعول لأن المقصود بيان من وعد لا ما وعد وينصب الأربعين على الإجراء مجرى المفعول به توسعًا، وفيه مبالغة بجعل ميقات الوعد موعودًا وجعل الأربعين ظرفًا لواعدنا على حد جاء زيد يوم الخميس ليس بشيء كما لا يخفى، و{موسى} اسم أعجمي لا ينصرف للعلمية والعجمة، ويقال: هو مركب من مو وهو الماء وشى وهو الشجر وغُيّرَ إلى سى بالمهملة وكأن من سماه به أراد ماء البحر والتابوت الذي قذف فيه وخاض بعضهم في وزنه فعن سيبويه إن وزنه مفعل وقيل: إنه فعل وهو مشتق من ماس يميس فأبدلت الياء واوًا لضم ما قبلها كما قالوا طوبى، وهي من ذوات الياء لأنها من طاب يطيب، ويبعده أن الإجماع على صرفه نكرة ولو كان فعل لم ينصرف لأن ألف التأنيث وحدها تمنع الصرف في المعرفة والنكرة على أن زيادة الميم أولًا أكثر من زيادة الألف آخرًا، وعبر سبحانه وتعالى عن ذلك الوقت بالليالي دون الأيام لأن افتتاح الميقات كان من الليل، والليالي غرر شهور العرب لأنها وضعت على سير القمر، والهلال إنما يهل بالليل، أو لأن الظلمة أقدم من الضوء بدليل {وَءايَةٌ لَّهُمُ اليل نَسْلَخُ مِنْهُ النهار} [يس: 37] أو إشارة إلى مواصلة الصوم ليلًا ونهارًا ولو كان التفسير باليوم أمكن أن يعتقد أنه كان يفطر بالليل فلما نص على الليالي فهم من قوة الكلام أنه واصل أربعين ليلة بأيامها، والقول بأن ذكر الليلة كان للإشعار بأن وعد موسى عليه السلام كان بقيام الليل ليس بشيء لأن المروي أن المأمور به كان الصيام لا القيام، وقد يقال من طريق الإشارة: إن ذكر الليلة للرمز إلى أن هذه المواعدة كانت بعد تمام السير إلى الله تعالى ومجاوزة بحر العوائق والعلائق، وهناك يكون السير في الله تعالى الذي لا تدرك حقيقته، ولا تعلم هويته، ولا يرى في بيداء جبروته إلا الدهشة والحيرة، وهذا السير متفاوت باعتبار الأشخاص والأزمان ولي مع الله تعالى وقت يشير إلى ذلك.
{ثُمَّ اتخذتم العجل مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظالمون} الاتخاذ يجيء عنى ابتداءً صنعة فيتعدى لواحد نحو اتخذت سيفًا أي صنعته. وعنى اتخاذ وصف فيجري مجرى الجعل ويتعدى لاثنين نحو اتخذت زيدًا صديقًا والأمران محتملان في الآية، والمفعول الثاني على الاحتمال الثاني محذوف لشناعته أي: اتخذتم العجل الذي صنعه السامري إلهًا، والذمّ فيه ظاهر لأنهم كلهم عبدوه إلا هارون مع اثني عشر ألفًا، أو إلا هارون والسبعين الذين كانوا مع موسى عليه السلام، وعلى الاحتمال الأول لا حاجة إلى المفعول الثاني ويؤيده عدم التصريح به في موضع من آيات هذه القصة، والذمّ حينئذٍ لما ترتب على الاتخاذ من العبادة أو على نفس الاتخاذ لذلك، والعرب تذم أو تمدح القبيلة بما صدر عن بعضها، والعجل ولد البقرة الصغير وجعله الصوفية إشارة إلى عجل النفس الناقصة وشهواتها وكون ما اتخذوه عجلًا ظاهر في أنه صار لحمًا ودمًا فيكون عجلًا حقيقة ويكون نسبة الخوار إليه فيما يأتي حقيقة أيضًا وهو الذي ذهب إليه الحسن، وقيل: أراد سبحانه بالعجل ما يشبهه في الصورة والشكل. ونسبة الخوار إليه مجاز وهو الذي ذهب إليه الجمهور، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على ذلك.
ومن الغريب أن هذا إنما سمي عجلًا لأنهم عجلوا به قبل قدوم موسى فاتخذوه إلهًا، أو لقصر مدته حيث إن موسى عليه السلام بعد الرجوع من الميقات حرقه ونسفه في اليم نسفًا، والضمير في بعده راجع إلى موسى، أي: بعد ما رأيتم منه من التوحيد والتنزيه والحمل عليه والكف عما ينافيه، وذكر الظرف للإيذان زيد شناعة فعلهم، ولا يقتضي أن يكون موسى متخذًا إلهًا كما وهمَ لأن مفهوم الكلام أن يكون الاتخاذ بعد موسى ومن أين يفهم اتخاذ موسى سيما في هذا المقام؟ ويجوز أن يكون في الكلام حذف، وأقرب ما يحذف مصدر يدل عليه {واعدنا} أي من بعد مواعدته؛ وقيل: المحذوف الذهاب المدلول عليه بالمواعدة لأنها تقتضيه.
والجملة الاسمية في موضع الحال، ومتعلق الظلم الإشراك، ووضع العبادة في غير موضعها، وقيل: الكف عن الاعتراض على ما فعل السامري وعدم الإنكار عليه وفائدة التقييد بالحال الإشعار بكون الاتخاذ ظلمًا بزعمهم أيضًا لو راجعوا عقولهم بأدنى تأمل، وقيل: الجملة غير حال بل مجرد إخبار أن سجيتهم الظلم وإنما راج فعل السامري عندهم لغاية حمقهم وتسلط الشيطان عليهم كما يدل على ذلك سائر أفعالهم واتخاذ السامري لهم العجل دون سائر الحيوانات، قيل: لأنهم مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم على صور البقر فقالوا: {اجعل لَّنَا إلها كَمَا لَهُمْ ءالِهَةٌ} [الأعراف: 138] فهجس في نفس السامري أن فتنتهم من هذه الجهة، فاتخذ لهم ذلك. وقيل: إنه كان هو من قوم يعبدون البقر وكان منافقًا فاتخذ عجلًا من جنس ما يعبده.