فصل: تفسير الآية رقم (18):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (18):

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)}
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِبًا} بأن نسب إليه ما لا يليق به كقولهم: الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، وقولهم لآلهتهم: {هَؤُلاء شفعاؤنا عِندَ الله} [يونس: 18] والمراد من الآية ذم أولئك الكفرة بأنهم مع كفرهم بآيات الله تعالى مفترون عليه سبحانه، ويجوز أن تكون لنوع آخر من الدلالة على أن القرآن ليس فترى، فإن من يعلم حال من يفتري على الله سبحانه كيف يرتكبه، وأن تكون من الكلام المنصف أي لا أحد أظلم مني أن أقول لما ليس بكلام الله تعالى إنه كلامه كما زعمتم، أو منكم إن كنتم نفيتم أن يكون كلامه سبحانه مع تحقق أنه كلامه جل وعلا، وفيه من الوعيد والتهويل ما لا يخفى، ويجوز عندي إذا كان ما قبل في مؤمني أهل الكتاب أن يكون هذا في بيان حال كفرتهم الذين أسندوا إليه سبحانه ما لم ينزله من المحرف الذي صنعوه ونفوا عنه سبحانه ما أنزله من القرآن أو من نعت النبي صلى الله عليه وسلم، وأيًا مّا كان فالمراد نفي أن يكون أظلم من ذلك أو مساويًا في الظلم على ما تقدم {أولئك} أي الموصوفون بالظلم البالغ وهو الافتراء {يُعْرَضُونَ} من حيث أنهم موصوفون بذلك {على رَبّهِمْ} أي مالكهم الحق والمتصرف فيهم حسا يريد، وفيه على ما قيل: إيماءً إلى بطلان رأيهم في اتخاذهم أربابًا من دونه سبحانه وتعالى، وجعل بعضهم الكلام على تقدير المضاف أي تعرض أعمالهم، أو على ارتكاب المجاز ولا يحتاج إلى ذلك على ما أشير إليه لأن عرضهم من تلك الحيثية وبذلك العنوان عرض لأعمالهم على وجه أبلغ فإن عرض العامل بعمله أفظع من عرض عمله مع غيبته، والظاهر أنه لا حذف في قوله سبحانه: {على رَبّهِمْ} ويفوض من يقف على الله.
وقيل: هناك مضاف محذوف أي على ملائكة ربهم وأنبياء ربهم وهم المراد بالإشهاد في قوله تعالى: {وَيَقُولُ الاشهاد} وتفسيرهم بالملائكة مطلقًا هو المروى عن مجاهد، وعن ابن جريج تفسيرهم بالحفظة من الملائكة عليهم السلام، وقيل: المراد بهم الملائكة. والأنبياء. والمؤمنون، وقيل: جوارحهم، وعن مقاتل. وقتادة هم جميع أهل الموقف، وهو جمع شاهد عنى حاضر كصاحب. وأصحاب بناءًا على جواز جمع فاعل على أفعال، أو جمع شهيد عناه كشريف وأشراف أي ويقول الحاضرون عند العرض أو في موقف القيامة {هَؤُلاء الذين كَذَبُواْ على رَبّهِمْ} ويحتمل أن يكون شهادة على تعيين من صدر منه الكذب كأن وقوعه أمر واضح غني عن الشهادة، وإنما المحتاج إليها ذلك ولذا لم يقولوا: هؤلاء كذبوا بدون الموصول، ويحتمل أن يكون ذمًا لهم بتلك الفعلة الشنيعة لا شهادة عليهم كما يشعر به قوله تعالى: {وَيَقُولُ} دون ويشهد، وتوطئة لما يعقبه من قوله تعالى: {أَلاَ لَعْنَةُ الله عَلَى الظالمين} أي بالافتراء المذكور، والظاهر أن هذا من كلام الأشهاد على الاحتمالين، ويؤيده ما أخرجه الشيخان.
وخلق كثير عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله تعالى يدني المؤمن حتى يضع كنفه عليه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: رب أعرف حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته، وأما الكفار. والمنافقون فيقول: الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» وجوز على الاحتمال الأول أن يكون من كلام الله تعالى، وحينئذٍ يجوز أن يراد بالظالمين ما يعم الظالمين بالافتراء. والظالمين بغير ذلك، ويدخل فيه الأولون دخولًا أوليًا، ويؤيده ما أخرجه ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال: إن الرجل ليصلي ويلعن نفسه في قراءته فيقول: ألا لعنة الله على الظالمين وهو ظالم.
ورا يجوز ذلك على الاحتمال الثاني أيضًا، وأيًا مّا كان فهؤلاء الذين مبتدأ وخبر، واحتمال أن يكون {هَؤُلاء} مبتدأ، و{الذين} تابع له، وجملة {أَلاَ لَعْنَةُ الله عَلَى الظالمين} خبره، وقد أقيم الظاهر مقام المضمر أي عليهم لذمهم بدأ الاشتقاق مع الإشارة إلى علة الحكم كما ترى، وجملة يقول الإشهاد قيل: مستأنفة على أنها جواب سؤال مقدر كأن سائلًا سأل إذ سمع أنهم يعرضون على ربهم ماذا يكون إذ ذاك؟ فأجيب بما ذكر، وقيل وهو الظاهر إنها معطوفة على جملة {يُعْرَضُونَ} على معنى أولئك يعرضون ويقول الأشهاد في حقهم، أو ويقول أشهادهم والحاضرون عند عرضهم {هَؤُلاء} إلخ، وكأن هذا لبيان أنها مرتبطة في التقدير بالمبتدأ كارتباط الجملة المعطوفة هي عليها به، وقيل: كفى اسم الإشارة القائم مقام الضمير للتحقير رابطًا فتدبر.

.تفسير الآية رقم (19):

{الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19)}
{الذين يَصُدُّونَ} أي كل من يقدرون على صده أو يفعلون الصد {عَن سَبِيلِ الله} أي دينه القويم وإطلاق ذلك عليه كالصراط المستقيم مجاز {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} أي يطلبون لها انحرافًا، والمراد أنهم يصفونها بذلك وهي أبعد شيء عنه، وإطلاق الطلب على الوصف مجاز من إطلاق السبب على المسبب، ويجوز أن يكون الكلام على حذف مضاف أي يبغون أهلها أن ينحرفوا عنها ويرتدوا، وقيل: المعنى يطلبونها على عوج ونصب {عِوَجَا} على أنه مفعول به، وقيل: على أنه حال ويؤول عوجين {وَهُمْ بالاخرة هُمْ كافرون} أي والحال أنهم لا يؤمنون بالآخرة، وتكرير الضمير لتأكيد كفرهم واختصاصهم به لأنه نزلة الفصل فيفيد الاختصاص وضربًا من التأكيد، والاختصاص ادعائي مبالغة في كفرهم بالآخرة كأن كفر غيرهم بها ليس بكفر في جنبه، وقيل: إن التكرير للتأكيد وتقديم {بالاخرة} للتخصيص، والأولى كون تقديمه لرؤوس الآي.

.تفسير الآية رقم (20):

{أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20)}
{أولئك} الموصوفون بما يوجب التدمير {لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ} لله تعالى مفلتين أنفسهم من أخذه لو أراد ذلك {فِى الأرض} مع سعتها وإن هربوا منها كل مهرب وجعلها بعضهم كناية عن الدنيا {وَمَا كَانَ لَهُمْ مّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَاء} ينصرونهم من بأسه ولكن أخر ذلك لحكمة تقتضيه، و{مِنْ} زائدة لاستغراق النفي، وجمع {أَوْلِيَاء} إما باعتبار أفراد الكفرة كأنه قيل: وما كان لأحد منهم من ولي، أو باعتبار تعدد ما كانوا يدعون من دون الله تعالى فيكون ذلك بيانًا لحال آلهتهم من سقوطها عن رتبة الولاية {يضاعف لَهُمْ العذاب} جملة مستأنفة بين فيها ما يكون لهم ويحل بهم، وادعى أنها تتضمن حكمة تأخير المؤاخذة، وزعم بعضهم أنها من كلام الأشهاد، وهي دعائية ليس بشيء.
وقرأ ابن كثير. وابن عامر. ويعقوب يضعف بالتشديد {مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع} أي أنهم كانوا يستثقلون سماع الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ويستكرهونه إلى أقصى الغايات حتى كأنهم لا يستطيعونه، وهو نظير قول القائل: العاشق لا يستطيع أن يسمع كلام العاذل، ففي الكلام استعارة تصريحية تبعية، ولا مانع من اعتبار الاستعارة التمثيلية بدلها وإن قيل به، وبالجملة لا ترد الآية على المعتزلة وكذا على أهل السنة لأنهم لا ينفون الاستطاعة رأسًا وإن منعوا إيجاد العبد لشيء مّا، وكأنه لما كان قبح حالهم في عدم إذعانهم للقرآن الذي طريق تلقيه السمع أشد منه في عدم قبولهم سائر الآيات المنوطة بالإبصار. بالغ سبحانه في نفي الأول عنهم حسًا علمت واكتفى في الثاني بنفي الإبصار فقال عز قائلًا: {وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ} أي أنهم كانوا يتعامون عن آيات الله تعالى المبسوطة في الأنفس والآفاق، وكأن الجملة جواب سؤال مقدر عن علة مضاعفة العذاب كأنه قيل: ما لهم استوجبوا تلك المضاعفة؟ فقيل: لأنهم كروهوا الحق أشد الكراهة واستثقلوا سماعه أعظم الاستثقال وتعاموا عن آيات الملك المتعال، ولا يشكل على هذا قوله سبحانه: {مَن جَاء بالسيئة فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [الأنعام: 160] بناءًا على أن المراد ثل السيئة ما تقتضيه من العقاب عند الله تعالى فلعل ما فعلوه من السيئات يقتضي تلك المضاعفة فتكون هي المثل كما أن مثل سيئة الكفر هو الخلود في النار، وقيل: إن المضاعفة لافترائهم وكذبهم على ربهم وصدّهم عن سبيل الله تعالى وبغيهم إياها العوج وكفرهم بالآخرة على ما يدل عليه نسبة مضاعفة العذاب إلى هؤلاء الموصوفين بتلك الصفات وبه جمع بين ما هنا؛ وقوله سبحانه: {مَن جَاء بالسيئة}
[الأنعام: 160] الآية، ولعل التعليل بما تفيده الجملة على هذا لأنه الأصل الأصيل لسائر قبائحهم ومعاصيهم.
وزعم بعضهم أن المضاعفة لحفظ الأصل إذ لولا ذلك لارتفع ولم يبق عذابًا للإلف بطول الأمد وفيه ما فيه، وقيل: إن الجملة بيان لما نفى من ولاية الآلهة فإن ما لا يسمع ولا يبصر عزل عن الولاية وقوله سبحانه: {يضاعف} إلخ اعتراض وسط بينهما نعيًا عليهم من أول الأمر بسوء العاقبة، وفيه أنه مخالف للسياق ومستلزم تفكيك الضمائر، وجوز أبو البقاء أن تكون {مَا} مصدرية ظرفية أي يضاعف لهم العذاب مدة استطاعتهم السمع وإبصارهم، والمعنى أن العذاب وتضعيفه دائم لهم متماد، وأجاز الفراء أن تكون مصدرية وحذف حرف الجر منها كما يحذف من أن وأن، وفيه بعد لفظًا ومعنى.

.تفسير الآية رقم (21):

{أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21)}
{أولئك} الموصوفون بتلك القبائح.
{الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُم} باشتراء عبادة الآلهة بعبادة الله تعالى شأنه، وقيل: {خَسِرُواْ} بسبب تبديلهم الهداية بالضلالة والآخرة بالدنيا وضاع عنهم ما حصلوه بذلك التبديل من متاع الحياة الدنيا والرياسة.
وفي البحر أنه على حذف مضاف أي {خَسِرُواْ} سعادة أنفسهم وراحتها فإن أنفسهم باقية معذبة.
وتعقب بأن إبقاءه على ظاهره أولى لأن البقاء في العذاب كلا بقاء {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} من الآلهة وشفاعتها.

.تفسير الآية رقم (22):

{لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (22)}
{لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الاخرة هُمُ الاخسرون} أي لا أحد أبين أو أكثر خسرانًا منهم، فأفعل للزيادة إما في الكم. أو الكيف، وتعريف المسند بلام الجنس لإفادة الحصر، وإن جعل {هُمْ} ضمير فصل أفاد تأكيد الاختصاص، وإن جعل مبتدأ وما بعده خبره والجملة خبر أن أفاد تأكيد الحكم، وفي {لاَ جَرَمَ} أقوال: ففي البحر عن الزجاج أن لا نافية ومنفيها محذوف أي لا ينفعهم فعلمهم مثلا، وجرم فعل ماض عنى كسب يقال: جرمت الذنب إذا كسبته؛ وقال الشاعر:
نصبنا رأسه في جذع نخل ** بما جرمت يداه وما اعتدينا

وما بعده مفعوله، وفاعله ما دل عليه الكلام أي كسب ذلك أظهرية أو أكثرية خسرانهم، وحكى هذا عن الأزهري، ونقل عن سيبويه أن لا نافية حسا نقل عن الزجاج، وجرم فعل ماض عنى حق، وما بعد فاعله كأنه قيل: لا ينفعهم ذلك الفعل حق {جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الاخرة} إلخ.
وذكر أبو حيان أن مدهب سيبويه. وكذا الخليل أيضًا كون مجموع {لاَ جَرَمَ} عنى حق وأن ما بعده رفع به على الفاعلية، وقيل: {لا} صلة و{جَرَمَ} فعل عنى كسب أو حق، وعن الكسائي أن {لا} نافية {وجرم} اسمها مبني معها على الفتح نحو لا رجل، والمعنى لا ضد ولا منع، والظاهر أن الخبر على هذا محذوف وحذف حرف الجر من أن ويقدر حسا يقتضيه المعنى، وقيل: إن {لاَ جَرَمَ} اسم {لا} ومعناه القطع من جرمت الشيء أي قطعته، والمعنى لا قطع لثبوت أكثرية خسرانهم أي إن ذلك لا ينقطع في وقت فيكون خلافه.
ونقل السيرافي عن الزجاج أن {لاَ جَرَمَ} في الأصل عنى لا يدخلنكم في الجرم أي الإثم كإثمه أي أدخله في الاثم، ثم كثر استعماله حتى صار عنى لا بد، ونقل هذا المعنى عن الفراء، وفي البحر أن {جَرَمَ} عليه اسم {لا}، وقيل: إن {جَرَمَ} عنى باطل إما على أنه موضوع له، وإما أنه عنى كسب والباطل محتاج له، ومن هنا يفسر {لاَ جَرَمَ} عنى حقًا لأن الحق نقيض الباطل، وصار لا باطل يمينًا كلا كذب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا النبي لا كذب» وفي القاموس أنه يقال: {لاَ جَرَمَ}. ولاذا جرم، ولا أن ذا جرم. ولا عن ذا جرم. ولا جرم ككرم، و{لاَ جَرَمَ} بالضم أي لا بد. أو حقا. أو لا محالة وهذا أصله ثم كثر حتى تحول إلى معنى القسم فلذلك يجاب عنه باللام، فيقال: {لاَ جَرَمَ} لآتينك انتهى، وفيه مخالفة لما نقله السيرافي عن الزجاج، وما ذكره من {لاَ جَرَمَ} بالضم عن أناس من العرب، ولكن قال الشهاب: إن في ثبوت هذه اللغة في فصيح كلامهم ترددًا، وجرم فيها يحتمل أن يكون اسمًا وأن يكون فعلًا مجهولًا سكن للتخفيف، وحكى بعضهم لا ذو جرم.
ولا عن جرم ولا جر بحذف الميم لكثرة الاستعمال كما حذفت الفاء من سوف لذلك في قولهم: سوترى.
والظاهر أن المقحمات بين {لا} و{جرم} زائدة، وإليه يشير كلام بعضهم، وحكى بغير لا جرم أنك أنت فعلت ذاك، ولعل المراد أن كونك الفاعل لا يحتاج إلى أن يقال فيه لا حرم فليراجع ذاك والله تعالى يتولى هداك.
ثم إنه تعالى لما ذكر طريق الكفار وأعمالهم وبين مصيرهم وما له شرع في شرح حال أضدادهم وهم المؤمنون وبيان ما لهم من العواقب الحميدة تكملة لما سلف من محاسن المؤمنين المذكورة عند جمع في قوله سبحانه: {أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ} [هود: 17] الآية ليتبين ما بينهما من التباين البين حالا ومآلا فقال عز من قائل: