فصل: تفسير الآية رقم (11):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (11):

{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)}
{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ} مجاراة لأول مقالتهم: {إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ} كما تقولون وهذا كالقول بالموجب لأن فيه إطماعًا في الموافقة ثم كر إلى جانبهم بالإبطال بقولهم عليهم السلام: {ولكن الله يَمُنُّ على مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} أي إنما اختصنا الله تعالى بالرسالة بفضل منه سبحانه وامتنان، والبشرية غير مانعة لمشيئته جل وعلا، وفيه دليل على أن الرسالة عطائية وأن ترجيح بعض الجائزات على بعض شيئته تعالى، ولا يخفى ما في العدول عن ولكن الله من علينا إلى ما في النظم الجليل من التواضع منهم عليهم السلام، وقيل: المعنى ما نحن من الملائكة بل نحن بشر مثلكم في الصورة أو في الدخول تحت الجنس ولكن الله تعالى يمن على من يشاء بالفضائل والكمالات والاستعدادات التي يدور عليها فلك الاصطفاء للرسالة، وفي هذا ذهاب إلى قول بعض حكماء الإسلام: إن الإنسان لو لم يكن في نفسه وبدنه مخصوصًا بخواص شريفة علوية قدسية فإنه يمتنع عقلًا حصول صفة النبوة فيه، وأجابوا عن عدم ذكر المرسلين عليهم السلام فضائلهم النفسانية والبدنية بأنه من باب التواضع كاختيار العموم، والحق منع الامتناع العقلي وإن كانوا عليهم السلام جميعًا لهم مزايا وخواص مرجحة لهم على غيرهم، وإنما قيل لهم كما قيل: لاختصاص الكلام بهم حيث أريد الزامهم بخلاف ما سلف من إنكار وقوع الشك فيه تعالى فإنه عام وإن اختص بهم ما يعقبه {وَمَا كَانَ لَنَا} أي ما صح ما استقام {ءانٍ تَأْتِيكُمْ بسلطان} أي بحجة ما من الحجج فضلًا عن السلطان المبين الذي اقترحتموه بشيء من الأشياء وسبب من الأسباب {إِلاَّ بِإِذْنِ الله} فإنه أمر يتعلق شيئته تعالى إن شاء كان وإلا فلا {وَعَلَى الله} وحده دون ما عداه مطلقًا {فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون} في الصبر على معاندتكم ومعاداتكم، عمموا الأمر للإشعار بما يوجب التوكل من الإيمان وقصدوا به أنفسهم قصدًا أوليًا، ويدل على ذلك قولهم:

.تفسير الآية رقم (12):

{وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)}
{وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى الله} ومحل الخلاف في دخول المتكلم في عموم كلامه حيث لم يعلم دخوله فيه بالطريق الأولى أو تقم عليه قرينة كما هنا. واحتمال أن يراد بالمؤمنين أنفسهم و{مَا لَنَا} التفات لا التفات إليه، والجمع بين الواو والفاء تقدم الكلام فيه و{مَا} استفهامية للسؤال عن السبب والعذر و{ءانٍ} على تقدير حرف الجر أي أي عذر لنا في عدم التوكل عليه تعالى، والإظهار لإظهار النشاط بالتوكل عليه جل وعلا والاستلذاذ باسمه تعالى وتعليل التوكل {وَقَدْ هُدْنَا} أي والحال أنه سبحانه قد فعل بنا ما يوجب ذلك ويستدعيه حيث هدانا {سُبُلَنَا} أي أرشد كلا منا سبيله ومنهاجه الذي شرع له وأوجب عليه سلوكه في الدين.
وقرأ أبو عمرو {سُبُلَنَا} بسكون الباء، وحيث كانت أذية الكفار مما يوجب القلق والاضطراب القادح في التوكل قالوا على سبيل التوكيد القسمي مظهرين لكمال العزيمة. {وَلَنَصْبِرَنَّ على} و{فِى مَا} مصدرية أي إذائكم إيانا بالعناد واقتراح الآيات وغير ذلك مما لا خير فيه، وجوزوا أن تكون موصولة عنى الذيوالعائد محذوف أي الذي آذيتموناه، وكان الأصل آذيتمونا به فعل حذف به أو الباء ووصل الفعل إلى الضمير؟ قولان {وَعَلَى الله} خاصة {فَلْيَتَوَكَّلِ المتوكلون} أي فليثبت المتوكلون على ما أحدثوه من التوكل، والمراد بهم المؤمنون، والتعبير عنهم بذلك لسبق اتصافهم به، وغرض المرسلين من ذلك نحو غرضهم مما تقدم ورا يتجوز في المسند إليه. فالمعنى وعليه سبحانه فليتوكل مريدو التوكل لكن الأول أولى.
وقرأ الحسن بكسر لام الأمر في {ليتوكل} وهو الأصل هذا، وذكر بعضهم أن من خواص هذه الآية دفع أذى البرغوث. فقد أخرج المستغفري في الدعوات عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا آذاك البرغوث فخذ قدحًا من ماء واقرأ عليه سبع مرات {وَمَا لَنَا أَن لا *نَتَوَكَّلَ عَلَى الله} الآية وتقول: إن كنتم مؤمنين فكفوا شركم وأذاكم عنا ثم ترشه حول فراشك فإنك تبيت آمنا من شرها».
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أبي الدرداء مرفوعًا نحو ذلك إلا أنه ليس فيه «إن كنتم مؤمنين فكفوا شركم وأذاكم عنا» ولم أقف على صحة الخبر ولم أجرب ذلك إذ ليس للبرغوث ولع بي والحمد لله تعالى، وأظن أن ذلك لملوحة الدم كما أخبرني به بعض الأطباء والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.

.تفسير الآية رقم (13):

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13)}
{وَقَالَ الذين كَفَرُواْ} قيل: لعل هؤلاء القائلين بعض المتمردين في الكفر من أولئك الأمم الكافرة التي نقلت مقالاتهم الشنيعة دون جميعهم كقوم شعيب واضرابهم ولذلك لم يقل: وقالوا، {لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} وجوز أن يكون المراد بهم أهل الحل والعقد الذين لهم قدرة على الإخراج والإدخال، ويكون ذلك علبة للعدول عن قالوا أيضًا، و{أَوْ} لأحد الأمرين، ومرادهم ليكونن أحد الأمرين إخراجهم أو عودكم، فالمقسم عليه في وسع المقسم، والقول بأنها عنى حتى أو إلا أن قول من لم يمعن النظر كما في البحر فيما بعدها إذ لا يصح تركيب ذلك مع ما ذكر كما يصح في لألزمنك أو تقضيني حقي، والمراد من العود الصيرورة والانتقال من حال إلى أخرى وهو كثير الاستعمال بهذا المعنى، فيندفع ما يتوهم من أن العود يقتضي أن الرسل عليهم السلام كانوا وحاشاهم في ملة الكفر قبل ذلك.
واعترض في الرفرائد بأنه لو كان العود عنى الصيرورة لقيل إلى ملتنا فتعديته بفي يقتضي أنه ضمن معنى الدخول أي لتدخلن في ملتنا. ورده الطيبي بأنه إنما يلزم ما ذكر لو كان {فِى مِلَّتِنَا} صلة الفعل إما إذا جعل خبرًا له لأن صار من أخوات كان فلا يرد كما في نحو صار زيد في الدار. نعم يفهم مما ذكره وجه آخر وهو جعله مجازًا عنى تدخلن لا تضمينا لأنه على ما قرروه يقصد فيه المعنيان فلا يدفع المحذور. وفي الكشف إن {فِى} أبلغ من إلى لدلالته على الاستقرار والتمكن كأنهم لم يرضوا بأن يتظاهروا أنهم من أهل ملتهم، وقيل: المراد من العود في ملتهم سكوتهم عنهم وترك مطالبتهم بالإيمان وهو كما ترى، وقيل: هو على معناه المتبادر والخطاب لكل رسول ولمن آمن معه من قومه فغلبوا الجماعة على الواحد، فإن كان الجماعة حاضرين فالأمر ظاهر وإلا فهناك تغليب آخر في الخطاب، وقيل: لا تغليب أصلًا والخطاب للرسل وحدهم بناء على زعمهم أنهم كانوا من أهل ملتهم قبل إظهار الدعوة كقولفرعون عليه اللعنة لموسى عليه السلام: {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الكافرين} [الشعراء: 19] وقد مر الكلام في مثل ذلم فتذكر {فأوحى إِلَيْهِمْ} أي إلى الرسل عليهم البسلام بعد ما قيل لهم ما قيل {رَّبُّهُمْ} مالك أمرهم سبحانه: {لَنُهْلِكَنَّ الظالمين} أي المشركين المتناهين في الظلم وهم أولئك القائلون، وقال ابن عطية: خص سبحانه الظالمين من الذين كفروا إذ جائز أن يؤمن من الكفرة الذين قالوا تلك المقالة ناس فالتوعد باهلاك من خلص للظلم، و{أوحى} يحتمل أن يكون عنى فعل الإيحاء فلا مفعول له {ولنهلكن} على إضمار القول أي قائلًا لنهلكن، ويحتمل أن يكون جاريًا مجرى القول لكونه ضربًا منه {ولنهلكن} مفعوله.

.تفسير الآيات (14- 15):

{وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15)}
{وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرض} أي أرضهم وديارهم، فاللام للعهد وعند بعض عوض عن المضاف إليه {مّن بَعْدِهِمْ} أي من بعد اهلاكهم، وأقسم سبحانه وتعالى في مقابلة قسمهم، والظاهر أن ما أقسم عليه جل وعلا عقوبة لهم على قولهم: {لَنُخْرِجَنَّكُمْ مّنْ أَرْضِنَا} [إبراهيم: 13] وفي ذلك دلالة على مزيد سناعة ما أتوا به حيث أنهم لما أرادوا إخراج المخاطبين من ديارهم جعل عقوبته إخراجهم من دار الدنيا وتوريث أولئك أرضهم وديارهم، وفي الحديث: «من آذى جاره أورثه الله تعالى داره» وقرأ أبو حيوة {ليهلكن الضالمين} [إبراهيم: 13] {وليسكننكم الأرض} بياء الغيبة اعتبارًا لأوحى كقولك: أقسم زيد ليخرجن {ذلك} اشارة إلى الموحى به وهو إهلاك الظالمين وإسكان المخاطبين ديارهم، وبذلك الاعتبار وحد اسم الإشارة مع أن المشار إليه إثنان فلا حاجة إلى جعله من قبيل {عَوَانٌ بَيْنَ ذلك} [البقرة: 68] وان صح أي ذلك الأمر محقق ثابت.
{لِمَنْ خَافَ مَقَامِى} أي موقفي الذي يقف به العباد بين يدي للحساب يوم القيامة، وإلى هذا ذهب الزجاج فالمقام اسم مكان وإضافته إلى ضميره تعالى لكونه بين يديه سبحانه، وقال الفراء: هو مصدر ميمي أضيف إلى الفاعل أي خاف قيامي عليه بالحفظ لأعماله ومراقبتي إياه، وقيل: المراد إقامتي على العدل والصواب وعدم الميل عن ذلك.
وقيل: لفظ مقام مقحم لأن الخوف من الله تعالى أي لمن خافني {وَخَافَ وَعِيدِ} أي وعيدي بالعذاب فياء المتكلم محذوف للاكتفاء بالكسرة عنها في غير الوقف. والوعيد على ظاهره ومتعلقه محذوف، وجوز أن يكون مصدرًا من الوعد على وزن فعيل وهو عنى اسم المفعول أي عذابي الموعود للكفار: وفيه استعارة الوعد للإيعاد، والمراد بمن خاف على ما أشير إليه في الكشاف المتقون، ووقوع ذلك إلى آخره بعد {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرض مِن بَعْدِهِمْ} موقع {والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ} في قصة موسى عليه السلام حيث قال لقومه: {استعينوا بالله واصبروا إِنَّ الأرض للَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128] {واستفتحوا} أي استنصروا الله تعالى على أعدائهم كقوله تعالى: {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الفتح} [الأنفال: 19] ويجوز أن يكون من الفتاحة أي الحكومة أي استحكموا الله تعالى وطلبوا منه القضاء بينهم كقوله تعالى: {رَبَّنَا افتح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالحق} [الأعراف: 89] والضمير للرسل عليهم السلام كما روي عن قتادة وغيره، والعطف على {أوحى} ويؤيد ذلك قراءة ابن عباس. ومجاهد. وابن محيصن {واستفتحوا} بكسر التاء أمرًا للرسل عليهم السلام معطوفًا على {ليهلكن} [إبراهيم: 13] فهو داخل تحت الموحى، والواو من الحكاية دون المحكى، وقيل: ما قبله لإنشاء الوعد فلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر مع أن مذهب بعضهم تجويزه، وأخر على القراءتين عن قوله تعالى: {لَنُهْلِكَنَّ} [إبراهيم: 13] أو أوحى إليهم على ما الكشف دلالة على أنهم لم يزالوا داعين إلى أن تحقق الموعود من إهلاك الظالمين، وذلك لأن {لَنُهْلِكَنَّ} [إبراهيم: 13] وعد وإنما حقيقة الإجابة حين الإهلاك، وليس من تفويض الترتب إلى ذهن السامع في شيء ولا ذلك من مقامه كما توهم. وقال ابن زيد: الضمير للكفار والعطف حينئذ على {قَالَ الذين كَفَرُواْ} [إبراهيم: 13] أي قالوا ذلك واستفتحوا على نحو ما قال قريش: {عَجّل لَّنَا قِطَّنَا} [ص: 16] وكأنهم لما قوى تكذيبهم وأذاهم ولم يعاجلوا بالعقوبة ظنوا أن ما قيل لهم باطل فاستفتحوا على سبيل التهكم والاستهزاء كقول قوم نوح: {فَأْتِنَا بما تَعِدُنَا} [الأعراف: 70] وقوم شعيب {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا} [الشعراء: 187] إلى غير ذلك، وقيل: الضمير للرسل عليهم السلام ومكذبيهم لأنهم كانوا كلهم سألوا الله تعالى أن ينصر المحق ويهلك المبطل، وجعل بعضهم العطف على {أُوحِىَ} على هذا أيضًا بل ظاهر كلام بعض أن العطف عليه على القراءة المشهورة مطلقًا، وسيأتي إن شاء الله تعالى احتمال آخر في الضمير ذكره الزمخشري.
{وَخَابَ} أي خسر وهلك {كُلّ جَبَّارٍ} متكبر عن عبادة الله تعالى وطاعته، وقال الراغب: الجبار في صفة الإنسان يقال لمن يجبر نقيصته بادعاء منزلة من التعالي لا يستحقها، ولا يقال إلا على طريق الذم {عَنِيدٍ} معاند للحق مباه بما عنده، وجاء فعيل عنى مفاعل كثيرًا كخليط عنى مخالط ورضيع عنى مراضع، وذكر أبو عبيدة أن اشتقاق ذلك من العند وهو الناحية، ولذا قال مجاهد: العنيد مجانب الحق، قيل: والوصف الأول: إشارة إلى ذمه باعتبار الخلق النفساني والثاني: إلى ذمه باعتبار الأثر الصادر عن ذلك الخلق وهو كونه مجانبًا منحرفًا عن الحق، وفي الكلام إيجاز الحذف بحذف الفاء الفصيحة والمنعطوف عليه أي استفتحوا ففتح لهم وظفروا بما سألوا وأفلحوا وخاب كل جبار عنيد وهم قومهم المعاندون؛ فالخيبة عنى مطلق الحرمان دون الحرمان عن المطلوب أو ذلك باعتبار أنهم كانوا يزعمون أنهم على الحق، هذا إذا كان ضمير {استفتحوا} للرسل عليهم السلام، وأما إذا كان للكفار فالعطف كما في البحر على {استفتحوا} أي استفتح الكفار على الرسل عليهم السلام وخابوا ولم يفلحوا، وإنما وضع {أَمْرَ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} موضع ضميرهم ذمًا لهم وتسجيلًا عليهم بالتجبر والعناد لا أن بعضهم ليسوا كذلك ولم تصبهم الخيبة، ويقدر إذا كان الضمير للرسل عليهم السلام وللكفرة استفتحوا جميعًا فنصر الرسل وخاب كل عات متمرد، والخبة على الوجهين عنى الحرمان غب الطلب، وفي إسناد الخيبة إلى كل منهم ما لا يخفى من المبالغة.