فصل: تفسير الآية رقم (24):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (24):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24)}
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} أي لأولئك المستكبرين، وهو بيان لإضلالهم غب بيان ضلالهم، وقيل: الضمير لكفار قريش الذين كانوا كما روي عن قتادة يقعدون بطريق من يغدو على النبي صلى الله عليه وسلم ليطلع على جلية أمره فإذا مر بهم قال لهم: {مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ} على محمد عليه الصلاة والسلام {قَالُواْ أساطير الاولين} أي ما كتبه الأولون كما قالوا: {اكتتبها فَهِىَ تملى عَلَيْهِ} [الفرقان: 5] فالأساطير جمع اسطار جمع سطر فهو جمع الجمع؛ وقال المبرد: جمع أسطورة كأرجوحة وأراجيح ومقصودهم من ذلك أنه لا تحقيق فيه، وقيل: القائل لهم بعض المسلمين ليعلموا ما عندهم وقيل: القائل بعضهم على سبيل التهكم وإلا فهو لا يعتقد إنزال شيء، ومثل هذا يقال في الجواب عن تسميته بالمنزل في الجواب بناءًا على تقدير المبتدأ فيه ذلك، ويجوز أن يسموه بما ذكر على الفرض والتسليم ليردوه كقوله: {هذا رَبّى} [الأنعام: 77] وقيل: قدروه منزلًا مجاراة ومشاكلة.
وفي الكشاف أن {مَاذَا} منصوب بأنزل أي أي شيء أنزل ربكم أو مرفوع بالابتداء عنى أي شيء أنزله ربكم، فإذا نصبت فمعنى {أساطير الاولين} ما تدعون نزوله ذلك، وإذا رفعت فالمعنى المنزل ذلك كقوله تعالى: {مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العفو} [البقرة: 219] فيمن رفع اه، وقد خفي تحقيق مرامه على بعض المحققين، فقد قال صاحب الفرائد: الوجه أن يكون مرفوعًا بالابتداء بدليل رفع {أساطير} فإن جواب المرفوع مرفوع وجواب المنصوب منصوب ولم يقرأ أحد هنا بالنصب.
وقال صاحب التقريب: إن في كلام الزمخشري نظرًا وبينه بيما بينه وأجاب بما أجاب، وأطال الطيبي الكلام في ذلك، وقد أجاد صاحب الكشف في هذا المقام فقال: إن قوله أو مرفوع بالابتداء عنى أي شيء أنزله إيضاح وإلا فالمعنى ما الذي أنزله على المصرح به في المفصل إذ لا وجه لحذف الضمير من غير استطالة مع أن اللفظ يحتمل النصب والرفع احتمالًا سواء، وعلى ذلك يلوح الفرق بين التقديرين ظهورًا بينًا، فإن المنصوب وإن دل على ثبوت أصل الفعل وأن السؤال عن المفعول متقاعد عن دلالة المرفوع فقد علم أن الجملة التي تقع صلة للموصول حقها أن تكون معلومة للمخاطب وأين الحكم المسلم المعلوم من غيره، وإذا ثبت ذلك فليعلم أنه على تقديرين لم يطابق به الجواب لقوله في {قَالُواْ خَيْرًا} [النحل: 30] طوبق به الجواب بخلاف {أساطير} وقوله هنا كقوله تعالى: {مَاذَا يُنفِقُونَ} [البقرة: 219] إلى آخره فيمن رفع تشبيه في العدول إلى الرفع لا وجهه فإن الجواب هنالك طبق السؤال بخلاف ما نحن فيه، وإنما قدر ما تدعون نزوله على تقدير النصب لأن السائل لم يكن معتقدًا لإنزال محقق بل سئل عن تعيين ما سمع نزوله في الجملة فيكفي في رده إلى الصواب ما تدعون نزوله أساطير، وأما على تقدير الرفع فلما دل على أن الإنزال عنده محقق مسلم لا نزاع فيه وإنما السؤال عن التعيين للمنزل أجيب بأن ذلك المحقق عندك أساطير تهكمًا إذ من المعلوم أن المنزل لا يكون أساطير فبولغ في رده إلى الصواب بالتهكم به وأنه بت الحكم بالتحقيق في غير موضعه فأرى السائل أنه طوبق ولم يطابق في الحقيقة بل بولغ في الرد، ويشبه أن يكون الأول جوابًا للسؤال فيما بينهم أو الوافدين، والثاني جوابًا عن سؤال المسلمين على ما ذكر من الاحتمالين لا العكس على ما ظن، هذا هو الأشبه في تقرير قوله الموافق لما ذكره من بعد على ما مر. وجعل ما ذكره هنالك وجهًا ثالثًا وأنه طوبق به الجواب هاهنا وتوجيه اختلاف التقديرين ادعاءً ونزولًا بما مهدناه وإن ذهب إليه الجمهور تكلف عنه غنى اه. وقرئ {أساطير} بالنصب كما نص عليه أبو حيان. وغيره فإنكار صاحب الفرائد من قلة الاطلاع.

.تفسير الآية رقم (25):

{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25)}
{لِيَحْمِلُواْ} متعلق بـ {قالوا} كما هو الظاهر أي قالوا ذلك لأن يحملوا {أَوْزَارَهُمْ} أي آثامهم الخاصة بهم وهي آثام ضلالهم، وهو جمع وزر ويقال للثقل تشبيهًا بوزر الجبل، ويعبر بكل منهما عن الإثم كما في هذه الآية، وقوله تعالى ليحملوا أثقالهم: {كَامِلَةٌ} لم ينقص منها شيء ولم يكفر بنحو نكبة تصيبهم في الدنيا أو طاعة مقبولة فيها كما تكفر بذلك أوزار المؤمنين، وقال الإمام: معنى ذلك أنه لا يخفف من عذابهم شيء بل يوصل إليه بكليته، وفيه دليل على أنه تعالى قد يسقط بعض العقاب عن المؤمنين إذ لو كان هذا المعنى حاصلًا للكل لم يكن لتخصيص هؤلاء الكفار به فائدة، وحمل الأوزار مجاز عن العقاب عليها. وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أنه بلغه أن الكافر يتمثل عمله في صورة أقبح ما خلق الله تعالى وجهًا وأنتنه ريحًا فيجلس إلى جنبه كلما أفزعه شيء زاده وكلما يخاف شيئًا زاده خوفًا فيقول: بئس الصاحب أنت ومن أنت؟ فيقول: وما تعرفني؟ فيقول: لا. فيقول: أنا عملك كان قبيحًا فلذلك تراني قبيحًا وكان منتنًا فلذلك تراني منتنًا طاطئ إلى أركبك فطالما ركبتني في الدنيا فيركبه وهو قوله تعالى: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً} {يَوْمُ القيامة} ظرف ليحملوا {وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ} أي وبعض أوزار من ضل بإضلالهم على معنى ومثل بعض أوزارهم فمن تبعيضية لأن مقابلته لقوله تعالى: {كَامِلَةٌ} يعين ذلك.
والمراد بهذا البعض حصة التسبب فالمضل والضال شريكان هذا يضله وهذا يطاوعه فيتحاملان الوزر وللضال أوزار غير ذلك وليست تلك محمولة، وقال الأخفش: إن {مِنْ} زائدة أي وأوزار الذين يضلونهم على معنى أنهم يعاقبون عقابًا يكون مساويًا لعقاب كل من اقتدى بهم، وإلى الزيادة ذهب أبو البقاء واعترض على التبعيض بأنه يقتضي أن المضل غير حامل كل أوزار الضال وهو مخالف للمأثور «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا» وفيه أن المأثور يدل على التبعيض لا أن بينهما مخالفة كما لا يخفى، ولتوهم هذه المخالفة قال الواحدي: إن من للجنس أي ليحملوا من جنس أوزار الاتباع، وتعقبه أبو حيان بأن من التي لبيان الجنس لا تقدر بما ذكر وإنما تقدر بقولنا الأوزار التي هي أوزار الذين يضلونهم فيؤل من حيث المعنى إلى قول الأخفش وإن اختلفا في التقدير، ولام {لِيَحْمِلُواْ} للعاقبة لأن الحمل مترتب على فعلهم وليس باعثًا ولا غرضًا لهم، وعن ابن عطية أنها تحتمل أن تكون لام التعليل ومتعلقة بفعل مقدر لا بقالوا أي قدر صدور ذلك ليحملوا، ويجيء حديث تعليل أفعال الله تعالى بالإغراض وأنت تدري أن فيه خلافًا.
وجوز في البحر كونها لام الأمر الجازمة على معنى أن ذلك الحمل متحتم عليهم فيتم الكلام عند قوله سبحانه: {أساطير الاولين} [النحل: 24] والظاهر العاقبة، وصيغة الاستقبال في {يُضِلُّونَهُمْ} للدلالة على استمرار الإضلال أو باعتبار حال قولهم لا حال الحمل.
{بِغَيْرِ عِلْمٍ} حال من المفعول كأنه قيل: يضلون من لا يعلم أنهم ضلال على الباطل، وفيه تنبيه على أن كيدهم لا يروج على ذي لب وإنما يقلدهم الجهلة الأغبياء وفيه زيادة تعيير لهم وذم إذ كان عليهم إرشاد الجاهلين لا إضلالهم، وقيل: إنه حال من الفاعل أي يضلون غير عالمين بأن ما يدعون إليه طريق الضلال، وقيل: المعنى حينئذٍ يضلون جهلًا منهم بما يستحقونه من العذاب الشديد على ذلك الإضلال، ونقل القول بالحالية عن الفاعل بنحو هذا المعنى عن الواحدي، وزعم بعضهم أنه الوجه لا الحالية من المفعول، وأيد بأن التذييل بقوله تعالى: {أَلاَ سَآء مَا يَرَوْنَ} وقوله سبحانه: {مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} [النحل: 26] يقويه، وليس بذاك، وما ذكر ظن من هذا المؤيد أنه إذا جعل حالًا من المفعول لم يكن له تعلق بما سيق له الكلام من حال المضلين وقد هديت إلى وجهه.
ورجحه أبو حيان بأن المحدث عنه هو المسند إليه الإضلال على جهة الفاعلية فاعتباره ذا الحال أولى، ويرد عليه مع ما يعلم مما ذكر أن القرب يعارضه فلا يصلح مرجحًا، وقيل: هو حال من ضمير الفاعل في {قَالُواْ} [النحل: 24] على معنى قالوا ذلك غير عالمين بأنهم يحملون يوم القيامة أوزار الضلال والإضلال؛ وأيد بقوله تعالى: {وأتاهم العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} [النحل: 26] من حيث أن حمل ما ذكر من أوزار الضلال والإضلال من قبيل إتيان العذاب من حيث لا يشعرن، ويرده أن الحمل المذكور كما هو صريح الآية إنما هو يوم القيامة والعذاب المذكور إنما هو العذاب الدنيوي كما ستسمعه إن شاء الله تعالى وجوز أن يكون حالًا من الفاعل والمفعول كما قال ذلك ابن جني في قوله: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} [مريم: 27] وهو خلاف الظاهر، واستدل بالآية على أن المقلد يجب عليه أن يبحث ويميز بين المحق والمبطل ولا يعذر بالجهل، وهو ظاهر على ما قدمناه من الوجه الأوجه {أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ} أي بئس شيًا يزرونه ويرتكبونه من الإثم فعلهم المذكور.

.تفسير الآية رقم (26):

{قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (26)}
{قَدْ مَكَرَ الذين مِنْ قَبْلِهِمْ} وعيد لهم برجوع غائلة مكرهم عليهم كدأب من قبلهم من الأمم الخالية الذين أصابهم ما أصابهم من العذاب العاجل، والمكر صرف الغير عما يقصده بحيلة وهو هاهنا على ما قيل مجاز عن مباشرة أسبابه وترتيب مقدماته لأن ما بعد يدل على أنه لم يحصل الصرف، وجوز أن يرتكب فيه التجريد أي سووا منصوبات وحيلا ليخدعوا بها رسل الله عليهم الصلاة والسلام {فَأَتَى الله بنيانهم مّنَ القواعد} أي من جهة الدعائم والعمد التي بنوا عليها بأن ضعضعت فمن ابتدائية والبنيان اسم مفرد مذكر، ونقل الراغب عن بعض اللغويين أنه جمع بنيانة مثل شعير وشعيرة وتمر وتمرة ونخل ونخلة وأن هذا النحو من الجمع يصح تذكيره وتأنيثه، وأصل الإتيان كما قال المجيء بسهولة وهو مستحيل بظاهره في حقه سبحانه ولذلك احتاج بعضهم إلى تقدير مضاف أي أمر الله تعالى وروي ذلك عن قتادة، وجعل ذلك في الكشاف من قبيل أتى عليه الدهر عنى أهلكه وأفناه، وحينئذٍ لا حاجة إلى تقدير المضاف. وقرئ {بنيتهم} وهو عنى بنائهم يقال بنيت أبنى أبناء وبنية وبنى نعم كثيرًا ما يعبر بالبنية عن الكعبة وقرأ جعفر بيتهم والضحاك {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ} {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السقف فَوْقَهُمُ} أي سقط عليهم سقف بنيانهم إذ لا يتصور له القيام بعد تهدم قواعده، {وَمِنْ} متعلق بخر وهي لابتداء الغاية أو متعلق حذوف على أنه حال من السقف مؤكدة، وقال ابن عطية وابن الأعرابي أن {مّن فَوْقِهِمْ} ليس بتأكيد لأن العرب تقول خر علينا سقف ووقع علينا حائط إذا انهدم في ملك القائل وإن لم يقع عليه حقيقة فهو لبيان أنهم كانوا تحته حين هدم. ومن الناس من زعم أن {على} عنى عن وهي للتعليل والكلام على تقدير مضاف أي خر من أجل كفرهم السقف وجيء بقوله تعالى: {مّن فَوْقِهِمْ} مع {خَرَّ} لدفع توهم أن يكون قد خروهم ليسوا تحته، ولا يخفى أنه تطويل من غير طائل بل كلام لا ينبغي أن يتفوه به فاضل؛ والكلام تمثيل يعني أن حالهم في تسويتهم المنصوبات والحيل ليمكروا بها رسل الله تعالى عليهم الصلاة والسلام وإبطال الله تعالى إياها وجعلها سببًا لهلاكهم كحال قوم بنوا بنيانًا وعمدوه بالأساطين فأتى ذلك من قبل أساطينه بأن ضعضعت فسقط عليهم السقف وهلكوا تحته، ووجه الشبه أن ما نصبوه وخيلوه سبب التحصن والاستيلاء صار سبب البوار والفناء فالأساطين نزلة المنصوبات وانقلابها عليهم مهلكة كانقلاب تلك الحيل على أصحابها والبنيان ما كان زوروه وروجوا فيه تلك المنصوبات وتطواطئوا عليه من الرأي المدعم بالمكائد، ويشبه ذلك قولهم، من حفر لأخيه جبًا وقع فيه منكبًا.
ويقرب من هذا ما قيل إن المراد أحبط الله تعالى أعمالهم، وقيل: الأمر مبني على الحقيقة، وذلك أن نمرود بن كنعان بنى صرحًا ببابل ليصعد بزعمه إلى السماء ويعرف أمرها ويقاتل أهلها وأفرط في علوه فكان طوله في السماء على ما حكى النقاش وروي عن كعب فرسخين، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ووهب، كان ارتفاعه خمسة آلاف ذراع وعرضه ثلاثة آلاف ذراع فبعث الله تعالى عليه ريحًا فهدمته وخر سقفه عليه وعلى أتباعه فهلكوا، وقيل: هدمه جبريل عليه السلام بجناحه لوما سقط تبلبلت الناس من الفزع فتكلموا يومئذٍ بثلاث وسبعين لسانًا فلذلك سميت بابل وكان لسان الناس قبل ذلك السريانية، ولا يخفى ما في هذا الخبر من المخالفة للمشهور لأن موجبه أن هلاك نمرود كان بما ذكر والمشهور أنه عاش بعد قصة الصرح وأهلكه الله تعالى ببعوضة وصلت لدماغه إظهارًا لكمال خسته وعجزه وجازاه سبحانه من جنس عمله لأنه صعد إلى جهة السماء بالنسور فأهلكه الله تعالى بأخس الطيور، وما ذكر في وجه تسمية المكان المعروف ببابل هو المشهور، وفي «معجم البلدان» أن مدينة بابل يوراسف الجبار واشتق اسمها من المشتري لأن بابل باللسان البابلي الأول اسم للمشتري وأخر بها الإسكندر، وما ذكر من أن اللسان كان قبل ذلك السريانية ذكره البغوي ونظر فيه الخازن بأن صالحًا عليه السلام وقومه كانوا قبل وكانوا يتكلمون بالعربية وكان قبائل قبل إبراهيم عليه السلام مثل طسم وجديس يتكلمون بالعربية أيضًا وقد يدفع بالعناية.
وقال الضحاك الآية إشارة إلى قوم لوط عليه السلام وما فعل بهم وبقراهم، والكلام أيضًا مبني على الحقيقة واختار جماعة بناءه على التمثيل حسا سمعت وعليه فالمراد على المختار من الذين كفروا من قبل ما يشمل جميع الماكرين الذين هدم عليهم بنيانهم وسقط في أيديهم وقرأ الأعرج السقف وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهما ومجاهد {السقف} بضم السين فقط وكلاهما جمع سقف وفعل وفعل على ما قال أبو حيان محفوظان في جمع فعل وليسا مقيسين فيه ويجمع على سقوف وهو القياس. وقرأت فرقة {السقف} بفتح السين وضم القاف وهي لغة في السقف، وذكر أن الأصل مضموم القاف وساكنه مخففه وكثر استعماله على عكس قولهم رجل بفتح فضم ورجل بفتح فسكون وهي لغة تميمية {وأتاهم العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} بإتيانه منه بل يتوقعون إتيان مقابله مما يريدون ويشتهون، والمراد به العذاب العاجل، وفي عطف هذه الجملة على ما تقدم تهويل لأمر هلاكهم ويدل على أن المراد به العاجل قوله سبحانه: