فصل: تفسير الآية رقم (6):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (6):

{ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)}
{مَّفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكرة} أي الدولة والغلبة، وأصل معنى الكر العطف والرجوع، وإطلاق الكرة على ما ذكر مجاز شائع كما يقال تراجع الأمر، ولام لكم للتعدية، وقيل: للتعليل، وقوله تعالى: {عَلَيْهِمْ} أي الذي فعلوا بكم ما فعلوا متعلق بالكرة لما فيها من معنى الغلبة أو حال منها، وجوز تعلقه برددنا، وهذا على ما في البحر إخبار منه تعالى في التوراة لبني إسرايل إلا أنه جعل {رَدَدْنَا} موضع نرد لتحقق الوقوع، وكان بين البعث والرد على ما قيل مائة سنة وذلك بعد أن تابوا ورجعوا عما كانوا عليه واختلف في سبب ذلك فروى اردشير بهمن بن اسفنديار بن كشتاسف بن لهراسف لما ورث الملك من جده كشتاسف ألقى الله تعالى في قلبه الشفقة على بني إسرائيل فرد اسراءهم الذين أتى بهم بختنصر إلى بابل وسيرهم إلى أرض الشام وملك عليهم دانيال فاستولوا على من كان فيها من أتباع بختنصر، وجعل بعضهم من آثار هذه الكرة قتل بختنصر ولم يثبت.
وفي البحران ملكًا غزا أهل بابل وكان بختنصر قد قتل من بني إسرائيل أربعين ألفًا ممن يقرأ التوراة وأبقى عنده بقية في بابل فلما غزاهم ذلك الملك وغلب عليهم تزوج امرأة بني إسرائيل فطلبت منه أن يرد بني إسرائيل إلى ديارهم ففعل وبعد مدة قامت فيهم الأنبياء ورجعوا إلى أحسن ما كانوا، وقيل: رد الكرة بأن سلط الله تعالى داود عليه السلام فقتل جالوت. وتعقب بأنه يرده قوله تعالى: {وَلِيَدْخُلُواْ المسجد} [الإسراء: 7] إلخ فإن المراد به بيت المقدس وداود عليه السلام ابتدأ بنيانه بعد قتل جالوت وإيتائه النبوة ولم يتمه وأتمه سليمان عليه السلام فلم يكن قبل داود عليه السلام مسجد حتى يدخلوه أول مرة، ودفع بأن حقيقة المسجد الأرض لا الباء أو يحمل قوله تعالى: {دَخَلُوهُ} على الاستخدام وهو كما ترى، والحق أن المسجد كان موجودًا قبل داود عليه والسلام كما قدمنا.
{وأمددناكم بأموال} كثيرة بعد ما نهبت أموالكم {وَبَنِينَ} بعدما سبيت أولادكم {وجعلناكم أَكْثَرَ نَفِيرًا} مما كنتم من قبل أو من أعدائكم، والنفير على ما قال أبو مسلم كالنافر من ينفر مع الرجل من عشيرته وأهل بيته، وقال الزجاج: يجوز أن يكون جمع نفر ككلب وكليب وعبد وعبيد وهم المجتمعون للذهاب إلى العدو، وقيل: هو مصدر أي أكثر خروجًا إلى الغزو كما في قول الشاعر:
فأكرم بقحطان من والد ** وحمير أكرم بقوم نفيرا

ويروى بالحميريين أكرم نفيرًا، وصحيح السهيلي أنه اسم جمع لغلبته في المفردات وعدم إطراد مفرده.

.تفسير الآية رقم (7):

{إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)}
{إِنْ أَحْسَنتُمْ} أعمالكم سواء كانت لازمة لأنفسكم أو متعدية للغير أي عملتموها على الوجه المستحسن اللائق أو فعلتم الإحسان {أَحْسَنتُمْ لاِنفُسِكُمْ} أي لنفعها بما يترتب على ذلك من الثواب {وَإِنْ أَسَأْتُمْ} أعمالكم لازمة كانت أو متعدية بأن عملتموها على غير الوجه اللائق أو فعلتم الإساءة {فَلَهَا} أي فالإساءة عليها لما يترتب على ذلك من العقاب فاللام عنى على كما في قوله:
فخر صريعًا لليدين وللفم ** وعبر بها لمشاكلة ما قبلها

وقال الطبري: هي عنى إلى على معنى فاساءتها راجعة إليها، وقيل: إنها للاستحقاق كما في قوله تعالى: {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 10].
وفي الكشاف أنها للاختصاص. وتعقب بأنه مخالف لما في الآثار من تعدي ضرر الإساءة إلى غير المذنب اللهم إلا أن يقال: إن ضرر هؤلاء القوم من بني إسرائيل لم يتعدهم، وفيه أنه تكلف لا يحتاج إليه لأن الثواب والعقاب الأخرويين لا يتعديان وهما المراد هنا، وقيل: اللام للنفع كالأولى لكن على سبيل التهكم، وتعميم الإحسام ومقابله بحيث يشملان المتعدي واللازم الذي استظهره بعض المحققين وفسر الإحسان بفعل ما يستحسن له ولغيره والإساءة بضد ذلك وقال: إنه أنسب وأتم وذا قيل إن تكرير الإحسان في النظم الكريم دون الإساءة إشارة إلى أن جانب الإحسان أغلب وأنه إذا فعل ينبغي تكراره بخلاف ضده، وجاء عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال: ما أحسنت إلى أحد ولا أسأت إليه وتلا الآية، ووجه مناسبتها لما قبلها على ما قال القطب أنه لما عصوا سلط الله تعالى عليهم من قصدهم بالنهب والأسر ثم لما تابوا وأطاعوا حسنت حالهم فظهر إن إحسان الأعمال وإساءتها مختص بهم، والآية تضمنت ذلك وفيها من الترغيب بالإحسان والترهيب من الإساءة ما لا يخفى فتأمل.
{فَإِذَا جَاء وَعْدُ} المرة {الاخرة} من مرتى إفسادكم {لَيسُوءا} متعلق بفعل حذف لدلالة ما سبق عليه وهو جواب إذا أي بعثناهم ليسوؤا {فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ} أي ليجعل العباد المبعوثون آثار المساءة والكآبة بادية في وجوهكم فإن الأعراض النفسانية تظهر فيها فيظهر بالفرح النضارة والإشراق وبالحزن والخوف الكلوح والسواد فالوجوه على حقيقتها، قيل ويحتمل أن يعبر بالوجه عن الجملة فإنهم ساؤهم بالقتل والنهب والسبي فحصلت الإساءة للذوات كلها ويؤيده قوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} ويحتمل أن يراد بالوجوه ساداتهم وكبراؤهم اه وهو كما ترى.
واختير هذا على ليسوؤكم مع أنه أخصر وأظهر إشارة إلى أنه جمع عليه ألم النفس والبدن المدلول عليه بقوله تعالى: {وَلِيُتَبّرُواْ} إلخ، وقيل: {فَإِذَا جَاء} هنا مع كونه من تفصيل المجمل في قوله سبحانه: {لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرض مَرَّتَيْنِ} [الإسراء: 4] فالظاهر فإذا جغاء وإذا جاء للدلالة على أن مجيء وعد عقاب المرة الآخرة لم يتراخ عن كثرتهم واجتماعهم دلالة عل شدة شكيمتهم في كفران النعم وإنهم كلما ازدادوا عدة وعدة زادوا عدوانًا وعزة إلى أن تكاملت أسباب الثروة والكثرة فاجأهم الله عز وجل على الغرة نعوذ بالله سبحانه من مباغتة عذابه.
وقرأ أبو بكر. وابن عامر. وحمزة {ليسؤ} على التوحيد والضمير لله تعالى أو للوعد أو للبعث المدلول عليه بالجزاء المحذوف، والإسناد مجازي على الأخيرين وحقيقي على الأول، ويؤيده قراءة علي كرم الله تعالى وجهه. وزيد بن علي. والكسائي {لنسوء} بنون العظمة فإن الضمير لله تعالى لا يحتمل غير ذلك، وقرأ أبي {لنسؤن} بلام الأمر ونون العظمة أوله ونون التوكيد الخفيفة آخره ودخلت لام الأمر على فعل المتكلم كما في قوله تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خطاياكم} [العنكبوت: 12] وجواب إذا على هذه القراءة هو الجملة الإنشائية على تقدير الفاء لأنها لا تقع جوابًا بدونها، وعن علي كرم الله تعالى وجهه أيضًا {لنسوءن} و{ليسوءن} بالنون والياء أولًا ونون التوكيد الشديدة آخرًا، واللام في ذلك لام القسم والجملة جواب القسم سادة مسد جواب إذا؛ واللام في قوله تعالى: {لِيَسُوءواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ المسجد} لام كي والجار والمجرور معطوف على الجار والمجرور قبله وهو متعلق ببعثنا المحذوف غيره فيكون العطف من عطف جملة على أخرى، وعلى القراءة بلام الأمر أو لام القسم فيما تقدم يجوز أن تكون اللام لام الأمر وأن تكون لام كي، والمراد بالمسجد بيت المقدس وهو مفعول يدخلوا، وفي الصحاح أن الصحيح في نحو دخلت البيت إنك تريد دخلت إلى البيت فحذف حرف الجر فانتصب البيت انتصاب المفعول به، وتحقيقه في محله {كَمَا دَخَلُوهُ} أي دخولًا كائنًا كدخولهم إياه {أَوَّلَ مَرَّةٍ} فهو في موضع النعت لمصدر محذوف، وجوز أن يكون حالًا أي كائنين كما دخلوه، و{أَوَّلُ} منصوب على الظرفية الزمانية، والمراد من التشبيه على ما في البحر أنهم يدخلونه بالسيف والقهر والغلبة والإذلال، وفيه أيضًا أن هذا يبعد قول من ذهب إلى أن أولى المرتين لم يكن فيها قتال ولا قتل ولا نهب {وَلِيُتَبّرُواْ} أي يهلكوا، وقال قطرب: يهدموا وأنشد قول الشاعر:
وما الناس إلا عاملان فعامل ** يتبر ما يبني وآخر رافع

وقال بعضهم: الهدم إهلاك أيضًا، وأخرج ابن المنذر. وغيره عن سعيد بن جبير أن التتبير كلمة نبطية.
{مَا عَلَوْاْ} أي الذي غلبوه واستولوا عليه فما اسم موصول والعائد محذوف وهو إما مفعول أو مجرور على ما قيل، وجوز أن تكون ما مصدرية ظرفية أي ليتبروا مدة دوامهم غالبين قاهرين {تَتْبِيرًا} فظيعًا لا يوصف.
واختلف في تعيين هؤلاء العباد المبعوثين بعد أن ذكروا قتل يحيى عليه السلام في الإفساد الأخير فقال غير واحد: إنهم بختنصر وجنوده، وتعقبه السهيلي بأنه لا يصح لأن قتل يحيى بعد رفع عيسى عليهما السلام وبختنصر كان قبل عيسى عليه السلام بزمن طويل، وقيل الإسكندر وجنوده، وتعقبه أيضًا بأن بين الإسكندر وعيسى عليه السلام نحوًا من ثلثمائة سنة ثم قال لكنه إذا قيل: إن إفسادهم في المرة الأخيرة بقتل شعيا جاز أن يكون المبعوث عليهم بختنصر ومن معه لأنه كان حينئذ حيًا، وروى عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما أن الذي غزاهم ملك خردوش وتولى قتلهم على دم يحيى عليه السلام قائد له فسكن.
وفي بعض الآثار أن صاحب الجيش دخل مذبح قرابينهم فوجد فيه دمًا يغلي فسألهم عنه فقالوا دم قربان لم يقبل منا فقال: ما صدقتموني فقتل عليه ألوفًا منهم فلم يهدأ الدم ثم قال: إن لم تصدقوني ما تركت منكم أحدًا فقالوا: إنه دم يحيى عليه السلام فقال: ثل هذا ينتقم ربكم منكم ثم قال: إن لم تصدقوني ما تركت منكم أحدًا فقالوا: إنه دم يحيى عليه السلام فقال: ثل هذا ينتقم ربكم منكم ثم قال: يا يحيى قد علم ربي وربك ما أصاب قومك من أجلك فاهدأ بإذن الله تعالى قبل أن لا أبقى أحدًا منهم فهدأ، واختار في الكشف وقال هو الحق إن المبعوث عليهم في المرة الثانية بيردوس من ملوك الطوائف وكأنه هو خردوش الذي مر آنفًا فقد ذكر أنه ملك بابل من ملوك الطوائف.
وقيل: اسمه جوزور وهؤلاء الملوك ظهروا بعد قتل الإسكندر دارا واستيلائه على ملك الفرس، وكان ذلك بصنع الإسكندر متبعًا فيه رأي معلمه أرسطو، وعدتهم تزيد على سبعين ملكًا، ومدة ملكهم على مافي بعض التواريخ خمسمائة واثنتا عشرة سنة، وحصل اجتماع الفرس بعد هذه المدة على أردشير بن بابك طوعًا وكرها وكان أحد ملوك الطوائف على اصطخر، وعلى هذا يكون الملك المبعوث لفساد بني إسرائيل بقتل يحيى عليه السلام من أواخر ملوك الطوائف كما لا يخفى، ويكون بين هذا البعث والبعث الأول على القول بأن المبعوث بختنصر وأتباعه مدة متطاولة، وففي بعض التواريخ أن قتل الإسكندر دارا بعد بختنصر بأربعمائة وخمس وثلاثين سنة وبعد مضي نحو من ثلثمائة سنة من غلبة الإسكندر ولد المسيح عليه السلام، ولا شك أن قتل يحيى عليه الصلاة والسلام بعد الولادة بزمان والبعث بعد القتل كذلك فيكون بين البعثين ما يزيد على سبعمائة وخمس وثلاثين سنة، والذي ذهب إليه اليهود أن المبعوث أولًا بختنصر وكان في زمن أرميا عليه السلام وقد أنذرهم مجيئه صريحًا بعد أن نهاهم عن الفساد وعبادة الأصنام كما نطق به كتابه فحبسوه في بئر وجرحوه وكان تخريبه لبيت المقدس في السنة التاسعة عشر من حكمه وبين ذلك وهبوط آدم ثلاثة آلاف وثلثمائة وثماني وثلاثين سنة وبقي خرابًا سبعين سنة، ثم أن أسبيانوس قيصر الروم وجه وزيره طوطوز إلى خرابه فخربه سنة ثلاثة آلاف وثمانمائة وثمانية وعشرين فيكون بين البعثين عندهم أربعمائة وتسعون سنة، وتفصيل الكلام في ذلك في كتبهم والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.
ونعم ما قيل إن معرفة الأقوام المبعوثين بأعيانهم وتاريخ البعث ونحوه مما لا يتعلق به كبير غرض إذ المقصود أنه لماكثرت معاصيهم سلط الله تعالى عليهم من ينتقم منهم مرة بعد أخرى.
وظاهر الآية يقتضي اتحاد المبعوثين أولًا وثانيًا، ومن لا يقول بذلك يجعل رجوع الضمائر للعباد على حد رجوع الضمير للدرهم في قولك: عندي درهم ونصفه فافهم.

.تفسير الآية رقم (8):

{عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)}
{عسى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ} بعد البعث الثاني إن تبتم وانزجرتم عن المعاصي {وَإِنْ عُدتُّمْ} للإفساد بعد الذي تقدم منكم {عُدْنَا} للعقوبة فعاقبناكم في الدنيا ثل ما عاقبناكم به في المرتين الأوليين، وهذا من المقضي لهم في الكتاب أيضًا وكذا الجملة الآتية، وقد عادوا بتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم وقصدهم قتله فعاد الله تعالى بتسليطه عليه الصلاة والسلام عليهم فقتل قريظة وأجلى بني النضير وضرب الجزية على الباقين وقيل عادوا فعاد الله تعالى بأن سلط عليهم الأكاسرة ففعلوا بهم ما فعلوا من ضرب الإتاوة ونحو ذلك والأول مروي عن الحسن. وقتادة، والتعبير بأن للإشارة إلى أنه لا ينبغي أن يعودوا {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ للكافرين حَصِيرًا} قال ابن عباس. وغيره: أي سجنا وأنشد في البحر قول لبيد:
ومقامه غلب الرقاب كأنهم ** جن على باب الحصير قيام

فإن كان اسمًا للمكان المعروف فهو جامد لا يلزم تأنيثه وتذكيره. وإن كان عنى حاصر أي محيط بهم وفعيل عنى فاعل يلزم مطابقته فعدم المطابقة هنا إما لأنه على النسب كلابن وتامر أي ذات حصر وعلى ذلك خرج قوله تعالى: {السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ} [المزمل: 18] أي ذات انفطار أو لحمله على فعيل عنى مفعول وقيل التذكير على تأويل جهنم ذكر، وقيل لأن تأنيثها ليس بحقيقي نقل ذلك أبو البقاء وهو كما ترى.
وأخرج ابن المنذر وغيره عن الحسن أنه فسر ذلك بالفراش والمهاد، قال الراغب: كأنه جعل الحصير المرمول وأطلق عليه ذلك لحصر بعض طاقاته على بعض فحصير على هذا عنى محصور وفي الكلام التشبيه البليغ، وجاء الحصر عنى السلطان وأنشد الراغب في ذلك البيت السابق ثم قال: وتسميته بذلك إما لكونه محصورًا نحو محجب وإما لكونه حاصرًا أي مانعًا لمن أراد أن يمنعه من الوصول إليه اه وحمل ما في الآية على ذلك مما لم أر من تعرض له والحمل عليه في غاية البعد فلا ينبغي أن يحمل عليه وإن تضمن معنى لطيفًا يدرك بالتأمل، وكان الظاهر أن يقال لكم بدل للكافرين إلا أنه عدل عنه تسجيلًا على كفرهم بالعود وذمًا لهم بذلك وإشعارًا بعلة الحكم.