فصل: تفسير الآية رقم (86):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (86):

{وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86)}
{وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بالذى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} من القرآن الذي هو شفاء ورحمة للمؤمنين والذي ثبتناك عليه حين كادوا يفتنونك عنه إلى غير ذلك من أوصافه التي يشعر بها السياق، وإنما عبر عنه بالموصول تفخيمًا لشأنه ووصفًا له بما في حيز الصلة ابتداء إعلامًا بحاله من أول الأمر وبأنه ليس من قبيل كلام المخلوق، واللام الأولى موطئة للقسم {ولنذهبن} جوابه النائب مناب جزاء الشرط فهو مغن عن تقديره وليس جزاء لدخول اللام عليه وهو ظاهر وبذلك حسن حذف مفعول المشيئة، والمراد بالذهاب به محوه عن المصاحف والصدور وهو أبلغ من الأفعال، ويراد على هذا من القرآن على ما قيل صورته من أن تكون في نقوش الكتابة أو في الصور التي في القوة الحافظة {إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ} أي القرآن {عَلَيْنَا وَكِيلًا} أي متعهدًا وملتزما استرداده بعد الذهاب به كما يلتزم الوكيل ذلك فيما يتوكل عليه حال كونه متوقعًا أن يكون محفوظًا في السطور والصدور كما كان قبل فالوكيل مجاز عما ذكر.

.تفسير الآية رقم (87):

{إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87)}
{إِلاَّ رَحْمَةً مّن رَّبّكَ} استثناء منقطع على ما اختاره ابن الأنباري. وابن عطية. وغيرهما وهو مفسر بلكن في المشهور، والاستدراك على ما صرح به الطيبي. وغيره. واقتضاه ظاهر كلام جمع عن قوله تعالى: {وَأَنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ} وقال في الكشف: إنه ليس استدراكًا عن ذلك فإن المستثنى منه {وَكِيلًا} [الإسراء: 86] وهذا من المنقطع الممتنع إيقاعه موقع الاسم الأول الواجب فيه النصب في لغتي الحجاز وتميم كما في قوله تعالى: {لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله} [هود: 43] إلا من رحم في رأي، وقولهم: لا تكونن من فلان إلا سلامًا بسلام فقد صرح الرضى وغيره بأن الفريقين يوجبون النصب ولا يجوزون الإبدال في المنقطع فيما لا يكون قبله اسم يصح حذفه، وكون ما نحن فيه من ذلك ظاهر لمن له ذوق، والمعنى ثم بعد الإذهاب لا تجد من يتوكل علينا بالاسترداد ولكن رحمة من ربك تركته غير منصوب فلم تحتج إلى من يتوكل للاسترداد مأيوس عنه بالفقدان المدلول عليه بـِ {لا تجد} [الإسراء: 86]، والتغاير المعنوي بين الكلامين من دلالة الأول على الاذهاب ضمنًا والقاني على خلافه حاصل وهو كاف فافهم، ويفهم صنيع البعض اختيار أنه استثناء متصل من {وَكِيلًا} [الإسراء: 86] أي لا تجد وكيلا باسترداده إلا الرحمة فانك تجدها مستردة، وأنت تعلم أن شمول الوكيل للرحمة يحتاج إلى نوع تكلف.
وقال أبو البقاء: إن {رَحْمَةً} نصب على أنه مفعول له والتقدير حفظناه عليك للرحمة، ويجوز أن يكون نصبًا على أنه مفعول مطلق أي ولكن رحمناك رحمة اه وهو كما ترى، والآية على تقدير الانقطاع امتنان بإبقاء القرآن بعد الامتنان بتنزيله، وذكروا أنها على التقدير الآخر دالة على عدم الإبقاء فالمنة حينئذ إنما هي في تنزيله، ولا يخفى ما فيه من الخفاء وما يذكر في بيانه لا يروي الغليل. والآية ظاهرة في أن مشيئة الذهاب به غير متحقق وأن فقدان المسترد إلا الرحمة إنما هو على فرض تحقق المشيئة لكن جاء في الأخبار أن القرآن يذهب به قبل يوم القيامة، فقد أخرج البيهقي. والحاكم وصححه. وابن ماجه بسند قوي عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدري ما صيام ولا صدقة ولا نسك ويسري على كتاب الله تعالى في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية ويبقى الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس. وابن عمر قالا: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس ما هذه الكتب التي بلغني أنكم تكتبونها مع كتاب الله تعالى يوشك أن يغضب الله تعالى لكتابه فيسري عليه ليلًا لا يترك في قلب ولا ورق منه حرف إلا ذهب به فقيل: يا رسول الله فكيف بالمؤمنين والمؤمنات؟ قال: من أراد الله تعالى خيرًا أبقى في قلبه لا إله إلا الله».
وأخرج ابن أبي حاتم. والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: يسري على كتاب الله تعالى فيرفع إلى السماء فلا يبقى في الأرض آية من القرآن ولا من التوراة والإنجيل والزبور فينزع من قلوب الرجال فيصبحون في الضلالة لا يدرون ما هم فيه.
وأخرج الديلمي عن ابن عمر مرفوعًا لا تقوم الساعة حتى يرجع القرآن من حيث جاء له دوي حول العرش كدوي النحل فيقول الله عز وجل: مالك؟ فيقول منك خرجت وإليك أعود أتلي ولا يعمل بي؛ وأخرجي محمد بن نصر نحو موقوفًا على عبد الله بن عمرو بن العاص، وأخرج غير واحد عن ابن مسعود أنه قال: سيرفع القرآن من المصاحف والصدور، ثم قرأ {وَلَئِن شِئْنَا} [الإسراء: 86] الآية، وفي البهجة أنه يرفع أولًا من المصاحف ثم يرفع لأعجل زمن من الصدور والذاهب به هو جبريل عليه السلام كما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده فيا لها من مصيبة ما أعظمها وبلية ما أوخمها فإن دلت الآية على الذهاب به فلا منافاة بينها وبين هذه الأخبار وإذا دلت على إبقائه فالمنافاة ظاهرة إلا أن يقال: إن الإبقاء لا يستلزم الاستمرار ويكفي فيه إبقاؤه إلى قرب قيام الساعة فتدبر، ومما يرشد إلى أن سوق الآية للامتنان قوله تعالى: {إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ} لم يزل ولا يزال {عَلَيْكَ كَبِيرًا} ومنه إنزال القرآن واصطفاؤه على جميع الخلق وختم الأنبياء عليهم السلام به وإعطاؤه المقام المحمود إلى غير ذلك وقال أبو سهل: إلى أنها سيقت لتهديد غيره صلى الله عليه وسلم بإذهاب ما أتوا ليصدهم عن سؤال ما لم يؤتوا كعلم الروح وعلم الساعة.
وقال صاحب التحرير: يحتمل أن يقال: أنه صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الروح وذي القرنين وأهل الكهف وأبطأ عليه الوحي شق عليه ذلك وبلغ منه الغاية فأنزل الله تعالى هذه الآية تسكينًا له صلى الله عليه وسلم.
والتقدير أيعز عليك تأخر الوحي فإنا إن شئنا ذهبنا بما أوحينا إليك جميعه فسكن ما كان يجده صلى الله عليه وسلم وطاب قلبه انتهى، وكلا القولين كما ترى.

.تفسير الآية رقم (88):

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا ثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ ثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)}
{قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن} أي اتفقوا {على أَن يَأْتُواْ ثْلِ هذا القرءان} المنعوت بما لا تدركه العقول من النعوت الجليلة الشأن من البلاغة وحسن النظم وكمال المعنى، وتخصيص الثقلين بالذكر لأن المنكر لكونه من عند الله تعالى منهما لا من غيرهما والتحدي إنما كان معهما وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم مبعوثًا إلى الملك كما هو مبعوث إليهما لا لأن غيرهما قادر على المعارضة فإن الملائكة عليهم السلام على فرض تصديهم لها وحاشاهم إذ هم معصومون لا يفعلون إلا ما يؤمرون عاجزون كغيرهم {لاَ يَأْتُونَ ثْلِهِ} أي هذا القرآن وأوثر الاظهار على إيراد الضمير الراجع إلى المثل المذكور احترازًا عن أن يتوهم أن له مثلا معينًا وإيذانًا بأن المراد نفي الاتيان ثل ما أي لا يأتون بكلام مماثل له فيما ذكر من الصفات الجليلة الشأن وفيهم العرب العرباء أرباب البراعة والبيان، وقيل: المراد تعجيز الإنس وذكر الجن مبالغة في تعجيزهم لأنهم إذا عجزوا عن الاتيان ثله ومعهم الجن القادرون على الأفعال المستغربة فهم عن الاتيان ثله وحدهم أعجز وليسس بذاك، وقيل: يجوز أن يراد من الجن ما يشمل الملائكة عليهم السلام وقد جاء إطلاق الجن على الملائكة كما في قوله تعالى: {وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَبًا} [الصافات: 158] نعم الأكثر استعماله في غير الملائكة عليهم السلام ولا يخفى أنه خلاف الظاهر، وزعم بعضهم أن الملائكة عليهم السلام حيث كانوا وسائط في إتيانه لا ينبغي ادراجهم إذ لا يلائمه حينئذ {لاَ يَأْتُونَ ثْلِهِ} وفيه أنه ليس المراد نفي الاتيان ثله من عند الله تعالى في شيء ممن أسند إليهم الفعل، وجملة {لاَ يَأْتُونَ} جواب القسم الذي ينبئ عنه اللام الموطئة وساد مسد جزاء الشرط ولولاها لكان {لاَ يَأْتُونَ} جزاء الشرط وإن كان مرفوعًا بناءًا على القول بأن فعل الشرط إذا كان ماضيًا يجوز الرفع في الجواب كما في قول زهير:
وإن أتاه خليل يوم مسغبة ** يقول لا غائب مالي ولا حرم

لأن أداة الشرط إذا لم تؤثر في الشرط ظاهرًا مع قربه جاز أن لا تؤثر في الجواب مع بعده، وهذا القول خلاف مذهب سيبويه ومذهب الكوفيين والمبرد كما فصل في موضعه، ولا يجوز عند البصريين مع وجود هذه اللام جعل المذكور جواب الشرط خلافًا للفراء، وأما قول الأعشى:
لئن منيت بنا عن غب معركة ** لا تلفنا عن دماء الخلق تنتفل

فاللام ليست الموطئة بل هي زائدة على ما قيل فافهم، وحيت كان المراد بالاجتماع على الاتيان ثل القرآن مطلق الاتفاق على ذلك سواء كان التصدي للمعارضة من كل واحد منهم على الانفراد أو من المجموع بأن يتألبوا على تلفيق كلام واحد بتلاحق الأفكار وتعاضد الأنظار قال سبحانه: {وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} أي معينا في تحقيق ما يتوخونه من الاتيان ثله، والجملة عطف على مقدر أي لا يأتون ثله لو لم يكن بعضهم لبعض ظهيرًا ولو كان إلخ؛ وهي في موضع الحال كالجملة المحذوفة، والمعنى لا يأتون ثله على كل حال مفروض ولو في مثل هذه الحال المنافية لعدم الاتيان به فضلًا عن غيرها وفيه رد لليهود أو قريش في زعمهم الاتيان ثله، فقد روي أن طائفة من الأولين قالوا: أخبرنا يا محمد بهذا الحق الذي جئت به أحق من عند الله تعالى فانا لا نراه متناسقًا كتناسق التوراة فقال صلى الله عليه وسلم لهم: أما والله إنكم لتعرفونه أنه من عند الله تعالى قالوا: إنا نجيئك ثل ما تأتي به فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وفيه رواية أن جماعة من قريش قالوا له صلى الله عليه وسلم: جئنا بآية غريبة غير هذا القرآن فانا نحن نقدر على المجيء ثله فنزلت، ولعل مرادهم بهذه الآية الغريبة ما تضمنه الآيات بعد وهي قوله تعالى: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ} [الإسراء: 90] إلخ وحينئذ قيل يمكن أن تكون هذه الآية مع الآيات الأخر رد لجميع ما عنوه بهذا الكلام إلا أنه ابتدأ برد قولهم: نحن نقدر إلخ اهتمامًا به فإن قولهم ذلك منشأ طلبهم الآية الغريبة.
وفي إرشاد العقل السليم أن في هذه الآية حسم أطماعهم الفارغة في روم تبديل بعض آياته ببعض ولا مساغ لكونها تقريرًا لما قبلها من قوله تعالى: {ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا} [الإسراء: 86] كما قيل لكن لا لما قيل من أن الاتيان ثله أصعب من استرداد عينه ونفي الشيء إنما يقرره نفي ما دونه دون نفي ما فوقه لأن أصعبية الاسترداد بغير أمره تعالى من الاتيان المذكور مما لا شبهة فيه بل لأن الجملة القسمية ليست مسوقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل إلى المكابرين من قبله عليه الصلاة والسلام انتهى، ومنه يعلم ما في قول بعضهم في وجه التقرير: أن عدم قدرة الثقلين على رده بعد إذهابه مساو لعدم قدرتهم على مثله لأن رده بعينه غير ممكن لعدم وصولهم إلى الله تعالى شأنه فلم يبق ألا رده ثله فصرح بنفيه تقريرًا له من النظر وعدم الجدوى، هذا واستدل صاحب الكشاف بإعجاز القرآن على حدوثه إذ لم كان قديمًا لم يكن مقدورًا فلا يكون معجزًا كالمحال، وتعقبه في الكشف بأنه لا نزاع في حدوث النظم وإن تحاشى أهل السنة من إطلاق المخلوق عليه للإيهام وهو المعجز إنما النزاع في المعبر بهذه العبارة المعجزة وهو المسمى بالكلام النفسي فهو استدلال لا ينفعه وذكر نحوه ابن المنير.
وقال صاحب التقريب: الجواب منع الملازمة إذ مصحح المقدورية الإمكان وهو حاصل لا الحدوث وأيضًا المعجز لفظه ولا يقال بقدمه والقديم كلام النفس ولا يقال بإعجازه وأيضًا سلمنا أن القديم لا يقدر البشر على عينه لكن لم لا يقدر على مثله، واختار العلامة الطيبي هذا الأخير في الجواب، وقد ذكرنا في المقدمات من الكلام ما ينفعك في هذا المقام فتدبر والله تعالى ولي الأنعام ومسدد الأفهام.

.تفسير الآية رقم (89):

{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89)}
{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا} كررنا ورددنا على أساليب مختلفة توجب زيادة تقرير ورسوخ {لِلنَّاسِ} أهل مكة وغيرهم كما هو الظاهر {فِى هذا القرءان} المنعوت بما ذكر من النعوت الفاضلة {مِن كُلّ مَثَلٍ} من كل معنى بديع هو في الحسن والغرابة واستجلاب النفوس كالمثل ومفعول {صَرَفْنَا} على ما استظهره أبو حيان محذوف أي البيان وقدره البينات والعبر، ومن لابتداء الغاية وجوز ابن عطية أن تكون سيف خطيب فكل هو المفعول وهذا مبني على مذهب الكوفيين والأخفش لأنهم يجوزون زيادة من في الإيجاب دون جمهور البصريين.
وقرأ الحسن {صَرَفْنَا} بتخفيف الراء وقراءة الجمهور أبلغ، وأيا ما كان فالمراد فعلنا ذلك للناس ليذعنوا ويتلقوه بالقبول {فأبى أَكْثَرُ الناس إِلاَّ كُفُورًا} أي جحودًا وفسر به لثبوت الصدق باصل الاعجاز، والمراد بالناس المذكورون أولًا وأوثر الإظهار على الإضمار تأكيدًا وتوضيحًا، والمراد بالأكثر قيل: من كان في عهده صلى الله عليه وسلم من المشركين وأهل الكتاب.
واستظهر في البحر أنهم أهل مكة بدليل أن الضمائر الآتية لهم ونصب {كَفُورًا} على أنه مفعول أبى والاستثناء مفرغ وصح ذلك هنا مع أنه مشروط بتقدم النفي فلا يصح ضربت الازيدا لأن أبي قريب من معنى النفي فهو مؤول به فكأنه قيل ما قبل أكثرهم إلا كفورا وفيه من المبالغة ما ليس في أبوا الإيمان لأن فيه زيادة على أنهم لم يرضوا بخصلة سوى الكفر من الإيمان والتوقف في الأمر ونحو ذلك وأنهم بالغوا في عدم الرضا حتى بلغوا مرتبة الآباء، وإنما لم يجز ذلك في الإثبات لفساد المعنى إذ لا قرينة على تقدير أمر خاص والعموم لا يصح إذ لا يمكن في المثال أن تضرب كل أحد إلا زيدًا فإن صح العموم في مثال جاز التفريغ في غير تأويل بنفي فيجوز صليت إلا يوم كذا إذ يجوز أن تصلي كل يوم غيره، وجوز أن تكون الآية من هذا القبيل بأن يكون المراد أبوا كل شيء فيما اقترحوه إلا كفورًا.