فصل: تفسير الآية رقم (51):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (51):

{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}
{مَّا أَشْهَدتُّهُمْ} استئناف مسوق لبيان عدم استحقاق إبليس وذريته للاتخاذ المذكر في أنفسهم بعد بيان الصوارف عن ذلك من خبائة الأصل والفسق والعداوة أي ما أحضرت إبليس وذريته.
{خُلِقَ السموات والأرض} حيث خلقتهما قبل خلقهم {وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ} أي ولا أشهدت بعضهم خلق بعض كقوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} [النساء: 29] فكلا ضميري الجمع المنصوب والمجرور عائد على إبليس وذريته وهم المراد بالمضلين في قوله تعالى: {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُدًا} وإنما وضع ذلك موضع ضميرهم ذمًا لهم وتسجيلًا عليهم بالإضلال وتأكيدًا لما سبق من إنكار اتخاذهم أولياء، والعضد في الأصل ما بين المرفق إلى الكتف ويستعار للمعين كاليد وهو المراد هنا ولكونه نكرة في سياق النفي عم، وفسر بالجمع والإفراد لرؤوس الآي، وقيل إنما لم يجمع لأن الجميع في حكم الواحد في عدم الصلاحية للاعتضاد أي وما كنت متخذهم أعوانًا في شأن الخلق أو في شأن من شؤوني حتى يتوهم شركتهم في التولي فضلًا عن الاستبدال الذي لزم فعلهم بناء على الشركة في بعض أحكام الربيوبية، وارجاع ضمير {أَنفُسِهِمْ} إلى إبليس وذريته قد قال به كل من ذهب إلى إِرجاع ضمير {أَشْهَدتُّهُمْ} إليهم، وعلل ذلك العلامة شيخ الإسلام بقوله حذرًا من تفكيك الضميرين ومحافظة على ظاهر لفظ الأنفس ثم قال: ولك أن ترجع الضمير الثاني إلى الظالمين ويلتزم التفكيك بناء على عود المعنى إليه فإن نفى إشهاد الشياطين الذين يتولونهم هو الذي يدور عليه إنكار اتخاذهم أولياء بناء على أن أدنى ما يصحح التولى حضور الولي خلق المتولي ويحث لا حصول لا مصحح للتولي قطعًا، وأما إشهاد بعض الشياطين خلق بعض منهم فليس من مداراته الإنكار المذكور في شيء على أن اشهاد بعضهم خلق بعض إن كان مصححًا لتولي الشاهد بناء على دلالته على كماله باعتبار أن له مدخلًا في خلق المشهود في الجملة فهو مخل بتولي المشهود بناء على قصوره عمن شهد خلقه فلا يكون نفي الإشهاد المذكور متمحضًا في نفي الكمال المصحح للتولي عن الكل وهو المناط للإنكار المذكور.
وفي الآية تهكم بالكفار وإيذان بكمال ركاكة عقولهم وسخافة آرائهم حيث لا يفهمون هذا الأمر الجلي الذي لا يكاد يشتبه على البلة والصبيان فيحتاجون إلى التصريح به، وإيثار نفي الاشهاد على نفس شهودهم ونفي اتخاذهم أعوانًا على نفي كونهم كذلك للاشعار بأنهم قهورون تحت قدرته تعالى تابعون لمشيئته سبحانه وإرادته عز وجل عزل من استحقاق الشهود والمعونة من تلقاء أنفسهم من غير احضار واتخاذ وإنما قصارى ما يتوهم فيهم أن يبلغوا ذلك المبلغ بأمر الله جل جلاله ولم يكد ذلك يكون اه.
وهو كلام يلوح عليه مخايل التحقيق لكن قيل عليه يجوز أن يراد من السموات والأرض ما يشمل أهلها وكثيرًا ما يراد منهما ذلك فيدخل فيه الكفار فتفيد الآية نفيد الآية نفي إشهاد الشياطين خلقهم الذي من مداراته الإنكار المذكور من غير حاجة إلى التزام التفكيك الذي هو خلاف المتبادر، وظاهر كلامه وكذا كلام كثير حمل الإشهاد المنفي على حقيقته.
وجوز أن يراد به المشاورة مجازًا وهو الذي يقتضيه ظاهر ما في البحر ولا مانع على هذا أن يراد من السموات والأرض ما يشمل أهلهما فكأنه قيل ما شاورتهم في خلق أحد لا الكفار ولا غيرهم فما بال هؤلاء الكفار يتولونهم وأدنى ما يصحح التولي كون الولي ممن يشاور في أمر المتولي أو أمر غيره ويكون نفى اتخاذهم أعوانًا مطلقًا في شيء من الأشياء بعد نفي مشاورتهم في الخلق ليؤدي الكلام ظاهرًا عموم نفي مدخليتهم بوجه من الوجوه رأيًا وإيجاد {اَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا} [الكهف: 49] من وجه، وقيل قد يراد من نفي الاشهاد في جانب المعطوف نفي المشاورة ومنه نفى أن يكونوا خلقوا حسب مشيئتهم ومنه نفى أن يكونوا خلقوا كاملين فإنه يقال خلق كما شاء عنى كاملًا قال الشاعر:
خلقت مبرأ من كل عيب ** كأنك قد خلقت كما تشاء

وعلى هذا يكون في الخلق من أشهد خلق نفسه عنى أنه خلق كاملاف، ولا يخفى ما فيه، وقد يكتفي بدلالة ذلك على أن نفي الكمال بأقل من هذه المؤنة فافهم. وزعم أن الكاملين شهدوا حقيقة خلق أنفسهم عنى أنهم رأوا وهم أعيان ثابتة خلقهم أي إفاضة الوجود الخارجي الذي لا يتصف به المعدوم عليهم لا أرى أن كاملًا يقدم عليه أو يصغي إليه، وقال الإمام بعد حكاية القول برجوع الضميرين إلى الشياطين: الأقرب عندي عودهما على الكفار الذين قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم إن لم تطرد عن مجلسك هؤلاء الفقراء لم نؤمن بك فكأنه تعالى قال: إن هؤلاء الذين أتوا بهذا الاقتراح الفاسد والتعنت الباطل ما كانوا شركائي في تدبير العالم بدليل أني ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم ولا اعتضدت بهم في تدبير الدنيا والآخرة بل هم كسائر الخلق فلم أقدموا على هذا الاقتراح الفاسد؟، ونظيره أن من اقترح عليك اقتراحات عظيمة فإنك تقول له لست بسلطان البلد حتى نقبل منك هذه الاقتراحات الهائلة فلم تقدم عليها، والذي يؤكد هذا أن الضمير يجب عوده على أقرب المذكورات وهو في الآية أولئك الكفار لأنهم المراد بالظالمين في قوله تعالى: {بِئْسَ للظالمين بَدَلًا} [الكهف: 50] انتهى.
وقيل المعنى على تقدير عود الضميرين على أولئك الكفرة إن هؤلاء الظالمين جاهلون بما جرى به القلم في الأزل من أحوال السعادة وضدها لأنهم لم يكونوا شاهدين خلق العالم فكيف يمكنهم أن يحكموا بحسن حالهم عند الله تعالى وبشرفهم ورفعتهم عند الخلق وبأضداد هذه الأحوال للفقراء، وقيل المعنى عليه ما أشهدتهم خلق ذلك وما أطلعتهم على أسرار التكوين وما خصصتهم بخصائص لا يحويها غيرهم حتى يكونوا قدوة للناس فيؤمنوا بإيمانهم كما يزعمون فلا تلتفت إلى قولهم طمعًا في نصرتهم للدين فإنه لا ينبغي لي أن أعتضد لديني بالمضلين، ويعضده قراءة أبي جعفر.
والجحدري. والحسن. وشيبة {وَمَا كُنْتَ} بفتح التاء خطابًا له صلى الله عليه وسلم، والمعنى ما صح لك الاعتضاد بهم، ولعل وصف أولئك الظالمين بالإضلال لما أن قصدهم بطرد الفقراء تنفير الناس عنه صلى الله عليه وسلم وهو إضلال ظاهر، وقيل كل ضال مضل لأن الإضلال إما بلسان القال أو بلسان الحال والثاني لا يخلو عنه ضال، وقيل الضميران للملائكة، والمعنى ما أشهدتهم ذلك ولا استعنت بهم في شيء بل خلقتهم ليعبدوني فكيف يعبدون، ويرده {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُدًا} إلا أن يقال: هو نفي لاتخاذ الشياطين أعوانًا فيستفاد من الجملتين نفى صحة عبادة الفريقين، وقال ابن عطية: الضميران عائدان على الكفار وعلى الناس بالجملة فتتضمن الآية الرد على طوائف من المنجمين وأهل الطبائع والأطباء ومن سواهم ممن يخوض خوضهم، وإلى هذا ذهب عبد الحق الصقلي وذكره بعض الأصوليين انتهى. ويقال عليه في الجملة الأخيرة نحو ما قيل فيها آنفًا.
واستدل بها على أنه لا ينبغي الاستعانة بالكافر وهو في أمور الدين كجهاد الكفار وقتال أهل البغي مما ذهب إليه بعض الأئمة ولبعضهم في ذلك تفصيل، وأما الاستعانة بهم في أمور الدنيا فالذي يظهر أنه لا بأس بها سواء كانت في أمر ممتهن كنزح الكنائف أو في غيره كعمل المنابر والمحاريب والخياطة ونحوها، ولعل افرض اليهودي أو الكلب قد مات في كلام الفاروق رضي الله تعالى عنه لعد ما استخدم فيه من الأمور الدينية أو هو مبني على اختيار تفصيل في الأمور الدنيوية أيضًا.
وقد حكى الشيعة أن عليًا كرم الله تعالى وجهه قال حين صمم على عزل معاوية وأشار عليه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بإبقائه على عمله إلى أن يستفحل أمر الخلافة: يمنعني من ذلك قوله تعالى: {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُدًا} فلا اتخذ معاوية عضدًا أبدًا، وهو كذب لا يعتقده إلا ضال مضل.
وقرأ أبو جعفر. وشيبة. والسختياني. وعون العقيلي. وابن مقسم {مَا} بنون العظمة: وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه {مُتَّخِذَ المضلين} على أعمال اسم الفاعل. وقرأ الحسن. وعكرمة {عَضُدًا} بسكون الضاد ونقل حركتها إلى العين. وقرأ عيسى {عَضُدًا} بسكون الضاد للتخفيف كما قالوا في رجل وسبع رجل وسبع بالسكون وهي لغة عن تميم، وعنه أيضًا أنه قرأ بفتحتين.
وقرأ شيبة. وأبو عمرو في رواية هارون. وخارجة. والخفاف. وأبي زيد {عَضُدًا} بضمتين، وروي ذلك عن الحسن أيضاف، وكذا روي عنه أيضًا أنه قرأ بفتحتين، وهو على هذا إما لغة في العضد كما في البحر ولم يذكره في القاموس وإما جمع عاضد كخدم جمع خادم من عضده عنى قواه وأعانه فحينئذٍ لا استعارة. وقرأ الضحاك {عَضُدًا} بكسر العين وفتح الضاد ولم نجد ذلك من لغاته، نعم في القاموس عد عضد ككتف منها وهو عكس هذه القراءة.

.تفسير الآية رقم (52):

{وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)}
{وَيَوْمَ يَقُولُ} أي الله تعالى للكفار توبيخًا وتعجيزًا بواسطة أو بدونها. وقرأ الأعمش. وطلحة ويحيى. وابن أبي ليلى. وحمزة. وابن مقسم {نَّقُولُ} بنون العظمة، والكلام على معنى اذكر أيضًا أي واذكر يوم يقول: {نَادُواْ} للشفاعة لكم {شُرَكَائِىَ الذين زَعَمْتُمْ} أي زعمتموهم شفعاء، والإضافة باعتبار ما كانوا يزعمون أيضًا فإنهم كانوا يزعمون أنهم شركاء كما يزعمون أنهم شفعاء، وقد جوز غير واحد هنا أن يكون فعل عبدتهم المطيعين لهم فيما وسوسوا به أو كل ما عبد من دون الله تعالى.
وقرأ ابن كثير {شركاى} مقصورًا مضافًا إلى الياء {زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ} أي نادوهم للإغاثة، وفيه بيان بكمال اعتنائهم بإغاثتهم على طريق الشفاعة إذ معلوم أن لا طريق إلى المدافعة {فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ} فلم يغيثوهم إذ لا إمكان لذلك؛ قيل وفي إيراده مع ظهوره تهكم بهم وإيذان بأنهم في الحماقة بحيث لا يفهمونه إلا بالتصريح به.
{وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم} أي بين الداعين والمدعوين {مَّوْبِقًا} اسم مكان من وبق وبوقا كوثب وثوبًا أو وبق وبقا كفرح فرحًا إذا هلك أي مهلكًا يشتركون فيه وهو النار، وجاء عن ابن عمر. وأنس. ومجاهد أنه واد في جهنم يجري بدم وصديد، وعن عكرمة أنه نهر في النار يسيل نارًا على حافتيه حيات أمثال البغال الدهم فإذا ثارت إليهم لتأخذهم استغاثوا بالاقتحام في النار منها، وتفسير الموبق بالمهلك مروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وعن مجاهد وغيرهما، وعن الحسن تفسيره بالعداوة فهو مصدر أطلق على سبب الهلاك وهو العداوة كما أطلق التلف على البغض المؤدي إليه في قول عمر رضي الله تعالى عنه: لا يكن حبك كلفًا ولا بغضك تلفًا.
وعن الربيع بن أنس تفسيره بالمحبس، ومعنى كون الموبق على سائر تفاسيره بينهم شموله لهم وكونهم مشتركين فيه كما يقال جعلت المال بين زيد وعمرو فكأنه ضمن {جَعَلْنَا} معنى قسمنا وحينئذٍ لا يمكن إدخال عيسى. وعزير. والملائكة عليهم السلام ونحوهم في الشركاء على القول الثاني.
وقال بعضهم: معنى كون الموبق أي المهلك أو المحبس بينهم أنه حاجز واقع في البين، وجعل ذلك بينهم حسمًا لأطماع الكفرة في أن يصل إليهم ممن دعوه للشفاعة. وجاء عن بعض من فسره بالوادي أنه يفرق الله تعالى به بين أهل الهدى وأهل الضلالة، وعلى هذا لا مانع من شمول المعنى الثاني للشركاء لأولئك الأجلة.
وقال الثعالبي في فقه اللغة: الموبق عنى البرزخ البعيد على أن وبق عنى هلك أيضًا أي جعلنا بينهم أمدًا بعيدًا يهلك فيه الأشواط لفرط بعده، وعليه أيضًا يجوز الشمول المذكور لأن أولئك الكرام عليهم السلام في أعلى الجنان وهؤلاء اللئام في قعر النيران، ولا يخفى على من له أدنى تأمل الحال فيما إذا أريد بالموبق العداوة.
و {بَيْنَهُمْ} على جميع ما ذكر طرف وهو مفعول ثان لجعل إن جعل عنى صير و{مَّوْبِقًا} مفعوله الأول، وإن جعل عنى خلق كان الظرف متعلقًا به أو حذوف وقع صفة لمفعوله قدم عليه لرعاية الفواصل فتحول حالًا.
وقال الفراء. والسيرافي: البين هنا عنى الوصل فإنه يكون عناه كما يكون عنى الفراق وهو مفعول أول لجعلنا و{مَّوْبِقًا} عنى هلاكًا مفعوله الثاني، والمعنى جعلنا تواصلهم في الدنيا هلاكًا يوم القيامة.

.تفسير الآية رقم (53):

{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}
{وَرَأَى المجرمون النار} وضع المظهر في مقام المضمر تصريحًا بإجرامهم وذمًا لهم بذلك، والرؤية بصرية، وجاء عن أبي سعيد الخدري كما أخرجه عنه أحمد. وابن جرير. والحاكم وصححه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أن الكافر ليرى جهنم من مسير أربعين سنة» {فَظَنُّواْ} أي علموا كما أخرجه عبد الرزاق، وجماعة عن قتادة، وهو الظاهر من حالهم بعد قول الله تعالى ذلك واستغاثتهم بشركائهم وعدم استجابتهم لهم وجعل الموبق بينهم.
وقيل الظن على ظاهره وهم لم يتيقنوا {أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا} أي مخالطوها واقعون فيها لعدم يأسهم من رحمة الله تعالى قبل دخولهم فيها، وقيل إنهم لما رأوها من بعيد كما سمعت في الحديث ظنوا أنها تخطفهم في الحال فإن اسم الفاعل موضوع للحال فالمتيقن أصل الدخول والمظنون الدخول حالًا. وفي مصحف عبد الله {ملاقوها} وكذلك قرأ الأعمش. وابن غزوان عن طلحة، واختير جعلها تفسيرًا لمخالفتها سواد المصحف، وعن علقمة أنه قرأ {ملافوها} بالفاء مشددة من لف الشيء {مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا} أي مكانًا ينصرفون إليه.
قال أبو كبير الهذلي:
أزهير هل عن شيبة بن مصرف ** أم لا خلود لباذل متكلف

فهو اسم مكان، وجوز أن يكون اسم زمان، وكذا جوز أبو البقاء وتبعه غيره أن يكون مصدرًا أي انصرافًا، وفي الدر المصون أنه سهو فإنه جعل مفعل بكسر العين مصدرًا من صحيح مضارعه يفعل بالكسر وقد نصوا على أن مصدره مفتوح العين لا غير واسم زمانه ومكانه مكسورها، نعم إن القول بأنه مصدر مقبول في قراءة زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما {مَصْرِفًا} بفتح الراء.