فصل: تفسير الآية رقم (71):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (71):

{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)}
{وَإِن مّنكُمْ} التفات إلى خطاب الإنسان سواء أريد منه العموم أو خصوص الكفرة لإظهار مزيد الاعتناء ضمون الكلام. وقيل: هو خطاب للناس وابتداء كلام منه عز وجل بعدما أتم الغرض من الأول فلا التفات أصلًا. ولعله الأسبق إلى الذهن لكن قيل يؤيد الأول قراءة ابن عباس. وعكرمة. وجماعة {وَإِنَّ مِنْهُمْ} أي وما منكم أحد {إِلاَّ وَارِدُهَا} أي داخلها كما ذهب إلى ذلك جمع كثير من سلف المفسرين وأهل السنة، وعلى ذلك قول تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98]. وقوله تعالى في فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة فَأَوْرَدَهُمُ النار وَبِئْسَ الورد المورود} [هود: 98].
واحتج ابن عباس بما ذكر على ابن الأزرق حين أنكر عليه تفسير الورود بالدخور وهو جحار على تقدير عموم الخطاب أيضًا فيدخلها المؤمن إلا أنها لا تضره على ما قيل، فقد أخرج أحمد. والحكيم الترمذي. وابن المنذر. والحاكم وصححه. وجماعة عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن. وقال آخر: يدخلونها جميعًا ثم ينجى الله تعالى الذين اتقوا فلقيت جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه فذكرت له فقال: وأهوى بإصبعيه إلى أذنيه صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يبق بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم عليه السلام حتى أن للنار ضجيجًا من بردهم ثم ينجى الله تعالى الذين اتقوا» وقد ذكر الإمام الرازي لهذا الدخول عدة فوائد في تفسيره فليراجع.
وأخرج عبد بن حميد. وابن الأنباري. والبيهقي عن الحسن الورود المرور عليها من عير دخول، وروى ذلك أيضًا عن قتادة وذلك بالمرور على الصراط الموضوع على متنها على ما رواه جماعة عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، ويمر المؤمن ولا يشعر بها بناء على ما أخرج ابن أبي شيبة. وعبد بن حميد. والحكيم. وغيرهم عن خالد بن معدان قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا: ربنا ألم تعدنا أن نرد النار قال: بلى ولكنكم مررتم عليها وهي خامدة، ولا ينافي هذا ما أخرجه الترمذي. والطبراني. وغيرهما عن يعلى ابن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تقول النار للمؤمن: يوم القيامة جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي» لجواز أن لا يكون متذكرًاهذا القول عند السؤال أو لم يكن سمعه لاشتغاله، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد أنه قال في الآية: ورود المسلمين المرور على الجسر بين ظهريها وورود المشركين أن لا يدخلوها، ولابد على هذا من ارتكاب عموم المجاز عند من لا يرى جواز استعمال اللفظ في معنيين، وعن مجاهد أن ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده في الدنيا لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم:
«الحمى من فيح جهنم» ولا يخى خفاء الاستدلال به على المطلوب.
واستدل بعضهم على ذلك بما أخرجه ابن جرير عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلًا من أصحابه وعكا وأنه معه فقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله تعالى يقول هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار في الآخرة وفيه خفاء أيضًا» والحق أنه لا دلالة فيه على عدم ورود المؤمن المحموم في الدنيا النار في الآخرة، وقصارى ما يدل عليه أنه يحفظ من ألم النار يوم القيامة، وأخرج عبد بن حميد عن عبيد بن عمير أن الورود الحضور والقرب كما في قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ} [القصص: 23] واختار بعضهم أن المراد حضورهم جاثين حواليها، واستدل عليه بما ستعلمه إن شاء الله تعالى، ولا منافاة بين هذه الآية وقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] لأن المراد مبعدون عن عذابها، وقيل: المراد إبعادهم عنها بعد أن يكونوا قريبًا منها {كَانَ} أي ورودهم إياها {على رَبِّكَ حَتْمًا} أمرًا واجبًا كما روى عن ابن عباس، والمراد نزلة الواجب في تحتم الوقوع إذ لا يجب على الله تعالى شيء عند أهل السنة {مَّقْضِيًّا} قضى بوقوعه البتة.
وأخرج الخطيب عن عكرمة أن معنى كان حتمًا مقضيًا كان قسمًا واجبًا، وروى ذلك أيضًا عن ابن مسعود. والحسن. وقتادة، قيل: والمراد منه إنشاء القسم، وقيل: قد يقال: إن {على رَبِّكَ} المقصود منه اليمين كما تقول: لله تعالى على كذا إذ لا معنى له إلا تأكد اللزوم والقسم لا يذكر إلا لمثله، وعلى ورد في كلامهم كثيرًا للقسم كقوله:
على إذا ما جئت ليلى أزورها ** زيارة بيت الله رجلان حافيًا

فإن صيعة النذر قد يراد بها اليمين كما صرحوا به، ويجوز أن يكون المراد بهذه الجملة القسم كقولهم: عزمت عليك إلا فعلت كذا انتهى، ويعلم مما ذكر المراد من القسم فيما أخرجه البخاري. ومسلم. والترمذي. والنسائي. وابن ماجه. وغيرهم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم». وقال أبو عبيدة. وابن عطية وتبعهما غير واحد: إن القسم في الخبر إشارة إلى القسم في المبتدأ أعني {وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا}، وصرح بعضهم أن الواو فيه للقسم، وتعقب ذلك أبو حيان بأنه لا يذهب نحوي إلى أن مثل هذه الواو واو قسم لأنه يلزم من ذلك حذف المجرور وإبقاء الجار وهو لا يجوز إلا أن وقع في شعر أو نادر كلام بشرط أن تقوم صفة المحذوف مقامه كما في قوله:
والله ما ليلى ينام صاحبه

وقال أيضًا: نص النحويون على أنه لا يستغنى عن القسم بالجواب لدلالة المعنى إلا إذا كان الجواب باللام أو بأن وأين ذلك في الآية، وجعل ابن هشام تحلة القسم كناية عن القلة وقد شاع في ذلك، ومنه قوله كعب:
تخذي على يسرات وهي لاحقة ** ذوابل مسهن الأرض تحليل

فإن المعنى مسهن الأرض قليل كما يحلف الإنسان على شيء ليفعلنه فيفعل منه اليسير ليتحلل به من قسمه ثم قال: إن فيما قاله جماعة من المفسرين من أن القسم على الأصل وهو إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} إلخ نظرًا لأن الجملة لا قسم فيها إلا إن عطفت على الجمل التي أجيب بها القسم من قوله تعالى: {فَوَرَبّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ} إلى رخرها وفيه بعد انتهى. والخفاجي جوزا الحالية والعطف، وقال: حديث البعد غير مسموع لعدم تخلل الفاصل وهو كما ترى، ولعل الأسلم من القيل والقال جعل ذلك مجازًا عن القلة وهو مجاز مشهور فيما ذكر، ولايعكر على هذا ما أخرجه أحمد. والبخاري في تاريخه. والطبراني. وغيرهم عن معاذ بن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من حرس من وراء المسلمين في سبيل الله تعالى متطوعًا لا يأخذه سلطان لم ير النار بعينه إلا تحلة القسم فإن الله تعالى يقول: {وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا}». فإن التعليل صحيح مع إرادة القلة من ذلك أيضًا فكأنه قيل: لم ير النار إلا قليلًا لأن الله تعالى أخبر بورود كل أحد إياها ولابد من وقوع ما أخبر به ولولا ذلك لجاز أن لا يراها أصلًا.

.تفسير الآية رقم (72):

{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}
{ثُمَّ نُنَجّى الذين اتقوا} بالإخراج منها على ما ذهب إليه الجمع الكثير {وَّنَذَرُ الظالمين فِيهَا جِثِيًّا} على ركبهم كما روى عن ابن عباس. ومجاهد. وقتادة. وابن زيد، وهذه الآية ظاهرة عندي في أن المراد بالورود الدخول وهو الأمر المشترك.
وقال بعضهم: إنها دليل على أن المراد بالورود الجثو حواليها وذلك لأن ننجي. {وَنُذُرِ} تفصيل للجنس فكأنه قيل ننجي هؤلاء ونترك هؤلاء على حالهم الذي احضروا فيه جاثين، ولابد على هذا من أن يكون التقدير في حواليها، وأنت تعلم أن الظاهر عدم التقدير والجثو لا يوجب ذلك، وخولف بين قوله تعالى: {اتقوا} وقوله سبحانه: {الظالمين} ليؤذن بترجيح جانب الرحمة وأن التوحيد هو المنجي والإشراك هو المردى فكأنه قيل: ثم ننجي من وجد منه تقوى ما وهو الاحتراز من الشرك ونهلك من اتصف بالظلم أي بالشرك وثبت عليه، وفي إيقاع {نَّذْرٍ} مقابلًا لننجي إشعار بتلك اللطيفة أيضًا، قال الراغب: يقال فلان يذر الشيء أي يقذفه لقلة اعتداده به. ومن ذلك قيل لقطعة اللحم التي لا يعتد بها وذر، وجيء بثم للإيذان بالتفاوت بين فعل الخلق وهو ورودهم النار وفعل الحق سبحانه وهو النجاة والدمار زمانًا ورتبة قاله العلامة الطيبي طيب الله تعالى ثراه، والذي تقتضيه الآثار الواردة في عصاة المؤمنين أن يقال: إن التنجية المذكورة ليست دفعية بل تحصل أولًا فأولًا على حسب قوة التقوى وضعفها حتى يخرج من النار من في قلبه وزن ذرة من خير وذلك بعد العذاب حسب معصيته وما ظاهره من الأخبار كخبر جابر السابق إن المؤمن لا تضره النار مؤول بحمل المؤمن على المؤمن الكامل لكثرة الأخبار الدالة على أن بعض المؤمنين يعذبون.
ومن ذلك ما أخرجه الترمذي عن جابر رضي الله تعالى عنه أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يعذب ناس من أهل التوحيد في النار حتى يكونوا حممًا ثم تدركهم الرحمة فيخرجون فيطرحون على أبواب الجنة فيرش عليهم أهل الجنة الماء فينبتون كما ينبت الغناء في حميل السيل» ومن هنا حظر بعض العلماء أن يقال في الدعاء: اللهم اغفر لجميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم جميع ذنوبهم أو اللهم لا تعذب أحدًا من أملا محمد صلى الله عليه وسلم هذا، وقال بعضهم: إن المراد من التنجية على تقدير أن الخطاب خاص بالكفرة أن يساق الذين اتقوا إلى الجنة بعد أن كانوا على شفير النار وجيء بثم لبيان التفاوت بين ورود الكافرين النار وسوق المذكورين إلى الجنة وأن الأول للإهانة والآخر للكرامة، وأنت تعلم أن الذين يذبه بهم إلى الجنة من الذين اتقوا من غير دخول في النار أصلًا ليسوا إلا الخواص.
والمعتزلة خصوا الذين اتقوا بغير أصحاب الكبائر وأدخلوهم في الظالمين واستدلوا بالآية على خلودهم في النار وكانوا ظالمين.
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه. وابن عباس. وابن مسعود. وأبي رضي الله تعالى عنهم. والجحدري. ومعاوية بن قرة. ويعقوب {ثُمَّ} بفتح الثاء أي هناك. وابن أبي ليلى {ثمه} بالفتح مع هاء السكت وهو ظرف متعلق بما بعده. وقرأ يحيى. والأعمش. والكسائي. وابن محصين. ويعقوب {ثُمَّ نُنَجّى} بتخفيف الجيم. وقرئ {ينجي} وينجي بالتشديد والتخفيف مع البناء للمفعول، وقرأت فرقة {نجى} بنون واحدة مضمومة وجيم مشددة، وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه {ننحى} بحاء مهملة، وهذه القراءة تؤيد بظاهرها تفسير الورود بالقرب والحضور.

.تفسير الآية رقم (73):

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73)}
{وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ} الآية إلى آخرها حكاية لما قالوا عند سماع الآيات الناعية عليهم فظاعة حالهم ووخامة مآلهم أي وإذا تتلى على المشركين {ءاياتنا} التي من جملتها الآيات السابقة {بينات} أي ظاهرات الإعجاز تحدي بها فلم يقدر على معارضتها أو مر تلات الألفاظ ملخصات المعنى مبينات المقاصد إما محكمات أو متشابهات قد تبعها البيان بالمحكمات أو تبيين الرسول صلى الله عليه وسلم قولًا أو فعلًا، والوجه كما في الكشاف أن يكون {بينات} حالًا مؤكدة لمضمون الجملة وإن لم يكن عقدها من اسمين لأن المعنى عليه.
وقرأ أبو حيوة. والأعرج. وابن محيصن {وَإِذَا يتلى} بالياء التحية لأن المفروع مجازي التأنيث مع وجود الفاصل {قَالَ الذين كَفَرُواْ} أي قالوا. ووضع الموصول موضع الضمير للتنبيه على أنهم قالوا ما قالوا كافرين بما يتلى عليهم رادين له أو قال الذين مردوا منهم على الكفر وأصروا على العتو والعناد وهم النضر بن الحرث وأتباعه الفجرة فإن الآية نزلت فيهم. واللام في قوله تعالى: {لِلَّذِينَ ءامَنُواْ} للتبليغ كما في قلت له كذا إذا خاطبته به، وقيل لام الأجل أي قالوا لأجلهم وفي حقهم، ورجح الأول بأن قولهم ليس في حق المؤمنين فقط كما ينطق به قوله تعالى: {أَىُّ الفريقين} أي المؤمنين والكافرين كأنهم قالوا: أينا {خَيْرٌ} نحن أو أنتم {مَقَامًا} أي مكانًا ومنزلًا، وأصله موضع القيام ثم استعمل لمطلق المكان. وقرأ ابن كثير. وابن محيصن. وحميد. والجعفي. وأبو حاتم عن أبي عمرو {مَقَامًا} بضم الميم وأصله موضع الإقامة، والمراد به أيضًا المنزلة والمكان فتتوافق القراءتان.
وجوز في البحر احتمال المفتوح والمضمون للمصدرية على أن الأصل مصدر قام يقوم، والثاني مصدر أقام يقيم، ورأيت في بعض المجموعات كلامًا ينسب لأبي السعود عليه الرحمة في الفرق بين المقام بالفتح والمقام بالضم وقد سأله بعضهم عن ذلك بقوله:
يا وحيد الدهر يا شيخ الأنام ** نبتغي فرق المقام والمقام

وهو أن الأول يعني المفتوح الميم موضع قيام الشيء أعم من أن يكون قيامه فيه بنفسه أو بإقامة غيره ومن أن يكون ذلك بطريق المكث فيه أو بدونه، والثاني موضع إقامة الغير إياه أو موضع قيامه بنفسه قيامًا ممتدًا، فإن كان الفعل الناصب ثلاثيًا فمقتضى المقام هو الأول، وكذا إن كان رباعيًا ولم يقصد بيان كون المقام موضع قيام المضاف إليه بإقامة غيره أو موضع قيامه الممتد، وأما إذا قصد ذلك فمقتضاه الثاني كما إذا قلت: أقيمت تاء القسم مقام الواو تنبيهًا على أنها خلف عن الباء التي هي الأصل من أحرم القسم.
ومقامات الكلمات كلها وإن كانت منوطة بوضع الواضع لكن مقامها المنوط بأصل الوضع لكونه مقامًا أصليًا لها قد نزل منزلة موضع قيامها بأنفسها وجعل مقامها المنوط بالاستعمال الطارئ جاريًا مجرى المقام الاضطراري لذوات الاختيار، هذا إذا كان المقام ظرفًا أو إذا كان مصدرًا ميميًا والفعل الناصب رباعي فحقه ضم الميم انتهى المراد منه.
وأنت تعلم أنه في هذا المقام ليس منصوبًا على الظرفية ولا على المصدرية بل منصوب على التمييز وهو محول عن المبتدأ على ما قيل: أي الفريقين مقامه خير {وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} أي مجلسًا ومجتمعًا، وفي البحر هو المجلس الذي يجتمع فيه لحادثة أو مشورة. وقيل: مجلس أهل الندى أي الكرم. وكذا النادي يروى أنهم كانوا يرجلون شعورهم ويدهنونها ويتطيبون ويلبسون مفاخر الملابس ثم يقولون ذلك لفقراء المؤمنين الذين لا يقدرون على ذلك إذا تليت عليهم الآيات، قال الإمام: ومرادهم من ذلك معارضة المؤمنين كأنهم قالوا: لو كنتم على الحق وكنا على الباطل كان حالكم في ألدنيا أحسن وأطيب من حالنا لأن الحكيم لا يليق به أن يوق أولياءه المخلصين في العذاب والذل وأعءاه المعرضين عن خدمته في العز والراحة لكن الكفار كانوا في النعمة والراحة والمؤمنين كانوا بعكس ذلك فعلم أن الحق ليس مع المؤمنين، وهذا مع ظهور أنه قياس عقيم ناشيء من رأسي سقيم نقضه الله تعالى وأبطله بقوله سبحانه: