فصل: تفسير الآية رقم (81):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (81):

{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81)}
{واتخذوا مِن دُونِ الله ءالِهَةً} حكاية لجناية عامة للكل مستتبعة لضد ما يرجون ترتبه عليها إثر حكاية مقالة الكافر المعهود واستتباعها لنقيض مضمونها أي اتخذ الكفرة الظالمون الأصنام أو ما يعمهم وسائر المعبودات الباطلة آلهة متجاوزين الله تعالى: {لّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزًّا} أي ليتعززوا بهم بأن يكونوا لهم وصلة إليه عز وجل وشفعاء عنده.

.تفسير الآية رقم (82):

{كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)}
{كَلاَّ} ردع لهم وزجر عن ذلك، وفيه إنكار لوقوع ما علقوا به أطماعهم الفارغة {سَيَكْفُرُونَ بعبادتهم} أي ستجحد الآلهة عبادة أولئك الكفرة إياها وينطق الله تعالى من لم يكن ناطقًا منها فتقول جميعًا ما عبدتمونا كما قال سبحانه: {وَإِذَا رَءا الذين أَشْرَكُواْ شُرَكَآءهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَؤُلآء شُرَكَآؤُنَا الذين كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ القول إِنَّكُمْ لكاذبون} [النحل: 86] أو ستنكر الكفرة حين يشاهدون عاقبة سوء كفرهم عبادتهم إياها كما قال سبحانه: {لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23].
ومعنى قوله تعالى: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} على الأول على ما قيل تكون الآلهة التي كانوا يرجون أن تكون لهم عزًا ضدًا للعز أي ذلًا وهوانًا أو أعوانًا عليهم كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو أظهر من التفسير السابق، وكونهم أعوانًا عليهم لأنهم يلعنونهم، وقيل: لأن عبادتهم كانت سببًا للعذاب.
وتعقب بأن هذا لم يحدث يوم القيامة وظاهر الآية الحدوث ذلك اليوم والأمر فيه هين، وقيل: لأنهم يكونون آلة لعذابهم حيث يجعلون وقود النار وحصب جهنم وهذا لا يتسنى إلا على تقدير أن يراد بالآلهة الأصنام، وإطلاق الضد على العون لما أن عون الرجل يضاد عدوه وينافيه بإعانته له عليه، وعلى الثاني يكون الكفرة على الآلهة أي أعداء لها من قولهم: الناس عليكم أي أعداؤكم، ومنه اللهم كن لنا ولا تكن علينا ضدًا أي منافين ما كانوا عليه كافرين بها بعدما كانوا يعبدونها فعليهم على ما قيل خبر يكون، {وضدًا} حال مؤكدة والعداوة مرادة مما قبله، وقيل: إنها مرادة منه وهو الخبر و{سَوَاء عَلَيْهِمْ} في موضع الحال، وقد فسره بأعداء الضحاك وهو على ما نقل عن الأخفش كالعدو يستعمل مفردًا وجمعًا.
وبذلك قال صاحب القاموس وجعل ما هنا جمعًا، وأنكر بعضهم كونه مما يطلق على الواحد والجمع، وقال: هو للواحد فقط وإنما وحد هنا لوحدة المعنى الذي يدور عليه مضادتهم فإنهم بذلك كالشيء الواحد كما في قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه النسائي وهم يد على من سواهم، وقال صاحب الفرائد: إنما وحد لأنه ذكر في مقابلة قوله تعالى: {عِزًّا} [مريم: 81] وهو مصدر يصلح لأن يكون جمعًا فهذا وإن لم يكن مصدرًا لكن يصلح لأن يكون جمعًا نظرًا إلى ما يراد منه وهو الذل، وهذا إذا تم فإنما يتم على المعنى الأول، وقد صرح في البحر أنه على ذلك مصدر يوصف به الجمع كما يوصف به الواحد فليراجع. وقرأ أبو نهيك هنا وفيما تقدم {كَلاَّ} بفتح الكاف والتنوين فقيل إنها الحرف الذي للردع إلا أنه نوى الوقف عليها فصار ألفها كألف الإطلاق ثم أبدلت تنوينًا، ويجوز أن لا يكون نوى الوقف بل أجريت الألف مجرى ألف الإطلاق لما أن ألف المبنى لم يكن لها أصل ولم يجز أن تقع رويًا ويسمى هذا تنوين الغالي وهو يلحق الحروف وغيرها ويجامع الألف واللام كقولك:
أقلي اللوم عاذل والعتابن ** وقولي إن أصبت لقد أصابن

وليس هذا مثل {قَوَارِيرَاْ} [الإنسان: 15] كما لا يخفى خلافًا لمن زعمه. وفي محتسب ابن جني أن {كَلاَّ} مصدر من كل السيف إذا نبا وهو منصوب بفعل مضمر من لفظه، والتقدير هنا كل هذا الرأي والاعتقاد كلا، والمراد ضعف ضعفًا، وقيل: هو مفعول به بتقدير حملوا {كَلاَّ} ويقال نظير ذلك فيما تقدم، وقال ابن عطية: هو نعت لآلهة، والمراد به الثقيل الذي لا خير فيه والإفراد لأنه بزنة المصدر وهو كما ترى، والأوفق بالمعنى ما تقدم وإن قيل فيه تعسف لفظي وإنه يلزم عليه إثبات التنوين خطا كما في أمثال ذلك.
وحكى أبو عمرو الداني عن أبي نهيك أنه قرأ {كَلاَّ} بضم الكاف والتنوين وهي على هذا منصوبة بفعل محذوف دل عليه {سَيَكْفُرُونَ} على أنه من باب الاشتغال نحو زيدًا مررت به أي يجحدون كلا أي عبادة كل من الآلهة ففيه مضاف مقدر وقد لا يقدر. وذكر الطبري عنه أنه قرأ {كُلٌّ} بضم الكاف والرفع وهو على هذا مبتدأ. والجملة بعده خبره.

.تفسير الآية رقم (83):

{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)}
{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشياطين عَلَى الكافرين} قيضناهم وجعلناهم قرناء لهم مسلطين عليهم أو سلطناهم عليهم ومكناهم من إضلالهم {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} تغريهم وتهيجهم على المعاصي تهييجًا شديدًا بأنواع التسويلات والوساوس فإن الأز والهز والاستفزاز أخوات معناها شدة الإزعاج، وجملة {تَؤُزُّهُمْ} إما حال مقدرة من الشياطين أو استئناف وقع جوابًا عما نشأ من صدر الكلام كأنه قيل: ماذا تفعل الشياطين بهم؟ فقيل تؤزهم إلخ. والمراد من الآية تعجيب رسول الله صلى الله عليه وسلم مما تضمنته الآيات السابقة الكريمة من قوله سبحانه: {وَيَقُولُ الإنسان أَإِذَا مَا مِتُّ} [مريم: 66] إلى هنا وحكته عن هؤلاء الكفرة الغواة والمردة العتاة من فنون القبائح من الأقاويل والأفاعيل والتمادي في الغي والانهماك في الضلال والإفراط في العناد والتصميم على الكفر من غير صارف يلويهم ولا عاطف يثنيهم والإجماع على مدافعة الحق بعد إيضاحه وانتفاء الشرك عنه بالكلية وتنبيه على أن جميع ذلك بإضلال الشياطين وإغوائهم لا لأن هناك قصورًا في التبليغ أو مسوغًا في الجملة، وفيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهي تذييل لتلك الآيات لما ذكر. وليس المراد منها تعجيبه عليه الصلاة والسلام من إرسال الشياطين عليهم كما يوهمه تعليق الرؤية به بل مما ذكر من أحوالهم من حيث كونها من آثار إغواء الشياطين كما ينبئ عن ذلك قوله سبحانه: {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا}.

.تفسير الآية رقم (84):

{فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84)}
{فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ} بأن يهلكوا حسا تقتضيه جناياتهم ويبيد عن آخرهم وتطهر الأرض من خباثاتهم، والفاء للإشعار بكون ما قبلها مظنة الوقوع المنهي عنه محوجة إلى النهي كما في قوله تعالى: {إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجنة} [طه: 117].
وقوله تعالى: {إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} تعليل لموجب النهي ببيان اقتراب هلاكهم فإنه لم يبق لهم إلا أيام وأنفاس نعدها عدًا أي قليلة كما قيل في قوله تعالى: {دراهم مَعْدُودَةٍ} [يوسف: 20] ولا ينافي هذا ما مر من أنه يمد لمن كان في الضلالة أي يطول لأنه بالنسبة لظاهر الحال عندهم وهو قليل باعتبار عاقبته وعند الله عز وجل، وقيل: إن التعليل بما ذكر دل أن أنفاسهم وأيامهم تنته بانتهاء العد ولا شك أنها على كثرتها يستوفي إحصاؤها في ساعة فعبر بهذا المعنى عن القليل فكأنه قيل: ليس بينك وبين هلاكهم إلا أيام محصورة وأنفاس معدودة كأنها في سرعة تقضيها الساعة التي تعد فيها لوعدت، وهذا ليس مبنيًا على أن كل ما يعد فهو قليل انتهى، والأول هو الظاهر وهذا أبعد مغزى، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان إذا قرأ هذه الآية بكى وقال: آخر العدد خروج نفسك آخر العدد فراق أهلك آخر العدد دخول قبرك، وعن ابن السماك أنه كان عند المأمون فقرأها فقال: إذا كانت الأنفاس بالعدد ولم يكن لها مدد فما أسرع ما تنفد ولله تعالى در من قال:
إن الحبيب من الأحباب مختلس ** لا يمنع الموت بواب ولا حرس

وكيف يفرح بالدنيا ولذتها ** فتى يعد عليه اللفظ والنفس

وقيل: المراد إنما نعد أعمالهم لنجازيهم عليها.

.تفسير الآية رقم (85):

{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)}
{يَوْمَ نَحْشُرُ المتقين إِلَى الرحمن} أي ركبانًا كما أخرجه جماعة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة. وابن أبي حاتم. وابن مردويه من طرق عن علي كرم الله تعالى وجهة قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقلت: يا رسول الله هل الوفد إلا الركب؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة وعليها رحال الذهب شرك نعالهم نور يتلألأ كل خطوة منها مثل مد البصر وينتهون إلى باب الجنة» الحديث، وهذه النوقف من الجنة كما صرح به في حديث أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد. وغيره موقوفًا على علي كرم الله تعالى وجهه، وروي عن عمرو بن قيس أنهم يركبون على تماثيل من أعمالهم الصالحة هي في غاية الحسن، ويروى أنه يركب كل منهم ما أحب من إبل أو خيل أو سفن تجيء عائمة بهم، وأصل الوفد جمع وافد كالوفود والأوفاد والوفد من وفد إليه وعليه يفد وفدًا ووفودًا ووفادة وإفادة قدم وورد.
وفي النهاية الوفد هم القوم يجتمعون ويردون البلاد واحدهم وافد وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترفاد وانتجاع وغير ذلك، وقال الراغب: الوفد والوفود هم الذين يقدمون على الملوك مستنجزين الحوائج، ومنه الوفد من الإبل وهو السابق لعيرها، وهذا المعنى الذي ذكره هو المشهور، ومن هنا قيل: إن لفظة الوفد مشعرة بالإكرام والتجيل حيث آذنت بتشبيه حالة المتقين بحالة وفود الملوك وليس المراد حقيقة الوفادة من سائر الحيثيات لأنها تتضمن الانصارف من الموفود عليه والمتقون مقيمون أبدًا في ثواب ربهم عز وجل. والكلام على تقدير مضاف أي إلى كرامة الرحمن أو ثوابه وهو الجنة أو إلى دار كرامته أو نحو ذلك، وقيل: الحشر إلى الرحمن كناية عن ذلك فلا تقدير، وكان الظاهر الضمير بأن يقال يوم نحشر المتقين إلينا إلا أنه اختير الرحمن إيذانًا بأنهم يجمعون من أماكن متفرقة وأقطار شاسعة إلى من يرحمهم. قال القاضي: ولاختيار الرحمن في هذه السورة شأن، ولعله أن مساق الكلام فيها لتعداد النعم الجسام وشرح حال الشاكرين لها والكافرين بها فكأنه قيل: هنا يوم نحشر المتقين إلى ربهم الذي غمرهم من قبل برحمته وشملهم برأفته وحاصله يوم نحشرهم إلى من عودهم الرحمة وفي ذلك من عظيم البشارة ما فيه، وقد قابل سبحانه ذلك بقوله جل وعلا:

.تفسير الآية رقم (86):

{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)}
{وَنَسُوقُ المجرمين} كما تساق البهائم {إلى جَهَنَّمَ وِرْدًا} أي عطاشًا كما روي عن ابن عباس. وأبي هريرة. والحسن. وقتادة. ومجاهد، وأصله مصدر ورد أي سار إلى الماء، قال الراجز:
ردي ردي ورد قطاة صما ** كدرية أعجبها بردًا لما

وإطلاقه على العطاش مجاز لعلاقة اللزوم لأن من يرد الماء لا يرده إلا لعطش، وجوز أن يكون المراد من الورد الدواب التي ترد الماء والكلام على التشبيه أي نسوقهم كالدواب التي ترد الماء، وفي الكشف في لفظ الورد تهكم واستخفاف عظيم لاسيما وقد جعل المورد جهنم أعاذنا الله تعالى منها برحمته فلينظر ما بين الجملتين من الفرق العظيم. وقرأ الحسن. والجحدري {يُحْشَرُ المتقون كَرِهَ المجرمون} ببناء الفعلين للمفعول.
واستدل بالآية على أن أهوال القيامة تختص بالمجرمين لأن المتقين من الابتداء يحشرون مكرمين فكيف ينالهم بعد ذلك شدة؛ وفي البحر الظاهر أن حشر المتقين إلى الرحمن وفدًا بعد انقضاء الحساب وامتياز الفريقين وحكاه ابن الجوزي عن أبي سليمان الدمشقي وذكر ذلك النيسابوري احتمالًا بحثًا في الاستدلال السابق.
وأنت تعلم أن ذلك لا يتأتى على ما سمعت في الخبر المروى عن علي كرم الله تعالى وجهه فإنه صريح في أنهم يركبون عند خروجهم من القبور وينتهون إلى باب الجنة وهو ظاهر في أنهم لا يحاسبون.
وقال بعضهم: إن المراد بالمتقين الموصوفون بالتقوى الكاملة ولا يبعد أن يدخلوا الجنة بلا حساب فقد صحت الأخبار بدخول طائفة من هذه الأمة الجنة كذلك، ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: عرضت على الأمم يمر النبي معه الرجل والنبي معه الرجلان والنبي ليس معه أحد والنبي معه الرهط فرأيت سوادًا كثيرًا فرجوت أن يكون أمتي فقيل: هذا موسى وقومه ثم قيل: انظر فرأيت سوادًا كثيرًا فقيل: هؤلاء أمتك ومع هؤلاء سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب فتفرق الناس ولم يبين لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكر أصحابه فقالوا: أما نحن فولدنا في الشرك ولكن قد آمنا بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم هؤلاء أبناؤنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون» الحديث.
وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعين ألفًا وثلاث حثيات من حثيات ربي».
وأخرج الإمام أحمد. والبزار. والطبراني عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: «هلا استزدته؟ قال قد استزدته فأعطاني هكذا وفرج بين يديه وبسط باعيه وحثى» قال هشام: هذا من الله عز وجل لا يدري ما عدده؛ وأخرج الطبراني. والبيهقي عن عمرو بن حزم الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال: «احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا لا يخرج إلا إلى صلاة مكتوبة ثم يرجع فلما كان اليوم الرابع خرج إلينا صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله احتبست عنا حتى ظننا أنه حدث حدث قال: لم يحدث الأخير إن ربي وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفًا لا حساب وإني سألت ربي في هذه الثلاث أيام المزيد فوجدت ربي ماجدًا كريمًا فأعطاني مع كل واحد سبعين ألفًا» الخبر إلى غير ذلك من الأخبار وفي بعضها ذكر من يدخل الجنة بغير حساب بوصفه كالحامدين الله تعالى شأنه في السراء والضراء وكالذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع وكالذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله تعالى وكالذي يموت في طريق مكة ذاهبًا أو راجعًا وكطالب العلم والمرأة المطيعة لزوجها والولد البار بوالديه وكالرحيم الصبور وغير ذلك، ووجه الجمع بين الأخبار ظاهر ويلزم. على تخصيص المتقين بالموصوفين بالتقوى الكاملة دخول عصاة المؤمنين في المجرمين أو عدم احتمال الآية على بيان حالهم، واستدل بعضهم بالآية على ما روى من الخبر على عدم إحضار المتقين جثيًا حول جهنم فما يدل على العموم مخصص ثل ذلك فتأمل والله تعالى الموفق، ونصب {يَوْمٍ} على الظرفية بفعل محذوف مؤخر أي يوم نحر ونسوق نفعل بالفريقين من الأفعال ما لا يحيط ببيانه نطاق المقال، وقيل: على المفعولية حذوف مقدم خوطب به سيد المخاطبين صلى الله عليه وسلم أي اذكر لهم بطريق الترغيب والترهيب يوم نحشر إلخ، وقيل: على الظرفية بـِ {نعد} [مريم: 84] باعتبار معنى المجازاة، وقيل: بقوله سبحانه وتعالى: {سَيَكْفُرُونَ بعبادتهم} [مريم: 82].
وقيل بقوله جل وعلا {يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مريم: 82] وقيل: بقوله تعالى شأنه: