فصل: تفسير الآية رقم (45):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (45):

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)}
{وَلَقَدْ أَرْسَلنَا} عطف على قوله تعالى: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَا دَاوُودُ وسليمان عِلْمًا} [النمل: 15] مسوق لما سيق هو له، واللام واقعة في جواب قسم محذوف أي وبالله لقد أرسلنا {إلى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صالحا} وإنما أقسم على ذلك اعتناء بشأن الحكم، و{صالحا} بدل من {أخاهم} أو عطف بياني، وأن في قوله تعالى: {أَنِ اعبدوا الله} مفسرة لما في الإرسال من معنى القول دون حروفه.
وجوز كونها مصدرية حذف منها حرف الجر أي بأن، وقيل لأن ووصلها بالأمر جائز لا ضير فيه كما مر.
وقرئ بضم النون اتباعًا لها للباء {فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ} أي فأجاأ ارسالنا تفرقهم واختصامهم فآمن فريق وكفر فريق وكان ما حكى الله تعالى في محل آخر بقوله سبحانه: {قَالَ الملا الذين استكبروا لِلَّذِينَ استضعفوا لِمَنْ ءامَنَ مِنْهُمْ} [الأعراف: 75] الآية. فإذا فجائية والعامل فيها مقدر لا {يَخْتَصِمُونَ} خلافًا لأبي البقاء لأنه صفة «فريقان» كما قال ومعمول الصفة لا يتقدم على الموصوف، وقيل: هذا حيث لا يكون المعمول ظرفًا، وضمير «يختصمون» لمجموع الفريقين ولم يقل يختصمان للفاصلة، ويوهم كملا بعضهم أن الجملة خبر ثان وهو كما ترى، و«هم» راجع إلى ثمود لأنه اسم للقبيلة، وقيل: إلى هؤلاء المذكورين ليشمل صالحًا عليه السلام والفريقان حينئذ أحدهما صالح وحده وثانيهما قومه.
والحامل على هذا كما ذكره ابن عادل العطف بالفاء فإنها تؤذن أنهم عقيب الإرسال بلا مهلة صاروا فريقين ولا يصير قومه عليه السلام فريقين إلا بعد زمان. وفيه أنه يأباه قوله تعالى: {اطيرنا بِكَ وَن مَّعَكَ} [النمل: 47] وتعقيب كل شيء بحسبه على أنه يجوز كون الفاء لمجرد الترتيب. ولعل فريق الكفرة أكثر ولذا ناداهم بقوله يا قوم كما حكى عنه في قوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (46):

{قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46)}
{قَالَ يَاءادَمُ قَوْمٌ} لجعله في حكم الكل أي قال عليه السلام للفريق الكفار منهم بعد ما شاهد منهم ما شاهد من نهاية العتو والعناد حتى بلغوا من المكابرة إلى أن قالوا له عليه السلام {يا صالح ائتنا بما تعدنا أن كنت من المرسلين} [الأعراف: 77] متلطفًا بهم يا قوم {لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بالسيئة} أي بالعقوبة التي تسوءكم {قَبْلَ الحسنة} أي التوبة فتؤخرونها إلى حين نزولها حيث كانوا من جهلهم وغوايتهم يقولون أن وقع إبعاده تبنا حينئذ وإلا فنحن على ما نحن عليه {لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ الله} أي هلا تستغفرونه تعالى قبل نزولها {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} بقبولها إذ سنة الله تعالى عدم القبول عند النزول. وقد خاطبهم عليه السلام على حسب تخمينهم وجهلهم في ذلك بأن ما خمنوه من التوبة إذ ذاك فاسدة وأن استعجالهم ذلك خارج من المعقول. والتقابل بين السيئة والحسنة بالمعن الذي سمعت حاصل من كون احدهما حسنًا والآخر سيئًا، وقيل: المراد بالسيئة تكذيبهم إياه عليه السلام وكفرهم به وبالحسنة تصديقهم وإيمانهم، والمراد من قوله: {لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ} إلخ لومهم على المسارعة إلى تكذيبهم إياه وكفرهم به وحضهم على التوبة من ذلك بترك التكذيب والإيمان. وحاصله لومهم على إيقاع التكذيب عند الدعوة دون التصديق وحضهم على تلافي ذلك. وإيهام الكلام انتفاء اللوم على إيقاع التكذيب بعد التصديق مما لا يكاد يلتفت إليه. ولا يخفى بعد طي الكشح عن المناقشة فيما ذكر أن المناسب لما حكى الله تعالى عن القوم في سورة الأعراف ولما جاء في الآثار هو المعنى الأول. ومن هنا ضعف ما روي عن مجاهد من تفسير الجسنة برحمة الله تعالى لتقابل السيئة المفسرة بعقوبته عز وجل ويكون المراد من استعجالهم بالعقوبة قبل الرحمة طلبهم إياها دون الرحمة فتأمل.

.تفسير الآية رقم (47):

{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)}
{قَالُواْ اطيرنا} أصله تطيرنا وقرئ به فادغمت التاء في الطاء وزيدت همة الوصل ليتأتى الابتداء، والتطير التشاؤم عبر عنه بذلك لما أنهم كانوا إذا خرجوا مسافرين فيمرون بطائر يزجرونه فإن مر سانحًا بأن مر من ميامن الشخص إلى مياسره تيمنوا وإن مر بارحًا بأن مر من المياسر إلى الميامن تشاءموا لأنه لا يمكن للمار به كذلك أن يرميه حتى ينحرف فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر استعير لما كان سببًا لهما من قدر الله تعالى وقسمته عز وجل أو من عمل العبد الذي هو سبب الرحمة والنعمة أي تساءمنا {بِكَ وَن مَّعَكَ} في دينك حيث تتابعت علينا الشدائد وقد كانوا قحطوا ولم نزل في اختلاف وافتراق مذ اخترعتم دينكم، وتشاؤمهم يحتمل أن يكون من المجموع وأن يكون من كل من المتعاطفين.
{قَالَ طَائِرُكُمْ} أي سببكم الذي منه ينالكم ما ينالكم من الشر {عَندَ الله} وهو قدره سبحانه أو عملكم المكتوب عنده عز وجل: {بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} اضراب من بيان طائرهم الذي هو مبتدأ ما يحيق بهم إلى ذكر ما هو الداعي إليه أي بل أنتم قوم تختبرون بتعاقب السراء والضراء أو تعذبون أو يفتنكم الشيطان بوسوسته إليكم الطيرة، وجاء {تُفْتَنُونَ} بتاء الخطاب على مراعاة {أَنتُمْ} وهو الكثير في «لسان العرب»، ويجوز في مثل هذا التركيب {يُفْتَنُونَ} بياء الغيبة على مراعاة لفظ {قَوْمٌ} وهو قليل في لسانهم.

.تفسير الآية رقم (48):

{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)}
{وَكَانَ فِي المدينة} أي مدينة ثمود وقريتهم وهي الحجر {تِسْعَةُ رَهْطٍ} هو اسم جمع يطلق على العصابة دون العشرة كما قال الراغب؛ وفي الكشاف هو من الثلاثة أو من السبعة إلى العشرة، وقيل: بل يقال إلى الأربعين وليس قبول، وأصله على ما نقل عن الكرماني من الترهيط وهو تعظيم اللقم وشدة الأكل، وقد أضيف العدد إليه. وقد اختلف في جواز إضافته إلى اسم اجلمع فذهب الأخفش إلى أنه لا ينقاس وما ورد من الإضافة إليه فهو على سبيل الندور، وقد صرح سيبويه أنه لا يقال ثلاث غنم.
وذهب قوم إلى أنه يجوز ذلك وينقاس وهو مع ذلك قليل، وفصل قوم بين أن يكون اسم الجميع للقليل كرهط ونفر وذود فيجوز أن يضاف إليه إجراء له مجرى جمع القلة أو للكثير أو يستعمل لهما فلا يجوز إضافته إليه بل إذا أريد تمييزه به جيء به مقرونًا بمن كخمسة من القوم، وقال تعالى: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مّنَ الطير} [البقرة: 260] وهو قول المازني. واختار غير واحد أن إضافة تسعة إلى رهط هاهنا باعتبار أن رهطًا لكونه اسم جمع للقليل في حكم أشخاص ونحوه من جموع القلة وهي يضاف إليها العدد كتسعة أشخاص وستع أنفس وهذا معنى قولهم: إن وقوع رهط تمييزًا لتسعة باعتبار المعنى فكأنه قيل تسعة أشخاص، وقيل أي تسعة أنفس. وتأنيث العدد لأن المذكور في النظم الكريم {رَهْطٍ} وهو مذكر فليس ذاك من غير الفصيح كقوله ثلاثة أنفس وثلاث ذود، نعم تقدير ما تقدم أسلم من المناقشة، وأما ما قيل أي تسعة رجال ففيه الغفلة عما أشرنا إليه، ثم إنه ليس المراد أن الرهط عنى الشخص أو عنى النفس بل أن التسعة من الأشخاص أو من الأنفس هي الرهط فليس المعدود بالتسعة ما دل عليه الرهط من الجماعة ليكون هناك تسع جماعة لا تسعة أفراد.
وقال الإمام الأقرب أن يكون المراد تسعة جمع إذ الظاهر من الرهط الجماعة، ثم يحتمل أنهم كانوا قبائل، ويحتمل أنهم دخلوا تحت العدد لاختلاف صفاتهم وأحوالهم لا لاختلاف النسب اه، وقيل: كان هؤلاء التسعة رؤساء مع كل واحد منهم رهط، ولذا قيل تسعة رهط وأسماؤهم عن وهب. الهذيب بن عبد رب. وعنم بن غنم. ودباب بن مهرج. وعمير بن كردية. وعاصم بن مخزمة. وسبيط بن صدقة. وسمعان بن صفى. وقدار بن سالف وهم الذين سعوا في عقر الناقة وكانوا عتادة قوم صالح ومن أبناء أشرافهم، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن أسماءهم دعمى. ودعيم. وهرمى. وهريم. ودواب. وصواب. ودياب. ومسطح. وقدار وهو الذي عقر الناقة {يُفْسِدُونَ فِي الأرض} لا في المدنية فقط افسادًا بحتًا لا يخالطه شيء من الصلاح كما ينطق به قوله تعالى: {وَلاَ يُصْلِحُونَ} أي لا يفعلون شيئًا من الاصلاح أو لا يصلحون شيئًا من الأشياء، والمراد أن عادتهم المستمرة ذلك الإفساد كما يؤذن به المضارع، والجملة في موضع الصفة لرهط أو لتسعة.

.تفسير الآية رقم (49):

{قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49)}
{قَالُواْ} استئناف بيان بعض ما فعلوا من الفساد أي قال بعضهم لبعض في أثناء المشاورة في أمر صالح عليه السلام. وكان ذلك على ما روي عن ابن عباس بعد أن عقروا الناقة أنذرهم بالعذاب، وقوله: {تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثلاثة أَيَّامٍ} [هود: 65] إلخ {تَقَاسَمُواْ بالله} أمر من التقاسم أي التحالف وقع مقول القول وهو قول الجمهور.
وجوز أن يكون فعلًا ماضيًا بدلًا من {قَالُواْ} أو حالا من فاعله بتقدير قد أو بدونها أي قالوا متقاسمين ومقول القول: {لَنُبَيّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} إلخ، وجوز أبو حيان على هذا أن يكون بالله من جملة المقول. والبيات مباغتة العدو مفاجأته بالإيقاع به ليلًا وهو غافل. وأراد واقتله عليه السلام وأهله ليلًا وهم غافلون. وعن الاسكندر أنه أشير عليه بالبيات فقال: ليس من آيين الملوك استراق الظفر.
وقرأ ابن أبي ليلى {تُقْسِمُواْ} بغير ألف وتشديد السين، والمعنى كما في قراءة الجمهور. وقرأ الحسن. وحمزة. والكسائي {لتبيتنه} بالتاء على خطاب بعضهم لبعض. وقرأ مجاهد. وابن وثاب. وطلحة. والأعمش {ليبيتنه} بياء الغيبة. و{قَالُواْ تَقَاسَمُواْ} على هذه القراءة لا يصح إلا أن يكون خبرًا بخلافه عنالقراءتين الأوليين فإنه يصح أن يكون خبرًا كما يصح أن يكون أمرًا. وذلك لأن الأمر خطاب والمقسم عليه بعده لو نظر إلى الخطاب وجب تاءالخطاب ولو نظر إلى صيغة قولهم عند الحلف وجب النون فأما ياء الغائب فلا وجه له. وإما إذا جعل خبرًا فهو على الغائب كما تقول حلف ليفعلن {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيّهِ} أي لولي صالح. والمراد به طالب ثاره من ذوي قرابته إذا قتل. وقرأ {لتقولن} بالتار من قرأ {لتبيتنه} كذلك. وقرأ {بِئَايَةٍ لَّيَقُولَنَّ} بياء الغيبة من قرأ بها فيما تقدم. وقرأ حميد بن قيس الأول بياء الغيبة وهذا بالنون. قيل: والمعنى على ذلك قالوا متقاسمين بالله ليبيتنه قوم مناثم لنقولن جميعنا لوليه {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} أي ما حضرنا هلاكهم على أن {مُهْلِكَ} مصدر كمرجع أو مكان هلاكهم على أنه للمكان أو زمان هلاكهم على أنه للزمان. والمراد نفي شهود الهلاك الواقع فيه. واختاروا نفي شهود مهلك أهله على نفي قتلهم إياهم قصدًا للمبالغة كأنهم قالوا ما شهدنا ذلك فضلًا عن أن نتولى إهلاكهم. ويعلم من ذلك نفي قتلهم صالحًا عليه السلام أيضًا لأن من لم يقتل اتباعه كيف يقتله، وقيل في الكلام حذف أي ما شهدنا مهلك أهله ومهلكه، واستظهره أبو حيان ثم قال وحذف مثل هذا المعطوف جائز في الفصيح كقوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر} [النحل: 81] أي والبرد وقال الشاعر:
فما كان بين الخير لو جاء سالما ** أبو حجر الا ليال قلائل

أي بين الخير وبيني اه وفيه ما لا يخفى. وقيل: الضمير في {أَهْلِهِ} يعود على الولي. والمراد بأهل الولي صالح وأهله. واعترض بأنه لو أريد أهل الولي لقيل أهلك أو أهله. ومنع بأن ذلك غير لازم. فقد قرئ {قُلْ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ} [آل عمران: 12] بالخطاب والغيبة ووجه ذلك ظاهر. نعم رجوع الضمير إلى الولي خلاف الظاهر كما لا يخفى. وقرأ الجمهور {مُهْلِكَ} بضم الميم وفتح اللام من أهلك وفيه الاحتمالات الثلاث. وقرأ أبو بكر {مُهْلِكَ} بفتحهما على أنه مصدر {وِإِنَّا لصادقون} عطف على {مَا شَهِدْنَا} كما ذهب إليه الزجاج. والمعنى ونخلف وإنا لصادقون. وجوز أن تكون الواو للحال أي والحال إنا لصادقون فيما ذكرنا واستشكل ادعاؤهم الصدق في ذلك وهم عقلاء ينفرون عن الكذب ما أمكن. وأجيب بأن حضور الأمر غير مباشرته في العرف لأنه لا يقال لمن قتل رجلاف أنه حضر قتله وإن كان الحضور لازمًا للمباشرة فحلفوا على المعنى العرفي على العادة في الإيمان وأوهموا الخصم أنهم أرادوا معناه اللغوي فهم صادقون غير حانثين، وكونهم من أهل التعارف أيضًا لا يضر بل يفيد فائدة تامة، وقال الزمخشري. كأنهم اعتقدوا أنهم إذا بيتوا صالحًا وبيتوا أهله فجمعوا بين البياتين، ثم قالوا ما شهدنا مهلك أهله فذكروا أحدهما كانوا صادقين لأنهم فعلوا البياتين جميعًا لا أحدهما. وتعقب بأن من فعل أمرين وجحد أحدهما لم يكن في كذبه شبهة وإنما تتم الحيلة لو فعلوا أمرا واحدًا وادعى عليهم فعل أمرين فجحدوا المجموع. ولذا لم يختلف العلماء في أن من حلف لا أضرب زيدًا فضرب زيدًا وعمرًا كان حانثًا بخلاف من حلف لا أضرب زيدًا وعمرًا ولا آكل رغيفين فأكل أحدهما فإنه محل خلاف للعلماء في الحنث وعدمه، والحق أن تبرئتهم من الكذب فيما ذكر غير لازمة حتى يتكلف لها وهمالذين كذبوا على الله تعالى ورسوله عليه السلام وارتكبوا ما هو أقبح من الكذب فيما ذكر، ومقصود الزمخشري تأييد ما يزعمه هو وقومه من قاعدة التحسين والتقبيح بالعقل وافقة قوم صالح عليها ولا يكاد يتم له ذلك.