فصل: تفسير الآية رقم (58):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»



.تفسير الآية رقم (58):

{وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58)}
{والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} أي لننزلنهم على وجه الإقامة، وجملة القسم وجوابه خبر المبتدأ أعني {يَتَذَكَّرُونَ الذين} ورد به وبأمثاله على ثعلب المانع من وقوع جملة القسم والمقسم عليه خبرًا للمبتدأ، وقوله تعالى: {مّنَ الجنة غُرَفًَا} أي علالي وقصورًا جليلة لا قصور فيها، وهي على ما روي عن ابن عباس من الدر والزبرجد والياقوت، مفعول ثان للتبوئة.
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه. وعبد الله. والربيع بن خيثم. وابن وثاب. وطلحة. وزيد بن علي. وحمزة. والكسائي {لنثوينهم} بالثاء المثلثة الساكنة بعد النون وإبدال الهمزة ياء من الثواء عنى الإقامة فانتصاب {الجنة غُرَفًَا} حينئذٍ إما بإجرائه مجرى لننزلنهم فهو مفعول به له أو بنزع الخافض على أن أصله بغرف فلما حذف الجار انتصب أو على أنه ظرف والظرف المكاني إذا كان محدودًا كالدار والغرفة لا يجوز نصبه على الظرفية إلا أنه أجرى هنا مجرى المبهم توسعًا كما في قوله تعالى: {لاقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك المستقيم} [الأعراف: 16] على ما فصل في النحو.
وروي عن ابن عامر أنه قرأ {غُرَفًَا} بضم الراء {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار} صفة لغرفًا {خالدين فِيهَا} أي في الغرف، وقيل: في الجنة {نِعْمَ أَجْرُ العاملين} أي الأعمال الصالحة والمخصوص بالمدح محذوف ثقة بدلالة ما قبله عليه أي نعم أجري العاملين الغرف أو أجرهم، ويجوز كون التمييز محذوفًا أي نعم أجرًا أجر العاملين. وقرأ ابن وثاب {فَنِعْمَ} بفاء الترتيب.

.تفسير الآية رقم (59):

{الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59)}
{الذين صَبَرُواْ} صفة للعاملين أو خبر مبتدأ محذوف أو نصب على المدح أي صبروا على أذية المشركين وشدائد المهاجرة وغير ذلك من المحن والمشاق {وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أي ولم يتوكلوا فيما يأتون ويذرون إلا على الله تعالى.

.تفسير الآية رقم (60):

{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)}
{وَكَأَيّن مّن دَابَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ} لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المؤمنين الذين كانوا كة بالمهاجرة إلى المدينة قالوا: كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة؟ فنزلت، أي وكم من دابة لا تطيق حمل رزقها لضعفها أو لا تدخره وإنما تصبح ولا معيشة عندها. عن ابن عيينة ليس شيء يخبأ إلا الإنسان والنملة والفأرة، وعن ابن عباس لا يدخر إلا الآدمي والنمل والفأرة والعقعق ويقال: للعقعق مخابي إلا أنه ينساها، وعن بعضهم رأيت البلبل يحتكر في حضنيه والظاهر عدم صحته، وذكر لي بعضهم أن أغلب الكوامن من الطير يدخر والله تعالى أعلم بصحته.
{الله يَرْزُقُهَا وإياكم} ثم إنها مع ضعفها وتوكلها وإياكم مع قوتكم واجتهادكم سواء في أنه لا يرزقها وإياكم إلا الله تعالى لأن رزق الكل بأسباب هو عز وجل المسبب لها وحده فلا تخافوا على معاشكم بالمهاجرة ولما كان المراد إزالة ما في أوهامهم من الهجرة على أبلغ وجه قيل: {يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} دون يرزقكم وإياها {وَهُوَ السميع} البالغ في السمع فيسمع قولكم هذا {العليم} البالغ في العلم فيعلم ما انطوت عليه ضمائركم.

.تفسير الآية رقم (61):

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61)}
{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ} أي أهل مكة {مِنْ خلاق السموات والأرض وَسَخَّرَ الشمس والقمر لَيَقُولُنَّ الله} إذ لا سبيل لهم إلى إنكاره ولا التردد فيه، والاسم الجليل مرفوع على الابتداء والخبر محذوف لدلالة السؤال عليه أو على الفاعلية لفعل محذوف لذلك أيضًا {فأنى يُؤْفَكُونَ} إنكار واستبعاد من جهته تعالى لتركهم العمل وجبه، والفاء للترتيب أو واقعة في جواب شرط مقدر أي إذا كان الأمر كذلك فكيف يصرفون عن الإقرار بتفرده عز وجل في الألوهية مع إقرارهم بتفرده سبحانه فيما ذكر من الخلق والتسخير.
وقدر بعضهم الشرط فإن صرفهم الهوى والشيطان لمكان بناء {يُؤْفَكُونَ} للمفعول، ولعل ما ذكرناه أولى.

.تفسير الآية رقم (62):

{اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62)}
{الله يَبْسُطُ يَهَبُ لِمَن يَشَاء} أن يبسطه له لا غيره {مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} أي يضيق عليه، والضمير عائد على {مَن يَشَآء} الذي يبسط له الرزق أي عائد عليه مع ملاحظة متعلقه فيكون المعنى أنه تعالى شأنه يوسع على شخص واحد رزقه تارة ويضيقه عليه أخرى، والواو لمطلق الجمع فقد يتقدم التضييق على التوسيع أو عائد على {مَن يَشَآء} بقطع النظر عن متعلقه فالمراد من يشاء آخر غير المذكور فهو نظير عندي درهم ونصفه أي نصف درهم آخر، وهذا قريب من الاستخدام، فالمعنى أنه تعالى شأنه يوسع على بعض الناس ويضيق على بعض آخر، وقرأ علقمة {وَيَقْدِرُ} بضم الياء وفتح القاف وشد الدال {أَنَّ الله بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ} فيعلم أن كلًا من البسط والقدر في أي وقت يوافق الحكمة والمصلحة فيفعل كلًا منهما في وقته أو فيعلم من يليق ببسط الرزق فيبسطه له ومن يليق بقدره له فيقدر له، وهذه الآية أعني قوله تعالى: {الله يَبْسُطُ} إلخ تكميل لمعنى قوله سبحانه: {الله يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} [العنكبوت: 60] لأن الأول كلام في المرزوق وعمومه وهذا كلام في الرزق وبسطه وقتره، وقوله سبحانه: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ} إلخ معترض لتوكيد معنى الآيتين وتعريض بأن الذين اعتمدتم عليهم في الرزق مقرون قدرتنا وبقوتنا كقوله تعالى: {إِنَّ الله هُوَ الرزاق ذُو القوة المتين} [الذاريات: 58] قاله العلامة الطيبي.
وقال صاحب الكشف قدس سره: اعترض ليفيد أن الخالق هو الرزاق وأن من أفاض ابتداء وأوجد أولى أن يقدر على الإبقاء وأكد به ما ضمن في قوله عز وجل: {وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 99].

.تفسير الآية رقم (63):

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63)}
{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ السماء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأرض مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ الله} معترفين بأنه عز وجل الموجد للمكنات بأسرها أصولها وفروعها ثم إنهم يشركون به سبحانه بعض مخلوقاته الذي لا يكاد يتوهم منه القدرة على شيء ما أصلًا {قُلِ الحمد لِلَّهِ} على إظهار الحجة واعترافهم بما يلزمهم، وقيل: حمده عليه الصلاة والسلام على العصمة مما هم عليه من الضلال حيث أشركوا مع اعترافهم بأن أصول النعم وفروعها منه جل جلاله فيكون كالحمد عند رؤية المبتلي، وقيل: يجوز أن يكون حمدًا على هذا وذاك {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} ما يقولون وما فيه من الدلالة على بطلان الشرك وصحة التوحيد أو لا يعقلون شيئًا من الأشياء فلذلك لا يعملون قتضى قولهم هذا فيشركون به سبحانه أخس مخلوقاته، قيل: إضراب عن جهلهم الخاص في الإتيان بما هو حجة عليهم إلى أن ذلك لأنهم مسلوبو العقول فلا يبعد عنهم مثله، وقوله تعالى: {قُلِ الحمد لِلَّهِ} معترض وجعله الزمخشري في سورة لقمان إلزامًا وتقريرًا لاستحقاقه تعالى العبادة، وقيل: {لاَ يَعْقِلُونَ} ما تريد بتحميدك عند مقالهم ذلك، ولم يرتضه بعض المحققين لخفائه وقلة جدواه وتكلف توجيه الإضراب فيه.

.تفسير الآية رقم (64):

{وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)}
{وَمَا هذه الحياة الدنيا} إشارة تحقير وكيف لا والدنيا لا تزن عند الله تعالى جناح بعوضة، فقد أخرج الترمذي عن سهل بن سعد قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كانت الدنيا تعدل عند الله تعالى جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء».
وقال بعض العارفين: الدنيا أحقر من ذراع خنزير ميت بال عليها كلب بيد مجذوم، ويعلم مما ذكر حقارة ما فيها من الحياة بالطريق الأولى {إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ} أي إلا كما يلهو ويلعب به الصبيان يجتمعون عليه ويبتهجون به ساعة ثم يتفرقون عنه، وهذا من التشبيه البليغ {وَإِنَّ الدار الاخرة لَهِىَ الحيوان} أي لهي دار الحياة الحقيقية إذ لا يعرض الموت والفناء لمن فيها أو هي ذاتها حياة للمبالغة، و{الحيوان} مصدر حي سمي به ذو الحياة في غير هذا المحل، وأصله حييان فقلبت الياء الثانية واوًا على خلاف القياس فلامه ياء وإلى ذلك ذهب سيبويه.
وقيل: إن لامه واو نظرًا إلى ظاهر الكلمة وإلى حياة علم رجل، ولا حجة على كونه ياءً في حي لأن الواو في مثله تبدل ياء لكسر ماقبلها نحو شقي من الشقوة، وهو أبلغ من الحياة لما في بناء فعلان من معنى الحركة والاضطراب اللازم للحياة ولذلك اختير عليها في هذا المقام المقتضي للمبالغة وقد علمتها في وصف الحياة الدنيا المقابلة للدار الآخرة {لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} شرط جوابه محذوف أي لو كانوا يعلمون لما آثروا عليها الدنيا التي أصلها عدم الحياة، ثم ما يحدث فيها من الحياة فيها عارضة سريعة الزوال وشيكة الاضمحلال وكون {لَوْ} للتمني بعيد.

.تفسير الآية رقم (65):

{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)}
{فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الفلك} متصل بما دل عليه شرح حالهم، والركوب الاستعلاء على الشيء المتحرك وهو متعد بنفسه كما في {لِتَرْكَبُوهَا} واستعماله هاهنا وفي أمثاله نفي للإيذان بأن المركوب في نفسه من قبيل الأمكنة وحركته قسرية غير إرادية، والفاء للتعقب وفي الكلام معنى الغاية فكأنه قيل: هم مصروفون عن توحيد الله تعالى مع إقرارهم بما يقتضيه لاهون بما هو سريع الزوال ذاهلون عن الحياة الأبدية حتى إذا ركبوا في الفلك ولقوا الشدائد {دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} أي كائنين في صورة من أخلص دينه وملته أو طاعته من المؤمنين حيث لا يذكرون إلا الله تعالى ولا يدعون سواه سبحانه لعلمهم بأنه لا يكشف الشدائد إلا هو عز وجل، وفيه تهكم به سواء أريد بالدين الملة أو الطاعة أما على الأول فظاهر، وأما على الثاني فلأنهم لا يستمرون على هذه الحال فهي قبيحة باعتبار المآل {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} أي فاجؤوا المعاودة إلى الشرك ولم يتأخروا عنها.

.تفسير الآية رقم (66):

{لِيَكْفُرُوا بما آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66)}
{لِيَكْفُرُواْ بما ءاتيناهم وَلِيَتَمَتَّعُواْ} الظاهر أن اللام في الموضعين لام كي أي يشركون ليكونوا كافرين بما آتيناهم من نعمة النجاة بسبب شركهم وليتمتعوا باجتماعهم على عبادة الأصنام وتوادهم عليها فالشرك سبب لهذا الكفران، وأدخلت لام كي على مسببه لجعله كالغرض لهم منه فهي لام العاقبة في الحقيقة، وقيل: اللام فيهما لام الأمر والأمر بالكفران والتمتع مجاز في التخلية والخذلان والتهديد كما تقول عند الغضب على من يخالفك: افعل ما شئت، ويؤيده قراءة ابن كثير. والأعمش. وحمزة. والكسائي {وَلِيَتَمَتَّعُواْ} بسكون اللام فإن لام كي لا تسكن، وإذا كانت الثانية لذلك لام الأمر فالأولى مثلها ليتضح العطف، وتخالفهما محوج إلى التكلف بأن يكون المراد كما قال أبو حيان عطف كلام على كلام لا عطف فعل على فعل، وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} أي عاقبة ذلك حين يعاقبون عليه يوم القيامة مؤيد للتهديد.

.تفسير الآية رقم (67):

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67)}
{أَوَلَمْ يَرَوْاْ} ألم ينظروا ولم يشاهدوا {إِنَّا جَعَلْنَا} أي بلدهم {حَرَمًا} مكانًا حرم فيه كثير مما ليس حرم في غيره من المواضع {ءامَنَّا} أهله عما يسوءهم من السبي والقتل على أن أمنه كناية عن أمن أهله أو على أن الإسناد مجازي أو على أن في الكلام مضافًا مقدرًا، وتخصيص أهل مكة وأن أمن كل من فيه حتى الطيور والوحوش لأن المقصود الامتنان عليهم ولأن ذلك مستمر في حقهم. وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن أهل مكة قالوا: يا محمد ما يمنعنا أن ندخل في دينك إلا مخافة أن يتخطفنا الناس لقلتنا والعرب أكثر منا فمتى بلغهم أنا قد دخلنا في دينك اختطفنا فكلنا أكلة رأس فأنزل الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا ءامِنًا} {وَيُتَخَطَّفُ الناس مِنْ حَوْلِهِمْ} يختلسون من حولهم قتلًا وسبيًا إذ كانت العرب حوله في تغاور وتناهب، والظاهر أن الجملة حالية بتقدير مبتدأ أي وهم يتخطف إلخ {أفبالباطل يُؤْمِنُونَ} أن أبعد ظهور الحق الذي لا ريب فيه أو أبعد هذه النعمة المكشوفة وغيرها بالصنم، وقيل: بالشيطان يؤمنون {وَبِنِعْمَةِ الله يَكْفُرُونَ} وهي المستوجبة للشكر حيث يشركون به تعالى غيره سبحانه، وتقديم الصلة في الموضعين للاهتمام بها لأنها مصب الإنكار أو للاختصاص على طريق المبالغة لأن الإيمان إذا لم يكن خاصًا لا يعتد به ولأن كفران غير نعمته عز وجل بجنب كفرانها لا يعد كفرانًا.
وقرأ السلمي. والحسن {تُؤْمِنُونَ وَتَكْفُرُونَ} بتاء الخطاب فيهما.