فصل: شعر حسَّان في شجاعة عمرة الحارثية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» **


 شعر حسَّان في شجاعة عمرة الحارثية

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال حسَّان بن ثابت في شأن عمرة بنت علقمة الحارثية ورفعها اللواء ‏‏:‏‏

إذا عضل سيقت إلينا كأنها * جداية شرك معلمات الحواجب

أقمنا لهم طعنا مبيرا منكلا * وحزناهم بالضرب من كل جانب ‏

فلولا لواء الحارثية أصبحوا * يباعون في الأسواق بيع الجلائب

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وهذه الأبيات في أبيات له ‏‏.‏‏

 ما أصاب الرسول يوم أحد

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وانكشف المسلمون ، فأصاب فيهم العدو ، وكان يوم بلاء وتمحيص ، أكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة ، حتى خلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدُثّ بالحجارة حتى وقع لشقه ، فأصيبت رباعيته ، وشج في وجهه ، وكلمت شفته ، وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقاص ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحدثني حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال ‏‏:‏‏

كسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، وشج في وجهه ، فجعل الدم يسيل على وجهه ، وجعل يمسح الدم وهو يقول ‏‏:‏‏ ‏‏"‏‏ كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم ، وهو يدعوهم إلى ربهم ، فأنزل الله عز وجل في ذلك ‏‏:‏‏ ‏‏"‏‏ ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ‏‏"‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وذكر ربيح بن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ‏‏:‏‏ أن عتبة بن أبي وقاص رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ، فكسر رباعيته اليمنى السفلى ، وجرح شفته السفلى ، وأن عبدالله بن شهاب الزهري شجه في جبهته ، وأن ابن قمئة جرح وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته ، ووقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون ، وهم لا يعلمون ؛ فأخذ علي بن أبي طالب بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورفعه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قائما ، ومص مالك بن سنان ، أبو أبي سعيد الخدري ، الدم عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ازدرده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ ‏‏"‏‏ من مس دمي دمه لم تصبه النار ‏‏"‏‏ ‏‏.‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وذكر عبدالعزيز بن محمد الدراوردي ‏‏:‏‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏‏:‏‏ من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشى على وجه الارض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله ‏‏.‏‏

وذكر ، يعني عبدالعزيز الدراوردي ، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة ، عن عيسى بن طلحة ، عن عائشة ، عن أبي بكر الصديق ‏‏:‏‏ أن أبا عبيدة بن الجراح نزع إحدى الحلقتين من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسقطت ثنيته ، ثم نزع الأخرى ، فسقطت ثنيته الأخرى ، فكان ساقط الثنيتين ‏‏.‏‏

 شعر حسان في عتبة وما أصاب به الرسول

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال حسَّان بن ثابت لعتبة بن أبي وقاص ‏‏:‏‏

إذا الله جازى معشرا بفعالهم * وضرهم الرحمن رب المشارق

فأخزاك ربي يا عتيب بن مالك * ولقَّاك قبل الموت إحدى الصواعق

بسطت يمينا للنبي تعمدا * فأدميت فاه قطعت بالبوارق

فهلا ذكرت الله والمنزل الذي * تصير اليه عند احدى البوائق

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ تركنا منها بيتين أقذع فيهما ‏‏.‏‏

 من شجاعة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غشية القوم ‏‏:‏‏ مَن رجل يشري لنا نفسه ‏‏؟‏‏ كما حدثني الحصين بن عبدالرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن محمود بن عمرو ، قال ‏‏:‏‏ فقام زياد بن السكن في نفر خمسة من الأنصار وبعض الناس يقول إنما هو عمارة بن يزيد بن السكن ، فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رجلا ثم رجلا ، يقتلون دونه ، حتى كان آخرهم زياد أو عمارة ، فقاتل حتى أثبتته الجراحة ، ثم فاءت فئة من المسلمين فأجهضوهم عنه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ ‏‏"‏‏ أدنوه مني ، فأدنوه منه ، فوسده قدمه ، فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏

 ما فعلته نسيبة بنت كعب

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وقاتلت أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية يوم أحد ‏‏.‏‏

فذكر سعيد بن أبي زيد الأنصاري ‏‏:‏‏ أن أم سعد بنت سعد بن الربيع كانت تقول ‏‏:‏‏ دخلت على أم عمارة ، فقلت لها ‏‏:‏‏ يا خالة ، أخبريني خبرك ، فقالت خرجت ‏‏:‏‏ أول النهار وأنا أنظر ما يصنع الناس ، ومعي سقاء فيه ماء ، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في أصحابه ، والدولة والريح للمسلمين ‏‏.‏‏

فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقمت أباشر القتال ، وأذب عنه بالسيف ، وأرمي عن القوس ، حتى خلصت الجراح إليّ ‏‏.‏‏

قالت ‏‏:‏‏ فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور ، فقلت ‏‏:‏‏ من أصابك بهذا ‏‏؟‏‏ قالت ابن قمئة ، أقمأه الله ‏‏!‏‏ لما ولى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل يقول ‏‏:‏‏ دلوني على محمد ، فلا نجوت إن نجا ، فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير ، وأناس ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضربني هذه الضربة ، ولكن فلقد ضربته على ذلك ضربات ، ولكن عدو الله كان عليه درعان ‏‏.‏‏

 شجاعة أبي دجانة وسعد بن أبي وقاص

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وترَّس دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو دجانة بنفسه ، يقع النبل في ظهره ، وهو منحن عليه ، حتى كثر فيه النبل ، ورمي سعد بن أبي وقاص دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال سعد ‏‏:‏‏ فلقد رأيته يناولني النبل ، وهو يقول ‏‏:‏‏ ‏‏"‏‏ ارم فداك أبي وأمي ‏‏"‏‏ حتى إنه ليناولني السهم ما له نصل فيقول ‏‏:‏‏ ارم به ‏‏.‏‏

 شجاعة قتادة بن النعمان

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ‏‏:‏‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ رمى عن قوسه حتى اندقت سيتها ، فأخذها قتادة بن النعمان ، فكانت عنده ، وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان ، حتى وقعت على وجنته ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رسول الله صلى الله عيله وسلم ردها بيده ، فكانت أحسن عينيه وأحدَّهما ‏‏.‏‏

 ما فعله أنس بن النضر

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني القاسم بن عبدالرحمن بن رافع أخو بني عدي بن النجار ، قال ‏‏:‏‏ انتهى أنس ‏بن النضر ، عم أنس بن مالك ، إلى عمر بن الخطاب ، وطلحة بن عبيد الله ، في رجال من المهاجرين والأنصار ، وقد ألقوا بأيديهم ، فقال ‏‏:‏‏ ما يجلسكم ‏‏؟‏‏ قالوا ‏‏:‏‏ قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال ‏‏:‏‏ فماذا تصنعون بالحياة بعده ‏‏؟‏‏ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استقبل القوم ، فقاتل حتى قتل ، وبه سمى أنس بن مالك ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحدثني حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال ‏‏:‏‏ لقد وجدنا بأنس بن النضر يومئذ سبعين ضربة ، فما عرفه إلا أخته ، عرفته ببنانه ‏‏.‏‏

 جراحات عبدالرحمن بن عوف

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ حدثني بعض أهل العلم ‏‏:‏‏ أن عبدالرحمن بن عوف أصيب فوه يومئذ فهتم ، وجرح عشرين جراحة أو أكثر ، إصابة بعضها في رجله فعرج ‏‏.‏‏

 كعب بن مالك يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إشاعة مقتله

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة ، وقول الناس ‏‏:‏‏ قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما ذكر لي ابن شهاب الزهري كعب بن مالك ، قال ‏‏:‏‏ عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر ، فناديت بأعلى صوتي ‏‏:‏‏ يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأشار إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ أن أنصت ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فلما عرف المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضوا به ونهض معهم نحو الشعب ، معه أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وطلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، رضوان الله عليهم ‏‏.‏‏ والحارث بن الصمة ، ورهط من المسلمين ‏‏.‏‏ ‏

 مقتل أبي بن خلف

قال ‏‏:‏‏ فلما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب ادركة أبي بن خلف وهو يقول ‏‏:‏‏ أي محمد ، لانجوت إن نجوت ، فقال القوم ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، أيعطف عليه رجل منا ‏‏؟‏‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ دعوه ؛ فلما دنا تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة ، يقول بعض القوم فيما ذكر لي ‏‏:‏‏ فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه انتفض بها انتفاضة ، تطايرنا بها تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض بها - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ الشعراء ذباب له لدغ - ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مراراً ‏‏.‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ تدأدأ ، يقول ‏‏:‏‏ تقلب عن فرسه فجعل يتدحرج ‏‏.‏‏

 ما تحقق من وعده صلى الله عليه وسلم أبي بن خلف

قال إسحاق وكان أبيُّ بن خلف ، كما حدثني صالح بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف ، يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فيقول ‏‏:‏‏ يا محمد إن عندي العوذ ، فرسا أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليه ؛ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ بل أنا أقتلك إن شاء الله ‏‏.‏‏ فلما رجع إلى قريش وقد خدشة في عنقه خدشا غير كبير ، فاحتقن الدم ، قال ‏‏:‏‏ قتلني والله محمد ‏‏!‏‏ قالوا له ‏‏:‏‏ ذهب والله فؤادك ‏‏!‏‏ والله إنْ بك من بأس ؛ قال ‏‏:‏‏ إنه قد كان قال لي بمكة ‏‏:‏‏ أنا أقتلك ‏‏.‏‏ فوالله لو بصق عليَّ لقتلني ‏‏.‏‏ فمات عدو الله بسرف وهم قافلون به إلى مكة ‏‏.‏‏

 ما قاله حسَّان في مقتل أبي بن خلف

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فقال حسَّان بن ثابت في ذلك ‏‏:‏‏

لقد ورث الضلالة عن أبيه * أُبي يوم بارزه الرسول

أتيت إليه تحمل رم عظم * وتوعده وأنت به جهول

وقد قتلت بنو النجار منكم * أمية إذ يغوث يا عقيل

وتبّ ابنا ربيعة إذ أطاعا * أبا جهل لأمهما الهبول

وأفلت حارث لما شغلنا * بأسر القوم أسرته فليل

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أسرته ‏‏:‏‏ قبيلته ‏‏.‏‏

وقال حسَّان بن ثابت أيضاً في ذلك ‏‏:‏‏

ألا من مبلغ عني أبيا * لقد ألقيت في سحق السعير

تمنى بالضلالة من بعيد * وتقسم أن قدرت مع النذور

تمنيك الأماني من بعيد * وقول الكفر يرجع في غرور

فقد لاقتك طعنة ذي حفاظ * كريم البيت ليس بذي فجور

له فضل على الأحياء طرا * إذا نابت ملمات الأمور

 انتهاء الرسول إلى فم الشعب

قال ‏‏:‏‏ فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فم الشعب خرج علي بن أبي طالب ، حتى ملأ درقته ماء من المهراس ، فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشرب منه ، فوجد له ريحا ، فعافه فلم يشرب منه ، وغسل عن وجهه الدم ، وصب على رأسه وهو يقول ‏‏:‏‏ اشتد غضب الله على من دمَّى وجه نبيه ‏‏.‏‏

 سعد بن أبي وقاص يحرص على قتل عتبة

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحدثني صالح بن كيسان عمن حدثه عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يقول ‏‏:‏‏ والله ما حرصت على قتل رجل قط كحرصي حرصت على قتل ‏عتبة بن أبي وقاص ‏‏.‏‏ وإن كان ما علمت لسيء الخلق مبغضاً فيه قومه ، ولقد كفاني منه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ اشتد غضب الله علي من دمَّى وجه رسوله‏‏.‏‏

 عمر يصعد إلى قريش الجبل ويقاتلهم

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعب ، معه أولئك النفر من أصحابه ، إذ علت عالية من قريش الجبل ‏‏.‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ كان على تلك الخيل خالد بن الوليد ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا ‏‏!‏‏ فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل ‏‏.‏‏

 معاونة طلحة الرسول

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صخرة من الجبل ليعلوها ، وقد كان بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وظاهر بين درعين ، فلما ذهب لينهض صلى الله عليه وسلم لم يستطع ، فجلس تحته طلحة بن عبيد الله ، فنهض به ، حتى استوى عليها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما حدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عبدالله بن الزبير ، عن الزبير ، قال ‏‏:‏‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يقول ‏‏:‏‏ أوجب طلحة حين صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع ‏‏.‏‏

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وبلغني عن عكرمة عن ابن عباس ‏‏:‏‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الدرجة المبنية في الشعب ‏‏.‏‏ ‏

 صلاة الرسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا

قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وذكر عمر مولى غفرة ‏‏:‏‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم أحد قاعدا من الجراح التي أصابته ، وصلى المسلمون خلفه قعودا ‏‏.‏‏

 مقتل اليمان وابن وقش

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقد كان الناس انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى بعضهم المنقَّى ، دون الأعوص ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد ، قال ‏‏:‏‏ لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد ، رفع حسيل بن جابر ، وهو اليمان أبو حذيفة بن اليمان ، وثابت بن وقش في الآطام مع النساء والصبيان ، فقال أحدهما لصاحبه ‏‏.‏‏ وهما شيخان كبيران ‏‏:‏‏ ما أبا لك ، ما تنتظر ‏‏؟‏‏ فوالله لا بقي لواحد منا من عمره إلا ظمء حمار ، إنما نحن هامة اليوم أو غد ، أفلا نأخذ أسيافنا ، ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، لعل الله يرزقنا شهادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذا أسيافهما ثم خرجا ، حتى دخلا في الناس ، ولم يعلم بهما ، فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون ، وأما حسيل بن جابر ، فاختلفت عليه أسياف المسلمين ، فقتلوه ولا يعرفونه ، فقال حذيفة ‏‏:‏‏ أبى ؛ فقالوا ‏‏:‏‏ والله إن عرفناه ، وصدقوا ‏‏.‏‏

قال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه ؛ فتصدق حذيفة بديته على المسلمين ؛ فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ‏‏.‏‏

 مقتل حاطب و مقالة أبيه

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ‏‏:‏‏ أن رجلا منهم كان يدعى حاطب بن أمية بن رافع ، وكان له ابن يقال له ‏‏:‏‏ ‏يزيد بن حاطب ، أصابته جراحة يوم أحد ، فأتي به إلى دار قومه وهو بالموت ، فاجتمع إليه أهل الدار ، فجعل المسلمون يقولون له من الرجال والنساء ‏‏:‏‏ أبشر يابن حاطب بالجنة ؛ قال ‏‏:‏‏ وكان حاطب شيخا قد عسا في الجاهلية ، فنجم يومئذ نفاقه ، فقال ‏‏:‏‏ بأي شيء تبشرونه ‏‏؟‏‏ بجنة من حرمل ‏‏!‏‏ غررتم والله هذا الغلام من نفسه ‏‏.‏‏

 مقتل قزمان منافقا كما حدث الرسول

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، قال ‏‏:‏‏ كان فينا رجل أتيّ لا يُدرى ممن هو ، يقال له ‏‏:‏‏ قزمان ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، إذا ذكر له ‏‏:‏‏ إنه لمن أهل النار ، قال ‏‏:‏‏ فلما كان يوم أحد قاتل قتالا شديدا ، فقتل وحده ثمانية أو سبعة من المشركين ، وكان ذا بأس ، فأثبتته الجراحة ، فاحتمل إلى دار بني ظفر ، قال ‏‏:‏‏ فجعل رجال من المسلمين يقولون له ‏‏:‏‏ والله لقد أبليت اليوم يا قزمان ، فأبشر ، قال ‏‏:‏‏ بماذا أبشر ‏‏؟‏‏ فوالله إن قاتلت إلا عن أحساب قومي ، ولولا ذلك ما قاتلت ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فلما اشتدت عليه جراحته أخذ سهما من كنانته ، فقتل به نفسه ‏‏.‏‏