فصل: (360) بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الْقَرِّ وَهُوَ أَوَّلُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صحيح ابن خزيمة المسمى بـ «المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم» ***


‏(‏360‏)‏ بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الْقَرِّ وَهُوَ أَوَّلُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ‏.‏

2966- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا يَحْيَى، ثَنَا ثَوْرٌ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ‏.‏

‏(‏361‏)‏ بَابُ بَدْءِ رَمْيِ النَّبِيِّ الْجِمَارَ، وَالْعِلَّةِ الَّتِي رَمَاهَا بَدْءًا قَبْلَ عَوْدٍ‏.‏

2967- ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّرَامِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، ثَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ بِهِ لِيُرِيَهُ الْمَنَاسِكَ، فَانْفَرَجَ لَهُ ثَبِيرٌ فَدَخَلَ مِنًى فَأَرَاهُ الْجِمَارَ، ثُمَّ أَرَاهُ عَرَفَاتٍ، فَتَتَبَّعَ الشَّيْطَانُ لِنَبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ، ثُمَّ تَبِعَ لَهُ فِي الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ، ثُمَّ تَبِعَ لَهُ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى سَاخَ فَذَهَبَ‏.‏

‏(‏362‏)‏ بَابُ وَقْتِ رَمْيِ الْجِمَارِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ‏.‏

ثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ،؛ ح وَثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ إِدْرِيسَ،؛ ح وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، ثَنَا مُحَمَّدٌ- يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ- جَمِيعًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ‏:‏ كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَرْمِي يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَبَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ‏.‏

وَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ، الْأَشَجُّ‏:‏ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ‏.‏

2969- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا ابْنُ خُوَارٍ- يَعْنِي حُمَيْدًا الْكُوفِيَّ-، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ لَا أَرْمِي حَتَّى تُرْفَعَ الشَّمْسُ، إِنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَعِنْدَ الزَّوَالِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِنْ كَانَ ابْنُ خُوَارٍ حَفِظَ عَطَاءً مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ‏.‏

‏(‏363‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ رَمْيَ الْجِمَارِ إِنَّمَا أَرَادَ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ لَا لِلرَّمْيِ فَقَطْ‏.‏

2970- ثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ- وَهُوَ ابْنُ أَبِي زِيَادٍ-، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ‏.‏

‏(‏364‏)‏ بَابُ التَّكْبِيرِ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ يَرْمِي بِهَا رَامِي الْجِمَارِ، وَالْوُقُوفِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مَعَ تَطْوِيلِ الْقِيَامِ وَالتَّضَرُّعِ، وَتَرْكِ الْوُقُوفِ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بَعْدَ رَمْيِهَا أَيَّامَ مِنًى‏.‏

2971- ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ- وَهُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الظُّهْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَمَكَثَ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ يَرْمِي الْجَمْرَةَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، كُلُّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى وَعِنْدَ الثَّانِيَةِ فَيُطِيلُ الْقِيَامَ وَيَتَضَرَّعُ، ثُمَّ يَرْمِي الثَّالِثَةَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا‏.‏

‏(‏365‏)‏ بَابُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بَعْدَ رَمْيِهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بَعْدَ رَمْيِ الْأُولَى مِنْهَا أَمَامَهَا لَا خَلْفَهَا، وَلَا عَنْ يَمِينِهَا، وَلَا عَنْ شِمَالِهَا، وَالْوُقُوفِ عِنْدَ الثَّانِيَةِ ذَاتَ الْيَسَارِ مِمَّا يَلِي الْوَادِيَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِي الْوَقْفَيْنِ جَمِيعًا، وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْوَقْفَيْنِ جَمِيعًا‏.‏

2972- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ قَالَا ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَ أَمَامَهَا، فَوَقَفَ مُسْتَقْبِلُ الْبَيْتَ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، وَكَانَ يُطِيلُ الْوُقُوفَ، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْحَدِرُ ذَاتَ الْيَسَارِ مِمَّا يَلِي الْوَادِيَ، فَيَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا‏.‏

قَالَ الزُّهْرِيُّ‏:‏ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ‏.‏

قَالَ الْبِسْطَامِيُّ؛ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَقَالَ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ‏:‏ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا‏.‏ وَقَالَ‏:‏ يُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِيهِ، وَالْبَاقِي مِثْلُ لَفْظِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى سَوَاءً‏.‏

‏(‏366‏)‏ بَابُ خُطْبَةِ الْإِمَامِ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ‏.‏

2973- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ زِيَادِ بْنِ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، وَهَذَا حَدِيثُ بُنْدَارٍ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حِصْنٍ، حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي سَرَّاءُ بِنْتُ نَبْهَانَ وَكَانَتْ رَبَّةَ بَيْتٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَتْ‏:‏ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الرُّءُوسِ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا‏؟‏ ‏"‏ قُلْنَا‏:‏ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ‏.‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَلَيْسَ الْمَشْعَرُ الْحَرَامِ‏؟‏ ‏"‏ قُلْنَا‏:‏ بَلَى‏.‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا‏؟‏ ‏"‏ قُلْنَا‏:‏ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ‏.‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَلَيْسَ أَوْسَطُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ‏؟‏ ‏"‏ قُلْنَا‏:‏ بَلَى‏.‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ- زَادَ إِسْحَاقُ- وَأَعْرَاضَكُمْ، وَقَالَا‏:‏ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ‏"‏- زَادَ إِسْحَاقُ-‏:‏ ‏"‏ فَلْيُبَلِّغْ أَدْنَاكُمْ أَقْصَاكُمْ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ‏.‏

‏(‏367‏)‏ بَابُ ذِكْرِ تَعْلِيمِ الْإِمَامِ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ كَيْفَ يَنْفِرُونَ، وَكَيْفَ يَرْمُونَ، وَتَعْلِيمِهِمْ بَاقِي مَنَاسِكَهُمْ‏.‏

2974- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بِحَدِيثٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ قَرَأْتُ عَلَى أَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَجَعَ مِنْ عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ، فَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَرْجِ ثَوَّبَ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا اسْتَوَى لِيُكَبِّرَ سَمِعَ الرَّغْوَةَ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَوَقَفَ عَنِ التَّكْبِيرِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ‏:‏ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ قَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ يَنْفِرُونَ، وَكَيْفَ يَرْمُونَ فَعَلَّمَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ ‏"‏ بَرَاءَةَ ‏"‏ عَلَى النَّاسِ حَتَّى خَتَمَهَا‏.‏

‏(‏368‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ لِلرِّعَاءِ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ بِاللَّيْلِ‏.‏

2975- ثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي بَدَّاحٍ، عَنْ أَبِيهِ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا بِاللَّيْلِ وَأَنْ يَجْمَعُوا الرَّمْيَ‏.‏

‏(‏369‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ لِلرُّعَاةِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمًا وَيَدَعُوا يَوْمًا‏.‏

2976- ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلرُّعَاةِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمًا وَيَدَعُوا يَوْمًا‏.‏

2977- ثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ، عَنْ أَبِيهِ، بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، ثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلرُّعَاةِ أَنْ يَرْمُوا الْجِمَارَ يَوْمًا، وَيَرْعَوْا يَوْمًا‏.‏

‏(‏370‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ فِي تَرْكِ رَمْيِ الْجِمَارِ يَوْمًا، وَيَرْعُوا يَوْمًا فِي يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، الْيَوْمِ الْأَوَّلِ يَرْعُوا فِيهِ، وَيَرْمُوا يَوْمَ الثَّانِي، ثُمَّ يَرْمُوا يَوْمَ النَّفْرِ، لَا أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمْ فِي تَرْكِ رَمْيِ الْجِمَارِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَا يَوْمَ النَّفْرِ الْآخَرِ، وَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَجْمَعُونَ بَيْنَ رَمْيِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالْيَوْمِ الثَّانِي فَيَرْمُونَهَا فِي أَحَدِ الْيَوْمَيْنِ، إِمَّا يَوْمُ الْأَوَّلِ وَإِمَّا يَوْمُ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ‏.‏

2979- ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ابْنَ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِرُعَاةِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدَ أَوْ مِنْ بَعْدِ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفَرَةِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ أَبُو الْبَدَّاحِ هُوَ ابْنُ عَاصِمِ بْنُ عَدِيٍّ، وَمَنْ قَالَ عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَدِيٍّ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ، وَعَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ هَذَا هُوَ الْعَجْلَانِيُّ صَاحِبُ قِصَّةِ اللِّعَانِ الْمَذْكُورُ فِي خَبَرِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ‏.‏

‏(‏371‏)‏ بَابُ وَقْتِ النَّفْرِ مِنْ مِنًى آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ‏.‏

2980- أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ السُّلَمِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُونِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ دِعَامَةَ، أَخْبَرَهُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَرَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الْبَيْتِ، فَطَافَ بِهِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ بَصْرِيٌ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ قَرَأَ عَلَيَّ أَبُو مُوسَى هَذَا، قَالَ‏:‏ كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ‏.‏

‏(‏372‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ اسْتِنَانًا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

2981- ثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ بِمِنًى‏:‏ ‏"‏ نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا الْخَيْفَ بَنِي كِنَانَةَ ‏"‏، قَالَ لَنَا بُنْدَارٌ حِينَ تَقَاسَمُوا‏:‏ وَإِنَّمَا هُوَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ تَحَالَفُوا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ، وَلَا يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسَلِّمُوا إِلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُحَصَّبَ‏.‏

ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا ثَنَا بِشْرُ بْنُ بُكَيْرٍ، ثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِمِثْلِهِ‏.‏

ثَنَا الرَّبِيعُ ثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنِي الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ قَالُوا‏:‏ أَنْ لَا تُنَاكِحُوهُمْ، وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ شَيْءٌ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قَالَ الرَّبِيعُ وَيُونُسُ‏:‏ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ‏.‏

وَقَالَ بَحْرٌ‏:‏ حِينَ أَقْسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ‏.‏

‏(‏373‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ أَعْلَمَهُمْ وَهُوَ بِمِنًى أَنْ يَنْزِلَ بِالْأَبْطَحِ‏.‏

2983- وَأَنَّ أَبَا رَافِعٍ أَرَادَ بِقَوْلِهِ‏:‏ أَنَا ضَرَبْتُ قُبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَأْمُرْنِي، فَجَاءَ فَنَزَلَ أَيْ وَلَمْ يَأْمُرْنِي بِضَرْبِ الْقُبَّةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، لَا أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ الْأَبْطَحَ لِعِلَّةِ ضَرْبِ الْقُبَّةِ‏.‏

2984- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْرَ الْأَيْلِيُّ أَنَّ سَلَامَةَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَنْفِرَ مِنْ مِنًى‏:‏ ‏"‏ نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ ‏"‏، يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُحَصَّبَ‏.‏ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ سَوَاءً‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ سُؤَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ يَنْزِلُ غَدًا فِي حَجَّتِهِ إِنَّمَا هُوَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَأَمَّا آخِرُ الْقِصَّةِ‏:‏ ‏"‏ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ ‏"‏، فَهُوَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ، وَمَعْمَرٌ فِيمَا أَحْسِبُ وَاهِمًا فِي جَمْعِهِ الْقِصَّتَيْنِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ عِلَّةَ هَذَا الْخَبَرِ فِي كِتَابِ ‏"‏ الْكَبِيرِ

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ‏:‏ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا- وَذَلِكَ فِي حَجَّتِهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا‏؟‏ ‏"‏، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْكُفْرِ وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ حَالَفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ، وَلَا يُبَايِعُوهُمْ، وَلَا يُؤْوُوهُمْ

قَالَ مَعْمَرٌ‏:‏ قَالَ الزُّهْرِيُّ‏:‏ وَالْخَيْفُ الْوَادِي، قَالَ ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ الْمُسْلِمُ وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ

ثَنَا بِخَبَرِ ابْنِ رَافِعٍ الَّذِي ذَكَرْتُ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ عَبْدِ الْجَبَّارِ ثَنَا سُفْيَانُ، وَقَالَ نَصْرٌ‏:‏ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَقَالَ ابْنُ خَشْرَمٍ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ‏:‏ ضَرَبْتُ قُبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطَحِ، وَلَمْ يَأْمُرْنِي أَنْ أَنْزِلَ الْأَبْطَحَ، فَجَاءَ، فَنَزَلَ‏.‏ هَذَا حَدِيثُ نَصْرٍ‏.‏

وَقَالَ عَلِيٌّ‏:‏ قَالَ أَبُو رَافِعٍ‏:‏ لَمْ يَأْمُرْنِي أَنْ أَنْزِلَ الْأَبْطَحَ، وَإِنَّمَا جِئْتُ فَضَرَبْتُ قُبَّتَهُ، فَجَاءَ فَنَزَلَ، وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ لَمْ يَأْمُرْنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَضْرِبَ قُبَّتَهُ، إِنَّمَا ضَرَبْتُ قُبَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطَحِ، فَنَزَلَ‏.‏ وَزَادَ عَبْدُ الْجَبَّارِ قَالَ‏:‏ وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ عَلَى ثِقَلٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلُهُ حِينَ جَاءَ مِنَ الْمَدِينَةِ بِأَعْلَى مَكَّةَ قَالَ أَبُو رَافِعٍ‏:‏ فَجِئْتُ فَضَرَبْتُ قُبَّتَهُ، فَجَاءَ فَنَزَلَ‏.‏

‏(‏374‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا نَزَلَ بِالْأَبْطَحِ لِيَكُونَ أَسْمَعَ لِخُرُوجِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَعْلَمَهُمْ وَهُوَ بِمِنًى أَنَّهُ نَازِلٌ بِهِ مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ نُزُولَهُ لَيْسَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ الَّذِي يَكُونُ تَارِكُهُ عَاصِيًا، أَوْ يُوجِبُ تَرْكُ نُزُولِهِ هَدْيًا‏.‏

2987- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا يَحْيَى، ثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ إِنَّمَا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَصَّبَ لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ، فَمَنْ شَاءَ نَزَلَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ‏.‏

ثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ نُزُولُ الْمُحَصَّبِ لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ، إِنَّمَا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ قَوْلُهَا ‏"‏ لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ ‏"‏، تُرِيدُ لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى النَّاسِ الِائْتِمَامُ بِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ كُلُّ مَا فَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ الْمُبَاحِ فَقَدْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السُّنَّةِ أَيْ أَنَّ لِلنَّاسِ الِاسْتِنَانَ بِهِ إِذْ هُوَ مُبَاحٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ الْفِعْلَ‏.‏

‏(‏375‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ قَدْ يُنْفَى عَنِ الشَّيْءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مُبَاحًا‏.‏

2989- ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرُونَ، ثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَيْسَ الْمُحَصَّبُ بِشَيْءٍ، إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ لَيْسَ الْمُحَصَّبُ بِشَيْءٍ أَرَادَ لَيْسَ بِشَيْءٍ يَجِبُ عَلَى النَّاسِ نُزُولُهُ، فَنَفَى اسْمَ الشَّيْءِ عَنْهُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي تَرْجَمْتُ الْبَابَ إِذِ الْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ نُزُولَ الْمُحَصَّبِ فِعْلٌ، وَاسْمُ الشَّيْءِ وَاقِعٌ عَلَى الْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مُبَاحًا لَا وَاجِبًا‏.‏

‏(‏376‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَاجِبًا إِذِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ الَّذِينَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَضِّ بِالنَّوَاجِذِ عَلَى سُنَّتِهِ وَسُنَّتِهِمْ قَدِ اقْتَدَوْا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنُّزُولِ بِهِ‏.‏

2990- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ قَالُوا‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَنْزِلُونَ الْأَبْطَحَ‏.‏

وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ قَالُوا ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ‏.‏

‏(‏377‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ بِالْمُحَصَّبِ إِذَا نَزَلَهُ الْمَرْءُ

2992- قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ خَبَرُ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَنَسٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ، قَدْ أَمْلَيْتُهُ قَبْلُ‏.‏

وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ الْبَطْحَاءَ عَشِيَّةَ النَّفَرِ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا يَفْعَلَانِهِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ حَتَّى هَلَكَ فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ‏.‏

ثَنَا الصَّنْعَانِيُّ، ثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ‏.‏

ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالْأَبْطَحِ صَلَاةَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ‏.‏

وَخَبَرُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ‏.‏

‏(‏378‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَرَ الصَّلَاةَ بِالْأَبْطَحِ بَعْدَمَا نَفَرَ مِنْ مِنًى، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ يَحْكِي لَنَا عَنْهُ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا أَنَّ الْحَاجَّ إِذَا قَفَلَ رَاجِعًا إِلَى بَلَدِهِ عَلَيْهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ‏.‏

2995- ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثَنَا وَكِيعٌ، ثَنَا سُفْيَانُ، ثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطَحِ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ، قَالَ‏:‏ فَخَرَجَ بِلَالٌ بِفَضْلِ وَضُوئِهِ، فَبَيْنَ نَاضِحٍ وَنَائِلٍ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ فَكُنْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي يَمِينًا وَشِمَالًا قَالَ‏:‏ ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ لَهُ حَمْرَاءُ أَوْ حُلَّةٌ لَهُ حَمْرَاءُ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَرِيقِ سَاقَيْهِ فَصَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ تَمُرُّ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ، وَرَاهَا لَا يَمْنَعُ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ خَرَّجْتُ طُرُقَ خَبَرِ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ‏.‏

ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ‏:‏ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَ يُصَلِّي بِنَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ‏:‏ قُلْتُ لَهُ‏:‏ هَلْ أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا‏.‏

‏(‏379‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ الْإِدْلَاجِ بِالِارْتِحَالِ مِنَ الْحَصْبَةِ، اقْتِدَاءً بِفِعْلِ الْمُصْطَفَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-‏.‏

2997- ثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ ثَنَا زِيَادُ- يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ-، ثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ‏:‏ قَالَ الْأَسْوَدُ قَالَتْ عَائِشَةُ‏:‏ لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدْلِجًا مِنَ الْأَبْطَحِ وَهُوَ يَصْعَدُ وَأَنَا أَنْزِلُ أَوْ يَنْزِلُ وَأَنَا أَصْعَدُ‏.‏

ثَنَا بُنْدَارٌ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ- يَعْنِي الْحَنَفِيَّ-، ثَنَا أَفْلَحٌ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ‏:‏ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَقَالَ فِي الْخَبَرِ فَأَذِنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ- يَعْنِي مِنَ الْمُحَصَّبِ- فَارْتَحَلَ النَّاسُ فَمَرَّ بِالْبَيْتِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَطَافَ بِهِ ثُمَّ خَرَجَ، فَرَكِبَ، ثُمَّ انْصَرَفَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ‏.‏

‏(‏380‏)‏ بَابُ الْأَمْرِ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ بِلَفْظٍ عَامٍّ مُرَادُهُ خَاصٌّ

2999- ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ أُمِرَ النَّاسَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ‏.‏

ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ كُلَّ وَجْهٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَا يَنْفِرْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ‏.‏

‏(‏380‏)‏ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَةَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَفْظٌ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ وَالدَّلِيلُ ‏[‏عَلَى‏]‏ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏ لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ ‏"‏، خَلَا الْحَيِضَ، بِذِكْرِ لَفْظَةٍ عَامٌّ مُرَادُهَا خَاصٌّ فِي ذِكْرِ الْحَيْضِ‏.‏

3001- ثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ مَنْ حَجَّ فَلْيَكُنْ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ إِلَّا الْحُيَّضَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لَهُنَّ‏.‏

‏(‏382‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا رَخَّصَ لِلْحُيَّضِ فِي النَّفْرِ بِلَا وَدَاعٍ إِذَا كُنَّ قَدْ أَفَضْنَ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ حِضْنَ‏.‏

3002- ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَحَابِسَتُنَا هِيَ‏؟‏ ‏"‏ فَقُلْتُ‏:‏ إِنَّهَا حَاضَتْ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَلَا إِذًا، فَلْتَنْفِرْ‏.‏

‏(‏383‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ دُخُولِ الْكَعْبَةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ فِيهَا‏.‏

3003- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِيٍّ، ثَنَا مُحَمَّدُ- يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيَّ-، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِعَطَاءٍ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ‏:‏ إِنَّمَا أُمِرْتُمْ بِالطَّوَافِ، وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِدُخُولِهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لَمْ يَكُنْ يَنْهَى عَنْ دُخُولِهِ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ، يَقُولُ‏:‏ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، قُلْتُ‏:‏ نَوَاحِيهَا أَزْوَايَاهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَلْ فِي كُلِّ قِبْلَةٍ مِنَ الْبَيْتِ‏.‏

‏(‏384‏)‏ بَابُ وَضْعِ الْوَجْهِ وَالْجَبِينِ عَلَى مَا اسْتَقْبَلَ مِنَ الْكَعْبَةِ عِنْدَ دُخُولِهَا وَالذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ

3004- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، ثَنَا عَطَاءٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ‏:‏ أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَجَافَ الْبَابَ، وَالْبَيْتُ إِذْ ذَاكَ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ، فَمَضَى حَتَّى أَتَى الْأُسْطُوَانَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الْبَابَ بَابَ الْكَعْبَةِ، ‏[‏وَجَلَسَ‏]‏ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ وَاسْتَغْفَرَ، ثُمَّ قَامَ حَتَّى أَتَى مَا اسْتَقْبَلَ مِنْ دُبُرِ الْكَعْبَةِ، فَوَضَعَ وَجْهَهُ وَجَسَدَهُ عَلَى الْكَعْبَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى كُلِّ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْكَعْبَةِ فَاسْتَقْبَلَهُ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالْمَسْأَلَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا وَجْهَ الْكَعْبَةِ خَارِجًا مِنَ الْبَيْتِ، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ هَذِهِ الْقِبْلَةُ هَذِهِ الْقِبْلَةُ

ثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلَكِ الْعَزْرَمِيِّ، وَثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلَكِ، ح وَثَنَا الدَّوْرَقِيُّ، ثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، ح وَثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، فَذَكَرُوا الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَرُبَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْحَرْفِ وَالشَّيْءِ‏.‏

‏(‏385‏)‏ بَابُ التَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالْمَسْأَلَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ عِنْدَ كُلِّ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْكَعْبَةِ

3006- ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ‏:‏ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ‏:‏ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى أَرْكَانِ الْبَيْتِ، يَسْتَقْبِلُ كُلَّ رُكْنٍ مِنْهَا بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ، وَسَأَلَ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَهُ‏.‏ وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ‏.‏

‏(‏386‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ السُّجُودِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ عِنْدَ دُخُولِ الْكَعْبَةِ، وَالْجُلُوسِ بَعْدَ السَّجْدَةِ وَالدُّعَاءِ

3007- ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَزَرِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدٍ- وَهُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ-، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَقُولُ‏:‏ وَلَقَدْ حَدَّثَنِي أَخِي، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلَهَا خَرَّ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ سَاجِدًا، ثُمَّ قَعَدَ فَدَعَا وَلَمْ يُصَلِّ‏.‏

‏(‏387‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّى فِي الْبَيْتِ وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي يَجِبُ قُبُولُهُ هُوَ خَبَرُ مَنْ يُخْبِرُ بِرُؤْيَةِ الشَّيْءِ وَسَمَاعِهِ وَكَوْنِهِ، لَا مَنْ يَنْفِي الشَّيْءَ وَيَدْفَعُهُ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ وَلَمْ يُصَلِّ نَافٍ لِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، لَا مُثْبِتٌ خَبَرًا، وَمَنْ أَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِيهَا مُثْبِتٌ فِعْلًا، مُخْبِرٌ بِرُؤْيَةِ فِعْلٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالْوَاجِبُ مِنْ طَرِيقِ الْعِلْمِ وَالْوَقْفِ قَبُولُ خَبَرِ مَنْ أَعْلَمَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِيهَا، دُونَ مَنْ نَفَى أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِيهَا، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ طَوِيلَةٌ قَدْ بَيَّنْتُهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي جُمْلَةِ هَذَا الْقَوْلِ‏.‏

3008- أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ بِلَالٍ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ‏.‏

وَثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ‏.‏

‏(‏388‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْكَعْبَةِ

3009- ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزْعَةَ، ثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ عَلَى بَعِيرٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَدِيفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ بِلَالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَلَمَّا جَاءَ الْبَيْتَ أَرْسَلَ ابْنُ طَلْحَةَ بِمِفْتَاحِ الْبَيْتِ، فَفَتَحَهُ فَدَخَلَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ وَبِلَالٌ فَمَكَثُوا فِيهِ طَوِيلًا وَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَابْتَدَرُوا الْبَيْتَ، فَسَبَقَهُمُ ابْنُ عُمَرَ، وَآخَرُ مَعَهُ، فَسَأَلَ ابْنُ عُمَرَ بِلَالًا أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ فَأَرَاهُ أَيْنَ صَلَّى، وَلَمْ يَسْأَلْهُ كَمْ صَلَّى‏.‏

ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَا‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ قَالَ‏:‏ ثَنَا أَيُّوبُ، سَمِعَهُ مِنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ‏:‏ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ لِأُسَامَةَ حَتَّى أَنَاخَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ بِالْمِفْتَاحِ، فَذَهَبَ إِلَى أُمِّهِ، فَأَبَتْ أَنْ تُعْطِيَهُ، فَقَالَ‏:‏ لَتُعْطِينِيهِ أَوْ لَيُخْرِجَنَّ السَّيْفَ مِنْ صُلْبِي، فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ فَفَتَحَ الْبَابَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَخَلَ مَعَهُ عُثْمَانُ وَبِلَالٌ وَأُسَامَةُ، فَأَجَافُوا الْبَابَ مَلِيًّا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ‏:‏ وَكُنْتُ رَجُلًا شَابًّا قَوِيًّا فَبَدَرَ النَّاسُ فَبَدَرْتُهُمْ، فَوَجَدْتُ بِلَالًا قَائِمًا عَلَى الْبَابِ قَالَ‏:‏ يَا بِلَالُ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ قَالَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ، وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى، هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو‏.‏

‏(‏389‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْقَدْرِ الَّذِي جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَقَامِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَبَيْنَ الْجِدَارِ

3011- ثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعِدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ بِلَالًا أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ فِي مَقْدَمِ الْبَيْتِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَائِطِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ أَوْ قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ‏.‏ شَكَّ أَبُو عَامِرٍ‏.‏

‏(‏390‏)‏ بَابُ الْخُشُوعِ فِي الْكَعْبَةِ إِذَا دَخَلَهَا الْمَرْءُ، وَالنَّظَرِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا‏.‏

3012- ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ مَالِكٍ اللَّخْمِيُّ التِّنِّيسِيُّ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، ثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَائِشَةَ، كَانَتْ تَقُولُ‏:‏ عَجَبًا لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ إِذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ كَيْفَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ قِبَلَ السَّقْفِ، يَدَعُ ذَلِكَ إِجْلَالًا لِلَّهِ وَإِعْظَامًا، دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَعْبَةَ مَا خَلَفَ بَصَرُهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا‏.‏

‏(‏391‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ دُخُولِ الْكَعْبَةِ إِذْ دُخُولُهَا دُخُولًا فِي حَسَنَةٍ، وَخُرُوجًا مِنْ سَيِّئَةٍ مَغْفُورًا لِلدَّاخِلِ‏.‏

3013- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ دَخَلَ الْبَيْتَ دَخَلَ فِي حَسَنَةٍ وَخَرَجَ مِنْ سَيِّئَةٍ مَغْفُورًا لَهُ‏.‏

‏(‏392‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ ‏[‏عَلَى‏]‏ أَنَّ دُخُولَ الْكَعْبَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْلَمَ بَعْدَ دُخُولِهِ إِيَّاهَا أَنَّهُ وَدَّ أَنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَهَا مَخَافَةَ إِتْعَابِ أُمَّتِهِ بَعْدَهُ، وَهَذَا كَتَرْكِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ التَّطَوُّعِ وَالَّذِي كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَهُ لِإِرَادَةِ التَّخْفِيفِ عَلَى أُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

3014- ثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِي وَهُوَ قَرِيرُ الْعَيْنِ، طَيِّبُ النَّفْسِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ وَهُوَ حَزِينٌ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِي، وَأَنْتَ كَذَا وَكَذَا قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنِّي دَخَلْتُ الْكَعْبَةَ، وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ أَتْعَبْتُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي‏.‏

‏(‏393‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ عِنْدَ بَابِ الْكَعْبَةِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهَا

3015- ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْقَيْسِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ- يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ-، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِعَطَاءٍ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ‏:‏ إِنَّمَا أُمِرْتُمْ بِالطَّوَافِ، فَلَمْ تُؤْمَرُوا بِدُخُولِهِ، قَالَ‏:‏ لَمْ يَكُنْ يَنْهَى عَنْ دُخُولِهِ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ‏:‏ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ فِي قِبَلِ الْبَيْتِ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ هَذِهِ الْقِبْلَةُ‏.‏

‏(‏394‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْكَعْبَةِ

3016- ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا سَيْفٌ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ، فَجِئْتُ فَإِذَا قَدْ خَرَجَ، وَإِذَا بِلَالٌ قَائِمٌ عِنْدَ بَابِ الْكَعْبَةِ، قَالَ‏:‏ قُلْتُ يَا بِلَالُ أَيْنَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ هَاهُنَا، قَالَ‏:‏ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْحِجْرِ وَالْبَابِ، قَالَ‏:‏ فَكَانَ مُجَاهِدٌ يَصِفُهَا بَيْنَ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ اللَّتَيْنِ مِنْ قِبَلِ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ يُرِيدُ فَكَانَ مُجَاهِدٌ يَصِفُهَا- أَيْ صَلَاتَهُ فِي الْكَعْبَةِ - أَنَّهُ صَلَّى بَيْنَ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ اللَّتَيْنِ مِنْ قِبَلِ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ‏.‏

‏(‏395‏)‏ بَابُ الْتِزَامِ الْبَيْتِ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ مِنَ الشَّرْطِ الَّذِي اشْتَرَطْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ‏.‏

ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ‏:‏ لَمَّا فَتْحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَالَ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ لِأَلْبَسْ ثِيَابِي‏.‏

وَثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ الْكُوفِيُّ ثَنَا ابْنُ فُضَيْلِ ثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ح وَثَنَا أَبُو بِشْرٍ الْوَاسِطِيُّ ثَنَا خَالِدٌ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ، قَالَ‏:‏ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ الْبَيْتَ، فَلَبِسْتُ ثِيَابِي، وَانْطَلَقْتُ، وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُسْتَلِمُونَ مَا بَيْنَ الْحِجْرِ إِلَى الْحَجَرِ، وَاضِعِي خُدُودَهُمْ عَلَى الْبَيْتِ، وَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الْبَابَ، فَدَخَلْتُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقُلْتُ‏:‏ كَيْفَ صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ فَقَالُوا‏:‏ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ السَّارِيَةِ الَّتِي قُبَالَةَ الْبَيْتِ‏.‏ هَذَا حَدِيثُ ابْنِ فُضَيْلٍ‏.‏

‏(‏396‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ فِي الْحِجْرِ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ دُخُولُ الْكَعْبَةِ إِذْ بَعْضُ الْحِجْرِ مِنَ الْبَيْتِ، بِذِكْرِ خَبَرٍ لَفْظُهُ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ، أَنَا خَائِفٌ أَنْ يَسْمَعَ بِهَذَا الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْتُ أَنَّ لَفْظَهُ لَفْظٌ عَامٌّ مُرَادُهُ خَاصٌّ بَعْضُ النَّاسِ، فَيَتَوَهَّمُ أَنَّ جَمِيعَ الْحِجْرِ مِنَ الْكَعْبَةِ لَا بَعْضَهُ‏.‏

ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا‏:‏ ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتِ فَأُصَلِّي فِيهِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي، فَأَدْخَلَنِي الْحِجْرَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ يَا عَائِشَةُ إِنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنُو الْكَعْبَةَ اسْتَقْصَرُوا فَأَخْرَجُوا الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُصَلِّي فِي الْبَيْتِ فَصَلِّي فِي الْحِجْرِ، فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْبَيْتِ

وَثَنَا الرَّبِيعُ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ لَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ فِي عَقِبِ حَدِيثِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَأَدْخَلْتُ الْحِجْرَ فِي الْبَيْتِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ خَرَّجْتُ مَا يُشْبِهُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ لَفْظٍ عَامٍّ مُرَادُهُ خَاصٌّ فِي الْكِتَابِ ‏"‏ الْكَبِيرِ‏.‏

‏(‏397‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ بَعْضَ الْحِجْرِ مِنَ الْبَيْتِ، لَا جَمِيعَهُ وَالدَّلِيلُ ‏[‏عَلَى‏]‏ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ‏:‏ وَأَخْرَجُوا الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ، بَعْضَهُ لَا جَمِيعَهُ، وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الِاسْمَ بِاسْمِ الْمَعْرِفَةِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِ الشَّيْءِ‏.‏

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرِّمِيُّ، ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا أَبِي، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ رُومَانَ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ‏:‏ قَالَتْ لِي عَائِشَةُ‏:‏ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ يَا عَائِشَةُ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَهَدَمْتُ الْبَيْتَ حَتَّى أُدْخِلَ فِيهِ مَا أَخْرَجُوا مِنْهُ فِي الْحِجْرِ، فَإِنَّهُمْ عَجَزُوا عَنْ نَفَقَتِهِ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَأَلْصَقْتُهُ بِالْأَرْضِ، وَوَضَعْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ ‏"‏ قَالَ‏:‏ فَكَانَ ذَاكَ الَّذِي دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى هَدْمِهِ، وَبِنَائِهِ، قَالَ‏:‏ فَشَهِدْتُهُ حِينَ هَدْمَهُ وَبَنَاهُ، فَاسْتَخْرَجَ أَسَاسَ الْبَيْتِ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ مَتَلَائِكَةً، قَالَ أَبِي‏:‏ فَقُلْتُ لَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَطُوفُ مَعَهُ أَرِنِي مَا أَخْرَجُوا مِنَ الْحِجْرِ مِنْهُ، قَالَ‏:‏ أُرِيكَهُ الْآنَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ، قَالَ‏:‏ هَذَا الْمَوْضِعُ، قَالَ أَبِي‏:‏ فَحَرَزْتُهُ نَحْوًا مِنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ‏.‏

وَهَكَذَا رَوَى مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا جَرِيرٌ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ‏.‏

حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَرَوَاهُ، يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ‏:‏ قَالَ يَزِيدُ‏:‏ قَدْ شَهِدْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ هَدْمَهُ‏.‏

حَدَّثَنَاهُ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ فَرِوَايَةُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ يَزِيدَ بْنَ رُومَانَ قَدْ سَمِعَ الْخَبَرَ مِنْهُمَا جَمِيعًا‏.‏

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا عَبْدُ الرَّازِقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ‏:‏ كَانَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَبْنِيَّةً بِالرَّضْمِ لَيْسَ فِيهِ مَدَرٌ، وَكَانَتْ قَدْرُ مَا يَقْتَحِمُهَا الْعَنَاقُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي قِصَّةِ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ‏:‏ فَلَمَّا كَانَ جَيْشُ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ فَذَكَرَ حَرِيقَهَا فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ‏:‏ إِنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا مِنْهَا سَبْعَةَ أَذْرُعٍ فِي الْحِجْرِ ضَاقَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ وَالْخَشَبُ

وَقَالَ ابْنُ خُثَيْمٍ‏:‏ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةً طَوِيلَةً‏.‏

ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَزَرِيُّ، ثَنَا ابْنُ بَكْرٍ- يَعْنِي مُحَمَّدًا-، أَخْبَرَنِا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَالْوَلِيدَ بْنَ عَطَاءٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَفَدَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِ الْمَلَكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي خِلَافَتِهِ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا أَظُنُّ أَبَا خُبَيْبٍ- يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ- سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ مَا كَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهَا، قَالَ الْحَارِثُ‏:‏ بَلَى أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْهَا، قَالَ‏:‏ سَمِعْتَهَا تَقُولُ مَاذَا‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ وَإِنِّي لَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ بِالشِّرْكِ أَعَدْتُ مَا تَرَكُوا مِنْهُ، فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ مِنْ بَعْدِي أَنْ يَبْنُوهُ فَهَلُمِّي فَلَأُرِيكِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ ‏"‏، فَأَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ‏.‏ هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ‏.‏

‏(‏398‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ الْعُمْرَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ‏.‏

ثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَ‏:‏ وَكَانَ النَّاسُ يَحْلِقُونَ فِي الْحَجِّ، ثُمَّ يَعْتَمِرُونَ عِنْدَ النَّفَرِ، فَيَقُولُ‏:‏ مَا يَحْلِقُ هَذَا‏؟‏ فَنَقُولُ لِأَحَدِهِمْ أَمِرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِكَ‏.‏

‏(‏399‏)‏ بَابُ الْعُمْرَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنَ التَّنْعِيمِ لِمَنْ قَدْ حَجَّ ذَلِكَ الْعَامَ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعُمْرَةَ غَيْرُ جَائِزَةٍ إِلَّا مِنَ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي وَقَّتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ ذَكَرَ الْمَوَاقِيتَ، فَقَالَ‏:‏ يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، الْأَخْبَارَ بِتَمَامِهَا‏.‏

ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا أَشْهَبُ أَنَّ اللَّيْثَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْمَرَ عَائِشَةَ مِنَ التَّنْعِيمِ فِي ذِي الْحِجَّةِ‏.‏

ثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْمَرَ عَائِشَةَ مِنَ التَّنْعِيمِ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ‏.‏

‏(‏400‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ مِنَ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ مِنْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ إِذْ هِيَ أَكْثَرُ نَصَبًا وَأَفْضَلُ نَفَقَةً، وَمَا كَانَ أَكْثَرُ نَصَبًا وَأَفْضَلُ نَفَقَةً فَالْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ وَالنَّفَقَةِ‏.‏

ثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَا‏:‏ ثَنَا حُسَيْنٌ، قَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَالْقَاسِمِ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، ح وَثَنَا الدَّوْرَقِيُّ، ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ‏:‏ قَالَتْ عَائِشَةُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي حَدِيثِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهَا قَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ وَاحِدٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ انْتَظِرِي فَإِذَا طَهُرْتِ، فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي مِنْهُ، ثُمَّ الْقِنَا بِجَبَلِ كَذَا وَكَذَا ‏"‏، قَالَ‏:‏ أَظُنُّهُ قَالَ‏:‏ كُدًى، ‏"‏ وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ أَوْ قَدْرِ نَفَقَتِكِ ‏"‏، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي خَبَرِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ ‏"‏ وَلَكِنَّهُ عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ وَنَصَبِكِ ‏"‏ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

‏(‏401‏)‏ بَابُ إِسْقَاطِ الْهَدْيِ عَنِ الْمُعْتَمِرِ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَإِنْ كَانَ قَدْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ‏.‏

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا يَحْيَى، ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ قَالَتْ‏:‏ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةٍ فَلْيُهِلَّ، فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ ‏"‏، فَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، فَحِضْتُ قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ مَكَّةَ، فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ دَعِي عُمْرَتَكِ، وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ ‏"‏، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَرْدَفَهَا فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِهَا، فَقَضَى اللَّهُ حَجَّتَهَا وَعُمْرَتَهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ، وَلَا صِيَامٌ وَلَا صَدَقَةٌ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ قَدْ كُنْتُ بَيَّنْتُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي كُنْتُ أَمْلَيْتُهَا فِي التَّأْلِيفِ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَائِشَةَ إِنَّمَا تَرَكَتِ الْعَمَلَ لِعُمْرَتِهَا الَّتِي لَمْ يُمْكِنْهَا الطَّوَافُ لَهَا بِالْبَيْتِ لِعِلَّةِ الْحَيْضَةِ الَّتِي حَاضَتْهَا لَا أَنَّهَا رَفَضَتْ تِلْكَ الْعُمْرَةَ، وَبَيَّنْتُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ فِيَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا ‏"‏ طَوَافُكِ يَكْفِيكِ بِحَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ ‏"‏ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَرْفُضْ عُمْرَتَهَا، وَإِنَّمَا تَرَكَتِ الْعَمَلَ لَهَا إِذْ كَانَتْ حَائِضًا، وَلَمْ يُمْكِنْهَا الطَّوَافَ لَهَا، وَبَيَّنْتُ أَنَّ قَوْلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ فِي ذَلِكَ هَدْيٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَا صِيَامٌ أَنَّهَا أَرَادَتْ لَمْ يَكُنْ فِي عُمْرَتِي الَّتِي اعْتَمَرْتُهَا بَعْدَ الْحَجِّ هَدْيٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَا صِيَامٌ‏.‏

وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَحَرَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ قَبْلَ ‏[‏أَنْ‏]‏ تَعْتَمِرَ عَائِشَةُ هَذِهِ الْعُمْرَةَ مِنَ التَّنْعِيمِ، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهَا‏:‏ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ أُدْخِلَ عَلَيْنَا بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْنَا مَا هَذَا، فَقِيلَ نَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ، فَقَدْ خَبَّرَتْ عَائِشَةُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي حَجِّهَا هَدْيٌ قَبْلَ ‏[‏أَنْ‏]‏ تَعْتَمِرَ مِنَ التَّنْعِيمِ‏.‏

وَفِي خَبَرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فِي آخِرِ الْخَبَرِ، قَالَ‏:‏ تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ اخْرُجِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي بِعُمْرَتِكِ ‏"‏، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ لَمْ أَهْدِ شَيْئًا‏.‏

ثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَامٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عُرْوَةَ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ عَائِشَةَ، فَذَكَرَ قِصَّةً طَوِيلَةً، وَذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي ذَكَرْتُ فِي آخِرِ الْخَبَرِ قَالَ‏:‏ وَقَالَ‏:‏ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُمْ عَنْ عُمْرَتِهِمْ بَعْدَ الْحَجِّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ‏:‏ حِضْتُ فَاعْتَمَرْتُ بَعْدَ الْحَجِّ، ثُمَّ لَمْ أَصُمْ، وَلَمْ أَهْدِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ فَهَذَا الْخَبَرُ يُبَيِّنُ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّهَا لَمْ تَصُمْ، وَلَمْ تَهْدِ بَعْدَ تِلْكَ الْعُمْرَةِ الَّتِي اعْتَمَرَتْ مِنَ التَّنْعِيمِ لَا قَبْلَهَا‏.‏

‏(‏402‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ الْحَجِّ عَمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ مِنَ الْكِبَرِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَّى نَبِيَّهُ بَيَانَ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْوَحْيِ خَاصًّا وَعَامًّا، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏[‏وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى‏]‏ ‏[‏النَّجْمِ‏]‏ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ، وَأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَرَادَ بَعْضَ السَّعْيِ لَا جَمِيعَهُ، إِذْ لَوْ كَانَ اللَّهُ أَرَادَ جَمِيعَ السَّعْيِ لَمْ يَكُنِ الْحَجُّ إِلَّا لِمَنْ حَجَّ بِنَفْسِهِ، لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُ الْحَجِّ عَنِ الْمَرْءِ إِذَا حُجَّ عَنْهُ، وَلَمْ يُكْتَبْ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ سَعْيُ غَيْرِهِ إِذْ لَمْ يَسْعَ هُوَ بِنَفْسِهِ سَعْيَ الْعَمَلِ‏.‏

ثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ‏:‏ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ قَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ فَحُجِّي عَنْهُ‏.‏

‏(‏403‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ إِذَا اسْتَفَادَ مَالًا بَعْدَ كِبَرِ السِّنِّ وَهُوَ غَنِيٌّ، أَوِ اسْتَفَادَ مَالًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَانَ فَرْضُ الْحَجِّ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ كَمَا قَالَهُ مُطَّلِبِيُّنَا- رَحِمَهُ اللَّهُ- اسْتِطَاعَتَانِ إِحْدَاهُمَا بِبَدَنِهِ مَعَ مِلْكِ مَالِهِ، يُمْكِنُهُ الْحَجُّ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَالثَّانِيَةُ بِمِلْكِ مَالِهِ، يَحُجُّ عَنْ نَفْسِهِ غَيْرُهُ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ‏:‏ أَنَا مُسْتَطِيعٌ أَنْ أَبْنِيَ دَارِي وَأَخِيطَ ثَوْبِي، يُرِيدُ بِالْأُجْرَةِ أَوْ لِمَنْ يُطِيعُنِي، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ لِبِنَاءِ الدَّارِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ بِنَفْسِهِ‏.‏

ثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَيُونُسُ، وَاللَّيْثُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ، قَالَ‏:‏ كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ بِيَدِهِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، قَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَعَمْ ‏"‏، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَعْضُهُمْ، يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ‏.‏

قَالَ اللَّيْثُ‏:‏ وَحَدَّثَنِيهِ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ أَوْ أَبِي سَلَمَةَ أَوْ كِلَيْهِمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏.‏

ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا سُفْيَانُ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، ح وَثَنَا الْمَخْزُومِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ، ح وَثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ النَّحْرِ، وَالْفَضْلُ رِدْفُهُ، فَقَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، هَلْ تَرَى أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَعَمْ

وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ‏:‏ غَدَاةَ جَمْعٍ، وَقَالَ‏:‏ أَنَّ أَحُجَّ عَنْهُ‏؟‏ وَلَمْ يَقُلْ‏:‏ وَالْفَضْلُ رِدْفُهُ، وَلَفْظُ ابْنِ خَشْرَمٍ فِي الْمَتْنِ مِثْلُ حَدِيثِ عَبْدِ الْجَبَّارِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَعَمْ‏.‏

‏(‏404‏)‏ بَابُ حَجِّ الْمَرْأَةِ عَنِ الرَّجُلِ‏.‏

أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ السُّلَمِيُّ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُونِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ،، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، ثَنَا عَمِّي، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، قَالَ‏:‏ كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ تَسْتَفْتِيهِ، قَالَ‏:‏ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، قَالَ‏:‏ فَجَعَلَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ بِيَدِهِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، قَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَعَمْ وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ‏.‏

‏(‏405‏)‏ بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ بِذِكْرِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ عَلَى أَصْلِنَا‏.‏

ثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، ثَنَا مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ الْهُذَلِيُّ، قَالَ‏:‏ انْطَلَقْتُ أَنَا وَسِنَانُ بْنُ سَلَمَةَ، مُعْتَمِرَيْنِ، فَلَمَّا نَزَلْنَا الْبَطْحَاءَ قُلْتُ‏:‏ انْطَلِقْ إِلَى ابْنِ الْعَبَّاسِ نَتَحَدَّثْ إِلَيْهِ، قَالَ‏:‏ قُلْتُ- يَعْنِي لِابْنِ عَبَّاسٍ- إِنَّ وَالِدَةً لِي بِالْمِصْرِ، وَإِنِّي أَغْزُو فِي هَذِهِ الْمَغَازِي أَفَيُجْزِئُ عَنْهَا أَنْ أُعْتِقَ، وَلَيْسَتْ مَعِي‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَفَلَا أُنَبِّئُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ أَمَرْتُ امْرَأَةَ سِنَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ أَنْ تَسْأَلَ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أُمَّهَا مَاتَتْ، وَمَا تَحُجُّ أَمَا تُجْزِئُ عَنْ أُمِّهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهَا، قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَعَمْ، لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّهَا دَيْنٌ فَقَضَتْهُ عَنْهَا لَمْ يَكُنْ يُجْزِئُ عَنْهَا‏؟‏ فَلْتَحُجَّ عَنْ أُمِّهَا

ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ‏:‏ قَالَ فُلَانٌ الْجُهَنِيُّ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي مَاتَ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَمْ يَحُجَّ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ حُجَّ عَنْ أَبِيكَ‏.‏

‏(‏406‏)‏ بَابُ الْحَجِّ عَمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ مِلْكِ الْمَالِ، أَوْ هُمَا وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ لِلْحَجِّ بِبَدَنِهِ مِنَ الْكِبَرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَاجِزِ عَنِ الْحَجِّ بِبَدَنِهِ لِكِبَرِ السِّنِّ، وَبَيْنَ الْعَاجِزِ عَنِ الْحَجِّ لِمَرَضٍ قَدْ يُرْجَى لَهُ الْبُرْءُ إِذِ الْعَاجِزُ لِكِبَرِ السِّنِّ لَا يَحْدُثُ لَهُ شَبَابٌ وَقُوَّةٌ بَعْدُ، وَالْمَرِيضُ قَدْ يَصِحُّ مِنْ مَرَضِهِ بِإِذْنِ اللَّهِ‏.‏

ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ‏:‏ قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، ح وَثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ تَسْتَفْتِيهِ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، فَقَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَعَمْ ‏"‏، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ‏.‏

‏(‏407‏)‏ بَابُ حَجِّ الرَّجُلِ عَنِ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ الْحَجَّ مِنَ الْكِبَرِ بِمِثْلِ اللَّفْظَةِ الَّتِي ذَكَرْتُ أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ غَيْرُ مُفَسَّرَةٍ

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْجَزَّارُ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ، ثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ‏:‏ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ، وَلَمْ يَحُجَّ وَلَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَإِنْ شَدَدْتُهُ بِالْحَبَلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ خَشِيتُ أَنْ أَقْتُلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ السَّائِلُ سَأَلَ عَنْ أُمِّهِ‏.‏

‏(‏408‏)‏ بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَحُجَّ عَنِ الْمَيِّتِ مَنْ لَمْ يَحُجِّ عَنْ نَفْسِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْأَخْبَارَ الَّتِي ذَكَرْتُ فِي أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ غَيْرُ مُفَسَّرَةٍ عَلَى مَا ذَكَرْتُ، إِذْ لَيْسَ فِي تِلْكَ الْأَخْبَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ مَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهَا هَلْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ لَا‏؟‏ هَذَا الْخَبَرُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ مَنْ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ، لَا مَنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ‏.‏

ثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ‏:‏ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ شُبْرُمَةُ‏؟‏ ‏"‏، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَخِي أَوْ قَرِيبٌ لِي‏.‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ هَلْ حَجَجْتَ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ لَا‏.‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَاجْعَلْ هَذِهِ عَنْكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ‏"‏‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ فِي هَذَا الْخَبَرِ بَانَ أَنَّ الْمُلَبِّيَ عَنْ غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ تِلْكَ الْحَجَّةَ عَنْ نَفْسِهِ‏.‏

‏(‏409‏)‏ بَابُ الْعُمْرَةِ عَنِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْعُمْرَةَ مِنَ الْكِبَرِ

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، ثَنَا خَالِدٌ- يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ-، ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ سَالِمٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ رَزِينٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَلَا الظَّعْنَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ‏.‏

‏(‏410‏)‏ بَابُ النَّذْرِ بِالْحَجِّ ثُمَّ يَحْدُثُ الْمَوْتُ قَبْلَ وَفَائِهِ، وَالْأَمْرِ بِقَضَائِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لِتَشْبِيهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَذْرُ الْحَجِّ بِالدَّيْنِ

ثَنَا بُنْدَارٌ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَمَاتَتْ، فَأَتَى أَخُوهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى أُخْتِكَ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏.‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَاقْضُوا اللَّهَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ

ثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ- وَهُوَ أَبُو بِشْرٍ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ‏.‏

‏(‏411‏)‏ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ الْوَاجِبَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لَا مِنَ الثُّلُثِ

ثَنَا الرَّبِيعُ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَخْبَرَ ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً، مِنْ خَثْعَمٍ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ‏:‏ قَالَ سُفْيَانُ‏:‏ هَكَذَا حَفِظْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ‏.‏

وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، وَزَادَ‏:‏ فَقَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ نَعَمْ، كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، نَفَعَهُ‏.‏

‏(‏412‏)‏ بَابُ النَّذْرِ بِالْحَجِّ مَاشِيًا، فَيَعْجِزُ النَّاذِرُ عَنِ الْمَشْيِ بِذِكْرِ خَبَرٍ مُخْتَصَرٍ غَيْرِ مُتَقَصًّى

ثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا عَمْرٌو- وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَمْرٍو-، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَ شَيْخًا كَبِيرًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَا شَأْنُ هَذَا الشَّيْخِ‏؟‏ ‏"‏ فَقَالَ ابْنَاهُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ ارْكَبْ أَيُّهَا الشَّيْخُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكَ وَعَنْ نَذْرِكَ

ثَنَا الصَّنْعَانِيُّ، ثَنَا بِشْرٌ، ثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ‏:‏ إِمَّا سَمِعْتُ أَنَسًا وَإِمَّا عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، ح وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَيَّاضٍ، ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، ثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَيْخًا كَبِيرًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَا هَذَا‏؟‏ ‏"‏ قَالُوا‏:‏ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الْبَيْتِ‏.‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ ‏"‏، قَالَ‏:‏ فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ‏.‏

‏(‏413‏)‏ بَابُ هَدْيِ النَّاذِرِ بِالْحَجِّ مَاشِيًا، فَيَعْجِزُ عَنِ الْمَشْيِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْتُهُمَا فِي الْبَابِ قَبْلُ، مُخْتَصَرَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، ثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُخْتِهِ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ نَذْرِ أُخْتِكَ لِتَرْكَبْ، وَلْتَهْدِ بَدَنَةً‏.‏

‏(‏414‏)‏ بَابُ الْيَمِينِ بِالْمَشْيِ إِلَى الْكَعْبَةِ فَيَعْجِزُ الْحَالِفُ عَنِ الْمَشْيِ

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثَنَا يَحْيَى- يَعْنِي ابْنَ آدَمَ-، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ، فَيَعْجِزُ فَيَرْكَبُ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَحُجُّ مِنْ قَابِلٍ فَيَرْكَبُ مَا شَاءَ، وَيَمْشِي مَا شَاءَ وَيَرْكَبُ‏.‏

قَالَ شَرِيكٌ‏:‏ وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ- عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ تَرْكَبُ، وَتُكَفِّرُ يَمِينَهَا

ثَنَا أَبُو عَامِرٍ، ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ- مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ- عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ إِنَّ أُخْتِي جَعَلَتْ عَلَيْهَا الْمَشْيَ إِلَى الْبَيْتِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ اللَّهَ لَا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا، قُلْ لَهَا فَلْتَحُجَّ رَاكِبَةً، وَلْتُكَفِّرْ يَمِينَهَا‏.‏

‏(‏415‏)‏ بَابُ ذِكْرِ إِسْقَاطِ فَرْضِ الْحَجِّ عَنِ الصَّبِيِّ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ

ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَا ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ مَرَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِمَجْنُونَةِ بَنِي فُلَانٍ قَدْ زَنَتْ، أَمَرَ عُمَرُ بِرَجْمِهَا، فَرَدَّهَا عَلِيٌّ، وَقَالَ لِعُمَرَ‏:‏ يَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَرْجِمُ هَذِهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ، قَالَ‏:‏ أَمَا تَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ‏"‏، قَالَ‏:‏ صَدَقْتَ، فَخَلَّى عَنْهَا‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ وَفِيهِ دَلِيلٌ عِنْدِي عَلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ إِذَا حُجَّ بِهِ فِي حَالِ جُنُونِهِ ثُمَّ أَفَاقَ لَمْ يُجْزِهِ كَالصَّبِيِّ‏.‏

‏(‏416‏)‏ بَابُ ذِكْرِ حَجِّ الصِّبْيَانِ قَبْلَ الْبُلُوغِ عَلَى غَيْرِ الْوُجُوبِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ ‏"‏، أَرَادَ الْقَلَمَ مِمَّا يَكُونُ إِثْمًا وَوِزْرًا عَلَى الْبَالِغِ إِذَا ارْتَكَبَهُ، لَا أَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْ كِتَابَةِ الْحَسَنَاتِ لِلصَّبِيِّ إِذَا عَمِلَهَا

ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا سُفْيَانُ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ كُرَيْبًا يُخْبِرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَرَ مِنْ مَكَّةَ، فَلَمَّا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ اسْتَقْبَلَهُ رَكْبٌ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنِ الْقَوْمُ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ الْمُسْلِمُونَ، فَمَنْ أَنْتُمْ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ رَسُولُ اللَّهِ ‏"‏، فَفَزِعَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ فَرَفَعَتْ صَبِيًّا لَهَا مِنْ مَخَفٍّ، فَأَخَذَتْ بِعَضَلِهِ، فَقَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِهَذَا حَجٌّ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَلَكِ أَجْرُهُ

قَالَ إِبْرَاهِيمُ‏:‏ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ فَحَجَّ بِأَهْلِهِ أَجْمَعِينَ‏.‏

وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، وَلَمْ يَقُلْ فَفَزِعَتْ، وَقَالَ‏:‏ فَقَالَتْ‏:‏ أَلِهَذَا حَجٌّ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَلَكِ أَجْرٌ ‏"‏، وَقَالَ فِي كُلِّهَا‏:‏ عَنْ‏.‏

‏(‏417‏)‏ بَابُ الصَّبِيِّ يَحُجُّ قَبْلَ الْبُلُوغِ ثُمَّ يَبْلُغُ

ثَنَا بُنْدَارٌ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا حَجَّ الصَّبِيُّ فَهِيَ لَهُ حَجَّةٌ حَتَّى يَعْقِلَ، فَإِذَا عَقَلَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى، وَإِذَا حَجَّ الْأَعْرَابِيُّ فَهِيَ لَهُ حَجَّةٌ، فَإِذَا هَاجَرَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى

حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، وَأَبُو مُوسَى قَالَا‏:‏ ثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِهِ مَوْقُوفًا‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ هَذَا- عِلْمِي- هُوَ الصَّحِيحُ بِلَا شَكٍّ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ هَذِهِ اللَّفْظَةُ ‏"‏ وَإِذَا حَجَّ الْأَعْرَابِيُّ ‏"‏ مِنَ الْجِنْسِ الَّتِي كُنْتُ أَقُولُ إِنَّهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ دُونَ جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ إِنْ صَحَّتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحُكْمُ قَبْلَ فَتْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، فَلَمَّا فَتَحَهَا، وَخَبَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ اسْتَوَى الْأَعْرَابِيُّ وَالْمُهَاجِرُ فِي الْحَجِّ، فَجَازَ عَنِ الْأَعْرَابِيِّ إِذَا حَجَّ كَمَا يَجُوزُ عَنِ الْمُهَاجِرِ لِسُقُوطِ الْهِجْرَةِ، وَبُطْلَانِهَا بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ‏.‏

‏(‏418‏)‏ بَابُ حَجِّ الْأَكْرِيَاءِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَكْرَ الْمَرْءِ نَفْسَهُ فِي الْعَمَلِ طَلْقٌ مُبَاحٌ، إِذْ هُوَ مِنِ ابْتِغَاءِ فَضْلِ اللَّهِ لِأَخْذِهِ الْأُجْرَةَ عَلَى ذَلِكَ

ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ التَّيْمِيِّ قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ‏:‏ إِنَّا قَوْمٌ نُكْرِي فِي هَذِهِ الْوَجْهِ، وَإِنَّ قَوْمِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا حَجَّ لَنَا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ‏:‏ أَلَسْتُمْ تَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ‏؟‏ أَلَسْتُمْ تَسْعَوْنَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ‏؟‏ أَلَسْتُمْ، أَلَسْتُمْ‏؟‏ إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ مِثْلَ مَا سَأَلَتْنِي فَلَمْ يَدْرِ مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ حَتَّى نَزَلَتْ ‏[‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ‏]‏ ‏[‏الْبَقَرَةِ‏:‏ 198‏]‏ فَدَعَاهُ فَتَلَاهَا عَلَيْهِ، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَنْتُمْ حُجَّاجٌ

ثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الْكِنْدِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ‏.‏

ثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ، ثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ،- وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ عُهْدَتِهِ- عَنْ أَبِي أُمَامَةَ التَّمِيمِيِّ قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ‏.‏

‏(‏419‏)‏ بَابُ حَجِّ الْأُجَرَاءِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْأَجِيرَ إِذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ بِكَذَا، وَحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ كَانَتْ لَهُ الْأُجْرَةُ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ، وَأَدَاءُ الْفَرْضِ عَنْ نَفْسِهِ جَائِزٌ

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ‏:‏ إِنِّي أَجَّرْتُ نَفْسِي مِنْ قَوْمٍ فَتَرَكْتُ لَهُمْ بَعْضَ أُجْرَتِي أَوْ أَجْرِي وَتُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَنَاسِكِ، فَهَلْ يُجْزِئُ ذَلِكَ عَنِّي‏؟‏ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ نَعَمْ هَذَا مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ ‏[‏أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ‏]‏ ‏[‏الْبَقَرَةِ‏]‏‏.‏

‏(‏420‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِمَا أَبَاحَ اللَّهُ مِنْ طَلَبِ الْمَالِ مِنْ حِلِّهِ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ فِي غَيْرِ الْأَوْقَاتِ الَّذِي يَشْتَغِلُ الْمَرْءُ عَنْ أَدَاءِ الْمَنَاسِكِ لَا يَنْقُصُ أَجْرَ الْحَاجِّ، وَلَا يُبْطِلُ الْحَجَّ، وَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ هَدْيًا وَلَا صَوْمًا وَلَا صَدَقَةً

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا حَمَّادٌ- يَعْنِي ابْنَ مَسْعَدَةَ-، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا فِي أَوَّلِ الْحَجِّ يَبْتَاعُونَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَمَوَاسِمِ الْحَجِّ، فَخَافُوا الْبَيْعَ، وَهُمْ حُرُمٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ‏[‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ‏]‏ ‏[‏الْبَقَرَةِ‏:‏ 198‏]‏ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ، فَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُهَا فِي الْمُصْحَفِ‏.‏

ثَنَا بُنْدَارٌ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ، ح وَثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، يَقْرَأُهَا ‏(‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ‏)‏ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ‏.‏

‏(‏421‏)‏ بَابُ ذِكْرِ عَدَدِ حِجَجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ضِدِّ مَا تَوَهَّمَهُ الْعَامَّةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحُجِّ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا حَجَّ حَجَّةً وَاحِدَةً بَعْدَ هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَمَّا مَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَقَدَ حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ تِلْكَ الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّهَا مِنَ الْمَدِينَةِ

ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ رَاهِبُ الْكُوفَةِ ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، ح وَثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ، ثَنَا زَيْدٌ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ ثَلَاثَ حِجَجٍ حَجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، وَحَجَّةً بَعْدَمَا هَاجَرَ، مَعَهَا عُمْرَةٌ‏.‏ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى، وَحَجَّةً قَرَنَ مَعَهَا عُمْرَةً‏.‏

‏(‏422‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمَتْنِ، وَالْبَيَانُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَجَّ قَبْلَ هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ لَا كَمَا مَنْ طَعَنَ فِي هَذَا الْخَبَرِ، وَادَّعَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا مَسْلَمَةُ قَالَ‏:‏ فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عَمِّهِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ‏:‏ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَوَاقِفٌ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ بِعَرَفَاتٍ مَعَ النَّاسِ يَدْفَعُ مَعَهُمْ مِنْهَا، مَا ذَاكَ إِلَّا تَوْفِيقًا مِنَ اللَّهِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ، يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ ‏[‏ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ‏]‏ ‏[‏الْبَقَرَةِ‏:‏ 199‏]‏ أَوْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْقُرْآنِ‏.‏

وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ، أَنَّ سَلْمَ بْنَ جُنَادَةَ حَدَّثَنَا قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ كَانَتْ قُرَيْشٌ، وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ فَيَقِفَ، ثُمَّ يُفِيضُ مِنْهَا، قَالَتْ‏:‏ فَذَلِكَ قَوْلُهُ ‏[‏ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ‏]‏ ‏[‏الْبَقَرَةِ‏:‏ 199‏]‏‏.‏ فَهَذَا الْخَبَرُ دَالٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ- عَزَّ وَجَلَّ- إِنَّمَا أَمَرَ نَبِيَّهُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ، وَمُخَالَفَةِ قُرَيْشٍ فِي وُقُوفِهِمْ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَتَرْكِهُمُ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَرَمِ لِتَسْمِيَتِهِمْ أَنْفُسَهُمُ الْحُمْسَ لِهَذِهِ الْآيَةِ ‏[‏أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ‏]‏ أَيْ غَيْرُ قُرَيْشٍ الَّذِينَ كَانُوا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ‏:‏ إِنَّ اسْمَ النَّاسِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِهِمْ إِذِ الْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ لَمْ يَقِفُوا بِعَرَفَاتٍ، وَإِنَّمَا وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ بَعْضُهُمْ لَا جَمِيعُهُمْ، وَفِي قَوْلِ جُبَيْرٍ مَا كَانَ إِلَّا تَوْفِيقًا مِنَ اللَّهِ لَهُ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ أَمَرَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِوَحْيٍ مُنَزَّلٍ عَلَيْهِ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إِذْ لَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ اللَّهُ قَدْ أَمَرَهُ بِالْوَقْفِ بِعَرَفَةَ عِنْدَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ لَأَشْبَهَ أَنْ يَقُولَ فَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا قُلْتُ إِنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أَرَادَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ- أَيْ جَمِيعُ الْقُرْآنِ-؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْقُرْآنِ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ قَبْلَ هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا نَزَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْقُرْآنِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَاسْتَدْلَلْتُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ، لَا أَنَّهُ أَرَادَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ‏.‏

لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ‏:‏ أَضْلَلْتُ جَمَلًا لِي يَوْمَ عَرَفَةَ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى عَرَفَةَ أَتَتَبَّعُهُ، فَإِذَا أَنَا بِمُحَمَّدٍ وَاقِفًا فِي النَّاسِ بِعَرَفَةَ عَلَى بَعِيرِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَذَلِكَ بَعْدَمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ فَإِنْ كَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جُرَيْجٍ قَدْ أَدْرَكَ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ فَهَذَا الْخَبَرُ يُبَيِّنُ أَنَّ تَأْوِيلَ خَبَرِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْقُرْآنِ‏.‏

ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ ذَهَبْتُ أَطْلُبُ بَعِيرًا لِي بِعَرَفَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا بِعَرَفَةَ مَعَ النَّاسِ، فَقُلْتُ‏:‏ وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لِمَنَ الْحُمْسِ، فَمَا شَأْنُهُ هَاهُنَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقِفُ بِعَرَفَةَ سِنِيهِ الَّتِي كَانَ بِهَا أَيْ مَكَّةَ‏.‏

ثَنَاهُ الْمَخْزُومِيُّ، وَقَالَ‏:‏ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ‏:‏ فَمَا لَهُ خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ ‏؟‏ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ لَا تُجَاوِزُ الْحَرَمَ، تَقُولُ‏:‏ نَحْنُ أَهْلُ اللَّهِ لَا نَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ‏.‏ وَلَمْ يَقُلْ كَانَ يَقِفُ بِعَرَفَةَ سِنِيهِ الَّتِي كَانَ بِهَا‏.‏

وَخَبَرُ رَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ‏.‏

ثَنَاهُ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ‏:‏ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَاتٍ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَاقِفًا مَوْقِفَهُ ذَلِكَ، فَعَرَفْتُ أَنَّ اللَّهَ وَفَّقَهُ لِذَلِكَ‏.‏

‏(‏423‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ عِنْدَ الْعِلْمِ بِحَدَثٍ

ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ، وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخْطَلَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ اقْتُلُوهُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا‏.‏

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ‏:‏ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَعَثَ مَعِي رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ ائْتِيَا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، فَاقْتُلَاهُ ‏"‏، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ‏.‏ وَقَالَ‏:‏ فَلَمَّا دَخَلْنَا مَكَّةَ قَالَ لِي صَاحِبِي‏:‏ هَلْ لَكَ أَنْ نَبْدَأَ فَنَطُوفَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا، وَنُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ‏؟‏ فَقُلْتُ‏:‏ أَنَا أَعْلَمُ بِأَهْلِ مَكَّةَ أَنَّهُمْ إِذَا أَظْلَمُوا رَسُوا أَفْنِيَتَهُمْ، ثُمَّ جَلَسُوا بِهَا، وَأَنَا أَعْرِفُ فِيهَا مِنَ الْفَرَسِ الْأَبْلَقِ فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَتَيْنَا الْبَيْتَ فَطُفْنَا بِهِ أُسْبُوعًا وَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْنَا‏.‏

جماع أَبْوَابُ ذِكْرِ الْعُمْرَةِ وَشَرَائِعِهَا وَسُنَنِهَا وَفَضَائِلِهَا

‏(‏424‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الْعُمْرَةَ فَرْضٌ وَأَنَّهَا مِنَ الْإِسْلَامِ كَالْحَجِّ سَوَاءً لَّا أَنَّهَا تَطَوُّعٌ غَيْرُ فَرِيضَةٍ عَلَى مَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ

ثَنَا يُوسُفُ بْنُ وَاضِحٍ الْهَاشِمِيُّ، ثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، فَذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُؤَالِ جِبْرِيلَ إِيَّاهُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنْ تُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَحُجَّ وَتَعْتَمِرَ، وَتَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَأَنْ تُتِمَّ الْوُضُوءَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ ‏"‏ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنَ الْإِسْلَامِ، قَالَ‏:‏ فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُسْلِمٌ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَعَمْ ‏"‏ قَالَ‏:‏ صَدَقْتَ‏.‏

ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَاجِبَتَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فَمَنْ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ خَيْرٌ وَتَطَوُّعٌ‏.‏

ثَنَا الْأَشَجُّ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ‏:‏ لَيْسَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَدٌ إِلَّا وَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَاجِبَةٌ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ هَذَا الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى تَوْهِينِ خَبَرِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ‏:‏ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَا، إِنْ تَعْتَمِرَ فَهُوَ أَفْضَلُ

ثَنَاهُ بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ‏.‏

فَلَوْ كَانَ جَابِرٌ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْعُمْرَةِ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ لَمَا خَالَفَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وَفِي خَبَرِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ الصبِّيِّ بْنِ مَعْبَدٍ فِي قِصَّةِ عُمَرَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ وَاجِبَةٌ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ‏.‏

3069- ثَنَاهُ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ الصَّبِّيُّ بْنُ مَعْبَدٍ‏:‏ كُنْتُ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا، فَأَسْلَمْتُ، فَكُنْتُ حَرِيصًا عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَيَّ، فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِي يُقَالُ لَهُ‏:‏ هُدَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ‏:‏ يَا هَنَاهُ إِنِّي حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَيَّ، فَكَيْفَ لِي أَنْ أَجْمَعَهُمَا‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ اجْمَعْهَا، ثُمَّ اذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، قَالَ‏:‏ فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا مَعًا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَزِيدُ بْنُ صُوحَانَ، وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا مَعًا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ‏:‏ مَا هَذَا بِأَفْقَهَ مِنْ بَعِيرِهِ، فَكَأَنَّمَا أُلْقِيَ عَلَيَّ جَبَلٌ حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ لَهُ‏:‏ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي كُنْتُ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا وَإِنِّي أَسْلَمْتُ، وَأَنَا حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَيَّ فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِي يُقَالُ لَهُ‏:‏ هُدَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا هَنَاهُ إِنِّي حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَيَّ، فَكَيْفَ لِي أَنْ أَجْمَعَهُمَا‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ اجْمَعْهُمَا، ثُمَّ اذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَإِنِّي أَهْلَلْتُ بِهِمَا جَمِيعًا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَزِيدُ بْنُ صُوحَانَ، وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا مَعًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ‏:‏ ‏[‏مَا‏]‏ هَذَا بِأَفْقَهَ مِنْ بَعِيرِهِ، قَالَ‏:‏ فَقَالَ لِي عُمَرُ‏:‏ هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ فِي تَرْكِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ النَّكِيرَ عَلَى الصَّبِّيِّ بْنِ مَعْبَدٍ قَوْلَهُ‏:‏ وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَيَّ أَبْيَنُ الدِّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَتْ وَاجِبَةً كَالْحَجِّ إِذْ لَوْ كَانَتِ الْعُمْرَةُ عِنْدَهُ تَطَوُّعًا لَا وَاجِبَةً، لَأَشْبَهَ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، وَلَقَالَ لَهُ‏:‏ لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ مَكْتُوبَتَيْنُ عَلَيْكَ بَلْ إِنَّمَا وَجَدْتُ الْحَجَّ مَكْتُوبًا عَلَيْكَ دُونَ الْعُمْرَةِ، وَفِي تَرْكِهِ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ مَا أَفْتَاهُ هُدَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْقِرَانَ عِنْدَهُ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ سَوْقِ بَدَنَةٍ، وَلَا بَقَرَةٍ مِنَ الْمِيقَاتِ الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، جَائِزٌ عَنِ الْقَارِنِ كَهُوَ عَنِ الْمُتَمَتِّعِ لَا كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ‏:‏ إِنَّ الْقِرَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِسَوْقِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ يَسُوقُهُ مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ‏.‏

‏(‏425‏)‏ بَابُ ذِكْرِ عَدَدِ عُمَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، قَالَ‏:‏ وَإِذَا النَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلُّونَ صَلَاةَ الضُّحَى، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صَلَاتِهِمْ، فَقَالَ‏:‏ بِدْعَةٌ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَرْبَعٌ‏.‏

ثَنَا بُنْدَارٌ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، ثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ‏:‏ قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ‏:‏ كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَرْبَعَ عُمَرٍ، وَحَجَّ حَجَّةً وَاحِدَةً، وَعُمْرَتُهُ مَعَ حَجَّتِهِ‏.‏

‏(‏426‏)‏ بَابُ فَضْلِ الْعُمْرَةِ وَتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ الَّتِي يَرْتَكِبُهَا الْمُعْتَمِرُ بَيْنَ الْعُمْرَتَيْنِ

ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ

ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا سُفْيَانُ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِيهِ سُمَيٌّ، ح وَثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ ‏"‏، غَيْرَ أَنَّ عَبْدَ الْجَبَّارِ قَالَ‏:‏ يَبْلُغُ بِهِ‏.‏

‏(‏427‏)‏ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ جِهَادَ النِّسَاءِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، وَفِي الْخَبَرِ- عِلْمِي- دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ وَاجِبَةٌ كَالْحَجِّ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَ أَنَّ عَلَيْهِنَّ الْعُمْرَةَ كَمَا أَنَّ عَلَيْهِنَّ الْحَجَّ

ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، ثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ جِهَادٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ، الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏"‏ عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ ‏"‏، وَإِعْلَامُهُ أَنَّ الْجِهَادَ الَّذِي عَلَيْهِنَّ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ بَيَانُ أَنَّ الْعُمْرَةَ وَاجِبَةٌ كَالْحَجِّ، إِذْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ‏"‏ عَلَيْهِنَّ ‏"‏ أَنَّهُ وَاجِبٌ إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ ‏"‏ عَلَى الْمَرْءِ ‏"‏ مَا هُوَ تَطَوُّعٌ غَيْرُ وَاجِبٍ‏.‏

‏(‏428‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْعُمْرَةِ عَلَى الدَّوَابِّ الْمُحْبَسَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ‏:‏ أَرْسَلَ مَرْوَانُ إِلَى أُمِّ مَعْقِلٍ ‏[‏مَنْ‏]‏ يَسْأَلُهَا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَهَا جَعَلَ بَكْرًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَنَّهَا أَرَادَتِ الْعُمْرَةَ، فَسَأَلَتْ زَوْجَهَا الْبَكْرَ، فَأَبَى عَلَيْهَا، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَهَا، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ سُبُلِ اللَّهِ، وَأَنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً أَوْ تُجْزِئُ حَجَّةً

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ هَذَا الْخَبَرُ عِنْدِي دَالٌ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَنْ حَبَسَ شَيْئًا فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْخَيْرِ، فَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ أَنَّ الْحَبْسَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَازَ لِأَبِي مَعْقِلٍ تَسْبِيلَ الْبَكْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ يَدِهِ، وَهَذَا الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْمُطَّلِبِيِّ‏:‏ إِنَّ الْحَبْسَ يَتِمُّ بِالْكَلَامِ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ الْمُحْبِسُ مِنْ يَدِهِ‏.‏

‏(‏429‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ لِلْحَاجِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْإِحْرَامِ بِهِمَا مِنْ أَيِّ الْحِلِّ شَاءَ

ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ- يَعْنِي الْحَنَفِيَّ-، ثَنَا أَفْلَحُ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ مَا شَأْنُكِ‏؟‏ ‏"‏ قَالَتْ‏:‏ لَا أُصَلِّي، قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَلَا يَضُرُّكِ إِنَّمَا أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ‏.‏ وَقَالَ‏:‏ حَتَّى نَزَلَ الْمُحَصَّبَ، وَنَزَلْنَا مَعَهُ فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ اخْرُجْ بِأُخْتِكَ، فَلْتُهِلَّهْ بِعُمْرَةٍ‏.‏

‏(‏430‏)‏ بَابُ فَضْلِ الْعُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا تُعْدَلُ بِحَجَّةٍ

مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُشَبَّهُ بِالشَّيْءِ وَيُجْعَلُ عِدْلُهُ إِذَا أَشْبَهَهُ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي، لَا فِي جَمِيعِهِ، إِذِ الْعُمْرَةُ لَوْ عَدَلَتْ حَجَّةً فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهَا لَقُضِيَ الْعُمْرَةُ مِنَ الْحَجِّ، وَلَكَانَ الْمُعْتَمِرُ فِي رَمَضَانَ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ تُسْقِطُ عُمْرَتُهُ فِي رَمَضَانَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ عَنْهُ، فَكَانَ النَّاذِرُ حَجًّا لَوِ اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ كَانَتْ عُمْرَتُهُ فِي رَمَضَانَ قَضَاءً لِمَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ نَذْرِ الْحَجِّ‏.‏

ثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ، ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَّ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا حُجَّنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ مَا عِنْدِي مَا أُحِجُّكِ عَلَيْهِ، قَالَتْ‏:‏ فَحُجَّنِي عَلَى نَاضِحِكَ، قَالَ‏:‏ ذَاكَ يَعْتَقِبُهُ أَنَا وَوَلَدُكِ، قَالَتْ‏:‏ حُجَّنِي عَلَى جَمَلِكَ فُلَانٍ قَالَ‏:‏ ذَلِكَ حَبِيسُ سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَتْ‏:‏ فَبِعْ تَمْرَتَكَ، قَالَ‏:‏ ذَاكَ قُوتِي وَقُوتُكِ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ زَوْجَهَا، فَقَالَتْ أَقْرِئْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَسَلْهُ مَا تَعْدِلُ حَجَّةً مَعَكَ‏؟‏، فَأَتَى زَوْجُهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي تُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، وَإِنَّهَا كَانَتْ سَأَلَتْنِي أَنْ أَحُجَّ بِهَا مَعَكَ، فَقُلْتُ لَهَا‏:‏ لَيْسَ عِنْدِي مَا أُحِجُّكِ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ‏:‏ حُجَّنِي عَلَى جَمَلِكَ فُلَانٍ، فَقُلْتُ لَهَا‏:‏ ذَلِكَ حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ حَجَجْتَهَا، فَكَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ‏"‏ فَقَالَتْ‏:‏ حُجَّنِي عَلَى نَاضِحِكَ، فَقُلْتُ‏:‏ ذَاكَ يَعْتَقِبُهُ أَنَا وَوَلَدُكُ قَالَتْ‏:‏ فَبِعْ تَمْرَتَكَ، فَقُلْتُ‏:‏ ذَاكَ قُوتِي وَقُوتُكِ،- قَالَ‏:‏ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجُّبًا مِنْ حِرْصِهَا عَلَى الْحَجِّ،- وَإِنَّهَا أَمَرَتْنِي أَنْ أَسْأَلَكَ مَا يَعْدِلُ حَجَّةً مَعَكَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَقْرِئْهَا مِنِّي السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَأَخْبِرْهَا أَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ‏.‏

‏(‏431‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ الْعُمْرَةِ مِنَ الْجِعْرَانَةِ

ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ ‏[‏بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ‏]‏ ‏[‏التَّوْبَةِ‏:‏ 1‏]‏ قَالَ‏:‏ لَمَّا قَفَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ اعْتَمَرَ مِنَ الْجِعْرَانَةَ ثُمَّ أَمَّرَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى تِلْكَ الْحَجَّةِ‏.‏

‏(‏432‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِمَنْ لَا يَحُجُّ عَامَهُ ذَلِكَ، وَالرُّخْصَةِ لَهُ فِي الرُّجُوعِ إِلَى وَطَنِهِ بَعْدَ قَضَاءِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ ‏[‏أَنْ‏]‏ يَحُجَّ

ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا‏:‏ ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَلْقَمَةَ- وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ-، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ النَّاسَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ الْحَجِّ فَلْيَفْعَلْ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ هَذَا الْخَبَرُ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ قَوْلِ الْمُطَّلِبِيِّ أَنَّ فَرْضَ الْحَجِّ مَمْدُودٌ مِنْ حِينِ يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ إِلَى أَنْ تَحْدُثَ بِهِ الْمَنِيَّةُ، إِذْ لَوْ كَانَ فَرْضُ الْحَجِّ عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ مَنْ لَا يَفْهَمُ الْعِلْمَ، وَزَعَمَ أَنَّ مَنْ‏.‏‏.‏ الْحَجِّ عَنْ أَوَّلِ سَنَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ كَانَ فِيهَا عَاصِيًا لِلَّهِ لَمَا أَبَاحَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَنْ يَرْجِعَ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَيَّامٌ قَلَائِلُ؛ لِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَرَفَةَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ، فَأَبَاحَ لِمَنْ أَحَبَّ الرُّجُوعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْعُمْرَةِ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ ‏[‏أَنْ‏]‏ يَحُجَّ‏.‏

‏(‏433‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَيْنِ مِنْ جِنْسٍ ‏[‏وَاحِدٍ‏]‏ إِذْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمَا فَبَدَأَ بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا فِي الْأَمْرِ قَبْلَ الْآخَرِ أَنْ جَائِزٌ أَنْ يَبْدَأَ الْمَأْمُورُ بِالْفِعْلَيْنِ بِأَحَدِهِمَا فِي‏.‏‏.‏ انتهت المخطوطة‏.‏ أسأل الله العلي القدير أن يمن علينا بنسخة أخرى كاملة لهذا الكتاب؛ إنه سبحانه على شيء قدير‏.‏