فصل: كتاب الحوائج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأخبار ***


كتاب الحوائج

استنجاح الحوائج

للنبي صلى اللّه عليه وسلم في كتمان الحوائج حدّثني أحمد بن الخليل قال‏:‏ حدّثنا محمد بن الخصيب قال‏:‏ حدّثني أوس بن عبد اللّه بن بريدة عن أخيه سهل بن عبد اللّه بن بريدة عن بريدة قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه‏:‏ ‏"‏إستعينوا على الحوائج بالكتمن فإنّ كلّ ذي نعمةٍ محسودٌ‏"‏‏.‏

لخالد بن صفوان في طلب الحاجة ومفتاح نجاحها قال خالد بن صفوان‏:‏ لا تطلبوا الحوائج في غير حينها، ولا تطلبوها إلى غير أهلها، ولا تطلبوا ما لستم له بأهلٍ فتكونوا للمنع خلقاء‏.‏

لشبيب بن شيبة في نجح السؤال مع العقل قال شبيب بن شيبة‏:‏ إنّي لأعرف أمرًا لا يتلاقى به اثنان إلاّ وجب النّجح بينهما‏.‏ فقال له خالد بن صفوان‏:‏ ما هو‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏العقل، فإنّ‏"‏العاقل لا يسأل ما لا يجوز ولا يردّ عما يمكن‏.‏ فقال له خالد‏:‏ نعيت إليّ نفسي‏؟‏ إنّا أهل بيتٍ لا يموت منا أحدّ حتى يرى خلفه‏.‏

وصية بني ربيعة لأولادهم أبو اليقظان قال‏:‏ كان بنو ربيعة-وهم من بني عسل بن عمرو بن يربوع-يوصون أولادهم فيقولون‏:‏ إستعينوا على الناس في حوائجكم بالتثقيل عليهم، فذاك أنجح لكم قال الشاعر‏:‏

هيبة الإخوان مقـطـعةٌ *** لأخي الحاجات عن طلبه

فإذا ما هـبـت ذا أمـلٍ *** مات ما أمّلت من سببـه

لأبي نواس، وغيره، في طلب الحاجات وقال أبو نواس‏:‏

وما طالب الحاجات ممّن يرومـهـا *** من الناس إلا المصبحون على رجل

تأنّ مواعـيد الـكـرام فـربّـمـا *** أصبت من الإلحاح سمحًا على بخل

والبيت المشهور في هذا‏:‏

إنّ الأمور إذا انسدت مسالـكـهـا *** فالصبر يفتح منها كلّ ما ارتتجـا

أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته *** ومدمن القرع للأبواب أن يلـجـا

لا تيأسنّ وإن طالـت مـطـالـبةٌ *** إذا استعنت بصبرٍ أن ترى فرجـا

وقال آخر‏:‏

إنّـي رأيت، ولـلأيّام تـجـربةٌ *** للصبر عاقبةً محـمـودة الأثـر

وقلّ من جدّ في أمر يطـالـبـه *** واستصحب الصبر إلاّ فاز بالظّفر

من أمثال العرب في الصبر في طلب الحاجة والعرب تقول‏:‏ ‏"‏ربّ عجلة تهب ريثًا‏"‏‏.‏ يريدون أن الرجل قد يخرق ويعجل في حاجته فتتأخّر أو تبطل بذلك‏.‏

وتقولك‏"‏الرّشف أنقع‏"‏‏.‏ يريدون أن الشراب الذي يترّشف رويدًا رويدًا أقطع للعطش وإن طال على صاحبه‏.‏

شعر لعامر بن خالد بن جعفر يخاطب يزيد بن الصقّ وقال عامر بن خالد بن جعفر ليزيد بن الصّق‏:‏

إنك إن كلّفتني ما لـم أطـق *** ساءك ما سرّك منّي من خلق

دعاء في استنجاح الحوائج

وكانوا يستنجحون حوائجهم بركعتين يقولون بعدهما‏:‏ اللّهم إنّي بك أستفتح، وبك أستنجح، وبمحمّد نبيك إليك أتوجّه، اللّهم ذلّل لي صعوبته، وسهّل لي خزونته، وارزقني من الخير أكثر مما أرجو، واصرف عنّي من الشرّ أكثر مما أخاف‏.‏

شعر للقطامي في التأني بطلب الحاجة وقال القطاميّ‏:‏

قد يدرك المتأنّي بعض حاجته *** وقد يكون مع المستعجل الزّلل

بين إبراهيم بن السندي ورجل من أهل الكوفة عرف بالمرؤة عمرو بن بحرٍ عن إبراهيم بن السّنديّ قال‏:‏ قلت في أيام ولايتي الكوفة لرجلٍ من وجوهها، كان لا يجفّ لبده ولا يستريح قلمه ولا تسكن حركته في طلب حوائج الرجال، وإدخال المرافق على الضغفاء وكان رجلًا مفوّهًا‏:‏ خبّرني عن الشيء الذي هوّن عليك النّصب وقوّاك على التعب ما هو‏؟‏ قال‏:‏ قد واللّه سمعت تغريد الطير بالأسحار، في أفنان الأشجار؛ وسمعت خفق أوتار العيدان، وترجيع أصوات القيان الحسان؛ ما طربت من صوتٍ قطّ طربي من ثناء حسنٍ بلسانٍ حسنٍ على رجلٍ قد أحسن، ومن شكر حرّ لمنعمٍ حرّ، ومن شفاعة محتسب لطالب شاكر‏.‏ قال إبراهيم‏:‏ فقلت‏:‏ للّه أبوك لقد حشيت كرمًا فزادك اللّه كرمًا، فبأيّ شيء سهلت عليك المعاودة والطلب‏؟‏ قال‏:‏ لأني لا أبلغ المجهود ولا أسأل ما لا يجوز، وليس صدق العذر أكره إليّ من إنجاز الوعد، ولست لإكداء السائل أكره منّي للإجحاف بالمسؤول، ولا أرى الراغب أوجب عليّ حقًّا للذي قدّم من حسن ظنه من المرغوب إليه الذي احتمل من كلّه‏.‏ قال إبراهيم‏:‏ ما سمعت كلامًا قطّ أشدّ موافقة لموضعه ولا أليق بمكانه من هذا الكلام‏.‏ شعر لمصعب في طلب الحوائج وقال مصعبٌ‏:‏

في القوم معتصمٌ بقوّة أمـره *** ومقصّر أودى به التقصـير

لا ترض منزلة الذليل ولا تقم *** في دار معجزةٍ وأنت خبير

وإذا هممت فأمض همّك إنما *** طلب الحوائج كلّه تغـرير

وكان يقال‏:‏ إذا أحببت أن تطاع، فلا تسأل ما لا يستطاع‏.‏

ويقال‏:‏ الحوائج تطلب بالرجاء، وتدرك بالقضاء‏.‏

الاستنجاح بالرّشوة والهديّة

لسفيان الثوري في الاستنجاح بالهدية حدّثني زيد بن أخزم عن عبد اللّه بن داود قال‏:‏ سمعت سفيان الثوريّ يقول‏:‏ إذا أردت أن تتزّوج فأهد للأمّ‏.‏

والعرب تقول‏:‏ ‏"‏من صانع لم يحتشم من طلب الحاجة‏"‏‏.‏

لميمون بن ميمون قال ميمون بن ميمون‏:‏ إذا كانت حاجتك إلى كاتبٍ فليكن رسولك الطمع‏.‏

لعلي بن أبي طالب في الهدية لنيل الحاجة وقال عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه‏:‏ نعم الشيء الهديّة أمام الحاجة‏.‏

لرؤبة،ولغيره، في الرشوة وقال رؤبة‏:‏

لما رأيت الشّفعاء بلّـدوا *** وسألوا أميرهم فأنكدوا

نامستهم برشوةٍ فأقردوا *** وسهّل اللّه بها ما شدّدوا

وقال آخر‏:‏

وكنت إذا خاصمت خصمًا كببـتـه *** على الوجه حتى خاصمتني الدراهم

فلما تنازعنا الخصـومة غـلّـبـت *** عليّ وقالوا قـم فـإنـك ظـالـم

للعرب في البذل لطلب الحاجة والعرب تقول في مثل هذا المعنى‏:‏ ‏"‏من يخطب الحسناء يعط مهرًا‏"‏يريدون من طلب حاجةً مهمّةً بذل فيها وقال بعض المحدثين‏:‏

ما من صديقٍ وإن تمت صداقتـه *** يومًا بأنجح في الحاجات من طبق

إذا تلّثم بالمنـديل مـنـطـلـقـًا *** لم يخش نبوة بوّابٍ ولا غـلـق

لا تكذبنّ فإنّ الناس مذ خـلـقـوا *** لرغبةٍ يكرمون الناس أو فـرق

وقال آخر‏:‏

ما أرسل الأقوام في حاجةٍ *** أمضى ولا أنجح من درهم

يأتيك عفوًا بالذي تشهـتـي *** نعم رسول الرجل المسلـم

الاستنجاح بلطيف الكلام

بين أبي بكر الهجريّ والمنصور حدّثني سهل بن محمد عن الأصمعيّ قالك دخل أبو بكر الهجريّ على المنصور فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين نغض فمي وأنتم أهل بيت بركة، فلو أذنت لي فقبلت رأسك لعل اللّه يشدّد لي منهم‏؟‏ فقال أبو جعفر‏:‏ اختر منها ومن الجائزة‏.‏ فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين، أهون عليّ من ذهاب درهم من الجائزة ألاّ تبقى في فمي حاكّة‏.‏

لخلف في رقية الخبز قال أبو حاتم‏:‏ وحدّثنا الأصمعيّ عن خلف قال‏:‏ كنت أرى أنّه ليس في لدنيا رقية إلا رقية الحيّات، فإذا رقية الخبز أسهل‏.‏ يعني ما تكلّفه الناس من الكلام لطلب الحيلة‏.‏

بين الفضل بن سهل ورجل يسأله قال رجلٌ للفضل بن سهل يسأله‏:‏ الأجل آفة الأمل، والمعروف ذخيرة الأبد، والبرّ غنيمة الحازم، والتفريط مصيبة أخي القدرة؛ فأمر وهبًا كاتبه أن يكتب الكلمات‏.‏

من رقعة رفعت إلى الفضل بن سهل ورفع إليه رقعةً فيها‏:‏ يا حافظ من يضيّع نفسه عنده، ويا ذاكر من ينسى نصيبه منه، ليس كتابي إذا كتبت استبطاء، ولا إمساكي إذا أمسكت استغناءً؛ لكنّ كتابي إذا كتبت تذكرةٌ لك، وإمساكي إذا أمسكت ثقةً بك‏.‏

وقال رجل لآخر‏:‏ ما قصّرت بي همّةٌ صيّرتني إليك، ولا أخّرني ارتيادٌ دلّني عليك، ولا قعد بي رجاءٌ حداني إلى بابك‏.‏ وبحسب معتصمٍ بك ظفرٌ بفائدةٍ وغنيمةٍ، ولجءٌ إلى موئل ٍوسندٍ‏.‏

للهذيل بن زفر يستعين بيزيد بن المهلّب دخل الهذيل بن زفر على يزيد بن المهلّب في حملاتٍ لزمته، فقال له‏:‏ قد عظم شأنك عن أن يستعان بك أو يستعان عليك، ولست تصنع شيءًا من المعروف إلاّ وأنت أكثر منه وليس العجب أن تفعل، وإنما العجب من ألاّ تفعل‏.‏

شعر للحمدويّ في الحسين بن أيوب قال الحمدونيّ في الحسين بن أيوب والي البصرة‏:‏

قل لابن أيّوب قد أصبحـت مـأمـولا *** لا زال بابك مـغـشـيًّا ومـأهـولا

إن كنت في عطلةٍ فالعذر مـتّـصـلٌ *** وصل إذا كنت بالسلطان مـوصـولا

شرّ الأخـلاّء مـن ولـيّ قـفـاه إذا *** كان المولّي وأعطى البشر معـزولا

من لم يسمّن جـوادًا كـان يركـبـه *** في الخصب قام به في الجدب مهزولا

افرغ لحاجتنا ما دمـت مـشـغـولًا *** لو قد فرغت لقد ألـفـيت مـبـذولا

وقال آخر‏:‏

ولا تعتذر بالشّغل عنّا فـإنـمـا *** تناط بك الآمال ما اتّصل الشّغل

بين رجل وبعض الولاة وأتى رجلٌ إلى صديقٍ له‏:‏ قد عرضت قبلك حاجةٌ، فإن نجحت بك فألفاني منها حظّي والباقي حظّك، وإن تعتذر فالخير مظنون بك والعذر مقدّم لك‏.‏

وفي فصلٍ آخر‏:‏ قد عذرك الشّغل في إغفال الحاجة وعذرني في إنكارك‏.‏

وفي فصل آخر‏:‏ قد كان يجب ألاّ أشكو حالي مع علمك بها، ولا أقتضيك عمارتها بأكثر من قدرتك عليها؛ فلربّما نيل الغنى على يدي من هو دونك بأدنى من حرمتي‏.‏ وما استصغر ما كان منك إلا عنك، ولا أستقلّه إلا لك‏.‏

وقال آخر‏:‏ إن رأيت أن تصفّد يدًا بصنيعةٍ باقٍ ذكرها جميلٍ في الدهر أثرها، تغتنم غرّة الزمان فيها وتبادر فوت الإمكان بها، فافعل‏.‏

بين زياد وأعرابي يسأله العطاء قدم على زيادٍ نفرٌ من الأعراب فقام خطيبهم فقال‏:‏ أصلح الله الأمير‏؟‏ نحن، وإن كانت نزعت بنا أنفسنا إليك وأنضينا ركائبنا نحوك التماسًا لفضل عطائك، عالمون بأنه لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع؛ وإنما أيها الأمير خازنٌ ونحن رائدون، فإن أذن لك فأعطيت حمدنا الله وشكرناك، وإن لم يؤذن لك فمنعت حمدنا الله وعذرناك‏.‏ ثم جلس؛ فقال زياد لجلسائه‏:‏ تالله ما رأيت كلامًا أبلغ ولا أوجز ولا أنفع عاجلة منه‏.‏ ثم أمر لهم بما يصلحهم‏.‏

بين العتابي والمأمون دخل العتابي على المأمون، فقال له المأمون‏:‏ خبّرت بوفاتك فغمتني، ثم جاءتني وفادتك فسرتني‏.‏ فقال العتابي‏:‏ لو قسمت هذه الكلمات على أهل الأرض لوسعتهم؛ وذلك أنه لا دين إلا بك ولا دنيا إلا معك‏.‏ قال‏:‏ سلني‏.‏ قال‏:‏ يداك بالعطية أطلق من لساني‏.‏

بين نصيب وعمر بن عبد العزيز قال نصيب لعمر بن عبد العزيز‏:‏ يا أمير المؤمنين، كبرت سني ورقّ عظمي، وبليت ببنّياتٍ نفضت عليهن من لوني فكسدن عليّ‏.‏ فرقّ له عمر ووصله‏.‏

مسألة رجل لأسد بن عبد الله واعتلال أسد عليه سأل رجل أسد بن عبد الله فاعتل عليه؛ فقال‏:‏ إني سألت الأمير من غير حاجةٍ‏.‏ قال‏:‏ وما حملك على ذلك‏؟‏ قال‏:‏ رأيتك تحبّ من لك عنده حسن بلاء، فأحببت أن أتعلق منك بحبل مودة‏.‏

مسألة بعض الحكماء لبعض ملوك العجم لزم بعض الحكماء باب بعض ملوك العجم دهرًا فلم يصل إليه، فتلطف للحاجب في إيصال رقعةٍ ففعل‏.‏ وكان فيها أربعة أسطرٍ‏:‏ السطر الأول‏"‏الأمل والضرورة أقدماني عليك‏"‏‏.‏

والسطر الثاني‏"‏والعدم لا يكون معه صبرٌ على المطالبة‏"‏‏.‏

والسطر الثالث‏"‏الانصراف بلا فائدةٍ شماتةٌ للأعداء‏"‏‏.‏

والسطر الرابع‏"‏فإما نعم مثمرةٌ، وإما لا مريحةٌ‏"‏‏.‏ فلما قرأها وقع في كل سطرٍ‏:‏ زه؛ فأُعطي ستة عشر ألف مثقال فضة‏.‏

مسألة محمد بن واسع لقتيبة بن مسلم

دخل محمد بن واسع على قتيبة بن مسلم، فقال له‏:‏ أتيتك في حاجةٍ رفعتها إلى الله قبلك، فإن تقضها حمدنا الله وشكرناك، وإن لم تقضها حمدنا الله وعذرناك‏.‏ فأمر له بحاجته‏.‏

وقال له أيضًا في حاجةٍ أخرى‏:‏ إني أتيتك في حاجة، فإن شئت قضيتها وكنا جميعًا كريمين، وإن شئت منعتها وكنا جميعًا لئيمين‏.‏

بين خالد بن عبد الله ورجل جاء يسأله أتى رجل خالد بن عبد الله في حاجةٍ، فقال له، أتكلّم بجرأة اليأس أم بهيبة الأمل‏؟‏ قال‏:‏ بل بهيبة الأمل‏.‏ فسأله حاجته فقضاها‏.‏

لأبي سماك يسأل رجلًا وقال أبو سمّاكٍ لرجل‏:‏ لم أصن وجهي عن الطلب إليك، فصن وجهك عن ردّي، وضعني من كرمك بحيث وضعت نفسي من رجائك‏.‏

بين المنصور ورجل تلطف للسؤال قال المنصور لرجل‏:‏ ما مالك‏؟‏ قال‏:‏ ما يكفّ وجهي ويعجز عن برّ الصديق‏.‏ فقال‏:‏ لقد تلطّفت للسؤال‏.‏ ووصله‏.‏

وقال لمنصور لرجلٍ أحمد منه أمرًا‏:‏ سل حاجتك‏.‏ فقال‏:‏ يبقيك الله يا أمير المؤمنين‏.‏ قال‏:‏ سل، فليس يمكنك ذلك في كل وقتٍ‏.‏ فقال‏:‏ ولم يا أمير المؤمنينن‏؟‏‏؟‏‏؟‏فوالله لا أستقصر عمرك ولا أرهب بخلك ولا أغنم مالك وإن سؤالك لزينٌ، وإن عطاءك لشرف، وما على أحدٍ بذل وجهه إليك نقصٌ ولا شينٌ‏.‏ فأمر حتى ملىء فوه درًّا‏.‏

بين أبي العباس وأبي دلامة قال أبو العباس لأبي دلامة‏:‏ سل حاجتك‏.‏ قال‏:‏ كلبٌ؛ قال‏:‏ لك كلب‏.‏ قال‏:‏ ودابة أتصيد عليها؛ قال‏:‏ ودابة‏.‏ قال‏:‏ وغلام يركب الدابة ويصيد؛ قال‏:‏ وغلام‏.‏ قال‏:‏ وجارية تصلح لنا الصيد وتطعمنا منه؛ قال‏:‏ وجارية‏.‏ قال‏:‏ يا أمير المؤمنين، هؤلاء عيال ولابدّ من دارٍ؛ قال‏:‏ ودار‏.‏ قال‏:‏ لابدّ من ضيعةٍ لهؤلاء؛ قال‏:‏ قد أقطعتك مائة جريبٍ عامرةٍ ومائة جريب غامرة‏.‏ قال‏:‏ وأي شيءٍ الغامرة‏؟‏ قال‏:‏ ليس فيها نباتٌ‏.‏ قال‏:‏ فأنا أقطعك ألفًا وخمسمائة جريبٍ من فيا في أسدٍ؛ قال‏:‏ قد جعلتها‏"‏كلها لك‏"‏عامرةً‏.‏ قال‏:‏ أقبل يدك؛ قال‏:‏ أما هذه فدعها‏.‏ قال‏:‏ ما منعت عيالي شيئًا أهون عليهم فقدًا منها‏.‏

بين عبد الملك بن مروان ورجل قال عبد الملك لرجل‏:‏ ما لي أراك واجمًا لا تنطق‏؟‏ قال‏:‏ أشكو إليك ثقل الشرف؛ قال‏:‏ أعينوه على حمله‏.‏

بين زياد ورجل تلطف في السؤال منه رأى زياد على مائدته رجلًا قبيح الوجه كثير الأكل، فقال له‏:‏ كم عيالك‏؟‏ قال‏:‏ تسع بنات‏.‏ قال‏:‏ أبن هنّ منك‏؟‏ قال‏:‏ أنا أجمل منهم وهنّ آكل مني‏.‏ قال‏:‏ ما أحسن ما تلطفت في السؤال‏.‏ وفرض له وأعطاه‏.‏

مسألة عجوز لقيس بن سعد وقفت عجوز على قيس بن سعد فقالت‏:‏ أشكو إليك قلة الجرذان‏.‏ قال‏:‏ ما أحسن هذه الكناية‏؟‏ إملأوا بيتها خبزًا ولحمًا وسمنًا وتمرًا‏.‏

لبعض القصاص وقال بعض القصاص في قصصه‏:‏ اللهم أقلّ صبياننا وأكثر جرذاننا‏.‏

كان سليمان بن عبد الملك يأخذ الولي بالولي والجار بالجار؛ فدخل عليه رجلٌ وعلى رأسه وصيفةٌ روقةٌ فنظر إليها؛ فقال سليمان‏:‏ أأعجبتك‏؟‏ قال‏:‏ بارك الله لأمير المؤمنين فيها ‏!‏ قال‏:‏ هات سبعة أمثالٍ في الاست وخذها؛ فقال‏:‏ ‏"‏صر عليه الغزو استه‏"‏‏.‏ قال‏:‏ واحد‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏است البائن أعلم‏"‏؛ قال‏:‏ اثنان‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏است لم تعود المجمر تحترق‏"‏؛ قال‏:‏ ثلاثة‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏الحرّ يعطي والعبد يبجع باسته‏"‏؛ قال‏:‏ أربعة‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏استي أخبثي‏"‏‏!‏ قال‏:‏ خمسة‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏عاد سلاها في استها‏"‏؛ قال‏:‏ ‏"‏لا ماءك أبقيت ولا حرك أنقيت‏"‏؛ قال‏:‏ ليس هذا من ذاك؛ قال‏:‏ أخذت الجار بالجار كما يفعل أمير المؤمنين‏!‏ قال‏:‏ خذها‏.‏

بين يزيد بن المهلب وسليمان قال يزيد بن المهلّب لسليمان في حمالةٍ كلمة فيها‏:‏ يا أمير المؤمنين، والله لحمدها خيرٌ منها، ولذكرها أحسن من جمعها، ويدي مبسوطةٌ بيدك فابسطها لسؤالها‏.‏

بين عبد الملك بن مروان وعمرو بن عتبة وقد سأله أن لا يقطع عطاءه

قطع عبد الملك بن مروان عن آل أبي سفيان أشياء كان يجريها عليهم، لتباعدٍ كان بينه وبين خالد بن يزيد بن معاوية؛ فدخل عليه عمرو بن عتبة فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين، أدنى حقّك متعبٌ وتقصيه فادحٌ، ولنا مع حقك علينا حقٌ عليك، لقرابتنا منك وإكرام سلفنا لك؛ فانظر إلينا بالعين التي نظروا بها إليك، وضعنا بحيث وضعتنا الرحم منك، وزدنا بقدر ما زادك الله؛ فقال‏:‏ أفعل، وإنما يستحق عطيتي من استعطاها، فأما من ظن يستغني بنفسه فسنكله إليها‏.‏ يعرّض بخالد؛ فبلغ ذلك خالدًا، فقال‏:‏ أما عمرو فقد أعطى من نفسه أكثر مما أخذ، أو بالحرمان يتهددني‏!‏ يد الله فوق يده مانعةٌ، وعطاؤه دونه مبذول‏.‏

مسألة رجل للحجاج برقعة سلمها ليزيد بن أبي مسلم أتى رجل يزيد بن أبي مسلم برقعةٍ يسأله أن يرفعها إلى الحجاج؛ فنظر فيها يزيد فقال‏:‏ ليست هذه من الحوائج التي ترفع إلى الأمير‏.‏ فقال له الرجل‏:‏ فإني أسألك أن ترفعها، فلعلها توافق قدرًا فيقضيها وهو كاره‏.‏ فأدخلها وأخبره بمقالة الرجل؛ فنظر الحجاج في الرقعة، وقال ليزيد‏:‏ قل للرجل‏:‏ إنها وافقت قدرًا وقد قضيناها ونحن كارهون‏.‏

لبعض الشعراء يخاطب بشر بن مروان دخل بعض الشعراء على بشر بن مروان فأنشده‏:‏

أغفيت عند الصبح نوم مسهـدٍ *** في ساعة ما كنت قبل أنامها

فرأيت أنك رعتنـي بـولـيدةٍ *** مغنوجةٍ حسن عليّ قيامـهـا

وببذرةٍ حملت إلـيّ وبـغـلةٍ *** دهماء مشرفةٍ يصل لجامهـا

فدعوت ربي أن يثيبـك جـنةً *** عوضًا يصيبك بردها وسلامها

فقال له بشر‏:‏ في كل شيء أصبت إلا في البغلة فإني لا أملك إلا شهباء‏.‏ فقال‏:‏ إني الله ما رأيت إلا شهباء‏.‏

مسألة رجل لمعاوية قال رجل لمعاوية‏:‏ أقطعني البحرين‏.‏ قال‏:‏ إني لا أصل إلى ذلك‏.‏ قال‏:‏ فاستعملني على البصرة‏.‏ قال‏:‏ ما أريد عزل عاملها‏.‏ قال‏:‏ تأمر لي بألفين‏.‏ قال‏:‏ ذاك لك‏.‏ فقيل له‏:‏ ويحك أرضيت بعد الأوليين بهذا قال‏:‏ اسكتوا لولا الأوليان ما أعطيت هذه‏.‏

مسألة أعرابي لبعض الكتاب جاء أعرابي إلى بعض الكتاب فسأله، فأمر الكاتب غلامه بيمينه أن يعطيه عشرة دراهم وقميصًا من قمصه؛ فقال الأعرابي‏:‏

حوّل العقد بالشمال أبـا الأص *** بغ واضمم إلى القميص قميصا

إن عقد اليمين يقصـر عـنـي *** وأرى في قميصكم تقلـيصـا

يقول‏:‏ حوّل عقد اليمين وهو عشرة إلى عقد الشمال وهو مائة‏:‏ مسألة أعرابي‏:‏ سألني أعرابي فقال في مسألته‏:‏ لقد جعت حتى أكلت النوى المحرق ولقد مشيت حتى انتعلت الدم وحتى سقط من رجلي بخص لحمٍ وحتى أن وجهي حذاءٌ لقدامي، فهل من أخٍ يرحمنا‏؟‏ وسأل آخر قومًا فقال‏:‏ رحم الله امرًا لم تمجج أذناه كلامي، وقدم لنفسه معاذًا من سوء مقامي، فإن البلاد مجدبة، والحال مصعبة، والحياء زاجر يمنع من كلامكم، والعدم عاذر يدعو إلى إخباركم، والدعاء أحد الصدقتين فرحم الله امرًا أمر بمير، ودعا بخير‏.‏ فقال له رجل من القوم‏:‏ ممن الرجل‏؟‏ فقال‏:‏ اللهم غفرًا ممن لا تضرك جهالته، ولا تنفعك معرفته؛ ذلّ الاكتساب، يمنع من عز الانتساب‏.‏

بين أعرابي ورجل حرمه العطاء سأل أعرابي رجلًا فحرمه؛ فقال‏:‏ غلام تحرمني فوالله ببييييسسش ما زلت قبلةً لأملي لا تلفتني عنك المطامع، فإن قلت‏:‏ قد أحسنت بدءًا، فما ينكر لمثلك أن يحسن عودًا‏.‏

بين ابن أبي عتيق وأشعب قال ابن أبي عتيق‏:‏ دخلت على أشعب وعنده متاع حسن وأثاثٌ، فقلت له‏:‏ ويح أما تستحي أن تسأل وعندك ما أرى فقال‏:‏ يا فديتك معي والله من لطيف السؤال ما لا تطيب نفسي بتركه‏.‏

شعر للصلتان العبدي قال الصّلتان العبديّ‏:‏

نروح ونغدو لحاجـاتـنـا *** وحاجة من عاش لا تنقضي

تموت مع المرء حاجـاتـه *** وتبقى له حاجةٌ ما بـقـي

إذا ليلةٌ هرّمـت يومـهـا *** أتى بعد ذلـك يومٌ فـتـي

وقال آخر‏:‏

وحاجةٍ دون أخرى قد سنحت بها *** جعلتها للتي أخفيت عـنـوانـا

لدعبل الخزاعي في طلب حاجة له كتب دعبلٌ إلى بعض الأمراء‏:‏

جئتك مستشفعًا بلا سبـب *** إليك إلا بـحـرمة الأدب

فاقض ذمامي فإنّني رجلٌ *** غير ملحٍّ عليك في الطلب

من يعتمد في لحاجة ويستسعى فيها

للنبي صلى الّه عليه وسلم فيمن يعتمد في الحاجة

روى هشيم عن عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي مصعب قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اطلبوا الحوائج إلى حسان الوجوه‏"‏‏.‏

وفي حديث آخر‏:‏ ‏"‏إعتمد لحوائجك الصّباح الوجوه، فإنّ حسن الوجوه الصورة أوّل نعمةٍ تتلقّاك من الرجل‏"‏‏.‏

شعر لامرأة من ولد حسّان بن ثابت قالت امرأةٌ من ولد حسّان بن ثابت‏:‏

سل الخير أهل الخير قدمًا ولا تسل *** فتىً ذاق طعم العيش منذ قـريب

ومن المشهور قول بعض المحدثين‏:‏

حسن ظنّ إليك أكرمك الـلّ *** ه دعاني فلا عدمت الصّلاحا

ودعاني إليك قـول رسـول *** اللّه إذ قال مفصحًا إفصاحا

إن أردتم حوائجًا عنـد قـومٍ *** فتنقّوا لها الوجوه الصّباحـا

وقال آخر‏:‏

إنا سألنا قومنا فخـيارهـم *** من كان أفضلهم أبوه الأوّل

أعطى الذي أعطى أبوه قبله *** وتبخّلت أبناء من يتبـخّـل

لخالد بن صفوان في طلب الحاجة إلى غير أهلها وقال خالد بن صفوان‏:‏ فوت الحاجة خيرٌ من طلبها إلى غير أهلها، وأشدّ رمن المصيبة سوء الخلف منها‏.‏

لمسلم بن قتيبة فيمن لا تطلب الحاجة إليه حدثني أبو حاتم عن الأصمعيّ قال‏:‏ قال مسلم بن قتيبة‏:‏ لا تطلبنّ حاجتك إلى كذّابٍ فإنه يقرّبها وهي بعيدٌ ويبعّدها وهي قريب، ولا إلى أحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرّك، ولا إلى رجل عند من تسأله الحاجة مأكلةٌ، فإنه لا يؤثرك على نفسه‏.‏

شعر لأبي عون في عدم مساءلة الأعراب أنشدنا الرّياشيّ لأبي عونٍ‏:‏

ولست بسائل الأعراب شيءً *** حمدت اللّه إذ لم يأكلونـي

لميمون بن ميمون في النهي عن طلب الحاجة من لئيم وقال ميمون بن ميمون‏:‏ لا تطلبنّ إلى لئيم حاجةً، فإن طلبت فأجّله حتى يروض نفسه‏.‏

لعطاء هارون بن معروفٍ عن ضمرة عن عثمان بن عطاء، قال‏:‏ عطاء الحوائج عند الشباب أسهل منها عند الشيوخ ثم قرأ قول يوسف‏:‏ ‏"‏لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم‏"‏وقول يعقوب‏"‏سوف أستغفر لكم ربّي إنّه هو الغفور الّرحيم‏"‏‏.‏

شعر لبشار وقال بشارٌ‏:‏

إذا أيقظتك حروب العدا *** فنبّه لها عمرًا ثـم نـم

فتىً لا يبيت على دمنةٍ *** ولا يشرب الماء إلا بدم

يلذّ العطاء وسفك الدماء *** فيغدو على نعم أو نقم

لأبي عبّاد الكاتب وقال أبو عبّاد الكاتب‏:‏ لا تنزل مهمّ حوائجك بالجيّد اللسان، ولا المتسرّع إلى الضّمان، فإنّ العجز مقصورٌ على المتسرّع؛ ومن وعد ما يعجز عنه فقد ظلم نفسه وأساء إلى غيره؛ ومن وثق بجودة لسانه ظنّ أنّ في فصل بيانه ما ينوب عن عذره وأن وعده يقوم مقام إنجازه‏.‏

وقال أيضًا‏:‏ عليك بذي الحصر البكيّ، وبذي الخيم الرضيّ، فإن مثقالًا من شدّة الحياء والعيّ، أنفع في الحاجة من قنطارٍ من لسانٍ سليطٍ وعقلٍ ذكيّ؛ وعليك بالشّهم النّدب الذي إن عجز أيأسك، وإن قدر أطعمك‏.‏

لبعض الشعراء قال بعض الشعراء‏:‏

لا تطلبـنّ إلـى لـئيم حـاجة *** واقعد فإنك قائمًا كالـقـاعـد

يا خادع البخلاء عن أمولـهـم *** هيهات ‏!‏تضرب في حديدٍ بارد

وقال آخر‏:‏

إذا الشافع استصقى لك الجهد كلّه *** وإن لم تنل نجحًا فقد وجب الشّكر

وقال آخر‏:‏

وإذا امرؤٌ أسدى إليك صنيعةً *** من جاهه فكأنّها من مالـه

أعرابي يذكر رجلًا بعلو الهمّة ذكر أعرابيّ رجلًا، فقال‏:‏ كان واللّه إذا نزلت به الحوائج قام إليها ثم قام بها، ولم تقعد به علاّت النفوس‏.‏

قال الشاعر‏:‏

ماإن مدحتك إلا قلت تخدعني *** ولا استعنتك إلا قلت مشغول

في شهامة شبيب بن شيبة ابن عائشة قال‏:‏ كان شبيب بن شيبة رجلًا شريفًا يفزع إليه أهل البصرة في حوائجهم فكان إذا أراد الركوب تناول من الطعام شيءًا ثم ركب؛ فقيل له‏:‏ إنك تكابر الغذاء فقال‏:‏ أجل أطفىء بهفورة جوعي، وأقطع به خلوف فمي، وأبلغ في قضاء حوائجي، فخذ من الطعام ما يذهب عنك النّهم؛ ويداوي من الخوى‏.‏

قال بعض المحدثين‏:‏

لعمرك ما أخلفت وجهًا بذلـتـه *** إليك ولا عرّضته للـمـعـاير

فتىً وفرت أيدي المحامد عرضه *** وخلّت لديه ماله غـير وافـر

وقال آخر‏:‏

أتيتك لا أدلـي بـقـربـي ولا يدٍ *** إليك سوى أنّي بـجـودك واثـق

فإن تولني عرفًا أكن لك شـاكـرًا *** وإن قلت لي عذرًا أقل أنت صادق

وقال رجلٌ لآخر في كلامه‏:‏ أيدينا ممدودةٌ إليك بالرغبة، وأعناقنا خاضعةٌ لك بالذّلّة، وأبصارنا شاخصةٌ إليك بالشكر؛ فافعل في أمورنا حسب أملنا فيك، والسلام‏.‏

الإجابة إلى الحاجة والردّ عنها

للعباس بن محمد وعلي بن عبد اللّه بن العباس في معنى هذا العنوان قال رجل للعّباس بن محمد‏:‏ إنّي أتيتك في حاجةٍ صغيرةٍ؛ قال‏:‏ اطلب لها رجلًا صغيرًا‏.‏ وهذا خلاف قول عليّ بن عبد اللّه بن العبّاس لرجل قال له‏:‏ إني أتيتك في حاجةٍ صغيرةٍ فقال له عليّ بن عبد اللّه‏:‏ هاتها، إنّ الرجل لا يصغر عن كبير أخيه ولا يكبر عن صغيره‏.‏

بين الأحنف ورجل قال رجل للأحنف‏:‏ أتيتك في حاجةٍ لا تنكيك ولا ترزؤك‏.‏ قال‏:‏ إذًا لا تقضى‏!‏ أمثلي يؤتى في حاجةٍ لا تنكي ولا تزر‏!‏ بين رجل ورقبة جاءه مع قوم يسألونه حاجة جاء قومٌ يكلمونه في حاجةٍ لهم ومعهم رقبو، فقال لرقبة‏:‏ تضمنونها‏؟‏ فقال له رقبة‏:‏ جئناك نطلب منك فضل التوسّع فأدخلت علينا همّ الضمّان بين عمر وبن عبيد وحقص بن سالم أتى عمرو بن عبيد حفص بن سالم، فلم يسأله أحدٌ من حشمه شيئًا إلا قال‏:‏ لا فقال عمرو‏:‏ أقلّ من قول‏:‏ ‏"‏لا‏"‏فإنّ‏"‏لا‏"‏ليست في الجنّة‏.‏

للنبي صلى اللّه عليه وسلم كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا سئل ما يجد أعطى، وإذا سئل ما لا يجد قال‏:‏ ‏"‏يصنع اللّه‏"‏‏.‏

شعر لعمر بن أبي ربيعة قال عمر بن أبي ربيعة‏:‏

إنّ لي حاجةً إليك فقالت *** بين أذني وعاتقي ما تريد

أي قد تضمّنته لك فهو في عنقي في إجابة حاجة رجل سأل رجلٌ قومًا؛ فقال له رجل منهم‏:‏ اللّهم هذا سائلنا ونحن سؤالك، وأنت بالمغفرة أجود منّا بالعطاء، ثم أعطاه‏.‏

وفي ردّ الإجابة سأل رجلٌ رجلًا حاجةً؛ فقال‏:‏ اذهب بسلام‏.‏ قال السائل‏:‏ أنصفنا من ردّنا في حوائجنا إلى اللّه عزّ وجلّ‏.‏

بين ثمامة ورجل قال رجل لثمامة‏:‏ إنّ لي إليك حاجةً؛ قال ثمامة‏:‏ ولي إليك حاجةٌ؛ قال‏:‏ ما هي‏؟‏ قال‏:‏ لا‏؟‏أذكرها حتى تتضمّن قضاءها؛ قال‏:‏ قد فعلت؛ قال‏:‏ حاجتي ألا تسألني هذه الحاجة؛ قال‏:‏ رجعت عما أعطيتك؛ قال ثمامة‏:‏ لكنّي لا أردّ ما أخذت‏.‏

بين الأصمعي ورجل اشترى منه ثمرة نخلة قال الحافظ‏:‏ تمشّي قومٌ إلى الأصمعيّ مع رجل اشترى منه ثمرة نخله، فناله فيها خسرانٌ وسألوه حسن النظر له؛ فقال الأصمعيّ‏:‏ أسمعتم بالقسمة الضّيزى‏!‏ هي ما تريدون شيخكم عليه، إشترى منّي على أن يكون الخسران عليّ والربح له‏!‏ إذهبوا فاشتروا لي طعام السّو على هذا الوجه والشرط‏.‏ ثم قال‏:‏ ها هنا واحدةٌ هي لكم دوني، ولا بدّ من الإحتمال لكم إذ لم تحتملوا لي، هذا ما مشيتم معه إلا وأنتم توجبون حقّه وتحبّون رفده، ولو كنت أوجب له مثل الذي توجبون لقد كنت أغنيته عنكم، ولكن لا أعرفه ولا يضرّنني بحقّ؛ فهلمّ فلنتوزع هذا الخسران بيننا بالسواء‏.‏ فقاموا ولم يعودوا، وأيس التاجر فخرج له من حقّه‏.‏

يزيد بن عمير الأسيدي ينصح بنيه بردّ السؤال قال يزيد بن عمير الأسيدي لبنيه‏:‏ يا بنيّ، تعلمّوا الردّ فإنه أشدّ من الإعطاء، ولأن يعلم بنو تميم أن عند أحدكم مائة ألف درهم أعظم له في أعينهم من أن يقسمها فيهم، ولأن يقال لأحدكم‏:‏ بخيلٌ وهو غنيٌ، خيرٌ له من أن يقال‏:‏ سخيٌ وهو فقير‏.‏

شعر لإسحاق بن إبراهيم وقال إسحاق بن إبراهيم‏:‏

النصر يقرئك الـسـلام وإنـمـا *** أهدي السلام تعرضًّا للمطـمـع

فاقطع لبانتـه بـيأسٍ عـاجـلٍ *** وأرح فؤادك من تقاضي الأضلع

ثمامة يعرّض بمحمد بن الجهم ذكر ثمامة محمد بن الجهم فقال‏:‏ لم يطمع أحدًا قطّ في ماله إلا ليشغله بالطمع فيه عن غيره، ولا شفع لصديقٍ ولا تكلّم في حاجة متحرّمٍ به، إلا ليلقن المسؤول حجّة منع، وليفتح على السائل باب حرمانٍ‏.‏

شعر سهل بن هارون إلى موسى بن عمران كتب سهل بن هارون إلى موسى بن عمران‏:‏

إنّ الضمير إذا سألتك حـاجةً *** لأبي الهذيل خلاف ما أبدي

فأمنعه روح اليأس ثم امدد له *** حبل الرجاء لمخلف الوعـد

وألن له كنفًا ليحسن ظـنّـه *** في غير منفـعةٍ ولا رفـد

حتى إذا طالت شقاوة جدّه *** وعناؤه فأجبهه بـالـردّ

لحبّى المدينية في الجرح الذي لا يندمل والذل والشرف قيل لحبى المدينيّة‏:‏ ما الجرح الذي لا يندمل‏؟‏ قالت‏:‏ حاجة الكريم إلى اللئيم ثم يردّه‏.‏ قيل لها‏:‏ فما الذل‏؟‏ قالت‏:‏ وقّوف الشريف بباب الدنيء ثم لا يؤذن له‏.‏ قيل‏:‏ فما الشرف‏؟‏ قالت‏:‏ اعتقاد المنن في رقاب الرجال‏.‏

لمعن بن زائدة قال معن بن زائدة‏:‏ ما سألني قطّ أحدٌ فرددته إلا رأيت الغنى في قفاه‏.‏

لعمر بن الخطاب رضي اللّه عنه روى عليّ بن مسهر عن هشام عن أبيه قال‏:‏ قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه‏:‏ أعلمتم أن الطمع فقرٌ، وأن اليأس غنىً، وأن المرء إذا يئس استغنى عنه‏.‏

وقال آخر في كلامٍ له‏:‏ كلّ ممنوعٍ مستغنىً عنه بغيره، وكلّ مانع ما عنده ففي الأرض غنىً عنه‏.‏

وقد قيل‏:‏ أرخص ما يكون الشيء عند غلائه‏.‏

وقال بشار‏:‏ ‏"‏والدر يترك من غلائه‏"‏لشريح في سؤال الحاجة ومنعها قال شريح‏:‏ من سأل حاجةً فقد عرض نفسه على الرّق، فإن قضاها المسؤول استبعده بها، وإن ردّه عنها رجع حرًّا وهما ذليلان‏:‏ هذا بذّل البخل، وهذا بذّل الردّ‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ من سألك لم يكرم وجهه عن مسألتك، فأكرم وجهك عن ردّه‏.‏

للنبي صلى اللّه عليه وسلم وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يردّ ذا حاجةٍ إلا بها أو بميسور من القول‏.‏

لأسماء بن خارجة في تمنعه عن رد ذي حاجة وقال أسماء بن خارجة‏:‏ ما أحبّ أن أردّ أحدًا عن حاجةٍ؛ فإنه لا يخلو من أن يكون كريمًا فأصونه، أو لئيمًا فأصون منه نفسي‏.‏

شعر لأعرابي وقال أعرابيّ سأل حاجة فردّ عنها‏:‏ وقال أعرابيّ سأل حاجة فردّ عنها‏:‏

ما يمنع الناس شيئًا كنت أطلبـه *** إلا أرى اللّه يكفي فقد ما منعوا

بين الحسن بن علي ورجل جاء يسأله حاجة، ومثله مع أخيه الحسين وعبد اللّه بن عمر أتى رجلٌ الحسن بن عليّ رضي اللّه عنهما يسأله؛ فقال الحسن‏:‏ إن المسألة لا تصلح إلا في غرمٍ فادحٍ أو فقر مدقع أو حمالة مفظعةٍ؛ فقال الرجل‏:‏ ما جئت إلا في إحداهنّ‏.‏ فأمر له بمائة دينار‏.‏

ثم أتى الرجل الحسين بن علي رضي اللّه عنهما فسأله، فقال له مثل مقالة أخيه، فردّ عليه كما ردّ على الحسن، فقال‏:‏ كم أعطاك‏؟‏ قال‏:‏ مائة دينار، فنقصه دينارًا‏.‏ كره أن يساوي أخاه‏.‏

ثم أتى الرجل عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما فسأله فأعطاه سبعة دنانير ولم يسأله عن شيء فقال الرجل له‏:‏ إني أتيت الحسن والحسين، واقتصّ كلامهما عليه وفعلهما به؛ فقال عبد اللّه ويحك‏!‏ وأنّى تجعلني مثلهما‏!‏ إنهما غرًّا العلم غرّا المال‏.‏

بين شيخ من بني عقيل وعمر بن هبيرة حدّثني أبو حاتم عن الأصمعيّ قال‏:‏ جاء شيخٌ من بني عقيلٍ إلى عمر بن هبيرة، فمتّ بقرابةٍ وسأله فلم يعطه شيئًا؛ فعاد إليه بعد أيام فقال‏:‏ أنا العقيليّ الذي سألك منذ أيام؛ فقال عمر‏:‏ وأنا الفزاري الذي منعك منذ أيام؛ فقال‏:‏ معذرةً إلى اللّه‏!‏ إني سألتك وأنا أظنك يزيد بن هبيرة المحاربيّ؛ فقال‏:‏ ذاك الأم لك، وأهون بك عليّ، نشأ في قومك مثلي ولم تعلم به، ومات مثل يزيد ولا تعلم به‏!‏ يا حرسيّ اسفع بيده‏.‏

بين عبد اللّه بن الزبير وأعرابي أتى عبد اللّه بن الزبير أعرابيٌ يسأله، فشكا إليه نقب ناقته واستحمله؛ فقال له ابن الزبير‏:‏ ارقعها بسبتٍ واخصفها بلهب وافعل‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏؛فقال الأعرابيّ‏:‏ إني أتيتك مستوصلًا ولم آتك مستوصفًا، فلا حملت ناقةٌ حملتني إليك‏!‏ فقال‏:‏ إن وصاحبها‏.‏

من أمثال العرب فيمن رجع خائبًا والعرب تقول لمن جاء خائبًا ولم يظفر بحاجته‏:‏ ‏"‏جاء على غبيراء الظهر‏"‏وتقول هي والعوامّ‏:‏ ‏"‏جاء بخفّي حنين‏"‏؛ و‏"‏جاء على حاجبه صوفةٌ‏"‏‏.‏

شعر أبو عطاء السندي في عمر بن هبيرة وقال أبو عطاء السّندي في عمر بن هبيرة‏:‏

ثلاثٌ حكتهنّ لـقـرم قـيسٍ *** طلبت بها الأخوة والثـنـاء

رجعن على حواجبهن صوفٌ *** فعند اللّه أحتسب الـجـزاء

الأصل في قول العرب‏"‏جاء بخفي حنين‏"‏

والأصل في قولهم‏:‏ ‏"‏جاء بخفي حنين‏"‏أن إسكافًا من أهل الحيرة ساومه أعرابيٌ بخفّين، فاختلفا حتى أغضبه، فازداد غيظ الأعرابيّ؛ فلما ارتحل أخذ حنينٌ أحد خفّيه فألقاه على طريقه ثم ألقى الآخر في موضع آخر؛ فلما مرّ الأعرابي بأحدهما قال‏:‏ ما أشبه هذا بخفّ حنين‏!‏ ولو كان معه الآخر لأخذته، ومضى؛ فلما انتهى إلى الأخر ندم على تركه الأوّل، وأناخ راحلت فأخذه ورجع إلى الأوّل، وقد كمن له فعمد إلى راحلته وما عليها فذهب به؛ وأقبل الأعرابيّ ليس معه غير الخفّين؛ فقال له قومه‏:‏ ما الذي أتيت به‏؟‏ قال‏:‏ بخّفي حنين‏.‏

قالوا‏:‏ فإن جاء وقد قضيت حاجته قيل‏:‏ ‏"‏جاء ثانيًا من عنانه‏"‏فإن جاء ولمّا تقض حاجته وقد أصيب ببعض ما معه، قالوا‏:‏ ‏"‏ذهب يبتغي قرنًا فلم يرجع بأذنين‏"‏‏.‏ يقول بشار‏:‏

فكنت كالعير غدا يبتغي *** قرنًا فلم يرجع بأذنين

لأعرابي وقد سأل قومًا سأل أعرابيّ قومًا، فقيل له‏:‏ بورك فيك‏!‏ فقال‏:‏ وكلكم اللّه إلى دعوةٍ لا تحضرها نيّة‏.‏

بين الوليد وأعرابي أرسل الوليد خيلًا في حلبةٍ، فأرسل أعرابيٌ فرسًا له فسبقت الخيل؛ فقال له الوليد‏:‏ احملني عليهما؛ فقال‏:‏ إن لها حرمةً، ولكني أحملك على مهر لها سبق الخيل عام أوّل وهو ريضّ‏.‏

من أقوال العرب وتقول العرب فيمن يشغله شأنه عن الحاجة يسألها‏:‏ ‏"‏شغل الحلي أهله أن يعار‏"‏بنصب الحلي، ويعار‏:‏ من العارية‏.‏ فأمّا قولهم‏:‏ ‏"‏أحقّ الخيل بالركض المعار‏"‏فأنّ المعار‏:‏ المنتوق الذّنب وهو المهلوب؛ يريدون أنه أخفّ من الذيّال الذنب، يقال‏:‏ أعرت الفرس إذا نتفته‏.‏

وتقول العرب لمن سئل وهو لا يقدر فردّ‏:‏ ‏"‏بيتي يبخل لا أنا‏"‏؛ يريدون أنه ليس عنده ما يعطي‏.‏

ووعد رجلٌ رجلًا فلم يقدر على الوفاء بما وعده؛ فقال له‏:‏ كذبتني‏.‏ قال‏:‏ لا، ولكن كذبك مالي‏.‏

وتقول العرب فيمن اعتذر بالمنع بالعدم وعنده ما سئل‏:‏ ‏"‏أبى الحقين العذرة‏"‏‏.‏ قال أبو زيد‏:‏ وأصله أن رجلًا ضاف قومًا فاستسقاهم لبنًا، وعندهم لبنٌ قد حقنوه في وطبٍ، فاعتذروا أنه لا لبن عندهم؛ فقال‏:‏ ‏"‏أبى الحقين العذرة‏"‏‏.‏ ويقال‏:‏ ‏"‏العذرة طرف البخل‏"‏‏.‏

شعر للطائي يذكر المطل وقال الطائي يذكر المطل‏:‏

وكان المطل في بدءٍ وعـودٍ *** دخانًا للصنيعة وهـي نـار

نسيب البخل مذ كانا وإن لـم *** يكن نسبٌ فبينهمـا جـوار

لذلك قيل بعض المنع أدنـى *** إلى جودٍ وبعض الجود عار

لإسماعيل القراطيسي في الفضل بن الربيع قال إسماعيل القراطيسيّ في الفضل بن الربيع‏:‏

لئن أخطأت فـي مـدح *** ك ما أخطأت في منعي

لقد أحللت حـاجـاتـي *** بوادٍ غــير ذي زرع

بين المنذر بن الزبير وحكيم بن حزام غزا المنذر بن الزبير‏"‏في‏"‏البحر ومعه ثلاثون رجلًا من بني أسد بن عبد العزّى؛ فقال له حكيم بن حزام‏:‏ يا بن أخي، إني قد جعلت طائفةً من مالي للّه عزّ وجلّ، وإني قد صنعت أمرًا ودعوتكم له، فأقسمت عليك لا يردّه عليّ أحدٌ منكم‏.‏ فقال المنذر‏:‏ لاها اللّه إذًا، بل نأخذ ما تعطي، فإن نحتج إليه نستعن به ولا نكره أن يأجرك اللّه، وإن نستعن عنه نعطه من يأجرنا اللّه فيه كما أجرك‏.‏

شعر لأعرابي وقد سأل رجلًا فأعطاه درهمين سأل أعرابيٌّ رجلًا يقال له‏:‏ الغمر فأعطاه درهمين، فردّهما وقال‏:‏

جعلت لغمرٍ درهمـيه ولـم يكـن *** ليغني عني فاقتي درهما غـمـر

وقلت لغمر خذهما فاصطرفهـمـا *** سريعين في نقض المروءة والأجر

أتمنع سؤّال العشـيرة بـعـد مـا *** تسمّيت غمرًا واكتنيت أبا بـحـر

شعر لأبي العتاهية في الفضل بن الربيع وقد سأله حاجة فلم يقضها له اختلف أبو العتاهية إلى الفضل بن الربيع في حاجةٍ له زمانًا فلم يقضها له، فكتب‏:‏

أكلّ طول الزمان أنـت إذا *** جئتك في حاجةٍ تقول غدا‏!‏

لا جعل اللّه لي إلـيك ولا *** عندك ما عشت حاجةٍ أبدا‏!‏

وقال آخر‏:‏

إن كنت لم تنو فيما قلت لي صلةً *** فما انتفاعك من حبسي وترديدي

فالمنع أجمله ما كان أعـجـلـه *** والمطل من غير عسرٍ آفة الجود

وقال آخر‏:‏

بسطت لساني ثم أوثقت نصـفـه *** فنصف لساني في امتداحك مطلق

فإن أنت لم تنجز عداتي تركتني *** وباقي لسان الشكر باليأس موثق

وقال آخر‏:‏

يا جواد اللسان من غير فعلٍ *** ليت جود اللسان في راحتيكا

المواعيد وتنجّزها

لجبار بن سلمى في عامر بن الطفيل ذكر جبّار بن سلمى عامر بن الطّفيل فقال‏:‏ كان واللّه وعد الخير وفى، وإذا أوعد بالشرّ أخلف وعفا‏.‏

شعر لأبي عمرو بن العلاء وأنشد أبو عمرو بن العلاء في نثل هذا المعنى‏:‏

ولا يرهب ابن العمّ ما عشت صولتي *** ويأمن منّي صـولة الـمـتـهـدّد

وإنّـي إن أوعـدتـه أو وعـدتـه *** ليكذب إيعادي ويصدق مـوعـدي

وكان يقال‏:‏ وعد الكريم نقدٌ، ووعد اللئيم تسويف‏.‏

شعر عبد الصمد بن الفضل لخالد بن ديسم وقال عبد الصّمد بن الفضل الرّقاشيّ‏"‏أبو الفضل والعباس الرّقاشيّين البغداديّين‏"‏لخالد بن ديسم عامل الرّيّ‏:‏

أخالد إنّ الرّيّ قد أجحفت بـنـا *** وضاق علينا رحبها ومعاشهـا

وقد أطمعتنا منك يومًا سحـابةٌ *** أضاء لنا برقٌ وكفّ رشاشهـا

فلا غيمها يصحو فيؤيس طامعٌ *** ولا ماؤها يأتي فتروى عطاشها

شعر لأبي الحجاج وقال رجل في الحجّاج‏:‏

كأنّ فؤادي بين أظـفـار طـائر *** من الخوف في جوّ السماء محلّق

حذار امرىء قد كنت أعلـم أنـه *** متى ما يعد من نفسه الشرّ يصدق

لعمرو بن الحارث في الخلف بالوعد قال عمرو بن الحارث‏:‏ كنت متى شئت أجد من يعد وينجز، فقد أعياني من يعد ولا ينجز‏.‏

قال‏:‏ وكانوا يفعلون ولا يقولون، فقد صاروا يقولون ويفعلون، ثم صاروا يقولون ولا يفعلون، ثم صاروا لا يقولون ولا يفعلون‏.‏

شعر لبشار، ولغيره، في ذلك المعنى قال بشار‏:‏

وعدتني ثم لم توفي بمـوعـدتـي *** فكنت كالمزن لم يمطر وقد رعدا

هذا مثل قول العرب لمن يعد ولا يفي‏:‏ ‏"‏برقٌ خلّب‏"‏وقال آخر‏:‏

قد بلوناك بحمد اللّه إن أغنى البلاء

فإذا جلّ مواعي *** دك والـجــحـــد ســـواء

وقال آخر‏:‏

لها كلّ عامٍ موعدٌ غير نـاجـزٍ *** ووقت إذا ما رأس حولٍ تجرّما

فإن أوعدت شرًّا أتى دون وقته *** وإن وعدت خيرًا أراث وأعتما

لعبد اللّه بن عمر وقد زوّج ابنته لرجل من قريش وعد عبد اللّه بن عمر رجلًا من قريش أن يزوّجه ابنته‏!‏ فلما كان عند موته أرسل إليه فزوّجه إياها، وقال‏:‏ كرهت أن ألقى اللّه عزّ وجلّ بثلث اتّفاق شعر للطائي وقال الطائي‏:‏

تقول قول الذي ليس الوفاء له *** خلقًا وتنجز إنجاز الذي حلفا

وأثنى اللّه تبارك وتعالى على نبيّه إسماعيل صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ ‏{‏إنّه كان صادق الوعد وكان رسولًا نبيًا‏}‏ شعر لبشار، ولغيره، في المدح وقال بشار يمدح‏:‏

إذا قال تمّ علـى قـولـه *** ومات العناء بلا أو نعـم

وبعض الرجال بمـوعـده *** قريبٌ وبالفعل تحت الرّجم

كجاري السّراب ترى لمعه *** ولست بواجده عـنـدكـم

وقال العبّاس بن الأحنف‏:‏

ما ضرّ من قطع الرجاء ببخله *** لو كان علّلني بوعـدٍ كـاذب

وقال آخر‏:‏

عسى منك خيرٌ من نعم ألف مرّةٍ *** من آخر غال الصّدق منه غوائله

وقال نصيب‏:‏

يقول فيحسن القول ابن ليلى *** ويفعل فوق أحسن ما يقول

وقال زيادٌ الأعجم‏:‏

للّه درّك من فـتـىً *** لو كنت تفعل ما تقول

لا خير في كذب الجوا *** د وحبّذا صدق البخيل

من أمثال العرب في الخلف بالوعد والعرب تضرب المثل في الخلف بعرقوب‏.‏ قال ابن الكلبيّ عن أبيه‏:‏ كان عرقوب رجلًا من العماليق؛ فأتاه أخٌ له فسأله شيئًا؛ فقال له عرقوب‏:‏ إذا أطلع نخلي‏.‏ فلما أطلع أتاه، قال‏:‏ إذا أبلح‏.‏ فلما أبلح أتاه، فقال‏:‏ إذا أزهى‏.‏ فلما أزهى أتاه، قال‏:‏ إذا أرطب أتاه، قال‏:‏ إذا صار تمرًا جدّه من الليل ولم يعط أخاه شيئًا‏.‏

شعر لكعب بن زهير، ولغيره، في هذا المعنى قال كعب بن زهير‏:‏

كانت مواعيد عرقوبٍ لها مثلًا *** وما مواعيدها إلاّ الأباطـيل

وقال الأشجعيّ‏:‏

وعدت وكان الخلف منك سجيّةً *** مواعيد عرقوب أخاه بيتـرب

هكذا قرأته على البصريين في كتاب سيبويه بالتاء وفتح الراء‏.‏

وقال الشاعر‏:‏

متى ما أقل يومًا لطالـب حـاجةٍ *** نعم، أقضها قدما وذلك من شكلي

وإن قلت لا، بيّنتها من مكانـهـا *** ولم أوذه منها بجرٍّ ولا مـطـل

وللبخـلة الأولـى أقـلّ مـلامةً *** من الجود بداءًا ثم يتبع بالبـخـل

لأبي نواس في امرأة وقال أبو نواس لامرأة‏:‏

أنضيت أحرف لا مما لهجت بها *** فحوّلي رحلها عنها إلى نـعـم

أو حوّليها إلى‏"‏لا‏"‏فهي تعدلهـا *** إن كنت حاولت في ذا قلّة الكلم

قستم علينا فعارضنا قياسـكـم *** يا من تناهى إليه غاية الكـرم

وفي هذا معنىً لطيفٌ‏.‏

من رجل إلى صديق له كتب رجلٌ إلى صديق له‏:‏ قد أفردتك برجائي بعد اللّه، وتعجّلت راحة اليأس ممن يجود بالوعد ويضنّ بالإنجاز، ويحسد أن يفضل، ويزهد أن يفضل، ويعيب الكذب ولا يصدق وقال آخر‏:‏

وذي ثقةٍ تبدّل حين أثـرى *** ومن شيمي مراقبة الثّقات

فقلت له عتبت عليّ إثمـًا *** فرارًا من مؤونات العدات

فعد لمودّتي وعلـيّ نـذرٌ *** سألتك حاجةً حتى الممات

شعر في أصحاب النبيذ وقال آخر في أصحاب النبيذ‏:‏

مواعيدهم ربحٌ لمن يعدونـه *** بها قطعوا برد الشتاء وقاظوا

وقال مسلم‏:‏

لسانك أحلى من جنى النحل موعدًا *** وكفّك بالمعروف أضيق من قفل

تمنّي الذي يأتيك حتّى إذا انتهـى *** إلى أجلٍ ناولته طرف الحـبـل

شعر خلف بن خليفة لأبان بن الوليد وقد وعده وأبطأ عليه وسأل خلف بن خليفة أبان بن الوليد أن يهب له جاريةً، فوعده وأبطأ عليه؛ فكتب إليه‏:‏

أرى حاجتي عند الأمير كأنّمـا *** تهمّ زمانًا عـنـده بـمـقـام

وأحصر من إذكاره إن لقـيتـه *** وصدق الحياء ملجمٌ بـلـجـام

أراها إذا كان النهـار نـسـيئةً *** وبالليل تقضي عند كلّ مـنـام

فيا ربّ أخرجها فإنك مخـرجٌ *** من الميت حيًّا مفصحًا بكـلام

فتعلم ما شكري إذا ما قضيتهـا *** وكيف صلاتي عندها وصيامي

وإن حاجتي من بعد هذا تأخّرت *** خشيت لما بي أن أزور غلامي

والعرب تقول‏:‏ ‏"‏أنجز حرٌّ ما وعد‏"‏شعر أمية بن أبي الصلت لعبد اللّه بن جدعان وقال أميّة بن أبي الصّلت لعبد اللّه بن جدعان‏:‏

أأذكر حاجتي أم قد كفاني *** حياؤك إن شيمتك الحياء

إذا أثنى عليك المرء يومًا *** كفاه من تعرضه الثنـاء

للطائي وقال الطائي‏:‏

وإذا المجد كان عوني على المر *** ء تقاضيته بترك التّقـاضـي

كلمات في استنجاز المواعيد وقال الزّهريّ‏:‏ حقيقٌ على من أورق بوعدٍ، أن يثمر بفعل‏.‏

وقال المغيرة‏:‏ من أخرّ حاجة رجلٍ فقد تضمنّ قضاءها‏.‏

وقال الشاعر‏:‏

كفاك مدكرًا وجهي بأمـري *** وحسبي أن أراك وأن تراني

وكيف أحثّ من يعني بشأنـي *** ويعرف حاجتي ويرى مكاني

وقال الشاعر‏:‏

يا صاح قل في حاجتي *** أذكرتها فيما ذكرتـا

إنّ السّراح من النجـا *** ح إذا شقيت بما طلبتا

وقال آخر‏:‏

في تصديك للمطالب إذكا *** رٌ بوعدٍ جرى به المقدار

كتاب لصديق وكتب بعض الكتاب إلى صديقٍ له‏:‏ إن من العجب إذكار معنيٍّ، وحث متيقظٍ واستبطاء ذاكرٍ؛ إلا أن ذا الحاجة لا يدع أن يقول في حاجته، حلّ بذلك منها أو عقل‏.‏ وكتابي تذكرةٌ والسلام‏.‏

شعر للطرماح وقال الطرماح‏:‏

ألحسن منزلتي تؤخر حاجتـي *** أم ليس عندك لي بخيرٍ مطمع

شعر حمزة بن بيض لمخلد بن يزيد بن المهلب وقال حمزة بن بيضٍ لمخلد بن يزيد بن المهلّب‏:‏

أتيناك في حاجةٍ فاقضهـا *** وقا مرحبًا يجب المرحب

ولا تكلّنا إلى مـعـشـرٍ *** متى يعدوا عدةً يكذبـوا

وقال بعض المحدثين‏:‏

حوائج الناس كلّها قضـيت *** وحاجتي لا أراك تقضيهـا

أناقة اللّه حاجتي عقـرت *** أم نبت الحرف في نواحيها

شعر جرير لعمر بن عبد العزيز

وقال جريرٌ لعمر بن عبد العزيز‏:‏

أأذكر الضّرّ والبلوى التبي نزلت *** أم تكتفي بالذي بلّغت من خبري

وقال آخر‏:‏

أرواح لتسليم عليك وأغتـدي *** وحسبك بالتّسليم منّي تقاضيا

كفى بطلاب المرء ما لا يناله *** عناءً وباليأس المصرّح ناهيا

وقال آخر‏:‏

ما أنت بالسّبب الضّعيف وإنما *** نحج الأمور بقوّة الأسـبـاب

فاليوم حاجتنـا إلـيك وإنـمـا *** يدعى الطبيب لكثرة الأوصاب

كتاب إلى سلطان كتب بعض الكتّاب إلى بعض السلطان‏:‏ أنا أنزّهك عن التجمّل لي بوعدٍ يطول به المدى ويعتزله الوفاء، وأحبّ أن يتقرر عندك أن أملي فيك أبعد من أن أختلس الأمور منك اختلاس من يرى في عاجلك عوضًا من آجلك، وفي الراهن من يومك بدلًا من المأمول في غدك، وألا تكون منزلتي في نفسك منزلة من يصرف الطرف عنه وتستكره النفس عليه ويتكلّف ما فوق العفو له، وأن يختار بين العذر والشكر؛ فاللّه يعلم أنّ أثر الحظّين عندي أحقّهما عليك، وأصوبهما لحالي عندك‏.‏

وفي كتاب‏:‏ ذو الحرمة ملومٌ على فرط الدّالة، كما أنّ المتحرّم به مذمومٌ على التناسي والإزالة‏.‏ ومن مذهبي الوقوف بنفسي دون الغاية التي يقدّمني إليها حقّي، لأمرين‏:‏ أحدّهما ألاّ أرضى بدون الحقّ أزيد في الحقّ‏.‏ والثاني أن أرى النفيس من الحظّ زهيدًا إذا أتىمن جهة الإ رهاق ولي ذمام الموّدة الصادقة التي كلّ حرمةٍ تبعٌ لها، وحق الشكر الذي جعله اللّه وفاءً بالنعم وإن جلّ قدرها؛ وأنت مراعي المعالي وحافظ بقيّة الكرم؛ فأيّ سبيل للعذر، بل أي موضع للإكداء بين حرمتي ورعايتك، وذمامي وكرمك‏!‏ قال أحمد بن يوسف‏:‏ أوّل المعروف مستخفٌ، وآخره مستثقل؛ يكاد أوّله يكون للهوى دون الرأي، وآخره للرأي دون الهوى‏.‏ ولذلك قيل‏:‏ ربٌ الصنيعة أشدّ من ابتدائها‏.‏

شعر أبو العطاء السندي في يزيد بن عمر بن هبيرة قال أبو عطاء السّندي في يزيد بن عمر‏"‏بن هبيرة‏"‏‏:‏

ثلاثٌ حكتهن لقـوم قـيسٍ *** رجعن إليّ صفرًا خائبات

أقام على الفرات يزيد شهرًا *** فقال الناس أيّهما الفـرات

فيا عجبًا لبحرٍ فاض يسقي *** جميع الناس لم يبلل لهاتي

حال المسؤول عند السؤال

شعر في معنى هذا العنوان قال الشاعر‏:‏

سألناه الجزيل فما تلـكّـا *** وأعطى فوق منيتنا وزادا

مرارًا ما أعـود إلـيه إلاّ *** تبسّم ضاحكًا وثنى الوسادا

وقال آخر‏:‏

قومٌ إذا نزل الغريب بدارهـم *** تركوه ربّ صواهلٍ وقـيان

وإذا دعوتهـم لـيوم كـريهةٍ *** سدّوا شعاع الشمس بالفرسان

لا ينقرون الأرض عند سؤالهم *** لتلمّس العلاّت بـالـعـيدان

بل يبسطون وجوههم فترى لها *** عند السؤال كأحسن الألـوان

وقال آخر‏:‏

يجعل المعروف والبرّ ذخرًا *** ويعدّ الحمد خير التّجـارة

وإذا ما جئتـه تـجـتـديه *** خلته بشّرتـه بـبـشـاره

فترى في الطّرف منه حياءً *** وترى الوجه منه استنـاره

وقال آخر‏:‏

إذا غدا المهـديّ فـي جـنـده *** أوراح في آل الرسول الغضاب

بدا لك المعروف في وجـهـه *** كالضوء يجري في ثنايا الكعاب

للعتبي، ولزهير وأنشدني العتبيّ‏:‏

له في ذرى المعروف نعمى كأنها *** مواقع ماء المزن في البلد القفر

إذا ما أتاه السـائلـون تـوقـدت *** عليه مصابيح الطلاقة والبـشـر

والمشهور في هذا قول زهير‏:‏

تراه إذا ما جئته متـهـلّـلًا *** كأنّك تعطيه الذي أنت سائله

لأعرابي وقد سأل رجلًا فردّه وسأل رجل من الأعراب رجلًا‏"‏فلم يعطه‏"‏شيئًا؛ فقال‏:‏

كدحت بأظفاري وأعملت معـولـي *** فصادفت جلمودًا من الصّخر أملسا

تشاغل لما جئت في وجه حاجـتـي *** وأطرق حتى قلت قد مات أو عسى

وأجمعت أن أنـعـاه حـين رأيتـه *** يفوق فواق‏"‏الموت‏"‏ثم تنـفّـسـا

فقلت له لا بأس، لـسـت بـعـائذٍ *** فأفرخ تعلوه الكـآبة مـبـلـسـا

لمسلم، وغيره وقال مسلم‏:‏

أطرق لما أتيت ممـتـدحـًا *** فلم يقل‏"‏لا‏"‏فضلًا على‏"‏نعم‏"‏

فخفت إن مات أن أقـاد بـه *** فقمت أبغي النّجاء من أمـم

لو أنّ كنز البـلاد فـي يده *** لم يدع الإعتلال بـالـعـدم

وقال الحارث الكندي‏:‏

فلما أن أتيناه وقـلـنـا *** بحاجتنا تلوّن لون ورس

وأض بكفّه يحتكّ ضرسًا *** يرينا أنه وجعٌ بضـرس

فقلت لصاحبي أبه كزاز *** وقلت أسرّه أتراه يمسي

وقمنا هاربين معًا جميعًا *** نحاذر أن نزنّ بقتل نفس

لأعرابي دخل على المساور الضبي فردّه خائبًا قال الأصمعي‏:‏ دخل أعرابّي على المساور الضّبي وهو بندار الرّي، فسأله فلم يعطه شيئًا، فأنشأ يقول‏:‏

أتيت المسـاور فـي حـاجةٍ *** فما زال يسعل حتى ضـرط

وحكّ قفاه بـكـر سـوعـه *** ومسّح عثنونه وامـتـخـط

فأمسكت عن حاجتـي خـيفةً *** لأخرى تقطّع شرج السفـط

فأقسم لو عدت في حاجـتـي *** للطّخ بالسلح وشي النـمّـط

وقال غلطنا حساب الخـراج *** فقلت من الضّراط جاء الغلط

قال‏:‏ فكان العامل كّلما ركب صاح به الصّبيان‏:‏ ‏"‏من الضرط جاء الغلط‏"‏فهرب من غير عزل إلى بلاد أصبهان‏.‏

لنهار بن توسعة في قتيبة بن مسلم وقال نهار بن توسعة في قتيبة بن مسلم‏:‏

كانت خراسان أرضًا إذ يزيد بها *** وكلّ باب من الخيرات مفتوح

فبدّلت بعده قردًا نـظـيف بـه *** كأنما وجهه بالخلّ منـضـوح

لجرير في يزيد وقال جرير‏:‏

يزيد يغضّ الطّرف دوني كأنّمـا *** زوى بين عينيه عليّ المحـاجـم

فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى *** ولا تلقنـي إلا وأنـفـك راغـم

وقال آخر‏:‏

لا تسأل المرء عن خلائقه *** في وجهه شاهدّ من الخبر

لمحمد بن واسع حدّثني أبو حاتم عن الأصمعي عن الأبحّ عن البتيّ قال‏:‏ قال محمد بن واسع‏:‏ إنك لتعرف فجور الفاجر في وجهه‏.‏

شعر لأبي العتاهية قال أبو العتاهية‏:‏

ما لي أرى الناس قد أبرقوا *** بلؤم الفعال وقد أرعـدوا

إذا جئت أفضلهم للـسـلا *** م ردّ وأحشـاؤه تـرعـد

كأنك من خشية لـلـسـؤا *** ل في عينه الحيّة الأسـود

لبعضهم في زياد وقال آخر‏:‏

إذا ما الرزّق أحجهم عن كريمٍ *** فألجأه الـزمـان إلـى زياد

تلقّاه بـوجـهٍ مـكـفـهـر *** كأن عليه أرزاق الـعـبـاد

وقال آخر‏:‏

ولي خليلٌ ما مسّنـي عـدمٌ *** مذ نظرت عينه إلى عدمي

بشّرني بالغنى تـهـلـلّـه *** وقبل هذا تهلـلّ الـخـدم

ومـحـنة الـزائرين بـينةٌ *** تعرف قبل اللقاء في الحشم