فصل: الجزء الرابع

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأخبار ***


بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب النساء

في أخلاقهن وخلقهن وما يختار منهن وما يكره

عن مجاهد عن يحيى بن جعدة قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏تنكح المرأة لدينها وحسبها وحسنها فعليك بذات الدّين تربت يداك‏"‏‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏ما أفاد رجلٌ بعد الإسلام خيرًا من امرأةٍ ذات دين تسرّه إذا نظر أليها وتطيعه وتحفظه في نفسها وماله إذا غاب عنها‏"‏‏.‏

لعائشة رضي اللّه عنها وعن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ لا تدخل المرأة على زوجها في أقلّ من عشر سنين‏.‏

قالت عائشة‏:‏ وأدخلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأن بنت تسع سنين‏.‏

في أصناف النساء والرجال الأصمعيّ قال‏:‏ أخبرنا شيخٌ من بني العنبر قال‏:‏ كان يقال‏:‏ النساء ثلاث‏:‏ فهينّةٌ ليّنةٌ عفيفة مسلمة تعين أهلها على العيش ولا تعين العيش على أهلها، وأخرى وعاءٌ للولد، وأخرى‏"‏غلٌ قملٌ‏"‏يضعه اللّه في عنق من يشاء ويفكّه عمن يشاء‏.‏ والرجال ثلاثة‏:‏ فهينٌ ليّنٌ عفيفٌ مسلمٌ، يصدر الأمور مصادرها، ويوردها مواردها، وآخر ينتهي إلى رأي ذي اللّبّ والمقدرة فيأخذ بأمره، وينتهي إلى قوله، وآخر حائرٌ بائرٌ، لا يأتمر لرشدٍ، ولا يطيع مرشدًا‏.‏

لعلي بن أبي طالب في خير النساء عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال‏:‏ خير نسائكم العفيفة في فرجها، الغلمة لزوجها‏.‏

لعروة بن الزبير وعن عروة بن الزّبير قال‏:‏ ما رفع أحدٌ نفسه بعد الإيمان باللّه بمثل منكح صدقٍ، ولا وضع نفسه بعد الكفر باللّه بمثل منكح سوء‏.‏ ثم قال‏:‏ لعن اللّه فلانة، ألقت بني فلان بيضًا طوالًا فقلبتهم سودًا قصارًا‏.‏

لبعض الشعراء قال بعض شعراء بني أسد‏:‏

وأوّل خبث الماء خبث ترابـه *** وأوّل خبث القوم خبث المناكح

لابن زبير، ثم لعمر قال الأصمعيّ‏:‏ قال ابن زبير‏:‏ لا يمنعكم من تزوّج امرأةٍ قصيرةٍ قصرها، فإنّ الطويلة تلد القصير والقصيرة تلد الطويل؛ وإياكم والمذكّرة فإنها لا تنجب‏.‏

أبو عمرو بن العلاء قال‏:‏ قال رجل‏:‏ لا أتزوّج امرأةً حتى أنظر إلى ولدي منها‏.‏ قيل له‏:‏ كيف ذاك‏؟‏ قال‏:‏ أنظر إلى أبيها وأمهّا فإنها تجرّ بأحدهما‏.‏

عن ابن ملكية أنّ عمر قال‏:‏ يا بني السائب، إنكم قد أضويتم فانكحوا في النزائع‏.‏

في أنواع النساء

الأصمعيّ قال‏:‏ قال رجل‏:‏ بنات العمّ أصبر، والغرائب أنجب، وما ضرب رؤوس الأبطال كابن أعجميّة‏.‏

عن أوفى بن دلهم أنه كان يقول‏:‏ النساء أربع، فمنهنّ معمع لها شيئها أجمع، ومنهن تبع تضرّ ولا تنفع، ومنهنّ صدع تفرّق ولا تجمع، ومنهن غيث همع إذا وقع ببلد أمرع‏.‏

قال الأصمعيّ‏:‏ فذكرت بعض هذا الحديث لأبي عوانة فقال‏:‏ كان عبد اللّه بن عمير يزيد فيه‏:‏ ومنهن القرثع‏:‏ وهي التي تلبس درعها مقلوبًا، وتكحل إحدى عينيها وتدع الأخرى‏.‏

لعمر بن الخطاب في ثلاث دواهي عن عليّ بن يزيد قال‏:‏ قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه‏:‏ ثلاث من الفواقر‏:‏ جار مقامةٍ، أن رأى حسنةً سترها، وإن رأى سيئةً أذاعها؛ وامرأةٌ إن دخلت لسنتك، وإن غبت عنها لم تأمنها؛ وسلطانٌ إن أحسنت لم يحمدك، وإن أسأت قتلك‏.‏

الزبرقان في أحب كنائنه وأبغضهم إليه الأصمعيّ قال‏:‏ حدّثنا جميع بن أبي غاضرة - وكان شيخًا مسنًا من أهل البادية من ولد الزّبرقان بن بدر من قبل النساء - قال‏:‏ كان الزبرقان يقول‏:‏ أحبّ كنائني إليّ الذليلة في نفسها، العزيزة في رهطها، البرزة الحييّة التي في بطنها غلام ويتبعها غلام‏.‏ وأبغض كنائني إليّ الطّلعة الخبأة، التي تمشي الدّفقّى وتجلس الهبنقعة، الذليلة في رهطها، العزيزة في نفسها، التي في بطنها جارية وتتبعها جاريةٌ‏.‏

لخالد بن صفوان بلغني عن خالد بن صفوان أنه قال‏:‏ من تزوجّ امرأةً فليتزوّجها عزيزةً في قومها، ذليلةً في نفسها، أدّبها الغنى وأذّلها الفقر‏.‏ حصانًا من جارها، ماجنةً على زوجها‏.‏

الفرزدق يصف النساء وقال الفرزدق يصف النساء‏:‏

يأنسن عند بعولهنّ إذا خلوا *** وإذا هم خرجوا فهنّ خفار

لخالد بن صفوان يطلب امرأة، ولآخرين وقال خالد بن صفوان‏"‏الدلال‏"‏‏:‏ أطلب لي بكرًا كثيّب أو ثيبًا كبكر، لا ضرعًا صغيرًا ولا عجوزًا كبيرة‏"‏لم تقر فتحنن ولم تفت فتمحن‏"‏، قد عاشت في نعمة وأدركتها حاجةٌ، فخلق النعمة معها وذلّ الحاجة فيها، حسبي من جمالها أن تكون ضخمةً من بعيد، مليحةً من قريب، وحسبي من حسبها أن تكون واسطةً في قومها، ترضى مني بالسنّة، إن عشت أكرمتها وإن متّ ورّثتها‏.‏

وقال رجل لصاحب له‏:‏ ابغني امرأةً بيضاء البياض، سوداء السواد، طويلة الطول، قصيرة القصر‏.‏ يريد‏:‏ كلّ شيء منها أبيض فهو شديد البياض، وكل شيء منها أسود فهو شديد السواد، وكذلك الطول والقصر‏.‏

وقال آخر‏:‏ ابغني امرأةً لا تؤهل دارًا‏"‏أي لا تجعل دارها آهلة بدخول الناس عليها‏"‏، ولا نؤنس جارًا‏"‏أي لا تؤنس الجيران بدخولها عليهم‏"‏، ولا تنفث نارًا‏"‏أي لا تنم وتغري بين الناس‏"‏قال الأصمعيّ‏:‏ قال أعرابيّ لابن عمّه‏:‏ اطلب لي امرأة بيضاء، مديدةً فرعاء‏.‏ جعدةً، تقوم فلا تصيب قميصهامنها إلا مشاشة منكبيها، وحلمتي ثديها ورانفتي أليتيها ورضاف ركبتيها، إذا استلقت فرميت تحتها بالأترجّة العظيمة نفذت من الجانب الآخر‏.‏ فقال له ابن عمه‏:‏ وأنّى بمثل هذه إلا في الجنان‏!‏‏.‏

ونحو قوله في الأترجّة قوم أمّ زرعٍ‏:‏ خرج أبو زرعٍ والأوطاب تمخض، فلقي امرأةً معها ولدان لها كالفهدين يلعبان تحت خصرها برمّانتين فطلّقني ونكحها‏.‏

في اختيار الجواري وقال آخر‏:‏ ابغني امرأةً شقّاء مقّاء، طويلة الإلقاء، منهوسة الفخذين، نافحة الصّقلين‏.‏

شعر لابن الأعرابي أنشد ابن الأعرابيّ‏:‏

إذا كنت تبغي أيّمـًا بـجـهـالة *** من الناس فانظر من أبوها وخالها

فإنهما منها كما هي مـنـهـمـا *** كقدّك نعلا إن أريد مـثـالـهـا

فإن الذي ترجو من المال عندهـا *** سيأتي عليه شؤمها وخبـالـهـا

في البكر والثيب وكان يقال‏:‏ البكر كالذّرة تطحنها وتعجنها وتخبزها، والثّيب عجالة راكبٍ تمرٌ وسويقٌ‏.‏ لابن الأعرابي في تطليق زياد لزوجته وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ طلقّ زيادٌ امرأته حين وجدها لثغاء، وقال‏:‏ أخاف أن يجيء ولدي ألثغ، وقال‏:‏

لثغاء تأتي بحيفـسٍ ألـثـغ *** تميس في الموشيّ والمصبّغ

أقوالهم في المرأة ويقال‏:‏ المرأة غلٌّ فانظر ماذا تضع في عنقك؛ وهو من قول ابن المقفّع‏:‏ الدّين رقٌّ فانظر عند من تضع نفسك‏.‏

أنشد ابن الأعرابيّ‏:‏

أحبّ الخلاويّ النزيه من الـهـوى *** وأكره أن أسقى على عطشٍ فضلا

يقول‏:‏ أكره المرأة التي أكثرت الأزواج وإن كنت مضطرًا إليها‏.‏

خالد الحذاء وامرأة خطبها وعن خالد الحذّاء قال‏:‏ خطبت امرأةً من بني أسد فجئت لأنظر إليها وبيني وبينها رواقٌ يشفّ، فدعت بجفنةٍ مملوءة ثريدًا مكلّلة باللحم فأتت على آخرها، وأتت بإناء مملوءٍ لبنًا أو نبيذًا فشربته حتى كفأته على وجهها، ثم قالت‏:‏ يا جارية ارفعي السّجف؛ فإذا هي جالسةٌ على جلد أسدٍ وإذا شابةٌ جميلةٌ، فقالت‏:‏ يا عبد اللّه‏:‏ أنا أسدة من بني أسد على جلد أسد وهذا مطعمي ومشربي، فإن أحببت أن تتقدّم فافعل، فقلت‏:‏ أستخير اللّه وأنظر‏.‏ فخرجت ولم أعد‏.‏

للنبي صلى اللّه عليه وسلم وعن أنس قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأمّ سليم تنظر إلى امرأة فقال‏:‏ ‏"‏شمّي عوارضها وانظري إلى عقبها‏"‏‏.‏

شعر للنابغة وقال النابغة‏:‏

ليست من السّود أعقابًا إذا انصرفت *** ولا تبيع بجنبي نخـلة الـبـرمـا

وقال الأصمعيّ‏:‏ إذا اسودّ عقب المرأة اسودّ سائرها‏.‏

رد علي بن الحسين على عبد الملك في جارية تزوجها تزوّج عليّ بن الحسين أمّ ولدٍ لبعض الأنصار، فلامه عبد الملك في ذلك، فكتب إليه‏:‏ إن اللّه قد رفع باالإسلام الخسيسة وأتمّ النقيصة، وأكرم به من اللؤم فلا عار على مسلم، هذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد تزوّج أمته وامرأة عبده‏.‏ فقال عبد الملك‏:‏ إن عليّ بن الحسين يتشرّف من حيث يتّضع الناس‏.‏

للأصمعي في رغبة الناس بالسراري الأصمعيّ قال‏:‏ كان أهل المدينة يكرهون اتّخاذ أمهات الأولاد حتى نشأ فيهم عليّ بن الحسين والقاسم بن محمد‏"‏بن أبي بكر‏"‏، وسالم بن عبد اللّه‏"‏بن عمر‏"‏، ففاقوا أهل المدينة فقهًا وورعًا فرغب الناس في السّراري‏.‏

لمسلمة بن عبد الملك وقال مسلمة بن عبد الملك‏:‏ عجبنا من رجل أخفى شعره ثم أعفاه، أو قصّر شاربه ثم أطاله، أو كان صاحب سراريّ فاتّخذ المهيرات‏.‏

شعر لمديني قال رجلٌ من أهل المدينة‏:‏

لا تشتمنّ امرًا في أن تكون له *** أمّ من الروم أو سوداء عجماء

فإنما أمّهات الـنـاس أوعـيةٌ *** مستودعات وللأحساب آبـاء

وربّ واضحةٍ ليست بمنجـبةٍ *** وربما أنجبت للفحل سـوداء

لرجل شاور حكيمًا في التزوّج بلغني أن رجلًا شاور حكيمًا في التّزوّج فقال له‏:‏ افعل، وإيّاك والجمال الفائق، فإنه مرعىً أنيق‏.‏ فقال‏:‏ ما نهتني إلا عما أطلب‏.‏ فقال‏:‏ أما سمعت قول القائل‏:‏

ولن تصادف مرعىً ممرعًا أبدا *** إلا وجدت به آثار منـتـجـع

عمر بن الوليد والوليد بن يزيد وقال عمر بن الوليد للوليد بن يزيد‏:‏ إنك لمعجب بالإماء‏.‏ قال‏:‏ وكيف لا أعجب بهنّ وهنّ يأتين بمثلك‏.‏

لأبي الدرداء في خير النساء وشرهنّ ويروى عن أبي الدّرداء أنه قال‏:‏ خير نسائكم التي تدخل قيسًا وتخرج ميسًا وتملأ بيتها أقطًا وحيسًا، وشرّ نسائكم السّلفعة، التي تسمع لأضراسها قعقعة، ولا تزال جارتها مفزّعة‏.‏ وقد فسرت هذا في كتاب غريب الحديث‏.‏

بين معاوية وعقيل بن أبي طالب في أشهى النساء وأسوأهن وقال معاوية لعقيل بن أبي طالب‏:‏ أيّ النساء أشهى‏؟‏ قال‏:‏ المؤاتية لما تهوى‏.‏ قال‏:‏ فأيّ النساء أسوأ‏؟‏ قال‏:‏ المجانية لما ترضى‏.‏ قال معاوية‏:‏ هذا واللّه النّقد العاجل‏.‏ قال عقيل‏:‏ بالميزان العادل‏.‏

الأكفاء من الرجال

للنبي صلى اللّه عليه وسلم عن أبي هريرة قال‏:‏ قال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذا جاءكم من ترضون خلقه وخلقه فزوّجوه إنكم إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريض‏.‏

وعن الحسن عن سمرة عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏الحسب المال والكرم التقوى‏"‏‏.‏

وعن أنسٍ قال‏:‏ قالت أمّ حبيبة‏:‏ يا رسول اللّه، المرأة منّا يكون لها الزوجان في الدنيا فتموت فلأيّهما تكون في الآخرة‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لأحسنهما‏"‏خلقًا‏"‏يا أمّ حبيبة، ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة‏"‏‏.‏

عن عطيّة بن قيس قال‏:‏ خطب معاوية أمّ الدّرداء فقالت‏:‏ قال أبو الدّرداء‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏المرأة لآخر زوجيها‏"‏فلست بمتزوّجة بعد أبي الدرداء حتى أتزوّجه في الجنة إن شاء اللّه تعالى‏.‏

ويقال‏:‏ إنما حرم أزواج النبيّ صلى اللّه عليه وسلم على من بعده لأنّهنّ أزواجه في الجنّة‏.‏

لعمر بن الخطاب رضي اللّه عنه

عن هشام بن عروة عن أبيه قال‏:‏ قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه‏:‏ لا تكرهوا فتياتكم على الرجل القبيح فإنّهنّ يحببن ما تحبّون‏.‏

لابنة الخُسّ ابن الأعرابيّ قال‏:‏ قيل لابنة الخُسّ‏:‏ ألا تتزوّجين‏؟‏ فقالت‏:‏ بلى، لا أريده أخا فلان ولا ابن فلان ولا الظريف المتظرّف ولا السمين الألحم، ولكن أريده كسوبًا إذا غدا، ضحوكًا إذا أتى‏.‏

بينها وبين أبيها وكان أبوها قد كفّ بصره فقال‏:‏ ما بال ناقتك‏؟‏ قالت‏:‏ عينها هاجّ وملؤها راجّ وتمشي وتفاجّ؛ فقال‏:‏ يا بنيّة عقليها‏.‏ فعقلتها؛ فقال‏:‏ ما صنعت حتى اضطرمت‏.‏

لأعرابي في كفاية الزوج قيل لعرابيّ‏:‏ فلانٌ يخطب فلانة‏.‏ قال‏:‏ أموسر من عقلٍ ودينٍ‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فزوّجوه‏.‏

عن عيسى بن عمر قال‏:‏ قال رجل لأعرابيّ‏:‏ أمنكحي أنت‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ولم‏؟‏ قال‏:‏ لأنك أصبح اللّحية‏.‏

عقيل بن علفة وعبد الملك بن مروان وكان عقيل بن عّلفة غيورًا، فخطب إليه عبد الملك بن مروان ابنته على حد بنيه، وكانت لعقيل إليه حوائج، فقال له‏:‏ إن كنت لا بدّ فاعلًا فجنّبني هجناءك‏.‏

وله مع إبراهيم بن هشام وخطب إليه إبراهيم بن هشام بن إسماعيل- وكان‏"‏إبراهيم بن‏"‏هشام ولي المدينة وخال هشام بن عبد الملك- فردّه لأنه كان أبيض شديد البياض، فقال‏:‏

رددت صحيفة لقرشيّ لمّا *** بت عرقه إلاّ احمـرارا

يعني العجم يسمّون الحمراء‏.‏

بين عبد الملك بن مروان وقرشية بن الأعرابي قال‏:‏ قال عبد الملك بن مروان لامرأةٍ من قريشٍ تزّوجت رجلًا مغموصًا عليه‏:‏ أتنكح الحرّة عبدها‏؟‏ فقالت‏:‏ يا أمير المؤمنين

إنّ المهور تنكح الأيامـي *** النّسوة الأرامل اليتامـى

المرء لا تبغي له سلامًا ***

لابن الأعربي وقال ابن الأعرابي‏:‏ خطب رجلٌ إلى رجلٍ فلم يرضه فأنشأ يقول‏:‏

قل للذين سعوا يبغون رخصتهـا *** ما رخّص الجوع عندي أمّ كلثوم

الموت خير لها من بعل منقصةٍ *** ساقت إليه أباهـا جـلّةٌ كـوم

عمر الخير وكان عمر الخير نكّاحًا‏"‏فكن‏"‏في عام سنةٍ يقول‏:‏ لعل الضيفة تحملهم على أن ينكحوا غير الاكفاء‏.‏

بين المساور والمرّار وقال المساور للمرّار‏:‏

ما سرني أن أمي من بني أسدٍ *** وأن ربّي ينجيني من النـار

وأنهم زوّجوني من بناتـهـم *** وأن لي كل يومٍ ألف دينـار

فأجابه المرار‏:‏

فلست للأم من عبسٍ ومن أسدٍ *** وإنما أنت دينار ابـن دينـار

وإن تكن أنت من عبس وأمهم *** فإن أمكم من جارة الـجـار

دينار ابن دينار‏:‏ عبد ابن عبد‏.‏ وجارة لجار‏:‏ الاست‏.‏ والجار‏:‏ الفرج‏.‏

لأعرابي في امراة دلته على زوجة وقال بعض الاعراب‏:‏

أقول لها لما أتتني تـدلّـنـي *** على امرأةٍ موصوفةٍ بجمـال

أصبت لها ولله بعلًا كما اشتهت *** إن اغتفرت مني ثلاث خصال

فمنهن فسقٌ لا يبـارى ولـيده *** ورقّة إسـلامٍ وقـلّة مــال

بين ابن هبيرة ورجل وقال رجل لابن هبيرة‏:‏ أنا ابن الذي خطب إلى معاوية؛ فقال ابن هبيرة‏:‏ أفزوّجه‏؟‏ قال‏:‏ لا؛ فقال ما صنعت شيئًا‏.‏

لشيخ في رجل من بني كلاب خطب امرأة أبو الحسن المدائني قال‏:‏ خطب رجل من بني كلاب امرأة، فقالت له أمها‏:‏ حتى أسأل عنك‏.‏ فانصرف فسأل عن أكرم الحيّ عليها، فدلّ على شيخ فيهم كان يحسن المحضر في الأمر يسأل عنه، فسأله أن يحسن عليه الثناء وانتسب له فعرفه؛ ثم إن العجوز شمرت فسألته عنه فقال‏:‏ أنا ربيته، قالت‏:‏ كيف لسانه‏؟‏ قال‏:‏ مدرة قومه وخطيبهم‏.‏ قالت‏:‏ كيف شجاعته‏؟‏ قال‏:‏ حامي قومهم وكهفهم‏.‏ قالت‏:‏ فكيف سماحته‏؟‏ قال‏:‏ ثمال قومه وربيعهم‏.‏ فأقبل الفتى فقال الشيخ‏:‏ ما أحسن والله ما أقبل‏!‏ ما انثنى ولا انحنى‏.‏ فدنا الفتى فقال الشيخ‏:‏ ما أحسن والله ما سلّم‏!‏ ما جار ولا خار‏.‏ ثم جلس، فقال‏:‏ ما أحسن والله ما جلس‏!‏ ما دنا ولا ثنى‏.‏ فذهب الفتى ليتحرك فضرط، فقال الشيخ‏:‏ ما أحسن والله ما ضرط‏!‏ ما أغنها ولا أطنها‏.‏ ولا بربرها ولا فرفرها‏.‏ فنهض الفتى خجلًا فقال‏:‏ ما أحسن والله ما نهض‏!‏ ما انفتل ولا انخزل‏.‏ فأسرع الفتى، فقال‏:‏ ما أحسن والله ما خطا‏!‏ ما ازور ولا اقطوطى‏.‏ قالت العجوز‏:‏ وجّه إليه من يرده لو سلح لزوّجناه‏.‏

خالد بن صفوان يخطب امرأة

خطب خالد بن صفوان امرأة فقال‏:‏ أنا خالد بن صفوان؛ والحسب على ما قد علمتيه، وكثرة المال على ما قد بلغك، وفيّ خصال سأبينها لك فتقدمين عليّ و تدعين‏.‏ قالت‏:‏ وما هي‏؟‏ قال‏:‏ إن الحرة إذا دنت مني أملتني، وإذا تباعدت عني أعلتني، ولا سبيل إلى درهمي وديناري، ويأتي عليّ ساعةٌ من الملال لو أن رأسي في يدي نبذته‏.‏ فقالت‏:‏ قد فهمنا مقالتك ووعينا ما ذكرت، وفيك بحمد الله خصالٌ لا نرضاها لبنات إبليس، فانصرف رحمك الله‏.‏

لبعض الشعراء قال بعض الشعراء‏:‏

ألا يا ليل إن خيّرت فـينـا *** بعيشك فانظري أين الخيار

فلا تستنكحي قدما غـبـيا *** له ثارٌ وليس علـيه ثـار

وقال آخر لامرأته‏:‏

فإما هلكت فلا تنكحـي *** ظلوم العشيرة حسّادهـا

يرى مجده ثلب أعراضها *** لديه ويبغض من سادها

وقال آخر‏:‏

فلا تنكحي إن فرّق الدهر بيننا *** أغمّ القفا والوجه ليس بأنزعـا

من القوم ذا لونين وسّع بطنـه *** ولكن أذيّا حلمه ما توسّـعـا

ضروبًا بلحييه على عظم زوره *** إذا لقوم هشّوا للفعال تقنـعـا

لإبراهيم بن النعمان وقد زوّج ابنته لمولى عثمان بن عفان زوّج إبراهيم بن النعمان بن بشير يحيى بن‏"‏أبي‏"‏حفصة مولى عثمان بن عفان ابنته على عشرين ألف درهم، فعيّر فقال‏:‏

فما تركت عشرون ألفـًا لـقـائل *** مقالًا فلا تحـفـل مـقـالة لائم

فإن أك قد زوّجت مولى فقد مضت *** به سنةٌ قبلـي وحـبّ الـدراهـم

ويحيى هذا جدّ مروان الشاعر، وكان يهوديًا فأسلم على يد عثمان‏.‏ وتزوج أيضًا خولة بنت مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم سيّد أهل الوبر‏.‏ فقال القلاخ‏:‏

نبئت خولة قالت حين أنـكـحـهـا *** لظالمًا كنت منك العار أنـتـظـر

أنكحت عبدين ترجو فضل مالهمـا *** في فيك مما رجوت الترب والحجر

للّـه درّ جـيادٍ أنـت سـائسـهـا *** برذنتها وبها التحجـيل والـغـرر

بين ابن عباس ورجل خطب يتيمة له خطب رجلٌ إلى ابن عباس يتيمةً له؛ فقال ابن عباس‏:‏ لا أرضاها لك‏.‏ قال‏:‏ ولم، وفي حجرك نشأت‏؟‏ قال‏:‏ لأنها تتشرف وتنظر‏.‏ قال‏:‏ وما هذا‏!‏ فقال ابن عباس‏:‏ الآن لا أرضاك لها‏.‏

زياد وسعيد بن العاص كتب زيادٌ إلى سعيد بن العاص يخطب إليه أمّ عثمان بنت سعيد وبعث إليه بمالٍ كثير؛ فلما قرأ الكتاب أمر حاجبه بقبض المال والهدايا، فلم قبضه أمره بقسمه بين جلسائه‏.‏ فقال الحاجب‏:‏ إنه أكثر من ذلك‏.‏ فقال‏:‏ أنا أكثر منها‏.‏ ففعل؛ ثم كتب إلى زيدٍ‏:‏ بسم اللّه الرحمن الرحيم‏.‏ أما بعد، فإنّ الإنسان ليطغى ن رآه استغنى‏.‏

بين لقيط بن زرارة وقيس بن خالد خطب لقيط بن زرارة إلى قيس بن خالد ذي الجدّين الشّيبانيّ؛ فقال له قيس‏:‏ ومن أنت‏؟‏ قال‏:‏ لقيط بن زرارة‏.‏ قال‏:‏ وما حملك أن تخطب إليّ علانيةً‏؟‏ فقال‏:‏ لأنّي عرفت أنّي إن عالنتك لم أفضحك وإن ساررتك لم أخدعك‏.‏ فقل‏:‏ كفء كريم، لا تبيت واللّه عندي عزبًا ولا غريبًا‏.‏

فزوّجه ابنته وساق عنه‏.‏

للحسن في الزوج قال رجل للحسن‏:‏ إن لي بنيّة وإنها تخطب، فممّن أزوّجه‏؟‏ فقال‏:‏ زوّجها ممن يتقي اللّه، فإن أحبّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها‏.‏

أمّ أبان وخطّابها قال أبو اليقظان‏:‏ خطب عمر بن الخطّاب أمّ أبان بنت عتبة بن ربيعة بعد أن مات عنها يزيد بن أبي سفيان، فقالت‏:‏ لا يدخل إلا عابسًا ولا يخرج إلا عابسًا، يغلق أبوابه ويقلّ خيره‏.‏ ثم خطبها الزّبير، فقالت‏:‏ يدٌ له على قروني ويدٌ له في السّوط‏.‏ وخطبها عليّ، فقالت‏:‏ ليس للنساء منه حظّ إلا أن يقعد بين شعبهن الأربع لا يصبن منه غيره‏.‏ وخطبها طلحة فأجابت فتزوّجها؛ فدخل عليها عليّ بن أبي طالب فقال لها‏:‏ رددت من رددت منّا وتزوّجت ابن بنت الحضرميّ‏!‏ فقالت‏:‏ القضاء والقدر‏.‏ فقال‏:‏ أما إنك تزوّجت أجملنا مرآةً وأجودنا كفًّا وأكثرنا خيرًا على أهله‏.‏

الحضّ على النكاح وذمّ التبتّل

للنبي صلى اللّه عليه وسلم في الحض على النكاح عن عكّاف بن وداعة الهلاليّ‏:‏ أنّ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال له‏:‏ ‏"‏يا عكّاف ألك امرأة‏؟‏‏"‏قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏فأنت إذًا من إخوان الشياطين إن كنت من رهبان النصارى فالحق بهم وإن كنت منّا فمن سنّتنا النكاح‏"‏‏.‏

عن طاوس أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لا زمام ولا خزام ولا رهبانيّة في الإسلام ولا تبّتل ولا سياحة في الإسلام‏"‏‏.‏

طاوس لإبراهيم بن ميسرة عن إبراهيم بن ميسرة قال‏:‏ قال لي طاوس‏:‏ لتنكحنّ أو لأقولنّ لك ما قال عمر لأبي الزوائد‏.‏ ما يمنعك من النكاح إلا عجزٌ أو فجور‏.‏

علقمة لامرأته عن إبراهيم قال‏:‏ قال علقمة لامرأته‏:‏ خذي أحسن زينتك ثم اجلسي عند رأسي، لعلّ اللّه أن يرزقك من بعض عوّادي خيرًا‏.‏

وفي بعض الأخبار‏:‏ أربعٌ من سنن المرسلين‏:‏ التّعطّر، والنّكاح، والسّواك، والختان‏.‏

باب الحسن والجمال

بين الرسول صلى اللّه عليه وسلم وعائشة رضي اللّه عنها عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم امرأة من كلبٍ، فبعثني أنظر إليها؛ فقال لي‏:‏ ‏"‏كيف رأيت‏"‏‏؟‏ فقلت‏:‏ ما رأيت طائلًا؛ فقال‏:‏ ‏"‏لقد رأيت خالًا بخدّها اقشعرّ كل شعرةٍ منك على حدةٍ‏"‏‏.‏ فقالت‏:‏ ما دونك سرّ‏.‏

بين أبي الأسود الدؤلي وعبيد اللّه بن زياد القحذميّ‏:‏ قال‏:‏ دخل أبو الأسود على عبيد اللّه بن زياد فقال‏:‏ أصبحت جميلًا، فلو تعلّقت معاذةً فظنّ أنه يهزأ به فقال‏:‏

أفني الشباب الذي أبليت جدّته *** مرّ الجديدين من آتٍ ونطلق

لم يبقيا لي في طول اختلافهما *** شيئًا يخاف عليه لذعة الحدق

قتادة بن ملحان وحيان بن عمير عن حيّان بن عمير قال‏:‏ دخلت على قتادة بن ملحان، فمرّ رجل في أقصى الدار فرأيته في وجه قتادة، فقال‏:‏ إنّ النبي صلى اللّه عليه وسلم مسح وجهه‏.‏

لعون بن عبد اللّه عن عون بن عبد للّه قال‏:‏ كان يقال‏:‏ من كان في صورةٍ حسنةٍ ونصب لا يشينه ووسّع عليه في الرزق، كان من خالصة اللّه‏.‏

أبيات في الحسن والجمال وقال الحكم بن قنبر‏:‏

ليس فيها ما يقال لـه *** كملت لو أنّ ذا كملا

كلّ جزءٍ من ملاحتها *** كائنٌ من حسنها مثلا

لو تمنّت في متاعتها *** لم ترد من نفسها بدلا

وقال بعض المحدثين‏:‏

فلما رأوك العاذلون حججتهم *** بحسنك حتّى كلّهم لي غادر

وقال أيضًا‏:‏

تحيّر من حسنه فهمـه *** وتاه وحقّ له أن يتيها

رأى غيره ورأى نفسه *** فلم ير فيه لشيءٍ شبيها

وقال الأعشي في وصف امرأة‏:‏

فأفضيت منها إلى جنّةٍ *** تدلّت عليّ بأثمارهـا

لعائشة رضي اللّه عنها فيمن يؤم القوم عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب اللّه، فإن كانوا في القراءة سواءً فأصبحهم وجهًا‏.‏

لجميل بن معمر في حسن مصعب وقال جميل بن معمر‏:‏ ما رأيت مصعبًا يختال بالبلاط إلا غرت على بثينة، وبينهما ثلاثة أيّام‏.‏

مصعب بن الزبير والشعبي عن الشّعبيّ قال‏:‏ دخلت المسجد باكرًا، وإذا بمصعب بن الزّبير والناس حوله، فلما أردت الإنصراف قال لي‏:‏ أدن‏.‏ فدنوت منه حتى وضعت يدي على مرفقته؛ فقال‏:‏ إذا أنا قمت فاتبعني؛ وجلس قليلًا، ثم نهض فتوجّه نحو دار موسى بن طلحة فتتبّعته؛ فلما أمعن في الدار التفت إليّ وقال‏:‏ أدخل‏.‏ فدخلت‏"‏معه ومضى نحو حجرته وتبعته، فالتفت إليّ فقال‏:‏ أدخل، فدخلت معه‏"‏فإذا حجلةٌ، فطرحت لي وسادةٌ فجلست عليها، ورفع سجف القبّة، فإذا أجمل وجهٍ رأيته قطّ؛ فقال‏:‏ يا شعبيّ، هل تعرف هذه‏؟‏ قلت‏:‏ نعم، هذه سيّدة نساء العالمين عائشة بنت طلحة؛ فقال‏:‏ هذه ليلى، ثم تمثّل‏:‏

وما زلت من ليلى لدن طرّ شاربي *** إلى اليوم أخفي إحـنةً وأداجـن

وأحمل في ليلى قـومٍ ضـغـينةً *** وتحمل في ليلى عليّ الضغـائن

ثم قال‏:‏ إذا شئت يا شعبيّ‏"‏فقم‏"‏‏.‏ فخرجت؛‏"‏فلما كن العشيّ رحت‏"‏إلى المسجد فإذا مصعبٌ بمكانه؛ فقال لي‏:‏ ادن‏.‏ فدنوت؛ فقال لي‏:‏ هل رأيت مثل ذلك لإنسانٍ‏"‏قطّ‏"‏‏؟‏ قلت‏:‏ لا؛ قال‏:‏ أتدري دخلناك‏؟‏ قلت‏:‏ لا؛ قال‏:‏ لتحدّث بما رأيت‏.‏ ثم التفت إلى‏"‏عبد اللّه بن‏"‏أبي فروة فقال‏:‏ أعطه عشرة آلاف درهم وثلاثين ثوبًا‏.‏فما انصرف‏"‏يومئذٍ‏"‏أحدٌ بمثل ما انصرفت به‏:‏ بعشرة آلاف‏"‏درهم‏"‏، وبمثل كارة القصّار، ونظري إلى عائشة‏.‏

لأبي الغصن الأعرابي

أبو الغصن الأعرابيّ قال‏:‏ خرجت حاجًّا، فلمّا بقباء تداعى أهله وقالوا‏:‏ الصّقيل الصّقيل‏!‏ فنظرت وإذا جارية كأنّ وجهها سيفٌ صقيلٌ، فلمّا رميناها بالحدق ألقت البرقع على وجهها، فقلنا‏:‏ إنّا سفرٌ وفينا أجرٌ، فأمتعينا بوجهك؛ فانصاعت وأنا أعرف الضّحك في وجهها وهي تقول‏:‏

وكنت متى أرسلت طرفك رائدًا *** لقلبك يومًا أتعبتك المنـاظـر

رأيت الذي لا كلّه أنـت قـادرٌ *** عليه ولا عن بعضه أنت صابر

بين فتاة حسناء وعمتها ومرّ رجلٌ بناحية البادية فإذا فتاة كأحسن ما تكون؛ فوقف ينظر إليها، فقالت له عجوز من ناحية‏:‏ ما يقيمك على الغزال النّجدي ولا حظّ لك فيه‏؟‏ فقالت الجارية‏:‏ يا عمتاه، يظنّ كما قال ذو الرّمّة‏:‏

وإن لم يكن إلاّ تعلّل ساعةٍ *** قليلًا فإنّي نافع لي قليلها

وقال بعض المحدثين‏:‏

الخال يقبح بالفتى فـي خـدّه *** والخال في خدّ الفتاة مـلـيح

والشّيب يحسن بالفتى في رأسه *** والشيب في رأس الفتاة قبـيح

وقال جعفر بن محمد‏:‏ الجمال مرحومٌ‏:‏ بين شريح ورجل رأى رجلٌ شريحًا يجول في بعض الطّرق فقال‏:‏ ما غدا بك‏؟‏ فقال‏:‏ عسيت أن أنظر إلى صورة حسنة‏.‏

بين خالد بن صفوان وامرأة قالت امرأة خالد بن صفوان له يومًا‏:‏ ما أجملك‏!‏ قال‏:‏ ما تقولين ذاك وما لي عمود الجمال، ولا عليّ رداؤه ولا برنسه‏.‏ قالت‏:‏ ما عمود الجمال وما رداؤه وما برنسه‏؟‏ قال‏:‏ أما عمود الجمال فطول القوام وفي قصرٌ؛ وأمّا رداؤه فالبياض ولست بأبيض؛ وأما برنسه فسواد الشعر وأنا أصلع‏.‏ ولكن لو قلت‏:‏ ما أحلاك وما أملحك، كان أولى‏.‏

لأبي اليقظان في جيش ابن الأشعب أبو اليقظان قال‏:‏ كان يسمّي جيش ابن الأشعب جيش الطواويس، لكثرة من كان فيه من الفتيان المنعوتين بالجمال‏.‏

عمر بن الخطاب ومعقل بن سنان قال‏:‏ وقال أبو اليقظان‏:‏ سمع عمر بن الخطاب قائلًا بالمدينة يقول‏:‏

أعوذ بربّ الناس من شرّ معقلٍ *** إذا معقلٌ راح البقيع مرجّـلا

يعني معقل بن سنان الأشجعيّ، وكان قدم المدينة؛ فقال له عمر‏:‏ إلحق بباديتك‏.‏

في جمال نصر بن حجاج البهزيّ وسمع امرأةً ذات ليلة تقول‏:‏

ألا سبيل إلى خمرٍ فأشـربـهـا *** أم هل سبيلٌ إلى نصر بن حجّاج

وهذا نصر بن حجّاج بن علاط البهزيّ، وكان من أجمل الناس، فدعا به عمر فسيره إلى البصرة - فأتى مجاشع بن مسعود السّلميّ فدخل عليه يومًا وعنده امرأته شميلة وكان مجاشع أميًّا، فكتب نصر على الأرض‏:‏ أحبّك حبًّا لو كان فوقك لأظلك أوتحتك لأقلّك‏.‏ فكتبت هي وأنا واللّه كذلك‏.‏ فكبّ مجاشعٌ على الكتابة إناءً ثم أدخل كاتبًا فقرأه، فأخرج نصرًا وطلّقها - فقال نصر بن حجّاج‏:‏

وما لي ذنبٌ غير ظنّ ظننـتـه *** وفي بعض تصديق الظنون أثام

لعمري إن سيّرتني أو حرمتني *** وما نلت ذنبـًا إنّ ذا لـحـرام

أأن غنّت الذّلفاء ليلًا بـمـنـيةٍ *** وبعض أمانيّ النسـاء غـرام

ظننت بي الظنّ الذي ليس بعده *** بقاءٌ وما لي في النّـديّ كـلام

فأصبحت منفيًّا على غـير ريبةٍ *** وقد كان لي بالمكّتين مـقـام

ويمنعني ممّا تمنّت تكـرّمـي *** وآباء صدقً سالـفـون كـرام

ويمنعها ممّا تمنّـت حـياؤهـا *** وحالٌ لها مع عـفّةٍ وصـيام

وهاتان حالانا فهل أنت راجعي *** وقد خفّ منّي كاهلٌ وسـنـام

وأنا أحسب هذا الشعر مصنوعًا‏:‏ شعر للقيط بن زرارة، ولغيره قال لقيط بن زرارة‏:‏

أضاءت لهم أحسابهم ووجوههـم *** دجى الليل حتى نظّم الجزع ثاقبه

قال أبو الطّمحان القيني‏:‏

يكاد الغمام الغرّ يرعد أن رأى *** وجوه بني لأمٍ وينهل بارقـه

وقال آخر‏:‏

وجوهٌ لو أنّ المعتفين اعتشوا بـهـا *** صدعن الدّجى حتى ترى الليل ينجلي

لعمر بن الخطاب، ثم لعلي بن أبي طالب قال عمر بن الخطاب‏"‏رضي اللّه عنه‏"‏‏:‏ إنّا سمعنا بكم شعرنا أحسنكم وجوهًا، وإذا اختبرناكم كانت الخبرة أولى بكم‏.‏

قال عليّ بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه‏:‏ خصصنا بخمس‏:‏ بصباحة، وفصاحة، وسماحة، ورجاحة، وحظوة‏"‏يعني‏"‏عند‏"‏النساء‏"‏‏.‏ وسئل عن أميّة فقال‏:‏ هم أغدر وأفجر وأمكر؛ ونحن أفصح وأصبح وأسمح‏.‏

لامرأة في الزبير وعليّ ومصعب رأت امرأة الزبير فقالت‏:‏ من هذا الذي هو أرقم يتلمّظ‏؟‏ ورأت عليًّا فقالت‏:‏ من هذا الذي كأنه كسر ثم جبر‏؟‏ ورأت طلحة فقالت‏:‏ من هذا الذي كأنه دينارٌ هرقلي‏؟‏ لسكينة بنت الحسين في ابنتها ألبست سكينة بنت الحسين ابنةً درًّا كثيرًا وقالت‏:‏ واللّه ما ألبستها أيّاه إلاّ لتفضحه‏.‏

لبعض الشعراء وقال بعض الشعراء يذكر نساءً مع جارية‏:‏

أقبلن في رأد الضّحاء بـهـا *** وسترن وجه الشمس بالشمس

ذكر بعض الأعراب امرأةً قال‏:‏ خلوت بها والقمر يرينيها، فلمّا غاب أرتينه‏.‏

وقال بعض الشعراء‏:‏

غلامٌ رماه اللّه بالحـسـن يافـعـًا *** له سيمياء لا تشقّ على الـبـصـر

كأنّ الثّريّا علّقـت فـي جـبـينـه *** وفي أنفه الشّعري وفي وجهه القمر

ولمّا رأى المجد استعـيرت ثـيابـه *** تردّى بثوبٍ واسـع الـذّيل وأتـزر

إذا قيلت العوراء أغضـى كـأنـه *** ذليل بلًا ذلّ ولو شاء لانـتـصـر

بين أعرابي وأمه قال غلامٌ من الأعراب لأمّه‏:‏

نشدتك باللّه هل تعلمين *** بأنّي طويلٌ وأنّي حسن

قالت‏:‏ قبحك اللّه‏!‏فكان ماذا‏!‏ قال‏:‏

وأنّي أقمّص بالـدّار عـين *** غداة الصّباح وأحمي الظعّن

قال عمّه‏:‏ فهلاّ كان ذا قبل‏!‏ قال الشاعر‏:‏

بيضاء تسحب من قيام شعرها *** وتغيب فيه وهو جثل أسحـمٌ

فكأنّها فيه نهـارٌ سـاطـع *** وكأنه ليلٌ عليها مـظـلـم

وقال الطائيّ‏:‏

بيضاء تبدو في الظلام فيكتسي *** نورًا وتبدو في النهار فيظلـم

أعرابي يصف امرأة وصف أعرابيّ امرأة فقال‏:‏ كاد الغزال يكونها، لولا ما تمّ منها ونقص منه لابن الأعرابي في الحلاوة والجمال والملاحة قال ابن الأعرابيّ‏:‏ الحلاوة في العينين، والجمال في الأنف، والملاحة في الفم‏.‏

قال أعرابيّ يصف امرأةً‏:‏

خزاعّية الأطراف مرّية الحشا *** فزاريّة العينين طائّية الـفـم

المقنع الكندي كان المقّنع الكندي من أجمل الناس وكان يتقنع لأنه كان متى سفر لقع‏"‏أي أصيب بعينٍ‏"‏، وهو القائل‏:‏

وفي الظّعائن والأحداج أملح من *** حلّ العراق وحلّ الشام واليمنا

جنيّةٌ من نساء الإنس أحسن من *** شمس النهار وبدر الليل لو قرنا

الحكم بن صخر وجارية الحكم بن صخر الثّقفيّ قال‏:‏ خرجت حاجًّا مختفيًا، فلمّا كنت ببعض الطريق أتتني جاريتان من بني عقيل لم أر أحسن منهما وجوهًا، ولا أظرف ألسنةً ولا أكثر علمًا وأدبًا، فقصّرت بهما يومي فكسوتهما‏.‏ ثم حججت من قابلٍ ومعي أهلي، وقد أصابتني علّةٌ فنصل لها خضابي، فلمّا صرت إلى ذلك الموضع فإذا أنا بإحداهما، فدخلت عليّ، فسألت مسألة منكر فقلت‏:‏ فلانة‏!‏ قالت‏:‏ فدىً لك أبي وأمي‏!‏ تعرفني وأنكرك‏؟‏‏!‏ قلت‏:‏ أنا الحكم بن صخر‏.‏ قالت‏:‏ إني رأيتك عامًا أوّل شابًّا سوقةً وأراك العام ماكًا شيخًا، وفي دون هذا ينكر المرء صاحبه‏.‏ قلت‏:‏ ما فعلت أختك‏؟‏ قالت‏:‏ تزوجها ابن عمٍّ لها وخرج بها إلى نجد فذلك حيث يقول‏:‏

إذا ما قفلنا نحو نجـدً وأهـلـه *** فحسبي من الدّنيا قفولٌ إلى نجد

فقلت‏:‏ لو أدركتها لتزوّجتها‏.‏ فقالت‏:‏ ما يمنعك من شقيقتها في حسبها، ونظيرتها في جمالها‏؟‏ - تعني نفسها - قلت‏:‏ يمنعني من ذلك ما قال كثيّر‏:‏

إذا وصلتنا خلّةٌ كي تزيلنا *** أبينا وقلنا الحاجبيّة أوّل

فقالت‏:‏ فكثيّر بيني وبينك، أليس هو القائل‏:‏

هل وصل عزّة إلا وصل غانـيةٍ *** في وصل غانيةٍ من وصلها خلف

فسكت عيًّا عن جوابها‏.‏

أبو حازم المدني وامرأة حسناء التقاها في موسم الحج قل أبو حازم المدنيّ‏:‏ بينا أنا أرمي الجمار رأيت امرأة سافرةً من أحسن الناس وجهًا ترمي الجمار، فقلت‏:‏ يا أمة اللّه، أما تتقين اللّه‏!‏ تسفرين في هذا الموضع فتفتنين الناس‏!‏ قالت‏:‏ أنا واللّه يا شيخ من اللواتي قل فيهنّ الشاعر‏:‏

من اللاّء لم يحججن يبغين حسبة *** ولكن ليقتلن لبريء المغـفّـلا

قلت‏:‏ فإنّي أسأل اللّه ألاّ يعذّب هذا الوجه بالنار‏.‏

شعر لأعرابي، ولآخرين قال أعرابيّ‏:‏

يا زين من ولدت حوّاء من ولدٍ *** لولاك لم تحسن الدنيا ولم تطب

أنت التي من أراه اللّه صورتها *** نال الخلود فلم يهرم ولم يشب

وقال أعرابيّ‏:‏

إذا هنّ أبدين الخدود وحسّرت *** ثغورٌ عن الأفواه كي تتبسّما

أجاد القضاة العادلون قضاءهم *** لهنّ بلا وهمٍ وإن كنّ أظلما

‏"‏وقال عروة بن أذينة‏"‏‏:‏

إنّ التي زعمت فؤادك مـلّـهـا *** خلقت هواك كما خلقت هوىً لها

فإذا وجدت لها وساوس سـلـوةٍ *** شفع الفؤاد إلى الضمير فسلّهـا

بيضاء باكرها النعيم فصاغـهـا *** بلبـاقةٍ فـأدقّـهـا وأجـلّـهـا

وقال أعرابيّ يرقص ابنًا لـه‏:‏ ***

يا ربّ ربّ مالكٍ بارك فيه *** بارك لـمـن يحـبّـه ويدينـه

ذكرني لمّا نـظـرت فـي فـيه *** أجزع نـورٍ غـربـت أواخـيه

والوجه لما أشرقـت نـواحـيه *** دينـار عـينٍ بـيدٍ تـبـــريه

لابن شبرمة وقال ابن شبرمة‏:‏ ما رأيت لباسًا على رجل أزين من فصاحةٍ، ولا رأيت لباسًا على امرأةٍ أزين من شحمٍ‏.‏

لأعرابي حسن الكدنة قيل لأعرابيّ‏:‏ إنك لحسن الكدنة فقال‏:‏ ذلك عنوان نعمة اللّه عندي‏.‏

للحجاج قال الحجّاج‏:‏ لا يحسن نحر المرأة حتى يعظم ثدياها‏.‏

شعر للمرار العدوي وقال المرّار العدويّ‏:‏

صلته الخدذ طويلٌ جيدها *** ضخمة الثّدي ولمّا ينكسر

لعلي بن أبي طالب وقال عليّ بن أبي طالب عليه السلام‏:‏ لا تحسن المرأة حتى تروي الرضيع، وتدفىء الضّجيع‏.‏

بين أسدي وامرأة عن رجل من بني أسدٍ قال‏:‏ أضللت إبلًا لي، فخرجت في طلبهنّ، فهبطت واديًا وإذا أنا بفتاةٍ أعشى نور وجهها نور بصري؛ فقالت لي‏:‏ يا فتى، ما لي أراك مدلّها‏؟‏ فقلت‏:‏ أضللت إبلًا لي فأنا في طلبها‏.‏ قالت‏:‏ أفأدلّك على من هي عنده وإن شاء أعطاكها‏؟‏ قلت‏:‏ نعم ولك أفضلهنّ‏.‏ قالت‏:‏ الذي أعطاكهنّ أخذهنّ وإن شاء ردهنّ، فسله من طريق اليقين لا من طريق الإختبار‏.‏ فأعجبني ما رأيت من جمالها وحسن كلامها، فقلت‏:‏ ألك بعلٌ‏؟‏ قالت‏:‏ قد كان، ودعي فأجاب فأعيد إلى ما خلق منه‏.‏ قلت‏:‏ فما قولك في بعل تؤمن بوائقه، ولا تذمّ خلائقه‏؟‏ فرفعت رأسها وتنفّست وقالت‏:‏

كنّا كغصنين في أصلٍ غذاؤهما *** ماء الجداول في روضات جنّات

فاجتثّ خيرهما من جنب صاحبه *** دهرٌ يكرّ بترحاتٍ وفـرحـات

وكان عاهدني إن خانني زمـنٌ *** ألاّ يضاجع أنثى بعد مثـواتـي

وكنت عاهدته إن خانـه زمـنٌ *** ألاّ أبوء ببعل طول محـياتـي

فلم نزل هكذا والوصل شيمتنـا *** حتى توفّي قريبًا مذ سـنـيّات

فاقبض عنانك عمّن ليس يردعه *** عن الوفاء خلافٌ بالتـحـيّات

بين متمّم بن نويرة وعمر بن الخطاب قال أبو اليقظان‏:‏ دخل متمّم بن نويرة على عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه فقال له عمر‏:‏ ما أرى في أصحابك مثلك‏!‏ قال‏:‏ يا أمير المؤمنين، أما واللّه إنّي مع ذلك لأركب الجمل الثّفال، وأعتقل الرّمحٍ الشّطون، وألبس الشّملة الفلوت‏.‏ ولقد أسرني بنو تغلب في حديث، فأطلقوني له بغير فداءٍ‏.‏

كان يقال‏:‏ المنظر محتاجٌ إلى القبول، والحسب محتاجٌ إلى الأدب، والسّرور محتاجٌ إلى الأمن، والقرابة محتاجة إلى المودّة، والمعرفة محتاجة إلى التّجارب، والشرف محتاج إلى التّواضع، والنجدة محتاجةٌ إلى الجدّ‏.‏

قال الحسن بن وهب‏:‏

ما لمن تمّت محـاسـنـه *** أن يعادي طرف من نظرا

لك أن تبدي لنا حـسـنـًا *** ولنا أن نعمل البـصـرا

باب القبح والدّمامة

لأمير من أمراء العراق في امرأة قبيحة أخبرنا بعض أشياخ البصرة أنّ رجلًا وامرأته اختصما إلى أمير من أمراء العراق، وكانت المرأة حسنة المنتقب قبيحة المسفر، وكان لها لسانٌ، فكأن العامل مال معها، فقال‏:‏ يعمد أحدكم إلى المرأة الكريمة فيتزوّجها ثم يسيء إليها‏.‏ فأهوى الزوج فألقى النّقاب عن وجهها، فقال العامل‏:‏ عليك اللعنة، كلام مظلوم ووجه ظالم‏.‏

لرجل من البصرة تزوج ومنع من الخروج

أبو زيد الكلابيّ‏:‏ قدم رجلٌ منّا البصرة فتزوّج امرأةً، فلمّا دخل بها وأرخيت السّتور وأغلقت الأبواب عليه، ضجر الأعرابيّ وطالت ليلته، حتى إذا أصبح وأراد الخروج منع من ذلك وقيل له‏:‏ لا ينبغي لك أن تخرج إلا بعد سبعة أيام؛ فقال‏:‏

أقول وقد شدّوا عليها حجابـهـا *** ألا حبّذا الأرواح والبلد القـفـر

ألا حبّذا سيفي ورحلي ونمرقـي *** ولا حبّذا منها الوشاحان والشّذر

أتوني بها قبل المحـاق بـلـيلةٍ *** فكان محاقًا كلّه ذلك السـهـر

وما غرّني إلاّ خضابٌ بكفّـهـا *** وكحلٌ بعينيها وأثوابها الصّفـر

تسائلني عن نفسها هل أحبّـهـا *** فقلت ألا لا والذي أمره الأمـر

تفوح رياح المسك والعطر عندها *** وأشهد عند اللّه ما ينفع العطـر

لبعض الشعراء يصف امرأة قبيحة وقال آخر‏:‏

أعوذ باللّه مـن زلاّء فـاحـشةٍ *** كأنما نيط ثوباها عـلـى عـود

لا يمسك الحبل حقواها إذا انتطقت *** وفي الذّنابي وفي العرقوب تحديد

أعوذ باللّه من ساقٍ لهـا حـنـبٌ *** كأنها من حديد القـين سـفّـود

وقال آخر‏:‏

موتّرة العـلـبـاء الـقـفـا *** لها ندبٌ من حكّها غير دارس

إذا ضحكت حالت غضونٌ كأنها *** غباب حرباءٍ تحوّز شـامـس

كأن وريديها رشـاء مـحـالةٍ *** مغاران من جلدٍ من القدّ يابس

وقال آخر‏:‏

يا عجبا والدّهـر ذو تـعـاجـيب *** هل يصلح الخلخال في رجل الذّيب

اليابس الكعب الحديد العـرقـوب ***

لأخر في عجوز تزوّجها وقال آخر‏:‏

لهـا جـسـم بـرغـوثٍ وسـاقـا بـعـــوضةٍ *** ووجـهٌ كـوجـه الـقـرد بـل هـو أقـبــح

وتـبـرق عـينـاهـا إذا مــا رأيتـــهـــا *** وتعـبـس فـي وجـه الـضّـجـيع وتـكـلـح

وتفتحلا كانت فمًا لو رأيتهتوهّمته بابًا من النار يفتح ***

فما ضحكت في الناس إلا ظننتها *** أمـامـهـم كـلـبـًا يهـــرّ وينـــبـــح

إذا عـاين الـشـيطـان صـورة وجـهـهـــا *** تعـوّذ مـنـهـا حـين يمـسـي ويصـبـــح

وقد أعجـبـتـهـا نـفـسـهـافـتـمـلّـحـت *** بأيّ جـمـال لـيت شـعـري تـمـــلـــحّ

لأعرابي في امرأة كالغول رأى أعرابيّ امرأة في شارةٍ وهيئة، فظّن بها جمالًا، فلما سفرت فإذا هي غولٌ؛ فقال‏:‏

فأظهرها ربيّ بـمـنّ وقـدرةٍ *** عليّ ولولا ذاك متّ من الكرب

فلمّا بدت سبّحت من قبح وجههـا *** قلت لها السّاجور خيرٌ من الكلب

بين سعيد بن بيان والأخطل كان سعيد بن بيانٍ التغّلبيّ سيدّ بني تغلب، وكانت تحته برّة وكانت من أجمل النساء، فقدم الأخطل الكوفة على بشر بن مروان، فدعاه سعيد بن بيانٍ واحتفل ونجّد بيوته واستجاد طعامه وشرابه، فلما شرب الأخطل جعل ينظر إلى وجه برّة وجمالها، وإلى وجه سعيد وقبحه، فقال له سعيد‏:‏ يا أبا مالك، أنت رجل تدخل على الخلفاء والملوك فأين ترى هيئتنا من هيئتهم‏!‏ فقال الأخطل‏:‏ ما لبيتك عيبٌ غيرك‏.‏ فقال سعيد‏:‏ أنا واللّه أحمق منك يا نصرانيّ حين أدخلك منزلي‏.‏ وطرده فخرج الأخطل وهو يقول‏:‏

وكيف يداويني الطبيب من الجوى *** وبرّة عند الأعـور ابـن بـيان

فهلاّ زجرت الطّير إذ جاء خاطبًا *** بضيقة بين النّجـم والـدّبـران

عبد بني الحساس يذكر قبحه قال عبد بني الحسحاس يذكر قبحه‏:‏

أتيت نساء الحارثيّين غدوةً *** بوجهٍ براه اللّه غير جميل

فشبّهنني كلبًا ولست بفوقه *** ولا دونه إن كان غير قليل

بين الأحنف ورجل عابه بقبحه قال رجل للأحنف‏:‏ ‏"‏تسمع بالمعتديّ لا أن تراه‏"‏؛ فقال‏:‏ ما ذممت منّي يابن أخي‏؟‏ قال‏:‏ الدّمامة وقصر القامة‏.‏ قال‏:‏ لقد عبت عليّ ما لم أؤامر فيه‏.‏

قبح الأحنف قال عبد الملك بن عمير‏:‏ قدم علينا الأحنف الكوفة مع مصعب بن الزّبير، فما رأيت خصلةً تذمّ إلا وقد رأيتها في الأحنف‏:‏ كان صعل الرأس، متراكب الأسنان، أشدق، مائل الذّقن، ناتىء الوجه، غائر العين، خفيف العارض، أحنف الرّجل، ولكنه إذا تكلّم جلا عن نفسه‏.‏

شعر لهبنّقة في قبح محارش أبو اليقظان قال‏:‏ كان المحارش قبيحًا فقال فيه هبنّقة‏:‏

لو كان وجهي مثل وجه محارشٍ *** إذًا ما قربت الدّهر باب أمـير

قال‏:‏ وأخذ محارش قذاةً عن عبيد اللّه بن زياد؛ فقال‏:‏ صرف عنك السّوء؛ فقال جلساؤه‏:‏ إذًا يصرف عنه وجهه‏.‏

سئل مدنيّ عن حلية رجلٍ، فقال‏:‏ حليته محجمه‏.‏

المأمون ومحمد بن الجهم قال المأمون لمحمد بن الجهم‏:‏ أنشدني يبتًا حسنًا أولّك به كورةً؛ فقال‏:‏

قبحت مناظرهم فحين خبرتهم *** حسنت مناظرهم لقبح المخبر

فاستزاده، فأنشده‏:‏

أرادوا ليخفوا قبره عـن عـدوّه *** فطيب تراب القبر دلّ على القبر

فولاّه الدّينور وهمذان‏.‏

لأعرابي في امرأته قال أعرابيّ في امرأته‏:‏

ولا تستطيع الكحل من ضيق عينها *** فإن عالجته صار فوق المحاجـر

وفي حاجبيهـا حـرّةٌ لـغـرارةٍ *** فإن حلقا كانـا ثـلاث غـرائر

وثديان أمّـا واحـدٌ فـكـمـوزةٍ *** وآخر فيه قـربةٌ لـمـسـافـر

بين إسحاق الموصلي وقريبة ابن سيابة وقال إسحاق الموصليّ‏:‏ رأت قريبة ابن سيلبة مولى ابن أأسد عندي، فقلت لها‏:‏ يا أمّ البهلول كيف ترين هذا‏؟‏ قالت‏:‏ ما له قبّحه‏"‏اللّه‏"‏عامّةً‏؟‏‏؟‏‏!‏ لو كان داءً ما بريء منه‏.‏

شعر فاتك في سعيد بن مسلم وقال فاتكٌ في سعيد بن سلم‏:‏

وإنّ من غاية حرص الفتى *** طلابه المعروف في باهله

كبيرهم وغدٌ ومولـودهـم *** تلعنه من قبحه القـابـلة

الأسعر الجعفي يذكر قومًا قال الأسعر الجعفيّ يهجو قومًا‏:‏

زعانف سودٌ كخبث الحدي *** يد يكفي الثلاثة شقّ الإزار

أبو نواس يذكر امرأة وقال أبو نواس يذكر امرأةً‏:‏

وقائلةٍ لها في وجه نصحٍ *** علام قتلت هذا المستهاما

فكان جوابها في حسن سرٍّ *** أأجمع وجه هذا والحراما

من أخبار المغيرة بن شعبة كان المغيرة بن شعبة قبيحًا أعور، فخطب امرأةً، فأبت أن تتزّوجه، فبعث إليها‏:‏ إن تزوّجتيني ملأت بيتك خيرًا، ورحمك أيرًا‏.‏ فتزوّجت به‏.‏

وسئلت عنه امرأةٌ طلّقها فقالت‏:‏ عسلٌ يمانيةُ في ظرف سوء‏.‏

شعر لدعبل، ولغيره أنشدنا دعبل‏:‏

بليت بزمّردةٍ كالـعـصـا *** ألصّ وأسرق من كنـدش

لها شعر قـردٍ إذا ازّينـت *** ووجه كبيض القطا الأبرش

كأنّ الثاليل في وجـهـهـا *** إذا سفرت بدد الكشـمـش

وقال أعرابيّ‏:‏

جزى اللّه البراقع من ثيابٍ *** عن الفتيان شرًا ما بقينـا

يوارين الملاح فلا نراهـا *** ويزهين القباح فيزّهينـا

وقال آخر‏:‏

رأوه فازدروه وهو حرّ *** وينفع أهله الرجل القبيح

ذو الرمة وميّة كان ذو الرّمّة يشبّب بميّة، وكانت من أجمل النساء ولم تره قطّ، فجعلت للّه عليها بدنةً حين تراه، فلما رأته رأته رجلًا دميمًا أسود، فقالت‏:‏ واسوءتاه‏!‏ وابؤساه‏!‏ فقال ذو الرّمة‏:‏

على وجه ميٍّ مسحةٌ من ملاحةٍ *** وتحت الثياب الشّين لو كان باديا

ألم تر الماء يخبـث طـعـمـه *** وإن كان لون الماء أبيض صافيا

أعرابية تصف حمدونة بنت الرشيد إسحاق الموصليّ قال‏:‏ دخلت أعرابية على حمدونة بنت الرشيد، فلما خرجت سئلت عنها، فقالت‏:‏ وما حمدونة‏!‏ واللّه لقد رأيتها وما رأيت طائلًا، كأنّ بطنها قربة، وكأنّ ثديها دبةّ، وكأن استها رقعة، وكأن وجهها وجه ديكٍ قد نفش عفريته يقاتل ديكًا‏.‏

أعرابي يصف امرأة ذكر أعرابيّ امرأةً حسناء اللفظ قبيحة الوجه، فقال‏:‏ ترخي ذيلها على عرقوبي نعامة، وتسدل خمارها على وجه كالجعالة‏"‏وهي الخرقة التي تنزل بها القدر عن النار‏"‏شعر لدعبل في كاتب وقال دعبل في كاتبٍ‏:‏

تمّت مقـابـح وجـهـه فـكـأنـه *** طللٌ تحمّل ساكـنـوه فـأوحـشـا

لو كان لاستك ضيق صدرك أو لصـد *** رك رحب دبرك كنت أكمل من مشى

لبعض المعلمين كان بعض المعلّمين يقعد أبناء المياسير والحسان الوجوه في الظلّ، ويقعد الآخرين في الشّمس، ويقول‏:‏ يا أهل الجنة، ابزقوا في وجوه أهل النار‏.‏

لرجل من أبناء المهاجرين وقال رجل من أبناء المهاجرين‏:‏ أبناء هذه الأعاجم كأنهم نقبوا الجنّة وخرجوا منها، وأولادنا كأنهم مساجر التّنانير‏.‏

بين أبي المهلهل وميّ

أبو المهلهل الحدائيّ قال‏:‏ ارتحلت إلى الرمل في طلب ميّ صاحبة ذي الرّمّة، فما زلت أطلب موضعها حتى أرشدت إليه، فإذا خيمةٌ كبيرة على بابها عجوزٌ هتماء، فسلّمت عليها ثم قلت‏:‏ أين منزل ميّ‏؟‏ قالت‏:‏ أنا ميّ؛ فتعجّبت وقلت‏:‏ عجبًا من ذي الرمّة وكثرة قوله فيك‏!‏ قالت‏:‏ لا تعجبنّ فإني سأقوم بعذره عندك، ثم قالت‏:‏ يا فلانة، فخرجت من الخيمة جاريةٌ ناهدة عليها برقع فقالت‏:‏ اسفري؛ فلما سفرت تحيّرت لما رأيت من جمالها وبراعتها؛ فقالت‏:‏ علقني ذو الرمّة وأنا في سنّها‏.‏ فقلت‏:‏ عذره اللّه ورحمه، فاستنشدتها فجعلت تنشد وأنا أكتب‏.‏

أبو نواس في الرقاشي وقال أبو نواسٍ في الرّقاشيّ‏:‏

قل للـرّقـاشـيّ إذا جـئتـه *** لو متّ يا أخرق لم أهجـكـا

دونك عرضي فاهجه راشـدًا *** لا تدنس الأعراض من شعركا

واللّه لو كنت جـريرًا لـمـا *** كنت بأهجى لك من وجهكـا