فصل: أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء (نسخة منقحة)



.ابن الذهبي:

هو أبو محمد عبد اللّه بن محمد الأزدي ويعرف بابن الذهبي، أحد المعتنين بصناعة الطب، ومطالعة كتب الفلاسفة، وكان كلفًا بصناعة الكيمياء مجتهدًا في طلبها، وتوفي ببلنسية في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وأربعمائة، ولابن الذهبي من الكتب مقالة في أن الماء لا يغذو.

.ابن النباش:

هو أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن حامد البجائي ويعرف بابن النباش، معتن بصناعة الطب مواظب لعلاج المرضى، ذو معرفة جيدة بالعلم الطبيعي، وله أيضًا نظر ومشاركة في سائر العلوم الحكمية، وكان مقيمًا بجهة مرسية.

.أبو جعفر بن خميس الطليطلي:

قرأ كتب جالينوس على مراتبها، وتناول صناعة الطب من طرقها، وكانت له رغبة كثيرة في معرفة العلم الرياضي والاشتغال به، أبو الحسن عبد الرحمن بن خلف بن عساكر الدارمي اعتنى بكتب جالينوس عناية صحيحة، وقرأ كثيرًا منها على أبي عثمان سعيد بن محمد بن بغونش، واشتغل أيضًا بصناعة الهندسة والمنطق وغير ذلك، وكانت له عبارة بالغة، وطبع فاضل في المعاناة، ومنزع حسن في العلاة، وله تصرف في دروب من الأعمال اللطيفة والصناعات الدقيقة.

.ابن الخياط:

هو أبو بكر يحيى بن أحمد ويعرف بابن الخياط، كان أحد تلاميذ أبي القاسم مسلمة بن أحمد المرحيطي في علم العدد والهندسة، ثم مال إلى أحكام النجوم وبرع فيها واشتهر بعلمها، وخدم بها سليمان بن حكم بن الناصر لدين اللّه في زمن الفتنة وغيره من الأمراء، وآخر من خدم بذلك الأمير المأمون يحيى بن إسماعيل بن ذي النون، وكان مع ذلك معتنيًا بصناعة الطب، دقيق العلاج حصيفًا حليمًا دمثًا حسن السيرة كريم المذهب، وتوفي بطليطلة سنة سبع وأربعين وأربعمائة وقد قارب ثمانين سنة، منجم بن الفوال يهودي من سكان سرقسطة، وكان متقدمًا في صناعة الطب متصرفًا مع ذلك في علم المنطق وسائر علوم الفلسفة.
ولمنجم بن الفوال من الكتب كتاب كنز المقل، على طريق المسألة والجواب، وضمنه جملًا من قوانين المنطق وأصول الطبيعة.

.مروان بن جناج:

كان أيضًا يهوديًّا وله عناية بصناعة المنطق والتوسع في علم لسان العرب واليهود، ومعرفة جيدة بصناعة الطب، وله من الكتب كتاب التلخيص وقد ضمنه ترجمة الأدوية المفردة، وتحديد المقادير المستعملة في صناعة الطب من الأوزان والمكاييل.

.إسحاق بن قسطار:

كان أيضًا يهوديًّا وخدم الموفق مجاهدًا العامري وابنه إقبال الدولة عليا، وكان إسحاق بصيرًا بأصول الطب، مشاركًا في علم المنطق، مشرفًا على آراء الفلاسفة، وكان وافر العقل، جميل الأخلاق، وله تقدم في علم العبرانية، بارعًا في فقه اليهود، حبرًا من أحبارهم، ولم يتخذ قط امرأة، وتوفي بطليطلة سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وله من العمر خمس وسبعون سنة.

.حسداي بن إسحاق:

معتن بصناعة الطب، وخدم الحكم بن عبد الرحمن الناصر لدين اللّه، وكان حسداي بن إسحاق من أحبار اليهود متقدمًا في علم شريعتهم، وهو أول من فتح لأهل الأندلس منهم باب علمهم من الفقه والتاريخ وغير ذلك، وكانوا قبل يضطرون في فقه دينهم وسني تاريخهم ومواقيت أعيادهم إلى يهود بغداد، فيستجلبون من عندهم حساب عدة من السنين يتعرفون به مداخل تاريخ ومبادئ سنيهم، فلما اتصل حسداي بالحكم، ونال عنده نهاية الحظوة توصل به إلى استجلاب ما شاء من تآليف اليهود بالمشرق، فعلم حينئذ يهود الأندلس ما كانوا قبل يجهلونه، واستغنوا عما كانوا يتجشمون الكلفة فيه.

.أبو الفضل حسداي بن يوسف بن حسداي:

من ساكني مدينة سرقسطة، ومن بيت شرف اليهود بالأندلس، من ولد موسى النبي عليه السلام، عني بالعلوم على مراتبها، وتناول المعارف من طرقها، فأحكم علم لسان العرب، ونال حظًا جزيلًا من صناعة الشعر والبلاغة، وبرع في علم العدد والهندسة وعلم النجوم، وفهم صنعاة الموسيقى وحاول عملها، وأتقن علم المنطق وتمرن بطرق البحث والنظر، واشتغل أيضًا بالعلم الطبيعي، وكان له نظر في الطب، وكان في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة في الحياة وهو في سن الشبيبة.

.أبو جعفر يوسف بن أحمد بن حسداي:

من الفضلاء في صناعة الطب، وله عناية بالغة في الاطلاع على كتب ابقراط وجالينوس وفهمها، وكان قد سافر من الأندلس إلى الديار المصرية، واشتهر ذكره بها وتميز في أيام الآمر بأحكام اللّه من الخلفاء المصريين، وكان خصيصًا بالمأمون، وهو أبو عبد اللّه محمد بن نور الدولة أبي شجاع الآمري، في مدة أيام دولته وتدبيره للملك، وكانت مدته في ذلك ثلاث سنين وتسعة أشهر لأن الآمر كان قد استوزر المأمون في الخامس من ذي الحجة سنة خمس عشرة وخمسمائة وقبض عليه ليلة السبت الرابع من شهر رمضان سنة تسع عشرة وخمسمائة وصلب بظاهر القاهرة، وكان المأمون في أيام وزارته له همة عالية، ورغبة في العلوم فكان قد أمر يوسف بن حسداي أن يشرح له كتب أبقراط إذ كانت أجل كتب هذه الصناعة وأعظمها جدوى وأكثرها غموضاً، وكان ابن حسداي قد شرع في ذلك، ووجدت له منه شرح كتاب الإيمان لأبقراط، وقد أجاد في شرحه لهذا الكتاب واستقصى ذكر معانية وتبيينها على أتم ما يكون، وأحسنه، ووجدت له أيضًا شرح بعض كتاب الفصول لأبقراط، وكان بينه وبين أبي بكر محمد بن يحيى المعروف بابن باجة صداقة فكان أبدًا يراسله من القاهرة.
وكان يوسف بن أحمد بن حسداي مدمنًا للشراب، وعنده دعابة ونوادر، وبلغني أنه لما أتى من الإسكندرية إلى القاهرة، كان هو وبعض الصوفية قد اصطحبا في الطريق فكانا يتحادثان، وأنس كل واحد منهما إلى الآخر، ولما وصلا إلى القاهرة قال له الصوفي أنت أين تنزل في القاهرة حتى أكون أراك؟ فقال ما كان في خاطري أن أنزل إلا حانة الخمار وأشرب فإن كنت توافق وتأتي إلي فرأيك، فصعب قوله على الصوفي وأنكر هذا الفعل، ومشى إلى الخانكاه، ولما كان في بعض الأيام، بعد مديدة، وابن حسداي في السوق، وإذا يجمع من الناس وفي وسطهم صوفي يعزر وقد اشتهر أمره بأنه وجد سكران، ولما قرب إلى الموضع الذي فيه ابن حسداي ونظر إليه وجده ذلك الصوفي بعينه، فقال يا للّه قتلك النامس.
وليوسف بن أحمد بن حسداي من الكتب الشرح المأموني لكتاب الإيمان لأبقراط المعروف بعهده إلى الأطباء، صنفه للمأمون أبي عبد اللّه محمد الأمري، شرح المقالة الأولى من كتاب الفصول لأبقراط، تعاليق وجدت بخطه كتبها عند وروده على الإسكندرية من الأندلس، فوائد مستخرجة استخرجها وهذبها من شرح علي بن رضوان لكتاب جالينوس إلى اغلوقن، من القول على أول الصناعة الصغيرة لجالينوس، كتاب الإجمال في المنطق، شرح كتاب الإجمال.

.ابن سمجون:

وهو أبو بكر حامد بن سمجون فاضل في صناعة الطب متميز في قوى الأدوية المفردة وأفعالها، متقن لما يجب من معرفتها، وكتابه في الأدوية المفردة مشهور بالجودة، وقد بالغ فيه وأجهد نفسه في تأليفه، واسوتفى فيه كثيرًا من آراء المتقدمين في الأدوية المفردة، وقال أبو يحيى اليسع بن عيسى بن حزم بن اليسع في كتاب المغرب عن محاسن أهل المغرب أن ابن سمجون ألف كتابه هذا في أيام المنصور الحاجب محمد ابن أبي عامر، أقول وكانت وفاة محمد بن أبي عامر في سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة، ولابن سمجون من الكتب كتاب الأدوية المفردة، كتاب الأقراباذين.

.البكري:

هو أبو عبيد اللّه بن عبد العزيز البكري، من مرسية، من أعيان أهل الأندلس وأكابرهم، فاضل في معرفة الأدوية المفردة وقواها ومنافعها وأسمائها ونعوتها وما يتعلق بها، وله من الكتب كتاب أعيان النبات والشجريات الأندلسية.

.الغافقي:

هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن أحمد بن السيد الغافقي، إمام فاضل، وحكيم عالم ويعد من الأكابر في الأندلس، وكان أعرف أهل زمانه بقوى الأدوية المفردة، ومنافعها وخواصها وأعيانها ومعرفة أسمائها، وكتابه في الأدوية المفردة لا نظير له في الجودة ولا شبيه له في معناه، قد استقصى فيه ما ذكره ديسقوريدس والفاضل جالينوس بأوجز لفظ وأتم معنى، ثم ذكر بعد قوليهما ما تجدد للمتأخرين من الكلام في الأدوية المفردة، أو ما ألم به واحد واحد منهم وعرفه فيما بعد، فجاء كتابه جامعًا لما قاله الأفاضل في الأدوية المفردة ودستورًا يرجع إليه فيما يحتاج إلى تصحيحه منها، وللغافقي من الكتب كتاب الأدوية.

.الشريف محمد بن محمد الحسني:

هو أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن عبد اللّه بن إدريس الحسني ويلقب بالعالي باللّه، كان فاضلًا عالمًا بقوى الأدوية المفردة ومنافعها ومنابتها وأعيانها، وله من الكتب كتب الأدوية المفردة.

.خلف بن عباس الزهرواي:

كان طبيبًا فاضلًا خبيرًا بالأدوية المفردة والمركبة، جيد العلاج، وله تصانيف مشهورة في صناعة الطب، وأفضلها كتابه الكبير المعروف بالزهراوي، ولخلف بن عباس الزهراوي من الكتب كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف، وهو أكبر تصانيفه وأشهرها، وهو كتاب تام في معناه.

.ابن بكلارش:

كان يهوديًّا من أكابر علماء الأندلس في صناعة الطب، وله خبرة واعتناء بالغ بالأدوية المفردة، وخدم بصناعة الطب بن هود، ولابن بكلارش من الكتب كتاب المجدولة في الأدوية المفردة، وضعه مجدولاً، وألفه بمدينة المرية للمستعين باللّه أبي جعفر بن المؤتمن باللّه بن هود.

.أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت:

هو من بلد دانية من شرق الأندلس، وهو من أكابر الفضلاء، في صناعة الطب وفي غيرها من العلوم، وله التصانيف المشهورة والمآثر المذكورة، قد بلغ في صناعة الطب مبلغًا لم يصل إليه غيره من الأطباء، وحصل من معرفة الأدب ما لم يدركه كثير من سائر الأدباء، وكان أوحد في العلم الرياضي متقنًا لعلم الموسيقى وعمله، جيد اللعب بالعود، وكان لطيف النادرة، فصيح اللسان، جيد المعاني، ولشعره رونق، وأتى أبو الصلت من الأندلس إلى ديار مصر وأقام بالقاهرة مدة، ثم عاد بعد ذلك إلى الأندلس، وكان دخول أبي الصلت إلى مصر في حدود سنة عشر وخمسمائة، ولما كان في الإسكندرية حبس بها.
وحدثني الشيخ سديد الدين المنطقي في القاهرة سنة اثنين وثلاثين وستمائة أن أبا الصلت أمية بن عبد العزيز كان سبب حبسه في الإسكندرية أن مركبًا كان قد وصل إليها، وهو موقر بالنحاس فغرق قريبًا منها، ولم تكن لهم حيلة تخليصه لطول المسافة في عمق البحر ففكر أبو الصلت في أمره وأجال النظر في هذا المعنى حتى تلخص له فيه رأي، واجتمع بالأفضل بن أمير الجيوش ملك الإسكندرية وأوجده أنه قادر أن تهيأ له جميع ما يحتاج إليه من الآلات أن يرفع المركب من قعر البحر، ويجعله على وجه الماء مع ما فيه من الثقل فتعجب من قوله، وفرح به، وسأله أن يفعل ذلك، ثم آتاه على جميع ما يطلبه من الآلات وغرم عليها جملة من المال، ولما تهيأت وضعها في مركب عظيم على موازاة المركب الذي قد غرق، وأرسى إليه حبالًا مبرومة من الإبريسم وأمر قومًا لهم خبرة في البحر أن يغوصوا ويوثقوا ربط الحبال بالمركب الغارق وكان قد صنع آلات بأشكال هندسية لرفع الأثقال في المركب الذي هم فيه، وأمر الجماعة بما يفعلونه في تلك الآلات، ولم يزل شأنهم ذلك والحبال الإبريسم ترتفع إليهم أولًا فأولًا وتنطوي على دواليب بين أيديهم حتى بان لهم المركب الذي كان قد غرق، وارتفع إلى قريب من سطح الماء، ثم عند ذلك انقطعت الحبال الإبريسم، وهبط المركب راجعًا إلى قعر البحر، ولقد تلطف أبو الصلت جدًا فيما صنعه، وفي التحيل إلى رفع المركب، إلا أن القدر لم يساعده وحنق عليه الملك لما غرمه من الآلات وكونها مرت ضائعة، وأمر بحبسه، وأن يستوجب ذلك، وبقي في الاعتقال مدة إلى أن شفع فيه بعض الأعيان وأطلق، وكان ذلك في خلافة الآمر بأحكام اللّه؛ ووزارة الملك الأفضل بن أمير الجيوش.
ونقلت من رسائل الشيخ أبي اقاسم علي بن سليمان المعروف بابن الصيرفي في ما هذا مثاله، قال وردتني رقعة من الشيخ أبي الصلت، وكان معتقلًا وفي آخرها نسخة قصيدتين خدم بهما المجلس الأفضلي أول الأولى منهما:
الشمس دونك في المحل ** والطيب ذكرك بل أجل

وأول الثانية:
نسخت غرائب مدحك التشبيبا ** وكفى بها غزلًا لنا ونسيبا

فكتبت إليه:
لئن سترتك الجدر عنا فربما ** رأينا جلابيب السحاب على الشمس

وردتني مولاي فأخذت في تقبيلها وارتشافها، قبل التأمل لمحاسنها واستشفافها، حتى كأني ظفرت بيد مصدرها، وتمكنت من أنامل كاتبها ومسطرها، ووقفت على ما تضمنته من الفضل الباهر، وما أودعتها من الجواهر التي قذف بها فيض الخاطر، فرأيت ما قيد فكري وطرفي، وجل عن مقابلة تقريظي ووصفي، وجعلت أجدد تلاوتها مستفيداً، وأرددها مبتدئًا فيها ومعيدًا:
نكرر طورًا من قراة فصوله ** فإن نحن أتممنا قراءته عدنا

إذا ما نشرناه فكالمسك نشره ** ونطويه لا طي السآمة بل ضنا

فأما ما اشتملت عليه من الرضا بحكم الدهر ضروره، وكون ما اتفق له عارض بتحقق ذهابه ومروره، ثقة بعواطف السلطان، خلد اللّه أيامه ومراحه، وسكونًا إلى ما جبلت النفوس عليه من معرفة فواضله ومكارمه، فهذا قول مثله ممن طهر اللّه نيته، وحفظ دينه، ونزه عن الشكوك ضميره ويقينه، ووفقه بلطفه لاعتقاد الخير واستشعاره، وصانه عما يؤدي إلى عاب الإثم وعاره.
لا يؤيسنك من تفرج كربة ** خطب رماك به الزمان الأنكد

صبرًا فإن اليوم يتبعه غد ** ويد الخلافة لا تطاولها يد

وأما ما أشار إليه من أن الذي مني به تمحيص أوزار سبقت، وتنقيص ذنوب اتفقت، فقد حاشاه اللّه من الدنايا، وبرأه من الآثام والخطايا، بل ذاك اختبار لتوكله وثقته، وابتلاء لصبره وسريرته كما يبتلى المؤمنون الاتقياء، ويمتحن الصالحون والأولياء، واللّه تعالى يدبره بحسن تدبيره، ويقضي له بما الحظ في تسهيله وتيسيره، بكرمه، وقد اجتمعت بفلان فأعلمني أنه تحت وعد أداه الاجتهاد إلى تحصيله وإحرازه، ووثق من المكارم الفائضة بالوفاء به وإنجازه، وأنه ينتظر فرصة في التذكار ينتهزها ويغتنمها، ويرتقب فرجة للخطاب يتولجها ويقتحمها، واللّه تعالى يعينه على ما يضمر من ذلك وينويه، ويوفقه فيما يحاوله ويبغيه.
وأما القصيدتان اللتان أتحفني بهما فما عرفت أحسن منهما مطلعاً، ولا أجود منصرفًا ومقطعاً، ولا أملك للقلوب والأسماع، ولا أجمع للإغراب والإبداع، ولا أكمل في فصاحة الألفاظ وتمكن القوافي، ولا أكثر تناسبًا على كثرة ما في الأشعار من التباين والتنافي، ووجدتهما تزدادان حسنًا على التكرير والترديد، وتفاءلت فيهما بترتيب قصيدة الاطلاق بعد قصيدة التقييد، واللّه، عزّ وجلّ، يحقق رجائي في ذلك وأملي، ويقرب ما أتوقعه فمعظم السعادة فيه لي، إن شاء اللّه.
أقول وكانت وفاة أبي الصلت رحمه اللّه يوم الاثنين مستهل محرم سنة تسع وعشرين وخمسمائة بالمهدية، ودفن في المنستير، وقال عند موته أبياتًا وأمر أن تنقش على قبره وهي:
سكنتك يا دار الفناء مصدقًا ** بأني إلى دار البقاء أصير

وأعظم ما في الأمر أني صائر ** إلى عادل في الحكم ليس يجور

فيا ليت شعري كيف ألقاه عندها ** وزادي قليل والذنوب كثير

فإن أك مجزيًّا بذنبي فإنني ** بشر عقاب المذنبين جدير

وإن يك عفو ثم عني ورحمة ** فثم نعيم دائم وسرور

ولما كان أبو الصلت أمية بن عبد العزيز قد توجه إلى الأندلس، قال ظافر الحداد الإسكندري وأنفذها إلى المهدية إلى الشيخ أبي الصلت من مصر يذكر شوقه إليه، وأيام اجتماعهما بالإسكندرية:
ألا هل لدائي من فراقك افراق ** هو السم لكن في لقائك درياق

فيا شمس فضل غربت ولضوئها ** على كل قطر بالمشارق إشراق

سقى العهد عهدًا منك عمر ** عهده بقلبي عهد لا يضيع وميثاق

يجدده ذكر يطيب كما شدت ** وريقاء كنتها من الأيك أوراق

لك الخلق الجزل الرفيع طرازه ** وأكثر أخلاق الخليفة أخلاق

لقد ضاءلتني يا أبا الصلت مذ نأت ** ديارك عن داري هموم وأشواق

إذا عزني اطفاؤها بمدامعي ** جرت ولها ما بين جفني إحراق

سحائب يحدرها زفير تجره ** خلال التراقي والترائب تشهاق

وقد كان لي كنز مع الصبر واسع ** فلي منه في صعب النوائب انفاق

وسيف إذا جرت بعض غراره ** لجيش خطوب صدها منه إرهاق

إلى أن أبان البين أن غراره ** غرور وإن الكنز فقر وإملاق

أخي سيدي مولاي دعوة من صفا ** وليس له من رق ودك إعتاق

لئن بعدت ما بيننا شقة النوى ** ومطرد طامي الغوارب خفاق

وبِيد إذا كلفتها العيس قصرت ** طلائح أنضاها ذميل وأعناق

فعندي لك الود الملازم مثل ما ** يلازم أعناق الحمائم أطواق

ألا هل لايامي بك الغر عودة ** كنهدي وثغر الثغر أشنب براق

ليالي يدنينا جواب أعادنا ** من القرب كالصنوين ضمهما ساق

وما بيننا من حسن حظك ** روضة بها حسدت منا المسامع أحداق

حديث حديث كلما طال موجز ** مفيد إلى قلب المحدث سباق

يزجيه بحر من علومك زاخر ** له كل بحر فائض اللج رقراق

معان كأطواد الشوامخ جزلة ** تضمنها عذب من اللفظ غيداق

به حِكَمٌ مستنبطات غرائب ** لأبكارها الغر الفلاسف عشاق

فلو عاش رسطاليس كان له ** بها غرام وقلب دائم الفكر تواق

فيا واحد الفضل الذي العلم ** قوته وأهلوه مشتاق بشم وذواق

لئن قصرت كتبي فلا غرو ** أنه لعائق عذر والمقادير أوهاق

كتبت وآفات البحار تردها ** فإن لم يكن رد علي فإغراق

بحار بأحكام الرياح فإنها ** مفاتيح في أبوابهن وأغلاق

ومن لي أن أحظى إليك بنظرة ** فيسكن مقلاك ويرقا مهراق

ومن شعر أبي الصلت أمية بن عبد العزيز قال يمدح أبا الطاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس ويذكر وصول ملك الروم بالهدايا راغبًا في ترك الغزو وذلك في سنة خمس وخمسمائة:
يهاديك من لو شئت كان هو المهدى ** وإلا فضمنه المثقفة الملدا

وكل سريجي إذا ابتز غمده ** تعوض من هام الكماة له غمدا

تخير فردًا في ظبا الهند شأنه ** إذا شيم يوم الروع أن يزوج الفردا

ظبا ألفت غلب الرقاب وصالها ** كما ألفت منهن أغمادها الصدا

وتركت بقسطنطينة رب ملكها ** وللرعب ما أخفاه منه وما أبدى

سددت عليه مغرب الشمس بالظبا ** فود حذارا منك لو جاوز السدا

وبالرغم منه ما أطاعك مبديًا ** لك الحب في هذي الرسائل والودا

لأنك إن أوعدته أو وعدته ** وفيت ولم تخلف وعيدًا ولا وعدا

أجل وإذا ما شئت جرَّدت نحوه ** جحاجحه شيبًا وصبيانه مردا

يردون أطراف الرماح دواميا ** يخلن على أيديهم مقلًا رمدا

فدتك ملوك الأرض أبعدها مدى ** وأرفعها قدرًا وأقدمها مجدا

إذا كلفوا بالطرف ادعج ساجيًا ** كلفت بحب الطرف عبل الشوى نهدا

وكل أضاة أحكم القين نسجها ** فضاعف في أثنائها الحلق السردا

وأسمر عسال وأبيض صارم ** يعنق ذا قدًا ويلثم ذا خدا

محاسن لو أن الليالي حُليت ** بأيسرها لابيض منهن ما اسودا

فَمُرْ بالذي تختاره الدهر يمتثل ** لأمرك حكمًا لا يطيق لها ردا

وقال أيضًا: ورفعها إلى الأفضل يذكر يتجريده العساكر إلى الشام لمحاربة الفرنج بعد انهزام عسكره في الموضع المعروف بالبصه، وكان قد اتفق في أثناء ذلك التاريخ أن قومًا من الأجناد وغيرهم أرادوا الفتك به فوقع على خبرهم فقبض عليهم وقتلهم.
هي العزائم من أنصارها ** القدر وهي الكتائب من أشياعها الظفر

جردت للدين والأسياف ** مغمدة سيفًا تفل به الأحداث والغير

وفمت إذ قعد الأملاك ** كلهم تذب عنه وتحميه وتنتصر

بالبيض تسقط فوق البيض أنجمهم ** والسمر تحت ظلال النقع تشتجر

بيض إذا خطبت بالنصر ** السنها فمن منابرها الأكباد والقصر

وذبل من رماح الخط مشرعة ** في طولهن لأعمار العدا قصر

يغشى بها غمرات الموت أسد شرى ** من الكماة إذا ما استنجدوا ابتدروا

مستلئمين إذا سلوا سيوفهم ** شبهتها خلجًا مدت بها غدر

قوم تصول ببيض الهند ** إذرعهم فما يضر ظباها أنها بتر

إذا انتضوها وذيل النقع ** فوقهم كالشمس طالعة والليل معتكر

ترتاح أنفسه نحو الوغى ** طربًا كأنما الدم راح والظبا زهر

وإن هم نكصوا يومًا فلا ** عجب قد يكهم السيف وهو الصارم الذكر

العود أحمد الأيام ضامنة ** عقبى النجاح ووعد اللّه ينتظر

وربما ساءت الأقدار ثم جرى ** بما يسرك ساعات لها أخر

اللّه زان بك الأيام من ملك ** لك الحجول من الأيام والغرر

للّه بأسك والألباب طائشة والخيل ** تردى ونار الحرب تستعر

وللعجاج على صم القنا طلل ** هي الدخان وأطراف القنا شرر

إذ يرجع السيف بيدي خده ** علقًا كصفحة البكر أدمى خدها الخفر

وإذ تسد مسد السيف منفردًا ** ولا يصدك لا جبن ولا خور

أما يهولك ما لاقيت من عدد ** سيان عندك قل القوم أو كثروا

هي السماحة إلا أنها شرف ** هي الشجاعة إلا أنها غرر

الله في الدين والدنيا فما لهما ** سواك كهف ولا ركن ولا وزر

ورام كيدك أقوام وما علموا ** أن المنى خطرات بعضها خطر

هيهات أين من العيوق طالبه ** وكان سدد منه الفكر والنظر

أن الأسود لتأبى أن يروعها ** وسط العرين ظباء الربرب العفر

أمر نووه ولو هموا به وقفوا ** كوقفة العير لا ورد ولا صدر

ما كل حين ترى الأملاك صافحة ** عن الجرائر تعفو حين تقتدر

ومن ذوي البغي من ** لا يستهان به وفي الذنوب ذنوب ليس تغتفر

إن الرماح غصون يستظل ** بها وما لهن سوى هام العدى ثمر

وليس يصبح شمل الملك ** منتظمًا إلا بحيث ترى الهامات تنتثر

والرأي رأيك فيما أنت فاعله ** وأنت أدرى بما تأت وما تذر

أضحى شهنشاه غيثًا للندى ** غدقًا كل البلاد إلى سقياه تفتقر

الطاعن الألف إلا أنها ** نسق والواهب الألف إلا أنها بِدر

ملك تبوأ فوق النجم مقعده ** فكيف تطمع في غاياته البشر

يرجى نداه ويخشى عند سطوته ** كالدهر يوجد فيه النفع والضرر

ولا سمعت ولا حدثت ** عن أحد من قبله يهب الدنيا ويعتمر

ولا بصرت بشمس قبل ** غرته إذا تجلى سناها أغدق المطر

يا أيها الملك السامي الذي ** ابتهجت به الليالي وقر البدو والحضر

جاءتك من كلم الحاكي ** محبرة تطوي لبهجتها الإبراد والحبر

هي اللآلئ إلا أن ناظمها ** طي الضمير ومن غواصها الفكر

تبقى وتذهب أشعار ملفقة ** أولى بقائلها من قوله الحصر

ولم أطلها لأني جد معترف ** بأن كل مطيل فيه مختصر

بقيت للدين والدنيا ولا عدمت ** أجياد تلك المعالي هذه الدرر

وقال أيضًا:
ومهفهف شركت محاسن وجهه ** ما مجه في الكاس من إبريقه

ففعالها من مقلتيه ولونها من ** وجنتيه وطعمها من ريقه

وقال أيضًا: يصف الثريا:
رأيت الثريا لها حالتان ** منظرها فيهما معجب

لها عند مشرقها صورة ** يريك مخالفها المغرب

فتطلع كالكاس إذ تستحث ** وتغب كالكاس إذ يشرب

وقال في الموضع المعروف ببركة الحبش بمصر:
للّه يومي ببركة الحبش ** والأفق بين الضياء والغبش

والنيل تحت الرياح مضطرب ** كالسيف سلته كف مرتعش

ونحن في روضة مفوفة ** دبج بالنور عطفها ووشي

قد نسجتها يد الربيع لنا ** فنحن من نسجها على فرش

وأثقل الناس كلهم رجل ** دعاه داعي الصبا فلم يطش

فعاطني الراح أن تاركها ** من سورة الهم غير منتعش

واسقني بالكبار مترعة ** فتلك أروى لشدة العطش

وقال أيضًا:
عجبت من طرفك في ضعفه ** كيف يصيد البطل الأصيدا

يفعل فينا وهو في جفنه ** ما يفعل السيف إذا جردا

وقال أيضًا:
حجبت مسامعه عن العذال ** فأبى فليس عن الغرام بسالي

ويح المتيم لا يزال معذبًا ** بخفوق برق أو طروق خيال

وإذا البلابل بالعشي تجاوبت ** بعثت بأضلعه جوى البلبال

وارحمتا لمعذب يشكوا الجوى ** بمنعم يشكو فراغ البال

نشوان من خمرين خمر زجاجة ** عبثت بمقلته وخمر دلال

كالريم إلا أن هذا عاطل أبدا ** وذا في كل حال حالي

لا يستفيق وهل يفيق بحاله ** من رق فيه سلافة الجريال

عَلِمَ العدو بما لقيت فرق لي ** ورأى الحسود بليتي فرثى لي

يا من برى الجسم بطول صدوده ** ألا سمحت ولو بوعد وصال

قد كنت أطمع منك لو عاقبتني ** بصدور عتب لا صدود ملال

وقال يصف فرسًا أشهب:
وأشهب كالشهاب أضحى ** يجول في مذهب الجلال

قال حسودي وقد رآه ** يجنب خلفي إلى القتال

من ألجم الصبح بالثريا ** وأسرج البرق بالهلال

وقال أيضا:
تقريب ذي الأمر لأهل ** النهى فضل ما ساس به أمره

هذا به أولى وما ضره ** تقريب أهل اللهو في الندرة

عطارد في جل أوقاته ** أدنى إلى الشمس من الزهرة

وقال أيضًا:
بي من بني الأصفر ريم رمى ** قلبي بسهم الحور الصائب

سهم من اللحظ رمتني به ** عن كثب قوس من الحاجب

كأنما مقلتيه في الحشا ** سيف علي بن أبي طالب

وقال أيضًا:
يا موقدًا بالهجر في أضلعي ** نارًا بغير الوصل ما تنطفي

إن لم يكن وصل فعدني به ** رضيت بالوعد وأن لم تف

وقال أيضًا:
وليت وردت إليك الأمور ** ولم أك منتظرًا أن تلي

وها أنا بين عدا كلهم ** عليَّ فكن بابي أنت لي

ذكرت نواهم لدي قربهم ** فجدت بأدمعي الهمع

فكيف أكون إذا هم نأوا ** وهذا بكائي إذ هم معي

وقال أيضًا:
إذا ألفيت حرًا ذا وفاء ** وكيف به فدونك فاغتنمه

وإن آخيت ذا أصل خبيث ** وساءك في الفعال فلا تلمه

وقال أيضًا:
أقول وقد شطت به غربة ** النوى وللحب سلطان على مهجتي فظ

لئن بان عني من كلفت بحبه ** وشط فما للعين من شخصه حظ

فإن له في أسود القلب منزلًا ** تكنفه فيه الرعاية والحفظ

أراه بعين الوهم والوهم مدرك ** معاني شتى ليس يدركها اللحظ

وقال أيضًا:
وراغب في العلوم مجتهد ** لكنه في القبول جلمود

فهو كذي عنة به شبق ** أو مشتهي الأكل وهو ممعود

وقال أيضًا:
تفكر في نقصان مالك دائمًا ** وتغفل عن نقصان جسمك والعمر

ويثنيك خوف الفقر عن كل بغية ** وخوفك حال الفقر من أعظم الفقر

ألم تر أن الدهر جم صروفه ** وأن ليس من شيء يدوم على الدهر

فكم فرحة فيه أزيلت بترحة ** وكم حال عسر فيه آلت إلى اليسر

وقال في البراغيث:
وليلة دائمة الغسوق ** بعيدة الممسى من الشروق

كليلة المتيم المشوق ** طال ظلمائها تشريقي

أحب خلق لأذى مخلوق ** يرى دمي أشهى من الرحيق

يغب فيه غير مستفيق ** لا يترك الصبوح للغبوق

لو بت فوق قمة العيوق ** ما عاقه ذلك عن طروقي

كعاشق أسرى إلى معشوق ** أعلم من بقراط بالعروق

من أكحل منها وباسليق يفصدها بمبضع دقيق من خطمة المذرب الذليق فصد الطبيب الحاذق الرقيق وقال أيضًا:
مارست دهري وجربت الأنام فلم ** أحمدهم قط في جد ولا لعب

وكم تمنيت أن ألقى به أحدًا ** يسلي من الهم أو يعدي على النوب

فما وجدت سوى قوم إذا صدقوا ** كانت مواعيدهم كالآل في الكذب

وكان لي سبب قد كنت أحسبني ** أحظى به وإذا دائي من السبب

فما مقلم أظفاري سوى قلمي ** ولا كتائب أعدائي سوى كتبي

وقال يصف الأسطرلاب:
أفضل ما استُصحب النبيل ** فلا تعدل به في المقام والسفر

جرم إذا ما التمست قيمته ** جل على التبر وهو من صفر

مختصر وهو إذ تفتشه ** عن ملح العلم غير مختصر

ذو مقلة يستبين ما رمقت ** عن صائب للحظ صادق النظر

تحمله وهو حامل فلكا لو ** لم يدر بالبنان لم يدر

مسكنه الأرض وهو ينبئنا ** عن جل ما في السماء من خبر

أبدعه رب فكرة بعدت في ** اللطف عن أن تقاس بالفكر

فاستوجب الشكر والثناء له ** من كل ذي فطنة من البشر

فهو لذي اللب شاهد عجب ** على اختلاف العقول والفطر

وأن هذه الجسوم بائنة بقدر ** ما أعطيت من الصور

وقال أيضًا:
يا مفردًا بالغنج والشكل ** من دل عينيك على قتلي

البدر من شمس الضحى نوره ** والشمس من نورك تستملي

وقال وقد رأى أمرد جميلًا قام من موضع وجاء أسود قعد في مكانه:
مضت جنة المأوى وجاءت جهنم ** فقد صرت أشقى بعدما كنت أنعم

وما هي إلا الشمس حان أفولها ** وأعقبها قطع من الليل مظلم

وقال أيضًا:
وقائلة ما بال مثلك خاملًا ** أأنت ضعيف الرأي أم أنت عاجز

فقلت لها ذنبي إلى القوم أنني ** لما لم يحوزوه من المجد حائز

وما فاتني شيء سوى الحظ وحده ** وأما المعالي فهي في غرائز

ولأبي الصلت أمية بن عبد العزيز من الكتب الرسالة المصرية، ذكر فيها ما رآه في ديار مصر من هيئتها وآثارها، ومن اجتمع بهم فيها من الأطباء والمنجمين والشعراء وغيره من أهل الأدب؛ وألف هذه الرسالة لأبي الطاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس، كتاب الأدوية المفردة على ترتيب الأعضاء المتشابهة الأجزاء والآلية، وهو مختصر قد رتبه أحسن ترتيب، كتاب الانتصار لحنين بن إسحاق علي بن رضوان في تتبعه لمسائل حنين، كتاب حديقة الأدب، كتاب الملح العصرية من شعراء أهل الأندلس والطارئين عليها، ديوان شعره، رسالة في الموسيقى، كتاب في الهندسة رسالة في العمل بالأسطرلاب، كتاب تقويم منطق الذهن.