فصل: ابن السمح:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء (نسخة منقحة)



.ابن السمينة:

ومن أطباء الأندلس يحيى بن يحيى المعروف بابن السمينة من أهل قرطبة، قال القاضي صاعد بن أحمد بن صاعد، في كتاب التعريف في طبقات الأمم أنه كان بصيرًا بالحساب والنجوم والطب، متصرفًا في العلوم، متفننًا في ضروب المعارف، بارعًا في علم النحو واللغة والعروض ومعاني الشعر والفقه والحديث والأخبار والجدل، وكان معتزلي المذهب، ورحل إلى المشرق، ثم انصرف وتوفي سنة خمس عشرة وثلثمائة.

.أبو القاسم مسلمة بن أحمد:

المعروف بالمرحيطي من أهل قرطبة، وكان في زمن الحكم، وقال القاضي صاعد في كتاب التريف في طبقات الأمم أنه كان إمام الرياضيين بالأندلس في وقته وأعلم من كان قبله بعلم الأفلاك وحركات النجوم، وكانت له عناية بأرصاد الكواكب، وشغف بتفهم كتاب بطليموس المعروف بالمجسطي، وله كتاب حسن في تمام علم العدد المعروف عندنا بالمعاملات، وكتاب اختصر فيه تعديل الكواكب من زيج البتاني، وعنى بزيج محمد بن موسى الخوارزمي وصرف تاريخ الفارسي إلى التاريخ العربي، ووضع أوساط الكواكب فيه لأول تاريخ الهجرة وزاد فيه جداول حسنة على أنه اتبعه على خطئه فيه ولم ينبه على مواضع الغلط منه، وقد نبهت على ذلك في كتابي المؤلف في إصلاح حركات الكواكب، والتعريف بخطأ الراصدين.
وتوفي أبو القاسم مسلمة بن أحمد قبل مبعث الفتنة في سنة ثمان وتسعين وثلثمائة، وقد أنجب تلاميذ جلة لم ينجب عالم بالأندلس مثلهم، فمن أشهرهم ابن السمح وابن الصفار والزهراوي والكرماني وابن خلدون، ولأبي القاسم مسلمة بن أحمد من الكتب كتاب المعاملات، اختصار تعديل الكواكب من زيج البتاني.

.ابن السمح:

هو أبو القاسم أصبغ بن محمد بن السمح المهندس الغرناطي، وكان في زمن الحكم، قال القاضي صاعد أن ابن السمح كان محققًا لعلم العدد والهندسة متقدمًا في علم هيئة الأفلاك وحركات النجوم، وكانت له مع ذلك عناية بالطب، وله تآليف حسان منها كتاب المدخل إلى الهندسة في تفسير كتاب أقليدس، ومنها كتاب ثمار العدد المعروف بالمعاملات، ومنها كتاب طبيعة العدد، ومنها كتابه الكبير في الهندسة يقضي فيه أجزاءها من الخط المستقيم والمقوس والمنحني ومنها كتابان في الآلة المساة بالأسطرلاب، أحدهما في التعريف بصورة صنعتها وهو مقسوم على مقالتين، والآخر في العمل بها والتعريف بجوامع ثمرتها وهو مقسم على مائة وثلاثين باباً، ومنها زيجه الذي ألفه على أحد مذاهب الهند المعروف بالسند هند، وهو كتاب كبير مقسم على جزأين أحدهما في الجداول والأخر في رسائل الجداول، قال القاضي صاعد وأخبرني عنه تلميذه أبو مروان سليمان بن محمد بن عيسى بن الناشي المهندس أنه توفي بمدينة غرناطة قاعدة ملك الأمير حبوس بن ماكسن بن زيري بن مناد الصنهاجي، ليلة الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت لرجب سنة ست وعشرين وأربعمائة وهو ابن ست وخمسين سنة شمسية، ولابن السمح من الكتب كتاب المدخل إلى الهندسة، كتاب المعاملات، كتاب طبيعة العدد، كتاب كبير في الهندسة يقضي فيها أجزاءها من الخط المستقيم والمقوس والمنحني، كتاب التعريف بصورة صنعة الأسطرلاب، مقالتان، كتاب العمل بالأسطرلاب والتعريف بجوامع ثمرته، زيج على أحد مذاهب الهند المعروف بالسند هند، وهو كتاب كبير مقسم على جزئين أحدهما في الجداول والآخر في رسائل الجداول.

.ابن الصفار:

هو أبو القاسم أحمد بن عبد اللّه بن عمر، كان أيضًا متحققًا بعلم العدد والهندسة والنجوم، وقعد في قرطبة لتعليم ذلك، وله زيج مختصر على مذهب السند هند، وكتاب في العمل بالأسطرلاب موجز حسن العبارة قريب المأخذ، وكان من جملة تلامذة أبي القاسم مسلمة بن أحمد المرحيطي، وخرج ابن الصفار عن قرطبة بعد أن مضى صدر من الفتنة، واستقر بمدينة دانية قاعدة الأمير مجاهد العاري من ساحل بحر الأندلس الشرقي وتوفي بها رحمه اللّه، وقد أنجب من أهل قرطبة جماعة، وكان له أخ يسمى محمدًا مشهور بعمل الأسطرلاب لم يكن بالأندلس قبله أجمل صنعًا لها منه، ولابن الصفار من الكتب زيج مختصر على مذهب السند هند، كتاب في العمل بالأسطرلاب.

.أبو الحسن علي بن سليمان الزهرواي:

كان عالمًا بالعدد والهندسة، معتنيًا بعلم الطب، وله كتاب شريف في المعاملات على طريق البرهان، وهو الكتاب المسمى بكتاب الأركان، وكان قد أخذ كثيرًا من العلوم الرياضية عن أبي القاسم مسلمة بن أحمد المعروف بالمرحيطي وصحبه مدة، ولأبي الحسن علي بن سليمان الزهرواي من الكتب كتاب في العاملات على طريق البرهان وهو الكتاب المسمى بكتاب الأركان.

.الكرماني:

هو أبو الحكم عمرو بن أحمد بن علي الكرماني من أهل قرطبة، أحد الراسخين في علم العدد والهندسة، قال القاضي صاعد أخبرني عن الكرماني تلميذه الحسين بن محمد بن الحسين بن يحيى المهندس المنجم أنه ما لقي أحدًا يجاريه في علم الهندسة، ولا يشق غباره في فك غامضها، وتبين مشكلها، واستيفاء أجزائها، ورحل إلى ديار المشرق وانتهى منها إلى حران من بلاد الجزيرة وعني هناك بطلب الهندسة والطب، ثم رجع إلى الأندلس واستوطن مدينة سرقسطة من ثغرها، وجلب معه الرسائل المعروفة برسائل إخوان الصفاء، ولا نعلم أحدًا أدخلها الأندلس قبله، وله عناية بالطب ومجريات فاضلة فيه ونفوذ مشهور في الكي والقطع والشق والبط وغير ذلك من أعمال الصناعة الطبية، قال ولم يكن بصيرًا بعلم النجوم التعليمي، ولا بصناعة المنطق، أخبرني عنه بذلك أبو الفضل حسداي بن يوسف بن حسداي الإسرائيلي وكان خبيرًا به، ومحله في العلوم النظرية المحل الذي لا يجارى فيه عندنا بالأندلس، وتوفي أبو الحكم الكرماني رحمه اللّه بسرقسطة سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وقد بلغ تسعين سنة أو جاوزها بقليل.

.ابن خلدون:

هو أبو مسلم عمر بن أحمد بن خلدون الحضرمي، من أشراف أهل إشبيلية ومن جملة تلامذة أبي القاسم مسلمة بن أحمد أيضاً، وكان متصرفًا في علوم الفلسفة مشهورًا بعلم الهندسة والنجوم والطب مشبهًا بالفلاسفة في إصلاح أخلاقه وتعديل سيرته وتقويم طريقته، وتوفي في بلده سنة تسع وأربعين وأربعمائة، وكان من أشهر تلامذة أبي مسلم بن خلدون أبو جعفر أحمد بن عبد اللّه المعروف بابن الصفار المتطبب.

.أبو جعفر أحمد بن خميس بن عامر بن دميح:

من أهل طليطلة أحد المعتنين بعلم الهندسة والنجوم والطب، وله مشاركة في علوم اللسان، وحظ صالح من الشعر، وهو من أقران القاضي أبي الوليد هشام بن أحمد بن هشام.

.حمدين بن أبان:

كان في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن الأوسط، وكان طبيبًا حاذقًا مجرباً، وكان صهر بني خالد، وله بقرطبة أصول ومكاسب، وكان لا يركب الدواب إلا من نتاجه، ولا يأكل إلا من زرعه، ولا يلبس إلا من كتان ضيعته، ولا يستخدم إلا بتلاده من أبناء عبيده.

.جواد الطبيب النصراني:

كان في أيام الأمير محمد أيضاً، وله اللعوق المنسوب إلى جواد، وله دواء الراهب والشرابات والسفوفات المنسوبة إليه وإلى حمدين، وبني حمدين كلها شجارية.

.خالد بن يزيد بن رومان النصراني:

كان بارعًا في الطب، ناهضًا في زمانه فيه، وكان بقرطبة وسكنه عند بيعة سبت أخلج، وكانت داره الدار المعروفة بدار ابن السطخيري الشاعر، وكسب بالطب مبلغًا جليلًا من الأموال والعقار وكان صانعًا بيده، عالمًا بالأدوية الشجارية، وظهرت منه في البلد منافع، وكتب إليه نسطاس بن جريج الطبيب المصري رسالة في البول، وأعطب خالد ابنًا سماه يزيد، ولم يبرع في الطب براعة أبيه.

.ابن ملوكة النصراني:

كان في أيام الأمير عبيد اللّه، وأول دولة الأمير عبد الرحمن الناصر وكان يصنع بيده ويفصد العروق، وكان على باب داره ثلاثون كرسيًّا لقعود الناس.

.عمران بن أبي عمرو:

كان طبيبًا نبيلاً، خدم الأمير عبد الرحمن بالطب، وهو الذي ألف له حب الأنيسون، وكان عالمًا فهماً، ولعمران بن أبي عمرو من الكتب كناش.

.محمد بن فتح طملون:

كان مولى لعمران بن أبي عمرو، وبرع في الطب براعة علا بها من كان في زمانه، ولم يخدم بالطب، وطلب ليلحق فاستعفى من ذلك واستعان على الأمير حتى عفي، ولم يكن أحد من الأشراف في وقته إلا وهو يحتاج إليه، قال ابن جلجل، حدثني أبو الأصبغ بن حوى قال كنت عند الوزير عبد اللّه بن بدر وقد عرض لابنه محمد قرح شمل بدنه، وبين يديه جماعة من الأطباء فيهم طملون، فتكلم كل واحد منهم في تلك القروح، وطملون ساكت، فقال له الوزير ما عندك في هذا فإني أراك ساكتًا فقال عندي مرهم ينفع هذه القروح من يومه، فمال إلى كلامه وأمره بإحضار المرهم، فأحضره وطلى على القروح فجفت من ليلتها؛ فوصله عبد اللّه بن بدر بخمسين دينارًا وانصرف الأطباء دونه بغير شيء.

.الحراني:

الذي ورد من المشرق، كان في أيا الأمير محمد بن عبد الرحمن، وكانت عنده مجربات حسان بالطب، فاشتهر بقرطبة وحاز الذكر فيها، قال ابن جلجل رأيت حكاية عند أبي الأصبغ الرازي بخط أمير المؤمنين المستنصر، وهي أن هذا الحراني أدخل الأندلس معجونًا كان يبيع الشربة منه بخمسين دينارًا لأوجاع الجوف، فكسب به مالاً، فاجتمع خمسة من الأطباء مثل حمدين وجواد وغيرهما وجمعوا خمسين دينارًا واشتروا منه شربة من ذلك الدواء، وانفرد كل واحد منهم بجزء يشمه ويذوقه ويكتب ما تأدى إليه منه بحسه، ثم اجتمعوا واتفقوا على ما حدسوه وكتبوا ذلك، ثم نهضوا إلى الحراني وقالوا له قد نفعك اللّه بهذا الدواء الذي انفردت به، ونحن أطباء اشترينا منك شربة وفعلنا كذا وكذا، وتأدى إلينا كذا وكذا وكذا، فإن يكن ما تأدى إلينا حقًا فقد أصبنا، وإلا فاشركنا في علمه فقد انتفعت، فاستعرض كتابهم فقال ما أعديتم من أدويته دواء، لكن لم تصيبوا تعديل أوزانه، وهو الدواء المعروف بالمغيث الكبير، فأشركهم في علم وعرف حينئذ بالأندلس.

.أحمد وعمر ابنا يونس بن أحمد الحراني:

رحلا إلى المشرق في دولة الناصر في سنة ثلاثين وثلثمائة، وأقام نالك عشرة أعوام، ودخلا بغداد وقرأا فيها على ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة الصابئ، كتب جالينوس عرضاً، وخدما ابن وصيف في عمل علل العين، وانصرفا إلى الأندلس في دولة المستنصر باللّه، وذلك في سنة إحدى وخمسين وثلثمائة وغزوا معه غزواته إلى سنة اثنتين، وانصرفا وألحقهما في خدمته بالطب، واسكنهما مدينة الزهراء واستخلصها لنفسه دون غيرهما ممن كان في ذلك الوقت من الأطباء، ومات عمر بعلة المعدة، ورمت له فلحقه ذبول من أجلها ومات، وبقي أحمد مستخلصاً، وأسكنه المستنصر في قصره بمدينة الزهراء، وكان لطيف المحل عنده، أمينًا مؤتمناً، يطلعه على العيال والكرائم، وكان رجلًا حليماً، صحيح العقل، عالمًا بما شاهد علاجه ورآه عيانًا بالمشرق، وتوجه عند المستنصر باللّه لأن المستنصر كان نهمًا في الأكل، وكان يحدث له في أكله تخمة لكثرة ما كان يتناول من الأكل، وكان صنع له الجوارشنات الجادة العجيبة وكان وافقه في ذلك موافقة وأفاد مالًا عظيماً، وكان ألكن اللسان، رديء الخط، لا يقيم هجاء حروف كتابه، وكان بصيرًا بالأدوية المفردة، وصانعًا للأشربة والمعجونات، ومعالجًا لما وقف عليه.
قال ابن جلجل ورأيت له اثني عشر صبيًّا صقالبة، طباخين للأشربة، صنّاعين للمعجونات ما بين يديه، وكان قد استأذن أمير المؤمنين المستنصر أن يعطي منها ما احتاج من المساكين والمرضى، فأباح له ذلك، وكان يداوي العين مداواة نفيسة، وله بقرطبة آثار في ذلك، وكان يواسي بعلمه صديقه وجاره والمساكين والضعفاء، وولاه هشام المؤيد باللّه خطة الشرطة وخطة السوق، ومات بحمى الربع وعلة الإسهال، وخلف عما قيمته أزيد من مائة ألف دينار.